أحدث المقالات

من وجهة نظر الفلاسفة المسلمين

أ. حسين هاشم نجاد(*)

ترجمة: وسيم حيدر

فلسفة الفنّ ــــــ

إن فلسفة الفنّ أحد أقسام الفلسفات المضافة. وتعمل فلسفة الفنّ على بيان ماهية الفنّ والمباني النظرية والفلسفية للفنّ.

يتمّ التعبير أحياناً عن هذه المباني النظرية بالمباني الميتافيزيقية وما بعد الطبيعية للفنّ. ولا بُدَّ من الالتفات هنا إلى أن مصطلح «الميتافيزيقا» أو «ما بعد الطبيعة» في هذا الاستعمال قد أُريد منه المعنى العامّ المختلف عن «الإلهيات».

وإن أهمّ الأسئلة المطروحة في فلسفة الفنّ عبارة عن: «ما هو الفنّ؟»، و«ما هي الخصوصية الذاتية للفنّ المحفوظة والثابتة في جميع الفنون؟»، و«ما هو منشأ الفنّ؟»، و«ما هي غاية الفنّ؟»، و«ما هي مصاديق الفنّ؟»، و«ما هي آليات الفنّ بالنسبة إلى شخص الفنان والمخاطَب بالفنّ؟»، و«ما هي تطبيقات الفنّ؟»، و«هل يمكن للفنّ أن ينتج معرفة أو يعمل على تطويرها أم لا؟».

كما يمكن القول: إن فلسفة الفنّ تبحث في بيان المبادئ غير الفنية للفنّ، أو المباني النظرية والفلسفية للفنّ.

جذور مفردة الفنّ ــــــ

يرد لفظ «الفنّ» في اللغات الأوروبية بعدّة صيغ؛ فهو في اليونانية (techne)؛ وفي اللاتينية (artis) و(ars)؛ وفي الفرنسية (ar)، وفي الإنجليزية (art)؛ وفي الألمانية (kunst). وهي في جميع هذه الصيغ تعود إلى جذر هندي ـ أوروبي، وهو (ar)، بمعنى البناء والوصل والتركيب.

إن هذه الألفاظ لم تكن تستعمل في التاريخ الأوروبي المنصرم للتعبير عن فنون خاصّة بعينها، بل كان يُراد منها معنى الفضيلة أيضاً، رغم أن الاستعمال الغالب لها في الثقافة الإغريقية هو ما يُصطلح عليها بالفنون السبعة عند اليونان، والفنون الحرّة في العصور الوسطى، والتي كانت من الفنون الفكرية.

وأما أصل الفنّ في اللغة الفارسية، الوارد بلفظ (هنر)، فيعود إلى اللغة السنسكريتية، وهو يشترك في جذوره مع لفظ (sunar)، و(sunara)، والذي جاء في اللغة الأفستية والبهلوية على شكل: (hunar)، و(hunara).

وإن لفظ (su) و(hu) في الفارسية يعني الإحسان والجودة، وإن (nar) و(nara) يعني الذكر والأنثى. وعلى هذا فإن (hunar) و(hunara) يعني الإحسان الرجولي والإحسان النَّسَوي.

كما وردت في اللغة الفارسية القديمة (أربعة فنون) بمعنى الفضائل الأخلاقية، وهي: الشجاعة؛ والعدالة؛ والعفّة؛ والحكمة أيضاً([1]).

وقد شهدت كلمة الفنّ في اللغة الفارسية على طول التاريخ معاني متنوّعة، ومنها: الكمال، والفضائل، والحسنات، والصفات الحسنة، والقدرات والإمكانات، والصناعات، والحرف، والتكسُّب، والخطر والتهديد([2]).

وبغضّ النظر عن المعنى العام للفهم، والذي يحتوي ـ حتّى يومنا هذا ـ على استعمالات واسعة، فإن الفنّ بمعناه الخاص يُطلق على مصاديق خاصّة، من قبيل: الشعر والرسم والتمثيل والتصوير والخطّ والمسرح والنحت وكتابة المسرحيات وما إلى ذلك.

ماهية الفنّ ــــــ

يُعدّ مفهوم الفنّ من المفاهيم التي شهدت العشرات بل المئات من التعاريف على طول تاريخ الفكر. ولا يزال الفنّ حتى هذه اللحظة مفتقراً إلى التعريف الكامل([3]). وعليه فإن مفهوم الفنّ ـ من هذه الناحية ـ يُشبه مفاهيم من قبيل: «الدين»، و«الثقافة»، وما إليهما. من هنا يجب عدم البحث عن الجنس والفصل الحقيقي والحدّ التام عند السعي إلى بيان ماهية الفنّ، بل لا بُدَّ من الاكتفاء بتعريفٍ يكون جامعاً للأفراد ومانعاً من دخول الأغيار إلى حدٍّ ما.

وكما نعلم فإن التعاريف المنطقية تبحث عن الخصائص الذاتية للمعرَّف. من هنا فإن تعيين الخصيصة الذاتية للفنّ، والتي يجب أن توجد في جميع الآثار الفنية، يُعتبر من أهمّ أبحاث فلسفة الفنّ في الأروقة الأكاديمية.

يرى إفلاطون أن الخصيصة الذاتية في الفنّ تكمن في التقليد. وقد ورد الشرح التفصيلي لهذه النظرية في الكتاب العاشر من «جمهورية» إفلاطون. وبعبارةٍ أخرى: إن التقليد يشكّل القاعدة والأساس للفنّ، من هنا فإننا نشاهد التقليد في كلّ أثر فني وفي جميع أقسام الفنون.

فالرسّام ـ مثلاً ـ إما أن يقلّد الطبيعة حيث يرسم حصاناً، أو مشهداً طبيعياً عندما يرسم جبلاً أو غابة مثلاً، أو أن يقلّد الصناعات الإنسانية حيث يرسم سيارة أو طاولة وما إلى ذلك.

وهكذا الأمر بالنسبة إلى الناحت، فهو يصوِّر شكل إنسان أو حيوان من خلال صبّه في قوالب معدنية أو خشبية أو طينية.

وعلى هذا الأساس يذهب إفلاطون إلى الاعتقاد بأن فنّ الشعر ينطوي على نوعٍ من التقليد أيضاً؛ إذ إن شاعراً مثل: (هومر إنريش) يعمد في أشعاره إلى وصف الحروب الإغريقية، ويمجّد بطولات مشاهير قادة اليونان، ويرثي قتلاهم في قصائده التراجيدية، مع أن هومر هذا لم يكن قائداً عسكرياً أو محارباً مقداماً، وإنما كان مجرَّد مصوِّر لتلك الملاحم البطويلة التي قام بها الآخرون؛ فيكون بذلك مقلِّداً لهم.

من هنا يعتقد إفلاطون أن الفنّان يكون دائماً على مسافة من الحقيقة بخطوتين أو ثلاث خطوات؛ لأن حقائق الأشياء من وجهة نظر إفلاطون عبارة عن المُثُل أو الحقائق الأولى، التي هي ليست سوى شيءٍ واحد لا أكثر، وأما سائر الأشياء في هذا العالم فهي مجرّد استنساخات وصور عن تلك الحقائق. وعليه فإن ما يقوم به الفنّان الذي يحاكي أو يقلِّد الطبيعة أو المصنوعات البشرية هو تصوير الصور. وبذلك يكون بعيداً عن محطّة الحقيقة بمحطتين أو ثلاث محطات، وعليه يكون طول عمره منهمكاً ومشغولاً بتصوير الصور واستنساخ المستنسخ. من هنا يجب أن لا يكون في المدينة الفاضلة مكانٌ للشعر والشعراء، وللفنّ والفنانين؛ حيث يجب أن ينشغل جميع المواطنين والسكّان في المدينة الفاضلة بتجسيد الحقائق، دون تصويرها.

أما النظرية الأخرى في تعريف الفنّ فهي نظرية المذهب التعبيري، الذي أقامه الكاتب الروسي الشهير (ليو تولستوي)([4]). وفي المرحلة الراهنة قدَّم المفكِّر الشهير (غالينغورد) تقريراً جديداً عن هذه النظرية. هذا، ويعدّ (سوزان لنغر) من الشخصيات البارزة الأخرى في هذا المذهب.

وقد ورد الشرح التفصيلي والدقيق لهذه النظرية في كتاب «ما هو الفنّ؟»، للكاتب الروسي المؤسِّس لهذا المذهب (ليو تولستوي). يرى هذا المذهب أن الخصيصة الذاتية في الفنّ تكمن في نقل الإحساس الداخلي من قبل الفنان إلى المخاطَب. وبعبارةٍ أخرى: إن العمل الفني إنما يكون عملاً فنياً إذا نقل شعور الفنان إلى المخاطب، فإذا لم يتوفّر هذا الشرط في الأثر لن يمكن تسميته أثراً فنّياً. وعلى هذا الأساس فإن قاعدة الفنّ تقوم على سراية الإحسان من الفنان إلى المخاطب.

يقول تولستوي: «إن الفنّ نشاطٌ إنساني، فهو عبارةٌ عن الإنسان الذي يقوم بنقل الشعور والإحساس ـ الذي عاش تجربته بنفسه ـ إلى الآخرين عن وعيٍ، مستعيناً بالعلامات الظاهرية المحدّدة، بحيث يسري هذا الأحساس إليهم، فيعيشون بدورهم تجربة ذلك الإحساس، ويجتازون ذات المراحل الحسيّة التي اجتازها»([5]).

وممّا قاله أيضاً: «إن الفنّ لا يعني إنتاج موضوعات رائقة أو ممتعة، بل هو وسيلة للتواصل بين الناس. فهو ضروريّ وهامّ في حياة البشر؛ للوصول إلى سعادة الفرد والمجتمع الإنساني؛ لأن الناس إنما يتواصلون فيما بينهم من طريق الشعور والإحسان المشترك»([6]).

إن غياب تعريفٍ واحد ومعيار محدَّد للجمال والفنّ في المرحلة المعاصرة قد أدّى إلى ظهور نوعٍ من الهرج والمرج في تعريف الآثار الفنية.

فقد يحدث أن تكون لوحة رسم جميلة في عين ناظر، ولا تكون جميلة في عين ناظر آخر.

ونتيجة للهرج والمرج، الحاصل بسبب تضارب التعاريف الكثيرة لبيان معنى الفنّ والجمال، تبلورت في القرن العشرين مدرسة قدّمت للفنّ تعريفاً فضفاضاً وعامّاً يستوعب الكثير من الآثار التي لا يمكن أن تجد لنفسها موضعاً في التعاريف الأخرى. وتسمّى هذه المدرسة بـ (المدرسة الشكلية)([7])، حيث تأسّست على يد (بيل كليف)([8])، ثم قام بدعمها أفراد من أمثال: (فراي رونجر)([9]).

وتذهب هذه المدرسة إلى الاعتقاد بأن الخصيصة الذاتية للفنّ لا تكمن في محاكاة وتقليد الطبيعة والعالم الخارجي ـ كما تقول نظرية التقليد والمحاكاة ـ، كما أنها لا تكمن في نقل الإحساس ـ كما هو الحال بالنسبة إلى المذهب التعبيري ـ، بل إن الخصيصة الذاتية للفنّ تكمن في تقديم صورةٍ أو شكل ملفت للانتباه. وعليه فإن كل أثرٍ وصنع بشريّ يقدّم صورة أو شكلاً يلفت إليه انتباه الآخرين يكون أثراً فنياً. وعليه ليس من الضروري أن تبدو هذه الصورة جميلة لجميع الناس، أو عددٍ كبير منهم، وإنما يكفي أن تشدّ إليها انتباه شخصٍ واحد؛ لينطبق عليها تعريف الفنّ، وتكون أثراً فنياً.

تعريف الفنّ من وجهة نظر الفلاسفة المسلمين ــــــ

لم نجد في كتب الفلاسفة الإسلاميين تعريفاً للفنّ (أو معادله العام، أي الفنّ والصناعة) بمعناه المعاصر الشامل للعديد من المصاديق، بل تمّ التعرّض لتعريف مستقلّ لبعض مصاديق الفنّ، من قبيل: الشعر والموسيقى وغيرهما. فعلى سبيل المثال: قيل في تعريف الشعر بالمعنى العام: «كلّ كلام مخيّل يقتضي للنفس قبضاً وبسطاً»([10])؛ أو ما قيل في تعريف الشعر بالمعنى الخاصّ: «كل كلام موزون متساوي الأركان مقفّى»([11]).

بَيْدَ أننا بالنظر إلى مجموع ما كتبه وقاله الفلاسفة الإسلاميين يمكن أن نصوغ تعريفاً للفنّ، يكون فيه الجمال من العناصر الذاتية للفنّ؛ إذ هناك حضور لخصوصية الجمال في كلّ أثرٍ ونشاط فني، حتّى إذا غاب عنصر الجمال لم يَعُدْ بالإمكان تسمية الفنّ فنّاً. فإذا اعتبرنا لوحةَ رسم أو سجادةً ممتعة أو خطاً جميلاً أو قصيدة شعرية أثراً فنياً فإنما ذلك لما تشتمل عليه من تجلِّيات الجمال.

إن قوام الفنّ بالجمال. ورغم إمكان البحث والنقاش في تعريف الجمال وكيفيته، وما إذا كان مطلقاً أو نسبياً([12])، فلا شَكَّ في أن هناك وجوداً للجمال المطلق والجمال الذي يراه جميع الناس ـ من الذين يمتلكون فطرة سليمة ـ جميلاً. ومن ناحيةٍ أخرى هناك الكثير من أنواع الجمال النسبي أيضاً، حيث يختلف الحكم عليها باختلاف الأذواق. وخلاصة الكلام: أيّاً كان تعريفنا للجمال فإن هذا الجمال يكمن في ذات الفنّ.

وعلى هذا الأساس يمكن تعريف الفنّ بأنه «ما يقوم به الإنسان من الجمال». وإن جميع المصاديق الفعلية للفنّ التي يُطلق عليها العرف عنوان الفنّ تدخل في دائرة هذا التعريف، ولا سيَّما إذا قلنا بوجود الجمال النسبي، بالإضافة إلى الجمال المطلق والمشترك أيضاً.

ومن ناحيةٍ أخرى علينا أن لا نحدّ الجمال بالجمال المادّي المحسوس فقط، بل نعمّمه إلى الجمال المعنوي، الشامل للجمال الكامن في الشعر أو في بعض فروع الفنّ الأخرى، مثل: المسرح والسينما أيضاً. كما يندرج فنّ الخطّ في هذا التعريف بكلّ سهولةٍ، في حين أنه لا يندرج في تعريف أرسطوطاليس؛ إذ لا يمكن القول بوجود تقليد للطبيعة في الخط؛ وذلك لأن الطبيعة لا تخطّ. وهكذا الأمر في مورد الشعر أيضاً.

فلسفة الفنّ عند الفلاسفة المسلمين ــــــ

لم يصدر عن كبار فلاسفة المسلمين كتابٌ خاصّ يتناول مسائل فلسفة الفنّ بشكلٍ مستقلّ. ويعود السبب في ذلك إلى عدم تبلور فلسفة الفنّ في عصرهم على شكل علم خاصّ. وهكذا الأمر بالنسبة إلى سائر الفلسفات المضافة الأخرى أيضاً.

إلاّ أنه بالإمكان العثور على المسائل المتعلقة بفلسفة الفنّ إلى حدٍّ ما متفرّقةً في مؤلَّفات الفلاسفة من المسلمين. فالبحث في ماهية ومفهوم الجمال ومناشئه يتمّ عادة ضمن المسائل المتعلّقة بالصفات الكمالية والجمالية لله تعالى. كما أن البحث عن الشعر والجمال الأدبي ومناشئه وآثاره يتمّ تناوله في حقل الصناعات الخمس في المنطق. كما يمكن العثور على بعض المسائل المتعلّقة بفلسفة الفنّ في معرض البحث عن القوّة المتخيّلة وبحوث العشق أيضاً.

ومن هنا يبدو أن تنظيم هذه المسائل وصبّها في إطار منطقيّ منسجم مع نصوص فلسفة الفنّ المعاصر أمرٌ ضروريّ، وله الأولويّة.

مفردة الفنّ والصناعة، بدلاً من كلمة «هنر» الفارسية ــــــ

لم يستعمل الفلاسفة من المسلمين كلمة «هنر» الفارسية للدلالة على الفنّ.

ومن الجدير ذكره أن كلمة «هنر» حتّى الماضي القريب لم تكن تستعمل في معنى الفنّ الشامل لمصاديق من قبيل: الشعر والرسم وما إلى ذلك. هذا، مضافاً إلى أن أكثر النصوص الفلسفية التي كتبها الفلاسفة المسلمون قد كتبت باللغة العربية.

إنما عمد الفلاسفة المسلمون إلى استعمال كلمة «الفنّ»، وكلمة «الصناعة»، بدلاً من كلمة «هنر» الفارسية.

بَيْدَ أن هاتين الكلمتين لم تستعملا في المعنى الذي تنطوي عليه كلمة «هنر» فقط، وإنما قد استعملتا في معنى أعمّ وأوسع منها؛ بحيث إن معنى كلمة «هنر» يعتبر مصداقاً من مصاديقهما.

تعريف الجمال من قبل الفلاسفة المسلمين ــــــ

لقد تمّ التأكيد في تعريف الفنّ المستنبط من النصوص الفلسفية ـ التي كتبها الفلاسفة المسلمون ـ على عنصر الجمال.

من هنا لا بُدَّ أوّلاً من الخوض في تعريف الجمال.

وقد عمد أبو نصر الفارابي إلى تعريف الجمال، في كتابه «آراء أهل المدينة الفاضلة»، قائلاً: «الجمال والبهاء والزينة في كلّ موجودٍ هو أن يوجد وجوده الأفضل، ويحصل له كماله الأخير»([13]).

لا يخلو فهم مراد الفارابي من التعقيد. وعليه من الأفضل أن نعمل على شرحه وبيانه في إطار بعض الأمثلة، فنقول: إن الوجود الأفضل لشجرة الرمان يكمن في أن تعطي أفضل أنواع الرمان وألذّها طعماً، وليس في أن يكون طولها باسقاً، كما هو الحال بالنسبة إلى النخيل. وإن الوجود الأفضل للنعجة أن تدرّ مقداراً كبيراً ونوعية أفضل من اللبن، وأن نحصل منها على الصوف واللحم، لا بأن تكون جميلةً مثل: الغزالة، أو أن يكون صوتها عذباً مثل: صوت طائر الكناري. وهكذا الإنسان فإن وجوده الأفضل يكمن في أن يتمتّع بأكثر وجوه الشبه بالله تعالى، وأن يكون مظهراً لأسماء الله وصفاته الجلالية والكمالية، أما أن يمتلك الإنسان حاسّة بصر أو سمع حادّة، كما هو الشأن في بعض الحيوانات، فلا يُعَدّ كمالاً له. وهكذا الحال بالنسبة إلى سائر الكائنات، فالجمال الأفضل لكلّ كائنٍ يكمن في ما يتناسب مع وجوده والهَدَف الذي خُلق من أجله. إن هذا التعريف للجمال يشبه التعريف الذي أفاده سقراط وإفلاطون للجمال، حيث يقال بأن الجمال يكمن في أمور من قبيل: الفائدة والنفع والخير والصلاح.

وقد ذهب ابن سينا، في رسالةٍ له بعنوان: «ماهية العشق»، إلى اعتبار ثلاثة أمور بوصفها مقوِّمة للجمال، وهي:

1ـ الاشتمال على النَّظْم.

2ـ الاشتمال على التناغم.

3ـ الاشتمال على الاعتدال.

والنتيجة الحاصلة من هذه الأمور الثلاثة هو اشتمال المتّصف بها على جماله المناسب له.

إن تعريف الجمال بالتناسب والتناغم كان على الدوام عرضةً للنقد والنقاش، ومن ذلك القول: إن هذا التعريف إنما يقتصر على مجرد الجمال المادّي والمحسوس، ولا يشمل الجمال المعنوي والمعقول؛ لأن الوجودات البسيطة، مثل: وجود الباري تعالى، لا تشتمل على أجزاء حتّى يقوم بينها تناسب وتناغم يضفي عليها الجمال.

وقد قيل في مقام الدفاع عن التعريف السابق: حتّى في الوجودات البسيطة هناك نوعٌ من التناغم والتناسب. فعلى سبيل المثال: هناك تناسب وتناسق بين مختلف صفات الله تعالى. فهناك تناغم وتناسب بين رحمة الله ورأفته من جهةٍ، وبين قهّاريته وجبّاريته من جهة ثانية.

لقد تمّ اعتبار الحُسْن والجمال في نصوص الفلاسفة المسلمين مساوقاً للخير والصلاح الوجودي.

وقد عرَّف ابن سينا الجمال، ولا سيَّما جمال الله، في الإلهيات من الشفاء، قائلاً: «ولا يمكن أن يكون جمال أو بهاء فوق أن تكون الماهية عقلية محضة… فالواجب الوجود له الجمال والبهاء المحض، وهو مبدأ جمال كلّ شيء، وبهاء كلّ شيء. وبهاؤه هو أن يكون على ما يجب له»([14]).

فعلى سبيل المثال: يعتبر الاتصاف بالقدرة واللطف والكرم والجود ضرورياً بالنسبة إلى الله تعالى. وعليه إذا لم يكن الله قديراً ولطيفاً وكريماً وجواداً لما كان في الحقيقة جميلاً.

منشأ الجمال من وجهة نظر الفلاسفة المسلمين ــــــ

يذهب فلاسفة المسلمين إلى اعتبار منشأ جميع أنواع الجمال هو الجمال المطلق، الذي هو الله تعالى، حيث يرَوْن أن جميع أنواع الجمال الموجودة في هذا العالم إنْ هي إلاّ ظلالٌ وانعكاسات لجمال الحقّ تعالى.

قال ابن سينا في الإلهيات من كتاب الشفاء: «واجب الوجود له الجمال والبهاء المحض، وهو مبدأ جمال كلّ شيء، وبهاء كلّ شيء»([15]).

وقال صدر المتألِّهين الشيرازي في كتاب الأسفار: «كلّ جمال وكمال رشحة وشعاع من جمال وكمال الله تعالى»([16]).

وقال في موضعٍ آخر: «هو مبدأ كلّ خير وكمال، ومنشأ كلّ حُسْن وجمال»([17]).

يرى صدر المتألِّهين في الجزء الثاني من الأسفار أن كلّ جمال في هذا العالم إنما هو ظلٌّ أو شعاع عن جمال الموجود في العوالم العليا والأخرى، والتي هي في تلك العوالم تخلو من أيّ نوع من أنواع النقص والشوائب والتغيُّر، أما في هذا العالم فهي مشوبة بالنقص والمادة والتغيُّر.

«إن كل قوّة وكمال وهيئة وجمال توجد في هذا العالم الأدنى فإنها ـ بالحقيقة ـ ظلالٌ وتمثالات لما في العالم الأعلى، إنما تنزَّلت [وتكثرت]([18]) وتجرَّمت بعدما كانت نقيّة صافية، مقدّسة عن النقص والشين، مجرَّدة عن الكدورة والرَّيْن»([19]).

العلاقة بين اللذّة والجمال من وجهة نظر فلاسفة الإسلام ــــــ

يرى فلاسفة الإسلام أنه حيث يتمّ إدراك الجمال تتحقق اللذّة. وبعبارةٍ أخرى: إن اللذة ـ أو في الحدّ الأدنى قسمٌ من اللذّة ـ إنما هي نتيجة لإدراك الجمال، وكلما كان الجمال أشدّ، وكان إدراكه أقوى، كانت اللذّة شديدة وعارمة بنفس المقدار.

ومن هنا، حيث إن الله جمال مطلق، ويدرك ذاته على نحوٍ أتمّ وأكمل، فهو يمتلك أكبر أنواع الابتهاج والسرور.

«الحق تعالى أجلّ مبتهج بذاته؛ لأنه مدرك لذاته على ما هو عليه من الجمال والبهاء، وهو مبدأ كلّ جمال وزينة وبهاء»([20]).

وكما تقدَّم كلّما كان مقدار إدراك وشهود الجمال أقوى كان مقدار اللذة أشدّ وأقوى. من هنا عندما نشاهد منظراً طبيعياً عن قرب تكون اللذة التي نحصل عليها أقوى؛ فكلّما كان الإدراك شديداً كانت اللذّة بنفس المقدار أتمّ وأكمل. إن لذّة النظر إلى الجميل من قربٍ، ومن زاوية أكثر إضاءة، أكبر من لذّة النظر إلى الجميل من مكانٍ أبعد؛ لأن إدراك الشيء من مكانٍ قريب أشدّ من إدراكه من مكانٍ بعيد([21]).

وبالإضافة إلى أن عنصر الجمال في الفنّ يؤدي إلى حصول اللذة، فإن المحاكاة تؤدّي إلى حصول اللذة أيضاً. قال الخواجة نصير الدين الطوسي في كتابه «أساس الاقتباس»: «إن المحاكاة ممتعةٌ ولذيذة، من حيث توهّم القدرة على خلق شيء، وغريبة من حيث التخيُّل، ومن هنا يطيب ويلذّ للإنسان حتّى محاكاة الصور المستكرهة»([22])؛ لأن محاكاة الصور غير الجميلة ممتعةٌ أيضاً. وإن هذه المتعة واللذة غير تلك اللذة الحاصلة من الجمال. وهذا يحتاج إلى بحثٍ مستقلّ.

دور المحاكاة في الفنّ من وجهة نظر فلاسفة الإسلام ــــــ

إن المحاكاة ـ طبقاً لآراء الفلاسفة المسلمين ـ من مقوِّمات بعض أو جميع الفنون. وفي فنّ الشعر يعتبر دور المحاكاة أساسياً. ولربما أمكن لشاعرٍ ـ من خلال شعره ـ أن يجسِّد الواقع ويعيد رسمه وصياغته في ذهن المخاطَب. وفي الحقيقة هو يعبِّر عن الموضوع المنشود له، ويقوم بتجسيده في خيال السامع ووجدانه. إن التشبيه والتمثيل اللذين يلعبان دوراً رئيساً في الشعر هما نوعان من المحاكاة.

فعلى سبيل المثال: عندما يقول السيد رضا الهندي في قصيدته الكوثرية الشهيرة:

والخالُ بخَدِّكَ أم مسكٌ *** نقَّطْتَ به الورد الأحمر

عجباً من جمرته تذكو *** وبها لا يحترق العنبر

إنما يحكي عن خدٍّ أحمر عليه خالٌ، وعن مسك يوضع على جمر، ثم يعقد مقارنة بين الصورتين، ويعمل على تجسيد ما يجول في خاطره من خلال هذه المقارنة.

ولا بُدَّ من الالتفات إلى وجود ثلاثة عناصر في كلّ محاكاة، وهي:

1ـ الحاكي.

2ـ المحكي.

3ـ الحكاية.

وفي الأبيات الشعرية المتقدّمة يُمثّل الخدّ والخال دور الحاكي، والجمر والمسك دور المحكي، وتجسيد الخال والخدّ الأحمر في ذهن المخاطب من خلال تشبيههما بالمسك عندما يوضع على الجمر يمثِّل جوهر الحكاية.

وهكذا الأمر بالنسبة إلى أكثر أشعار الحماسة التي تحكي عن بطولات الشُّجْعان والفرسان في الوغى، أو أشعار وقصائد رثاء سيِّد الشهداء؛ إذ تمثِّل نوعاً من تجسيد الواقع في ذهن المخاطب.

تعريف المحاكاة من وجهة نظر فلاسفة الإسلام ــــــ

إن للمحاكاة في رؤية فلاسفة الإسلام معنى خاصّاً لا يتطابق بشكلٍ كامل مع المعنى الذي يريده إفلاطون وأرسطوطاليس. فالمحاكاة من وجهة نظر فلاسفة اليونان مرادفة ومساوية للتقليد([23])؛ أما المحاكاة عند فلاسفة المسلمين فهي في الغالب تعني الحكاية. كما اعتبروا التعليم والتعلُّم قسماً من أقسام المحاكاة؛ إذ يقول ابن سينا: «…والتي بالمحاكاة فكالعلم والمعلوم والحسّ والمحسوس، فإن بينهما محاكاة؛ فإن العلم يحاكي هيئة المعلوم»([24])، بمعنى أن العلم الحصولي يعني انطباع وحصول الصور الذهنية للأشياء في الذهن، وإن هذه الصور تحكي عن المصاديق العينية، وعليه فإن الصور الذهنية حاكية، وإن المصاديق الواقعية محكية، وإن تجسيد تلك الصور من خلال تلك المصاديق هي الحكاية. وعليه فإن مفهوم المحاكاة عند فلاسفة الإسلام أعمّ جدّاً من مفهومها عند إفلاطون وأرسطوطاليس.

بعد هذه المقدمة ندخل في تعريف المحاكاة من وجهة نظر فلاسفة الإسلام.

فقد عرّف الخواجة نصير الطوسي المحاكاة بقوله: «المحاكاة إيجاد مثل الشيء، بشرط أن لا يكون هو هو»([25])، بمعنى أن المحاكاة تعني إيجاد وخلق شبيه ونظير الظاهرة أو الشيء، بشرط أن لا يكون هذا الشيء الذي تمّ إيجاده هو ذلك الشيء نفسه الذي جعلناه نموذجاً ومورداً للتشبيه. فإن الصورة الذهنية للنار ـ على سبيل المثال ـ محاكاةٌ لوجودها العيني والحقيقي، إلاّ أنها ليست عينها، وإلاّ لاحترق الذِّهْن؛ أو التمثال الذي يُنحت إنما هو محاكاة للوجود الحقيقي للشيء الذي جسَّدناه من خلال ذلك التمثال.

أقسام المحاكاة ــــــ

لقد تمّ تقسيم المحاكاة من عدّة جهاتٍ. وفي إحدى هذه الجهات تمّ تقسيم المحاكاة، من حيث المنشأ والسبب، إلى ثلاثة أقسام:

1ـ المحاكاة الطبعية: وفي هذا النوع من المحاكاة يكون المنشأ هو طبع الكائن الشاعر، من قبيل: سلوك الببغاء؛ إذ يقلِّد أصوات الآخرين.

2ـ المحاكاة طبقاً للعادة: من قبيل: تقليد الطالب لحركات وسكنات أستاذه الذي يحبّه، أو تقليد بعض اليافعين لبعض نجوم الفنّ والرياضة.

3ـ المحاكاة طبقاً للإبداع الفني: من قبيل: المحاكاة الموجودة في الشعر والرسم.

وقد أشار المحقِّق الطوسي في كتابه «أساس الاقتباس» إلى هذه الأقسام الثلاثة؛ إذ يقول: «إن سبب المحاكاة إما هو الطبع، كما هو الحال بالنسبة إلى بعض العجماوات التي تحاكي الأصوات، كالذي نراه عند الببغاء…؛ أو العادة، كالذي نشاهده عند بعض الناس حينما يقدرون على المحاكاة؛ أو صناعة، من قبيل: التصوير والشعر وغيرهما»([26]).

كما تنقسم المحاكاة إلى: محاكاة قولية؛ ومحاكاة فعلية.

والمحاكاة القولية من قبيل: ما يمارسه الممثِّلون في المسرح مثلاً من التمرين على محاكاة وتقليد صوت ونبرة بعض الأشخاص؛ لتجسيد شخصياتهم. والمحاكاة الفعلية من قبيل: طيف واسع من الفنون، ومنها: إنتاج الأفلام وما إلى ذلك. قال المحقق الطوسي في هذا الشأن: «إن المحاكاة إنما تكون بالقول أو بالفعل»([27]).

المحاكاة في الشعر ــــــ

قيل: إن المحاكاة تمثّل الركن المقوِّم للشعر، الذي هو الكلام المتخيَّل والموزون والمقفّى.

وفي ما يلي نبحث في السؤال القائل: كيف تلعب المحاكاة الدور الرئيس والجوهري في الشعر؟

هناك ثلاثة أقسام من المحاكاة في الشعر، وهي:

1ـ المحاكاة بواسطة الكلام المثير للخيال: أي إن الألفاظ والكلمات الرقيقة بشأن الخيال تحكي عن الأمور والمشاهد الممتعة، أو التي تحدث تأثيرات أخرى في نفس السامع، من قبيل: قول الشاعر:

ولقد ذكرتُك والرماحُ نواهلٌ *** منّي وبيض الهند تقطر من دمي

فوددتُ تقبيل السيوف لأنّها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسّم

والمحاكاة هنا لا تعني التقليد، بل تعني التعبير والحكاية عن الواقع. فالشاعر من خلال توظيف الكلمات المؤثِّرة يخلق في ذهن السامع والمخاطب مشاهد في غاية الإمتاع والروعة.

إن التشبيه والاستعارة من أنواع المحاكات الكلامية، التي تكون تارةً بسيطة، من قبيل: تشبيه وجه المحبوب وجماله بالبدر في ليلة تمامه؛ وتارةً يكون معقدّاً، من قبيل: تشبيه الألحاظ عندما تكون طويلة، بحيث تتقاطع مع الحواجب المقوَّسة، بالسهام والأقواس.

2ـ المحاكاة بواسطة الوزن الشعري: بمعنى أن للأشعار أوزاناً مختلفة، فمنها ما يدعو السامع إلى الابتهاج والسرور؛ ومنها ما يدعوه إلى الحزن والبكاء؛ ومنها ما يطربه ويدفعه نحو الرقص؛ ومنها ما يمنحه الوقار.

قال المحقق الطوسي في هذا الشأن: «…بالوزن الذي يحاكي الأحوال، وبذلك يقتضي بعض الانفعالات في النفوس؛ أو الوزن الذي يؤدّي إلى الطيش؛ والوزن الذي يستوجب الوقار»([28]).

3ـ المحاكاة من طريق الألحان والأنغام: إذا اقترن الشعر بالأنغام والموسيقى والغناء ستكون له حكايةٌ أخرى أيضاً، بمعنى أنه سيثير في ذهن وخيال السامع مشاهد وأموراً خاصّة.

قال المحقق الطوسي: «…باللحن والنغم؛ لأن كلّ نغمةٍ تحاكي حالاً، من قبيل: النغمة الخشنة التي تحاكي الغضب، والنغمة الحزينة التي تحاكي الحزن و…»([29]).

المحاكاة في سائر الفنون ــــــ

لو أخذنا المعنى المنشود لفلاسفة الإسلام من المحاكاة فسوف لا نجد فنّاً عارياً عن المحاكاة. إن إدراك حضور المحاكاة ووجودها في بعض الفنون واضحٌ ولاحب. وأما في بعض الفنون الأخرى فإن العثور على المحاكاة المعمولة فيها بحاجةٍ إلى تأمُّل. إن وجود المحاكاة في الرسم والنحت والمسرح والأفلام وكتابة الروايات وما إلى ذلك واضح بداهة، إلاّ أن العثور على المحاكاة مورد البحث في فنون من قبيل: الخطّ والموسيقى وما إليهما فيحتاج إلى إمعان نظر وتأمُّل.

المعنى المتعالي للمحاكاة عند الحكماء في الإسلام ــــــ

في ما يتعلّق بمنشأ الموسيقى والأنغام العذبة والجميلة من وجهة نظر الحكماء المسلمين كان هناك رأيان سائدان، كما هو الحال بالنسبة إلى سائر مصاديق الفنّ إلى حدٍّ ما، وبطبيعة الحال مع شيءٍ من الاختلاف والتمايز.

الرأي الأوّل ــــــ

إن الرأي الأول بشأن المنشأ والمصدر الأول للموسيقى والألحان والأصوات الجميلة والأنغام البديعة هو الرأي القائل بأن لحركة الأجرام السماوية والكواكب السيارة نظاماً دقيقاً، وحساباً مدروساً، حيث تتبع تناغماً وانسجاماً خاصّاً. ومن هذه الحركات الموزونة تصدر أصوات جميلة في غاية العذوبة والإطراب، ولا يسمعها إلاّ الأفذاذ من الناس، الذين يتمتّعون بروحٍ لطيفة منزّهة عن الرذائل والشوائب.

وقيل: إن الشخص الأوّل الذي سمع هذه الألحان السماوية هو (هرميس)، وأبدع من خلالها علم فنّ الموسيقى. تلاه بعد ذلك (فيثاغورس)، ليعمل على تكميل وتدوين علم الموسيقى.

إن هذه الألحان والأنغام السماوية الجميلة تعرف بالموسيقى السماوية. وقد كان للحكماء من إخوان الصفاء مثل هذه الرؤية([30]).

الرأي الثاني ــــــ

وهناك من العرفاء والحكماء مَنْ يعتقد بأن هذه الألحان والنغمات الموسيقية الجميلة إنما هي من ذكرى تلك الأيام التي سمع فيها الناس تلك الأصوات عندما كانوا في الجنّة مع سيدنا آدم، حيث كانوا هناك يستمعون إلى تلك الأصوات الجميلة. وبعد أن هبطوا إلى الأرض يتذكَّرون أحياناً بعض تلك الأصوات والألحان الجميلة؛ بفعل امتلاكهم للأرواح الشفّافة؛ وبفعل التزكية والتنزيه، ويكون هذا التذكار منشأً ومصدراً للموسيقى الجميلة.

وبطبيعة الحال يوجد مثل هذا الرأي بشأن معرفة الله الفطرية أيضاً، على ما قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ (الأعراف: 172).

وعليه يمكن تعميم هذه المعرفة الفطرية بالله، وجعلها شاملةً لمعرفة الألحان والنغمات الجميلة أيضاً. وهذا هو منشأ الألحان الجميلة والموسيقى العذبة والمؤثِّرة.

يمكن تسمية هذا النوع من المحاكاة للسماوات والملكوت والجنة بالمحاكاة المتسامية، وهي تختلف عن المحاكاة المتعارفة بشكلٍ كبير. وسوف ندرك لاحقاً أن هذه الرؤية لا تختصّ بالموسيقى والألحان العذبة فقط، بل إنها تشمل في الحدّ الأدنى بعض المصاديق الأخرى من الفنون أيضاً.

دور الخيال في الفنّ من وجهة نظر الحكماء المسلمين ــــــ

يرى الحكماء المسلمون أن المقوِّم الآخر للأثر الفنّي ـ الأعمّ من الشعر وغيره ـ هو عنصر الخيال. كما عرَّفوا الشعر بأنه «كلام متخيَّل»، أي الكلام الخيالي والمثير للخيال، بل اعتبروا الخيال نوعاً من المحاكاة الطبيعية. يقول المحقق الطوسي: «والخيال في حقيقته محاكاة النفس لأعيان المحسوسات، ولكنْ محاكاة طبيعية»([31]).

لتوضيح الخيال يجب القول بأن الفلاسفة المسلمين قالوا بوجود أربع قوى إدراكية للإنسان، وهي:

1ـ القوّة الحسيّة.

2ـ القوّة الخيالية.

3ـ القوّة الوَهْمية.

4ـ القوّة العقلية.

وإن لكلّ واحدةٍ من هذه القوى الإدراكية خصوصية خاصّة، وقد تمّ بيانها في الكتب الفلسفية بالتفصيل.

وفي ما يتعلق بقوّة الخيال وتعريف الإدراك الخيالي لا يوجد اتّفاقٌ في الرأي؛ وهناك مَنْ يرى أنها نصف مجرّدة ونصف مادية، مثل: الشيخ الرئيس ابن سينا؛ وهناك مَنْ يرى أنها مجرَّدة بالمطلق، مثل: صدر المتألِّهين.

يقول الشيخ الرئيس ابن سينا ما معناه: «قد يكون الشخص غائباً، فإذا تخيَّلناه كان له مقدارٌ محدود، وألوان خاصّة، ووضع مخصوص، وهذه المعاني كلّها من لواحق المادة. من هنا فإن الصورة الخيالية وإنْ كانت مجرَّدة من المادة، إلاّ أنها ليست مجرّدة من لواحق المادة».

يرى شيخ الإشراق أن الصور الخيالية ليست مخلوقةً من قبل الذهن، بل إن لها وجوداً متحيِّزاً، كالمحسوسات. وعليه فإن الإدراك الخيالي يعني مشاهدة هذه الصور في عالمها الخاصّ، وهو العالم الذي تتحقّق فيه الصور الخيالية. إن هذا العالم ليس مادّياً، بل هو عالم يعرف بعالم الخيال المنفصل، أو عالم المُثُل([32]). وبالتالي يذهب صدر المتألِّهين الشيرازي إلى القول بأن كلاًّ من الصور الحسيّة والصور الخيالية مجرّدة.

الأمر الآخر أن الصور الخيالية تنطبع أحياناً في الذهن بعد قطع الارتباط الحسي والبصري مع ذهن الإنسان؛ وأحياناً يتم اختلاق الصور الذهنية من قبل الذهن بعد تركيب عدد من الصور الخيالية بالمعنى الأول، من قبيل: تصوُّر الذهن لجبلٍ من ذهب، أو بحر من الإبريز المذاب، وهكذا.

بعد ذكر هذه المقدّمة يجب القول: إن عنصر الخيال يلعب دوراً أساسياً في الآثار الفنية، وإن هذا العنصر يُضفي طابعاً خاصاً على الآثار الفنية، ومنها: أن الحكماء المسلمين يرَوْن أن الأفعال والأقوال المنبثقة عن الخيال مقرونة بالتخيُّل، وأنها تحثّ الناس على العمل والجهاد والحركة أكثر من البراهين والأدلة العقلية.

قال المحقق الطوسي: «إن نفوس أكثر الناس أطوع إلى التخيّل منها إلى التصديق. وهناك الكثير من الذين ينفرون من الكلام الذي يقتضي التصديق لوحده؛ والسبب في ذلك أن تعجُّب النفس (وانبهارها العذب) بالمحاكاة أكثر من انبهارها بالصدق؛ وذلك لما تنطوي عليه المحاكاة من اللذّة»([33]).

وعلى الرغم من أن تأثير الخيال في نفوس عامّة الناس أكثر من تأثير البراهين والأدلة العقلية، إلاّ أن أكثر حكماء المسلمين يرَوْن الإدراك الخيالي أضعف وأقلّ قيمة من الإدراك العقلي والاستدلالي، فإن قيمة القياس الشعري والخيال ـ من وجهة نظر الحكماء المسلمين ـ أقلّ بكثير من قيمة اليقينيات والقياس البرهاني. وهنا يوجد فهمٌ متعال للخيال وقوّة الخيال، لا تكون فيها قيمة الخيال والتخيُّل أقلّ من التعقُّل، بل هي أكثر قيمةً منه.

الفهم المتعالي للخيال والتخيُّل ــــــ

خلافاً للفهم السائد، فإن قوّة الخيال ـ من وجهة نظر ابن عربي العارف الشهير على مستوى العالم الإسلامي ـ تحضر في الذهن أشياء لا وجود لها في العالم المادّي. إن هذا الحضور ليس أمراً وَهْمياً، وبعبارةٍ أخرى: إن الذهن لا يرى أشياء لا وجود لها في أيّ موضعٍ أو مرتبة من عالم الوجود. وفي الحقيقة فإنّ التخيّل يعني إدراك ومشاهدة أمور موجودة في عالم أسمى وأعلى من العالم المادّي والمحسوس. وهذه المرتبة من الوجود تسمى بـ «عالم المثال» أو «المَلَكوت».

توضيح ذلك: إن العرفاء يرَوْن أن سلسة مراتب الوجود على خمس مراتب، وتسمّى كلّ مرتبة من هذه المراتب ـ طبقاً لمصطلحٍ خاص وضعه ابن عربي ـ بـ «الحضرة»، ويسمّون هذه المراتب الخمسة بـ «الحضرات الإلهية الخمسة»([34])؛ لأن كل مرتبة ليست سوى ظهور وتجلّي الحقّ تعالى. وإن العرفاء لا يرَوْن مصداقاً للوجود المطلق للباري تعالى. من هنا فإن البعض لا يتحدَّث عن مراتب للوجود أصلاً، وإنما يقتصر على استعمال مصطلح الحضرات([35]). وإن هذه المراتب أو الحضرات هي:

1ـ عالم الفلك، أو العالم المادّي والجسماني.

2ـ عالم المَلَكوت، أو عالم البَرْزَخ، أو المثال (عالم الخيال).

3ـ عالم الجَبَروت، أو الملائكة المقرّبون.

4ـ عالم اللاهوت، أو عالم الأسماء والصفات الإلهية.

5ـ عالم الماهوت، أو غيب الغيوب وذات الباري تعالى.

ومن هذه المراتب والعوالم تعتبر مرتبة الجبروت وما فوقها خالية ومجرَّدة من جميع أنواع الأشكال والصور والمظاهر الصورية، في حين أن للملكوت أو عالم الخيال والمثال صورة، فهو ليس له مادة. واعتبر له الحكماء ـ الذين جاؤوا بعده ـ مادة وجسماً لطيفاً غير مادّة العالم المحسوس، ولذلك يصطلح على هذا العالم بعالم الصور المعلَّقة، بمعنى العالم الذي لم تتركب صورته بمادّة المواد (الهيولا بالمعنى الإنشائي)([36]).

وعليه فإن عالم المثال، بلحاظ المعنى المشّائي، فاقد للمادّة أو الهيولا؛ وأما بلحاظ المعنى الإشراقي والعرفاني تكون للمادّة في حدّ ذاتها مادّة وجسم لطيف هو في حدّ ذاته جسم الانبعاث، وإن جميع الأشكال والصور البرزخية الأعمّ من صور الفردوس والجحيم متعلّقة بهذا العالم، ولها جسم لطيف.

إن لهذا العالم حركة ومكان وزمان خاصّ به، وله أجسام وألوان وأشكال واقعية تختلف عن أجسام هذا العالم.

إن هذا العالم (عالم المثال أو الخيال) مرتبة صورية من الجنة، ومأوى لأصل الصور والأشكال والألوان والروائح الزكية في هذا العالم المادي. وهذا هو الذي يضفي لذّة وبهجة على الحياة الإنسانية في هذا العالم؛ لأن الذي يدعو إلى اللذّة والبهجة والسعادة والسرور ـ حتّى في عالم المحسوسات ـ إنما هو تذكارٌ لتجربة اللذائذ والأفراح في الجنّة الراسخة ذكراها والمتجذِّرة في أعماق روح الإنسان إلى الأبد، ولا يمكن لحبّها أن يخرج من صميم وقلب الإنسان([37]).

إن الفنّ القُدْسي في الواقع يمثِّل مظهراً لهذا الفضاء المَلَكوتي، وإن أشكاله وألوانه مظهر لأشكال هذا العالم المثالي والخيالي.

وإن آثار الفنّ القُدْسي لم تنشأ عن مجرّد وَهْم الفنان، بل هي نتيجةٌ لرؤية وشهود حقيقة عينية، لا يمكن أن تحصل إلاّ من خلال الشعور والوعي الخاص الكامن في وجود الفنان.

الفلسفة المتعالية للفنّ من وجهة نظر صدر المتألِّهين ــــــ

يعتبر الفكر المشكّك من أهمّ الآراء والقواعد الفلسفية لصدر المتألِّهين.

يرى صدر المتألِّهين أن كلّ واحد من أفراد البشر هو خليفة الله في حدود قدرته وسعته وظرفيته؛ فإن خلافة الإنسان لله ليست حِكْراً على الأنبياء والأولياء. نعم، لا شَكَّ ـ بطبيعة الحال ـ في أن تلك الوجودات الطاهرة والمنتجبة تمثِّل النموذج الأتمّ والأكمل لخلافة الحقّ تعالى. وعليه فإن خلافة الله مفهوم مشكّك، يتجلّى مثاله الأعلى والأسمى والأتمّ والأكمل في الأنبياء والأولياء، كما تتحقّق مراتبه الدنيا والسفلى في سائر الناس العاديين.

يذهب صدر المتألِّهين إلى الاعتقاد بأن الفنّان والحِرَفي يمثِّلان مظهر اسم وصفة الخالقية، وما يتصف به الله من كونه أحسن الخالقين. وبذلك يكون الفنّان والحِرَفي خليفتين لله من هذه الناحية. وطبقاً لهذه الرؤية يكون ما يُبدعه الفنّان من الجمال منبثقاً عن روحٍ إلهية، وإن الفنّان قد ورث بشكلٍ فطري بعض صفات الله تعالى.

قال صدر المتألِّهين في كتاب أسرار الآيات: «وكذلك كلّ واحدٍ من أفراد البشر ـ ناقصاً كان أو كاملاً ـ له نصيبٌ من الخلافة بقدر حصّة إنسانيته؛ لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ﴾ (فاطر: 39)، وهو يُشير إلى أن كلّ واحد من أفاضل البشر وأراذلهم خليفةٌ من خلفائه في أرض الدنيا، فالأفاضل مظاهر جمال صفاته تعالى في مرآة أخلاقهم الربانية. وهو سبحانه تجلّى بذاته وجميع صفاته لمرآة قلوب الكاملين منهم، المتخلِّقين بأخلاق الله؛ ليكون مرآة قلوبهم مظهراً لجلال ذاته، وجمال صفاته»([38]).

كلمة الختام ــــــ

عندما ندقِّق في كلمات الفلاسفة والعرفاء المسلمين بشأن الفنّ ومصاديقه المتنوّعة، من قبيل: الشعر والموسيقى، سوف نلاحظ سعةً هائلة وعمقاً مذهلاً لا نجده في كلمات إفلاطون وأرسطوطاليس. فعلى سبيل المثال: تعتبر المحاكاة من وجهة نظر إفلاطون مجرّد تقليد للطبيعة، أو أصحاب الصناعات والحِرَف، من أمثال: النجّارين والحدادين، ومن هنا فإنه يرى الفنّان مجرَّد مقلِّد لا يستحقّ أن يكون واحداً من أعضاء وأفراد المدينة الفاضلة([39]).

إلاّ أن هذه المحاكاة تكتسب في تفكير الحكماء المسلمين معاني متعالية، بحيث ترقى أحياناً إلى مستوى التعبير والحكاية عن عالم المَلَكوت؛ وتعبّر أحياناً عن الجنّة، طبقاً لنظرية تذكار المعرفة الشهودية في عالم الذرّ.

وهكذا يمكن ـ على سبيل المثال ـ مقارنة الرأي المتقدِّم لصدر المتألِّهين برؤية إفلاطون وأرسطوطاليس.

لا شَكَّ في أن مثل هذه الكلمات المتعالية جديدةٌ وبديعة. وعليه فإن الذين يذهبون إلى الاعتقاد بأن ما قام به حكماء الإسلام لا يَعْدو أن يكون تكراراً واجتراراً لما قاله فلاسفة الإغريق إما أن يكون اعتقادهم ناشئاً من عدم التحقيق الكافي؛ أو ناشئاً عن الغرض وسوء النيّة.

الهوامش

(*) باحثٌ في الفكر الإسلامي.

([1]) بتلخيصٍ وتصرّف يسير عن الراحل الأستاذ محمد مدد پور، حكمت وفلسفه هنر إسلامي (مصدر فارسي): 149.

([2]) لقد استعملت مفردة الفنّ في كتاب (تاريخ البيهقي) والنصوص الأدبية الأخرى بمعنى الخطر والتهديد، من قبيل: ما نجده في النصّين الآتيين: (نبايد خطايي أفتد وهنر بزرگ إين است، كه إين جيحون در ميان است)، و(آب أز فراز رودخانه آهنك بالا دارد… وهنر بزرگ آن است، كه بل را بادگانها بكند).

([3]) آن شيبرد، مباني فلسفه هنر: 9، ترجمه إلى الفارسية: علي رامين.

([4]) المذهب التعبيري (expressionism): مذهب في الفنّ يستهدف التعبير عن المشاعر أو العواطف أو الحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء أو الأحداث في نفس الفنّان.

ولمزيدٍ من التعرّف على المذهب التعبيري انظر:

أـ ليو تولستوي، ما هو الفنّ؟ (هنر چيست؟)، الترجمة الفارسية، الفصلين الخامس والسادس.

ب ـ وستكاوت هورنر، آشنائي با فلسفه هنر: 35 ـ 56، ترجمه إلى الفارسية: شهاب الدين قندهاري.

– Carrol Noel, Philosophy of art, p. 58 – 105.

– Collingwood, Principles of art.

– Langer, Susanne, Fleeng and From.

([5]) ليو تولستوي، المصدر السابق: 55.

([6]) المصدر السابق: 57.

([7]) الشكلية (formalism): التمسّك الشديد بالأشكال الخارجية في الدين والأدب والفنّ وما إليها.

وللمزيد من الاطلاع على المدرسة الشكلية انظر:

أـ فيستكاوت هورنر، آشنائي با فلسفه هنر: 48 ـ 58.

ب ـ بي. هلي وبردسلي، تاريخ ومسائل زيبائي: 279، ترجمه إلى الفارسية: محسن فاطمي.

– Carrol, Noel, Philosophy of art, p. 108 – 152.

– Bell, Clive, Art 1914.

– Fry, Ronger, Vision And Design, New York, 1956.

([8]) Clive Bell.

([9]) Roger, Fry.

([10]) العلامة الحلي، الجوهر النضيد: 438، انتشارات بيدار فر، قم، 2001.

([11]) المصدر السابق: 438.

([12]) هناك الكثير من الكتب المؤلفة في اللغتين الفارسية والإنجليزية في موضوع معرفة الجمال.

انظر على سبيل المثال:

أـ بندتو كروتشه، كليات زيباشناسي، ترجمه إلى الفارسية: فؤاد روحاني.

ب ـ أريك نيوتن، معنى زيبائي، ترجمه إلى الفارسية: برويز مرزبان.

([13]) أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة: 52، دار الشروق، ط6، بيروت، 1991م.

([14]) ابن سينا، الإلهيات من الشفاء: 368، المقال الثامن من الفصل السابع.

([15]) المصدر السابق: 368.

([16]) صدر المتألهين الشيرازي، الأسفار الأربعة 1: 115.

([17]) المصدر نفسه.

([18]) هكذا وردت الكلمة في النص الفارسي، وفي النص العربي في النسخة المتوفّرة بين يديّ: (تكدَّرت). ويبدو أن ما في النصّ العربي بالنظر إلى التتمّة هو الصحيح. (المعرِّب).

([19]) صدر المتألهين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة، القسم الثاني من المجلد الأول: 149، الفصل التاسع، تحت عنوان: (تلويح استناري)، دار المحجة البيضاء، ط1، بيروت، 2011م.

([20]) صدر المتألهين الشيرازي، المبدأ والمعاد: 151.

([21]) انظر: المصدر السابق: 149.

([22]) نصير الدين الطوسي، أساس الاقتباس (مصدر فارسي): 590.

([23]) Mimesis.

([24]) ابن سينا، كتاب الشفاء: 153.

([25]) المصدر نفسه.

([26]) نصير الدين الطوسي، أساس الاقتباس (مصدر فارسي): 591.

([27]) المصدر نفسه.

([28]) المصدر السابق: 593.

([29]) المصدر نفسه.

([30]) انظر: إخوان الصفاء وخلاّن الوفاء، الرسائل، قسم الرياضيات 1: 225، الدار الإسلامية، بيروت، 1412هـ، (نقلاً عن: هادي ربيعي، بازسازي ديدگاه ابن سينا در مورد فلسفه هنر (مصدر فارسي): 134).

([31]) نصير الدين الطوسي، أساس الاقتباس: 591.

([32]) انظر: شهاب الدين السهروردي، حكمة الإشراق: 212، المطبوع ضمن سلسلة مؤلَّفات شيخ الإشراق، تحقيق: هنري كوربان، انتشارات أنجمن حكمت وفلسفه، ط6، 1355هـ.ش.

([33]) نصير الدين الطوسي، أساس الاقتباس: 588.

([34]) انظر: محيي الدين ابن عربي، الفتوحات المكّية 2: 42.

([35]) انظر: حسين نصر، مجلة هنر الفصلية، العدد 57.

([36]) انظر: المصدر السابق: 12.

([37]) انظر: المصدر السابق: 13.

([38]) صدر المتألهين الشيرازي، أسرار الآيات: 109، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 2007م.

([39]) إفلاطون، الأعمال الكاملة، الجمهورية، الكتاب العاشر.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً