أحدث المقالات

ترجمة: علي الوردي

المقدمة  ـــــــ

يعد عنصرا: الدين والتربية حقيقتان مهمّتان لهما تأثير على شتّى مجالات الحياة والممارسات الإنسانية، والقيام بدراسة لآثار وأبعاد هذين العنصرين يتّسم بشيء من التعقيد، وهو ما دعا لأن يكون لهما حيز خاص، ويشغلان مساحة واسعة في أغلب فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية.

إنّ قراءة التأريخ الإنساني الحافل بالأحداث يبيّن بوضوح وجود علاقة متقابلة ومتوازنة قائمة بين الدين والتربية.

من ناحية أخرى، نجد أنّ المبادئ الدينية المختلفة والمؤسسة الدينية أدّت دوراً بالغ الأهميّة في بلورة عنصر التربية وتوسيع رقعة انتشاره، بحيث bإذا ما قمنا بإطلالة على المسيرة التأريخية للتعليم والتربية في مختلف أنحاء العالم، نجد أنّ الدين، وعلى مدى قرون من الزمن، كان أوّل وأهم مؤسسة تعليمية وتربوية شهدتها معظم البلدان، كما أنّ معظم الحكومات قامت بشنّ حروب على الدين بغية الحصول على الزعامة التعليمية والتربوية للمجتمعات آنذاك، لكنّها باءت بالفشلv ([2]).

وبعبارة أخرى: bإنّ الدين، ومن عدّة جهات، لعب دوراً هامّاً في تربية الفرد وتنشأته، ولذلك فإن الصلة بين الدين والفرد التربوي كانت قائمة منذ أمدٍ بعيد؛ ففي الهند القديمة، كان الدين أساساً للتربية، وفي أوروبا شهدت القرون الوسطى دوراً محورياً للدين في مجال التربية والتعليمv([3]).

بالمقابل، كانت التربية أداةً فاعلة مارست دوراً هامّاً في تحقيق الغايات والمبادئ الدينية، كما عملت على إرساء نفوذ الدين في المجتمعات، على أنّ ذلك لم يمنعها في بعض الأحيان من القيام بتهميش دور العقيدة الدينية والحدّ من الإيمان والتمسك به، وأبرز مثال على هذه الصلة، إفراد فرعٍ مستقلّ تحت عنوان: التربية الدينية (Religious Education) ([4]) في أغلب الأنظمة التربوية، سواءً الرسمية منها أو غير الرسمية.

ومثل هذه العلاقة الوطيدة والصلة الوثيقة كانت قائمةً أيضاً بين الجهود العلمية التي تُمارَس في المجال التربوي، وبين التعاليم والرؤى الدينية، أيّ إنّ طبيعة دراسة العملية التربوية وبحثها من ناحية الأسس، ورسم الأهداف والغايات، وتحديد أصول التربية ومناهجها، كان يعتمد بشكل واسع، ولا يزال، على التعاليم والقيم الدينية المتغلغلة في أيّ مجتمع من المجتمعات والمسيطرة على أيّ ثقافة من الثقافات، ولهذا السبب صُبغت التربية، وعلى مدى التأريخ، بصبغة دينية لم تفارقها في أغلب الأحيان bفلقد كانت التعاليم الدينية والتعاليم التربوية على مدى قرون من الزمان مدمجتان بحيث تشكّلان مكوناً واحداً، وحتى في الفترة الحالية هناك مَن استلهم من القيم الدينية التي يحملها من أجل مشاريعه في الإصلاح التربوي أمثال بستالوزي وفروبلv ([5]).

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنّ الدراسات والآراء التي تعنى بالحقل التربوي كرّست، وعلى مدى قرون مديدة، الغايات الدينية وسُبل الوصول إليها وآلية ترسيخها وتجذيرها، بحيث يمكن بكل يُسر ملاحظة آثار ذلك على الفكر التربوي لدى كبار التربويين أمثال كومنيوس والغزالي.

وعلى أية حال، فهناك شواهد عديدة إذا ما أمعنّا فيها سنجد أن الدين والتربية، وعلى امتداد التأريخ، تميّزا بعلاقة وثيقة وتعاطٍ كبير بينهما، سواء على المستوى التطبيقي أم النظري.

وهذه الصلة المتوازنة تعتبر أمراً طبيعياً، إذ على حدّ قول فردريك ماير: bإنّ التربية والدين يعملان من أجل غاية مماثلة، كلاهما من أجل الإنسان، الإنسان الذي يطمحان أن يوصلاه إلى ما يجب أن يكون عليه، تؤرّقهما المادية، وغاية ما يرجوان تكامل القلب والعقل، وإضافةً للحاضر كلاهما يرجو المستقبل البعيدv ([6])، ومن وجهة نظر جائوب: bمن زاوية معيّنة، فإنّ الغاية النهائية لكليهما واحدة، إلاّ أنّه لحدّ الآن لم تُدرك هذه الصلة الوثيقة بينهما بشكل صحيحv ([7]).

غير أنّ هذه المسيرة المشتركة وهذه العلاقة بين الدين والتربية لم يكتب لهما الاستمرار في العهد الجديد وفي الثقافة والمدنية الغربية المعاصرة، وتحديداً في المرحلة التي أعقبت عصر النهضة Enlightenment وتنامي الفكر الحداثوي modernism، وذلك لأسباب متعددة، بل على العكس من ذلك، كُرّست الجهود لعزل التربية ـ سواءً على المستوى التطبيقي لها أم التنظيري ـ عن الدين وما ينبثق عنه من آراء وأفكار وقيم، وجعلها، قدر الإمكان، مؤثرة في الدين غير متأثرة به.

وبالطبع، فإنّ هذا التغيير يعود إلى التحوّلات التي أعقبت عصر النهضة وما شهده من حوادث وثورات فكرية ـ دينية واجتماعية ـ وسياسية عصفت بالمشهد الغربي آنذاك، وكانت نتيجة هذه التحولات إيجاد تغيير شامل في الثوابت والتصورات التي كان يحملها كلّ من العلماء والمثقفين الغربيين عن الدين، كما أدّت إلى تزلزل موقفهم إزاء التراث ومظاهره المختلفة.

ومع ظهور المساعي الإلحادية والتشكيكية المناهضة للدين وإلى حين تراجعها واضمحلالها، بدأت التيارات الفكرية والثقافية والاجتماعية الحاكمة والمسيطرة على الحضارة الغربية، وعلى مدى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بالاهتمام بالدين والتأكيد عليه لكن من خلال اعتباره أمراً شخصياً يمثل علاقة الفرد بالله، وتقليص دوره بحيث لا يتجاوز نطاق الحياة الفردية والأخلاقية والأخروية له، وبهذا يمكن اعتباره حقيقةً لا مناص منها ولا يمكن تجاوزها بل هناك آثار إيجابية تترتّب على ممارسته.

 لكن لا يتم ذلك ـ أي اعتماد الدين ـ إلاّ باعتماد العقل الجمعي ببُعديه البارزين: العلم والديموقراطية، عند ممارسة الحياة الاجتماعية والدنيوية، ومن غير الرجوع إلى التعاليم والقيم الدينية.

وكان لهذا الاتجاه الجديد، المسمّى بالعلمانية ([8]) (secularism) ([9])، دور هامّ في زعزعة أركان الحضارة الغربية ـ المسيحية على وجه التحديد ـ وطمس معالمها، وسوقها باتجاه اللادينية، وهذا الاتجاه قائمٌ على عزل الدين، بشكل حقيقي، بحيث لا يمكنه التأثير على القضايا الاجتماعية والشؤون الحياتية، ويؤكّد على فصل السياسة والدولة والاقتصاد والقانون والثقافة والعلم عن التعاليم والقيم الدينية.

والجدير بالذكر في هذا المضمار أنّه على الرغم من كلّ هذه التحوّلات الواسعة التي طرأت على الفكر الغربي طيلة القرنين الأخيرين، إلاّ أنّ العلمانية، ومن غير أن تشهد تحولاً يذكر، لا تزال تفرض هيمنتها على أهمّ المؤسسات الثقافية والفكرية المكوِّنة للحضارة الغربية.

إضافةً لذلك، بدأ تيّار العلمنة القوي (secularization) يأخذ ـ من أجل الوصول بهذا الفكر ـ العلمانية ـ إلى حيّز التطبيق والممارسة وتكريس رؤاه ليشمل مجالات الحياة الاجتماعية كافّة ـ مجراه، فانتشر بصورة واسعة لتمخّض عنه bفقدان الفكر الديني، والنشاطات والمؤسسات الدينية كافّة دورها وأهميّتها الاجتماعية وعزلها عن الثقافة والفنّ والتعليم والحكومة والإدارة والسياسةv.

وعلى أيّة حال، فإذا ما لوحظت التربية ـ وبأيّ تعريف لها ـ على أنّها نشاط اجتماعي يحصل نتيجة التعامل الهادف بين شخصين على الأقل، سيكون من البديهي، طبقاً للاتجاه العلماني، أن تخرج التربية عن السلطة التي يفرضها الدين وتبتعد عن دائرة التأثير، المباشر أو غير المباشر، للتعاليم الدينية، وبذلك وعلى حدّ قول بول هرست: bبسبب ما تعرّضت له العناصر الدينية، بما لها من دور حاسم في بلورة نمط الحياة البشرية، من جدليّة واسعة وإرهاصات متعددة، وخصوصاً في المجتمعات الغربية المعاصرة، فإنّ المبادئ التربوية تبلورت بعيداً عن الأجواء الدينية.. بحيث رافق ظهور العقلانية (Rationalism) ([10]) في التربية إنكار وتهميش لأيّ دور ممكن أن تؤديه المعطيات الدينيةv ([11]).

ولمّا لم ترفض العلمانية أصل الدين، بل رفضت أن تمنح التعاليم والقيم الدينية صلاحيات مطلقة تجعلها محوريةً في نظرية (الشريعة والحياة) المعروفة، فمن الطبيعي إذأً، وفي صدد التربية، أن تكون bالتربية الدينيةv أحد أركان النظام التربوي الذي يتبنّى تعليم العقائد والأخلاق والأحكام الدينية، ويهتم بتنمية السمات الروحية المتمثلة بالإيمان والتمسّك بالدين.

لكن الاتجاه العلماني يحرص على أن لا تخضع الاستراتيجية العامّة التي ترسم حركة النظام التربوي لتأثير التعاليم والقيم الدينية ([12]).

إذن، تظهر مما تقدّم الأسباب التي دعت لتبنّي النظام التربوي الحديث وعملت على اتساع رقعته لتشمل أرجاء المعمورة كافة وبهذه السرعة الهائلة، وتتلخّص في أنّ النظام التربوي الحديث يتميّز بماهية لادينيّة وطابع علماني، وإنّ غاية الاهتمام الذي يبديه بالدين والقيم الدينية يقتصر على اعتبارها حقائق اجتماعية وثقافية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات البشرية، بحيث لا يمكن تجاوزها إذا ما أريد رسم الخطط ووضع البرامج التربوية، لكن على كلّ حال تبقى العقلانية المستندة إلى الفكر والتجربة الوضعية هي الأساس في عملية التربية والتعليم.

كتاب الدين والتربية، تعريف مختصر  ـــــــ

ونظراً لما تقدّم، تتضح أهمية كتاب (الدين والتربية، اتجاهات إسلامية ومسيحية)، والذي تمّ بجهود كلّ من البروفسور السيد علي أشرف والبروفسور بول هرست، عام 1994م، واهتمّت بطبعه ونشره الأكاديمية الإسلامية في جامعة كمبردج في لندن، فخرج في 237 صفحة.

إنّ المحور الرئيس لهذا الكتاب ـ طبقاً للمقدّمة ونظراً لما يحتوي عليه ـ هو كيفية الوقوف بوجه الزحف الذي يقوم به الاتجاه العلماني وتيار العلمنة للسيطرة على التعليم والتربية المعاصرين.

وقد شاءت الأقدار أن تتمّ هذه الدراسة النقدية في بريطانيا على يد زعماء الفكر الديني المعاصر الذي يمثل أكبر ديانتين تتزعّمان العالم في الوقت الحاضر وهما: المسيحية والإسلام.

اشتمل الكتاب على اثني عشر فصلاً أساسياً، واستنتاج يكشف عن طبيعة العلاقة القائمة بين الدين والتربية، والعلاقة هنا بشكلها العام الشامل لأبعاد النظام التربوي والتعليمي كافة.

والمواضيع التي شكّلت محور الدراسة لدى المفكّرين الإسلاميين والمسيحيين، والتي جاءت ضمن فصلين تحت عنوان مماثل، هي كما يلي:

1ـ هل بالإمكان أن ترتكز التربية والتعليم المعاصرين على أسس دينية؟

2ـ التعليم والقيم الدينية.

3ـ التعليم الأدبي والقيم الدينية.

4ـ التعليم والتربية، الدين والعلوم الاجتماعية.

5ـ الأخلاق بين التربية والتنمية والقيم الدينية.

6ـ تجربة المدارس الدينية التي يشرف عليها مسلمو ومسيحيو بريطانيا.

والمقالات المدرجة في هذا الكتاب عبارة عن مجموعة محاضرات علمية تمّت بجهود البروفسور السيد علي أشرف وبواسطة الأكاديمية الإسلامية في كمبردج، وبمساعدة قسم التربية والتعليم في هذه الجامعة، تحت عنوان bالدين أساس للتربية والتعليمv Religion as the Basis of Education، وذلك عام 1983م، وكذلك bتعليم العلوم والمعتقدات الدينيةv Science Education and Religious Beliefs، وذلك عام 1988م، وقد جاءت على شكل حوار فكري يدور بين باحثين تربويين، إسلاميين ومسيحيين.

وقد أدّت هذه الأبحاث إلى عقد مؤتمر حمل عنوان: (الإيمان عنصر أساسي في التربية والتعليم في بلد متعدّد الأديان ـ متعدد الثقافات) Faith as the Basis of Education in a Multi-Cultural country انعقد عام 1989م، وقد تمّ إرفاق البيان الختامي الصادر عن المؤتمر ضمن ملحق في الكتاب نفسه، احتوى على نقاط جديرة بالاهتمام ولا تخلو من فائدة.

لماذا فشلت مؤتمرات التربية الإسلامية؟!  ـــــــ

ويمكن التعرّف على الأسباب التي دعت لقيام مثل هذه الدراسة، أي كيفية التصدّي للفكر العلماني bوعلمنة التربية والتعليمv Secularization of Education من قِبل المفكّرين الإسلاميين والمسيحيين، من خلال ما جاء في التمهيد ومقدّمتي الكتاب.

كان أنور إبراهيم، الذي شغل منصب وزير التربية والتعليم في ماليزيا سابقاً، ووزيراً للمالية في الفترة التي انتشر فيها الكتاب، والذي اشترك بصورة أو بأخرى في التأليف وفي الإعداد له، كان قد كتب في تمهيده الموجز للكتاب قائلاً: bأحد الأسباب التي أدّت إلى الفشل في تطبيق البنود التي تمخّضت عن خمسة مؤتمرات للتعليم والتربية الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي هو أنّ كثيراً من هذه البلدان تحوي جماعات دينية غير إسلامية، لها حضور فعّال في الساحة، وبالتالي فإنّ على الدول الإسلامية مراعاة هذه الجماعات من خلال أنظمتها التربوية والتعليمية والاستجابة لمطالبها، ولو أدّى ذلك إلى الغفلة عن الجماعات الأخرى اللادينية، ولذلك بات من الضروري دراسة هذه البنود وتقويمها على ضوء التعددية الدينية والثقافية bMulti-faith and Multi-Cultural perspective.

bنظراً لأن الإسلام لا يمثل حقيقة دينية جديدة في العالم، وإنّما هو تجلٍّ نهائي ومكمّل لتلك الحقيقة التي سطعت على الأنبياء السابقين، أليس من الضروري ـ يا تُرى ـ وألا يجدر بنا أن ننطلق في تفكيرنا انطلاقةً إسلامية تجاه المسلمين؟ بل ألا يجدر أن نفكّر بطريقة دينية إذا ما أردنا التواصل مع سائر الجماعات الدينية التي تملأ الدنيا في الوقت الحاضر؟ ثمّ ألا يمكّننا ذلك من اتخاذ منحى ديني مشترك في تعاطينا مع عنصري التربية والتعليم يقوم على أساس واحد وقوي؟v.

بعد ذلك، يسوق أنور إبراهيم دليلين لتأكيد ضرورة اتخاذ مثل ذلك المنحى في التعاطي مع الدين والتربية:

b1ـ إنّ الحقيقة الدينية في الوقت الحاضر وفي أرجاء العالم كافّة خاضعة للفكر العلماني، بل إنّ الدين نفسه يدرّس من وجهة نظر علمانية، فقد هُمّش الدين بحيث أضحى وكأن الله ألقي بعيداً، ومع ملاحظة بُعدي الإنسان، أي الروح والعقل، فإنّ الروح قد تمّ إغفالها؛ الأمر الذي أبدى وكأن سائر القيم وضعية، أخذ المجتمع على عاتقه صياغتها وتنظيمها، ممّا أدّى إلى اعتبارها ـ أي القيم ـ أموراً نسبية تتصل بالحالة الاجتماعية ـ الثقافية، وبذلك ستكون القيم كافة نسبيةً، لا يوجد شيء ثابت منها.

2ـ إذا أراد المسلمون اليوم أن يمارسوا حياتهم وفق الطريقة الإسلامية، فليس بإمكانهم الانطواء على أنفسهم والانزواء، إذاً أليس من الجدير أن نحصل على جوّ ديني بدلاً من الجوّ العلماني الحالي؟v.

ويستنتج أنور إبراهيم من خلال الأدلة التي ساقها ما يلي: bإنّ الطريقة الحصرية التي من شأنها العمل على تنمية الشعور الديني على مستوى العالم هي طريقة الحوار بين الأطراف الدينية في المواضيع المختلف عليها كالتربية ودور الدين، وهذه هي الفرصة المثلى لكافة الفئات الدينية، إذ بإمكانها من خلال المشاركة أن تعمل على إعداد البرامج والخطط التربوية وترسم استراتيجياتها، وبذلك تضمن تنمية الشعور الديني في أيّ بلد من بلدان العالمv.

حالة المدارس والمعاهد العلمانية المعاصرة  ـــــــ

بعد ذلك، ينوّه البروفسور أشرف من خلال مقدّمة الكتاب إلى جهدين متوازيين قام بهما الإسلاميين والمسيحيين للتصدّي للتعليم والتربية العلمانية؛ فمنذ المؤتمر الدولي الأوّل للتعليم والتربية الإسلامية والذي عُقِد في مكة عام 1977م، بدأ يظهر في الأفق جهد حثيث شمل العالم الإسلامي كافّة سعى لإرساء مشروعَي: التعليم الإسلامي، والتربية الإسلامية.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت في ماليزيا مواجهة من نوع آخر؛ فقد قام المسيحيون بمحاولة لإنشاء المدارس المسيحية، ولقد استخدمت المحاولتان ذات الأدوات في مشروعها المتمثل بنقد النظام التربوي العلماني الحديث.

ويشير أشرف إلى محاولته لنقد النظام التربوي الحديث قدّمها للمؤتمر الأول في مكّة عام 1977م، والتي جاء في بعض فقراتها: bإذ إنّها ـ العلمانية ـ تقصي أحد بُعدي الحقيقة الإنسانية المتمثل بالروح وصلتها بالله، ولذلك فهي تنكر إمكانية الوحي والمعرفة الفطرية والهداية الإلهية، بالإضافة إلى أن هذا النظام العلماني يبتني على أيديولوجيا يكون فيها المجتمع هو المنتج للقيم، وهو معيار التقييم، إنّ هذه الأيديولوجيا تمثل bهذه النشأةv وهذه الدنيا فحسب، وليس بإمكانها أن تمنح التربويين فكرةً واضحة عن الحياة بعد الموت أو الحياة الأبديةv.

bإنّ معاهد إعداد المعلّمين تعتمد هذا الاتجاه اللاديني منذ فترة تقترب من المائة عام، والملفت للنظر أنّ التربية الدينية تدرّس في مثل هذه المعاهد وفقاً للرؤية العلمانيةv.

وعليه، يقترح السيد علي أشرف: bأن تكون هناك دراسات وجهود تأخذ على عاتقها استيعاض المفاهيم العلمانية لكافة الفروع العلمية بأخرى إسلامية؛ وذلك من خلال الحياة التي يرسمها والقيم التي يكرّسها كلٌّ من القرآن والسنّةv.

وقد حظي هذا المقترح، وعلى حدّ قوله، بترحيب الباحثين والمفكّرين الإسلاميين في خمسة مؤتمرات دولية للتربية والتعليم الإسلاميين.

ويُبدي البروفسور أشرف ارتياحه لما وجد من رؤيةٍ مناهضة للعلمانية تشاركه بها السيدة روث دكينRuth Deakin ، مستخدمةً ذات الأدوات والمفاهيم. وعلى حد تعبيره، فإنّ الباحثة التربوية المسيحية المذكورة ترى أنّ معظم المدارس (في بريطانيا) تخضع لتأثير الاتجاه العلماني، وتعبّر عن ذلك بقولها: bيمكن ملاحظة نفوذ هذه الفلسفة التي تتمحور حول الإنسان human – centered من خلال تحليل المناهج الدراسية، وإنّ هذا الاتجاه هو ذات الأيديولوجيا الترميزية التي يغذى بها الأطفال بصورة دائمة.

ومع كثير من المعتقدات والأيديولوجيات المختلفة في المجتمع إلاّ أنّ bالإنسانية العلمانيةv تفرض هيمنتها على الخلفية المعرفية للفرد أو المدرسة، ثم تتحكّم بها وتسوقها باتجاه المظاهر المادية، مكوّنةً بذلك قيمة معرفية وإطاراً فلسفياً، يتمّ على ضوئه التدريس في الفروع الدراسية كافة.

ثمّ إن الإنسانية العلمانية تقلّص بشكل كبير من حدود نظرتها إلى الأفكار التي أنتجتها الرؤى والنظريات المختلفة في مجال العلم، كالاتجاه العقلاني والاتجاه التجريبي والاتجاه الطبيعي والاتجاه النسبي، وفي مجال الأخلاق والمجتمع، كالماركسية والليبرالية والإنتاجيةv.

وبحسب ما تراه روث كين، فإنّ المدارس تتبع منهجاً دراسياً لا دينياً (معلمناً)، وتكرّس فلسفةً محدّدة للحياة، وهذا الأمر، من وجهة نظر هذه المفكّرة المسيحية، لا يستجيب لما يروم له المجتمع البريطاني، ويشجّع عليه من التعددية الثقافية، بل هو أمر يثير الدهشة.

bنحن في الحقيقة مع النظام التربوي الذي يعتمد المركزية الثقافية وضدّ التعددية الفلسفية لطلاب وأولياء أمور مختلفين؛ لأنّ ذلك يستدعي قيام معتقدات وتبنّيات مختلفة ومتنوّعة جنباً إلى جنبv.

الحاجة إلى مشروع ديني متعدّد لبناء نظام تربوي  ـــــــ

على أية حال، فقد جهد البروفسور أشرف ـ منطلقاً من جدلية قائمة في المجتمع البريطاني بين الاتجاه العلماني والآخر الديني ـ لكي bيحقق تأليفاً بين الأديان كافة المعترف بها رسمياً في بريطانيا، إذ يتيح لها ذلك ـ إلى جانب الاحتفاظ بتعدّدها وتنوعها ـ الإتحاد فيما بينها؛ ذلك الاتحاد القائم على اشتراكها في الإيمان بالله الواحد المتعالّ والتسليم بما وراء الطبيعة، والإيمان بوجود مفهوم الروح في كلّ فرد يتسم بقيم واستعدادات معينة، والاعتراف بضرورة وجود نوع من الهداية الربانية تميز حياة الإنسان، أمّا التعدد فيكمن في الإيمان بعقائد مختصّة بكل دين على حدة، كما يكمن فيما يرجع إلى المستوى الاجتماعي ـ الثقافي الذي يحدّده كلّ دين من الأديانv.

وبغية الوصول إلى مثل هذا الهدف bيصبح من الضروري إيجاد سُبل للحوار الصريح والحرّ بين المفكّرين والباحثين التربويين ذوي الانتماءات الدينية المختلفةv.

من هذا المنطلق، ومن أجل الوصول إلى حوار يضمّ المسيحيين والمسلمين، قامت الأكاديمية الإسلامية التابعة لجامعة كمبردج في سبتمبر عام 1989م بإقامة ندوة تحمل عنوان: bالإيمان أساس للتربية والتعليم في البلدان متعدّدة الأديان ـ متعددة الثقافاتv، وفي عام 1990م قامت بتشكيل ندوة ثانية ضمّت ستة أديان رسمية في بريطانيا حملت العنوان نفسه، وبحسب (أشرف) فقد حققت الندوتان نجاحاً كبيراً، وتمّ نشر كل ما تمخّض عنهما من حوارات وبحوث.

ويأمل أشرف bبأنّ توسّع الندوة الأخيرة دائرة التعاون بين الأديان، وتمدّ يد العون إلى ذوي النفوذ والمرجعيات المعتدّ بها، ليس في بريطانيا فحسب، وإنّما في أرجاء العالم كافّة، بهدف القيام بتدوين نظام تربوي يبتني على إطار فلسفي يعتمد القيم المستقاة من الأديان العالمية الأصيلة، ويسمح لهذه الأديان بأداء دورها الحاسم إزاء إسناد مثل هذا الإطارv.

كذلك هو موقف البروفسور بول هرست Paul H. Hirst، فبعد أن يشير إلى الحال التي كان عليها التعليم والتربية سابقاً من ناحية صلتهما بدعاة الأديان، يقرّ بأن معظم المجتمعات الحالية وأساليب الحياة المعاصرة تمكّنت من قطع الصلة التي تربط الفرد بالدين والعناصر الدينية وbعرّضت أهمية الدين ودوره الحاسم في الحياة إلى إرهاصات شديدة، وتحديداً في المجتمعات الغربية، مما أدّى إلى إيجاد تعليم وتربية معاصرة قائمة على مكونات وعناصر لا دينية علمانيةv.

ونظراً لما حقّقه العلم من تطوّر في تعزيز قدرته على التحكّم بالإنسان والبيئة المحيطة به، والذي تيسّر عبر التقنية الحديثة، يعتقد بول هرست أنّ هذا الواقع قد أدّى إلى إيجاد حالة من التشكيك في مصداقية أيّ داعية من دعاة العلم والمعرفة، وخصوصاً إذا كانت هذه المعرفة من نوع المعرفة الدينية التي تعتمد مبادئ لا تخضع للعلوم التجريبية، ولذلك فهو لا يستغرب الاستمرار في بناء نظام التربية والتعليم عبر عناصر ومكوّنات لا دينية، ويعتبر ذلك ناتجاً عن نموّ الاستقلال الفكري لدى الإنسان.

ومثل هذه التجزيئية في التربية والتعليم تعتبر في رأي هرست إفرازاً طبيعياً لغياب دور المعطيات الدينية، كدور مفهوم الهداية في التربية.

bلكن اعتبار مثل هذه العقلانية في مجال التعليم والتربية يستدعي ـ بحدّ ذاته ـ دراسةً دقيقة وشاملة، والسؤال هو: هل إنّ التشكيك أو الإلحاد الديني هو النتيجة الوحيدة والمشروعة والعقلية للموضوعات الدينية؟ وهل إنّ التمسّك بتراث ديني محدّد وبمعطياته، ليس بإمكانه منحنا نتيجة عقلانية ومشروعة، بحيث يترتب على ذلك أن لا يكون بمقدور التربية والتعليم الاعتماد على مثل هذه المعطيات والمعتقدات؟v.

يعتقد بول هرست أنّ bالظهور القويّ للإسلام المعاصر والتصدّي لكلّ ما يعتمد على العناصر الدينية من علوم وفنون، أدّى إلى إفراز مثل هذه الرؤية المعاصرةv، الأمر الذي يزيد من أهميّة دعم الاتجاه البنيوي الذي تبنّته الطوائف المسيحية المختلفة.

ويضيف هرست قائلاً: bنحن نمرّ بمرحلة تتّسم بانعدام الثقة ووجود نوع من التشكيك بين الفلاسفة والمفكّرين الدينيين، ممّا يعزز من أهميّة التربية بشكل كبير، والجدير بالاهتمام في مثل هذه الحالة هو الكشف عن الصلات التي تربط المعتقدات الدينية ببعضها، وبيان ماهية التعليم والتربية المعاصرة ومحتواها الواسع، والعمل على تنسيق ومنهجة عملية التعليم والتربية في مجتمعنا الحاليv.

أمّا الآن، فنتحول إلى الفصول الاثني عشر من كتاب bالدين والتربية، اتجاهات إسلامية ومسيحيةv، لنقوم بقراءة إجمالية لعناوينها الرئيسية وما اشتملت عليه من بحوث ودراسات.

قيام التربية والتعليم على أسس دينية، قراءة إسلامية  ـــــــ

b1ـ هل بالإمكان أن ترتكز منظومة التربية والتعليم المعاصرة على أسس دينية؟v (الاتجاه الإسلامي).

يأتي هذا الفصل بقلم حسن عسكري الذي سعى من خلاله لدراسة الأسس الفلسفية لعملية التدريس والتربية والتعليم، وبحث طبيعة اعتماد المناهج الدراسية على الأصول والثوابت الميتافيزيقية.

ويعتبر الكاتب أنّ هذا المقال يأتي بمثابة إجابة على سؤال مفاده: هل بوسع مدرّس علم النفس، أو الاجتماع أو الفلسفة أو التأريخ أو.. أن يعلم حقيقة الأيديولوجيا التي يكرّسها والتي تكمن خلف ستار التدريس الظاهري الذي يقوم به؟ وبعيداً عن الحكم حول طبيعة هذه الأيديولوجيا، فالمهم أن يكون المدرّس قادراً على فهم الجذور الفلسفية لأساليب التدريس والبرامج الدراسية التي يقدّمها؟

وفي رأي عسكري، فإنّ السلوك التربوي الواعي والوضع المثالي بالنسبة للمدرّس هو أن يكون قادراً على فهم فلسفة النظام التعليمي والتربوي الذي يعمل ضمن دائرته، إضافةً لذلك لابدّ أن يكون فهمه هذا حصيلة براهين عقلية وتجريبية.

ويركّز الكاتب على مفردة bالمعاصرةv التي تضمّنها العنوان الرئيسي للفصل، ويرى أن مثل هذا التصنيف الزمني، الذي ينطوي عليه سؤال: هل تختلف التربية المعاصرة عن السابقة من جهة اعتمادها على أسس دينية أم لا؟ يعدّ تصنيفاً سقيماً وغير صائب من وجهة نظر إسلامية؛ إذ إنّ الزمان (المعاصرة، الماضية، القادمة) لا موضوعية له في صدد الإجابة عن السؤال.

بعد ذلك يتحوّل من خلال تحليل مفهوم اللادينية في التربية والتعليم، إلى الاتجاه الإسلامي الداعي إلى bضرورة اعتماد التربية على الأسس الدينيةv، فيتحفظ على كونها تشكّل بنية علمية للمنظومة التربوية، بل يرى أن التعاليم الدينية تتصادم مع الأيديولوجيا المادية المغلّفة بالمنهج التجريبي، فيما الاتجاه الإسلامي المتمثل بالوحي الإلهي يتلاءم مع العقل الإنساني ويتفق معه.

غير أنّ الفرضيات الميتافيزيقية للعلوم الغربية ذات المنحى المادي تختلف عمّا تقدّمه التعاليم الدينية إزاء الكون والإنسان.

وفي النهاية، ذكرت هذه الدراسة أربع ركائز عقائدية ودينية تعتمد عليها المنظومة التربوية، وبحسب الاتجاه الإسلامي فإنّ النظام التربوي والتعليمي ملزم بالاعتماد على هذه الركائز.

قيام التربية والتعليم على أسس دينية، قراءة مسيحية  ـــــــ

هل بالإمكان أن ترتكز التربية والتعليم على أسس دينية في الحال الحاضر؟ الاتجاه المسيحي.

جهِدَ بيتر جي ميشيل في هذا الفصل ليؤكّد ضرورة اعتماد العملية التربوية على الدين، منطلقاً ممّا توحي به التعاليم المسيحية، وقد بدء دراسته بتحليل السؤال الذي تضمّنه عنوان الفصل، ومن ثمّ تجزئته إلى ثلاثة أسئلة محدّدة:

1ـ هل بالإمكان ـ ونحن في القرن العشرين ـ أن نعتمد في تربية الأطفال على المبادئ والمعتقدات الدينية وما يمنحنا إياه الاتجاه الديني؟

2ـ هل هناك ضرورة تلزم المدارس الأكاديمية والمراكز التعليمية في مجتمعنا الحاضر أن تعتمد على أسس دينية في عملية وضع الخطط والبرامج وإعداد المناهج الدراسية بحيث يكون للدين دور حاسم في صياغتها على النحو الذي تكون خاضعة فيه لتأثيره؟

3ـ هل بإمكاننا ومن خلال عملية مشروعة ومعقولة، أن نحدّد أهدافنا التربوية بالاعتماد على اتجاه ديني معيّن، على النحو الذي طرحه آرنولد، كهدف تربوي للمدارس التي أنشأها، والهادفة إلى bتربية رجالات المسيحيّة ومفكّريهاv أو كموقف (تي. اس. اليوت) الذي أصرّ على bأن تعمل المنظومة التعليمية والتربوية على تشجيع الحكمة والقداسةv؟

وقد عمد الكاتب ـ بعد هذا التصنيف ـ إلى تعميق البحث حول هذه المحاور الثلاثة، ليؤكّد من خلالها ليس على إمكان إيجاد صلة بنيوية بين التربية والمعتقدات الدينية فحسب، وإنّما على أهميّة ذلك وضرورته، فهو يعتقد بأنّ: bالتربية والتنشئة الدينية للأطفال، ليست حالةً صحية فحسب، وإنّما هي أنشطة ومهارات متصلة ببعضها، وتتميّز بأهداف وقيم مشتركة يدعم بعضها بعضها الآخرv.

وانطلاقاً من ذلك يرى: bأننا لا نحتاج إلى البحث عن أسس دينية للتربية؛ لأنّ ذلك حقيقة موجود على أرض الواقع، لكن ما يؤسف له هو أنّ العلاقة بين التربية والتعليم والدين لا تفسّر بشكل سليم، وخصوصاً في مجال التربية؛ إذ هناك عوامل كثيرة تعمل على تهميش دور الدين وتسطيحهv.

وعلى كلّ حال، اعتقد بيتر ميشيل ـ من خلال ما قام به من دراسات حول العديد من الاتجاهات التي تفسّر دور الدين في العملية التربوية ـ أنّ وجود الأداء القيمي في العملية التربوية بإمكانه تزويدنا بصورة واضحة عن كيفية اعتماد الاتجاه التربوي على الأسس الدينية، ذلك أنّ الأفعال والنماذج الفردية وأساليب توزيع السلطة في المنظومة التربوية لا يزال خاضعاً لتأثير المفردات الدينية.

ويخلص الكاتب في الختام إلى الاعتقاد بأننا إذا ما أردنا إجهاض النسبية في المعرفة، وذلك نظراً للتجربة التأريخية الطويلة من التعاطي المعرفي بين الاتجاهات الدينية واللادينية المختلفة وللتشابه في مكوّناتها، ونظراً لحقيقة أنّنا لا نعيش بمعزل عن الآخرين، فعلينا، أي من يمثل الطبقة الدينية، إذا ما أردنا تحديد أهداف التربية والتعليم أو رسم الخطط والمناهج للمراكز التعليمية والمدارس الأكاديمية ومراكز تربية الأطفال، أن نعمل وفقاً لأسس ومعطيات ديننا، وتحمّل مهام أخرى تصبّ في تكريس الحوار بين الاتجاهات المختلفة.

التعليم والقيم الدينية، قراءة إسلامية  ـــــــ

جاء هذا الفصل بقلم عبد الله عمر ناصف ([13])، وقد بحث فيه واقع العلاقة التي تربط التعليم بالقيم الدينية من وجهة نظر إسلامية.

ونظراً لوجود صلة تربط الفروع العلمية كافّة ـ وهي التي تشكّل محتوى الهيكل الدراسي الهادف إلى التربية والتعليم بصورة عامّة ـ يشير الكاتب إلى فكرة bشخصية الإنسان والنموّ المتوازنv التي تمّ الإعلان عنها في المؤتمر الدولي الأوّل للتعليم والتربية الإسلامية، على أنّها تمثل الهدف النهائي لعملية التربية والتعليم، ويعتقد بأنّ سائر الفرضيات المتعلّقة بحقيقة الإنسان والتي أدّت إلى إفراز مثل هذا التعريف، تعتبر المكوّن الرئيس لمجمل هذه الصلات التي تربط بين الفروع العلمية المتنوّعة.

ويذهب الكاتب ـ من خلال إعطاء فكرة عن الموقف الذي تشترك به الأديان المختلفة إزاء أصالة البُعد الروحي للحقيقة البشرية ـ إلى أنّ الإنسان إذا استطاع تنمية الصفات والخصال الإلهية في نفسه، عندئذٍ بإمكانه تبنّي الخلافة الربانية على الأرض.

ويضيف: إنّ الإيمان بالله يولّد لدى الإنسان الحبّ له سبحانه، فيعمل هذا الحبّ على إيجاد حالة لديه تدفعه نحو كلّ خير ومعروف، وتصدّه عن كل سوء ومكروه، وبالنتيجة فإن تمسّك الإنسان بالقيم الأخلاقية يشدّ من عزيمته ويدفعه نحو طيّ المراحل التكاملية بجدارة أكبر.

ويقول: bإنّ الحكمة الصادرة عن الدين تعدّ ضرورةً لابدّ من الأخذ بها والتمسّك بفحواها، وذلك فيما إذا كان الهدف من وراء التربية والتعليم إرشادَ الإنسان ـ سواءً باعتباره كائناً بشرياً أو باعتباره خليفة الله في الأرض ـ للعودة إلى فطرته ومعرفة حقيقة منتهاه ومآل أمره، ممّا يمكّنه ويدفعه نحو تحقيق عالَم يسوده السلام والوئامv.

bهل تشترك دراسة العلوم المختلفة في تحقيق هذا الهدف أم أنّها قاصرة عن نيله، وإنّما على العكس من ذلك، تقوم بإيجاد حالة من الترديد لدى الإنسان تؤدّي به إلى الطمع والاستغلال؟v.

و bألا يجدر بالأسس الدينية الميتافيزيقية المتعلّقة بالإنسان والكون، أن يكون لها دور أو تأثير في البحوث العلمية؟.. وألا توجد أطروحات معينة أو أساليب في التدريس تعمل على تكريس الفكر الديني المتعلّق بالطبيعة والحياة بدلاً عن إقصائه؟v.

إنّ عقيدة الكاتب في دور التعاليم والقيم الدينية في مجال التعليم يمكن إجماله بالعمل على بيان حقيقة أنّ الكون مخلوق ومِن وراء خلقه هدف، وإنّ
الخلق يتجه نحو غاية محددة، كما تعمل التعاليم والقيم الدينية على منهجة العلوم وتهذيبها.

وبصدد الإشارة إلى رأي دكسن القائل بحاجة التعليم إلى تركيب ثلاثة أنواع من المعرفة، وهي المعرفة الاجتماعية والبيئية والعالمية، يقول كاتب المقال ـ بعد تأييده لدكسن ـ: إنّه قد أغفل نوعاً رابعاً من المعرفة، وهي المعرفة الدينية التي تدور حولها سائر المعارف الثلاث التي ذكرها.

ويعتقد عبد الله ناصف أنّه ليس من السهل تجاوز آراء العلماء وجهدهم العلمي في وضع المناهج الدراسية للمدارس والتخطيط في حقل البحوث العلمية، إلاّ أنّ تدريس النظريات ونتائج الدراسات والبحوث العلمية وكيفية وضع المناهج يجب أن يتمّ ضمن مراعاة فحوى السؤال التالي: bإلى أيّ مدى تعمل هذه الأمور على تحقيق الهدف الذي خُلق من أجله الإنسان؟v.

bمن الضروري أن يتناسب التعليم مع النظام القيمي ولابدّ من سوقه باتجاه العمل على كشف الحقائق التي تنتهي بالفائدة لصالح الإنسان والبيئة المحيطة بهv.

التعليم والقيم الدينية، قراءة مسيحية  ـــــــ

كتب هذا الفصل بول جي بلاك، وبحسب ما نوّهت إليه المقدمة، فإنّ هذا الفصل يشكّل نافذة على مجموعة من البحوث، لا بحثاً محدداً مستقلاً.

وعلى العموم، فإنّ هذه المرحلة من الكتاب تصنّف إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

القسم الأوّل: ويُطلّ من خلاله على المواضيع الهامّة المطروحة في حقل التعليم، فيما يتبنّى القسم الثاني البحث حول علاقة العلم بالدين مستنداً في ذلك إلى النتائج والنظريات العلمية وإلى الرؤية المسيحية للعلاقة بين علم الوحي والعلم الطبيعي، بينما يهتمّ القسم الثالث بموضوع البحث الرئيس، أي طبيعة الصلة التي تربط العلم بالدين في مجال التربية والتعليم وفقاً للمعطيات المتقدّمة.

ويشير بول بلاك في القسم الأول إلى التحوّلات الأخيرة التي شهدتها المدارس والأكاديميات، والتي شملت دراسات تناولت هدف التعليم في المدارس ومَدَيَاته، ومن نماذج هذه التحوّلات، تحوّل الموقف من تبنّي فكرة عرض نتائج العلوم إلى التركيز على كيفية إنتاج العلم وإعداد المناهج بدلاً عن ذلك، وتحوّل الرؤية التي تفسّر العلم بأنّه نسيج عقلاني وفكري إلى رؤية تفهمه بوصفه نشاطاً ثقافياً، وتؤكّد على ضرورة أن يكون دور النتائج العلمية حاسماً في الجانب العملي، وفي مجال خدمة الفرد والمجتمع.

ويتطرّق الكاتب ـ بعد ذلك ـ إلى ستة من الأهداف الرئيسية للتعليم، ثمّ يحاول تسليط الضوء على مشروعين؛ يحمل الأوّل عنوان: العلم في المجتمع، والثاني العلم في المجال الاجتماعي.

بينما يحتوي القسم الثاني من هذا الفصل على دراسة تأريخية تحليلية لواقع العلاقة بين العلم والدين، مع ملاحظة التقدّم الذي حققه العلم والتراجع الذي مُني به الدين في إطار الفكر الديني المسيحي.

وتبدأ الدراسة باستعراض النجاحات المتعاقبة التي حقّقها العلم، كما تشمل الحديث عن العوامل التي أدّت إلى العديد من الإخفاقات التي مُني بها العلماء، والتي من جملتها حصر منشأ العلم الحديث بالثقافة المسيحية لأوروبا الغربية، تلك المتمخّضة عن الأيديولوجيا المسيحية، مما يدعو لقيام النظريات العلمية على عناصر ميتافيزيقية بحتة غير تجريبية.

وتتعرّض الدراسة في الختام للمهام الأخلاقية الملقاة على عاتق العلماء، والتي تحدّد أساليب البحث العلمي وأصوله.

بعد ذلك تحوّل بلاك إلى ردود الفعل المسيحية إزاء التطورات العلمية، متطرّقاً إلى الأخطاء التي ارتكبها المسيحيون.

أمّا بالنسبة إلى القسم الثالث والأخير من المقالة، فقد قام الكاتب بدراسة طبيعة الصلة التي تربط العلم بالدين في مجال التربية والتعليم، وقد افتتح الدراسة باستعراض النظريات المتعلّقة بماهية التربية الدينية ومهامّها.

وبهذا الصدد، هناك اتجاه يدعو لجعل التربية الدينية ضمن المناهج الدراسية بصفتها منهجاً يمثل البعد الآخر للعلم، وهو اتجاه سائد في التربية العلمانية، في المقابل، يقف الاتجاه الثاني الذي يسعى لتقويم المناهج الدراسية وإعدادها بما يتلاءم ومتطلّبات الدارسين، ومن هذا المنطلق لا يرى ضرورةً تستدعي إقحام التربية الدينية ضمن المناهج الدراسية نظراً لعدم حاجة الطلاب لها.

وهكذا أصبحت التربية الدينية حبيسة تيارين إفراطيين؛ فمن ناحية، قرّر المحافظون والمتمسّكون بالمبادئ والتعاليم الدينية، ضمن تدريسهم للدين، منع قيام أي جدلية حول المبادئ الدينية، والتي من ضمنها التربية الدينية، بعد أن اعتبروها أحد المبادئ التي حملها الدين والتي يجب تبليغها للناس، فيما أباح الملحدون ـ من الناحية الأخرى ـ البحث في المواضيع الدينية بلا أيّ تحفظ منهم على المعتقدات والثوابت الدينية، ودون حدود أو قيود.

لكن الكاتب يرى أنّ السعي لتبليغ الدين وبثه في المجتمع البريطاني قد أخفق، بحيث بات من الضروري على مدرّس الدين المسيحي أن يتعلّم اختيار طريق وسط يوازن فيه بين الحفاظ على مبادئه ومعتقداته وبين طرحها بصورة تتلاءم وحاجة الطلاب، بحيث تمكّنهم من اختيار العقيدة التي يرونها مناسبةً بحريةٍ تامة ودقة متناهية قدر الإمكان.

وفي الختام، يدّعي الكاتب أنّ الدين غير قادر على التواصل مع سائر حقول المعرفة البشرية، لأنّ كل حقل معرفي لا بد أن يتوفر على قدر من الحرية ليتيح للباحث الحركة فيه، وهو لا يتوقع أن يكون هناك نوع من الصلة تربط تعليم العلوم بالدين أو بأيّ فرع من الفروع العقلانية، وذلك نظراً للواقع الذي يشهده تعليم العلوم في المدارس والجامعات.

وفي رأيه، ليس من الضروري أن يرفع المدرّسون مستوى تديّنهم كي يتمكّنوا من تقديم خدمة أكبر وأكمل للدين عبر التدريس، وإنّما الأجدر بهم أن يحاولوا فهم طبيعة العلاقة التي تربط سائر الفروع الدراسية بالمنظومة التربوية ويمعنوا في دور التعليم وآلية تحقيقه لأهداف التربية الرئيسة.

الآداب والقيم الدينية، قراءة إسلامية  ـــــــ

كتب هذا الفصل البروفسور السيد علي أشرف، وقد بدأه بتأكيد الحقيقة التالية: bإنّ طبيعة العلاقة بين التعليم الأدبي والقيم الدينية لا يمكن معرفة حقيقتها واستيعابها بصورة جيدة إلاّ في حال تمكنّا من فهم أهميّة الدور الديني في مجال التربية والتعليم، وأدركنا مدى عمقه وأثره، وإلاّ إذا استطعنا ترسيم الأهداف والغايات المترتبة على عملية التربية والتعليم على ضوء ذلك الدور والعمق والتأثير، وإلاّ إذا أصبح بمقدورنا تحديد حقيقة وآلية ورصد مقدار الأداء الذي يمكن للتعليم الأدبي أن يؤدّيه لتحقيق تلك الأهداف والغايات.

إنّ حقيقة هذه الصلة لا يمكن أن يسدل الستار عنها إلاّ في حال اتضحت ماهية الآداب وهيكلية العلوم الأدبية ومحتواها، وتسنّى فهم المنهج المتبع في تدريسها، وطبيعة العلاقة التي تربط بينها وبين الأهداف المرسومة للتربية والتعليمv.

وقد نوّه السيد أشرف إلى مساعيه السابقة التي بدأها عام 1977م بنشر كتاب قدّم له السيد حسين نصر، وعلى كلّ حال فقد تطرّق أشرف إلى الهدف الرئيس للتربية، والذي نوقش في المؤتمر الدولي الأوّل للتربية والتعليم، وتمّ التأكيد عليه في المؤتمرات اللاحقة.

bيُحدَّد الهدف الذي تنشده العملية التربوية بالنموّ المتوازن لكافّة أبعاد الشخصية البشرية، وذلك من خلال تهذيب النفس والفكر والعقل والعاطفة والحواس الخمس الظاهرية على النحو الذي يسهم في نموّ وتكامل كافة أبعاد الشخصية، المتمثلة بالبعد الروحي والعقلي والخيالي والبدني والعلمي، سواءً على مستوى الفرد
أو الجماعة، وسوق كل هذه الأمور باتجاه عمل الخير والسعي نحو التكامل والرقيv.

ويرى الكاتب أنّ الهدف المذكور هو بحدّ ذاته ما تنشده التربية الإسلامية والدينية وتصبو إليه، ويستند في ذلك إلى الآيات القرآنية والأحاديث القدسية، ويعتقد bأنّ الدين لا يقتصر على سنّ القوانين وتحديد القيم المثالية للتربية والتعليم، وإنّما يهيئ الوسائل كافّة التي تسهم في تحقيق هذه الأهداف؛ فالدين يعلّمنا أنّ العشق هو السبيل الوحيد للوصول إلى الازدهار والكمال التامّينv.

bإنّ محبّة الله ومحبّة النبي تبعث، بصورة ذاتية، على محبّة الخير والإحسان، وتدفع المرء باتجاه تبني القيم العليا، وتسوقه نحو امتلاك ما يسمّيه المسلمون اسم bالبصيرةv، وتأخذه بعيداً عن صخب الحياة وضجيجها إلى الاطمئنان التام، لتنقشع أمامه حجب الارتياب فتُنار بصيرة القلب، ذلك أنّ محبّة النبي تؤدي، وبصورة ذاتية، إلى جعل المرء يميل للحقيقة ويتعلّق بها بشكل مستمرv.

ويعزي أشرف إشكالية الابتعاد عن القيم العليا لدى معظم الناس، سواء على مستوى الممارسة الفردية أو الجماعية، إلى bأنّهم لا يملكون إحساساً باطنياً وميولاً نحو الخيرات، لأنّهم تعلّموا أن يبدؤوا أمورهم بالشك والترديد، لا بالحبّv.

ونظراً لذلك، يعتبر الكاتب دور التعليم الأدبي في تحقيق الأهداف التربوية دوراً بالغ الأهمية والتأثير؛ bذلك أنّ التعليم الأدبي يختلف عن سائر الفروع العلمية الاكتسابية الأخرى كالطبيعيات والاجتماعيات، ويشبه إلى حدّ كبير العلوم الإلهية والوحيانية، ويتجسّد هذا الشبه في طبيعة تلقي العلم وفي طبيعة الإلقاء، إنّ للآداب دوراً مهماً في الكشف عمّا تنطوي عليه بعض الحقائق من حولنا، وهذا الدور يُشبه إلى حدّ بعيد الدور الإيجابي للوحي النبوي، وذلك أنّ كلا الأمرين ـ الآداب والوحي النبوي ـ تجاوزا دائرة الزمان والمكان، وحاولا تكريس الحقائق الكونية والميتافيزيقية للمخاطب، لكن مع اختلاف يسير بين الاثنين، فإنّ الآداب لا زالت محكومة للتجربة والإمكانية التي يشتمل عليها الأديب والفنان، بينما الوحي النبوي ليس مقيّداً بشيء من ذلك، لأنّه يمثل ما يريد الله كشفه عن طريق النبي ومن خلاله، لا ما يريد النبي معرفتهv ([14]).

وعلى أية حال، فمن خلال قيامه بدراسة شاملة ودقيقة لأداء المنظومة الأدبية، والذي ينعكس على القيم والأخلاق الإنسانية، يؤكّد الكاتب على ضرورة الاهتمام بالتعليم الأدبي في مجال التربية القيمية والدينية، ويرى أنّ الصلة بين التعليم الأدبي والقيم الدينية تتمظهر في البوادر الشعرية والقصصية وتتأصّر فيها بصورة تفوق ما هي عليه بين المبادئ الدينية وسائر الحقول العلمية الأخرى.

ويختتم الكاتب الفصل موضحاً أوجه التقارب بين التربية الفنية والتربية التي تعمل على تعميق الحسّ الجمالي لدى طلاب الأخلاق وسالكي درب المبادئ والقيم، وهي تتلخّص في أنّ كلا التربيتين يجمعهما التأكيد على عناصر الجمال المعنوي للإنسان، ويسعيان من أجل تحويل هذه العناصر إلى حيّز التطبيق والممارسة.

بناءً على ذلك، يرى الكاتب ضرورة أن يكون هناك نوع من التناغم والعمل المشترك بين كلا نوعي التربية؛ لأنّ هذا التناغم والعمل المشترك يُسهم في نموّ الشخصية البشرية نموّاً متوازناً، خصوصاً وأنّ ذلك ينعكس على التبني القيمي والمراحل التكاملية للشخصية، فالله في الفكر الإسلامي هو المظهر التام والمطلق للحقيقة والخير والجمال والقدرة، وعلى المنظومة التربوية أن تسعى ـ قدر الإمكان ـ لتنشئة الفرد نشأةً يكون معها محلاً لتجلّي الصفات الإلهية كافّة.

الآداب والقيم الدينية، قراءة مسيحية  ـــــــ

يفتتح استيفن مودكولف هذا الفصل بتقديم خمسة معان للإنسان المسيحي المعاصر، ثمّ يتحوّل بعد ذلك لدراسة دور الآداب في المجال التربوي، مستعرضاً سبعة اتجاهات شائعة بين المسيحيين حول ضرورة وجود قراءات أدبية ضمن القراءات الإلزامية للإنسان المسيحي والسبل المتيسّرة لتحقيق ذلك.

وفي هذا الصدد، حصرت بعضُ الاتجاهات المطالعة الإلزامية بالكتاب المقدّس فحسب، بوصفه النصّ المعنيّ بإصلاح الإنسان وهدايته، فيما نحت اتجاهات أخرى ـ مع رفضها الآداب غير الملتزمة والموسومة بالكفر ـ إلى إلزام المسيحيين بإتمام الكتاب المقدّس عبر إيجاد نوع من الأدب المناسب الذي يحقق الغاية الدينية والتي تعتبر مبتغى الكتاب المقدّس، أمّا الاتجاه الثالث فيؤكّد، بدلاً من الاهتمام بالقيم والمعايير الدينية، على ضرورة التوفيق بين الآداب وبين القيم والمبادئ الأخلاقية، بينما يذهب الاتجاه الرابع إلى تحديد مهامّ الآداب بإنعاش الروح وترطيب الأجواء والتسلية الإيجابية.

وهناك اتجاه آخر يرى أنّ وظيفة الآداب هي القيام بتهييج العواطف والأحاسيس الغائرة في أعماق الإنسان وإشعاره بالمحبّة والعشق، بينما الاتجاه السادس في التعليم الأدبي، والذي تمّ إدماجه في هذا الفصل بالاتجاه السابع، يلخّص الآداب بأنّها مسعى يأخذ على عاتقه bتنمية القدرات الإدراكية والتفاعليةv، باعتبارهما تقنيّتان وآلتان نحتاج إليهما حاجةً ماسة في ممارساتنا اليومية وذلك لأنّ bمهام هاتين الآلتين لا تقتصر على عملية فهم الآخرين، وإنّما تعتبر ذات مدخلية في فهم ثقافتهم أيضاً؛ ليس في بلد واحد وإنما في سائر البلدان وبين أفراد البشر كافّةv.

ويقوم الكاتب ـ بعد هذا العرض ـ بشرح مفصّل لآراء كلّ من رواد هذه الاتجاهات، متبعاً هذا الشرح بدراسة نقدية تحليلية، تلقي الضوء على طبيعة العلاقة التي تربط التعليم الأدبي بالقيم الدينية، وفق معطيات كل اتجاه من الاتجاهات السابقة.

وعلى ما يبدو لنا، فإنّ مثل هذه التعددية في الآراء ومثل هذا الجدل حول التعليم الأدبي بالإمكان ملاحظتهما في كلّ ثقافة وبين أتباع كلّ دين.

التربية والتعليم، الدين والعلوم الاجتماعية، قراءة إسلامية  ـــــــ

إنّ ما تمنحه العلوم الاجتماعية المعاصرة من دور حاسم للحضارة الغربية في الفكر الإنساني جعل إلياس يونس ينطلق في هذا الفصل مستقصياً جذور الاتجاه الإسلامي الممتدّة في الأسس الاجتماعية بحسب ما احتوت أعمال أشهر الكتـّاب الإسلاميين.

فضمن تعرّضه لواقع العلوم الاجتماعية المعاصرة التي باتت تحت رحمة الفكر والنظريات والمعايير الغربية، يبدأ إلياس بدراسة إجمالية لطبيعة العلاقة التي تربط العلوم الاجتماعية بالدين، ويؤكد ـ من خلال المقارنة بين الأخيرين والوقوف على النقاط المشتركة بينهما ـ على حقيقة مفادها أنّ العلوم الاجتماعية المعاصرة، شأنها شأن الكثير من العلوم البشرية الأخرى، لم تبنَ على أسس دينية وأيديولوجية، بل إنّها تختلف مع الدين اختلافاً موضوعياً وتصطدم معه، كما هي الحال في العديد من الظواهر الأخرى.

ولذا لا نجد، لحدّ الآن، اتجاهاً اجتماعياً معتداً به يحمل طابعاً دينياً، كالنظرية المسيحية في علم الاجتماع على سبيل المثال.

وبصدد تحليل هذا الواقع، يرى الكاتب أنّ ظاهرة تبلور ونشوء علوم اجتماعية غربية لادينية سببها انقياد العلماء الاجتماعيين للمنهج التجريبي انقياداً مفرطاً، ويشير إلى أفكار أوغست كونت (1857 ـ 1798م) Conte Auguste وغيره من مؤسّسي علم الاجتماع المعاصر المتمخّض عن التجريبية المفرطة.

بالإضافة إلى ذلك، حاول الكاتب دراسة ظاهرة اعتماد العلوم الاجتماعية على البحث العلمي الذي يعتمده المنهج التجريبي، كما حاول الوقوف على الأصلين المهمّين المعتمدين لدى العلماء، وهما النسبية والحيادية في التقويم، وهما السمة الواقعية للبحث.

وقد نوّه إلى مشاكل البحوث الاجتماعية المتمثلة في انحياز الباحث وانحياز البحث، وبالتحديد انحياز الباحث وعدم مراعاة الحيادية في التقويم، الأمر الذي ابتلي بها الباحثون الاجتماعيون.

بعد ذلك، يتحوّل الكاتب إلى الفقرة الأخرى من المقالة؛ ليبحث فيها حيثيات العلاقة بين الإسلام والعلوم الاجتماعية، فيرى أن bليس بالإمكان أن يجتمع تشكيك الباحثين الاجتماعيين مع العقيدة الدينية، ولا من المعقول أن تتفق الأسس اللادينية للنشاط العلمي التي يعتمدها باحثو علم الاجتماع الغربي مع أسس الدين الإسلامي، ولذلك فنحن بحاجة إلى علم اجتماع يمنح المسلمين تصوّراً صحيحاً عن الدين والمجتمع الذي بات أكثر تعقيداً وغموضاً، كما يُسهم في بيان الآليات التي تمكّن الدين من مواجهة مستجدّات الحياة ومقتضياتهاv.

ويحاول إلياس يونس بعد ذلك تسليط الضوء على العلاقة التي تربط علماء الاجتماع الإسلاميين بباقي علماء الأمّة ورجال الدين، ويرفق ذلك بجملة من الاقتراحات التي تسهم في بلورة مشروع يعمل على إيجاد علم اجتماع إسلامي متكامل.

إنّ الهدف من علم الاجتماع الإسلامي هو bدراسة واقع الأمّة ومعرفة طبيعة حركتها ونشاطها كأمّة مجتمعة متوحّدةv.

وللبدء في هذا الطريق، فإنّ أولى الخطوات هي إعمال الفكر للخوض في التراث الديني المتمثل بالقرآن والسنة، من أجل التوفر على مكوّنات علم الاجتماع الإسلامي، وثانيهما دراسة واقع المجتمع، بشقيه الإسلامي وغير الإسلامي، انطلاقاً من المبادئ الإسلامية، واعتماداً على منهجية محدّدة لقراءة هذا الواقع.

وتتلخص الخطوة الثالثة بصياغة خطّة عمل مهمّتها تقليص المعضلات الاجتماعية للأمّة الإسلامية وإجهاضها، معتمدةً في ذلك على الاتجاه الإسلامي.

ويستمرّ الكاتب، معمّقاً شرحه لهذه الخطوات وفقاً لما يراه، ضمن هذه المراحل: bكيف تبدأ الحركة ومن أين؟v وbأسس علم الاجتماع الإسلاميv وbالبحوث النظرية والتطبيقية للمشروعv.

ويختتم المقال بالتنويه إلى الازدواجية التي يعاني منها النظام التعليمي في العالم الإسلامي والمتمثلة بالطابع التقليدي تارةً وبالعلماني أخرى، ويرى أن الحلّ الوحيد لهذه المعضلة يمرّ عبر bأسلمة التربية والتعليمv و bأسلمة الجامعات والمؤسسات العلمية من خلال استقطاب علماء الأمة ومثقفيهاv، وفي رأيه: bلا يوجد أدنى شك بأنّ القضاء على هذه الظاهرة bعلمنة العلومv لا يتم إلاّ من خلال bالأسلمةv، أي التأكيد على القرآن الكريم والسنّة الشريفة وسائر مصادر التشريع الأخرىv.

التربية والتعليم، الدين والعلوم الاجتماعية، قراءة مسيحية  ـــــــ

يبدأ جراهام هافيز هذا الفصل بالتطرّق إلى أربع من خصائص علم الاجتماع، يتحوّل بعدها إلى دراسة المفاهيم العلمانية التي جعلت العلوم الاجتماعية المعاصرة عرضةً للتراجع والانهيار، وبحسب الكاتب، فإنّ هذه المفاهيم عبارة عن: العلمنة والإيجابية والتصنيف والإنتقالية.

يقوم الكاتب بدراسة هذه المفاهيم وما تعتمد عليه من بنى معرفية مستنداً في ذلك إلى جملة من النظريات التي تفرزها الفلسفات المعاصرة كالظاهرية وفلسفة اللغة (دراسات فتغنشتين) (1951 ـ 1989م) Wittgenstein, Ludwig ، إلى جانب آراء أبرز المنظّرين الاجتماعيين، ليخلص إلى القول بأننا نلاحظ ظهور حركة ترافقها تحوّلات سريعة، سواءً على المستوى النظري لعلم الاجتماع المعاصر أم على المستوى التطبيقي له، تتّجه من الأيديولوجيا العلمانية صوب الاتجاه الديني.

في الفقرة اللاحقة من المقال، ومن خلال استعراضه للرؤية التي يكوّنها شارلز جيلاك عن الدين والأبعاد الخمسة التي يرسمها له، يرى الكاتب أنّ القراءة العلمية للدين لا تتم إلاّ من خلال هذه الأبعاد الخمسة، ولذلك فإنّ الاتجاه السائد حالياً في علم الاجتماع يعتبر الدين منظومةً غير متكاملة.

وقد أشكل الكاتب على التصنيف الذي أقرّه جيلاك واعتبره مقصياً لأبعاد أخرى مهمّة للغاية، كالإيمان والإشراق والبصيرة، والتي يعتبرها بعضهم أموراً مقدّسة أو معنوية لا صلة لها بالموضوع.

ويرى بصدد السؤال الذي أثاره البروفسور أشرف في المؤتمر، عن آلية استبدال المفاهيم العلمانية للعلوم الاجتماعية بأخرى إسلامية، أنّ هاتين المجموعتين من المفاهيم لا تتفق ولا تتلائم مع بعضها، وبينها صراع وتنافر مستمرّ، وتعمل إحداهما على إقصاء الأخرى.

والحصيلة النهائية التي يخرج بها الكاتب: bأنّ العلوم الاجتماعية لا يمكنها أن تتخطّى الأيديولوجيا الإلهية إطلاقاً، فإنّ الدين يقدّم تفسيراً خاصاً للكون والظواهر الاجتماعية، وغاية ما يمكن أن تقوم به العلوم الاجتماعية أن تكون عقبةً في طريق هذا التفسير لا أن تقصيهv.

التربية الإسلامية والتنمية الأخلاقية  ـــــــ

يعقد الكاتب ـ البروفسور أشرف ـ هذا الفصل؛ ليسلّط من خلاله الضوء على الصورة الأخلاقية التي تعكسها مبادئ التربية الإسلامية، وبعبارة ثانية، ليوضح دور التربية الإسلامية في نموّ الحركة الأخلاقية وتطوّرها عند المسلمين.

ويرى أنّ التربية الإسلامية تمكّنت من تحويل كلّ من حرّية الاختيار وحرية أداء المهام والواجبات الدينية إلى قوانين ومبادئ أخلاقية.

وقد تطرّق الكاتب إلى دور الأخلاق والقيم الخلقية وأهمّيتها في نموّ الإنسان نمواً متوازناً سوياً، كما تمكّن من استنطاق الكثير من الآيات والأحاديث ليحصل من خلالها على مبادئ خلقية بالغة الأهمية، خصّ بالذكر منها بحثه الذي تناول فيه قصّة خلق آدم % ونشأته وأمانته واستخلافه على الأرض، واعتبرها من أجدر الرموز التربوية التي يجب على كلّ تربوي الالتفات إليها.

وقد استطاع أشرف، ومن خلال استخدامه لكثير من المفاهيم الإسلامية واستعماله لها في البحوث الأخلاقية، أن يبيّن إمكانية استخدام التراث الإسلامي للتنظير التربوي في حقل التربية الأخلاقية والقيمية، وقابليّته ـ في الوقت عينه ـ على تلبية متطلبات الإنسان المعاصر وحاجاته.

وقد اعتبر أشرف أن البحوث الأخلاقية جزء من الواجبات العينية الملزم بالالتزام بها سائر المسلمين، وذلك انطلاقاً من التصنيف الذي يقرّه معظم علماء الإسلام والذي يقضي بتصنيف علوم الشريعة الإسلامية إلى قسمين: علوم واجب تعلّمها على نحو الوجوب العيني، وأخرى واجب تعلّمها على نحو الوجوب الكفائي.

في الفقرة الأخرى من المقال، تعرّض أشرف لبيان جذور الاختلاف بين الاتجاهين الإسلامي والعلماني في حقل التربية الأخلاقية، محاولاً نقد الاتجاه العلماني، دون أن يترك الإشارة إلى نقاط الالتقاء التي تجمع الاتجاهين، مع اعتقاده أنّ الاختلاف بينهما في مجال التربية الأخلاقية أكبر بكثير من عناصر الاتفاق.

ويعزو أشرف هذا الاختلاف البنيوي بين الاتجاهين إلى نظرة كلّ منهما إلى حقيقة الإنسان وذاته المثالية ([15]).

التربية الأخلاقية والتربية الدينية، قراءة مسيحية  ـــــــ

يحاول جون جيريز ـ مؤلّف هذا المقال ـ دراسة عناصر الاختلاف بين التربية الأخلاقية والتربية الدينية، منتقلاً لبيان الصلة بين الدين والأخلاق، وفقاً للرؤيتين الدينية والعلمانية.

ويركّز بحثه حول العلاقة بين اللاهوت المسيحي والموضوعات الأخلاقية، ثم ينتقل إلى دراسة مراحل النمو الأخلاقي (نظرية كهلبرج) المطروحة في علم النفس.

ويعتقد الكاتب أنّ bنظرية النموّ الأخلاقي لكهلبرج تشكّل قالباً ملائماً للتربية الأخلاقية، وأنّ اللاهوت المسيحي يتمتّع بمحتوىً يمكّنه من التقولب ضمن هذا القالب المقترَحv.

ويتجاوز الكاتب ـ بعد ذلك ـ مرحلة التنظير ليتحوّل إلى التطبيق والممارسة، فيقوم بعرض أنموذجين هامّين لعملية التربية الأخلاقية التي تتمّ بالاعتماد على القيم الدينية، ومع الأخذ بعين الاعتبار نظريات كلّ من (آلن بوشك) و (رزماري هاوتن)، يرى أنّ مهمّة التربويّ المسيحي bلا تنحصر بطرح نظام جامد من القواعد والنظم الأخلاقية، وإنّما إعداد الفرد المسيحي بنحو يمكّنه من العيش والتأقلم مع العصر الجديد، وفي الوقت نفسه يعلّمه كيف يقدّس الواجب الذي يتعلّق به والمتمثل في آلية اتخاذ القرارات الشخصية وكيفية الاستجابة للنداء الربّانيv.

المدارس الدينية في إنجلترا  ـــــــ

يتضمّن الفصلان الحادي والثاني عشر تقارير مفصّلة عن واقع المدارس الدينية المتعلّقة بالمسيحيين والمسلمين في بريطانيا، والتي تبنّت الرعاية الدينية لأبناء الأسر ذات الاهتمام الديني، كما يتضمّن شرحاً لطبيعة عملها ووجودها إلى جانب وزارة التربية والتعليم الرسمية التابعة للحكومة.

واشتمل معظم الفصلين على مواضيع تتعلّق بالمجتمع البريطاني، نتجنّب التطرّق إليها.

الحصيلة  ـــــــ

ينوّه البروفسور السيد علي أشرف في نهاية الكتاب إلى أنّ الطلاب المسيحيين والمسلمين قاموا في هذه المجموعة (الكتاب) بدراسة نوعٍ من الصلة والعلاقة أحسّوا أنّ كينونتها بين المعتقدات الدينية وبين سائر الفروع العلمية المختلفة أمر ضروري وهام، سواء على مستوى المحتوى أو المنهجية العلمية bإنّ تنمية سائر أبعاد الشخصية التربوية يستدعي استغلال العلوم القيّمة كافة التي يمتلكها الإنسان، وقد جهد المؤلفون في هذا الكتاب لإبراز دور التجربة الدينية وأهميّتها، والكشف عن طبيعة العلاقة بين الإنسان والخالق، ويعززوا إمكانية إيجاد أسس ومنهجية تحمل طابعاً تربوياً في حقلين من حقول البرنامج الدراسي المتبع في مدارس العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، ويذكّروا بضرورة هذا الأمرv.

خاتمة واستخلاص  ـــــــ

نظراً لأهمية ما انطوى عليه الكتاب من أبحاث عميقة ومختلفة، فإن القراءة الفاحصة والدقيقة له تعود بالفائدة على الباحثين الإيرانيين، وذلك من جهات عديدة:

1ـ تؤكّد معظم الأديان، ومن ضمنها المسيحية، على ضرورة مواجهة العلمانية التربوية، وبالإمكان التوفر على التجارب التي حصلت للأديان جرّاء التصدّي لهذه الظاهرة العالمية، المسيطرة على النظام التعليمي والتربوي، من خلال إيجاد سبل للحوار بينها.

2ـ إنّ الجهود التي تصبّ في مسار بناء نظام تربوي يمثل مجموعة متجانسة تعمل وفقاً للأسس والمبادئ الدينية، تنعكس على أبعاد ومكونات النظام التربوي كافة، إضافةً إلى أنها تشارك في إرساء وتدعيم منظومة التربية الدينية، بمفهومها المحدّد، ضمن دائرة الأنظمة التربوية.

ولا يخفى ما يلفّ هذا المشروع من صعوبة وعسر، نتعرض لجزء منه، على المستويين النظري والتطبيقي، ونحن في ظلّ عملية الإصلاح الجذري لنظام التربية والتعليم لدينا، ولذلك فمن الضرورة بمكان الوقوف على تجارب الآخرين والاهتمام بما يقدّمونه من آراء وأفكار.

3ـ إنّ الحوار بين المسلمين والمسيحيين في هذا المجال ضروريّ وهام جداً، وعلى ما يبدو فإنّ مثل هذا الحوار والتلاقح الفكري لابدّ أن يجري بين الاتجاهات الإسلامية المختلفة أيضاً، وذلك لأنّ المجتمعات الإسلامية كافة تواجه ذات الإشكالية والصعوبة ممّا يعزز أهميّة الحوار وتبادل الرؤى في هذا الحقل.

4ـ من مشروع حوار الحضارات الذي تبنته الجمهورية الإسلامية الإيرانية وما حظيت به من استقبال حافل، يمكن لعنصري الدين والتربية أن يشكلا أبرز محاور الحوار الثقافي والحضاري، وذلك لأنّ الدين والتربية عنصران فاعلان يمتازان بدور محوري في عملية التغيير التي تشهدها سائر المجتمعات الإنسانية، وتعتبر اليوم فاعلية هذين العنصرين مثاراً لجدل واسع.

ولابد من الأخذ بعين الاعتبار أن آلية التصدّي لظاهرة العلمانية المتسمة بحداثة الظهور والقوّة في الوقت نفسه، يقتضي ـ قبل كل شيء ـ دراسة معمّقة للأسس الفلسفية والكلامية والخلفيات الاجتماعية والثقافية لها، إلى جانب عرض أنموذج تربوي بديل يعتمد الأسس والمبادئ الدينية.

إن هذه المهمّة تحتاج إلى فهم الدور الحصري والمتميّز للعلوم التربوية في مجال التربية والتعليم، كما تتطلّب جهداً فكرياً وعملياً مستمداً آلياته من التعاليم الدينية من أجل البحث والتنظير في هذا الحقل العلمي.

ولذلك، فإنّ الجهود العلمية المبذولة التي تعمل على إيجاد سبل عملية مناسبة تقوم بالتصدي لظاهرة التربية العلمانية التي فرضت نفسها على النظام التربوي والتعليمي المعاصر، كما هي الحال في الأنموذج القيّم المتمثل بكتاب bالدين والتربية، اتجاهات إسلامية ومسيحيةv، فهذه الجهود والمساعي كلّها لا يمكن لها أن تحقق أهدافها بمنأىً عن الرؤى والنظريات التأسيسية التي تقدّم الحديث عنها، آملين من التربويين الدينيين في مجتمعنا الإسلامي أن يخطوا خطوات جادّة وفاعلة في هذا المجال.

*    *     *

الهوامش


(*)  باحث مهتم بالعلوم التربوية.



[1] ــــ Religion and Education; Islamic and Christian Approaches.

[2] ــــ علي محمد وعدد من مساعديه، فلسفة التعليم والتربية 1: 107، مديرية شؤون الحوزة والجامعة، 1993م.

[3] ــــ جائوب اس . بي: bالدين والتربية والتعليمv: 30، 31، مجموعة مقالات في التربية والتعليم الديني، ترجمة شهاب الدين مشايخي راد.

[4] ــــ راجع: الموسوعة الدولية للتربية، تعريف التربية الدينية.

[5] ــــ فردريك ماير، تاريخ الفكر التربوي 1: المقدّمة، ترجمة: علي اصغر فياض، مطبعة سمت، 1998م.

[6] ــــ المصدر نفسه.

[7] ــــ المصدر رقم 2 من المصدر السابق.

[8] ــــ العلمانية في اللاتينية تعني العالم أو الدنيا، ثم استعمل المصطلح من قبل مفكّري عصر التنوير بمعنى المصادرة الشرعية لممتلكات الكنيسة لصالح الدولة، ثم تمّ تبسيط التعريف ليصبح فصل الدين عن الدولة، ولقد تطوّر المعنى ليصبح أكثر شمولاً، فالعلمانية هي العقيدة التي تذهب إلى أنّ الأخلاق لابدّ أن تكون لمصالح البشر في هذه الحياة الدنيا، واستبعاد كل الاعتبارات الأخرى المستمدة من الإيمان بالإله أو الحياة الآخرة [المترجم].

[9] ــــ للوقوف على مفهوم العلمانية ونقدها راجع كتاب: سيد محمد، نقيب العطاس، الإسلام والعلمانية، أحمد آرام، طهران، 1995م؛ عبد الله جوادي آملي، نقد العلمانية، العلاقة بين الدين والدنيا، قم، 2002م؛ محمد تقي جعفري: فلسفة الدين، طهران، 1999م.

[10] ــــ العقلانية: أسلوب في التفكير والتفلسف، يقوم على العقل، وهي تعني قدرة الإنسان، في حياته اليومية وممارسته المعرفية، على المحاكمة الواعية، بعيداً قدر الإمكان عن تسلّط المشاعر والعواطف، وعلى وزن كافّة الاعتبارات لصالح أو ضدّ الاختيار المعني، وعلى السعي لتعليل أقواله وتصرفاته [المترجم].

[11] ــــ كتاب الدين والتربية (الكتاب المعني بالبحث الحالي) مقدّمة بول هرست.

[12] ــــ للحصول على معلومات أدقّ حول العلمانية التربوية راجع كتاب: ماهية التربية الدينية، خسرو باقري، طهران، 2001م، الفصل الثاني (فارسي).

[13] ــــ ترجمة هذا الفصل إلى اللغة الفارسية موجودة في الكتاب الثالث من كتب التربية الإسلامية، تحت عنوان bالتربية الدينيةv، والذي نشر بواسطة مركز دراسات التربية الإسلامية عام 2000م.

[14] ــــ فلو كان الوحي يمثل ما يريد النبي معرفته لتقلّص وتحدّد في نطاق دائرة النبي وأصبح كالآداب مقيّداً بتجربة النبي وإمكانياته، فيما الوحي إرادة ربانية مطلقة غير محدودة [المترجم].

[15] ــــ الذات المثالية (ideal self): الصورة التي يودّ الشخص أن يكون عليها [المترجم].

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً