أحدث المقالات

كيف نقرأ التاريخ والحاضر؟!

السيد حسن آل المجدد الشيرازي(*)

أ. محسن أفضل آبادي(**)

ترجمة: صالح البدراوي

ظاهرة الانفتاح الفكري بين القبول والرفض ـــــــ

مما لا شك فيه أنّ إحدى العلامات الفارقة للمنهج الفكري لأهل البيت^ وأتباعهم، مسألة التنظير والتجديد في مختلف المجالات، وبما يتناسب مع المتطلبات والأُمور الضرورية، حيث يتم تناولها في الوقت الحاضر تحت عنوان «الانفتاح الفكري».

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد، أنّ هذه المسألة هي في حدّ ذاتها عبارة عن مسألة عقلية وعقلائية؛ وليس بمقدور أحد التشكيك بمدى ضرورتها والحاجة إليها.

إلاّ أنّ الأمر الذي يدعو إلى الدقّة وتوخّي الحذر، أنّ هذا الأمر ينطوي على جنبتين: «إيجابية» و «سلبية»:

فالجانب الإيجابي لـه، هو أن ينطلق الفرد لتوخّي الحقيقة والبحث عن الواقعية والدفاع عنها واتّباعها. وهذا الأمر الخطير لـه ـ وبحمد الله تعالى ـ مكانة سامية جداً في مذهب أهل البيت^؛ إذ كانت سيرة رجالات المذهب ومنهجهم مبنيّة ـ منذ القدم ـ على هذا الأساس.

وأمّا الجانب السلبي لهذا الأمر، فهو فيما نشهده اليوم، حيث انبرت مجموعة باسم «الانفتاح الفكري الديني» لتطرح بعض النظريات تحت لافتة «الدين» ليس لها أيّ ارتباط
بـ «الدين الحقيقي»، دون الالتفات إلى الثوابت الأصيلة والمعايير العلمية المؤكّدة.

وتبادر مجموعة من «أدعياء الانفتاح الفكري» إلى القيام بمثل هذه الأعمال جهلاً أو دون قصد، وقسمٌ آخر يرتكبون هذه المخالفات بوعي كامل وبقصد الاصطفاف مع أعداء الدين، وفي كلّ الأحوال فإنّ هذه الممارسات ستنتهي لصالح أعداء الدين والمذهب؛ ولا تعني في الواقع سوى «صبّ الماء في دواليب طاحونة الكفّار والمنافقين».

فهؤلاء إنّما يطعنون دين الله من خلال استغلالهم لحالات الجهل المنمّقة ظاهرياً بطلاء الانفتاح الفكري، مستخدمين أقوال الأفراد «المتشبهين بالمثقفين»، كحربةٍ لهم في هذه المواجهة، حتى وإن كانت هذه الأقوال بعيدةً جداً عن الحقيقة والواقع.

ولذلك؛ فإنّ مسألة الانفتاح الفكري الديني، بالإضافة إلى أنها لم تكن أمراً جديداً لدى مذهب أهل البيت^ وأتباعهم، إلا أنها إذا مورست بمعناها الحقيقي الصحيح، فإنّها ستحظى بتأييد العقل والشرع لها أيضاً، ولكن إذا كان المراد هو استغلال شعار «الانفتاح الفكري الديني» فقط، وعدم امتلاكه لأيّ نوع من أنواع التطابق مع المعايير الإسلامية والضوابط القطعية المؤكّدة ـ حيث يمكن اليوم أن نشاهد مصاديق بارزة وواضحة في هذا المجال ـ فإنّ هذا المنهج في الانفتاح الفكري، سوف لن ينجم عنه سوى إلحاق الضرر وطعن الثوابت الدينية المتأصلة للناس، وإلى التسبب بانحراف طائفةٍ من أُولئك الذين لا يتّسمون بذلك العمق اللازم في ثقافتهم الدينية.

ونأمل من الذين يرومون الدخول في هذا الميدان، الالتفات إلى النقاط التي أشرنا إليها؛ لكي يخطوا خطوات صحيحة على طريق الانفتاح الفكري.

وقد أُجري حوارٌ مع سماحة الأُستاذ «الحاج الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني» في مجلة الحوزة([1])، تحت عنوان «الانفتاح الفكري الحوزوي». وذكر سماحتهُ في هذا اللقاء مواضيع معينة، تعرضنا لبعضٍ منها في هذه المقالة بالنقد والدراسة، بشكل مختصر. على أمل أن يصبّ ذلك في فائدة المتطلعين إلى الحقيقة وأهل العلم والبصيرة. ومن الله التوفيق.

1ـ مزعمة نقل طلاب العلوم الدينية العصبيات العامّية إلى الحوزات !! ـــــــ

يعتبر الأُستاذ أنّ قضية «الذهنية العامّية» تعدّ مانعاً كبيراً أمام «الانفتاح الفكري الحوزوي»، حيث قال:

«عادة ما يكون الأمر كذلك، إذ إنّ بعض الطلاّب يحملون معهم نفس تلك الذهنيات والعصبيات العامّية المتأصّلة لديهم قبل مجيئهم إلى الحوزة (حوزة العلوم الدينية)، حتى إننا نجد بعض الأفراد لم يفلحوا في إبعاد أذهانهم وأفكارهم عنها إلى آخر سنيّ حياتهم»([2]) .

ولم يُوضّح ماذا يقصد من قوله «العصبيات العامّية»؟

ولو كان يقصد بذلك تلك المسائل التي يتمسك بها المتدينون ولها جذور متأصّلة في الدين والمذهب، وتتقاطع معها قضية الانفتاح الفكري المعاصرة، فمن المؤكّد وجود مثل هذه المسائل ويفتخر بها المتدينون، ولكن لو كان يقصد المسائل التي لا أساس لها في «الشريعة الحقّة»، فإنّ التصريح بذلك والإيحاء للمخاطب بأنّه توجد في الدائرة الشيعية مثل هذه المسائل، يعدّ أمراً يستدعي المزيد من التأمّل؛ لأنّ من يمتلك المعرفة الكاملة بالحوزات الدينية لأتباع أهل البيت^، يدرك جيداً أنّه يتم في تلك المراكز تناول المواضيع العلمية المختلفة والدقيقة، في المجالات الدينية والمذهبية، من قبيل: التفسير، والحديث، والكلام، والفقه والأُصول. وغير ذلك بالنقد والدراسة المعمّقة، وشكّلت الحوزات الدينية الشيعية منذ القدم ـ ولله الحمد ـ مهداً للانفتاح الفكري الديني ومظهراً له، ولو حدث ـ وإن كانت خلاف ذلك ـ في حالات نادرة جداً، فلا ينبغي تعميم ذلك على كلّ الحوزات العلمية والإيحاء بأنّ الذهنيات والعصبيات العامّية مثلت مانعاً كبيراً أمام الانفتاح الفكري الحوزوي، وكأنّ الحوزة الدينية الشيعية قد ابتليت بهذه الأزمة الفكرية ـ والعياذ بالله.

2ـ الأصول والفروع بين الثوابت والاجتهادات ـــــــ

 يقول سماحة الأُستاذ في معرض تحفّظه على «الاعتقاد بأحقيته المطلقة».

«إذا كان الإنسان متفائلاً في كلّ زمان ومكان بما لـه من فهم واجتهاد، فإنّ ذلك سيؤدي إلى عدم توصّلـه إلى اكتشاف بعض الحقائق. وبناءً على ذلك، يجب عليه أن لا يعتقد بأن الحق معه في كل الأُمور، ولذلك نجد أنّ المجتهدين يكتبون في بداية الرسائل العملية: «إنّ العمل بهذه الرسالة مجزئ ومبرئ للذمة»؛ أي، عدم الظن بأن ما جاء في الرسالة هو الحقّ والصواب»([3]).

هنا لابدّ من التذكير بهذه النقطة، وهي أنّ المسائل على قسمين:

أ ـ المسائل الضرورية: وتشمل هذه المجموعة أُصول الدين وضروريات المذهب، والتي هي من ضمن الأُصول الثابتة وغير القابلة للتغيير، وهو ما اتفق عليه الماضون بالإجماع؛ ذلك أنّ جميع هذه المسائل إنّما هو «حق مطلق» لا محالة، وكل ما هو مخالف لها إنّما هو «باطلٌ مطلق» ومرفوض ولا مجال لأيّ نوع من أنواع الاجتهاد فيه.

ب ـ المسائل النظرية: وتشمل هذه المجموعة الفروع الاجتهادية والمسائل الدينية الأُخرى التي يدور حولها النقاش والحوار، والاختلاف في وجهات النظر بشأنها ـ حيث إنّ الاجتهاد في هذه المسائل هو أمرٌ ليس بالقليل أبداً ـ وقد خاض العلماء الأجلاّء في هذا المسار من خلال التزامهم بالقواعد العلمية والأُصول المتقنة في هذا الباب، كما أنّه ليس خافياً على أحد أنّ إحدى خصائص مذهب أهل البيت^ المميزة لـه عن سائر الفرق والمذاهب الإسلامية الأُخر، هو الإبقاء على باب الاجتهاد مفتوحاً. وأنّ ما استند إليه بخصوص ما دأب عليه المجتهدون قائلاً: «إنّ المجتهدين يكتبون في بداية الرسائل العملية: «العمل بهذه الرسالة مجزئ»، يشير إلى أنّ سماحة الأُستاذ قد خلط الأوراق بكلامه هذا، كما هو واضح جيداً من تصريحاته السابقة؛ لأنّه يعلم جيداً أنه لا مجال للاجتهاد أو التقليد في باب الأُصول وضروريات الدين، وأنّ القول بأنّ العمل بما جاء في الرسائل العملية مجزئ إنما يختص بالمسائل النظرية والفروع الاجتهادية، ولا يختص بالأُصول وضروريات الدين والمذهب. وهذا الجانب من المسائل هو الذي يجب أن لا «يُعتقد بالأحقية المطلقة» فيه، وبناءً على ذلك؛ يبدو أنّ دليل الأُستاذ: أخصّ من ادّعائه.

3ـ مصادر التاريخ ـــــــ

تطرق الأُستاذ([4]) المحترم إلى الحديث عن بعض الأُمور حول «أخذ التاريخ الإسلامي من المصادر الأُولى»، حيث يمكن حمل كلامه على «البُعد الإيجابي» للقضية، ولكنّ الرأي الآخر تجاه هذه المسألة يقول: بأنّ الكثير من المصادر الأُولى التي أشار إليها، تشتمل على أُمور باطلة وتأريخ كاذب، حيث يجب على الباحث هنا أن يكون على معرفة تامّة بهذا الموضوع، لكي يصبح بإمكانه التمييز بين «الصالح» و «الطالح» بنظرة ثاقبة، وأن لا يعتمد عليها بشكل كامل، ظناً منه بأنّ هذه الكتب هي «المصادر الأساسية للتأريخ الإسلامي». كما يجب على الباحث أن يتعامل بحذر شديد مع ما يطرح اليوم تحت عنوان الأبحاث الحديثة في القضايا التأريخية؛ لكي لا يقع في شراك الباطل وأهله.

4ـ هل حقاً نقيّم بني أميّة بما شيدوه من أبنية في الأندلس؟!! ـــــــ

اعتبر سماحة الأُستاذ أنّ السفر إلى البلدان الإسلامية هو أفضل أُسلوب للانفتاح الفكري الحوزوي، ويقول بهذا الصدد: «عندما نسافر إلى إسبانيا ونشاهد تلك الشواهد الإسلامية هناك، فإنّ أذهاننا تتّجه إلى هذه النقطة، وهي أنّ بني أُميّة هؤلاء، ذهبوا إلى هناك في أواخر القرن الهجري الأوّل وبداية القرن الهجري الثالث، وفتحوها وشيّدوا فيها أرقى أنواع الحضارة الإسلامية»([5]) .

وفي الردّ على هذا القول لابدّ أن نقول: يبدو أنّ الأمر قد اختلط عليه: لأنّ حقيقة الحضارة الإسلامية إنما تتمثل بثقافتها الأصيلة والحقائق الواضحة للدين الإسلامي الحنيف، وليس بالمساجد المشيّدة والمظاهر الإسلامية الأُخر ـ بغض النظر عن أنه كيف يمكن أن يكون التأكيد على السفر إلى الدول الإسلامية كأفضل أسلوب للوصول إلى حالة «الانفتاح الفكري الحوزوي».

نعم، إنّ الأمر الذي لا يمكن إنكاره، هو أنّ بني أُمية قد قاموا بنشر الإسلام الممسوخ الذي أصبح فيه «ما حرّمه الله» حلالاً و «ما أحلّه الله» حراماً، ولا يعمل فيه بالأحكام الإلهية والواجبات الدينية([6]) .

الإسلام الذي لم يكن فيه شيء سوى «الترويج للناصبية» ودفع الناس عن منهج أهل البيت^.

الإسلام الذي كان يدعو إلى ترويج فكرة «الطاعة المطلقة» لخلفاء الجور.

وأيّ إسلامٍ هذا الذي تُسفك فيه الدماء الطاهرة لسبط رسول الله’، وتُساق فيه حرائر الوحي والنبوة أُسارى بتلك الصورة المفجعة المؤلمة؟!! وأيّ إسلام هذا الذي … .

ومما لا شك فيه، أنّ أي باحث لـه بعض الدراسات عن سلوك الأُمويين، سيجد أنهم أبعد الحكام المسلمين ـ إن صحّ التعبير ـ عن التعاليم الدينية والثقافة الإسلامية الأصيلة؛ إذن كيف يمكن لهذه «الشجرة الملعونة» أن تشيّد أكبر صرحٍ للحضارة الإسلامية في الأندلس والبلاد الأُخر؟! إلاّ إذا كان يقصد بـ «الحضارة الإسلامية» تلك البنايات المشيّدة.

أليست أكثر الأزمات التي يعاني منها المسلمون اليوم، هي نتاج من ادّعى الزهد والعبودية في ظاهره، وأسس أساس الظلم في ذلك العهد اللامبارك وروّج له؟

وبناء على ذلك، فإنّ «الإسلام» ليس عبارة عن مجموعة من المساجد والمظاهر الأُخر، ولو كان الأمر كذلك، فإنّ «الوهابية» تقدّم لنا اليوم أرقى حضارة إسلامية في العالم!!! وبالإضافة إلى ذلك يجب أن نقول: إنّ بني أُمية كانوا بصدد إحلال «الإسلام الممسوخ» بدل «الإسلام المحمدي الأصيل»، ولم يتوانوا عن أي مسعىً في هذا السبيل، ولذلك فإنّ قيامهم ببناء المساجد الكبيرة وأمثال ذلك، أنما هو في إطار تفعيل مخططهم في التآمر. كما هو الحال في الوقت الحاضر أيضاً. حيث كان مجرم القرن،. صدام الكافر، منهمكاً بتشييد وإعمار ألف مسجد، وكما يقوم رؤساء بعض الدول المجاورة بالمبادرة إلى بناء وترميم الكثير من المساجد في مختلف مناطق العالم.

افتح بصيرة قلبك لترى الروح وتشاهد كلّ ما هو غير مرئيّ

ومن المؤكّد أنّ الأُستاذ الكريم على اطّلاع بشأن ما ورد حول بني أُميّة. وعليه، لم يكن من اللائق به أن يُخدع بظاهرهم ومظاهرهم.

نصوص الدين تحكي بنفسها عن بني أميّة ـــــــ

ومن المناسب هنا أن ننقل بعض الآيات والروايات التي وردت بشأن «بني أُميّة»، من باب التذكير، على أمل أن تؤدّي دورها في المزيد من التبصير بحقيقة هذه الفئة الضالّة.

الآية الأولى: >وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا<([7]) (الإسراء: 60).

وهذه بعض الروايات التي وردت بخصوص هذه الآية:

1 ـ أخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي عليه السلام أنّ رسول الله’ أصبح وهو مهموم، فقيل مالكَ يا رسول الله؟ فقال: «إني أُريت في المنام كأن بني أُمية يتعاورون منبري هذا، فقيل، يا رسول الله لا تهتم فإنّها دنيا تنالهم، فأنزل الله: >وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ<([8]).

2 ـ أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد ابن المسيب قال: رأى رسول الله’ بني أُمية على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله إليه إنّما هي دنيا أُعطوها فقرّت عينه، وهي قوله: >وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ<؛ يعني بلاءً للناس([9]).

3 ـ أخرج ابن جرير عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: رأى رسول الله’ بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك. فما استجمع ضاحكاً حتى مات، وأنزل الله:  >وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ< ([10]).

4 ـ أخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله’: «أُريت بني أُمية على منابر الأرض، وسيتملّكونكم فتجدونهم أرباب سوء» واهتمّ رسول الله’ لذلك، فأنزل الله: >وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ< ([11]).

وقال الآلوسي أيضاً في تفسير هذه الآية ما يلي: >ومعنى جعل ذلك فتنة للناس جعله بلاء لهم ومختبراً، وبذلك فسّره ابن المسيّب، وكان هذا بالنسبة إلى خلفائهم الذين فعلوا ما فعلوا، وعدلوا عن سنن الحق ما عدلوا، وما بعده بالنسبة إلى ما عدا خلفاءهم ممن كان عندهم عاملاً وللخبائث فاعلاً، أو ممن كان من أعوانهم كيفما كان. ويحتمل أن يكون المراد: ما جعلنا خلافتهم وما جعلناهم أنفسهم إلاّ فتنة، وفيه من المبالغة في ذمهم ما فيه، وجعل ضمير «نخوّفهم» على هذا لما كان لـه أولاً أو الشجرة باعتبار أنّ المراد بها بنو أُميّة ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة والفروج المحصّنة وأخذ الأموال من غير حلّها، ومنع الحقوق عن أهلها، وتبديل الأحكام والحكم بغير ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه وعلى آله الصلاة والسلام، إلى غير ذلك من القبائح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد تنسى مدى الليالي والأيام، وجاء لعنهم في القرآن إما على الخصوص ـ كما زعمته الشيعة ـ أو على العموم ـ كما نقول ـ فقد قال سبحانه وتعالى: >إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ<، وقال عزّ وجلّ: >فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ< إلى آيات أُخر، ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولاً أولياً<([12]).

الآية الثانية: >أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ< (إبراهيم:  28 ـ 30).

ومن الروايات التي وردت عقب هذه  الآية الشريفة ما يلي:

1 ـ عن عمر بن الخطّاب في قوله: >أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ<. قال: «هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أُمية، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأمّا بنو أُميّة فمتّعوا إلى حين»([13]).

2 ـ عن علي عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: >وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ<: قال: «هم الأفجران من قريش، بنو أُمية وبنو المغيرة، فأمّا بَنو المغيرة فقد قطع الله دابرهم يوم بدر، وأمّا بنو أُميّة فمتّعوا إلى حين»([14]) .

الآية الثالثة: } لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{ ([15]).

بعض الروايات التي وردت عقب هذه الآية بخصوص تفسيرها كما يلي:

1 ـ أخرج الخطيب في تأريخه عن ابن عباس، قال: رأى رسول الله’ بني أُميّة على منبره فساءه ذلك، فأوحى الله إليه: إنّما هو ملك يصيبونه فنزلت: >إِنَّا أَنزَلْنَاهُ… <([16]).

2 ـ أخرج الترمذي عن يوسف بن سعد، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي عليه السلام بعدما بايع معاوية، فقال: سوّدت وجوه المؤمنين، أو: يا مسوّد وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني رحمك الله، فإنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُري بني أُميّة على منبره فساءه ذلك فنزلت: >إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ<([17]) يا محمد؛ يعني، «نهراً في الجنة» ونزلت هذه الآية: >إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ< ويملكها بعدك بنو أمية.  قال الحاكم: هذا الإسناد صحيح([18]).

وهناك بعض الروايات الواردة في ذم بني أمية:

1 ـ عن أبي سالم، حمران بن جابر، قال: سمعت رسول الله’ يقول: «ويل لبني أمية» ثلاث مرّات([19]).

2 ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من أُمتي قتلاً وتشريداً، وإنّ أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو أُميّة وبنو المغيرة وبنو مخزوم». يقول الحاكم النيسابوري: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرِجاه([20]).

3 ـ عن أبي برزة الأسلمي، قال: «كان أبغض الأحياء إلى رسول الله’ بنو أُميّة وبنو حنيفة وثقيف». يقول الحاكم النيسابوري: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرِجاه([21]).

4 ـ عن عبدالله بن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً منهم مسيلمة والعنسي والمختار، وشرّ القبائل العرب بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف»([22]).

5 ـ عن بجالة بن عبدة التميمي، قال: قلت لعمران بن حصين: حدثني عن أبغض الناس إلى رسول الله’ قال: «تكتم عليَّ حتى أموت»؟ قلت: نعم، قال: «بنو أمية وثقيف وبنو حنيفة»([23]).

وقد استطرد الأُستاذ الكريم حديثه قائلاً: «وهذه الآثار، تلفت أنظارنا إلى القضية التالية، وهي كيف أنهم نجحوا في إخراج الإسلام من محيط محدود، وأن يصبحوا مصدر إلهام للأوروبيين من خلال الفتوحات الباهرة في أوروبا وانتشار العلوم والحضارة الإسلامية».

حقاً، إنّ هذا الأمر ليدعو إلى التساؤل: هل إنّ بني أمية نقلوا الثقافة والحضارة الإسلامية الأصيلة إلى الأوروبيين أم الإسلام الأُموي الممسوخ؟ ألم تكن ثورة الإمام الحسين× على هذا الإسلام المزعوم؟!! ألم يقل×: «ألا ترون أنّ الحق لا يعمل به والباطل لا يُتناهى عنه».

ولو أنهم أصبحوا مصدر إلهام للغرب ونقلوا لهم ـ حسب تصريح الأُستاذ ـ العلوم والحضارة الإسلامية، لكان من الأجدر بهم أن ينشروا ذلك في البلاد الإسلامية أوّلاً، لا أن يجعلوا المسلمين في حالةٍ من الجهل والضلالة، ويدعونهم إلى الطاعة العمياء واقتفاء أثرهم، ويقومون بنشر العقائد الفاسدة، من قبيل: الإرجاء والجبر ….

أيُّها الأُستاذ الكريم! إنّ بني أميّة المتحضّرين هؤلاء حسبما يزعمون! ارتكبوا بحق أهل البيت عليهم السلام في كربلاء تلك المصائب المؤلمة الدامية التي لم ترتكب من أي أمةٍ ضد شرار خلقها([24]). .ولو أردنا أن نتحدث عن الأفعال والأقوال القذرة لهذه الشجرة الملعونة، فإننا سنحتاج إلى عشرات المجلّدات.

ومما لا شكَّ فيه أنّ الأُستاذ مطّلع تماماً على هذه المواضيع. ومن ناحية أُخرى، لا يمكن أن تصبح مسألة الفتوحات في أوروبا ميزةً لهم بأي شكل من الأشكال. ونكتفي في هذا الصدد بنقل حديث واحد عن السيد ابن طاووس&، إذ يقول بهذا الخصوص:

إن فتح البلاد والتسلّط على العباد قد جرى أكثرهُ على يد أهل الفساد، وعلى يد من لم يقصد به رضى سلطان العباد … وقد فتح جهّال ملوك بني أُميّة وسفهاؤهم الذين كانوا عاراً على الإسلام والمسلمين من بلاد الكفر ما لم يبلغ إليه الذين تقدّموا على أمير المؤمنين عليه السلام ، ولم يدلّ ذلك على صلاح بني أُمية المفتضحين الجاهلين([25]).

ولو أخذنا بنظر الاعتبار عبارة «ولعن الله بني أُمية قاطبةً» الواردة في زيارة عاشوراء فلن يبقَ أدنى مجال للشك لكي يقال بعدئذٍ: «إنّ فتح الأندلس وانتقال الحضارة الإسلامية … وغير ذلك إنّما تحقق على أيدي الصلحاء من بني أُمية، وأنّ بني أُمية ليسوا خبثاء ومنحرفين عقائدياً قاطبةً» كما قد يتصور ذلك أحياناً بعض الأفراد غير المطلعين على حقائق الأُمور([26]).

6ـ هل هكذا تقيَّم الدولة العثمانية؟! ـــــــ

يقول الأُستاذ في حديثه: «من الأماكن الأُخر التي تكشف عن عظمة الإسلام هي تركيا، حيث قام الخلفاء العثمانيون ببناء مساجد عظيمة هناك، وعملوا على نشر الإسلام وإيصاله إلى قلب أوروبا»([27]).

وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكام العثمانيين كانوا يعملون على إشاعة منهجهم وأهدافهم، مثل خلفاء بني أُمية تماماً، ولم يكن توسعهم بهدف نشر الإسلام الأصيل والحقيقي، بل بهدف تثبيت دعائم إمبراطوريتهم الفاسدة. وقد ارتكب حكامهم الظلمة الفاسدون مجازر جماعية بحق أتباع مذهب أهل البيت^، إذ لا يسع المجال هنا لبيان تفصيل ذلك، والمؤكّد أنّ ذلك ليس خافياً على الأُستاذ المحترم.

ويواصل الأُستاذ حديثه قائلاً: «إنّ مشاهدة تلك الآثار وإقامة هذا التواصل، تحمل الإنسان على إعادة النظر بأفكاره وبعدم الاعتقاد بأنّ الإيمان بالإسلام أمر يختص بنا فقط»([28]).

وفي هذا الكلام يتم الإيحاء بالقول بأنّ الحوزات الدينية الشيعية وأتباع المذهب الشيعي، يعتبرون الإيمان بالإسلام أمراً يقتصر عليهم فقط، ويجب عليهم إعادة النظر بطروحاتهم وتطوير أفكارهم، والاعتراف بإسلامية الآخرين أيضاً؛ لغرض الانعتاق من هذه النظرة الضيقة والأُفق المحدود والدخول إلى عالم الانفتاح الفكري.

ويعلم الأُستاذ الكريم جيداً أنه لا وجود لمثل هذه الرؤية في المذهب الشيعي، وأنّ الكتب الفقهية وفتاوى فقهاء الطائفة، تقول بطهارة المخالفين للمذهب، باستثناء النواصب، والغلاة والمجسّمة، وتحكم عليهم بأنهم مسلمون.

وأرجو أن لا تخفى عليكم هذه المسألة، كما أشرنا إلى ذلك، من أنّ المراد
بـ «الإسلام» ليس تشييد المباني العظيمة والمساجد الكبيرة.

ويقول الأُستاذ الكريم خلال اللقاء: «لقد ساهم جميع المسلمين في الفتوحات الإسلامية، حتى إنّ مقدار مساهمة الآخرين كانت أكثر من مساهمتنا بكثير»([29]).

وفي الردّ على هذا الكلام لابدّ من القول بأنّ النصيب الأكبر للمخالفين للمذهب لا يعدّ مكسباً لهم؛ لأنّ السلطة والحكم كانت بأيدي المخالفين، وأكثرية الناس المؤيّدين لسلاطين الجور كانوا يقاتلون تحت لوائهم. ولكن القتال بأمر السلطان الجائر غير جائز في مذهب أهل البيت^، كما سيتم توضيح ذلك لاحقاً، إن شاء الله. أضف إلى ذلك أنّ فتوحات الحكّام وسلاطين الجور ـ وكما تمّ توضيح ذلك آنفاً ـ إنما كانت بهدف توسيع رقعة حكمهم.

لماذا تحميل الشيعة مسؤولية هزيمة الأندلس؟!! ـــــــ

وحول عوامل انكسار المسلمين وهزيمتهم في الأندلس، فإنّ الأُستاذ الكريم يشير إلى ذلك بقولـه: «أحد العوامل التي تسببت في أن يفقد المسلمون ذلك الموقع  ـ فضلاً عن الاختلافات بين الحكّام ـ هو دخول الشيعة إلى الأندلس قادمين من المغرب، واستفحال المسألة الشيعية والسنية»([30]).

ولعله يمكن القول: بأنّ نظرية الأُستاذ تخالف جميع النصوص والمصادر التأريخية؛ لأنّه حتى أعداء أهل البيت^ والشيعة؛ مثل ابن خلدون الناصبي([31]) ـ وهو محلل تأريخي يحظى بقبول خاصّ لدى الكثير ممن يطلق عليهم بالمثقفين والمتنوّرين إن صح التعبير ـ حتى هذا الشخص لم يذكر سبباً كهذا لانكسار المسلمين في الأندلس، على الرغم من أنّ هذه القضية، حتى وإن كان لها حظٌ قليل من الحقيقة، إلاّ أنّها لا تستوجب إطلاقاً تضخيمها بهذا الشكل والتهجم على الشيعة بقساوة.

ولم يشر جميع المؤرخين أيضاً بمن فيهم مؤرخو السنّة المعاصرون إلى هذا العامل الذي تطرّق إلى ذكره الأُستاذ، بل إنّ جميع الباحثين والمحققين الذين كتبوا مطولاً حول «الأندلس» أشاروا فقط إلى اثنين من العوامل وهما:

أ ـ الاختلافات بين الحكام الأُمويين.

ب ـ فسادهم وعدم أهليتهم([32]).

لماذا بارك الإمام علي× والإمام السجّاد عليه السلام الفتوحات؟ ـــــــ

تحدث سماحة الأُستاذ حول الفتوحات بعد وفاة الرسول الأكرم’ فقال: «ألم يبارك الإمام علي عليه السلام هذه الفتوحات»([33]).

1 ـ يجب أن يكون معلوماً أنّ تأييد «الفتوحات» لا يعني «تأييد السلطة». بل إنّ الإمام علياً× كان يقول ما يرى فيه مصلحة  الإسلام في جميع الاستشارات لغرض إعلاء كلمة الإسلام ونشر نوره على سائر الأمصار ـ بصفته خليفة الرسول بلا منازع ـ ولو كان الإمام× هو الحاكم وبنفس الظروف الموجودة على الأرض، لقام بتلك الأعمال دون شك، أضف إلى ذلك أنّ الإمام عليه السلام لو لم يضع آراءه بين يدي من بيدهم زمام الأُمور، فإنّ عواقب وخيمة كانت ستحلّ بالإسلام والمسلمين.

والدليل على هذا الأمر، قوله×:

«فلما رأيت راجعةً من الناس قد رجعت من الإسلام تدعو إلى محو دين محمد وملّة إبراهيم، خشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله، أرى فيه ثلماً وهدماً، تكون المصيبة عليَّ فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي إنّما هي متاع أيام قلائل، ثم تزول وتنقشع كما يزول وينقشع السحاب، فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا، وإن رغم الكافرون»([34]).

ما نقل عن كتاب «الفتوح» لابن أعثم الكوفي، نستنتج منه النقطة المهمة التالية، وهي: أنّ هذا التأييد جاء بلحاظ الوعد الصادق للنبي الخاتم’ وبالاستناد إلى قول الرسول الأعظم’، كما جاء ذلك نقلاً عن «ابن الأعثم» أنّ الإمام أمير المؤمنين عليّاً × قال لأبي بكر مخاطباً إياه: «إن أرسلت الجيش فكن واثقاً من الفتح والظفر، وإن ذهبت بنفسك فثق بنصر الله، ففي كلا الحالين ستنجلي الأُمور ويقترن الفتح والظفر». فقال أبو بكر: «بشّرك الله يا أبا الحسن، ولكن قل: من أين لك هذا القول؟». فقال الإمام×: «لطالما سمعت من رسول الله’ أنه قال: سيبقى الإسلام منصوراً على جميع الأديان حتى يوم القيامة وقيام الساعة»([35]).

وبناءً على ذلك، فإنّ تأييد الإمام علي عليه السلام ينطلق من «أصل الفتوحات»، وانطلاقاً من أن تلك الفتوحات كانت موافقة ومطابقة مع رأيه، لكنه لا يعبّر عن تأييد الحكّام أو يدلّ على كفائتهم وأهليتهم إطلاقاً. أضف إلى ذلك أنّ تلك الفتوحات لو تمت على يد الإمام علي× لكانت فتوحات حقيقية، ولتمّت بالأُسلوب الصحيح بكل تأكيد، ولاطّلع الناس أيضاً على خفايا وأسرار الفتوحات، دون أن يكون الغرض من «الفتوحات» فتح البلدان وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية.

يقول سماحة الأُستاذ في مواصلة الحديث عن المواضيع السابقة ما يلي: «لقد كان الإمام السجاد× يدعو للمجاهدين، كما ورد ذلك في الصحيفة السجادية، فمن هم المجاهدون؟ هم أُولئك المجاهدون الذين كانوا يذهبون للجهاد بأمر الخلفاء للفتوحات الإسلامية»([36]).

لابدّ من التأكيد هنا، على نقطتين مهمتين:

أ ـ إنّ دعاء الإمام السجّاد عليه السلام في الصحيفة السجادية هو «لأهل الثغور»، أي حرّاس الحدود.

وحراسة الحدود أمرٌ «مستحب» على الإطلاق، حسبما ورد في الكتب الفقهية الشيعية، حتى لو كان الإمام المعصوم× غائباً، وحتى لو كان موجوداً في ظل الحكومة الجائرة([37]).

نعم، ورد الدعاء في «الصحيفة السجادية» للمجاهدين الذين يمتلكون مواصفات خاصّة ـ كما جاء ذلك في دعاء الإمام السجاد× حيث يقول: «اللهم وإيّما غازٍ غزاهم من أهل ملّتك، أو مجاهد جاهدهم من أتباع سنّتك؛ ليكون دينك الأعلى وحزبك الأقوى وحظّك الأوفر …» ([38]).

وليس مطلق الذين كانوا يذهبون إلى القتال بأمر خلفاء الجور آنذاك، وغالباً ما كانت لديهم أهدافٌ، ويحاربون في سبيل الترويج وتوسيع رقعة تلك الحكومات غير المشروعة.

وعندما سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن أمثال هؤلاء الأفراد، قال:

«يتعجّلون قتلةً في الدنيا وقتلةً في الآخرة، والله ما الشهيد إلاّ شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم»([39]).

ب ـ من المسلَّم به في فقه «الشيعة الإمامية»، أنّ «الجهاد» لن يكون مشروعاً إلاّ بأمر الإمام المعصوم× أو من ينصّبه هو لهذا الأمر([40]). وأمّا «الجهاد» بأمر الخلفاء الجائرين فليس جائزاً على الإطلاق؛ لأنّ إطاعة هذه الأوامر والامتثال لها يؤدي إلى تقوية دعائم حكمهم، وهذا الأمر قد ورد النهي بحقّه([41]).

وبناءً على ذلك، لو أنّ بعضاً من الشيعة قاتلوا تحت لواء سلاطين الجور، إنما كان ذلك بنيّة الدفاع عن صميم الإسلام، وليس بقصد تقوية تلك الحكومات، كما تمت الإشارة إلى ذلك في الروايات أيضاً.

ويتّضح مما سبق ذكره الإشكال الموجود في حديث «الأُستاذ واعظ زاده» حيث إنه قال: «الذين لا يعترفون بهذه الفتوحات ويقولون بأنها ليست من الإسلام بشيء، فما هو الإسلام إذن برأيهم؟!»([42]).

9ـ كيف يكون الانفتاح الفكري يا سماحة الأستاذ؟! ـــــــ

وبعد ذلك يقول سماحة الأُستاذ:

«وعلى أية حال يجب علينا أن نعمل على توسيع نطاق تفكيرنا خارج دائرة التشيّع، وأن ننظر إلى الإسلام بشكل أوسع، وإذا لم نؤمن بذلك فليس بوسعنا أن نصبح من ذوي الانفتاح الفكري الإسلامي والحوزوي»([43]).

لو كان يعني بذلك أن نؤمن بإسلام الأُمويين والناصبين وأضرابهم «فعلى الإسلام السلام». ولو كان يعني الإسلام الحقيقي الأصيل، فإنّ جميع المنصفين يعلمون بأنّ هذا النوع من الإسلام لا يمكن العثور عليه إلاّ في مذهب أهل البيت^.

وبناءً على ذلك، فإنّ التوسع الذي يتحدث عنه الأُستاذ، لا مكان له؛ لأنّ الدعوة إلى هذا النمط من التفكير تمثل في الحقيقة نوعاً من التخندق بإزاء الأوامر والتوجيهات التي وصلت إلينا من قبل أهل بيت العصمة والطهارة^([44]).

ويواصل سماحة الأُستاذ حديثه قائلاً: «لقد كان زرارة وجماعة آخرون ممن كانوا يتتلمذون على يد الإمام الصادق× تلاميذ لدى أبي حنيفة في بادئ الأمر»([45]). ويدعو في الهامش إلى مراجعة سيرة زرارة في «رجال الكشّي».

ومن الجدير بالذكر أنّ ما ذكره بشأن زرارة لم يُعثر عليه لا في رجال الكشّي ولا في كتب الرجال الأُخرى. أضف إلى ذلك أنّ وفاة أبي حنيفة وزرارة كلاهما في عام
(150هـ)، وهذا يجعل مسألة تلمذة زرارة على يد أبي حنيفة أمراً مستبعداً.

ويتطرق الأُستاذ في جانب من اللقاء للحديث حول «العقلانية الفقهية» فيقول:

«العقل والعقلانية بالمعنى الصحيح لهما، هو ما كانت عليه المعتزلة»([46]).

وفي الردّ على هذا الكلام لابدّ أن نقول وبشكل مختصر: ألم يكن العقل والعقلانية موجودين في المدرسة الفكرية والفقهية لأهل البيت^ بمعناهما الصحيح؟!

وبناءً على أية قاعدة عدلتم عن هذا الأمر وتدّعون هذا الادّعاء؟ على الرغم من أنكم تعلمون جيداً أنّ عقلانية المعتزلة ومدرستهم الفكرية لا تخلو من إشكالات حقيقية، وأنه لمن المستبعد عدم ملاحظة الأُستاذ المحترم للروايات الكثيرة الواردة عن طريق أهل البيت^ حول «العقلانية الفقهية»!

فهل من المنصف حقاً لمن أمضى فترة طويلة من عمره في الحوزات العلمية الشيعية، أن يتحدث بهذه اللهجة، وهو في مقام تبيين السبل والحلول المناسبة للتعاطي مع مسألة الانفتاح الفكري الحوزوي؟!

10ـ هل ابتعد الشيعة عن «السنّة»؟ ــــــ

وخلال حديث الأُستاذ وهو يُشير إلى بعض إخفاقات الانفتاح الفكري الحوزوي والموانع والعراقيل الموجودة، يعبّر سماحته عن ذلك بقوله:

«من أكبر الموانع الفكرية لهذا النوع من الانفتاح، هو أن ينحو الشخص إلى الجمود على العترة، ويقول: «القرآن والعترة»، وينفي السنّة، التي نقلها أهل السنّة في كتبهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»([47]).

يعلم الأُستاذ جيداً أنه لا يمكن القبول بكل ما ورد باسم «السنّة» والتسليم به دون تفحّص ـ حتى لو ورد ذلك في كتب الشيعة أيضاً ـ بل لابدّ من امتلاكه لشروط الحجية الواردة بشكل مفصّل في الكتب الأُصولية.

وبغض النظر عن هذا الأمر، فهناك رؤية منفتحة تجاه روايات أهل السنّة في الحوزات الدينية الشيعية، ويتمثّل ذلك بالقبول بالروايات الواردة عن طرقهم بشرط أن يكون الراوي «ثقة»، كما أنهم كتبوا بحوثاً مفصّلة في علم دراية الحديث تحت عنوان الأحاديث «الموثَّقة» و «القوية».

ولذلك فإني أرى أنّ فقهاء الشيعة وعلماء المذهب قد تمسّكوا في بعض الحالات بالروايات المنقولة عن طريق أهل السنّة وسائر المخالفين، وذلك لأنّ الرواة كانوا ثقات، وباستطاعة الأُستاذ المحترم أن يستخرج ذلك من «الكتب الأربعة» وغيرها.

وكان تعامل الطائفة الإمامية الناجية فيما مضى ولحدّ الآن، وكما أشار إلى ذلك «المرحوم شيخ الطائفة الطوسي&» على هذا المنهج:

«عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلّوب ونوح بن درّاج والسكوني وغيرهم من العامّة عن أئمتنا^ في ما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه»([48]).

وبناءً على ذلك، فإنّ مجرد كون الراوي سنيّاً لن يكون مدعاةً لردّ حديثه، كما سعى الأُستاذ إلى الإيحاء إلى هذا الموضوع، بل لو كان الراوي من السنّة الثقات، فإنّ حديثه معتبر، وإن لم يكن ثقة فإنّ حديثه غير مقبول بنفس المستوى الذي لم يقبل فيه حديث الراوي الشيعي «غير الثقة».

أضف إلى ذلك أنّ عدداً من الأحاديث المشهورة المستند إليها في فقه الشيعة مذكورة بشكل مسند فقط في كتب الحديث لأهل السنّة، من قبيل: حديث «الجبّ»، وحديث «إصابة وخطأ المجتهد» وحديث «على اليد ما أخذت» … وغيرها.

وخلاصة القول، إنّ قبول أو ردّ أي حديث وسُنّة أنما يستند إلى ضوابط وقواعد علمية مقرّرة، وليس على التعصّب، كما يُستفاد ذلك بشكل واضح من تصريحات الأُستاذ.

وإنّ ما يدعو للمزيد من التعجّب والأسف أن يصرح حضرة الأُستاذ بهذه الآراء، إلى الرغم من أنه قد أمضى عُمراً في الحوزات الدينية المقدّسة في النجف وقم ومشهد ـ «والعصمة لأهلها» كما يقال ـ وأكثر عجباً وأعمق أسفاً قوله الذي يدّعي فيه أنّ:

«الجمود على العترة يعدّ أكبر مانع فكريّ للانفتاح الفكري الحوزوي»! «سبحان الله».

يا ناعي الإسلام قم فانعه قد مات عُرفٌ وبدا منكر

ومما تجدر الإشارة إليه، لو أنّ الأُستاذ قد أخذ بنظر الاعتبار ما تطرقنا إليه آنفاً، لما تفوّه بمثل هذا الكلام؛ ذلك أنّ إحدى أبرز المدلولات «حديث الثقلين» هو إثبات المرجعية العلمية للعترة الطاهرة عليهم السلام؛ لأنّهم الثقل الأصغر، والقرآن هو الثقل الأكبر. وهما صنوان وقرينان لبعضهما البعض.

وبناءً على ذلك، فإنّ «السنّة الصحيحة والأصيلة» هي التي تُنقل عن طريقهم، أو تحظى بموافقتهم، وليس كل ما يرويه الآخرون باسم السنّة النبوية، بدون التوقيع عليها من قبل العترة الطاهرة عليهم السلام.

وعليه، فإنّ السنّة النقيّة وغير الممزوجة بالبدع والآراء الشخصية، إنما تنحصر فقط في السنّة التي تصل إلينا عن العترة الطاهرة عليهم السلام بطريق معتبر، أو حظيت بموافقتهم وتأييدهم لها، وهذا الموضوع واضحٌ تماماً، وهو ما يتبادر إلى الأذهان غير المشوبة بالشبهات من حديث الثقلين.

قال أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: «شرِّقا وغرِّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا أهل البيت»([49]).

وعن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل»([50]).

وبناءً على ذلك، فإنّ التفريق بين العترة والسنّة كما يسعى إلى ذلك البعض، هو أمرٌ باطل دون شك، ويعدّ مخالفةً للأحاديث الثاقبة.

ومما سبق يتضح للقارئ الكريم الإشكال الموجود في حديث الأُستاذ الذي قال فيه: «إنّ عدم الاكتراث بالسنّة الموجودة الآن بين أهل السنّة وفي كتبهم على اعتبار أننا نمتلك العترة، ولنا بالعترة الكفاية عن السنّة، أنّما يمثل الجمود الفكري … وأوّل مانع فكري في مجال الفقه»([51]).

 

مناقشة حديث «كتاب الله وسنــتي» ـــــــ

وقيل للأُستاذ خلال اللقاء: «لعلَّ تأكيد فقهاء الشيعة على العترة ينطلق من ذكر لفظة «عترتي» في حديث النبي’». قال سماحته في معرض إجابته على ذلك: من المؤكّد أن لفظة «سنتي» ولفظة «عترتي» قد وردتا في الرواية. ويذكر الموضوع التالي كدليل على هذا الادّعاء، وذلك أنّ المرحوم الكليني يذكر في كتاب الكافي، في باب «العلم والعالم» باباً بعنوان «الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب» ويذكر فيه مجموعة من الأحاديث على أنّ «سنّة النبي’» كالقرآن، تعدّ معياراً لردّ وقبول الأشياء التي تُنسب إلى «الدين»([52]).

وكان رأي الشخص الذي أجرى اللقاء أنّ لفظة «عترتي» قد جاءت في حديث الثقلين المتواتر، وهذا هو السبب في تأكيد فقهاء الشيعة على العترة، ولكن الأُستاذ الكريم قال في جوابه: من المؤكّد أنّ لفظة «سنّتي» كانت موجودة أيضاً. حيث إنّ جواب الأُستاذ هذا جدير بالمناقشة:

لأنّه من المؤكّد أنّ لفظة «سنتي» لم تكن موجودة، بل إنّ لفظة «عترتي» و «أهل بيتي» هي التي كانت موجودة، كما ورد ذلك في الروايات المختلفة لـ «حديث الثقلين»، لدى كلتا الفرقتين.

نعم، نلاحظ لفظة «سنّتي» في بعض الروايات الواردة عن طريق أهل السنّة، حيث سنقوم هنا بنقد ودراسة تلك الروايات بشكل مختصر.

روي هذا الحديث بـ «خمسة طرق»، حيث سنقوم بمناقشة كل منها على حدة:

أولاً ـ مالك في الموطأ، كتاب القدر «باب النهي عن القدر» الحديث الثالث: حدثني عن مالك، أنّه بلغه أنّ رسول الله’ قال: «تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما، كتاب الله وسنّة نبيّه».

والإشكال في هذا الحديث أن «مالك» ينقله على شكل بلاغ فيقول: «بلغني». وهذا النوع من الروايات بما أنها منقولة بشكل «مرسل» ورواتها مجهولون، فهي ليست بحجة.

ثانياً ـ ابن عبدالبر، التمهيد 14: 384:

قال: حدثنا عبدالرحمن بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد ابن إبراهيم الديبلي، قال حدثنا علي بن زيد الفرائضي، قال حدثنا الحنيني عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف، عن جده قال: قال رسول الله’: «تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما، كتاب الله وسنّة نبيّه».

وهناك ثلاثة أشخاص على الأقل في سند هذا الحديث متهمون بالضعف عند الرجاليين من أهل السنّة، حيث سنقوم بمناقشة أحوالهم.

أ ـ أبو الحسن علي بن زيد بن عبدالله الفرائضي.

قال ابن يونس: «تكلّموا فيه»([53]).

ب ـ إسحاق بن إبراهيم الحنيني.

قال أبو حاتم: رأيت أحمد بن صالح لا يرضاه، وقال البخاري: في حديثه نظر وقال النسائي: ليس بثقة.

وقال أبو الفتح الأزدي: أخطأ في الحديث. وقال ابن عدي: ضعيف([54]).

ج ـ كثير بن عبدالله بن عمرو اليشكري.

قال أحمد: «منكر الحديث ليس بشيء» وقال عبدالله بن أحمد: «ضرب أبي على حديث كثير بن عبدالله في المسند ولم يحدّثنا عنه».

وقال أبو خيثمة: قال لي أحمد: «لا تحدّث عنه شيئاً». قال ابن معين: «ضعيف الحديث». وقال مرّة: «ليس بشيء». وقال أبو داود: «كان أحد الكذّابين». وقال الشافعي: «ذلك أحد الكذّابين أو أحد أركان الكذب». وقال أبو زرعة: «واهي الحديث ليس بقوي». وقال النسائي والدارقطني: «متروك الحديث». وقال النسائي أيضاً: «ليس بثقة». وقال ابن حبان: «روى عن أبيه عن جدّه نسخة موضوعة لا يحلّ ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه». وقال أبو نعيم: «ضعّفه علي بن المديني». وقال الحاكم: «حدّث عن أبيه عن جدّه نسخة فيها مناكير، وضعّفه الساجي ويعقوب بن سفوان وابن البرقي». وقال ابن عبدالبر: «مجمع على ضعفه». وقال الذهبي في الكاشف: «واهٍ»([55]).

ثالثاً ـ نقل القاضي عياض في «الإلماع» بسنده عن سيف بن عمر عن أبان بن إسحاق الأسدي، عن صباح بن محمد، عن أبي حازم، عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله’ قال: «أيُّها الناس إنّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وسنتي ….»([56]).

وقد تمّ تضعيف ثلاثة أشخاص في سند هذا الحديث أيضاً:

أ ـ سيف بن عمر التميمي البرجمي.

قال ابن معين: «ضعيف الحديث». وقال مرة: «فُلَيْس خير منه». وقال أبو حاتم: «متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي». وقال أبو داود: «ليس بشيء». وقال النسائي والدارقطني: «ضعيف». وقال ابن عدي: «بعض أحاديثه مشهورة، وعامتها منكرة لم يتابع عليها». وقال ابن حبان: «يروي الموضوعات عن الأثبات». قال: «وقالوا: إنّه كان يضع الحديث اتّهم بالزندقة». وقال الدارقطني: «متروك». وقال الحاكم: «اتّهم بالزندقة»([57]).

ب ـ أبان بن إسحاق الأسدي الهمداني الكوفي.

قال الأزدي: «متروك الحديث»([58]).

ج ـ صباح بن محمد بن أبي حازم البجلي الأحمسي الكوفي.

قال ابن حبان: «كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات»([59]).

رابعاً: قال الحاكم عن ابن أبي أويس، حدثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله خطب في حجة الوداع: «يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، كتاب الله وسنة نبيه.. »([60]).

وفي سند هذا الحديث ثلاثة رواة مجروحين وهم:

أ ـ إسماعيل بن عبدالله بن أُويس، ابن أخت مالك.

قال ابن معين: «هو وأبوه ضعيفان». وقال أيضاً: «يسرقان الحديث» وقال أيضاً: «مخلِّط يكذب ليس بشيء». وقال النسائي: «ضعيف». وقال في موضع آخر: «غير ثقة». وقال النضر بن سلمة المروزي: «ابن أبي أُويس كذّاب». وقال سيف بن محمد: «ابن أبي أُويس كان يضع الحديث». وقال سلمة بن شبيب: «سمعت إسماعيل بن أبي أُويس يقول: ربّما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيءٍ فيما بينهم»([61]).

ب ـ عبدالله بن عبدالله بن أُويس.

قال ابن معين: «ليس بقوي». وقال مرة: «أبو أُويس وابنه ضعيفان». وقال أيضاً: «أبو أُويس فيه ضعف». وقال ابن المديني: «كان عند أصحابنا ضعيفاً». وقال النسائي وأبو حاتم: «ليس بالقوي». وقال ابن معين: «ابن أبي أُويس وأبوه يسرقان الحديث»([62]).

ج ـ ثور بن زيد الديلي، وكان ينسب إلى رأي الخوارج.

كما ورد في سند هذا الحديث «عكرمة البربري» وكان يُنسب إلى رأي الخوارج، ويكذب على ابن عباس([63]).

خامساً ـ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأنا محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، حدثنا داود بن عمرو الضبّي، حدثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله’: «إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما: كتاب الله وسنتي»([64]).

ويوجد في سند هذا الحديث صالح بن موسى بن عبدالله بن إسحاق الطلحي.

قال ابن معين: «ليس بشيء» وقال أيضاً: «صالح وإسحاق ابنا موسى ليسا بشيءٍ ولا يكتب حديثهما». وقال أيضاً: «ليس بثقة». وقال الجوزجاني: «ضعيف الحديث». وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: «ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً، كثير المناكير عن الثقات»، قلت: يكتب حديثه؟ قال: «ليس يعجبني حديثه». وقال النسائي: «لا يكتب حديثه ضعيف». وقال أيضاً: «متروك الحديث». وقال العقيلي: «لا يتابع على شيءٍ من حديثه». وقال ابن حبان: «لا يجوز الاحتجاج به». وقال أبو نعيم: «متروك يروي المناكير». وقال الذهبي في الكاشف: «واهٍ». وقال ابن حجر في التقريب: «متروك»([65]).

والنتيجة التي نخلص إليها أنّ جميع هذه الروايات غير ثابتة من حيث السند، بل ثبت وضعها بناءً على أُسس أهل السنّة أنفسهم.

وبهذا الصدد أيضاً، يقول المرحوم العلاّمة المحقق الإمام شرف الدين العاملي& فيما يتعلق بهذا الحديث([66]):

«مضمون الحديث حق، لكن صدوره عن النبي’ بلفظ «وسنتي» باطل، ومرمى راويه تضليل، والصحيح الثابت عن رسول الله’ بلا كلام ـ وقد أخرجه مسلم وغيره ـ أنما هو بلفظ: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، باعتبار أنهم^ عيبة سنته التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، كالفرقان العظيم والذكر الحكيم».

ويستفاد من هذا القول أنّ هذا الحديث ـ وكبقية الأحاديث الأُخر ـ أنّما تم وضعه بهدف مواجهة الأحاديث الواردة في فضائل أهل البيت^ ومناقبهم، وبالتالي إعراض المسلمين عن أهل البيت وإقبالهم على سواهم، كما فعلوا في وضع الحديث القائل: «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين».

وبالإضافة إلى هذه الإشكالات، فإنّ احتمال «التصحيف» قائم في هذا الحديث أيضاً؛ لأنّه من الممكن أن يكون قد روي بلفظ «نسبي»([67]) أو «نسبتي»([68])، حيث إنّ كلا اللفظين سيعود في معناه إلى «عترتي» و «أهل بيتي».

وأمّا دليل الأُستاذ على ادّعائه في قولـه: «من المؤكّد وجود لفظ سنّتي» في الحديث، ففيه إشكال من وجهين:

أولاً: لا يوجد في كتاب الكافي بابٌ باسم «باب العلم والعالم»، بل يوجد كتاب «فضل العلم» و «باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب».

ثانياً: لم يكن الحوار يدور في أنه بإمكان سنّة النبي’ أن تصبح معياراً كالقرآن في ردّ وقبول الأشياء التي تنسب إلى الدين أم لا؟ حتى يُجيب هو بهذا الشكل، بل إنّ النقاش هو في هذا الموضوع وهو: هل إنّ حديث «الثقلين» المتواتر ورد بلفظ «سنتي» أم لا؟

ومن المنصف القول بأنّ ما تفضل به لا علاقة لـه إطلاقاً بما هو متنازعٌ عليه، ولا يثبت ـ إطلاقاً ـ قطعه باليقين بوجود لفظ «سنّتي» أيضاً في حديث الثقلين، كما ادّعى ذلك في حديثه.

أضف إلى ذلك أنّ المراد من سنّة النبي’ السنّة التي وردت عن طريق أهل البيت^ أو التي حظيت بقبولهم وتأييدهم لها، كما تشهد لذلك الأحاديث، وخاصّة حديث الثقلين، وليس كل ما نُقل بعنوان «سنّة النبي» ومن أي طريق كان، وإلاّ لو كان الأمر كذلك، فماذا يقول الأُستاذ الكريم بشأن صلاة «التراويح» والتكفير في الصلاة، وقول: «الصلاة خير من النوم» في الأذان … وغير ذلك، والتي رويت تحت عنوان «السنّة» في كتب أهل السنّة؟

وأرى من الضروي بمكان أن نسأل الأُستاذ هذا السؤال، ما هو التصور الذي يحمله تجاه العترة الطاهرة^، لكي يرى هذه الازدواجية، والتعارض والانفصال بين العترة والسنّة؟

وهل أنّ «للعترة» مسؤولية سوى الدفاع عن الشريعة النبوية المطهّرة وحمايتها ونشر السنّة المحمدية على صاحبها وآله الصلاة والسلام؟!

وبناءً على ما تقدم، وعلى أنّ المرجعية في الفصل بين «السنّة» و «البدعة» تتمثّل بأهل البيت^ ـ لأنّهم المعصومون، والحماة الحقيقيون لسنّة النبي’ وأعلم الأُمّة قاطبةً ـ اتضح لنا أنّ المراد من سنّة النبي، ليس مطلق السنّة النبوية الشريفة، بل خصوص ما روي من الطرق المعتبرة، كما بيّنا ذلك آنفاً.

 

11ـ وقفة مع «الخطوات الانفتاحية الشيعية على أهل السنّة»!! ـــــــ

وفيما يتعلق بخصوص الخطوات الانفتاحية الواعية في «مجال الفقه» تفضل سماحة الأُستاذ قائلاً:

«من إحدى الخطوات الانفتاحية الواعية التي اتخذت في «مجال الفقه» من قبل الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي والفقهاء من بعدهم، هو أنّهم أدخلوا الأدلّة الفقهية الأربعة للسنّة في الفقه الشيعي، بهدف إزالة جدار الفصل بين الفقه الشيعي والسنّي، وخلق حالة التناغم والانسجام بينهما، كما استخدموا نفس الألفاظ لإيجاد المزيد من التقارب بينهما»([69]).

بغض النظر عن مناقشة قوله: إنّ الأدلّة الفقهية للسنّة هي «أربعة أدلّة»، نريد أن نقول:

أولاً: هل إنّ الأدلّة الأربعة أُدخلت إلى الفقه الشيعي من قبل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي حقاً؟! ولو كان الأمر كذلك، فما هي الأُسس التي كان الفقه الشيعي يرتكز عليها قبل دخول هذه الأدلّة إذن؟ أم هل إن الفقه كان «بلا دليل» أساساً؟

وهل إن ألفاظ الكتاب، والسنّة … وغيرها لم تكن تستخدم في فقه الشيعة قبل تلك المرحلة؟! «ما لكم كيف تحكمون»؟

وثانياً: على افتراض صحة رأي الأُستاذ، يجب أن يعلم أنّ دخول هذه الأدلّة الأربعة في الفقه الشيعي أنما حصل بسبب حجّيتها التامّة برأي أُولئك الأجلاّء، وليس لإزالة جدار الفصل بين الفقه الشيعي والسنّي ـ كما ادّعى ذلك سماحة الأُستاذ ـ لأنّه لو كان الهدف ذلك، لكان يجب إدخال الأدلة الفقهية الأُخر للسنّة، من قبيل: «القياس»، «الاستحسان»، «المصالح المرسلة»، «سدّ الذرائع» … وغيرها في الفقه الشيعي لغرض تحقيق هذا الهدف بشكل كامل.

وقال الأُستاذ في نهاية اللقاء: «لم يكن لدينا في الفقه دليلٌ باسم الإجماع، فقد جاؤوا به، ولكن بما يعبّر عن رأي المعصوم× وليس فقط نفس الإجماع»([70]).

كيف يصح الادعاء بهذا الشكل، في حين أنّ هذا المصطلح كان يستخدم حتى في زمن الأئمة المعصومين^ أيضاً([71]). أضف إلى ذلك، لو افترضنا أنّ «الإجماع» لم يكن معروفاً بهذا الاسم، لكن حقيقته كانت موجودة بالفعل؛ لأنّ «الإجماع» ليس سوى أمرٍ من السنّة، ولا يعدّ دليلاً مستقلاً بذاته، بل هو «دليل على الدليل»، كما أُشير إلى ذلك في أُصول الفقه([72]).

وبناءً عليه، كيف يصح الادّعاء أنّه لم يكن لدينا هذا الدليل وتمّ إدخاله لاحقاً من «الفقه السنّي» إلى «الفقه الشيعي»؟! إلاّ إذا ادّعى أننا لم نكن نملك أقسام السنّة المتعدّدة!

والموضوع الآخر الذي يستدعي النقاش في كلام الأُستاذ هو خلطه بين معنى «الإجماع» في مصطلح «علم الأُصول» و «الأصل في حجّيته»؛ لأنّ الإجماع في اصطلاح الأُصوليين يعني «الاتفاق الخاص» ـ بناءً على ما جاء في التفاسير المختلفة ـ ولكن تعبيره عن رأي المعصوم× هو «الأصل في حجّيته» وليس معناه.

وفي الختام، نأمل أن تكون المواضيع التي تناولناها بشكل مختصر جداً في هذه الرسالة ذات فائدة للقراء الكرام، وتعرّفهم بالحقائق الدينية والمذهبية أكثر فأكثر.

الهوامش

(*) باحث في مجال التراث والحديث الشريف.

(**) باحث في التراث وعلم الكلام.

([1]) مجلة الحوزة، العدد 141، المتخصّصة بالانفتاح الفكري الحوزوي؛ التابعة لمكتب الإعلام الإسلامي للحوزة العلمية في قم المقدسة.

([2]) مجلة الحوزة: 21، العدد 141.

([3]) مجلة الحوزة: 22، العدد 141.

([4]) مجلة الحوزة: 22، العدد 141.

([5]) مجلة الحوزة: 24، العدد 141.

([6]) نقل عن الزهري أنه قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق ـ وهو يبكي ـ فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: «لا أعرف شيئاً مما أدركت إلاّ هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت».

ويقول ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح هذا الكلام: «قد صح أنّ الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة …»، وكذلك عمر بن عبدالعزيز صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها، الحديث 530، فتح الباري 2، كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها، ح530.

([7]) انظر: جلال الدين السيوطي، الدر المنثور 4: 191.

([8]) المصدر نفسه.

([9]) المصدر نفسه.

([10]) المصدر السابق؛ تفسير الطبري 15: 77.

([11]) العيني، عمدة القارئ 19: 30؛ جلال الدين السيوطي، الدر المنثور 4: 191؛ مسند أبي يعلى 11: 348؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 9: 219 و 220؛ تفسير الثعلبي 6: 111؛ تفسير الرازي 20: 236؛ تفسير القرطبي 10: 283؛ تفسير ابن كثير 3: 52؛ فتح القدير 3: 238؛ الذهبي، تاريخ الإسلام 3: 316.

([12]) تفسير الآلوسي 15: 107.

([13]) الطبري، جامع البيان 13: 287 و 288.

([14]) المصدر السابق 8: 287؛ المعجم الأوسط 1: 237؛ مجمع الزوائد 7: 44؛ فتح الباري 7: 235 و 236؛ تفسير ابن كثير 2: 558؛ الدر المنثور 4: 84 و85؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك 2: 352.

([15]) سورة القدر: 3.

([16]) تاريخ بغداد 8: 275؛ الدر المنثور 6: 371.

([17]) سنن الترمذي 5: 275، الحديث 3350.

([18]) الحاكم، المستدرك 3: 170 و 171؛ تفسير الطبري 30: 167؛ المعجم الكبير 3: 90؛ دلائل البيهقي 6: 510؛ الدر المنثور 6: 371؛ تاريخ دمشق 57: 341 .

([19]) الآحاد والمسانيد 3: 300؛ أُسد الغابة 2: 51؛ الإصابة 1: 4 و84 و351؛ معرفة الصحابة لأبي نعيم 2: 895؛ معرفة الصحابة لابن قانع 1: 284.

([20]) درآمدي بر بازخواني روشي نوين در تفسير قرآن: 93 فما بعد.

([21]) الحاكم، المستدرك 4: 480؛ الهيثمي، مجمع الزوائد 10: 71؛ مسند أبي يعلى 13: 417؛ المقريزي، إمتاع الأسماع 13: 417.

([22]) الكامل لابن عدي 7: 374؛ مجمع الزوائد 10: 72؛ كنـز العمال 14: 199.

([23]) الحاكم، المستدرك 4: 480؛ الهيثمي، مجمع الزوائد 10: 71؛ مسند أبي يعلى 13: 417؛ المقريزي، إمتاع الأسماع 13: 417.

([24]) أبو ريحان البيروتي، الآثار الباقية: 277.

([25]) كشف المحجة: 56 و 57.

([26]) للعلامة الميرزا أبي الفضل الطهراني& كلام قيّم في هذا المجال، إذ يقول: «إنّ العبارة الواردة في الزيارة يدلّ ظاهرها على أنّ بني أُمية خبيثون قاطبةً ويستوجبون اللعن ـ بغض النظر عن التأكيد والتعميم بلفظة قاطبة التي تستوجب عدم التخصيص من سياق الكلام ـ حتى وإنْ لم يأخذ المتكلم في الظاهر صفةً معينة لعنوان الحكم». لكي يصبح بذلك عنواناً عاماً ومنوّعاً، إذ لا يوجد في عامة الأفراد شيء يعارض ذلك. إذن لو شككنا في بعض بني أُمية هل إنهم ماتوا على العقيدة الحقّة والفطرة السليمة أم لا؟ نقول طبقاً لهذا الكلام العام بأنّ عقيدتهم كانت فاسدة؛ لأنّهم ملعونون بهذا النص، وبما أنّ المؤمن لا يستوجب اللعن، إذن فإنّه ليس بمؤمن. شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور: 251، تحقيق محمد باقر ملكيان.

([27]) مجلة الحوزة: 24 و 25، العدد 141.

([28]) مجلة الحوزة: 25، العدد 141.

([29]) المصدر السابق: 26.

([30]) المصدر نفسه.

([31]) دفع الإصر عن قضاة مصر 1: 348.

([32]) لغرض المزيد من الاطلاع يراجع كتاب ابن العذاري المراكشي، البيان في أخبار الأندلس والمغرب؛ ابن الأبّار، الحلّة السيرا؛ محمد عبدالله عنان، دولة الإسلام في الأندلس؛ ابن الكردبوس، تاريخ الأندلس؛ حسين مؤنس، رحلة الأندلس.

([33]) مجلة الحوزة: 27، العدد 141. كما ذكر في الملاحظات الأخيرة، للقاء الرابع، نموذج لتأييد هذا الموضوع ـ المصدر نفسه: 41 ـ 49.

([34]) نهج البلاغة، كتاب 62؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 94؛ الغارات 1: 302 و 306؛ كشف المحجة: 176.

([35]) مجلة الحوزة: 42، والعدد 141.

([36]) المصدر السابق: 27.

([37]) وسائل الشيعة 15: 30، الحديث 19943.

([38]) الصحيفة السجادية.

([39]) وسائل الشيعة 15: 31، الحديث 19945.

([40]) الرجوع إلى المصدر السابق: 45 ـ 49؛ وجواهر الكلام 21: 11.

([41]) وسائل الشيعة 15: 30، الحديث 19943، وكذلك: 31، الحديث 19944.

([42]) مجلة الحوزة: 28، العدد 141.

([43]) المصدر نفسه.

([44]) راجع وسائل الشيعة 1: 118 ـ 124. كتاب الطهارة، باب بطلان العبادة بدون ولاية الأئمة^ واعتقاد إمامتهم، الأحاديث 297 ـ 299 ـ 301 ـ 302 ـ 307 ـ 308 ـ 313.

([45]) مجلة الحوزة: 31، العدد 141.

([46]) مجلة الحوزة، الخاصّة بالانفتاح الفكري الحووزوي: 35، العدد 141.

([47]) المصدر السابق: 36.

([48]) عدّة الأُصول 1: 279..

([49]) وسائل الشيعة 27: 43، الحديث 33116، والحديث 33224، والحديث 33225.

([50]) المصدر السابق: 75، الحديث 33236.

([51]) مجلة الحوزة: 36، العدد 141.

([52]) المصدر نفسه.

([53]) لسان الميزان 4: 230.

([54]) تهذيب التهذيب 1: 143.

([55]) المصدر السابق 4: 583 ـ 584.

([56]) الإلماع: 8 و 9.

([57]) تهذيب التهذيب 2: 270.

([58]) المصدر السابق 1: 36.

([59]) المستدرك 1: 93؛ ونقل البيهقي هذا الحديث أيضاً عن طريق الحاكم نفسه في السنن الكبرى 10: 114.

([60]) المستدرك 1: 93.

([61]) تهذيب التهذيب 1: 197 ـ 198.

([62]) المصدر السابق 3: 184.

([63]) المصدر السابق 4: 169 ـ 170.

([64]) المستدرك 1: 93؛ وبنفس هذا الطريق نقل البيهقي في السنن الكبرى 10: 114؛ والدارقطني في السنن واللالكائي في السنّة 1: 80؛ وابن عبدالبر في التمهيد 14: 384، هذا الحديث أيضاً.

([65]) تهذيب التهذيب 2: 540.

([66]) رسالة إلى المجمع العلمي العربي بدمشق: 114 ـ 115.

([67]) كشف الأستار عن زوائد البزار 2: 223، الحديث 2617؛ جواهر العقدين: 239.

([68]) إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي، في حاشية «الإتحاف بحب الأشراف»: 247، الحديث 22.

([69]) مجلة الحوزة: 37، العدد 141.

([70]) المصدر السابق نفسه.

([71]) راجع وسائل الشيعة 27: 103، الحديث 32329.

([72]) الوافية في أُصول الفقه: 152، أُصول الفقه للمظفر ومبحث «الإجماع عند الإمامية».

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً