أحدث المقالات

تحليلٌ «إيثولوجي»، ومقارنةٌ بـ «رجوع المقلِّد إلى المجتهد»

الشيخ أبو القاسم علي دوست(*)

السيد رضا الشيرازي(**)

ترجمة: حسن علي مطر

المقدّمة

إن دراسة أدلة الاجتهاد والتقليد توصلنا إلى نتيجة مفادها: «ليس هناك من دليل ـ جامع لشرائط الحجّية ـ يدلّ على أن الشارع قد أذن أو أوجب العمل على طبق رأي المجتهد»([1]).

كما صرَّح الفقهاء ـ من ناحيةٍ أخرى ـ بأن أهمّ الأدلة وأقواها على التقليد هو بناء العقلاء على «رجوع الجاهل إلى العالم»([2]).

ولكي نتمكن من التمسّك ببناء العقلاء في الفقه، بوصفه مستنداً في الأحكام الشرعية، يجب علينا أن نطوي المراحل التالية:

ـ الحصول على بناء العقلاء بنحوٍ من الأنحاء.

ـ إثبات استمرار السيرة العقلائية إلى عصر المعصوم×.

ـ إثبات حجّية السيرة العقلائية.

إن أكثر الأبحاث المطروحة بشأن السيرة العقلائية تركّز على المرحلة الثالثة (إثبات حجّية السيرة العقلائية). وقد اقترح الشهيد الصدر آليات للمرحلة الثانية([3]).

إن النكتة الجدير بالاهتمام، والتي يبدو الالتفات إليها ضرورياً عند البحث في المرحلة الأولى، هي توهُّم البناء والسيرة حيث لا وجود لمثل هذا البناء وتلك السيرة. «إن ادعاء بناء العقلاء دون سندٍ معتبر، واختيار الأداة غير الكاشفة في هذا الشأن، من شأنه أن يؤدّي في مجموع الفقه إلى إصدار أحكامٍ غير صحيحة. إن اجتياز المسافة بين توهّم بناء العقلاء إلى حقيقة الأمر في ذلك يحتاج إلى تدقيقٍ، وربما البحث في مجموع الآراء المطروحة من قِبَل العلماء في هذا الشأن، والرجوع إلى القوانين الوضعية، والعمل الميداني. وإن الاكتفاء والتعويل على المرتكزات الشخصية لا يُجْدي نفعاً»([4]).

ندعو القارئ إلى التدقيق والتمعّن في هذه العبارة: «إن الإعراض عن الشيء [البضاعة] يوجب خروج الشيء [البضاعة] عن الملكية؛ وذلك لبناء العقلاء على ذلك، ولم يَرِدْ فيه ردعٌ من الشارع»([5]).

ولنقارن ذلك بالعبارة التالية: «والظاهر لدينا بعد مراجعة السيرة والتدقيق في ما استقرّ عليه بناء العُرْف والعقلاء عدم كون الإعراض [عن البضاعة] مزيلاً للملك بحيث تكون الملكية تحت اختيار الشخص له إزالتها عن نفسه بمجرّد رفع اليد وإلقائه المال في البرّ ـ مثلاً ـ، من دون وجود أيّ سببٍ شرعيّ مزيل، ويكون بعدئذٍ بمثابة المباحات الأصلية، يسوغ لكلّ أحدٍ تملُّكه»([6]).

وقد نجد هذه الادّعاءات المتعارضة من فقيهٍ واحد وفي كتابٍ واحد. انظر في هذا الشأن إلى العبارة التالية: «فالطريق إلى إحراز حجّية الظهور في المدلول الالتزامي شرعاً بعد سقوط الدلالة المطابقية [للكلام] ليس إلاّ بناء العقلاء. وهو لم يثبت على ذلك؛ لعدم توفُّر شاهدٍ عُرْفي لدينا[…]. ولكنّ الإنصاف أن بناء العقلاء قائمٌ على الأخذ بالمدلول الالتزامي [للكلام]، ولو لم يكن المدلول المطابقي حجّة»([7]).

إن هذه الأمثلة تمثِّل نموذجاً عن الرجوع إلى الذهنية والمرتكزات الشخصية.

كما نجد ذات هذا الإشكال في مجال الاجتهاد والتقليد في الفقه والأصول أيضاً، بحيث لا يمكن العثور عليه في المؤلَّفات الفقهية والأصولية والدراسات المنهجية بشأن «رجوع الجاهل إلى العالم»؛ فإن أكثر العلماء في هذين العلمين قد استندوا إلى مرتكزاتهم الشخصية، وعملوا على تطوير أبحاثهم من خلال دعوى البداهة والضرورة وأمثال ذلك، أو ذكر الأدلة التمثيلية والنقضية، وأقاموا نتائجهم على هذا الأساس([8]).

ومن هنا نجد من حينٍ لآخر بعض الادّعاءات غير الثابتة أو المتناقضة. ومن ذلك، على سبيل المثال: أننا نجد عالماً يقول في باب وجوب الرجوع إلى الأعلم: «إن [سيرة العقلاء] جاريةٌ في الرجوع إلى الأعلم عند العلم بوجود الاختلاف [بين الأعلم وغير الأعلم] »([9]).

في حين قال عالمٌ آخر في هذا الشأن ما معناه: «حيث يقوم بناء العقلاء على ذلك [تقليد غير الأعلم] فإنهم لا يختلفون في الرجوع إلى أصحاب الخبرة في مختلف الأعمال، والحاجة إلى ذوي الصناعات، رغم علمهم بوجود الخبير الأكفأ»([10]).

وفي ما يلي نحاول، بعد التعرُّف على أساليب الحصول على بناء العقلاء في الفقه والأصول، بحث «بناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم» في ضوء الاستفادة من المنهج الإيثولوجي.

آلية استكشاف بناء العقلاء في التراث الفقهي والأصولي

إن الآليات المتَّبعة في الفقه والأصول، والتي يستند إليها من حينٍ لآخر، لتحصيل بناء العقلاء، والتي يمكن اصطيادها من خلال تتبُّع موارد التمسُّك ببناء العقلاء، على النحو التالي:

1ـ ادّعاء الضرورة والبداهة والقطع وأمثال ذلك في ما يتعلّق بوجود البناء الخاصّ. ويمكن على سبيل المثال الرجوع في ذلك إلى أصول السيد الخميني([11]) والسيد الخوئي([12])؛ وفي الفقه إلى السيد الخراساني([13]) والسيد الميلاني([14]).

2ـ الاستدلال التمثيلي، بمعنى أن يؤتى بمثالٍ أو أمثلة على المبنى المدّعى. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: ما نجده عند السيد الخراساني([15]) والسيد الخميني([16]) والسيد الخوئي([17]) في علم الأصول؛ وما عند الفشاركي([18]) والسيد الخوئي([19]) في علم الفقه.

3ـ الاستدلال النقضي، بمعنى أن عدم وجود البناء العقلائي المدّعى يؤدّي إلى محذور، كما نجد ذلك عند الشيخ النائيني([20]) والسيد الخوئي([21])، على سبيل المثال.

4ـ استشكاف بناء العقلاء من الروايات، كما نجد ذلك ـ على سبيل المثال ـ عند الهمداني([22]) والسيد الخميني([23]).

5ـ معرفة السلوك، بمعنى تحليل السلوك والعثور على منشأ وجود بناء العقلاء، وتوظيف المعطيات عند مواجهة العقلاء مع المسألة مورد بحث الفقيه أو الأصولي، كما نجد ذلك ـ على سبيل المثال ـ عند السيد بحر العلوم([24]) والشيخ مكارم الشيرازي([25]).

وبالرجوع والتدقيق في هذه الأساليب يتّضح أن معرفة السلوك من أهمّ وأعمّ تلك الأساليب؛ إذ تحمل هذه المعرفة قابلية الاستناد إليها.

وجه حجّية التمسّك ببناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم

قبل الدخول في صلب البحث يجب الخوض في الإشكال العامّ الموجود على التمسّك ببناء العقلاء في «رجوع الجاهل إلى العالم»، وهو الإشكال القائل: إن مجرّد إثبات وجود هذا البناء من العقلاء لا يكفي للحكم بجواز هذه السيرة ونسبتها إلى الشارع المقدَّس؛ إذ بالالتفات إلى ردع الشارع عن الرجوع إلى بعض المتخصّصين، من أمثال: السحرة والمشعوذين والكَهَنة والمنجِّمين، لا يمكن اعتبار هذه السِّيَر ممضاة من قبل الشارع بمجرّد وجودها. كما أنه بالالتفات إلى أن المعصومين لا يجيزون الرجوع إلى غير أهل البيت^ وغير المنبع الأصيل، في جميع المسائل، ولا سيَّما في المسائل الفقهية، وكانوا هم الذين يتصدّون للتدريس والإفتاء، قد يُقال: إن الرجوع إلى المجتهد أمرٌ مشكوك فيه، بل مردوعٌ عنه. وبعبارةٍ أخرى: كما أن اجتهاد أبي حنيفة، ومالك بن أنس، وابن إدريس، وابن حنبل، والأوزاعي، والشيباني، لم يكن جائزاً، وكان رجوع بعض المسلمين إليهم مورد إنكار المعصومين^، فإن اجتهاد سائر المجتهدين الآخرين مردوعٌ عنه أيضاً. في حين أنهم إنما كانوا يجتهدون في أحاديث النبيّ، وكانوا يقيمون اجتهادهم على بعض الأصول التي ورد البعض منها في كتاب «الرسالة»، لابن إدريس الشافعي. وبعبارةٍ أخرى: إنهم كانوا مجتهدين في الأصول، ومجتهدين في الفقه أيضاً. إن الروايات التي تنهى عن الرجوع إلى غير أهل البيت بشكلٍ عامّ وبشكلٍ خاصّ كثيرةٌ جداً([26]).

إن هذا الكلام إنما يصحّ إذا كان المجتهدون حالياً يرَوْن أنفسهم في عرض المعصومين^ ـ كما كان يصنع أمثال: أبي حنيفة ـ، لا في طولهم، في حين أن المجتهدين حالياً إنما يجتهدون في مذهب أهل البيت^، وليسوا من قبيل: المجتهد المطلق، الذي يرى لنفسه كلمةً في عرض كلام المعصوم وتعاليم أهل البيت^.

وفي الحقيقة فإن المجتهد الراهن له من المقام والشأن والمنزلة كتلك التي كانت لأمثال: أبان بن تغلب، وزراة، ومحمد بن مسلم، ومعاذ بن مسلم، ويونس بن عبد الرحمن، وزكريا بن آدم، وغيرهم من أصحاب الأئمة^. وبالنظر إلى روايات إرجاع الشيعة من قِبَل الأئمة^ إلى هؤلاء الرجال، من قبيل: الإحالة إلى أبان بن تغلب(141هـ)([27])، وإلى زرارة(148هـ)([28])، وإلى محمد بن مسلم(150هـ)([29])، إلى أبي بصير الأسدي(150هـ)([30])، وإلى معاذ بن مسلم(187 إلى 190هـ)([31])، وإلى زكريا بن آدم(قبل عام 220هـ)([32])، وإلى عثمان بن سعيد العمري(حوالي عام 265هـ)([33])، فإن هذه السيرة قد تمّ إمضاؤها([34]).

 

«الرجوع إلى المتخصِّص» أو «رجوع الجاهل إلى العالم»؟

في ما يتعلَّق ببناء العقلاء في بحث الاجتهاد والتقليد يتمّ في العادة استخدام عبارتي: «الرجوع إلى المتخصِّص»([35])، و«رجوع الجاهل إلى العالم»([36]).

ويظهر من بعض التعابير أنه لا يوجد هناك فرقٌ بين هذين التعبيرين([37])؛ في حين يبدو من بعض التعابير الأخرى أن التعبير الأوّل أعمّ من التعبير الثاني([38]).

إن مفردة «المتخصِّص» أو «الخبير» تشمل حتّى غير العالم أو الذين يُشكّ في صدق إطلاق كلمة العالم عليهم في الحدّ الأدنى.

فعلى سبيل المثال: إن البنّاء والساحر والميكانيكي والكهربائي والمقاول وأمثالهم هم من ذوي الخبرة والمتخصِّصين في مجال أعمالهم، مع أنه قد لا يصدق عليهم عنوان العالم.

كما يمكن تقسيم مختلف العلوم إلى مجموعتين: الأولى: تمثِّل الاتجاه العلمي البَحْت والحاصل على الحقيقة، من قبيل: التاريخ، والرياضيات، والفيزياء البَحْتة؛ والثانية: تمثِّل الاتجاه التطبيقي، من قبيل: الطبّ، والمحاماة، وأنواع الهندسة، وغيرها. ومن خصائص المجموعة الثانية أنها، بالإضافة إلى معرفة بعض القضايا الموجودة في ذلك العلم، تعتمد على تحديد المصداق في دائرة نشاط العلماء في ذلك العلم أيضاً؛ فإن تحديد نوع المرض ـ على سبيل المثال ـ من جملة مهامّ الطبيب، في حين أن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى علوم المجموعة الأولى.

ومن ناحيةٍ أخرى هناك ـ في الحدّ الأدنى ـ ثلاثة أنواع يمكن تصوُّرها من حالات رجوع الجاهل إلى العالم، وهي:

أـ الرجوع التطبيقي: بمعنى أن يرجع الجاهل إلى العالم؛ كي يحدِّد له المصداق، كما هو الحال بالنسبة إلى المريض عندما يراجع الطبيب، فإنه بذلك يطلب منه أن يحدّد له مصداق العلاج، بعد أن يشخِّص له مرضه، فينصحه بتناول دواء معيَّن.

ب ـ الرجوع التعليمي: بمعنى رجوع الجاهل إلى العالم؛ كي يعلِّمه الطريقة التي يتَّبعها في الوصول إلى النتائج. وفي هذه الحالة يكون المراجع تلميذاً وطالب علم.

ج ـ الرجوع الاستشاري: بمعنى أن يقوم الجاهل بمراجعة العالم، ليسأله عن علمه بشأن موضوعٍ خاصّ. وفي الحقيقة فإن الجاهل في هذا المورد يطالب العالم بحصيلة علمه بشكلٍ عامّ (وليس بشكلٍ خاصّ وعلى نحو تشخيص المصداق)، كما هو الحال في رجوع المكلَّف إلى المجتهد. كما نجد نماذج أخرى لهذا النوع من رجوع الجاهل إلى العالم في الرجوع إلى كلام اللغوي، والرجوع إلى الخبير القانوني في الاستشارة القانونية (وليس لقبول الوكالة من الوكيل)، والرجوع إلى الطبيب للسؤال عن علائم مرضٍ خاصّ (من قبيل: الأسئلة التي يطرحها أهل وأصحاب المدمن على المخدّرات عند مراجعة الأطباء).

وبالالتفات إلى ما تقدَّم يجب القول: إن استخدام عبارات من قبيل: «الرجوع إلى المختصّ» أو «الرجوع إلى أهل الخبرة» في بحث الاجتهاد والتقليد لا يخلو من إشكالٍ؛ إذ كما أن البحث لا يدور حول مطلق الرجوع؛ بسبب خروج الرجوع إلى أمثال: البقّالين وسائر الباعة عن دائرة البحث، لا يدور البحث حول مطلق «الرجوع إلى المختصّ» أيضاً؛ لأن المتصوّر في «الرجوع إلى المختصّ» غالباً هو الرجوع التطبيقي والرجوع التعليمي، في حين أن بناء العقلاء مورد البحث يقوم على الرجوع الاستشاري.

أنحاء التمسّك ببناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم في الفقه والأصول

يتمّ التمسّك أحياناً ببناء العقلاء على أصل جواز رجوع «الجاهل إلى العالم». وفي الحقيقة يتمّ البحث في مطلق «رجوع الجاهل إلى العالم». والغاية في هذا النوع من التمسّك بهذه الأداة الأصولية هي إثبات أصل جواز رجوع الجاهل إلى العالم.

ولكنْ يتمّ البحث أحياناً في شرائط العالم الذي يرجع إليه العقلاء، من قبيل: البلوغ، والذكورة، والعقل، والإيمان، وغير ذلك، أو في شرائط المُراجِع الذي يرجع إلى المتخصِّص من قبيل: تقليد المجتهد لمجتهدٍ آخر، أو في كيفية الرجوع وما إذا كان تعبدياً أو استشارياً أو تعليمياً، أو يتمّ الرجوع إلى شرائط وجزئيات أخرى من بناء العقلاء. وفي الحقيقة فإننا في الطريقة الثانية نتمسّك بجزئيات بناء العقلاء. وإن الهدف من الرجوع إلى هذه الوسيلة الأصولية في هذا النوع من التوظيف هو إثبات تلك الجزئيات، من قبيل: هل الذكورة شرطٌ في مرجع التقليد أم لا؟ وأمثال ذلك.

إن الغاية الرئيسة من البحث هي الطريقة الثانية لاستخدام هذه الأداة الأصولية، وليس المراد هو التمسّك بمطلق بناء العقلاء.

تحليل المفاهيم المستعملة في «بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم»

من أجل تحليل جزئيات بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم يجب أن ندقِّق في السؤال المنشود: كيف يكون بناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم في إطار الحصول على جواب أسئلتنا؟

أوّلاً: ما هو المراد من العقلاء في عبارة «بناء العقلاء»؟ هل المراد منه مَنْ ينتج العلم (المجتهد) أو مَنْ يستهلكه (المكلَّف)؟

وثانياً: ما هو المراد من «السؤال»؟ تارةً يكون لدى الشخص سؤالٌ قد توصل العلماء إلى جوابه، ولكنّه لا يعلم ذلك الجواب؛ وأحياناً يكون لديه سؤالٌ لم يتمّ التوصّل من قِبَل العلماء إلى جوابه. وبعبارةٍ أخرى: يكون سطح وعمق السؤال تارةً في حدود الشخص؛ وتارةً في حدود تاريخ العلم، فأيُّ السؤالين هو المراد؟

وثالثاً: أين تمّ إنتاج هذه الأسئلة؟ فهل تمّ إنتاجها على مستوى «إنتاج العلم»، أو على مستوى «توزيع العلم»، أو على مستوى «استهلاك العلم»؟ فهل السؤال هو: ما هي سيرة وأسلوب المجتمعات المختلفة في إنتاج العلم؟ (فهل الشخص الحقيقي هو الذي يجب عليه إنتاج العلم، أم الشخص الحقوقي ـ من قبيل: الجامعات ـ يمكنه إنتاج العلم أيضاً)، أو أن السؤال هو: ما هو أسلوب المجتمعات ومختلف المؤسّسات في الاستفادة من معطياتها العلمية؟ (فهل يتمّ نشر المعلومات الإرشادية والتعبُّدية والمعطيات العلمية ابتداءً أو بعد الحاجة والعرض والطلب؟)، أو السؤال المطروح هو: ماذا يفعل الناس للحصول على إجابات عن أسئلتهم؟ (فهل يرجعون إلى الأعلم أم إلى غير الأعلم؟ هل يرجعون إلى الأشخاص أم المؤسّسات؟ وبعبارةٍ أخرى: هل يرجعون إلى الشخص الحقيقي أو إلى الشخصية الحقوقية؟).

يتّضح من خلال هذه الأسئلة أن متعلَّق بناء العقلاء في الموضوع مورد البحث عبارة عن «مسارٍ» مركّب. توضيح ذلك: إن متعلَّق بناء العقلاء يكون في بعض الأحيان سلوكاً واحداً ومحدّداً، من قبيل: بناء العقلاء على أسبوعية مرحلة العمل (أسبوع)، أو التعطيل في يومٍ واحد من هذا الأسبوع في الحدّ الأدنى، أو بناء العقلاء على أن يكون الرجل هو الذي يتقدّم لخطبة المرأة، دون العكس، وأمثال ذلك؛ وفي بعض الأحيان يكون عبارةً عن مجموعة مركّبة من الأبنية. وبهذا البيان يتّضح أن متعلَّق بناء العقلاء مورد البحث «مجموعة من الأبنية»، ترتبط بها جميع الأسئلة المتقدّمة بنحوٍ من الأنحاء.

استكشاف بناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم بواسطة علم السلوك

ذهب علماء الفقه والأصول في تحليلهم لسلوك العقلاء إلى إرجاع منشأ هذا البناء إلى عدّة أمور، يمكن بيانها على النحو التالي:

1ـ في بعض الكلمات يرجع منشأ هذا البناء إلى «الفطرة» و«العقل»([39]).

توضيح ذلك: إن كلّ مكلَّف يقطع ببقاء التكاليف الإلهية والأحكام الشرعية في حقّه، وإن عقله يحكم بلزوم امتثال الأحكام والتكاليف الإلهية؛ إما بداعي دفع الضرر المحتمل؛ أو لجهة وجوب شكر المنعم. ومن ناحيةٍ أخرى فإن باب العلم والعلمي منسدٌّ في حقه. وبديهيٌّ أنه لا يمكن أن يعمل بأصل البراءة؛ إذ إن العمل بهذا الأصل، بالإضافة إلى احتياجه إلى اجتهادٍ، يؤدّي إلى ترك العمل بأكثر أحكام الدين أيضاً. ثم إن وجوب الاجتهاد على جميع المكلَّفين يستلزم العُسْر والحَرَج، بل يستلزم الهرج والمرج في النظام الاجتماعي. كما أن وجوب الاحتياط على جميع المكلَّفين يستلزم العُسْر والحَرَج، وهو مذمومٌ. وعليه لا يبقى أمامنا من طريق سوى الرجوع إلى العالم.

2ـ ذهب صنفٌ آخر من العلماء إلى القول بأن حاجة الناس إلى الحياة الاجتماعية هي السبب في ظهور هذا النوع من السيرة، ببيان: إن العلوم والحِرَف البشرية واسعة، وإن لكلّ علمٍ العديد من الفروع التخصُّصية، بحيث لا يمكن للشخص الواحد أن يتخصَّص في جميع تلك الفروع بمفرده، وإنما يمكن التخصُّص في واحدٍ أو عدد محدود منها، ولا مندوحة له في سائر الفروع الأخرى غير الرجوع إلى أصحابها وذوي الاختصاص فيها، كما يراجع المهندسُ الطبيبَ عند إصابته بالمرض، والطبيب بدَوْره يراجع المهندس عند حاجته إلى بناء داره، ولا يمكن لأيٍّ منهما أن يستغني عن الآخر([40]). ومن ناحيةٍ أخرى حتّى إذا أمكن لشخصٍ أن يتخصَّص في جميع الفروع العلمية، إلاّ أنه إذا أراد أن يضطلع بها لوحده ضمن المجتمع الإنساني، ويؤثر القيام بها بمفرده (إنْ أمكنه ذلك)، فسينفرط عقد العلاقات الاجتماعية، وتختلّ عُرَى النظام البشري([41]).

3ـ ذهب بعضٌ آخر إلى القول بأن حصول الوثوق والاطمئنان الشخصي والعلم العادي يمثِّل الجزء الرئيس لظهور هذا المبنى([42]).

وعليه يتبيَّن من هذا التوضيح القائم على «أن العقلاء في منظومتهم الفكرية لا يتقيَّدون أبداً بعلمهم التفصيلي المستند إلى الدليل في جميع المسائل، بل يكتفون بعلمهم الإجمالي أيضاً. كما أنهم لا يتقيّدون في أن لا يتطرَّق إلى علمهم أيّ احتمال للخلاف، بل يكتفون أيضاً بعلمهم العاديّ، الذي يكون احتمال الخلاف فيه ضعيفاً للغاية». ومن الواضح جدّاً أن «الجاهل من خلال رجوعه إلى العالم الثقة يحصل على وثوقٍ واطمئنان. وهذا علمٌ عاديّ تحصل النفس معه على السكون والاطمئنان»([43]). وعليه فإن كلّ فرد يعتمد في عمله على علمه وفهمه الكامن في صقع ضميره.

يبدو أن لبعض هذه المناشئ سهماً أكبر من سائر المناشئ الأخرى في ظهور هذه السيرة. بَيْدَ أنه يمكن لجميع هذه الموارد المذكورة آنفاً أن تشكِّل منشأً لهذه السيرة. وإن تخصيص أحدها بالذكر مع رفض المناشئ الأخرى([44]) ([رفض منشئية دليل الانسداد]) يبدو مشكلاً.

مقارنة «رجوع الجاهل إلى العالم» بـ «رجوع المقلِّد إلى المجتهد»

إن مصطلح «التقليد» في علم الأصول يعني «اتّباع قول أو فعل الآخر دون معرفة دليل ذلك القول أو الفعل»([45]).

إن التعريف المتداول للتقليد يشمل موارد من قبيل: تبعية المريض لتشخيص الطبيب، وما إلى ذلك، بحيث يتمّ تشبيه تقليد المجتهد في كلام الفقهاء ـ في العديد من الموارد ـ بتقليد الطبيب، معتبرين كلا الأمرين من بابٍ واحد([46]). وإن الاختلاف الجوهري بين تقليد المريض للطبيب وتقليد العامّي للمجتهد يكمن في «الحجّية الشرعية»، بمعنى أنه في تقليد العامّي للمجتهد يتمّ لحاظ ناحيةٍ أخرى، وهي الحجّية الشرعية لهذا التقليد. إن لهذه الناحية صبغة موضوعية؛ إذ تمثِّل مركز ثقل بحث التقليد في الفقه والأصول. بل إن إحدى الأسباب الهامة لطرح بحث التقليد في الفقه والأصول يكمن في هذه الناحية. في حين أنه لا أهمّية لهذه الناحية في مورد الطبيب وأمثاله، ولا تُؤخَذ بنظر الاعتبار أبداً. ومن هنا فإن مصطلح التقليد في الفقه والأصول يختلف اختلافاً ماهوياً عن الموارد المماثلة.

يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء: «إن الاجتهاد والتقليد من الأحكام التعبُّدية… وقضية [الاستدلال به] اتّحاد المظنّة [في الأحكام] أو قوّتها [أي: هذه المظنّة، بمعنى الظنّ الحاصل من قول المجتهد] من قول غير المجتهد إنما تؤثر لو لم نقُلْ بالتعبُّد [في الاجتهاد والتقليد]»([47]).

وقال الشيخ الأنصاري في كتابه (مطارح الأنظار): «إن اعتبار التقليد يحتمل أن يكون من وجهين:

أحدهما: اعتباره من حيث إنه طريق إلى الواقع، وإن قول العالم هو المرجع للجاهل، فإنه يكون طريقاً لما هو المطلوب في الأمور غير المعلومة، مثل: رجوع الجاهل بصناعةٍ إلى أهل تلك الصناعة في استعلام ما يتعلَّق به غرضه منها.

الثاني: أن يكون معتبراً من حيث إنه حكمٌ ظاهري تعبّد به المولى، وإنْ لم يحصل منه العلم. ولا ينافي ذلك كون الحكمة في جعله طريقاً هو كونه طريقاً ظنياً في العُرْف والعادة، فيكون من الظنون النوعية، أي الأمارات التي لا تدور مدار حصول الظنّ الفعلي منها، وإنْ كان الوجه في جعله إفادته ذلك في الأغلب.

لا رَيْبَ أن هذين الوجهين مختلفان. فالكلام المسوق لبيان أحدهما يُغاير سوق الآخر؛ فإن الأوّل غير محتاج إلى جعل وحكم سوى الإخبار عمّا هو ثابتٌ في الواقع؛ بخلاف الثاني، فإنه لا بُدَّ فيه من إنشاء حكمٍ ظاهري في موارد تلك الأمارة. ولعل ذلك غير خفيٍّ على الفَطِن.

…لكنّ التقليد المطلوب إثبات جوازه للحيّ والميت لا يُراد منه ذلك الطريق العلمي أو ما يقوم مقامه. وذلك ظاهرٌ لمَنْ أنصف من نفسه، وراجع موارد التقليد وكلمات العلماء؛ حيث إنهم مطبقون على أن التقليد طريقٌ خاصّ للمقلّد، ونحن أيضاً نتكلَّم في مثل هذا التقليد…»([48]).

يتّضح من خلال ما تقدّم أن المراد من «رجوع المقلد إلى مرجع التقليد» عبارةٌ عن: «الرجوع التعبُّدي من قِبَل المكلَّف إلى المجتهد؛ من أجل أخذ الفتوى والعمل التعبُّدي بها في مسائل الدين الفرعية»، بتوضيح أن العامي إذا أراد الوصول إلى الأحكام الشرعية، ولم يتمكّن من الاجتهاد، ولم يجب عليه الاحتياط، يجب عليه الرجوع إلى المجتهد، وعرض مسألته عليه، بحيث يكون هذا الأمر «تعبُّداً» له من قِبَل الشارع.

إن لمفردة «التعبُّد» معاني متعدّدة؛ ولذلك لا بُدَّ من التدقيق فيها. فتارةً يكون التعبّد بمعنى «عدم المطالبة بالدليل والمدرك»([49])، وعندها يكون تعريف التقليد عبارة عن: «رجوع العامي إلى المجتهد دون مطالبته بالدليل أو المدرك». وهذا هو المعنى المراد من «التعبُّد» في استعمالات من قبيل: «قبول قول الآخرين تعبُّداً»، وأمثال ذلك.

وفي موضعٍ آخر يكون التعبّد بمعنى: «التبعية والطاعة المطلقة دون قيد أو شرط»، وبعبارةٍ أخرى: تجب إطاعة الأمر بمجرّد صدوره. وبهذا المعنى تكون نتيجة تعبُّد الشارع هي «المنجّزية والمعذّرية». توضيح ذلك: إن المكلَّف إذا لم يستطع الوصول إلى العلم بنفسه فإن الشارع سوف يتعبَّده بسلوك طرقٍ خاصّة لا تنتهي به إلى العلم، ويجعل تلك الطرق عندها حجّة تعبُّدية في حقّه. إن «التعبّد» في هذا المعنى يحتاج إلى دليل ومدرك، ويجب إثبات وجود هذا التعبّد من قِبَل الشارع. ويوجد نموذجٌ لهذا النوع من التعبّد في الأصول العملية، من قبيل: الاستصحاب، فإن الشارع عند الشكّ في الحالة السابقة قد تعبَّدنا بالاستصحاب، واعتبره طريقاً تعبُّدياً إلى الحكم الشرعي، جاعلاً الحجّية له. ومعنى الحجّية فيه أن ما ليس علماً يكون بمثابة العلم تعبُّداً([50]). وفي التقليد حيث لا يعلم المكلَّف بالحكم الشرعي، ولا يمكنه الاجتهاد والاحتياط، فإن الشارع يتعبَّد المكلَّف بالرجوع إلى فتوى المجتهد، ويجعل فتوى المجتهد علماً تعبُّدياً للمكلَّف. إن معنى التعبُّد هنا هو أن الشارع يجعل هذا الأمر حجّةً حتّى في حالة الخطأ وعدم إصابة الواقع، ويعتبر المتمسك بهذا النهج معذوراً (المعذّرية)، وعند إصابة الحجّة للواقع يكون الحكم الواقعي منجّزاً (المنجّزية).

ومن الواضح أن المراد هنا ليس هو التعبُّد بمعنى عدم السؤال عن دليل المسألة موضع البحث، بل المراد من التعبُّد في هذا البحث هو المعنى الثاني.

هل يمكن اكتشاف الأحكام التعبُّدية من بناء العقلاء؟

إن الذي يُفْهَم من جعل كلٍّ من: «التعبّد الشرعي» و«بناء العقلاء» قسيماً للآخر في موارد متعدّدة من قِبَل الفقهاء([51])، وفحوى أدلتهم([52])، بل صريح كلام الأصوليين والفقهاء في بعض الموارد([53])، هو أن التعبُّد لا معنى له في سيرة العقلاء؛ وذلك لعدم كون العقلاء هم المولى والشارع. في حين أن التعبُّد يجب أن يصدر ممَّنْ تجب طاعته. وبعبارةٍ أخرى: إن التعبُّد من شؤون المولى، وهذا هو دليلهم على هذا الأمر.

إذا كان المراد من هذا الكلام هو أن تبلور السيرة من قِبَل العقلاء لا تمثِّل في حدّ ذاتها دليلاً تعبُّدياً على غرار القرآن والسنّة فهو كلامٌ صحيح. وبعبارةٍ أخرى: إن مجرّد وجود سيرة من قِبَل العقلاء، وإمضائها من قِبَل الشارع، لا يخلق تعبُّداً للمكلَّف. إن الذي يستدعي التعبُّد هو إمضاء الشارع فقط، والذي يقع على عاتق المكلَّف هو تلك السيرة بجميع خصائصها. فإذا كان منشأ ظهور السيرة هو الاطمئنان فإنْ حصل الاطمئنان للمكلَّف تعلّق به ذلك الحكم؛ وإذا كان منشأ الظهور شيئاً آخر كان شرط تعلّق الحكم على عاتق المكلَّف منوطاً بذلك الشيء.

وأما إذا كان المراد من ذلك نفي وجود التعبُّد في الأحكام التي يتمّ اكتشافها من سيرة العقلاء ـ كما هو مقتضى استدلال المنكرين للتعبُّد ـ فهو موضع تأمُّل. هناك سِيَر للعقلاء قائمة على أصل سيرة التعبّد. ومن ذلك مثلاً: ما في التشكيلات العسكرية، حيث يعدّ تنفيذ أوامر القيادات العليا تعبُّدياً. وكذلك امتثال العامل لأمر المهندس، وإنجاز الواجب البيتي المفروض على التلميذ من قِبَل المعلم، تعبُّديٌّ أيضاً. فإنْ أضحَتْ هذه السِّيَر متعلّقاً للأحكام، واستتبعت إمضاءً من قِبَل الشارع، فإنها سوف تكتشف بتركيبتها التعبُّدية.

توظيف النتائج الإيثولوجية لبناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم في بحث الاجتهاد والتقليد

بالالتفات إلى ما تقدّم، إذا كانت السيرة في رجوع المقلِّد إلى المجتهد من سنخ رجوع الجاهل إلى العالم فبالالتفات إلى البحث الإيثولوجي إن غاية ما يمكن نسبته إلى السيرة العقلائية القائمة على رجوع الجاهل إلى العالم هو الرجوع غير التعبُّدي الذي يكون منشأه الوثوق الشخصي للمُراجِع. وهذا يختلف عن التقليد المصطلح.

وفيما لو كانت دائرة السيرة العقلائية مقتصرةً على المتدينين بالأديان، بمعنى أنه إذا ادّعي أن رجوع المتدينين في جميع الأديان إلى علماء الدين رجوعٌ تعبُّدي، يبقى قيام مثل هذه السيرة موضع شكٍّ، ويتوقّف إثباتها على مَنْ يدّعيها. ربما أمكن لنا مشاهدة التبعية التعبُّدية عند المتدينين لمؤسّس أو مؤسّسي الأديان أو الذين يتمتّعون بشخصية كارزمية في ذلك الدين، بَيْدَ أن هذا لا يعني أن جميع علماء الأديان يتمتّعون بمثل تلك الشخصية والكاريزما.

نعم، ربما أمكن من خلال البحث والتدقيق في سيرة العقلاء في بحث الولاية والقضاء إثبات التمكين التعبُّدي للناس لوليّ الأمر، وطرفي الدعوى للقاضي. وبناءً على القول بأن جميع شؤون الفقيه من سنخٍ واحد يمكن اعتبار السيرة في رجوع المقلِّد إلى المجتهد في بحث الإفتاء من نوع رجوع المولّى عليه إلى المولى، من قبيل: السيرة في رجوع الأولاد غير البالغين في الأمور التي يجهلونها إلى آبائهم. وحيث يوجد أصل هذه السيرة في تعبُّد المولّى عليه للمولى يمكن إثبات التقليد التعبُّدي بالنسبة إلى تقليد المجتهد من قبل المقلِّد.

وعلى أيّ حال فإن هذه السيرة تختلف اختلافاً ماهوياً عن السيرة القائمة بشأن رجوع الجاهل إلى العالم. وبناءً على قبول ذلك لا ينبغي اعتبار رجوع المقلِّد إلى المجتهد نوعاً من رجوع الجاهل إلى العالم.

الهوامش

(*) أستاذُ بحث الخارج في الفقه والأصول في الحوزة العلميّة في قم، وأستاذٌ مساعِد في مركز التحقيق والثقافة والفكر الإسلاميّ. له مؤلَّفاتٌ عديدة.

(**) أستاذُ السطوح العليا في الحوزة العلميّة في مشهد المقدَّسة.

([1]) انظر: السيد روح الله الخميني، تهذيب الأصول (تقرير: جعفر السبحاني) 3: 198، دار الفكر، ط1، 1382هـ.ش؛ الشيخ حسين علي المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 2: 104 ـ 105، نشر تفكّر، ط2، قم، 1409هـ.

([2]) انظر: الميرزا علي الإيرواني، الأصول في علم الأصول 2: 449، دفتر تبليغات إسلامي، ط1، قم، 1422هـ؛ السيد حسن البجنوردي، بلغة الفقيه 2: 125، منشورات مكتبة الصادق، ط4، طهران، 1403هـ؛ السيد محمد باقر الصدر، بحوث في علوم الأصول (تقرير: السيد محمود الشاهرودي) 4: 14، مؤسسة دائرة المعارف للفقه الإسلامي على مذهب أهل البيت^، ط3، قم، 1417هـ؛ السيد روح الله الخميني، تهذيب الأصول (تقرير: جعفر السبحاني) 3: 164؛ السيد أبو القاسم الخوئي، محاضرات في أصول الفقه (تقرير: محمد إسحاق الفياض) 2: 102، دار الهادي للمطبوعات، ط4، قم، 1417هـ؛ الشيخ محمد فاضل اللنكراني، تفضيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (الاجتهاد والتقليد): 109، 152، 175، دفتر انتشارات إسلامي، ط2، قم، 1414هـ؛ ناصر مكارم الشيرازي، أنوار الأصول (تقرير: أحمد قدسي) 3: 593، مدرسة الإمام عليّ×، ط2، قم، 1428هـ؛ وغيرها.

([3]) انظر: الشهيد محمد باقر الصدر، مباحث الأصول (تقرير: السيد كاظم الحائري): 102 ـ 118، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، قم، 1407هـ.

([4]) أبو القاسم علي دوست، فقه وعرف: 439، سازمان انتشارات پژوهشگاه فرهنگ وأنديشه إسلامي، ط2، طهران، 1388هـ ش، بتصرُّف.

([5]) ناصر مكارم الشيرازي، العروة الوثقى (مع تعليقات الشيخ مكارم الشيرازي وعدّة من الفقهاء) 2: 657، انتشارات مدرسة الإمام عليّ×، ط1، قم، 1428هـ.

([6]) السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى (الإجارة) (تقرير: مرتضى البروجردي): 459.

([7]) السيد محمد الروحاني، منتقى الأصول (تقرير: السيد عبد الصاحب الحكيم) 2: 388، مكتب السيد محمد الحسيني الروحاني، ط1، قم، 1413هـ. وقارِنْ ذلك بما قاله السيد الخوئي في كتاب محاضرات في أصول الفقه (تقرير: محمد إسحاق الفياض) 3: 78.

([8]) انظر على سبيل المثال: السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقرير: الميرزا علي الغروي): 101 [مع التدقيق في عبارة (من غير نكيرٍ)]، 107، ط1، قم، 1418هـ؛ مصباح الأصول (تقرير: محمود سرور البهسودي) 3: 455، مكتبة الداوري، ط5، قم، 1417هـ [مع التدقيق في الأدلة التمثيلية والنقضية في هذين المصدرين]).

([9]) السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقرير: الميرزا علي الغروي): 142، وانظر أيضاً: 107، 114، 162، 402.

([10]) السيد محمد الطباطبائي، مفاتيح الأصول: 308، مؤسسة آل البيت^، ط1، قم، 1296هـ. ثم استطرد سماحته بعد ذلك قائلاً: (فإنْ قلتَ: لكنهم في موارد الأهمّية يقتصرون على الرجوع إلى الأعلم، دون غيره، ومن المعلوم أن الأحكام ذوات أهمّية. قلتُ: نعم. لكنْ فيه أوّلاً: إن هذا البناء منهم ليس مقصوراً على الجاهل، بل العالم منهم يرجع أيضاً إلى مَنْ هو أعلم منه، كالطبيب في المرض المهمّ. ولا يمكن القول في ما نحن فيه بمثله؛ إذ لا يجوز رجوع المجتهد إلى مَنْ هو أعلم منه إجماعاً. وثانياً: إن ما نحن فيه ليس من صغريات تلك الكبرى؛ فإن الأهمّية في الأحكام إنما هي من حيث ترتُّب الثواب والعقاب، وأما الأحكام الظاهرية الفعلية المأخوذة عن المجتهد فالأعلم وغيره فيها سواء).

وهناك محاولاتٌ أخرى في إطار إثبات أو إنكار وجود بناء من قبل العقلاء في الرجوع إلى الأعلم على طبق المنهج السلوكي في المصدرين التاليين:

1ـ السيد محمد حسين الحسيني الطهراني، ولاية الفقيه في حكومة الإسلام 2: 150 فما بعد، 1416هـ.

2ـ السيد رضا الصدر، الاجتهاد والتقليد 1: 171 فما بعد، 249 فما بعد، دفتر تبليغات إسلامي، ط2، قم، 1420هـ.

وانظر أيضاً: محمد الفاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (الاجتهاد والتقليد): 109 ـ 110.

([11]) انظر: السيد روح الله الخميني، الرسائل 1: 258، مؤسسه مطبوعاتي إسماعيليان، ط1، قم، 1410هـ.

([12]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، محاضرات في أصول الفقه (تقرير: محمد إسحاق الفياض) 3: 78.

([13]) انظر: السيد محمد كاظم الخراساني، حاشية المكاسب: 12، وزارت فرهنگ وإرشاد إسلامي، ط1، طهران، 1406هـ.

([14]) انظر: السيد محمد هادي الميلاني، فوائد الأصول (تقرير: محمد علي الكاظمي): 414، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، ط1، قم، 1376هـ ش.

([15]) انظر: السيد محمد كاظم الخراساني، كفاية الأصول: 222، مؤسسة آل البيت^، ط1، 1409هـ.

([16]) انظر: السيد روح الله الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 2: 417، مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني&، ط2، طهران، 1415هـ.

([17]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، دراسات في علم الأصول (تقرير: السيد علي الهاشمي) 1: 383، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي على مذهب أهل البيت^، ط1، قم، 1419هـ.

([18]) انظر: السيد محمد الفشاركي، الرسائل الفشاركية: 233 ـ 234، دفتر انتشارات إسلامي، ط1، قم، 1413هـ.

([19]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى (الإجارة) (تقرير: مرتضى البروجردي): 347.

([20]) انظر: الشيخ محمد حسين النائيني، أجود التقريرات (تقرير: السيد أبو القاسم الخوئي) 1: 529، مطبعة العرفان، ط1، قم، 1352هـ ش.

([21]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، فقه الشيعة (تقرير: السيد محمد مهدي الخلخالي) 6: 161، مؤسسة آفاق، ط3، قم، 1418هـ.

([22]) انظر: آغا رضا الهمداني، مصباح الفقيه 4: 67 ـ 68، المؤسسة الجعفرية لإحياء التراث، ط1، قم، 1416هـ ش.

([23]) انظر: السيد مصطفى الخميني، تحريرات في الأصول 5: 285 ـ 286، مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني&، ط1، قم، 1418هـ ش.

([24]) انظر: محمد بحر العلوم، بلغة الفقيه 3: 338 ـ 344 [ولا سيَّما ص 342]، منشورات مكتبة الصادق، ط4، طهران، 1403هـ.

([25]) انظر: ناصر مكارم الشيرازي، القواعد 1: 119 ـ 120.

([26]) انظر: الحُرّ العاملي، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 27: 62، باب وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى المعصومين^، مؤسسة آل البيت، ط1، قم، 1409هـ.

([27]) انظر: رجال النجاشي: 10 ـ 13، انتشارات جماعة المدرّسين، قم، 1407هـ.

([28]) انظر: الطوسي، اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشّي): 135، ح216، تصحيح: حسن المصطفوي، انتشارات جامعة مشهد، 1348هـ ش.

([29]) انظر: المصدر السابق: 161، ح273.

([30]) انظر: المصدر السابق: 171، ح291.

([31]) انظر: المصدر السابق: 171، ح291.

([32]) انظر: المصدر السابق: 594، ح1112.

([33]) انظر: الكليني، الكافي 1: 329 ـ 330، ح1، دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران، 1407هـ؛ وغيرها من المصادر الأخرى.

([34]) وقد بلغ عدد هذا النوع من الروايات حدّاً بحيث لا تعود هناك معه ضرورة إلى دراسة أسانيدها. وقد ذهب المحقّق الخراساني إلى القول بعدم استبعاد دعوى القطع بصدور بعضها؛ وذهب السيد الخوئي إلى ادّعاء تواترها الإجمالي (انظر: كفاية الأصول: 473؛ والتنقيح 1: 91).

([35]) أو ما يعادله في بعض الاستعمالات الأخرى عبارة: (الرجوع إلى أهل الخبرة).

([36]) انظر على سبيل المثال: الشيخ مرتضى الأنصاري، الاجتهاد والتقليد: 71، مكتبة المفيد، ط1، قم، 1404هـ؛ السيد روح الله الخميني، الرسائل 2: 123؛ السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول 3: 462؛ محمد الفاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (الاجتهاد والتقليد): 48؛ ناصر مكارم الشيرازي، أنوار الأصول 3: 599.

([37]) انظر: السيد روح الله الخميني، تنقيح الأصول (تقرير: حسين تقوي الاشتهاردي) 4: 627، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط1، طهران، 1418هـ؛ السيد أبو القاسم الخوئي، موسوعة الإمام الخوئي 1: 63، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، ط1، قم، 1418هـ.

([38]) انظر: السيد مرتضى الفيروزآبادي، عناية الأصول في شرح كفاية الأصول 6: 218، كتاب فروشي فيروزآبادي، ط4، قم، 1400هـ.

([39]) انظر: ضياء الدين العراقي، نهاية الأفكار (تقرير: محمد تقي البروجردي) 4: 241، دفتر انتشار إسلامي، ط3، قم، 1417هـ؛ السيد روح الله الخميني، الرسائل 2: 96، السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول (تقرير: محمد سرور البهسودي) 3: 448؛ الميرزا جواد التبريزي، تنقيح مباني العروة (الاجتهاد والتقليد): 20، دار الصدّيقة الشهيدة÷، ط1، قم، 1416هـ؛ السيد محمد جعفر المروّج الجزائري، منتهى الدراية في توضيح الكفاية 8: 503 ـ 504، مؤسسة دار الكتاب، ط4، قم، 1415هـ؛ الشيخ جعفر السبحاني، الرسائل الأربع (الاجتهاد والتقليد): 129، مؤسسة الإمام الصادق×، ط1، قم، 1415هـ؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، أنوار الأصول 3: 594.

([40]) انظر: الشيخ حسين علي المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 2: 86 ـ 87؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، أنوار الفقاهة (كتاب البيع): 406، انتشارات مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب×، ط1، قم، 1428هـ؛ الشيخ جعفر السبحاني، الرسائل الأربع (الاجتهاد والتقليد): 129 ـ 130.

([41]) انظر: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، بحوث فقهية هامة: 393، مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب×، ط1، قم، 1422هـ؛ الشيخ جعفر السبحاني، الرسائل الأربع (الاجتهاد والتقليد): 129.

([42]) انظر: السيد روح الله الخميني، الرسائل 2: 96؛ الشيخ حسين علي المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 2: 102 ـ 103؛ الشيخ محمد إسحاق الفياض، تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى 1: 11، قم، انتشارات محلاتي، ط1؛ الشيخ محمد فاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة: 75؛ السيد رضا الصدر، الاجتهاد والتقليد: 172 ـ 173، 250 [وانظر أيضاً: 81]).

([43]) انظر: الشيخ حسين علي المنتظري، مباني فقهي حكومت إسلامي 3: 178، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمود صلواتي وأبو الفضل شكوري، قم، مؤسسة كيهان، ط1، 1409هـ.

([44]) انظر: الشيخ حسين علي المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 2: 102.

([45]) انظر: الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني، كفاية الأصول: 472.

([46]) انظر: محمد باقر الوحيد البهبهاني، الفوائد الحائرية: 91، مجمع الفكر الإسلامي، ط1، قم، 1415هـ؛ الميرزا أبو القاسم القمّي، القوانين المحكمة في الأصول 1: 469، إحياء الكتب الإسلامية، ط1، قم، 1430هـ؛ السيد محمد الطباطبائي، مفاتيح الأصول: 405؛ السيد روح الله الخميني، الرسائل 2: 134؛ السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى: 107 و402؛ وغيرها.

([47]) الشيخ جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء 1: 228، انتشارات دفتر تبليغات إسلامي، ط1، قم، 1422هـ.

([48]) الشيخ الأنصاري، مطارح الأنظار (تقرير: أبو الفضل الكلانتري): 261، مؤسسة آل البيت، ط1، قم، 1404هـ. وانظر أيضاً: محمد حسين الإصفهاني (صاحب الفصول)، الفصول الغروية في الأصول الفقهية: 421، 422، 423، دار إحياء العلوم الإسلامية، ط1، قم، 1404هـ؛ الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني، كفاية الأصول: 472؛ الميرزا علي الإيرواني، الأصول في علم الأصول: 456؛ الشيخ حسين علي المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 2: 99.

([49]) انظر: الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني، كفاية الأصول: 472.

([50]) انظر: السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى: 126، 166، 243، 299.

([51]) انظر مثلاً: السيد روح الله الخميني، الرسائل 2: 120؛ الشيخ محمد علي الآراكي، الخيارات: 406، مؤسسة در راه حقّ، ط1، قم، 1414هـ.

([52]) انظر مثلاً: السيد عبد الفتاح المراغي، العناوين الفقهية 2: 275، دفتر انتشارات إسلامي، ط1، قم، 1417هـ؛ الشيخ الأنصاري، الاجتهاد والتقليد: 277، الشيخ النائيني، فوائد الأصول (تقرير: محمد علي الكاظمي) 4: 603؛ السيد روح الله الخميني، كتاب الطهارة 1: 134، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط1، طهران؛ السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى (الخمس) (تقرير: مرتضى البروجردي): 147.

([53]) انظر: محمد حسن الآشتياني، بحر الفوائد في شرح الفرائد 3: 192، مكتبة المرعشي النجفي، ط1، قم، 1403هـ؛ السيد محمد كاظم اليزدي، حاشية المكاسب 2: 128، مؤسسة إسماعيليان، ط1، قم، 1410هـ [في ما يتعلَّق بهذين الموردين فإن الكلام المنقول هو المراد]؛ السيد أبو القاسم الخوئي، الهداية في الأصول (تقرير: حسن الصافي الإصفهاني) 3: 141، مؤسّسة صاحب الأمر#، ط1، قم، 1417هـ؛ وغيرها من المصادر الأخرى.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً