أحدث المقالات

ـ القسم الثاني ـ

د. مصطفى كريمي(*)

ترجمة: حسن مطر

3ـ نقد الآراء

لقد عمد الشيخ معرفت& إلى رفض كلا الاتجاهين اللذين ينحيان إلى الإفراط والتفريط في ما يتعلَّق ببيان رقعة القرآن؛ فرفض الاتجاه القائل بالحدّ الأعلى في بيان هذه الرقعة؛ كما رفض الاتجاه القائل بالحدّ الأدنى أيضاً، وقام بنقدهما.

أـ نقد الاتجاه القائل بالحدّ الأعلى

لقد ركز الأستاذ معرفت& أكثر كلامه على جامعية القرآن الكريم في ما يتعلَّق بنقد الاتجاه القائل بالحدّ الأعلى، وهو الاتجاه القائل بأن القرآن الكريم يشتمل على جميع العلوم، حيث يرى عدم وجود دليل أو شاهد على هذا الادّعاء.

إن السؤال الأول الذي يتمّ توجيهه إلى أصحاب هذا الرأي هو: كيف يمكن إثبات القول بأن جميع العلوم والصناعات والاختراعات والاكتشافات الراهنة، والآخذة في الازدياد، إنما كان بفعل استنباطها من القرآن الكريم؟! ولماذا لم يتوصل المتقدمون إلى هذه الاختراعات والاكتشافات، ولم يلتفت لها المتأخِّرون؟ ومتى تحدّث القرآن الكريم عن المثلَّثات، أو رقّة الهواء، أو كيفية اختراع الكلام؟!

وثانياً: كما تقدَّم أن ذكرنا فإنه ليس من شأن القرآن أن يتدخل في أمور تتعلق باكتشافات واختراعات البشر، بل لا معنى حتى إلى هدايتهم في هذا الاتجاه؛ لأن الله قد منح الإنسان العقل والذكاء والقدرة على التفكير، وذلك منذ اليوم الأول الذي قال فيه: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (البقرة: 31)، والأسماء هنا تعني حقائق الأشياء، بمعنى أن الله قد وهب الإنسان القدرة على معرفة جميع حقائق الوجود. وهذا هو المتوقَّع من الله سبحانه وتعالى، وإن على الإنسان في الأصل أن يُثبت جدارته في خلافة الله في الأرض، وذلك بأن يكون مبدعاً من تلقاء نفسه، وعليه لا معنى للقول بأن على الإنسان أن يستعين بالشرع ليدرك حقيقة المثلَّثات والهندسة الوراثية أو القول بالقانون الرياضي الكذائي، فليس هذا من مهامّ الشريعة. ولا شأن للإسلام بأن يحدِّد للإنسان الواسطة النقلية التي يتعيّن عليه استخدامها في السفر، أو ما هو نوع الثياب التي يلبسها؟ وإنما غاية ما يقوله في هذا الشأن هو أن تكون من طريق الحلال، وأن لا يكون فيها إسرافٌ أو تبذير، وأن لا تكون من طريق العدوان أو انتهاك حقوق الآخرين. لقد جاء الإسلام ليعمل على تعديل حياة الإنسان، وأن يكون الإنسان وسطياً في حياته، فلا يتعامل مع الآخرين بإفراطٍ أو تفريط، أو أن يعتدي عليهم أو يُقصِّر في أداء حقوقهم. إن وظيفة الشرع تتلخَّص في أن يرسم برنامجاً يضمن للإنسان حياة سليمة. فالإسلام إنما جاء لسعادة الإنسان، بمعنى أن يهديه لكي يعيش السعادة في هذا العالم، وتكون سعادته في هذه الدنيا مقدّمة لسعادته في الآخرة. وهذا يتوقَّف بدوره على أن تكون له حياةٌ سليمة، وأن يكون العدل هو الحاكم في المجتمع، وأن لا يتطرَّق إليه الظلم والجور. ولذلك يتمّ تشريع القوانين والأحكام في هذا الإطار، ولا يكون له شأن في بيان حقيقة الأوكسجين، وطريقة الاستفادة منه، وما إلى ذلك.

وثالثاً: إن هذا الرأي لم يقدِّم أي دليلٍ مُتْقَن على إثبات مدّعاه. وإن استدلاله ببعض الآيات والروايات لم يكن صحيحاً. وهذا يتَّضح من خلال الالتفات إلى الأمور التالية:

1ـ إن عبارة الآية القائلة: ﴿وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ شبيهةٌ بما ورد في الآية 111 من سورة يوسف، قد وردت كصفة للتوراة أيضاً، والحال أننا لا نؤمن بأن التوراة تشتمل على بيان كلّ شيءٍ، حتّى ما كان من قبيل: الأحكام الضرورية؛ إذ لو كانت التوراة قد بيّنت تفصيل كل شيء لما كانت هناك حاجةٌ إلى نزول كتاب سماوي آخر، أو شريعة لاحقة.

2ـ إن الآية 89 من سورة النحل بصدد إتمام الحجّة على الكافرين، حيث يؤتى في يوم القيامة بكلّ نبيٍّ ليكون شاهداً على أعمال أمته، ويأتي النبيُّ الأكرم‘ ليكون بدوره شاهداً على هذه الأمّة أيضاً؛ لأن الكتاب والشريعة التي نزلت عليه كانت هي الأكمل، وإن القرآن قد اشتمل على بيان كلّ شيء: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: 89)، أي إننا لم نترك في هذا الكتاب نقصاً في بيان الوظائف والتكاليف الشرعية؛ ليكون كتاب هداية ورحمة وبشارة للمسلمين. وعليه، بملاحظة شأن نزول هذه الآية والمخاطبين بها، وكذلك بدايتها ونهايتها، يتّضح أن المراد من ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ هو الشمولية والجامعية لأحكام الشرع. في هذا النوع من الكلام يجب النظر إلى الموقع والظرف والحالة التي يكون عليها المتكلِّم بهذا الكلام. إن الذي ادَّعى أن القرآن بيانٌ لكل شيء لم يكن مستنداً على عرش التكوين، فلو كان مستنداً على عرش التكوين، وقال: لقد جئتكم بكل ما تحتاجون إليه، أمكن القول بأن جذور العلوم التجريبية والرياضية وجميع الاكتشافات والاختراعات البشرية في الحدّ الأدنى موجودةٌ في القرآن، بَيْدَ أنه إنما قال هذا الكلام عندما كان مستنداً إلى مقام التشريع، وعليه يكون المعنى أنه قد بيَّن كل شيء يتعلق بالدائرة التشريعية من الأصول والفروع. وهذا بمنزلة ما لو قام فقيهٌ بتأليف كتابٍ، وقال لمقلِّديه: «لقد كتبتُ لكم في هذا الكتاب كلّ ما تحتاجون إليه»، فهو إنما يقول هذا الكلام عندما يكون متربِّعاً على عرش الفقاهة، كما هو الحال بالنسبة إلى كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه»، أو عندما يقول محمد بن زكريا الرازي: أكتب كتاباً يشتمل على جميع ما يحتاجه الناس، ومن هنا فقد ألفت كتاب «مَنْ لا يحضره الطبيب»، بمعنى أنه يشتمل على كلّ ما يحتاج له الناس في الطبّ. والدليل على ذلك أنه إنما قال ذلك الكلام عندما كان متربِّعاً على عرش الطبابة([1]).

3ـ يبدو من ظاهر الآية الكريمة القائلة: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 38) أن المراد من كلمة «الكتاب» فيها هو كتاب التكوين في ما يتعلَّق بالعلم الإلهي الأزلي. إن مراد هذه الآية أن الله مشرفٌ على جميع الكائنات والمخلوقات، وأن لا شيء منها خارج دائرة علمه الأزلي، وأن عاقبة جميع الأشياء هي العودة إلى الله. كما لا ربط لقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام: 59) بجامعية القرآن الكريم وإعجازه؛ لأنه يذكر الكتاب المبين، وليس القرآن، والمراد هو أن جميع الكائنات وسلوكها وأفعالها ثابتةٌ ومسجَّلة في علم الله الأزلي، ولها حضورٌ بالفعل. وهذه الآية لا تقول: إننا ذكرنا كل شيء في القرآن.

4ـ إن مراد عبد الله بن مسعود من قوله: «أنزل في هذا القرآن كل علم، وكل شيء قد تبيَّن لنا في القرآن»([2]) إنما يتعلق بالعلوم التي كان يعرفها، وهي العلوم والمعارف الدينية، والمراد من الأولين والآخرين والسابقين واللاحقين هم الأنبياء وشرائعهم، وإن جميع ما ورد فيها قد ورد في القرآن أيضاً.

ب ـ نقد الاتجاه القائل بالحدّ الأدنى

على الرغم من أن الشيخ معرفت لا يرتضي الاتجاه القائل بالحدّ الأعلى في ما يتعلَّق بجامعية القرآن الكريم، إلاّ أنه في الوقت نفسه لا يرضى أيضاً بتضييق دائرة القرآن الكريم بالاستناد إلى الأسلوب الخارج عن النصّ، وإظهار القرآن ـ على حدّ تعبيره ـ ذا مساحة ضيِّقة للغاية. يذهب سماحته إلى الاعتقاد بإننا وإنْ قلنا بأن وظيفة الشارع لا تكمن في التدخُّل بالأمور التي يمكن للإنسان أن يتوصّل إليها بعقله وذكائه، ولكنّنا لا نستطيع تسرية هذا الكلام إلى الأمور الشرعية أيضاً. فلا يصحّ ـ مثلاً ـ القول: إن باستطاعتنا نحن البشر أن نصل إلى حقيقة المسائل المتعلِّقة بالحكومة والتعزيرات والحدود والقصاص والكثير من أبواب المعاملات والأحكام، من قبيل: عدّة الطلاق والحيض والنفاس، وذلك من خارج جامعيّة القرآن الكريم([3])؛ لأن القرآن الكريم معجزةٌ إلهية في بُعْده التشريعي أيضاً([4]).

4ـ مساحة وحدود القرآن الكريم

يُعبَّر عن السعة المكانية لرقعة بيان القرآن الكريم بالعالمية، وعن السعة الزمانية لهذه الرقعة بالخلود. يذهب الأستاذ معرفت& إلى الاعتقاد بأن القرآن قد ذهب مرحلة بعد مرحلة ليخرج من الدائرة الزمنية لعصره، ويوسّع من دائرة التحدّي، لتتجاوز العرب، وتشمل البشرية بأسرها إلى الأبد، فيتحدّى الجميع أن يأتوا بمثله. قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: 88). وبذلك تكون هذه الآية قد حسمت الموقف، وشملت الجميع بهذا التحدّي؛ ليطال جميع الإنس والجنّ، على نحو العموم الأفرادي والأزماني([5]).

إن النبي الأكرم‘ في بيان البطن للقرآن الكريم، حيث قال: «ما في القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن»([6])، كان يحمل هاجس أن القرآن ينزل في مناسبات خاصّة، وحيث إن كل آية تنظر إلى مناسبتها الخاصة فإنها ستكون خاصّةً بأولئك القوم أو ذلك الزمن، وتكون بالتالي مقيّدة بالقيد التاريخي الخاصّ بها، في حين يجب على الناس استنباط الرسالة العالمية للقرآن من خلال التعمُّق في بطن الآية. وقال الإمام الباقر× عندما سُئل عن هذه الرواية: «ظهره تنزيله، وبطنه تأويله»([7])، بمعنى أنه يجب استخراج المفهوم العام من صُلْب الآية؛ للوصول إلى أهدافها وغاياتها ومآلاتها.

وقد رُوي عن النبيّ الأكرم‘ أنه قال: «له نجومٌ، وعلى نجومه نجوم»([8])، وهذا يعني إمكان الحصول من الآيات على ما لا نهاية له من المفاهيم والحقائق. وقد تتجلى هذه الحقائق الكامنة في آيات القرآن الكريم في عصر ازدهار العلم بعد ظهور الإمام الحجّة صاحب العصر والزمان#([9]).

أـ الرقعة والمساحة الموضوعية للقرآن الكريم

هل تقتصر الرقعة والمساحة الموضوعية لبيانات القرآن الكريم على أصول الشريعة فقط، أم تذهب إلى أبعد من ذلك؟ إن الأستاذ معرفت& لا يحصر دائرة القرآن بالأحكام والشريعة فقط، من هنا فإنه، إلى جانب الإعجاز التشريعي للقرآن الكريم([10])، يذهب ـ خلافاً لبعض الآراء ـ إلى الاعتقاد بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم أيضاً، وأن جانباً من هذا الإعجاز يظهر بفعل التقدُّم العلمي، حيث تنكشف بعض الأسرار العلمية للقرآن على مرّ الزمن([11]). وبالتالي يدرك الناس أن هذا الكلام وهذه الأسرار لا يمكن إلاّ أن تكون صادرةً عن خالق هذا الكون([12]).

وبطبيعة الحال فإن الأستاذ معرفت يعتقد أن إشارة القرآن إلى المسائل العلمية لم تكن هي المقصودة بالذات، وإنما يأتي عَرَضاً من باب المنّة والتفضُّل. فالمتكلم حيث يكون محيطاً بأسرار الخلق حتى إذا تحدّث في بُعْدٍ معيّن وشأن خاص يخرج أحياناً من تضاعيف عباراته كلامٌ يحكي عن هذه الإحاطة والعلم المفعم([13]). من هنا فإن القرآن الكريم قد بيَّن المسائل العلمية على نحوٍ مجمل ومبهم، بحيث إنه على طول التاريخ، وكلما حصل تقدُّمٌ علمي، لا يرى العلماء تعارض القرآن مع النظريات العلمية. إن هذه اللغة العالمية للقرآن هي في حدّ ذاتها تنطوي على جهة إعجازية لا تتشابك مع النظريات العلمية؛ لأن هذا من شأنه أن يتعارض مع الهدف التربوي للقرآن الكريم([14]).

ب ـ النسبة بين مساحة القرآن ومساحة الإسلام

يرى الأستاذ معرفت أن النسبة المنطقية بين المساحة المفهومية للقرآن والمساحة المفهومية للإسلام هي نسبة العموم والخصوص من وجهٍ؛ لأن السنّة، بالإضافة إلى القرآن، تعتبر مصدراً من مصادر الدين من جهةٍ؛ ومن جهةٍ أخرى قد اشتمل القرآن الكريم على المسائل العلمية أيضاً، ولكنها لم تكن هي المقصودة بالكلام بالذات، وإنما تأتي في السياق عَرَضاً. وقد قال الشيخ معرفت بهذا الشأن: «إن القرآن الكريم إذا تعرَّض للمسائل العلمية فإن هذه المسائل العلمية لم تكن هي المقصودة بالكلام، وإنما تأتي بشكل عَرَضي. فحيث يكون المتكلم مهيمناً على أسرار الخلق قد تظهر أحياناً على كلماته ـ حتى إذا كان يتحدَّث في بُعْدٍ خاصّ ـ عبارات تحكي عن علمه الجمّ، ولا يفهمها إلاّ بعض المخاطبين المتميِّزين من العلماء»([15]).

ج ـ نسبة مساحة القرآن إلى مساحة السنّة

إن مرادنا من السنّة لا يقتصر على ما ورد إلينا من قبل المعصومين^ فقط، بل تشمل علم هؤلاء العظام أيضاً. يرى الشيخ معرفت& أن النسبة المنطقية القائمة بين مساحة القرآن والسنّة هي نسبة العموم والخصوص المطلق، بمعنى أن السنّة أعمّ من القرآن الكريم؛ إذ على الرغم من تحديد جامعية القرآن الكريم بعموميات الدين، إلاّ أن سماحته لا يُجرِّد النبي الأكرم‘ والأئمة الأطهار^ من جميع العلوم. وممّا قاله في هذا الشأن: «إن الإمام الصادق× حيث يتربَّع على سدّة التشريع بوصفه مشرِّعاً لا يمكن القول بخلوّه من سائر العلوم… وإن النبيّ الأكرم‘ الذي هو العقل الأكمل لا يمكن القول بشأنه: إنه لا يعلم جميع المسائل، وإنما يقتصر علمه على خصوص المسائل الشرعية. لا يمكن أن يكون الأمر كذلك، بل هو عالمٌ بجميع الأمور، ولكنه غير مكلَّفٍ ببيانها»([16]).

تقديمٌ إلى الأستاذ

إن من الخصائص البارزة لأستاذنا العزيز الشيخ معرفت& قبوله النقد، وتشجيع تلاميذه، وتأكيده على هذه الناحية([17]). من هنا فإنني أطلب الإذن من روحه، وأستعرض بعض المسائل بشأن جامعية القرآن الكريم، مستنداً في ذلك إلى الروايات المستفيضة والمعتبرة التي لم يتمّ الالتفات إليها. يعود سبب جرأتي على طرح هذه المسائل ـ بالإضافة إلى اتّباع السيرة العلمية والعملية لأستاذنا العزيز ـ هو أنَّني في لقاءٍ كان لي مع سماحته قلتُ له: أرى أن جامعية القرآن الكريم بسعة علم النبي الأكرم‘ والأئمة الأطهار^، فقال: هل لديك دليلٌ على هذا الكلام؟ وعندما عرضْتُ عليه أدلتي باختصار لم يقُمْ برفضها. ولذلك فإنني أستعرض أدلتي هنا ضمن نقطتين:

النقطة الأولى

ليس هناك من شَكٍّ في أن القرآن لا يشمل بدلالته اللفظية جميع أصول الأمور الدينية والإرشادية، ناهيك عن أن يكون مشتملاً على كلّ شيء. وفي روايةٍ أن القرآن الكريم لم يُشِرْ ببيانه اللفظي حتّى إلى عدد ركعات الصلاة اليومية الواجبة، رغم أنها على ما جاء في الأحاديث: «عمود الدين، إنْ رُدّت رُدّ ما سواها، وإنْ قُبلت قبل ما سواها». ففي رواية أبي بصير، عن أبي جعفر×، في قول الله تعالى: ﴿أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 59)، قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب×، قلتُ له: إن الناس يقولون لنا: فما منعه أن يسمّي علياً وأهل بيته في كتابه؟ فقال أبو جعفر× قولوا لهم: إن الله أنزل على رسوله الصلاة، ولم يُسَمِّ ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول الله هو الذي فسَّر ذلك لهم…»([18]).

وجاء في روايةٍ أخرى أن الله قد بعث أربعاً وعشرين ومئة ألف نبيّ([19])، ولكنه لم يذكر منهم سوى ستّةٍ وعشرين بالاسم، وأربعةٍ بالصفة. وقد أشار القرآن نفسه إلى أنه لم يذكر من قصص جميع الأنبياء سوى النَّزْر القليل منهم؛ إذ يقول تعالى: ﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ (النساء: 164).

وعليه لا يمكن القول بأن المراد من الكتاب والحديث في هذه الآيات هو ظاهر هذا القرآن الكريم بالدلالة اللفظية، مع إمكان الأخذ بإطلاق الآية. يُضاف إلى ذلك أن التدقيق في سياق هاتين الآيتين، والروايات الواردة في تفسيرهما، يثبت عدم إمكان تقييد جامعية القرآن الكريم بالأصول المرتبطة بالأحكام والشريعة. نحن نرى أن للقرآن الكريم ناحيتين: الأولى: ترتبط بالناس العاديين الذين يهتدون بهَدْي القرآن، والثانية: ترتبط بالنبيّ الأكرم‘ والأئمة^. إن روايات الجامعية تبيّن الناحية الثانية من القرآن، وتدلّ على أن القرآن الكريم النازل على النبيّ الأكرم‘ قد بيَّن بظاهره وباطنه جميع الأمور التي يحتاجها النبيّ والإمام. وهذا ما سيتَّضح من خلال المطالب التي نأتي على ذكرها ـ باختصارٍ ـ تباعاً([20])، وذلك كما يلي:

1ـ إن سياق الآيات يدلّ على أن المراد من «الحديث» في الآية 111 من سورة يوسف، و«الكتاب» في الآية 89 من سورة النحل، هو القرآن النازل على النبيّ الأكرم‘، وليس القرآن في اللوح المحفوظ، وخاصة في ما يتعلَّق بالآية 89 من سورة النحل؛ لاشتمالها على كلمة «نزَّلنا» الدالّة على نزول ذلك الكتاب.

2ـ إن كلمة «تفصيلاً» في الآية 111 من سورة يوسف، و«تبياناً» في الآية 89 من سورة النحل، تدلان على أن بيان القرآن لكل شيء أمر واضح؛ لأن «التفصيل» الذي هو من باب التفعيل من الفصل الذي يعني التمييز والفصل بين شيئين([21])، وهو في هذه الآية يعني البيان([22]). وربما استعمل لفظ التفصيل للدلالة على المبالغة([23]).

وهناك من المفسِّرين مَنْ رأى أن المراد من قوله تعالى: ﴿تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ هو جميع الأمور التي يحتاجها الإنسان في الحياة الدنيا والآخرة والمعاش والمعاد([24]).

إن «التبيان» مصدرٌ أو اسم، وعلى كلتا الحالتين يحمل صفة المبالغة، ويعني البيان البليغ([25]). يتَّضح من هذه العبارة أن القرآن هو في حدّ ذاته بيانٌ بشكل مباشر؛ لأن البيان غير المباشر لا ينسجم مع المبالغة. ومن غير الصحيح أن نعتبر بيان القرآن لكلّ شيء بياناً مجملاً([26]).

3ـ هناك إطلاقٌ في عبارة «كلّ شيء»([27]) في الآية 111 من سورة يوسف، والآية 89 من سورة النحل، والأصل يقوم على ضرورة أن يحافظ المفسِّر ما أمكنه على هذا الإطلاق، ولا يُقيِّده. كما أن الأصل على عدم تأويل الدلالة الظاهرية لها، وخاصة بالالتفات إلى وجود الكثير من الروايات ـ ومنها ما هو معتبرٌ وموثوق ـ الدالة على جامعية القرآن لكلّ شيء([28]). وعليه لا يمكن رفع اليد عن إطلاق الآية دون دليل مورث لليقين، وتقييدها بالأمور المرتبطة بالهداية أو بأمرٍ آخر.

4ـ إن سياق الآية 89 من سورة النحل يدلّ بدوره على سعة مساحة القرآن الكريم وجامعيته؛ وذلك لأن «الواو» في الآية الشريفة يدلّ على العطف([29])، وبذلك يربط بين صدر الآية وذيلها. يقول الجزء الأول من الآية: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء﴾، وبذلك يبيِّن هذا الشطر من الآية وجوه الشهادة في كل أمة، وشهادة النبي الأكرم‘ على جميع الشهود أو جميع أفراد البشر، وحيث يوجد احتمال أن يتمّ التشكيك بكيفية شهادة النبي الأكرم‘ على أعمال جميع البشر في يوم القيامة مع وجود هذا العدد الهائل منهم، ولا سيَّما أن هذه الشهادة لا تصحّ إلاّ إذا كان النبي عالماً بشكلٍ كامل بحقائق جميع أعمال الناس([30])، من هنا يأتي الجزء الثاني من هذه الآية؛ لتصحيح هذه الشهادة من خلال القول: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: 89)، لتثبت بذلك جامعية القرآن وشموليته. فإن هذا الجزء من الآية يشكِّل دليلاً على قدرة النبي الأكرم‘ على أداء الشهادة على أعمال جميع الأمة، إذ تقول: إننا من خلال هذا الكتاب الذي أنزلناه إليك، والذي فيه بيان كل شيء، نجعل بإمكانك العلم والاطّلاع على حقيقة أعمال ونوايا جميع الناس؛ لتشهد عليهم يوم القيامة بما علمْتَ. وقد ورد مضمون هذه الآية الشريفة حول شهادة النبي الأكرم‘ على جميع الأمم في موضعٍ آخر من القرآن الكريم أيضاً، حيث يقول تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً﴾ (النساء: 41).

إن هذه الشهادة لا تشمل الناس العاديين، بل لا تشمل حتّى المؤمنين منهم([31]). وعلى فرض شمولها فإن شهادتهم في يوم القيامة إنما تكون في مورد بعض الأعمال الصادرة عن بعض الأفراد، ولا تشمل الشهادة على جميع أعمال كافّة الناس، على ما يُستفاد للأئمة من آيات الشهادة. كما تعرِّف الروايات أن المرادَ من الأمة الوَسَط في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (البقرة: 143)([32]) الأئمّةُ من أهل البيت^ فقط.

وفي رواية عن أبي بصير، عن أبي عبد الله×، في قول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾، قال: «نحن الأمّة الوَسَط، ونحن شهداؤه على خلقه، وحجّته في أرضه»([33]).

5ـ إن الالتفات في الآية الشريفة يدلّ على أن القرآن الكريم إنما هو تبيان لكل شيء بالنسبة إلى النبي الأكرم‘ فقط (وتبعاً للنبي يكون تبياناً للأئمة المعصومين^ أيضاً)؛ إذ طبقاً لقواعد اللغة العربية كان يجب أن يؤتى بـ «الكتاب» في الآية الشريفة بعد الفعل «نزَّلنا» مباشرة؛ لأنه مفعول به، ويجب أن يتقدَّم على الظرف والجار والمجرور، هذا في حين أننا نرى تقدُّم الجار والمجرور ـ الذي هو عبارة «عليك» في هذه الآية ـ على «الكتاب»، وهذا يُعبِّر عن شيء، وهو أن القرآن الكريم إنما هو بيان لكلّ شيء بالنسبة إلى النبيّ الأكرم‘ فقط.

وجاء في الروايات أيضاً: «إنما يعرف القرآن مَنْ خوطب به»([34]).

ولم يُخاطب القرآن الكريم بهذا النوع من الخطاب سوى النبيّ الأكرم‘ والأئمة المعصومين^.

وهناك روايات تدل على حصر فهم جميع القرآن بظاهره وباطنه، بعد النبيّ الأكرم، بالأئمة من أهل البيت^، ومنها: المأثور الصحيح عن الإمام الصادق×، إذ يقول: «ما يستطيع أحدٌ أن يدّعي أنه جمع القرآن كلَّه ـ ظاهره وباطنه ـ إلاّ الأوصياء»([35]).

6ـ يُستفاد من الروايات الكثيرة والمعتبرة([36]) المتعلقة بجامعية القرآن أن البيان الجامع للقرآن الكريم أمرٌ خاصّ بالنبي وأهل البيت^، ويشمل الأمور التي تقع مورداً لاحتياجهم.

إن هذه الروايات على أربع مجموعات. وفي ما يلي سنذكر رواية واحدة من كلّ مجموعة:

المجموعة الأولى: الروايات التي تبين سعة دائرة ومساحة القرآن الكريم، دون أن تشير إلى العالمين بها([37]). وهي الروايات التي تعرِّف القرآن بوصفه مشتملاً على جميع ما يحتاجه العباد. ومن ذلك: المرويّ بسندٍ صحيح([38]) عن الإمام أبي عبد الله الصادق× قال: «إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء، حتّى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبدٌ يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن إلاّ وقد أنزله الله فيه»([39]).

المجموعة الثانية: الروايات التي تشير ـ ضمن بيانها لسعة مساحة القرآن الكريم ـ إلى عدم تمكُّن الناس من إدراكه([40])، من قبيل، المرويّ عن الإمام علي× أنه قال: «ما من شيء إلاّ علمه في القرآن، ولكنّ عقول الرجال تعجز عنه»([41]).

إن هذه الرواية صريحةٌ في اشتمال القرآن الكريم على معرفة كل شيء، بَيْدَ أن الإنسان لا يسعه من خلال مجرّد امتلاكه للعقل أن يحيط بها علماً.

المجموعة الثالثة: إن هذه المجموعة تشمل عدداً أكبر من الروايات، وتشير بنحوٍ ما إلى أن بيان كل شيء في القرآن الكريم إنما هو خاصٌّ بالنبي الأكرم‘ والأئمة من أهل البيت^([42]).

أـ رُوي بسندٍ صحيح([43]) عن الإمام الصادق× أنه قال: «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وفصل ما بينكم، ونحن نعلمه»([44]).

تؤكِّد هذه الرواية على وجود خبر حوادث الوجود في القرآن الكريم، وتعرِّف القرآن بوصفه الحكم الذي يفصل بين الخصومات والاختلافات، ويصرِّح بعلم المعصومين^ بهذه المعارف والعلوم القرآنية الواسعة.

ب ـ عن الصفّار القمّي، بسنده عن حمّاد اللحّام قال: قال أبو عبد الله×: نحن والله نعلم ما في السموات وما في الأرض، وما في الجنة وما في النار، وما بين ذلك، قال: فنبهت أنظر إليه، فقال: يا حمّاد، إن ذلك في كتاب الله، إن ذلك في كتاب الله، إن ذلك في كتاب الله، (ثلاثاً)، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ…﴾»([45]).

ج ـ في الكافي، بسندٍ موثَّق([46])، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعتُ أبا عبد الله× يقول: قد ولدني رسول الله‘، وأنا أعلم كتاب الله، وفيه بدء الخلق، وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر الجنّة وخبر النار، وخبر ما كان و[خبر] ما هو كائنٌ، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفّي. إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾»([47]).

لقد عمد الإمام× في هاتين الروايتين إلى إسناد جامعية وسعة مساحة القرآن الكريم إلى الآية 89 من سورة النحل. وفي روايةٍ مشابهة صرَّح بأن علمه مقتبس من القرآن الكريم، واستند إلى هذه الآية([48]).

د ـ في أصول الكافي، بسندٍ صحيح([49])، عن الإمام الصادق× أنه قال: «إن الله عزَّ ذكرُه ختم… بكتابكم الكتب، فلا كتاب بعده أبداً، وأنزل فيه تبيان كل شيء، وخلقكم وخلق السماوات والأرض، ونبأ ما قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما بعدكم، وأمر الجنّة والنار، وما أنتم صائرون إليه»([50]).

المجموعة الرابعة: الروايات التي تشير إلى وجود كلّ شيء في الكتاب والسنّة([51]). فبسندٍ صحيح، عن حمّاد قال: سمعتُ الإمام الصادق×، يقول: «ما من شيء إلاّ وفيه كتابٌ أو سنّة»([52]).

ويدلّ هذا القسم على وجود كل شيء في القرآن الكريم والسنّة، وليس القرآن الكريم وحده.

وفي روايةٍ أخرى دلالة على أن مصدر علم الأئمة من أهل البيت^ هو القرآن([53]). ومن ذلك: ما رُوي عن الإمام الباقر× أنه قال([54]): «إذا حدَّثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله»([55]).

وعلى هذا الأساس فإن مجموع هذه الآيات والروايات تدلّ على أن جامعية وشمولية أحكام وتعاليم القرآن الكريم لا تنحصر بالأمور المرتبطة بالدين والهداية فقط، بل تشمل جميع الأحكام والمعارف التي يحتاجها النبيّ والأئمة، وهذه الأمور لا يفهمها غيرهم.

وإن رواية ابن مسعود تؤيِّد ذلك؛ إذ يقول: «إن الله أنزل في هذا الكتاب تبياناً لكل شيء، ولكن علمنا يقصر عما بيّن لنا في القرآن»([56]).

النقطة الثانية

لم يتمّ تقديم أيّ دليل على عدم شمول الرقعة القرآنية للأمور المتعلقة بمعطيات العلوم البشرية، باعتبارها بعيدة عن شأن القرآن الكريم، بل لا يمكن إثبات الامتناع العقلي لتدخُّل القرآن في الأمور المتعلقة بشأن العلوم البشرية. وربما كان الدليل الوحيد على ذلك هو أن القرآن لو كان بناؤه على بيان العلوم التي يتوصل إليها الإنسان بإمكاناته الذاتية سيكون ذلك البيان لَغْواً.

ويكفي في المقابل إثبات أن بيان القرآن في هذه الموارد ليس لَغْواً. ونحن نرى أن القرآن إذا كان لديه ما يقوله بشأن الأمور المتعلِّقة بالعلوم البشرية فإن ذلك لن يكون لَغْواً، بل هو ضروريٌّ في بعض الموارد.

إن النسبة بين مساحة الوحي والعلوم البشرية من الناحية المنطقية هي نسبة العموم والخصوص من وجهٍ، وليس التباين، بمعنى أن بإمكان القرآن والعلوم البشرية البحث في موضوعٍ واحد.

توضيح ذلك أن الأمور التي يمكن للإنسان التوصّل إليها من خلال العلم البشري لا تخلو من إحدى الحالات الأربعة التالية:

1ـ الأمور التي تمكّن جميع الناس من الوصول إليها، وليس هناك بينهم أيّ اختلاف بشأنها.

2ـ الأمور التي اقتصر علمها وفهمها على المفكِّرين، حيث توصل المفكِّرون بشأنها إلى نتائج واحدة، ولم يختلفوا بشأنها.

3ـ الأمور التي اقتصر علمها على المفكِّرين، إذ توصَّلوا بشأنها إلى نتائج، ولكنهم اختلفوا بشأنها.

4ـ الأمور التي توصَّل لها جميع الناس، ولكنّهم اختلفوا بشأنها.

وفي الحالة الأولى إذا لم يتحدث الوحي بشأنها لا تحدث مشكلة.

وهكذا قد يكون الأمر بالنسبة إلى الحالة الثانية أيضاً؛ لإمكان اعتماد الناس على ما توصل إليه المفكِّرون، فلا تكون هناك حاجةٌ إلى بيان الوحي بشأنها.

وأما في الحالة الثالثة فلا بُدَّ من بيان الوحي؛ إذ لا يمكن لكل شخص الاعتماد في مثل هذه الحالة على كلام أحد العلماء؛ لاستحالة الترجيح؛ والاعتماد على الجميع يؤدّي إلى الاضطراب والفوضى.

وهكذا الأمر بالنسبة إلى الحالة الرابعة التي يختلف فيها جميع الناس، تكون الحاجة إلى بيان الوحي ضروريةً من باب أَوْلى.

ويبدو أن أكثر المسائل التي تبحثها العلوم البشرية هي من الحالتين الثالثة والرابعة، التي لا يكون فيها بيان الوحي لَغْواً، بل هو ضروريٌّ. وإن وجود المذاهب الفكرية والعقائدية المختلفة في المجتمعات البشرية، والتي يكذِّب بعضها بعضاً، يُشكِّل دليلاً على هذا المدَّعى. وهذا الأمر أدّى إلى عدم إمكان الاعتماد على أيّ واحدٍ منها. وليس هذا إلاّ لمحدودية العلوم البشرية، وعدم إفادة أغلبها لليقين.

وعلى الرغم من عدم حاجة الناس إلى الوحي وبيان القرآن الكريم في الحالة الأولى، حيث لا يختلف الناس فيما بينهم بشأن النتائج التي حصلوا عليها، والحالة الثانية التي يمكنهم الاعتماد فيها على المفكِّرين، بَيْدَ أن بيان القرآن حتّى في هاتين الحالتين لا يكون لَغْواً؛ إذ يمكن لهذا البيان القرآني أن يكون إرشاداً إلى حكم العقل، ومؤيِّداً له([57]). إن القرآن يؤيّد العقل في بعض الموارد، ومع الالتفات إلى تغيّر وتحوّل المعطيات البشرية، وعدم الاطمئنان الكامل واليقين التامّ بها، من جهةٍ، والوثوق والاطمئنان بالوحي وما نحصل عليه من الأنبياء، من جهةٍ أخرى، فإننا نحصل على تأثيرٍ أكبر من القرآن الكريم والروايات الشريفة.

وقد رُوي عن الإمام عليّ× أنه يرى ازدهار عقول البشر واحداً من الفوائد المترتِّبة على بعثة الأنبياء، إذ يقول: «فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه؛ ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسيّ نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول»([58]).

وحتّى في موارد الأحكام التي يكون فيها للعقل حكمٌ يمكن أن يكون للشارع حكمٌ مولوي أيضاً، من قبيل: الموارد التي لا يكون حكم العقل فيها واضحاً للجميع، أو لا يكون كافياً في تحفيز الناس للوصول إلى المصالح الواقعية. إن الشارع يقوم في مثل هذه الموارد بإصدار الأحكام المولوية للعمل على تعزيز ودعم محرِّكية حكم العقل، وحثّ الجميع على تحصيل تلك المصلحة([59]).

إن حصر مساحة بيان القرآن بالأمور الخارجة عن محيط العلوم البشرية، بالإضافة إلى اشتماله على الإشكالات المتقدِّمة، تترتَّب عليه نتائج لا يمكن القبول بها. ويمكن إجمال هذه النتائج على النحو التالي:

1ـ نسبية المساحة القرآنية: إن من اللوازم المترتِّبة على تحديد مساحة القرآن بالأمور الخارجة عن دائرة العلوم البشرية هو أن مساحة القرآن سوف تضيق وتتَّسع تَبَعاً لتضيُّق واتساع دائرة اكتشافات العلوم البشرية؛ فإنْ قام العلم بتلبية حاجة بشرية خرجت تلك الحاجة عن مساحة القرآن الكريم؛ وإذا عجز العلم البشري عن تلبية حاجة الإنسان سيُضاف موضوعٌ إلى موضوعاته.

2ـ اختصاص القرآن بالعلماء والمفكِّرين: اللازم الآخر الذي يترتَّب على هذا القول هو أن بيان القرآن الكريم سيقتصر على العلماء فقط، في حين أن الثابت باليقين هو أن القرآن الكريم قد نزل لعامّة الناس، لا لخصوص العلماء والمفكِّرين منهم. والقرآن ذاته يعرِّف نفسه بأنه عامل هداية لجميع الناس. ومن ذلك: قوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ﴾ (البقرة: 185).

وبطبيعة الحال فإن القرآن الكريم لم يتجاهل العلماء والمفكِّرين([60]). ويتضح من بعض الروايات أن بعض آيات القرآن خاصّة بالعلماء والمفكِّرين. فقد رُوي عن الإمام زين العابدين× ـ مثلاً ـ أنه قال: «إن الله عزَّ وجلَّ علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمِّقون، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، والآيات من سورة الحديد إلى قوله: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [من الآية الثالثة إلى السادسة]، فمَنْ رام وراء ذلك فقد هلك»([61]).

الهوامش

(*) عضو الهيئة العلميّة في مؤسَّسة الإمام الخمينيّ التعليميّة والتحقيقيّة.

([1]) محمد هادي معرفت، حوار بشأن جامعية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية نامه مفيد،  العدد 6: 5 ـ 7، السنة 1375هـ.ش.

([2]) انظر: محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 14: 90.

([3]) انظر: معرفت، حوار بشأن جامعية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 13 ـ 16، السنة 1375هـ.ش.

([4]) انظر: محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 6: 212 ـ 326.

([5]) هذا مصطلح أصولي يُراد منه شمول الحكم لجميع الأفراد على طول الزمن. انظر: معرفت، التمهيد في علوم القرآن 6: 29؛ محمد هادي معرفت، علوم قرآني: 418 ـ 419.

([6]) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 92: 94.

([7]) المصدر السابق 92: 97.

([8]) المصدر السابق 77: 135.

([9]) انظر: محمد هادي معرفت، في حوار حول الإبداع والآراء الجديدة، فصلية بينات، العدد 4: 59 ـ 60، السنة الحادية عشرة.

([10]) انظر: معرفت، التمهيد في علوم القرآن 6: 212 ـ 234.

([11]) هناك مَنْ يرى أن هذا النوع من الإشارات العلمية يمكنه أن يرقى إلى درجة الإعجاز، بَيْدَ أن التحدّي لم يكن بهذا النوع من الإعجاز؛ لأن الخطاب في هذا التحدّي موجَّهٌ إلى أناس لا يعرفون هذه الناحية العلمية. ومن هنا يكون القرآن الكريم من الناحية العلمية كسائر الكتب السماوية، لا ينطوي على شيءٍ من التحدّي، رغم إمكان أن ترقى الإشارات العلمية إلى مستوى الإعجاز. انظر: د. أحمد أبو خنجر، التفسير العلمي في الميزان: 131.

([12]) انظر: معرفت، التمهيد في علوم القرآن 6: 26 ـ 30..

([13]) انظر: معرفت، علوم قرآني: 414.

([14]) انظر: معرفت، في حوار حول الإبداع والآراء الجديدة، فصلية بينات، العدد 4: 63 ـ 64، السنة الحادية عشرة.

([15]) المصدر السابق: 64.

([16]) معرفت، حوار بشأن جامعية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 10 ـ 13، السنة 1375هـ.ش.

([17]) انظر في هذه الشأن: معرفت، في حوار حول الإبداع والآراء الجديدة، فصلية بينات، العدد 4: 74، السنة الحادية عشرة.

([18]) المجلسي، بحار الأنوار 35: 210.

([19]) انظر: محمد بن الحسن الصفّار القمّي، بصائر الدرجات 3: 121، باب نادر من الباب، ح2؛ محمد محمدي الريشهري، ميزان الحكمة 4، الأحاديث 19495 ـ 19501.

([20]) لمزيدٍ من التفصيل، انظر: مصطفى كريمي، قرآن وقلمروشناسي دين: 235 ـ 264؛ مصطفى كريمي، جامعيت وحي محمدي به گستره علم آن حضرت، مجلة معرفت، العدد 60.

([21]) انظر: أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «فصل»؛ وأحمد بن محمد المقّري الفيّومي، المصباح المنير 2: 148.

([22]) انظر: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 5 ـ 6: 416.

([23]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 209.

([24]) انظر: فتح الله الكاشاني، منهج الصادقين 5: 86؛ محمد علي الشريف اللاهيجي، تفسير الشريف اللاهيجي 2: 571؛ محمد حسين فضل الله، من وحي القرآن 12: 334؛ محمد السبزواري، الجديد في تفسير القرآن المجيد 4: 99؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن 11: 172.

([25]) انظر: محمود بن محمد بن محمد الزمخشري، الكشّاف في تفسير القرآن 2: 589؛ محمود الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 8: 172.

([26]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن؛ الزمخشري، الكشّاف في تفسير القرآن 2: 481، 516.

([27]) هناك مَنْ يذهب إلى الاعتقاد بأن كلمة «كلّ» في الآية للدلالة على الكثرة والتفخيم، وعليه يكون المراد في هذه الآية هو أن القرآن بيان للكثير من الأمور، وليس جميعها. والشاهد على ذلك أن القرآن في حديثه عن نزول العذاب على قوم عادٍ يقول: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ (الأحقاف: 25)، في حين أن الله عند إنزال هذا العذاب لم يدمِّر كلَّ شيءٍ في العالم، وإنما اقتصر التدمير على بيوت قوم عادٍ فقط (انظر: الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 10: 316). بَيْدَ أن هذا القياس يبدو خاطئاً؛ لأن ما قبل وما بعد «كلّ شيء» في الآية 25 من سورة الأحقاف يثبت بوضوح أن المراد من «كلّ شيء» هو كلّ شيء يرتبط بقوم عادٍ من الناس والمنازل وأثاث البيوت، والتدقيق في تمام العبارة في الآيتين 24 ـ 25 من هذه السورة يبيِّن صحّة ادعاءنا هذا؛ إذ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ (الأحقاف: 24 ـ 25).

([28]) انظر على سبيل المثال: عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 74، حيث ذكر 19 رواية في هذا الشأن. وفي القسم الآخر سنذكر طائفة أخرى من هذه الروايات.

([29]) إن اعتبار ارتباط الجزء الأول من الآية بيوم القيامة، وارتباط الجزء الثاني منها بالدنيا، لا يدلّ على استئنافية «الواو»»؛ إذ أوّلاً: إن الأصل على ارتباط أجزاء الآية؛ لأنها نزلت في وقت واحد. وثانياً: رغم أن هذه الشهادة إنما تحصل في يوم القيامة، بَيْدَ أن تحمُّلها يكون في الدنيا. يقول القرآن الكريم حكايةً عن النبي عيسى×: ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (المائدة: 117).

([30]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 1: 323 ـ 334.

([31]) انظر: التوبة: 105.

([32]) إن المراد من قوله تعالى: ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: 105)، هو مجرَّد رؤية أعمال المنافقين من قبل المؤمنين، وليس الشهادة عليها.

([33]) الصفّار القمّي، بصائر الدرجات 11: 63؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 1: 133 ـ 135.

([34]) المجلسي، بحار الأنوار 46: 349.

([35]) محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي 1، كتاب الحجّة، باب أنه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأوصياء، ح2.

([36]) انظر: الحويزي، تفسير نور الثقلين، ذيل الآية 89 من سورة النحل، حيث ذكر 19 رواية، وبعضها من أصول الكافي، وخمسة منها صحيحة السند.

([37]) من بين روايات تفسير نور الثقلين تعتبر الروايات 175، 176، 187 من روايات هذه المجموعة. ومن ذلك أيضاً الرواية القائلة: «ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء^ وأخبارهم حرفاً حرفاً، وأخبار مَنْ مضى ومَنْ بقي إلى يوم القيامة». (الصدوق، عيون أخبار الرضا× 1: 166).

([38]) في سند هذه الرواية: محمد بن يحيى، وأحمد بن محمد بن عيسى، وعليّ بن حديد، ومرازم، وكلُّهم إماميّ ثقة.

([39]) الكليني، الكافي 1: 59، ح1.

([40]) وانظر أيضاً: المصدر السابق: 60.

([41]) سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى 3: 218.

([42]) انظر: الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 75 ـ 77، ح179، 189.

([43]) انظر: محمد باقر المجلسي، مرآة العقول 1: 209. وفي سندها: أحمد بن محمد بن عيسى، وعليّ بن النعمان، وإسماعيل بن جابر، وكلُّهم إماميّ ثقة.

([44]) الكليني، الكافي 1: 61؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 75، ح183.

([45]) الصفّار القمّي، بصائر الدرجات 3: 128، الباب السادس، ح4. وقد ذكر هذا الحديث في بعض المصادر الأخرى أيضاً، ومن بينها: محمد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي 2: 266؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 73؛ المجلسي، بحار الأنوار 89: 102.

([46]) جميع رواة هذا الحديث ـ باستثناء ابن فضّال ـ من الإمامية الثقات، حيث كان ابن فضّال فطحياً، ولكنه ثقة.

([47]) الكليني، الكافي 1: 61.

([48]) انظر: المصدر السابق 1: 61، 261.

([49]) انظر: المجلسي، مرآة العقول 3: 157.

([50]) الكليني، الكافي 1: 269، ح3.

وانظر أيضاً: الكافي 2: 599؛ تفسير العيّاشي 1: 19، ح18؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 77، ح189.

([51]) انظر: الكليني، الكافي 1: 62؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 75، ح184.

([52]) انظر: الكليني، الكافي 1: 59؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 74، ح178.

([53]) كما ذكرت للأئمّة المعصومين^ مصادر أخرى أيضاً، ولكنْ يبدو أن القرآن هو طريق الوصول إلى تلك المصادر. انظر: الشيخ مكارم الشيرازي، پيام قرآن 7، بحث مصادر الأنبياء. وانظر أيضاً: أحمد مطهري وغلام رضا كاردان، علم پيامبر وإمام در قرآن.

([54]) عرّف الإمام× في خمس روايات أن علمه الجامع بالسماوات والأرض مقتبس من القرآن. انظر: الصفّار القمّي، بصائر الدرجات 3: 128، الباب السادس، الأحاديث 2 ـ 7.

([55]) الحويزي، تفسير نور الثقلين 1: 714، ح66.

([56]) محمد بن عليّ بن محمد الشوكاني، فتح القدير 2: 189.

([57]) في ما يتعلق بالحكم الإرشادي انظر: محمد رضا المظفَّر، أصول الفقه 1 ـ 2: 227؛ 2: 134. وقد ذهب حتى الشيخ نصير الدين الطوسي إلى القول بأن واحداً من أهداف الوحي هو تأييد العقل في ما يتوصّل إليه من الاكتشافات. (انظر: الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 347).

([58]) نهج البلاغة، الخطبة رقم 1.

([59]) انظر: محمود الهاشمي، دروس في أصول الفقه 4: 31 ـ 33.

([60]) يقول ابن رشد في هذا الشأن: «كان الشرع مقصوده الأوّل العناية بالأكثر، من غير إغفال تنبيه الخواص». (محمد بن محمد الأندلسي المالكي [ابن رشد]، فصل المقال: 117).

([61]) الحويزي، تفسير نور الثقلين 5: 706، ح46.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً