أحدث المقالات

بقلم: الشيخ محمد عبّاس دهيني

تمهيدٌ

دوحةٌ غنّاء من المقالات المتنوِّعة،

في الفقه والأصول والحديث،

وسائر مجالات الفكر والمعرفة،

ومراجعات الكتب، والمناقشات،

بأقلامٍ بحثيّة واعدة،

وأهدافٍ رساليّة واضحة،

مع الرعاية التامّة لأصول البحث العلميّ

في المنهج، والمنهجيّة، والتوثيق،

وأن لا تكون منشورةً من قبلُ

إنّها مجلّة (الاجتهاد والتجديد)

الفصليّة الورقيّة والإلكترونيّة

www.nosos.net

mdohayni@hotmail.com

كلمة التحرير: الجنسانيّة المختلفة، رغبةٌ في الفساد أو حاجةٌ إلى الإصلاح؟

الكاتب: محمد عباس دهيني

ونعني بـ (الجنسانيّة المختلفة) الازدواجيّة الجنسيّة على مستوى المشاعر، كما لو كان مظهره رجلاً أو امرأةً، ولكنّه يميل في مشاعره العاطفيّة إلى جنسه، مع برودةٍ كاملة في المشاعر تجاه الجنس الآخر.

وهنا نتساءل: هل لهذا الازدواجيّة واقعٌ خارجيّ صحيح، أو هي مجرّد دعوى ناشئةٍ عن مَرَضٍ نفسيّ، وقَلَقٍ فكريّ، وتربيةٍ خاطئة؟ وهذا سؤالٌ ينبغي لعلم النَّفْس (التربويّ والاجتماعيّ) أن يجيب عنه.

وعلى فرض الواقعيّة الخارجيّة لهذه الازدواجيّة نتساءل أيضاً: هل يمكن للطبّ تحديد واكتشاف الهويّة الأصليّة؟

فإذا لم يمكن تحديد الهويّة الأصليّة، أو كان يريد إجراء عمليّة على خلاف هويّته الأصليّة، كأنْ يستأصل الأعضاء المتناسبة مع هويّته؛ استجابةً لرغبةٍ شهوانيّة، أي إنّه يرفض مظاهر جَسَده رفضاً غير مبرَّر عقلائيّاً ـ وهذا مَرَضٌ نفسيّ ينشأ من: سوء التربية؛ وطبيعة المجتمع؛ و… ـ، فهنا وقع كلامٌ بين الفقهاء في جواز هذا التحوُّل وحرمته، ولا سيَّما أنّه ليس في النصوص الروائيّة ما يشير إلى حكم هذا العمل صراحةً، فيعمل المجتهد حينئذٍ وفق المبادئ والقواعد، وحين تختلف تطبيقاتهم لهذه القواعد يكون الاختلاف في الحكم.

ويعتبر بعضٌ أن منع الاختلاط يولِّد الكَبْت، وبالتالي الشذوذ، وبعبارةٍ أخرى: هناك مَنْ يحمِّل الشريعة الإسلاميّة مسؤولية ارتفاع نسبة هذه الظاهرة؛ كونها تمنع ظاهرة الاختلاط بين الجنسين.

ويَرِدُ على هؤلاء أن الشارع لم يحرِّم الاختلاط بين الجنسين تماماً، وإنّما وضع للعلاقة بينهما حدوداً وضوابط، تقيهما من الوقوع في الحرام والمعصية.

إذن لا بُدَّ من التفريق بين (الكَبْت) و(الضَّبْط)؛ فليس كلُّ منعٍ يؤدّي إلى الكَبْت، ولا يوجد قانونٌ في العالَم ليس فيه ممنوعاتٌ ومحظورات، فهل تؤدّي إلى الكَبْت والضَّغْط، يليهما الانفجار والتفلُّت؟!

وبما أن الجنس غريزةٌ طبيعيّة وضروريّة في الإنسان، كما في الحيوانات عامّةً، فمن الأفضل أن نُطلع الناشئة على تفاصيل هذا الموضوع بطريقةٍ صحيحة، ومع بيان الضوابط والحدود الشرعيّة لإشباع هذه الغريزة، قبل أن يسبقنا إليهم مَنْ لا يخاف الله فيهم.

ومن هنا فنحن نشجِّع على تدريس مادّة الثقافة الجنسيّة ـ بما هو أوسع من مجرّد بيان وظائف الجسد الجنسيّة للرجل أو المرأة، والكيفيّة الصحيحة للاستفادة منها، ليشمل بيان ماهيّة وطبيعة العلاقة الاجتماعيّة بين الرجل والمرأة، ولزوم قيامها على الاحترام المتبادل، والإيمان بالخصائص الذاتيّة لكلٍّ منهما، وحقوق وواجبات كلٍّ منهما، على المستوى الفرديّ والاجتماعيّ ـ من قِبَل أصحاب الاختصاص العلميّ والدينيّ، بحيث نزاوج ونصادق بين العلم والدِّين، ليشكِّلا سدّاً منيعاً أمام أيِّ انحرافٍ أو شذوذ.

وبعد أن ثبت أنّ أغلبَ حالات المَيْل العاطفيّ للجنس نفسه ناشئةٌ من مَرَضٍ نفسيّ مستندٍ إلى سوء التربية، وطبيعة المجتمع، و…

وبعد أن فُتح الباب، ولو قليلاً، لإمكانيّة التحوُّل الجنسيّ لهؤلاء، وتترتَّب عليه سائر الأحكام الخاصّة بذي الهويّة الجديدة.

بعد ذلك كلِّه لا مبرِّر عُرفيّاً أو شرعيّاً لرجلٍ ـ ولو في الظاهر ـ أن يقيم علاقةً جنسيّة مع رجلٍ، أو لامرأةٍ ـ ولو في الظاهر ـ أن تقيم علاقةً جنسيّة مع امرأةٍ. وإنّما عليه أن يبادر لتحديد هويّته الأصليّة (ولو بواسطة التأكيد العلميّ لمَيْله العاطفي نحو الجنس نفسه)، ثمّ يجري عمليّة تحوُّلٍ، فيصير من الجنس الآخر، وتصير علاقتُه حينئذٍ وفق الضوابط العُرْفيّة والشرعيّة المقرَّرة.

وبعد الذي تقدَّم من فساد هذه العلاقة لا تعود الأحكام الشرعيّة الشديدة غريبةً أو مستهجَنة، وإنّما هي جزاءٌ عادلٌ لمَنْ ارتكب مثل هذا الفساد والانحراف.

دراسات

الدراسة الأولى: المِلْكيّة وأسبابها في الفقه الإسلاميّ، عرْضٌ وتحليل / القسم الأوّل

الكاتب: د. الشيخ خالد الغفوري الحسني

أنّ المِلْكية من الأمور المهمّة التي يقوم عليها النشاط الاقتصادي بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.

وتتصدّى هذه الدراسة للإجابة عن السؤال التالي: ما هي العناوين الكلّية لأسباب المِلْكية في الفقه الإسلاميّ؟

وننبِّه على عدّة أمور:

الأمر الأوّل: إنّ المِلْكية المبحوث عنها هنا هي المِلْكية الاعتبارية، دون الحقيقية والتكوينية.

الأمر الثاني: إنّ المِلْكية المبحوث عنها هنا هي المِلْكية الخاصّة، فلا يُراد بحث المِلْكية العامّة، كمِلْكية الدولة، ومِلْكية الأُمّة.

الأمر الثالث: إنّ المِلْكية المُعيّنة والمُشاعة داخلةٌ في البحث.

الأمر الرابع: إنّ مِلْكية الأشياء الحقيقية، وكذا الحُكمية (= المِلْكية المعنوية)، كلّها داخلةٌ في مسؤولية البحث، وثبوت المِلْكية المعنوية يقتضي بحثاً مستقلاًّ، ولكنْ على فرض ثبوتها لا تأبى هذه الدراسة من شمولها.

وخلاصةُ هذه المقالة: إنّه على الرغم من تعرُّض الفقه الوضعي إلى أسباب الملكية بَيْدَ أنّه لم نعثر على صعيد الفقه الإسلامي على نظريةٍ توازي نظريتنا في تحديد أسباب الملكية، وحَصْرها، وتقسيمها، سوى ما يلي:

1ـ نظريّة المحقّق الإيرواني في ذكره لسببين: الحيازة؛ وما يعود إليها.

2ـ ما ورد في مجلّة الأحكام العَدْلية في الاقتصار على ذكر ثلاثة أسباب فقط.

3ـ نظريّة الشهيد الصدر في التوسُّع العقلائيّ في الحيازة.

4ـ تقسيم المحقِّق الخوئي وتنويعه للملكية، لا تحديد أسباب الملكية وتقسيم الأسباب. وبين البحثين بَوْنٌ.

فيما توفَّرت هذه الدراسة الحاضرة على بحث ودراسة كلِّ ذلك وزيادة، وبيان نقاط القوّة والخَلَل في كلٍّ منها مفصَّلاً، وتقديم اقتراحاتٍ في هذا المجال.

الدراسة الثانية: «السُّنَّة» ودلالاتها في القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف

الكاتب: الشيخ محمد عافي الخراساني

تقوم هذه المقالة بدراسة المعنى الذي استُعملت فيه كلمة «السُّنّة»، في الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة ؛ حيث إن فريقاً من اللغويّين والمفسِّرين أشاروا إلى أن معناها هو الطريقة الحسنة المحمودة، مع أنه يختلف كثيراً عما هو المأنوس في الذهن العامّ من دلالتها على مطلق السيرة والطريقة.

والخلاصة: عدمُ وجود شاهدٍ في القرآن الكريم يثبت أن «السُّنّة» تستعمل في مصداقٍ قبيح للطريقة أيضاً، وبالتالي لا يمكن إثبات المعنى العامّ للكلمة عبر الاستعمالات القرآنية بشكلٍ جليّ؛ لأن عدداً منها ظاهرٌ في المصاديق الجيّدة للطريقة، وهناك بعضٌ آخر مردَّدٌ بين المصاديق الحَسَنة والسيئة.

غير أن معنى «السُّنّة» في الحديث النبوي الشريف هو مطلق الطريقة، وإنْ كان هناك إشكالاتٌ في الاستشهاد ببعض الأحاديث التي ذُكرَتْ، لكنّ كثيراً من الشواهد المذكورة صالحةٌ أيضاً للاستئناس والتأييد، على أقلّ تقديرٍ.

الدراسة الثالثة: الغِيبة، بين الاختصاص بالمؤمن والشمول لمطلق الإنسان

الكاتب: الشيخ يوسف الصانعي؛ المترجم: حسن مطر الهاشمي

بعد الدراسة الدقيقة والمتأنِّية، والنظرة الجديدة إلى الآيات والروايات، بعيداً عن العصبيّات والمركوزات الذهنية، نصل إلى نتيجةٍ مفادها: إن أدلّة حرمة الغيبة تشمل جميع الناس. وإن الأدلّة التي تقصر حرمة الغيبة على الشيعة الإمامية الاثني عشرية فقط غيرُ تامّةٍ.

وعلى هذا الأساس فإن غيبةَ جميع الناس ـ الأعمّ من الشيعة وغير الشيعة، والمسلمين وغير المسلمين، بل الكفّار أيضاً ما دام اعتقادهم عن قصورٍ وجهلٍ ـ حرامٌ.

وبطبيعة الحال فإن المسلمين من غير الشيعة والكفّار إذا كانوا مقصِّرين أو جاحدين ومنكرين في اعتقادهم، أو ناصبونا العداء والعناد، لا يكونون مشمولين لحكم عدم الحرمة، وبذلك تكون غيبتهم جائزةً.

الدراسة الرابعة: الموقف الشرعي من غِيبة غير الشيعيّ، تطوُّر الرؤية الفقهيّة عند السيد الخميني

الكاتب: أ. علي محمديان / د. محمد رضا علمي سولا / د. محمد تقي فخلعي؛ المترجم: حسن الخرس

يسعى بعض الأفراد لتشويه صورة السيد الخميني، وتضعيف التعاليم النقية للمدرسة الشيعية بالتَّبَع؛ وذلك عن طريق إبراز جزءٍ من عبارات السيد الخميني من بعض كتبه الفقهية في جواز غيبة المخالفين، واختصاص حرمة الغيبة بالمؤمنين بالمعنى الأخصّ.

ويستنتج الباحث هاهنا، بعد مطالعة مجمل آراء السيد الخميني، أنّه وإنْ كان في آرائه الأولى قبل عصر انتصار الثورة الإسلامية قد اعتبر قيد «الإيمان» في حرمة الغيبة، إلاّ أنّ الأدلة التي عرضها هو وبعض الفقهاء لم تكن تامّةً، ولا يمكن اعتبار هذا الرأي وجهة نظرٍ لعموم المذهب الشيعي الإماميّ، ومطابقاً لسيرة أهل البيت، ونظراً نهائيّاً له في المسألة؛ فإنّ تحليل  آرائه بعد انتصار الثورة، وفي مرحلة قيادته للمجتمع الإسلاميّ، يشير إلى أنّه قائلٌ بحرمة الغيبة لجميع المسلمين.

وبناءً على هذا إذا كان الكلام الأخير لأيّ شخص هو الرأي النهائيّ له فيجب حينئذٍ اعتبار الرأي النهائيّ للسيد الخميني في مسألة الغيبة هو حرمتُها بنحوٍ عامّ لجميع الأفراد.

الدراسة الخامسة: «الآخر» في المنظومة الفكريّة لتوما الأكويني، تأمّلاتٌ وملاحظات

الكاتب: حيدر حبّ الله / د. أحمد رضا مفتاح / د. السيد أبو الحسن نوّاب

يعتبر الموقف من الآخر ونهج التعامل معه العمادَ الرئيس للعلاقات بين الأديان، ولا يمكن تنظيم هذه العلاقات من دون وضع رؤيةٍ تفهم الآخر، وتحدّد معايير التعامل معه، وفقاً لأصول معقولة ومبرّرة منطقيّاً وأخلاقيّاً. وقد درس المفكِّرون واللاهوتيّون المسيحيون ـ وخاصّة في العصر الحديث ـ هذا الموضوع على نطاقٍ واسع. وقد ارتأَتْ هذه المقالة أن تدرس رؤيةَ لاهوتيٍّ كبير من فلاسفة اللاهوت المسيحي في ما يُسمّى بالعصر الوسيط، وهو القدّيس توما الأكويني، لتنظر في منهجه في التعامل مع الآخر والحكم عليه، سواء كان هذا الآخر خارجَ الدائرة الإيمانيّة المسيحيّة (الكفر) أم من داخلها (البدعة ـ الهرطقة..)؛ ولتعرف ميول الأكويني في العلاقة مع الآخر ضمن ثنائيّات: الوصل والقطع؛ السلب والإيجاب؛ القبول والرفض؛ الاستيعاب والطرد.

تقوم إشكاليّة دراسة الآخر على فَهْم الذات؛ لأنّ فَهْم الآخر لا يكون إلاّ من خلال إجراء مقارنات مع الذات؛ بهدف بناء علاقةٍ معه أو قطيعة؛ وكذلك بهدف تحديد المسافة بين الذات وبينه، وأيُّ خطأٍ فادح في فَهْم الذات ووَعْيها يؤدّي إلى الوقوع في أخطاء تجاه بناء العلاقة مع الآخر وفَهْمه. فعلى سبيل المثال: إذا تضخّمت الأنا الجماعيّة سادَتْ علاقةٌ سلبيّة بينها وبين الآخر، وكذلك إذا تقزَّمَتْ وتقلَّصَتْ حدّ فقدان هويّتها وخصوصيّتها وثقتها بنفسها… وعلى المقلب الآخر كلّما قلَّلْنا من حجم الآخر واستهنّا به ترك ذلك تأثيراً على رؤيتنا له وتعاملنا.

والتحدّي الكبير هنا هو: هل كان الأكويني يحمل ذاتاً متضخِّمةً حتّى يتعامل مع التيّارات الفكريّة الداخليّة من الهراطقة والمبتدعة والمرتدّين بهذه الطريقة القاسية في بعض الأحيان أو لا؟ وهل كان مستخفّاً بها محتقراً لها إلى هذا الحدّ أو لا؟

وكتحدٍّ كبير أمام الأكويني هو في مدى تحديده لهويّة الذات؛ فبطريقة تعامله مع المرتدّ والمبتدع قلَّص الأكويني من مساحة الذات، وزاد من شروطها، وهو بهذا يُشظّي الذات المسيحيّة، ورُبَما لا يقوم بإنقاذها كما تخيَّلَ، بمعنى أنّ تعامله مع الارتداد والبدعة بأقسى من تعامله مع الكفر الأصلي ـ اليهود والوثنيّين ـ بحَسَب تعبيره ـ يدلّ على حجم خوفه من التيارات الداخليّة، ويكشف عن أنّه سعى لإخراجها من الذات المسيحيّة بهدف حماية العقيدة والإيمان المسيحيّين… وهذا معنى أنّ الخوف على الذات كلّما ارتفع ازداد مستوى العنف في العلاقة مع الآخر، وهذه هي مشكلة التكفير في الأديان؛ لأنّها تقلِّص حجم الذات عمليّاً، في الوقت الذي تتوهَّم فيه أنّها بذلك تقوّيها، وهنا يقع التصادم بين إرادة خلوص الدين من الشوائب وإرادة احتفاظه بقوّته وسَعَته.

ولا بأس من أن أشير أخيراً إلى أنّ كتاب (الخلاصة اللاهوتيّة) يكشف عن مساحة اطّلاع الأكويني على الآخر المسلم، على سبيل المثال؛ إذ يبدو واضحاً أنّ معلوماته مبتسرةٌ ومنقوصة، وأنّه لم يتعرَّف على الآخر المسلم من زاوية اللاهوت الإسلامي، بل تعرَّف عليه عبر فلاسفة المسلمين فحَسْب، كما يؤكِّد ذلك المفكِّر اللاهوتي المعاصر هانس كونج. ورغم أنّ الحروب الصليبيّة كانت قد وقعت والتجارات والعلاقات قد بدأت بالفعل بين الشرق والغرب، لكنّ الأكويني ـ وهو يرسم خارطة تصوُّراته عن الآخر ـ لم يحصل لديه بوضوحٍ أيُّ تأثيرٍ يُذْكَر لصورة هذه العلاقة وهذا الانفتاح بين الشرق والغرب، إلاّ عبر التراث الفلسفيّ، وليس الدينيّ. وهذا يعني أنّ مرجعيّات معرفة الآخر المسلم عند الأكويني كانت ضيّقةً، فضلاً عن مرجعيّات معرفته بالآخر في الشرق عموماً.

إنّ التوماويّة الجديدة بحاجةٍ إلى تعديل الكثير من أفكار توما الأكويني في موضوع العلاقة مع الآخر. وقد خطَتْ خطواتٍ كبيرة في هذا الصدد خلال القرن الماضي، وهي بحاجةٍ في الوقت عينه إلى أن تستلهم من أفكار الأكويني العديد من عناصر التسامح التي رأيناها. وأختم كلامي هنا بما قاله الدكتور روان ويليامز ـ رئيس أساقفة الكنيسة الأنجليكانيّة في إنجلترا ـ، وهو يحاول أن يوجِّه خطابه للأصوليّة المسيحيّة، مستيعناً بخطاب تيم وينتر الذي وجَّهه للراديكاليّين المسلمين، حيث قال: هل نسي الله أن يكون رؤوفاً؟!

الدراسة السادسة: البحث اللّغويّ عند علماء أصول الفقه، تطبيقاتٌ فقهيّة عمليّة

الكاتب: د. الشيخ علي منتش

سلك البحث الأصوليّ طرق استنطاق النّصوص الشرعيّة؛ ليظفر بمكوِّنات الأحكام، ووجد أنّ جامع الخطاب المؤسِّس لهذه النّصوص هو منطق اللّغة العربيّة، فاتّجه نحو البحث عن المعنى الحقيقيّ، الذي وُضع له اللّفظ بالأصل، وعن المعنى المستَعْمَل فيه اللّفظ، في موارد المجاز والكناية وغيرها، ضمن دائرة الأبحاث اللّغويّة؛ لأنّ الخطاب الشرعيّ بنظر الأصوليّين قابلٌ لأن يحتضن أكثر من معنىً.

وهذا يعني أنّ مهمّة الكشف عن المعنى المراد من النّصوص الشّرعيّة كانت متعيِّنةً منذ بداية ظهور علم الأصول كعلمٍ مستقلٍّ في طريقه إلى التّميُّز، بحيث تجاوزت هذه المهمّة المعرفيّة وظيفتها كمقدّمات ومداخل شكليّة، لتتّخذ عنوان «الأصول والمبادئ اللّغويّة، وتشرّع لهذا العلم منهجه المستقلّ عن اللّغويّين والنّحويّين في فقه اللّغة واستقراء اللّسان، وتأصيل قواعد لغويّة تُدرك بها دلالة الألفاظ وصيغها وهيئاتها ومفاهيمها؛ للوصول إلى ما في النّصوص من معانٍ يُبنى عليها لاستنباط أحكامٍ شرعيّة».

والمتتبِّع لمباحث الألفاظ عند علماء أصول الفقه يمكنه أن يعثر على أدبٍ لغويّ، يكاد يكون مختلفاً في المنهج والنتيجة، ومتنوّعاً في المقاربة والتحليل، من خلال تحقيقاته العلميّة الحثيثة في استثمار الطاقة الدّلاليّة للنّصّ. ويجد أنّ علماء الأصول أضافوا قراءةً جديدة إلى الأبحاث اللّغويّة، جديرةً بأن تتصدَّر؛ لما لها من قدرةٍ على استيعاب القضايا المعاصرة في اللّغة، فكان جُلُّ جهدهم منصبّاً على تحصيل العناصر المشتركة، والتي تشكِّل قواعد عامّة وكبرياتٍ تقع نتيجتُها في طريق استنباط الحكم الشرعيّ.

وانطلاقاً ممّا تقدَّم نعرض نماذج من التّطبيق العمليّ للدرس الأصوليّ، ونورد لذلك مسائل:

أـ مقاربة الزوجة بعد الحَيْض.

ب ـ حكم القَدَمَيْن في الوضوء، بين الغَسْل والمَسْح.

ج ـ ملامسة النساء، بين اللمس والمسّ.

د ـ قروء عِدّة المطلَّقات، بين الحَيْض والطُّهْر.

الدراسة السابعة: وباء كورونا، وحكم الإجراءات الوقائية منه

الكاتب: الشيخ علي نذر

اليوم ينتشر كوفيد ـ 19، أو ما يُعْرَف باسم الوباء التاجي. ولهذا الوباء، كما أيّ وباء، سرعة انتشارٍ وضَرَر. وتحاول الأنظمة مع الناس تفاديه، قَدْر استطاعتها، من خلال عددٍ من القوانين والإجراءات الوقائية التي قد تعارضَتْ في كثيرٍ من الأحيان مع بعض الأعراف والقوانين التنظيمية أو الدينية.

والذي يهمّنا في هذه المقالة بالخصوص هو تعارضها وتزاحمها مع الأحكام الفقهيّة الإسلاميّة.

فما هو موقف الفقه الإسلامي ـ الاثني عشري ـ من هذه الإجراءات؟ وخاصّة أن عدداً منها يطال شروط بعض الأحكام (وجوب الحجّ، استحباب ارتياد المسجد، …إلخ).

هذه المقالة هي محاولةٌ للإجابة عن مثل هذه التساؤلات وفق الدليل العقليّ أوّلاً؛ فالقرآنيّ ثانياً؛ ثمّ النقليّ؛ انتهاءً بقاعدة لا ضَرَر ولا ضرار.

وسنتّبع في هذا المقال الترتيب التالي:

1ـ سننقّح المعنى اللغوي للوباء أو الطاعون.

2ـ سنشير بشكلٍ موجز إلى الحكم العقليّ في المسألة.

3ـ سنعالج الآيات التي يمكن الاستفادة منها في المقام.

4ـ سنعالج الروايات التي يمكن الاستفادة منها في المقام، مع تحديد كيفية الاستفادة.

5ـ التفصيل في قاعدة لا ضَرَر ولا ضرار وفق المباني المختلفة؛ للاستفادة منها.

النتيجة: أوّلاً: وجود مائزٍ بين اصطلاحَيْ: (الوباء) و(الطاعون) وفق ما تمّ تقديمه؛ إذ الوباء هو المرض العامّ؛ أما الطاعون فهو مرضٌ عامّ مخصوص. وقد ذكرنا أن بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً.

ثانياً: في البحث العقليّ حول المسألة أشَرْنا إلى وجود اختلافٍ في النتائج المستفادة، وذلك تَبَعاً لاختلاف المباني؛ فمَنْ قال بالملازمة بين حكم العقل والشرع استطاع القول بلزوم تحريم الشارع للضَّرَر المقطوع به عَقْلاً؛ وأما مَنْ لم يقُلْ بالملازمة فإنه لا يمكنه الاستفادة من حكم العقل في المقام.

ثالثاً: في البحث القرآني بحثنا ثلاث آيات، أبرزها: الآية الثانية: ﴿وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، حيث استفَدْنا منها حرمة إلقاء النفس في التهلكة، مع عدم تزاحمها مع فعلٍ آخر، ولو تزاحمت فإنه سيصار إلى قواعد الترجيح.

رابعاً: في البحث الروائي تناولنا الروايات الواردة في الوباء. لكنها رواياتٌ غير مفيدة إلاّ من ناحية الردّ على أهل العامّة، حيث حرَّموا أو كرَّهوا الفرار، وقد أتَتْ مثل هذه الروايات لنفي ما ذهب إليه العامّة.

خامساً: في قاعدة لا ضَرَر ذكرنا أبرز المباني الموجودة المستفادة من رواية (لا ضَرَر)، ثم بيَّنا الأثر الفقهيّ لكلّ واحدةٍ منها في ما يرتبط ببحثنا.

الدراسة الثامنة: عالم الذرّ في المدرسة الكلاميّة الإماميّة في بغداد، قراءةٌ نقديّة

الكاتب: الشيخ سعيد نورا

إنّ دراسة المذاهب المختلفة ومقارنتها من الأساليب المهمّة في تطوير العلوم، الأمر الذي لم يَحْظَ بالاهتمام اللازم في علم الكلام الإسلامي. وفي هذا السياق تسعى هذه المقالة أن تتناول أحد الموضوعات الكلامية المهمّة أي «عالم الذَّرّ»؛ لتدرس رؤية مدرسة بغداد حوله، التي تعتبر من أهمّ المدارس الكلامية المتقدّمة في الإمامية.

في البداية سوف نحاول أن نلتقط الأفكار والنظريات التي وصلتنا من علماء مدرسة بغداد، وندرسها في سلسلةٍ تاريخية؛ لنحصل على صورةٍ أكثر انسجاماً ودقّة عن موقف مدرسة بغداد تجاه فكرة «عالم الذَّرّ»، لننتقل بعد استخراج العناصر والمؤلّفات المشتركة فيما بينهم إلى دراسة هذه العناصر واحداً تلو الآخر. ولن نكتفي في هذه الدراسة بعرض النظريات والأقوال، بل نحاول قَدْر الإمكان أن نسلِّط الضوء على الزوايا المختلفة لهذه الفكرة، ونقوم بالتقويم والتحليل هنا وهناك.

النتيجة: نظراً إلى العَرْض التاريخي الذي ذكرناه في المرحلة الأولى من البحث اتّضح أن علماء مدرسة بغداد اتّخذوا موقفاً واحداً تقريباً تجاه فكرة «عالَم الذَّرّ»، وكلّ واحدٍ من علماء هذه المدرسة حاول بدَوْره أن يقدِّم شواهد وأدلّة تقوّي هذا الاتّجاه. وبقولٍ إجماليّ: نستطيع أن نعتبر علماء مدرسة بغداد من المُنْكِرين لفكرة «عالَم الذَّرّ» كواقعةٍ حدثَتْ في عالَمٍ قَبْلَ هذه الدنيا التي نعرفها، والتي عمَّتْ جميع ذرّية آدم. وإمّا أنهم خصَّصوا ذلك بجماعةٍ معيّنة، خلقهم الله سبحانه وأكمل عقولهم و…؛ وإما أنهم فسَّروها على أنها تعبيرٌ رمزيّ وأدبيّ لوجود الآيات الإلهيّة في الآفاق والأنفس، ممّا يُتِمّ الحجّة على الجميع، فلا يقبل اعتذارهم بالغفلة أو شرك الآباء.

وبعد أن عَرَضْنا أقوال علماء مدرسة بغداد عَرْضاً تاريخياً انتقلنا في المرحلة الثانية من البحث إلى استخراج العناصر والمؤلِّفات الأساسيّة لهذا الاتجاه، وحاولنا أن نقيِّمها، ونذكر الإشكالات التي ذُكرَتْ أو يمكن أن تُذْكَر بالنسبة إليها. ووصلنا إلى أنه لا دليلَ واضحاً يثبت استحالة وقوع حادثةٍ من هذا النوع، وكلّ ما في الأمر أن النظر في الأدلة الإثباتية، التي تنحصر بالنصوص الدينية، وخاصّةً الروايات، والدراسة الصدورية والدلالية لهذه النصوص، لا تتّسع لها هذه المقالة، وآمل أن يوفِّقني الله سبحانه وتعالى لدراسة ذلك في مقالةٍ مستقلة.

الدراسة التاسعة: مقبولة عمر بن حنظلة، قراءةٌ نقديّة شاملة

الكاتب: د. سعيد نظري توكُّلي / أ. فاطمة سادات مرتضوي

من الروايات التي تُطرح في المباحث الفقهية والأصولية المختلفة، نظير: تعارض الأدلّة، والترجيح بالشهرة، والاجتهاد والتقليد، وولاية الفقيه، والتي يَستند إليها فقهاء الإمامية، هي مقبولة عمر بن حنظلة. وقد روى مشايخ رواة الإمامية (أي الكليني والصدوق والطوسي) هذه الرواية بإسنادهم عن عمر بن حنظلة، عن الإمام الصادق(ع).

وتظهر نتائج هذه الدراسة ما يلي:

1ـ ليس لسند رواية عمر بن حنظلة الاعتبار اللازم بين الفقهاء المتقدِّمين والمتأخِّرين؛ فإنّ المتقدِّمين كانوا يوجِّهون الإشكال إلى محمد بن عيسى وداوود بن الحصين وعمر بن حنظلة؛ فيما وجَّه المتأخِّرون الأشكال إلى عمر بن حنظلة فقط.

2ـ إنّ رواية عمر بن حنظلة غير معروفةٍ في النصوص الفقهية المتقدِّمة. ومنشأ شهرتها في النصوص المتأخِّرة تحت عنوان «المقبولة» راجعٌ إلى اعتماد الفقهاء على وصف الشهيد الثاني للرواية بـ «المقبولة»، وليس إلى صحّة الرواية نفسها.

3ـ على فرض أنّ عمل الأصحاب هو أحد أسباب اعتبار الرواية، وجَبْر ضعف سندها، إلاّ أنّ وجود العديد من الخلافات في الاستناد إلى الكلمات الموجودة فيها يشير إلى عدم إمكان جَبْر ضعف سندها بعمل الأصحاب.

4ـ لم يكن هناك فَهْمٌ متساوٍ لمضمون رواية عمر بن حنظلة عند الفقهاء المتقدِّمين والمتأخِّرين. ويرجع وجود الاحتمالات المتعدِّدة في معنى الكلمات المستَخْدَمة فيها من قِبَل بعض الفقهاء إلى تجاهل القضيّة الرئيسة لهذه الرواية، والتي هي منع الرجوع إلى قضاة الجَوْر لإحقاق الحقّ من جهةٍ، وتحديد مؤشِّرٍ لشرعيّة قضاء القاضي من جهةٍ أخرى.

5ـ لا يمكن الاعتماد على الأحكام المستَخْرَجة من هذه الرواية، مثل: اشتراط الاجتهاد المطلق أو جواز الرجوع إلى المجتهد المتجزّئ؛ ووجوب الرجوع إلى الأعلم أو جواز الرجوع إلى غير الأعلم؛ وأخيراً اختصاص هذه الرواية بالقضاء وحده أو شمولها للقضاء والحكومة معاً؛ بسبب الإشكالات الواردة عليها.

الدراسة العاشرة: مستقبل العالمين العربيّ والإسلاميّ في ضوء المتغيِّرات الجارية بالمنطقة والعالم (إحياء الهوية ومشترك الأنسنة نموذجاً)

الكاتب: أ. بدر بن سالم بن حمدان العبري

يمرّ العالم العربيّ والإسلاميّ بمرحلة متغيِّرات ما بعد العولمة، ولقد كُتِبَ في ذلك الكثير من الأبحاث والدراسات والمقالات، وأغلبها يركّز على الجانب السياسيّ وتقلُّبات المنطقة، وأثر الربيع العربيّ وسقوط أنظمة عربيّة، ونشوء الصراع مع الإسلام السياسيّ ـ إنْ صحّ التعبير ـ، وعلى الجوانب الاقتصاديّة والإعلاميّة وأثرها على الفرد، ودَوْر الرأسماليّة التي أرخَتْ ذيولها على العالم، وتأثيرها الإعلاميّ والثقافي على الفرد والمجتمعات عموماً.

وفي هذا البحث المتواضع أرى أن نقرأ الحالة المعاصرة وبُعْدها المستقبليّ للعالم العربيّ من خلال بُعْدين: إحياء الهويّة؛ ومشترك الأنسنة، حيث قد يظهر شيءٌ من التناقض بين الهويّة، وهو مكوّنٌ ضيّق، وبين الأنسنة، وهو مكوّنٌ واسع منفتح على الآخر. لهذا قيّدت الهويّة بالإحياء، والأنسنة بالمشترك.

والخلاصة: إنّ المتغيِّرات الفكريّة والدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة في عالمٍ أصبح مفتوحاً ومكشوفاً، تداخلاً وإعلاماً، وذا مركزيّةٍ ومؤسّسات مدنيّة، يتطلَّب هذا أنسنة الدولة والمجتمع، ومراجعة الفكر الدينيّ والثقافيّ والمجتمعيّ بما يحقِّق هذه الأنسنة، ويحفظ الحرّيات الفرديّة في المجتمع، ويحمي الحقوق الجماعيّة فيه.

الدراسة الحادية عشرة: منهج شريعتي في تناول المسألة الدينيّة، المعالم والاستراتيجيا

الكاتب: الشيخ حسن بدران

بعض الأشخاص كالتربة الخصبة، مهما أُلقي فيها من شيءٍ فإنها تعيد إنتاجه على أحسن ما يمكن. هكذا تميَّز شريعتي في شخصيته بفرادةٍ، يمكن القول معها: إنه كان واحداً من النماذج الرائدة للنشطاء على مستوى الاجتماع البشري. ولا شَكَّ أن للظروف المواكبة تأثيرها الذي يحدِّد مسارات الشخصية، إلاّ أنه ليس كلّ مَنْ يسلك في مسار الدراسة الحَوْزِية سوف يخرج إلينا بصورة مرتضى مطهَّري، كما أنه ليس كلّ مَنْ يسلك في الدراسة الأكاديمية سوف يخرج إلينا بصورة علي شريعتي. لقد حظي الكثير من العلماء بصفة العبقرية العلمية، إلاّ أنها لم تكن الميزة التي يدعو إليها شريعتي، فقد جعل كلّ هاجسه في تحقيق عنصر النباهة الواقعية. كان شريعتي ناشطاً، فاعلاً، مؤثِّراً، يسعى ـ بجرأةٍ وفصاحة نادرتين ـ إلى إحداث تغييرٍ في ملامح الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي، يحدوه إلى ذلك إيمانٌ عميق بقدرة الإنسان على القفز بالعقل والروح والوجدان إلى منطقة الوَعْي القصوى.

المؤشِّر الشخصي لسيرة شريعتي كان يعكس على الدوام منسوباً فائضاً من الضمير الاجتماعي الحيّ على مستوى المسؤولية والهَدَفية والتبصُّر. وفي اللحظة التي غادر فيها بلده متأبِّطاً منحةً دراسية، وخلافاً لما كانت تعتقده السلطة آنذاك، فقد أدار ظهره تماماً لكلّ شيء، مفرِّغاً جُلَّ اهتمامه لمتابعة أوضاع مجتمعه وبلده. كان يستهويه الأدب والفلسفة على المستوى الشخصي، إلاّ أن شعوره بالمسؤولية أوجب عليه أن ينصرف إلى دراسة الاختصاص الذي يرى فيه حاجةً فعلية لشعبه، ولذلك سوف ينصرف إلى التخصُّص في مجال الأديان والعلوم الاجتماعية والإنسانية. وهذا الضمير الحيّ، الذي واكبه طيلة حياته، أتاح له تبصُّراً كبيراً في تحديد اختياراته، كما يتّضح في النماذج الرائدة التي اتّخذها قدوةً لفكره، وجعل منها مشعلاً يضيء طريقه، من أمثال: جمال الدين الأفغاني؛ ومحمد إقبال؛ و…، وهي نماذج مهجوسة بواقع النهضة، وتعبِّر عن طموح شريعتي في تحقيق الهويّة الحضارية للمجتمع الإسلامي على أرضية العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وتبقى أهمّية شريعتي الاستثنائية كمثقَّف يلتقط أنفاس اللحظة، بل ويستبقها، ويلتقي مع أهدافها على مستوى التنظير، ويرفدها بحسّه الثوري من معين قلمه، وينشط حيث تقتضي المسؤولية الاجتماعية في إيجاد خطابٍ علمي مؤدلج، يواكب مسار الحَدَث الثوريّ، ويجعله مفهوماً ومقبولاً ومعقولاً في السياق العصريّ، ولدى شريحةٍ اجتماعية وازنة.

ومع أنه كان يحرص على طرح أفكاره في إطارٍ عقلانيّ ومبرَّر، إلاّ أن نمطه الثقافي لم يكن معهوداً في السياق المحلّي الديني آنذاك. وإذن ليس مفاجئاً أن يبتلى بخصومٍ تقليديين، على الجبهتين: الدينية؛ والعلمانية، وبأتباعٍ تقليديين، أخذوا به إلى زوايا جَدَليّة ضيِّقة، وقاموا بتحويله إلى ماركةٍ ثقافية مبتذلة، الأمر الذي ساهم ـ دون قصدٍ ـ بضمور نشاط شريعتي على مستوى فلسفة التاريخ، والمنهج الاجتماعي الناظم لمجمل فكره.

قراءات

القراءة الأولى: (وسائل الشيعة) ومظاهر الاختصار العامّة، عرضٌ وتحليل

الكاتب: الشيخ محمد عباس دهيني

يُعتبر كتاب «وسائل الشيعة»، لمؤلِّفه محمد بن الحسن الحُرّ العاملي، من أهمّ الموسوعات الحديثيّة المتخصِّصة عند الإماميّة، التي أُلِّفت في القرن الحادي عشر الهجريّ. وقد جَرَت العادةُ في مثل هذه الموسوعات الضخمة أن يعمد المؤلِّف إلى (الاختصار) قدر الإمكان؛ لئلاّ يطول الكلام، وتكثر الصفحات، وتتعدَّد الأجزاء.

وقد اعتمد الشيخ الحُرّ، في اختصار كتابه، جملةً من الأساليب الخاصّة، وقد ساعدَتْه هذه الأساليب بحقٍّ في اختصار الكتاب وتحجيمه إلى أصغر حدٍّ ممكنٍ.

ومن هذه الأساليب:

1ـ تأخير ذكر الكتب التي ينقل عنها، وطرقه إليها، إلى آخر الكتاب

2ـ تأخير ذكر أسانيد الصدوق والطوسيّ إلى آخر الكتاب

3ـ اعتماد طريقةٍ خاصّة في نقل الحديث من المصدر

4ـ ترك الكثير من الأحاديث في بعض الأبواب

5ـ إغفال ذكر بعض المصادر الأخرى للحديث

6ـ عدم ذكر أحاديث متقدِّمة أو متأخِّرة، مع الإشارة إلى ذلك

7ـ حذف بعض كلمات الحديث في النقل عن أكثر من مصدرٍ

هذه هي يُشار إلى أنّ مجلّة «الاجتهاد والتجديد» يرأس تحريرها الشيخ محمد عبّاس دهيني، والمدير المسؤول: ربيع سويدان. وتتكوَّن الهيئة الاستشاريّة فيها من السادة: الشيخ أحمد المبلِّغي (من إيران)، الشيخ حسن الصفّار (من السعودية)، الشيخ خميس العدوي (من عُمان)، د. محمد خيري قيرباش أوغلو (من تركيا)، د. محمد سليم العوّا (من مصر). وهي من تنضيد وإخراج مركز (papyrus).

وتوزَّع «مجلّة الاجتهاد والتجديد» في عدّة بلدان، على الشكل التالي:

1ـ لبنان: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الرويس، خلف محفوظ ستورز، بناية رمّال، ص.ب: 5479/14، هاتف: 541211(9611+).

2ـ مملكة البحرين: شركة دار الوسط للنشر والتوزيع، هاتف: 17596969(973+).

3ـ جمهورية مصر العربية: مؤسَّسة الأهرام، القاهرة، شارع الجلاء، هاتف: 7704365(202+).

4ـ الإمارات العربية المتحدة: دار الحكمة، دُبَي، هاتف: 2665394(9714+).

5ـ المغرب: الشركة العربيّة الإفريقيّة للتوزيع والنشر والصحافة (سپريس)، الدار البيضاء، 70 زنقة سجلماسة.

6ـ العراق: أـ دار الكتاب العربي، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7901419375(964+)؛ ب ـ مكتبة العين، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7700728816(964+)؛ ج ـ مكتبة القائم، الكاظمية، باب المراد، خلف عمارة النواب. د ـ دار الغدير، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7801752581(964+). هـ ـ مؤسسة العطّار الثقافية، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7501608589(964+). و ـ دار الكتب للطباعة والنشر، كربلاء، شارع قبلة الإمام الحسين(ع)، الفرع المقابل لمرقد ابن فهد الحلي، هاتف: 7811110341(964+).

7ـ سوريا: مكتبة دار الحسنين، دمشق، السيدة زينب، الشارع العام، هاتف: 932870435(963+).

8ـ إيران: 1ـ مكتبة الهاشمي، قم، كذرخان، هاتف: 7743543(98253+). 2ـ مؤسّسة البلاغ، قم، سوق القدس، الطابق الأوّل. 3ـ دفتر تبليغات «بوستان كتاب»، قم، چهار راه شهدا، هاتف: 7742155(98253+).

9ـ تونس: دار الزهراء للتوزيع والنشر: تونس العاصمة، هاتف: 98343821(216+).

10ـ بريطانيا وأوروپا، دار الحكمة للطباعة والنشر والتوزيع:

United Kingdom London NW1 1HJ. Chalton Street 88. Tel: (+4420) 73834037

كما أنّها متوفِّرةٌ على شبكة الإنترنت في الموقعين التاليين:

1ـ مكتبة النيل والفرات: http: //www. neelwafurat. com

2ـ المكتبة الإلكترونية العربية على الإنترنت: http: //www. arabicebook. com

وتتلقّى المجلّة مراسلات القرّاء الأعزّاء على عنوان البريد: لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: 327 / 25.

وعلى عنوان البريد الإلكترونيّ: mdohayni@hotmail.com

وأخيراً، وللاطّلاع على جملة من المقالات الفكريّة والثقافيّة المهمّة، تدعوكم المجلّة لزيارة:

الموقع الخاصّ:

www.nosos.net

تطبيق الاجتهاد والتجديد:

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.mehdok.papyrus.ejtihad

كما يمكنكم متابعة: أخبار المجلتين، وبعض مقالاتهما، وقراءات حولهما، وكتبهما، والنشاطات المتعلّقة بهما، …إلخ، على وسائل التواصل التالية:

الفايسبوك / Facebook:

https://www.facebook.com/profile.php?id=100054992093172

صفحة الفايسبوك / Facebook:

 https://www.facebook.com/مجلة-نصوص-معاصرة-109061414276898/

الواتسأب / Whatsapp:

https://chat.whatsapp.com/IckP3tLZpJMG3q5buT65R0

قناة التيليغرام / Telegram:

https://t.me/nosos_ijtihad

الإنستغرام / Instagram:

https://www.instagram.com/p/CFK1Rf9HRUt/?igshid=1u95dhp0xfn13

تويتر / Twitter:

https://twitter.com/NIjtihad?s=07

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً