أحدث المقالات

د. الشيخ عصري الباني(*)

مقدّمة

هناك فكرةٌ يستأنس بها بعض الناس، ويقوم بطرحها مجموعاتٌ، نذكر منهم:

ـ بعض خطباء المنبر.

ـ بعض الشعراء، وخصوصاً في الشعر الشعبي.

ـ بعض المتنسِّكين على جهلٍ في الوَسَط الشيعي.

فقد حوَّلتْ فهمها للنهضة الحسينية في هذا الاتّجاه: أن جعلت الحسين× قد قُتل لأجل مغفرة ذنوبنا؛ ولأجل أن ندخل الجنان في آخرتنا. وهذا المنطق منطق المسيحية، كما سيأتي في تضاعيف هذا البحث. وهو بلا إشكالٍ فهمٌ منحرف، وفكرةٌ خاطئة بشكلٍ كامل. فشفاعة الحسين× لا حدود لها، وإحياء أمر الحسين× له أجرُه وثوابُه، وهذا شيءٌ يستند إلى منطق القران الكريم والسنّة الشريفة، وله تفاصيله وأسسه وجذوره، ولكنه لا يرتبط بفكرة الفداء المسيحيّ، لا من قريبٍ ولا من بعيد.

أساس نشوء فكرة الفداء المسيحي

فكرة الفداء المسيحي هي فكرةٌ في الدين المسيحي نفسه، برنامج اشترك في إيجاده مجموعة عوامل:

ـ أباطرة الروم.

ـ رجال الدين المسيحيّين ـ الذين تلتقي منافعهم مع منافع الأباطرة ـ.

ـ حالة الصَّنَمية والجهل والأمِّية المتفشِّية في عامّة المسيحيّين.

فنشأتْ هذه الفكرةـ وصارتْ ديناً.

مؤلَّفات نظَّرَتْ لمفهوم (الفداء الحسيني)

من بين المؤلَّفات التي أُرْشِف لها في المكتبة الحسينية لتنظِّر لهذه الفكرة هو ما كتبه الكاتب المسيحي السوري أنطوان بارا([1]) في كتاب (الحسين في الفكر المسيحي)، هادفاً من ذلك إعطاء رؤيةٍ متكاملة عن الثورة الحسينية. وقد بذل جهداً كبيراً، وحاول أن يَجِد وجه تشابهٍ فيما بين الحسين والمسيح، ولكنّه لم يستطِعْ أن يَجِد هذه النقطة في النهضة الحسينية؛ فهو قد تحدَّث عن المسيح بثقافته المسيحيّة الواسعة، وتحدَّث عن الامام الحسين× أيضاً باطِّلاعٍ دقيق.

وسيكون تناولنا لهذا الموضوع من خلال الامور التالية:

الأوّل: تعريف مفهوم الفداء المسيحيّ

سنتكلَّم عن: فكرة الفداء عموماً، وفداء البشرية بصفةٍ خاصّة، ثمّ نوضِّح عمل الفداء، وما يشتمل عليه من بركاتٍ، من وجهة نظر المسيحية.

ـ فكرة الفداء: لكي نعطي فكرة مبسّطة عن الفداء من وجهة نظرٍ مسيحية يلزمنا أن نتكلَّم عن: مفهوم الفداء، ثمّ نعطي أمثلةً عن الفداء من الكتاب المقدّس.

1ـ مفهوم الفداء: الفداء هو التخليص من الموت ببَدَلٍ (شخص بديل)، أي أن يتحمَّل الشخص الذي سيقوم بعملية الفداء الحكم المحكوم به على الشخص المفدى.

أو بمعنى أبسط: الفداء هو أن يموت الفادي بَدَلاً عن المفدى.

2ـ أمثلةٌ للفداء: لقد جاءت فكرة الفداء هذه بطرق شتّى في الكتاب المقدّس، وسنقتصر على ذكر ما يأتي:

 أـ فداء إسحاق: لقد أمر الربّ إبراهيم قائلاً: «خُذْ ابنك وحيدك الذي تحبّه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا (اسم جبل)، وأصعده هناك محرقة». فذهب إبراهيم كما أمره الربّ، وعندما وصل إلى المكان المعين يقول الكتاب: إنه «ربط إسحاق ابنه، ووضعه على المذبح فوق الحطب. ومدّ إبراهيم يده، وأخذ السكين؛ ليذبح ابنه. فناداه ملاك الربّ من السماء، وقال: «إبراهيم إبراهيم، لا تمدّ يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئاً؛ لأني علمت أنك خائف الله، ولا تمسك ابنك وحيدك عنّي. فرفع إبراهيم عينيه ونظر، وإذا كبشٌ وراءه، ممسكاً في الغاب بقرنَيْه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش، وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه»([2]). وفي نظرهم لا يمكن أن الله ينقض كلامه ويبدِّله، ومن أجل ذلك فقد أوجد كبشاً ليذبح عوضاً عن إسحاق، وهذا هو ما يسمّى بالفداء. فالكبش تحمَّل الحكم (وهو الذبح) عوضاً عن إسحاق.

ب ـ فداء كلّ بكر إنسان: يذكر الكتاب المقدّس أنه عندما كان بنو إسرائيل في أرض مصر، وقد أذلّهم فرعون، أرسل الربّ موسى النبيّ؛ لينقذهم من يده ويخرجهم من أرض مصر. ولكنّ فرعون عارض بشدّةٍ، ولم يطلقهم بسهولةٍ، فضربه الربّ هو وشعبه بالضَّرَبات العَشْر. وكانت الضربة الأخيرة هي قتل كلّ بكرٍ في أرض مصر من بكر الإنسان إلى بكر البهائم. وبالرغم من وجود بني إسرائيل في أرض مصر في ذلك الوقت إلاّ أنه لم يصب أبكارهم شيئاً من هذه الضربات. لماذا؟ لأن الله قد جعل لهم شريعةً في تلك الأيام، وهي أن يذبح كلّ بيتٍ حَمَلاً، ويقدِّمونه ذبيحة للربّ عوضاً عن كلّ بكرٍ؛ ليكون فديةً عنه. هذا ما أمر به الربّ، قائلاً: «كلّ بكر إنسان من أولادك تفديه»([3]). فإن بكر كلّ إنسان كان لا بُدَّ أن يُقْتَل أسوة بأبناء المصريين؛ لأن أمر الربّ كان للملاك بأن يقتل كلّ بكرٍ في أرض مصر([4])، فكان لا بُدَّ أن يقتل أيضاً أبكار الإسرائيليين؛ لأنهم كانوا في أرض مصر. ولكنّ الربّ ينقذهم من هذه الضربة، فلا يقتل أبكارهم. ولكي يوفِّق بين أمره الأول بموت الأبكار وعفوه الثاني أن لا يموت أبكار الإسرائيليين لهذا شرع لهم شريعة الفداء، قائلاً: «كلّ بكر إنسان من أولادك تفديه»([5]).

ج ـ ذبائح الفداء للتكفير: يتّضح موضوع الفداء تماماً فى العهد القديم، حيث كان الإنسان الذي يرتكب خطيّةً يقدّم فديةً عن نفسه؛ ليخلِّص نفسه من عقاب الله الذي يستحقّه. فقد جاء في الشريعة أنه «إن أخطأ أحدٌ وعمل واحدةً من جميع مناهي الربّ التي لا ينبغي عملها، كان مذنباً وحمل ذنبه، فيأتي بكبشٍ صحيح من الغَنَم فيكفِّر عنه…، فيصفح عنه»([6]).

 وجاء أيضاً في الشريعة أنه «إنْ سها كلّ جماعة إسرائيل، وعملوا واحدة من جميع مناهي الربّ التي لا ينبغي عملها، وأثموا، ثمّ عرفت الخطيّة التي أخطأوا بها، يقرب المجمع ثوراً ابن بقر ذبيحة خطية، ويكفّر عنهم، فيصفح عنهم»([7]). ونلاحظ أنه بحَسَب عدل الله ـ كما يعتقدون ـ لا بُدَّ لمَنْ يخطئ أن يموت([8])، ولكنْ من أجل رحمته لا بُدَّ أن يصفح عنه. وللتوفيق بين عدل الله ورحمته وُضعت هذه الشريعة، شريعة الفداء، فيقدّم الفرد كبشاً، وتقدّم الجماعة ثوراً؛ للتكفير؛ ليصفح عنهم. ومن هذا يتّضح أن فكرة الفداء التي شرّعوها هي للتوفيق بين عدل الله ورحمته.

ثانياً: فداء البشرية: إن فكرة الفداء هذه التي وضحت آنفاً لم تكن إلاّ تمهيداً ورمزاً للفداء الحقيقي الذي دبّره الله بنظرهم لخلاص البشرية كلّها من حكم الموت. فالكباش والثيران لا تكفي لفداء الإنسان، فعدالة الله بنظرهم لا ترضى بفداء الحيوان للإنسان. وإنْ كانت قد سمحَتْ بذلك في العهد القديم، فما كان ذلك إلا صورةً ورمزاً للفداء الحقيقي. فالفداء الحقيقي يرتكز حول قول بولس الرسول: «إن كان واحدٌ قد مات لأجل الجميع فالجميع إذن ماتوا»([9]). فلا بُدَّ من موت (واحدٍ) فدية عن الجميع. ولكـنْ أيّ (واحدٍ) هذا يا ترى الذي يقدر أن يفدي البشرية كلّها؟ الواقع أنه ليس هو مجرّد (واحد) عادي، وإنَّما لا بُدَّ أن تكتمل في هذا الواحد الذي سيفدي البشرية شروط معينة، نبحثها في ما يلي: ـ

1ـ شروط الفادي: في نظرهم يجب أن تتوفّر في الفادي؛ باعتبار أنه سيفدي البشرية كلّها، شروط معينة؛ إذ لا بُدَّ أن يكون الفادي:

أـ الفادي غير محدود: هذا هو أوّل شرطٍ يجب أن يتوفّر في الفادي؛ لما يأتي. إن الخطية تُقدَّر قيمتها وفقاً لقيمة الشخص الـمُخطأ فى حقِّه، وعقوبتها أيضاً تقاس طبقاً لمركزه، والتكفير عنها يتناسب مع قيمته. فمثلاً: إذا أخطأتُ في حقّ زميلٍ لي تكون خطيتي محدودةً، ولا تحتاج لأكثر من اعتذارٍ؛ أما إذا أخطأتُ فى حقّ (صاحب السلطة) فإني أستحقّ عقوبةً شديدة، ولا يكفي لها مجرّد الاعتذار. وهكذا إذا أخطأتُ في حقّ الله فإن خطيئتي تعتبر غير محدودة؛ لأن الله غير محدود، وأستحقّ عقاباً غير محدود، ولهذا فإن فدائي يحتاج إلى كفّارةٍ غير محدودة. لذلك فإن الفادي الذي يكفِّر عن خطيّتي يجب أن يكون غير محدود.

 ب ـ الفادي إنسانٌ: إذ لا بُدَّ بنظرهم أن يكون الفادي من جنس المفدى، ومساوياً له في القيمة. فلا يصلح إذن أن يفدي الحيوان الإنسان؛ لأنه ليس من جنسه، ولا من قيمته. لهذا يجب أن يكون الفادي إنساناً ليفدي الناس.

ج ـ الفادي طاهرٌ: وهذا من وجهة نظرهم لأنه إنْ كان هو نفسه خاطئاً فإنه لا يستطيع أن يفدي غيره، وإنما يموت بخطيّة نفسه فقط. والحيوان لا تتوفَّر فيه هذه الشروط؛ فالحيوان مخلوقٌ محدود، وهو ليس إنساناً. والملاك مخلوقٌ محدود، وهو أيضاً ليس إنساناً، والنبيّ بنظرهم مخلوقٌ محدود، وهو أيضاً ليس طاهراً؛ إذ إنه من نسل آدم، الذين تلوَّثَتْ دماؤهم بجراثيم الخطيّة.

2ـ الفادي الوحيد: رأينا في النقطة السابقة الشروط التي وضعوها، والتي يجب بنظرهم أن تتوفَّر في الشخص الذي يفدي البشرية. ورأينا أيضاً أنه لا يصلح لفداء البشرية حيوانٌ ولا ملاكٌ ولا نبيٌّ. ويعتقدون بأن مشكلة الفداء هذه قد أوجد الله لها حلاًّ وحيداً فريداً بحكمته الفائقة، وهذا الحلّ هو شخص يسوع المسيح الفادي.

ولنبحث الآن كيف اكتملت شروط الفادي في شخص المسيح؟ من خلال النقاط التالية:

 أـ الله وحده غير محدود: لا يوجد في نظرهم كائنٌ غير محدود سوى الله وحده، لهذا فلا يوجد سوى حلٍّ واحد للمشكلة، وهو أن يتنازل الله ويفدي الإنسان. ولهذا دبَّر الله أن يحلّ روحه غير المحدود في جسد المسيح البشري المحدود؛ ليكسبه صفة اللا محدودية المطلوبة في الفادي. وهذا ما وضَّحه الكتاب المقدّس بقوله: «عظيمٌ هو سرّ التقوى، الله ظهر في الجسد»([10]).

 ب ـ المسيح إنسانٌ: فالله بنظرهم أخذ من مريم العذراء جَسَداً، وحلّ فيه بروحه، لذلك فالمسيح من جهة الجَسَد هو إنسانٌ كامل، فقد قال عنه بولس الرسول أنه «أخلى نفسه، آخذاً صورة عبدٍ، صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه، وأطاع حتّى الموت، موت الصليب»([11]).

 ج ـ المسيح طاهرٌ: وهذا الشرط بنظرهم أيضاً قد اكتمل في المسيح، فبطرس الرسول يقول عنه: «لم يفعل خطيّةً، ولا وُجد في فمه مَكْرٌ»([12]).

 من هذا نرى أن يسوع المسيح في نظر المسيحيين هو الفادي الذي اكتملت فيه الشروط المطلوبة؛ فهو من جهة طبيعته الإلهية غير محدود، ومن جهة طبيعته البشرية هو إنسانٌ؛ ومن جهة الطهارة هو لم يعرف خطيّةً قطّ. لذلك قدَّم نفسه ذبيحةً على الصليب؛ ليكفِّر عن خطايا البشرية، ويموت فداءً عن الناس جميعاً. ولهذا يقول الكتاب المقدَّس: «متبررين مجّاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح. الذي قدّمه الله كفّارة بالإيمان بدمه لإظهار برّه؛ من أجل الصفح عن الخطايا السالفة»([13]). فهذا هو يسوع المسيح الذي به صار لهم ـ كما يزعمون ـ الفداء بدمه؛ لغفران خطاياهم.

 ثالثاً: عمل الفداء: إن تحليل عمل الفداء نفسه، والبركات التي سيحصلون عليها بادّعائهم، أمرٌ يطول شرحه. ولكنْ نكتفي ببعض تلك الآثار في ما يلي:

1ـ الرحمة: فالفداء ـ بنظرهم ـ هو عملُ رحمةٍ من الله؛ إذ يقول الكتاب المقدّس: «لا بأعمال في برٍّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا»([14]). إذن ليس لأحدٍ أيّ فضلٍ في هذا الفداء، وإنما هو صادرٌ من قلب الله المحبّ والمفعم بالرحمة. وعليه لا بُدَّ لهم أن يشكروا الربّ بزعمهم على رحمته الجزيلة.

2ـ الشفاعة: معنى الشفاعة ـ كما يزعمون ـ هو أن يتوسّط المسيح بين الله والناس؛ ليمنع عقابه عنهم؛ لأنه مات بَدَلاً منهم. لهذا يقول الكتاب المقدّس: «لنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البارّ، وهو كفّارةٌ لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كلّ العالم أيضاً»([15]).

فهو الشفيع (أي المحامي) الوحيد، الذي لا يستطيع غيره أن يخلِّص. فالكتاب المقدّس عندهم يقول: «ليس بأحدٍ غيره الخلاص؛ لأنه ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص»([16]).

3ـ الموت عوض البشرية: يقول بولس الرسول: « إنْ كان واحدٌ مات عن الجميع فالجميع إذن ماتوا»([17]). فموت المسيح عن البشرية اعتبروه في عدالة الله أنه موتٌ للبشرية كلّها؛ لأن المسيح أسلم نفسه لأجلهم، كما يقول الكتاب المقدّس عن المسيح: «إنه أحبنا أيضاً، وأسلم نفسه لأجلنا، قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة»([18]). ولهذا يقولون في صلاة القداس الإلهي: «هذا الذي أحبّ خاصّته الذين في العلم، وأسلم ذاته فداءً عنّا إلى الموت الذي تملك علينا»([19]).

4ـ إحياء البشرية: فالمسيح ـ بنظرهم ـ لم يُصْلَب عن البشرية فحَسْب، وإنما قام من الأموات ليقيم البشرية معه من موت خطاياها؛ لتسلك في حياة جديدة مقدّسة. فقد قال الكتاب: «ونحن أمواتٌ بالخطايا (أي تحت حكم الموت كعقوبةٍ للخطيّة)، أحيانا مع المسيح (أي رفع عنهم حكم الموت وأعطاهم حياةً من جديد مع المسيح)، وأقامنا معه (أي بقيامة المسيح من الموت أقامهم أيضاً من موت الخطية)»([20]).

 5ـ تمجيد البشرية: يقول الكتاب المقدّس ـ كما يزعمون ـ: «أجرة الخطيّة هي موتٌ. أما هبة الله فهي حياةٌ أبدية بالمسيح يسوع ربّنا»([21]). وهكذا يرَوْن أن الله قد وهبهم الحياة الأبدية؛ لأن المسيح يسوع قد مات عنهم.

فهذا الفداء المسيحيّ الذي يعتقدون به، ويتمسَّكون، وبه تُرتَّب عليهم أمورٌ في صالحهم ـ بزعمهم ـ:

أوّلاً: تُغْفَر خطاياهم.

ثانياً: يكونون أبناءً لله: فالمسيحيون الذين يعتقدون بالفادي، ويعتقدون بالفداء، سيكونون أبناء الله بالتبنّي، لا كما هو حال يسوع، الذي هو ابن الله الحقيقي في عقيدتهم.

وستتحسَّن علاقتهم مع الله، وحينئذٍ فإنّ روح القُدُس ستسكن في أرواحهم؛ فإنّ يسوع المسيح حينما غادر هذه الدنيا وارتفع منها ترك لهم بوّابةً منها يأتينا روح القدس، يتواصل معهم، وحينئذٍ فإنّهم قد طهروا، وهذه الطهارة ستقودهم إلى الحياة السعيدة الهانئة بعد الموت.

هذه هي عقيدةُ الفداء المسيحيّ بشكلٍ مُوجَز ومختَصَر.

الثاني: نقد الفكرة من خلال القرآن الكريم

عند تتبُّع الآيات التي تحدَّثت عن الفِدْية في القرآن الكريم وجدنا أنها جميعاً تردّ هذه الفكرة وترفضها:

الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ (آل عمران: 91).

فحبوط العمل هو إيقاعه على خلاف الوجه المأمور به، فاذا أوقعه كذلك لم يستحقّ عليه الثواب، فجاز لذلك أن يُقال: أحبط عمله. ومتى أوقعه على الوجه المنهيّ عنه استحقّ مع ذلك العقاب. وليس المراد بذلك بطلان ما يستحقّ عليه من الحمد والثناء، ولا بطلان الثواب بما يستحقّ من العقاب؛ لأن الثواب إذا ثبت فلا يزول على وجهٍ بما يستحقّ صاحبه من العقاب؛ لانه لا تنافي بين المستحقّين، ولا تضادّ.

وأما حبوطها في الدنيا فلأنهم لم ينالوا بها مدحاً ولا ثناءً. وإنما تبطل الطاعة حتّى تصير بمنزلة ما لم تفعل إذا وقعت على خلاف الوجه المأمور به.

وقوله: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ يدلّ على أنه تعالى لا ينصر كافراً؛ لأنه لو نصره لكان أعظم ناصر، والله تعالى نفى على وجه العموم أن يكون لهم ناصرٌ، ولأن مفهوم الكلام أنه لاينفعهم نصرٌ لكفرهم([22]).

فالآية المتقدّمة تنفي وجود قانونٍ من الفداء والافتداء بأيّ نحوٍ من الأنحاء يوم القيامة.

الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (المائدة: 36).

فالآية تشير إلى مصير الكافرين، وتؤكِّد أنّهم مهما بذلوا ـ حتّى لو كان كلّ ما في الأرض أو ضِعْفه ـ في سبيل إنقاذ أنفسهم من عذاب يوم القيامة فلن يقبل منهم ذلك، وأنّهم سينالون العذاب الشديد([23]).

فلا يوجد قانونٌ للافتداء وللفِدْية للجميع، لا للكافرين ولا لغيرهم.

الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ (الرعد: 18).

فالمهاد الفراش الذي يوطأ لصاحبه، والمكان الممهَّد الموطَّأ، وسُمِّيت جهنّم مهاداً لأنها مُهِّدت لاستقرارهم فيها؛ لكفرهم وأعمالهم السيّئة… فقد بين الله سبحانه فيها آثار الاعتقاد الحقّ والإيمان به والاستجابة لدعوته؛ وآثار الاعتقاد الباطل والكفر به وعدم استجابة دعوته. ويشهد بذلك سياق الآيات؛ فإن الحديث فيها يدور حول عاقبة الإيمان والكفر، وأن العاقبة المحمودة التي للإيمان لا يقوم مقامها شيءٌ، ولو كان ضِعْف ما في الدنيا من نعمةٍ([24]).

فلا يوجد قانونٌ للافتداء وللفِدية للجميع، لا للكافرين ولا لغيرهم.

الآية الرابعة: قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ (يونس: 54).

(ولَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ) من هَوْل العذاب وشدّته، ولا ينفعها الفداء شيئاً. والغرض من هذا الفرض التأكيد على أنه لا يُجدي في ذاك اليوم شيء إلاّ الإيمان والعمل الصالح…

(وأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ)، ولكنْ حيث لا ينفع الندم، أسرُّوه أم أعلنوه، وذُكر هنا لمناسبة تحذير الرسول للمكذِّبين، وأُعيد هنا لمناسبة عدم الجدوى من الفداء لو أمكن([25]).

الآية الخامسة: قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ (الرعد: 18).

أخبر الله تعالى في هذه الآية أن الذين يجيبون دعاء الله إلى طريق التوحيد والعمل بشريعته وتصديق نبيّه ويطلبون مرضاته في فعل ما دعاهم إليه لهم الحُسْنى، وهي المنفعة العظمى في الحُسْن… وإن الذين لم يجيبوا دعاءه ولم يقرّوا بنبيِّه ولم يعملوا بما دعاهم إليه (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) ملكاً لهم، ويضيفوا إليه مثله في الكثرة، لافتدَوْا بجميع ذلك أنفسهم من عذاب النار، وطلبوا به الخلاص منه، لو قُبل ذلك منهم. والافتداء جعل أحد الشيئين بَدَلاً من الآخر على وجه الاتّقاء به، فهؤلاء لا يقيهم من عذاب الله شيءٌ ـ نعوذ بالله منه ـ، ثم أخبر تعالى أن لهؤلاء سوء الحساب([26]).

فالآية تنفي وجود قانونٍ للفداء أو الافتداء يوم القيامة.

الآية السادسة: قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ (الزمر: 47).

فلو وجد المشركون فِدْيةً منه بالغةً ما بلغت لافتدَوْا بها. وَ(مَا فِي الأَرْضِ) يشمل كلّ عزيزٍ عليهم من أهليهم وأموالهم، بل وأنفسهم، فهو أهون من سوء العذاب يوم القيامة. والمعنى: لو أن ذلك ملكٌ لهم يوم القيامة لافتدَوْا به يومئذٍ. ووجه التهويل في ذلك هو ما يستلزمه مُلْك هذه الأشياء من الشحّ بها في متعارف النفوس، فالكلام تمثيلٌ لحالهم في شدّة الدرك والشقاء بحال مَنْ لو كان له ما ذكر لبذله فديةً من ذلك العذاب… وتضمن حرف الشرط أن كون ما في الأرض لهم منتفٍ، فأفاد أن لا فِداء لهم من سوء العذاب، وهو تأييسٌ لهم. و(مِن) في قوله: (مِنْ سُوء العَذَابِ) بمعنى لام التعليل، أي لافتدوا به لأجل العذاب السيِّىء الذي شاهدوه. ويجوز أن تكون للبَدَل، أي بَدَلاً عن (سُوءِ العَذَابِ). وعطف على هذا التأييس تهويلٌ آخر في عظم ما ينالهم من العذاب، وهو ما في الموصول من قوله: (مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) من الإيهام الذي تذهب فيه نفس السامع إلى كلّ تصويرٍ من الشدّة([27]).

فلا يوجد برنامجٌ للافتداء في يوم القيامة مطلقاً.

الآية السابعة: قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (الحديد: 15).

(فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ) أيّها المنافقون (فِدْيَةٌ)، وهي ما يبذل من أجل افتداء النفس من العذاب. (وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: ولا يؤخذ ـ أيضاً ـ من الذين كفروا ظاهراً وباطناً فداءٌ. (مَأْوَاكُمُ) جميعاً (النار)، أي: المكان الذي تستقرّون فيه هو النار. (هِيَ مَوْلاَكُمْ)، أي: هذه النار هي أَوْلى بكم من غيرها. والأصل هي مكانكم الذي يُقال فيه: أَوْلى بكم… وعطف ـ سبحانه ـ الذين كفروا على المنافقين في عدم قبول الفدية؛ لاتحادهم في التكذيب بيوم الدين، وفي الاستهزاء بالحقّ الذي جاءهم من عند الله تعالى. والمخصوص بالذمّ في قوله تعالى: (وَبِئْسَ المَصِيرُ) محذوفٌ، والتقدير: وبئس المصيرُ جهنّم، التي هي المكان الذي تصيرون إليه([28]).

فليس هناك من فديةٍ ولا افتداء.

الآية الثامنة: قوله تعالى: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ *  كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى﴾ (المعارج: 11 ـ 16).

لما وصف الله تعالى القيامة وأهوالها، وأخبر أن الحميم لا يسأل حميماً؛ لشغله بنفسه، قال: (يُبَصَّرُونَهُمْ)، أي يعرف الكفّار بعضهم بعضاً، ثمّ يفرّ بعضهم عن بعضٍ… فيتمنّى العاصي… (لَوْ يَفْتَدِي)، فالافتداء افتداء الضَّرَر عن الشيء يبدل منه، فهؤلاء تمنوا سلامتهم من العذاب النازل بهم بإسلام كلّ كريم عليهم… (بِبَنِيهِ) يعني بأولاده الذكور، (وَصَاحِبَتِهِ) يعني زوجته، (وَأَخِيهِ) يعني ابن أبيه وأمّه، (وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ) فالفصيلة هي المنقطعة عن جملة القبيلة برجوعها إلى أبوّةٍ خاصّة، وهي الجماعة التي ترجع إلى أبوّةٍ خاصّة عن أبوّة عامّة، (وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ) أي يتمنّى هذا الكافر أن يتخلَّص من عذاب الله بأن يفتدى بهؤلاء كلّهم، فقال الله تعالى: (كَلاَّ)، أي ليس ينجيه من عقاب الله شيءٌ… (إِنَّهَا لَظَى)، فلَظَى اسمٌ من أسماء جهنّم مأخوذ من التوقُّد… (نَزَّاعَةً)… ومعنى نزّاعة كثيرة النَّزْع، وهو اقتلاع عن شدّةٍ… (لِلشَّوَى) جلدة الرأس… والشَّوى الكوارع والأطراف، والشَّوى ما عدا المقتل من كلّ حيوانٍ([29]).

فلا يوجد افتداءٌ، لا بأموال، ولا بعقارات، ولا بأشخاص، ولا بأيّ شيءٍ. جميع أنواع الفداء والافتداء لا وجود لها يوم القيامة. وقد نَفَتْ هذا المعنى جملةً وتفصيلاً، فلا وجود لهذا المعنى في يوم القيامة.

الآية التاسعة: قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ في الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ (الإسراء: 33).

عن جابر، عن أبي جعفر× قال: نزلت هذه الآية في الحسين×: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ في الْقَتْلِ﴾ قاتل الحسين، ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ قال: الحسين×([30]).

فالآية في الأفق الحقيقي في مرحلة التأويل تتحدَّث عن الحسين×، ولذا فإنّ الـ (لا) في قوله تعالى: (فَلاَ يُسْرِفْ) هي لا النافية، فاذا كان قتل الحسين× فداءً للشيعة؛ لتغفر ذنوبهم، فلماذا هذا الأمر إذن؟!

وإذا كان قتل الحسين فداءً للشيعة فليس هناك من ثأرٍ، وليس هناك من حقٍّ ثابت لوليّه، وليس هناك من معنىً لهذا الشعار: (يا لثارات الحسين)، الذي تنادي به الملائكة عند قبر الحسين×، وهو ما جاء عن الريّان بن شبيب قال: دخلتُ على الرضا× في أوّل يوم من المحرَّم، فقال: «…ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره، فلم يُؤْذَنْ لهم، فهم عند قبره شعثٌ غبرٌ إلى أن يقوم القائم×، فيكونون من أنصاره، وشعارهم: يا لثارات الحسين×…»([31])، فهو فدى نفسه وانتهى الأمر.

ولذا نقول: لا معنى للفداء الحسيني، إنّه فكرٌ شيطاني.

الآية العاشرة: قوله تعالى: ﴿وإذَا المَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (التكوير: 8 ـ 9).

عن أبي عبدالله×، في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وإذَا المَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾، قال: نَزَلَتْ في الحسين بن عليٍّ’([32]).

فهذه المودّة عنوانها الأوّل فاطمة÷، وعنوانها المتجلِّي من فاطمة الحسن والحسين’. ولكنّ النهضة المركزية الأعظم لمحمد| هي نهضة الإمام الحسين×، ولذلك قال|: «حسين منّي وأنا من حسين»([33]).

فالسؤال للموؤودة هنا هو لفظاً للحسين، ولكنه معنىً لنا ولكلّ هذا الوجود: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾ (الصافّات: 24) عن ولاية عليّ بن أبي طالب×، حكاه أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخِدْري([34]).

الثالث: نقد الفكرة من خلال السنّة الشريفة

ويشمل ذلك أحاديثهم وأدعيتهم وزياراتهم^، ونشير إلى نماذج منها:

النصّ الأوّل: خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد×: (إن مولانا الحسين× وُلد يوم الخميس لثلاث خلَوْنَ من شعبان، فصُمْه، وادْعُ فيه بهذا الدعاء: اللهمّ، إني أسألك بحقّ المولود في هذا اليوم، الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بَكَتْه السماء ومَنْ فيها، والأرض ومَنْ عليها ولمّا يطأ لابتَيْها، قتيل العبرة، وسيّد الأسرة، الممدود بالنصرة يوم الكرّة، المعوَّض من قتله أن الأئمّة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أَوْبته، والأوصياء من عترته، بعد قائمهم وغيبته، حتّى يدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويرضوا الجبّار، ويكونوا خير أنصار (صلّى الله عليهم) مع اختلاف الليل والنهار. اللهمّ فبحقِّهم إليك أتوسَّل، وأسأل سؤال مقترفٍ معترف مسيء إلى نفسه ممّا فرط في يومه وأمسه، يسألك العصمة إلى محلّ رمسه. اللهمّ فصلٍّ على محمد وعترته، واحشرنا في زمرته، وبوِّئنا معه دار الكرامة ومحلّ الإقامة. اللهمّ، وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرمنا بزلفته، وارزقنا مرافقته وسابقته، واجعلنا ممَّنْ يسلِّم لأمره، ويكثر الصلاة عليه عند ذكره، وعلى جميع أوصيائه، وأهل أصفيائه، الممدودين منك بالعدد الاثني عشر، النجوم الزهر، والحجج على جميع البشر. اللهمّ وهَبْ لنا في هذا اليوم خير موهبةٍ، وأنجح لنا فيه كلّ طلبةٍ، كما وهبت الحسين لمحمد جدّه، وعاذ فطرس بمهده، فنحن عائذون بقبره من بعده، نشهد تربته، وننتظر أَوْبته، آمين ربّ العالمين)([35]).

والسؤال هنا: لماذا يمدّ بالنصرة إذا كان فداءً؟!، ولماذا يعوَّض من قتله؟!، ولماذا جعلت كلّ هذه المعاني الواردة في هذا المقطع من الدعاء عوضاً لدم الحسين×؟!

فحين كان فداءً قد تحقَّقت أهدافه، فنهضة الفداء هو مشروع وهدف في نفس الوقت، فلا توجد له آثار وتفاريع، إنّما آثاره تتحقَّق في يوم القيامة حينما تغفر ذنوبنا. أمّا في عالم الدنيا فقد تحقَّق الهدف؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى حينئذٍ قد قبل الفداء وقرَّر أن يغفر ذنوب الذين فداهم الحسين بدمه. وهو ما يتنافر ويتنافى ويتعارض مع الرواية المتقدّمة في جميع الاتّجاهات.

النصّ الثاني: عن الحسين بن ثوير قال: كنتُ أنا ويونس بن ظبيان والمفضَّل بن عمرو أبو سلمة السرّاج جلوساً عند أبي عبد الله×، وكان المتكلِّم منا يونس، وكان أكبر ناسنا، فقال له: …جُعلتُ فداك، إني أريد أن أزوره، فكيف أقول؟ وكيف أصنع؟ قال: …ثمّ تقول: أشهد أنك حجّة الله وابن حجّته، وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله، وأشهد أنك ثائر الله وابن ثائره، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض… وبكم يدرك الله ترة كلّ مؤمنٍ يطلب بها…)([36]).

والمَوْتُورُ: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه؛ تقول منه: وتَرَه يَتِرُه وَتْراً وتِرَةً. وفي حديث محمد بن مسلمة: أَنا المَوْتُور الثائِرُ، أَي صاحب الوَتْرِ، الطالبُ بالثأْر([37]).

فالتِّرَة هنا تعني ثأر الحسين×، وهذه التِّرة في أعناقنا نحن، نُسأل عنها. هناك مسؤوليّة في أعناقنا، نحن مسؤولون عن دم الحسين×.

والسؤال هنا: لماذا يطلب بثاره إذا كان فداءً؟! ولماذا ينتقم ممَّنْ قتله؟! ولماذا جُعلت كلّ هذه المعاني الواردة في هذا المقطع من الزيارة؟!

النصّ الثالث: دعا الحسين× بدواةٍ وبياض، وكتب هذه الوصية لأخيه محمد: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية: إن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، جاء بالحقّ من عند الحقّ، وأن الجنّة والنار حقٌّ، وأن الساعة آتية لا رَيْبَ فيها، وأن الله يبعث مَنْ في القبور. وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي|، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب×، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أَوْلى بالحقّ، ومَنْ ردّ عليَّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ، وهو خير الحاكمين. وهذه وصيّتي يا أخي إليك، وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكلتُ وإليه أنيب). قال: ثمّ طوى الحسين الكتاب، وختمه بخاتمه، ودفعه إلى أخيه محمد، ثم ودَّعه وخرج في جوف الليل([38]).

فشعاره: (إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي) هذا المضمون يتناقض جملةً وتفصيلاً مع فكرة (الفداء الحسيني).

النصّ الرابع: شعار الحسين×: (أما من مغيثٍ يغيثنا لوجه الله؟ أما من ذابٍّ يذبّ عن حَرَم رسول الله؟)([39]).

والسؤال هنا: لماذا يطلب سيّد الشهداء النصرة وهو في مقام الفداء؟! هو جاء فادياً ومقدِّماً نفسه فداءً، فلماذا يطلب من الآخرين أن يكونوا فداءً معه؟! أليس هذا يقدح في الفداء؟ فالفادي يكون في غاية الجود بنفسه، وفي غاية الحرص على الذين يريد أن يقدِّم هذا الفداء لأجلهم، فلماذا يريد من شيعته أن يأتوا كي يُقْتَلوا معه؟! لماذا جاء بأسرته؟! فمن خلال وقفة تأمُّلٍ قصيرة عند هذه المواقف تتَّضح من خلالها الصورة.

النصّ الخامس: في زيارة الناحية المقدَّسة نقرأ هذه العبارات، حين تخاطب الزيارة الشريفة الإمام الحسين×: (…فالويل للعصاة الفسّاق، لقد قتلوا بقتلك الإسلام، وعطّلوا الصلاة والصيام، ونقضوا السنن والأحكام، وهدموا قواعد الإيمان، وحرّفوا آيات القرآن، وهملجوا([40]) في البَغْي والعدوان. لقد أصبح رسول الله| موتوراً، وعاد كتاب الله (عزَّ وجلَّ) مهجوراً، غودر الحقّ إذ قهرت مقهوراً، وفقد بفقدك التكبير والتهليل، والتحريم والتحليل، والتنزيل والتأويل، وظهر بعدك التغيير والتبديل، والإلحاد والتعطيل، والأهواء والأضاليل، والفتن والأباطيل)([41]).

والسؤال هنا: إذا كان الحسين× فداءً لماذا ظهر كلّ هذا الخراب؟! فهل أنّ الحسين× فدى نفسه كي يظهر كلّ هذا الخراب؟! ولماذا يترتَّب على هذا الخراب مشروعٌ طويل تحرَّك فيه أئمّتنا، من إمامنا السجّاد إلى إمامنا القائم (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

النصّ السادس: ما جاء في زيارة الامام الحسين×، عن أبي عبد الله× قال: إذا دخلتَ الحائر فقُلْ: (…ضمنت الأرض ومَنْ عليها دمك وثارك يا بن رسول الله، صلّى الله عليك، أشهد أن لك من الله ما وعدك من النصر والفتح، وأن لك من الله الوعد الصادق في هلاك أعدائك، وتمام موعد الله إيّاك، أشهد أن مَنْ تبعك الصادقون…)([42]).

والسؤال هنا: إذا كان الإمام الحسين× فداءً لماذا تضمن الأرض دمه وثأره×؟! وأهداف الإمام الحسين× تتحقَّق بداياتها في ظهور الإمام المهديّ#، ويتجلّى نصره وفتحه في الرجعة العظيمة. فليس ما قام به الإمام الحسين× كان فداءً لذنوبنا ولأخطائنا ومعاصينا حتّى تغفر يوم القيامة، وإنّما هو تحقيقٌ لبرنامج الخلافة الإلهيّة. فهذا البرنامج لم يتحقَّق حتّى الآن، هذا البرنامج بوّابته الأولى عند ظهور إمام زماننا الحجّة بن الحسن#، ثمّ تفتح البوّابات الأخرى، بوّابة بعد بوّابة، والبداية من الإمام الحسين×.

الرابع: طريق النجاة في فكر أهل البيت^

هناك قانونٌ للنجاة. هناك الشفاعة التي ينجو بها السعداء. ونحن تشملنا هذه القوانين. فنحن ظلمنا أنفسنا، وظلمنا الناس، وظلمنا محمداً وآل محمد، وظلمنا الله؛ فالشرك ظلمٌ عظيم، ونحن نشرك بالله بدرجةٍ وبأخرى. والشفاعة في محتواها ومضمونها لا علاقة لها بعقيدة (الفداء الحسيني).

فما عندنا من الروايات والأحاديث التي ترتبط بشفاعة الإمام الحسين×، برحمة الإمام الحسين×، بعظيم الأجر والثواب لزيارته، لخدمته، لكلّ ما يرتبط به، كلّ هذه المضامين لا علاقة لها بعقيدة (الفداء المسيحي)، فهذه من آثار فضائل النهضة الحسينية. فالإمام الحسين× لم يستشهد لأجل أن تغفر ذنوبنا، بل استشهد× لأجل هدايتنا. النهضة الحسينية لأجل أن تكثر حسناتنا، ولكن عبْر برنامجٍ مفصَّل، لا بهذه الطريقة ولا بهذا الأسلوب الساذج من الاعتقاد من أنّ الامام الحسين× استشهد لأجل أن تغفر ذنوبنا، بنفس الطريقة وبنفس التفكير في عقيدة (الفداء المسيحي). فشفاعة محمدٍ وآل محمد ـ إنْ كانت في الدنيا أو كانت في الآخرة ـ، والشفاعة الحسينيّة بالخصوص، هي من مقتضيات كمالهم؛ لأنّهم كاملون فهم شافعون؛ لأنّ الشفاعة هي فيضٌ صادر من الكامل؛ لإكمال نقص الناقص.

معنى الروايات التي نصَّتْ على أن الشيعة في الجنّة

وأما جاء في بعض الروايات من أنّ الله سبحانه وتعالى قد غفر لشيعة عليٍّ×، كرواية يونس بن أبي يعقوب، عن رجلٍ، عن عليّ بن الحسين’، أن رجلاً سأله عن القيامة قال: (إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين، وجمع ما خلق في صعيدٍ واحد، ثمّ نزلت ملائكة السماء الدنيا فأحاطت بهم صفا، ثمّ ضرب حولهم سرادق من نار، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطوا بالسرادق، ثمّ ضرب حولهم سرادق من نار، ثم نزلت ملائكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادق، ثمّ ضرب حولهم سرادق من نار، حتّى عد ملائكة سبع سموات وسبع سرادقات)، فصعق الرجل، فلما أفاق قال: يا بن رسول الله، أين عليٌّ وشيعته؟ قال: (على كثبان المسك، يؤتَوْن بالطعام والشراب، لا يحزنهم ذلك)([43]).

وأمثال هذه الأحاديث تتحدّث عن صنفٍ من الشيعة أصلاً لا يجدون وقتاً للمعصية. هذه المعاني لا بُدَّ أن تفهم في سياقاتها الصحيحة. فهذه الروايات تتحدَّث عن أناسٍ صارت الطاعة عندهم جزءاً طبيعيّاً من وجودهم، فمثلما عظامهم ولحمهم ودمهم هو جزءٌ من كيانهم المادّي، فإنّ الطاعة والنفور عن المعصيّة هو جزءٌ من كيانهم المعنويّ، ومثل هؤلاء تتحدَّث هذه الروايات عنهم.

وهذا لا يعني أنّ كلّ مَنْ يُقال له: شيعيّ ـ حتّى لو كان بصدقٍ في الحياة الدنيويّة ـ سيحشر يوم القيامة شيعيّاً؛ إذ لا دليل على هذا، فإنّ الإيمان يمكن أن يكون مُستَوْدَعاً، ويمكن أن يسلب من الإنسان في أيّ مقطعٍ من مقاطع حياته وتنقُّله عبْر العوالم إلى آخر مواقف يوم القيامة.

وهو ما أشار اليه أمير المؤمنين×، في كلامٍ له لكميل بن زياد: (…يا كميل، انْجُ بولايتنا من أن يشركك الشيطان في مالك وولدك. يا كميل، إنه مُستَقَرٌّ ومُستَوْدَع، فاحْذَرْ أن تكون من المُستَوْدَعين، وإنما يستحقّ أن يكون مُستَقَرّاً إذا لزمت الجادّة الواضحة، التي لا تخرجك إلى عوج، ولا تزيلك عن منهج…)([44]).

وعن أبي الحسن (صلوات الله عليه) قال: (إن الله خلق النبيّين على النبوّة، فلا يكونون إلاّ أنبياء؛ وخلق المؤمنين على الإيمان، فلا يكونون إلاّ مؤمنين، وأعار قوماً إيماناً؛ فإنْ شاء تمَّمه لهم؛ وإنْ شاء سلبهم إيّاه، قال: وفيهم جَرَتْ: ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ([45])، وقال لي: (إن فلاناً كان مُستَوْدَعاً إيمانه، فلما كذب علينا سلب إيمانه ذلك)([46]).

فليس كلّ مَنْ يُقال عنه: شيعيٌّ هنا على الأرض سيحشر شيعيّاً يوم القيامة. فالشفاعةُ لكلّ شيعيٍّ هذه العقيدة صحيحةٌ بشكلٍ كامل، ولكنْ هل أنّ كلّ شيعيٍّ هنا في الأرض سيأتي يوم القيامة شيعيّاً؟ هذا الكلام ليس صحيحاً بشكلٍ كامل؛ لأنّ آيات القرآن الكريم والسنّة الشريفة تخبرنا أنّ كثيراً من الذين يوصفون بالتشيُّع على الأرض ـ إنْ كان ذلك بصدقٍ أو ليس بصدقٍ ـ قد لا يأتون يوم القيامة تحت هذا العنوان.

وأما ما جاء من الروايات التي تتحدَّث عن أنّ الامام الحسين× فعل كذا، وقال كذا؛ لأجل أن لا يطول موقف شيعته يوم القيامة، فهذا من آثار النهضة الحسينية، وليس هدفاً لهذه النهضة.

فالشفاعة بهذا المعنى الذي قد يتداوله البعض، من أنّ الشيعة ترتكب المعاصي وتقصِّر في واجباتها، وتترك واجباتها، وبعد ذلك تدركها الشفاعة، هذا مفهومٌ باطل وغير صحيح؛ وذلك لعدّة أمور:

1ـ لماذا شرّع الله الشرائع؟! فمن البداية لسنا بحاجةٍ إلى الشرائع.

2ـ ما الحكمة من وجود الأديان والقوانين والأنظمة إذا كان الذي يأمرنا بالدين وأن نلتزم بالشريعة في الوقت نفسه يقول: افعلوا ما تشاؤون ولكم الشفاعة؟! فهذا من العَبَث غير المتصوَّر لذاته تعالى.

نعم، نقع في المعصية، ونقع في الكبائر، ولكنْ من دون هذه النيّة، وإنّما يغلبنا الهوى، ويقودنا ما يقودنا من سوء التوفيق الذي نحن نجرُّه على أنفسنا، فنرتكب المعاصي، ولكنّنا بعد ذلك ـ حين نلتفت إلى سوء حالنا ـ نلجأ إلى الله (عزَّ وجلَّ) بالتوبة والاستغفار، وبالرجوع إلى فنائه الطاهر، ونطمع هنا بالشفاعة. قال الرضا×: قال رسول الله|: (مَنْ لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومَنْ لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي)، ثمّ قال×: (إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيلٍ)، قال الحسين بن خالد: فقلتُ للرضا×: يا بن رسول الله، فما معنى قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ (الأنبياء: 28)؟ قال: لا يشفعون إلاّ لمَنْ ارتضى الله دينه([47]). وهذه المسألة شيءٌ آخر؛ إذ لا علاقة لها بعقيدة الفداء، فعقيدة (الفداء الحسيني) عقيدةٌ باطلة صِرْفة.

الهوامش

(*) أستاذ التاريخ في مجمع الإمام الخمينيّ للدراسات العليا في قم. من العراق.

([1]) والده يوسف بارا، ووالدته مريم جبلي. درس البكالوريا منهاج عربي فرنسي في كلّية الملكيين الكاثوليك الخاصّة، ودار المعارف الإسلامية في مدينة يبرود بمحافظة دمشق. أكمل دراسات وبحوث عليا في الأدب العربي واللغة الفرنسية والتاريخ الإسلامي وفلسفة الأديان وأصول العرفان في جامعة الكويت ومعهد فولتير السوربون ومركز التدريب الدولي للصحافة في غرينوبل بفرنسا. وقدأدرج العديد من هذه الدراسات والبحوث في مناهج كلّيات الدراسات الشرقية التي تعنى بالدراسات الإسلامية والمسيحية الشرقية في جامعات عربية وغربية. يعمل في مجال الإعلام العربي منذ عام 1963م، صحافياً ومذيعاً ومقدّماً للبرامج الثقافية والحوارية ـ إذاعة ـ تلفزيون. ومارس الصحافة في الكويت محرراً ومراسلاً حربياً في إفريقيا وآسيا والبلقان. وتولى إدارة تحرير عدّة صحف ومجلات وإصدارات متخصّصة في دور (القبس ـ الأنباء ـ اليقظة ـ الدار). ويتولّى حالياً رئاسة تحرير مجلة (شبكة الحوادث) الثقافية الشهرية المنوّعة، ومذيعاً للأخبار ومقدّماً لبرامج ثقافية وحوارية في قناتي (الكوت والعدالة). أعدّ وقدّم برامج حوارية وتسجيلية وثقافية في مناسبات مختلفة بدعوة من إذاعات وفضائيات عربية وأجنبية: مونت كارلو، الكويت، المنار، اللبنانية، الكوت، الحرة، الأنوار، السورية، البحرين، العربية، طهران، بي بي سي، المغربية، كربلاء، إرتريا، العالم، الجزائرية، أهل البيت، السودانية، البرازيلية، الفرنسية، التونسية، العراقية، الإسبانية، الشرق، الأرجنتينية. تمّ إخراج سبعة أفلام وثائقية عن سيرته الشخصية ومسيرته الأدبية والإعلامية من إنتاج فضائيات: المنار، العدالة، إرتريا، أهل البيت، اليوم، كربلاء، الكويت. عمل مستشاراً إعلامياً وصحافياً لوزارات ومؤسّسات خاصّة، كمدير لتحرير مجلاتها، كما أشرف على إعادة تطوير الصادر منها أو تأسيسها لأوّل مرة، منتدباً من المؤسّسات الصحفية التي عمل بها، وبناءً على طلبات جهات إصدارها الرسمية والأهلية:

https://ar.wikipedia.org/wiki

([2]) (تكوين 22: 1 ـ 23).

([3]) (خروج 13: 14).

([4]) (خروج 13: 14).

([5]) (خروج 13: 13).

([6]) (اللاويين 5: 17 ـ 19).

([7]) (لاويين 4: 13 ـ 21).

([8]) (حزقيال 18: 20).

([9]) (2كو5: 14).

([10]) (متّى 3: 16).

([11]) (فيلبي 2: 7، 8).

([12]) (1بط2: 22).

([13]) (رو3: 24،25).

([14]) (تيطس 3: 5).

([15]) (1يوحنا 2: 1).

([16]) (أع4: 12).

([17]) (2كو4: 14).

([18]) (أفسس 5: 2).

([19]) (القداس الباسيلي).

([20]) (أفسس 2: 4 ـ 6).

([21]) (رو6: 23).

([22]) التبيان في تفسير القرآن 2: 423.

([23]) انظر: الامثل في تفسير كتاب الله المُنْزَل 3: 694.

([24]) انظر: تفسير الميزان 11: 180.

([25]) انظر: التفسير الكاشف 4: 170.

([26]) انظر: التبيان في تفسير القرآن 6: 236.

([27]) انظر: التحرير والتنوير 47: 463.

([28]) انظر: التفسير الوسيط 15: 539.

([29]) انظر: التبيان في تفسير القرآن 10: 113.

([30]) تفسير العياشي 2: 302.

([31]) عيون أخبار الرضا× 2: 297.

([32]) كامل الزيارات: 134.

([33]) سنن الترمذي 5: 658.

([34]) النكت والعيون 3: 460.

([35]) مصباح المتهجِّد: 827.

([36]) الكافي 4: 576.

([37]) لسان العرب 5: 274.

([38]) بحار الأنوار 44: 330.

([39]) الفتوح 5: 101.

([40]) الهملجة: حسن سير الدابة في سرعةٍ وبخترة. العين 4: 118.

([41]) محمد بن جعفر المشهدي، المزار: 505.

([42]) كامل الزيارات: 361.

([43]) بحار الأنوار 7: 175.

([44]) تحف العقول: 174.

([45]) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنعام، الآية 98.

([46]) الكافي 2: 577.

([47]) الصدوق، الأمالي: 56.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً