أحدث المقالات

د. الشيخ عبد المنعم العبد الله

أستاذ الدراسات العليا في جامعة المصطفى(ص) في دمشق. من سوريا.

الخلاصة

مظلومية الزهراء(ع) مقولة واضحة لاريب فيها عند أتباع مدرسة أهل البيت(ع)، مدعومة من قبل المنصفين من المدرسة الأخرى، وذلك لمَا ورد من روايات صحيحة تحكي علوّ مقام الزهراء(ع) وفضلها، وهو ما لا يقبل التشكيك أو التأويل، ولضعف تفسيرات فريق من جمهور مدرسة العامة الذي لا يرى مظلوميتها مطلقاً حتى في حرمانها من إرثها من رسول الله! من جهة أخرى. بالإضافة إلى ما وثقه أصحاب السنن والصحاح في قضية إرث الزهراء(ع) حيث نقف عليها لنستخلص منها رداً شافياً على إشكاليتين متجذرتين لدى مدرسة العامة:

الأولى: ضرورة الإيمان بعدالة جميع الصحابة وعدم تخطئتهم أو انتقادهم!

الثانية: تعتيم جمهور مدرسة العامة على قضية حرمان الزهراء(ع) من إرثها ما حدا بعضهم إلى إنكارها جملة وتفصيلاً، أو تأويلها بما يتناسب وحصانة السلف الصالح من الخطأ والعتاب!، والحال أن تواترها بيّن وشيوعها بين الصحابة أمر لا شك فيه حتى أن أمَّات المصنفات التاريخية والحديثية ذكرت ذلك مكرراً.

وتقرير الإشكالية الأولى: قولهم ضرورة حفظ كيان الصحابة، وعدم هتك عدالتهم يصطدم بجملة من التناقضات منها، الانتقاص من عدالة الزهراء وعلي والعباس(ع) بعدم الأخذ بشهادتهم في مسألة المطالبة بميراثها من رسول الله بُعيد رحيله(ص)، وهم من كبار الصحابة وأهل البيت المكرمين أيضاً! ويتعارض مع صريح ما وثقه مسلم في صحيحه من تجاوز العباس على الإمام علي(ع) متهماً إياه «بالكاذب والفاجر والمخادع!!» أمام عدّة من الصحابة بينهم الخليفة عمر دون نكير من أحدهم!، ثم إن عدم تصديق الزهراء وزوجها بما طالبا به من ميراث قد نحلها إياه أبوها، وقد كان تحت تصرفها مدة بعد رسول الله حتى أمر أبو بكر عاملها أن يخرج منها لأجل مصادرتها! فهل مسألة عدالة الصحابة كانت غائبة عنهم! أم أن الذين جاؤوا من بعدهم خُصّوا بعلم دونهم!! أم أن قاعدة العدالة تخص الخلفاء الثلاثة دون غيرهم!! ولعل استمرار هذا الفكر التناقضي إلى زماننا مردّه إلى عدم القدرة على اقتحام العقبة بالتحلّي بالموضوعية الذاتية وبيان أن عدالة الصحابة لا تتجزأ ولابد من العدالة عند الحكم بعدالتهم جميعاً حتى لو ثبت خطأهم!! لقد نهى رب العزة في محكم التنزيل عن اتباع مطلق سنة الأولين مستنكراً على المشركين قولهم اتباعهم آباءهم بلا دليل: Pبَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَاO، فإن ما حَكَم به الأولون بعزل الزهراء وبعلها(ع) عن حقهما الإلهي في إدارة شؤون الأمة بعد النبي، سابقة أسست مساراً عقدياً راسخاً بعيداً عن منهج القرآن وسنة المصطفى، فحكم المتقدمين بعده تخطئة أحد من الصحابة أو انتقادهم وجعلها حسنة ثابتة يلزم اتباعها؛ ويضَلَل من انتقدها من اللاحقين، أسس لما يعرف بـ «سنّة الغلبة» ـ حفظاً لسيرة السلف الصالح! ـ في مقابل سنّة الله القائمة على ضرورة «اتباع الوحي لا الهوى» متجاهلين القاعدة الذهبية الإلهية يقول تعالى: Pقُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينO.

أما تقرير الإشكالية الثانية: بأن ما طالب به الإمام علي والزهراء(ع) من إرث لها بعد وفاة النبي(ص) باطل، وحجتهم أن الأنبياء لا يورثون لا درهماً ولا ديناراً، وأن ظاهر الآيات والروايات المطلقة مقيدة بحديث «ما تركناه صدقة»!!، لكنها مدفوعة بما ورد عن أهل بيت الوحي ومعدن العلم(ع)، حيث إن ما طالب به الإمام علي والزهراء والعباس يمثل شهادة منهم بعدم ورود استثناء في حق الأنبياء، هذا بالإضافة إلى احتجاج سيدة النساء(ع) بالأدلة القاطعة الخالدة، حيث بيّنت أن آيات القرآن تثبت توريث الأنبياء العلم والمال معاً، كما في قوله تعالى: Pوَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ…O، وما إصرار الزهراء وبعلها(ع) على موقفهما رافضين دعوى القوم إلا دليل قاطع على أنهم أهل الحق لا شبهة فيه؟ وإنّ ما ورد في الصحيحين من إقرار عليّ والعباس من قبل عمر بحديث: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» لا يخلو من تناقض بيّن ـ لو صحّ النقل ـ لجهة أنه لا يستقيم من مِثل عليٍّ أن يعود للمطالبة بحق الزهراء من الخليفة عمر بن الخطاب بعدما طلبه والزهراء من أبي بكر من قبل!، بل إن عودة علي والعباس بالمطالبة به قرينة قاطعة بخطأ أبي بكر. ويمكن مناقشة الرواية وفق احتمالين:

الأول: لعله وقع تحريف فيها بإضافة «ما تركناه صدقة»، وحذف لفظ «العلماء ورثة الأنبياء» لورود لفظ آخر متفق عليه عن النبي(ص)قوله: «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم» فرُوي بالمعنى، واستُغل لمنع أهل البيت(ع) حقهم المالي والرئاسي من رسول الله(ص). فأصل صدور الرواية لبيان وجه الشبه بين العلماء والأنبياء من حيث اشتراكهما في مهمة التبليغ والدعوة إلى الله؛ طالبين الأجر منه وحده، فالأنبياء إنما يورثون الناس العلم دون المال، فتكون الرواية أجنبية وليست في وارد نفي توريثهم لذويهم الإرث السببي والنّسبي.

الثاني: ما ذكره الرازي في تفسيره في سياق ما قصه الله من خبر وراثة يحيى لزكريا(ع)، حيث إنه بعدما ساق أدلة المثبتين والنافين لوراثة الأنبياء المالية دحض الرأي بالتخصيص الفردي والنوعي مرجحاً بحسب الأدلة القول بالإطلاق ليشمل مشروعية توريث مصاديق متعددة منها الولاية على الأمة فضلاً عن الأمور المالية، معقّباً على الحديث: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث..[ما تركناه صدقة]» بأن الأولى أن يحمل ذلك على كل ما فيه نفع وصلاح في الدين وذلك بتناول العلم والسيرة الحسنة والمنصب النافع في الدين والمال الصالح، فإنّ كل هذه الأمور مما يجوز توفر الدواعي على بقائها ليكون ذلك النفع دائماً مستمراً «مع أنه كان الأولى بالرازي التفصيل بأنّ بعض ما يتركه النبي ويخلفه صدقة للأمة وبعضه لذويه بحسب سيرته.

مقدّمةٌ

 التاريخ أحداث ووقائع وقصص، لا تُقرأ للتفكّه والمتعة، بل للعبرة والاعتبار، ولا يتأتى ذلك إلا بعد إجراء عملية التفكر والسّبر والتحليل القائم على أسس علمية وموضوعية؛ تنتمي إلى قاعدة إلهية لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء الفكر والعقل والقلب؛ ليهتدي به المرء إلى الصراط المستقيم، يقول تعالى: Pلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَO (يوسف: 111).

والحق إن العبرة والاعتبار مشروط بالخشية.. وهي الخوف من الوقوع في العذاب والتهلكة، يقول جل شأنه: Pإِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَىO (النازعات: 26). والخشية مخصوصة بمَن ألقى السمع وهو شهيد، وهي كالكبريت الأحمر.

إن تاريخنا الإسلامي حافل بالأمجاد والصور الناصعة يقرّ به القارئ الموضوعي، وفي المقابل فقد رسا في محطات يجدر بذوي النُّهى التّوقف عندها بغية النقد الذاتي الموضوعي وكشف الحقيقة المطموسة تصحيحاً للمسار واتباع سبيل الرشاد، وتخليصاً من تبعية العصبية الجاهلية، وحب الدنيا، والحق أن حب الدنيا لا ينجو منها إلا من روّض نفسه بمزيد من الخشية الصادقة، والارتباط بحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، فبه تتحقق النعمة بالعناية الغيبية، ويخلُص من دركات النفس الأمارة بالسوء، فيرتقي إلى مقام النفس المطمئنة، ولمّا كانت تلك المحطات لها من الارتباط الوثيق في تقويم فكرنا وسلوكنا ومعتقداتنا؛ فإننا نقف مع إحدى تلك المحطات المؤلمة والمؤسفة محلّلين وناقدين بغية تنوير الفكر بنور الحقيقة لا غير، فإن جلد الذات قبل الممات من دواعي الرشاد، وخير من الفضيحة على رؤوس الأشهاد، والندم بعد فوات الأوان، ولا يقولنَّ امرؤٌ تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعلمون!، فالآية في مقام التعرِيض بالمتكاسلين المقصّرين الذين لَم يَقْتفوا آثَارَ ذُرِّيَّة نبي الله إبراهيم وبنيه، ولم يتخذوهم قدوة حسنة، فبعض الْمَغْرُورينَ قد ينتحل عُذْراً لْنفُسِه فَيَقُولُ: نحن وَإِنْ قَصَّرنا فَإِنَّ لَنَا مِن فَضل آبائنا مسلَكا لِنَجاتِنَا، فجاء الرد القرآني بتذكيرهم وإِفَادَتهم بأَنَّ الْجَزَاء بِالأَعمال لَا بالاتِّكَال ومعونة الآباء والأجداد([2]). ومنه ندرك أن القضية التي نحن بصددها ما زالت حيّة لا تقبل الموت، تجري كما يجري الشمس والقمر، فإن آثارها ترخي بظلالها على واقع الأمة، بل الإنسانية عامة، حيث نرى خط الظلم ومنهج الفساد السياسي والمالي والثقافي والاجتماعي.. قد بنى خيوطه العنكبوتية بشكل متناسق ليتغلغل في كافة ربوع الأرض؛ فما نهج المتأخرين إلا بسبب ما أسّسه المتقدمون السابقون الأولون!، فما شقشقة هذه الكلمات إلا إنارة وتذكرة لمن يخشى منطلقها من فضاء الرحمة بغية الوقوف مع الذات لحظة تأمل تعكس عناية الله والفوز برضاه، يقول تعالى: Pإِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ O(الرعد: 11).

فمحور القضية وقُطب الحدث؛ يرتبط بمسألة إرث الزهراء سيدة نساء العالمين(ع)، وبضعة النبي المختار(ص) وريحانته.. التي أُخفِيت ظلاماتها، ومُنع التحدث بها عبر العصور!؛ لأنها إنما تفجر أعماق الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لتهز أمجاد الظالمين في الأرض، وزخرف عروشهم.

ولا شَكَّ أنّ ظلامة الزهراء(ع) متشعبة الأطراف والجوانب، ونحن في هذا المقام نودّ تسليط الضوء على فرع منه، وهو مسألة إرث البتول من أبيها وفق رواية البخاري ومسلم؛ لنكشف ما جرى من الحقيقة الشرعية والتاريخية، لقد شاءت عناية الله أن وثّق ظلامة الزهراء(ع) وحرمانها من إرثها من والدها جمهور المسلمين على اختلاف مشاربهم وميولهم، فقد ملأتْ الحادثة كتب التاريخ والصحاح والمسانيد، فكانت من المسلّمات المتواترات معنىً، ما جعل لها مزيداً من الأهمية، وخاصة أن الحادثة لم تطمس معالمها عند محدثي مدرسة العامة، بل كان في طليعتهم البخاري ومسلِم، إلا أنه يؤخذ عليهما ذكرهما للحادثة بشكل مقتضب مقطّع الأوصال..! ولما لم يعِر جمهور العامة ما لها من الأهمية ما يتناسب مع حجم ما في ذلك من أذية للنبي(ص) وما فيها من حرف لمسار الدين القويم، لذا كان من الضروري تسليط الضوء عليها بحسب خيرة مصنفات أهل العامة، فقد ذكرا ما فيه كفاية الحجة البالغة، فما أصل الحادثة؟ وما السبب الحقيقي في منعها حقها؟ وما نتائجها على واقع الأمة، وهل يتوافق منع الزهراء حقها مع قضية عدالة الصحابة المزعومة؟

أوّلاً: الحادثة بحسب رواية الصحيحين

أكثر كتب التاريخ والمسانيد لا تخلو من شؤون الحادثة وشجونها([3])، ويمكن القول بتواترها المعنوي وقد اقتصرنا على ما ذُكر في الصحيحين لأهميتهما لدى العامة.

1ـ ما وثّقه البخاري في صحيحه

الرواية الأولى: حدَّثنا عبدالعزيز بن عبدالله، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أنّ عائشة أمّ المؤمنين أخبرته: «أنّ فاطمة ابنة رسول الله(ص) سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله(ص): أن يقسِّم لها ميراثها ما ترك رسول الله(ص) مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إنّ رسول الله قال: Sلا نورِّث ما تركنا صدقةR فغضبتْ فاطمة بنت رسول الله(ص) فهجرت أبا بكر، فلم تزل مُهاجرته حتَّى توفيت، وعاشت بعد رسول الله (ص)ستة أشهر، قالت:[أي عائشة] وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله(ص) من خيبر، فدك، وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال: لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله(ص) يعمل به إلاّ عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأمّا صدقته بالمدينة، فدفعها عمر إلى عليّ وعباس، فأما([4]) (خيبر، وفدك) فأمسكها عمر وقال: هما صدقة رسول الله(ص) كانت لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمْرُهما إلى من وليَ الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم»([5]).

الرواية الثانية: «حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ(ع)، بِنْتَ النَّبِيِّ(ص) أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(ص) مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) قَالَ: «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ ـ(ص) ـ فِي هَذَا المَالِ»، وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ(ص) عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ(ص)، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ(ص). فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ(ص) سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائْتِنَا وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(ص) نَصِيبًا، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ(ص) أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْراً رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ(ص) يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ»([6]).

2ـ ما وثَّقه مسلم في صحيحه

حدَّثني عبدالله بن محمد بن أسماء الضُّبَعيُّ، حدثنا جُويريّة عن مالك، عن الزُهري: أن مالك بن أوس بن الحدثان حدّثه، قال:» أرسل إليّ عمر بن الخطاب، فجئته حين تعالى النهار، قال فوجدته في بيته جالساً على سرير، مُفضياً إلى رُماله([7])، متكئاً على وسادة من أَدَم([8])، فقال لي: يا مالُ([9])، إنّه قد دفّ([10]) أهل أبيات من قومك، وقد أمرت فيهم برضْخٍ([11]) فخذه فاقسمه بينهم، قال: قلت لو أمرت بهذا غيري؟، قال: خذه يا مالُ([12])! قال: فجاء يرفأ([13])، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد([14])؟ فقال عمر نعم، فأذنَ لهم، فدخلوا، ثم، جاء فقال: هل لك في عباس وعليّ؟، قال: نعم، فأذنَ لهما، فقال: عباس يا أمير المؤمنين، فاقض بيني وبين هذا الكاذب، والآثم الغادر الخائن، فقال: بعض القوم: أجل يا أمير المؤمنين، فاقض بينهم وأرحهم([15]) ـ قال مالك بن أوس: يُخيَّل إليَّ: أنّهم قد كانوا قدموهم لذلك ـ (أي يقضى بينهما)، فقال عمر: اتّئدا([16])، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض!، أتعلمون: أنّ رسول الله(ص) قال: S لا نورّث ما تركناه صدقةR قالوا نعم، ثم أقبل على العباس، وعليّ فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض!، أتعلمان: أنّ رسول الله قال: S لا نورّث ما تركناه صدقةR، وقالا: نعم، فقال عمر: إنّ الله تبارك وتعالى كان خصّ رسول الله(ص) بخاصة لم يخصص بها أحداً غيره، قال تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ (الحشر: 7)، ـ ما أدري: أقرأ الآية التي قبلها أم لا؟([17]) ـ قال فقسَّم رسول الله بينهما أموال بني النضير، فوالله!، ما استأثر عليكم، ولا أخذها دونكم، حتَّى بقي هذا المال([18])، فكان رسول الله يأخذ منه نفقة سنةٍ، ثم يجعل ما بقي أسوة المال، ثم قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمون ذلك؟، قالوا: نعم. ثم نَشَد عباساً وعلياً بمثل ما نشد به القوم: أتعلمان ذلك؟، قالا: نعم، قال: فلمّا توفي رسول الله(ص) قال أبو بكر أنا وليّ رسول الله(ص)، فُجِئْنا تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها!!، فقال أبو بكر: قال: رسول الله(ص): Sما نورّث ما تركناه صدقةR فرأيتماه كاذباً آثماً، غادراً خائناً!!، والله يعلم إنّه لصادق بارُ، راشد، تابع للحق، ثم توفي أبو بكر، وأنا وليّ رسول الله(ص) ووليّ أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً، غادراً خائناً!!، والله يعلم أنّي لصادق بارٌّ راشدٌ للحق، فوَلِيتها، ثم جئتني أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فقلتما: ادفعها إلينا، فقلت: إن شئتم([19]) دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله، أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله(ص)، فأخذتماها بذلك. قال: أ كذلك!؟، قالا: نعم، قال: ثم جئتماني لأقضي بينكما، والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتَّى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فرداها إليّR([20]).

ثانياً: تحليل الحادثة ومناقشة ما ورد فيها

إن ما ذكرته عائشة زوج النبي(ص) يستحق التوقف عنده متسائلين، ما الداعي لنشوء خلاف بين فاطمة بنت النبي(ع)وبين أبي بكر؟ وهل كان الخلاف يتعلق بحقها المالي مما غنمه أبوها في ثلاثة مواقع (خيبر والمدينة وفدك) أم هو أعظم من ذلك؟ ولماذا أصرّ أبو بكر على رفض إعطائها حقها؟ وهل يصمد دليل أبي بكر أن رسول الله كغيره من الأنبياء(ع)ما شرّع الله لهم توريث أموالهم لذويهم؟، ولماذا خالف عمر بن الخطاب أبا بكر فأعطى علياً وعباساً إرثهما من صدقة المدينة دون غيرها؟ وما الدليل على أن فدك وخيبر كانتا لخصوص رسول الله بصفته ولي الأمر ويرجع التصرف بهما لولي الأمر بعده دون صدقة المدينة؟، وما خطورة وفاة فاطمة غاضبة على أبي بكر وعمر؟، وهل إن تخلف علي عن البيعة أكثر من ستة أشهر وهو يرى أن أبا بكر مستبد بالحكم لا يضر بعدالته؟، وهل يعقل مثل علي ـ باب مدينة العلم والتقى ـ أن تكون له نزوة حبّ السلطة والحكم لمجرد قرابته من رسول الله؟ ثم ما الداعي لدفن عليّ الزهراء ليلاً؟، وما علاقة منع الزهراء من إرثها وعلي مبايعة أبي بكر؟ ثم ألا يضر تجاوز العباس على علي أمام جمع من الصحابة من غير نكير!، وتخلف علي عن البيعة وإغضاب فاطمة بنظرية عدالة الصحابة؟ ويمكن الإجابة عنها باختصار بما يلي:

1ـ ما ذكره أبو بكر عن النبي(ص) «ما تركناه صدقة» لم يثبت عنه لأن المخالف لهذا الحديث هم عظماء الصحابة وأعلمهم بكتاب الله وسنته أمثال علي وفاطمة والعباس..، ولم يرد ـ ولو بسند ضعيف ـ هذه الصيغة عند مدرسة أهل البيت(ع)، ثم إن عمر بن الخطاب مع أنه لم ينكر الحديث ولم يصرح بثبوته، نجد أنه لم يلتزم به فقد أعطى علياً صدقة المدينة ومنعه الباقي بحجة أن الباقي حق لولي الأمر بعد النبي من غير دليل.

2ـ لم يذكر عمر الدليل على ما ادعاه بأن « خيبر وفدك» من مختصات ولي الأمر دون صدقة المدينة مع أن الجميع مما أفاء الله على رسوله؟

3ـ إن ما أعطاه عمر لعلي وعباس على ما شرطه عليهما يظهر منه أن ذلك الشرط باعتباره ولي الأمر ـ وليس إرثاً لهما ـ في حين أن رواية البخاري تصرح بأن ما للنبي في «خيبر وفدك» مخصوص لولي الأمر دون صدقة المدينة، وفي ذلك تناقض بيّن.

4ـ ولعلّ رواية أبي بكر «…ما تركناه صدقة…» منقولة بالمعنى، فالثابت نقلاً ـ عند المسلمين جميعاً ـ أن النبي(ص) قال:» إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر»([21]). فالرواية أجنبية عن الإرث النسبي، باعتبار أن العلماء لا يشك في أنهم يورثون أموالهم لورثتهم ولا يرث منها غيرهم، بخلاف العلم حيث يرثه منهم الأقربون والأبعدون من عموم الناس، فالمقارنة بينهما من جهة الإرث النسبي خُلْف واضح.

5ـ صريح المنقول أنّ فاطمة الزهراء(ع) طالبت بإرثها من أبيها من أماكن ثلاث: (خيبر ـ فدك ـ صدقته بالمدينة)([22])، والمقصود من لفظ (إرثها) المعنى اللغوي دون الاصطلاحي وهو الأصل، وهو يطلق على عموم ما يملكه الوارث مما يتركه المورِّث سواء كان قبل موت المورِّث أم بعده، وهو معنى قولهم: ورثه كابراً عن كابر([23])، وإنْ غلب الاستعمال العرفي على المعنى الثاني دون الأول لارتباطه بالأنس التشريعي. والمتحصِّل أن الزهراء(ع) قد ورثت من أبيها العلم والمال في حياته، فقد ذكر بحر العلوم أن أبا بكر أخرج عامل الزهراء على «فدك» التي كانت تحت تصرفها بعد أبيها ثم طالبها بالبينة على دعواها النحلة من رسول الله، فقال: «لما بويع للأول واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى (فدك) من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله(ص) منها، ثم جاءت فاطمة(ع)، فوقع بينها وبينه من الاحتجاجات ما وقع، وكذا بيْن علي(ع) وبينه بما ظهر منه وبان من المخالفة للكتاب والسنة. حيث إنه ولو سلم المبنى لم يجز انتزاع العين من ذي اليد إلا بعد الاعتراف لمن لو تم له لكان للمدعي، وقد انتزعها منها قبل الاعتراف والمخاصمة»([24]).

ولقد انتقد المناوي ما فعله بني أمية من أذية لفاطمة في ولدها متغافلاً أذية الخلفاء لها حيث ذكر تعقيباً على رواية: «فاطمة بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها»([25]) حيث قال: «ومع ذلك فقابل بنو أمية عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق فسفكوا من أهل البيت دماءهم وسبَوا نساءهم، وأسروا صغارهم وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم واستباحوا سبيهم ولعنهم، فخالفوا المصطفى(ص)في وصيته وقابلوه بنقيض مراده وأمنيته فوا خجلهم إذا وقفوا بين يديه ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه»([26]) أي ن أذيتها أذية للنبي(ص) ولما كان النبي(ص) هومن يُؤذى ولا يُؤذي دلّ الحديث على أنها أُوذيت بغير حق، وقد ثبت أن الخلفاء آذوها وقد صرحت هي بذلك([27])، ومما يدلل على ملكيتها له قبل وفاته أيضاً ما روي عن أهل البيت(ع) أن جميع ما طالبت به قد ملكته قبل وفاته(ص) لا خصوص صدقة المدينة، فقد روى الطبرسي أنَّ الإمام علياً(ع) جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله(ص) وقد ملكته في حياة رسول الله(ص)…([28]) وكان هو المتصرف به مع ما يملكه من خيبر وفدك، بقرينة أن عمر أعطى علياً وعباساً صدقة المدينة دون غيرها ـ بحسب رواية مسلم السابقة ـ. ولقد منعها أبو بكر جميع إرثها، خوفاً أن يزيغ عن أمر رسول الله! أي كي لا ينحرف عن مسار رسول الله(ص) فيما كان يصنع به من الإنفاق، وكأنه حلّ له ما حلّ للنبي بلا فرق!! والحقيقة إنه لقياس مع الفارق، فأين مقام النبي الولائي والنسبي والسببي([29]) من مقام أبي بكر وعمر الولائي فيما لوثبت!، وكيف تثبت ولايته وقد كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها بشهادة عمر بن الخطاب!؟([30])، فأما رسول الله(ص) فله حق التصرف بما يملكه وابنته والمسلمون جميعاً حتى أنفسهم، لقوله تعالى: Pالنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ…O (الأحزاب: 33). ولقول رسول الله(ص): «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين»([31])، فلو ادّعي أن ما كان للنبي ـ كوليٍّ للمؤمنين ـ يكون لخليفته من بعده للأصل، فالجواب: هو قياس مع الفارق لافتقاد خلافتهم للمشروعية من جهة، وثبوت الدليل المحرز عليها لأهل البيت(ع) وفق أدلة الفريقين.

6ـ رواية مسلم تفصح عن تنازع علي والعباس على الإرث بشكل يسقط عدالة العباس، فقد اعتدى على عليٍّ بأقبح النعوت ـ أمام الخليفة وحاشيته ـ من دون نكير منهم!!، وكأنه مباح التجرؤ على الإمام علي!! ونتساءل ما الداعي لكل هذا الهجوم؟ حيث لا نجد مسوغاً لتشاجرهما أصلاً لكونهما في مقام التحاكم والقضاء عند الخليفة ليأخذ كل ذي حق حقه، ومن هنا تظهر اضطراب الرواية، إذ لم نجد من قدّم تفسيراً لهذا الاعتداء من شراح الحديث أزيد من التشكيك بصدور مثل هذه الألفاظ من مثل مقام العباس! لأنه يمس بنظرية عدالة الصحابة!، والمفارقة أنّ ما يُدّعى أنه أقل مرتبة من البخاري ومسلم من المصنفات والمسانيد الأخرى، لا نجد ـ عند ذكر الحادثة ـ لهذه الأوصاف المشينة من أثر ولا عين([32]).

7ـ هب أنه اشتُبه على أبي بكر الأمر بأن الأنبياء لا يورثون المال!! فكيف سوغ لنفسه انكار ما تدعيه الزهراء وعلي(ع) اللذان تربيا في بيت الوحي، وقد أذهب الله عنهما الرجس وطهرهما تطهيراً حيث يقول تعالى: Pإِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراًO (الأحزاب: 33). ويقحما أنفسهما بما لا علم لهما بشأنه من إرث النبوة، فيذهبان متفرِّقَين، ويطلبان بحقها عن جهل بأصل الحكم!! وقد ثبت عنه قوله: «سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل»([33])، ثم كيف تتكرر المطالبة من علي مرتين! بعد زوجته إلا لعلمه القاطع بحقها الشرعي!؟، وقد قال النبي بحق الزهراء(ع): «يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها»([34])، والمفارقة أن أبي بكر لم يكترث لتبعات غضب الزهراء إلا عندما حاججته وعمر مرة أخرى عندما عاداها في مرضها فقالت لهما: «…فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونّكما إليه»([35]) وقد ذكرت الأخبار أنه ندم على ذلك([36])، فإذا كان محقاً فلمَ النّدم؟!

8ـ وهل حكمة رسول الله(ص)تقتضي ألا يُطلع ابنته (بضعته)على حقيقة إرثها منه؟! مع أنّ الإرث من الأمور الشخصية لدى كل إنسان، والحديث فيه أمر طبيعي بين الولد والده!!

9ـ وهل من المعقول أن تخرج المطهرة من بيتها جاهلة بموضوع إرث النبوة وحُكمه لتسأل أبى بكر أن يقسم لها ميراثها! دون علم وإذن علي(ع) ـ باب مدينة العلم ـ كي يرشدها إلى الصواب فيما لو حدث فرضاً..!! والله يقول:  ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤولاً﴾ (الإسراء: 36).

10ـ ثم إنه لوكان حديث «لا نورث…» يحول دون إرث الزهراء(ع) فلمَ تصرّ على غضبها منهما وتدعو عليهما ولا ترد سلامهم وتموت وهي غاضبة عليهما ألا يضر ذلك بعدالتها!([37]).

11ـ إن طلب علي(ع) إرث فاطمة(ع) من الخليفة حسب ما بينته رواية مسلم، ولم يعطه الباقي كما صرّح البخاري ما يعني أن هناك بعد زمني مقدّر بعدة سنوات من مطالبة الزهراء لأبي بكر في بداية خلافته، ما يؤكد إصرار الإمام علي على ثبوت حقها، وأنّ ما تذرع به أبو بكر باطل لديه بلا شك ولا شبهة.

12ـ تقاضي عليّ والعباس إلى عمر يدلل على أن أصل كون الأنبياء يورثون أمرٌ مفروغ عنه، وأن الاختلاف إنما كان في بيان مقدار الحصص المستحقة والأسهم الموزعة على الورثة، وأنه هل يرث العم مع وجود البنت؟ فكان العباس مصراً على أنه يرث من ابن أخيه ـ مع وجود الولد ـ في حين أنه محجوب على فقه أهل البيت(ع)، ولذا قال عمر لهما: فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها([38]). ولما توفي أبو بكر أعطاهما عمر إرثهما من (صدقة المدينة) بدعوى منه أن للعم حق في الإرث مع وجود الولد، فتنازع علي والعباس عند تقسيم الحصص حيث بين الإمام علي أن العباس محجوب عن الإرث لوجود الولد، فجاءا إلى عمر ليقضي بينهما.

13ـ لدينا طائفة من الآيات والروايات تعارض رواية أبي بكر كقوله تعالى: Pوَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُو الْفَضْلُ الْمُبِينُO (النمل: 16)، فهل هناك من أحد ينكر أن سليمان قد ورث مملكة أبيه…!؟ يقول وهبة الزحيلي: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ النبوة والعلم أو الملك…([39]) وقد حمل الزحيلي وغيره من أهل العامة الإرث هنا مجازاً لا حقيقة حملاً على رواية أبي بكر «نحن معاشر الأنبياء لا نورث…» وكأن الرواية معصومة، والآية غير صريحة الدلالة؟ فقدموا رواية الآحاد المخالفة لتواتر القرآن وصريحه!! ولرأي أجلاء الصحابة.

14ـ إن منع الزهراء(ع) من إرثها كانت مؤامرة كشف خيوطها عثمان ابن عفان وذلك لما روي أن عائشة وحفصة طرقتا باب عثمان للمطالبة بإرثهما من النبي(ص). فقد روى أن عائشة وحفصة جاءتا عثمان حين نقص أمهات المؤمنين ما كان يعطيهن عمر، فسألتاه أن يعطيهما ما فرض عمر فقال: «لا والله ما ذاك لكما عندي». فقالتا له: تأتنا ميراثنا من رسول الله من حيطانه [أي تعطينا من بساتينه]، وكان عثمان متكئاً فجلس وكان علي بن أبي طالب(ع) جالساً عنده فقال: «ستعلم فاطمة أي ابن عم لها اليوم: ألستما اللتين شهدتما عند أبي بكر ولفقتما ومعكما أعرابياً يتطهر ببوله «مالك بن الحويرث» من الحدثَين، فشهدتم أن النبي قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فإن كنتما شهدتما بحق فقد أجزت شهادتكما على أنفسكما وإن كنتما شهدتما بباطل فعلى من شهد بالباطل لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فقالتا له: يا نعثل والله لقد شبهك رسول الله(ص) بنعثل اليهودي. فقال لهما: Pضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍO ([40]). ولقد نقل المسلمون أن عائشة رفضت دفن الحسن سبط النبي بجانبه حيث لحقتهم عائشة على بغل وهي تقول: مالي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب…»([41])

وأخرج ابن داود وابن ماجة، عن عامر، عن سعد بن أبيه قال: مرضت عام الفتح حتى أشفيت [أي أشرفت] على الموت فعادني رسول الله فقلت: أي رسول الله إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، فكيف يأمر رسول الله بذلك ويترك ابنته وهو يعلم ما ستلاقي من الظلم والاضطهاد، وقد ردت الزهراء الحديث الذي ادعاه أبو بكر بالأدلة والآيات المحكمة في خطبتها الغراء التي قالت فيها: «يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ Pلَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِيّاًO!! أفعلى عمد تركتم الكتاب ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول: Pوَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ Oوقال فيما اقتص من خبر زكريا: P فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً O. وقال: Pوَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ O، قال: Pيُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِO وقال: Pكُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَO([42]).

ومن ثم ما لحكمة من عدم توريث الأنبياء لذويهم من الأموال؟ هل توريثهم لا يناسب مقامهم وإخلاصهم!؟ أم هو تعبير عن تعففهم عن متاع الدنيا..!؟ ألم يبين القرآن والسنة أن الزهد كل الزهد ليس بأن لا تملك شيئاً بل أن لا يملكك شيء، فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، والمولى مدح الأغنياء الذين ينفقون أموالهم في السراء والضراء سراً وعلانية ولم يمدح الكسل والعجز وقلة الانفاق.. هذا، فترجيح قول الزهراء وعليّ(ع) باعتبارهما الأعلم بالشريعة بحسب الروايات عن النبي من جهة، ولما في روايتي البخاري ومسلم من تناقض ظاهر حيث بينت رواية مسلم عودة علي والعباس إلى عمر أكثر من مرة!! وأما رواية البخاري تظهر مراجعته لعمر مرة واحدة!.

15ـ إن ظاهر لفظ إرث الأنبياء في القرآن لا يمكن رفع اليد عن عمومه الشامل للجانب المادي والمعنوي، ولا أقل من تساقط الروايات، فنرجع إلى ظهور الآية وهي مما لا شك فيه واضحة الدلالة على الإرث المادي والمعنوي بلا فرق.

16ـ لقد أعطى عمر بن الخطاب ـ بعد وفاة الزهراء ـ علياً صدقة المدينة Sفيء بني النضيرR ولم يعطه شيئاً من خيبر وفدك على ما شرطه عليه!؟ فهل لولي الأمر «عمر» أن يحكم بخلاف سنة النبي وسنة أبي بكر باتباع النبي كما كان يفعل بها ـ بحسب مدعى أبي بكر ـ !!؟ ثم كيف لعمر أن يحكم بخلاف دعوى أبي بكر في صرفها!! فيقسّمها إلى ما هو حق لولي الأمر (خيبر، وفدك) ويعطي لعلي «صدقة المدينة»! أليس ذلك إقرار منه لحقها بالإرث!!

17ـ ذكر البخاري ومسلم أنّ علياً(ع) سمع حديث رسول الله(ص) «بأنه لا نورّث ما تركناه صدقة»، فلماذا لم يخبر فاطمة حتى لا تخرج للمطالبة بإرثها بلا علم ولا هدى؟!، بل كيف يطالب به عمر بعد وفاتها، وقد علم ما جرى بينها وبين أبي بكر؟!، بل كيف يعود إليه مرة ثالثة ليرفع النزاع بينه وبين عمه، فهل يليق هذا بمن وصفه النبي» أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»([43]).

18ـ يظهر من الرواية أن قضية الإرث من رسول الله(ص) كانت محل جدل بين الصحابة، فكيف يكتفي أبو بكر بروايته ويعرض عن رأي المنكرين له، وفي طليعتهم أهل بيت النبي!! ([44])، وهل يعقل أن المخالفين ليس لهم دليل على رأيهم وهم الأعلم على الإطلاق بعد النبي! كما صرحت به عائشة حيث قالت: «اختلفوا في ميراثه(ص) فما وجدوا عند أحد من ذلك علماً، فقال أبو بكر: «سمعت رسول الله يقول إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة»([45]).

19ـ إن فيما ذكروه تناقض بيّنٌ وتهافت ما بعده تهافت!، حيث إنهم رووا في صحيح مسلم صريح إقرار علي والعباس ومن كان بالمجلس بصدور رواية «لا نورث…» عن النبي!!. ويتكرر منهما مخالفة النبي عن علم!!، ثم إن الرواية تناقض رواية ما ذكره مسلم آنفاً حيث روى عن الرسول ضرورة أن يعطى نساؤه وعماله مما ترك بعد وفاته مع أنه لا نفقة للزوجة بعد وفاة زوجها وإنما لها حق في الإرث خاصة دون الوصية لأنه معلوم عند المسلمين «لا وصية لوارث»!!([46]).

20ـ إن محاجّة الخليفة الثاني علياً والعباس لم تعتمد إلا على ما فعله أبو بكر مثنياً عليه وعلى نفسه، وهذا لا ينفع عند المحاجّة، فالثناء على أنفسهما لا يثبت صواب ما تفرد به أبو بكر من الرواية، وتبعه عليها عمر مؤيِّداً من جهة، ومخالفاً له من جهة أخرى، كما بيَّنا.

 21ـ لقد تظافرت النصوص المتواترة بأن أئمة أهل البيت(ع) هم مصداق ألو الأمر بعد النبي([47])، كما في مفاد حديث النبي: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي»([48]) و لو ادعى عمر أنه ولي الأمر فهل يحق له أن يتصرّف به كيف يشاء حتى على خلاف الموازين الشرعية فيحرم أهل البيت منه..؟!

22ـ لقد حاجّتْهما الزهراء بالقرآن والسُّنة([49]). دون فائدة حتى ندم أبو بكر لإغضابه إياها لدرجة انه قد زهد في خلافة النبي، فقد ورد عنه: «لا حاجة لي ببيعتكم، أقيلوني بيعتي»([50])!!

23ـ إن عدم ورود دليل على ردع عليّ لفاطمة(ع) بالمطالبة بإرثها وهجرانهما لهما حتى ماتت لدليل على أنها محقة فيما فعلته.

24ـ الواضح الذي لا لبس فيه أنّ الزهراء(ع) قد اُغتصب حقها المالي الذي امتلكته زمن رسول الله(ص)، وإليك ما ذكره الطبرسي في الاحتجاج: «أنَّ الإمام عليّ(ع) جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها([51]) من رسول الله(ص) وقد ملكته في حياة رسول الله(ص) فقال أبوبكر: هذا فيء المسلمين، فإنْ أقمت شهوداً أنَّ رسول الله(ص) جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه، فقال أمير المؤمنين(ع) يا أبا بكر أتحكم فينا بخلاف رسول الله(ص) في المسلمينR قال: لا، قال (ع): Sفإنْ كان في يد المسلمين شيء يملكونه ثم ادعيتْ أنا فيه من تسأل البيِّنة؟R قال: إيَّاك أسأل البينة، قال(ع): Sفما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول الله(ص)، وبعده ولم تسأل المسلمين بيّنة على ما ادعوا شهوداً كما سألتني على ما ادّعيتُ عليهم؟R، فسكت أبو بكر، فقال عمر: يا عليّ دعنا من كلامك فإنَّا لا نقوى على حجّـتك فإنْ أتيت بشهود عدول، وإلا فهو فيء للمسلمين لا حق لك ولا لفاطمة.

فقال الإمام عليّ(ع): يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟! قال: نعم قال(ع): أخبرني عن قوله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ (الأحزاب: 33)، فيمن نزلت؟ فينا أوفي غيرنا؟، قال بل فيكم، قال(ع): فلو أنّ شهوداً على فاطمة الزَّهراء(ع) بفاحشة ما كنت تصنع بها؟ قال: كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيم على نساء العالمين!، قال عليّ(ع): كنت إذاً عند الله من الكافرين، قال ولمَ؟ قال(ع): لأنّك رددت شهادة الله وقبلت شهادة الناس عليها([52])، كما رددت حكم الله وحكم رسوله(ص)؛ أن جعل لها فدكاً وزعمت أنّها فيء للمسلمين، وقد قال رسول الله(ص): البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر فدمدم الناس، وأنكر بعضهم بعضاً، وقالوا صدق الله وعليّ»([53]).

25ـ لو تنزلنا وقلنا بثبوت رواية أبي بكر بانتفاء إرث الأنبياء، يمكن المناقشة في دلالتها بما يلي:

أـ إن ما ذهب إليه أبو بكر من حرمان الزهراء من مال أبيها غير مقصود بل أن لها حصة منه كما لغيرها من الناس، ولقد نوه لذلك الرازي في تفسيره بعد أن ساق أدلة الفريقين النافين والمثبتين، ليرجح إثبات الوراثة المالية والعلمية على حد سواء، وإليك نص كلامه: « أما في المال فلقوله تعالى: Pوَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْO (الأحزاب: 27)، وأما في العلم فلقوله تعالى: Pوَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ O(غافر: 53)، وقال(ع): «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم»، وقال تعالى: Pوَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَO  (النمل: 15)، وقال: Pوَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَO (النمل: 16)، وهذا يحتمل وراثة المُلك ووراثة النبوة وقد يقال أورثني هذا غماً وحزناً، وقد ثبت أن اللفظ محتمل لتلك الوجوه. واحتج من حمل اللفظ على وراثة المال بالخبر والمعقول أما الخبر فقوله(ع): «رحم الله زكريا ما كان له من يرثه» وظاهره يدل على أن المراد إرث المال، وأما المعقول فمن وجهين الأول: أن العلم والسيرة والنبوة لا تورث بل لا تحصل إلا بالاكتساب فوجب حمله على المال. الثاني: أنه قال: Pوَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً Oولو كان المراد من الإرث إرث النبوة لكان قد سأل جعل النبي(ص)رضياً وهو غير جائز لأن النبي لا يكون إلا رضياً معصوماً، وأما قوله(ع): «إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» فهذا لا يمنع أن يكون خاصاً به. واحتج من حمله على العلم أو المنصب والنبوة بما علم من حال الأنبياء أن اهتمامهم لا يشتد بأمر المال كما يشتد بأمر العلم، وقيل لعله أوتي من الدنيا ما كان عظيم النفع في الدين، فلهذا كان مهتماً به، أما قوله النبوة كيف تورث؟! قلنا المال إنما يقال ورثه الابن بمعنى قام فيه مقام أبيه، وحصل له من فائدة التصرف فيه ما حصل لأبيه، وإلا فملك المال من قبل الله لا من قبل المورث فكذلك إذا كان المعلوم في الابن أن يصير نبياً بعده فيقوم بأمر الدين بعده جاز أن يقال ورثه، أما قوله(ع): «إنا معشر الأنبياء..» فهذا وإن جاز حمله على الواحد كما في قوله تعالى: Pإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ O(الحجر: 9)، لكنه مجاز وحقيقته الجمع والعدول عن الحقيقة من غير موجب لا يجوز لا سيما وقد روي قوله: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث»، والأولى أن يحمل ذلك على كل ما فيه نفع وصلاح في الدين وذلك يتناول النبوة والعلم والسيرة الحسنة والمنصب النافع في الدين والمال الصالح، فإن كل هذه الأمور مما يجوز توفر الدواعي على بقائها ليكون ذلك النفع دائماً مستمراً»([54]).

ب ـ إن ما ذهب إليه الرازي من أن أدلة مطلقات عموم الإرث دون تخصيص قد بينته الزهراء(ع) من قبل وبينت دلاتها في الجانب المالي أيضاً، فقد احتجت على أبي بكر في خطبة عصماء بينت فيها دلالة القرآن والسنة في الموضوع، نستعرض بعضاَ منها:

أوّلاً: ما جاء في مصنفات العامّة:

1ـ قال اليعقوبي: «لما تسلم أبو بكر الخلافة.. أتته فاطمة ابنة رسول الله تطلب ميراثها من أبيها، فقال لها: قال رسول الله: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة، فقالت: أفي الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ أما قال رسول الله: المرء يحفظ ولده؟»([55]).

2ـ ولقد زاد الأصفهاني عما ذكره اليعقوبي حيث قالت:».. وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا، Pأَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ O، يا معشر المسلمين، أ أبتز إرث أبي؟! أبى الله أن ترث أباك ولا أرث أبي! لقد جئت شيئاً فرياً، فدونكها مرحولة مخطومة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون»([56]).

ثانياً: ما جاء في مصنفات الخاصّة:

إن ما ذكره مصنفو أهل السنة ليس إلا جزأً يسير مما ذُكر في مصادر مدرسة أتباع أهل البيت(ع)، حيث أقامت الزهراء(ع) الحجة البالغة على الخليفة الأول مستدلة بحاكمية القرآن على السنة على فرض ثبوت ما ذهب إليه، والحال أنه لا يثبت أبداً بالمعنى المدعى، فالمنكر له هم أهل بيت الوحي ومعدن العلم، فما كانت بنت النبي(ص) لتُصرّ على رأيها مؤيدة من زوجها وعمه العباس بأمر يخص شخصها، فهي المرأة المطهرة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ـ بلا خلاف ـ حيث قالت لأبي بكر: «…تزعمون ألا إرث لنا Pأَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَO، أفلا تعلمون؟! بلى، تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون، أأغلب على إرثي؟!. يا بن أبي قحافة، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! Pلَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاًO، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول: Pوَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَO! وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا(ع) إذ قال: Pفَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَO، وقال: Pوَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِO، وقال: Pيُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ O، وقال: P إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَO، وزعمتم ألا حظوة لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا، أ فخصكم الله بآية أخرج منها أبي؟! أم هل تقولون أهل ملتين لا يتوارثان؟!، أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! فدونكما مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد…»([57]).

26ـ الحقيقة التي لا يَشك فيها منصف أن الزهراء(ع) عالمة غير معلّمة، وكانت على بيّنة من أمرها، وغضبها على الخلفاء ليس بخصوص حقها المالي أو الشخصي فهي ليست إلا دنيا فانية؛ بل لكونه منبثقاً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقويماً لمسار الأمة بعد النبي فقد طالبت بإرجاع حق تدبير آمور الأمة لمن له حق الولاية العامة الحقيقية بعد الرسول، فقد كان بحق مطالبتها إرث النبوة المادي والمعنوي لله وفي الله، صرخة مدوية لأجل إصلاح مسار الإسلام والمسلمين. وما إقحام البخاري موضوع الخلافة والبيعة في الرواية الثانية إلا لأجل هذه الحقيقة الناصعة التي يريد الكثير إخفائها! ولقد كشف عمر ابن الخطاب عن مكنونها وسرها بحواره مع ابن عباس: يا عبد الله، ما تقول في منع قومكم منكم؟ قال: لا أعلم يا أمير المؤمنين، قال: اللهم غفراً! إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة، فتذهبون في السماء بذخاً وشمخاً، لعلكم تقولون: إن أبا بكر أراد الإمرة عليكم، وهضمكم! كلا، لكنه حضره أمر لم يكن عنده أحزم مما فعل، ولولا رأى أبى بكر في بعد موته لأعاد أمركم إليكم، ولو فعل ما هنأكم مع قومكم، إنهم لينظرون إليكم نظر الثور إلى جازره([58]).

ثالثاً: الدافع لمنع الزهراء(ع) إرثها

 لم يكن منع الزهراء(ع) إرثها إلا بدافع سياسي فقد كان مقصوداً من قبل الخليفتين، والحديث الذي ساقاه لم يكن إلا غطاءً ومبرراً أمام الرأي العام للوصول لهدفهما المتمثل بإحكام السيطرة السياسية والاقتصادية ليستتب لهما الأمر، وإلا فهل كان رسول الله(ص) ليهتمَّ بمؤونة نسائه وعماله ويترك ابنته وبضعته الزهراء(ع) بلا شيء ومن دون إخبارها!؟ بحسب ما رواه مسلم عن أبي هريرة أنّ رسول الله قال (ص): «لا يقتسم ورثتي ديناراً ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة»([59]). سبحان الله! يدعون أن النبي يهتم بنسائه وعماله ويوصي بنفقتهم ولا يعبأ ببضعته فاطمة!! أليس هذا تحايل غرضه حرمان الزهراء من إرثها؟ وكأنهم يقولون يا أزواج النبي سنحرمكم من الإرث لكي نحرم فاطمة منه ولكن لا تحزنوا سنعوض لكم ما حرمناكم من خلال ادعاء وصية النبي بنفقتكم!.

وخير شاهد على ما بيناه من بيان الدافع لمنع الزهراء(ع) إرثها ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي السني فقال: «سألت ابن الفارقي مدرِّس المدرسة الغربية ببغداد، وقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم، قلت: فلمَ لمْ يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة، فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً: لو أعطاها اليوم فدك لمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادَّعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يمكن الاعتذار والموافقة؛ لأنَّه يكون قد سجل على نفسه أنَّها صادقة فيما تدعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة وشهود»([60]).

رابعاً: نتائج منع الزهراء من إرثها

من أهم نتائج تلك السياسة التي اتبعها الخلفاء:

1ـ أنهما أسسا للمسلمين مساراً ومنهاجاً خطيراً ما زالت الأمة الإسلامية تئنّ منه يتعلق بالحاكم والمحكوم مفاده «ما أُرِيكم إلا ما أرى»، وما تكليفكم إلا أن تطيعوا وتصبروا.

2ـ إصرار الزهراء(ع) على حقها واستمرار غضبها على الخليفتين دون مسامحتهما يؤذن بأمر خطير نستجير بالله.

3ـ شرعنة الفساد المالي والإداري للأمة بحجة أنه من مختصات ولي الأمر، كانت كلمة حق أريد بها باطلاً.

 

خلاصة البحث ونتائجه

1ـ إنّ من أخطر نتائج حادثة منع الزهراء(ع) إرثها من أبيها على الخليفتين أن ماتت وهي واجدة غاضبة على أبي بكر وعمر..

2ـ إصرار الزهراء(ع) حتى وفاتها لدليل على صوابيتها لذا ماتت مطمئنة بحقها.

3ـ حكم توريث الأنبياء لذويهم مفروغ عنه وإنما كان الاختلاف في الحجب والأسهم.

4ـ الدافع الحقيقي لمنع الزهراء(ع) من إرثها هو جانب سياسي اقتصادي.

5ـ ظهر في البحث تناقض واضح حيث تمسك القوم برواية نفي توريث الأنبياء في الجانب المالي لمنع الزهراء حقه خاصّة! وأباحوا النفقة لنساء النبي وعماله دون ابنته فاطمة؟!

6ـ لم يكتف «البخاري ومسلم» من سرد تناقضات واضحة كإقرار العباس وعلي فيما ذهب إليه الخلفاء من عدم توريث الأنبياء..! حتى روى «مسلم» على لسان العباس أشنع الإساءات في حق أمير المؤمنين وأمام الملأ من غير نكير منهم مما يؤكد على أن نظرية عدالة الصحابة محض تخرّص مفتعل!، بل الدليل قائم على خلافه.

7ـ كان ردّ الزهراء(ع) على أبي بكر استدلالاً متيناً، وقد كان كلام الرزي إجمالاً متوافقاً مع قولها، حيث استدلت بالآيات والروايات المحكمة على بطلان مدعاه.

8ـ إنّ ما سنه أبو بكر في خلافته خالفه به عمر بدعوى أنه «ولي الأمر»!. حيث ترك لعلي التصرف المشروط في «صدقة المدينة» دون «فدك وخيبر».

9ـ البخاري ومسلم رجلان من البشر يصيبان ويخطئان، فلابد من التوقف والتدبر عند مروياتهما من خلال التحليل والنظر ليظهر الغث من السمين.

10ـ على الأمة أن تقرأ موروثاتها الإسلامية قراءة تجديدية لإظهار الحقائق، وإبطال ما كان زخرفاً من القول غروراً.

11ـ العمل المجدي لبناء أسس الوحدة الإسلامية لا يكون بقبول الخطأ وإقراره، ولا بالجبر والغلبة بل من خلال «قل هاتوا برهانكم لنتبعكم» ولا يتحصل ذلك إلا من خلال النقد البناء المتمثل بعدم الإساءة لرموزها وفق الوصية الربانية للتعامل مع أهل الكتاب: Pقُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَO (آل عمران: 64).

فمن باب أولى أن نقول يا أهل الإسلام تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً عدواً، ولكن تناصحاً لله وحباً.

12ـ نوصي الباحثين بالاطلاع أكثر حول الموضوع فهذا غيضٌ من فيض.

الهوامش

([1]) مقالةٌ مقدمة للمؤتمر العلميّ الثاني المؤتمر العلمي الدولي الثاني «فاطمة الزهراء(ع) ثمرة النبوة وشجرة الإمامة».

([2]) محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ج1، ص20.

([3]) البخاري، رقم الحديث 3093، ص628، سنن أبي داود، رقم الحديث 2965، سنن الترمذي، رقم 1719. مسند أبي يعلى، ج1، ص45.

([4]) ولعل فيه تصحيفاً أيضاً، والصحيح وأما خيبر.

([5]) محمد ابن إسماعيل، صحيح البخاري، كتاب فرض الخمس، ص627 ـ 628، سنة 2004م، دار الكتاب العربي، رقم الحديث 3092 ـ 3093.

([6]) محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج5، ص139.

([7]) رماله، هو ما ينسج من سعف النخل ونحوه. ومعنى «مفضيًا إلى رماله» أنه لَمْ يكن تحته فراشاً، والإفضاء إلى الشيء لا يكون بحائل، وفيه إشارة إلى أن العادة أن يكون على السرير فراش. راجع: صفي الرحمن المباركفوري، منّة المنعم في شرح صحيح مسلم، ج2، ص185، دار السلام للنشر والتوزيع، الرياض ـ المملكة العربية السعودية، ط1، 1420هـ ـ 1999م. السرير من السعف، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير. محمد بن مكرم (ابن منظور)، لسان العرب، ج1، ص1583، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 2005م.

([8]) وسادة من أدم، وسادة من جلد حيوان مأكول اللحم، والأدمة باطن الجلد الذي يلي اللحم والبشرة ظاهره. راجع: محمد بن مكرم (ابن منظور)، لسان العرب، ج1، ص63، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 2004م.

([9]) ترخيم، أصلها يا مالك.

([10]) أي اقترب وصولهم إلينا.

([11]) الرضيخة، تجمع على رضائخ، وهي العطية القليلة، ولعل اعتذار مالك لقلّتها وحقارتها. راجع، المعجم المدرسي، ص415، ط1، سنة 1985م.

([12]) في البخاري (اقبضه أيها المرء).

([13]) يرفأ، اسم لحاجب عمر. راجع، محمد بن علي الإتيوبي المولوي، قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج، ج1، ص433، دار ابن الجوزي، ط1، 1424هـ.

([14]) هو سعد بن أبي وقاص على ما في البخاري.

([15]) الصحيح، بينهما وأرحمها، والمذكور في البخاري (وأرح أحدهما من الآخر).

([16]) اتّئدا، أي تمهلا، وفي البخاري قال، (تيدكم)، (أي تمهلوا)، وهو الصحيح لأنّ الخطاب للجماعة (عثمان وعبد الرحمن وسعد).

([17]) الكلام للراوي.

([18]) أي صدقة المدينة الذي تتنازعان عليه. محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم، لجنة من العلماء برئاسة البرفسور هاشم محمد علي مهدي المستشار برابطة العالم الإسلامي ـ مكة المكرمة ج19، ص165، دار المنهاج ـ دار طوق النجاة، ط1، 1430هـ ـ 2009م.

([19]) الصحيح، شئتما، وذُكر في البخاري، جئتني يا عباس تسألني نصبيك من ابن أخيك، وجاءني هذا يقصد (علياً) يريد نصيب امرأته من أبيها، فلما بدا لي أن أدفعها إليكما….

([20]) ابن الحجاج، مسلم، صحيح مسلم، ص747، كتاب الجهاد والسير، باب حكم الفيء، رقم الحديث 4577، دار الكتاب العربي، ط1، سنة 2004م.

([21]) شمس الدين السرخسي، المبسوط، ج1، ص2، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1406هـ ـ 1986م.

([22]) هي من فيء بني النضير، صحيح البخاري، الحديث رقم 3093.

([23]) راجع: كتاب الصحاح، لابن حماد الجوهري، ج1، ص295.

([24]) محمد بحر العلوم، بلغة الفقه، تحقيق وتعليق، حسين ابن محمد تقي بحر العلوم، ج3، ص354، ط4، 1984م ـ 1362هـ.ش.

([25]) وردت في البخاري ومسند الإمام أحمد، على ما حققه محمد ناصر الألباني، في كتابه إرواء الغليل، تحقيق وإشراف، زهير الشاويش، ج8، ص293، ط1، 1405هـ ـ 1985م، المكتب الإسلامي، بيروت ـ لبنان.

([26]) محمد عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير في شرح الجامع الصغير، تحقيق، تصحيح أحمد عبد السلام، ج3، ص20، ط1، 1415هـ ـ 1994م، دار الكتب العلمية، بيروت.

([27]) محمد بن مسلم، بن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، ج1، ص20. فقد نقل عن البخاري أن الزهراء غضبت عليه وهجرته حتى توفيت.

([28]) أحمد، الطبرسي، الاحتجاج، ج1، ص134، والمجمع العالمي لأهل البيت، أعلام الهداية، دار الخضراء، دار الأمير الخضراء، ص134 ـ 135، ط1، 2005م.

([29]) لقوله(ص) «أنت ومالك لأبيك» فهل كان أبوبكر بمقام أبيها كذلك.

([30]) شهاب الدين بن حجر العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج12، ص129، ط2، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان.

([31]) مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، ج1، ص49.

([32]) راجع الرواية نفسها، لسليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داوود، ج2، ص21. راجع أيضاً: عبد الرحمن بن شعيب النسائي، السنن الكبرى، ج3، ص49.

([33]) ابن عبد البر، الاستيعاب، الاستيعاب، تحقيق، علي محمد البجاوي، ج3، ص1107، ط2، 1411هـ، دار الجيل، بيروت.

([34]) علي المتقي الهندي، كنز العمال، ج12، ص110، محمد تحقيق، إشراف، زهير الشاويش، ط2، 1405هـ ـ 1985م، المكتب الإسلامي، بيروت ـ لبنان. وقوله بحق علي: «أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد المدينة فاليأتها من بابها» أكان ذلك لمجرد المدح والثناء لا غير!!.

([35]) راجع، محمد بن مسلم، بن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، ج1، ص13.

([36]) المصدر السابق، ج1، ص11.

([37]) محمد بن مسلم بن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، ج1، ص20، تحقيق: طه محمد الزيني، الناشر، مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع.

([38]) راجع عبد الرحمن النسائي، سنن المجتبى، ج7، ص85.

([39]) وهبة بن مصطفى الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، ج19، ص227.

([40]) الفضل بن شاذان، الإيضاح، ص258 ـ 268 ـ 269.

([41]) محب الدين الطبري، دلائل الإمامة، ص61.

([42]) محمد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة، ص17

([43]) ذكر الحديث البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ص753، رقم الحديث 3706.

([44]) مع أنه ما كان يقبل عند جمع القرآن الكريم إلاّ بالبنية ـ شاهدين عدلين ـ فلا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوباً. السيوطي، جلال الدين، الإتقان في علوم القرآن، ج 1، ص188، دار الحديث، 2004م.

([45]) مجمع العالمي لأهل البيت، أعلام الهداية، دار الأمير الخضراء، ص144، ط1، 2005م.

([46]) مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، ص749، باب قول النبي لا نورث من تركناه صدقة، دار الكتاب العربي، ط1، 2004م.

([47]) راجع ما ذكره أصحاب الصحاح من أن خلفاء النبي اثنى عشر كلهم من بني هاشم.

([48]) محمد بن عيسى الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص329.

([49]) راجع خطبة الزهراء مع أبي بكر في مسجد رسول الله، المجمع العالمي لأهل البيت، أعلام الهداية، دار الأمير الخضراء، ص135، ط1، 2005م.

([50]) محمد بن مسلم بن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، ج1، ص21.

([51]) سمي ميراثها باعتبار أنه من نصيبها بعد وفاته ورداً على من يمنعها إرثها بحجة الأنبياء لا يورثون….

([52]) وفي هذا دليل على أن مفاد آية التطهير عصمة أهل البيت(ع).

([53]) الاحتجاج، أحمد، الطبرسي، ج1، ص134؛ والمجمع العالمي لأهل البيت، أعلام الهداية، دار الخضراء، دار الأمير الخضراء، ص134 ـ 135، ط1، 2005م.

([54]) عمر بن أحمد فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، ج21، ص184.

([55]) أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص127، دار صادر، بيروت ـ لبنان.

([56]) أحمد بن موسى بن مرداويه الاصفهاني، مناقب علي بن أبي طالب(ع) وما نزل من القرآن في علي(ع)، تحقيق، جمعه ورتبه وقدم له، عبد الرزاق محمد حسين حرز الدين، ص203، 1424هـ ـ 1382هـ.ش.

([57]) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج7، ص227، القسم العام، تحقيق: الشيخ عبد الزهراء العلوي، دار الرضا، بيروت ـ لبنان.

([58]) محمد إبراهيم بن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، تحقيق، محمد أبو الفضل إبراهيم، ج1ص، 19، ط1، 1378هـ ـ 1959م، دار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه، ملاحظات مؤسسة مطبوعاتي إسماعيليان.

([59]) مسلم، صحيح بن الحجاج، مسلم، ص749، باب قول النبي لا نورث من تركناه صدقة، دار الكتاب العربي، ط1، 2004م.

([60]) محمد بن محمد بن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص4686، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1418هـ ـ 1998م.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً