أحدث المقالات

الشيخ محمد هادي معرفت(*)

ترجمة: حسن علي مطر

إنني المدعو محمد هادي معرفت. ولدت سنة 1309هـ.ش في أسرة علمية استوطنت مدينة كربلاء المقدسة. والدي هو الشيخ علي نجل الميرزا محمد علي، من أحفاد الشيخ عبد العالي الميسي الإصفهاني، وهو من مشاهير الخطباء في كربلاء المقدسة في عصره. هاجر أبي مع والدَيْه عام 1290هـ.ش من إصفهان إلى مدينة كربلاء، وكان له من العمر حينها خمسة عشر عاماً، وكانت وفاته في كربلاء المقدّسة سنة 1338هـ.ش، عن عمر ناهز الثالثة والستين عاماً، ودفن في الإيوان خلف موقع الرأس الشريف لمرقد أبي الفضل×. وقد كان عالماً وخطيباً قديراً، وكان يحظى باحترامٍ وافر من قبل أهالي كربلاء الكرام. وقد كان آباء أبي وأجداده إلى ثلاثة قرون كلّهم من العلماء المنخرطين في سلك الدراسات الدينية والحوزة العلمية.

أما والدتي فهي العلوية الفاضلة زهراء بنت السيد هاشم التاجر الرشتي، الذي استوطن في مدينة كربلاء المقدّسة. وقد توفّيت سنة 1363هـ.ش، ودفنت هناك.

عندما بلغت سن الخامسة أرسلني والدي إلى الكتّاب الذي أسّسه الشيخ باقر، والذي قدم بدوره إلى كربلاء مهاجراً من إصفهان، وأقام هناك نظاماً تعليمياً جديداً. وبعد ذلك درست المقدمات على يد الحاج الشيخ علي أكبر النائيني، ثم واصلت الدراسة بعد ذلك على يد والدي. كما درست الأدب والمنطق عند أساتذة آخرين في حوزة كربلاء المقدسة، وتعلمت شيئاً من علوم الهيئة والرياضيات أيضاً.

وكان أساتذتي في تلك المرحلة هم: الوالد، والسيد سعيد التنكابني (المتخصِّص في تدريس الأدب العربي)، والسيد محمد الشيرازي، والشيخ محمد حسين المازندراني، والسيد مرتضى القزويني.

أما المرحلة التالية فقد اشتملت على تحصيل العلم في مجال الفقه والأصول ومبادئ الفلسفة. وكان أساتذتي في هذه المرحلة كلاًّ من: الشيخ محمد الخطيب (وهو من كبار العلماء ومراجع الدين في الحوزة العلمية)، والسيد حسن الحاج آغا مير القزويني (وهو من العلماء الكبار والمنظِّرين في الحوزة، ومن تلاميذ الآخوند الخراساني)، والشيخ محمد رضا الجرقوئي الإصفهاني (وهو من كبار العلماء، وكان جامعاً للمعقول والمنقول، وكان تلميذاً للشيخ هادي الطهراني بالواسطة)، والشيخ محمد مهدي الكابلي (حيث درست عنده مقداراً من قوانين الأصول)، والشيخ يوسف بيارجمندي الخراساني (من كبار تلاميذ الشيخ النائيني، وكان متبحّراً في الفقه والأصول، وقد درست على يده كتاب الفصول والرسائل ومكاسب الشيخ الأنصاري، ودورة في بحث خارج الأصول، ومقداراً كبيراً من خارج الفقه. وحيث كان سماحته من تلاميذ الأديب النيسابوري، فقد درست عنده كتاب المطوّل أيضاً). وقد أكملتُ هذه المرحلة في الحوزة العلمية بكربلاء المقدّسة حتّى عام 1339هـ.ش.

وفي هذه المرحلة اشتغلتُ ـ إلى جانب التحصيل ـ بالتدريس والتحقيق. فكنت أدرِّس في المجالات الأدبية والعلمية، وفي المدارس الحوزوية، وكانت هناك ندوة دينية أسبوعية نعقدها للشباب، وكان هناك إقبالٌ كبير عليهما، وقد تخرَّج منهما الكثير من الطلاب. وفي الوقت نفسه قمنا بالتعاون مع جماعة من فضلاء الحوزة العلمية، ومنهم: السيد محمد الشيرازي، والسيد عبد الرضا الشهرستاني، والسيد محمد علي البحراني، والشيخ محمد باقر المحمودي، وآخرون، بإصدار نشرةٍ شهرية تحت عنوان: «أجوبة المسائل الدينية»، وعمدنا إلى الدعاية لها تحت شعار: نجيب عن أسئلتكم الدينية، وتقدَّمنا بالعمل فيها بمثابرةٍ تامّة، وانتشرت على نطاق واسع، وخاصّة في الجامعات، بل وصلت حتّى إلى بعض الجامعات الكبرى في خارج العراق، حيث حظيَتْ باهتمامٍ كبير، واستمرَّتْ بالصدور لسنوات طويلة. وفي الأثناء كتبت الكثير من المقالات التحقيقية والعلمية والدينية. وقد تحوّل بعض هذه المقالات فيما بعد ـ بسبب أهمِّية موضوعها ـ إلى كتب أو رسائل أخذَتْ طريقها إلى النشر والطباعة، ومنها: حقوق المرأة في الإسلام؛ وترجمة القرآن: الإمكان والنقد والضرورة؛ الفرقتان الشيخيتان: الإسكوئية، والكريم خانية؛ وأهمِّية الصلاة وتأثيرها في الحياة الفردية والاجتماعية؛ وغيرها. وقد كتبت جميع هذه الكتب والرسائل والمقالات بلغةٍ عربية معاصرة. وقد تمَّتْ ترجمة بعضها إلى اللغة الفارسية لاحقاً. وفي بداية عام 1340هـ.ش، وبعد وفاة الوالد&، انتقلنا برفقة الأسرة لمواصلة الدراسة في النجف الأشرف.

وقد كان الهدف من الهجرة إلى مدينة النجف الأشرف هو الحضور في حلقات درس العلماء الأعلام في العلم والفقاهة. وكان أساتذتي في هذه المرحلة كلاًّ من: السيد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، والميرزا باقر الزنجاني، والشيخ حسين الحلّي، والسيد علي الفاني الإصفهاني، وأخيراً الإمام الخميني، رحمهم الله جميعاً.

لقد كان سماحة السيد محسن الحكيم يتمتَّع بمهارةٍ كبيرة ودقّة عالية في بيان ومناقشة آراء الفقهاء، ومن هنا تأتي الميزة الخاصة التي يتَّصف بها درسه. كان سماحته يعطي لآراء فقهاء السَّلَف ذات الأهمِّية والدقّة التي يمنحها لأقوال المعصومين^.

وكان السيد الخوئي متصدِّراً في قوّة البيان، والقدرة على الاستدلال، مع المواءمة بين بساطة العبارة وعمق الفكرة. وكان يلقي بحث الفقه والأصول في مدّةٍ قصيرة، ولكنّها مشبعة بالمسائل والموضوعات. وكان من هذه الناحية فريداً في نوعه.

وكان الميرزا الزنجاني متخصِّصاً في شرح وبسط المسائل، وإيضاح أبعادها، ببيانٍ متين يجمع بين العمق والانسيابية.

وكان الشيخ حسين الحلّي يتكشَّف عن مهارةٍ عالية في بيان الأقوال المختلفة في كلّ مسألة، مع مناقشة أدلّتها وجرحها وتعديلها. وقد ترك لنا الكثير من الإبداعات في المباحث الفقهية. كان يدرس عنده القليل من الطلاب، ولكنهم من كبار فضلاء الحوزة العلمية. وقد كان له أسلوبه الخاصّ في التدريس، حيث كان يُحجم عن بيان رأيه المختار بشكلٍ واضح وصريح، وإنّما يُقحمه في تضاعيف بيانه لآراء الآخرين، دون تسويقٍ لرأيه، وكان كلما طُلب منه إبراز رأيه يُجيب قائلاً: لا أرى في ذلك مصلحةً لكم؛ وذلك لأن التلميذ يحمل في لا شعوره علاقةً خاصّة تجاه أستاذه، وقد يدفعه ذلك إلى ترجيح رأي أستاذه على آراء الآخرين، في حين لا يقوم هذا الترجيح على أسسٍ علمية، ويحول دون الطالب والتفكير الحُرّ والمستقلّ. هكذا كان سماحته يحرص على بناء الشخصية العلمية المتينة لتلاميذه.

وكان السيد علي الفاني محقِّقاً قديراً وعميق النظر، وكان جادّاً في تربية تلاميذه علمياً.

وبالإضافة إلى حلقات الدرس اليومية، كنّا في أيام الخميس والجمعة، برفقة السيد رضواني (عضو لجنة صيانة الدستور)، والسيد قديري (المسؤول عن أجوبة الاستفتاءات في مكتب الإمام الخميني& والسيد القائد الخامنئي)، نجلس في حضرته من أوّل الصباح إلى الظهيرة، ونقضي الوقت بالبحث والحوار حول المسائل، وقد حصلنا من هذه الجلسات على فوائد علمية جمّة.

وكان الإمام الخميني يتمتَّع بميزةٍ خاصّة في بيان آراء كبار العلماء، والتوسّع في نقدها ومناقشتها. وكان& يذهب إلى الاعتقاد ـ وعلى هذا ربّى تلاميذه ـ بأن القداسة لا تكون لغير أقوال المعصومين^. نعم، يمكن احترام أقوال كبار العلماء، ولكنّها لا ترقى إلى مستوى القداسة، واحترامها يكون عبر نقدها ومناقشتها، وليس الإذعان لها وقبولها تعبُّداً. وقد كان سماحته يتولّى هذه العملية بجدارة، وكان يُرحّب بالسؤال والجواب والنقض والإبرام من قبل الطلاب، وعمد بذلك إلى تربية جيلٍ من العلماء الناقدين والمصلحين، جزاه الله خيراً.

وفي هذه المرحلة درست مقداراً من الفلسفة والحكمة المتعالية عند الفاضل القدير السيد رضواني. وإلى جانب التحصيل في هذه المراكز المثمرة مارستُ التدريس، فكنت أقضي فترة الصباح بين درسٍ وتدريس، وكرَّستُ فترة المساء للتدريس فقط.

وفي الأثناء لم أغفل عن التحقيق وكتابة المقالات العلمية. وعقدنا ـ مع جماعةٍ من فضلاء الحوزة، وهم: السيد جمال الدين الخوئي (النجل الفاضل للسيد الخوئي)، والسيد محمد النوري، والسيد عبد العزيز الطباطبائي، والشيخ محمد رضا الجعفري الإشكوري، والدكتور محمد الصادقي (صاحب التفسير)، والأستاذ عميد الزنجاني ـ اجتماعاتٍ أسبوعية، وكنا في هذه الاجتماعات نتباحث ونحقِّق بشأن مختلف المسائل والمواضيع، وكان كلُّ واحدٍ منّا يتكفّل بمجال من مجالات العلم. وقد أخذتُ على عاتقي مجال العلوم القرآنية، وأقمتُ أساس تحقيقاتي على هذا التخصُّص العلمي. ومضافاً إلى ذلك واصلتُ كتابة المقالات ونشرها في المجلات (ومنها: مجلة أجوبة المسائل الدينية، التي كانت تواصل الصدور في تلك الفترة)، وتأليف الرسالات المتنوّعة، ومنها: كتاب «تناسخ الأرواح» في الردّ على نظرية التناسخ، التي لقيت رواجاً في حينها، وانتشرت بين طلاب الجامعات على مستوى بغداد، ومن ثم تمَّتْ ترجمتها إلى اللغة الفارسية في إيران، مع إضافة بعض الأمور عليها، وطبعَتْ تحت عنوان: «بازگشت روح».

وكذا قمتُ بتأليف وطباعة ونشر رسالة في قضاء الصلوات الفائتة، تحت عنوان: «تمهيد القواعد»، وبعضها عبارة عن تقرير درس الأستاذ السيد الخوئي.

وكانت هذه الرسالة أوّل كتاب لي في الفقه الاستدلالي، حيث تناولتُ فيها المسائل الفقهية بأسلوبٍ ومنهج جديد.

لقد كان الدافع وراء اهتمامي بالمسائل القرآنية، إلى جوار الفقه والأصول، هو أنني عند مراجعة المصادر وقراءة الكتب؛ استعداداً لتدريس التفسير، وقفتُ على حقيقةٍ مُرَّة، تمثّلت في عدم وجود بحث حيوي حول المسائل القرآني في المكتبة الشيعية الراهنة.

وقد نشأ الوقوف على هذه الحقيقة المرّة من أنني توجَّهت إلى المكتبة القرآنية المختصّة؛ بغية كتابة مقال حول مسألة «ترجمة القرآن»، ورأيتُ هناك الكثير من الكتب في هذا الموضوع، وبعضها يقع في مجلدين، كما عثرت على الكثير من الرسائل والمقالات للمفكِّرين والعلماء المصريِّين المعاصرين، ولكنْ لخيبتي لم أجِدْ لعلماء حوزة النجف سوى ورقة إعلان صادرة عن الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء. وقد كان لهذا الأمر وقعٌ قاسٍ عليَّ، وقد دفعني ذلك بشدّةٍ إلى كتابة عمل موسوعي في هذا الشأن (المسائل القرآنية)، يضمّ آراء العلماء والمفكِّرين المتقدِّمين والمعاصرين من الشيعة. وكان ثمرة ذلك الجهد المتواصل سبعة أجزاء من كتاب «التمهيد في علوم القرآن»، وكتاب «التفسير والمفسِّرون في ثوبه القشيب» في جزْءَيْن، وهو عبارة عن استدراك لما فات الأستاذ الدكتور محمد حسين الذهبي المصري، الذي هضم في كتابه حقّ الشيعة وتجاهل دورهم في هذا المجال.

وفي عام 1351هـ.ش، حيث أمر حكم البعث في العراق بتسفير الإيرانيين وترحليهم إلى إيران، توجَّهتُ برفقة زوجتي وأولادي إلى قم المقدَّسة، حيث واصلت نشاطي في حوزتها العلمية، وحملت معي الكتب المهمّة، ولا سيَّما المخطوطات، ليتمّ إرسال الكتب الأخرى لاحقاً. ومنذ أن دخلتُ إلى قم واصلتُ ذات المنهج الذي كنتُ قد بدأته في الحوزة العلمية السابقة (في كلٍّ من: كربلاء المقدَّسة، والنجف الأشرف). غاية ما هنالك أنني قد اقتصرت في مجال الدراسة على حضور درس خارج الأصول للميرزا هاشم الآملي، وتفرَّغتُ في سائر الأوقات للتدريس والتحقيق.

وفي مجال التدريس باشرتُ في بداية الأمر التدريس على مستوى السطوح العليا، حيث الرسائل والمكاسب والكفاية، لأنتقل بعد ذلك إلى تدريس خارج الفقه والأصول. وفي الأثناء اشتغلتُ في مدرسة حقّاني العالية، بإدارة الشهيد القدوسي ـ وبدعوةٍ منه ـ، بتدريس المسائل القرآنية، ولا سيَّما العلوم القرآنية، التي كانت حتّى ذلك الحين على شكل كرّاسات، وكان الطلاب الذين حضروا في تلك الحلقات الدرسية من الفضلاء الذين أصبحوا فيما بعد من مشاهير المعاصرين الذين يُشار إليهم بالبنان.

وبالإضافة إلى تفسير القرآن والعلوم القرآنية، طُلب منّي تدريس الفقه (مكاسب الشيخ الأنصاري)، والأصول (الرسائل) أيضاً.

وإلى جانب التدريس، واصلتُ العمل في مجال البحث والتحقيق بجدِّيةٍ أكبر، وتمّ العمل في البحوث التي كنتُ أنجزتُها في النجف الأشرف على نطاقٍ واسع، وأخذَتْ أجزاء التمهيد تصدر تباعاً. وفي عام 1357 ـ 1358هـ.ش، حيث باكورة انتصار الثورة الإسلامية المباركة، كان المجلد الثالث من التمهيد يوشك على الخروج من المطبعة، حتّى اكتملت الأجزاء ستّةً، وقد أُعيد طبعها ـ مجدَّداً ـ بجهود دار نشر جماعة المدرِّسين.

وبعد قيام الدولة الإسلامية تمَّتْ المصادقة على اعتبار المسائل المطروحة في هذا الكتاب لتكون منهجاً دراسياً أوّلياً لعموم الطلاب، وطُلب منّي القيام بتدريسها في الحوزة العلمية، حتّى تمكنّا بالتدريج من إعداد جيلٍ من المختصّين في مختلف المجالات العلمية، ومن بينها: التفسير، والعلوم القرآنية. وبدأ البعض من الفضلاء بالتأليف والتدريس في هذا المجال، وأخذَتْ الدائرة بالاتّساع، لنحصل اليوم على أربع عشرة كلِّية خاصّة بالعلوم القرآنية، بالإضافة إلى الحوزات العلمية ـ التخصُّصية في كلّ أرجاء إيران.

وفي هذا السياق كانت لنا كتبٌ أخرى قمنا بتأليفها بما يتناسب وظروف تلك المرحلة، ومنها: كتاب «صيانة القرآن من التحريف»، في الدفاع عن حرمة القرآن وحراسة حياضه. وكان سبب ذلك أن أحد الكتّاب الباكستانيين، واسمه «إحسان إلهي ظهير»، قد كتب بعض الكتب التي هاجم فيها مذهب التشيُّع، وفي ما يتعلَّق بمسألة تحريف القرآن اتَّهم الشيعة بالقول بالتحريف.

ولذلك قمتُ؛ لدفع هذه التهمة، بالتشمير عن ساعديَّ؛ للدفاع عن الكيان المقدَّس للقرآن، وكتبت هذا الكتاب في مدّةٍ لا تتجاوز الأشهر الستّة (حيث بدأت الكتابة في الأول من شهر رمضان من عام 1407هـ، وفرغت منه في الآخر من شهر صفر من عام 1408هـ). وقد طبع حتى الآن عدّة مرّات. وقد ظهرت له ترجمتان باللغة الفارسية: واحدة مختصرة؛ وأخرى تفصيلية. وكذلك كتاب «التفسير والمفسِّرون في ثوبه القشيب» في جزْءَيْن، وترجمته باللغة الفارسية تحت عنوان: «تفسير ومفسِّران»، وطبع ليكون في متناول الباحثين.

وفي مجال المعارف القرآنية كتبتُ الكثير من المقالات، التي نُشرت في المجلات والشهريات، وهي معدّةٌ للطبع ضمن خمسة مجلَّدات. والمشروع الذي قمتُ به مؤخَّراً (من بداية عام 1379هـ.ش)، ويحظى بأهمِّية خاصّة، هو «جمع وتنسيق الروايات التفسيرية لدى الفريقين»، ويساعدني فيه فريقان من عشرة أشخاص من نُخَب الحوزة العلمية والمتخرِّجين من المدرسة القرآنية، حيث يتقدَّمون في العمل بوتيرةٍ متسارعة. إن الروايات التفسيرية مبثوثةٌ في الكتب كمادّة خام، وإن ما قام به الفقهاء بالنسبة إلى الروايات الفقهية لم يحصل بالنسبة إلى الروايات التفسيرية، ومن هنا فقد اختلط السليم منها بالسقيم. وقد تكفَّلْتُ بهذا المشروع الخطير المتمثِّل في غربلة هذه الروايات، وتعيين مصير نخبة التفاسير الروائية، من خلال الاعتماد على هِمَّة الزملاء الأفاضل، وأسأل الله أن يوفِّقنا لإكمال وإتمام هذا العمل على أحسن وجهٍ، إنْ شاء الله.

كما أن الجزء السابع من التمهيد، الذي يتناول موضوع الردّ على الشبهات المثارة حول القرآن، قد طُبع تحت عنوان: «شبهاتٌ وردود».

وإلى جانب النشاط القرآن، كان العمل الفقهي قائماً على قَدَم وساق منذ الفترة التي قضيتُها في النجف الأشرف، وقد كتبتُ الكثير من الكتب والرسائل في هذا المجال، ويمكن إجمالها على النحو التالي: «تمهيد القواعد»، و«حديث لا تُعاد»، و«ولاية الفقيه: أبعادها، وحدودها»، و«مالكيّة الأرض»، و«مسائل في القضاء». وقد طُبعت باللغة العربية.

إن الجهد الواسع الذي بذلتُه في هذا المجال (الفقه) كنتُ قد بدأتُه منذ سنوات طويلة، ولا زلتُ أواصله، وهو عبارةٌ عن آراء فقهية حديثة على أساس الاجتهاد المتطوِّر في القرون الأخيرة، وهي ثمرة أفرزَتْها دروس خارج الفقه، بحَسَب ترتيب الأبواب الفقهية لكتاب «جواهر الكلام»، وهو في طور الاكتمال تحت عنوان: شروح وتعليقات على هذا الكتاب، من أوّل كتاب الطهارة وحتّى آخر كتاب الديات، كتبتُها بشكلٍ متواصل وغير متواصل. وأسأل الله تعالى أن يوفِّقني لإنجازها على الوجه الأكمل. إنه وليّ التوفيق.

 قم ـ محمد هادي معرفت  

1/12/1379هـ.ش/2000م

(*) ورد موضوع (سيرة الأستاذ معرفت بقلمه) في كتاب (دانشنامه قرآن وقرآن پژوهي) 2: 2121 ـ 2122.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً