أحدث المقالات

قراءةٌ في المواقف التاريخيّة

د. رحمتي الطباطبائي(*)

د. السيد حسين مدرسي الطباطبائي(**)

ترجمة: محمد عبد الرزّاق

 

تمهيد ــــــ

يعدّ هذا المقال محاولة للكشف عن حقيقة موضوع تحريف القرآن، ومكانته بين الشيعة الإمامية، وكيفية تبلوره نظرياً. ويرى كاتب هذه السطور أن جذور القول بالتحريف تمتد إلى مرحلة التجاذبات بين الشيعة وأهل السنة. وكانت أبرز الخلافات الكلامية هي مسألة الإمامة لدى الشيعة، والتي قادت إلى تصعيدات واسعة بين الطرفين. وفي إطار هذه النقاشات أخذت قضية التحريف تتبلور شيئاً فشيئاً. في البداية اتخذها المتكلِّمون الشيعة قضية جدلية على مستوى النزاعات الكلامية بين أهل السنة والشيعة في ما يخصّ مسألة شرعية خلافة الخلفاء، ردّاً لرأي أهل السنة في هذا المجال. ثم جاء كتّاب الإمامية فلم يتبنّوا الماهية للقضية الجدلية، فوقعوا في الخطأ في فهم النصوص الروائية عندما عدّوها من عقائد الشيعة، فأخذت تنتشر في مصنفات الإمامية بشكل ملحوظ. وهذا ما يعنى به المقال الحالي، أي تسليط الضوء بنظرة جديدة لملابسات الموضوع.

 

مقدّمة ــــــ

سنسعى من خلال البحث إلى إيجاز القول في خلفية الجدالات السنية الشيعية في ما يتعلّق بخصوص الزيادة أو النقصان في القرآن الكريم. حيث تطور الموضوع من خلال المساجلات الطائفية بين سائر الفرق الإسلامية والمذاهب الكلامية. ومع وجود سوء الظنّ المتزايد والمتبادل بين فرقةٍ وأخرى كانت العملية أسهل في إثارة الجدالات العلمية بين المذاهب. وأبرز تلك العوامل المساعدة على ذلك هو حضور مجموعة من الرواة المتنقلين بين الفرق، ممَّنْ عمل على تلقين فرقة بأحاديث وروايات وما وجد عن فرقة أخرى. ومعلومٌ أن الخطأ في نقل الروايات من فرقة إلى أخرى كان سيؤدي إلى نسبة بعض الآراء إلى فرقةٍ ما خطأ أيضاً، الأمر الذي ينطبق على ما حصل للتشيع تماماً؛ إذْ كان العديد من الرواة ممَّنْ يأتون للسماع عند مشايخ السنة أو الشيعة، فينسبون الحديث خطأ إلى غير قائله من الفرقتين([1]).

وهكذا بالنسبة إلى أوائل متكلمي الشيعة ونقاشاتهم مع أهل السنة، حيث كانوا ينقلون روايات من مصادر أهل السنّة في الردّ عليهم؛ من باب «إلزام الخصم بما ألزم به نفسه».

لكن ومنذ أواسط القرن الثالث صار رجال الحديث يعدّون تلك الروايات والأحاديث شيعيةً؛ لذا لم يعد من المعلوم ما إذا كان العديد من الآراء والعقائد ـ التي نسبت فيما بعد إلى السنة أو الشيعة ـ هي في الواقع تمثّل العقيدة لديهم، أو أنها كانت مطروحة في المراحل الأولى للإسلام، وقبل تبلور الفرق، واكتساب كل مذهب كيانه المستقلّ، أم لم تكن مطروحة؟ ولا شكَّ أن قضية القول بعدم نقصان وزيادة المصحف العثماني وما دار حولها من نقاشات هي النموذج الأبرز لهذا النوع من الظواهر. فكان الموضوع الأهمّ في هذا المجال هو هل أن هذا المصحف مشتملٌ على جميع أجزاء القرآن الكريم أم أن هناك أجزاءً حُذفت منه؟

وسنسلِّط الضوء على المطارحات التي دارت بين السنّة والشيعة في هذا الصدد.

ثمة أدلة وشواهد في القرآن الكريم والحديث الشريف تؤيّد أن الرسول الأكرم| كان قد دوّن في حياته ـ في بدايات تواجده في المدينة في أغلب الظنّ ـ نسخةً من كتاب الله المجيد([2]). ويبدو أنه| كان قد واصل مهمة تدوين القرآن حتى أواخر عمره الشريف، وكان يوجّه كتّاب الوحي إلى حيث يضعون ما يوحى إليه تباعاً([3]).

كما توجد شواهد على إلغاء قسم من بواكير وحي القرآن الكريم. ففي القرآن آية تؤيّد انعدام بعض الوحي بداعي النسخ أو النسيان([4])؛ كذلك هناك آية أخرى تنص على أن الباري عزَّ وجلَّ قد استبدل بعض الآيات بآياتٍ غيرها([5]). ويبدو أن المسلمين الأوائل كانوا يتذكّرون آيات هي من الوحي في السابق، وليس لها وجود في المصحف العثماني، وإنْ كانوا على علم بأن الرسول| هو مَنْ حذفها لغايةٍ ما؛ لأنهم كانوا يعبِّرون عنها بعبارات: «رُفع، أُنسي، سُقط…»([6]).

كان مفهوم النسخ في بداية الأمر دالاًّ على هذه الآيات التي لم يسجّلها الرسول| ضمن القرآن الكريم([7])؛ بينما اكتسب النسخ في فكر أهل السنة مفهوماً أوسع فيما بعد، ليشمل عدداً من المذاهب والآراء معظمها يذعن بوجود النسخ في المصحف العثماني، باستثناء رأي شاذّ شكّك في وجود آيةٍ منسوخة في القرآن([8]).

علماً أن رواية أهل السنة في خصوص جمع القرآن تختلف تماماً عما مرّ ذكره في هذا الصدد. فهي تدعي بأن القرآن الكريم لم يدوَّن قبل وفاة الرسول في السنة الحادية عشرة للهجرة في كتابٍ واحد([9])؛ إذْ كان كتّاب الوحي يسارعون إلى تدوين ما يتلقّى الرسول| من وحيٍ فيتلوه عليهم، ومن المؤمنين مَنْ يحفظ جانباً آخر من الوحي أو يدوِّنونه على كلّ ما صلح للكتابة. ووفقاً لهذه النظرية فإن القول بأن القرآن لم يدوّن على هيئة كتاب قبل وفاة الرسول| منطقيّ تماماً؛ لأنه مع وجود الرسول| على قيد الحياة لا يزال الوحي يتنزل عليه، كما يتوقّع نسخ بعض الآيات أيضاً، ولا يمكن جمع الوحي النازل في موضع يكون هو القرآن الكامل([10]).

كان هناك العديد من المسلمين ممَّنْ حفظوا الوحي، وقرأوه في صلواتهم، وعلَّموا قراءته للآخرين أيضاً. وما دام الرسول| حاضراً، زعيماً للأمّة ومرجعها الأوحد، فليس ثمّة حاجة إلى مراجعة كتاب أو نصّ فقهي، بل كل هذه المتغيرات طرأت عقب رحيله| إلى جوار ربّه، فبات من الضروري جمع القرآن.

وإليك ما رُوي في مصادر أهل السنة في هذا الشأن:

بعد وفاة الرسول الأكرم| بسنتين دخل المسلمون حروباً دامية مع المجتمع الغريم «اليمامة» في الصحراء العربية، وهنا بدأ حَفَظة القرآن يستشهدون في الحرب واحداً تلو الآخر([11]). الأمر الذي أثار مخاوفاً بشأن ضياع قسم كبير من نصوص القرآن الكريم مع موت العديد من الحَفَظة. وهذا ما دعا أبا بكر ـ خليفة الرسول الأوّل ـ إلى إصدار أوامره بجمع القرآن، فطلب من صحابة النبيّ| وحَفَظة القرآن الإتيان بجميع ما حفظوا أو كتبوا من آيات الذكر الحكيم. فأوعز أبو بكر إلى عمر ـ الخليفة من بعده ـ وزيد بن ثابت ـ كاتب الوحي الشابّ في زمن الرسول ـ بالجلوس على مدخل مسجد المدينة وكتابة ما تؤيَّد نسبتُه إلى الوحي بشهادتين. وهذا ما قاما به فعلاً، باستثناء حالة واحدة قُبلت بشهادة واحدة([12]). وهكذا تم تدوين جميع أجزاء القرآن بالطريقة ذاتها، وإثباتها على الأوراق([13]) أو جلد الغزال، لكن لم يتم حتى الآن جمع الآيات في كتابٍ بين دفّتين، ثم إن هذه الأجزاء المجموعة لم تكن في متناول جميع المسلمين الذين دوّنوا الآيات متفرقة غير مجموعة في موضع واحد. وبقيت المدوَّنات هذه عند أبي بكر وعمر، ثم انتقلت إلى حفصة بنت عمر عقب وفاة أبيها. فجاء دور عثمان في خلافته، فأخذ ما كُتب من حفصة، وجمعه في كتابٍ واحد، ونشر منه نسخاً متعدّدة أرسلها إلى مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ثم أمر بحرق أيّ نصّ ينسب إلى القرآن بعد ذلك([14]). لقد أخذ القوم هذه الحكاية كقضية مسلَّمة في تدوين القرآن الكريم، حتى باتت ـ كما سيمرّ بنا ـ أساساً لرأي المتأخِّرين، وزعمهم بأن القرآن الموجود ليس كامل النصّ.

ثمة روايات عديدة لدى أهل السنّة تدلّ على فقدان جانبٍ من الوحي قبل أن يشرع أبو بكر بجمع القرآن.

فمثلاً يروى أن الخليفة عمر كان يبحث ذات مرّة عن آية معينة يحفظ منها جزءاً، ولا يتذكّرها بشكل كامل، وقد حزن كثيراً على مقتل حافظها الوحيد في حرب اليمامة، وبالتالي باتت الآية في عداد المفقودات([15]). ويبدو أن الخليفة الثاني كان يتحدّث عن آيةً أخرى بخصوص حدّ الرجم لكبار السنّ([16])، لكنه لم يتمكَّن من إقناع أصحابه بإضافتها إلى القرآن الكريم؛ لأنه لم يجِدْ أحداً يؤيِّد رأيه هذا([17])،أحداً يدعم رأيه هذا \ددد

حيث كان يتوجب عليه الإتيان بشاهدين كي يعدّ نصّه من القرآن. وإنّ بعض الصحابة، وحتّى السيدة عائشة، أصغر زوجات النبيّ، ذكروا الآية ذاتها فيما بعد([18]).

وقد نسب إلى عائشة أنها قالت: إنّ لديها صحيفة كتب عليه آيتان من القرآن؛ إحداهما آية الرجم، تضعها تحت سريرها، وعندما كان الجميع منشغلاً بتجهيز جثمان رسول الله| دخل حيوان داجن فأكلها([19]).

كذلك كان عمر يحتفظ بآيات أخرى رأى أنها أسقطت([20]) من النصّ أو فقدت، منها: ما ورد في واجب التعامل مع الوالدين([21])؛ وبعضها الآخر بخصوص الجهاد([22]). وقد أيَّد مقولة عمر ثلاثة من كبار المختصين بالشأن القرآني، وهم: زيد بن ثابت وعبدالله بن عبّاس وأبيّ بن كعب([23]).

وكان أنس بن مالك يتذكّر آيةً نزلت أثناء الحرب ومقتل جمع من المسلمين وحذفت فيما بعد([24]).

وقد ادّعى عبدالله بن عمر ـ وهو من علماء عصره([25]) ـ وغيره من الفقهاء ممَّنْ جاء من بعده([26]) أن هناك من الآيات ما ضاع وفُقدَ قبل أن يُجمع القرآن.

ورُويت أيضاً أخبارٌ مشابهة، ولا سيَّما في خصوص المصحف العثماني، مفادها أن هناك العديد من الصحابة الأوائل قد سمعوا نصوصاً من الوحي على لسان الرسول| مباشرة أو بصورة غير مباشرة، ولم يجدوها ضمن نصوص المصحف العثماني.

فمثلاً: كان أُبيّ بن كعب يتلو سورة البيِّنة على نحو ما ادّعى سماعه عن الرسول|، وقد تضمَّنت زيادة آيتين لم يرِدْ ذكرهما في المصحف العثماني([27]).

كما كان يرى أيضاً أن نصّ سورة الأحزاب في واقعه أطول مما هي عليه في المصحف، فيذكر آية الرجم المحذوفة من النصّ الأصلي([28]). وقد أيَّده في ذلك كلٌّ من زيد بن ثابت([29]) وعائشة، التي قالت: إن هذه السورة كانت ثلاثة أضعاف على عهد رسول الله من السورة الحالية ـ وإنْ كان عثمان لم يعثر في عملية جمعه للقرآن إلاّ على هذا القسم المدوَّن في مصحفه([30]) ـ.

وحذيفة بن اليمان ـ الذي عثر على سبعين آية سقطت من مصحف عثمان، وهي آيات كان يتلوها على عهد رسول الله|([31]) ـ أيضاً كان يقول بأن سورة البراءة الموجودة في المصحف ليست إلاّ ربعاً([32]) أو ثلثاً([33]) مما كانت عليه في زمن رسول الله|. وقد أيده في ذلك مالك بن أنس، أبرز فقهاء القرن الثاني، ومؤسِّس المذهب المالكي([34]).

وأيضاً ثمة روايات تنهي إلى اختلاف في حجم سورتي الحجر والنور([35]).

وكان أبو موسى الأشعري يستذكر السورتين المطوَّلتين ـ ولا يتذكَّر منها سوى آيةٍ واحدة لكلّ واحدة ـ، ولم يعثر عليهما في المصحف العثماني([36]). وهذه هي إحدى الآيتين: «لو أن لابن آدم واديين من ذهبٍ لابتغى إليهما وادياً ثالثاً». وقد رُوي عن صحابةٍ آخرين، أمثال: أبي بن كعب([37]) وابن مسعود([38]) وابن عباس([39])، تأييدهم للآية المذكورة.

وأضاف مسلمة بن مخلد الأنصاري آيتين أخريين أُسقطتا من المصحف أيضاً([40]).

أما السيدة عائشة فقد ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، فذكرت آية ثالثة أيضاً([41]).

وقد ورد في مصاحف أبي بن كعب([42]) وابن عبّاس وأبي موسى الأشعري([43]) سورتين من السور القصار عُرفتا بـ (الحَفْد) و(الخلع). ويبدو أن الخليفة عمر([44]) وسائر الصحابة([45]) كانوا على علمٍ بالسورتين، لكنْ لا وجود لهما بين صفحات المصحف.

كما لم يشتمل مصحف ابن مسعود على سورة الحمد وسورتي الفلق والانشقاق([46])، وإنْ كان هذا المصحف يشتمل على كلماتٍ وعبارات إضافية لم يرِدْ ذكرها في المصحف العثماني([47]). وقد أثبت ابن مسعود وغيره من الصحابة آيات أخرى في مصاحفهم تختلف عما كانت عليه في المصحف العثماني([48]).

وهكذا وردت الأخبار عن عليّ× وجمعه القرآن عقب وفاة الرسول الأكرم| تامّاً بجميع أجزائه([49])، ثم عرضه على الصحابة فرفضوه، فعاد به إلى داره([50]). وتدل هذه الأخبار على مسألةٍ هامّة مفادها وجود اختلاف شاسع بين سائر المصاحف آنذاك.

وعلى أيّ حال فقد درج المجتمع الإسلامي على سنّته ـ القائمة على ذاكرة المسلمين الأوائل، والاقتصار على روايات بعينها ـ فتمّ التوافق على أن المصحف الرسمي للقرآن الكريم هو ما نشره الخليفة عثمان في عهده، وأمر بمنع قراءات القرآن الأخرى. ولا شكَّ في وجود اختلاف بين المصحف العثماني وسائر المصاحف الأخرى القديمة، كما هو الحال بين المصاحف القديمة نفسها. وبغضّ النظر عن القضايا الأخرى فإن هذا الاختلاف هو الذي فرض ضرورة تدوين المصحف العثماني، واتّفاق الجميع عليه.

ويمكن القول: إنه كان مع الرسول| من الصحابة الأوائل مَنْ يحفظ نصوصاً من الوحي ـ ولا سيَّما أولئك الذين التحقوا به في مكّة من الجيل الطليعي ـ، إلاّ أن الرسول| قد نفى أن يكون ما حفظوا قرآناً. كما يتوقع أن يكون مصحف علي× ـ وهو من أكمل المصاحف وأتمّها ـ قد طرح على عثمان كمصحفٍ رسمي للمسلمين، ولم يحْظَ بقبوله، ففضل جمع الأجزاء المتفرِّقة من جديد عبر تتبُّع سائر المصاحف الموجودة، الأمر الذي قد يدعو عليّاً× إلى الإعراض عن عرض مصحفه على كتّاب المصحف العثماني. وقد رُوي أيضاً عن الصحابي عبد الله بن مسعود أنه اعتزل ونأى بنفسه عن عملية التدوين، ورفض تقديم مصحفه أيضاً([51]). ويبدو أن الرواية المذكورة آنفاً حول تدوين أوّل مصحف يكتنفها الكثير من الغموض من زوايا أخرى([52])؛ فإنها، وعلى الرغم من أهمّيتها، لم تذكر في أيٍّ من كتب فقهاء القرن الثاني وبدايات القرن الثالث([53]). ويبدو أن بعض تفاصيلها تبلورت بعد مرحلة أمر عثمان بالتدوين([54]). فهناك أخبارٌ كثيرة تؤكّد انعدام أيّ محاولة للتدوين قبل عصر عثمان([55]). وهذا ما يؤيّد من جهة أخرى الأخبار التي تنصّ على مبادرة عثمان في التدوين أيضاً([56]). كما يعتري الرواية المذكورة في صيغها المتعدّدة نوعٌ من التناقض أحياناً في تناولها لبعض تفاصيل القصّة، من قبيل: اسم الصحابي الذي قبلت شهادته منفردة([57])، والاختلاف الحاصل في بعض الآيات الخاصة([58]). يُضاف إلى ذلك أن هذه الروايات المتناقضة قد نسبت إلى زيد بن ثابت دوراً في عملية التدوين([59]). إن زيادة فقرة شهادة أحد الأشخاص، مع الاستشهاد بحادثة القصّة المعروفة عن خزيمة ذي الشهادتين، وقبول الرسول| شهادته المنفردة، لهي محاولةٌ واضحة في إضفاء نوعٍ من الشرعية على مجمل الرواية([60]).

كما جاء في نصٍّ آخر للرواية أن الخليفة عمر قبل بشهادة شخصٍ مجهول من الأنصار على أساس تأييد صحّة محتوى ما قاله من قَبْلُ عمر نفسه؛ لأنه وصف الرسول| بأمورٍ تصدق عليه فعلاً([61]).

وهكذا رُوي أيضاً قبول آيات أخرى بداعي أن عمر([62]) أو عثمان([63]) أو زيداً([64]) أيّد سماعها عن الرسول|.

وكان الخليفة قد أمر بقبول شهادة كلّ شخص شريطة أداء القسم بأنّ ما يطلب تدوينه كان قد سمعه من لسان الرسول| فعلاً([65]).

وبناءً عليه فإن هذه الحكاية تتعارض مع العديد من الأخبار التي تقول([66]) بأن جملة من الصحابة ـ ولا سيَّما الإمام عليّ وعبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب ـ كانوا قد دوَّنوا القرآن([67]). ثم إن وضع هذه القصة هي محاولة جليّة ومشكوكة في دعم موقف الخلفاء الثلاثة من خلال فرضية تدوين كتاب الله (كتاب المسلمين الرسمي)، وإبعاد علي× عن خضم الأحداث؛ لأن هذه القضية الأخيرة إذا ما قورنت بالروايات المذكورة حول تدوين القرآن عقب وفاة النبيّ| من قبل الإمام علي× فإنها قد تكشف عن خلفيّات القصّة بأكملها. وبملاحظة بعض الحيثيات السياسية في صدر الإسلام والمواضيع الجدلية الخلافية المتلاحقة التي طرأت على المجتمع الإسلامي يمكن القول بوجود تسلسل مرحليّ لتبلور الكلام المذكور. ويبدو أن القرن الأول كان قد شهد انتشار شائعة تفيد بأن الإمام علي× تخلَّف عن الاجتماع الذي اختير خلاله أبو بكر للخلافة، ثم بايعه في وقتٍ لاحق. وبمرور الأيام فسَّر أتباع عليّ× هذا التأخُّر في البيعة دليلاً على اعتراض الإمام× على اختيار أبي بكر، وتمّ العمل على استنتاج مثل هذا التأويل؛ بغية أن يكون أساساً في ردّ مزاعم الفريق المقابل بدعوى تحقُّق إجماع القوم على خلافة أبي بكر. وأغلب الظنّ أن هذا الرأي كان قد ظهر في عصور متقدّمة جدّاً، قد يكون قبل سقوط الدولة الأموية، أي على أعتاب القرن الثاني وظهور الصراع بين الفرق والمذاهب الإسلامية([68]). ولكنْ عقب سقوط الأمويين لم يعُدْ بالإمكان التغاضي لمدّة أطول عن موقف عليّ×، وصار لا بُدَّ من إعداد العدة لمواجهة تبعاته. وهناك العديد من الروايات كانت قد علَّلت غياب الإمام علي× عن بيعة أبي بكر باعتكافه في منزله؛ لغرض تدوين القرآن الكريم([69]). وعليه فإن الاحتمال الأكبر([70]) يؤيِّد فرضية أن تكون هذه الروايات جاءت كمقدّمة في الدفاع عن مثل هذا الموقف([71])؛ ليستدل أهل السنّة على أنّ تأخّر علي× لم يكن بداعي المعارضة. وهنا يروى أن أبا بكر حين سأل عليّاً× عن تخلُّفه في البيعة قال له: قد آليت يميناً أن لا أرتدي إلاّ للصلاة حتّى أجمع القرآن([72]).

ومع هذا فإن هذه القصة كانت كفيلةً بخلق مشاكل أخرى تواجه المدافعين عن الخلفاء؛ لأنها تضيف فضيلةً أخرى إلى فضائل علي×، مما يعضد موقف الشيعة في ادّعاء أولويّته بالخلافة. فبالإضافة إلى جميع فضائله كان عليّ× هو الشخص الوحيد الذي بادر إلى تدوين القرآن عقب وفاة الرسول الأكرم|([73]). وكانت هذه القضية بمثابة سلاح موقوت بأيدي أتباع الإمام عليّ× عند المنازلات المذهبية مع الآخرين. فمن الممكن أن يتّخذوها دليلاً في وجه أتباع عثمان في ردّ مدّعاهم بكون عثمان هو مَنْ جمع القرآن لأوّل مرّة، الأمر الذي خلق لهم إشكالية جديدة تجبرهم ـ كما في كلّ مرة ـ على مواجهة الشيعة بوضع روايات تشكِّك في أفضلية عليّ× وأهل بيت الرسول|. وإليك أمثلة على ذلك([74]):

1ـ جاء في أخبار الرسول| أنه كثيراً ما كان يختار في المؤاخاة([75]) بين أصحابه عليّاً أخاً له([76]). فجاءت في المقابل رواياتٌ تسلب منه الفضيلة إلى أبي بكر([77]). لكنْ مما يُتَّفق عليه أن الرسول| كان قد عقد مؤاخاةً بين أبي بكر وعمر([78]). وجاء في روايات أخرى أن الرسول| كان يفضِّل في اختيار خليل له أن يكون أبا بكر تحديداً([79]). وواضحٌ أن هذه الأخبار موضوعةٌ من أجل الردّ على روايات المؤاخاة الحاصلة بين الرسول| وعليّ×.

2ـ يعتقد أتباع عليّ× أنه كان أفضل صحابة رسول الله|؛ وذلك لما تنصّ عليه العديد من الأخبار والأحداث على عهد الرسول|. لكنْ في الجهة المقابلة تؤكِّد الروايات العثمانية على أن أفضل الصحابة هم أبو بكر وعمر وعثمان حصراً، أما بالنسبة إلى سائر الصحابة فلا تفاوت بينهم إطلاقاً([80]).

3ـ جاء في الحديث المتواتر عن الرسول| أن سبطَيْه الحسن والحسين هما سيدا شباب أهل الجنة([81]). كما هناك رواية مشابهةٌ بحقّ الإمام عليّ× أيضاً([82]). لكنْ في المقابل جاء الحديث بوصف أبي بكر وعمر على أنهما سيّدا كهول أهل الجنة([83]).

4ـ في الخبر المتواتر عن الرسول| أنه قال: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها([84]). وهنا يظهر كلامٌ آخر يقول بأن أبا بكر قوام تلك المدينة، وعمر جدارها، وعثمان سقفها([85]).

5ـ رُوي في السنوات الأولى لإقامة النبي| في المدينة أن الصحابة عمدوا إلى بناء منازلهم قريبة من مسجد النبيّ|؛ حرصاً على صلاة الجماعة خلفه، ففتحوا لهم أبواباً تتّصل بالمسجد مباشرة. ووفقاً للخبر المتواتر أمر الرسول فيما بعد بإقفال جميع الأبواب إلاّ باب بيت علي×، وهو في الواقع بابٌ إلى بيت ابنة الرسول فاطمة÷([86]). وعلى الرغم من أن هذا الاستثناء لم يكن في صدد بيان فضيلة لعليّ× لكننا نسمع خبراً قادماً يقول بأن المستثنى باب بيت أبي بكر([87]).

6ـ أجمع الرواة على أن حادثة المباهلة التي وقعت أواخر أيام الرسول| بينه وبين نصارى نجران([88]) كان قد اصطحب خلالها كلاًّ من عليّ وفاطمة والحسن والحسين([89])، وبهذا يكون الرسول قد سار على العرف السائد لدى العرب في عملية المباهلة، والتي تتطلّب حضور الطرفين مع عوائلهم. مع ذلك نجد رواية في المقابل تنصّ على أن الرسول كان قد خرج للمباهلة بصحبة أبي بكر وعمر وعثمان، بالإضافة إلى عوائلهم([90]).

7ـ جاء في الخبر المتواتر أن الرسول| وصف فاطمة وعليّاً والحسن والحسين بأنهم أهل بيتي([91]). وهو الوصف الذي يتَّفق عليه جميع رجال الحديث الأوائل([92]). لكن ثمة رواية عثمانية النزعة أضافت إلى كون عليّ وفاطمة والحسن والحسين أهل بيت رسول الله أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة أهل بيت الله([93]).

يمكن القطع باحتمال أن يكون هذا الأسلوب متَّبعاً في وضع الروايات في قضيّة تدوين القرآن الكريم على يد الإمام علي× أيضاً. إن القصة المذكورة ـ تدوين القرآن في عهد عثمان ـ إنّما حيكت في إطار مقابلة الشيعة بالمثل. ويبدو أن عملية الوضع بدأت بادّعاء كون عثمان هو الشخص الوحيد الذي جمع القرآن من بين سائر صحابة رسول الله|([94]). في حين ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، فادّعى أن عليّاً× توفي قبل جمع القرآن([95])، والحقيقة أنّه× لم يدرك التدوين وحَسْب، بل عاصره لسنواتٍ طويلة أيضاً.

وجاء في روايةٍ أخرى أن أوّل مَنْ جمع القرآن هو سالم ـ غلام أبي حذيفة ـ، وأنه أقسم عقب وفاة الرسول| أن لا يرتدي رداءه قبل الفراغ من جمع كتاب الله([96]). وهي القصة ذاتها المنسوبة إلى عليّ×. وذكروا عن سالم أنه قتل في حرب اليمامة([97]).

وكذلك من الروايات ما يذكر أنّ أبا بكر هو أوّل مَنْ جمع القرآن([98]).

لقد نتج عن توظيف الاعتقاد السائد حول تدوين المصحف الرسمي في عهد عثمان بحضور زيد بن ثابت، وإقحام اسم أبي بكر في العملية، أن ذاع صيت هذا الخبر ليحتلّ مكانة مرموقة، ويصل به المطاف إلى ما ذكرناه.

وقد خصّص دوراً أيضاً لعمر في هذا السياق.

 

نتيجةٌ غير مرغوب فيها ــــــ

يحتمل أن تكون الشائعات القديمة الدالّة على أن الصحابة كانوا يحفظون آيات من الوحي لم ترد في مصحف عثمان قد مُحيت من ذاكرة الناس، وتمّ التركيز على المصحف العثماني حصراً. وقد يكون تمّ ذلك قبل أن تحاك القصة المذكورة. ومع ترسيخ القول بانعدام أيّ نصّ كامل للقرآن عند وفاة الرسول| باتت مصداقية القرآن ـ كتاب المسلمين المقدّس والمسلّم به من قبل سائر الفرق والمذاهب ـ أمام تحدٍّ كبير. وكان من إفرازات هذه التحديات انتشار بعض القصص والأفكار بين أهل السنّة([99])، والتي رواها العديد من الثقات، وقد أخذت الأحاديث حول النقصان والتبديل في القرآن تتّسع بمرور الأيام، حتّى باتت من المواضيع المستقلّة التي كتب فيها العديد من المؤلَّفات([100]).

إن مسألة القول بنقصان المصحف العثماني نتيجة طبيعية لمفاد رواية وضعها أهل السنة ـ في أغلب الظنّ ـ على غرار المساعي الطائفية في مواجهة الفرقة الأخرى. وعليه فإن هذا الرأي كان من المفاهيم غير المرغوبة في بادئ الأمر([101]). ولم تَحْظَ بعض مبتنيات هذا الرأي بتأييد أيٍّ من الفرق الإسلامية، من قبيل: ادّعاء الإضافة على نصّ مصحف عبد الله بن مسعود([102])، وكان القول بزيادة ما ليس هو بقرآن مقدّمة استغلّتها بعض المجاميع الصغيرة الخارجة، لتدّعي ما هو أعظم من ذلك، وهو نفي نسبة سورة يوسف إلى القرآن([103]).

بالتالي تضافرت هذه الجهود لتخلف لأهل السنة جملةً من المشاكل، الأمر الذي أوصل خصومهم إلى استدلالٍ جديد ضدّهم، مفاده التلاعب في كتابة المصحف العثماني. وهذا ما ينطبق أيضاً على موقف الشيعة المشكِّك في ملابسات وظروف انتشار المصحف العثماني، مع الإذعان بفرضية أن يكون القائمون على التدوين قد تلاعبوا في تدوين النصّ القرآني. وردّاً لهذا المحذور أخذ فقهاء أهل السنّة وعلماؤهم يتجنَّبون نقل هذا النوع من الأخبار، مؤكّدين في المقابل على نفي التحريف عن القرآن جملة وتفصيلاً، ثم عمدوا فيما بعد إلى منع تداول هذه الروايات القديمة، والاستشهاد بها، حتّى لو كان في رواتها ثقات([104]).

 

مآل الحكاية ــــــ

وفقاً لهذه المجريات تحول القول بالتحريف ـ الذي انطلق من الوسط السني ـ شيئاً فشيئاً إلى مدّعى مرفوض لدى أهل السنة. لكن مع هذا لم يكن بإمكانهم غضّ الطرف عن جميع الأخبار والروايات الحاضرة في مصادرهم في هذا الصدد؛ لأن معظمها ينتسب إلى رواةٍ ثقات معترف بهم. هنا لجأ أهل السنة إلى تقديم تصنيف جديد لمفهوم النسخ؛ تعليلاً لغياب ما حُذف من المصحف العثماني. وهذا يدلّ على أنه وبالرغم من حذف الآية إلاّ أن الناس كانوا لا يزالون يتذكّرونها([105]). وتجدر الإشارة إلى أن هذه النظرية لا تزال حاضرة إلى عصرنا الحالي([106]).

 

الفكر الشيعي في القرآن ــــــ

حسب المعتقد الشيعي فإن أساس الإيمان قائم على ولاية الأئمة وأهل بيت النبيّ (العترة أو أهل البيت). وتعد الولاية العنصر الأهم والأبرز في الشريعة([107]). وكان الشيعة الأوائل يؤمنون بتقوى عليّ× التي لا مثيل لها، وأنه الأفضل في خلافة رسول الله|، وأنه يأتي من بعده أئمة من صلبه، وهم الحكّام الحقيقيون في عصورهم، على الرغم من أنّ القرآن لم يذكر أيّاً من هذه المفردات. وهذا ما دعا أعداء الشيعة في البداية إلى الاعتراض والتساؤل: إذا كان عليّ وبناؤه بهذا المستوى من الأهمية والمكانة فلماذا لم تَرِدْ أسماؤهم في القرآن؟([108]). وقد ذكرنا في موضوع تدوين القرآن أنه جاء في روايات أهل السنّة أن رواية المصحف القديمة كانت تشتمل على عبارات تحمل اسم علي×، وتبيّن مكانة أهل بيت الرسول|، وقد حذفت من نصوص المصحف العثماني. وإليك أمثلة على ذلك:

1ـ الآية 67 من سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾. تؤكِّد روايات أهل السنة([109]) والشيعة على أن هذه الآية نزلت في حجة وداع رسول الله للسنة العاشرة للهجرة في مكّة المكرمة. وهي في بيان فضل علي×، وأن الرسول| أعلن بعد ذلك عليّاً مولى للمسلمين ـ وإنْ كان مدلول المولى محل خلاف بين الفريقين ـ. لكنْ مع هذا لا ترى ذكراً لاسم عليّ في الآية الشريفة أو في سائر آيات الكتاب المجيد. وهنا رواية تنصّ على أن اسم علي× ورد في الآية حسب مصحف ابن مسعود، فهو كان يتلو الآية على النحو التالي: «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربِّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين»([110]).

2ـ سورة آل عمران، الآية 33: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. وتمتد القائمة في مصحف ابن مسعود لتشمل أهل البيت أيضاً([111]).

3ـ سورة الواقعة، الآيات 10 ـ 12: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾؛ سورة المؤمنون، الآيات 8 ـ 11: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. وكان في مصحف ابن مسعود وأبيّ بن كعب وربيع بن خثيم عباراتٌ مختلفة تربط بين الآيتين: «أما السابقون إلى الإيمان بالنبيّ هم علي وأولاده، أولئك الذين اصطفاهم الله من الصحابة، وولاّهم على الناس، لهم الغلبة، وهم الوارثون»([112]).

4ـ سورة الفرقان، الآية 1: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرَاً﴾. وللآية تتمّةٌ في مصحف أبيّ بن كعب على هذا النحو: «تبارك الذي أنزل الفرقان على الرسول وأهل بيته الذين ورثوا علم الكتاب، ليكونوا منذرين للعالمين»([113]).

5ـ سورة النور، الآية 35: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

ووردت الآية في مصحف ابن مسعود على نحوٍ مختلف: «نور مَنْ آمن به وأحبّوا أهل بيت النبيّ مثل نوره…»([114]).

وهكذا يُروى أن ذكر عليّ وأهل البيت كان ورد في المصاحف القديمة. فمن أمثلة ذلك ما جاء في مصحف ابن مسعود في الآية 25 من سورة الأحزاب([115])، الآية 56 من سورة الأحزاب([116]) ـ وهذه الآية واردة أيضاً في مصحف معاذ بن جبل([117]) ـ، والآيات 22 و23 من سورة الشورى([118])؛ الآية 8 من سورة الحشر([119])؛ الآية 14 من سورة الصف ـ وفقاً لقراءة ربيع بن خثيم([120]) ـ؛ الآية 26 من سورة المدثر([121])؛ الآية 4 من سورة القدر([122]).

لقد كانت هذه الأخبار بمثابة السلاح النافذ بيد متكلِّمي الشيعة الأوائل في الرد على المخالفين، والاستدلال على أنه إذا لم يتمّ تغيير النص القرآني لكان بوسع عامة الناس الوصول إلى دليل وبرهان أحقّية أهل البيت([123]). وكثيراً ما يأتي الحديث عن تعدُّد القراءات عند أهل السنة في المحاججات الشيعية السنية. وتدّعي رواياتهم بخصوص تدوين القرآن أن قسماً من القرآن فُقد بموت بعض الحَفَظة، أو كان ضحية لحيوانٍ داجن اعتاد أكل الأوراق المكتوب عليها بعض الآيات، كما ورد ادّعاء أهل السنة بخصوص الحجم الواقعي لبعض السور في كتاب سُلَيْم بن قيس ـ وهو في الأصل من مصادر الشيعة إبّان القرن الثاني ـ خلال النقاشات الجدلية ضدّ الخلفاء الثلاثة([124]).

يبدو أن اثنين من كبار متكلِّمي الشيعة ـ أواخر القرن الثاني ـ كانا قد استدلاّ برأي أهل السنة في التحريف خلال مساجلاتهم مع أرباب الفرق الأخرى، وهما: هشام بن الحكم([125])؛ وهشام بن سالم([126]). ويُقال أن أبا عيسى الورّاق(247هـ/62 ـ 861م) ـ وهو من المتكلِّمين الجدليين ـ كان قد ألّف كتاباً شيعي النزعة بعنوان «الحكم على سورة لم يكن»([127])، ويتضح من العنوان هذا أنه جاء ردّاً على أهل السنة([128]) بخصوص الحذف الحاصل في سورة البيِّنة، وذلك بالاعتماد على رواياتهم. ويرى البعض أن نصها كان يشتمل على أخبار مناهضة لبعض وجهاء قريش([129]).

لحل هذه الأخبار كانت مادةً لاحتجاج بعض علماء الشيعة، وإثبات أن هذه السورة كانت تشتمل على ذكر بعض الصحابة أيضاً. يذكر أن الفضل بن شاذان النيشابوري(260هـ/873م) كان قد أفرد باباً من كتابه (الإيضاح) للردّ على الحشوية (أهل الحديث) من أهل السنّة؛ وذلك بسبب نقل هذا النوع من الروايات القادحة بمصداقية النصّ القرآني([130]). كما ردّ على استدلالات الحشوية على ما زعموه سنة رسول الله| بتساؤلٍ محرج يقول: هل يعني هذا أنّكم فقدتُم جزءاً كبيراً من القرآن في مقابل حفاظكم على السنّة [روايات الرسول]([131])؟!

تجدر الإشارة إلى أن الآراء والروايات التي كان يتداولها رواة أهل السنة لم تدخل منظومة التشيع حتّى النصف الأول من القرن الثالث، وهذا من قبيل ما جاء في كتاب المحاسبي(243هـ/8 ـ 857م) بخصوص الشيعة في زمانه، حيث ذكر بأن الشيعة لامت عثمان على حرق المصاحف وبعض آياته، إلاّ المصحف الذي دوّنه على عهده([132]).

ووفقاً لرواية المحاسبي فإن الشيعة كانت معترضة على عمل عثمان من منطقٍ فقهي، وهو رفضهم لظاهرة إحراق كتاب الله وابتداعها، وهو أمرٌ مسيء لحرمة القرآن وقداسته([133]) ، فكان الأجدر ـ من وجهة نظرة العقيدة الشيعية ـ أن يدفن ما لا ضرورة فيه، ويُغسل بالماء فيمحى، ولا يحرق. ومن الواضح أن هذا الموقف يستبطن وجهة نظر مفادها التلازم بين حرق القرآن والذنب الحاصل جرّاء هذا الفعل، أي إن حرق كتاب الله عملٌ محرّم لا يجوز فعله مهما كان، ولا بُدَّ من إبعاد القرآن عن النار والحرق دائماً([134]) .

وكما هو ظاهرٌ فإن المحاسبي لم يتطرَّق أبداً إلى قول الشيعة بالحذف والتغيير في النصّ القرآني. ويشبه رواية المحاسبي المتصوِّف موقف الجاحظ المتكلِّم، الذي اتّهم الشيعة في عصره بميلهم إلى هذا القول([135]). وتدلّ هذه الروايات على مسألة هامة مفادها أن مصادر القرن الثالث ما زالت تنظر إلى مسألة التحريف كقضية جدلية حاضرة على طاولة نقاش متكلِّمي الشيعة، وأن بعض الشيعة، ممَّنْ كان الجاحظ قريباً منهم، كانوا يتناولون الموضوع في سجالاتهم مع المعتزلة كمقدّمة للمجادلة والاحتجاج، ولم يكن هذا الرأي عقيدةً لجميع فئات الطائفة الشيعية؛ كي يتسنّى للمحاسبي ذكر ذلك.

 

حقيقة الموقف الشيعي ــــــ

يرفض أئمّة الشيعة وفقهاؤهم في القرن الثاني فكرة أن يكون قد طرأ على النصّ القرآني تغيير أو تبديل. وهذا ما يتجلى أكثر عبر الاستدلال بالقائمة العريضة لاحتجاجاتهم على الخلفاء الثالثة، حيث لم يتّهموهم بتحريف القرآن أبداً([136])، بل كانوا يؤكِّدون على أن الخلفاء حفظوا القرآن، وحرّفوا في تفسيره([137]). وكان جهد الأئمة منصبّاً على تفادي المشاكل التي قد تفرزها لنا روايات أهل السنّة التي مر ذكرها.

فعلى سبيل المثال: كانوا يفسِّرون بعض الروايات بنحوٍ يدعم مصداقية المصحف العثماني. فقد رُوي عن علي× أن بعض القرآن نزل في أهل البيت، والبعض نزل في أعدائهم([138]). وكان لهذا التقسيم الثنائي أن يوهم البعض بحدوث حذف في المصحف العثماني لدواعٍ سياسية، لكنْ يأتي التأويل من قبل الأئمّة مخالفاً لهذا المنحى تماماً، ومفاده أن كلّ آيةٍ تتحدث عن المكارم فهي لأهل البيت، وكل آية تتحدث عن الشر وذمّه فهي لأعدائهم([139]). كما وردت رواياتٌ أخرى عن الأئمة^ ترفض رفضاً قاطعاً ما تتناقله بعض الروايات السنّية المتقدّمة من أن اسم علي وأهل البيت كان موجوداً في الآيات القرآنية، ثم حذف منها لاحقاً، مؤكِّدةً في الوقت نفسه على أن علياً× وأهل البيت كانوا سبباً في نزول بعض الآيات الشريفة([140]).

كما رفض الأئمّة^ قراءة ابن مسعود([141]) التي تتعارض مع ما ورد في مصحف عثمان؛ حيث إن الروايات العديدة الواردة في هذا المجال لا تبقي مجالاً للشكّ في إثبات عقيدتهم الراسخة بقبول المصحف العثماني. وكثيراً ما كانوا يلقِّنون أتباعهم بأن القرآن هو كلمة الله العليا([142])، والمصدر الأعلى للدين([143])، وأنه المعيار الأوحد في تمحيص كذب بعض الروايات([144])، وأنه لا يوجد أيّ خطأ أو تحريف في كتاب الله. وكانوا^ يؤكِّدون على أن القرآن هو حبل الله المتين الصالح لكلّ مكان وزمان، وهو البرهان الأزليّ، والحقيقة الجامعة لجميع البشر([145]).

أما النقطة الوحيدة التي اختلف فيها رأي الأئمة^ عمّا ورد في المصحف العثماني فهو ما يتعلَّق بسور الضحى والانشراح، وقريش والفيل؛ حيث يرى الأئمّة([146]) ـ وتبعهم فقهاء الشيعة إلى يومنا هذا([147]) ـ أن سورتي الفيل وقريش هما سورةٌ واحدة، كما يثبته مصحف أُبيّ بن كعب([148])، كما يعتقدون أيضاً باتّحاد سورتي الضحى والانشراح في سورةٍ واحدة. وهذا هو رأي قسمٍ من أهل السنّة، أمثال: عمر بن العزيز؛ وطاووس بن كيسان التابعي([149]).

 

ملابسات نسبة التحريف إلى الشيعة ــــــ

رغم كلّ ما قيل وثبت كانت العديد من القراءات والروايات والأفكار السنية قد تغلغلت إلى روايات الشيعة، فنسبت إليهم خطأ. ومعلومٌ أن الكثير من تلك الروايات الشيعية إنما هي صورة طبق الأصل لما ذكر في أدبيات الحديث عند أهل السنة، وورد في كتبهم أيضاً. ومن ذلك القولُ بقراءة ابن مسعود، التي تقول بإضافة أهل البيت إلى آل إبراهيم وآل عمران في الآية 33 من سورة آل عمران([150]). وهكذا بالنسبة إلى القول بإقحام ذكر أهل البيت في سائر الآيات الأخرى([151])، مع استثناء اسم علي× في بعض الموارد([152])؛ أو القول بأن آيات القرآن الحالي أقلّ ممّا كان في النصّ الأصلي([153])، وأن النص الأصلي كان مشتملاً على آية الرجم([154])، أو دعوى آية واديين من الذهب([155]) في سورة الأحزاب([156])، أو أن سورة الأحزاب([157]) والبيِّنة([158]) كانتا أطول ممّا هما عليه اليوم. إنّ جميع هذه الآراء كانت سائدة لقرنَيْن من الزمن في الفكر السنّي، سوى أنه في هذه المرحلة قد يعثر عليها في بعض كتب الشيعة بسند بعض رجال الشيعة، وأحياناً بسلسلة من السند تصل إلى رجال غير الشيعة، بل من المتشيِّعين([159]).

والعامل الآخر الذي لعب دوراً في تسلُّل هذه الروايات إلى أدبيات الشيعة هو الرغبة الجامحة في تحقيق ذلك لدى بعض التيارات الإلحادية المغالية من الفرق الشيعية([160]). فقد عمد الغلاة إلى توظيف مثل هذه الأخبار في مواجهة جناح الشيعة المعتدل في زمانهم. وبهذا بدأت روايات التحريف السنية تشقّ طريقها إلى المصادر الشيعية، عن طريق جملةٍ من الرواة، أمثال: محمد السياري([161]) ـ وهو المرجع الأخير لأكثر من ثلث مجمل الروايات الواردة في مصادر الشيعة([162]) ـ؛ ومحمد بن حسن بن جمهور العمي البصري([163])، وكلاهما عاش في أواسط القرن الثالث؛ ومفضل بن عمر الجعفي([164])؛ ويونس بن ظبيان([165])؛ والمنخل بن جميل الكوفي([166])، وجميعهم من رجال نهايات القرن الثاني، وقد عُرفوا بأفكارهم الإلحادية والغلوّ في العقيدة، الأمر الذي فصلهم تماماً عن حركة التشيُّع في ذلك الزمان، وهكذا في الأزمان والعصور المتلاحقة([167]).

في الواقع كانت جميع المواضيع المرتبطة بهذه القضية قد تبلورت إثر ردود أفعال الغلاة داخل الوسط الشيعي في النصف الأول من القرن الثالث، وذلك بالانطلاق من صميم الروايات التي يُمضيها رجال أهل السنّة ـ والتي تسير على غرار الأحاديث السنية ـ. وهكذا حاول الغلاة بذل جهود أكبر في حالات أخرى مشابهة، من قبيل القول بإضافة اسم عليّ×أو ذكر أهل البيت^ في آيةٍ من الآيات؛ بغية خلق مدّعى يقول بوجود حالة أو أكثر للحذف في القرآن الكريم. وهو يحكي ملاحظة الصورة الكاملة لمثل هذه المحاولات البائسة في كتاب (القراءات)، للسياري، والمشهور أيضاً باسم (التنزيل والتحريف).

 

الانقسام في المواقف ــــــ

على أعتاب منتصف القرن الثالث مال العديد من محدِّثي الشيعة إلى القول بتأييد هذه الأخبار، فتبعوا نظراءهم من السنّة إلى القول بوقوع الحذف والتغيير في القرآن، أمثال: المحدِّث علي بن إبراهيم القمّي(كان حياً حتّى عام 307هـ/920م)، وسعد بن عبد الله الأشعري(299ـ 301هـ/12 ـ 914م)، في حين اكتفى غيرهم من الفقهاء بنقل الروايات، دون الإشارة إلى تأييدها سنداً ومتناً، أمثال: محمد بن مسعود العياشي(أواخر القرن الثالث)، ومحمد بن يعقوب الكليني(329هـ/961م تقريباً)([168]).

ومع هذا كله لم يتحقّق إجماع بين المحدِّثين الشيعة بهذا الخصوص. فقد كان الفقيه ابن بابويه(381هـ/1 ـ 992م)، وهو ممثِّل جناح العلم والتقوى بين المحدِّثين([169])، برأيه الكاشف عن موقفهم، يرفض وبشدّة هذا الرأي. تكشف مكانة ابن بابويه العقيدة السائدة بين معاصريه من الشيعة، حيث يقول: «اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيّه محمد| هو ما بين الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك… ومَنْ نسب إلينا أنّا نقول: إنه أكثر من ذلك فهو كاذبٌ»([170]).

كما أشارت كتب الملل والنحل السنّية إلى انعدام الإجماع بين فقهاء الشيعة آنذاك على هذا الموضوع. وكان أبو الحسن الأشعري(334هـ/936م) في كتابه (مقالات الإسلاميين) قد صنَّف آراء الشيعة في عصره إلى قسمين([171]): «فرقة يزعمون أن القرآن قد نقص منه، وأما الزيادة فذلك غير جائز، وكذلك لا يجوز أن يكون قد غيِّر منه شيءٌ ممّا كان عليه؛ والفرقة الثانية تقول: لم يغيَّر ولم يبدَّل»([172]). وجاء في تنويه، للشريف المرتضى(436هـ/1044م) حول اختلاف الرأي بين الشيعة الإشارة إلى وجود جماعة من الشيعة ساروا على خطى نظرائهم من أهل السنّة في هذا المجال، وهم مجموعة من المحدِّثين الذين لا يعلمون ما يقولون، وإلى أين هم سائرون، أولئك الذين باتوا تابعاً للروايات، دون أي إعمالٍ للعقل في صحّتها من عدمها، ودون التأمُّل والنظر، ولا شكَّ أن رأيهم لا يستحقّ الوقوف عنده أبداً([173]). ويضيف الشريف المرتضى: إنه ليس لدينا في آراء الفقهاء والمتكلِّمين والعقلاء ـ أمثال: أبي جعفر ابن قبة، وأبي الأحوص، وآل النوبخت([174]) ـ مَنْ قال بالنقص([175]).

وسرعان ما أخذت نظرية المحدِّثين بالأفول والانهيار أمام ردود فقهاء الشيعة في القرن الرابع، حتّى وصل المطاف إلى تلاشيها من الوجود على أعتاب العقود الأولى من القرن الخامس، إثر الهزيمة على يد مدرسة الفكر والعقل الشيعيّة([176]).

وقد تتبنّى بعض فرق الغلاة هذه النظريّة في الأزمان اللاحقة، لكنْ ما عاد لديهم دليلٌ أو مستمسك على ذلك. وقد نسمع هذه الأيام بوجود رأيٍ بنقصان القرآن عما كان عليه في كتب بعض غلاة الشيعة في الهند وباكستان([177]). ومنذ نهاية القرن الرابع إلى اليوم لم يُعرَف أحد من فقهاء الشيعة يعتقد بالحذف والتغيير، سوى سبعة أسماء([178])، كان دليلُهم في ذلك الروايات السنّية الواردة في هذا المجال([179]). كما أنهم إلى حدٍّ كبير ورثة المحدِّثين فكرياً، وفقههم خير دليل على ذلك([180]).

وعلى أيّ حال فإن مسألة القول في التحريف داخل المنظومة الشيعية لا تعدو كونها قضية هامشية، لم يقُلْ بها سوى محدِّثي القرنين الثالث والرابع.

 

الكيل بمكيالين ــــــ

رغم جميع هذه الحقائق والوقائع نجد أعداء التشيُّع يتَّهمون الشيعة على مرّ العصور بعقيدة التحريف. ولعل أقدم تلك التهم ما ورد في مؤلَّفات الجاحظ المعتزلي(255هـ/869م)، الذي اتَّهم جميع معاصريه من الشيعة بهذه الفكرة([181]). وقد أيَّد هذه التهمة معتزليٌّ آخر هو أبو الحسن الخيّاط(أواخر القرن الثالث)؛ حيث نسب هذا الرأي في كتابه (الاختصار) إلى جميع فرق الشيعة([182]). وكيف كان فإن أسلوب الكتابة عند هذين المؤلِّفين، بل وصف واختزال نظريات وآراء سائر الفرق الشيعية، كان مؤسَّساً على بعض نظريات عدد من الشيعة، والمقصود في معظمها هو المتكلِّم الشيعي هشام بن الحكم، التي تدعي تلك المصادر تبنّيه رأياً خاطئاً بخصوص القرآن. وهذا ما ينطبق تماماً على كتاب الخيّاط؛ لأنه كتاب مليءٌ بالحقد والضغينة؛ دفاعاً عن الحسّ الطائفي فيه، الأمر الذي يدعو إلى التريُّث في التصديق به؛ كون مؤلفه مشحوناً بانحيازه للاعتزال ومناهضة التشيُّع، وإنْ كانت الفكرة قد طرأت على الفكر الشيعي قبل عصر الخيّاط حتّى باتت دليلاً ضدّ أهل السنة أنفسهم.

المتكلِّم المعتزلي الثالث في هذا القرن هو أبو عليّ الجبائي(303هـ/916م)، والذي كان قد بادر إلى اتّهام عامّة الشيعة بالتهمة ذاتها، دون أي استثناء([183]).

ولعل رأي أبي الحسن الأشعري هو الأصحّ في المعتزلة الثلاثة، حيث صنَّف الشيعة إلى فريقين. أما الباقلاني، السائر على نهج الأشعري في كلّ شيء، فقد تطرق أيضاً إلى غلاة الشيعة ووضعهم أحاديث تدلّ على تحريف القرآن، وأن علياً× كان على خلاف مع سائر الصحابة بخصوص موضوع القرآن الكريم. والحال أن معظم الشيعة يرفضون مثل هذه الروايات([184]).

وأيضاً ذكر القاضي عبد الجبّار المعتزلي(415هـ/1025م) أن الشيعة تدّعي أن جيل المسلمين الأوائل هو مَنْ غيَّر في النصّ القرآني، وتلاعب به([185]). لكنّه عاد هو نفسه في كتابٍ آخر له ليبرّئ أتباع الاتجاه العقلي والكلامي من الشيعة عن هذه التُّهْمة([186]). وقد كان للمعتزلة([187]) وبعض الأشاعرة([188]) في المراحل اللاحقة آراء مشابهة، دون خوض في التفاصيل.

وبعد بضعة عقود جاء ابن حزم الظاهري(456هـ/1054م)، فاتَّهم الشيعة في الماضي والحاضر بالقول بتحريف القرآن، زيادة ونقصاناً وتغييراً في النصّ، ولم يستثنِ سوى الشريف المرتضى واثنين من تلامذته، الذين رفضوا هذا الرأي، وكفَّروا كل مَنْ اعتقد بالتحريف([189]). وإذا كانت هذه الرواية صحيحة فكيف نفسِّر إذن موقف الشريف المرتضى، وابن بابويه من قبله بنصف قرن، وكذلك الطوسي من بعده بنصف قرن، الذين أجمعوا في قولهم على أنّ القائل بهذه العقيدة هم مجموعة من محدِّثي الشيعة؟

أما أبو مظفر الإسفراييني(471هـ/79 ـ 1078م) فقد ذهب إلى أبعد من كلّ هذا، فقال بأن جميع الإمامية مجمعون على القول بتحريف القرآن؛ نتيجة ما قام به الصحابة من زيادة ونقصان فيه([190]). ولا يزال معظم أهل السنّة المتعصبين تجاه الشيعة يحملون الرأي ذاته إلى عصرنا الحالي([191])، دون الاعتراف بأيّ استثناء غالباً. وقد أيّد الكثير من الباحثين في الشأن الإسلامي ـ أمثال: أجناس جولدتسيهر([192]) ـ هذه الروايات والتُّهَم باستدلالاتٍ مشابهة.

واللافت في الأمر أنّ المتأخِّرين من أهل السنّة كانوا قد نسبوا إلى الشيعة السبق في مخالفة إجماع عامّة المسلمين ـ أهل السنة أنفسهم ـ وتبنّي هذا الفكرة. فعلى سبيل المثال: كان الزمخشري ومؤلِّف كتاب (بعض فضائح الروافض) مجهول الهوية قد نسبا إلى الشيعة حادثة دخول الحيوان الداجن إلى بيت عائشة، وأكله الورق الذي كُتبت عليه الآيتان، بالرغم من أن هذه الرواية سنّيّة بامتياز([193])، بل هم مَنْ وثّق رجالها([194])، ورووها في العديد من مصادرهم. في حين ادّعى البعض الآخر من المؤلفين أن هذه الروايات إنما هي من وضع الروافض([195]). وقد تهجَّم محمد عبد العظيم الزرقاني على غلاة الشيعة كونهم ادَّعوا أن القرآن الحقيقي أكبرُ بكثيرٍ ممّا هو عليه؛ وأنّ سورة الأحزاب كانت أطول أيضاً، وتتضمَّن في آيتها الثالثة والعشرين هذا النصّ تحديداً: «كفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب»([196]). وقد ذكرنا سابقاً ـ بالدليل ـ أن جميع هذه المدّعيات كانت في الأصل في مصادر أهل السنّة([197]).

 

ملحق ــــــ

وقبل الختام يرى المترجم ضرورة التذكير بنقطتين أشار إليهما المحقِّق القدير السيد جواد الشبيري:

أـ إن من مصادر هذا الموضوع التي لم تأخذ حقّها هي كتب أصول الفقه؛ إذ تناول علماء الأصول مسألة التحريف من نافذة دراسة مذهب الأخباريين في ما يتعلَّق بنفي حجّية ظواهر الكتاب. وكان السيد البروجردي قد تطرَّق بنحوٍ من الإجمال إلى هذه القضية في درس الأصول سنة 1369هـ تقريباً. وكان يعتقد بأن كتاب الله المجيد كان مدوَّناً في عهد الرسول|، وأن جميع ما تناقله السنة والشيعة من أخبار بخصوص تدوين القرآن عقب وفاته هي رواياتٌ موضوعة لا أساس لها من الصحّة. فالسنّة؛ بدافع بيان فضل أبي بكر وعمر في خدمتهم الإسلام، روَوْا أن القرآن دُوِّن في زمن أبي بكر بإشارةٍ من عمر، ثم انتقلت هذه الروايات إلى الشيعة، الذين قاموا بدورهم بوضع روايات تفيد أنّ القرآن جُمع على يد الإمام عليّ×، بنحوٍ يثبت اعتراضه× على خلافة أبي بكر، وكان السنّة أيضاً قد نقلوا هذه الروايات، لكنْ بنحوٍ يبرر اعتكاف عليّ× في داره، وتخلُّفه عن بيعة أبي بكر([198]).

وكان أحد تلامذة البروجردي، ممَّنْ حضر الدرس وقرّره، فكّر في تطوير هذا البحث، فألّف كتاب «الحجّة على فصل الخطاب في إبطال القول بتحريف الكتاب»([199]). وقد ورد في الكتاب أن البروجردي كان يرفض رفضاً قاطعاً القول بتدوين القرآن على يد الإمام عليّ×، مشيراً إلى أن روايات هذا الموضوع إنّما هي من وضع السنّة والشيعة.

وتجدر الإشارة إلى اقتراب رؤية البحث الحالي من هذا الرأي وتأييده.

ب ـ يؤيد كاتب هذه السطور رأي بعض الكتّاب في فاعلية دور الغلاة في عملية نقل روايات التحريف، بغضّ النظر عن مسألة مصداقية الغلوّ كتيّار له وجود أم لا، وصعوبة وضع حدٍّ وتعريف لمفهومه في القاموس الشيعي، بالإضافة إلى اختلاف الآراء في تفسير هذه المفردة، وتحديد مصاديقها. لكنْ على أيّ حال فإن معظم أسانيد روايات التحريف تشتمل على أسماء رواة وصفوا في كتب الرجال بالغلوّ، أو اتّهموا بالغلوّ وفساد المذهب، بمعنى أن الرأي السائد في الوسط الشيعي خلال القرن الرابع والخامس هو عدم الوثوق بهم. وما عدا أحمد بن محمد السياري ومَنْ مرَّ ذكره من الرواة خلال البحث فإنّ هناك رواة آخرين نعتتهم كتب الرجال بالغلوّ واضطراب المذهب. وإليك ثلاثة منهم ممَّنْ ورد اسمه في عدد من روايات التحريف تلك:

 

1ـ المعلّى بن محمد البصري ــــــ

وصفه النجاشي في رجاله بأنه «مضطرب الحديث والمذهب…»([200]). وله عددٌ من روايات التحريف اشتملت على عبارة: «هكذا نزلت»، واستخدام القسم «والله»، جاء ذكرها في عددٍ من كتب الحديث، مثل: بصائر الدرجات، لمحمد بن حسن الصفّار(290هـ)؛ وكتاب الحجّة، لأبي جعفر الكليني(328 أو 329هـ)؛ وفي التفسير المنسوب إلى عليّ بن إبراهيم القمّي ـ والظاهر أنه من تأليف عليّ بن حاتم القزويني الذي عاش لسنة 350هـ ـ([201]). وفي أغلب الظن فإن مصدر هذه الروايات هو كتاب التفسير أو كتاب الإمامة، للمعلّى بن محمد([202])، فقد وردت في كتاب الحجّة([203]) العديد من روايات أحد هذين الكتابين، ويقودنا التدقيق في أسانيدها إلى إثبات نقلها عن كتاب المعلّى تحديداً.

 

2ـ محمد بن سليمان البصري الدليمي، ووالده ــــــ

ضعَّفه الشيخ الطوسي في رجاله([204])، واصفاً إياه بعبارة: «يرى بالغلوّ». وقال عنه النجاشي: «ضعيف جدّاً، لا يعوّل عليه في شيء»([205]). كما وصفه ابن الغضائري بقوله: «ضعيف في حديثه، مرتفع في مذهبه، لا يلتفت إليه([206])، وكان أبوه يصنَّف كواحدٍ من كبار الغلاة»([207]). ولمحمد بن سليمان رواياتٌ صريحة في القول بالتغيير في التنزيل([208])، نقل معظمها عن أبيه([209]).

وبالطبع ليس بالإمكان إحصاء جميع رواة أحاديث التحريف هنا، ودراسة مذاهبهم وميولاتهم العقائدية، والجزم بضعفهم أو توثيقهم، لكنّ هذا ما نجده في كتاب «القرآن في روايات المدرستين»، الجزء الثالث، حيث تناول المؤلِّف روايات التحريف بنحوٍ تفصيلي، فكانت معظم تلك الروايات تفتقد إلى السند، ولا تدل من ناحية المتن على التحريف اللفظي بشكلٍ واضح وصريح. لذا من شأن عملية جمع وإحصاء الرواة والروايات المصرِّحة بوقوع التغيير والتبديل في ألفاظ القرآن أن تلعب دوراً هاماً في الكشف عن مدخلية التيّارات الفكرية في تلك المرحلة، وأثرها على تبلور هذه الرؤية.

وهنا نكتفي بالإشارة إلى أن العديد من رواة القول بالتحريف ـ ومعظمهم متَّهم بالغلوّ ـ كانوا من أهل البصرة([210]). ولعلّ الصبغة العثمانية الغالبة على هذه المدينة ـ خلافاً للكوفة ذات الطابع الشيعي ـ ولَّدت ردّة فعل تعصُّبيّة لدى شيعة البصرة الذين كانوا يمثِّلون الأقلّية فيها.

وعلى أيّ حال فإن مسألة تحديد ودراسة خلفيّات رواة التحريف من حيث الموطن والمعيشة ستُُسهم كثيراً في فهم تفاصيل هذه القضية، والوقوف على جذورها.

 

الهوامش

(*) باحثٌ متخصِّص في التراث والدراسات القرآنية والحديثية.

(**) من أبرز الباحثين المعاصرين في التراث الإمامي، وأحد أبرز أساتذة الجامعات الأميركية الإيرانيين اليوم. له أعمالٌ علمية تراثية تحقيقية مشهودة.

([1]) لا بُدَّ لي أن أتقدم بالشكر والامتنان لكلٍّ من البوفسور ميخائيل كوك وآروم أدويتش وجانت واكين على ما أسدوه من إرشادات في هيكلة المقال. [المؤلِّف].

وهذا المقال هو ترجمة لـ:

Early Debates on the Integrity of the Quran, A Brife Sureuy] in Studia Islamica, 77, (1993), 5 ـ 39.

وقد أضاف الكاتب ملاحظات أدرجت ضمن هذه الترجمة. وهنا يرى المترجم من واجبه تقديم الشكر للسيد محمد شبيري ورضا مختاري؛ لمراجعتهما الترجمة، وإسداء النصائح. كما قدم السيد شبيري ملاحظات أخرى أدرجناها في خاتمة المقال. [المترجم].

([2]) انظر: الكليني، الكافي 1: 99، الهامش الأول، تصحيح: علي أكبر غفاري، طهران، 77 ـ 1379هـ/57 ـ 1959م. وأيضاً:

Etan Kolberg [Imam and Community in the Pre ـ Ghayba Period] in Said Amir Arjomand , ed, Authority andPolitical Culturein Shiism, (New York, 1988), p. 38.

قارن هذا الرأي مع رأي بعض فقهاء السنة القائل: إن آراء الصحابة في الدين لا بُدَّ أن تكون انعكاساً لرأي الرسول؛ لأنّهم لا يتَّخذون رأياً بعيداً عن قرارات الرسول الأكرم. (انظر: صبحي الصالح، مباحث فى علوم القرآن: 134، بيروت، 1977م؛ والمصادر الواردة فيه).

([3]) انظر: كتاب مجهول المؤلف، المباني فى نظم المعاني، تحقيق: آرتور جفري، ضمن مجموعه مقدمتان في علوم القرآن: ‏26 ـ 38، القاهرة، 1954م؛ الزركشي، البرهان فى علوم القرآن ‏1: ‏235، 237 ـ 238، 256، 258، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1957م؛ السيوطي، الإتقان فى علوم القرآن ‏1: ‏212 ـ 213، 216، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (القاهرة، 1967م)؛

Bells Introdaction to the Quran, revised by W. M. Watt (Edinburgh, 1970) p. 143; A. T. Welch, Al ـ Kuran (in The Encyclopaeda of Islam, 2nd, IV, pp. 400 ـ 29), p. 403.

والمصادر الواردة فيه.

([4]) أحمد بن حنبل، المسند ‏1: ‏57 (القاهرة، 1313هـ/1896م)؛ الترمذي، السنن ‏4: ‏336 ـ 337 (المدينة، 1385هـ)؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك ‏2: ‏229 (حيدرآباد، 1340هـ/1922م).

([5]) البقرة: 106: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾.

([6]) النحل: 101: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ﴾.

([7]) انظر مثلاً: أبو عبيد قاسم بن سلام، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم: 6، تحقيق: جان برتن (John Burton) (كمبريدج، 1987م)؛ المحاسبي، فهم القرآن ومعانيها، تحقيق: ح. قوتلي، ضمن مجموعه العقل وفهم القرآن: ‏261 ـ 502، (1971م)، نقلاً عن أنس بن مالك: ‏400، 408؛ نقلاً عن عمرو بن دينار: ‏403؛ نقلاً عن عبد الرحمن بن عوف: 405؛ نقلاً عن أبي موسى الأشعري: ‏406؛ الطبري، جامع البيان ‏3: ‏472 ـ 474، 476، 479، تحقيق: محمود محمد شاكر (القاهرة، 1376هـ)؛ ابن‏ سلامة، الناسخ والمنسوخ: 21 (بيروت، 1984م)، نقلاً عن عبد الله بن مسعود؛ السيوطي، الدرّ المنثور ‏5: ‏179 (القاهرة، 1314هـ/1897م)، نقلاً عن أبي بن كعب؛ الإتقان في علوم القرآن ‏3: ‏83 ـ 84، نقلاً عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر.

([8]) انظر: أبو عبيد قاسم بن سلام، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم: 6؛ البيهقي، دلائل النبوة، تحقيق: أ. م. قلعجي ‏7: ‏154 (بيروت، 1985م)، هو يستدلّ بأن النبيّ لم يجمع القرآن لأنه كان بانتظار مستمرّ لورود النسخ بحقّ الآيات؛ لذا من غير الممكن إجراء عملية الجمع على عهده). ومبنى هذا الاستدلال فرضية إسقاط المنسوخ من النصّ القرآني. انظر أيضاً: الزركشي، البرهان في علوم القرآن ‏2: ‏30؛ المفهوم الأول للنسخ.

([9]) انظر: أبو القاسم الخوئي، البيان: ‏305 ـ 403 (النجف، 1387هـ).

([10]) انظر: ابن‏ سعد، كتاب الطبقات الكبير 3: 211، 281، تحقيق: إي. زاخاو وآخرين (ليدن، 15 ـ 1904م)؛ ابن أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: 10، تحقيق: آرتور جفري (ليدن، 1937م)؛ ابن بابويه، كمال الدين، تحقيق: علي أكبر غفاري: ‏31 ـ 32 (طهران، 1390هـ/1970م)؛ البيهقي، دلائل النبوة ‏7: 147 ـ 148، 152؛ الزركشي، البرهان ‏1: ‏262؛ ابن أبي‏ الحديد، شرح نهج البلاغة 1: 27، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (القاهرة، 85 ـ 1377هـ)؛ ابن جزي، التسهيل لعلوم التنـزيل 1: 4 (القاهرة، 1355هـ/1936م)؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏202؛ وانظر أيضاً: إبراهيم الحربي، غريب الحديث 1: 270، تحقيق: سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد (مكة، 1406هـ).

([11]) البيهقي، دلائل النبوة ‏7: ‏154؛ الزركشي، البرهان في علوم القرآن ‏1: ‏235، 262؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏202؛ أحمد النراقي، مناهج الأحكام: 152 (طهران، بلا تاريخ).

([12]) وفقاً لليعقوبي في كتاب التاريخ 2: 15 (بيروت، 1960م) فإن معظم حفظة القرآن كانوا قد قتلوا في هذه المعركة. وحوالي 360 من الصحابة البارزين توفّوا في هذه المرحلة (الطبري، التاريخ ‏3: ‏296، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1381هـ). وبلغ عددهم 500 أيضاً في مصادر أخرى (ابن الجزري، النشر 1: 7، القاهرة، بلا تاريخ؛ ابن‏ كثير، تفسير القرآن 7: 439، بيروت، 1387هـ)؛ و700 في (القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 1: 50، القاهرة، 1388هـ)، و1200 في (عبد القاهر البغدادي، أصول الدين: 283، بيروت، 1981م). وإنْ كان هذا هو آخر إحصاء وارد للمقتولين من الصحابة وغيرهم في المعركة. (انظر: الطبري، التاريخ ‏3: ‏300).

([13]) المقصود هو آخر آيتين من سورة التوبة من المصحف الحالي، وقد أضيفتا من قبل خزيمة بن ثابت الأنصاري (أو أبو خزيمة، وفقاً لرواية أخرى). انظر: البخاري، الصحيح ‏3: ‏392 ـ 393 (ليدن، 1908 ـ 1862م)؛ ‏4: ‏398 ـ 399؛ سنن الترمذي ‏4: ‏346 ـ 347؛ أبو بكر المروزي، مسند أبي ‏بكر الصديق: ‏97 ـ 99، 102 ـ 104، تحقيق: شعيب أرناؤوط (دمشق، 1391هـ)؛ ابن أبي‏ داوود: ‏6 ـ 7، 9، 20؛ ابن‏ النديم، الفهرست: 27؛ الخطيب البغدادي، موضح أوهام الجمع والتفريق 1: ‏276 (حيدر آباد، 1959م)؛ البيهقي، دلائل النبوة ‏7: ‏149 ـ 150؛ الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏238. للاطلاع على الصور الأخرى للرواية: الخطيب البغدادي، تلخيص المتشابه فى الرسم ‏1: ‏403 ، تحقيق: سكينة شهابي (دمشق، 1985م)؛ وابن أبي داوود، كتاب المصاحف: ‏9. وفي كلا المصدرين ورد اسم أبيّ بن كعب شاهداً بدلاً من ابن خزيمة، أو أبي خزيمة.

([14]) اليعقوبي، التاريخ ‏2: ‏135؛ السيوطي، الإتقان ‏1: 185، 207 ـ 208.

([15]) البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏393 ـ 394؛ الترمذي، السنن ‏4: ‏347 ـ 348؛ أبو بكر المروزي، المصدر السابق: 99 ـ 101؛ ابن‏ أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: ‏18 ـ 21؛ البيهقي، الدلائل ‏7: ‏150 ـ 151؛ أبو هلال العسكري، كتاب الأوائل ‏1: ‏218، تحقيق: و. قصاب وم. مصري (الرياض، 1980م).

([16]) ابن ‏أبي‏ داوود، المصدر السابق: 10؛ السيوطي، الإتقان ‏1: 204.

([17]) مالك بن أنس، الموطأ ‏2: ‏824، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (القاهرة، 1951م)؛ أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏1: 47، 55؛ المحاسبي، المصدر السابق: 398، 455؛ ابن أبي شيبة 7: ‏431، المصنف (بيروت، 1989م)؛ البخاري، المصدر السابق ‏4: ‏305؛ مسلم، الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ‏2: ‏1317؛ أبو داوود، السنن ‏4: ‏145، تحقيق: محمد محيي ‏الدين عبد الحميد (القاهرة، 1956هـ)؛ ابن ماجة، السنن ‏2: ‏853، تحقيق:‏ محمد فؤاد عبد الباقي (القاهرة، 1374هـ)؛ الترمذي، المصدر السابق ‏2: ‏442 ـ 442؛ ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث: 313 (القاهرة، 1386هـ/1966م)؛ ابن سلامة، الناسخ والمنسوخ: 22؛ البيهقي، السنن الكبرى 8: ‏211، 213 (حيدر آباد، 56 ـ 1354هـ/37 ـ 1935م).

([18]) السيوطي، الإتقان ‏1: 206.

([19]) أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏5: ‏183، نقلاً عن زيد بن ثابت وسعيد بن العاص؛ عبد الرزّاق، المصنف ‏7: ‏330، تحقيق: حميد العظمي (جوهانسبورغ، 1970 ـ 1972م)؛ السيوطي، الإتقان ‏3: ‏82، 86؛ الدرّ المنثور ‏5: ‏180، نقلاً عن أبي ‏بن كعب وعكرمة.

([20]) الداجن قد يكون حيواناً أليفاً، كالدجاج والشاة أو الماعز. وكان إبراهيم بن إسحاق الحربي (285هـ/898م) في غريب الحديث استخدمه مصداقاً محدّداً هو «الشاة‏» (انظر: الزمخشري، الكشّاف ‏3: ‏518، الهامش، القاهرة، 1947م). وهذا ما فهمه ابن قتيبه من الداجن أيضاً (تأويل مختلف الحديث: ‏310). ولعل هذا الرأي جاء على أساس الرواية التي ذكرت أنّ حيواناً التهم الأوراق. انظر: سليم بن قيس الهلالي، كتاب سليم بن قيس: ‏108 (النجف، بلا تاريخ)؛ الفضل بن شاذان، الإيضاح: ‏211، تحقيق: مير جلال‏ الدين محدث أرموي (طهران، 1393هـ)؛ عبد الجليل القزويني، النقض: ‏133، تحقيق: مير جلال ‏الدين محدث أرموي (طهران، 1401هـ).

([21]) أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏6: ‏269؛ ابن ماجة، المصدر السابق ‏1: ‏626؛ ابن ‏قتيبة، التأويل: ‏310. انظر أيضاً: الشافعي، كتاب الأم ‏5: ‏23؛ ‏7: ‏208 (القاهرة، 1321 ـ 1326 هـ/1903 ـ 1908م).

([22]) مجهول المؤلّف، المباني: ‏99؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 84. انظر أيضاً: عبد الرزاق، المصنف ‏7: 379 ـ 380. وقد استخدم ابن أبي‏ شيبة في المصنف ‏14: ‏564 عبارة «فقدنا». واستخدمت السيدة عائشه عبارة «سقط‏». انظر: ابن ماجة، المصدر السابق ‏1: ‏625؛ السيوطي، الإتقان ‏3: ‏70. وهذه العبارة وردت أيضاً عند مالك. (الزركشي، البرهان فى علوم القرآن ‏1: ‏263). كما يمكن تصور حالتين أخريين، هما:

1ـ إن عبد الرحمن بن عوف الصحابي وعمرو بن دينار التابعي قالوا: إن جملة من القرآن قد (سقطت). (المحاسبي، المصدر السابق: ‏403، 408).

2ـ ويبدو أن عمر قال في خطبة عامّة: إنه بعدما رحل الرسول فقدنا بعضاً من القرآن، وبقي معنا بعض. إذن فمعنا بعضه، و(فاتنا) البعض الآخر. (ابن أبي‏ شيبة، المصدر السابق ‏7: ‏431).

([23]) عبد الرزاق، المصدر السابق ‏9: ‏50؛ أحمد بن حنبل، المسند ‏1: ‏47، 55؛ ابن أبي شيبة، المصدر السابق ‏7: ‏431؛ البخاري، الصحيح ‏4: ‏306؛ ابن‏ سلامة، المصدر السابق: ‏22؛ السيوطي، الإتقان ‏3: ‏84. انظر أيضاً: الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏39، نقلاً عن أبي بكر.

([24]) المحاسبي، المصدر السابق: ‏403؛ المباني: 99؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 84.

([25]) عبد الرزاق، المصدر السابق ‏9: ‏52؛ المحاسبي، المصدر السابق: 400؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 84.

([26]) المحاسبي، المصدر السابق: 399؛ الطبري، الجامع 2: 479.

([27]) السيوطي، الإتقان ‏3: ‏81 ـ 82.

([28]) ابن أبي‏ داوود، المصدر السابق: ‏23، نقلاً عن ابن شهاب الزهري؛ السيوطي، الإتقان 5: ‏179، نقلاً عن سفيان الثوري؛ ابن قتيبة، التأويل: ‏313. وأيضاً انظر: فتح الباب: ‏92 (بيروت، 1981م).

([29]) أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏5: ‏132؛ الترمذي، المصدر السابق 5: ‏370؛ الحاكم، المصدر السابق ‏2: ‏224؛ السيوطي، الإتقان ‏3: ‏83.

([30]) ابن‏ قتيبة، عيون‏ الأخبار ‏2: ‏148؛ أحمد بن‏ حنبل، المصدر السابق ‏5: ‏132؛ المحاسبي، المصدر السابق: ‏405؛ البيهقي، المصدر السابق ‏8: ‏211؛ الحاكم، المصدر السابق 2: 415؛ السيوطي، الإتقان 3: 83 (وروي أيضاً قولٌ مشابه عن حجم السورة المذكور فيها حكم الرجم عن عمر وعكرمة في كتاب الدر المنثور، للسيوطي 5: ‏180). انظر أيضاً: الزركشي، المصدر السابق 2: ‏35: وقد رجح أن تكون الآية ضمن سورة النور تحديداً. وفي كتاب المباني: 82 ذكرت سورة الأعراف بدلاً عنها، وإنْ كان من المحتمل أن يكون ذكر سورة الأعراف نتج عن خطأ في الكتابة أو القراءة. وهذا ما يمكن فهمه ممّا قاله المؤلف لاحقاً عن سورة الأحزاب، في الصفحة ‏83، 86.

([31]) البيهقي، المصدر السابق 8: 211.

([32]) الراغب الإصفهاني، محاضرات الأدباء ‏4: ‏434 (1382هـ)؛ السيوطي، الدرّ المنثور ‏5: ‏180؛ الإتقان ‏3: ‏82.

([33]) السيوطي، الدرّ المنثور ‏5: ‏180، نقلاً عن كتاب تاريخ البخاري.

([34]) الحاكم، المستدرك ‏2: ‏331؛ الهيثمي، مجمع الزوائد ‏7: ‏28 ـ 29 (القاهرة، 53 ـ 1352هـ/34 ـ 1932م)؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 84.

([35]) السيوطي، الدرّ المنثور ‏3: 208.

([36]) الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏263؛ السيوطي، الإتقان ‏1: 226.

([37]) سليم بن قيس، المصدر السابق: 108؛ أبو منصور الطبرسي، الاحتجاج ‏1: ‏222، 286، تحقيق: محمد باقر الخرسان (النجف، 1387هـ). ويذكر هنا العقيدة السائدة لدى أهل السنة الأوائل. أيضاً انظر: الزركشي، المصدر السابق ‏2: ‏35.

([38]) مسلم، المصدر السابق ‏2: ‏726؛ المحاسبي، المصدر السابق: 405؛ أبو نعيم، حلية‏ الأولياء ‏1: 257 (القاهرة، 32 ـ 1938م) ؛ البيهقي، الدلائل ‏7: ‏156؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 83.

([39]) أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏5: ‏131 ـ 132؛ المحاسبي، المصدر السابق: ‏400 ـ 401؛ الترمذي، المصدر السابق 5: 370؛ الحاكم، المصدر السابق ‏2: ‏224.

([40]) الراغب الإصفهاني، المصدر السابق 4: 433.

([41]) السيوطي، الإتقان ‏1: ‏227.

([42]) المصدر السابق ‏3: 84.

([43]) عبد الرزاق، المصدر السابق ‏7: ‏470؛ ابن ماجة، المصدر السابق ‏1: 625، 626.

([44]) المحاسبي، المصدر السابق: ‏401 ـ 400؛ ابن‏ النديم، المصدر السابق: ‏30؛ الراغب، المصدر السابق ‏4: ‏433؛ الزركشي، المصدر السابق ‏2: ‏37؛ الهيثمي، المصدر السابق ‏7: ‏157؛ السيوطي، الإتقان ‏1: 226، 227.

([45]) السيوطي، الإتقان ‏1: ‏227.

([46]) المصدر السابق ‏1: ‏226 ـ 227.

([47]) الدرّ المنثور ‏1: ‏227. وأيضاً انظر: السيوطي، الإتقان ‏3: ‏85.

([48]) ابن أبي‏ شيبة، المصدر السابق ‏6: ‏147 ـ 146؛ أحمد بن حنبل، المصدر السابق ‏5: ‏130 ـ 129؛ ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن: ‏33 ـ 34، تحقيق: السيد أحمد صقر (القاهرة، 1375هـ)؛ ابن النديم، المصدر السابق: 29؛ الباقلاني، الانتصار: 184 (فرانكفورت، 1986م)؛ الراغب الإصفهاني، المصدر السابق ‏4: ‏434؛ الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏251؛ ‏2: ‏128؛ الهيثمي، المصدر السابق ‏7: ‏149 ـ 150؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏224، 226، 270 ـ 273.

([49]) See, Arthur Jeffery, Materials for the History of the Text of the Quran, the Old Codices, (Leiden, 1937), pp. 20 ـ 113.

([50]) See the lists, ibid, pp. 114 ـ 238.

([51]) ابن‏ سعد، المصدر السابق ‏2: ‏338؛ ابن أبي شيبة، المصدر السابق ‏6: ‏148؛ اليعقوبي، المصدر السابق ‏2: ‏135؛ ابن أبي داوود، المصدر السابق: ‏10؛ ابن النديم، المصدر السابق: 30؛ أبو هلال العسكري، كتاب الأوائل ‏1: ‏220 ـ 219؛ أبو نعيم، المصدر السابق ‏1: ‏67؛ ابن عبد البرّ، الاستيعاب: ‏334 ـ 333 (حيدر آباد، 7 ـ 1336هـ/19 ـ 1918م)؛ ابن‏ جزي، المصدر السابق ‏1: ‏4؛ ابن أبي ‏الحديد، المصدر السابق ‏1: ‏27؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏204، 248. تفيد الرواية الشيعية في هذا الصدد أن عملية تدوين القرآن اكتملت عقب وفاة الرسول بسبعة أيّام. انظر: الكليني، الكافي ‏8: ‏18، تحقيق: علي أكبر غفاري (طهران 79 ـ 1377هـ/59 ـ 1957م).

([52]) سليم بن قيس، المصدر السابق: 72، 108؛ محمد بن الحسن الصفّار، بصائر الدرجات: 193 (تبريز، 1381هـ/1962م)؛ الكليني، المصدر السابق ‏2: ‏633؛ أبو منصور الطبرسي، المصدر السابق ‏1: ‏107، 225 ـ 228؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب ج‏2: ‏42 (قم 1378هـ/1959م)؛ انظر أيضاً: اليعقوبي، المصدر السابق ‏2: ‏135 ـ 136.

([53]) كمثال: انظر: ابن أبي داوود، المصدر السابق: 15 ـ 17؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق 39: 87 ـ 91، تحقيق: سكينة شهابي (دمشق، 1986م).

([54]) كمثال: انظر: مدخل «القرآن في دائرة المعارف الإسلامية (النسخة الإنجليزية)، تأليف: A. T. welch: ‏404 ـ 405 والمصادر الواردة هناك.

([55]) فعلى سبيل المثال لم ترِدْ هذه القصة في طبقات ابن سعد في فصل أبي بكر، أو عمر أو زيد بن ثابت،‏ وكذلك في مسند أحمد بن حنبل في فصل فضائل الصحابة.

([56]) انظر على سبيل المثال: البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏392 ـ 393؛ ‏4: ‏398 ـ 399؛ الترمذي، المصدر السابق ‏4: 347؛ ابن أبي‏ داوود، المصدر السابق: ‏7 ـ 8، 9، 20، 29؛ البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏393 ـ 394؛ الترمذي، المصدر السابق ‏4: ‏348؛ ابن أبي ‏داوود، المصدر السابق: ‏17، 19، 26 ـ 24، 31؛ ابن‏ عساكر، التاريخ (حياة عثمان بن عفان): ‏236، تحقيق: سكينة شهابي (دمشق، 1984م).

([57]) انظر مثلاً: ابن عساكر، التاريخ (حياة عثمان): 170؛ الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏241؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏248. وتفيد الأخبار الأخرى أن جمع القرآن بدأ على عهد عمر، إلاّ أنه مات قبل إتمام المشروع، واستكملت العملية في عهد عثمان. أبو هلال العسكري، المصدر السابق ‏1: ‏219. وفي رواية أخرى أن عثمان هو مَنْ قام بالمشروع، لكنّه أتمّ ذلك على عهد عمر. ابن سعد، المصدر السابق ‏2: ‏113؛ ابن عساكر، التاريخ (حياة عثمان): ‏171.

([58]) الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏235؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏211. كذلك انظر: ابن‏ عساكر، التاريخ (حياة عثمان): ‏324 ـ 346.

([59]) وهذا الشاهد في البخاري، الصحيح ‏3: ‏310، 394؛ الترمذي، المصدر السابق ‏4: ‏347؛ أبو بكر المروزي، المصدر السابق: ‏103. أ) خزيمة بن ثابت الأنصاري؛ ب) أبو خزيمة (أوس بن يزيد) في البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏392 ـ 393؛ ج) حارث بن خزيمة في كتاب ابن أبي داوود، المصدر السابق: ‏30؛ د) خزيمة أو أبو خزيمة في البخاري، المصدر السابق ‏6: ‏399؛ الترمذي، المصدر السابق 4: 348؛ أبو بكر المروزي، مسند أبي‏ بكر الصديق: ‏99؛ ابن ‏أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: 19؛ البيهقي، الدلائل ‏7: ‏149؛ هـ) رجل مجهول من الأنصار. انظر: ابن ‏أبي‏ داوود، المصدر السابق: ‏8؛ و) أبيّ في كتاب ابن أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: ‏9، 30؛ الخطيب، تلخيص المتشابه ‏1: ‏403. كما ورد في روايات أخرى أن أبيّ بن كعب لم يكن على علمٍ بوجود هذه الآيات فحَسْب، بل يعلم أيضاً بأنها كانت آخر ما أُوحي إلى النبيّ. الطبري، الجامع 14: ‏588 ـ 589؛ الخطيب، المصدر السابق.

([60]) المصادر السابقة نفسها.

([61]) وفقاً للرواية المتقدّمة حول التدوين فإنّه كان أحد القائمين على عملية التدوين نفسها في عهدي أبي بكر وعمر. كما جاء في بعض الروايات الأخرى أن عملية التدوين التي كان زيدٌ جزءاً منها قد تمّت على عهد عثمان. البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏393 ـ 394؛ الترمذي، المصدر السابق ‏4: ‏348؛ ابن أبي ‏داوود، كتاب المصاحف: 31. انظر أيضاً: ابن عساكر، التاريخ (حياة عثمان): 234 ـ 236. أما في الروايات الأخرى فلم يرِدْ ذكر اسمه إطلاقاً (ابن أبي‏ داوود، المصدر السابق: ‏10 ـ 11)، وإنْ قال البعض بأنه سبق أن جمع القرآن على عهد رسول الله مرتّباً لأجزائه؛ بهدف استخدامات شخصية. الترمذي، المصدر السابق ‏5: ‏390؛ الحاكم، المصدر السابق ‏2: ‏229، 611. ونقل عنه في خبرٍ آخر أنه شرع في التدوين بُعَيد وفاة الرسول مباشرة، وأن القرآن لم يجمع قبلها. الإتقان ‏1: ‏202.

([62]) انظر: البخاري، المصدر السابق ‏3: ‏310؛ ابن أبي داوود، كتاب المصاحف: 29؛ الخطيب، الموضح ‏1: 276؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏206.

([63]) الطبري، الجامع ‏16: ‏588.

([64]) ابن أبي ‏داوود، المصدر السابق: ‏30.

([65]) المصدر السابق: ‏31.

([66]) المصدر السابق: ‏8، 19، 29.

([67]) ابن عساكر، المصدر السابق: ‏236. ثمّة حكاية تعود أحداثها إلى زمن عثمان تقول: إنه طلب من المسلمين أن يأتوه بما لديهم من القرآن، فسارع الناس إلى إيصال ما حفظوا وسجلوا من تلاوة رسول الله عليهم، ثم أمر عثمان بتدوين ما توفّر على هيئة كتاب. وبرزت جهود بعض الرواة المتأخِّرين للحدّ من التناقضات الواردة في النصوص الروائية التي تحوم حول هذه القصة، منها: أ) إن عملية التدوين كانت قد بدأت في عهد أبي بكر، فلم يسعفه العمر من استكمالها, وإن جمع القرآن تم على عهد عمر. ب) زيد بن ثابت أحد الكتّاب في زمن أبي بكر، وهو الذي قام بتدوين نسخة شخصية، ثم نشرها على عهد عمر. ج) إنه ليس من مشكلٍ في الشهادة وما شابه، بل إن زيداً نفسه وعقب الفراغ من إكمال النصّ راجعه فلم يتمكَّن من العثور على الآية 23 من سورة الأحزاب، ثم راح يفتش عنها هنا وهناك، حتى وجدها عند خزيمة بن ثابت. هنا عاد ليراجع ويدقِّق في نصّه مرة أخرى فتنبَّه إلى فقدان الآيتين 128و129 من سورة التوبة، فعاد مرة أخرى للبحث المتواصل حتّى عثر على ضالّته عند شخصٍ، ومن الصدف أن اسمه خزيمة ـ أو أبو خزيمة ـ أيضاً. وحين عاد في المرة الثالثة لمراجعة النصّ اكتشف أنه لا مشكلة فيه، وبهذا تمّ تدوين المصحف. (الطبري، الجامع ‏1: ‏59 ـ 61).

([68]) تختلف الأسماء الواردة في قائمة المساهمين الأوائل في جمع القرآن من مصدر إلى آخر. فانظر للمقارنة مثلاً: ابن سعد، الطبقات ‏2: ‏112 ـ 114، القسم الثاني؛ ابن النديم، كتاب الفهرست: 30، تحقيق: رضا تجدّد (طهران، 1391هـ)؛ الطبراني، المعجم الكبير ‏2: ‏292، تحقيق: ح. السلفي (بغداد، 1987م)؛ الباقلاني، المصدر السابق: 88 ـ 90؛ الذهبي، معرفة القرّاء الكبار ‏1: ‏27، تحقيق: ب. ع. معروف وآخرين (بيروت، 1984م)؛ الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏242 ـ 243؛ القرطبي، المصدر السابق ‏1: ‏57؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏248 ـ 249، نقلاً عن كتاب القراءات لأبي عبيد قاسم بن سلام.

([69]) من أجل رفع اللغط والتناقض الواضح بين هذه الروايات والقصة المذكورة ذهب القائلون بالقصة إلى صياغة مقترحين: الأول: ينصّ على أن الأشخاص الذين قيل: إنهم جمعوا القرآن في زمن الرسول كان كلّ واحد منهم قد جمع مقداراً منه وحَسْب. ويفيد الثاني أنه لا بُدَّ أن يستفاد من كلمة الجمع أن الصحابة في عهد الرسول كانوا قد حفظوا القرآن، وليس أنهم جمعوه بالكامل. ابن أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: ‏10؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏204.

([70]) انظر على سبيل المثال: الشعر المنسوب إلى الإمام علي× في كتاب السيد الرضي، نهج البلاغة: ‏503، تحقيق: صبحي الصالح (بيروت، 68 ـ 1967م):

«فإنْ كنتَ بالشورى ملكتَ أمورهم *** فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ»

([71]) ابن‏ سعد، المصدر السابق ‏2: 101، القسم‏ 2؛ ابن أبي ‏شيبة، المصدر السابق ‏6: ‏148؛ أبو هلال العسكري، المصدر السابق ‏1: ‏219 ـ 220؛ ابن أبي داوود، كتاب المصاحف: 10؛ السيوطي، الإتقان ‏1: ‏204؛ أما في ما يتعلّق بموضوع تدوين الإمام علي للقرآن عقب وفاة الرسول فإن هناك مصادر سنية قديمة ومرموقة تؤكِّد الخبر، أثبتها ابن شهرآشوب في المناقب 2: ‏40 ـ 43 (قم، 1378هـ). انظر أيضاً: العياشي، التفسير ‏2: 307.

([72]) يبدو أن في هذا الموضوع شائعات تفيد بأن الإمام علي تنبّه إلى قرار وجهاء قريش باختيار خليفة من بينهم وتجاهل الإرادة العامة، لذا عكف على جمع القرآن كذريعة في التخلُّف عن حضور الاجتماع. على أن أهل السنة يعدّون هذا سبباً واقعياً، وليس افتعالاً، وينكرون بذلك اعتراض الإمام على اختيار الخليفة.

([73]) لا شكَّ أن الإمام علي كان من أوائل الذين جمعوا القرآن، أي الذين جمعوه على عهد الرسول. انظر: ابن‏ عساكر، المصدر السابق ‏39: ‏80. وقد عرف× بعلمه النافذ وخطّه الجلي (انظر: ابن سعد، كتاب الطبقات ‏2: ‏101، القسم ‏2). ويبدو أن مصحفه تطرّق إلى ذكر الآيات المنسوخة أيضاً (الإتقان ‏1: 204). وليس ثمة تاريخ محدّد لنشر هذا المصحف أمام الملأ في القرن الثاني، ولا يزال الغموض يكتنف ذلك. فكان شيعة القرن الثاني يعتقدون ن زمانه يعود إلى عهد عمر. (سليم بن قيس الهلالي، المصدر السابق: 108. نقله أيضاً أبو جعفر الطبرسي، كتاب الاحتجاج ‏1: ‏228؛ ‏2: ‏7).

([74]) انظر الصفحات السابقة. ولعلّ ممّا يؤيِّد مسألة أن تكون هذه الروايات قد نحت منحى جدليّاً ضد الشيعة هو أن بعض ما تناقله رواة أهل السنّة المتأخّرون عن عصر هذه الرواية كان منقولاً عن الإمام الصادق، وهو بالطبع ينقل عن آبائه. (أبو هلال العسكري، المصدر السابق ‏1: ‏219). وقد كانت هذه الآلية معهودة آنذاك، أي إلقاء الكلام في فم الخصم ونقله عن لسان مخالفيه. وهذا مما ورد ذكر أمثلته في المقال الحالي أيضاً. انظر الأمثلة الأخرى في كتاب الكشّي، المصدر السابق: ‏393 ـ 397.

([75]) انظر مثلاً: كتاب محنة أمير المؤمنين (النصّ الشيعي القديم الوارد في كتاب المفيد، الاختصاص: ‏157 ـ 175، النجف، 1392هـ): ‏164؛ سليم بن قيس الهلالي، المصدر السابق: ‏113، 220.

([76]) للاطلاع على نماذج مطابقة انظر: ابن عساكر، حياة عثمان: ‏146 ـ 168، 290 ـ 294.

([77]) انظر: مدخل «المؤاخاة‏» في دائرة‏المعارف الإسلامية، الطبعة الثانية (النسخة الإنجليزية) ‏7: ‏253 ـ 254.

([78]) انظر: المصادر العديدة الواردة في كتاب نور الله التستري، إحقاق الحقّ  ‏4: ‏171 ـ 217؛ ‏6: ‏461 ـ 486؛ ‏15: ‏450 ـ 518؛ ‏20: ‏221 ـ 255 (طهران، 1378هـ)؛ عبد الحسين الأميني، الغدير ‏3: ‏113 ـ 125.

([79]) أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: 99، 166 ـ 167، 378، تحقيق: و. م عباس (بيروت، 1983م)؛ البخاري، المصدر السابق ‏2: 418؛ الديلمي، فردوس الأخبار ‏1: 529 ـ 530.

([80]) ابن‏ سعد، المصدر السابق ‏3: ‏123، القسم ‏1.

([81]) انظر: أحمد بن حنبل، الفضائل: ‏99، 166 ـ 167، 177، 183 ـ 184، 378 ـ 386، 411، وسائر المصادر الواردة في الهامش صفحة ‏99.

([82]) أحمد بن حنبل، المصدر السابق: ‏86 ـ 92، والمصادر المذكورة من قبل المحقِّق في الهامش؛ ابن‏ عساكر، حياة عثمان: ‏153 ـ 159؛ وانظر أيضاً: البخاري، المصدر السابق ‏2: ‏418.

([83]) انظر: عديد المصادر المنقولة في كتاب التستري، إحقاق الحقّ ‏10: 544 ـ 595؛ 14: 232 ـ 251.

([84]) ابن‏ عساكر، تاريخ مدينة دمشق، القسم المتعلّق بحياة الإمام علي× ‏2: ‏260، تحقيق: محمد باقر المحمودي (بيروت، 1396هـ).

([85]) ابن‏ سعد، كتاب الطبقات ‏3: ‏124، القسم ‏1؛ أحمد بن حنبل، الفضائل: 158 ـ 159، 771، 774، 780، 788؛ الديلمي، المصدر السابق ‏1: ‏53.

([86]) انظر: مصادر التستري، المصدر السابق ‏5: ‏468 ـ 515؛ ‏16: ‏277 ـ 309؛ ‏21: ‏415 ـ 428؛ الأميني، المصدر السابق ‏6: ‏61 ـ 81.

([87]) الديلمي، المصدر السابق ‏1: ‏76.

([88]) انظر: العديد من المصادر الواردة في كتاب أحمد بن حنبل، الفضائل: ‏81 ـ 582، الهامش الأول للمحقق؛ التستري، المصدر السابق ‏5: ‏540 ـ 586؛ ‏16: ‏332 ـ 375؛ ‏21: ‏243 ـ 255؛ الأميني، المصدر السابق ‏6: 209 ـ 216.

([89]) البخاري، المصدر السابق ‏2: ‏418؛ أحمد بن حنبل، الفضائل: 70 ـ 71، والمصادر المضافة في الهامش من قبل المحقِّق: 98، 152، 379.

([90]) انظر: مدخل «المباهلة‏» في دائرة‏ المعارف الإسلامية، النسخة الإنجليزية 7: 276 ـ 277، الطبعة الثانية.

([91]) انظر: مصادر كتاب التستري، إحقاق الحق ‏3: ‏46 ـ 62؛ ‏9: ‏70 ـ 91؛ ‏14: ‏131 ـ 147؛ ‏20: ‏84 ـ 87.

([92]) ابن ‏عساكر، التاريخ، (حياة عثمان): 168 ـ 169، نقلاً عن الإمام جعفر الصادق، والذي لا يروي إلا عن آبائه. وكما أشرنا فإن ظاهرة العناد والمجادلة مع الشيعة كانت رائجة في تلك الأيام.

([93]) التستري، المصدر السابق ‏2: ‏501 ـ 562؛ ‏3: ‏513 ـ 531؛ ‏9: ‏1 ـ 69؛ ‏14: ‏40 ـ 105؛ ‏18: ‏359 ـ 383.

([94]) انظر: الطبري، جامع البيان ‏22: 6 ـ 8 (القاهرة، 1375هـ).

([95]) الديلمي، المصدر السابق ‏1: ‏532؛ الطبري، الجامع ‏22: ‏8، نقلاً عن عكرمة التابعي المعروف بمواقفه وآرائه المناهضة للشيعة، فكان ينادي في الأسواق بأن أهل البيت هم نساء النبيّ حصراً.

([96]) انظر الصفحات السابقة.

([97]) ابن‏ عساكر، حياة عثمان: 170.

([98]) الإتقان ‏1: ‏205، نقلاً عن كتاب المصاحف لابن ‏أشتة؛ ابن‏ خلال، كتاب السنّة ‏1 ـ 3: ‏303 (الرياض، 1415ق/1994م). (المترجم).

([99]) ابن‏ عبد البرّ، المصدر السابق: 562.

([100]) ابن أبي ‏شيبة، المصنف ‏6: ‏148؛ ابن أبي‏ داوود، كتاب المصاحف: ‏5، وكلاهما نقل الخبر عن علي×.

([101]) انظر: أحمد بن محمد السياري، كتاب القراءات (كتاب التنـزيل والتحريف)، نسخة خطية بمكتبة المرعشي النجفي، قم، برقم 1455، صفحة ب 44: «إن الناس (يعني أهل السنّة) يقولون: قد ذهب من سورة الأحزاب شيءٌ كثير»؛ الفضل بن شاذان، كتاب الإيضاح: ‏107: «قالت المرجئة: فلعل بقية الأحكام في القرآن الذي ذهب‏».

([102]) انظر: ابن النديم، الفهرست: 38 ـ 39؛ وأيضاً: لبيب السعيد، الجمع الصوتي الأول للقرآن: 320 ـ 321 (القاهرة، 1399هـ).

([103]) انظر: الباقلاني، المصدر السابق: ‏277 ـ 280، حيث يؤكِّد هو على أن جميع الأحاديث الواردة في القول بالنقصان والتبديل منقولة عن عائشة. ويعتقد الشيعة أن أبا موسى الأشعري وبعض الأصحاب ليسوا مسلمين حقيقيين، وعليه لا يمكن الاستشهاد بكلامهم ضدّ أهل السنة.

([104]) انظر الصفحات السابقة.

([105]) وإن كان هذا هو رأي أهل السنة حتّى القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي. انظر على سبيل المثال: القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ‏1: ‏181، وينقل عن أحد معاصريه أنه ادّعى أن عثمان والصحابة «زادوا في القرآن ما ليس منه ‏». (وليس استنتاج المؤلف هذا صحيحاً، فما نقله القرطبي كان جانباً من كتاب الردّ على مَنْ خالف مصحف عثمان، لأبي بكر بن مجاهد(33هـ) في الردّ على آراء ابن شنبوذ. ولا تتوفر رسالة ابن‏ مجاهد هذه في كتاب مستقلّ، لكن يمكن تحصيل بعض ما ورد فيها بالرجوع إلى هذه المصادر: القرطبي، المصدر السابق ‏1: ‏5 ـ 7، 8، 23، 24، 30 ـ 31، 53، 54، 58، 61 ـ 62، 81 ـ 86، 109، 114، 115، 154 (مصر، 1378هـ/1967م)؛ ومجهول المؤلّف، مقدمتان في علوم القرآن: ‏84، 107، 112، 113، 140، 146، 149، 165، 168. وانظر أيضاً: أبو شامة المقدسي، المرشد الوجيز إلى علوم تتعلّق بالكتاب العزيز، تحقيق: طيار آلتي قولاج (بيروت، 1395هـ/1975م): ‏186 ـ 192. (المترجم).

([106]) أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين ‏1: ‏166 (القاهرة، 1381هـ)؛ الإسفراييني، التبصير في الدين: ‏140 (بيروت، 1983م)؛ الشهرستاني، الملل والنحل: ‏55 (بيروت، 1981م)؛ المقدسي، البدء والتاريخ ‏5: ‏138، تحقيق: م. ك. هوار (باريس، 1899 ـ 1919م)؛ ابن عبّاد، الكشف عن مناهج أصناف الخوارج: 146، تحقيق: محمد تقي دانش پژوه (تبريز، 1389هـ) في مجلّة كلية الآداب بتبريز، العدد 20: 145 ـ 150؛ القلقشندي، صبح الأعشى ‏13: ‏223 (القاهرة، 40 ـ 1333هـ)؛ أبو محمد العراقي، الفرق المفترقة: ‏24، تحقيق: ي. كولتي (آنكارا، 1382هـ). وقد نسب هذا القول إلى جميع فرقة العجاردة من الخوارج. انظر: الشهرستاني، المصدر السابق: ‏55.

([107]) الزركشي، المصدر السابق ‏2: ‏127.

([108]) لم يكن هذا النمط من التصنيف متداولاً عندما ألّف أبو عبيد قاسم بن سلام(224هـ/9 ـ 839م) كتابه في الناسخ والمنسوخ، (انظر: الناسخ والمنسوخ: ‏5 ـ 6؛ أيضاً: النحاس، الناسخ والمنسوخ: 8 (القاهرة، 1319هـ)). وبعد عقدين من الزمن جاء الحارث بن أسد المحاسبي(243هـ/8 ـ 857م) فطرح نظريتين في الناسخ والمنسوخ: هي الآية التي أسقطت من القرآن وإنْ ظلّ الناس يتلونها. وينسخ الحكم الفقهي لأحد قسمي النسخ، أي (ما نسخ حكمه وتلاوته). (المحاسبي، فهم القرآن: ‏407). أما بالنسبة للنوع الثاني، أي (ما نسخت تلاوته وبقي حكمه) يبقى الحكم الفقهي نافذاً وإنْ نسخت آيته (المصدر السابق: 398). وهذا الرأي الشاذّ جاء مراعاةً لحال الرواية القائلة بحذف الآية على الرغم من بقاء حكمها، والحال أن الآية محذوفة فعلاً من النصّ القرآني. وكان ابن منادى(334هـ/6 ـ 745م) في كتابه عن النسخ (المنقول في كتاب الزرقاني، المصدر السابق ‏2: ‏37؛ السيوطي، الإتقان ‏3: 85) وأبو جعفر النحّاس(338هـ/950م) في كتاب الناسخ والمنسوخ: ‏8 قد ذكروا هذا التقسيم، منوِّهين إلى إن سائر الفقهاء يرفضون الرأي الثاني؛ لأنهم يعتقدون أن مثل هذا القول في الناسخ والمنسوخ مفاده وقوع النقص في مصحف عثمان (انظر: ابن ‏سلامة، الناسخ والمنسوخ: ‏22 ـ 21؛ الزركشي، المصدر السابق ‏2: ‏37؛ الإتقان ‏3: ‏85 ـ 86). وعن قبول بعض فقهاء الشيعة بهذا الرأي انظر: سديد الدين الحمصي، المنقذ من التقليد ‏1: ‏480 (قم، 1411هـ/1991م).

([109]) انظر: صبحي الصالح، المصدر السابق: ‏259 ـ 274.

([110]) انظر: البرقي، المحاسن: ‏286، تحقيق: مير جلال‏ الدين المحدث (طهران، 1370هـ/1951م) ؛ العياشي، كتاب التفسير ‏1: ‏191، 259، 293، تحقيق: هاشم رسولي محلاتي (قم، 81 ـ 1380هـ/61 ـ 1960م)؛ الكليني، المصدر السابق ‏2: 18 ـ 19؛ ابن بابويه، كتاب الخصال: ‏278، تحقيق: علي أكبر غفاري (طهران، 1389هـ/1969م).

([111]) انظر مثلاً: العياشي، المصدر السابق ‏1: 249 ـ 250؛ والكليني، المصدر السابق ‏1: ‏286. وكلاهما أورد الحوار الذي دار بين الإمام الصادق وأحد اصحابه حين سأل الإمام: إن الناس يسألوننا عن عدم ورود اسم علي وأهل بيته في كتاب الله؟ ويروي السياري عن أحد أصحاب الإمام الرضا× أنه كتب إلى الإمام: إن بعض الناس[أهل السنّة] يسألونني أين هو اسم علي في القرآن؟ (التنـزيل والتحريف، صفحة ب 35). أيضاً: الجاحظ، العثمانية: ‏273، تحقيق: عبد السلام محمد هارون (القاهرة، 1386هـ): الذي كان يقول بأننا قرأنا القرآن من أوله إلى آخره فلم نجد آية تنصّ على إمامة علي. ولعلّ أقدم هذه النماذج من المحاججات ما ورد في كتاب الغارات للثقفي ‏1: ‏195 ـ 204. وفي هذه الرواية أن معاوية كان قد سأل السؤال نفسه في رسالة إلى الإمام علي×.

([112]) انظر: عبد الحسين الأميني، الغدير ‏1: ‏214 ـ 223. وهذه الرواية مروية عن ثلاثين راوياً من أهل السنة. أيضاً: السيوطي، الدرّ المنثور ‏2: ‏298.

([113]) السيوطي، الدرّ المنثور ‏2: ‏298؛ جفري، المصدر السابق: 40؛ بهاء الدين الإربلي، كشف الغمّة ‏1: ‏317، نقلاً عن مصادر أهل السنة، (تبريز، 1381هـ/1962م).

([114]) جفري، المصدر السابق: 32.

([115]) المصدر السابق: 97، 168، 306.

([116]) المصدر السابق: 150.

([117]) المصدر السابق: 65.

([118]) المصدر السابق: 75.

([119]) المصدر السابق: 76.

([120]) المصدر السابق: ‏336.

([121]) المصدر السابق: ‏86.

([122]) المصدر السابق: 100.

([123]) المصدر السابق: 308.

([124]) المصدر السابق: ‏353.

([125]) المصدر السابق: 110.

([126]) السياري، المصدر السابق، صفحة أ 2؛ العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏13. انظر أيضاً: المفيد، المسائل السروية: ،225 (قم، 1392هـ)، ضمن مجموعة (عدة رسائل للشيخ المفيد): 207 ـ 232).

([127]) سليم بن قيس الهلالي، المصدر السابق: 108.

([128]) الخياط، الانتصار: 41، تحقيق: م. س. نيبرغ، (القاهرة، 1346هـ)؛ عبد الجبّار، المغني 20: 37 ـ 38، القسم الأول، تحقيق: علي محمود و… (القاهرة، 1397هـ)؛ الملطي، التنبيه: 32 (دمشق، 1380هـ). [يذكر الملطي في وصف آراء هشام بن الحكم: «وإن القرآن الذي في أيدي الناس قد انتقل ووضع أيام عثمان، وأحرقت المصاحف التي كانت قبل‏». (المترجم)].

([129]) السياري، المصدر السابق، صفحة ب 2.

([130]) النجاشي، كتاب الرجال: 372، تحقيق: موسى الشبيري الزنجاني (قم، 1407هـ/1986م).

([131]) انظر الصفحات السابقة.

([132]) السياري، المصدر السابق، صفحة أ 69؛ الكليني، المصدر السابق ‏2: ‏631.

([133]) الفضل بن شاذان، كتاب الإيضاح: 209 ـ 229.

([134]) المصدر السابق: 108.

([135]) المحاسبي، فهم السنّة: ‏240 (منقول في كتاب الزركشي، المصدر السابق ‏1: ‏238 ـ 240). وقد أشار البلاذري في أنساب الأشراف ‏5: ‏186 (دمشق، 1996م) إلى هذه النقطة بالذات، وهي أن هذه القضية هي واحدة من الانتقادات التي يتبنّاها مخالفو عثمان. ورُوي في كتاب ابن‏ شبة، تاريخ المدينة المنورة: ‏995 ـ 996 (أيضاً: ابن داوود، المصاحف: ‏12؛ ابن‏ عساكر، تاريخ دمشق (حياة عثمان): ‏238) هذا الانتقاد منسوباً إلى علي×، وأنه كان ينهى عن القول بأن عثمان هو مَنْ أحرق القرآن، فوالله لم يفعل ذلك إلاّ باتّفاق الصحابة، ولو كنتُ محلّه لفعلتها. (المصدر السابق).

([136]) يبدو أن هذه الأخبار المرويّة عن الإمام علي× في الدفاع عن عثمان هي ردّ على تلك الانتقادات، فروي عنه× أنه كان يقول: لا تلوموا عثمان على حرق المصاحف؛ لأنه إنّما فعل ذلك بموافقتنا جميعاً، ولو لم يفعلها هو لفعلتُها (ابن أبي‏ داوود، المصدر السابق: 12، 22؛ ابن‏ عساكر، التاريخ (حياة عثمان): ‏237، 238، 242).

([137]) المحاسبي، فهم القرآن: 398 ـ 411.

([138]) انظر الصفحات اللاحقة.

([139]) الكليني، المصدر السابق 8: 59 ـ 62. أيضاً: سديد الدين الحمصي، المنقذ من التقليد ‏1: ‏477.

([140]) الكليني، المصدر السابق 8: ‏53، 54: «أقاموا حروف الكتاب، وحرَّفوا حدوده‏».

([141]) اليعقوبي، التاريخ ‏2: ‏136؛ بهاء الدين الإربلي، المصدر السابق ‏1: ‏314؛ عبد الله بن حمزة، الشافي ‏2: ‏25 (صنعاء، 1986م)؛ العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏9 ـ 10؛ والكليني، المصدر السابق ‏2: ‏627، لكلّ من المجموعتين ثلث.

([142]) العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏9 ـ 10؛ شرف الدين الإسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة ‏1: ‏18 ـ 20 (قم، 1407هـ/1986م)؛ محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار ‏24: ‏303 (طهران، 1376هـ/1957م).

([143]) انظر: تسع روايات مختلفة عن الأئمة في تفسير سورة المائدة، الآية 67، ضمن كتاب تفسير فرات الكوفي: ‏36 ـ 38، (النجف، 1354هـ/1935م). وجميعها ينصّ على رفض القول بأن يكون اسم علي موجوداً في الآية. ووجود اسم علي× نقله بعض رجال السنّة (انظر: السيوطي، الدرّ المنثور ‏2: 298). كما رُوي عن الإمام الباقر نصٌّ في أن ذكر أهل البيت ورد في القرآن في الآية 33 من سورة آل عمران، والبيت مذكورٌ في الآية، وهو فعلاً ما بقي من آل ابراهيم (العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏168؛ محمد باقر المجلسي، المصدر السابق ‏23: ‏225). أما الخبر الثاني فيخالف قراءة عبد الله بن مسعود المذكورة في مصادر فقهاء أهل‏ السنة، أمثال: أبي إسحاق الثعلبي النيشابوري في الكشف والبيان (المنقول من قبل عبد الله بن حمزة، الشافي ‏1: ‏95).

([144]) الكليني، الكافي ‏2: ‏634.

([145]) انظر: الكليني، المصدر السابق ‏2: ‏596 ـ 634؛ ابن بابويه، كتاب الأمالي: 545 ـ 546 (طهران، 1404هـ/1984م)؛ عيون أخبار الرضا ‏2: 56 (طهران، 79 ـ 1377هـ/59 ـ 1958م). أيضاً: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة ‏4: ‏823 ـ 831 (طهران، 89 ـ 1376هـ/69 ـ 1957م)؛ حسين النوري، مستدرك الوسائل ‏4: 231 ـ 245 (قم، 1407هـ/1987م).

([146]) انظر: الشريف الرضي، نهج البلاغة، الخطب 1، 18، 108، 145، 156، 174، 181، 196، والرسالة 69.

([147]) الكليني، المصدر السابق ‏1: ‏69 ـ 70، 100؛ ابن بابويه، العيون ‏2: ‏21؛ الأمالي: 367؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة ‏18: ‏89 ـ 78؛ حسين النوري، المستدرك 17: 302 ـ 306.

([148]) ابن‏ بابويه، عيون أخبار الرضا ‏2: 130.

([149]) السياري، المصدر السابق، صفحة ب 70؛ الشلمغاني، كتاب التكليف (منشور بعنوان الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا): 112 ـ 113 (مشهد، 1406هـ/1986م)؛ ابن‏ بابويه، ثواب الأعمال: 154، تحقيق: علي أكبر غفاري (طهران، 1391هـ/1971م)؛ مصدر سابق، مَنْ لا يحضره الفقيه ‏1: 306، تحقيق: علي أكبر غفاري (طهران، 94 ـ 1392هـ/74 ـ 1972م)؛ محمد بن الحسن الطوسي، التبيان ‏10: 371، 412، (النجف، 63 ـ 1957م)؛ الاستبصار ‏1: ‏317، تحقيق: حسن محمد الخرسان (النجف، 75 ـ 1376هـ/55 ـ 1957م)؛ الطبرسي، مجمع البيان ‏3: ‏140 ـ 141، 197 (صيدون، 57 ـ 1956م)؛ السيوطي، الإتقان ‏1: 238؛ الحرّ العاملي، المصدر السابق ‏4: ‏743 ـ 744؛ حسين النوري، مستدرك الوسائل ‏4: ‏163 ـ 164.

([150]) انظر: جواد العاملي، مفتاح الكرامة ‏2: ‏385 ـ 386 والمصادر الواردة فيه، (القاهرة، صيدون، طهران، 1324هـ/1906م).

([151]) السيوطي، الإتقان ‏1: ‏228؛ جفري، المصدر السابق: 179.

([152]) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير ‏32: ‏2 (القاهرة، 1383هـ)؛ السيوطي، الإتقان 1: ‏228.

([153]) السياري، المصدر السابق: 12؛ العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏169، 170؛ علي بن إبراهيم، تفسير القمّى ‏1: ‏100 (النجف، 1386هـ/1926م)؛ فرات الكوفي، المصدر السابق: 18؛ محمد باقر المجلسي، المصدر السابق ‏23: ‏222، 225 ـ 228.

([154]) السياري، المصدر السابق، الصفحات 7ب، 9ب، 16ب، 17، 24ب، 32ب، 39ب، 51ب.

([155]) المصدر السابق، الصفحات 7ب، 10أ، 16ب، 17أ، 18أ، 45أ، 62ب؛ العياشي، المصدر السابق ‏1: ‏245؛ الكليني، المصدر السابق ‏1: ‏344، 345، 461. على سبيل المثال: قارِنْ رأي السياري بما ورد في المصدر السابق: 45، حيث جاء أن الآية 33 من سوره الفرقان كانت تقرأ على النحو التالي: «كفى الله المومنين القتال بعلي بن أبي طالب‏». كذلك السيوطي، الدرّ المنثور ‏5: 192. وذكر بهاء الدين الإربلي، المصدر السابق ‏1: ‏317، نقلاً عن مصدر سنّي، أنّ هذه قراءة ابن‏ مسعود.

([156]) المصدر السابق، صفحة ب 2؛ الكليني، المصدر السابق ‏2: ‏634. وهو في الأصل قول لعمر كما رُوي في السيوطي، الإتقان ‏1: ‏242؛ المتقي الهندي، كنـز العمّال ‏1: ‏541، 517 (حلب، 77 ـ 1969م).

([157]) السياري، المصدر السابق، صفحة 44ب.

([158]) المصدر السابق، صفحة 45ب.

([159]) المصدر السابق، صفحة 44ب.

([160]) المصدر السابق، صفحة ب ـ أ 44؛ ابن بابويه، ثواب الأعمال: 100.

([161]) المصدر السابق، صفحة أ 69؛ الكليني، المصدر السابق ‏2: ‏631؛ الكشّي، المصدر السابق: 589.

([162]) انظر: كتاب السياري، وهو مليءٌ بالمصادر السنية. نقل جوانب من أقوال علماء الشيعة وليس الروايات التي لا بُدَّ أن تنسب إلى الأئمّة (مثاله: صفحة ب 2، نقلاً عن هشام بن سالم). كما جاء فيه مواضيع مرسلة من قبيل: «مثل في حديث‏» (صفحة ب 45)، و«رواية‏» (صفحة أ 44)، وهذا يدلّ أنه لا وجود لها أصلاً.

([163]) انظر: الباقلاني، الانتصار: 310.

([164]) «ضعيف، متهافت، غال، منحرف‏»، ابن‏الغضائري، كتاب الضعفاء؛ القهپائي، مجمع الرجال ‏1: ‏149، تحقيق: د. العلاّمة (إصفهان، 87 ـ 1384هـ/67 ـ 1964م).

([165]) رسول جعفريان، أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنّة: ‏46 (طهران، 1390هـ).

([166]) «غال‏» (محمد بن حسن الطوسي، كتاب الرجال: 278، تحقيق: محمد صادق آل بحر العلوم (النجف، 1969م))؛ «غال، فاسد الحديث، لايكتب حديثه‏» (ابن الغضائري، المصدر السابق ‏5: ‏184)؛ «فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء، الله أعلم من عظمها» (النجاشي، المصدر السابق: 337).

([167]) «ضعيف، متهافت، مرتفع القول، خطابي، حمل الغلاة فى حديثه حملاً عظيماً، لايجوز أن يكتب حديثه‏» (ابن الغضائري، المصدر السابق ‏6: ‏131)؛ «فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به‏» (النجاشي، المصدر السابق: 416).

([168]) «متهم، غال‏» (الكشّي، المصدر السابق: 363)؛ «كذّاب، مشهور» (الكشي، المصدر السابق: 546)؛ «غال، وضّاع للحديث‏» (ابن‏الغضائري، المصدر السابق ‏6: ‏292).

([169]) «لا شيء، متّهم بغلوّ» (الكشّي، المصدر السابق: 368)؛ «ضعيف، في مذهبه غلوّ» (ابن الغضائري، المصدر السابق ‏6: 139).

([170]) أبو القاسم على بن أحمد الكوفي، مؤلف الاستغاثة في بدع الثلاثة، هو من أقوى دعاة القول بالتحريف. لكنّه من الغلاة كما ذكر النجاشي (كتاب الرجال: ‏265 ـ 266) وغيره. وعدّه الشيخ الطوسي من الغلاة الخمسة. انظر: القهپائي، مجمع الرجال ‏4: ‏162.

([171]) See Etan Kohlberg, [Some Notes on the Imamite Attitude to the Quran] , in S. M. Stern, ed, Islamic Philosophy and Classical Tradition, (Oxford, 1972), pp. 277.

([172]) انظر: ديباجة المؤلف على كتاب مدخل إلى فقه الشيعة: ‏32 ـ 33 (لندن، 1984م).

([173]) ابن‏ بابويه، رسالة في الاعتقاد: ‏93 (طهران، 1370هـ/1951م)؛ إلى جانب كتاب النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، للمقداد السيوري: ‏66 ـ 115. انظر أيضاً كتاباً لمحدّث شيعي من العصر ذاته هو محمد بن أحمد بن جنيد الإسكافي، ورد ذكره في كتاب النجاشي. المصدر السابق: ‏388 (إيضاح خطأ مَنْ شنع على الشيعة في أمر القرآن).

([174]) ورد في النص ثلاث مجموعات دون التطرّق إلى المجموعة الثالثة، وجاء في تحقيق هلموت رايتر (إسطنبول، 1929م) في الهامش أن المجموعة الثالثة ـ حسب الإضافة الواردة في إحدى النسخ ـ هم أولئك الذين يقولون: إنه لم يضَفْ شيءٌ للقران خارج عنه. ولا شكَّ أنه رأيٌ باطل؛ لأنه لا توجد جماعة تقول بأنه أضيف للقرآن دون أن يكون فيه نقصان. لذا من الصواب أن نقول بأن عدد المجموعات هنا خاطئ، أو أن المؤلف قصد أن المجموعة الثالثة هم القائلون بالإضافة والحذف معاً؛ لأن مجموعة قالت بالنقصان؛ وأخرى بالنقص بنحو الإضافة والحذف، والثالثة أنكرت أيّ نحو من التبديل في النص القرآني.

هناك تلخيص لكتاب الانتصار للباقلاني عن أبي عبد الله الصيرفي تحت عنوان (نكت الانتصار لنقل القرآن) تحقيق: محمد زغلول (الإسكندرية، 1392هـ). وقد اشتمل هذا التلخيص على نقاط هامة. ففي الصفحة 64 ذكر أن الشيعة تقول بأن ربعاً من القرآن نزل في فضائل أهل البيت بأسمائهم وأسماء أعدائهم, وأن سورة البينة كانت تضاهي في حجمها سورة البقرة؛ وعليه لا يمكن للشيعة أن تدّعي خلوّ القرآن من التحريف. تدلّ هذه العبارة بوضوح على أن الشيعة في زمن الباقلاني كانت تعتقد بنفي التحريف عن القرآن، وإنْ حاول الباقلاني نسبة ذلك لهم عن طريق روايات بعض أفرادها، مثلما أثبتنا ذلك بحقّ أهل السنّة. وذكر أيضاً ثلاث فرق للشيعة على زمانه: أولئك الذين يقولون بأن القرآن تغيَّر من جميع النواحي، وأولئك الذين يقولون بحذف قسم من القرآن دون الزيادة فيه، وأخيراً أولئك الذين قالوا بأن القرآن كامل ومحفوظ في المصحف العثماني، سوى أن ترتيب السور مختلف عمّا كان عليه. وذكر في الصفحة 107 أن الشيعة تدّعي جمع القرآن من قبل علي×، وأنه ذهب بمصحفه إلى الخليفة، لكن عمر أرجعه إليه نافياً الحاجة إليه.

([175]) أبو الحسن الأشعري، المقالات ‏1: ‏114 ـ 115.

([176]) الشريف المرتضى، جوابات المسائل الطربلسيات الأولى، مذكور في كتاب الطبرسي، مجمع البيان ‏1: ‏31؛ الشريف المرتضى، الذخيرة في الكلام: 256، ميكرو فيلم، 3344، المكتبة المركزية في جامعة طهران.

([177]) ثمّة لغط وقع في بيان موقف النوبختيين هذا؛ إذ رُوي في أوائل المقالات للشيخ المفيد: 56 أنهم يفكرون في إمكانية حصول الحذف والإضافة في القرآن. لكنّه مرفوضٌ؛ لما يلي: أ) كما ذكرنا فإن الشريف المرتضى نفى أن يكون للنوبختيين رأيٌ من هذا النوع. ب) كما قال في الطرابلسيات الأولى والذخيرة أنه لا يوجد نفر من الشيعة قال بحصول إضافة على القرآن. (الطبرسي، المصدر السابق ‏1: 30). وهذا ما أكَّده أيضاً تلميذ المرتضى محمد بن حسن الطوسي في التبيان ‏1: ‏3. ومن غير الممكن أن لا يظهر مثل هذا الرأي لو تبنّاه فقهاء بوزن النوبختيين. ج) ينفي القاضي عبد الجبار المعتزلي في باب الإمامة من كتابه المغني ‏20: 38، القسم الأول، نفياً قاطعاً أن يكون للنوبختيين رأي يوحي بإمكانية حدوث التبديل في القرآن، وهو الرأي الذي نسبه سابقاً إلى هشام بن الحكم وآخرين: «فمَنْ كان يتمسك بالتوحيد والعدل فهو بريءٌ مما نسبناه إلى مَنْ تقدَّم ذكره، كأبي الأحوص والنوبختية وغيرهم‏». كما أن الغموض يكتنف كلام المفيد في أوائل المقالات، فهو يقول: «وهذا بخلاف ما سمعناه من (عن) بني النوبخت‏». ولم يرِدْ ذكر هذه الشائعة في أيّ موضع آخر من الكتاب ضمن آراء بني النوبخت.

([178]) أسد الله التستري، كشف اليقين: 205 (طهران، 1317هـ/1899م)، نقلاً عن قول الشريف المرتضى في (جوابات المسائل).

([179]) انظر: الشريف المرتضى، جوابات المسائل الطرابلسيات الأولى، منقول في كتاب الطبرسي، مجمع البيان ‏1: ‏30. وقد أشرنا سالفاً إلى أنصار هذا الرأي من الشيعة الأوائل.

([180]) انظر: جعفريان، المصدر السابق: 66.

([181]) وهم عبارة عن: محمد صالح بن أحمد المازندارني(1086هـ/1676م) في شرح أصول الكافي ‏11: 71 ـ 72 (طهران، 82 ـ 1388هـ/63 ـ 1968م)؛ نعمة الله بن عبد الله الجزائري(1112هـ/1810م) في الأنوار النعمانية ‏1: ‏97، 277؛ ‏2: ‏357 ـ 358، تحقيق: محمد علي القاضي الطباطبائي (تبريز، 1382هـ/1963م)؛ أبو الحسن بن محمد طاهر شريف العاملي(1138هـ/25 ـ 1726م) في ضياء العلماء في الإمامة، منقول في كتاب حسين النوري، فصل الخطاب: ‏97 (طهران، 1298هـ/1881م) ؛ عبد الله بن محمد رضا حسيني شبر(1242هـ/1826م) في مصابيح الأنوار ‏2: ‏295 (بغداد والنجف، 1 ـ 1952م)؛ أحمد بن محمد مهدي النراقي(1245هـ/1829م) في مناهج الأحكام: 153. وكذلك نقل عن والده محمد مهدي بن أبي‏ ذرّ النراقي(‏1209هـ/1794م) قبول هذا الرأي (مصدر سابق: 152). ويعد حسين بن محمد تقي النوري(1320 هـ/1902م) أبرز أنصار هذا الرأي بين الشيعة. وقد كتب كتاباً في الموضوع هو فصل الخطاب. وفي الكتاب ذاته نسب النوري هذا القول إلى علي بن أحمد الحسيني المدني، المعروف بابن معصوم، وسيد علي ‏خان(‏1120هـ/1709م)، نقلاً عن رياض السالكين. إلاّ أن السيد علي خان كان قد نقل الآراء المختلفة وبعض روايات السنة، دون أن يفصح عن رأيه في الموضوع. انظر: سيد علي ‏خان المدني، رياض السالكين: ‏402 (طهران، 1334 هـ/1915م).

أما بخصوص الفقيه الإمامي الآخر، أعني أبا القاسم الكوفي (للاطّلاع انظر: مدخل «أبو القاسم الكوفي‏» في دائرة المعارف الإسلامية؛ وكلبرغ في مقالة (ملاحظات على موقف الإمامية من القرآن)، فقد عدّه من جملة علماء الشيعة القائلين بالتحريف. وليس هذا صحيحاً؛ فقد كان الكوفي انتقد حرق المصاحف فقهياً، محتجّاً على عمل عثمان الذي ينسبه أهل السنة إليه بأنّه لا مبرِّر للحرق أبداً، إلاّ أن نقول: كان في القرآن عبارات بعينها: «لأنه لا يخلو من أن يكون في تلك المصاحف ما هو في هذا المصحف، أو كان فيها زيادة عليه، فإن كان فيها ما هو في أيدى الناس فلا معنى لما فعله بها…» (ص‏53). وواضح من فحوى قوله هذا أن الموضوع كان جدلياً، وردّاً على الطرف المقابل. والأهم من ذلك أن ابن شهرآشوب كان قد نقل عبارات عن كتاب الكوفي المفقود تحت عنوان الردّ على أهل التبديل في ما وقع من أهل التأليف (انظر: الذريعة ‏10: ‏187 ـ 188). ومن تلك العبائر قوله: «فصل في ذكره× في الكتاب: أبو القاسم الكوفي في [كتابه] الردّ على أهل التبديل: إنّ حسّاد علي× شكوا في مقال النبيّ| في فضائل علي× فنـزل: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ (يعني في علي) ﴿فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (يعني أهل الكتاب عمّا فى كتبهم من ذكر وصي محمد، فإنكم تجدون ذلك في كتبهم مذكوراً). ثم قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ * وَلاَ تَكُونَنَّ مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ (يونس: 94 ـ 95) (يعني بالآيات هاهنا الأوصياء المتقدّمين والمتأخرين)». مناقب آل أبي طالب ‏2: 287، تحقيق: د. يوسف البقاعي (بيروت، 1412هـ/1991م).

انظر: المصدر السابق 3: 132؛ 4: 457 ـ 458 (ورد فيه روايتان من هذا الكتاب أيضاً)، فإن كلمة «يعني‏» هي توضيح تخلل بعض الآيات، وليس هي قراءة جديدة للنصّ القرآني، بل نوع من تفسيره. والعبائر الدالة على وجود قراءة خاصة للنصّ في بعض الأحيان هي من هذا القبيل: «نزل جبرئيل في عليّ، هكذا نزلت، خلاف ما أنزل الله، في ما حرف من الكتاب الله‏» انظر هذا المقال:

Bar ـ Asher, M. M, [Varint reading and aditions of the Imami ـ Sha to the Quran], Israel Orintal Studies, 13, (1993), pp. 39 ـ 47. . [مترجم]

([182]) انظر: حسين النوري، فصل الخطاب: ‏325 ـ 328، وهناك أورد اثنتي عشرة طائفة من الروايات في الاستدلال على الرأي السابق، وهي: 1ـ الروايات السنية التي تؤكد اتّحاد الإسلام في الأحداث مع ما وقع للأديان الأخرى (صفحة ‏35 ـ 73)؛ 2ـ الروايات السنية المتعلّقة بموضوع جمع القرآن (صفحة ‏73 ـ 82)؛ 3ـ الروايات السنية في موضوع نسخ‏ التلاوة (صفحة ‏82 ـ 97)؛ 4ـ الروايات السنية في الاختلاف بترتيب مصحف عليّ (صفحة ‏97 ـ 110)؛ 5ـ الروايات السنية في الاختلاف الوارد بين مصحف عبد الله بن مسعود والمصحف العثماني (صفحة ‏112 ـ 121)؛ 6ـ الروايات السنية في بيان حجم مصحف أبي بن كعب (صفحة ‏121 ـ 126)؛ 7ـ الروايات السنية في موضوع الأمر الصادر من عثمان بحرق المصاحف (صفحة ‏126 ـ 148)؛ 8. الروايات السنية في القول بالحذف والنقصان لبعض الآيات عن المصحف الحالي (صفحة 148 ـ 160)؛ 9ـ الروايات الشيعية الدالة على ذكر عليّ وأهل بيت النبيّ في الكتب السماوية (صفحة ‏160 ـ 86)؛ 10ـ الروايات السنية في القول باختلاف القراءات (صفحة 186 ـ 211)؛ 12ـ الروايات الشيعية في ادّعاء القول بإصلاح نصوص بعض الآيات (صفحة ‏227 ـ 328). كما نقلت روايات شيعية قليلة أخرى خلال بعض فصول الكتاب الأولى. ويتّضح من مجمل هذه الفصول أن الاستدلال قائمٌ في معظمه على الروايات السنية. (جعفريان، المصدر السابق: 71 ـ 67. أيضاً: محمد صالح المازندراني، المصدر السابق ‏11: ‏72؛ ابن معصوم، رياض السالكين: 402).

([183]) See, Kohlberg, Some notes, pp. 217 ـ 18.

([184]) الجاحظ، حجج النبوّة: 223، في مجموعة رسائل الجاحظ ‏3: ‏221 ـ 281، تحقيق: عبد السلام هارون (القاهرة، 1384هـ).

([185]) الباقلاني، المصدر السابق: ‏310.

([186]) المصدر السابق: 258 وما بعدها.

([187]) المصدر السابق: 603.

([188]) عبد الجبّار، تثبيت دلائل النبوّة: 131، تحقيق: عبد الكريم عثمان (بيروت، 1966م).

([189]) عبد الجبّار، المغني 20: 38، القسم الأول.

([190]) انظر: الحاكم الجشمي، رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس: 135، تحقيق: حسين المدرسي (قم، 1985م).

([191]) انظر: عبد القاهر البغدادي، المصدر السابق: 274؛ الزركشي، المصدر السابق ‏2: ‏127، نقلاً عن الانتصار للباقلاني.

([192]) ابن‏ حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل ‏5: ‏4 (الرياض، 1982م).

([193]) الإسفراييني، التبصير في الدين: ‏41.

([194]) وأهمهم: رشيد رضا، السنّة والشيعة: ‏43، 55، 65 (القاهرة، 1347هـ/1928م)؛ محبّ ‏الدين الخطيب، الخطوط العريضة: ‏8 ـ 14 (جدّة 1380هـ/1961م)؛ القاسمي، الصراع بين الإسلام والوثنية ‏1: ‏374 (القاهرة، 6 ـ 1375هـ)؛ إحسان إلهي ظهير، الشيعة والسنّة: 152 ـ 177 (الرياض، بلا تاريخ)؛ إحسان إلهي ظهير، الشيعة والقرآن (لاهور، 1983م)؛ أبو الحسن الندوي، سورتان متضادتان: ‏79 ـ 80.

([195]) See his Die Richtungen der Islamischen Koranaslegung, Leiden, (1952), pp. 270 ـ 76.

([196]) انظر: عبد الجليل القزويني، المصدر السابق: 135. لم ترد هذه الرواية إلاّ عن أهل السنة في كتاب سليم بن قيس: 108. كما ذكرها كلٌّ من أبي منصور الطبرسي (الاحتجاج ‏1: ‏222) والفضل بن شاذان (الإيضاح: 11 ـ 212) في محاججاتهما مع أهل السنة. وقد أشار الكاتب المحترم إلى أن أوّل مَنْ نسب الرواية إلى الشيعة هو القاضي عبد الجبّار في شرح الأصول الخمسة، وعنه نقل الزمخشري فيما بعد، ثم نقل عن الزمخشري المفسِّرون من بعده. انظر مثلاً: القرطبي، جامع الأحكام ‏14: ‏113 (القاهرة، 1388هـ)؛ النسفي، مدارك التنـزيل ‏3: 425 (بيروت، 1996م). [وقد طالعت كتاب شرح الأصول الخمسة من البداية حتى النهاية فلم أجِدْ رأياً من هذا النوع. المترجم]. وكان الحاكم الجشمي(494هـ) في رسالة إبليس إلى إخوانه المجبرة: 98 (طبعة بيروت) قد نسب القول بتحريف القرآن، ورواية داجن عائشة وأكلها بعض صفحات من القرآن، إلى المجبّرة، وهو الاصطلاح الذي يطلقه على أهل الحديث من السنّة.

([197]) انظر: الزمخشري، المصدر السابق ‏3: ‏518.

([198]) الزمخشري، المصدر السابق ‏3: 518؛ «وأما ما يُحكى من أن تلك الزيادة (الآية المحذوفة) كانت في صحيفة في بيت عائشة رضي الله عنها، فأكلته الداجن، فهو من تأليفات الملاحدة والروافضة‏». عبد الجليل القزويني، المصدر السابق: 133. ونقل عن مؤلِّف كتاب (بعض فضائح الروافض)، وهو سنّي طبعاً، أنه قال: «ويقولون (أي الشيعة) بأن داجن عائشة أكل كثيراً من القرآن».

([199]) الزرقاني، مناهل العرفان ‏1: ‏280، الطبعة الثالثة (القاهرة، بلا تاريخ). [وسبقه الباقلاني(403هـ) إلى مؤاخذة الشيعة بهذه القراءة. انظر: الباقلاني، نكت الانتصار: ‏107. المترجم].

([200]) انظر في القول بزيادة الآيات عن النصّ الأصلي في سورة الأحزاب في الصفحات السابقة. [عند كتابة هذا المقال لم يكن كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد قاسم بن سلام(‏224هـ) منشوراً بعد، وقد تضمَّن الكتاب شواهد تؤيِّد رأي صاحب المقال. انظر: قاسم بن سلام، فضائل القرآن، تحقيق: مروان العلية، محسن الخرابة ووفاء تقي ‏الدين (بيروت، 1415هـ/1995م) أبواب: تأليف القرآن وجمعه ومواضع حروفه وسوره (صفحة ‏280 ـ 288)؛ باب الرواية من الحروف التي خولف بها الخطّ القرآني (صفحة 289 ـ 319)؛ باب ما رفع من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف (صفحة ‏320 ـ 327). وبعد بضعة قرون جاء ابن حجر العسقلاني، فألّف كتاباً في فضائل القرآن أيضاً؛ وخلافاً لكتاب أبي عبيد في القرن الثالث فتح باباً في كتابه يدلّ على نمطية التحوّل الحاصل في الفكر السني. انظر: ابن‏ حجر، فضائل القرآن: ‏134 ـ 136، باب مَنْ قال لم يترك النبيّ| إلاّ ما بين الدفتين، تحقيق: الدكتور السيد الجميلي(1986م). تجدر الإشارة إلى أن الباقلاني كان قد ضعف كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد. انظر: الباقلاني، نكت الانتصار لنقل القرآن: ‏101 وما بعدها، تحقيق: محمد زغلول سلام (الإسكندرية، 1376هـ). المترجم]. وكلام ابن‏ شهرآشوب بليغ في محاججة أهل السنة: «فذكر الغزالي ذلك في الإحياء إلاّ أنه اعتذر (أي في الدفاع عن عثمان) له، فقال: وقد حرق عثمان مصحفين، ثم قال: لكثرة القراءة فيها. فإنْ كان زيادة على ما في أيدي الناس فقصد لذهابه لقد قصد إلى إبطال بعض كتاب الله وتعطيل بعض الشريعة و…» مثالب النواصب: ‏472. ويضيف أيضاً: «وأنكرتم أن يكون بسم الله الرحمن الرحيم من القرآن، إلا التي في سورة النمل، وطعنتم في ذلك على أبي بكر وعمر وعثمان في ما وضعوه في صدر كلّ سورة لما جمعوه على زعمكم، فإنْ قلتم: إنهم أثبتوا فيه ما ليس فيه لقد هلك مَنْ زاد فيه؛ وإنْ كانت من القرآن لقد كتمتُم آيةً من كتاب الله، وأعجب من هذا أنكم تكتبونها في المصاحف، ولا تقرؤونها في الصلاة، وتقولون فيها: آمين، ولا تكتبونها في المصاحف‏» (المصدر السابق: 56)؛ «وزعمتم أنه (يعني عثمان) جمع القرآن، وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾. على أن لفظة القرآن يدل على خطابه… ورويتم أنه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء، وكيف يجمع مَنْ لم يحفظ أو يحفظ غير مجموع‏» (المصدر السابق: ‏468). وقال أيضاً: «فإنْ كان الأمر على ما رويتم لقد ذهب عامّة القرآن وارتفعت الثقة. لو سمعت اليهود أو الزنادقة هذه الأخبار لكان لهم الشبه التي تروُون بها على الإسلام. وفي كتاب التحريش أنه قيل للحسين بن علي’: إن نعثلاً زاد في القرآن ونقص منه… فقال الحسين: أنا مؤمن لا نقصت…» (مثالب النواصب: 265). [ابن‏ شهرآشوب، مثالب النواصب، نسخة خطية، كتبت عام 845هـ؛ نسخه مصوّرة عن مكتبة الناصرية لكنها موجودة في مركز التراث الإسلامي، قم. المترجم].

([201]) نهاية الأصول: ‏483 ـ 484.

([202]) عبد الرحمن محمدي هيدجي، المطبعه العلمية، قم، 1363هـ.ش.

([203]) رجال النجاشي: ‏418، رقم 1117، ويضيف بالقول: «وكتبه قريبه‏».

([204]) البصائر: ‏71، ح4؛ الكافي ‏1: ‏276، ح‏1؛ ‏414، ح‏8؛ ‏416، ح‏22؛ ‏421، ح‏45؛ تفسير القمّي 2: ‏197 (سورة الأحزاب)، ‏301 (سورة محمد)، ‏377 (سوره التحريم).

([205]) رجال النجاشي، المصدر السابق؛ الفهرست‏ للشيخ الطوسي: ‏460، رقم 734، تحقيق: السيد عبد العزيز الطباطبائي، قم، 1420. ومن كتب المعلّى بن محمد الأخرى ما هو على صلة أيضاً بما نحن في صدده هنا من هذه الروايات، لكن النقل عنها مستبعدٌ تماماً، من قبيل: كتاب الدلائل، فهو عادةً ما يركِّز على ذكر المعاجز الدالّة على إمامة الأئمّة، ولا علاقة له بالآيات النازلة في هذا الصدد.

([206]) ولا سيَّما في أبواب تفسير الآيات بالأئمّة المعصومين^، من قبيل: «باب في أن الأئمّة شهداء الله عزَّ وجلَّ‏» (صفحة ‏190)، «باب أن الأئمّة هم الهداة‏» (صفحة ‏191)، «باب أن الأئمّة هم العلامات التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ في كتابه‏» (صفحة ‏206)، «باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمّة‏» (صفحة ‏210)، «باب في أن مَنْ اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمّة‏» (صفحة ‏214)، «باب أن النعمة التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ في كتابه الأئمّة‏» (صفحة ‏217).

([207]) رجال الشيخ الطوسي: ‏363، رقم 5289.

([208]) رجال النجاشي: ‏365، رقم‏987.

([209]) مجمع الرجال ‏5: ‏219.

([210]) رجال‏ الكشي: ‏375، رقم 74. ووصفه ابن‏ الغضائري أيضاً بـ «كذّاب غال‏» (مجمع ‏الرجال ‏3: ‏168). وقال النجاشي في الرجال: ‏182، رقم ‏482: «غمز عليه وقيل: كان غالياً كذاباً. وكذلك ابنه محمد لا يعمل بما انفردا به من الرواية‏».

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً