أحدث المقالات

د. مهدي الجلالي(*)

ترجمة: حسن علي الهاشمي

1ـ مدخلٌ

أـ ابن الغضائري والاتجاهات الموافقة

يُعَدّ أحمد بن حسين بن عبيد الله البغدادي، المعروف بـ «ابن الغضائري»، من كبار علماء الشيعة في القرنين الرابع والخامس الهجريين. ومنذ القرن الهجري السابع بعد انتشار كتاب (الضعفاء) ـ الذي كان (أحمد بن طاووس) هو أوّل مَنْ نسب تأليفه إلى ابن الغضائري في كتابه (حلّ الإشكال)، وكان قد تناول ذكر الضعفاء من الرواة والمحدّثين فقط ـ احتدم بحثٌ واسع بين المتأخِّرين من علماء الرجال، جعل من ابن الغضائري شخصية يُعْرَف من خلالها في الغالب بوصفه مؤلِّف كتاب (الضعفاء)([1]). لقد تحدَّث العلماء بشأن ابن الغضائري كثيراً، من قبيل: إنه من المشايخ الكبار، وإنه من الثقات الذين لا يحتاجون إلى تصريحٍ في إثبات وثاقتهم([2]). وقد كان من الكبار المعتمدين، ومن أقران شيخ الطائفة والنجاشي، وقد كان لهما حديثٌ معه([3]). وكان عالماً وعارفاً كبيراً([4]). وكان أستاذاً كبيراً عالماً بفنّ الرجال، وخبيراً في هذا الشأن([5]). لقد كان ابن الغضائري من نقّاد علم الرجال والباحثين في الأخبار، وكان واسع المعرفة بعلم الرجال([6]). وقد كان النجاشي، الذي هو من أوثق الشخصيات لدى الشيعة ـ سواء كان رأيهم مؤيّداً أو مخالفاً لابن الغضائري ـ صديقاً وزميلاً مصاحباً لابن الغضائري في الدراسة([7])، وقد روى عنه مشافهةً، وفي بعض الأحيان نقل من كتبه أيضاً([8]). وفي الكثير من المواضع قد ذكر اسمه مقروناً بالترحُّم عليه، وتحدَّث عنه كما لو أنه كان أستاذاً له، بل تمّ التصريح بهذا الأمر في ترجمة «ابن شيران»([9]). إن كل مَنْ ينظر في «رجال النجاشي» يدرك بوضوحٍ أن النجاشي كان يرى مكانةً عظيمة ومقاماً سامياً للغضائري، وأنه قد استفاد كثيراً من آرائه الرجالية والتاريخية، وقد أعطى قيمةً كبيرة لكلامه في شأن الرجال وآثارهم([10]). ومن العلماء والمنظِّرين كان العلاّمة الحلّي هو خير مَنْ أدرك أهداف ابن الغضائري، وعمل بها، وتمسَّك بها بقوّة([11]). لقد كان ابن الغضائري من طليعة مَنْ ألَّف الكتب في «فهارس المصنَّفات» و«فهرسة الأصول» الشيعية بشكلٍ كامل([12]). كما كان له مؤلَّف آخر في «التاريخ»، وموضوعه «وفيات الرجال»([13]). كما ألَّف كتاب «الضعفاء والمذمومين»، وكتاب «الثقات والممدوحين» أيضاً([14]). وقد أشار العلاّمة الحلّي إلى كلا هذين الكتابين([15]). إن ابن الغضائري موثّقٌ؛ لأنه كان، مثل أبيه، من مشايخ النجاشي، ومشايخ النجاشي كلهم ثقاتٌ([16]).

ب ـ ابن الغضائري والاتجاهات المخالفة

إذا كان هناك بعض الموافقين والمؤيدين لابن الغضائري، فقد كان هناك في المقابل بعض المخالفين له ولموقفه الرجالي. وقد كان أكثر المخالفين لابن الغضائري من الأخباريين، الذين هالتهم كثرة تضعيفاته، من أمثال: المجلسي([17]) (من المتقدّمين)، والمحدِّث النوري (من المتأخّرين). وكان من بينهم أشخاصٌ من أمثال: (الميرزا القمّي)، الذي لم يكن متمحّضاً وخبيراً في [علم الرجال]. وقد عمد هؤلاء إلى اتّهام ابن الغضائري بأنه كان يتسرَّع في إصدار أحكام الجَرْح على رواةٍ؛ لأسباب لا تستوجب الجَرْح أو أنها من الموارد الخلافية. كما أخذوا عليه كثرة تجريحاته، حتّى قالوا عنه: «لم يسلم أحدٌ من طعنه»، ولقَّبوه بـ «الطعّان»([18]). و«قلَّما كان هناك ثقةٌ قد سَلِمَ من طعن ابن الغضائري، ناهيك عن غير الثقات، ومن هنا قلّما يتمّ الاعتماد على تجريحاته»([19]).

ج ـ الدفاع عن ابن الغضائري

وفي الجواب عن هؤلاء المخالفين، وهذا النوع من الانتقادات، قال المؤيِّدون والموافقون لابن الغضائري: «إن كل مَنْ ينظر في كتاب ابن الغضائري، ويطّلع على أسلوبه ومنهجه العلمي، ويقارن بينه وبين المعاصرين له من كبار علماء الرجال، يدرك أن هذا الرجل كان من طلائع هذا الفنّ، ومن الناقدين الكبار لعلم الرجال، وأنه كان من خلال أسلوبه العلمي المتين في علم الرجال يتّبع مناهج المتقدّمين، وهو الأسلوب الذي كان الخبراء في فنّ الرجال يعتمدون ويركنون إليه باستمرار»([20]). ومن هنا ظهر هذا الرأي([21]) القائل بأن ابن الغضائري يقف في طليعة الناقدين في تاريخ رجال الحديث الشيعة([22]).

د ـ هدف المقالة

لقد طرح الموافقون والمؤيّدون بشأن ابن الغضائري هذه الفرضية القائلة بأنه قد عمد قبل عشرة قرون إلى نقد أحوال الرواة، على أساس نبذ التصوُّرات السابقة، لا على نحوٍ متسرِّع، بل على أساسٍ متين وناضج، من خلال اتباع الأصول العلمية الدقيقة، آخذاً بنظر الاعتبار جميع أبعاد ونواحي المسألة، وبذهنيّةٍ وروحية مُتْرَعة بالعلم والمشاهدة والتجربة، وكلماتٍ مقتضبة وموزونة، وأسلوبٍ منتظم ومنهجي؛ لإصدار حكمه بشأن الرواة ورجال الحديث. وإن الإثبات العلمي والمستدلّ لهذه «الفرضية» هو الهدف الذي نتوخّاه من وراء هذه المقالة.

2ـ استخدام الاصطلاحات العلمية

إن من بين خصائص أسلوب ومنهج ابن الغضائري هو استعمال العبارات العلمية والمصطلحات الرجالية في بيان أدلة الجَرْح والتضعيف وتعديل وتوثيق الرواة([23]). وإن عدداً من المصطلحات والعبارات المشار إليها الواردة بشكلٍ رئيس في وصف الرواة، وفي بعض الموارد في بيان كيفية رواياتهم وأحاديثهم، نبيِّنها على النحو التالي:

«ثقة» (بمعنى الشخص الموثوق والمعتمد الذي يورث الاطمئنان)([24]).

«ثقة ثقة» (تأكيد الوثاقة وما إلى ذلك)([25]).

«غالٍ» (فاسدٌ في العقيدة والعمل)([26]).

«غالٍ في مذهبه (غال المذهب)» (مرادف «غالٍ»، مع إضافة قيدٍ تأكيدي)([27]). وإن الغلوّ في الأساس نوعٌ من الانحراف عن المذهب المعتدل والصحيح، وفي بعض الموارد تتمّ إضافة قيد «المذهب»؛ لغرض تأكيد الغلوّ.

«كذّاب» (كثير الكذب)([28]).

«متروك الحديث» (الشخص الذي لا يُعتَنَى بحديثه وروايته)([29]).

«متهافت» (متناقض الحديث)([30]). مصدر الكلمة يعني «الكلام المتناقض»، واسم الفاعل منه يعني (الشخص الذي يأتي بآراء أو كلمات متناقضة)([31]).

«مجهول» (غير معروف الهوية أو الحالات والصفات)([32]).

«مرتفع في المذاهب» و«مرتفع القول» (مرادفٌ لكلمة «غالٍ»)([33]) هي تعابير أخرى عن «الغلوّ».

«وضّاع» (كثير الوضع)([34]).

«مضطرب» (متزلزل، متزعزع وغير ثابت)، وأحياناً يكون الاضطراب من جهة نسب الراوي([35])، وأحياناً من جهة الحديث([36])، وأحياناً من جهة المذهب([37])، وأحياناً يكون وضع وحال الراوي مضطرباً (مضطرب الأمر)([38]).

«منكر»([39]) مصطلح يَرِدُ أحياناً بقيد «الحديث» (منكر الحديث = له حديث منفرد = لا يرويه غيرُ واحد فقط)([40]). ويَرِدُ أحياناً من دون قيدٍ ـ وغالباً ما يكون بصيغة الجمع (مناكير) في مثل هذه الحالة([41]) ـ، وفي كلتا الحالتين يكون الوصف منصبّاً على حديث الراوي.

«موضوع» (مختلق ومجعول). وقد ذكر هذا المصطلح في مقام وصف «تفسير العسكري»، وكتاب «سُلَيْم بن قيس»([42]).

3ـ التفكيك والفصل بين وجوه ضعف الرواة

يمكن للراوي أن يكون ضعيفاً من جهةٍ واحدة أو من جهاتٍ عديدة. وفي ما يلي نبيِّن أنواع ضعف الرواة على النحو التالي:

1ـ الضعف في الدين والمذهب، حيث يعتنق الراوي غير المذهب الإمامي، وينتمي إلى أحد المذاهب الإسلامية الأخرى([43]).

2ـ الضعف في الرواية والنقل، والذي هو عبارةٌ عن افتقار الراوي لصفة العدالة، ويكون مصداقه في اتّصاف الراوي بالكذب في الرواية والنقل([44]).

3ـ الضعف في الحديث واستقامته [النصّ المرويّ]، والذي هو عبارةٌ عن سوء حفظ الراوي وعدم ضبطه للرواية([45]).

4ـ إذا كان الراوي ضعيفاً من جميع الجهات المتقدّمة تمّ وصفه بعنوان «الضعيف»، دون إضافة أيّ قيدٍ آخر من القيود المتقدّمة([46]).

يمكن مشاهدة المنهج والأسلوب التفكيكي الدقيق لابن الغضائري بوضوحٍ في نقده لـ (إسحاق بن محمد)، حيث يقول عنه:

1ـ فاسد المذهب.

2ـ كذّاب في الرواية.

3ـ وضّاع للحديث([47]).

ففي هذا التقسيم نجد ابن الغضائري يذكر جميع جهات ضعف الراوي على انفرادٍ وبشكلٍ مستقلّ. كما نجد هذا المنهج في مثالٍ آخر بشأن (هشام بن إبراهيم العباسي)، حيث يشير أوّلاً إلى تعرُّضه للطعن، ثم ينتقل بعد ذلك إلى التفكيك والفصل بين وجوه أحواله، ليقول: «والطعن ـ عندي ـ في مذهبه، لا في نفسه»([48]). وبذلك يعمل، من خلال رفع الغموض عن تعبيرٍ عامّ بشأن الراوي، إلى تحديد وتضييق دائرة تجريحه وتضعيفه.

4ـ استعمال الألفاظ والتعابير ذات الوجهين

إن الألفاظ والعبارات ذات الوجهين تؤدّي أحياناً ـ باعتبارين مختلفين ومتزامنين ـ إلى الدلالة على جرح وتعديل الراوي في وقتٍ واحد. ومن هذا النوع العبارة القائلة: «ويجوز أن يخرّج [حديثه] شاهداً»؛ إذ طبقاً لهذه العبارة لا تحظى أحاديث الراوي بقيمة واعتبار، بحيث يمكن الاستناد إليها بشكلٍ مستقلّ. وعليه فإنها تدلّ ـ بنحوٍ من الأنحاء ـ على «جرح الراوي»، ولكنْ حيث يمكن اتخاذ رواياته «شاهداً»، أي «مؤيداً لمضمون حديثٍ آخر»([49])، ويمكن الاستناد إليها من هذه الناحية، فإن هذه العبارة تخفّف من حدّة التجريح، حيث يُفهم منها نوع «التعديل الخفيف»([50]). إن هذا الاتجاه يُثبت أن ابن الغضائري ناقدٌ دقيق وبعيد النظر، وأنه يبدي اهتماماً كبيراً بخفض أسباب التضعيف والتجريح، وإبعادها عن ساحة الرواة. وهذا النوع من التدقيق وبُعْد النظر لا يروق بعضَ مخالفيه.

وفي بعض الموارد تدلّ الألفاظ والعبارات ذات الوجهين ـ بالالتفات إلى القرائن ـ على جَرْح وتضعيف الراوي والتحذير منه، وعلى تعديل الراوي الآخر، من قبيل: العبارة القائلة: «يدخل حديثُه في حديث أصحابنا»:

1ـ الدلالة على التجريح. لقد وردت هذه العبارة المتقدّمة ضمن الحديث عن «أحمد بن رَشَد بن خُثَيْم العامري الهلالي». وحيث اقترنت بعباراتٍ صريحة في التجريح (ضعيف وفاسد) فإنها تدلّ لا محالة على جَرْح الراوي. ويثبت أن تراث الشيعة الروائي لم يَنْجُ من الآفات، وهذا ليس بالأمر الهيِّن، ولذلك لم يكن ابن الغضائري ليستقرّ له بالٌ تجاه هذه الظاهرة، وكان يرى لزاماً على نفسه التذكير بخطورة هذه المسألة([51]).

2ـ الدلالة على التوثيق. فقد جاء هذا التعبير بصيغة: «لكن حديثه يجيء في حديث أصحابنا» بشأن «ابن عقدة»؛ وذلك لمجرّد الإشارة إلى كونه من «الزيدية»، الدالّة على ضعف مذهبه. ولكنْ حيث يرى ابن الغضائري علم الرجال علماً تخصُّصياً، ويرى أن مسار جَرْح وتعديل الرواة أمرٌ علميّ وفنّي بَحْت، فإنه ـ مثل سائر علماء هذا الفنّ ـ يذهب إلى الفصل والتفريق بين ضعف الراوي في المذهب([52]) من جهةٍ، وبين وثاقة الراوي في الرواية (= نقل الحديث) والحديث (= النصّ المروي) من جهةٍ أخرى([53])، وبالعكس([54]). وعليه فإنه، من خلال ذكره لمثل هذه العبارة بشأن ابن عقدة، الدالة على اعتماد الشيعة الإمامية على روايته وحديثه، يشير إلى وثاقته في كلا المجالين([55]).

5ـ تمييز المشتركات

إن ابن الغضائري، بعد تضعيفه لـ «عليّ بن حسّان بن كثير [الهاشمي]»، لا يترك جانب الاحتياط؛ حيث يسارع إلى الاحتراس ورفع الإبهام ودفع الإيهام، من خلال ذكره لاسم «عليّ بن حسّان الواسطي»، ليؤكد على وثاقته التامّة، من خلال وصفه بـ «ثقة ثقة»([56])؛ إذ هناك في أسانيد روايات الشيعة شخصان باسم «عليّ بن حسّان»: أحدهما: عليّ بن حسّان الهاشمي (مولى محمد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس)، وهو فاسدُ الاعتقاد وضعيفٌ وكذّاب ومن الغلاة؛ والآخر: «عليّ بن حسّان الواسطي»، وهو ثقةٌ ومعتمد([57]).

6ـ تعيين طبقة الرواة

يصرِّح ابن الغضائري أحياناً بـ «الطبقة»([58]) التي ينتمي إليها الراوي، من قبيل: تصريحه بكونه «تابعياً»، ويشير إلى روايته عن «الصحابيّ»([59]). كما يقوم أحياناً من خلال تعيين الأشخاص الذين يروون عن الراوي بالإشارة إلى طبقته. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنه يشير تلويحاً إلى رواية ابن بابويه عن «تميم بن عبد الله»، ويُفْهَم من خلال ذلك تلويحاً أنه يقع في طبقة مشايخ الشيخ الصدوق (ابن بابويه القمّي)([60]).

وإذا كان الشخص من الرواة عن الأئمة^ عمد إلى التصريح بذلك([61]).

7ـ التعريف بمؤلَّفات الرواة

يذكر ابن الغضائري في بعض الموارد مؤلَّفات وكتب الرواة بالاسم والعنوان، أو يشير كذلك إلى موضوع تلك الكتب، من قبيل: كتاب سُلَيْم بن قيس، وكتاب الصلاة. وعلى هذا الأساس نجد التعريف بهذه الكتب والمؤلَّفات يتمّ أحياناً بشكلٍ دقيق أو دقيق نسبياً([62]). وأحياناً يشير إجمالاً إلى كتاب الراوي([63]). وعندما يصرّح بوضع الكتاب، ويشير إلى احتمال أن يكون هناك يدٌ للراوي أو شخصٍ آخر في عملية الوضع، يصرِّح بذلك أيضاً، من قبيل: تصريحه باختلاق كتاب «سُلَيْم بن قيس»، والقول بأن المحافل الشيعية تنسب اختلاقه إلى أبان بن عيّاش([64]). كما يشير صراحةً إلى اختلاق التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري×، وكذب نسبة مثل هذا الكتاب المليء بالشوائب إلى هذا الإمام العظيم([65]).

8ـ تعيين الأسماء المختلقة والرواة المختلقين

إن بعض الأسماء المذكورة بين أسماء الرواة هي مجرَّد أسماء بلا مسمَّيات، فهي أسماء وَهْمية، لا وجود لها إلاّ في أذهان وأخيلة مَنْ اختلقها.

قال ابن الغضائري بشأن «إبراهيم بن عبيد الله بن علاء المدني»: «لا يعرف إلاّ بما ينسب إليه عبد الله بن محمد البلوي. وينسب إلى أبيه عبيد الله بن العلاء [و]عمارة بن زيد. وما يسند إليه إلاّ الفاسد المتهافت. وأظنّه اسماً موضوعاً على غير واحد»([66]).

سُئل «عبد الله بن محمد البلوي المصري»([67]) بشأن عمارة بن زيد الخيواني [المدني] المصري([68])، الذي لا يروي عنه غيرك، مَنْ يكون؟ فقال: رجلٌ نزل من السماء، فحدَّثني، ثمّ عرج»([69]). ثمّ استطرد ابن الغضائري ينقل عن علماء الشيعة رأيهم بشأن «عمارة بن زيد»، قائلاً: وأصحابنا يقولون: «إنّ اسمه ما تحته أحدٌ. وكلُّ ما يرويه كذب، والكذب بيِّنٌ في وجه حديثه»([70]).

وقال عن «سُلَيْم بن قيس»: «كان أصحابنا يقولون: إن سُلَيْماً لا يُعْرَف، ولا ذُكر في خَبَرٍ»([71]).

9ـ التعريف بالرواة المتساهلين

لقد عرَّف ابن الغضائري بالرواة الذين يروون عن الضعفاء والمجاهيل، والذين لا يدقّقون ولا يبالون في أمر الرواية ونقل الأحاديث. «وقد كانت الرواية عن الضعفاء تُعَدّ عَيْباً عظيماً عند القدماء»([72]). وكان يُعَدّ ذلك من أسباب ذمّ الراوي([73]).

ويتحدَّث أحياناً عن بعض الأشخاص الذين يكثرون من الرواية عن الضعفاء([74]). وفي بعض الموارد يعرِّف بالأشخاص الذين يروون عن الضعفاء دون ذكر قيد (كثيراً)([75]). وأحياناً لا يكتفي الراوي بالرواية عن الضعفاء فقط، بل يضيف إلى ذلك الرواية عن المجاهيل، ويعتمد أحياناً على المراسيل([76]). وفي بعض الموارد نجد هناك علاقةً متبادلة بين الراوي والضعفاء، بمعنى أنه يروي عنهم، وهم بدَوْرهم يروون عنه([77]).

10ـ الواقعية واستقلالية الرأي في نقد الرجال

لقد أشكل على ابن الغضائري بعضُ الذين خالفوا كتابه بأنه كان في أحكامه الرجالية يستند إلى الاجتهاد، كما لو أنه يراجع الروايات والكتب([78]). بَيْدَ أن الاجتهادات والآراء الرجالية لابن الغضائري محدودةٌ ومعيّنة؛ لأنه قد صرّح بها بألفاظ خاصة. وإنه كان في الكثير منها مصيباً، ولم يخطئ إلاّ في النَّزْر القليل منها([79]). إن الاستقلالية في الرأي، والاجتهاد العلمي، والواقعية، وإبداء الرأي العلمي المستند إلى الدليل بشأن الرواة وأحاديثهم، يُعَدّ من محاسن وامتيازات منهج ابن الغضائري في نقد أحوال الرواة.

وفي ما يلي نستعرض بعض الأمثلة على هذا المنهج القويم، ومن ذلك:

ـ اسم «إبراهيم بن عبيد الله بن علاء المدني»، الذي يذكر في فهارس أسماء الرواة. وقد توصَّل ابن الغضائري من خلال دراسته إلى فرضية أن يكون هذا الاسم مختلقاً، وأنه قد استعمل للكثير من الشخصيات الوَهْمية([80]). ومن خلال هذا الاستنتاج توصَّل إلى أمرٍ هامّ، وقد أثبت بذلك أن الوضّاعين لم يكونوا يكتفون بوضع الحديث فقط، وإنما يضيفون إلى ذلك اختلاقهم للطرق والرواة أيضاً.

ـ وقد عمد أوّلاً إلى تعريف أبي محمد الحسن بن أسد الطفاوي البصري بوصفه شخصاً فاسد المذهب، يروي عنه الضعفاء، ويروي عنهم([81]). إن هذا النوع من أحكام ابن الغضائري كان مقبولاً وشائعاً بالاستناد إلى النقل، وما هو سائدٌ بين العلماء بشأن الرواة([82]). بَيْدَ أنه لا يقف عند هذا الحدّ، وإنما يستعرض جميع المعطيات الحديثية للراوي بالدراسة والتمحيص. وهذا الأمر يثبت أوّلاً: قيمة وأهمّية الروايات الرجالية بشأن الرواة في منهج ابن الغضائري([83]). بَيْدَ أنه لا يجب عَدُّ هذه القيمة مطلقة، والتعامل معها تعامل الوحي المنزل. وثانياً: إن التحرُّر من النزعة الذهنية المثالية، وسلوك الاتجاه الواقعي في ما يتعلَّق بشؤون الرواة، والعمل على تحليل واختبار معطياتهم الحديثية، يحظى بأهمّيةٍ كبيرة في المدرسة الرجالية لابن الغضائري. ومن هنا نجده بعد الدراسة يرى نوعاً واحداً من روايات الراوي المذكور جديرةً بالاعتماد والاعتبار([84]).

ـ وبعد ذكر سوء عقيدة «معلّى بن خنيس» ـ مولى الإمام الصادق× ـ قال: «كان أوّل أمره مغيرياً، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله بن الحسن، وفي هذه الظنّة أخذه داوود بن عليّ، فقتله. والغلاة يضيفون إليه كثيراً»([85]). إن كلام ابن الغضائري بشأن الراوي إلى هنا يستند إلى النقل والواقعية والمعلومات التاريخية ـ الرجالية المتوفِّرة بشأنه. ثم يبادر بنفسه إلى دراسة معطيات الراوي، ويعمل على تحليل واختبار المعلومات بشكلٍ دقيق، ليقول: «لا أرى الاعتماد على شيءٍ من حديثه»([86]). وفي ما يتعلق بالمعلّى بن خنيس ونسبته إلى الغلاة ـ بالالتفات إلى الروايات المختلفة المنقولة بشأنه ـ هناك حاجةٌ إلى المزيد من الدراسة. بَيْدَ أنه وبشكلٍ عام في بيان هذا النوع من الأحكام القاطعة لابن الغضائري ـ ولا سيَّما في ما يتعلَّق بالغلاة ـ من الضروري الالتفات إلى أن من بين الأصول العامّة لدى الغلاة هي «الإباحية في العمل»، وإن «الغلاة في الذات كانوا يبيحون حتّى محرَّمات من قبيل: اللواط والزواج من المحارم أيضاً»([87]). «لو ثبت «الغلوّ في الذات» بالنسبة إلى الراوي لا يعود الاعتماد على أحاديثه ممكناً؛ لأن أمثال هؤلاء في أمر الحديث أسوأ حتّى من المشركين»([88]).

ـ كان أبو الخطاب محمد بن أبي زينب (المقلاص) واحداً من الموالي، وكان يبيع الأقمشة. وكان في بداية أمره من أصحاب الإمام الصادق×، ولكنّه انحرف عنه بعد ذلك. «كان أبو الخطّاب من أشهر الكذّابين. وقد أسَّس الفرقة الغالية. وكان من أسوأ ما قام به، تبعاً للمغيرة بن سعيد، أنه كان يختلق الأحاديث، ويجعل لها أسانيد، ثم يدسّها في كتب أصحاب الأئمّة، وينسبها إلى الأئمّة^. ولهذا السبب، ولانتحاله العقائد الباطلة، ورد الكثير من الأحاديث عن الأئمّة الأطهار^ في ذمّه»([89]). وقد عمد ابن الغضائري، بعد ذكر اسمه، إلى الدعاء عليه بالقول: (لعنه الله)، وقال: «أمرُه شهيرٌ، وأرى ترك ما يقول أصحابنا: حدَّثنا أبو الخطاب في أيام استقامته»([90])؛ حيث يرى ابن الغضائري؛ بالالتفات إلى حساسية الأمر، أن صيانة الدين من إفساد مثل هذا الشخص المفسد، والحفاظ على أحاديث الشيعة من دَنَس اسم (أبي الخطّاب)، تكون بتجنُّب حتّى الأحاديث التي رواها في فترة استقامته؛ وذلك لأن وجود اسم وشخص أمثال هؤلاء المنحرفين في أسانيد أحاديث الشيعة ينطوي على خطورةٍ بالغة، قد تمسّ اعتبار المذهب الشيعي والأئمّة^ وأحاديثهم بشدّةٍ.

وفي ما يتعلق بأحاديث الرواة يذهب ابن الغضائري في بعض الموارد إلى التفصيل؛ بمعنى أنه يرى بعضاً من أحاديث الراوي غير قابلة للاعتماد، وبناء على الأدلة، ومن بينها القرائن الخارجية، يثبت الاعتبار للقسم الآخر من الروايات التي يرويها نفس الراوي([91]).

وفي بعض الموارد يقوم ابن الغضائري بتحديد سبب عدم الاعتماد على بعض أحاديث الراوي، ملقياً تَبِعة ذلك على شخصٍ آخر، وبذلك يعمل ـ إلى حدٍّ ما ـ على تبرئة ساحة الراوي([92]).

11ـ الدراسات والأبحاث الميدانية الواسعة

إن من بين خصائص منهج ابن الغضائري في تقييم ونقد أحوال الرواة «مراجعة كتب الرواة [والحصول على المعلومات الإضافية]؛ للوقوف على صحّة اتهامهم، ونقد النصوص المروية عنهم؛ بغية التعرُّف على عقائدهم، والعمل طبقاً لذلك على تصحيح [إعادة تحقيق] الأحكام بشأنهم؛ كي يتمّ إصدار الأحكام حول [(تلك القضايا المتعلقة بالرواة) ومحاكمتهم] على أرض الواقع»([93]).

وحيث يدقّق في أحوال «إبراهيم بن عبيد الله بن علاء المدني» يدرك أنه لا يُعْرَف إلاّ من خلال الأخبار الفاسدة والمليئة بالمتناقضات التي اختلقها عبد الله بن محمد البلوي الكذّاب والمغرق في اختلاق الأحاديث([94])، والتي رواها عنه([95]).

وحيث ينظر في حديث «السكوني» لا يراه نقياً، فهو عنده يضطرب تارةً، ويصلح تارةً أخرى([96]).

وإذ يقوم بدراسة المعطيات الروائية لـ «لأبي عبد الله محمد بن جمهور» ينظر فيه جيداً؛ علّه يعثر على شاهد صدقٍ يؤكّد اتهامه بالغلوّ وفساد الحديث أم لا. وفي معرض البحث يجد له شعراً منظوماً على طريقة الغلاة في تحليل وإباحة «المحرَّمات الإلهية»([97]).

هل صحيحٌ أن «أبا المفضَّل الشيباني» يروي الكثير من الأحاديث المنكرة، وكان متورِّطاً بشكلٍ مباشر في اختلاق الأحاديث؟ لقد بدأ ابن الغضائري بحثاً موسّعاً للإجابة عن هذا السؤال. إن المنهج الواقعي الذي ينتهجه ابن الغضائري يؤدّي إلى نتائج ممتعة ومثمرة. وقد وجد في كتب أبي المفضّل أسانيد روايات بلا نصوص، ونصوص روايات بلا أسانيد([98])، فاتّضح له من خلال ذلك أنه متورّطٌ في اختلاق «الأحاديث» وانتحال «الأسانيد»، والتلفيق بينهما في بعض الأحيان؛ إذ لم يكن السند الخالي من النصّ، والنصّ الخالي من السند، ليصلح لغير التلفيق.

ويعتبر «أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ المسمعي» ضعيفاً مرتفع القول([99]). ثم يضع النتيجة التي يتوصَّل إليها ـ من خلالها بحثه وتحقيقه ـ أمام القارئ، ويقول: أوّلاً: له كتاب في الزيارات، ما يدلّ على خبثٍ عظيم، ومذهب متهافت؛ وثانياً: حيث يدقّق أكثر ويعمل على جمع المزيد من المعلومات بشأنه يجده من كذّابة أهل البصرة»([100]).

لقد ألّف «عليّ بن حسّان بن كثير الهاشمي» الغالي والضعيف كتاباً أسماه «تفسير الباطن». وحيث يقوم ابن الغضائري بدراسة هذا الكتاب يجده بعيداً كل البعد عن منهج الإسلام([101])، الأمر الذي يثبت أن كلّ كتابٍ هو مرآة تعكس على صفحتها صورة أمينة لشخصية مؤلِّفه».

لقد صنَّف «أبو الحسن عليّ بن عباس الجراذيني الرازي» كتاباً في المذمومين والممدوحين. وقد قام ابن الغضائري بقراءة هذا الكتاب وتقييمه، فوجده مرآةً صادقة في إظهار شخصية المؤلِّف كما هو في خبثه وضلاله وفساد مذهبه، وقد سبق له أن وصفه معرِّضاً بصفة «المشهور»، ثم عبَّر عنه بالقول: «لا يلتفت إليه، ولا يعبأ بما رواه»([102]). كما عبَّر عنه النجاشي قائلاً: «رُمي بالغلوّ، وغمز عليه، ضعيفٌ جدّاً»([103]).

روى «الحسن بن عباس بن حريش» عن الإمام الجواد× كتاباً مدوَّناً في «فضيلة ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾». وكلمات هذا الكتاب جوفاء وفاسدة، تشهد مخايله على أنه موضوعٌ([104]). كما أن النجاشي بعد تضعيف هذا الراوي قال عن كتابه: «هو كتاب رديّ الحديث، مضطرب»([105]). بَيْدَ أن الكليني في الكافي قد نقل ـ للأسف الشديد ـ في باب «فضل ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾» تسعة أحاديث من كتاب الحسن بن عباس، وهي بأجمعها مرويةٌ بسندٍ واحد من طريق هذا الراوي، حتى تصل إلى الإمام الجواد×. وهي تحتوي على ألفاظ فاسدة، ومفاهيم واهية([106]). وعلى هذا الأساس فإننا من خلال التدقيق في هذا الكتاب ندرك أن ابن الغضائري لم يجانب الصواب في ما قاله عنه، الأمر الذي يثبت أنه من كبار الناقدين في هذا الفنّ بجدارةٍ([107]).

12ـ الاستناد إلى النقل، وإلى آراء العلماء

هناك مَنْ قال: إن توثيقات وتضعيفات ابن الغضائري إنما كانت تقوم على أساس دقّته في أحاديث الرواة، وكان في أحكامه مستنداً إلى استنباطاته واجتهاداته، ولم يكن ليعتمد على شهادة المشايخ والثقات والسماع منهم([108]). وممّا قيل في هذا الشأن: «والآفة كلّ الآفة هو أن يكون ملاك تصحيح الرواية عقيدة الشخص وسليقته الخاصة؛ فإن ذلك يوجب طرح كثيرٍ من الروايات الصحيحة واتّهام كثيرٍ من المشايخ»([109]). بَيْدَ أن هذا الكلام والرأي ناتجٌ عن عدم الدقّة والتتبُّع الكافي في الآراء الرجالية لابن الغضائري، وتسرُّع في تقييم منهجه. وعندي أن ابن الغضائري في جميع الموارد التي حكم فيها بشأن الرواة ـ دون الاعتماد على مصدر أو الإشارة إلى مستنده ـ إنما بيَّن الرأي المقبول والسائد بين المتخصِّصين في فنّ رجال الشيعة([110]). كما أنه في الوقت نفسه يصرِّح في بعض الموارد بمستنداته ومصادره الرجالية ويسمِّيها.

وفي ما يلي نذكر هذه الموارد على النحو التالي:

«المعصومون^»: إن من بين مصادر ومستندات ابن الغضائري في جَرْح وتعديل الرجال الروايات التي تحدَّث فيها الأئمة^ بشأن الرواة. ومن ذلك، على سبيل المثال، أنه قد استند في ما يتعلَّق بـ «الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني» ـ الذي هو من زعماء الواقفة ـ إلى «الحديث المأثور عن الإمام الرضا×»، إذ يقول فيه: «وحديث الرضا× فيه مشهورٌ»([111]). وفي تلك الجهة روى عن «الحسن بن عليّ بن فضّال»([112]) أنه قال: « إني لأستحيي من الله أن أروي عن الحسن بن عليّ [بن أبي حمزة]»([113]).

والمورد الثاني استناد ابن الغضائري إلى رسالة الإمام الهادي×، حيث يقول: «رأيت كتاباً خرج من أبي الحسن عليّ بن محمد’ إلى القمّيين في براءته ممّا قذف به، وحسن عقيدته، وقرب منزلته»([114]).

وفي المورد الثالث ذكر أن الإمام الصادق× كان قد ضجر وبرم من أبي بصير، ثم أبدى ابن الغضائري رأيه فيه، قائلاً: «وعندي أن الطعن إنما وقع على دينه، لا على حديثه. وهو عندي ثقةٌ»([115]).

وفي المورد الرابع ينقل كلام الإمام الباقر× بشأن «المغيرة بن سعيد»، وهو من الغلاة الملعونين الذين يختلقون الأحاديث([116])، حيث قال×: «إنه كان يكذب علينا»([117]).

«أصحابنا»: ومن بين مصادر ومستندات ابن الغضائري في الحكم بشأن الرواة وأحاديثهم هم «الأصحاب» من الشيعة. ومصداق ذلك هم «العلماء والمفكِّرون والمحافل العلمية ـ الرجالية لدى الشيعة. ومن ذلك مثلاً أنه عند التعريف بـ «سُلَيْم بن قيس الهلالي» يقول: «كان أصحابنا [من علماء الشيعة الخبراء بفنّ الحديث] يقولون: إن سُلَيْماً لا يُعْرَف، ولا ذُكِر في خَبَرٍ»([118]).

والمورد الآخر ورد بشأن أبي الجارود زياد بن المنذر الزيدي([119])، وهو من الرواة عن الإمام الصادق×. وقد استند ابن الغضائري في تبويب روايته إلى آراء الأصحاب من علماء الشيعة (أصحابنا)([120]).

وفي المورد الثالث قام هؤلاء الأصحاب بنسبة اختلاق «كتاب سُلَيْم بن قيس» إلى أبان بن أبي عياش([121]).

«نقل الرجالي»: أما المستند الثالث من مستندات ابن الغضائري في نقد أحوال الرواة فهو كلام الرجالي. ومن ذلك، على سبيل المثال، أنه يعرِّف «أبا جميلة المفضَّل بن صالح الأسدي» بوصفه ضعيفاً كذّاباً وضّاعاً للحديث، ثم يذكر بعد ذلك «خبراً رجالياً مسنداً» يقرّ فيه أبو جميلة بأنه هو الذي اختلق «رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر»([122]). والنماذج الأخرى يجب العثور عليها في المجموع ضمن الآراء والمواقف الرجالية لابن الغضائري، المبثوثة في جميع مواضع كتابه، والتي هي من نوع نقل الآراء المعروفة والمقبولة التي كان الأصحاب والعلماء في فنّ الرجال على علمٍ ودراية بها، بحيث لا تكون هناك حاجةٌ إلى ذكر مصدرها([123]).

«والده»: «إن الذي يبدو ثابتاً ومسلَّماً أن ابن الغضائري في ما يتعلق بـ «علم الرجال» و«المؤلَّفات» قد استفاد الكثير من والده، الذي كان من كبار علماء بغداد، ويبدو أنه كان صاحب مدرسة خاصّة في علم الرجال»([124]). واسمه حسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري، وكنيته أبو عبد الله. وكان أستاذاً للشيخ النجاشي، كما كان أستاذاً لولده (ابن الغضائري)([125]). وهو موثَّقٌ؛ لأن رجال النجاشي كلّهم ثقاتٌ([126]). وقد عرَّفه الذهبي في (ميزان الاعتدال)، واصفاً إياه بـ «شيخ الرافضة… كان يحفظ شيئاً كثيراً»([127]). لقد كان والد ابن الغضائري من علماء وفقهاء الشيعة، كثير السماع، عارفاً بعلم الرجال، وكان فذّاً بين علماء بغداد في التحقيق والحفظ والدراية ونقد الحديث، والمعرفة والتمييز بين النسخ الصحيحة والزائفة، ومعرفة الثقات والضعفاء. وقد وُصف بـ «الشيخ الأكبر»([128]). ومن مؤلَّفاته: «التسليم على أمير المؤمنين»، وكتاب «مواطن أمير المؤمنين×»، وكتاب «الردّ على الغلاة والمفوّضة»، و«يوم الغدير»([129]). وعليه فقد تشكّلت الشخصية العلمية لابن الغضائري تحت كنف وتأثير وتعليم وتربية هذا البحر الزخّار، حتّى أصبح في «علم الرجال» مبرَّزاً على أقرانه وفرداً في تاريخ التشيُّع([130]). وعلى هذا الأساس كان من الطبيعي أن يكون أهمّ وأمتن مستند ومصدر لابن الغضائري في جَرْح الرواة وتعديلهم ـ في أكثر الموارد ـ هو آراء وأقوال أبيه، سواء أشار إلى ذلك أو لم يُشِرْ. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنه يستند إلى كلام والده بشأن مذهب «أبي العبّاس أحمد بن عليّ الرازي»، إذ يقول: «حدَّثني أبي& أنه كان في مذهبه ارتفاعٌ [غلوّ]»([131]).

والمورد الآخر: كتابٌ في موضوع الإمامة وصل إلى ابن الغضائري موقَّع عليه بخطّ الأصل، وهو «كتاب أبي الشداخ»، وقال ابن الغضائري: إنه عرض الكتاب على أبيه، وسأله عن أمر «أبي الشداخ»، فوجده مجهولاً([132]).

13ـ عدم الجنوح إلى الجَرْح، والنزوع إلى توثيق الرواة

على الرغم من اشتهار ابن الغضائري بأنه يذكر الضعفاء في كتابه، وأنه ملتزمٌ بتجريح الرواة([133])، إلاّ أن الحقيقة ليست كذلك؛ وذلك للأمور التالية:

أوّلاً: هناك مجموعةٌ من الرواة الذين قام ابن الغضائري بتوثيقهم في كتابه، كما صدرت عنه توثيقاتٌ لهم في خارج هذا الكتاب أيضاً.

ثانياً: هناك من بين جميع علماء الرجال عددٌ من الرواة لم يتمّ توثيقهم إلاّ من قِبَل ابن الغضائري([134]).

ثالثاً: إن ابن الغضائري في المقابل كان يناقش ويجادل في التضعيفات المنقولة عن المتقدِّمين، من أمثال: القمّيين، الذين كانوا يتشدَّدون في أمر الرواة.

رابعاً: لا نجد أثراً أو ذكراً في كتاب ابن الغضائري لبعض الضعفاء، الذين تمّ التصريح بتجريحهم من قِبَل غيره من علماء الرجال.

خامساً: يستند ابن الغضائري في توثيق بعض الرواة إلى أصل «عدم الطعن» [وأصالة البراءة، ويعمل به].

من خلال التدقيق في هذه الأمور ندرك خطأ ما اشتهر من أن منهج ابن الغضائري يقوم على مجرّد تضعيف الرواة، أو أنه كان يميل إلى التسرُّع في هذا الأمر([135])، أو أنه لم يَسْلَم شخصٌ من [جرحه وتعديله]، أو أنه كان جرّاحاً وطعّاناً([136])، وما إلى ذلك من الكلام الذي لم يصدر إلاّ من قِبَل أولئك الذين قصروا وعجزوا عن فهم أسلوب كتابه وأهدافه وسَعَة خبرته ومنزلته العلمية([137]). وممّا قيل في ذلك: «فلا رَيْبَ في جلالة ابن الغضائري وسعة اطلاعه… ولم أَرَ مثله في دقّة النظر»([138]).

وعلى هذا الأساس فإن ابن الغضائري لم يكن «جرّاحاً» أو «طعّاناً» أو «سريع التضعيف»، بل إنه قام بتوثيق وتعديل عددٍ من الرواة الذين تمّ جرحهم وتضعيفهم من قِبَل غيره من علماء الرجال. «وكان ابن الغضائري يناقش الأحكام الصادرة من قِبَل القمّيين بشأن غلوّ وفساد مذهب بعض الرواة»([139]). وكان ينتقد الرأي المخالف؛ لأنه لم يكن من تلاميذ المدرسة القمّية، بل كان منتمياً إلى المدرسة البغدادية المخالفة والمعارضة للقمّيين. وقد ذكر ابنُ داوود، في نهاية القسم الأوّل من كتابه الرجالي الخاصّ بالتعريف بالممدوحين، أسماءَ وأحوالَ أربعة وثلاثين راوياً عبَّر عنهم النجاشي بقوله: «ثقة ثقة»؛ ليثبت تأكيد وثاقتهم، وقال: إن ابن الغضائري قد أضاف إليهم خمسة رواة آخرين في كتابه [الثقات والممدوحين]([140]).

هناك في كتاب ابن الغضائري أمثلةٌ متعدّدة ومتنوّعة لمنهجه. وفي ما يلي نستعرض عدداً من هذه الأمثلة والموارد:

1ـ طعن في أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، وعوتب وعيب عليه من قِبَل القمّيين([141]). بَيْدَ أن ابن الغضائري يبرّئ شخصَ البرقي، ويراه منزَّهاً عن الطعن، وقال بأن العَيْب والإشكال يَرِدُ على مجرّد الذين روى عنهم. ولكنّه ـ بطبيعة الحال ـ ينتقد منهجه في رواية الحديث؛ إذ يقول عنه: «إنه كان لا يبالي عمَّنْ يأخذ، على طريقة أهل الأخبار»([142]). وفي هذا الشأن نجد النجاشي يتَّخذ موقفاً مشابهاً لموقف ابن الغضائري([143])، ويتَّفق معه الشيخ الطوسي أيضاً([144]). إن هذا الموقف من ابن الغضائري يثبت أنه مستقلٌّ في منهجه الرجالي، وأنّ له أسلوبه الخاص في هذا الشأن. وإنّ ما يقوله المتأخِّرون من أن أسلوبه في نقد الرجال مشابه لمنهج القمّيين([145]) كلامٌ غير مستقيم، بل هو وليدُ الوَهْم وعدم التتبُّع والتحقيق الكافي في كتابه، أو أنه يقوم على المباني المخالفة لمنهج ابن الغضائري؛ وذلك لأن ابن الغضائري ـ على ما تقدَّم، وسيأتي ـ قد وثَّق رجالاً أجمع القمّيون على تضعيفهم([146])؛ وذلك لأن ابن الغضائري، بالإضافة إلى الاهتمام بروايات الرجالي بشأنهم، يقوم بدراسةٍ ميدانية منهجية وعلمية لكتبهم وأحاديثهم أيضاً، وقد وجدها صحيحة([147]).

2ـ أبو جعفر أحمد بن حسين بن سعيد، وكنيته (دندان). وكان القمّيون يرَوْنه غالياً([148]). ولكنّ ابن الغضائري لم يرتِّب أثراً على كلام القمّيين بشأن الراوي، وإنما يتركه معلَّقاً إلى حين الفراغ من التحقيق في معطياته الحديثية لهذا الشخص، واختبار حاله، ليتأكَّد مما إذا كان يقول بأقوال الغلاة أم لا، ليصل ـ بعد دراسةٍ ميدانية واسعة، التزم فيها الإنصاف العلمي ـ إلى نتيجةٍ، وقد بيَّن مفادها قائلاً: «قال القمّيون: كان غالياً. وحديثُه ـ في ما رأيته ـ سالمٌ»([149]). وبذلك فإنه يرفض اتّهام القمّيين لـ (أحمد بن سعيد تلويحاً، أو أنه يخفِّف من وطأته في الحدّ الأدنى. وهناك مَنْ قال: إن كلام ابن الغضائري لا يعكس توثيق الراوي، وإنما يدلّ على مجرّد سلامة حديثه من الغلوّ([150]).

3ـ في ما يتعلّق بقضية «محمد بن أورمة» يبدي ابن الغضائري ذكاءً في مقابل رجال الحديث والرواية في المدرسة القمّية، وينتهج طريقاً «منهجياً» في نقد رجال الحديث والحكم بشأنهم قبل ألف سنةٍ خَلَتْ. إن هذا الكلام ليس مجرّد ادّعاء أو شعاراً عاطفيّاً، بل هو حقيقةٌ قاطعة نجدها في كتاب رجاله. وإن العناصر الرئيسة المكوّنة لهذا الحكم على النحو التالي:

أـ إن ابن الغضائري؛ للتأكّد من صحّة التُّهَم الموجَّهة إلى الرواة، يقوم بمراجعة كتبهم.

ب ـ للوقوف على صحّة اتّهام الرواة يقوم بدراسة ونقد النصوص المروية عنهم.

ج ـ السعي على هذا الأساس لبلورة الحكم الصحيح والمتطابق مع الحقيقة بشأن الرواة ومعطياتهم في إطار الدراسة الميدانية([151])، وعدم تجاهل أيّ قرينةٍ مهما كانت جزئيةً.

لقد اتَّهم القمّيون (أبا جعفر محمد بن أورمة القمّي) بالغلوّ. ولكي يتثبّت ابن الغضائري من صحّة هذا الاتهام فإنه يقوم بالخطوات التالية:

الخطوة الأولى: البحث في رواياته؛ ليدرك أن حديثه خالٍ من أيّ شائبةٍ، وبريء من كلّ ما يدعو إلى الإشكال والقلق.

الخطوة الثانية: لقد عثر ابن الغضائري من بين معطياته الروائية على وريقات في «التفسير الباطني». وحيث وجدها تبدو نشازاً أقرّ بأنها ملصقةٌ به، وأن ساحته بريئةٌ من رواية مثل هذا التفسير([152]).

الخطوة الثالثة: يواصل ابن الغضائري تدقيقه في مسائل الراوي (ابن أورمة القمّي)، ليعثر هذه المرّة على رسالة كتبها الإمام الهادي× إلى القمّيين، يشهد فيها على براءة (محمد بن أورمة) من التُّهَم المنسوبة له، ويشيد بحُسْن اعتقاده، وقرب منزلته منه([153]).

الخطوة الرابعة: يواصل ابن الغضائري بحثه الميداني، حيث يتوجَّه هذه المرّة إلى (حسن بن بندار القمّي)، فقال له: إنه سمع من مشايخه أن جماعة من القمّيين قد عزمت على قتل (محمد بن أورمة) بعد توجيه الاتّهام له بالغلوّ، ولكنْ عند محاولتهم تنفيذ خطّتهم وجدوه يقضي الليل بطوله في الصلاة والعبادة، وقد تكرّر منه ذلك في ليالٍ عديدة. وحيث كان القمّيون يعلمون من الغلاة تهاونهم بالصلاة والعبادة تبيَّن لهم بطلان التهمة، وعدلوا عن تنفيذ خطّتهم([154]).

وعليه، كما لاحظنا فإن منهج ابن الغضائري لإحراز وثاقة (محمد بن أورمة) من خلال ثلاث قراءات ميدانية، وهي: «التدقيق في مجموع رواياته»، و«الاستناد إلى وثيقة تاريخية مكتوبة ومنسوبة إلى المعصوم×»، و«الاعتماد على النقل الموثَّق بشأن الراوي»، الأمر الذي يبيِّن ميله القويّ للوصول إلى الرأي الصحيح والمتطابق مع الحقيقة بشأن الرواة. كما أنه لا يخلو من إشارةٍ إلى شدّة تعلُّقه بتبرئة الرواة المتَّهمين، والعمل على توثيقهم([155]).

4ـ إن «حسين بن قاسم» و«عمرو بن أبي المقدام» هما من الرواة الذين ضعَّفهم بعض علماء الرجال، وطعنوا فيهما، بَيْدَ أن ابن الغضائري قد قال بوثاقتهما([156]).

5ـ هناك كتابان (أصلان) روائيان منسوبان إلى «زيد الزرّاد» و«زيد النرسي»، وهما من الرواة عن الإمام الصادق×([157]). قال أبو جعفر بن بابويه (الشيخ الصدوق)، تَبَعاً لأستاذه ابن الوليد: إن كلا الكتابين مختَلَقٌ، وإنه من مختَلَقات محمد بن موسى السمّان([158]). أما الشيخ الطوسي فقد اتَّخذ في المقابل موقف الراوي في هذا الشأن، ولم يتَّخذ موقفاً صريحاً من الناحية الرجالية. في حين أن ابن الغضائري كان يتمتَّع بميزة البحث والتدقيق «أكثر من الشيخ الصدوق [ومن الشيخ الطوسي في هذا الفنّ]، فقد كان على معرفةٍ واسعة بشأن الرجال»([159]). وقد قام بكلّ جرأةٍ وشجاعة بتخطئة ابن بابويه، حيث قال: «وغلط أبو جعفر في هذا القول»، ثم استطرد قائلاً: «فإني رأيت كتبهما مسموعةً عن محمد بن أبي عمير»([160]). وقد أيَّد صحّة كلام ابن الغضائري كلٌّ من: النجاشي؛ والشيخ الطوسي، من خلال التصريح برواية كتاب زيد النرسي من قِبَل ابن أبي عمير([161])، وبيان طريقه إلى الكتب التي تنتهي إلى ابن أبي عمير، ومنه إلى الزيدين([162]). وعليه «يبدو أن نسبة الكتب إلى زيد الزرّاد وزيد النرسي صحيحة. ويؤيِّد ذلك ما ذكره ابن الغضائري»([163]). لقد كان ابن الغضائري معاصراً لابن بابويه، وقد التقى به، وروى عنه، كما أخذ عنه الحديث([164])، ومع ذلك يقف بصراحةٍ ليبدي رأيه على الضدّ منه في تضعيف رواية كتابي الزيدين، الأمر الذي من شأنه أن يثبت تبعيته لأصول محدّدة في نقد الرجال وأحاديثهم، ويسقط عن ابن الغضائري التُّهْمة القائلة بتسرُّعه في تجريح وتضعيف الرواة.

6ـ إن ابن الغضائري يغتنم الفرص لإثبات وثاقة الرواة. فبعد بيان رواية «عبد الرحمن بن سالم»، عن أبي بصير، يراه ضعيفاً. وفي الوقت نفسه يسارع ـ على هامش اسم الابن ـ ليصرِّح بوثاقة والده (سالم)، وروايته عن الصادقين’([165]).

14ـ الاتجاه المتناقض للقائلين بالفصل في ما يتعلق بآراء ابن الغضائري

وفي الختام يجب القول: إنه بالالتفات إلى التوثيقات القوية لابن الغضائري ظهر تيّارٌ يهدف إلى الاستفادة من توثيقات ابن الغضائري، ونفي اعتبار وفائدة تضعيفاته. «وهناك موقفٌ أخير أساسه التفرقة بين توثيقاته فتقبل مطلقاً؛ وتضعيفاته فتُرَدّ»([166]). يعتقد هؤلاء أن الثناء من قِبَل ابن الغضائري على شخصٍ يُعَدّ من «الأدلة على مدح الراوي»، ويكون مقبولاً بلا نقاشٍ([167]). وهناك مَنْ اعتبر ثناء ابن الغضائري على شخص مَدْحاً ممتازاً للغاية([168]). ومن الجدير ذكره أن ابن الغضائري قد اتُّهم أيضاً بالتسرُّع في مدح الأشخاص([169]). وعلى كلّ حال فإن هذا الرأي ينظر إلى تضعيفات ابن الغضائري بسلبيةٍ، وإلى توثيقاته بإيجابيةٍ. بَيْدَ أن «هذا موقفٌ مهزوز، مردودٌ بالإجماع المركَّب، فإن أساس القبول والردّ إنما هو صحة نسبة الكتاب([170])، وصحة منهج الكاتب، ولا يمكن التفريق في ذلك بين التضعيف والتوثيق»([171]). يعتبر ابن الغضائري ناقداً عالماً ذكياً ثاقب النظرة، تصدر توثيقاته وتضعيفاته ـ على السواء ـ عن درايته([172]). «من هنا يتبين ضعف ما وُجِّه إلى المؤلَّف [كتاب رجال ابن الغضائري] و[منهج] المؤلِّف من نقودٍ، وأنها مبتنية إمّا على عدم مراجعة الكتاب بدقّة، وإما على مبانٍ مخالفة لمنهج المؤلِّف»([173]).

15ـ النتائج

1ـ لقد كان ابن الغضائري من الناقدين الكبار والثقات جدّاً للرجال، ومن الباحثين المدقّقين في الأخبار، وكان واسع الاطّلاع والمعرفة في هذين المجالين، وشديد الحذق في علم الرجال.

2ـ لقد اتبع ابن الغضائري منهجاً علمياً متيناً، من خلال الالتزام بالأصول العلمية الدقيقة، بالإضافة إلى مجموع الجوانب والأركان، متسلِّحاً بذهنٍ وقّاد وروح مفعمة بالعلم والمشاهدة والتجربة، والكلام المختصر والزاخر بالمعاني والمفاهيم.

3ـ وقد عمد ابن الغضائري إلى إثبات منهجيته، من خلال استخدام الاصطلاحات الرجالية العلمية ـ الفنّية في إصدار أحكامه.

4ـ لقد كان ابن الغضائري ملتزماً ـ في نقد أحوال الرواة وآثارهم ـ باستقلاليته في إبداء الرأي العلمي، والاجتهاد الحيوي العلمي، والاتجاه القائم على الواقعية.

5ـ إن اجتهادات ابن الغضائري وآراءه الرجالية محدودةٌ، وقد كان في الكثير منها سالكاً طريق الصواب.

6ـ يعمل ابن الغضائري على نقل الآراء المتوفّرة والمعروفة بشأن الرواة، ثم يقوم بعد ذلك بدراسة تلك الآراء دراسةً ميدانية، ويختبر صحتها من سقمها، الأمر الذي يعبِّر عن شدّة احتياطه والتزامه العلميّ الوافر والدقيق.

7ـ يمنح ابن الغضائري قيمةً كبيرة ـ في أحكامه بشأن الرواة ـ لمقولة «النقل»، ويبدي اهتماماً كبيراً بـ «آراء العلماء». وخلافاً للأخباريين والمخالفين، لا يميل ابن الغضائري إلى تضعيف وتجريح الرواة، بل هو ـ على العكس من ذلك ـ يميل إلى توثيقهم.

الهوامش

(*) أستاذٌ مساعِد في كلّية الإلهيّات في جامعة فردوسي.

([1]) انظر: حسن الأنصاري، (ابن الغضائري)، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 4: 362، تحت إشراف: كاظم الموسوي البجنوردي، طهران، منذ عام 1367هـ.ش (مصدر فارسي).

([2]) انظر: عبّاس القمّي، الكنى والألقاب 1: 371.

([3]) انظر: محمد محسن الآغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 289، ط3، بيروت، 1403هـ.

([4]) انظر: محمد حسين الأعلمي، دائرة المعارف 3: 162، قم، 1375هـ.

([5]) انظر: محسن الأمين، أعيان الشيعة 2: 565، بيروت، 1403هـ ـ 1983م، نقلاً عن: بحر العلوم.

([6]) انظر: محمد تقي التستري، الأخبار الدخيلة 2: 96، تعليقات: علي أكبر الغفاري، طهران، 1390هـ.

([7]) انظر: الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 289.

([8]) انظر: رجال النجاشي: 11، 37، 52، 77، 83، 112، 120، 121، 141، 143، 151، 193، 198، 219، 258، 269، 325، 355، 459. تحقيق: موسى شبيري زنجاني، قم، 1416هـ.

([9]) انظر: الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 6: 326؛ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة 2: 15، تحقيق: علي تقي المنـزوي، ط1، لبنان، 1391هـ ـ 1971م؛ التستري، الأخبار الدخيلة 2: 97؛ محمد تقي التستري، قاموس الرجال 1: 440، ط2، قم، 1410هـ؛ محمد إسماعيل الخواجوئي، الفوائد الرجالية: 301 ـ 302، 283 ـ 295، تحقيق: مهدي الرجائي، مشهد، 1413هـ ـ 1372هـ.ش؛ جعفر السبحاني، كلّيات في علم الرجال: 81، ط4، قم، 1421هـ؛ رجال النجاشي: 83، 141، 257، 259 ـ 259، 269، والكثير من الصفحات الأخرى في هذا الكتاب.

([10]) انظر: الأنصاري، (ابن الغضائري)، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 4: 362؛ رجال النجاشي: 83، 151، 193، 219، 325، 459، وغيرها من الصفحات الأخرى.

([11]) انظر: محمد رضا الحسيني الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 29، ط1، قم، 1380هـ.ش؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 311 ـ 426؛ ولا سيَّما 316، 318، 320، 324، 326، 331، 337، 349، 360، 389، ط2، النجف الأشرف، 1381هـ.

([12]) انظر: الطوسي، الفهرست: 32، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، قم، 1417هـ؛ التستري، قاموس الرجال 1: 48.

([13]) انظر: رجال النجاشي: 77.

([14]) وكما قال ابن الصلاح: إن بحث الثقات والضعفاء (الممدوحين والمذمومين) «من أجلّ نوع وأفخمه، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه». (انظر: نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، دمشق، 1418هـ ـ 1997م). وقد ألَّف علماء أهل السنة الكثير من الكتب بشأن الضعفاء، من قبيل: (الكامل في الضعفاء)، لابن عدي(365هـ)؛ و(المغني في الضعفاء)، للذهبي(748هـ)؛ و(منهج النقد في علوم الحديث)، لنور الدين عتر. وأما الأثر الوحيد المعروف بين الشيعة فهو كتاب (الضعفاء)، المنسوب لابن الغضائري.

([15]) انظر: الطهراني، طبقات أعلام الشيعة 2: 15؛ الأمين، أعيان الشيعة 2: 556؛ التستري، قاموس الرجال 1: 442؛ الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 13 ـ 14؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 404.

([16]) انظر: التستري، الأخبار الدخيلة 2: 152؛ أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 2: 105؛ 10: 22، ط5، 1413هـ.

([17]) والمقصود هنا هو محمد تقي المجلسي المعروف بـ (المجلسي الأول)، الذي كان يذهب إلى القول بعدم اعتبار أقوال كتاب (الضعفاء)، واعتبر ابن الغضائري شخصاً مجهولاً، وشكّك في وثاقته. (انظر: الأمين، أعيان الشيعة 2: 565؛ التستري، قاموس الرجال 1: 442؛ نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 122، 125، قم، خريف وشتاء عام 1375هـ.ش (مصدر فارسي)؛ جعفر السبحاني، كليات في علم الرجال: 84 ـ 87، 92).

([18]) انظر: الجلالي، مقدمه بر رجال ابن الغضائري: 20 ـ 21. وللمزيد من الاطلاع حول هذا النوع من الأحكام انظر: الشيخ مرتضى الأنصاري، الطهارة 1: 57؛ 2: 363، قم؛ الخواجوئي، الفوائد الرجالية: 296؛ أبو الهدى الكلباسي الإصفهاني، سماء المقال في تحقيق الرجال 1: 52، قم، 1332هـ.ش ـ 1372هـ؛ محمد باقر الحسيني المرعشي الميرداماد، الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية: 59، قم، 1405هـ.

([19]) انظر: الميرزا أبو القاسم القمّي، جامع الشتات 4: 393، تحقيق: مرتضى الرضوي، ط1، طهران، 1413هـ.

([20]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 21 (مصدر فارسي).

([21]) والذي تقدّم بهذا الرأي هو العلاّمة المحقّق المعاصر الحاج الشيخ محمد تقي التستري، الذي يُعَدّ في علم الحديث والرجال من علماء الطراز الأوّل من الشيعة في العصر الراهن. (انظر: محمد تقي شريعتي مزيناني، خلافت وولايت أز نظر قرآن وسنّت: 121، طهران، 1349هـ.ش (مصدر فارسي)).

([22]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 443.

([23]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 30 (مصدر فارسي).

([24]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 111 ـ 112، 114 ـ 115، 121، تحقيق: محمد رضا الحسيني الجلالي، ط1، قم، 1380هـ.ش.

([25]) انظر: المصدر السابق: 77، 114، 116 ـ 117.

([26]) انظر: عبد الله المامقاني، تلخيص المقباس: 132، إعداد: علي أكبر الغفاري، ط3، طهران، 1388هـ؛ حسن بن موسى النوبختي، فِرَق الشيعة: 82، ترجمه إلى اللغة الفارسية وعلَّق عليه: محمد جواد مشكور، ط2، طهران، 1381هـ.ش؛ ابن الغضائري، الرجال: 40، 69، 77، 82، 97، 120.

([27]) انظر: المصدر السابق: 56، 86، 89.

([28]) انظر: المصدر السابق: 88، 95، 100.

([29]) انظر: المصدر السابق: 78.

([30]) انظر: المصدر السابق: 78، 82، 95.

([31]) انظر: إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط 2: 989، طهران.

([32]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 54، 85، 98.

([33]) انظر: المصدر السابق: 75 ـ 76، 87، 91، 102 ـ 103.

([34]) انظر: المصدر السابق: 99.

([35]) انظر: المصدر السابق: 119.

([36]) انظر: المصدر نفسه.

([37]) انظر: المصدر السابق: 118.

([38]) انظر: المصدر السابق: 68.

([39]) لقد تمَّ تقديم الكثير من التعاريف المتنوّعة والمختلفة لمصطلح (المنكر). وممّا قيل في ذلك: (قولهم: «منكر الحديث»، و«يروي المناكير»، وقولهم: «حديث منكر». بين هاتين العبارتين فرقٌ ينبغي التنبُّه له، فإن معنى العبارة الأولى كثرة تفرّده. وقولهم: «حديث منكر»: اصطلح المتأخرون على أن المنكر هو الحديث الذي رواه ضعيفٌ مخالفاً للثقة. لكنّ المتقدّمين كثيراً ما يطلقون النكارة على مجرد التفرّد، ولو كان الراوي ثقةً). (نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث: 114). وقيل في ذلك: («المعروف» هو الحديث الذي يكون مضمونه مشهوراً بين الرواة بالقياس إلى الحديث المخالف له، والحديث «المنكر» بخلافه. وأحياناً يتمّ التعبير عن الحديث المنكر بالمردود والمتروك، وذلك عندما يكون راوي الحديث المنكر متّهماً بالكذب). (انظر: كاظم مدير شانه جي، دراية الحديث: 69، قم). «كما يطلق المنكر اصطلاحاً على الحديث الذي يوجب ضعفاً في سنده». (انظر: المصدر السابق: 70).

([40]) انظر: المصدر السابق: 98، 115 ـ 116.

([41]) انظر: المصدر السابق: 99، 119.

([42]) انظر: المصدر السابق: 98، 119.

([43]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 23، 30 ـ 31؛ ابن الغضائري، الرجال: 39، 47، 54، 67، 70 ـ 72، 85 ـ 86، 89 ـ 91، 97.

([44]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 23، 30 ـ 31؛ ابن الغضائري، الرجال: 48، 54، 65، 69، 78، 80.

([45]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 23، 30 ـ 31؛ ابن الغضائري، الرجال: 39، 46، 86، 96، 100.

([46]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 23، 30 ـ 31؛ ابن الغضائري، الرجال: 36، 42، 50، 62، 74، 84، 95، 102.

([47]) ابن الغضائري، الرجال: 41.

([48]) المصدر السابق: 116.

([49]) انظر: كاظم مدير شانه جي، دراية الحديث: 62.

([50]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 37 ـ 38، 50، 57، 60، 66، 70، 73، 75، 79، 86، 95 ـ 96، 116.

([51]) انظر: المصدر السابق: 37.

([52]) يذهب ابن الغضائري وأكثر علماء الرجال إلى عدم اعتبار الانحراف المذهبي سبباً لردّ الحديث، شريطة أن لا يقوم بوضع واختلاق الأحاديث في نصرة مذهبه. وهناك في هذا الشأن مجموعة من المنحرفين في المذهب لهم وضعٌ مستقلّ، وهم الغلاة في الذات، وهم المنحرفون ـ في مقام الاعتقاد والنظر ـ عن المذهب الصحيح والمعتدل، والذين يقولون ـ في مقام السلوك والعمل ـ في العادة بنوعٍ من الإباحية النسبية أو المطلقة، ولم يكونوا يتورَّعون عن ارتكاب أيّ موبقة أخلاقية، ومن ذلك: استسهالهم لاختلاق الأحاديث في مجال الحديث. (انظر: نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 120 ـ 124؛ نعمة الله صفري فروشاني، غاليان ـ كاوشي در جريانها وبرايندها: 104 ـ 107، ط1، مشهد؛ الطوسي، اختيار معرفة الرجال المعروف بـ (رجال الكشّي) 2: 585 ـ 586، إعداد: حسن المصطفوي، مشهد، 1348هـ.ش، وأيضاً: قم، 1494هـ؛ حسن بن موسى النوبختي، فِرَق الشيعة: 43 ـ 44، 74، 82). ولهذا السبب بالتحديد كان ابن الغضائري يبدي تشدُّداً لا يلين تجاه هذه الجماعة؛ لأن الانحراف عن المذهب والغلوّ بهذا المعنى يلازم الكذب والضعف في الرواية والحديث. (انظر: ابن الغضائري، الرجال: 41، 47 ـ 48، 52، 69، 78، 84 ـ 85، 87 ـ 88، 92، 94ـ 96، 101). إن هذا الأمر إنما يحظى بالاهتمام؛ لأن البعض تصوّر خطأ أن (الاتهام بالغلوّ) الموجَّه من قِبَل ابن الغضائري لبعض الأشخاص إنما جاء بسبب إثباتهم بعض الكرامات (المعجزات) للأئمة^، والقول بمقاماتهم ومكانتهم الرفيعة. (انظر: التستري، الأخبار الدخيلة 2: 95 ـ 96؛ التستري، قاموس الرجال 1: 66 ـ 67). بَيْدَ أن هذا لا يعدو أن يكون مجرد وَهْم؛ إذ لم يكن الأمر كذلك البتّة؛ حيث كان الشيعة ـ من بداية الأمر ـ، ومن بينهم: ابن الغضائري ـ الذي هو من تلاميذ مدرسة بغداد، ومن طلائع العلماء ورجال الفكر الشيعة ـ، يعتبرون الإمام المعصوم× صاحب كرامات وفضائل ومقامات عالية، وقد جرى وصف الأئمة الأطهار على لسانه بعباراتٍ من قبيل: (أصحاب العلم والعصمة)، و(عباد الله الصالحون). (انظر: الصدوق، الاعتقادات في مذهب الإمامية: 68 ـ 70؛ التستري، الأخبار الدخيلة 2: 95 ـ 96؛ التستري، قاموس الرجال 1: 66 ـ 67؛ المفيد، الاعتقادات: 93 ـ 96، تحقيق: عصام عبد السيد). يُضاف إلى ذلك أن ابن الغضائري في دفاعه عن الأئمة الأطهار^ قد عمد إلى تحديد بعض أعدائهم بشكلٍ صريح. (انظر: ابن الغضائري، الرجال: 51، 83).

([53]) انظر: المصدر السابق: 111 ـ 118، بشأن أبي بصير.

([54]) انظر: المصدر السابق: 39.

([55]) انظر: المصدر السابق: 111؛ الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 185 ـ 187؛ الطوسي، اختيار معرفة الرجال: 409؛ الطوسي، الفهرست: 73؛ رجال النجاشي: 94.

([56]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 77.

([57]) انظر: أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 11: 311 ـ 313؛ السيد كاظم الطباطبائي، پژوهشي در باره زيارتهاي جامعه (دراسة حول الزيارات الجامعة)، مجلة مطالعات إسلامي (مجلة الدراسات الإسلامية)، العدد 62: 121، مشهد، شتاء عام 1382هـ.ش (مصدر فارسي).

([58]) يطلق مصطلح الطبقة على الجماعة التي تعيش فترةً زمنية واحدة، ويكون أفرادها متقاربين في العمر، ويشتركون في معاصرة المشايخ وأخذ الحديث عنهم. (انظر: كاظم مدير شانه جي، دراية الحديث: 17).

([59]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 36، 65 ـ 69.

([60]) انظر: المصدر السابق: 45.

([61]) انظر: المصدر السابق: 36، 46، 51، 58، 63، 73، 84، 90، 101، 116، والكثير من الصفحات الأخرى.

([62]) انظر: المصدر السابق: 36، 53، 62 ـ 63، 79، 96، 119.

([63]) انظر: المصدر السابق: 46، 51، 56، 99، 104.

([64]) انظر: المصدر السابق: 36، 63، 118 ـ 119.

([65]) انظر: المصدر السابق: 89. وانظر أيضاً: التستري، الأخبار الدخيلة 2: 152.

([66]) ابن الغضائري، الرجال: 38؛ التستري، قاموس الرجال 1: 69.

([67]) يعرف بعناوين من قبيل: (كذّاب، وضّاع للحديث، غير معتنى به، وأحاديثه لا يُعتدّ بها). انظر: ابن الغضائري، الرجال: 80.

([68]) قال النجاشي بشأن (عمارة بن زيد): (أبو زيد الخيواني المصري)، ثم أضاف قائلاً: (لا يعرف من أمره غير هذا). انظر: رجال النجاشي: 303.

([69]) قال والد ابن الغضائري (حسين بن عبيد الله) أنه سمع هذا الخبر من أحد أصحابنا (الشيعة). انظر: النجاشي، المصدر نفسه.

ابن الغضائري، الرجال: 77 ـ 78.

([70]) وعلى الرغم من هذه الحقيقة قام محمد بن جرير بن رستم الطبري في كتابه (دلائل الإمامة) بنقل الكثير من الروايات عن هذا الشخص المختلق (عمارة بن زيد)، للأسف الشديد ـ كما نجد ذلك في: 84، 86، 104، 113 ـ 114، 158، 186 ـ 187، 212. وقد تمّ تصحيف هذا الاسم في بعض الأسانيد بـ (عمارة بن زيد).

انظر: ابن الغضائري، الرجال: 80.

([71]) المصدر السابق: 63؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 162.

([72]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 63.

([73]) يرى بعض علماء أهل السنّة أن تساهل الراوي في أمر الحديث يُعَدّ من المراتب الخفيفة في التجريح. (انظر: نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث: 111؛ وانظر: عبد الله المامقاني، مقباس الهداية 2: 307، ط1، قم، 1413هـ).

([74]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 38، 93 ـ 94.

([75]) انظر: المصدر السابق: 39، 48، 96 ـ 97.

([76]) انظر: المصدر السابق: 44، 93 ـ 94.

([77]) انظر: المصدر السابق: 52.

([78]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 21؛ السبحاني، كلّيات في علم الرجال: 89، 93.

([79]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 29.

([80]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 38؛ التستري، قاموس الرجال 1: 69.

([81]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 52.

([82]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 28.

([83]) انظر: القسم الثاني عشر من هذه المقالة.

([84]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 52.

([85]) المصدر السابق: 87.

([86]) المصدر نفسه.

([87]) انظر: نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 120؛ النوبختي، فِرَق الشيعة: 43 ـ 44، 74، 82.

([88]) انظر: نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 124، (بتلخيصٍ).

([89]) انظر: رجال ابن داوود الحلّي: 242، النجف الأشرف، 1392هـ؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 331، 392، 406؛ أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 14: 243 ـ 261؛ نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 104 ـ 107؛ الطوسي، اختيار معرفة الرجال 2: 490، 577، 585 ـ 586.

([90]) ابن الغضائري، الرجال: 88؛ وانظر أيضاً: الطوسي، اختيار معرفة الرجال 2: 576.

([91]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 112.

([92]) انظر: المصدر السابق: 126.

([93]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 30.

([94]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 80.

([95]) انظر: المصدر السابق: 37.

([96]) انظر: المصدر السابق: 38.

([97]) انظر: المصدر السابق: 92.

([98]) انظر: المصدر السابق: 99.

([99]) من ألفاظ التجريح الدالّة على غلوّ الشخص. (انظر: الشهيد الثاني، الرعاية في علم الدراية: 209، تحقيق: عبد الحسين محمد عليّ البقّال، ط1، قم، 1408هـ؛ عبد الله المامقاني، مقباس الهداية 2: 305).

([100]) انظر: المصدر السابق: 76 ـ 77.

([101]) انظر: المصدر السابق: 77.

([102]) انظر: المصدر السابق: 79.

([103]) رجال النجاشي: 255.

([104]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 51 ـ 52؛ التستري، قاموس الرجال 1: 73.

([105]) رجال النجاشي: 60 ـ 61.

([106]) انظر: التستري، قاموس الرجال 3: 271؛ الكليني، الكافي 1: 241 ـ 252، تحقيق: علي أكبر الغفاري، ط3، طهران، 1388هـ.

([107]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 67.

([108]) انظر: رجال الخاقاني: 56، 147 ـ 148، 161، 171، تحقيق: محمد صادق بحر العلوم، ط2، قم، 1404هـ؛ السبحاني، كليات في علم الرجال: 93، مقتبساً ذلك من كلام الوحيد البهبهاني في كتابه (الفوائد الرجالية)، المطبوع في آخر رجال الخاقاني؛ التستري، الأخبار الدخيلة 2: 96؛ التستري، قاموس الرجال 1: 442 ـ 443، حيث بين رأي الوحيد البهبهاني، وعمد إلى نقده.

([109]) السبحاني، كليات في علم الرجال: 98.

([110]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 28. كما يصدق هذا الأمر على رجال النجاشي في الفهرست ورجال الشيخ الطوسي المعاصرين لتلك الفترة أيضاً. والذي ميَّز منهج ابن الغضائري هو اختبار الآراء الرجالية الموجودة والمعروفة بشأن الرواة من خلال الدراسات الموسّعة بشأنهم وبشأن رواياتهم، الأمر الذي يعكس شدّة دقته واحتياطه وإخلاصه العلمي.

([111]) ابن الغضائري، الرجال: 51.

([112]) وهو من خاصّة أصحاب الإمام الرضا×، وكان زاهداً جليلاً في قدره، وكان ثقة في حديثه ورواياته. (انظر: الطوسي، الرجال: 354؛ الطوسي، الفهرست: 98).

([113]) ابن الغضائري، الرجال: 51.

([114]) المصدر السابق: 93.

([115]) انظر: المصدر السابق: 111.

([116]) انظر: نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 94، 331؛ الطوسي، اختيار معرفة الرجال: 223 ـ 226.

([117]) ابن الغضائري، الرجال: 20.

([118]) المصدر السابق: 63.

([119]) انظر: الطوسي، الرجال: 135؛ رجال النجاشي: 170.

([120]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 61؛ رجال النجاشي: 170.

([121]) انظر: ابن الغضائري: 36.

([122]) انظر: المصدر السابق: 88.

([123]) انظر: بداية هذا القسم؛ الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 28.

([124]) انظر: الأنصاري، (ابن الغضائري)، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 4: 362.

([125]) انظر: العلاّمة الحلّي، إيضاح الاشتباه: 19، 161، تحقيق: الشيخ محمد حسون، ط1، قم، 1411هـ؛ رجال النجاشي: 69، 83.

([126]) عبد الله الأفندي الإصفهاني، رياض العلماء وحياض الفضلاء 2: 133، تحقيق: أحمد الحسيني، قم، 1401هـ؛ الخوئي، معجم رجال الحديث 2: 105؛ السبحاني، كليات في علم الرجال: 80.

([127]) محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ميزان الاعتدال 1: 541، تحقيق: علي محمد بجاوي، ط1، بيروت، 1382هـ.

([128]) انظر: محمد باقر البهبودي، معرفة الحديث: 252، طهران، 1362هـ.ش؛ الطوسي، الرجال: 425؛ عمر رضا كحّالة، معجم المؤلِّفين 4: 25 ـ 26، بيروت.

([129]) انظر: رجال النجاشي: 69؛ عمر رضا كحّالة، معجم المؤلِّفين 4: 25 ـ 26.

([130]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 443.

([131]) ابن الغضائري، الرجال: 43.

([132]) انظر: المصدر السابق: 125؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 305؛ رجال النجاشي: 459. ثم إنه إذا كانت المجهولية في العين (الوجود) كان الراوي (مجهول العين)، وإنْ كان مجهولاً في الصفة الظاهرية والباطنية كان الراوي (مجهول الحال).

([133]) لم يكن هناك من ذكرٍ لهذه المسألة، وإنما شاع هذا الوصف بين المتأخِّرين، وكان أغلبها بتأثير من النـزعة الأخبارية (انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 67).

([134]) وفي ذكر الممدوحين كان ابن الغضائري وحده الذي ألّف كتاباً مستقلاًّ بعنوان (الثقات والممدوحين).

([135]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 55، 67، حيث نقل هذا الرأي، وقام بنقده وردّه.

([136]) انظر: القسم الأول والثاني من هذه المقالة.

([137]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 22.

([138]) التستري، قاموس الرجال 1: 55.

([139]) انظر: المصدر السابق: 30.

([140]) انظر: رجال ابن داوود الحلّي: 208 ـ 209؛ محمد رضا المامقاني، تعليقات بر مقباس الهداية 2: 161، ط1، قم، 1413هـ (مصدر فارسي). ثم إنه يتّضح من هذا الكلام أن كتاب (الثقات والممدوحين) لابن الغضائري قد وصل إلى ابن داوود، وكان بحوزته بعد قرنين من تأليفه.

([141]) ابن الغضائري، الرجال: 39.

([142]) انظر: المصدر السابق. وانظر أيضاً: العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 63؛ رجال ابن داوود الحلّي: 43؛ السيد مصطفى التفرشي، نقد الرجال 1: 155، ط1، قم، 1418هـ.

([143]) رجال النجاشي: 76.

([144]) انظر: الطوسي، الفهرست: 62.

([145]) انظر: الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 328 ـ 332.

([146]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 41؛ الخوئي، معجم رجال الحديث 2: 101 ـ 103.

([147]) انظر: التستري، قاموس الرجال 1: 68. وفي ما يتعلّق باستقلال منهج ابن الغضائري انظر أيضاً: نعمة الله صفري فروشاني، جريان شناسي غلوّ / القسم الثاني، مجلة علوم حديث، العددان 1 ـ 2: 151 ـ 153.

([148]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 41؛ الأردبيلي، جامع الرواة 1: 47، قم؛ الخوئي، معجم رجال الحديث 2: 101 ـ 103؛ الطوسي، الفهرست: 65؛ رجال النجاشي: 76.

([149]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 41؛ التفرشي، نقد الرجال 1: 117؛ العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال: 320.

([150]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 2: 103.

([151]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 30.

([152]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 93.

([153]) انظر: المصدر نفسه.

([154]) انظر: المصدر السابق: 94؛ التستري، قاموس الرجال 1: 66 ـ 67؛ رجال النجاشي: 329.

([155]) إن النقطة الجديرة بالتأمُّل هي أن ابن الغضائري ـ على الرغم من سائر الأصحاب والرجاليين الشيعة ـ ينظر إلى (محمد بن أورمة) بشكلٍ إيجابي، ويعمل على توثيقه؛ لأن الشيخ الطوسي يرى (محمد بن أورمة) ضعيفاً. (انظر: الطوسي، الرجال: 448، الرقم 6362)، واعتبر رواياته مشتملة على التخليط والغلوّ. وقد نقل عن أبي جعفر ابن بابويه (الصدوق) كلامه ورأيه الذي أورد فيه تهمة الغلوّ إلى (محمد بن أورمة)، والقول بأنها غير قابلة للاعتماد، وأن العمل بها غير جائز. (انظر: الطوسي، الفهرست: 220، الرقم 620). كما أن النجاشي قد اكتفى بمجرّد نقل الأقوال المختلفة بشأن اتهامه وبراءته، دون إبداء رغبة في تبرئة (محمد بن أورمة)، وقد أضاف إلى ذلك قائلاً: (إن كتبه صحيحة، باستثناء التفسير الباطني المنسوب له، والممتزج بالصحيح والسقيم). (انظر: رجال النجاشي: 329، الرقم 891).

([156]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 110 ـ 111.

([157]) انظر: المصدر السابق: 61؛ الطوسي، اختيار معرفة الرجال: 206.

([158]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 62؛ الطوسي، الفهرست: 130.

([159]) انظر: التستري، الأخبار الدخيلة 2: 96.

([160]) ابن الغضائري، الرجال: 62.

([161]) انظر: الطوسي، الفهرست: 130.

([162]) انظر: رجال النجاشي: 174 ـ 175.

([163]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 8: 379، 383.

([164]) انظر: الخواجوئي، الفوائد الرجالية: 284.

([165]) انظر: ابن الغضائري، الرجال: 74.

([166]) انظر: الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 21؛ المامقاني، مقباس الهداية 2: 272.

([167]) انظر: المامقاني، مقباس الهداية 2: 272، حيث قبل برأي الوحيد البهبهاني في الفوائد الرجالية: 49، وعمل على نقله وبيانه.

([168]) انظر: رجال الخاقاني: 102.

([169]) انظر: المصدر السابق: 148.

([170]) لقد ناقش كاتب هذه السطور هذا الأمر في مقالةٍ مستقلّة، واستدلّ على صحّة واعتبار نسبة كتاب (الضعفاء) أو (الرجال) إلى ابن الغضائري.

([171]) الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 22.

([172]) انظر: التستري، الأخبار الدخيلة 2: 443، 663.

([173]) الجلالي، مقدّمه بر رجال ابن الغضائري: 21.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً