أحدث المقالات

مقدمة اصولية :

حجية العلم بالقطع هي عنصر مشترك يدخل في جميع عمليات استنباط الحكم الشرعي بكلا نوعيها : ما كان قائما على اساس الدليل او على اساس الاصل العملي

هذه القاعدة الاصولية تختص بالمكلف سواء امرأة أو رجل ، وهو ما يؤكد حقيقة تكليفية للمرأة والرجل وهي طلب العلم لاحراز القطع والعمل على اساسه في كافة الدوائر ( الذات – الاسرة – المجتمع )

فحجية القطع قاعدة اساسية في الاصول تطبق على الفقيه والمكلف رجلا وامرأة .

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب يعتمد كونه كفائي او عيني على ظروف الزمان والمكان ، فدرء المفسدة عن الذات والاسرة والمجتمع تكليف للمراة والرجل ، لان الانكفاء على الذات والانعزال هو اهمال لتهيأة البيئة الصالحة اسريا واجتماعيا والانكفاء على تنمية الاسرة وتربيتها واهمال المجتمع هو ايضا اهمال لتهيأة المجتمع للفضيلة وتأهيله كحاضنة صالحة للابناء

وفي ظل الفساد الموجود في زماننا فالحاجة ملحة لتتضافرالجهود بين الرجل والمرأة للجهاد في كافة الميادين وفق اسس الشرع وتشخيصات الحاجة مع توفر شرط العفة والعفاف لكليهما

وكي يتحقق ذلك لابد من تحقيق العلم والقطع به ليصبح حجة وهو ما يتطلب تسهيل سبل العلم وتهيأة موارده للرجل والمرأة ليقوما بوظائفهما المتكاملة وفق الحدود التي قطع بها الشارع الاقدس.

حقوق المرأة :

في أي حقل من حقول المعرفة لابد لنا من وقفة مهمة حول المصطلحات محل النقاش خاصة فيما يتعلق ببيئة النشأة وتاريخها حتى نتبين الهدف والابعاد من طرح المصطلحات خاصة مع تداخل السياسي بالمعرفي و تسخير المعرفي للهيمنة والنفوذ خاصة بعدالعولمة.

فموضوعة الحقوق المتعلقة بالمرأة وردت كجدلية معرفية في القرنين الأخيرين ميلاديا، وظهورها متأخرا لا يعني أبدا عدم وجودها لا أقلا على مستوى التشريع والنظر وحتى التطبيق وإن بصياغات وسياقات أخرى.

لكن تحولها لجدلية منعزلة عن المكون الاخر المهم والمكمل في المجتمع ألا وهو الرجل ، يجعلنا نتدارس أسباب التركيز عليها وتحويلها لجدلية واداة في عالم الصراعات المعرفية والسياسية.

وقبل ذلك اجد لزاما التأسيس لمسألة مهمة كمقدمة لهذا الموضوع

الرجل والمرأة  لهما أدوار ووظائف متكاملة وليست متعارضة ، وتعتمد عملية تصنيف الوظيفة والدور على الأبعاد والطبيعة البشرية والمرتبة التي نتحدث عنها ونسلط الضوء عليها.

١. في المرتبة الإنسانية : يتساوى كلاهما في الحق والكرامة والدور المتمثل بالخلافة على الأرض شريطة امتلاك قابلية الاستخلاف التي لها مقتضياتها وأهمها معرفة إرادة المستخلِف وتطبيقها تعبدا وعبودية دون تدخل للذاتية أو الاهواء أو المؤثرات المحيطة الخارجة عن إرادته.

وهنا يتساوى كلاهما في الدور والوظيفة والتكليف .

٢. في مرتبة التطبيق لوظيفة الخلافة :

هنا يصبح تشخيص الفروقات مهم لاختلاف جنس كل منهما وبالتالي اختلاف البنية البيولوجية والفسيولوجية وطبيعتهما مما يترتب عليه من باب العدالة الالهية اختلافا في الدور والوظيفة والتشريع ليتواءم مع هذه الاختلافات الخُلُقية ولكن الاختلاف تكاملي وليس تقابلي بل احيانا هناك تداخل واحيانا افتراق لكنها كلها تتكامل لتؤدي حقيقة الاستخلاف ومتطلباته على الارض.

في هذه المرتبة يصبح لدينا شخصيتين :

أ. شخصية الرجل

ب.شخصية المرأة

ولكل شخصية بعدين :

١. بعد حقيقي ( ذاتي شخصي )

٢. بعد حقوقي ( ارتباطي حقوقي من الاسرة الى المجتمع والدولة والعالم )

فالرجل :

يقوم بالادوار التالية في مشروع الاستخلاف :

– له شخصية خاصة تمثل مسؤوليته الفردية في بناء ذاته

– شخصيته كزوج وما يترتب عليها من وظائف ومهام

– شخصيته كأب وما يترتب عليها من وظائف ومهام

– شخصيته الاجتماعية وما يترتب عليها من وظائف ومهام

والمرأة :

– لها كذلك شخصيتها الخاصة الذاتية وما يترتب عليها من مسؤولية بناء الذات

– شخصيتها كزوجة وما يترتب عليها من وظائف ومهام

– شخصيتها كأم وما يترتب عليها من وظائف ومهام

– شخصيتها الاجتماعية وما يترتب عليها من وظائف ومهام

ولكل شخصية عند الرجل والمرأة قواعد وأصول فقهية شكلت الشبكة الشرعية العلائقية لكل منها وفق أسس اعتمدت على العقل والنص .

وهذه التشريعات اخذت في الحسبان الزمان والمكان والثابت والمتغير .

فهناك تشريعات ثابتة تمثل الخطوط العامة الكلية وهناك تشريعات متغيرة لكنها لا تخرج عن الاطار العام .

فالدين وضع الحقوق والواجبات ناظرا لكلا طرفي المعادلة وهما الرجل والمرأة هذا من جهة ، وناظرا لتطور الزمان والمكان وتطور العقل من جهة أخرى ، فجاءت صياغاته لتحقق العدالة في الادوار والوظائف والتكليف ، وتحدد بنية الحقوق والواجبات بالنظر لكل الاطراف ولادوارهما كافة حتى تعتدل الموازين والمعايير وتصان الحدود والحقوق .

ومن هنا نجد أن المرأة لها بعد أنثوي وبعد إنساني

١. البعد الانثوي تشبعه في كونها زوجة وأم ويضاف له الإنساني بكل تأكيد

٢. البعد الإنساني تحققه في عملها الاجتماعي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر كوظيفة رسالية كي تقوم بها لا بد أن تحقق شروط العفة والعفاف والرحمة ، والعلم والكفاءة وكذلك الرجل ايضا .

والرحمة هنا خلاف الخضوع بالقول ، كون الخضوع تعمد لتغيير ما عليه طبعها لاجل جذب الاخر ، بينما الرحمة هي سلوك عفيف يتماشى مع كونها ريحانة يفوح عطر أخلاقها وطيبها وعفتها في كل مكان .

الاشكالية وقعت في خلط الوظائف والادوار والابعاد أي في التطبيق فنشأ الخلل.

ولعبت عوامل عدة في انحسار دور المرأة ليصبح فقط في الزوجية والأمومة وما لهما من مقام عظيم لكنهما جزء من ادوارها وليس كل ادوارها .

العوامل التي أدت لانحسار دور المرأة :

١- العادات والتقاليد التي حالت دون تطبيق ارادة الخالق في تحقيق وظائف الاستخلاف وقد تداخل تراكميا الدين معهما حيث اعتبرت بعض العادات والتقاليد شرع يدان به .

٢- الذاتية والبيئة ودورهما في فهم النص عند كثير من الفقهاء.

٣- فهم كثير من النصوص بمعزل عن القرآن وتقديم النص الحديثي على المرجعية القرآنية المعرفية بل والتوثيقية ، اضافة للقراءة الفقهية التجزيئية للنص .

٤- تراكم عزل المرأة عن العلوم العقلية والفلسفية أو الشرعية وانحسار وظيفتها كزوجة وأم أدى لضحالة المستوى المعرفي والفكري وانكفاء العقل على مستوى فهم محدود أدى لظهور قصور واضح وفجوة واضحة بين كل من المرأة والرجل وان وجدت استثناءات في ذلك .فالتراكم الكمي يؤدي لتغير نوعي ، وتراكم العزل التاريخي للمرأة علميا ومعرفيا قد يؤدي لتغير نوعي في البناء العقلي والفكري وبالتالي تغير الاوليات والسلوك المترتب على ذلك .

٥- المرأة إما استسلمت تحت حجة ان الله يريد ذلك بينما هو فهم الفقيه لذلك أو فهم المحيط له، أو ناضلت لكنها لم تقدم نموذجا جادا فغالبا ضيعت الاولويات تحت ضغط تحقيق الذات واثبات الحقوق .فغلبت تحقيق ذاتها وعملها في المجتمع على دورها كزوجة وأم والمطلوب واقعا التوازن في كل الادوار مع تحقق الشروط لكل دور .

فكونها زوجة يتطلب تحقق شروط وكونها ام يتطلب تحقق شروط وكونها رسالية في المجتمع يتطلب تحقق شروط واهمها في كل وظيفة الكفاءة المناسبة لكل وظيفة والعلم بحيثيات كل وظيفة ، ولان دورها استخلافيا فان العلم والكفاءة مطلبين عليها يقع وجوب السعي لتحقيقهما بتوسيع قابليتها لتحقق التوازن بين كل الادوار وهذا تجسيد ل يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه.

أو أنها خرجت عن الدين بحجة عدم مواءمته ومواكبته ولم تميز بين الدين وتطبيقه وممارسته .

تراجع المرأة علميا وفكريا وثقافيا يشكل عامل ضغط على الرجل والمجتمع كون هذا سيؤدي لتراجع على كافة المستويات ، بل يحسرها في كونها انثى بعد ان تم حسر وظيفتها كزوجة وأم وهنا تمارسهما كأنثى غالبا وهو ما يفقدها التوازن الوظيفي والعقلي في ترتيب الاولويات وفي تحديد الاهداف الرسالية وبالتالي تشخيص الحق والحقيقة وواقع الامر.

هنا ظهر خللا واضحا وضعفا في البنية الوظيفية للمرأة أثر على التنمية داخل الاسرة وفي المجتمع اذ الدور التربوي والتنموي في الاسرة لكل من المرأة والرجل يعتبر امتدادا لادوارهما في المجتمع فالنجاح في الاسرة شرط اساسي للنجاح في المجتمع خاصة مع توافر عناصر النجاح وهذا لا يعني عدم وجود استثناءات بظهور افراد من الاسرة غير سويين اخلاقيا او سلوكيا مع بذل الوالدين جهدهما في التربية فهنا الخلل في القابل وليس في الفاعل .

وجود هذا الضعف في بنية الجسد الاسلامي شكل ثغرة قوية استطاع الآخر استغلالها في رفع شعار حقوق المرأة وان كان شعارا نتفق عليه ظاهرا كون المرأة واقعا مسلوبة الحقوق في كثير من المواقع لكن السلب ليس قصورا في الدين وانما تقصيرا في التطبيق والممارسة ، اضافة الى ان الوعاء الفلسفي والفكري الذي خرج منه شعار حقوق المرأة هو وعاء مادي يعترف فقط بالبعد المادي للمرأة أي انها فقط جسد وليس لها بعد معنوي وروحي ، فتحت شعار الحقوق يطالب بحقها بالتفسخ والخروج عن عفتها وعفافها وبذلك يضرب اسس الدين ويضرب استقرار المجتمع وبنيته الاخلاقية لان المرأة إن فسدت فسد بذلك المجتمع .

ونتيجة الظلم والاحساس بالغبن وتحقيق الذات انبهرت كثيرات بهذه المطالبات التي سرعان ما ظهرت حقيقة المطالبة بها للعيان حيث تم تشخيص الحقوق وفق بنية مادية لم تأخذ بالحسبان الاختلافات الطبيعية الفسيولوجية والسيكلوجية والبيولوجية بين المرأة والرجل ورفعت شعار المساواة المطلق بينهما فوقعت المرأة اسيرة ظلم اخر شعاره الحقوق والحرية الا ان حقيقته استعباد اخر لها.

فالمرأة اليوم بين واقع يفرض عليها باسم الدين قيود روحية وعقلية وجسدية وواقع اخر يفرض عليها باسم الحرية والمساواة والحقوق عبودية تفسد بها ذاتها ومجتمعها

والمطلوب هو ان تمارس المرأة كل ادوارها باتزان وبتكامل مع الرجل وان تمتلك القدرة على التشخيص في متى واين وكيف فيما يتعلق بادوارها وابعاد شخصيتها .

وهذا واقعا كي يتحقق يحتاج لعدة عوامل أهمها :

١- نضال المرأة بعفتها لاجل تحقيق العدالة فيما يتعلق بدورها .

٢- التمييز بين الدين والعادات والتقاليد وتطبيق ارادة الخالق لا ارادة المخلوق وهو ما يتطلب تعميق لمفهوم التوحيد العملي كون ركون النفس لضغط العادات والتقاليد وما يريده المجتمع هو نوع من انواع الشرك الخفي العملي ، فالحق احق ان يتبع .

٣- حاجة الفقهاء لاعادة النظر في منهج فهم النص ومنهج الاستنباط بجعل القرآن المرجعية المعرفية للحديث .

٤- حاجة التعاون بين الرجل والمرأة للنهوض بدور المرأة والارتفاع بفهم المجتمع لاهمية دورها ومحوريته .

٥- تقديم النموذج الصالح كما اراده الخالق لا المخلوق من خلال كشف كامل للشخصية النموذج في كافة الادوار ( الزهراء ع – زينب ع ) ، وعدم الاكتفاء بتحويلهما مقدسا لا يمس ولا يطاول كما فعل المسيحيون مع مريم ع

٦- حاجتنا لقراءة التاريخ ونصوصه قراءة سيسيولوجية تأخذ في الحسبان الزمان والمكان .

٧- الارتقاء بدور المرأة من عقل منفذ الى عقل مخطط ومقرر ، اي شريك في القرار والتخطيط والتنفيذ ، وهو ما يتطلب تأهيلا لها وتقديرا للطاقات المؤهلة والقادرة .

المرأة مكملة لدور الرجل وشريكة له ليست ندا ولا في قباله وقيمومة الرجل عليها في نطاقها المفروض في الاسرة فقط والتي تنبني أسسها ليس فقط على القيمومة والحق والواجب بل يضاف لها كركن مكمل اساسي المودة والحب والسكن فكلمة طيبة مثلها كمثل شجرة اصلها ثابت وفرعها في السماء.

اما في المجتمع فلا قيمومة لاحد على احد والكفاءة والعلم المعيار في التقدم والشراكة .

طبعا موضوع كبير كهذا لا يمكن ايجازه هنا وفي هذه العجالة لكن هي محاولة لاطلالة سريعة على هذا الموضوع

فوظيفة الرجل والمرأة اليوم تتطلب النهوض بموضوع المرأة حتى لا نفتح ثغرات ضعف ، نريد ان نستفيد من تجارب الاخرين شريطة ان تكون استفادة غربلة وتصويب لا نسخ وتقويض لأسسنا .

وارجو ان لا نكتفي بالصراخ والتعاطف وان ننتقل للتنفيذ بقناعة تعبدا وطاعة للخالق ، وأعتقد التيارات الاسلامية هي المعنية الاولى بهذه الاصلاحات فالى الان المحرك هو العادات والتقاليد غالبا ، والفهم القبلي للاسلام بشكل عام وللمرأة ودورها بشكل خاص ، فما زال اغلبهم ينظر لها كمتاع وملك خاص كنظر الجاهلية الأولى .

المطلوب هو تحقيق التوحيد النظري والعملي وتحقيق العدالة ، وهما ما ارسل لاجلهما الانبياء ، فلا يمكن أن ندعي التوحيد ونحن نأخذ في حسباننا ارهاصات المجتمع الباطلة على حساب حقيقة تشريعات الله ، فالتوحيد يقتضي التعبد بارادة وتشريع الخالق لا المخلوق .

* الرؤية المقترحة لفعل التغيير الإيجابي :

المرحلة الاولى :

– تفكيك البني التحتية في حياة الأئمة وكيفية تعاملهم مع محيطهم النسوي وانتزاع المنهج واعادة بنائه

– استقراء الجزئيات الفقهية الخاصة بالمرأة واستخراج النظرية الفقهية الخاصة بها

– استقراء المنهج القرآني حول المرأة

بعد ذلك يمكننا الخروج بهيكل عام يوضح شخصية المرأة ، والنظر للتعارض في هذا الهيكل يساعدنا استكشاف الخلل.

اذا نحن نحتاج متخصصين في الفقه والقرآن والاستقراء ومفكرين

فأي نتيجة علمية مكينة نخرج لها نحتاج العمل عليها على مستوى الفتوى في كل من النجف وقم.

المرحلة الثانية :

 رسم الهيكل العام بعد انتهاء الاستقراءات

والخروج ببنى الهيكل

– المرحلة الثالثة :

دراسة الهيكل وبناه وتعارضاته واكتشاف الخلل والنقص

– المرحلة الرابعة :

تشكيل الرؤية الكاملة لشخصية المرأة في النظرية الاسلامية من نواحي عدة اهمها:

١. هي كذات وكشخصية حقيقية

حقوقها وواجباتها وعلاقتها مع الله ووظيفتها المناطة بها من الله

٢. شخصية حقوقية

– كزوجة

-كأم

– كأسرة

– وظيفتها في المجتمع

١. سياسيا

٢. اقتصاديا

٣. اجتماعيا

– حدود ولاية الرجل عليها ووحدود القيمومة

كفرد وكزوجة وكأم وكناشطة في المجتمع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا

– المرحلة الخامسة :

تشكيل غرف فكرية في الخليج والدول العربية لمعرفة خصوصيات كل مجتمع على حدة واشكالياته

المرحلة السادسة :

الخروج بالنظرية كاملة

المرحلة السابعة :

عرضها على المرجعيات الدينية والفكرية لتنضيجها

– المرحلة الأخير :

ورش عمل متنقلة للتعريف والتوعية

قد تتطلب الخطة للتنفيذ من ٥-١٠ سنوات

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً