أحدث المقالات

ترجمة: منال عيسى باقر

 

المرحلة الرابعة: مرحلة الكمال والاستقلال  ـــــــ

وهي مرحلة تجدّد علم الأصول، وتختصّ هذه المرحلة بالشيعة على خلاف المراحل السابقة، وتعدّ ـ في الحقيقة ـ المرحلة الثانية من مراحل تدوين أصول الفقه الشيعي الإمامي.

اندمج علم الأصول في هذه المرحلة بمسائل علم الكلام إلى حدّ كبير، وفقد بساطته متحلّياً بالكمال والنضج.

وكما ذُكر سابقاً، فتح أهل السنّة باب الاجتهاد على مصراعيه منذ وفاة الرسول الأكرم 3 حتى وفاة أحمد بن حنبل (241هـ) الإمام الرابع من أئمة الفقه السنّي ـ حيث استمرّوا في هذا الطريق ساعين في تطويره إلى أن استقرّت المذاهب الأربعة في بداية القرن الرابع الهجري، عندها سدّوا باب الاجتهاد واتخذوا التقليد منهجاً([1]).

وبعد ذلك، اتخذت الكتب الاستدلاليّة طابع الشرح والتوضيح أو تطبيق القواعد الأصوليّة على الفقه المذهبي الخاص، فلم يتجاوز الاجتهاد حدود المذاهب الأربعة، ولم يكن مترقّباً من الأدلّة إلاّ أن تثبت مذهباً خاصاً، لا أخذ أيّ نتيجة كانت.

وخلاصة القول: لم يكن الاجتهاد حرّاً حتّى يكون له نصيبٌ من التقدّم والرقي.

أمّا الشيعة، فلم يكن حالهم هكذا في هذه الأزمنة، أي إلى أوائل القرن الرابع الهجري (329هـ)؛ لأنّ بدء عصر الغيبة الكبرى أظهر الحاجة الماسّة للاجتهاد حيث لم تكن هناك حاجة قبل الغيبة بسبب وجود الأئمّة ( أو نوّابهم الخاصّين.

أنّ أوّل من أسّس هذه الضرورة ـ أي ضرورة فتح باب الاجتهاد ـ وأخرج الفقه من صورة نقل متون الروايات، وأعاد طرح فكرة الاجتهاد هو الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني المعروف بابن أبي عقيل ـ عالم القرن الثالث ـ ومحمّد بن أحمد بن الجنيد المعروف بالإسكافي وبابن جنيد (381هـ).

لم يؤلّف ابن عقيل ـ حسب الظاهر ـ كتاباً في علم الأصول، إلاّ أنّه كان له مصنّف كبير في الفقه، حمل عنوان: mالمتمسّك بحبل آل الرسولn ([2])، أمّا ابن الجنيد، فقد ألّف كتباً كثيرة([3])، منها في علم الأصول كتاب mكشف التمويه والالتباسn،وقد كنّا ذكرنا هذا الكتاب في المرحلة السابقة، إلاّ أنه يناسب هذه المرحلة أكثر من تلك، وقد عرفت هاتين الشخصيتين بين الفقهاء بـ mالقديمينn.

وبعد القديمَين، ساهم أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد (413هـ) في صناعة الاجتهاد الشيعي، فكانت له تأليفات كثيرة في مختلف العلوم، من جملتها كتابٌ له في أصول الفقه، رواه عنه أحد تلامذته الشيخ أبو الفتح الكراجكي (449هـ) الذي أدرجه كاملاً في كتابه كنز الفوائد.

وجاء بعد المفيد اثنان من كبار طلابه، ويعتبران من كبار علماء الشيعة الإماميين، وهما: علم الهدى علي بن الحسين الموسوي المعروف بالسيّد المرتضى (436هـ)، وشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي المعروف بالشيخ الطوسي (460هـ)، وقد بلغ علم الأصول في عصرهما كماله، حيث كانت لهما مؤلّفات متعدّدة فيه، أهمّها وأكملها: mالذريعة إلى أصول الشريعةn للسيد المرتضى، وmعدّة الأصولn لشيخ الطائفة.

يشتمل هذان الكتابان تمام المسائل الأصوليّة، حيث قام المؤلّفان بالتحقيق في الأقوال والأدلّة بعد نقلها، وفق ما يناسب المذهب الشيعي وما يتّفق مع مبانيهما العلميّة([4]).

وكان السيد المرتضى في مقدّمة الذريعة قد تحدّث عن ضرورة تجنّب الخوض في القضايا الكلامية داخل علم أصول الفقه، فقال: mفقد وجدت بعض من أفرد في أصول الفقه كتاباً وإن كان قد أصاب في كثير من معانيه وأوضاعه ومبانيه، قد شرد من قانون أصول الفقه وأسلوبها وتعدّاها كثيراً وتخطّاها؛ فتكّلم على حدّ العلم والظن وكيف يولد النظر العلم؟ والفرق بين وجوب المسبب عن السبب وبين حصول الشيء عند غيره على مقتضى العادة و… إلى غير ذلك من الكلام الذي هو محض صرف خالص للكلام في أصول الدين دون أصول الفقه.

فإن كان دعاه إلى الكلام على هذه المواضع أن أصول الفقه لا تتمّ ولا تثبت إلا بعد ثبوت هذه الأصول، فهذه العلّة تقتضي أن يتكّلم على سائر أصول الدين من أولها إلى آخرها، وعلى ترتيبها، فإن أصول الفقه مبنية على جميع أصول الدين مع التأمّل الصحيح، وهذا يوجب علينا أن نبتدئ في أصول الفقه بالكلام على حدوث الأجسام وإثبات المحدث وصفاته، وجميع أبواب التوحيد… ومعلوم أن ذلك لا يجوزn.

ويختم قائلاً: mوالكلام في هذا الباب إنما هو الكلام في أصول الفقه بلا واسطة من الكلام فيما هو أصول لأصول الفقه، والكلام في هذا الفن إنما هو مع من تقرّر معه أصول الدين وتمهدت، ثم تعداها إلى غيرها مما هو مبنيّ عليها، فإذا كان المخالف لنا مخالفاً في أصول الدين كما أنه مخالف في أصول الفقه أحلناه على الكتب الموضوعة للكلام في أصول الدين، ولم نجمع له في كتابٍ واحد بين الأمرينn.

وهكذا يشير الشيخ الطوسي في الفصل الأوّل من كتابه: mعدّة الأصولn ـ بعد الحديث عن فهرس الكتاب ـ إلى أنّه إذا ما تعرّض لبعض مسائل أصول الدين بشكل بالغ الاختصار، فإنّه سيذكر ما يجدر أن يُعتمد عليه، ويبيّن ذلك قائلاً: mلأنّ لشرح ذلك موضعاً غير هذا، والمطلوب من هذا الكتاب بيان ما يختصّه من تصحيح أصول الفقه التي ذكرناها، وبيان الصحيح منها والفاسدn.

لكن مع الأسف الشديد، فرغم كلّ الجهد الذي قاما به لفصل علم الأصول عن علم الكلام بيد أنهما تورّطا في ذلك، فقد عثرنا على بعضٍ من هذه المسائل في كتابي الذريعة والعدّة، وهي:

1 ـ في ذكر ما يجب معرفته من صفات الله والنبي والأئمّة([5]).

2 ـ في صفة العلم الواقع عند الإخبار([6]).

3 ـ في أنّه هل كان النبي متعبّداً بشرائع من تقدّمه من الأنبياء؟([7]).

4 ـ في أنّه لا يجوز أن يفوّض الله ـ تعالى ـ إلى النبي أو إلى العالم أن يحكم في الشرعيّات بما شاء إذا علم أنّه لا يختار إلاّ الصواب.

إضافة إلى مسائل أخرى على هذه الشاكلة([8]).

وما يجدر الالتفات إليه أنّه على الرغم من بدء علم الأصول بأخذ استقلاله ـ ولو تدريجيّاً ـ في هذه المرحلة، ومع خروج مجموعة من المسائل المذكورة أعلاه منه في المراحل التالية، إلاّ أنّ مجموعة من مسائله بقيت تحت تأثير المسائل الكلاميّة والمنطقيّة أحياناً، بل سوف نرى في المراحل الأخيرة نفوذ أو دخول المسائل الفلسفيّة فيه بشكل عميق أيضاً.

على أية حال، فالبحث في هذا الصدد واستخراج مواضع تأثير سائر العلوم في علم الأصول، وخاصة العلوم العقليّة منها، يحتاج إلى بحوث موسّعة ومطوّلة ليست مورد اهتمامنا فعلاً.

ولا يفوتنا التذكير هنا أن الشيعة سرعان ما بلغوا بهذا العلم كماله،رغم  تأخّرهم عن أهل السنّة حوالي ثلاثة قرون في العمل بالاجتهاد والسعي لاستخدام القواعد الأصوليّة لاستنباط الأحكام الشرعيّة؛ وذلك لسببين:

السبب الأوّل: بعدما حصل الشيعة على نتائج الجهود التي توصّل إليها أهل السنّة عقب البحث والتحقيق في علم الأصول، أضافوا إليها ـ في المواضع اللازمة ـ آراءهم ونظريّاتهم، وفق ما تقتضيه الأسس العلمية والمبادئ المذهبيّة.

السبب الثاني: كان باب الاجتهاد قد فتح على مصراعيه عند الشيعة، على عكس الحال عند أهل السنّة، الذين لم يتجاوزوا اجتهادات الأئمة الأربعة، فقد كان الشيعة أحراراً في عملهم الاجتهادي، فمخالفة الإجماع كان يمكنها لوحدها فقط أن تمارس تحديداً وتضييقاً لحركة الاجتهاد لا مخالفة الأشخاص؛ من هنا، بلغ الاجتهاد الشيعي كماله ونال أرقى أشكاله الممكنة.

ميزات المرحلة الرابعة  ـــــــ

إنّ أهمّ ما امتازت به هذه المرحلة يكمن في:

1 ـ بلوغ علم الأصول الشيعي كماله.

2 ـ استحكام أسسه وقوّته الاستدلاليّة.

3 ـ استقلال علم الأصول وانفصاله النسبي عن مسائل علم الكلام.

والجدير ذكره، أنّ استقلال علم الأصول ينافي بدرجةٍ ما تأثره الملموس بعلم الكلام في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة إلى يومنا هذا.

المرحلة الخامسة: مرحلة الركود والمراوحة  ـــــــ

تعتبر هذه المرحلة محطّة توقف علم الأصول الشيعي وركود الاستنباط الإمامي، حيث استمرّت من وفاة الشيخ الطوسي إلى عصر ابن إدريس الحلّي (598هـ)، فتوقّف الاجتهاد الشيعي من بعد الشيخ الطوسي إلى حدود قرنٍ أو أكثر. من هنا، سمّى ابن إدريس ـ إضافةً إلى مجموعة من العلماء ـ هذا العصر بعصر التقليد، حيث اتّبع فقه الشيخ الطوسي ولم تُبذل جهودٌ كافية لاستخدام القواعد الأصولية في استنباط الأحكام([9]).

والسؤال هنا: ما سبب هذا الركود؟ هل كان سببه عظمة الشيخ الطوسي ونبوغه العلمي أو الإحساس بالعجز من الاستنباط في مقابل استحكام الأسس أو قوّة استنباط الشيخ الطوسي مما عزّز هيمنة الشيخ الطوسي حتى لا يقابل استنباطه استنباطاً آخر؟

لم يُعرف السبب جيّداً، ولعلّ جماع هذه الأسباب أو بعضها هو ما أدّى إلى ذلك الركود([10]).

وعلى كل حال، أُلّفت مجموعةٌ من الكتب الأصوليّة في هذه المرحلة، أهمّها:

1 ـ التقريب، لحمزة بن عبدالعزيز المعروف بسلار أو سالار، والمتوفى سنة 448 أو 463هـ([11]).

2 ـ المصادر، للشيخ سديد الدين محمود بن علي الحمصي الرازي، المتوفّى أواخر القرن السادس.

3 ـ التبيين والتنقيح من التحسين والتقبيح للمؤلّف السابق.

4 ـ الجزء الأصولي من كتاب mغنية النزوع إلى علمي الأصول والفروعn، لأبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة، المعروف بابن زهرة، والمتوفّى عام 585هـ.

ويمكن أن نعتبر كتاب mغنية النزوعn بداية المرحلة اللاحقة؛ حيث تصدّى مؤلّفه لمناقشة آراء الطوسي، كما في مثل ما جاء في باب دلالة الأمر على الفور حيث اعتقد الشيخ بدلالة الأمر على الفور، فيما علّق عليه ابن زهرة بالقول: إن الأمر لا يدلّ على الفور ولا على التراخي، وهكذا في باب دلالة النهي على الفساد التي يعتقد بها الشيخ الطوسي، فقد نفى ابن زهرة الملازمة بين الحرمة والفساد وهكذا ([12]).

إنّ ما امتازت به هذه المرحلة ليس فقط تأثر العلماء باجتهاد الطوسي فحسب، بل في تقليده أيضاً في التغييرات التي قام بها.

المرحلة السادسة: مرحلة النهوض والتجديد  ـــــــ

بدأت هذه المرحلة ـ كما أشرنا ـ في عهد العالم الجليل محمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي المعروف بابن إدريس الحلّي (598هـ)، كما وساهم ابن زهرة العلوي (585هـ) إلى حدٍّ معيّن في نشأتها.

تصدّى ابن زهرة في مباحث أصول الفقه من كتابه غنية النزوع لمناقشة بعض آراء الشيخ الطوسي التي ما كانت تعرّضت لنقدٍ حتّى ذلك الزمان، أمّا ابن إدريس فقد كان ألّف كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، والذي يُعدّ واحداً من أهم مصادر الفقه الشيعي، ولم يكتف ابن إدريس بتوضيح آرائه الفقهية في هذا الكتاب، بل ذكر في كل فرعٍ من المسألة أساسها الأصولي؛ حتّى أنه في بعض الأحيان طرح في فرعٍ واحد عدداً من المسائل الأصوليّة.

وبناءً على ما تقدّم، لم تكن مخالفته مع أحد في كيفيّة الاستنتاج فحسب، بل كانت تكمن في الأصول الاجتهادية والأسس الاستنباطيّة.

لقد ذكر الحلّي آراء شيخ الطائفة الطوسي أكثر من أيّ عالم آخر، تلك الآراء التي جاءت في كتاب النهاية، وبالأخص كتاب المبسوط، وأحياناً في كتب أخرى، ولعلّنا لا نعثر في كتاب السرائر على صفحة واحدة لم ينقل فيها ابن إدريس عن الشيخ الطوسي مرّةً أو مرّتين في الحدّ الأدنى.

لم يكن هدفه من استحضار آراء الطوسي مجرّد النقل فقط، بل أراد أن تكون آراء الشيخ الفقهيّة والأصوليّة موضع نقد، ولم تكن آراء الشيخ الطوسي فقط هي التي تعرّضت لموجات نقد ابن إدريس، بل لقد طال هذا النقد أنصار مدرسة الشيخ وأتباعه، وكأنّ ابن إدريس لم يهبّ للبحث والمناقشة سوى مع الشيخ الطوسي وأتباعه.

إنّ مطالعة إجماليّة عامّة لهذا الكتاب ومقدّمته توضح جليّاً المعاناة القاسية التي كان قد واجهها ابن إدريس من هيمنة روح التقليد والاتّباع.

لم تتوقّف هذه النهضة، بل واصلت تقدّمها على يد مجموعة من المحققين والنوابغ أمثال نجم الدين جعفر بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف بالمحقّق الحلّي (676هـ)، وتلميذه وابن أخته الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة (726هـ) وآخرين غيرهم.. فظهر مجدّداً تألّق علم الأصول وكمال علم الفقه.

لقد حلّت الكثير من مؤلّفات هؤلاء العلماء مكان مؤلّفات الطوسي؛ فأخذ كتاب الشرائع للمحقق الحلّي مكان كتاب النهاية للطوسي؛ حيث صار الأوّل محوراً للبحث والدراسة والشرح والتعليق.

ونشير هنا إلى مجموعةٍ من مصنّفات هذه المرحلة:

1 ـ نهج الوصول إلى معرفة الأصول، للمحقق الحلّي.

2 ـ معارج الأصول، للحلّي نفسه.

3 ـ تهذيب الوصول إلى علم الأصول، للعلامة الحلّي، وهو عبارة عن خلاصة عن مختصر المنتهى لابن الحاجب.

4 ـ مبادئ الوصول إلى علم الأصول، للعلامة الحلّي، وقد طبع مرّتين: الأولى مع كتاب المعارج للمحقق الحلّي، والثاني طبع فيها بشكل مستقل.

5 ـ نهاية الوصول إلى علم الأصول للعلامة الحلي نفسه، وهو كتاب مفصّل للغاية، كنت قد عثرت على نسخته الخطيّة في المكتبة الجامعيّة المركزيّة، والذي يبدو أنّه لم يُطبع حتّى الآن([13]).

6 ـ غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر منتهى السئول والأمل في علمي الأصول والجدل، للعلاّمة الحلّي([14]).

7 ـ النكت البديعة في تحرير الذريعة، للعلامة الحلي، وكان العلامة نفسه قد تحدّث عن هذا الكتاب في كتابه: الخلاصة([15]).

8 ـ شرح غاية الوصول في الأصول، وهو عبارة عن متنٍ للغزالي (505هـ)، شرحه العلاّمة الحلّي([16]).

9 ـ منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول، للعلاّمة الحلّي، وهو عبارة عن مجلدٍ واحد رأى الكنتوري نسخةً منه (562) ([17]).

10 ـ نهج الوصول إلى علم الأصول، للعلاّمة الحلّي([18]).

11 ـ منية اللبيب في شرح التهذيب، لضياء الدين عبدالله بن مجد الدين أبو الفوارس محمّد بن الأعرج الحسيني، ابن أخت العلاّمة الحلّي([19]).

12 ـ غاية البادي في شرح المبادئ، لركن الدين الجرجاني، وهو من تلامذة العلاّمة الحلّي، وعاصر السيد عميد الدين، ابن أخت العلاّمة نفسه([20]).

13 ـ غاية السئول في شرح تهذيب الأصول، لأبي طالب، محمّد بن الحسن بن علي بن المطهّر، المعروف بفخر المحقّقين (771هـ).

14 ـ شرح المبادئ، لفخر المحققين أيضاً.

15 ـ شرح تهذيب الأصول، للسيد جمال الدين بن عبدالله بن محمّد بن الحسن الحسيني الجرجاني([21]).

16 ـ شرح مبادئ الأصول، لأبي عبدالله، المقداد بن عبدالله بن محمّد بن الحسين بن محمّد السيوري، المعروف بـالفاضل المقداد (826هـ).

17 ـ تمهيد القواعد، لزين الدين بن نور الدين علي بن أحمد الجبعي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني (965هـ)، وهذا الكتاب عبارةٌ عن مجموعةٍ من القواعد الأصوليّة واللغوية، تحتوي كلّ مجموعة على مائة قاعدة.

18 ـ معالم الأصول، للشيخ حسن بن زين الدين، ابن الشهيد الثاني (1011هـ)، وقد حلّ هذا الكتاب مكان كتابي المختصر والتهذيب، وأصبح كتاباً درسيّاً، وذلك بسبب كمال مضمونه واختصاره، وبساطة عباراته، ومميّزات أخرى.. ولم يحلّ كتابٌ آخرٌ مكانه إلى الآن([22]).

19 ـ زبدة الأصول، لمحمّد بن الحسين بن عبدالصمد الجبعي العاملي، المعروف بالشيخ البهائي (1030هـ)، وقد ذكر الشيخ في هذا الكتاب المسائل الأصوليّة جميعها بشكل مكثف ومختصر جداً، مثل كتاب المختصر لابن الحاجب، والتهذيب للعلاّمة الحلي، كما واتبع أسلوب أهل السنّة بذكر قسمٍ من المسائل المنطقيّة، جارياً في ذلك على منوال الغزالي في المستصفى وابن الحاجب في المختصر.

مميّزات المرحلة السادسة  ـــــــ

تكمن مميّزات هذه المرحلة فيما يلي:

1 ـ عودة روح الاجتهاد إلى المجتمع العلمائي الشيعي، بعد أن كانت قد تلقّت ضربةً قاسية داخله.

2 ـ خروج علم الأصول ـ خاصة في أواخر هذه المرحلة ـ من صورة التصنيف المستقلّ إلى مجال كتابة الشروح على كتب السالفين، والتعليق عليها، وتلخيصها، ويمكن القول: إنّ هذا الوضع لم يختصّ بالشيعة بل شمل إلى حدّ كبير أهل السنّة أيضاً.

3 ـ تأثر علم الأصول بعلم المنطق، علاوة على تأثره بعلم الكلام؛ وذلك بسبب إدخال بعض علماء الشيعة المقتدين بأهل السنّة مسائل منطقيّة في الكتب الأصوليّة.

المرحلة السابعة: مرحلة الضعف والضمور  ـــــــ

اعتبرت هذه المرحلة مرحلة ضعف علم الأصول وفتوره جرّاء حركة الأخباريين، وكان المولى محمّد أمين الاسترآبادي (1036هـ) أهم مؤسّسي هذه الحركة ومنظّريها وروّادها، وقد تحدّث في القسم الثالث من كتابه mالفوائد المدنيّةn عن هذا الموضوع.

كان الاسترآبادي من أشرس أعداء المجتهدين، فصبّ نقده الشديد واللاذع عليهم منذ القديمين، وحتّى الشهيدين، إلى جانب علماء آخرين غيرهم، معتبرهم أتباعاً لمدرسة أهل السنّة.

وقد فرغ الاسترآبادي من تدوين كتاب mالفوائد المدنيّةn في ربيع الأول سنة 1030هـ، في مدينة مكّة المكرّمة، مركّزاً جهوده في هذا الكتاب على نقد المجتهدين.

ذهب الأخباريّون إلى:

1 ـ أنّ أهل السنة هم مؤسّسو علم الأصول؛ فإذا ما قمنا بتوظيف القواعد الأصوليّة في الاجتهاد الفقهي كان معنى ذلك خضوع فروع المذهب الشيعي الفقهيّة لتأثير الفقه السنّي.

2 ـ إذا احتاج الفقه إلى تفعيل القواعد الأصوليّة لزم من ذلك القول بعدم كون أصحاب الأئمة فقهاء؛ ذلك أن مسائل هذا العلم لم تظهر في الحياة الشيعيّة إلا عقب الغيبة الكبرى.

3 ـ إنّ علم الأصول يؤدّي إلى فقدان النصوص الدينيّة الشيعيّة أهميّتها ومكانتها.

إنّ فساد هذا الكلام واضحٌ جلّي، لا يحتاج إلى الكثير من إطالة الحديث فيه وذلك:

أوّلاً: قد علمنا ـ كما مرَّ ـ أنّ مؤسّس هذا العلم ليس أهل السنّة.

ثانياً: إنّ منشأ الحاجة إلى القواعد الأصوليّة لا يعني افتقار الفقه بشكل مطلق إلى تنشيط القواعد الأصوليّة، سيّما بما بات لها اليوم من معنى وسيع، حتى يلزم من ذلك القول بعدم فقاهة أصحاب الأئمة، بل إنّ هذه المرحلة التي ابتعدنا فيها عن عصر النص وفقدنا فيها الوصول إلى المعصوم هي التي أحوجتنا ـ إلى هذا الحد ـ إلى مثل هذا العلم، ولهذا احتاج أهل السنّة إليه منذ بدايات عصر الخلافة فيما تأخّرت الحاجة الشيعيّة إلى ما بعد الغيبة الكبرى؛ وعليه، فأصحاب الأئمّة فقهاء وفي الوقت عينه نحن بحاجة ماسّة إلى علم الأصول.

ثالثاً: لا تهدف القواعد الأصوليّة إلى نحت أدلّة للاستنباط تقابل الأدلّة القطعيّة، بل الحصول عبر هذه القواعد على قدرة الاستنباط من الكتاب والسنّة، وسائر الأدلّة أحياناً؛ وعليه، لا يصحّ أيّ من إشكالات الأخباريين هنا.

لقد أدّى ظهور المدرسة الأخباريّة في هذا العصر إلى توفير أرضية مساعدة لظهور المجاميع الحديثية الكبرى، من قبيل كتاب الوافي للمولى محمّد محسن الفيض الكاشاني (1091هـ)، وكتاب تفصيل وسائل الشيعة للشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي (1104هـ)، وبحار الأنوار للمولى محمّد باقر المجلسي (1110هـ).

وتأليف هذه الكتب لا يعني أنّ المؤلفين أنفسهم منتمون إلى المدرسة الأخباريّة، بل كانوا يعتقدون أنّ استخدام القواعد الأصوليّة يعود بالضرر على استنباط الأحكام، وأساساً لا علاقة لنهضة الأخباريّين بظهور هذه المصنّفات، ولعلّ سبب ظهورها أمورٌ أخرى أهمّها الحصول على مصادر يجهلها مؤلفو هذه الكتب أنفسهم، إنّ ما أفرزته هذه النهضة كان توفير الخلفيّة المساعدة لوجود هذه المصنّفات([23]).

على كلّ حال، أيّاً كان السبب الذي يكمن وراء تأليف هذه الكتب، فإنّ المهمّ أنّها كانت من أكبر الخدمات التي أنجزت في عالم الاستنباط الفقهيّ الشيعي، فقد تسبّب فقدان النصوص أحياناً في عمليّة استنباط الأحكام الفقهيّة أو الأصوليّة (أصول الفقه)… تسبّب في وقوع العلماء في مآزق وأزمات فكريّة، إلاّ أنّ ظهور هذه الموسوعات الحديثيّة ساهم في رفع هذه المشاكل وتبديدها، فمثلاً: في باب حُجيّة الاستصحاب أو بعض الأصول الأخرى التي كان قد استفاد علماء الشيعة في الماضي من أهل السنّة وجوهَها العقليّة الاعتباريّة، وهي وجوهٌ لم تتمكّن من إقناع رجال الفكر والتحقيق، صار بالإمكان إجلاء خصوصيّات الموضوع وجوانبه بصورةٍ تغدو مطمئنة لبال الدارسين عقب تأليف هذه الكتب والعثور على هذا النوع من الروايات المعتبرة فيها.

ونظراً للنزاعات التي كانت قائمةً بين الأخباريين والأصوليّين صنّفت مجموعة من الكتب المهمّة في علم الأصول نذكر معظمها:

1 ـ غاية المأمول في شرح زبدة الأصول، لجواد بن سعد الله بن جواد الكاظمي، المعروف بـmفاضل جوادn الذي توفيّ أواسط القرن الحادي عشر.

2 ـ حاشية المعالم، للسيد حسين بن الميرزا رفيع الدين الآملي الإصفهاني المعروف بـmسلطان العلماءn (1098هـ).

3 ـ حاشية زبدة الأصول، لسلطان العلماء نفسه.

4 ـ الوافية، للمولى عبدالله بن محمّد، المعروف بـmالفاضل التونيn (1071هـ).

5 ـ شرح زبدة الأصول، للمولى محمّد صالح بن المولى أحمد السروي، المعروف بالمولى صالح المازندراني (1080هـ أو 1081هـ).

6 ـ حاشية معالم الأصول، للمازندراني نفسه.

7 ـ شرح عدّة الأصول، للمولى خليل بن الغازي، المعروف بـmالمولى خليل القزوينيn (1088هـ).

8 ـ حاشية معالم الأصول، لمحمّد بن الحسن الشيرواني (1098هـ).

9 ـ حاشية شرح المختصر للعضدي، للآغا جمال الخوانساري (1125هـ)، وهو ابن الآغا حسين الخوانساري (1098هـ).

10 ـ شرح الوافية، للسيد صدر الدين بن محمّد باقر الرضوي القمّي (المتوفّى بعد عام 1160هـ).

ولا يفوتنا القول: إنّ كتاب مشارق الشموس في شرح الدروس للسيّد حسين الخوانساري من الكتب الفقهيّة التي تضمّ آراءه الأصوليّة، إضافة إلى النَفَس الفلسفي الذي أثر في المصنّفات الأصوليّة اللاحقة، فكان لا بد من ذكر اسم هذا الكتاب ضمن مصنّفات هذه المرحلة([24]).

وكنّا قد أشرنا ـ في بداية هذه المرحلة ـ إلى أنّ علم الأصول كان فَقَد رونقه السابق، لكن رغم هذا لا نستطيع الإنكار أنّ كتب هذه المرحلة ـ خاصة تلك التي صنّفت في أواخرها ـ ساهمت في تكوين المناخ الذي ساهم في إيجاد المرحلة الأخيرة وظهورها.

ولا زال علماء هذه المرحلة تحت تأثير المراحل السالفة، حيث إنّهم لم يدوّنوا كتباً مستقلّة في علم الأصول، بل كانت مصنفاتهم جميعها على صورة شرحٍ للكتب الماضية أو تعليق عليها.

المرحلة الثامنة: مرحلة التجدّد  ــــــــ

يعتبر الأستاذ الأكبر المولى محمّد باقر البهبهاني (1205هـ) الذي قاد علم الأصول تدريجيّاً إلى أعلى درجات الكمال مؤسّس هذه المرحلة، لم يتوان رادة هذه المرحلة ـ أي الوحيد البهبهاني وتلامذته ـ عن بذل قصارى جهدهم لمواجهة الحركة الأخباريّة والحدّ من تعاظمها، فلم يكونوا ليفكّروا في البداية سوى في دفع شبهات الأخباريين واتهاماتهم، وإثبات حاجة الاجتهاد الفقهي إلى القواعد الأصوليّة.

يكتب الوحيد البهبهاني في كتابه: الفوائد الحائريّة قائلاً: mلما بعد العهد عن زمان الأئمة وخفيت أمارات الفقه والأدلّة، على ما كان المقرّر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاء بانقراضهم وخلوّ الديار عنهم، إلى أن انطمس أكثر آثارهم كما كانت طريقة الأمم السابقة، والعادة الجارية في الشرائع الماضية، أنه كلّما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى أمارات قديمة وتحدث خيالات جديدة إلى أن تضمحل تلك الشريعة، توهّم متوهّم أن شيخنا المفيد ومن بعده من فقهائنا إلى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة، مبدعين بدعاً كثيرة… متابعين للعامّة، مخالفين لطريقة الأئمة، ومغيّرين لطريقة الخاصة، مع غاية قربهم لعهد الأئمة، ونهاية جلالتهم وعدالتهم، ومعارفهم في الفقه والحديث، وتبحّرهم وزهدهم وورعهمn.

ويتابع قائلاً: mوشبهتهم الأخرى هي أن رواة هذه الأحاديث ما كانوا عالمين بقواعد المجتهدين، مع أن الحديث كان حجّةً لهم، فنحن أيضاً مثلهم لا نحتاج إلى شرط من شرائط الاجتهاد، وحالنا بعينه حالهم، ولا ينقطعون بأن الراوي كان يعلم أن ما سمعه كلام إمامه، وكان يفهم من حيث إنه أهل اصطلاح زمان المعصوم % ولم يكن مبتلى بشيء من الاختلالات التي ستعرفها، ولا محتاجاً إلى علاجهاn([25]).

ويبحث الوحيد البهبهاني ـ عقب ذلك وبتفصيل ـ مواضع الاختلاف بين الأخباريين والأصوليين، مثل حجيّة القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة، وحجيّة ظواهر الكتاب الكريم، وجريان أصالة البراءة في الشبهات الحكميّة التحريميّة، بصورة لم يكن لها سابقة من قبل.

وفي الأخير، أخرج علماء الشيعة تدريجيّاً المسائل الأصوليّة التي كانوا قد طرحوها في سياق علم الأصول نتيجة اقتدائهم وتقليدهم لأهل السنّة في المراحل السابقة، فاستبعدوا مسائل من قبيل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة من هذا العلم.

أدّى هذا الإخراج، إضافةً إلى تبرءة الشيعة من اتهامات الأخباريين، إلى اختيار علماء الشيعة طريقهم الخاص في تدوين علم الأصول؛ حيث حدّدوا الموضوع والهدف من طرح المسائل الأصوليّة، فلم يكن الهدف تكميل مصادر الاستنباط حتّى تتمّ الزيادة على المصادر الأصليّة بمصادر أخرى، فهي ـ هذه المصادر ـ لم تكن ناقصة حتّى يضيفوا إليها مسائل أخرى، إنّما هدفهم يكمن في البحث والتحقيق بالجوانب المختلفة في مصادر الفقه الإسلامي، والوصول إلى الطريق الصحيح للاستنتاج من خلال ذلك.

مثلاً، يُعدّ الخبر الواحد من الموضوعات الأصوليّة التي أخذ الردّ والكلام فيها من جوانب مختلفة في هذه المرحلة مأخذه، في مواضع متعددة من أصول الفقه، أحدها: في باب حجيّة الخبر الواحد باعتبار حجيّة سند الخبر، والثاني: في باب حجيّة الظهور باعتبار حجيّة دلالته، والثالث: في باب التعادل والترجيح باعتباره جهة الصدور وحلّ المعارضة وعلاجها، والرابع: في باب العام والخاص باعتبار جواز تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد، إضافة إلى الإجماع والاستصحاب ومواضيع أخرى.

بناءً عليه، لا توجد ضرورة للبحث في موضوعات من قبيل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة من الأمارات الظنيّة التي لا تؤثر أبداً في استنباط الفقه الشيعي، بل لعلّه تمّ النهي عن استخدامها في مجال الاجتهاد، فأخرجت تدريجيّاً من علم الأصول، لتطرح ـ  في المقابل ـ مسائل أخرى، بحكم الضرورة، بشكل تفصيلي بعدما لم تكن طرحت في الكتب السابقة أو كانت طُرحت بشكل محدود وبسيط جداً، مثل: حجيّة الظن المطلق، والعلم الإجمالي وما يتعلّق به من قبيل الاضطرار إلى بعض أطرافه، والخروج من محل الابتلاء، إضافة إلى مسائل أخرى، قد نضطرّ لذكرها من باب المثال.

من هنا، تحرّر علم الأصول في هذه المرحلة من قيود بعض المسائل، وتعمّق في كثير من الموضوعات الجديدة التي ظهرت، كما ووصل تدريجيّاً إلى نهاية أوج كماله؛ حيث تتضح هذه الحقيقة بمقارنة كتب من قبيل الرسائل والكفاية مع كتب سائر المراحل وسائر المذاهب.

ويعدّد صاحب كتاب mالمعالم الجديدةn ثلاثة مجموعات من علماء هذه المرحلة الذين استمرّوا في طريق التعليم حوالي نصف قرن، ووصلوا بعلم الأصول إلى قمّة الكمال والرقي، وهي:

المجموعة الأولى: الطلاب المباشرون للأستاذ المحقّق الوحيد البهبهاني وهم: السيد محمد مهدي بحر العلوم (1212هـ)، والشيخ جعفر كاشف الغطاء (1227هـ)، والميرزا أبو القاسم القمّي (1231هـ)، والسيد علي الطباطبائي (1231هـ)، والشيخ أسد الله الشوشتري (1234هـ).

المجموعة الثانية: ومعظمهم من طلاّب المجموعة الأولى مثل: السيد محسن الأعرجي الكاظمي (1240هـ)، وشريف العلماء محمّد شريف بن حسن (1245هـ)، والمولى أحمد النراقي (1245هـ)، والشيخ محمّد تقي بن عبدالرحيم (1248هـ)، والشيخ محمّد حسن النجفي صاحب كتاب الجواهر (1266هـ).

المجموعة الثالثة: وعلى رأسها الشيخ مرتضى الأنصاري (1281هـ)، تلميذ شريف العلماء، والذي لا يزال تلاميذه المباشرون وغير المباشرين يكمّلون مسير هذه المرحلة، حتّى وصلوا بها إلى قمّة الكمال والرقي([26]).

من هنا، لا بد أن نعتبر الشيخ الأنصاري ! الرائد الأوّل لمرحلةٍ من مراحل تقدّم هذا العلم، بل لا بدّ من أن يكون مؤسّس المرحلة الأخيرة والمتقدّمة من مراحل علم الأصول ـ وهي المرحلة التاسعة ـ فمن المناسب أن تحمل هذه المرحلة اسمه.

ونذكر هنا قسماً من أهمّ مصنفات هذ المرحلة أو المرحلتين الأخيرتين:

1 ـ الفوائد الحائريّة، للأستاذ الأكبر محمّد باقر بن محمّد أكمل، الوحيد البهبهاني (1205هـ).

2 ـ قوانين الأصول، للميرزا أبي القاسم بن المولى محمّد حسن الجيلاني، المعروف بـالميرزا القمّي (1231هـ).

3 ـ المحصول، السيد محسن بن السيّد حسن الحسيني الأعرجي الكاظمي (1240هـ).

4 ـ الوافي في شرح الوافية، للأعرجي نفسه.

5 ـ مفاتيح الأصول، للسيّد محمّد بن علي بن محمّد علي الطباطبائي (1242هـ).

6 ـ عوائد الأيام، للمولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي (1245هـ).

7 ـ مناهج الوصول إلى علم الأصول، للمولى أحمد النراقي.

8 ـ هداية المسترشدين، للشيخ محمّد تقي بن عبدالرحيم (1248هـ).

9 ـ عناوين الأصول، للمير عبدالفتّاح بن علي الحسيني المراغي (1250هـ)، وهذا الكتاب عبارة عن مزيج من القواعد الفقهيّة والأصوليّة.

10 ـ حقائق الأصول، للحاج المولى عبدالرحيم بن علي نجف آبادي، وقد توفّي تقريباً عام 1286هـ.

11 ـ الفصول في علم الأصول، للشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم (1260هـ).

12 ـ إشارات الأصول، للحاج المولى محمّد إبراهيم بن محمّد حسن الكاخكي الإصفهاني، المعروف بـالكلباسي (1261هـ).

13 ـ ضوابط الأصول، للسيد إبراهيم بن محمّد باقر الموسوي القزويني (1264هـ).

14 ـ نتائج الأفكار، للقزويني نفسه.

15 ـ فرائد الأصول، للشيخ مرتضى بن محمّد الأمين بن شمس الدين الأنصاري (1281هـ).

16 ـ مطارح الأنظار، تقرير الميرزا أبي القاسم بن الحاج محمّد علي الطهراني المعروف بـكلانتر (1291هـ) لدروس الشيخ الأنصاري.

18 ـ بشرى الوصول إلى علم الأصول، للسيد حسين بن محمّد بن الحسن الكوه كمري (1299هـ).

19 ـ أوثق الوسائل في شرح الرسائل، لموسى بن جعفر بن المولى أحمد التبريزي (1299هـ).

20 ـ جوامع الشتات، لمحمود بن جعفر بن الباقر بن القاسم الميثمي (1308هـ).

21 ـ قوامع الفضول، للمؤلّف نفسه.

22 ـ بدائع الأفكار، للحاج الميرزا حبيب الله الرشتي (1312هـ).

23 ـ غاية المسؤول في علم الأصول، لضياء الدين محمّد حسين بن محمّد علي الشهرستاني (1315هـ).

24 ـ بحر الفوائد في شرح الفرائد، للحاج الميرزا محمّد حسن الآشتياني (1319هـ).

25 ـ مجمع الأصول، لمحمد باقر بن محمد علي المازندراني (1322هـ).

26 ـ كفاية الأصول، للآخوند المولى محمّد كاظم الخراساني (1329هـ).

27 ـ فوائد الأصول، للمؤلّف نفسه.

28 ـ حاشية كتاب فرائد الأصول، للمؤلّف نفسه.

29 ـ إيضاح الفرائد في علم الأصول، للسيد محمّد بن الأمير محمّد تقي التنكابني (1359هـ).

30 ـ نهاية الدراية في شرح الكفاية، للشيخ محمّد حسين النجفي الإصفهاني، المعروف بالكمباني (1361هـ).

31 ـ مقالات الأصول، للآغا ضياء الدين العراقي (1361هـ).

32 ـ فوائد الأصول، (تقرير درس النائيني)، بقلم الشيخ محمّد علي الكاظمي (حدود 1365هـ).

33 ـ أجود التقريرات (تقرير درس النائيني)، بقلم السيّد أبو القاسم الخوئي (1413هـ).

34 ـ شرح كفاية الأصول، للشيخ عبدالحسين الرشتي (1373هـ).

35 ـ نهاية النهاية في شرح الكفاية، للحاج الميرزا علي الإيرواني (1353هـ).

36 ـ درر الفوائد، للحاج الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي (1355هـ).

37 ـ حقائق الأصول (شرح للكفاية)، للسيد محسن الحكيم (1390هـ).

38 ـ نهاية الأفكار (تقرير درس الآغا ضياء الدين العراقي)، بقلم الشيخ محمّد تقي البروجردي (1350هـ).

39 ـ بدائع الأفكار (تقرير درس الآغا ضياء الدين العراقي)، بقلم الميرزا هاشم الآملي.

40 ـ منهاج الوصول إلى علم الأصول، للإمام روح الله الخميني (1409هـ).

41 ـ دراسات في علم الأصول (تقرير درس السيد أبي القاسم الخوئي)، بقلم السيد علي الشاهرودي.

42 ـ مصباح الأصول (تقرير درس السيد أبي القاسم الخوئي)، بقلم السيد محمّد سرور الواعظ الحسيني البهسودي.

43 ـ جواهر الأصول (تقرير درس السيد أبي القاسم الخوئي)، بقلم فخر الدين الزنجاني.

44 ـ مصابيح الأصول (تقرير درس السيد أبي القاسم الخوئي)، بقلم علاء الدين بحر العلوم.

إضافة إلى كتب كثيرة خارجة عن نطاق بحثنا([27]).

مميّزات المرحلة الثامنة  ــــــــ

1 ـ أخذ التحقيق في المسائل الأصوليّة في هذه المرحلة ـ خاصةً من عصر الشيخ الأنصاري إلى الآن ـ رونقه، وعُرفت كتب تحقيقيّة كثيرة أعمّ من الكتب المستقلّة أو تلك الشروحات والتعليقات، فلا نستطيع مقارنة كتب هذه المرحلة بكتب المراحل السابقة. وإذا أردنا مقايسة هذه التحقيقات أو المؤلّفات الأصوليّة وخاصّة تلك التي صنّفت في القرن الأخير ـ أي من عصر الشيخ الأنصاري إلى زماننا الراهن ـ بتلك التي ألّفت منذ أحد عشر قرناً، فلا شكّ أن مصنّفات هذه المرحلة هي التي سترجّح من حيث الكميّة والنوعيّة.

2 ـ عُرف ـ اصطلاحاً ـ قسمٌ من مصنّفات هذه المرحلة بالتقريرات، وهي ظاهرة نادرة في العصور السالفة، وهذه التقريرات عبارة عن كتابة الدروس ـ من قبل الطلاّب أنفسهم ـ التي كان يلقيها الأساتذة عليهم، وذلك من أجل أن تتمّ الاستفادة منها للطلاب الآخرين.

3 ـ علاوة على ردّ الأصوليين آراء الأخباريين في علم الأصول في بداية هذه المرحلة ونقدها، ردّوا عليهم أيضاً في مسائل أخرى داخل علم الأصول نفسه، وهي مسائل كان الأخباريون قد سجلوا نقداً حولها، مثل عدم جواز الاعتماد على المقدّمات العقليّة لاستنباط الحكم الشرعي، وعدم حجيّة ظواهر الكتاب الكريم، وعدم جواز إجراء أصل البراءة في الشبهات الحكميّة التحريميّة.

4 ـ كان قد تأثر علم الأصول ـ ومنذ وقت طويل ـ بعلمي المنطق والكلام إلى درجة طرح بعض مسائلهما في علم الأصول، أمّا في هذه المرحلة فقد قلّ تأثيرهما فيه، حتّى أنّه لم تطرح فيه أيضاً الموضوعات المنطقية والكلامية البحتة، ومع ذلك بقيت بعض المسائل نافذةً فيه مثل الجزئي والكلّي، والكلّي الطبيعي والعقلي، والجنس والفصل، والقضية الحقيقيّة والخارجيّة، والكلام النفسي واللفظي، واتحاد الطلب والإرادة، والجبر والتفويض، واختياريّة الإرادة.

كما وأدخل في هذه المرحلة وربّما في المراحل السابقة رجال أمثال الآغا حسين الخوانساري([28]) وغيره مسائل فلسفيّة أيضاً، منها: الاعتباري والانتزاعي([29])، وعدم صدور الكثير عن الواحد وبالعكس([30])، وتوارد العلّتين على معلول واحد([31])، وأصالة الوجود والماهيّة([32])، والحركة القطعيّة والتوسطيّة([33])، وعدم التغيير وعدم التعلّل الذاتي([34])، واستحالة تأخّر أجزاء العلّة عن المعلول([35])، وبساطة المشتق([36])، والفرق بين المبدأ والمشتق([37])، والفرق بين الجنس والمادة وبين الفصل والصورة([38])، والشوق المؤكّد المستتبع لتحريك العضلات([39])، ومبادئ الإرادة([40])، واتحاد حكم الأمثال([41])، والجعل بالذات وبالعرض والتبع، والجعل البسيط والمركّب([42])، والشيء ما لم يجب لم يوجد([43])، والموجود بوجود واحد ليس له إلا ماهيّة واحدة([44])، والحيثيّة التعليليّة والتقييديّة([45])، والماهيّة من حيث هي هي ليس إلاّ هي([46]).

ونأمل أن يحالفنا الحظ وتكون هناك فرصة مناسبة لطرح المسائل الفلسفيّة التي وردت إلى علم الأصول.

5 ـ إنّ الكثير من مسائل علم الأصول الحاليّة والتي تُعتبر من أركانه بما فيها من فروع متعدّدة تستوجب البحث والحوار، لم تكن أبداً موضوع بحثٍ في الماضي أو كانت تبحث بشكل بسيط وسطحي، مثلا: الصحيح والأعمّ، والترتّب، واجتماع الأمر والنهي، والتمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة، ودوران الشيء بين المتباينين، ودوران الشيء بين الأقلّ والأكثر، ودوران الشيء بين المحذورين، والعلم الإجمالي، والخروج من محلّ الابتلاء، واستصحاب الأمور التدريجيّة، واستصحاب أحكام الشرائع السابقة، واستصحاب الكلّي، والأصل المثبت، والتمسّك بالعام مع استصحاب حكم المخصّص، والاستصحاب التعليقي، والمناط ببقاء الموضوع في باب الاستصحاب، والنسبة في الأصول، والنسبة بين الأصل والأمارة، والحكومة والورود.

6 ـ اختلفت في هذه المرحلة طريقة معالجة الأبحاث وتحليلها عن المراحل السابقة بشكل جذري، بحيث لم يبق منها سوى المصطلحات، فقد تغيّر أساس البحث تغييراً كليّاً، مثلاً: كان قد طرح في مباحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى، والصحيح والأعمّ، ومبحث الضدّ،واجتماع الأمر والنهي، ومفهوم الشرط، والتمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة والمفهوميّة، والبراءة، والاستصحاب وغير ذلك في كتب مثل الكفاية والرسائل، لكننا لا نستطيع مقارنة هذين الكتابين بأيٍّ من الكتب السالفة، أمثال المعتمد، والمستصفى، ومختصر ابن الحاجب، وشرحه، والمعالم والزبدة وحتّى القوانين والفصول وغيرها من الكتب التي توضّح هذه الحقيقة جيّداً.

*    *     *

الهوامش



(*)  أستاذ الفقه والحقوق في جامعة طهران، من تلامذة الإمام الخوئي، ومن أوائل من كتب في تاريخ العلوم الفقهية والأصولية.



[1] ــــ مقدمة ابن خلدون: 488؛ والشيخ محمّد الخضري بك، تاريخ التشريع الإسلامي: 278.

[2] ــــ الشيخ عباس القمّي، الكنى والألقاب 1: 194.

[3] ــــ المصدر نفسه: 2: 22، نقلاً عن رجال بحر العلوم.

[4] ــــ كنت قد طبعت الكتاب الأول ـ وهو عبارة عن مجلّدين من ألف صفحة ـ في المطبعة الجامعية في طهران، وكنت قد عرّفت بالكتاب بشكل مفصّل في مقدّمته ونقلت آراء بعض السادة. وطبع الكتاب الثاني مرتين: الأولى في الهند والثانية في إيران. وقد لخّصت معظم مطالبه في مجلّة mمقالات وبررسيهاn.

[5] ــــ الشيخ الطوسي، عدّة الأصول، الفصل الخامس: 17.

[6] ــــ السيد المرتضى، الذريعة 2: 482؛ وعدّة الأصول، الفصل الثامن: 27.

[7] ــــ الذريعة 2: 595؛ وعدّة الأصول، الفصل 79: 227.

[8] ــــ الذريعة 2: 658، 669.

[9] ــــ آغا بزرك الطهراني، رسالة حياة الشيخ الطوسي، وقد طبعت هذه الرسالة في مقدّمة التبيان في النجف؛ والمحقق الحلّي، أوائل المعتبر، نقلاً عن الشيخ الأنصاري في كتاب الرسائل: 90.

[10] ــــ السيد محمّد باقر الصدر، المعالم الجديدة: 62 ـ 67.

[11] ــــ ربّما يناسب هذا الكتاب المرحلة السابقة أكثر من هذه المرحلة.

[12] ــــ المعالم الجديدة: 74 ـ 75.

[13] ــــ مؤخراً طبع الكتاب محققاً ومصححاً في مدينة قم المقدّسة (التحرير).

[14] ــــ ذُكر هذا الكتاب بهذا الاسم في كتب التراجم والفهارس (راجع: فهرس المكتبة الجامعيّة المركزيّة، ج3، القسم الثالث، ج5: 1706، الرقم: 139. وقد عدّد في كشف الظنون2، عامود 1855 في سياق تعريف كتاب منتهى السئول والأمل لابن الحاجب شروحاً لمختصر المنتهى كان من بينها شرح للعلامة الحلّي يحمل اسم غاية الوضوح وإيضاح السبل في شرح منتهى السئول والأمل، وحيث لم أجد اسماً لهذا الكتاب في كتب التراجم والفهارس، لهذا أستبعد أن يكون مصنّفاً آخراً للعلاّمة الحلّي، وعليه أحتملُ احتمالاً قوياً أن يكون قد حصل اشتباه في البين.

[15] ــــ العلاّمة الحلّي، الخلاصة: 46.

[16] ــــ حاجي خليفة، كشف الظنون 2، عامود 1194.

[17] ــــ فهرس المكتبة الجامعيّة المركزيّة 3: 1744.

[18] ــــ المصدر نفسه.

[19] ــــ راجع: فهرس المكتبة الجامعيّة المركزيّة ج3، القسم الثالث، المجلّد الخامس: 1727؛ ولدى الآغا ضياء الدين شرح على التهذيب وآخر على المبادئ (راجع المصدر نفسه).

[20] ــــ مقدّمة المبادئ: 37.

[21] ــــ فهرس المكتبة الجامعيّة المركزيّة ج3، القسم 64: 2283.

[22] ــــ مؤخراً اتخذ كتاب أصول الفقه للشيخ محمد رضا المظفر، والحلقة الأولى والثانية من كتاب دروس في علم الأصول للسيد محمد باقر الصدر مكان كتاب المعالم في الحوزات الشيعية (التحرير).

[23] ــــ راجع في هذا المجال: السيّد محمّد باقر الصدر، المعالم الجديدة: 83.

[24] ــــ المعالم الجديدة: 84.

[25] ــــ المصدر نفسه: 86.

[26] ــــ المصدر نفسه: 88، 79.

[27] ــــ لمزيد من الاطلاع راجع: مهدي مهريزي، كتابشناسي أصول فقه شيعة.

[28] ــــ المعالم الجديدة: 84.

[29] ــــ المولى محمّد كاظم الخراساني، الكفاية، بحث الحكم الوضعي.

[30] ــــ بحث الواجب التخييري وغيره.

[31] ــــ بحث تعدّد الشرط واتحاد الجزاء.

[32] ــــ تعلّق الأمر بالطبيعة أو الفرد وبحث اجتماع الأمر والنهي.

[33] ــــ استصحاب الزمان والأمور التدريجيّة.

[34] ــــ مادّة الأمر: الجهة الرابعة، وبحث القطع: الأمر الثاني.

[35] ــــ الشرط المتأخّر.

[36] ــــ المشتق.

[37] ــــ المشتق.

[38] ــــ المشتق.

[39] ــــ الواجب التعليقي.

[40] ــــ معنى الطلب وبحث القطع.

[41] ــــ أواخر بحث الترتّب وغيره.

[42] ــــ حجيّة القطع، الأمر الأوّل.

[43] ــــ مقدّمة الحرام وغيره (الشيء ما لم يجب لم يوجد).

[44] ــــ بحث اجتماع الأمر والنهي، المقدّمة الرابعة لاستدلال صاحب الكفاية في عدم جواز الاجتماع.

[45] ــــ في موارد متعدّدة من جملتها: بحث اجتماع الأمر والنهي ومقدّمة الواجب.

[46] ــــ تعلّق الأمر بالطبيعة أو الفرد.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً