أحدث المقالات

تحليل مبتكر للمشهد الجغرافي ـ التاريخي

الشيخ رسول جعفريان (*)

تمهيد ـــــــ

غزوة أحُد واحدة من أهمّ غزوات صدر الإسلام، وتظهر أهميتها في الصراعات المتقابلة بين المسلمين والمشركين، والتي أدركها المسلمون على امتداد التاريخ، وقعت هذه الغزوة في اليوم السابع من شوال من السنة الثالثة للهجرة، أي بعد سنة وعشرين يوماً من وقوع غزوة بدر التي وقعت في اليوم السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، فقد وصل العدوّ إلى أحُد في اليوم الرابع من شوال، بينما قضى المسلمون يوم الخميس وليلة الجمعة في التباحث، ليتحرّكوا يوم الجمعة إلى أحُد؛ للدفاع عن المدينة، فوصلوها صباح السبت، واستقرّوا في مواضعهم، وفي اليوم نفسه جرت الحرب وانتهت([1]).

في القرآن الكريم آياتٌ من سورة آل عمران تخصّ تلك الحرب من زوايا متعدّدة، وعلى الأخص فيما يتعلّق بهزيمة المسلمين؛ لذلك يجدر بنا أن ندرس تلك الغزوة من بعض الوجوه، وهي: أ ـ مقدّمات الحرب. ب ـ أسباب الحرب. ج ـ آثار الحرب وتبعاتها.

في موضوع مقدّمات الحرب، يمكن طرح عدّة أبحاث، منها: 1 ـ إجراءات المشركين للانتقام لحادثة بدر. 2 ـ استعداد المسلمين وتشاورهم في كيفية الحرب مع المشركين. 3 ـ سير حركة المشركين للاستقرار في أحُد. 4 ـ سير حركة رسول الله’ نحو أحُد. 5 ـ مواضع المشركين والمسلمين. 6 ـ ميدان استدارة رماة المشركين.

محور الدراسة ونطاقها: التحديد الجغرافي لمعركة أحُد  ـــــــ

ما نحن بصدده هنا هو صورة عن مواضع استقرار الجَمعَين، بالاستناد إلى التقارير التاريخية والتحقيقات الميدانية، وبديهيّ أن الكتابة دون رسم خارطة لا تنفع شيئاً؛ لذلك لابد من أن تكون التوضيحات وكيفية تعيين المواضع في المرحلة الأولى مصحوبةً بخارطة.

الكتابة الأولى لهذه المقالة جرت في المدينة المنوّرة في الأيام الأخيرة من شهر ذي القعدة من عام 1416هـ، وبعد العود من السفر اطّلعت على دراسة جديدة نشرها الأستاذ محمد باقر النجفي في المجلد الثاني من كتاب «مدينة شناسي» [معرفة المدينة]، وقد استفدت منه في كتابة هذا المقال، لكن من المؤسف أنه على رغم شرحه المسهب، لم يقل شيئاً دقيقاً عن مسير حركة المشركين ورسول الله’ نحو أحُد ولا عن مواضعهم، مع أنّه يوافق على أن ساحة الحرب كانت إلى الغرب من جبل الرماة، لا إلى الشرق، ثم يقول: إنّ استدارة الرماة المشركين كانت حول جبل أحُد، وهو خلاف ما نراه هنا.

جغرافية عامّة لمحيط المدينة المنوّرة وجبل أحُد ـــــــ

ومقدّمةً للبحث، لابدّ من القول: إنّ جبل أحُد يمتدّ من الغرب إلى الشرق، وطوله يقرب من 6000 متر، وهو متصل ببعضه في مجموعة من سلسلة جبال صغيرة وكبيرة، منفصلة عن الجبال الأخرى حول المدينة، واللون الغالب على الجبال هناك الأحمر الضارب إلى البُنّي، إلا أنّ أحجار الغرانيت في أعاليه مزينة بعروق مختلفة الألوان، كالأخضر والأسود والأصفر والرمادي([2]).

يقع جبل أحُد على بُعد خمسة كيلومترات إلى شمال المدينة المنورة، وبينهما فُسحة مفتوحة مبسوطة، حيث بنيت المساكن اليوم في معظم أرجائها، وقد كانت من قبل أرضاً مزروعة، وبموازاة جبل أحُد من الشرق إلى الغرب، توجد قناة تمرّ اليوم إلى الجنوب من مقبرة حمزة وأسفل جبل الرماة، ولذلك تسمّى هذه المنطقة باسم وادي القناة، وينتهي هذا الوادي بوادي العقيق.

وقعت حرب أحُد على السفوح الجنوبية للجبل، وإلى الغرب من جبل الرماة،وهناك  الغرب من جبل أحُد طريق يصل المدينةَ بالشام؛ ولذلك تعتبر تلك الجهة جهةَ الشام من المدينة، أي جهة شمالها، عكس جهة مكّة والقبلة.

لماذا دخل المشركون المدينةَ من الشمال مع أنّ مكّة في جنوبها؟ ـــــــ

تقع المدينة شمال مكّة، فإذا شاء أحدٌ السفر من مكّة إلى المدينة لابد له أن يدخلها من الجنوب، حيث تقع (قبا) في الناحية التي دخل منها رسول الله’ إلى المدينة عند هجرته من مكّة إليها؛ لذلك يطرح هذا السؤال نفسه: لماذا دخل المشركون المدينة في حرب أحُد من شمالها، لا من جنوبها؟ ولابد كذلك من التنويه بأنّ هناك، إلى جانب جبل «سلع»، الواقع في الحدّ الفاصل بين الغرب وشمال المدينة، تلّين أو جبلين؛ حيث كان أهل المدينة يستقبلون ويودّعون المسافرين، وكانت هذه هي ثنية الوداع للمسافرين إلى الشام.

إننا نعلم أن تبوك على الامتداد إلى الشام تقع إلى الشمال من المدينة، ومن الطبيعي أن يكون هذا المسير هو المدخل والمخرج لمسافري الشام، فلماذا قام جيش المشركين القادم من مكة، أي من جنوب المدينة، بالدوران حول المدينة ليأتيها، ليس من قبا، بل من شمال المدينة؛ فيستقرّ في أحُد؟

والجواب: تقع المدينة في حصار أشبه بحدوة الحصان، بشكل حرف (U)، من الجبل والأرض الحجرية (الحرّة)، والبيوت والقسم غير المحاصر إنما هو القسم الشمالي فقط، والذي يمثل فتحة الحرف (U)، وهو الحدّ الفاصل بين أحُد وسلع، وثمة استثناءات صغيرة أخرى تقع في القسم الجنوبي، وأهمّها في الجنوب الشرقي؛ حيث كان يسكن بنو قريظة وبنو النضير، وفي نواحي أخرى في الجنوب وعلى الرغم من وجود حرّة قبا، تلك الأرض الحجرية، كان هناك طريق صعب لعبور الأفراد، لا لعبور جيش، وهو الطريق نفسه الذي سلكه رسول الله’ والمهاجرون الآخرون الذين كانوا يهاجرون بالتدريج من مكّة إلى المدينة، ابتداءً بمحلّة قبا، فالمهم هنا أنّ هذه المداخل ـ من جهة قبا ـ لم تكن تتحمّل جيشاً للمشركين مجهزاً بثلاثة آلاف جندي، إذ كانوا ـ عند مدخل المدينة التي كانوا يعلمون أنها مستعدّة للحرب ـ بحاجة إلى منطقة واسعة مفتوحة، تتحمّل وقوع المعركة فيها، وهو ما لم تكن توفره منطقة حرّة قبا الحجرية، كذلك الحال من ناحية مساكن بني قريظة؛ حيث لم تكن تصلح مدخلاً للمشركين بسبب العقد الذي أبرمه رسول الله’ مع بني قريظة، وهو العقد الذي نُقض بعد ذلك في غزوة الأحزاب، وفي نواحي أخرى، كانت تقع منازل للأنصار؛ فكان دخول المشركين إلى المدينة من تلك النواحي يعني الاشتباك في حرب داخل المدينة، لا الحرب التي تقتضي فسحةً واسعة مفتوحة.

 4545

بناءً على ذلك كلّه، كان طريق جيش المشركين إلى المدينة منحصراً بالعبور بجوار جبل أحُد، حيث كانت المنطقة الواسعة الزراعية، وهذا السبب هو نفسه الذي دعا مشركي مكّة، في غزوة الخندق، إلى عدم الذهاب من الجنوب، بل من هذه المناطق الشمالية، أي من شرق جبل أحُد؛ للدخول إلى مكة، ولكنهم إذ رأو الخندق يسدّ عليهم الطريق، فكّروا في اختراق مناطق بني قريظة في الجنوب، وقصّة ذلك معروفة.

ما نستنتجه من أقوال المؤرخين، أنّ المشركين عندما وصلوا إلى ذو الحليفة، أو محلّ مسجد الشجرة، عطفوا بمسيرهم نحو وادي العقيق، وساروا في نصف دائرة من الجنوب إلى الغرب حتى الشمال، ليستقرّوا في نقطة تبعد نحو 5/1 كم عن الجنوب الغربي من أحُد، فأطلقوا إبلهم ترعى في مزارع المسلمين. إنّ هذه المنطقة الزراعية فيها الآن بناية فرق الإطفاء، ومن خلفها بساتين النخيل، وإلى أحد جوانبها يقع أحُد، وفي الجانب الآخر جبل سلع ومزارع أطراف مسجد القبلتين، وفي القسم الثالث يقع طريق سيد الشهداء، وتسمّى «الجُرف» أو «العرض».

مسير النبي’ من المدينة إلى أحُد، متابعة جغرافية  ــــــــ

ثمّة ـ في الوقت الحاضر ـ طريقان من المدينة باتجاه جبل أحُد: طريق أبي ذر وطريق سيد الشهداء، والمتفق عليه أنّ رسول الله’  قد اختار طريقاً بين هذين الطريقين للوصول إلى أحُد، في هذا المسير على يمين جيش الإسلام كان مشرق المدينة، الحرّة الشرقية، وإلى الغرب كان جبل سلع، حيث تبدأ تلك الأرض الزراعية المذكورة، وتمتد حتى سفح أحُد في الشمال والغرب، حتى الحرّة الغربية في المدينة.

يقول السيد محمد باقر النجفي: إنّ حركة رسول الله  بدأت من ثنية الوداع، وهي في طريق الشام في الشمال الغربي من المدينة، في أول طريقٍ يسمّى اليوم (شارع سلطانة) أو (شارع عثمان)، وإلى الشرق منه ـ وبفاصلة قليلة ـ كان طريق سيّد الشهداء، وفي هذا المكان كان قبر ذي النفس الزكية، وكانت مقبرته موجودةً حتى ما قبل بضعة عقود من السنين، ولا نعلم عنها الآن شيئاً، ودليل السيد النجفي على أنّ رسول الله  قد مرّ بثنية الوداع هو أنّ ابن النجار ينقل عن أبي حميد الساعدي: «إنّ النبي’ خرج يوم أحُد حتى جاز ثنية الوداع»([3]).

لكنّ الظاهر أن رسول الله’ لم يمر بثنية الوداع، وأن هذا النقل إشارة إلى أنه قد مرّ مقابل ذلك المكان ذي الاسم المعروف، واختار طريقاً على مسافة منه للذهاب إلى أحُد، والدليل على ذلك أنّ العدوّ المشرك كان في الشمال الغربي، وأنّ امتداد طريق ثنية الوداع كان ينتهي إلى مواضعهم عند نهاية الجُرف، وقد يقال: إنّ رسول الله  قد تحرّك من ثنية الوداع، ثم بالاتجاه إلى الشمال غيّر طريقه إلى اليمين، وكان هناك بستان خلف جبل الذباب باتجاه طريق سيّد الشهداء، باسم «شوط»، وقد أشار إلى ذلك ابن إسحاق في قوله: «حتى كانوا بالشوط بين المدينة وأحُد»([4]).

بعد ذلك، توقّف رسول الله’ لفترة قصيرة في مبنى صغير معروف باسم «الشيخين» يعود لزوجين عجوزين، ومسجد الدرع، ذكرى من رسول الله، مايزال باقياً هناك، إذ يقال: إنه’ قد أدّى صلاتي: المغرب والعشاء هناك، وبات حتى صباح اليوم التالي، ومن أسماء هذا المسجد «مسجد الدرع» و«مسجد البدائع» و«مسجد الشيخين»([5]). وقد أطلق اسم الدرع على المسجد لأنّ النبي  ارتدى درعه هناك، وعلى الرغم من أنّ هذا مذكور في كتب التاريخ([6])، إلا أن بعضهم رفض ذلك قائلاً: إنّ الرسول  كان قد لبس درعه في المدينة([7]).

جاء في كتب التاريخ أنه عندما وصل النبي’ إلى الشيخين، كان المشركون يرون جُند الإسلام من بعيد، فأخذ الجيشان يستعدان للدفاع، فبناء على ذلك كان مبنى الشيخين لا يبعد أكثر من نحو كيلومترين عن أحُد، وكان جيش المشركين قد استقرّ في شمال جبل سلع وغرب جبل أحُد في الوادي الزراعي المذكور الذي يسمّى جزءٌ منه بــ«الجرف».

ويقع مسجد الدرع الآن في طريق سيّد الشهداء إلى يسار القادم من المدينة إلى أحُد، في زقاق عريض يبعد عن الشارع نحو عشرين متراً، كانت منازل قبيلة بني حارثة عليه، كما أنّ أراضي قبيلة بني عبد أشهل وبني حارثة تقع في الحدّ الفاصل بين الحرّتين والسفح الجنوبي لأحُد، ويُسمّى مسجد بني حارثة اليوم «مسجد المستراح»؛ لاستراحة النبي هناك، ومسجدُ الدرع لا يبعد كثيراً عن مسجد المستراح، وكلاهما يقعان على جهة يسار القادم على طريق سيد الشهداء إلى أحُد.

 بعد المسدد تقع مدرسة عمرو بن الجموح، فهل ما قيل عن استراحة رسول الله’ ليلةً في موضع مسجد الشيخين ينطبق على موضع مسجد المستراح؟

في رواية الواقدي أنّ المسير كان من المدينة إلى البدائع، ومنها إلى «زقاق الحسّي» ثم إلى «الشيخين» وإلى الثنية (رأس الثنية)، وهذا يدلّ على أن موضعي: البدائع والشيخين مختلفان، ومع ذلك، كانوا إلى ما قبل القرن العاشر يعتبرون مسجد البدائع ومسجد الشيخين واحداً([8])؛ فهناك نصّ يقول: «حتى سلك على البدائع، ثم زقاق الحِسّي، حتى أتى الشيخين، حتى انتهى إلى رأس الثنية([9]).. فبات رسول الله بالشيخين»([10]).

وبينما كانت صلاتا المغرب والعشاء تؤديان في موضع مسجد الدرع، تقدّم المشركون، الذين كانوا يراقبون جيش المسلمين، حتى حافة الحرّة، «وتدنوا طلائعهم حتى تلصق بالحرّة، فلا تصعد فيها حتى ترجع خيلهم ويهابون موضع الحرّة ومحمد بن مسلمة»([11])، فهذه الحرّة لابد أن تكون الحرّة الشرقية، أي إنّ المشركين سيطروا على هذه المنطقة حتى الجانب الآخر من الحرّة الشرقية، وبالطبع تقدّموا حتى ابتدائها، وعند حلول الليل عهد النبي إلى محمد بن مَسْلمة وفريق من الجند بالمراقبة، وعند الفجر نهض’ وأمر الأدلاء بإرشادهم إلى مكان مناسب، «.. يخرجنا على القوم على كثب»([12]). والكثب تعني التجمّع والقرب، أي الاقتراب إلى العدو في تجمّع في أرض تجمع الجميع لمواجهة العدو.

في هذا المسير، كانت تقع منازل بني حارثة وربما في نقاط متعدّدة: «فسلك به في بني حارثة ثم أخذ في الأموال». والأموال إشارة إلى البساتين المتعلّقة ببعض الأشخاص، حيث يمرّ ببستان حارثي اسمه «مربُع بن قيظي» أحد المنافقين، وأدى اعتراضه إلى اشتباك لفظي بين بني عبد أشهل وبني حارثة الذين كانت لهم أراض في تلك المنطقة. كان بنو عبد أشهل في جنوب المنطقة أقرب إلى المدينة، بينما كان بنو حارثة في شمالها، وعندما كان رسول الله’ يقطع الطريق باتجاه أحد، كان العدو يهيئ جنوده([13]).

وهكذا يمكن القول بأن المسلمين كانوا في الشرق والمشركين في الغرب، وبينهما مسافة بين 500 إلى 700 متر، وقد واصل رسول الله مسيرته نحو أحُد وإلى الأمام. يقول الواقدي: «.. حتى انتهى إلى أرض ابن عامر اليوم.. فلما انتهى رسول الله إلى أحُد ـ إلى موضع قنطرة اليوم ـ جاء وقد حان وقت الصلاة». كانت تلك صلاة الصبح وكانت القنطرة إما على القناة التي كانت تجري من الشرق إلى الغرب عند السفح الجنوبي لأحد، وإما على الوادي من داخل شعب أحُد ـ مقابل قبر حمزة ـ من الشمال إلى الجنوب. وهاتان القناتان تتصلان اليوم، وعند منطقة اتصالهما توجد قنطرة. ربما كانت يومئذ أعلى من موضعها الحالي إلى جهة الشرق.

إن معلومات الواقدي فيما يتعلّق بهذا الأمر فريدة في بابها، كما أنّ ابن سعد يذكر خلاصة تقرير الواقدي باختصار شديد.

مواضع جيش الإسلام وجيش قريش ـــــــ

في صباح السبت، السابع من شوال من السنة الثالثة للهجرة، دخل جيش الإسلام إلى منطقة أحُد، كان مسيره من جانب الحرة الشرقية من الجنوب نحو الشمال، وهو ما يشير إليه ابن اسحاق بقوله: «ومضى رسول الله’ حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد.. »([14])، وشعب أحُد مكان معروف تماماً وواضح، واليوم يقع هذا الشعب غرب جبل أحد، مقابل مقبرة الشهداء، ويمتدّ هذا الشعب بعمق 700 إلى 900  متر داخل جبل أحُد، والوادي الموجود في هذا الشعب حيث تجرى منه مياه الأمطار المتجمعة فيه إلى الخارج نحو الفضاء المفتوح جنوب أحد، أي منطقة الجرف، إلا أن نهايته مسدودة داخل الجبل.

وبحسب رواية ابن إسحاق، جعل رسول الله’ مقرّه داخل هذا الشعب، وهو عدوة الوادي التي ورد ذكرها في رواية ابن إسحاق، وبديهي أن المقرّ كان في مدخل الشعب والجند كانوا إلى الأمام بحيث يكون جبل أحُد خلفهم وإلى يسارهم جبل الرماة أو عينين، ومقرّ جيش المشركين كان جنوب جبل أحُد وغرب جبل الرماة أو ربما أسفل من ذلك قليلاً.

وعن موضع استقرار جيش الإسلام يقول الواقدي: «فجعل أحُداً خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل عينين عن يساره»([15]). وثمة قول آخر للواقدي يقول فيه: إن رسول الله قد تقدّم أكثر بحيث أصبح جبل الرماة خلفه، ثم استظهر الشمس فيما كان العدو يواجه المدينة أمامه. هكذا كان العدو في الوادي الواقع في الجنوب الغربي من أحُد، ظهره إلى المدينة ويواجه أحُد: «وأقبل المشركون فاستدبروا المدينة في الوادي واستقبلوا أحداً»([16])؛ وعليه كان المسلمون يستدبرون أحُداً، وإلى الشرق منهم جبل الرماة، والعدو إلى الجنوب، والجنوب الغربي منهم في الوادي الذي كان امتداداً للوادي الخارج من شعب أحد، حيث وقعت الحرب في هذه المنطقة الواسعة المفتوحة.

ماذا كان واجب الجنود على جبل الرماة؟ خطأ شائع جداً في تحديد المواضع ـــــــ

تتفق المصادر على أن رسول الله’ وضع خمسين نفراً على جبل الرماة؛ لئلا يهاجم المشركون المسلمين من الخلف، وما ينبغي أن يكون واضحاً تماماً هو «المسير»، أو باصطلاح المؤرخين: «المضيق» الذي كان على هؤلاء أن يدافعوا عنه.

وهناك خطأ عام ارتكبه عددٌ من الأدلاء الذين يصحبون الزائرين وحتى بعض الكتّاب، وهو أنهم اعتبروا محل عبور جنود خالد، الذي هاجم المسلمين من الخلف، هو الشعب الموجود في قلب جبل أحد، أي الذي يقابل مقبرة الشهداء في قلب جبل أحد؛ ومن أولئك مثلاً، الميرزا محمد المهندس في رسالته الموجزة «الوجيزة في تعريف المدينة»، فهو بعد أن يشير إلى الشعب يقول: «وهو الوادي الذي عهد رسول الله’ يوم أحُد إلى الرماة بحفظه، ولكنهم تركوه طمعاً في الغنيمة، فاستولى الأعداء على هذا الوادي وهزموا المسلمين»([17]).

وهذا باطل برمته بحسب الأدلة التي مرّت والأدلة التي سوف تأتي.

إن الموضع الذي اختاره المسلمون كان محصّناً من ناحية الشمال؛ لأن قلب جبل أحُد، وحتى الشعب الذي نحن بصدده، لم يكن له منفذ يوصله إلى الخارج. أما القسم الشرقي ـ الحدّ الفاصل بين جبل الرماة وجبل أحد ـ فلم يكن مأموناً، فلكي يضمن رسول الله’ أمنه من الخلف، وضع عدداً من الجنود على جبل الرماة؛ لكي يحولوا دون هجوم الأعداء من الخلف، والثاني هو الحيلولة دون وصولهم إلى مقر المسلمين عند مدخل الشعب حيث كانوا يحتفظون بمؤنهم؛ وبناء على ذلك؛ قرّر رسول الله’ أن يجعل خمسين من الرماة على جبل الرماة؛ لكي يسيطروا على الحدّ الفاصل بين أحد والرماة المنتهي إلى مقر المسلمين.

والسؤال الآن هو: أيّ منطقة كان على هذه القوّة أن تحافظ عليها وتمنع بسهامها الأعداء من النفوذ؟ الظاهر هو أن من يقف على جبل الرماة يجب أن يحرس جنوبه؛ لأن الشمال كان مسدوداً بجبل أحُد، أي أنّ العدو كان يمكن أن يتحرّك من الجنوب الغربي للرماة (مواقع العدو) إلى الشرق، والاستدارة حول جبل الرماة من الشرق إلى الغرب، ويجتاز الحدّ الفاصل بين أحد والرماة ليهاجم من الخلف مقرّ المسلمين ومواضعهم. هذا كان مدى نظر حملة السهام من فوق جبل الرماة؛ لذلك لا يمكن أن نتصوّر أنّ تلك القوّة فوق جبل الرماة تنتظر هجوماً من غير تلك الجهة، كما لابد أن نأخذ بنظر الاعتبار المدى الذي يستطيع أن يقطعه سهم أحد الرماة، ومن أيّ بُعدٍ يجب أن يُطلق ليصيب جنديّ العدو أو فرسه، فهذا البعد في أقصاه لا يمكن أن يتعدّى المائتي متر أو ثلاثمائة.

ثم لابد أن نلاحظ، أين تقع ساحة الحرب بالنسبة للجنديّ الواقف فوق جبل الرماة بصورة دقيقة؟ وفي أيّ جهة من جهاته؟ وبما أن ساحة القتال كانت تقع إلى جهة الغرب من جبل الرماة، كان بديهياً أن يولي هذا الجندي اهتمامه إلى المسير الذي يمكن أن يتخذه الأعداء، وهو من الغرب إلى الشرق، ومن ثم من الشمال للمرور من المضيق بين الرماة وأحُد لمهاجمة مقرّ المسلمين في هذه الحال، كانت مسيرة حملة خالد وجنوده من جنوب الرماة والاستدارة حوله ومهاجمة مقرّ المسلمين ومواضعهم من المضيق، أي الحدّ الفاصل بين أحُد والرماة إذا صحّ هذا الرأي، فإنّ ما ظنّه بعضهم أن فرسان الأعداء قد التفوا حول أحُد لا يمكن أن يكون صحيحاً.

إنّ السيد النجفي الذي لم يتابع تفاصيل ميدان المعركة في المصادر، خلافاً لما فعل في الأقسام الأخرى، يقول: «… وعلى حين غرّة، يغتنم خالد بن الوليد وعدد من الفرسان الفرصة، ويقوم ـ في نظري المتواضع ـ بالدوران حول جبل أحد من جهة السفح الشرقي له، ويهاجم الرماة ويستولى على التلّ الخالي من حُماته، ومن هناك هاجم حَمَلةُ الرماح من قريش المسلمين في الميدان وقتلوهم»([18]). هذا كل ما كتبه فيما يتعلّق بشرح مسير حركة فرسان قريش.

عندما هاجم خالد وجيشه المسلمين لم يكن هؤلاء مستعدّين للدفاع؛ فقد كان نظامهم قد اختلّ، وكثير منهم قد وضعوا أسلحتهم وانهمكوا في جمع الغنائم، فعند مهاجمة العدو أخذ هؤلاء يركضون هنا وهناك مرتبكين شاهرين سيوفهم بوجه بعضهم بعضاً، كان واضحاً أنّ المسلمين قد هزموا، وهرب كثير منهم باتجاه جبل أحد، وفرّ آخرون إلى مختلف الجهات، واستطاع رسول الله’ مع عدد من أصحابه أن يصلوا ـ بعد اشتباكات صعبة ـ إلى مدخل الشعب حيث كان مقرّ قيادة المسلمين. دخلوا الشعب بعض الوقت ثم اتجهوا إلى قمّة أحُد في الجهة اليمنى من الشعب، وجلسوا في ظلّ غار صغير.

ولإثبات صحّة ما سبق من قول، هناك شواهد عديدة في كتب التاريخ، وهي تبين أنّ ميدان القتال كان إلى الغرب من جبل الرماة، وبعد وقوع الفاجعة انجرّت الحرب نحو الشعب، وأن النبي’ بدخوله الشعب وارتقائه الجبل أمن من شرّ المشركين.

الشواهد التاريخية على دوران خالد بن الوليد حول جبل الرماة لا جبل أحُد ـــــــ

أقام رسول الله’ رماة السهام على جبل الرماة حيث كان يخشى نفوذ الأعداء من الخلف والطريق الوسطي بين أحد والرماة، ولم يكن لخشيته أيّ مبرّر سوى الطريق الذي هاجم منه ـ فعلاً ـ خالد بن الوليد، لقد خاطب الرسول’ أصحاب السهام قائلاً: «احمونا من الخلف؛ إننا نخشي أن يهاجمنا الأعداء من الخلف»([19]). ويقول الواقدي: «والرماة يحمون ظهورهم يرشقون خيل المشركين بالنبل فتولي هوارب»، بعد ذلك قال أحد هؤلاء الرماة ـ ولعلّه من الذين كانوا نزلوا ـ: «كلّ نبل أطلقناه ذلك اليوم أصاب فرساً أو إنساناً»([20]).

هاتان الروايتان تدلان على أنّ الرماة كانوا يضعون مسيرة هجوم جيش خالد تحت نظرهم، وذلك لأن المرات العديدة التي حاول فيها خالد وعكرمة وجنودهما العبور من ذلك المضيق، أي من الحدّ الفاصل بين جبل أحُد وجبل الرماة، كانوا يواجهون موجةً من نبال جنود المسلمين فيضطرّون إلى النكوص بعد تحمّل خسائر كبيرة، وعندما خلا الجبل من الرماة، استطاعوا العبور من المضيق بكل سهولة؛ وعلى هذا كانت المنطقة التي عبر منها جيش خالد تحت نظر الجنود المسلمين وضمن مدى نبالهم. أمّا لو داروا حول جبل أحُد لما كانوا إطلاقاً تحت نظر جند الإسلام ولا ضمن مدى نبالهم.

في تلك اللحظة، كان نسطاس ـ مولى صفوان بن أمية الذي جمع المشركين الذين ساهموا في حرب أحُد ـ باقياً في مقرّ المشركين للمحافظة على أموال صفوان، ولم يساهم في الحرب؛ لأنه كان عبداً، يقول نسطاس: أصيب جيشنا بالهزيمة ورحل جيش محمد’ وكنت ضمن الأسرى، كنت في قيود الأسر عندما وقع نظري على جبل الرماة، ورأيت الجنود متوجّهين إليه ويدخلون مقر المسلمين دون أن يجدوا أيّ مانع في طريقهم، لأن الربيئة التي كانت تحافظ عليه لم تكن هناك، إذ إن أفرادها كانوا قد انحدروا إلينا لجمع الغنائم.. عندما هجم جيشنا كان هجومه على قوم منشغلين بجمع الغنائم باطمئنان، فكانت السيوف تخترق أجسادهم بكل يسر وسهولة وجرت مذبحة كبيرة، وكان المسلمون يفرّون في كل اتجاه، تاركين ما كانوا قد جمعوه من الغنائم، وخرجوا من مقرّاتنا([21]).

هذا القول يدلّ على أن نسطاس كان شاهداً كلَّ ما حدث، ورأى الرماة وهم ينحدرون من الجبل، كما رأى المشركين وهم يصعدون إلى جبل الرماة بعد أن لم يبق عليه أحدٌ من المسلمين، أو إذا كانوا فقد أبيدوا بسرعة، واجتازوه إلى مقرّات المسلمين. هذا يدل على أن نسطاس كان في الوادي مقابل أحُد من جهة الشمال، وأمام جبل الرماة من جهة الشرق؛ فشاهد كلّ حركة الهجوم على جيش المسلمين.

إن المدّة التي استغرقها هذا التحوّل في مصير الحرب كانت من القصر بحيث إن المسلمين كانوا مايزالون يجمعون الغنائم وكانت أيديهم مملوءة منها عندما تبدل الوضع في بضع دقائق. فإذا أخذنا هذه الأخبار بنظر الاعتبار، يصبح الزعم بأن جيش قريش قد قطع ستّة كيلومترات ذهاباً وستة أخرى إياباً للدوران حول جبل أحُد كلاماً بعيداً عن الصحّة.

يقول أبو النمر الكناني: «فررنا يوم أحد، بينما راح أصحاب محمد يجمعون الغنائم من معسكرنا ومقرّاتنا، وقد وصلت في مزاري إلى حيث اصطمدت قدماي بجبل جماد (في القسم الغربي من ساحة الحرب) في تلك اللحظة هجم جيشنا على المسلمين»([22]). ويقول رافع بن خُديج: «عندما نزل الرماة ولم يبق سوى عدد قليل منهم، نظر خالد بن الوليد إلى جبل (الرماة) ورأى أفراداً قليلين فوقه، فأسرع بجيشه يهاجمهم، وتبعه عكرمة بن أبي جهل، وراح الرماة يرشقونهم بالنبال حتى قتلوا جميعاً»([23]).

هذه الرواية تدلّ أيضاً على أن خالداً كان يرى جبل الرماة وينتظر فرصة مناسبة، وفي الوقت الذي نزل فيه أربعون من الرماة، بادر هو إلى الهجوم، وحصل كل ذلك بسرعة البرق، وهذا يدلّ أيضاً على أنّ خالداً قد مرّ من جوار جبل الرماة وقضى على الجنود الباقين. ويقول ابن عباس: «فما أخلّ الرماة تلك الخلّة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي»([24]).

وقد أورد الواقدي في خبر آخر أن خالداً كلما حاول العبور من جهة يسار النبي [أي من جهة جبل الرماة] أو الهجوم من أسفل سفح جبل أحُد، كان الرماة يمنعونه من ذلك، وقد تكرّر هذا عدّة مرات، واستطاع المسلمون أن يحولوا دون نفوذه([25])؛ فهذا الخبر يدل بوضوح على أن خالداً كان يحاول المرور من جهة يسار جيش الإسلام ليدور حول جبل الرماة، وكان من قبل يريد الهجوم من جهة أسفل جبل أحُد: «وكلما أتى خالد من قبل ميسرة النبي’ ليجوز حتى يأتي من قبل السفح فيردّه الرماة حتى فعلوا ذلك مراراً».

ومن المحتمل جداً أن خالداً كان يكمن منذ البداية على مبعدة من جبل الرماة، ثم اتجه شرقاً ودار حول الجبل وهاجم المسلمين من جهة سفح جبل أحُد. وعلى كل حال ليس ثمة شك في أن خالداً كان ينوي الدوران حول جبل الرماة من الأسفل إلى الأعلى؛ لكي يستطيع مهاجمة المسلمين من الخلف، وهذا ما فعله.

مسير رسول الله’ بعد الحرب ـــــــ

عندما حمل جنود المشركين على المسلمين، تفرّق هؤلاء هاربين وكان المشركون يستهدفون حياة النبي’، لكن حيث كان ملثّماً فإن أحداً لم يعرفه، وكان عدد من الصحابة يحامون عنه ولا يفارقونه، منهم علي وأبو دجانة، وتبعوه إلى أحُد وإلى داخل الشعب، لكن المشركين ـ وقد أسكرهم النصر ـ لم يقتربوا من الشعب في تلك اللحظة، وظلّوا يطاردون المسلمين في الساحة المفتوحة من منطقة الجرف، يمثلون بالشهداء ويجمعون ـ أحياناً ـ الغنائم، وليس ثمة شك في أنّ رسول الله  قد دخل الشعب فعلاً، وهو الشعب الذي يشير إليه أدلاء قوافل الحجّاج، وهم على قبر حمزة، على أنه فرجة في الجبل والمضيق الذي عبر منه العدو.

وعندما قتل أحد المشركين مصعباً ظنّ أنه قد قتل النبي؛ فنشر خبر مقتل الرسول بين المشركين؛ فسأل أبو سفيان خالداً عن ذلك، إلا أن خالداً الذي كان قد رأى النبي يدخل الشعب، قال: «رأيته أقبل في نفر من أصحابه مصعدين في الجبل»([26]). ويقول كعب بن مالك: «عندما فرّ الناس متفرّقين، كنت أول من رأى النبي ’ وعرفه، فبشرتُ المؤمنين بحياته… فأشار إليّ رسول الله’ أن أسكت»([27]) (أي لا تعرّفني للآخرين) وبطبيعة الحال لم يكن الخطر قد زال. ويقول نملة بن أبي نملة: «عندما انهزم جيش المسلمين، رأيت رسول الله’ يحوطه نفرٌ من المهاجرين والأنصار يدخلون الشعب، حينذاك لم تبق للمسلمين راية ولا تجمّع منظم، في الوقت الذي كان المشركون يؤمّون الوادي دون أن يمنعهم مانع»([28])، ولعلّ النبي أمضى عصر ذلك اليوم في الشعب فوق جبل أحُد، يقول ابن شبه: «لقد أدّى رسول الله الصلاة [الظهر والعصر] في مسجد صغير في شعب جرار بجانب الجبل»([29]).

نقل قبر حمزة في العصر الأموي ـــــــ

أهم موضع في هذا المكان هو قبر حمزة سيّد الشهداء الذي يضم معه جسد عبد الله بن جحش، كان القبر قبل ذلك في موضع آخر، ربما في أسفل ذلك الموضع، لكن حفر القناة أيام معاوية اضطرّهم إلى نقل رفاته إلى مكان أعلى ودفنه هناك. وبحسب قول السيد النجفي، يستفاد من الشاهد المنحوت الذي كان موضوعاً على مدخل المرقد ـ قبل هدمه مع المسجد بفتوى علماء السلفية ـ أن تاريخ إنشاء المسجد يعود إلى سنة 275هـ([30])، وأهم بناء تمّ تشييده على قبر حمزة كان بأمرٍ من أمّ الخليفة العباسي الناصر لدين الله؛ إذ كان كلاهما من الشيعة الإمامية، وكان ذلك سنة 590هـ.

والأمر الهام هنا ما يذكره النجفي من أنّ شبّاك الحديد الموجود حالياً على جدار قبر حمزة كان يعود ـ في الأصل ـ إلى ضريح قبور الأئمة^ في البقيع. يقول النجفي: «بعد أن شاهدت المشبك الحديد، حيث يقف الزائرون، أدركت أن نوعه وطراز صنعه أشبه بالأضرحة الإيرانية التي تقام حول المقابر الدينية، وفي ذي الحجة من سنة 1395هـ ذهبت إلى دار السيد مصطفى العطار في المدينة، وطرحت هذا الأمر ضمن حديثي معه، وقد كان العطار مدّة سبع سنوات (1361 ـ 1368هـ) رئيساً لبلدية المدينة، وكان مطّلعاً على تردّد الإيرانيين طوال 85 سنة من عمره، لذلك كان خير من يستطيع أن يجيبني عن سؤالي، قال لي: بعد تخريب البناء العظيم الذي كان على مشهد حمزة والصحابة في أحُد، لم يبق حول المقابر حفاظ يحافظ عليها، وكثيراً ما شوهدت الكلاب السائبة في ذلك الوادي تمرّ من فوق القبور، فطرح عدد من علماء المدينة الأمر على أميرها يومذاك، فأمر الأمير ببناء جدار وحفاظ حولها، وقد اقترحت أن نستفيد من الضريح الحديد الذي كان من قَبل حول مقابر أهل البيت، والذي كان قد نقله بعض محبّي أهل البيت إلى مكان أمين، لجعله حفاظاً لمشهد الصحابة في أحُد، وتمّ ذلك. فسألته عمّن وضع ذلك الضريح حول مقابر أهل البيت، فقال: «جاء بهذا الضريح إلى المدينة، ضمن تشريفات رسمية، الإيرانيون بموافقة الشاه القاجاري بالتعاون والموافقة من جانب السلطان العثماني، ونصب على ما كان يعرف باسم قبّة أهل البيت». ثم أطلعني على نصّ (الفرمان) الأصلي الذي تفتخر به عائلته بسب قيامهم بهذا العمل ولتعاونهم المطلوب في إنجازه أعربت الحكومتان الإيرانية والعثمانية يومذاك عن تقديرهما لهم»([31]).

مواضع أخرى في المنطقة ـــــــ

وبالإضافة إلى مقبرة شهداء أحُد، هناك عددٌ آخر من المواضع التي تنسب إلى رسول الله’ في تلك المنطقة:

  1. الغار الذي يحتمل أنه’ لجأ إليه في ساعة الهزيمة القاسية، وهو مرتفع عن الأرض بين 20 إلى 30 متراً، وفي رواية عن مطلب بن عبدالله أنه قال: «إن النبي’ دخل الغار الذي بالجبل»([32]).
  2. المسجد المسمّى باسم «مسجد فُسح» إلى الجنوب من الغار المذكور بنحو 100 متر، وهو داخل الشعب ملاصق للحائط الأيمن من الجبل([33]). ويقال: إنّ رسول الله’ قد أدى صلاتى الظهر والعصر في هذا المسجد، والشعب الذي فيه المسجد يسمّى «شعب جرار».
  3. المهراس، وهو موضع تجتمع فيه مياه الأمطار داخل الجبل، وقد جاء منه أمير المؤمنين علي× بإناء الماء لغسل فم رسول الله’ على أثر كسر سنّه، والمهراس كان في الواقع حوضاً طبيعياً من الصخر، إلا أن ماءه كان ذا رائحة فلم يشرب منه النبي على الرغم من شدّة عطشه([34]).
  4. القبة أو مسجد الثنايا، إذ يقال: إنه الموضع الذي كسرت فيه سنّ النبي، وهناك صورة لخرائبه في «تاريخ معالم المدينة» يقول حسام السلطنة: «مسجد الثنايا… صحن صغير ذو قبّة دخلناه وأدّينا فيه ركعتي صلاة، يقع هذا المسجد فوق بقعة حمزة وفي شمالها»([35])، وقد بني في الموضع الذي كسر فيه عتبة بن أبي وقاص سنّ النبي، ويوجد اليوم مسجد على مسافة من المقبرة في أوّل محلّة أحد التي تمتد إلى داخل الشعب، ويحتمل أن يكون هو مسجد الثنايا.

كتب الميرزا أحمد المهندس سنة 1294 يقول: «على مسيرة ثلاثة أرباع الساعة من المدينة يقع مرقد حمزة سيد الشهداء.. وإلى الشمال منه على بُعد 500  قدم تقريباً محلّ كسر سنّ رسول الله’. وعلى بُعد 816 قدماً مقبرة حمزة، وفي نهاية الوادي مسجدٌ صلّى في مكانه النبي’ يوم أحُد وهو جريح ووحيد، وقد أوصى الإمام الصادق× عقبة بن خالد بالصلاة فيه»([36]).

يقول السيد النجفي: «بعد استيلاء آل سعود على جزيرة العرب هدموا ذلك البناء الذي كان يزوره يومياً آلاف الناس؛ وذلك لأن تلك البناية لم يكن لها أصل في عقيدتهم المذهبية، وفي سنة 1396هـ كرّرت زيارتي لمنطقة أحُد ورأيت أطلال قبّة الثنايا في صورة تلّ من التراب والأحجار بين مساكن الفقراء الساكنين في المنطقة، ولم يبق منه سوى جزئه الأسفل الذي لم يكن يغري الزوّار، بل كانوا يمرّون به متجهين إلى الجبل دون أن يهتم به أحد»([37]).

هذا، وتشير المصادر المذكورة، فضلاً عن الآثار الباقية، إلى آثار أخرى في منطقة أحد؛ فقد كانت هناك مقبرة على الطريق إلى أحُد تقع في ميدان الحرب بين المسلمين والمشركين، كانت هذه المقبرة على يسار الذاهب إلى أحُد وقبل الوصول إلى مقبرة الشهداء، ويقال: إن عدداً من شهداء أحد مدفونون فيها([38])، استناداً إلى قول النبي’ أن ادفنوا كل شهيد استشهد، ومن المحتمل أن يكون عددٌ منهم مدفوناً هناك، لكن ليس بين أيدينا أيّ شاهد حجري للقبور.

مقبرة حمزة أو المشهد ـــــــ

مقبرة حمزة أيضاً كانت ذات صحن وقبّة، يقول حسام السلطنة: «دخلنا أولاً بقعة حمزة سيد الشهداء، ومن دهليز دخلنا صحن البقعة المباركة التي تقع على يسار باب الصحن، وهي أشبه بقاعتين متداخلتين، في وسطها مكان لمجلس ملكي يقع الضريح المبارك في البقعة الأولى، وثمة طريقان من جانبي المجلس الملكي إلى البقعة الثانية»([39]).

يقول الإمام الصادق× بشأن مواقع أحُد وزيارتها: «.. فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب أحُد، فبدأت بالمسجد الذي دون الحرّة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلّمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم، فقلت: السلام عليكم يا أهل الديار، أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، ثم يأتي المسجد الذي كان في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حين تدخل أحداً فتصلّي فيه، فعنده خرج النبي’ إلى أحُد حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فصلّى فيه، ثم مرّ أيضاً حتى ترجع فتصلي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك»([40]).

إنّ المسجد الأول الذي ذكر أنه دون الحرّة لابد أن يكون أحد المسجدين في طريق أحُد، مسجد الدرع أو مسجد المستراح. أما المسجد الآخر الواقع في الجانب الأيمن من الجبل والذي قيل: إن رسول الله قد صلّى فيه فليس إلا ذلك المسجد الذي يحتمل أنه سمّي فيما بعد باسم مسجد الفسح، والذي يمكن أن يكون أصلاً مسجد السفح.

كان هذا المسجد مما يختلف إليه الناس، ومايزال باقياً، على الرغم من أنه لم يبق منه سوى خرائب، يقول حسام السلطنة: إنه يبعد عن مقبرة الشهداء 816 قدماً، وكما يستفاد من هذه الرواية يوجد ـ فضلاً عن قبر حمزة ـ مقبرة للشهداء كانت تزار بعد زيارة قبر حمزة. وهناك مسجد باسم «مسجد حمزة» يقع شرق مقبرة الشهداء، ويمكن أن يقال ـ في الحدّ الأدنى ـ: إنه ليس مسجد الثنايا؛ لأن هذا المسجد ـ كما يقول حسام السلطنة ـ يقع شمال مقبرة الشهداء بمسافة 500 قدم، ويحتمل أن يكون مسجد حمزة قد بُني في مكانه وكان ذا قبّة ويعرف باسم مشهد حمزة، وقد رآه حسام السلطنة لكنّه لم يزره.

ومن الجدير بالذكر أنه إذا كان مشهد حمزة هو نفسه ما يسمّى مسجد حمزة اليوم، فلابد أن نقول: إن ذلك خطأ؛ إذ إن المسجد يقع شرق مقبرة الشهداء، بينما الحرب دارت في الغرب، بل في غرب جبل الرماة، ويحتمل أن يكون هذا الخطأ هو الذي دعا بعضهم إلى القول بأن ساحة الحرب كانت شرق جبل الرماة. يقول علي حافظ: «يتصوّر الأستاذ محمد أحمد باشميل أن معركة أحُد قد وقعت شرق جبل الرماة، كما ذكر في كتابه «غزوة أحد»، كذلك تصوّر كلّ من محمد شيث خطاب في «الرسول القائد» ومحمد حسين هيكل أن المعركة وقعت في شرق جبل الرماة، إلا أن الأستاذ عبد القدّوس الأنصاري ناقش هيكل في ذلك، فعاد هذا في كتابه «منزل الوحي» ورجع عن رأيه السابق، وقال: إنّ الحرب وقعت إلى الغرب من جبل الرماة»([41]).

على كل حال، خطأ هؤلاء يرجع إلى أنّ مشهد حمزة كان في المكان الذين يقع فيه مسجد حمزة اليوم، وعلى بعد 100 ـ 200  متر إلى الشرق من مقبرة الشهداء.

وفي التتبّع الذي أجريناه يوم السبت 25 ذي القعدة من سنة 1416هـ في منطقة أحُد، اتضح أن ليس هناك مسجد باسم مسجد الثنايا، أو أننا ـ على كل حال ـ لم نعثر عليه، مع أنّ السيد النجفي قد نشر صورة أطلاله في كتابه «مدينة شناسي».

في القسم الشمالي من مقبرة الشهداء في حارة أحد، أو محلّة أحد، يوجد عدد من المساجد، أحدها يقع في الشمال الشرقي تقريباً وبزاوية ضيقة جداً ويبعد نحو 500  قدم عن مسجد الشهداء، وهو مسجد السطحي، كنّا نأمل أن يكون هذا هو مسجد الثنايا، إلا أن الأهالي هناك لم يستطع أحدٌ منهم أن يفيدنا بشيء، وكان هناك مسجد الردادة أبعد قليلاً، ومسجد آخر مكسور اللوحة لعلّه يسمّى مسجد الموت في القسم الشرقي من المقبرة.

المسجد الواقع داخل الشعب، والذي يعرف بأن الرسول’ صلّى فيه المغرب يوم الحرب في السابع من شوّال، والذي أشار اليه الإمام الصادق في الرواية التي ذكرت من قبل، ماتزال أطلاله موجودة حتى اليوم، مع بقاء جداره الجنوبي وبعض من جداره الحجري الغربي سالمين، وقد أحيط بسياج مشرف على الزوال، يقع هذا المسجد في جانب الجبل وعلى بعد 50 متراً من جنوب الغار الذي قيل: إن رسول الله قد صعد عليه.

وتمنع الحكومة السعودية في الوقت الحاضر الدخول إلى الشعب، وجهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرجع الزائرين الراغبين في رؤية الغار داخل الشعب، كما أن مسجد الفسح أو السفح آيلٌ إلى الانهيار الكامل، لكنّهم يتعمدون عدم تعميره.

المراغي والكشف عن معلومات قيمة ـــــــ

وفي ختام هذا البحث، نضيف أن المراغي في القرن الثامن يشير إلى عدد من النقاط بشأن الأماكن المباركة في منطقة أحُد تستوجب الالتفات، فهو يقول: إنّ المعروف من بين قبور الشهداء قبر حمزة وعبد الله بن جحش، وفوقه قبة كبيرة محكمة البناء، أمرت بتشييدها أم الناصر لدين الله سنة 570هـ، وقبر سنقر، الذي كان يشرف على تعمير مشهد حمزة، يقع عند قدمي حمزة، وفي صحن مشهد حمزة دفن أحد أشراف المدينة، ولا يعتبر من شهداء أحُد، وفي جهة القبلة مسجد ملاصق لأحُد كان رسول الله’ قد صلّى فيه صلاتي الظهر والعصر، وهو مسجد الفسح([42]) نفسه في جهة القبلة من هذا المسجد حفر مكان داخل الجبل يسع لشخص واحد، ويقال: إن رسول الله’ قد جلس على صخرة تحته، وفي شمال المسجد غار في الجبل يقول عنه العوام من الناس: إن رسول الله’ قد دخله، إلا أن هذا يفتقر إلى خبر موثوق به، وبجانب جبل الرماة مسجدان: أحدهما في الركن الشرقي، يقال: إنه المكان الذي أصيب فيه حمزة بالرمح، وهناك عين ماء أعاد تجديدها الأمير وديّ بن جماز، أمير المدينة، والماء يجري منها، والمسجد الآخر يقع شمال هذا المسجد بجانب الوادي، يقال: إنه مصرع حمزة، أي إن حمزة مشى إلى هناك حيث استشهد([43]).

وقد سبق القول: إن بعضهم قد أخطأ في اعتبار المسجد المعروف باسم حمزة هو موضع استشهاده، وبذلك اعتبروا ساحة الحرب تقع إلى شرق جبل الرماة، وهو خطأ أيضاً لا يستند إلا إلى أقوال العامة من الناس، والتي ينبغي أن لا تكون موضع اعتماد.

أمّا المسجد الذي فوق جبل الرماة فكان موجوداً إلى ما قبل بضع سنوات ومؤلّف كتاب «أحد» ـ وهو من أهالي تلك المنطقة ـ يشير إليه، حيث يشاهد البناء وفي الجانب الشرقي جدار بارتفاع متر واحد متهدّم([44]). ولابد أن نعلم أن مباني عديدة قد شيدت فوق جبل الرماة خلال سنوات وتهدّمت.

وفيما يتعلّق بالصخرة التي قيل: إن رسول الله’ قد اتكأ عليها، يقال: إنها كانت تسمّى حجر المتكا، وكانت تقع إلى جوار مسجد الثنايا، وكان فوقها كتابات. أما عين الماء التي ورد ذكرها، فقد كانت هناك عين باسم عين الشهداء وكانت تقع شرق جبل الرماة، بموجب الخريطة التي رسمها شخص باسم سالم شمس الدين.

وقد كان من عادات أهل الحجاز ـ ولعلها باقية إلى سنوات متأخرة، أو ربما حتى الآن ـ أن يؤمّوا المدينة الثاني عشر من رجب كل سنة ويبيتون الليل في أحُد على مزار سيد الشهداء وفي الفضاء الرحب حول الجبل حتى الصباح([45]).

ينقل شاهد عيان أنه كان في سنة 1340ش/1961م بيتان في منطقة أحُد معروفان بأنهما بيت الإمام السجاد× وبيت الإمام الصادق×، وقد أشار الشيخ القمّي في «المفاتيح» إلى هذين البيتين. وهناك كاتب يدعى سعود بن عبد المحيي الصاعدي، من أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة ومن أهالي أحُد، نشر كتاباً عن المواضع المعروفة في المنطقة، يشير فيه إلى الغار الموجود شمال مسجد الفسح، لكن ليس ثمة دليل على أن النبي’ قد صعد عليه، ويذكر أيضاً المهراس حيث كانت مياه المطر تتجمّع فيه فوق الجبل، وقد صوّر أكبرها.

إننا نعلم مما هو منقول عن أحد، أن علي بن أبي طالب أخذ الماء من المهراس إلى النبي، لكنه لنتانة ريحه لم يكن صالحاً للشرب، ويشير إلى قبة هارون فوق جبل أحُد، وقد جاء في الروايات أنّ هارون جاء إلى هذا المكان في طريقه إلى الحج، وفيه دفن إلا أن هذا لا دليل يسنده غير القبة فوق بناء متهدّم وجدار بطول متر ونصف تقريباً ما يزالان باقيين، وتقع هذه القبّة في أعلى منطقة من جبل أحُد.

يقول الصاعدي: إنه شوهدت في هذا المكان كتابات كفية لا يقرأ منها سوى كلمة «الله»، وتاريخ 992 مع اسم محمد علي جرسخاني، ويضيف: إنّ هذا التاريخ والاسم عثر عليهما في مقبرة شهداء بدر أيضاً([46]).

ومسجد الدرع يعتبر من ذكريات غزوة أحُد، وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك. أمّا مسجد المستراح، أو مسجد الاستراحة، فيقع على المسير نفسه، وفوقه لوحة تميّزه ويقع على يسار السائر إلى أحُد، كان مسجد المستراح يخصّ بني حارثة، وقبل الوصول إلى مسجد الاستراحة بثلاثمائة متر يتفرّع شارع جانبي يواجه محطّة للوقود ذي سقف مغطى. وعلى بعد عشرين متراً في هذا الزقاق يقع مسجد الدرع بعرض عشرة أمتار وطول ثلاثة عشر متراً، وفي هذا المسجد تقام صلاة الجماعة على الرغم من أن بناءه ليس جديداً، وقد سبق لنا القول: إن مسجد المستراح أيضاً من ذكريات غزوة أحد، ومن المحتمل جداً أن يكون رسول الله’ قد مرّ مراراً من هذا المكان في طريقه إلى بيوت الأنصار وصلّى فيه.

يقول أحد الحجاج الذين زاروا المكان مرّات عديدة لعدة سنوات: إنه كان في بداية الطريق إلى أحُد مكان يقال: إن الإمام السجاد، بعد عودته من كربلاء والأسر في الشام، أمر بنصب خيامه فيه، ولعلّ المكان هو موضع مسجد جوشن، وقال القائل: إنه هو نفسه قد صلّى هناك وإنه قد تم تعميره مؤخراً.

الهوامش

(*) مؤرخ بارز ومعروف في إيران، وعضو الهيئة العلمية لمركز أبحاث الحوزة والجامعة.

([1])  السيد النجفي، مدينة شناسي 2: 216.

([2]) المصدر نفسه: 191.

([3]) المصدر نفسه: 220.

([4]) المصدر نفسه: 223.

([5]) تاريخ معالم المدينة قديماً وحديثاً: 133.

([6]) المغازي 1: 219.

([7]) المدينة بين الماضي والحاضر: 374.

([8]) عمدة الأخبار في مدينة المختار: 204.

([9]) المغازي 1: 215.

([10]) المصدر نفسه: 216.

([11]) المصدر نفسه: 217.

([12]) المصدر نفسه، وعبارة ابن إسحاق عن رسول الله’ هي: bمن رجل يخرج بنا على القوم من كتب، أي من قرب، طريق لا يمرّ بنا عليهمv. انظر: السيرة النبوية 3: 69، تصحيح مصطفى القاء و..

([13]) المصدر نفسه: 219.

([14]) السيرة النبوية 3: 69.

([15]) المغازي 1: 220؛ وابن سعد، الطبقات الكبرى 1: 39.

([16]) المغازي 1: 220.

([17]) بسوى ام القرى: 319.

([18]) مدينة شناسي 2: 231.

([19]) المغازي 1: 224.

([20]) المصدر نفسه: 225.

([21]) المصدر نفسه: 230 ـ 231.

([22]) المصدر نفسه.

([23]) المصدر نفسه: 232؛ والطبقات الكبرى 1: 41.

([24]) مسند أحمد 4: 209.

([25]) المغازي: 229.

([26]) المصدر نفسه: 237.

([27]) المصدر نفسه: 236.

([28]) المصدر نفسه: 238.

([29]) ابن شبه، تاريخ معالم المدينة المنورة: 138.

([30]) مدينة شناسى 2: 258.

([31]) المصدر نفسه: 261، 262.

([32]) وفاء الوفاء 3: 929.

([33]) التحفة اللطيفة 1: 70.

([34]) المغازي 1: 249.

([35]) حسام السلطنة، سفرنامه مكه: 154.

([36]) بسوى أم القرى، الوجيز في تعريف المدينة: 319.

([37]) مدينة شناسي 2: 236.

([38]) سفرنامه مكه: 154، سنة 1297هـ.

([39]) المصدر نفسه: 154.

([40]) الكليني، الكافي 4: 651 ـ 657.

([41]) علي حافظ، فصول من تاريخ المدينة المنورة: 196 ـ 197.

([42]) جاء في النص الأصلي: bفضيخv وهو خطأ.

([43]) المراغي، تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة: 136.

([44]) يقول السيد النجفي: bفي السنوات التي وقفت فيها لزيارة ميدان الحرب في أحد، كان عدد من الدور قد شيد على تلّ الرماة؛ بحيث إن جميع الطرق إلى حافته كانت مسدودة، لكن تلطّف أحد الأهالي فأخذني إلى أعلى نقطة فوق التلّv.

([45]) محمد حسين زيدان، ذكريات العهود الثلاثة: 219.

([46]) أحد: 24، 25.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً