أحدث المقالات

الشيخ مسعود إمامي(*)

ترجمة: سرمد علي

المقدّمة

إن جواز تعدّد الزوجات من الأحكام الثابتة في جميع المذاهب الإسلامية. والمستند الرئيس لهذا الحكم هو القرآن الكريم، وأهمّ آية في الدلالة على ذلك هي الآية 3 من سورة النساء. يضاف إلى ذلك أن روايات المعصومين^ وسيرتهم العملية تدلّ على مشروعية تعدّد الزوجات أيضاً. وقد تحدّث القرآن الكريم في الآيتين 3 و129 من سورة النساء عن رعاية العدالة بين النساء في تعدّد الزوجات، كما تعرَّضت الروايات إلى ذلك أيضاً. من هنا فإن شرط رعاية العدالة في تعدّد الزوجات مورد قبول جميع فقهاء المذاهب الإسلامية، إلاّ أن هناك في الفقه آراء مختلفة في تفسير هذه العدالة، وتحديد متعلّقها. كما اختلف المفسّرون في تفسير هذه الآيات وشرط العدالة المذكور فيها. وفي هذه المقالة سوف نتعرَّض لموضوع شرط العدالة ومتعلّقه، وسوف نبيّن في خضمّ ذلك رأياً جديداً في هذا الشأن.

1ـ تقرير لشرط العدالة في تعدّد الزوجات في الفقه

لقد أوجبت الآية 3 من سورة النساء تطبيق العدالة بين الزوجات؛ إذ يقول تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا﴾ (النساء: 3).

أما الآية 129 من هذه السورة فإنها تؤكّد على أن تطبيق العدالة بين الزوجات تفوق طاقة الأزواج، ولكنْ على الزوج في الحدّ الأدنى أن لا يجحف في التعامل مع إحدى الزوجات، بحيث يهجرها بالكامل، وهي نصُّ قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (النساء: 129).

يذهب الفقهاء في جميع المذاهب الإسلامية ـ استناداً إلى الآية الأولى ـ إلى وجوب العدالة بين الزوجات على الرجل، ولكنّهم اختلفوا في متعلّق العدالة في الآية الأولى والآية الثانية. والقدر المتيقَّن من متعلّق العدالة في الآية الأولى ـ والذي هو موضع إجماع الشيعة والسنّة ـ هو التقسيم العادل في الليالي بين النساء، وهو الذي يطلق عليه في فقه العامة والخاصة مفهوم «القَسْم» (بفتح القاف وسكون السين)([1]). وهناك الكثير من الروايات الواردة في القَسْم وأحكامه([2]). وتعتبر هذه الروايات المستند الرئيس للفقهاء في تطبيق العدالة الواردة في الآية الكريمة بشأن القَسْم.

يحظى مفهوم القَسْم في الفقه بأهمّيةٍ قصوى، حيث تتفرَّع عنه الكثير من المسائل والأحكام، إلى الحدّ الذي أفرد له عنوانٌ واحد من الكتب الفقهية في مصادر أهل السنّة([3]). وهو ما فعله الشيخ الطوسي في بعض مؤلَّفاته؛ بتأثير من العامة أيضاً([4]). وأما سائر فقهاء الشيعة فلم يسيروا على هذا النهج، وإنما تناولوا مسألة القَسْم بوصفها إحدى عناوين باب النكاح، لا أكثر.

وقد ذهب الشيخ المفيد في كتابه «المقنعة» ـ بعد أن حبَّذ رعاية العدالة على الرجل في تعدّد الزوجات ـ إلى اعتبار القَسْم هو المصداق الوحيد لتحقّق العدالة؛ إذ يقول: «وإذا كان للرجل زوجتان فينبغي له أن يعدل بينهما، فيكون مبيته عند كلٍّ واحدة منهما ليلة»([5]).

كما ذهب الكثير من الفقهاء في بيان أحكام القَسْم إلى الاستفادة من أحد مشتقّات مادة «عدل»([6]). وعليه فقد تمّ تعريف القَسْم في الكتب الفقهية بوصفه من مصاديق العدالة المشترطة في تعدّد الزوجات.

وقد تمّ الفصل والتفكيك في القَسْم بين ثلاثة مفاهيم، وهي: البيتوتة، والمضاجعة، والمواقعة. وقد اتّفق الشيعة وأهل السنّة على وجوب البيتوتة على الرجل، وعدم وجوب المواقعة عليه؛ لأن العدالة إنما تجب في موارد تمكّن الرجل، وهو متمكّنٌ من البيتوتة، وأما رعاية العدالة والمساواة في الأمور الخارجة عن قدرته، من قبيل: المحبّة والجماع، فليست لازمة([7]).

وقد اختلف في مورد المضاجعة. فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى وجوب المضاجعة على الرجل، وقد استدلّ لذلك بقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء: 19)؛ لأن المضاجعة مصداق لحسن المعاشرة، ومن دونها لا يصدق حسن المعاشرة([8]). وهناك مَنْ فهم من هذه الآية الإدراك العُرْفي، فترك تحديد مصداق المعاشرة بالمعروف إلى العُرْف، ولم يحصره بعنوان المضاجعة([9]). وهناك مَنْ ذهب إلى صدق المعاشرة بالمعروف على المؤانسة، دون المضاجعة في الليل([10]). وهناك مَنْ ربط قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ بالمسائل الأخلاقية، ومن هنا فإنه لا يرى مبرّراً للاستدلال بها في المسائل الحقوقية والشرعية([11]). وهناك مَنْ حمل الأمر في الآية عند تعميم المعروف على الاستحباب([12]). وقد صرّح السيد الخوئي في أحد كتبه، بعدم اشتراط المضاجعة في القَسْم([13])، بينما اشترطه في كتابٍ آخر له([14]).

إن أكثر الفقهاء من الشيعة لم يذكروا للعدالة المأمور بها في الآية 3 من سورة النساء مصداقاً آخر غير القَسْم. فإن النفقة وسائر حقوق الزوجية لا يمكن لها ـ من وجهة نظرهم ـ أن تكون متعلّقاً للعدالة؛ لأن هذه الأمور تتغيَّر بحسب حال الزوجة، والواجب على الزوج هو دفع مقدار الحاجة من النفقة بما يتناسب وشأن كلّ واحدة من الزوجات، دون اشتراط مراعاة المساواة في ذلك. إذن يمكن للزوج ـ بعد رعاية النفقة الواجبة ـ أن يعطي بعض زوجاته أكثر من الأخريات([15])، رغم ذهاب بعض الفقهاء إلى استحباب رعاية المساواة بين الزوجات([16]). يُضاف إلى ذلك أن بعض الفقهاء ذهب إلى استحباب التساوي في الالتفات والنظرة والبِشْر والمواقعة أيضاً([17]).

كما يذهب أكثر علماء أهل السنّة إلى القول بأن متعلّق العدالة في الآية 3 من سورة النساء هو القَسْم فقط([18]). وقد ذهب الشوافع والحنابلة والمالكية إلى القول بأن الزوج إذا قام بالمقدار الواجب من النفقة والملبس أمكنه التوسعة على بعض نسائه، دون الأخريات، وإنْ كانت رعاية المساواة أفضل([19]). أما تلك المجموعة من الفقهاء الأحناف الذين يرَوْن تحديد النفقة الواجبة بحَسَب حال الزوج، وليس بحَسَب حال كلٍّ من الزوج والزوجة، فقد أفتَوْا في هذا الشأن بوجوب المساواة في النفقة على الرجل([20]). كما ذهب الشوافع والأحناف والحنابلة إلى استحباب رعاية العدالة والمساواة في جميع الاستمتاعات الجنسية أيضاً([21]).

وفي الوقت نفسه ذهب بعض المفسّرين من الشيعة والسنّة ـ خلافاً لأكثر الفقهاء ـ إلى الاعتقاد بأن متعلّق العدالة في الآية 3 من سورة النساء ـ بالإضافة إلى القَسْم ـ يشمل أموراً أخرى، من قبيل: النفقة والمعاشرة والمباشرة وغيرها أيضاً([22]).

2ـ معنى العدالة

إن السبب الذي دعا الكثير من الفقهاء ـ من الشيعة وأهل السنّة ـ إلى اعتبار متعلّق العدالة في الآية 3 من سورة النساء هو القَسْم فقط هو أنهم فسّروا العدالة بالمساواة، ولا تجب المساواة من الناحية الشرعية إلاّ في القَسْم، فهي غير واجبة بالنسبة إلى سائر الحقوق الشرعية والأخلاقية للزوجة، من قبيل: النفقة والجماع وحسن المعاشرة والمحبّة. وفي ذلك قال الشيخ الطوسي: «لا بأس أن يفضّل الرجل بعض نسائه على بعض في النفقة والكسوة. وإنْ سوّى بينهنّ وعدل كان أفضل»([23]).

يتّضح من ضمّ العدالة إلى المساواة في هذه العبارة أن الشيخ الطوسي يراهما شيئاً واحداً، وبالتالي فإنه لا يرى وجوب رعاية العدالة في النفقة والملبس. وقد ذهب فخر المحقّقين إلى الادّعاء بوضوحٍ أن العدالة في الآية 3 من سورة النساء تعني رعاية المساواة، لا بمعنى رعاية الحقوق. واستدلّ لهذا الادّعاء قائلاً ما معناه: إن العدالة في الآية 3 من سورة النساء تعني المساواة، دون رعاية الحقوق؛ إذ الفرض في هذه الآية لو كان هناك خوفٌ من عدم تطبيق العدالة بين الزوجات فيجب الاكتفاء بزوجةٍ واحدة أو ما يملك من الإماء. وعليه فالعدالة إنما تتصوَّر في فرض تعدّد الزوجات فقط، فلو كانت هناك زوجة واحدة أو أمة لا تجب رعاية العدالة. وإنّ هذه العدالة تعني المساواة؛ لأن العدالة بمعنى رعاية الحقوق تجب حتّى بالنسبة إلى الزوجة الواحدة والإماء أيضاً([24]).

وقد استدلّ الشهيد الثاني والكثير من الفقهاء بعده للحكم باستحباب وعدم وجوب المساواة في النفقة وحسن المعاشرة والجماع وما إلى ذلك بالآية 129 من سورة النساء؛ وذلك لقولهم: إن العدالة في هذه الآية تعني المساواة؛ إذ تمّ التصريح فيها بعدم قدرة الأزواج على رعاية العدالة في حقّ زوجاتهم، فاستنتجوا من ذلك أن رعاية العدالة ـ بمعنى المساواة في هذه الأمور التي تفوق قدرة الأزواج ـ غير واجبة، وإنما هي مستحبّة([25]).

كما يرى صاحب الجواهر وعددٌ آخر من الفقهاء الآخرين أن العدل في كلتا الآيتين يعني المساواة. إلاّ أنه يبدو أن متعلّقه في الآية 129 من سورة النساء ليس هو النفقة وما إلى ذلك؛ لأن المساواة في هذه الأمور ممكنة، وليست فوق طاقة الزوج، بل المراد هو المساواة في جميع هذه الأمور، أو المساواة في خصوص المحبّة([26]). وهناك شواهد أخرى في المصادر الفقهية تثبت بوضوحٍ أن المراد من العدالة في تعدّد الزوجات عند الفقهاء هو المساواة([27]).

كما قد يفهم من ذيل الرواية التالية عن الإمام الكاظم× أن المراد من العدالة في تعدّد الزوجات هو المساواة، وإليك نصّها: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألتُ أبا الحسن× عن الرجل تكون له امرأتان، يريد أن يؤثر إحداهما بالكسوة والعطية، أيصلح ذلك؟ قال: «لا بأس، واجْهَدْ في العدل بينهما»([28]).

لقد ذهب الكثير من الفقهاء إلى القول بأن العدالة في هذه الرواية تعني المساواة، وأن متعلّقها ـ على ما جاء في صريح الرواية ـ هو النفقة والكسوة. ومن هنا فقد حملوا الأمر برعاية العدالة في هذه الرواية على الاستحباب([29]).

إن التدقيق في المعنى اللغوي للعدالة يمهِّد السبيل للفهم الصحيح للآية 3 من سورة النساء، وارتباطها بالآية 129 منها، والإجابة عن الشبهات المطروحة حول هاتين الآيتين، وبالتالي الفهم الصحيح للأبعاد والزوايا المختلفة لشرط العدالة في تعدّد الزوجات. ومن هنا سوف نبحث مفهوم العدالة في المصادر اللغوية.

قال ابن فارس: «مادة العدل تدلّ على الاستواء… والعَدْل: الحكم بالاستواء. ويقال للشيء يساوي الشيء: هو عِدْلُه… والعَدْل: نقيض الجَوْر… ويومٌ معتدلٌ إذا تساوَى حالا حرّه وبَرْده»([30]).

وقال الراغب الإصفهاني: «العدالة والمعادلة لفظ يقتضي معنى المساواة… فالعدل هو التقسيط على سواء… وهذا النحو هو المعنيّ بقوله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90)، فإن العدل هو المساواة في المكافأة، إنْ خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ، والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه، والشرّ بأقلّ منه… وقوله: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ﴾ (النساء: 129) فإشارةٌ إلى ما عليه جبلّة الناس من الميل، فالإنسان لا يقدر على أن يسوّي بينهنّ في المحبة، وقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ (النساء: 3) فإشارة إلى العدل، الذي هو القَسْم والنفقة»([31]).

وقال الفيومي: «العَدْلُ: القَصْد في الأمور، وهو خلاف الجَوْر»([32]).

وقال ابن منظور الأفريقي: «العَدْل ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضدّ الجَوْر… والعَدْل الحكم بالحقّ»([33]).

وبعد أن نقل الزبيدي ما قاله ابن منظور في بيان معنى العدل، قال: «هو الأمر المتوسّط بين الإفراط والتفريط»([34]).

وقال المصطفوي: «العدل هو توسّطٌ بين الإفراط والتفريط، بحيث لا تكون فيه زيادة ولا نقيصة، وهو الاعتدال والتقسُّط الحقيقي. وبمناسبة هذا الأصل يُطلَق على الاقتصاد والمساواة والقسط والاستواء والاستقامة»([35]).

يتّضح من مجموع ما تقدّم من كلام اللغوين أن مادة العدل لا تعني المساواة، وهي قطعاً لا ترادف التساوي في المقدار، بل المراد منها هو الاقتصاد والاستقامة في السلوك، والابتعاد عن الإفراط والتفريط، بحيث يعمل معه بالحقّ، ولا يُظْلَم أحدٌ. وعليه لو أن شخصاً أطعم أولاده بمقدار حاجتهم، أو أنفق على زوجاته بمقدار حاجتهنّ، يكون قد سلك سبيل العدل، حتّى وإنْ لم يُراعِ المساواة في الإطعام والإنفاق. ولو أنه ساوى في توزيع مقادير الطعام والنفقة، وظلّ بعضُهم جائعاً أو محتاجاً، وبعضهم نال فوق مقدار حاجته، يكون قد وقع في الإفراط والتفريط، وخرج عن نهج الاعتدال والقسط، وظلم بعضهم أيضاً. إذن فالمساواة في المقدار قد تكون مصداقاً للعدل تارةً، وقد تكون مصداقاً للظلم، وعلى خلاف العدل، تارةً أخرى.

وعلى هذا الأساس فإن العدالة في الآيتين 3 و129 من سورة النساء لا تعني مراعاة المساواة في المقدار، ليكون متعلّقها هو القَسْم بالضرورة، فلا يشمل سائر حقوق الزوجة، بل إن متعلّقها في كلتا الآيتين يشمل جميع حقوق الزوجة، ولا يقتصر على مورد خاصّ، من قبيل: القَسْم، الذي يشترط فيه التساوي؛ إذ إن الاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط واجبٌ في جميع حقوق الزوجية. وعليه فإن فحوى الآية 3 من سورة النساء هو أن على الزوج ـ إذا كانت له أكثر من زوجةٍ ـ أن يؤدّي حقوق زوجاته بأجمعهنّ، وأن لا يؤدّي اتخاذه زوجة جديدة إلى التقصير في أداء حقوق إحداهنّ، وإنْ خاف أن لا يتمكّن من أداء حقوقهنّ جميعاً وجب عليه الاكتفاء بزوجة واحدة أو ما ملكت يمينه؛ فإن ذلك أقرب إلى العدل وعدم الوقوع في مغبّة الظلم.

إن الاستدلال المتقدّم في الصفحات السابقة عن فخر المحقّقين على إثبات أن العدالة في هذه الآية بمعنى مراعاة المساواة يمكن أن يكون إشكالاً على هذا الرأي، والقول بأن معنى الاقتصاد هو العدالة، وبالتالي توسيع دائرة متعلّقه لتشمل جميع حقوق الزوجية، ونتيجته وجوب رعاية العدالة في موارد عدم التعدّد وما إذا اكتفى الرجل بملك اليمين أيضاً، ولا يقتصر ذلك على حالة تعدّد الزوجات فقط، في حين أن الله تعالى يقول: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، ومفهوم ذلك عدم وجوب رعاية العدالة في موارد الاكتفاء بالزوجة الواحدة أو ملك اليمين.

وفي الجواب عن هذا الإشكال يمكن القول: إن رعاية العدالة ـ بمعنى الاعتدال ـ في موارد عدم التعدّد وملك اليمين أيسر من رعاية العدالة في موارد تعدّد الزوجات، وهذا المقدار يكفي لأن يشير القرآن الكريم إلى الاكتفاء بهذين الموردين عند الخشية والخوف من عدم رعاية العدالة في حالة تعدّد الزوجات. والشاهد على ذلك قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا﴾ الوارد في نهاية الآية، الأمر الذي يثبت أن رعاية العدل مطلوبٌ في حالة الزوجة الواحدة وملك اليمين أيضاً، وإن عدم مراعاة العدل في هذا المورد يوجب الظلم أيضاً، إلاّ أن هذين الأمرين أقرب إلى الابتعاد عن الظلم ومراعاة العدالة بالقياس إلى حالة تعدّد الزوجات. وإذا كان متعلّق العدالة في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا﴾ يقتصر على الحقوق الخاصة بتعدّد الزوجات، من قبيل: القَسْم، لكان موضوع عدم العدالة في الزوجة الواحدة وملك اليمين فقط منتفياً بالكامل، لا أن يكون عدم العدل في هذين الموردين أقلّ.

كما لا يجب حمل العدالة في الرواية المأثورة عن الإمام الكاظم× على المساواة، وبالتالي حمل فعل الأمر في قوله: «واجهد في العدل» ـ خلافاً لظهوره ـ على الاستحباب، بل إن فعل الأمر يحمل على الوجوب، وإن العدالة لا تعني المساواة.

3ـ الفرق بين العدل والقسط

إن النكتة التي تدعو إلى التأمُّل في هذه الآية ـ والتي لم تبحث من قِبَل المفسّرين ـ هي أنه قد تمّ التعبير في مورد رعاية حقوق الزوجة اليتيمة بـ «القسط»، وفي مورد رعاية حقوق الزوجات بـ «العدل». والقسط هو العدل الظاهر والواضح([36])، أو بعبارةٍ أخرى: إن القسط هو تطبيق العدالة على أرض الواقع وفي العالم الخارجي، من قبيل: إيصال النفقة إلى أصحابها، وتقسيم الأسهم بين المستحقّين([37]). ومن هنا فإن صدر الآية يقول: إنْ خفتم أن لا تعدلوا في دفع الأموال والحقوق الظاهري لليتيمة فتزوَّجوا من غيرها. وسبب الاهتمام بالحقوق الظاهرية لليتيمة هو أن خوف الرجال من الزواج من اليتامى يعود إلى رعاية حقوقهم المالية، كما تحدَّثت الآية السابقة بشأن أموالهم أيضاً. وأما في مورد رعاية حقوق الزوجات فلم يتمّ التعبير بلفظ «القسط»، وإنما استعمل في ذلك لفظ «العدل»؛ ليتّضح أنه لا يكفي في مورد تعدّد الزوجات مجرّد رعاية الحقوق الظاهرية لهنّ، من قبيل: «القَسْم» فقط، بل لا ينبغي في موردهنّ أيّ نوعٍ من أنواع الظلم، حتّى وإن كان مرتبطاً بالمعاشرة الأخلاقية.

4ـ العجز عن مراعاة العدالة

إن الآية 129 من سورة النساء، التي تعتبر رعاية العدالة بين الزوجات فوق طاقة واستطاعة الرجال، ناظرةٌ إلى الآية 3 من هذه السورة. وعليه فإن وحدة السياق تقتضي أن يكون معنى العدالة ومتعلّقها في كلتا الآيتين واحدٌ. جاء في روايةٍ معتبرة أن ابن أبي العوجاء قال بأن وجود هاتين الآيتين يدلّ على أن الله لا يتّصف بالحكمة؛ لأنه أمر في الآية الأولى بشيءٍ أذعن في الآية الثانية بأنه فوق استطاعة الإنسان، فقال الإمام الصادق× في جوابه: إن متعلّق العدالة في الآية الأولى هو «النفقة»، وأما متعلّق العدالة في الآية الثانية فهو «المودّة»([38]). كما نقل هذا التفسير لهاتين الآيتين عن عمرو بن عبيد(144هـ)، وهو من أوائل المفسِّرين عند أهل السنّة([39]).

إن الارتباط القائم بين هاتين الآيتين قد مهَّد الأرضية إلى تبلور نظرية من قبل بعض المعارضين لتعدّد الزوجات، وذلك بتقريب أن ضمّ مضمون كلتا هاتين الآيتين إلى بعضهما ينتج عدم جواز تعدّد الزوجات في الإسلام؛ وذلك لأن الله تعالى يقول في إحدى هاتين الآيتين: إن تعدّد الزوجات جائزٌ بشرط رعاية العدل، وفي الآية الأخرى قال بأن الرجال غير قادرين على تحقيق شرط العدالة؛ فتكون النتيجة هي عدم جواز تعدّد الزوجات؛ بسبب عدم القدرة على تحقيق الشرط المتمثّل برعاية العدالة. وعلى الرغم من اختلاف إشكال ابن أبي العوجاء عن هذه النظرية، إلاّ أنهما يشتركان في القول بأن هاتين الآيتين متّحدتان في السياق، وأن متعلّق العدالة فيهما واحدٌ. وقد استفاد المفسِّرون من جواب الإمام الصادق× عن هذا الإشكال في الردّ على هذه النظرية أيضاً.

فقد ذهب الكثير من المعاصرين في الردّ على هذه النظرية ـ بتأثيرٍ من رواية الإمام الصادق× ـ إلى القول بأن متعلّق العدالة في الآية الأولى هو الحقوق المادّية للمرأة، من قبيل: القَسْم والنفقة، في حين أن متعلّق العدالة في الآية الثانية هو الميل النفسي والشعور القلبي، بمعنى أن الرجل مكلَّف برعاية الحقوق المادّية للزوجة، وهو قادر على ذلك، ولكنّه لا يستطيع في الوقت نفسه رعاية العدالة في العواطف والمشاعر والأحاسيس القلبية، وقد تمّ الاكتفاء من هذه الناحية بهذا المقدار، وهو أن لا يكرّس جميع اهتماماته العاطفية على زوجةٍ واحدة، بحيث يهمل الزوجات الأخريات بشكلٍ كامل. وعليه فإن رعاية شرط العدالة في الآية الأولى داخلٌ ضمن قدرة الرجل. والشاهد على هذا المدّعى قوله تعالى: ﴿فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ (النساء: 129)؛ لأن هذه العبارة تثبت أنه حيث لا يمكنكم تطبيق العدالة بشكلٍ كامل فلا تتركوا تطبيقها ـ في المقابل ـ بالكامل، بمعنى أنه يكفي منكم التطبيق الناقص منها الذي يدخل في حدود قدرتكم، وهذا يتناغم مع العدالة القلبية، دون العدالة الحقوقية([40]). ولا شَكَّ في أن هذا الجواب يقوم على نفي وحدة السياق في هاتين الآيتين، وتوجيه كلّ آيةٍ بحكمٍ مختلف([41]).

وهناك مَنْ أجاب عن ذلك بالقول: إن الآية الثانية لا ربط لها بتعدّد الزوجات، وإنما هي بصدد الحديث عن رعاية العدالة في مورد الزوجة حتّى وإنْ كانت واحدة. وعليه فإن العدالة فيها تختلف عن العدالة في الآية الأولى المرتبطة بالعدالة بين الزوجات المتعدّدات([42]). بَيْدَ أن هذا الادّعاء يتنافى مع ظاهر عبارة «بين النساء»؛ إذ لها ظهور في أن المراد هو العدالة بين النساء، وهو أنسب بفرض تعدّد الزوجات.

أما الجواب الثالث عن هذا الإشكال فهو أن وجوب رعاية العدالة ليس شرطاً في صحة عقد النكاح؛ لكي يفهم من فقدانه بطلان وعدم مشروعية تعدّد الزوجات، بل هو حكمٌ تكليفي للرجل المتزوِّج من أكثر من واحدةٍ. وعليه لا يمكن من عدم استطاعة الزوج على التطبيق الكامل للعدالة أن نستنتج بطلان وعدم مشروعية تعدّد الزوجات([43]).

إن هذا الجواب وإنْ كان يردّ الاستدلال بهاتين الآيتين على بطلان تعدّد الزوجات، إلاّ أنه لا يجيب عن إشكال اللَّغْوية؛ لأن رعاية العدالة ـ بناءً على ما ورد في الآية 129 من سورة النساء ـ إذا كانت فوق استطاعة الرجال فإن تكليفهم بها سيكون لَغْواً.

ويبدو أنه حتّى على فرض وحدة معنى العدالة ومتعلّقها في كلتا الآيتين يمكن تقديم إجابة مناسبة عن كلا الإشكالين؛ إذ أوّلاً: بناء على ما تقدَّم فإن العدالة لا تعني المساواة في المقدار، وإنما بمعنى الابتعاد عن الظلم، وتجنّب الإفراط والتفريط، والعمل بالحقّ. وثانياً: إن بناء القرآن الكريم في كلتا الآيتين ليس مجرّد بيان الأحكام الحقوقية البَحْتة، بل إن القرآن قد ذكر الأبعاد الحقوقية والأخلاقية والعاطفية مرّةً واحدة.

وبالالتفات إلى هذين الأمرين فإن الله سبحانه وتعالى يأمر في الآية 3 من سورة النساء برعاية العدالة ـ بمعنى رعاية الحقّ وتجنّب الإفراط والتفريط ـ في ما يتعلّق بتعدّد الزوجات في الحقوق الشرعية وفي العلاقات الأخلاقية والعاطفية، ويجب أن لا يلحق أيّ نوع من الظلم بحقّ أيّ واحدة منهنّ. ثم قال في الآية 129 من هذه السورة: إن المقصود من هذه العدالة الشاملة المذكورة في الآية الأولى ليس هو رعاية العدالة بشكلٍ كامل، ودون أيّ تسامح، بحيث يكون تطبيق هذه العدالة خارج نطاق القدرة، بل المقصود منها هو عدم ارتكاب الظلم الفاحش، بحيث تميلون كل الميل في الاهتمام بإحدى الزوجات، وإهمال الأخريات بشكلٍ كامل، وإنما عليكم رعاية العدل في حدود الإمكان، وإنكم إنْ أصلحتم والتزمتم جانب التقوى في هذا الشأن فإن الله سيغفر لكم التقصير في النواحي الأخرى.

والشاهد على وحدة معنى العدالة ومتعلّقها في كلتا هاتين الآيتين هو استعمال لفظ العدالة في كلتَيْهما، واستعمال لفظ «الميل» في الآية 129 من سورة النساء، ولفظ «العَوْل» ـ الذي يعني الميل ـ في الآية 3 منها، بوصفه النقطة المقابلة للعدالة. كما يشهد قول الله تعالى: ﴿فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ على أن رعاية العدالة في الآية 129 واجبةٌ في حدود الإمكان، وأن هذه الآية ليست بصدد نفي شرط العدالة، وإنما تفسِّر حدود العدالة في الآية الثالثة.

كما أن رواية الإمام الصادق× ليست بصدد بيان الفرق بين متعلّق العدالة في الآيتين، بل هي بصدد الحديث عن رعاية النفقة في ذلك الجزء من العدالة المقدور للرجل، بَيْدَ أنه لا يستطيع تطبيق العدالة في إظهار المحبّة والمودّة. وبعبارةٍ أخرى: لا فرق في هذه الرواية بين متعلّق العدالة في هاتين الآيتين، وإنما تمّ التفكيك بين حدود العدالة المقدورة للرجل، والحدود الخارجة عن قدرته.

5ـ العدالة محور الحياة الزوجية

في هذه الآية تمّ تعليق حكم الزواج حتّى أربع نساء في جانبي الجواز وعدمه على عدم تطبيق العدل والقسط. ففي بداية الآية تمّ تعليق الحكم بجواز الزواج من أربع نساء على عدم التمكّن من العدالة في مورد اليتامى، ثم جاء النهي بعد ذلك في الآية عن تعدّد الزوجات عند عدم التمكّن من رعاية العدل بين الزوجات. ومن هنا يمكن لنا أن ندرك بأن أساس الحياة الزوجية والأسرية في القرآن الكريم يقوم على العدالة ورعاية حقوق الطرفين.

وفي العبارة الأخيرة من الآية ورد التذكير بملاك الأحكام أيضاً؛ إذ يقول تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا﴾. قال ابن عربي: يستعمل العَوْل لغةً في سبعة معان فقط، وهي:

1ـ الميل، من عَالَ الرجل إذا مال، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا﴾.

2ـ عَالَ: زَادَ.

3ـ عَالَ: جَارَ في الحُكْم.

4ـ عَالَ: افْتَقَرَ.

5ـ عَالَ: أَثْقَلَ.

6ـ عَالَ: قَامَ بِمَؤُونَةِ العَائِل، وَمِنْهُ قَوْلُهُ×: «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُول».

7ـ عَالَ: غَلَبَ، وَمِنْهُ عِيلَ صَبْرُهُ، أَيْ غَلَبَ([44]).

وقد أشكل عليه القرطبي، واستدرك عليه ثلاثة معانٍ أخرى([45]).

وفي معنى كلمة «تعولوا» هناك أربعة أقوال، وهي:

الأوّل: إنها تعني الظلم. واختاره أغلب المفسِّرين([46]).

الثاني: الفقر والحاجة، بمعنى أن الزواج من واحدةٍ أو الاكتفاء بملك اليمين هو الأَوْلى من الافتقار. وقد أشكل على هذا القول بإشكالٍ، حيث قيل: كان الأَوْلى في مثل هذه الحالة أن يقول: «أن لا تعيلوا»([47]).

الثالث: كثرة العيال. وقد اختاره الشافعي. فيكون مَعْنَى الآية: إنْ لم تتمكّنوا من رعاية العدل بين نسائكم، وخفتم أن يكثر عيالكم؛ فانكحوا واحدةً أو اكتفوا بما ملكت أيمانكم، فذلك أقرب إلى أن تنتفي عنكم كثرة العيال([48]). وقد أشكل عليه الكثيرون بإشكالٍ لغوي؛ إذ قيل له: لو كان الأمر كذلك لكان الأجدر أن يقال: «أن لا تعيلوا»([49]). والإشكال الآخر الذي يَرِدُ على القولين الأخيرين هو أنه لا ينسجم مع ملك اليمين الذي ليس له حدٌّ ولا حصر؛ لأن ملك اليمين داخلٌ في العائلة أيضاً([50]).

الرابع: الميل إلى النساء. وقد نسب الطبري هذا القول إلى مجاهد وعكرمة (وهما من أوائل المفسّرين للقرآن)([51]).

ذهب أكثر المفسّرين إلى القول بأن كلمة «ذلك» الواردة في هذه الآية إشارةٌ إلى الزواج من واحدة أو الاكتفاء بملك اليمين. وعليه يكون معنى الآية، طبقاً لرؤية مشهور المفسّرين بشأن معنى كلمة «تعولوا»، هو أن الزواج من واحدةٍ أو الاكتفاء بملك اليمين أقرب إلى تجنّب الظلم الحاصل بسبب الزواج والاقتران بأكثر من واحدة([52]). وهناك مَنْ قال بأنه إشارة إلى الزواج من أربع زوجات، وفي هذه الحالة سيكون معنى ذلك أن الزواج من أربع زوجات أقرب إلى اجتناب الظلم الذي يتوقّع حصوله بالزواج من اليتيمة([53]). وعليه فإن عبارة ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا﴾ تثبت بدورها أيضاً أن أحكام الزواج في الإسلام تقوم على أساس العدل واجتناب الظلم([54]).

6ـ الأبعاد الأخلاقية للعدالة

إن جواز تعدّد الزوجات وإنْ كان يمثل حكماً فقهياً ـ حقوقياً، إلاّ أنه في الوقت نفسه يجب ـ من وجهة نظر الإسلام ـ أن لا يتمّ من الناحية العملية تجاهل الأبعاد الأخلاقية فيه، كما هو الشأن في سائر الأحكام الفقهية الحقوقية. وكما تقدَّم فإن العدالة المشترطة في تعدّد الزوجات لا تختص بـ «القَسْم» أو بعض الوظائف الأخرى الخاصّة بالجانب الحقوقي على الزوج تجاه زوجاته، بل تشمل جميع الوظائف الحقوقية والأخلاقية التي يجب على الرجل مراعاتها تجاه زوجاته. وعلى الرغم من إقرار القرآن الكريم بعجز الرجل عن مراعاة العدالة بشكلٍ كامل، وفي جميع الأبعاد، إلاّ أنه يريد منه رعاية ذلك في حدود الإمكان، وعدم الوقوع والسقوط في الظلم الفاحش، بحيث يكرِّس كل اهتمامه على واحدةٍ منهنّ، ويهجر الأخريات بالكامل.

إن تحديد الأبعاد الأخلاقية لهذا الحكم ـ مثل سائر المسائل الأخلاقية الأخرى ـ يجب أن يتمّ من خلال الالتفات إلى مختلف ظروف الحياة الفردية والاجتماعية للرجل وزوجاته. ومن هذه الناحية يكون الزواج من أخرى غير لائقٍ من الناحية الأخلاقية بالنسبة إلى الكثير من الرجال. هذا، ولم تكن الأبعاد الأخلاقية السلبية لتعدُّد الزوجات بعيدةً عن رؤية بعض الفقهاء، وقد اعتبروا ذلك في بعض الحالات أمراً غير أخلاقي.

ومن ذلك أنه استفتى رجلٌ السيد الخوئي&، قائلاً: أنا رجلٌ متزوّج، وقد أصيبت زوجتي بسرطان الثدي، وقامت هي بتكاليف نفقات العلاج، كما ساعدتني في مسيرة الحياة. وقد تعلّقْتُ بامرأةٍ أخرى وأريد أن أتزوَّج بها، فهل أتزوَّج عليها رغم ما ستلاقيه من جوٍّ نفسي ضاغط، يتسبَّب في رجوع المرض مرّةً أخرى، أم أبتعد عن هذه الخطوة؟

فكان جواب سماحته عن هذا الاستفتاء: زواجُك بامرأة أخرى غيرُ محرَّمٍ، إلاّ أن هذا خلاف الإحسان إليها، والله يقول: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ﴾ (الرحمن: 60). وقد يؤاخذك الله في الدار الدنيا إذا تزوَّجْتَ عليها بعدم البركة في هذا الزواج. أعانك الله على بلائك، ووفَّقك للصبر والشكر([55]).

كما قال بعض الفقهاء المعاصرين ـ بعد الاعتراف بمشروعية هذا الحكم ـ ما نصُّه: «نعم، إنّ تعدد الزوجات في زماننا هذا ينافي التقوى، ويخالف العمل بالوظائف الإلهيّة، وينجرّ الى الجَوْر والظلم والعدوان، ويوجب الخلاف فيما بين العائلة والأهل والأولاد، ويوجب البغض والتمرُّد وسوء النيّات، ويسلب الفراغ والفلاح والصفاء والوفاء، ويزيد في الابتلاء والتلوُّن والتعلّقات والاختلال في الأفكار. فحاشا عن رجلٍ يريد العدل والنصفة والتقوى والحقيقة أن لا يراقب نفسه، وأن لا يتَّقي عن أمثال هذه التمايلات الحيوانيّة الخبيثة»([56]).

كما أكّد الأستاذ الشهيد مرتضى مطهّري على البُعْد الأخلاقي لشرط العدالة، قائلاً ما معناه: «إن تعدّد الزوجات بهذا الشرط الأخلاقي المؤكّد والمشدّد، بَدَلاً من أن يتحوَّل إلى وسيلةٍ لهوى الرجل، يتّخذ شكل الالتزام بالواجب، والعمل على طبق ما تمليه عليه المسؤولية»([57]).

وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، استناداً إلى شرط العدالة: «من الواجب أن نلتفت إلى أن السماح بتعدّد الزوجات، مع أنه ضرورة اجتماعية في بعض الموارد، ومع أنه من أحكام الإسلام القطعية، إلاّ أن توفير شرائطه يختلف اختلافاً كبيراً عن الأزمنة الماضية؛ لأن الحياة كانت في العصور السابقة ذات نمطٍ بسيط ومواصفات سهلة، ولهذا كانت رعاية المساواة والعدالة بين الزوجات المتعدّدات أمراً ممكناً وميسّراً لأكثر الناس، في حين يجب على الذين يريدون الأخذ بهذا القانون الإسلامي في هذا العصر أن يراعُوا مسألة العدالة من جميع الجوانب، وأن يُقْدِموا على هذا الأمر إذا كانوا قادرين على الوفاء بجميع شروطه. وبالجملة يجب أن لا يُقْدِم أحدٌ على هذا العمل بدافع الهوى والهَوَس»([58]).

وعليه، فإن اتخاذ الرجل زوجةً جديدة إذا أدّى إلى ظلمٍ فاحش بحقّ الزوجة الأولى أو الأسرة فإنه ـ حتَى إذا راعى القَسْم ـ لن يكون هذا الزواج جائزاً من منظار القرآن. وربما أدّى الزواج الثاني في العصر الراهن ـ بالنظر إلى ثقافة المجتمع ـ في أكثر الموارد إلى ظلم الآخرين. وقد سعى بعض المفكِّرين إلى رسم موقع هذا القانون في إطار النظام الاجتماعي والأسري من وجهة نظر الإسلام، فهم يعتقدون أن الإسلام لا يرى تعدّد الزوجات ملبّياً للوضع المثالي المنشود لبناء الأسرة، وإنما هو وسيلةٌ قانونية لحلّ بعض المشاكل الاجتماعية والأسرية، لا أكثر([59]).

كما ذهب الشهيد مرتضى مطهري إلى الاعتقاد بأنه لا شَكَّ في أفضلية الزوجة الواحدة على تعدّد الزوجات؛ فإن اتّخاذ الرجل زوجةً واحدة يعني الاختصاص الأسري، وأن يكون كلا الزوجين متمحّضاً للآخر روحاً وجَسَداً. ومن البديهي أن جوهر الحياة الزوجية القائم على الاتحاد والانصهار بين الزوجين يتحقّق في الزواج الواحد بشكلٍ أفضل وأكمل من حالة تعدّد الزوجات. وقد خالف في ذلك أصحاب القول بأن طبيعة الرجل تقتضي التعدّد في الزوجات، وأن طبيعته تخالف الاقتصار على زوجةٍ واحدة([60]).

وعليه فإن نظام الزوجة الواحدة هو المنشود والمطلوب من وجهة نظر الإسلام في الظروف الطبيعية، وما تشريع قانون تعدّد الزوجات إلاّ لموارد خاصّة، ولبعض الأشخاص القلائل، وبذلك يكون تعدّد الزوجات مخالفاً للأصل الأوّلي في نظام الأسرة([61]).

كما أن التساوي النسبي لعدد النساء والرجال في النظام التكويني يؤيِّد هذه المسألة أيضاً؛ إذ لو كان تعدّد الزوجات راجحاً على الاقتصار على زوجةٍ واحدة لوجب أن يكون عدد النساء في نظام الخلق ضعف عدد الرجال في الحدّ الأدنى؛ لكي يتسنّى لجميع الرجال أن يستفيدوا من هذا الأمر الراجح والمطلوب.

الهوامش

(*) باحثٌ في الفقه الإسلاميّ والدراسات القانونيّة المعاصرة، وباحثٌ في مؤسّسة دائرة المعارف لفقه أهل البيت^. له كتاباتٌ علميّة متعدِّدة.

([1]) انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام 8: 310، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1، قم، 1413هـ؛ الشيخ مرتضى الأنصاري، كتاب النكاح: 470، مؤتمر الشيخ الأنصاري، ط1، قم، 1415هـ؛ محمد بن عبد الله، المعروف بـ (ابن عربي)، أحكام القرآن 1: 313، دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ مجموعة من المؤلّفين، الموسوعة الفقهية الكويتية 33: 183، وزارة الأوقاف، ط3، الكويت، 1424هـ.

([2]) انظر: الشيخ محمد بن الحسن الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 21: 337، مؤسسة آل البيت^، ط1، قم، 1409هـ.

([3]) انظر: زكريا الأنصاري، فتح الوهّاب 2: 107، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ؛ محمد بن أحمد الشربيني، مغني المحتاج 3: 251، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، 1377هـ.

([4]) انظر: الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، الخلاف 4: 409، المحقّق: علي الخراساني وآخرون، دفتر انتشارات إسلامي، ط1، قم، 1407هـ؛ وله أيضاً: المبسوط في فقه الإمامية 4: 324، تصحيح: السيد محمد تقي الكشفي، المكتبة المرتضوية، ط3، طهران، 1387هـ.

([5]) محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بـ (الشيخ المفيد)، المقنعة: 516، المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، ط1، 1413هـ.

([6]) انظر: أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه: 295، 299، مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة، ط1، إصفهان ـ إيران، 1403هـ (مجلّد واحد)؛ سلاّر الديلمي، المراسم العلوية والأحكام النبوية: 155، منشورات الحرمين، ط1، قم ـ إيران، 1404هـ (مجلد واحد)؛ حمزة بن علي الحسيني، المعروف بـ (ابن زهرة الحلبي)، غنية النـزوع إلى علمي الأصول والفروع: 356، مؤسسة الإمام الصادق×، ط1، قم ـ إيران، 1417هـ (مجلد واحد)؛ علي المؤمن القمّي السبزواري، جامع الخلاف والوفاق: 449، زمينه سازان ظهور إمام عصر#، ط1، قم ـ إيران، 1421هـ (مجلد واحد)؛ محمد بن الحسن، المعروف بـ (فخر المحققين)، إيضاح الفوائد 3: 251، تحقيق: السيد حسين الموسوي الكرماني وآخرون، إسماعيليان، ط1، قم، 1387هـ؛ الشهيد الثاني، مسالك الأفهام 8: 310، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1413هـ؛ يوسف بن أحمد البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 24: 588، تصحيح: محمد تقي الإيرواني، دفتر انتشارات إسلامي، ط1، قم، 1405هـ.

([7]) انظر: محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 31: 161، تحقيق: عباس القوجاني وعلي الآخوندي، دار إحياء التراث العربي، ط7، بيروت، 1404هـ؛ السيد أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين 2: 281، نشر مدينة العلم، ط28، قم، 1410هـ؛ السيد عبد الأعلى السبزواري، جامع الأحكام الشرعية: 568، مؤسسة المنار، ط9، قم،؛ أبو بكر بن مسعود الكاشاني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 2: 332، المكتبة الحبيبية، ط1، باكستان، 1409هـ؛ عبد الله بن أحمد، المعروف بـ (ابن قدامة)، المغني 8: 148، دار الكتاب العربي، بيروت.

([8]) انظر: يوسف بن أحمد البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 24: 588، 1415هـ؛ السيد روح الله الموسوي الخميني، تحرير الوسيلة 2: 304، مؤسسة النشر الإسلامي، قم.

([9]) انظر: محمد بن منصور، المعروف بـ (ابن إدريس الحلّي)، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 2: 655، انتشارات إسلامي، ط2، قم، 1410هـ.

([10]) انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام 8: 312، 1413هـ؛ السيد موسى الزنجاني، كتاب النكاح 24: 7501، مؤسسه پژوهشي رأي پرداز، قم، 1419هـ.

([11]) انظر: السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقى 13: 302، مؤسسة دار التفسير، ط1، قم، 1416هـ.

([12]) انظر: الشيخ محمد فاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (باب النكاح): 469، مركز فقهي أئمّة أطهار^، ط1، قم، 1421هـ.

([13]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، صراط النجاة 3: 248، مكتب نشر المنتخب، ط1، قم، 1416هـ.

([14]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين 2: 281، 1410هـ.

([15]) انظر: الشيخ الطوسي، النهاية: 484، 1405هـ؛ السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه 6: 164، تصحيح: جعفر هادي الدجيلي، دار الأضواء، ط1، بيروت، 1420هـ.

([16]) انظر: القاضي عبد العزيز ابن البرّاج، المهذّب 2: 226، دفتر انتشارات إسلامي، ط1، قم، 1406هـ؛ السيد أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين 2: 282، 1410هـ.

([17]) انظر: الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 31: 182، 1404؛ السيد عبد الأعلى السبزواري، جامع الأحكام الشرعية: 568.

([18]) انظر: محمد بن عبد الله (ابن عربي)، أحكام القرآن 1: 313.

([19]) انظر: مجموعة من المؤلّفين، الموسوعة الفقهية الكويتية 33: 186، وزارة الأوقاف، ط3، الكويت، 1424هـ؛ عبد الله بن أحمد، المعروف بـ (ابن قدامة)، المغني 8: 144.

([20]) انظر: محمد أمين (ابن عابدين)، حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار 2: 398، دار الفكر، بيروت، 1415هـ.

([21]) انظر: عبد الله بن أحمد، المعروف بـ (ابن قدامة)، المغني 7: 35.

([22]) انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 3: 11، مؤسسة الأعلمي، ط1، بيروت، 1415هـ؛ محمد بن يوسف أبو حيّان، البحر المحيط في التفسير 3: 507، تحقيق: محمد جميل صدقي، دار الفكر، بيروت، 1420هـ؛ سيد قطب، في ظلال القرآن 1: 582، دار الشروق، ط17، بيروت، 1412هـ.

([23]) الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسي، النهاية في مجرّد الفقه والفتاوي: 484، دار الكتاب العربي، ط2، بيروت ـ لبنان، 1400هـ (مجلد واحد).

([24]) انظر: محمد بن الحسن، المعروف بـ (فخر المحقّقين)، إيضاح الفوائد 3: 251، تحقيق: سيد حسين الموسوي الكرماني وآخرين، إسماعيليان، ط1، قم، 1387هـ ش.

([25]) انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام 8: 336، 1413هـ؛ محمد بن علي الموسوي العاملي، نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام 1: 424، دفتر انتشارات إسلامي التابع لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، ط1، قم ـ إيران، 1411هـ (مجلدان) ؛ محمد محسن ابن شاه مرتضى الفيض الكاشاني، مفاتيح الشرائع 2: 152، انتشارات مكتبة المرعشي النجفي، ط1، قم، إيران (ثلاثة مجلدات) ؛ يوسف بن أحمد البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 10: 10؛ المولى أحمد بن محمد مهدي النراقي، رسائل ومسائل (للنراقي) 1: 34، مؤتمر النراقيين: الملا مهدي والملا أحمد، ط1، قم ـ إيران، 1422هـ (ثلاثة مجلدات) ؛ السيد صادق الحسيني الروحاني القمّي، فقه الصادق× 22: 245، دار الكتاب، مدرسة الإمام الصادق×، ط1، قم ـ إيران، 1412هـ.

([26]) انظر: الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 29: 35؛ الشيخ محمد علي الآراكي، كتاب النكاح: 735، نورنگار، ط1، قم ـ إيران، 1419هـ (مجلد واحد).

([27]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، المبسوط في فقه الإمامية 4: 155؛ حمزة بن علي الحسيني، المعروف بـ (ابن زهرة الحلبي)، غنية النـزوع إلى علمي الأصول والفروع: 356 (مجلد واحد).

([28]) الشيخ محمد بن الحسن الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 21: 341، مؤسسة آل البيت^، ط1، قم ـ إيران، 1409هـ.

([29]) انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام 8: 336؛ محمد بن علي الموسوي العاملي، نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام 1: 424 (مجلدان)؛ محمد بن الحسن الفاضل الهندي الإصفهاني، كشف اللثام والإبهام عن قواعد الأحكام 7: 516، دفتر انتشارات إسلامي التابع لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، ط1، قم ـ إيران، 1416هـ؛ السيد أحمد الخوانساري، جامع المدارك في شرح المختصر النافع 4: 432، تحقيق: علي أكبر الغفاري، إسماعيليان، ط2، قم، 1405هـ؛ السيد عبد الأعلى السبزواري، مهذب الأحكام 25: 214، مؤسسة المنار، ط4، قم ـ إيران، 1413هـ (ثلاثون مجلداً)؛ الشيخ محمد فاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (باب النكاح): 479؛ الشيخ محمد علي الآراكي، كتاب النكاح: 735 (مجلد واحد)؛ السيد صادق الحسيني الروحاني القمّي، فقه الصادق× 22: 245.

([30]) أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 246، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، 1409هـ.

([31]) حسين بن محمد الراغب الإصفهاني، مفردات غريب القرآن: 551، تحقيق: صفوان عدنان الداوودي، دار العلم، ط1، لبنان، 1412هـ.

([32]) أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير 2: 396، دار الرضي، ط1، قم.

([33]) جمال الدين محمد بن مكرم أبو الفضل (ابن منظور)، لسان العرب 11: 430، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، دار صادر، ط3، بيروت ـ لبنان، 1414هـ.

([34]) السيد محب الدين محمد مرتضى الحسيني الزبيدي الحنفي، تاج العروس من جواهر القاموس 15: 471، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت ـ لبنان، 1414هـ.

([35]) حسن المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 8: 55، مركز الكتاب للترجمة والنشر، ط1، طهران ـ إيران، 1402هـ.

([36]) انظر: أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية: 428، مؤسسة نشر إسلامي، ط1، قم، 1412هـ.

([37]) انظر: حسن المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 9: 257.

([38]) انظر: الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 5: 363، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران، 1407هـ.

([39]) انظر: محمد بن علي، المعروف بـ (ابن شهرآشوب)، متشابه القرآن ومختلفه 2: 194، انتشارات بيدار، ط1، قم، 1410هـ.

([40]) انظر: محمد جواد البلاغي، آلاء الرحمن في تفسير القرآن 2: 9، بنياد بعثت، ط1، قم، 1420هـ؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، تفسير نمونه (التفسير الأمثل) 3: 255، دار الكتب الإسلامية، ط1، طهران، 1374هـ.ش؛ هاشم معروف الحسني، تاريخ الفقه الجعفري: 79، دار الكتاب الإسلامي، ط1، قم، 1411هـ؛ السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه 6: 164، 1420هـ؛ السيد قطب، في ظلال القرآن 2: 582، 1412هـ.

([41]) انظر: السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه 6: 164.

([42]) انظر: الشيخ محمد اليزدي، فقه القرآن 3: 19، مؤسسة إسماعيليان، ط1، قم ـ إيران، 1415هـ.

([43]) انظر: السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه 6: 162.

([44]) انظر: محمد بن عبد الله، المعروف بـ (ابن عربي)، أحكام القرآن 1: 314.

([45]) انظر: محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 5: 22، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1405هـ.

([46]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 108، تحقيق: أحمد حبيب قصير، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، 1409هـ؛ أحمد بن محمد الأردبيلي، زبدة البيان في أحكام القرآن: 508، تحقيق: محمد باقر البهبودي، المكتبة الجعفرية، ط1، طهران؛ محمد علي السايس، تفسير آيات الأحكام: 213؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، تفسير نمونة (التفسير الأمثل) 4: 254، 1374هـ.ش.

([47]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 108.

([48]) انظر: محمد بن عبد الله، المعروف بـ (ابن عربي)، أحكام القرآن 1: 314.

([49]) انظر: الشريف الرضي، حقائق التأويل في متشابه التنـزيل: 294، دار المهاجر، بيروت؛ محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 108، 1409؛ أحمد بن علي الجصّاص، أحكام القرآن 2: 350، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1415هـ.

([50]) انظر: الشريف الرضي، حقائق التأويل في متشابه التنـزيل: 294؛ محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 108؛ الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 3: 12.

([51]) انظر: محمد بن جرير الطبري، جامع البيان 4: 160، دار الفكر، ط1، بيروت، 1415هـ.

([52]) انظر: المصدر السابق 4: 160؛ محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 108؛ الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 3: 12؛ محمد علي السايس، تفسير آيات الأحكام: 213؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، تفسير نمونه (التفسير الأمثل) 3: 254.

([53]) انظر: محمد بن عبد الله، المعروف بـ (ابن عربي)، أحكام القرآن 1: 314.

([54]) انظر: السيد محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 4: 169، دفتر انتشارات إسلامي، ط5، قم، 1417هـ.

([55]) السيد أبو القاسم الخوئي، فقه الأعذار الشرعية والمسائل الطبية 1: 107، دار الصديقة، ط1، قم، 1427هـ.

([56]) حسن المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 8: 265.

([57]) انظر: مرتضى مطهري، الأعمال الكاملة 19: 361، انتشارات صدرا، ط1، قم.

([58]) الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، تفسير نمونه (التفسير الأمثل) 3: 259.

([59]) انظر: سيد قطب، في ظلال القرآن 1: 582.

([60]) انظر: مرتضى مطهري، الأعمال الكاملة 19: 340، انتشارات صدرا، ط1، قم.

([61]) انظر: السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه 6: 159، 1420هـ.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً