أحدث المقالات

عالمٌ مهجور ونقّادٌ حصيف

الشيخ فاضل الميبدي(*)

ترجمة: السيد حسن علي مطر الهاشمي

إن الإسلام يقوم على العقل. وإن الشيخ صالحي النجف آبادي يرى آفة العقل في الغلو. وإن الذوبان في شخص يؤدي إلى تعطيل العقل والسقوط في شباك الغلو والعصبية. وهو أمر شائع في العالم الثالث.

لماذا لا تخصِّص مؤسسة الإذاعة والتلفزة التي تدار بميزانية هذا البلد ولو نصف ساعة لعرض أفكار الشيخ صالحي النجف آبادي؟! فما هو الذنب الذي جناه؟ إذا كانت الحرية الفكرية ذنباً فصرِّحوا بذلك حتى لا يكثر الناس من ارتكاب مثل هذه الذنوب.

كان حديث الشيخ النجف آبادي يدور حول صحة السند بشأن الأحاديث، والبحث الدلالي عن الأساليب النقدية السابقة، ولكن تسود حالياً نقود أخرى، ومنها: النقد التطبيقي لمعنى النصّ.

 لا إشكال في حرمة تولي المرأة منصب القضاة في الإسلام، من حيث السند والبحث الدلالي، ولكن ينبغي في نقدها أن نأخذ بنظر الاعتبار مدى تطبيقها في المجتمع المعاصر؛ إذ ينبغي في الدين أن يلبي حاجة الحياة ومتطلباتها، فإذا لم ينفع في تلبيتها لا يكون نافعاً إلا في الليلة الأولى من القبر.

ومن الممكن أن يكون لكل شيءٍ تعريفٌ صحيح في عصره، إلا أن هذا لا يصدق في العصر الحاضر.  وإن المفاهيم، ومن بينها المفاهيم الشرعية، آخذة في التحول والتطور والتكامل.

يمكن تطبيق ما ذكروه ابن خلدون من تحكيم العقل والنقد المضموني بوصفه واحداً من الأساليب النقدية في النصوص الدينية أيضاً، مضافاً إلى وجوب إثبات صحة الروايات بعرضها على روح القرآن. وروح القرآن هي العدل. وعليه إذا تعارضت رواية مع روح القرآن وجب ضربها بعرض الجدار. مثلاً: إذا كان من العدل اعتبار دية المرأة نصف دية الرجل في زمنٍ ما فيجب في العصر الحاضر قياس هذا الموضوع على أساسٍ من العدالة الراهنة.

إنّ العدالة مفهوم عرفي ومتغير. وإن الشيخ النجف آبادي يرى أن الدين الذي بأيدينا معيوب، وبحاجة إلى عملية إصلاح جادّة. وإن كتاب «شهيد جاويد» أول مؤلف علمي في هذا الاتجاه.

لقد استعرض الشيخ النجف آبادي في هذا الكتاب مسألة الحكومة الإسلامية. ووجد أن الحكومة التي يراها الإسلام هي التي تقوم على آراء الناس، أي إن الحاكم الديني إنما يحق له تشكيل الحكومة إذا كان مدعوماً بآراء الشعب، وقال في هذا الكتاب: إن الإمام الحسين× إنما سعى إلى إقامة الحكم عندما ألجأته استغاثات المسلمين، من خلال الكتب الكثيرة التي أرسلوها إليه.

 وللدكتور شريعتي والشيخ المطهري رسائل إلى الشيخ النجف آبادي حول كتاب «شهيد جاويد». وإن هذين العلمين، وإن كانا يخالفان الكثير من مسائل هذا الكتاب، إلا أنهما قد ناقشاه بعلمية.

على عالم الدين أن لا يحصر نفسه داخل الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالعلم. وقد كان الشيخ النجف آبادي من هذه الناحية ابن إدريس عصره، فقد كان ابن إدريس الحلي أول عالم تمكَّن بعد قرنٍ من الزمن من تجاوز الخطوط الحمراء التي أحيطت بها آراء وأفكار الشيخ الطوسي، وقدّم العقل بوصفه واحداً من مصادر التحقيق.

 ____________________________

(*) باحث وأستاذ، من رجالات الإصلاح الديني في إيران.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً