أحدث المقالات

ترجمة: علي الوردي

 

سائر البشر حرث الإله، لا يمكنك التصرف فيه ولا العبث

1ـ البشرية والحاجة للاعتقاد الديني

للأساطير والمعتقدات القديمة دور محوري في بلورة مكونات الحضارة المعاصرة التي نعيش اليوم في خضمها، وللمؤرخ اليوناني (بلوتارخ) مقولة بهذا الصدد يذكر فيها: أن كل حضارة انبثقت من صميم التاريخ، احتاجت إلى عناصر دينية واعتقادية لتشييد صرحها، ولم تستثن أيّ حضارة من هذه القاعدة، ولولا وجود هذه المعتقدات والطقوس الدينية وممارستها من قبل الناس، لما بقيت الأعراف والتقاليد، ولاختفت معالم الحضارة والعلم. والسبب في ذلك يعود إلى أن الدين والإيمان بالأمور الغيبية يعد ان أمراً فطرياً لازَمَ الإنسان منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها، فقد كان الإنسان الأول يؤمن بقوى خفية تسيطر على الأرض والسماء وتتحكم بالحياة.

إن هذه الطبيعة الإيمانية والاعتقادية التي رافقت الإنسان، وهذه الزاوية لديه، كانت عاملاً حاسماً في بلورة ونشوء كثير من الثقافات ـ وليس العلوم ـ ([1]) فإن العلوم لم تتسنى لها الإجابة عن كافة التساؤلات، وما تزال قاصرةً عن إعطاء تفسيرٍ لكيفية نشوء الحياة ومصيرها، وكيفية نشوء الإنسان ومصيره؛ فإذا شاء الإنسان معرفة مبدئه ومنتهاه وكذلك مبدأ الكون ومنتهاه، فسوف يلتجئ بفطرته إلى العقيدة الغيبية ويبحث عن ذلك في ما وراء الطبيعة.

وعلى سبيل المثال فـ «إن ديكارت لم يكن يفكر في «الأمر الممتد» بصورة ميكانيكية محضة. ومع أنه كان عازماً على اعتماد التصورات والمفاهيم الواضحة في بنيانه المعرفي، إلاّ أنه التجأ إلى الهيولى المبهمة، المناهضة للفكر والمعروفة ب(الإنزواء في العلم)، في تفسيره لجملة من الأمور الغيبية»([2]).

 

2ـ تعدّد الأديان ومنطقها في الاعتراف بالآخر

ومن الظواهر التي لا يمكن تجاهلها، وجود الأديان المختلفة وتعدد الملل والنحل على مدى التاريخ البشري، وليس بمقدور أي مؤرخ حصر الأديان التي دان البشر بها على مرّ العصور، كما ليس بمقدور أي دين نسخ الأديان الأخرى وفرض هيمنته عليها.

وقد ثبت في علم الأساطير أن الأساطير التي راجت بين البشر حول كيفية نشوء الكون والإنسان أو التي تروي حالات الآلهة المختلفة، اختلفت من قوم إلى قوم ومن طائفة إلى أخرى، فكل طائفة تحيك أسطورتها من منطلقها، أي بلسانها ومن خلال الرؤية والانطباع الذي تحمله، ولم تكن الطوائف تهدف من وراء تدينها فرض رؤيتها وانطباعها وأسطورتها وديانتها على غيرها من الطوائف، وإن حصل ذلك بأن تصدّت طائفة لفرض عقيدة على طائفة أخرى فسيكون عاقبة ذلك الحروب الطاحنة وأنهار الدماء التي يغدو من الصعب السيطرة عليها، كما يحدّث التاريخ عن حروب دينية ومذهبية وطائفية كثيرة من هذا القبيل.

والقرآن الكريم يعبر عن ذلك بقوله: وَلَا يَزَألُوُنَ الْمُخْتَلِفِينْ ، وهذا النوع من الاختلاف لا طائل من ورائه ولا نهاية لأمده. وقد التفت العرفاء إلى هذه الحقيقة فاعتبروا الحدود الفاصلة بين الأديان بمثابة جدران، وجودها مجازي لكنها ضرورية على كل حال، ولو رفعت هذه الجدران لعادت الحقيقة واحدة مشتركة بين سائر الأديان.

مثلها مثل نور الشمس، واحد غير كثير.

لكنه ما إن يقع على سطوح المنازل حتى يتكثر ويتعدد بتعددها

وإذا أزْحتَ الجدران وساويت بين المنازل.

يعود النور واحداً.

ولو أنك أتيت بعشرة مصابيح مختلفة وجعلتها في موضع واحد،

فستجد اختلافاً بين كل مصباح فبعضها كبير والآخر صغير وهكذا..

لكنك بمجرد أن تضيئها وتشاهد نورها

لن تجد فرقاً بين سائر الأنوار، فالنور الذي يخرج من كل المصابيح هو واحد

اطلب المعنى من الفرقان قل لا نفرق بين آحاد الرسل، (مولوي).

بناءً على ذلك، فالسبب وراء معظم النزاعات الطائفية والمذهبية ـ بحسب العرفاء ـ يعود إلى الجهل وقلة الوعي بين الأطراف المتنازعة، فإن كل فريق يروي قصته ـ ويعبر عن معتقده ـ بلسانه الخاص:

عندنا المسجد والخانة سواء

باحة المسجد والدير سواء

المسبحة والكأس سواء

ما الحرب والنزاع الا من قلة الوعي

فإذا أمعنت البصر وطهرت الفؤاد ستشاهد أن الكعبة ومعبد الأوثان سواء

لكن الاختلاف إنما هو في الرواية فكل فريق يروي قصته بلسان مختلف

ولكن لو دققت النظر لاكتشفت أن الروايات مؤداها واحد.(عماد خراساني)

والذي يهم بعد كل ذلك هو أن الله موجود في كل زمان ومكان، وعلى الجميع الانقطاع والتضرع إليه:

وبعد أن كان الشيخ المرشد هو المعشوق بعينه فما الضير

فليس ثمة فناء خال من وجود الله فيه.(حافظ)

فما يقال من أن سائر الأديان على باطل ودين واحد هو الحق ليس له أساس من الصحة، وقد أثبت التاريخ بطلان هذه الدعوى.

فإياك أن تعتقد بأن الأديان على باطل

فحتى المبطلون إذا سمعوا بالحق مالت قلوبهم نحوه.(مولوي)

والذي يبدو لنا أن مولوي قد أخذ هذا المعنى من القرآن الكريم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة: 61).

إن حقيقة الدين تحمل أوجهاً مختلفة، وحيثما وجهت وجهك ستجد معشوقاً ـ فثم وجه الله ـ يتجلى لك آلاف التجليات، وتختلف هذه التجليات باختلاف الناظر والمشاهد لها؛ فكل شخص ينظر بمنظاره الخاص:

تجلّيت بآلاف الصور

وشاهدتك بآلاف الرؤى بآلاف. (فروغي بسطامي)

 

الإسلام والاعتراف بالأديان السابقة

وتشير هذه العبارة العرفانية الرائعة إلى الآية الكريمة: لِّکُلّ‏ِ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَکا هُمْ نَاسِکُوهُ فَلَا یُنَازِعُنَّکَ فىِ الْأَمْرِ  (الحج: 67).

بناءً على ذلك، فإن الاختلاف بين الأديان والطوائف والمذاهب وتعدد الأمم يعتبر أمراً طبيعياً لا مناص منه، ولا يمكن تجاهله. وهناك آية في القرآن تشير إلى سبب هذا الاختلاف: لِكُل‌ٍّ جَعَلْنَا مِنْكُم‌ْ شِرْعَة‌ً وَ مِنْهَاجَاً وَ لَوْ شَاءَ الله‌ُ لَجَعَلَكُم‌ْ أُمَّة‌ً وَاحِدَة‌ً وَ لَكِنْ‌ لِيَبْلُوَكُم‌ْ فِي‌ مَا آتَاكُم‌ْ (المائدة: 48).

إن أحد أهم القرارات التي اتخذها النبي‘ في المدينة، هي الاعتراف بالأديان السماوية السابقة، فقد جاء في نص معاهدة المدينة: «إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين. لليهود دينهم وللمسلمين دينهم» ([3])

لكن البعض يتخذ قوله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (آل عمران / 85)، مبرراً لإبطال كافة الأديان إلاّ الإسلام، في حين فسّر جمهور المفسرين ـ ومن جملتهم العلامة الطباطبائي ـ مفردة «الإسلام» في هذه الآية: بالإقرار والتسليم أمام الحق.

 

3ـ الأديان السماوية وقضية الكرامة الإنسانية

ومن الأمور المشتركة بين الأديان وخصوصاً الدين الحنفي الإبراهيمي، الاهتمام بعنصر الكرامة والإباء الذاتي للإنسان، لأن نظرة الأديان السماوية تختلف عن النظرة الأرضية فهي ترى الإنسان حامل الروح الإلهية وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و نَفَخْتُ مِنْ رُوحِي (الحجر: 29).

تاج كرمنا على رأسك

وقلادة أعطيناك مخطوطة على جيدك.(مولوي)

يا تُرى من الذي وقف بوجه الأنبياء العظام، وأي فريق حاربهم؟ وعلى حد قول الدكتور شريعتي، هل شهد التاريخ نبياً حارب العلماء والفلاسفة والمفكرين؟!

يقول النائيني: هل كان النزاع بين موسى وفرعون بسبب عدم تسليم الأخير لله تعالى أو كان لأجل أن فرعون قد تجبّر وأرهب الناس، وصادر حريتهم واستهتر بكرامتهم فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ؟ وعليه،الإنسان مهما كانت عقيدته ، له كرامة ذاتية لا يمكن مصادرتها.

تقول المادة 23 من الدستور الإيراني: (العقائد مصانة ولا يجوز التعرض لها، ولا يمكن مؤاخذة أي شخص بسبب العقيدة التي يحملها).

والطريف أن هذه المادة حازت على موافقة كافة الأعضاء البالغ عددهم 53 شخصاً سوى رأي واحد مخالف. وفي مقطع من كتاب الإمام علي× إلى مالك الأشتر يصف فيه الناس بأنهم: «إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» ([4]) فعاملهم بحيث لا يشعر المسلم أنه مميز على غير المسلم.

وقد نصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يأتي: «يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء».

 

4 ـ الحقوق الطبيعية للإنسان

وبناءً على ما لدى الإنسان من الكرامة المكنونة في ذاته، فهناك جملة من الحقوق مهمتها صيانة هذه الكرامة ويُعبّر عنها بالحقوق الطبيعية. وهي:

 

1ـ 4 ـ حق الحياة

يعد حق الحياة من أوّل الحقوق التي أقرها الإسلام لكل فرد من أفراد البشر، وبذلك لم يسمح لأيًّ كان التعرض لحياة الآخرين ومصادرتها، بحيث قَرَنَ من قتل نفساً بمن قتل الناس جميعاً، فقال في كتابه العزيز: مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة: 32). كما منع الإسلام مصادرة المرء حياة نفسه بالانتحار، فقال سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء: 29) وهذا الحق محفوظ للإنسان في جميع مراحل حياته، بدءاً بمرحلة الجنين وانتهاءً بالمشيب. فقد أمر الإسلام الرجل أن يستمر في الإنفاق على المرأة التي طلقها في حال الحمل، لأن حق الجنين الذي تحمله محفوظ إسلامياً، ولتضعه المرأة على أفضل حال ممكن، وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (الطلاق: 6).

وقد أمر الإمام علي× مالك الأشتر قائلاً له: «إياك والدماء وسفكها بغير حلها… فلا تقوّين سلطانك بسفك دم حرام… فإنه ليس شيء أدعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها».

 

2 ـ 4 ـ حق الحرية

والمراد منه: الحرية في العقيدة والفكر والبيان والسلوك والحياة، وهذا الحق من الحقوق الطبيعة للإنسان. وقد تم التأكيد عليه في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي المادة الأولى من لائحة حقوق الانسان.

والحرية ليست من الحقوق التي يهبها الحاكم للمحكوم، وإنما هي حق طبيعي وتكويني وإلهي، ومهمة الحكام تجاه هذا الحق تتمثل في الحفاظ عليه والدفاع عنه والوقوف بوجه كل من تسوّل له نفسه مصادرته من الآخرين.

يقول الإمام علي×: «ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً»، ويقول في موضع آخر: «إن الناس كلهم أحرار».

وتنص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي: «يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وُهِبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء». وتنصّ المادة الثامنة عشرة على أنه: «يحق لكل إنسان أن يتمتع بحرية الفكر والوجدان والدين، ومنها حقه في اعتناق المذهب والعقيدة التي يرغبها، كما أن له الحق في التظاهر بمذهبه أو عقيدته انفرادياً أو جماعياً، سراً أو علناً، عن طريق العبادات وممارسة الفرائض والطقوس الدينية».

وتنص المادة التاسعة عشرة على أنه: «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية تبني الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون التقيد بالحدود الجغرافية».

وقد عد الشيخ مطهري الحرية بأنها حق فطري مُسَلّمٌ به، وقال بهذا الصدد: «إن الحرية عنصر حياتي وتكاملي هام، وهي حاجة ضرورية للكائن الحي، كما أن إقرار الحرية الاجتماعية وصيانتها كان أحد أبرز أهداف الأنبياء، فقد عملوا جاهدين على تخليص الناس من مختلف العبوديات الاجتماعية»([5])، ويقول في موضع آخر: «ومن وجهة نظر الإسلام فإن الحرية والديموقراطية يساهمان بشكل مباشر في تكامل الإنسان، أي أن الحرية هي حق للإنسان بما هو إنسان، وهي حق ذاتي ناشئ من صميم الإمكانيات التي أودعت في الإنسان…» ([6]) .

وهناك أمران أساسيان في موضوع الحرية:

الأول: هو أن لكل شخص الحق في تبنّي أي عقيدة يختارها. وهو حر في التديّن بأي ديانة يشاء.

الثاني: أن لا يشعر الإنسان بأنّ هناك ما يجبره على الإعلان عن عقيدته، ويجب على الحكومة أن تعمل على هذا الأمر بحيث يكون المرء حراً في الإعلان عن معتقده، فإن شاء أعلن وإن شاء سكت. يقول الإمام علي× لمالك الأشتر في عهده المشهور: «وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فانّهم صنفان: إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق» ([7]).

والقرآن الكريم يحرص بشكل كبير على مراعاة حقوق الناس المتمثلة في حريتهم في اختيار العقيدة. تقول الآية الكريمة بهذا الصدد: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِينِ أي أن الدين ليس أمراً يجبر المرء على قبوله والتمسك به، وكأن هذه الآية توجه دعوة لاحترام معتقدات الآخرين ومجاراتهم في دينهم، وعدم إكراههم على تغيير عقائدهم بالقوة.

ونحن لا نريد من هذا القول إجهاض مشاريع الحوار بين الأديان وإنما هدفنا هو تهذيب الحوار، وإبعاده عن العنف والأخذ به نحو سبيل العقل والمنطق. والقرآن الكريم يكرس هذه الحقيقة من خلال خطاب يوجهه للمسلمين قائلاً لهم: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(العنكبوت: 46).

وفي موضع آخر يدعو القرآن الكريم لحوار قائم على أساس الحكمة والموعظة الحسنة: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ويفسّر الراغب الإصفهاني الحكمة بأنها: (إصابة الحق بالعلم والعقل).

 

3 ـ 4 ـ مستثنيات حقّ الحياة

بعد أن علمنا بأن الحياة والحرية من الحقوق الطبيعية والمُسَلّم بثبوتها للإنسان، لابد أن نقف عند الحالات التي يسمح الإسلام عند وجودها بمصادرة حياة الإنسان، فيا ترى، ما هي هذه الحالات والظروف التي إذا ما توفرت لزم قتل الإنسان؟

لقد تقدّم قبل قليل أن الأصل لدى الإسلام هو حماية حياة الإنسان وصيانتها وحرمة القتل بأي شكل من الأشكال: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ و مَنْ قَتَلَ نَفْسَا بِغَیرِ نَفْسٍ أوفَسادٍ فِی الأَرضِ فَکانَّما قَتَلَ النَّاسَ جمیعاً وَ مَنْ أَحْیاها فَکأَنَّما اَحیا النَّاسَ جمیعاً و وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وهذه الآية صريحة بتحريم القتل بكافة أشكاله بل إنها تنزل قتل الإنسان الواحد منزلة قتل الناس جميعاً أو قتل المجتمع البشري بأسره.

وتبقى لدينا الحالات التي حكم الإسلام فيها بالإعدام ومصادرة الحياة، وهي حالتان لا غير:

الأولى: في القتل العمد، فإذا أقدم إنسان على قتل آخر متعمداً، فلأولياء الدم ثلاث خيارات: إما القصاص، أو التجاوز عن القصاص وطلب الفدية، أو التجاوز عن القصاص والفدية معاً. والملفت للنظر هنا، أن الإسلام بعد تشريعه مسألة القصاص كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاص يأتي ليقول: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ، أي إنه يقدم خياراً ـ إلى جانب القصاص ـ أخلاقياً وعاطفياً وهو اعتبار القاتل أخاً، فإذا ما عفوت عنه فإنك سوف تلبي نداء الرب وتتمظهر بمظهر التخفيف الذي أقره ومنحه الله للمجرم، وهذا الخيار التربوي الذي يكرّسه القرآن، يقدمه على خيار القصاص ويفضّله عليه.

الثانية: حالة التصدي للذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

 

5 ـ الارتداد في المفهوم القرآني والمنهج الفقهي

المراد من هذا المصطلح ـ بحسب تعريف الراغب الإصفهاني له ـ هو: «الارتداد والردة: الرجوع في الطريق الذي جاء منه، لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفي غيره». وأورد ابن فارس في مقاييس اللغة: (إنما قيل للمرتد مرتداً لكونه ارتدّ وعاد إلى كفره).

وأجمع الفقهاء على تعريف المرتد بكونه: «هو الذي يكفر بعد أن قبل الإسلام عن عقل وإرادة وبلوغ»، وبعبارة أوضح: هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر.

والآيات التي ورد فيها هذا المصطلح هي:

1ـ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة: 217).

وهذه الآية لم تقر حداً أو جزاءً للمرتد في الدنيا سوى أنه إحباط عمله، في حين أرجأت العذاب إلى الآخرة. والذي يظهر من صدر الآية أنها نزلت بشأن طائفة من الكفار، كانت تقاتل المسلمين في الأشهر الحرم مستغلة حرمة القتال فيها، بغية رد المسلمين عن دينهم وتوريطهم بالكفر، ليتسنى لها إجهاض المشروع الإسلامي، كما جاء في صدر الآية: وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ، فيتّضح أن المراد من الارتداد في هذه الآية هو التخلي عن جانب الإسلام والتحول إلى جانب الكفر، وليس بغريب أن يستدعي مثل هذا التحول العقوبة الدنيوية، لخطورته وخطورة المرحلة التي حدث فيها. شأنه في ذلك شأن الكثير من قوانين الحرب المعمول بها في معظم البلدان، فإن الجنود المنحازين إلى جانب العدو تنتظرهم أقسى العقوبات، لأنهم يفشون الأسرار العسكرية، ويحولون دون تحقيق النصر والغلبة.

ينقل زيد بن أسلم عن النبي‘ أنه قال: «من غيّر دينه فاضربوا عنقه»، وإلى جانب هذا الحديث النبوي الشريف الحديث الآخر، فيجب التأمل لمن أراد إصدار فتوى مطلقة ضد كافة المرتدين معتمداً على هذا الحديث النبوي، فقد ورد في الحديث الآخر التمييز بين المرتد الكافر والمرتد الحربي، فالأول أشد خطورة من الأخير لأنه يحمل أسرار المسلمين العسكرية في حين لا يملكها الحربي، إذاً يجب التأمل عند إصدار الفتاوى وأخذ هذا التمييز بنظر الاعتبار.

وقد ورد في كتاب (الأم) للشافعي أن رسول الله‘ عندما كان يحالفه النصر على المشركين لم يكن يهم بقتل الأسرى، وإنما كان يمنّ عليهم أو يفاديهم بمال يأخذه منهم أو بأسرى من المسلمين يُطْلَقون لهم، وأمّا المرتد فكان يخيره بين الإسلام والقتل([8]). ويظهر من هذه السنة النبوية أن المشرك لم يكن يشكل ذلك التهديد الذي يشكله المرتد، باعتبار أن الأخير كان مسلماً في يوم ما، وبالتالي فهو على علم بالأسرار والخطط العسكرية التي يتمتع بها المسلمون.

2 ـ الآية الأخرى التي تناولت مسألة الارتداد هي الرابعة والخمسون من سورة المائدة وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ

ويعتقد العلامة الطباطبائي «بأن السير الإجمالي في هذه الآية يوجب التوقف في اتصال هذه الآيات بما قبلها، وكذا في اتصال ما بعدها» والتي تشدد وتحرص على أن لا يكون للكافرين ولاية على المسلمين: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ، والمراد من ولاية الكفار هذه؛ هي ردّة شاملة تعم المجتمع الإسلامي بأسره وتطفئ نور الدين فيه، وأكثر من يكون عرضة لهذه الردة هم المسلمون حديثي العهد بالإسلام، مما يؤدي إلى انهيار تدريجي للدولة الإسلامية التي عمل رسول الله‘ جاهداً في تشييد صرحها، وكان هذا الأمر كثيراً ما يقلق النبي‘.

وبهذا نفهم أن هذه الآية: فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ كانت بصدد طمأنه وتبديد قلقه إزاء المجاميع المرتدة أو التي قد تتعرض للارتداد، فإن الله سوف يستبدل قوماً غيرهم ولا يضروه شيئاً.

ونتيّجة القول أن المراد من الارتداد هنا هو تعريض الجانب الإسلامي للخطر من خلال الالتحاق بجبهة الكفار وتقويتها.

ثم يعقّب الله تبارك وتعالى على الآيات السابقة بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (المائدة: 57).

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو:

لو افترضنا شخصاً توصّل من خلال قراءاته العلمية ودراساته الكلامية والفلسفية إلى أمور مخالفة لثوابته، وبالتالي، تلاشى جزء من منظومته التي كان متيقناً بصحة كل مكوناتها، وبعبارة أخرى فقد إيمانه بكثير من الثوابت الدينية التي كان يُسلمّ بصحتها ويستيقن بحقيقتها، فمثل هذا الشخص هل ينطبق عليه تعريف المرتد؟ وإن كان كذلك فهل يحكم بارتداده ويتم إصدار حكم الإعدام بحقه؟

الجواب هو كلا، لأن تلاشي اليقين بالثوابت والمسلّمات والعقائد السابقة على النحو الذي ذُكر ليس أمراً اختيارياً يملك المرء زمامه، فالإنسان ليس بمقدوره عدم التسليم بالأمور المسُلّمة أو التي أصبحت مُسلّمة له، وقد جاء في تعريف المرتد: «هو الذي يرجع عن الإسلام باختياره». أي أن عنصر الاختيار مأخوذ في تعريف المرتد. إذن، فمن الضروري ومن المهم التمييز بين الارتداد الفكري والارتداد السياسي.

إن الفقهاء ذكروا أمرين يجب توفرهما في المرتد ليكون مرتداً، الأول إعلانه الكفر، والثاني إنكار ضرورة من ضروريات الدين. وبالنظر إلى هذين الأمرين مضافاً لهما الآيات المتقدمة، هل يصح أن نرمي بالارتداد من كان بصدد البحث، ثم عثر على أمرٍ أو بانت له مسألة مخالفة للمشهور؟ وبعبارة ثانية: إن حصل التحوّل في العقيدة أو في جزء منها دون أن يعلن المتحول أو يجهر بذلك، فهل يصح مؤاخذته بتهمة الارتداد أو معاملته على أنه مرتد؟ إنّ دراسة تاريخ الارتداد في عهد النبي‘ ومن بعده الخليفة الأول تُظهر أنّ ظاهرة الارتداد كانت تشكل انقلاباً سياسياً وتياراً مهمته الالتفاف على القيادة النبوية وإجهاضها من خلال بث الفتن وحياكة المؤامرات.

يقول ابن أعثم بهذا الصدد: إن البعض ارتد بعد وفاة النبي‘ ليدّعي النبوة، والبعض الآخر منع الزكاة ليضيق الخناق على المسلمين، وينهك المجتمع الإسلامي اقتصادياً، وبعض رشح امرأة لمنصب النبوة… ([9])إذن، فالارتداد في عهد النبي’ والخليفة الأول لم يكن ارتداداً عقائدياً محضاً وإنما إلى جانب الارتداد العقائدي كان هناك تحريض وفتنة ونفاق. حيث وصل الأمر بطائفة من المرتدين أن تقوم بالالتفاف حول مسيلمة الكذاب مقرة له بالنبوة.

وفيما يتصل بحد الردّة الموجب قتل المرتد، فإن كان الهدف من وراء الارتداد هو التحريض على الفتنة وابتغاء غايات سياسية، فسيكون القتل خارجاً عن دائرة الحدود وداخلاً ضمن دائرة التعزيرات التي تُعَدّ من مَهام الحاكم. كما نوه إلى ذلك المحقق الحلي (602 ـ 276 هـ) في شرائع الإسلام حينما اعتبر أن الارتداد جريمة لا يحكمها حد شرعي، أي إنها خارجة عن نطاق (الحدود) وداخلة ضمن دائرة (التعزيرات) ([10]).

وربما كان السبب وراء دخول الارتداد باب التعزيرات ـ وليس الحدود ـ كونه لا يشكل بمفرده موضوعاً للحكم وإنما ينضم إليه عنصر التحريض والفتنة والنفاق وإفشاء الأسرار العسكرية للمسلمين. يحدثنا التاريخ عن مقتل أربعة من المرتدين في عهد رسول الله‘، لكن الارتداد لوحده لم يكن السبب في مقتل هؤلاء. فعلى سبيل المثال كان من بينهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي أسلم وتعهّد بكتابة الوحي، لكنه وبمرور الوقت أصبح لا يلتزم بما يُلقى إليه، وبالتالي راح يخون الوحي من خلال كتابة ما يحلو له، ثم انتهى به المطاف إلى الخروج عن الإسلام والعودة إلى الشرك، وبعد فتح مكة تم قتله بأمر من رسول الله‘.

المرتد الآخر هو عبد الله بن خطل، وكان في المدينة مصاحباً لرسول الله‘، وقد أمره بجباية الزكاة، لكنّه قتل خادمه ثم ارتد عن الإسلام، فقُتِل أثناء فتح مكة.

الأخرتان هما مقيس بن صبابة وسارة، كانتا أمتين لعبد المطلب لكنهما خانتا المسلمين فَحُكِم عليهما بالقتل([11]).

 

الظروف الزمكانية لإصدار الأحكام

هناك أصل يجب مراعاته عند الاجتهاد واستنباط الحكم الشرعي، وهذا الأصل هو عبارة عن شأن نزول الآيات والظروف الزمانية والمكانية المحيطة بصدور الحكم. أي إذا ما أردنا الوقوف على معالم حكم معين، لابد من ملاحظة الدور الذي لعبه الزمان والمكان وأثرهما على تشريع هذا الحكم. فالشارع المقدس لم يشرع حكماً بعيداً عن الواقع ولم يشرّع حكماً دون مراعاة الفترة الزمنية والظروف المكانية له. وهذا الأمر يصدق أيضاً على الأحكام التي أمضاها الإسلام، فهو إنما أمضاها حرصاً منه ومراعاةً للمصالح الزمنية المترتبة على إمضائها في ذلك الحين.

وهذه الحقيقة تنجر على واقع الارتداد، فمن الضروري عند دراسة الأحكام الصادرة بحق المرتدين ودراسة واقع الارتداد بصورة عامة، ملاحظة الدوافع الكامنة خلف الارتداد، بل ملاحظة سائر الظروف والأجواء التي حصل فيها الارتداد ورافقت صدور الحكم عليه؛ فالتاريخ يحدثنا أن أحد أسباب الردة كان يقف خلفها اليهود، فقد كانوا يؤلفون شبكات للتجسس تعمل على إيجاد أكبر عدد من المرتدين، وقد نزلت بحقهم هذه الآية: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (آل عمران: 72). والمراد بأهل الكتاب هنا: اليهود كما جاء في التفاسير.

ومن خلال نظرة إجمالية للآيات القرآنية نحصل على النتائج التالية:

1ـ إن معظم الآيات القرآنية تدعو الإنسان للتعقل والتدبّر والتفكّر.

2ـ إن القرآن الكريم يحرص على حرية العقيدة وعدم الإكراه في اختيار الدين.

3ـ يؤكد القرآن على الكرامة الذاتية للإنسان.

4ـ حرمة قتل الإنسان إلاّ في موردين تقدم ذكرهما .

5ـ إن قانون العدالة سار على النظام التكويني والتشريعي.

إذن، نستخلص مما تقدم، عدم جواز دفع الإنسان إلى المقصلة بسبب تغيير عقيدته أو نكرانه ضرورة من ضروريات الدين؛ لأنه كما تبين بأن الارتداد لا تترتب عليه عقوبة دنيوية، وأما الردة التي حصلت في الصدر الأول للإسلام والتي ترتب عليها قتل المرتدين فلم تكن محض ردة، وإنما كانت عبارة عن حركة سياسية هدفها تمزيق الجسد الإسلامي من خلال بث الفتنة وممارسة النفاق. فلا يمكنها أن تشكل سنّة للحكم على المرتدين ـ عقائدياً فحسب ـ بالإعدام، وإنما يجب أن تكون أحكام الارتداد أحكاماً تعزيرية يمتلك الحاكم زمامها ويطبقها مراعياً الظروف الزمانية والمكانية.

الهوامش

(*) باحث وأستاذ، من رجالات الإصلاح الديني في إيران.

([1]) انطلاقاً من النظرية التي تميز بين العلم المادي البشري، وبين الثقافة، فالعلوم البشرية هي المعنية بالجانب المادي للإنسان بينما الثقافة هي المعنية بالجانب الروحي والمعنوي لديه ومكوناتها: الفلسفة والفن والدين و…، ولمزيد من الاطلاع راجع:علي عزت بيجوفيتش، الإسلام بين الشرق والغرب. [المترجم].

([2]) مبادى ما بعد الطبيعي علوم نوين «المبادئ الميتافيزيقية للعلوم الحديثة»: سروش، المقدمة: 15

([3]) ابن هشام،السيره النبوية، 2، 126.

([4]) نهج البلاغة، الكتاب:53.

([5]) مطهري: آزادي معنوي «الحرية المعنوية»: 15.

([6]) مطهري: پيرامون انقلاب إسلامي «حول الثورة الإسلامية»: 65.

([7]) مطهري: پيرامون انقلاب إسلامي «حول الثورة الإسلامية»: 65.

([8])الأم، 6: 156.

([9]) صرامي، أحكام مرتد از ديدگاه إسلام «موقف الإسلام من ظاهرة الارتداد»: 129.

([10]) شرائع الإسلام: 4. 147.

([11]) صرامي، أحكام مرتد از ديدگاه إسلام «موقف الإسلام من ظاهرة الارتداد»: 129.

 

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً