أحدث المقالات

معنى العدالة ـــــــ

تستعمل العدالة في الإسلام في أربعة مجالات:

1 ــ التوازن والتعادل اللذان يتصف بهما العالم، والذي سيفقد بدونه استقراره ونظامه، ولن تبقى هناك قاعدة لتحديد حركته.

2 ــ مراعاة المساواة وعدم التفرقة. أي مراعاتها في مجال الحقوق، وهي من لوازم العدل.

3 ــ mالعدل إعطاء كلّ ذي حقّ حقّهn([1])، أي رعاية حقوق الأفراد.

4 ــ mالعدل وضع الأمور في مواضعهاn([2])، أي مراعاة الاستحقاقات خلال إفاضة الوجود، وعدم الامتناع عن الإفاضة.

ولعل التعريف الأخير: mالعدل وضع الأمور في مواضعهاn الوارد عن الإمام علي% هو أفضل التعاريف، وقد ذكر الراغب الإصفهاني أنّ معنى mالظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء: وضع الشيء في غير موضعهn، فجعل الظلم مقابل العدل([3]).

والعدالة بهذا المعنى تشمل العدالة في وضع القوانين، والحكم والقضاء، والثواب والعقاب.

وعندما نراجع معاني العدالة المتقدّمة نجد ترابطاً وتلازماً بين تلك المعاني، أو بينها عموم وخصوص باصطلاح أهل المنطق، والخلاصة إنّها مجموعة واحدة من القيم.

مفهوم التنمية ـــــــ

هناك تعريفان للتنمية:

1 ــ التنمية بمعناها العام المرادف للتكامل البشري، وهي بهذا المعنى مقبولة ومطلوبة في الإسلام، لأنّها تكامل الإنسان وتقرّبه من الله تعالى، فالإنسان بشكل عام والمسلم بشكل خاص يسعى ــ تلقائياً وفطرياً ــ منذ ولادته نحو التكامل، ويحاول بعمله أن ينتقل من موقعه إلى موقع متقدّم، يقول الإمام علي %: mمن تساوى يوماه فهو مغبونn([4]).

2 ــ التنمية بالمعنى الأخص، وهي ذلك المفهوم الجديد المتطوّر عن المفهوم القديم، وقد ظهر بمظهر علمي فاعل وممنهج، ويمكن أن نعتبر هذا المفهوم مرادفاً للعلم([5])، والتنمية المقصودة في هذا البحث وفي جميع الدراسات ظاهرةٌ غربية جاءت عبر التحوّلات التي طرأت على الغرب في القرون الأخيرة.

والملاحظ عند إطلاق مصطلح (التنمية) في الوقت الحاضر، بروز البُعد الاقتصادي فيها، أو mالنموّ الكمّي للاقتصادn.

والمؤشر على حصول التنمية، وفق ما أطلق عليه mهابرماسn: عقلانية الوسائل([6])، لا يتحدّد إلاّ وفق مؤشرات مادية واقتصادية مثل: إجمالي الناتج، والدخل السنوي، والثروة، والرفاه، والصناعات، وسكّان المدن([7])، والتخصّص، وحركة التمدّن([8]).

والملحوظ في التنمية ــ وفق النظرة العلمانية ــ خصوص البُعد المادي للإنسان فقط، أما التنمية في الثقافة الإسلامية فترى أنّ الإنسان يتكوّن من بُعدين: مادّي([9]) وروحي([10])، والتنمية تشمل كلا البُعدين فيه، والغاية القصوى منها عبودية الإنسان لله تعالى([11])، وبذلك يكون الرقي الروحي للإنسان والتكامل في طريق الله أحد أهداف الرسالة السماوية([12])، وعليه يجب أن يرافق التقدّم المادي لدى الإنسان تكاملٌ روحي ومعنوي.

وبناء على ما تقدّم، سيكون الاقتصاد ــ في نظر الإسلام ــ وسيلةً وأداة، لا غايةً أو هدفاً بحدّ ذاته؛ لأنّ الهدف هو إشباع حاجات الإنسان من خلال النموّ والتكامل، خلافاً للاقتصاد الغربي الذي يهدف ــ أساساً ــ إلى تراكم الثروة والفوائد الاقتصادية، والنتيجة النهائية في ظلّ هذه النظرية أن الاقتصاد في خدمة الإنسان، وليس الإنسان في خدمة الإنتاج والاقتصاد([13]).

لذا، فالإسلام يؤكّد في تشريعاته على الاستفادة المشروعة من النعم الإلهية في إطار الفضائل والأخلاق الكريمة مع تقوية المبادئ الإسلامية والتقيّد بالنظم الإسلامية([14])، كما أكّد الإسلام على أنّ الفقر المادي ينتهي بالإنسان إلى الفقر المعنوي والرذائل الأخلاقية والانحطاط الروحي([15]).

إن الإصلاح والتقدم الاقتصاديين هما الهدف الثاني للأنبياء، فالقرآن اعتبر الدعوة إلى الله تعالى وتكامل الإنسان في هذا الطريق، الهدف الأول للرسالة الإلهية([16])، بينما اعتبر ــ من جهة أخرى ــ دعوة الأنبياء لإقامة العدل والقسط، الهدف الثاني لتلك الرسالة([17]).

وقد رأى بعض العلماء البُعد النظري للتوحيد هدفاً أولاً، بينما اعتبروا البُعد العملي هدفاً ثانياً ومقدّمةً لتحقّق الهدف الأول([18])؛ لذا يجوز الاستفادة من الخطط التنموية الغربية في مجال العلاقات الدولية، لكن بشروط محدّدة، كمنع تسلّط الكافرين على المسلمين: >وَلَن يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً< (النساء: 141)، وأن تكون العزة والرفعة للمؤمنين: >وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ<(المنافقون: 8)، إلاّ أن فرض هذه الشروط يتوقّف على حصول التكامل المادي بمفهومه الجديد وتحقّق التنمية في أرجاء البلدان الإسلامية.

إنّ الدور الكبير والمؤثر للاقتصاد والتقدّم العلمي والتكنولوجي في استقلال الدول، يحتّم علينا الاستفادة القصوى من النتائج الإيجابية للشعوب والحضارات غير الإسلامية؛ فالإسلام لم يرغب في ذلك فقط، وإنّما اعتبره واجباً كفائياً من أجل تحقيق استقلال العلاقات مع الدول الأخرى في المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي والعسكري، والتخلّص من أية سلطة اقتصادية مفروضة من الخارج تريد استغلال خيراتنا وحرماننا من الحرية في اتخاذ القرارات([19]).

العدالة في الإسلام وعلاقتها بالحياة الاقتصاديةـــــــ

عندما نراجع مفهوم العدالة في الإسلام، لاسيما في ثقافة وأدبيات مدرسة أهل البيت Fنجد أن لها دوراً أساسياً في التنمية الاقتصادية، ونشير إلى ذلك إشارةً إجمالية:

أ ــ العدل في القرآن:

يعدّ العدل ــ حسب الرؤية الإسلاميّة ــ أحد أصول الدين وأساس وفلسفة الأصول الأخرى. وبحث العدالة في المجتمع الإسلامي ودورها في التنمية والحياة له جذور أصيلة في القرآن الكريم، فالقرآن بيّن العدالة بشكل شامل، وأشار إلى مفهوم: العدل، العدل التكويني، العدل التشريعي، العدل الأخلاقي والعدل الاجتماعي، كما أكّد العدلَ وعمَّقه في نفوس المسلمين.

ويرى القرآن الكريم أنّ نظام التكوين وخلقه قائمان على أساس العدل والتوازن: >قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى<(طه: 50)،كما اعتبر القرآن الحقّ الملازم للعدل أساس الخلقة، واعتبر مقام التدبير الإلهي مقام القائم بالعدل([20]).

والعدل وفق الرؤية القرآنية ملاك وميزان الخالق في تدبير أمر خلقه([21])، كما أن الحكم بالعدل والقسط في جميع مجالات حياة الإنسان أحد الأهداف الأساسية لبعث الأنبياء F، والغاية النهائية لجميع الأديان الإلهية([22])، كذلك فتحقّق العدل أحد وظائف الأنبياء([23])، بل إنّ أوامر الله تعالى قائمةٌ بالعدل والإحسان([24])، والقرآن حينما يأمر جميع الناس بالعدل يشدّد على المؤمنين بذلك([25])، فقد اعتبر العدلَ صفة الإنسان الخلوق المعتمَد عند الآخرين([26])، كما أجاز القرآن القتال من أجل رفع الظلم وإبادة الظالمين([27])، بل إنّ إقامة العدل واجبة حتى لو أدّت إلى المواجهة مع العدو([28])، فالعدل أساس الثواب والعقاب يوم القيامة([29]).

إذن، فالعدل في نظر القرآن هو الأساس لجميع أصول الدين وفروعه من التوحيد حتى المعاد، ومن النبوة إلى الإمامة ثم الزعامة، ومن آمال الفرد إلى أهداف المجتمع، وبعبارة أخرى: إنّ العدل توأم التوحيد، وركن المعاد، وهدف تشريع النبوات، وفلسفة الزعامة والإمامة، ومعيار كمال الفرد، ومقياس سلامة المجتمع، فالقرآن ذكر ستة عشرة آية حول العدل تختصّ بالعدل الاجتماعي([30]).

ب ــ العدل في الروايات:

تحدّثت الروايات كثيراً عن أهمية تطبيق العدالة في المجتمع الإسلامي وضرورته وقيمته، بل اعتبر الإمام علي % العدل حياة([31])، وإقامته إحدى الوظائف الأساسية لأيّ حكومة، والحكومة الأفضل هي الحكومة القادرة على تطبيق العدل([32]).

يقول الإمام علي % في عهده إلى مالك الأشتر: mلن تقدّس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقّه من القوي غير متتعتعn([33])، ويقول: mوأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته؛ حتى أورده منهل الحقّ وإن كان كارهاًn([34]). ويوصي ولده الحسن %: m.. وبالعدل على الصديق والعدوn([35])، ويقول الإمام الصادق%: mالعدل أحلى من العسلn([36])، ويقول الإمام الرضا %: mعدل ساعة خيرٌ من عبادة سبعين سنة، قيام ليلها وصيام نهارهاn([37]).

ج ــ العدالة في السيرة العملية للإمام علي:

للعدل في تاريخ الإسلام وحياة المسلمين دور متميّز، لاسيما في حياة الرسول2 وحياة الأئمة F. أما حكومة الإمام علي % فكانت مثالاً للعدل بمفهومه القرآني؛ فلم يرض بالخلافة والرئاسة إلاّ من أجل استقرار العدل([38])، وقد تحمّل من أجل ذلك مصائب وآلاماً كثيرة، وأصرّ أن يعود بالمجتمع الإسلامي إلى عهد الرسول الأكرم 2، فأكد إرجاع الأموال التي أخذت ظلماً وعدواناً إلى بيت المال، وطالب بالمساواة بين المسلمين وغير ذلك([39])، حتى قيل: إنه %mقُتل في محرابه لشدّة عدلهn([40]).

ممّا تقدّم نستنتج أن العدالة الاجتماعية هي المطلب النهائي والهدف الغائي، فيجب أن تسعى جميع المشاريع إلى تحقيق هذه القيمة الإلهية؛ فلا يمكن لأيّ تخطيط أو استراتيجية أو تكتيك في إطار الإسلام أن يتخطّى هذا المبدأ في بُعده السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والإعراض عن هذا المبدأ تحت أيّ عنوان، ولو لأجل التنمية الاقتصادية، يعدّ أمراً مخلاً ومرفوضاً إسلامياً. وقد دلّت التجارب التاريخية ــ كما ستدلّ على ذلك مستقبلاً ــ على أنّ العدالة والتنمية الحقيقية والسعادة الشاملة لا تتحقّق جميعها إلاّ في ظلّ العدالة الاجتماعية للإسلام([41]).

العدالة والتنمية في المفهوم الغربي ـــــــ

إن سيادة السلطة العلمانية في الغرب، واعتماد مركزية الإنسان ببُعده المادي، الذي أفرز تفسيرات مادية وأحادية للتنمية مع التركيز على مقدار الفائدة في أغلب النظريات، أدى ذلك كلّه إلى اختزال خصائص ومؤشرات التنمية في عوامل اقتصادية ومادية مجرّدة؛ فنظريات التنمية التي كتبت في منتصف القرن العشرين اعتبرت معدّل إجمالي الإنتاج الوطني، والدخل السنوي، والثروات، والرفاه، والتصنيع، والتخصّص، والهجرة إلى المدن، وأمثال ذلك.. مقياساً للتنمية، فيما استبعدت القيم الإنسانية والإلهية كالعدالة ـ لاسيما العدالة الإسلامية ـ عن ذلك، بل إنّ بعض المفكّرين يشكّك في قدرة العدالة والمساواة على تأمين السعادة والحرية للإنسان؛ فـ mاجورثn ومن دافع عن رأيه كانوا يشكّكون ويقولون: نحن لا نعلم الحقيقة، هل أن المساواة والعدالة تحقّقان سعادةً أكبر؟([42]).

ان إحدى المشكلات التي تواجه العدل في التنمية الغربية هي تعدّد ما يفهم من مصطلح العدالة، ويمكن أن نقول: إن الخلاف الواقع بين الفلاسفة السياسيين ــ سواء الفلاسفة الكلاسيكيين أو المحدثين ــ حول العدالة ناشئ من الاختلاف في مفهومها عندهم؛ فالعدالة تعني عندهم أحد المعاني التالية:

1 ــ المساواة.

2 ــ الكفاءة.

3 ــ الحاجة([43]).

الحرية والعدالة في ظلّ الدولة ـــــــ

يرى بعض المنظّرين في حقل التنمية، وأكثرهم من الليبراليين الجدد من أمثال mفريدمانn و mهايكn و mنوزيكn أنّ العدالة الاجتماعية ــ وبالأخص العدالة الاقتصادية التي تقوم الدولة بتطبيقها ــ تتعارض مع الحرية؛ فـ mميلتون فريدمانn يعتقد أن الحكومة أقوى معيق للحرية الفردية؛ لأن تأمين الحرية يلازم تفكّك السلطة، وباعتقاده فإن توزيع القدرات الاقتصادية يلزم منه إضعاف سلطة الحكومة، ويعتقد أيضاً أن المجتمع الذي يطالب بالعدالة يضحّي بالحرية مع عدم ضمان تحقّق العدالة نفسها، لهذا لم تعد الدولة في الاقتصاد الرأسمالي تؤكّد المساواة الاقتصادية المؤسّسة على العدالة على حساب الحرية الفردية، وإنما يتحقّق ذلك في ظلّ تمركز السلطة بيد الدولة([44]).

ويعتقد mفردريش هايكn أيضاً أن تدخّل الدولة في الاقتصاد تحت ذريعة العدالة الاجتماعية في التوزيع سيكون سبباً لاتساع جهاز الضغط الحكومي، مما يعرّض الحرية الشخصية للخطر، وفي رأيه فإن سلوك الإنسان وحده هو الذي يقرّر كونه عادلاً أم لا، ولا يمكن أن نحكم في هذا الخصوص على وضع معيّن ليس للإنسان فيه أي تدخّل، ويعتقد أيضاً أنّه بما أن أعمال الفرد لا تتحكّم في توزيع الثروة في المجتمع، فلا يمكن أن نصف التوزيع بأنه عادل أو غير عادل؛ لأن حركة السوق هي التي تتحكّم بتوزيع الثروة وليس سلوك الإنسان([45])؛ إذاً لهذا السبب فأيُّ إجراء مجدّد في التوزيع يُعد عملاً عبثياً يحدّ من حرية الفرد في المجتمع([46]).

أما mروبرت نوزيكn أحد أبرز الفلاسفة الليبراليين الجدد المدافعين عن الدولة، فيعتبر هذا الموضوع طوبائياً، ويهاجم دور الدولة في تأمين العدالة الاجتماعية في التوزيع، إنّه يعتقد أن السوق هو الذي يفرض نظام الدولة، لذلك فهو ينتقد نظرية الفيلسوف الإنجليزي mراولزn في العدالة، ونظرية mراولزn ــ كما ذكر mنوزيكn ــ تقول: إنّ ثروات المجتمع هي نتاج التعاون الاجتماعي، لذا يجب أن توزّع بشكل عادل، أما الثروة برأي mنوزيكn فهي نتيج عمليات نظام السوق المعقّدة، فلا تعدّ هذه الثروة مالاً للجميع حتى يقال بعدالة التوزيع.

فالثروة الموجودة على ضوء هذه النظرية تمثل حصيلة المبادلات الحرّة والجهود الشخصية، وهذا أمر عادل بحدّ ذاته، ويعتقد mنوزيكn أيضاً أن جميع النظريات المنادية بالعدالة بوصفها مبدأ مفروضاً، لا تراعي حرّية الفرد([47]).

المصالح الشخصية والاجتماعية ـــــــ

ظهرت الليبرالية الحديثة بعد أزمة الحربين العالميتين، وبالخصوص الحرب العالمية الثانية، بوصفها ردّة فعل لإيجاد دولة الرفاه، أما بلحاظ تاريخ الفكر، فإن جذور الليبرالية تمتدّ إلى حركة الفكر الليبرالي القديم. وبعبارة أخرى: إنّها تريد إحياء الليبرالية القديمة بلباس جديد، ويتبنّى الفكر الليبرالي أصالة الفرد أو حرية الفرد؛ فالحكومة في العقيدة الليبرالية مؤسّسة مهمّتها تأمين هذه الحرية.

ومن الأفكار الأخرى للعقيدة الليبرالية حرية التبادل التجاري على أساس نظام القيمة، مع منع تدخّل الدولة في شؤون السوق([48]).

إنّ وظائف الحكومة ــ برأي الاقتصاديين المدافعين عن الرأسمالية، وبالأخص mآدم سميثn ــ هي فقط المحافظة على النظام الداخلي وإنجاز بعض الخدمات، والاحتفاظ بقدرٍ من المؤسّسات العامة، وتحقيقُ المصالح الشخصية أفضلُ طريقة لتأمين الحاجات الاجتماعية. إنّه يقول: حينما يسير الفرد خلف مصالحه بنفسه يتمكّن من تسيير مصالح المجتمع برمّته بشكل أفضل، فمجموع مصالح الأفراد، بعضهم مع بعض، يؤول إلى تأمين مصالح المجتمع، إذاً فالمصالح الشخصية المفتوحة والمتنافسة داخل المجتمع أفضل طريق لحماية مصالحه، من هنا تداخلت الليبرالية مع الاقتصاد الرأسمالي في القرنين: الثامن عشر والتاسع عشر([49]).

إن للفكر الاقتصادي الليبرالي جذوراً في مذهب الفائدة mutilitarianismn؛ فالهدف من قيام الدولة في رأي mجيرمي بنتامn، مؤسّس مذهب الفائدة وفيلسوف الليبرالية في القرن الثامن عشر، هو هدفٌ عام لحياة البشر جميعاً، أي تأمين الرفعة والسعادة واللذّة العامة؛ فعلى الدولة أن تسعى لتأمين أكبر سعادة للشعب لكي تستطيع أداء وظيفتها بصورةٍ أحسن، وأعمال الفرد وسلوكه إنّما تكون صحيحةً إذا كانت سبباً لزيادة السعادة والفرح، أي توافر اللذة واختفاء الألم والعذاب، والعدالة في رأي مؤيدي هذا المذهب تتحقّق بحصول الخير والسعادة للجميع، وبعبارة أخرى، إن الفرح هو مقياس العدالة([50]).

وإذا أردنا أن ندرس ما ينطوي عليه الاقتصاد الليبرالي من تناقض، فعلينا أن نرجع إلى أفكار وآراء أصحاب مذهب الفائدة؛ فإحدى الصعوبات التي تواجه هؤلاء هي أنهم يعتقدون أنّ الهدف النهائي هو السعادة واللذة وليس الحرية، مع أنّ السعادة واللذة قد تتحقّق بالضغط والاستبداد وعلى حساب الحرية، أي بإمكانهم ضمان سعادة الآخرين دون حاجة إلى رضاهم؛ إذاً فالحكومات القويّة قادرة على تحقيق ذلك.

والخلل الآخر في هذه النظرية أن mبنتامn كان يعتقد بأن الإنسان موجود عقلاني بأكمله، لكنّه لم يبين معنى العقلانية، فهل هي مراعاة المصالح الشخصية أم مراعاة المصالح العامة؟ والمهم هنا أن نعرف كيف أن مراعاة المصالح الشخصية تؤمّن المصالح العامة نفسها.

كما أن mبنتامn لم يبيّن لنا طريقاً عقلانياً لرفع التعارض الذي يقع عادةً بين السعادة الشخصية والسعادة العامّة.

ولم تنفع محاولات المفكّرين الذين جاءوا بعده في رفع التناقضات التي أخلّت بنظرية الفائدة. فـ mجون ستيوارت ميلn لم يحقّق أي شيء في هذا المجال، وإنّما أضاف إلى تناقضات هذه المدرسة تعقيدات جديدة.

وبشكل عام، فإن معضلة مذهب الفائدة تكمن في تركيزه على الفرد، كما أن العقلانية مقولة فردية، بينما التحوّل العقلاني ظاهرة جماعية؛ لأن الشخص بمفرده لا يمكنه أن يكون عقلانياً ويؤمِّن للمجتمع سعادته، ما دامت تحرّكه مصالحُه([51]).

إنّ ظهور النظام الطبقي الغربي مع تفاقم الأزمات التي أدّت إلى بروز مشاكل اقتصادية حطّم أسس المقولة القاضية بأن مراعاة المصالح الشخصية تؤدي إلى سعادة المجتمع وتأمين مصالح الجميع، فشكّكت بدعاوى mآدم سميثn القائلة بوجود آلة وجهاز تنظيم غير مرئي في نظام السوق الحرّ، مظهرةً هشاشة الاقتصاد والتنمية الليبرالية بشكل جلي.

إنّ تزايد حالات الفقر مع اختفاء المساواة والعدالة في الدول الصناعية المتقدمة، يؤكّد أنّ اليد الخفية التي يتحدّث عنها mآدم سميثn ليست سوى خيال، وإذا كانت هناك آلية حقيقية فهي شبكة رأسمالية تريد توجيه السوق الحرّ باتجاه المصالح الشخصية، فنتيجة المباراة ــ وهي من الأساس مباراة إمكانات وأدوات ــ غير متكافئة؛ إذ المحور في عالم الاقتصاد هو المال والإنتاج.

وفي الحقيقة، فإن الحرية الاقتصادية التي ينادي بها الليبراليون هي حرية عمل الأقليّة الرأسمالية المحرّرة من أي قيد، بما في ذلك القيود التي تفرضها الدولة. وبعبارة أخرى: إن الحرية الاقتصادية تعني ازدياد الغني غنىً والفقير فقراً([52])، فهناك ــ مثلاً ــ العديد من العوائل في فرنسا يذهبون إلى الملاجئ لعدم وجود مأوى يأويهم([53])، وهناك 25 مليون شخص في أمريكا دون خطّ الفقر حتى عام 1968م، بينما كان المعدّل في سنة 1966م أكثر من 40 بالمئة([54])، وقد اعترف المسؤولون الأمريكيون بحقائق أخرى في هذا المجال([55])؛ فذكروا أرقاماً كثيرة عن حالات الفقر المنتشرة في أرجاء أمريكا، وقد أدّى الفقر هناك إلى إفقار الملايين منهم([56]).

دور الدولة في عمليّة التنمية ـــــــ

عقب أوّل أزمة اقتصادية عالمية حصلت عام 1890م تراجع الفكر الليبرالي عن قوله بعدم تدخّل الدولة في الاقتصاد، وأخذ المفكّرون الليبراليون يشعرون بضرورة تدخّلها في تنظيم العمليات الاقتصادية، معتبرين تنظيم الاقتصاد إحدى وظائف الدولة، وبذلك ابتعدت الدول عن المبادئ الليبرالية([57])، أمّا في الأزمة الاقتصادية الثانية عام 29 ــ 1932م فقد طرأ تحوّل مهم على النظام الرأسمالي الليبرالي، مما أدّى إلى زيادة تدخل الدولة في الاقتصاد، حتى أصبحت تمسك بآلية السوق؛ لأنّ تحرّر الاقتصاد الرأسمالي من سيطرة الدولة يهدّد ــ كما يقول mجان مينارد كينزn ــ ثباتَ الاقتصاد، لذا ينبغي أن تكون الدولة سبباً لتنظيم الاقتصاد إلى حدّ الإمساك بآلياته([58]).

لقد أثبتت الشواهد العملية أنّ للدول المقتدرة دوراً أساسياً في توجيه التقدّم وإيجاد أرضية مناسبة للنموّ الاقتصادي السريع، فقد حقّقت الدول الآسيوية الست، أي الصين، أندونيسيا، كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وهونغ كونغ، أسرع نموّ في إجمالي الإنتاج الوطني؛ فذلك التقدّم مرهون بقوة الحكومات، أما بالنسبة إلى بقية دول العالم فيوجد منهجان يحكمان حركة التنمية الاقتصادية، إذ لو صرفنا النظر عن التنمية الاقتصادية الديموقراطية لأميركا وبريطانيا، فهناك:

1 ــ التنمية المحافظة (اليابان وألمانيا).

2 ــ التنمية الديكتاتورية (الصين والاتحاد السوفياتي سابقاً)([59]).

أما عندما نمعن النظر في تعريف الإسلام للعدالة والحرية([60]) والتنمية، لا نجد أيّ تعارض بينها، أمّا بالنسبة إلى مصالح الفرد والمجتمع فإنّ الإسلام يقدّم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد،mإحذر كلّ عمل يرضاه صاحبه لنفسه ويكره لعامّة الناسn([61]).

فالإسلام حينما احترم الملكية الشخصية mالناس مسلّطون على أموالهمn أعطى للدولة صلاحيات واسعة لإقامة العدل والقسط وتوزيع الثروات بشكل عادل، كما أن للدولة حقّ إلغاء الملكية الخاصّة في الأزمات الاقتصادية([62])، ولعلّ في قصّة يوسف% دليلاً على ذلك([63]).

والمستفاد من القرآن الكريم وجوب مراعاة رضا العامّة في التخطيط والبرمجة، وقد حذر الأنبياء Fمن ممالات الأشراف ودعا النبي الأكرم 2 إلى الاصطبار مع المستضعفين من المسلمين: >وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ< (الكهف: 28).

ويوصي الإمام علي % مالك الأشتر:mوليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحقّ، وأعملها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية؛ فإنّ سخط العامّة يجحف برضى الخاصّة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامّةn([64])، ويضيف: mثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين..n([65])، ويقول: mما رأيث ثروةً موفورة إلاّ لديها حقٌّ مضيّعn([66])، ويقول: mإنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقواتاً للفقراء، فما جاع فقيرٌ إلاّ بما متّع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلكn([67]).

من جهةٍ أخرى، نجد الغرب بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1970م يعيد النظر في نظرية mجون كينزn حول تدخّل الدول في الشؤون الاقتصادية، فلم يكن تدخلها هو السبب في ذلك الركود الاقتصادي، وإنما الهشاشة في مبادئ نظرية mكينزn، فكينز باعتباره أحد وجوه النظام الرأسمالي البارزة، لم تدُر في خُلده قضية الدفاع عن المحرومين، ولم يعتقد أن الاقتصاد والعدالة الاجتماعية توأمان، فكان هدفه حماية الرأسمالية الغربية من الأزمات الاقتصادية، ولم تكن لديه أي أهداف أخرى ([68]).

انطلاقة التنمية وانعدام العدالة ـــــــ

يعتقد بعض أصحاب الرأي في الغرب أنّ تطبيق العدالة في بداية التنمية محال أو صعب جداً، فهؤلاء يسندون تطبيق العدالة إلى مستوى عال من النموّ الاقتصادي، أي بعد أن تحقّق التنمية نتائج كبيرة جداً، وبرأيهم فإنّ تحقق هذا الشرط سيؤدي إلى توزيع تلقائي، وبتعبيرٍ آخر: إنّ هؤلاء يعتقدون أنّ وضع المحرومين لا يتحسّن إلاّ أن تؤدي رؤوس الأموال عملها بشكل ذاتي، وبعد أن تتراكم الثروة ويتّسع النموّ الاقتصادي، ويرون لزوم غضّ الطرف عن العدالة حتى إشعار آخر بغية تحقيق التنمية لأهدافها([69]).

وإحدى الفرضيات هنا هي الخط البياني لكوزنت المشار اليه بـ (u ـــ)؛ فعلى ضوء هذه الفرضية، يرافق زيادةَ معدّلات إجمالي الإنتاج الوطني ـــ في المراحل الأولى من التنمية ـــ انعدام العدالة في توزيع الدخل، أما التوزيع العادل فيحصل في المستويات العالية من إجمالي الإنتاج الوطني([70])، لكن من الناحية العملية نشاهد عدم تحقّق ذلك العدل في توزيع الدخل رغم النمو الاقتصادي، بل الملاحظ انحصار فائض النموّ بيد الأقلية، أما الخسائر فهي حصّة أغلبية الطبقة المسحوقة من الشعب، وفي هذه الحالة يصبح الغني أكثر غنىً والفقير أشدّ فقراً([71]).

ففي عام 1960م كان هناك 1% من الشعب الإنجليزي يملك 42% من رأس المال، و 5% من الشعب يملك 75%([72])، وفي عام 1985م كان (32،1) مليون من الشعب الأمريكي تحت خطّ الفقر، أي 14%، بينما كان في عام 1983م (15،2%)، هذا مع وجود أرقام أخرى كثيرة تؤيّد ذلك([73]).

كما تدلّ الإحصائيات أنّ (800) مليون من شعوب العالم في عام 1980م كانوا محرومين من التغذية والخدمات المناسبة، كما كان هناك مليارا شخص لا يملكون ثروات كافية ويعانون الفقر والحرمان([74]).

لقد أكّد عدد من المنظّرين عدم متانة فرضية (U ـــ)، واعتقدوا أنّ بإمكان الدول المساواة في التوزيع، كما ويمكنها ــ بتغيير الهيكل الاقتصادي والسياسي ــ حلّ المشاكل جميعها، كالظلم في توزيع الدخل، فالتوزيع العادل يتوقّف بشكل كبير على سياسة الدولة، ولا يوجد دليل يؤكّد صحّة توقّع بعض الاقتصاديين عن تردّي التوزيع في حالات التنمية؛ فصحيح أن مستوى الدخل الوطني يؤثر على توزيع الدخل، لكن مستوى التنمية في البلاد ليس هو السبب الوحيد لتعيين معدّل التدهور الاقتصادي والسياسي فيها أو بين الدول، بل هناك عدّة أسباب لتحديد ذلك([75]).

وتعتبر فرضية (U ـــ) على وفق الرؤية الإسلامية فرضيةً خاطئة، فتأجيل العدالة إبّان قيام التنمية الاقتصادية يعدّ أمراً مرفوضاً، لأنّ للعدالة موقعاً متميزاً في الإسلام، ومن الأركان الأساسية للدين الإسلامي([76]).

العدالة واستقرار التنمية ـــــــ

إذا أردنا ثبات النموّ والتنمية، فلابدّ من تحقيق العدالة، وهذه حقيقة ملموسة بالتجربة؛ لأن الأزمات الاقتصادية التي مرّت بها الدول الرأسمالية في عامي 1960 و 1970م تؤكّد عدم استقرار الاقتصاد والتنمية مع غياب العدالة.

ولعلّ أهمّ إجراء قامت به تلك الدول لمواجهة الأزمات الاقتصادية كان فتح باب توزيع المصادر والثروات، والذي هو ــ عادةً ــ من أسس الدول ذات الاتجاه اليساري([77])، وهذا ما يؤكّد على أنّ تبنّي الدول الغربية مبدأ العدالة إنّما هو التزام مؤقت بها ألجأهم إليه عنصر الضرورة.

إنّ العدالة في المفهوم الغربي تعني حماية النظام الرأسمالي، ولا تعني سيادة مفهوم المساواة.

لقد أقدم mجون راولزn ــ أحد المفكّريين المعاصرين ــ في عام 1970م على بحث العدالة، فقدّم تفسيره الخاص لها في كتابه (نظرية العدالة)، وهو تفسير يقع في سياق نظرية العقد الاجتماعي لـ mلوكn وmروسوn.

لقد أراد mراولزn أن يبيّن بذلك طريقاً أكثر حيويةً في مقابل تعاليم مذهب الفائدة التي كانت سائدةً في الغرب، كما أراد أن يُلبس الحرية لباساً مقدّساً، ويجعل مفهوم الحقّ مقياساً، بدلاً عن المصالح الشخصية أو مصلحة مجموعة معينة([78])؛ فالعدالة في رأيه تقابل الإنصاف أو العدالة والإنصاف([79]).

لقد أخفقت الدول الغربية في مواجهة الفقر والحدّ من الفوارق في المجتمع عن طريق إعادة توزيع الثروات؛ لأنّ إعادة التوزيع يقوّم نظام التأمين الاجتماعي بتأمين أمواله، ويحاول توظيفها لهذا الغرض، فالتصنيع والإنتاج في دولة الرفاه ساعد على إصلاح ظروف الحياة العامة، لكنّه عجز عن مكافحة الفقر وعدم التكافؤ الاجتماعي([80]).

التنمية وإدارة الاستثمار ـــــــ

يطرح موضوع الثروة وتراكمها بوصفها عنصراً أساسياً وشرطاً لازماً في قضايا التنمية والاقتصاد([81])، أما العدالة فتتعارض ــ في رأي مجموعة من المنظّرين التنمويين الغربيين الذين يعتمد عليهم الفكر الليبرالي الحديث ــ ماهوياً مع مقولة التنمية، وتعدّ معيقاً لمشاريعها، بل إنّ بعضهم يعتقد أن المواءمة بين التنمية والعدالة يتسبّب في تفاقم الفقر، وتطبيق العدالة في المجتمع يتقاطع مع الحرية، ويتنافى مع أهداف البورجوازية وأصحاب رؤوس الأموال التي لها دورٌ كبير في التنمية؛ لذا، لا يرغبون في المشاركة، لاسيما إذا كان إجراء العدالة يفرض بالقوة، إضافة إلى أنّ هذه السياسة تؤدّي إلى هروب رؤوس الأموال خارج البلاد، وبذلك لا تتراكم الأموال، ومن ثمّ تختل برامج التنمية.

ويعتقد عددٌ كبير من خبراء التنمية أنّ المشكلة الأساسية في تأخّر بعض البلدان، ليس قلّة الموارد، وإنّما الاستثمار غير الصحيح لرؤوس الأموال، إضافةً إلى ذلك يجب الاهتمام بآثار الاستثمارات المترتبة على مسارها قبل الاهتمام بدور الاستثمارات الأولية والأساسية في توفير ظروف التنمية الاقتصادية. والآن إذا قلنا: إنّ الاستثمار عنصر استراتيجي في التنمية فما هو النوع اللازم فيها؟

لقد أشارت السيدة mرابينسونn إلى نقطة مهمّة ــ بعد أن فكّكت بين الثروة المادية والثروة المالية ــ فقالت: إن أغلب الدول التي لم تَطَلْهَا التنمية لا تشكو من قلّة الموارد المالية، وإنما هي مبتلاة بسوء الإدارة وعدم الاستفادة الصحيحة من الاستثمارات المالية مع قلّة الاستثمارات المادية والمنتجة([82]).

من جهةٍ أخرى، نجد أنّ الدراسات الميدانية أكّدت خلاف الرأي القائل بوقوع التعارض بين التنمية والعدالة، فهناك دول تنسجم فيها التنمية مع المساواة، ككوريا الجنوبية وتايوان واليابان([83]).

الإسلام وتراكم الثروة ـــــــ

إذا كان تراكم الثروة ضرورياً في عملية التنمية، فيمكن تحقيق ذلك عن طريق الدولة وبمشاركة مختلف فئات الشعب مع تجمّع رؤوس أمواله المتفرّقة، دون أن نقتصر في ذلك على رأس مال عددٍ قليل من الأفراد من ذوي الثروات الطائلة، فالإسلام يخالف ــ أساساً ــ تراكم الثروة بالطريقة الغربية، وقد وضع إجراءات احترازية للحيلولة دون تكاثرها بيد مجموعة محدودة بشكل مطلق: >كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ< (الحشر: 7)، وقد أمر بالإنفاق إضافةً إلى ضريبتي: الخمس والزكاة، قال تعالى:>لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ..<(البقرة: 177)، كما توعّد الذين يكنـزون الذهب والفضة بالنار: >وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ< (التوبة: 34)، وحذّر المبذّرين كذلك: >وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ< (الإسراء: 26 ــ 27)، وجعل الله تعالى حقّاً للآخرين في أموالهم:>وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ< (الذاريات: 19).

كما جعل الشارع للحاكم الحقّ في الاستفادة من الأحكام الثانوية؛ لفرض ضرائب إضافية إذا شخّص مصلحةً في ذلك.

نموّ اقتصادي أم تنمية؟ ـــــــ

الملاحظ أنّ عدداً من مخطّطي التنمية الاقتصادية في دول العالم الثالث يقلّدون الأنموذج الرأسمالي الغربي دون رؤية أو تأمل أو التفات إلى الفوارق بين مفهومي: النمو والتنمية؛ فباشروا بالنموّ الاقتصادي بدلاً من التنمية، مع أنّ الملحوظ في النموّ الاقتصادي هو البُعد الكمي، بينما التنمية ظاهرةٌ أعمّ من النمو الاقتصادي؛ فالتنمية تشتمل ــ بالإضافة إلى النموّ الاقتصادي ــ تحولات اجتماعية وسياسية وعلمية وثقافية؛ لذا اعتبر بعض المنظّرين مثل mجرالدميرn أنّ التنمية نموٌّ مستمرّ وثابت([84]).

إنّ الهدف المعلن من جانب الاقتصاديين في العالم الثالث، هو النموّ الاقتصادي لا التوزيع، فتأكيد النمو الاقتصادي، الذي يُعرف تبعاً لزيادة إجمالي الإنتاج السنوي، هو الشغل الشاغل والأساس للاقتصاديين.

إنّ أغلب بلدان العالم توجّهت نحو النموّ، وقد خصّصت في عام 1960م مؤسّسات تنموية، فحقّقت نمواً في إجمالي الإنتاج السنوي قدره 50%، لكنها لاحظت عدم انعكاس التنمية على حياة الملايين من الناس في نهاية عام 1960م. وقد صرّح رئيس جمهورية البرازيل بأنّ دولته في حالة تقدّم إلاّ أنّ الشعب البرازيلي لم يتقدّم تقدماً ملحوظاً، وهذا التصريح تؤكّده ضرورة طرح قضايا التوزيع والمساواة؛ لأنها قضايا واقعية([85]).

لا شك أنّ شرط الخروج من حالة الفقر الواقعة على الدول المتأخرة هو زيادة الدخل الوطني، والإنتاج السنوي، والتصنيع وغير ذلك، وهذا الشرط شرطٌ لازم إلاّ أنّه ليس كافياً. وبكلمة أخرى: يمكن تحقيق النمو الاقتصادي عبر التنمية، لكن العكس ليس صحيحاً؛ فلا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية بذلك.

إذن، إذا لم ترافق نموّ الدخل السنوي والتغييرات الأساسية في الهيكل الاقتصادي ونوع الإنتاج أهدافٌ محدودة وقيم حاكمة على الإنتاج، مع رفع الظلم الاجتماعي وعدم احتكار طبقة خاصّة للمصالح، فسوف لا تتكوّن أرضية صالحة لاستقرار العدالة في المجتمع([86]).

وفي الحقيقة فإنّ نظام القيم وسنن وثقافة المجتمع تبحث في إطار التنمية، فعدم نجاح العديد من المشاريع التنموية يعود إلى عدم الاهتمام الكافي بالظروف الاجتماعية والثقافية اللازمة للتنمية([87])، وكلّ تخطيط وتنمية من غير تمهيد ومقدّمات وعناية بالظروف الاجتماعية والخصائص الثقافية اللازمة يبقى تخطيطاً ناقصاً أو غير مؤثر.

وبشكل عام، فإنّ التنمية المطلوبة والمنسجمة مع الرؤية الإسلامية هي الظاهرة التي تراعي النموّ الكمّي والكيفي، والإنتاج، والخدمات، وتطوّر نمط الحياة، ونسيج المجتمع، وتحسين الدخل، ورفع الفقر والحرمان والبطالة، وضمان سعادة الجميع، والنموّ العلمي والتكنولوجي، ذلك كلّه في إطار موازين وقيم الثقافة الإسلامية التي تقف العدالةُ على رأسها([88])؛ فالعدالة ــ كما أكّدنا سابقاً ــ تحتلّ مكانةً كبيرة في الإسلام، وإليها ترجع القيم جميعها والغايات([89])، وتعدّ مقياساً ومعياراً لجميع القيم والإنجازات، وهي الفارق بين التنمية الإسلامية والتنمية الغربية؛ فللعدالة تأثير كبير على حياة الفرد والمجتمع، فحالات الفقر والحرمان مردّها فقدان العدالة بين المسلمين([90]).

من هنا، يمكن القول: إنّ عدم سيادة العدالة الاقتصادية وفق نظام اقتصادي إسلامي سيحول دون تحقّق الأبعاد الأخرى للعدالة؛ فالتنمية بمعزل عن العدالة ستؤول إلى تكدّس الثروة بيد مجموعة من الأفراد، ومن ثمّ ستترك مساحةً واسعة من المجتمع تنهمها مخالب الفقر والحرمان، كما ستكون تلك المجموعة المستأثرة بالثروة سبباً لهلاك الجميع: >إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا< (الإسراء: 16).

إنّ الحكومات هي المسؤولة عن وجود هذه الظواهر في المجتمع، وهي المسؤولة عن تفاقم الحالات المترشحة عنها.

وخلاصة الكلام، يمكننا التمييز بين نوعين من التنمية:

1 ــ تنمية رأس المال، وهي طريق آخر لتراكم الثروات وارتقاء طبقةٍ خاصّة.

2 ــ التنمية الشعبية، وهي التي تعني رفع احتياجات مختلف طبقات الشعب، إلاّ ان هذا النوع من التنمية إذا أريد له البقاء تحت تأثير قوانين السوق وحرية النظام الرأسمالي فسيواجه أزمةً تنموية؛ فبعض النظريات الاقتصادية ذهبت إلى أنّ ظاهرة عدم النموّ في بعض البلدان سببه القوانين التي تتحكّم بالسوق وسياسة التغييرات الهيكلية، وقد أظهرت البحوث الميدانية أنّ اتّباع قوانين السوق ينتهي بالتنمية إلى الفشل([91]).

وما لم تتدخل الدولة في النظام الاقتصادي تدخلاً ذكياً، فسوف تتكوّن طبقة فقيرة، وستستمر حالة الفقر في البلاد، ولن يتمكّن هؤلاء من المشاركة في النشاطات الاقتصادية، وحينئذٍ سينخفض الدخل لذلك وبسب الضغوط السياسية([92]).

ورغم أن أكثرية الشعب هي الحاكمة من الناحية السياسية في النظام الديموقراطي الرأسمالي، إلاّ أنّ هذا النظام يناصر حكومة الأقلية الرأسمالية، وهذا هو التناقض الذي يقع فيه النظام الرأسمالي، فلم تنجح السياسات الاجتماعية التي تقوم بها الدول الغربية في حلّ أزمة الفقر مؤقتاً، وخارج حدود العدالة([93])؛ فحالات الفقر الموجودة في الغرب ناتجة عن وجود أزمات اقتصادية، ومتأثرة بالثورة التكنولوجية([94]).

يعتقد الاقتصاد الغربي أنّ ذوبان الفرد في نظام الدولة الرأسمالية المتقدّمة يحوّل العقل الفعّال المستقل إلى عقل مرتبط بالآخر، ومن ثمّ، سيؤثر على استقلاله وسلامته([95])، غير أنّ هذه الافكار قد انتقدت من قبل بعض المفكّرين كمفكري مدرسة فرانكفورت([96])، ومنهم المفكّر الشهير mهربرت ماركوزهn في كتابه mالصناعة الفريدةn([97]).

بينما يرجع الإسلام حالات الفقر والحرمان إلى عدم سيادة العدالة([98])؛ فعلى المجرين والمنفذين الاقتصاديين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مراعاة مبدأ العدالة، مع الحيطة والحذر عند تقليد الأنموذج الغربي في التنمية، وينبغي مراعاة القيم والمعايير الإسلامية حين التخطيط، ومراعاة عدالة الإمام علي % في الخطوات المعتمدة لتطوير البلاد اقتصادياً([99]).

*   *     *

الهوامش

(*) باحث من الحوزة العلمية.

[1] ــــ مطهري، مرتضى، العدل الإلهي: 59 ـ 60، طهران، منشورات إسلامي، ط10، 1987م.

[2] ــــ الإمام علي، نهج البلاغة، ضبط: صبحي الصالح، قم، دار الأسوة للطباعة والنشر، الحكمة: 421.

[3] ــــ mالظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعهn، راجع الراغب الإصفهاني، المفردات في غريب القرآن: 315، مصر، 1381هـ.

[4] ــــ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار 71: 173، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1493هـ.

[5] ــــ سريع القلم، د. محمود، العقل والتنمية، (عقل وتوسعه يافتكي): 117، طهران، منشورات سفير 1993م.

[6] ــــ بشيرية، حسين، المؤسسات السياسية والتنمية، (نهادهاي سياسي وتوسعه)، مجلة ثقافة التنمية، السنة الأولى، العدد 3: 5، 1992م.

[7] ــــG. Alrnond and coleman “the Princeton of the developing areans”, Princeton Princeton university press, 1962 . p. 54.

[8] ــــs. p. Varma, “Modren Political theory (a critical survey)” , Delhi, shahdara, nuteeh, phoitolitho craphers, 1975, p. 287 .

[9] ــــ >مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ<، الحجر: 26.

[10] ــــ >وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي<، ص: 73.

[11] ــــ >مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ<، الذاريات: 55.

[12] ــــ قوله 2: mإنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاقn.

[13] ــــ عميد زنجاني، عباس علي، الفقه السياسي 1: 55، طهران، دار نشر امير كبير، 1987م.

[14] ــــ >قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ<،الأعراف: 32.

[15] ــــ mكاد الفقر أن يكون كفراًn، انظر: المتقي، علاء الدين علي، كنـز العمال في سنن الأقوال والافعال: 49، ح: 16612، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1399هـ.

[16] ــــ >يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا<،الأحزاب: 45 ـ 46.

[17] ــــ >لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ<،الحديد: 25.

[18] ــــ عميد زنجاني، الفقه السياسي 1: 505 ـ 521.

[19] ــــ mخذ الحكمة ولو من أهل النفاق.. ولو من مشركn نقلاً عن: مطهري، مرتضى، التعليم والتربية في الإسلام: 277، طهران، صدرا، 1993م.

[20] ــــ >شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ<،آل عمران: 17.

[21] ــــ راجع: الرحمن: 6 ـ 8.

[22] ــــ راجع : الحديد: 25.

[23] ــــ راجع: الشورى: 15.

[24] ــــ راجع: النحل: 15.

[25] ــــ راجع: النساء: 135.

[26] ــــ راجع: المائدة: 94.

[27] ــــ راجع: الحج: 39.

[28] ــــ راجع: المائدة: 3.

[29] ــــ راجع: الأنبياء: 46.

[30] ــــ المصدر نفسه.

[31] ــــ مطهري، مرتضى، عشرون قولاً، (بيست كفتار): 28، قم، نشر صدرا.

[32] ــــ انظر: غرر الحكم ودرر الكلم، شرح جمال الدين محمد الخوانساري، طهران، جامعة طهران، ط 2، 1981م، ص: 148.

[33] ــــ نهج البلاغة، الكتاب: 53.

[34] ــــ المصدر نفسه، الخطبة: 136.

[35] ــــ المصدر نفسه، الخطبة: 77.

[36] ــــ القمي، الشيخ عباس، سفينة النجاة ومدينة الحكم والآثار 1: 146، بيروت، دار التعارف للمطبوعات.

[37] ــــ المجلسي، بحار الأنوار 75: 325.

[38] ــــ نهج البلاغة، الخطبة: 23.

[39] ــــ المصدر نفسه، الخطبة: 15.

[40] ــــ مطهري، عشرون مقالاً: 20.

[41] ــــ كجوئيان، حسين، العدالة قيمة مطلقة (عدالت ارزش مطلق)، مجلة صبح، العدد 62: 20.

[42] ــــ جيروند، عبدالله، التنمية الاقتصادية: 191، طهران، منشورات مولوي، 1989م.

[43] ــــ بشيرية، حسين، دولة العقل (دولت عقل): 29، طهران، منشورات علوم نوين، 1995م.

[44] ــــ Friedman, Milton and rose, “Free to quoted choose” , London” 1980, p, 309 in Dogreen, The new right, London: Harvester 1987 p. 81.

[45] ــــ J> Gray, Hayek on liberty Basi Black Will oxford, 2 nded, pp, 61-77.

[46] ــــTom, Campbell, “Justice” U,S,A: Humanities press International Inc Atlantic High Lands, 1988, p15.

[47] ــــ R. Nozich, “Anarchy, state and Utopia” , London: Black well. 1974, p. 46.

[48] ــــ بشيرية، حسين، الليبرالية الحديثة.. التيارات الأخيرة في الفكر السياسي والاقتصادي في الغرب، طهران، مجلة (اطلاعات سياسي اقتصادي)، العدد 43 ـ 44: 8.

[49] ــــ W. J. Barber, “A History of Economic thought” , Penguin, 1967 ch.I.

[50] ــــ J. Bentham, quoted by c. w.ayper, “Political Thought, London: the English Universities Press, 1973, p. 89

[51] ــــ بشيرية، دولة العقل: 42 ـ 43.

[52] ــــ باول، مارك هنري، الفقر، التقدم والتنمية: 176، ترجمة: مسعود محمد، طهران، وزارة الخارجية، 1995م.

[53] ــــ المصدر نفسه: 230.

[54] ــــ راج، جك وجانت، علم اجتماع الفقر: 276، ترجمة: أحمد كريمي، طهران، دار نشر امير كبير، ط2، 1977م.

[55] ــــ المصدر نفسه: 271.

[56] ــــ المصدر نفسه: 106.

[57] ــــ G. Delton, “Economic Systems and Society: capitalism, communism and third world, penguin, 1980, ch. 1.

[58] ــــ Barber, op . cit. p. 143.

[59] ــــ شاهنده، بهزاد، الحكومة التنفيذية والنموّ الاقتصادي السريع، تجربة آسيا، مجلة (اطلاعات سياسي اقتصادي)، العدد 51: 14.

[60] ــــ قرباني، زين العابدين، الإسلام وحقوق الإنسان: 249، طهران، مكتبة صدر، 1969م.

[61] ــــ نهج البلاغة، الكتاب: 69.

[62] ــــ ميرزائي، أمين، تعارض الفكر الاقتصادي الليبرالي مع الإسلام: 6، طهران، كيهان، العدد 27/شباط/ 1994م.

[63] ــــ يوسف: 34 ـ 57.

[64] ــــ نهج البلاغة، الكتاب: 53.

[65] ــــ المصدر نفسه.

[66] ــــ المصدر نفسه.

[67] ــــ المصدر نفسه.

[68] ــــ ميرزائي، تعارض الفكر الاقتصادي الليبرالي مع الإسلام: 6.

[69] ــــ هانتنغتون، صاموئيل، أهداف التنمية، ترجمة: سعيد كازراني، مجلة (ثقافة التنمية) س 2، العدد 10: 42.

[70] ــــ Simon, Kuzents, “Economic growthand Economic Review 45 March 1955.

[71] ــــ هانتنغتون، صاموئيل، الاستقرار السياسي: 80، ترجمة: محسن ثلاثي، طهران، منشورات علم، 1991م.

[72] ــــ راج، علم اجتماع الفقر: 247.

[73] ــــ باول، الفقر التقدّم والتنمية: 10.

[74] ــــ المصدر نفسه: 9.

[75] ــــ لطفيان، سعيد، التنمية والظلم، طهران، مجلة (ثقافة التنمية) س 2، العدد 7: 30.

[76] ــــ كجوئيان، العدالة والتنمية: 23.

[77] ــــ المصدر نفسه.

[78] ــــ John Rawls, “A Theory of justice, Cambridge, Mass; Harvard university press, 1971, p. 22.

[79] ــــ بلوم، ويليام تي، نظريات النظام السياسي: 751، ترجمة: أحمد تدين، طهران، منشورات آران، 1994م.

[80] ــــ باول، الفقر التقدم والتنمية: 166.

[81] ــــ جيروند، التنمية الاقتصادية: 1 ـ 187.

[82] ــــ المصدر نفسه: 179.

[83] ــــ هانتغتون، أهداف التنمية: 42.

[84] ــــ جيروند، التنمية الاقتصادية: 85.

[85] ــــ هانتغتون، أهداف التنمية: 15.

[86] ــــ C. P. Kotalk, “Dimension of Culturein development” in cultural dimension of development, (ed) G. cuniebeek, Netherland commission for unesco Hogue, 1980, p. 38.

[87] ــــ توسلي، غلام عباس، مفهوم التنمية، مجلة (ثقافة التنمية)، س 1، العدد 5: 29.

[88] ــــ نهج البلاغة، الحكمة: 366.

[89] ــــ المصدر نفسه، الخطبة: 213.

[90] ــــ المصدر نفسه، الحكمة: 311.

[91] ــــ باول، الفقر التقدم والتنمية: 96 ـ 98.

[92] ــــ المصدر نفسه: 41.

[93] ــــ راج، علم اجتماع الفقر: 270.

[94] ــــ باول، الفقر التقدم والتنمية: 169.

[95] ــــ M. Pusey, “Jurgen Habcrmas” London: Tavistock, 1987, pp. 105 – 110.

[96] ــــ T. B. Bottomore. “The Frank furts school, London: Tavistok, 1984, pp. 41 – 42.

[97] ــــ ماركوزه، الإنسان الصناعة الفريدة: 61 ـ 95.

[98] ــــ مطهري، عشرون مقالاً: 140 ـ 155.

[99] ــــ مطهري، حول الثورة الإسلامية: 140 ـ 155.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً