أحدث المقالات

د. عبد المهدي جلالي(*)

ترجمة: نظيرة غلاب

 

على طريقتها في عرض الرأي والرأي الآخر تقدّم مجلّة «نصوص معاصرة» دراسة في شخصية سليم بن قيس الهلالي، يذهب صاحبها إلى وهمية هذه الشخصية وكونها مختلقة، ثم تعقبها بدراسة نقدية لهذا البحث تثبت أن سليم بن قيس شخصية حقيقية تاريخية مؤكّدة (التحرير).

 

مقدمة ــــــ

لقد كان للكتاب الذي نسب إلى «سليم بن قيس الهلالي» الفضل في شهرة سليم بن قيس الهلالي والتعريف به. الكتاب عبارة عن مخطوط اشتمل على ما يقرب من 69 مورداً([1]). وقد تم طبعه عدة مرات، بلغات مختلفة: الفارسية، والأردية، بالإضافة إلى الإنجليزية([2]). أخرجت الطبعة الجديدة للكتاب محققة، مرفقة بفهرست وملحقات في 632 صفحة. وقد تم عرض الكتاب تحت عنوان «كتاب سليم بن قيس الهلالي، تأليف: أبو صادق سليم بن قيس الهلالي الكوفي، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، الطبعة الأولى، قم، الناشر: منشورات دليل ما، 1422هـ/1380هـ. ش». وقد اختار المحقق لهذا الكتاب عنواناً عريضاً لكل من صفحة الغلاف والصفحة الأولى من الكتاب: «كتاب سليم بن قيس الهلالي، أول مصنف عقائدي حديثي تاريخي وصل إلينا من القرن الأول، تأليف التابعي الكبير سليم بن قيس الهلالي (2 قبل الهجرة ـ 74هـ)، من أصحاب أمير المؤمنين والإمامين الحسنين والإمام زين العابدين والإمام الباقر^».

والظاهر أن المحقق قد اعتمد في تاريخ ميلاد سليم بن قيس على ما استنبطه من الحديث 34 من كتاب سليم([3])، حيث قال فيه سليم لأبان بن أبي عياش، وهو الراوي الوحيد لكتابه([4]): إنه كان في الأربعين من عمره في حرب صفين(38هـ). كما اعتمد كذلك في تحديد سنة وفاته على الحدس والاستنباط من كتاب آخر نسب إليه، وقال: إن أبان بن أبي عياش كان راويه الوحيد([5]).

 

بنية المقال ـــــ

لقد تم تناول موضوع هذا المقال من خلال قسمين:

القسم الأول: يحاول فيه إعطاء صورة عن شخصية سليم بن قيس الهلالي. وسيتم تقصي أبعادها من خلال علاقاته، ومقابلاته، وسماعه، وأسئلته لأشخاص متفرقين، وخطابه، التي رويت عن طريق أبان بن أبي عياش في كتابه «سليم بن قيس الهلالي».

أما القسم الثاني من هذه الدراسة فيقوم في الأساس على التحقيق في واقعية شخصية سليم بن قيس الهلالي، هل له وجود عيني وخارجي وحضور تاريخي أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد صناعة لشخصية، ووضع اسم لغير مسمى؟ وقد كانت حنكة محقق الكتاب سبباً في إثبات هذه الشخصية، حيث اعتمد أسلوب الحقيقة والحدس في إثباتها، لكن انطلاقه من الحديث عن المحيط الاجتماعي الذي كان يعيش فيه سليم بن قيس الهلالي، ومعاناته داخل هذا الوسط، جعل شخصية سليم بن قيس الهلالي تنتقل من مجرد تصوير إلى حقيقة ذات وجود محسوس.

وقد اعتمدنا في هذا القسم من البحث على مراجع ومصادر الرجال، والحديث، والسيرة، والتراجم، والوفيات. والقسم الأكبر كان بالاعتماد على كتب التاريخ، وبالأخص مرحلة ما بين السنة الرابعة عشرة للهجرة، والتي توافق وجود سليم بن قيس الهلالي في المدينة المنورة([6])، وسنة ستة وسبعين للهجرة، والتي هي ـ حسب قول أبان بن أبي عياش ـ سنة وفاة سليم([7]) بمنطقة «نوبندجان» الفارسية([8]).

وبمقتضى التحقيق العلمي فإن مصادر ومراجع القسم الثاني، والتي اعتمدت على إشارات وشواهد في إثبات واقعية سليم بن قيس الهلالي وحضوره التاريخي الفعلي، والتي كان مستندها الوحيد كتاب سليم بن قيس الهلالي الذي تفرد أبان بن أبي عياش بروايته، غير قابلة للاستناد، ولا تعد دليلاً علمياً؛ لأنه في غير هذه الصورة نكون قد اعتمدنا في إثبات وجود سليم بن قيس الهلالي شهادته على نفسه، وهو ما يستلزم الدور، وهو خلاف البديهيات المنطقية، ومعارض للسيرة العقلائية، والمنهج العقلاني الموافقة للقرآن والسنة الصحيحة.

 

أسلوب ومنهج البحث في هذا المقال ــــــ

لقد تم الاعتماد على المنهج الاستقرائي ـ التوصيفي والتحليلي، الذي يتأتى من خلال المطالعة الكثيفة، والتدقيق العميق في معاني الأمور، وتتبع الوقائع والأحداث من خلال الكتب والمستندات التاريخية. ومن هذا المنطلق فإن القائم بهذه الدراسة والتحقيق له معرفة واسعة بالنصوص، التاريخية منها وغير التاريخية، وله أبحاث كثيرة في هذا الميدان، لكن وبسبب ما تفرضه الكتابة من جنس المقالة، وما تستلزمه من توخي الاختصار والمحدودية في الكلام، سيتم التركيز فقط على الموارد المهمة وتسليط الضوء عليها بالبحث والتحليل، والنتيجة ستكون وفق جميع المراجع والنصوص المعتمدة.

 

سابقة البحث حول سليم بن قيس الهلالي ـــــ

ما تبين للمحقق من خلال تحقيقه وبحثه في هذا الموضوع أنه قبل زمن صدور هذه الدراسة لم يسبق أن تمّ تحقيقٌ وبحث علمي خاصّ بهذه الشخصية. نعم، ورد اسم سليم بن قيس وتم الحديث عنه في عدة موارد سيتمّ التطرق إليها في هذه المقالة. ولابد من الإشارة إلى أنه في جلّ هذه الموارد كان الموضوع هو كتاب سليم، والروايات التي اشتمل عليها، وحتى ما أحيل إلى الهامش كان كلاماً مقتضباً، وفي أغلب الأحيان كان كلاماً غير محقِّقٍ، ولم يكن بحثاً علمياً مستقلاًّ.

 

القسم الأول ــــــ

شخصية سليم بن قيس الهلالي من خلال الكتاب المنسوب إليه ــــــ

المعتمد عليه في هذا القسم هو كلام سليم ـ والذي تفرد بروايته أبان بن أبي عياش ـ من كتاب سليم بن قيس الهلالي، تحقيق: أنصاري الزنجاني. وستواجهنا شخصية سليم في هذا القسم في صورة الإنسان الفعّال والدينامكي الذي له حضور فعّال في الكثير من المواقع، يحبّ المعرفة، وملحاح في طلب حقيقة الأشياء، علاقته «ببعض المواضيع» جدّ حساسة ومتميزة. له ارتباطات ولقاءات بعدة شخصيات ذات مواقع ومكانة خاصة، سمع منهم، ثم روى عنهم.

 

علاقة سليم بن قيس بالإمام علي× ــــــ

أعظم علاقاته ـ والتي كان لها رونقها الخاص ـ كانت مع الإمام علي×. فقد حضر إلى جانبه في مواضع وأماكن مختلفة، وفي زمن خلافة عثمان كان يحضر مجالس العلم التي كان يعقدها الإمام علي× في مسجد النبي| وسط جماعة من أصحابه، فكان يسمع منه، وكان يحفظ عنه كلّ ما سمعه عن ظهر قلب، ليقيده بالكتابة بشكل تامّ([9]). والكتاب مليء بالأمثلة على ما يظهر هذا:

1ـ جلس سليم وجماعة من الصحابة حول الإمام علي×، وبينما هم كذلك توجه أحد الصحابة إلى الإمام× طالباً منه أن يصدر أوامره بتجهيز الجيش([10]). يظهر الحادث مجالسة سليم للإمام، وحضوره في مواضيع مهمة، لكن من خلال جواب الإمام× تبين لنا أن هذا الأمر لم يكن في زمن خلافة عثمان، وإنما كان في أواخر حياة الإمام×، وبعد حرب النهروان. لقد كان حاضراً إلى جانب الإمام علي× في مواقع مهمة جدّاً، وكان يطلع على كل ما يصل الإمام من أخبار، أو يرسله الإمام من رسائل. حضر مع الإمام× حرب الجمل، وقد نقل دعوة الإمام للزبير، وما جرى بينهما من حديث([11]). ولأنه كان مطلعاً على تفاصيل الأمور فقد تحدث عن كل ما وقع في تلك الحرب، بدءاً من عدد الذين ناصروا الإمام في حرب الجمل وفئاتهم([12])، كما حضر بعد ذلك «صفين». فقد سأله أبان بن أبي عياش ـ الراوي لكتاب سليم ـ: هل حضر في صفين وفي أشد مراحلها «ليلة الهرير»؟ وكان جواب سليم بالإيجاب، ليسأله أبان مجدَّداً: متى كان ذلك؟ فقال سليم: سنة أربعين، ليخبره بعد ذلك عن كلّ ما وقع في ليلة الهرير من أحداث([13]).

لقد نقل سليم كل خطب الإمام علي×، ووصف كلّ ما وقع قبل صفين([14]). كما أخبر بما وقع بعدها، حيث رجع الإمام من صفين، ونزل الجيش بالقرب من دير الراهب النصراني، وما جرى بين الإمام علي والراهب النصراني([15]). كان سليم لا يفارق منبر الإمام× فقد كان يحضر جميع خطبه وأحاديثه، ونقل كل أقواله بعد حرب الجمل وصفين والنهروان، ولم يغفل عن شيء منها([16]).

أما عن طريق أخذه وتحمله الحديث فقد كان يعتمد على السماع المباشر، «حتّى غدا السماع حرفته»، والسماع أعلى مراتب تحمل الحديث([17]). أما ما سمعه سليم من الإمام علي× فكثير جدّاً، ويستحق الاهتمام وإعمال النظر فعلاً. ومن العبارات التي استعملها سليم، والتي تنم عن حدوث السماع المباشر من الإمام× نذكر على سبيل المثال، لا الحصر: الحديث الثاني والذي بدأه بالقول: حدثني علي([18]). كما نجد في روايات أخرى تعبير: «سمعت علي بن أبي طالب× يقول»([19])، وكذلك تعبير: «سمعت أبا الحسن× يحدثني، ويقول»([20]). كما توجد موارد توجَّه فيها بعض الناس بالأسئلة إلى الإمام علي×، وكان سليم يستمع إلى السؤال وإلى جواب الإمام×، فنقل ما سمع([21]). ومن الخطب المشهورة خطبة المتقين([22])، ونجد أن سليم يرويها بالسماع المباشر، حيث يقول: إنه كان في محضر الإمام علي× إذ قام شخص يدعى «همام» وسأل الإمام عليّاً أن يعرِّف له المتقين، وقد نقل سليم ما قاله الإمام في وصف المتقين بما يقارب ما نقل في نهج البلاغة([23]). وكذلك نجد في هذا الكتاب أن سليم كان في مجلس أمير المؤمنين× بالكوفة ـ إلى جانب جمع من المحبين والأتباع ـ، وقد توجه إليهم الإمام بوجهه، وقال لهم: «سلوني قبل أن تفقدوني»([24]). إلى غير ذلك من الموارد والعبارات التي تكشف عن مدى ارتباط سليم بالإمام علي، ومدى ملازمته له في كل مجالسه، سواء في الحضر أو السفر. هذه العلاقة الوطيدة كانت فرصة لكي يسأل سليم الإمام علي عن أحداث وأمور ما كان ليتجرأ عليها لولا علاقة الحب والملازمة التامّة للإمام×. فقد سأل الإمام عن المصحف الذي جمعه علي× مباشرة بعد وفاة النبي الأكرم|، وقد أجابه الإمام مفصلاً([25]). إلى جانب العديد من الأسئلة في مواضيع مختلفة، وكان دائماً يتلقى الجواب من الإمام مفصلاً([26]). وكان كلما تلقى الجواب يسأل الإمام الدعاء له بأن يكون في صحبته في الدنيا والآخرة، وكان الإمام× في كل مرة يدعو الله له ما سأل([27]).

لم يكن سليم بن قيس الهلالي متساهلاً في ما يسمعه من الآخرين، فقد كان لا يكتفي بما يسمعه من الآخر، حيث كان ـ مباشرة أو بعد مرور وقت ـ يسأل الآخرين عن نفس ما سمعه، حتى يحصل له اليقين بأن ما روي له كان صحيحاً. وكان سليم منشغل البال في أن لا يصدق الآخرون رواياته، لذا كان يكرر السؤال على الآخرين، ويتحرّى الصحة، مبتغياً من وراء ذلك أن ينال كتابه القبول، وأن لا يقع لهم أيّ شك أو ترديد في أصالة رواياته وأحاديثه. ولم يكن احتياط سليم في قول عوام الناس فحسب، بل كثيراً ما كان يتتبع الحديث الذي رواه المعصوم، فلا فرق عنده في التأكد من صحة الخبر بين أن يكون الراوي معصوماً أو من عامة الناس. ومن الأمثلة على هذا أنه سمع حديثاً من الإمام علي× حول الحسنين’، وبعد شهادة أمير المؤمنين× ذهب إلى الحسنين’ ليسألهما عن نفس الحديث، فأكَّدا له أنهما سمعاه أول مرة من النبي الأكرم|، وأن الإمام علي× قد أكَّده من دون زيادة أو نقصان. وبعد عشرات السنين التقى الإمام علي بن الحسين، وكان محمد بن علي× حاضراً كذلك، وكان علي بن الحسين× ينقل ما سمعه من جدّه وأبيه وعمه في الحسنين’، فسأله سليم عن الحديث، فقال الإمام علي بن الحسين×: إنه سمع الحديث من جده أمير المؤمنين، وكان حينها طفلاً، ومحمد بن علي× الذي كان حاضراً أكَّد هو الآخر أنه سمع الحديث من جدّه الحسين×. ولم يقف البحث عن الرواية بموت سليم بن قيس الهلالي، بل نجد أن (أبان بن أبي عياش)، والذي انفرد برواية كتاب سليم، أدام المسير، فراح يسأل الإمام السجاد إنْ كان سمع الحديث من جده، كما نقل سليم ذلك، فأكد له الإمام السجاد أنه سمعه من جده، كما نقل ذلك سليم. وبعد شهادة الإمام السجاد× سافر أبان قاصداً الحج، فالتقى الإمام محمد بن علي الباقر×، فعرض عليه الحديث كما نقله سليم، فقال الإمام الباقر ـ وعيناه تدمعان ـ: إن الحق ما نقله سليم، وأخذ× بعد ذلك يحكي له ما جرى بين أبيه الإمام السجاد× وسليم في خصوص الرواية، وكيف كان سليم يتتبع سند الرواية. ومما جاء في حديث الإمام الباقر× لأبان حول سليم أن سليم سمع شيئاً من تفسير القرآن من سلمان والمقداد وأبي ذر، وحتى يطمئن سليم أكثر ذهب إلى الإمام علي×، وسأله عمّا سمعه، فأكَّد له الإمام صحّة ما سمع، واستمر بحث سليم إلى الإمام الباقر×([28]).

 

علاقات سليم بن قيس بأشخاص متفرقين ـــــ

من الأمور الملفتة للنظر في شخصية سليم، والمستشفة من هذا الكتاب، علاقاته الوطيدة والعادية بأشخاص عديدين:

1ـ علاقته بسلمان الفارسي. فقد كانت تجمعهما ـ حسب ما جاء في هذا الكتاب ـ علاقة صداقة خاصة. فقد كان سليم يلتقي سلمان، حيث كان يحضر مجالسه، فيسمع منه مباشرة حول مواضيع وأمور مختلفة، وكان يسأل، ويحفظ أجوبة وبيانات سلمان عن ظهر قلب، وينقل كل ما سمعه بالحرف الواحد([29]).

2ـ علاقته بالمقداد. وهي لا تقلّ عن علاقته بسلمان. فقد كان يسأل المقداد عن علي×، وكان المقداد ينقل له بعض ذكرياته عن زمن حضور النبي الأكرم|([30]).

3ـ علاقته بعبد الله بن العباس. ينقل الكتاب أن سليم كان يتردد على منزل عبد الله بن العباس وجماعة من الشيعة، فكانوا يجلسون إلى بعض، يتحدثون ويتدارسون حول أمور مختلفة([31]).

4ـ كذلك يروي لنا في الكتاب عن لقاءاته بالبراء بن عازب([32]).

5ـ لقاء سليم مع عبد الله بن جعفر وسماعه منه. وفي هذا الخصوص يقول سليم: إن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قد أخبره عن اللقاء الذي جرى بينه ومعاوية بأمر من الحسنين’. وإن سليم نقل كلّ ما رواه عبد الله بن جعفر من دون نقص أو زيادة([33]).

6ـ لقاء سليم وعمار بن ياسر. ضمن الرواية العشرين يروي سليم أنه التقى عمار بن ياسر في زمن حكومة عثمان ـ بعد وفاة أبي ذرّ ـ، فعرض عليه سليم ما سمعه من أبي ذر في خصوص عمار وآخرين، وأن عمار عبَّر هو الآخر عن الصداقة الخالصة التي جمعت بينه وبين أبي ذر، وأيَّد كلّ ما نقله سليم وصدّقه([34]).

7ـ لقاؤه بأبي سعيد الخدري. فسليم في هذا الكتاب ينقل أنه سمع منه حديث غدير خم، ورواه عنه([35]).

8ـ مقابلاته لشخصيات شيعية مشهورة، وذات وزن في المذهب الشيعي، سواء بلحاظ نقل الحديث والروايات أو بلحاظ حضوره الشخصي في أحداث ومواقع مهمة.

ينقل سليم أنه في زمن حكومة عثمان، ولما كان أبو ذر مريضاً قد التزم الفراش، حضر الإمام علي× لزيارته، برفقة سلمان والمقداد، فجعل أبو ذر الإمام علي× وصيَّه([36]). وفي رواية أخرى يروي سليم خواطر سلمان وأبي ذرّ والمقداد عن فترة حضورهم إلى جانب النبي الأكرم|([37]). وعن الثلاثة دائماً يروي سليم خاطرة أخرى لهم من زمن النبي الاكرم|([38]). ومرة ثالثة، لكن من دون أن يقول: «حدثني»، التي تدل على السماع، يقول: إن الإمام علي× وسلمان وأبا ذر والمقداد أطلعوه على بعض الأخبار.

9ـ سليم في الربذة. في رواية يتحدث سليم عن ذهابه لمقابلة أبي ذر بعد أن نفاه عثمان إلى منطقة الربذة([39]).

 

القسم الثاني ـــــــ

بحث حول سليم بن قيس الهلالي ـــــــ

لقد تم التطرق في القسم الأول من هذه الدراسة إلى موضوعات من كتاب سليم بن قيس الهلالي، شاهداً على أن سليم بن قيس الهلالي هو في حقيقته محاولة لبيان المدَّعى. هذا الفرض والمدَّعى ـ كما يلاحظ ـ يحمل في ذاته تناقضاً؛ حيث إن المدعي والمدعى كلاهما سليم بن قيس الهلالي، وهو ما يستلزم الدور، والدور باطل كما سبق أن أشرنا إلى ذلك في مقدمة هذا المقال. هذا الأمر سيلقي بثقله على هذا القسم الثاني، حيث سنحاول الخروج من هذا التناقض والابتعاد عن الدور الباطل، لنبحث في كتب المصادر التاريخية، كتب الرجال، والحديث، والسيرة، والتراجم، وغيرها؛ لننظر هل هناك خبرٌ أو تقريرٌ أو معلومةٌ عن شخص سليم بن قيس الهلالي أو أن المسالة في الأصل هي مجرد ادعاء بدون فحوى؟ وإذا وجدت معلومات أو أخبار عن هذا الشخص فإن البحث العلمي يفرض أن تتم من مصادر مستقلة عن كتاب سليم، حتى لا نقع في الدور. وفي حالة وجود خبر صحيح ـ ولو كان واحداً ـ عن هذه الشخصية يكون كافياً في اعتبار هذه الشخصية واقعية، ولها بالفعل وجود خارجي، ويشكِّل مستنداً تاريخياً يفيد بوجود سليم بن قيس الهلالي ما بين سنة 14 إلى سنة 76هـ، وبالتالي فإن كتاب سليم سيكون حاكياً عن نشاط هذا الشخص، وجهوده في تقصي الأخبار والأحاديث الصحيحة. لكن إذا لم يتم لنا الحصول على أي خبر أو معلومة عن هذا الشخص فإن الحكم الطبيعي سيكون اعتبار هذه الشخصية مجرد أسطورة لا واقعية لها.

 

الكتب والمصادر التاريخية ــــــ

1ـ كتاب أخبار الدولة العباسية، لمؤلف مجهول ــــــ

يختص هذا الكتاب بالحديث عن أخبار الدولة العباسية. والمرة الوحيدة التي ذكر فيها سليم بن قيس الهلالي كان في رواية من طريق عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عنه([40])، لكن ليس هناك خبر خارجي يمكن أن نعده شاهداً ومستنداً في إثبات الوجود الخارجي لسليم.

 

2ـ كتاب الأخبار الطوال، لأبي حنيفة الدينوري ـــــ

يبدأ الكتاب أخباره من أبناء آدم×، ويصل في نهايته إلى زمن حكومة محمد المعتصم في القرن الثالث الهجري. وللأسف لم يأتِ فيه على ذكر سليم.

3ـ كتاب الاستغاثة، لعلي بن أحمد الكوفي ــــــ

يعرض المؤلف في هذا الكتاب للبدع التي ظهرت في صدر الإسلام، بعد رحلة النبي الأكرم|، لكن لم نعثر فيه على اسم سليم.

 

4ـ كتاب الإمامة والسياسة، لابن قتيبة الدينوري ـــــ

يختص الكتاب بذكر تاريخ الخلافة الإسلامية، بدءاً من وفاة النبي الأكرم| وصولاً إلى صراع الأمين والمأمون العباسيين، وقتل الأمين سنة 198هـ. وقد تعرض مؤلِّف الكتاب لذكر العديد من أصحاب الإمام علي×، كعمار بن ياسر، وعدي بن حاتم، وحجر بن عدي، وشبث بن ربعي، وأبي أيوب الأنصاري، وقيس بن سعد بن عبادة، لكنه لم يذكر اسم سليم مطلقاً.

 

5ـ كتاب البداية والنهاية، لابن كثير ـــــ

اختار ابن كثير في الأجزاء التسعة الأولى موضوع تاريخ الإسلام؛ بدءاً من السنة الثالثة عشرة هجرية وصولاً إلى سنة 125هـ. وقد عمل على ذكر العديد من أسماء الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين، و… لكنه لم يذكر بالمرة اسم سليم، ولم يشِرْ إليه ولو بإشارة طفيفة.

 

6ـ كتاب البدء والتاريخ، للمقدسي ـــــ

اختص الكتاب بذكر أخبار المراحل التاريخية البعيدة، وفي الجزء العشرين انتقل إلى الحديث عن خلافة أبي بكر، والوقائع التاريخية بعده إلى أوائل القرن الرابع الهجري، لكن اسم سليم بات غائباً عن هذه الوقائع والأحداث، ولم يرِدْ له ذكر.

 

7ـ تاريخ ابن خلدون ــــــ

هذا الكتاب ومقدمته المشهورة اعتمد تاريخ الإسلام ـ من مولد النبي الأكرم| إلى القرن السابع ـ موضوعاً له، ويستمر في عرض أحداث ما بعد القرن السابع الهجري. وأثناء هذا العرض التاريخي مرّ على كثير من الأسماء، لكن اسم سليم لم يكن من ضمنها، فالظاهر أن ابن خلدون لم يصادف هذا الاسم ضمن المصادر التي اعتمدها.

 

8ـ كتاب تاريخ الإسلام، للذهبي ـــــ

بدأ هذا الكتاب صفحته التاريخية من سيرة النبي الأعظم|، واستمر في عرض الأحداث والوقائع من تاريخ الإسلام إلى سنة 650هـ، لكنه لم يذكر اسم سليم.

 

9ـ تاريخ الأمم والملوك، للطبري ــــــ

انتقل الطبري ضمن الجزء الثالث إلى الحديث عن أحداث ووقائع، بالإضافة إلى الشخصيات الإسلامية، في القرن الرابع عشر الهجري، وتعرض بالتفصيل لفترة حكومة عمر بن الخطاب، وعثمان، ضمن أحداث سنة 35هـ، وبداية خلافة الإمام علي×. كما تعرض لكل جزئيات تلك الفترة، ولم يغادر منها شيئاً. كما تحدث عن معركة الجمل وصفين إلى نهاية 36هـ. وفي الجزء الرابع تطرق إلى أحداث سنة 37هـ، واستهلها بأحداث شهادة عمار بن ياسر، إلى نهاية سنة 69هـ. وكذلك اهتمّ في الجزء الخامس بعرض أحداث ووقائع سنة 70هـ إلى سنة 127هـ. لكن في كل هذه الأجزاء لم يأتِ على ذكر سليم من قريب أو من بعيد.

 

10ـ تاريخ الخلفاء، للسيوطي ـــــ

وهو كتاب مختصر في تاريخ مَنْ يرى السيوطي الأحقية لهم في الخلافة، وشرعية ما أنشؤوه من حكومات، ويبدأ بحكومة أبي بكر، ويستمر في عرض الأحداث إلى أواخر القرن التاسع الهجري، لكن لم نعثر فيه على ذكر لاسم سليم بن قيس الهلالي.

 

11ـ تاريخ خليفة بن الخياط ـــــ

اختص الكتاب بعرض تاريخ الإسلام، بدءاً بمولد الرسول الأكرم| إلى سنة 232هـ، وبحث في مراحل تاريخية بشكل يستفهم عن بعض الحالات والوقائع، ويحاول إيجاد الأجوبة الكاملة لها، مع درجه للاختلافات فيها. وفي الفصل الخاص بخلافة الإمام علي× فتح أقساماً متعددة، من بينها: قسم بعنوان «تسمية عمال علي بن أبي طالب»، فذكر ولاته على مختلف المناطق الإسلامية، مع التعريف بهم وبخصوصياتهم. كما ذكر أسماء مَنْ تولوا في عهده منصب القضاء والشرطة، والكتبة والحجبة. لكن في هذا القسم، وفي باقي الأقسام الأخرى، بل وفي القسم الذي اختص بذكر وقائع كلّ سنة، لم يتعرض بالذكر لاسم سليم بن قيس الهلالي.

 

12ـ تاريخ المدينة المنوّرة، لعمر بن شبه النميري ــــــ

اهتم الكاتب بعرض مباحث كثيرة عن النبيّ|، وأخبار عمر وعثمان، بشكل مفصَّل، وعلى وجه الخصوص، مع التعرض لكل الجزئيات وكل ما يتصل بتاريخ هذه المرحلة، حيث تم ذكر أشخاص كثيرين، لكن لم يكن سليم ضمنهم، ولا واحداً منهم.

 

13ـ تاريخ اليعقوبي ـــــ

حيث يعتبر هذا الكتاب من المستندات التاريخية الهامة. وقد تطرق اليعقوبي في المجلد الثاني من الكتاب إلى ذكر وقائع وأحداث من تاريخ الإسلام، استهلها بمولد النبي الأكرم| إلى أن وصل إلى زمن حكومة أحمد المعتمد على الله في سنة 259هـ. وقد عرض فيه تاريخ الفترة النبوية، ثم تلاها فترة الخلفاء الأربعة، ثم عرج على خلافة الإمام الحسن×، وأيام معاوية بن أبي سفيان، وفترة ابنه يزيد، وشهادة الإمام الحسين بن علي×، ثم استمر في عرض كل الأحداث والوقائع التي تتالت، إلى أن وصل إلى أيام عبد الملك بن مروان ـ من سنة 65هـ إلى 86هـ ـ، وذكر أشخاصاً عديدين، من صحابة، وتابعين، وتابعي التابعين. ذكر أسماء مشهورة وأخرى لم تكن مشهورة بالقدر الكافي. ونظراً إلى توجه اليعقوبي الشيعي فقد ذكر حديث الغدير، وحديث الثقلين، وتفسير «كتاب الله والعترة». كما أنه لم يسمِّ أحداً من الخلفاء الأربعة بأمير المؤمنين، سوى علي×([41])، مع ذكره لكلّ الذين صاحبوا عليّاً× أو كانت لهم به علاقة، لكنه لم يذكر اسم سليم.

 

14ـ التنبيه والأشراف، للمسعودي ــــــ

لقد اختار المسعودي الاختصار في عرض مباحث ومطالب الكتاب، بدءاً من الصفحة 247 إلى الصفحة 274، وذلك بعرض تاريخ حكومة أبي بكر، وعمر، وعثمان، والإمامين علي والحسن’، ثم تاريخ فترة معاوية، ويزيد بن معاوية، ومعاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان(86هـ)، و… وفي مرة واحدة أشار إلى الكتاب الذي رواه أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، لكن لم يشِرْ إلى شيء يبين الحضور التاريخي والوجود الخارجي لهذه الشخصية، وكأنما جاء ذكره بالعرض.

 

15ـ ديوان الإسلام، لابن الغزي ــــــ

اختص الكتاب بذكر أسماء مَنْ اشتهر بالفن، وذكر أسماء أصناف العلماء، من مؤلِّفين، وشعراء، وأدباء، وغيرهم كثير. لكن لم نعثر على اسم سليم ضمن هؤلاء جميعاً.

 

16ـ الطبقات الكبرى، لابن سعد ــــــ

الكتاب عبارة عن معرض كبير لعديد من عظماء التاريخ، رجالاً ونساءً، ضمن طبقات الصحابة والتابعين، بالإضافة إلى أحداث ووقائع تاريخ الإسلام، لكنه لم يذكر سليماً في أيّ قسم منه.

 

17ـ العبر في خبر من غبر، للذهبي ــــــ

اهتم المؤلف بأحداث السنة الأولى من تاريخ الإسلام إلى سنة 764هـ. كما أورد أحداث واقعة صفين، وأصحاب الإمام علي×، كأبي ليلى الأنصاري، وخزيمة بن ثابت، وعمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وأبي حسان قيس بن مكشوح المرادي، وآخرين، لكن لم يذكر سليم بن قيس الهلالي بينهم مطلقاً.

 

18ـ الكامل في التاريخ،لابن الأثير ــــــ

اهتم الكتاب بعرض تاريخ بداية التأريخ، وتثبيت وقائع الإسلام، ومباحث أخرى في بدء الخلق. كان خلق آدم أول مباحثه في هذا الباب، واستمر في عرض الأحداث التاريخية إلى أن وصل إلى سنة 628هـ. وقد فسر جميع الأحداث التاريخية، وبيَّن جزئياتها بالتمام والكمال، وظل اسم سليم غائباً عن الأحداث في هذا الكتاب، كما غاب في ما سبق.

 

19ـ مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان، لليافعي ــــــ

الكتاب عبارة عن عرض تاريخي لكل واقع تاريخ الإسلام، بدءاً من السنة الأولى إلى سنة 750هـ، ولم نجد ضمن كلّ مَنْ ذكرهم اسم سليم بن قيس الهلالي.

 

20ـ  المسترشد، لمحمد بن جرير بن رستم الطبري ـــــ

كانت الأحداث والوقائع التاريخية في هذا الكتاب مفرقة، لكنها كانت مفسرة ومبينة، تولى فيه ذكر العديد من الأسماء، لكن لم يكن سليم واحداً منهم في تمام أجزاء الكتاب.

 

21ـ  مقاتل الطالبيين،لأبي الفرج الأصفهاني ـــــــ

موضوع الكتاب كان ذكر أخبار مَنْ كان من ولد أبي طالب، منذ زمان النبي الأكرم| وإلى سنة 313هـ ـ زمن تأليف الكتاب ـ. وقد ذكر مَنْ قتل منهم، ومَنْ هرب من ظلم السلطان، وبقي متوارياً إلى أن وافته المنية. وما يدعو للحيرة أن اسم سليم لم يكن ضمن هؤلاء الأفراد.

 

22ـ كتاب الوفيات، لابن القنفذ ـــــ

الكتاب في الأصل هو حاشية على كتاب شرف الطالب في أسنى المطالب، لمؤلّف آخر. اختص كتاب الوفيات بذكر تاريخ وفاة مجموعة من الصحابة الذين كانوا في زمن النبي الأكرم|، والتابعين، وآخرين، كعلقمة بن قيس(62هـ)، ومسروق بن أجدع الهمداني(63هـ)، وعبيدة بن عمرو المرادي(72هـ)، وأبي أمية شريح الكندي القاضي(80هـ)، وسعيد بن جبير(95هـ)، لكن سليم  ـ الذي قيل: إنه توفي في وسط العشرة السابعة من الهجرة ـ لم يذكر له خبر في هذا الكتاب.

 

كتب ومصادر السيرة، والتراجم، والمناقب، وكتب التاريخ الخاصة ـــــــ

1ـ  كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى، للطبرسي ـــــــ

بدأ الطبرسي ـ مؤلف مجمع البيان ـ كتابه (أعلام الورى بأعلام الهدى) بعنوان «في ذكرى النبي محمد|»، وسمى كل قسم من أقسام الكتاب الأربعة «ركن». واختص القسم الأول، الذي تخللته أبواب وفصول عديدة، بذكر السيرة الشريفة والتاريخ المبارك للنبي الأكرم|. وفي القسم الثاني، الذي تضمن أبواباً وفصولاً كثيرة، وعنونه بـ «ذكر الإمام علي بن أبي طالب×»، تطرق إلى تاريخ الإمام وسيرته العطرة. واختص القسم الثالث بـ «الأئمة من أولاد أمير المؤمنين×». وفي فصوله العشرة وأبوابه التسعة والأربعين عمل على عرض سيرة الأئمة، من الإمام الثاني إلى الإمام الحادي عشر. وفي القسم الرابع، الذي قسمه بدوره إلى قسمين، وعنونه بـ «ذكر الأئمة الاثني عشر والإمام الثاني عشر»، خص قسمه الأول بطرح النصوص والأدلة على إمامة الأئمة الاثني عشر، وذلك في ثلاثة فصول؛ وفي القسم الثاني ـ وضمن أبواب وفصول متعددة ـ أورد المباحث والمسائل المرتبطة بالإمام الثاني عشر.

لقد تعرض الطبرسي في هذا الكتاب لذكر أشخاص عديدين، وفي مختلف المناسبات والمراحل التاريخية. كما ذكر اسم سليم بن قيس الهلالي كذلك في عدة موارد([42])، ولكن ذكره كان من خلال الروايات التي رواها عن طريق عمر بن أذنية، وأبان بن أبي عياش، وطرق أخرى، أو مرسلة «بدون ذكر الطريق» عن سليم. والنقطة الملفتة للنظر في هذا النقل أن كل الطرق التي أورد فيها الرواية عن قيس كانت تنتهي إلى أبان بن عياش، وبذلك يكون حتى في هذا الكتاب قد انفرد برواية كتاب قيس([43])، و كل ما روي عن سليم كان من خلال الكتاب الذي نسب إليه، كما أن ما ذكر عنه في كتب الحديث المتداولة لم يكن إلا من خلال نفس الكتاب([44]). وعلى أية حال فإن الطبرسي لم يخصّص سليماً بأية معلومات خاصة بشخصه.

 

2ـ الإمام جعفر الصادق، لعبد الحليم الجندي (معاصر) ــــــ

ذكر المؤلف في قسم «التدوين» الكتب التي ألفها الشيعة، وكان ممن ذكر سليم بن قيس الهلالي، فقال: «ومنهم: سليم بن قيس الهلالي، صاحب أمير المؤمنين. له كتاب في الإمامة، وله مكانة عالية في المذهب من حيث الأصول([45]). والحديث حول مكانة الكتاب في المذهب الشيعي ـ وقد جعل مكانته عالية في المذهب ـ يحتاج إلى مقالة مستقلة لا مجال لها ضمن هذا البحث. أما في ما يخصّ ادعاءه بأن سليم من صحابة الإمام علي× فإنه طبق القاعدة الفقهية: «البينة على مَنْ ادَّعى» التي عملت عليها سيرة العقلاء على طول مسيرة التاريخ، كما أنها إحدى الأحكام الشرعية، فإن المؤلف المعاصر لم يقم أية أدلة أو بينة على مدعاه، باستثناء قوله: بعض الشواهد التي تتحدث عن أن سليماً كان موجوداً ما بين سنة 14هـ ـ السنة التي ادُّعي وجوده فيها بالمدينة ـ وسنة 40هـ، التي استشهد فيها الإمام علي×. كما أنه ليس هناك شواهد تاريخية تتحدث عنه في وقائع الجمل وصفين والنهروان، بل ليس هناك ما يشير إلى تواجده ولو للحظة بالقرب من الإمام علي×، أو ضمن الموالين له.

 

3ـ  ترجمة الإمام الحسن×، لابن عساكر ــــــ

كان أسلوب المؤلِّف في هذا الكتاب الاختصاص بنقل الروايات، وفي ما يقرب من 408 أحاديث مسندة حول شخصية، وفضائل ومناقب، وسيرة وتاريخ، الإمام الحسن×، لكن لم يذكر ولو مرة اسم سليم بن قيس(76هـ).

 

4ـ  ترجمة الإمام الحسين×، لابن عساكر ـــــــ

تابع المؤلف في هذا الكتاب نفس الأسلوب الذي عمل به في الكتاب السابق، حيث نقل ما يقرب من 402 خبراً مسنداً حول شخصية، وسيرة وتاريخ، الإمام الحسين، وخاصة في ما يتعلق بواقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين× والعديد من أهل البيت والموالين له، لكنه لم يذكر سليماً، الذي قيل: إنه توفي سنة 76هـ، ضمن تلك الأخبار مطلقاً.

 

5ـ  الجمل، للشيخ المفيد ــــــ

بدأ الشيخ المفيد كتابه بذكر «اختلاف الأمة في فتنة الجمل»، وطرح فيه آراء مختلفة. بعد ذلك انتقل إلى الحديث عن القضايا المتعلقة ببيعة الإمام علي×، وحينها تعرض لواقعة الجمل وما تخللها من أحداث ووقائع. وقد عدّ الشيخ المفيد في هذا الكتاب العديد من أصحاب الإمام علي×، لكنّه لم يذكر سليم بن قيس الهلالي بين هؤلاء جميعاً. ومن الذين شاركوا إلى جانب الإمام علي× في الجمل ذكر: عمار بن ياسر (17مرة)([46])؛ عدي بن حاتم والأحنف بن قيس (كل واحد ثلاث مرات)([47])؛ حجر بن عدي ومحمد بن أبي بكر (كل واحد مرتين)([48])؛ قيس بن سعد وسعيد بن قيس ومعقل بن قيس (كل واحد مرة)([49]).

وكون الشيخ المفيد لم يذكر اسم سليم بن قيس الهلالي ضمن الذين شاركوا مع الإمام× في واقعة الجمل له دلالة كبيرة، ويدفع بنا إلى طرح السؤال عن مدى صحة ما ادّعاه قيس في الكتاب المنسوب إليه  من قربه من الإمام علي×، وملازمته له في جميع الأحوال، وكيف أنه كان غائباً ضمن الذين ذكرهم الشيخ المفيد ممَّنْ لازموا الإمام في الجمل؟ ولم يكن هناك أية إشارة أصلية ـ أو حتى بالعرض ـ إليه!!

 

6ـ  حياة الإمام الحسين، لباقر شريف القرشي ــــــ

جاء الكتاب مفصلاً، وفي حدود 878 صفحة. وقد انطلق في عرض تاريخ الإمام الحسين، بدءاً من تولده، مع ذكر فضائله وشمائله، وتاريخ حياته، في إطار بيان تاريخ الإسلام، واستمر إلى تاريخ شهادته في كربلاء سنة 61هـ. وضمن هذا العرض ذكر أسماء العديد من أصحابه، كما ذكر أباه وأخاه الحسن’، ولكن لم يذكر في أيٍّ منها اسم سليم بن قيس الهلالي.

 

7ـ الغارات، للثقفي ــــــ

موضوع الكتاب بيان وشرح الغارات الليلية التي كان يقوم بها أصحاب معاوية بعد النهروان على مناطق نفوذ حكومة الإمام علي×. وفي كل صفحات هذا الكتاب، وبين ثنايا تفاسيره وبياناته، لم يذكر اسم سليم بن قيس سوى مرة واحدة، وذلك من خلال نقل رواية عنه مرسلة، وسندها غير معلوم([50]).

 

8ـ الغدير، لعبد الحسين الأميني ــــــ

في هذه الموسوعة، المكوَّنة من اثني عشر مجلداً، استطاع المؤلِّف أن يعرض حادثة الغدير من مختلف الأبعاد. وكان ـ وفي مناسبات مختلفة ـ قد ذكر اسم سليم بن قيس، سواء من خلال بعض الروايات التي نقلها عنه أو من خلال الاستناد إلى كتابه([51]). وفي كل المرات التي ذكر فيها اسم سليم حاول ذكره بألفاظ تفيد التوثيق والتعديل، واعتبره من كبار التابعين([52])، لكن في كل الموارد التي ذكر فيها في هذا الكتاب الموسوعة لم يكن هناك أي خبر أو تقرير يثبت وجوده الفعلي وحضوره العيني والتاريخي، كما أن الألفاظ التي وثّق وعدّل بها كانت كلها تفتقر إلى سند. وهذا يؤكد ويقوي الاحتمال لدينا أن العلامة الأميني قد اعتمد على الكتاب المنسوب إلى سليم.

 

9ـ  فضل آل البيت^، للمقريزي ـــــــ

اختص الكتاب بعرض المباحث والمطالب التي تتحدث عن فضائل أهل البيت^، وكان محوره الأساس الإتيان بالآيات الكريمة، ومن ثم بيان صلتها بأهل البيت^. وفي كل الكتاب، وضمن جميع ما عرضه من أبحاث، وما ذكره من روايات ورواة وأشخاص، لم يكن هناك ذكرٌ لسليم مطلقاً.

 

10ـ  كشف الغمة في معرفة الأئمة، للإربلي ــــــ

عمل المؤلف في هذا الكتاب على عرض قطعات من تاريخ وسيرة المعصومين^. وفي مناسبات مختلفة ذكر اسم سليم ثلاثة مرات، وذلك من خلال نقل روايات عنه، لكن في كل المرات التي ذكره فيها لم يذكر أية معلومات أو أخبار عن حقيقة سليم، وهل كان بالفعل شخصية حقيقية وواقعية أو أن الأمر لا يعدو نقلاً عن الكتاب الذي نسب إليه؟

 

11ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين، للعلامة الحلي ـــــــ

هذا الكتاب في فضائل الإمام علي×. والملاحظ أن الكتاب لم ينقل أية رواية عن سليم، ولم يذكره بالمرة.

 

12ـ  الكنى والألقاب، للشيخ عباس القمي ــــــ

عمل المؤلف في هذا الكتاب على ذكر مشاهير علماء الفريقين، والعديد من الشعراء، والأدباء والأمراء، الذين اتسعت شهرتهم، سواء اشتهروا بالألقاب أو بالألقاب والنسب. وسعى إلى شرح أحوالهم، مع ذكر بعض الموارد المهمة بالاعتماد على الأسانيد([53]). وقد ذكر اسم سليم في الكتاب مرة واحدة، واعتمد الكتاب في ذكره لسليم على مضامين مقدمة الكتاب المنسوب إليه، وذكره على أنه من صحابة بعض الأئمة، وبعد ذلك تولى التعريف بكتابه. مع الإشارة إلى أن الكتاب لم يتضمَّن ما يثبت وجود سليم في ما بين سنة 14 وسنة 76هـ.

 

13ـ  المحبر، لمحمد بن حبيب البغدادي ــــــ

في قسم «تسمية مَنْ شهد مع علي بن أبي طالب× الجمل وصفين، من أصحاب رسول الله» استعرض المؤلف أسماء أصحاب علي× والموالين له، لكنه لم يذكر بينهم اسم سليم، ومن الذين ذكرهم ضمن أصحاب الإمام: عمار بن ياسر، عثمان بن حنيف، خزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين)، وقيس بن سعد بن عبادة.

 

14ـ  مقتل الحسين، لأبي مخنف ــــــــ

بدأ الكتاب مباحثه بذكر حكومة يزيد بن معاوية في سنة 60هـ، وكيف أراد يزيد من الحسين× أن يبايعه، وحركة الإمام من المدينة إلى حين شهادته في كربلاء، وما تبعها من أحداث، إلى أن وصل إلى مقتل ابن سعد وابنه في سنة 66هـ على يد المختار الثقفي. وقد ذكر في كل هذه المباحث التاريخية العديد من الأسماء، لكن لم نعثر على اسم سليم بينهم.

 

15ـ  المناقب، للموفق بن أحمد الخوارزمي ـــــــ

لقد توسع المؤلف في عرض تاريخ وسيرة الإمام علي×، فتطرق إلى ذكر أساميه وكناه وصفاته، واختتم الكتاب بالقصائد والأشعار التي مدح فيها الإمام، والتي قيلت في حضرته. وفي كل الكتاب، الذي يتكون من 27 فصلاً، عمل المؤلف على شرح أحوال العديد من أصحاب الإمام، وكان من بينهم: زيد بن صوحان([54])، عمار بن ياسر([55])، محمد بن أبي بكر([56])، خزيمة بن ثابت([57])، قيس بن سعد بن عبادة([58])، عبد الله بن عباس([59])، صعصعة بن صوحان([60])، أصبغ بن نباتة، وأويس القرني([61])، وغيرهم كثير، إلا أن الكتاب لم يذكر اسم سليم، ولم يُشِرْ إليه بأية إشارة.

 

16ـ  مناقب الإمام أمير المؤمنين×، لمحمد بن سليمان الكوفي ــــــــ

الكتاب هو لمحمد بن سليمان الكوفي الذي عاش في القرن الثالث والرابع، وقد ذكر في هذا الكتاب اسم سليم بن قيس مرة واحدة في رواية نقلها عنه من طريق أبان بن أبي عياش([62]).

 

17ـ  نهج الإيمان، لعلي بن يوسف بن جبر ـــــــ

نظمت أبحاث الكتاب في 48 فصلاً. وقد كان دافع المؤلف إلى تأليف هذا الكتاب عرض كتاب كبير وسهل التناول في الإمامة والمناقب. ويمثل هذا الكتاب مدخلاً نحو ذلك المشروع الكبير، أو هو جزء من الكتاب الكبير. وقد سعى المؤلف في هذا الكتاب إلى طرح دلائل إمامة وأفضلية الإمام علي×. وكان منهجه في الكتاب طرح الشواهد القرآنية والروائية لأجل تثبيت هذا الأمر([63]). وفي جلّ فصول الكتاب تمّ ذكر سليم بن قيس مرة واحدة، وذلك من خلال ذكر روايات من الكتاب المنسوب إليه، أما الحديث المباشر عنه أو عرض شواهد تاريخية عنه، وعن تواجده الفعلي، فالكتاب لم يشِرْ إلى شيء منها، أو إلى أية إشارة أو أمارة من الممكن أن تساعدنا في إثبات وجوده العيني والخارجي.

 

18ـ  وقعة صفين، لنصر بن مزاحم ـــــــ

عني الكتاب بشرح وتفسير أحداث واقعة صفين بين الإمام علي× ومعاوية. وقد بدأ مباحثه بدخول الإمام× الكوفة، واختتمه بذكر أسماء الذين قتلوا على أرض المعركة. ومن الطبيعي أن يذكر أسماء الذين اتبعوا علياً×، سواء من صحابته أو من الذين شاركوا إلى جنبه في تلك الواقعة. ومن الذين ذكرهم: عمار بن ياسر (أكثر من ثلاثين مرة)، قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، سهل بن حنيف، هاشم بن عتبة، عمرو بن حمق، ابن عباس، عدي بن حاتم، وخزيمة بن ثابت (كل واحد أكثر من مرة في مواضع مختلفة من الكتاب). أما سليم فلم يذكره المؤلف في أي موضع من الكتاب، ولا تحت أي عنوان من العناوين التي أشار بها إلى العديد من الأفراد. ولعل تلك الملاحظات التي فرضت نفسها في حديثنا عن كتاب «الجمل»، للشيخ المفيد، تجد نفسها مفروضة مرة أخرى في هذا الكتاب؛ إذ كيف يغيب سليم بن قيس عن واقعة صفين وهو الذي وصف نفسه أنه لم يفارق المنبر، ولا غاب عن خطب وأحاديث أمير المؤمنين، وأنه سمع كل حرف خرج من فمه الشريف في كل الوقائع والأحداث التاريخية التي شهدتها فترة حكمه وخلافته؟!.

 

19ـ  ينابيع المودة لذوي القربى، للقندوزي ـــــــ

عمل المؤلف في المجلد الأول من الكتاب، والذي جاء في 53 باباً، على ذكر فضائل الإمام علي× ودلائلها. وفي المجلد الثاني ـ وتحديداً من الباب 53 إلى الباب 59 ـ ورغم أنه ذهب إلى ذكر فضائل شخصيات عدة من أهل بيت النبي الكرام^ إلا أن محور موضوعه كان فضائل الإمام علي ودلائلها. وفي المجلد الثالث خصَّص الحديث عن ذكر الأحاديث المتعلقة بشهادة الإمام الحسين×، وفضائل متفرقة للأئمة المعصومين الذين تم ذكرهم في الكتاب.

وفي أبواب الكتاب، التي بلغت المائة، تم ذكر اسم سليم مرات ومرات([64]) وذلك من خلال درج بعض الروايات المنقولة من كتابه، والتي ترجع إلى أبان بن أبي عياش، مع غياب أي شيء يثبت وجوده الفعلي، أو دليل علمي يؤكد وجوده الخارجي.

 

الكتب الأصول في الرجال عند الشيعة ــــــــ

1ـ  كتاب اختيار معرفة الرجال، للشيخ الطوسي ـــــــ

يعتبر هذا الكتاب من الكتب الأصول الأربعة الشيعية في علم الرجال. ومنتخب الشيخ الطوسي من كتاب معرفة الرجال هو في الحقيقة أثر لأبي عمر الكشي العالم الشيعي الكبير، والذي يعتد بأقواله في توثيق الرجال. وقد ذكر المؤلف ثلاث مرات اسم سليم بن قيس الهلالي، وذلك بمناسبة ذكر رواية له([65])، لكنه لم يستحضر أي مطلب يبين حضوره التاريخي أو يثبت وجوده العيني.

 

2ـ  رجال الطوسي ـــــــ

في هذا الكتاب، الذي يعتبر واحداً من الأصول الأربعة في الرجال لدى الشيعة، ذكر اسم سليم بن قيس الهلالي في الموارد التالية:

1ـ في هامش «أسماء مَنْ روى عن أمير المؤمنين×»، بدون توضيح يذكر([66]).

2ـ في هامش «أصحاب أبي محمد الحسن بن علي×»، بدون توضيح([67]).

3ـ في هامش «أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي×»، بدون توضيح([68]).

4ـ في هامش «أصحاب أبي محمد علي بن الحسين×». وكانت الجملة الوحيدة التي ذكرها «سليم بن قيس الهلالي، ثم العامري الكوفي، صاحب أمير المؤمنين×»([69]).

5ـ في هامش «أصحاب أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين×»، بدون توضيح([70]).

كان الجزء المهم والعمدة في حياة الطوسي(460هـ) في النصف الأول من القرن الخامس الهجري، لذا فبينه وبين رواة كتاب سليم وسائط متعددة، وقد ذكرهم في الفهرست([71])، ومع ذلك فإن الشيخ الطوسي لم يورد أي تقرير أو خبر يشير إلى وجود سليم أو يتحدث عن حياته. بل غاية ما تحدث به الشيخ الطوسي عن سليم قوله: إنه صاحب خمسة أئمة. ولو كان يستند في كلامه على دليل غير الكتاب الذي تفرَّد به أبان بن أبي عياش لكان حرّياً به أن يبينه في هذا الكتاب أو في الفهرست أو في آثاره المتعددة والمعتمدة، لكنه لم يذكر أي شيء من ذلك. وهذا يقوّي الاحتمال بأنه إنما نقل من الكتاب المنسوب إلى سليم، ولم يكن له دليل آخر أو مصدر آخر غيره.

 

3ـ رجال النجاشي ــــــ

يعتبر الكتاب من أهم المصنفات الشيعية التي شرح فيها حال أصحاب الأصول وأصحاب المصنفات ورجال الحديث الشيعة. وقد ذكر فيه اسم سليم بن قيس مرتين:

الأولى: ذكر اسم سليم وكنيته، مع الإشارة إلى أن لديه كتاباً، وتابع في ذكر طرقه إلى الكتاب. والنجاشي متوفّى في 450هـ، يعني أنه عاش في النصف الأول من القرن الخامس، بينما تواجد سليم ـ حسب كتابه ـ في القرن الأول الهجري، مما يعني أن بين النجاشي وأول رواة كتاب سليم وسائط متعددة، وقد سماهم جميعاً([72]).

الثانية: في هامش ترجمة «هبة الله بن أحمد بن محمد الكاتب، المعروف باسم «ابن برنية»: عن سليم: هبة الله بن أحمد… قد سمع كثيراً. وأخذ من هنا ومن هناك، وإنه عاش في محضر أبو الحسين بن شيبة العلوي الزيدي، وقد كان له كتابٌ، وقال: إن «أئمة الشيعة ثلاثة عشرة نفراً. واستند في قوله هذا على حديث من كتاب سليم يقول: الأئمة من ولد أمير المؤمنين علي× ثلاثة عشرة إماماً([73]). مع الإشارة إلى أن النجاشي لم يذكر أي خبر أو شرح حول حياة سليم، أو ما يثبت أنه كان موجوداً بالفعل، وأنه كان على قيد الحياة ما بين سنة 14هـ، وهي السنة التي ادعى فيها حضوره بالمدينة، وسنة 76هـ، وهي السنة التي ادّعي فيها وفاته في نوبندجان فارس، أو أي تقرير حوله.

 

4ـ الفهرست، للشيخ الطوسي ــــــــ

هذا الكتاب، الذي يعدّ من الأسس والكتب المعتمدة في معرفة رجال وأصحاب الأصول والكتب الحديثية والرواة حتى عصر الطوسي، هو واحد من الكتب الأربعة في علم رجال الشيعة. ذكر الطوسي سليماً في هذا الكتاب مرة واحدة بالاسم والكنية (أبو صادق)، وأن له كتاباً، وقال: إنّ له إلى الكتاب طريقين، ذكر الواسطة بينه وبين الرواة الأوائل للكتاب، لكنّه لم يأتِ بشيء غير هذا، أو ما يؤكد وجود سليم الفعلي وحضوره التاريخي.

 

كتب الأصول في الحديث عند الشيعة ــــــــ

1ـ الاستبصار، للشيخ الطوسي ــــــــ

في هذا الكتاب، الذي يعدّ واحداً من الأصول في الحديث لدى الشيعة، لم يعثر على أية إشارة أو ذكر لسليم بن قيس، أو ما يمكن أن يفهم منه أن له وجوداً فعلياً.

 

2ـ تهذيب الأحكام، للشيخ الطوسي ـــــــ

في هذا الكتاب المهم؛ بلحاظ شروحه وتعريفاته، في الحديث الشيعي تم ذكر اسم سليم أكثر من مرة، وذلك من خلال نقل روايات عنه([74])، ولكن الشيخ اكتفى بنقل الروايات عنه من دون أن يخصه بأي كلام أو شرح، أو تلويح بأنه وجد في الفترة التي ذكرها نفسه في كتابه.

 

3ـ الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني ـــــــ

بدون أدنى شك فإن كتاب الكافي من أكبر وأعظم وأقدم الموسوعات الحديثية الشيعية. وقد ذكر سليم بن قيس الهلالي في أكثر من مورد، وذلك في نقله لروايات عنه([75]). إنما في كل تلك المواضع التي ذكره الكليني فيها لا يوجد أي تقرير أو خبر عن سليم من شأنه أن يثبت أو يؤكد أنه موجود فعلاً في مرحلته التاريخية التي صرح بها بنفسه في الكتاب المنسوب إليه.

 

4ـ كتاب من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق ــــــــ

من لا يحضره الفقيه ـ بإضافة كلّ من: الكافي، والاستبصار، والتهذيب ـ يمثِّل واحداً من الأصول الأربعة للحديث الشيعي. وهو من الكتب الأصول المعتبرة. وقد ذكر الشيخ الصدوق سليم بن قيس مرة واحدة([76]). ونفس الشيء يلاحظ بالنسبة إلى هذا الكتاب، فالشيخ الصدوق ـ كما في باقي الأصول ـ لم يلحق اسم سليم بأي شيء يثبت وجود سليم الواقعي وحضوره التاريخي، وكل ما فعله أنه نقل عنه بعض الروايات.

 

المصادر العامة للحديث الشيعي ـــــــ

1ـ الاعتقادات، للشيخ الصدوق ـــــــ

ذكر الصدوق في هذا الكتاب اسم سليم في موضعين، وذلك في معرض نقل بعض رواياته([77]).

 

2ـ بحار الأنوار، لمحمد باقر المجلسي ـــــ

الكتاب في مائة وعشرة مجلدات. وهو أكبر الموسوعات التي جمعت كل ما وصل إليه من الأحاديث الشيعية. كما أنه يعتبر من المجاميع الحديثية المحسوبة على فترة المتأخرين. وقد أتى ذكر اسم سليم في هذا المجمع الحديثي في موارد متعددة، وذلك من خلال نقل بعض رواياته([78])، كما أنه؛ ولمناسبات مختلفة، أتى على ذكر اسم سليم، لكن لم يذكر في كل تلك المواضع والمناسبات شيئاً يبين ويثبت وجود سليم، وأنه حقيقة واقعية وتاريخية.

 

3ـ الخصال، للشيخ الصدوق ــــــ

تعددت الموارد التي تم ذكر اسم سليم فيها في هذا الكتاب، ولكن من دون أي تقرير أو خبر يمكن أن ينبئ عن وجوده وتواجده التاريخي.

 

4ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ــــــ

الكتاب عبارة عن دائرة معارف من عشرين مجلداً. ولم يتم ذكر سليم بن قيس إلا في المجلد الثاني عشر منها، وذلك بالعرض، وضمن نقل رواية عنه([79]).

 

حُكْم ابن أبي الحديد في خصوص سليم ــــــــ

بعد أن ذكر سليم، وفي الصفحة 316 من نفس المجلد، قال: أما رواية سليم فليست ذات أهمية، وقد عرف مذهب سليم، وكتابه الذي عرف بينهم باسمه، ويكفي ردّ رواياته. ومع هذا فإني قد سمعت من أحد الشيعة أن هذا الاسم بدون مسمّى، ولا يوجد في العالم أحد يعرف بـ (سليم بن قيس الهلالي)، والكتاب المنسوب إليه موضوع عليه، ولا أساس له؛ وقال بعض آخر: هو من الشيعة؛ لوردوه ضمن أسماء الرجال.

5ـ عيون أخبار الرضا×، للشيخ الصدوق ـــــــ

ذكر الشيخ الصدوق اسم سليم مرتين في هذا الكتاب، وذلك حين نقل عنه إحدى الروايات([80])، من دون أن يخصّه بأي حديث أو كلام يصلح دليلاً على وجوده العيني وحضوره التاريخي.

 

6ـ الغيبة، للنعماني ـــــــ

اختصّ هذا الكتاب بعرض الروايات والمطالب التي تتحدث عن إمامة الإمام الثاني عشر، ومباحث في غيبته. وقد ذكر النعماني سليم بن قيس من خلال إيراده لروايات عنه من الكتاب المنسوب إليه عن طريق أبان بن أبي عياش([81])، ولكن لم يصحب ذكره بأي تفصيل أو خبر حول وجود سليم في ظرف الخارج.

 

7ـ كمال الدين وتمام النعمة، للشيخ الصدوق ـــــــ

ذكر الشيخ الصدوق اسم سليم في هذا الكتاب في موارد متعددة، حيث نقل عنه روايات من الكتاب المنسوب إليه([82])، من دون أن يذكر شيئاً حول تواجده وحضوره الفعلي والتاريخي.

 

كتاب المتوارون، لعبد الغني بن سعيد الأزدي ــــــ

التعريف بمؤلِّف الكتاب ــــــ

هو عبد الغني بن سعيد بن علي بن بشير بن مروان بن عبد العزيز الأزدي الحافظ، أبو محمد، لقب بـ (المقدسي)، وبعدها عاد ليلقب بـ (المصري). ولد في القاهرة سنة 333هـ، وبها توفي سنة 409هـ([83]). كان في أيام حياته شيخ حفاظ الحديث في مصر، كما أنه كان نسابةً، وذا فنون عديدة. ولأنه خاف على نفسه في زمن حكومة الفاطميين فقد ظلّ لمدة من الزمن متوارياً عن الأنظار، ليظهر بعد ذلك([84]).

من مؤلَّفاته: آداب المحدِّثين، كتاب الغوامض، المختلف والمؤتلف في مشتبه أسماء الرجال، مشتبه النسبة، وأخيراً كتاب المتوارين([85]).

 

موضوع ومحتوى كتاب المتوارين ــــــ

هو كتاب صغير، إلا أنه لا نظير له؛ بلحاظ موضوعه ومحتواه. ففيه أسماء مجموعة تجمعها صفات مشتركة، وهو الاختفاء والهروب من ملاحقات وتعقُّب الحجاج بن يوسف الثقفي. كما أنه وقع نوع من الالتفاف أو الانحراف في ما عرض عنهم من أنباء وأخبار([86]). وقد أكد منحى الاختفاء والتواري عن عيون الحجاج بن يوسف وبطشه أبان بن أبي عياش ـ المنفرد برواية كتاب سليم ـ، حيث قال: إن سليم بن قيس كان ملاحقاً من طرف الحجاج؛ بقصد سجنه وتعذيبه، فهرب سليم ناجياً بنفسه، وكان أن استقر به المطاف عند أبان بن أبي عياش ووالده بمنطقة نوبندجان، إحدى مناطق بلاد فارس، وبعد أن اطمأنّ إليهم مدة من الزمن قرأ على أبان كتابه([87]).

 

الفارون من الحجاج بن يوسف ــــــ

1ـ أبو عمرو بن علاء. بناءً على ما أخبر به عن نفسه فإن الحجاج كان يتعقَّبه، وهدَّده، فهرب بنفسه إلى بلاد اليمن، واستقر في إحدى دور صنعاء، وكان لا يخرج منها إلا ليلاً، ويبقى متخفياً بها طوال اليوم([88]).

2ـ الحسن البصري. هرب من الحجاج بن يوسف، واختبأ في منزل أبي خليفة حجاج بن عتاب، الذي كان هو الآخر من التابعين([89]).

3ـ عبد الله بن حارث الهاشمي. هرب إلى عمان من ظلم وأذى الحجاج، الذي كان يتعقبه، واختفى بها([90]).

4ـ إبراهيم بن يزيد النخعي، أبو عمران الفقيه. اختفى خوفاً من ظلم وقهر الحجاج. ولشدة خوفه من الحجاج اختفى حتى أنه لم يكن يشارك في أية صلاة، واستمر على تلك الحال إلى أن التحق بربه، ودفن ليلاً([91]).

5ـ مجاهد بن جبر، أبو الحجاج. هرب من ظلم الحجاج بن يوسف، واختفى([92]).

6ـ أبو عياض. اختفى هو الآخر؛ هرباً من تعقُّب وملاحقة الحجاج بن يوسف([93]).

7ـ سليمان بن مهران، أبو محمد الأعمش. اختفى خوفاً من الحجاج، ولم يظهر له أثر. وقد أخبر عن حاله في خبر مسند حيث قال: في زمن الحجاج اختفيت في الغابات وداخل المستنقعات، وقد كنت في إحدى الغابات الكثيفة، وكانت كثيرة الطيور، وكنت أعيش على قصب السكر، أكسره ثم أمصّ رحيقه، وكنت أتخذ القصب سكيناً أذبح به ما اصطدتُه من الطير، وكان هذا شاهداً على (جواز الذبح بهذه الطريقة). سألت عن ذلك إبراهيم والشعبي فقالا: «إذا ذبح بلعوم حلقه جاز، ولا ينظر إلى نوع آلة الذبح»([94]).

8ـ سعيد بن جبير. هرب من الحجاج، لكنّ الحجاج لاحقه حتى عثر عليه، وقتله شر قتلة([95]).

9ـ عمران بن حطان السدوسي. توارى هو الآخر عن الأنظار؛ هرباً من ظلم الحجاج وبطشه([96]).

10ـ عون بن عبد الله. تمرد هو الآخر إلى جانب أبي الأشعث على الحجاج، فتعقّبه، لكنه استطاع الهرب إلى الجزيرة عند محمد بن مروان([97]).

وبقليلٍ من التمعُّن في هذه الأسماء يتبين أن اسم سليم لم يكن ضمنها، ولا واحداً منها، فلم يكن من الذين هربوا من الحجاج بن يوسف، كما عرض ذلك أبان بن أبي عياش في مقدمة كتاب سليم، وادعى فيها أن سليم هرب من ظلم الحجاج وملاحقته، واستقرّ به الحال عنده.

 

رجال ابن الغضائري ـــــــ

تعريف الغضائري ـــــــ

هو أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، صاحب شريك، وأستاذ النجاشي ـ الرجالي الشيعي الكبير ـ، من أعلام علم الرجال، أستاذ هذا الفن، ومن النّقاد الكبار فيه. قال فيه العلامة محمد تقي التستري، صاحب كتاب «قاموس الرجال»: «فإن هذا الرجل لا نقّاد مثله بعد ابن الوليد، بل هو فوقه… إنّا نسبر من طعن فيه هذا الرجل في كتابه أو حديثه فنراه منكراً، فقد طعن في كتبٍ، كلٌّ منها مشتملٌ على منكرات، وآثار الوضع عليها كالنار على الجبل، وكذلك أخبار باقي مَنْ طعن هذا الرجل عليه في الفقه أو غيره، اشتملت على ما زيّفه النقّاد، وتشمئز منه الطباع، وليس لها نورانية كلام المعصومين^ وبهاؤه وضياؤه»([98]). كذلك تحدث الشيخ الطوسي في مقدمة الفهرست عن ابن الغضائري، وامتدح إبداعه، الذي انفرد به عن باقي النقّاد في كتابيه المشتملين على مصنَّفات وأصول الشيعة([99]). وعد كتابه في الرجال منبعاً رجالياً مهمّاً اعتمد عليه كلٌّ من: العلامة الحلي في (خلاصة الأقوال)، وابن داوود في (رجاله)، والسيد ابن طاووس في كتابه (حلّ الإشكال).

 

رأي ابن الغضائري في سليم بن قيس ــــــ

كتاب رجال ابن الغضائري، واسمه الصحيح (الضعفاء)، أدرجه العلامة الحلي في كتابه (خلاصة الأقوال). وأخيراً، باهتمام السيد محمد رضا الحسيني، تمّ طبعه بشكل مستقل. ابن الغضائري في هذا الكتاب، وبعد أن أشار إلى روايته في معاشرته لعدد من الأئمة^، وعن الكتاب المشهور باسمه، قال: «أصحابنا ـ علماء الشيعة ـ يلحقون ذكرهم لسليم بالقول: غير معروف، ولا يوجد له خبر»([100]).

ويتابع ابن الغضائري قوله: إنّ المواضع التي رأى فيها اسم سليم لم تكن مرتبطة بما في الكتاب الذي نسب إليه، ولا بما رواه أبان بن أبي عياش، وإن ابن عقدة قد ذكره نقلاً عنه في كتابه (رجال أمير المؤمنين×)([101]). وفي قراءة لرأي وأقوال ابن الغضائري يتبين أنّه في كل الميراث الحديثي الشيعي، أو لا أقلّ في ما وصل إلينا، لا يوجد أي خبر عن سليم. كما أنه لاخبر منه عن نفسه، باستثناء ما نسب إليه عن طريق كتاب سليم، الذي لم يروِه أحدٌ غير ابن أبي عياش([102]).

وأخيراً ينتقد ابن الغضائري كتاب سليم بقوله: «كتاب موضوع وجلي، والشواهد على هذا من نفس الكتاب كثيرة»([103]). وبعد قوله هذا بدأ بعرض الشواهد من الكتاب على وضعه. وقد جعل كتاب سليم ضمن الكتب المشهورة بالمنكرات، كما بيّن نظره ونظر النقّاد الشيعة في الكتاب([104]).

 

كتب ومصادر متفرقة ـــــــ

بسبب ما تفرضه علينا المقالة من اختصار نكتفي في هذا العنوان بسرد أسماء الكتب والمصادر الأخرى التي استندنا إليها في هذا البحث:

في القرن الثالث الهجري: 1ـ البخاري، التاريخ الصغير؛ والتاريخ الكبير؛ 2ـ البلاذري، أنساب الأشراف؛ 3ـ سيف بن عمر الضبي الأسدي، الفتنة ووقعة الجمل؛ 4ـ العجلي، معرفة الثقات.

في القرن الرابع الهجري: 1ـ ابن حبان، كتاب الثقات؛ 2ـ عمر بن أحمد بن شاهين، تاريخ أسماء الثقات ممَّنْ نقل عنهم العلم.

في القرن الخامس الهجري: 1ـ أبو علي مسكويه الرازي، تجارب الأمم؛ 2ـ أبو الفتح الكراجكي، الاستنصار في النصّ على الأئمة الأطهار؛ 3ـ أبو الوليد الباجي، التعديل والتجريح؛ 4ـ الشيخ الطوسي، الغيبة؛ 5ـ الشيخ المفيد، مجموعة من آثاره.

في القرن السادس الهجري: 1ـ ابن شهرآشوب، معالم العلماء؛ 2ـ السمعاني، الأنساب؛ 3ـ منتجب الدين، الفهرست.

في القرن السابع الهجري: 1ـ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة؛ 2ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان؛ 3ـ ابن طاووس، سعد السعود.

في القرن الثامن الهجري: 1ـ شمس الدين محمد الذهبي، تذكرة الحفاظ؛ سير أعلام النبلاء؛ ميزان الاعتدال؛ 3ـ يوسف المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال.

في القرن العاشر الهجري: 1ـ ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة؛ تقريب التهذيب؛ تهذيب التهذيب؛ لسان الميزان.

في القرن الرابع عشر الهجري: 1. آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة.

ونتيجة البحث في كل هذه الكتب لا تختلف عن سابقتها في المصادر التي عددناها بالتفصيل، فلا خبر يثبت تواجد سليم الفعلي وحضوره التاريخي، حتى أن الكتب التي بحثنا فيها من أجل الدقة العلمية قد بلغت ألف كتاب ونيف. وأينما وجد اسمه فهو حتماً منقول عن الكتاب الذي نسب إليه، والذي انفرد ابن أبي عياش بروايته. كما أن ذكره كان بالعرض، من خلال ذكر إحدى الروايات المنقولة عنه في نفس الكتاب. وهو النحو الذي يمنع الانسجام مع قواعد البحث العلمي والعقلائي الذي يرفض أن يكون المدَّعى والمدَّعي واحداً، فذاك هو الدور، والدور باطل.

 

نتيجة البحث ــــــ

1ـ لقد اتبعنا التحقيق والبحث في العديد من الكتب المصادر والمراجع المعتمدة في التاريخ، والرجال، والقرآن وتفسيره، والحديث، والسيرة، والمناقب، والتراجم، وغيرها كثير. وهي في بيان تاريخ النبي الأكرم| وما يخص الدعوة النبوية في مرحلة نزول الوحي، كما أنها في معرفة كلّ ما يتعلق بالأئمة الأطهار^ والصحابة والتابعين لدى الفريقين، وأشخاص آخرين كثر. وكانت النتيجة الحاصلة من كل هذا الجهد العلمي أن لا خبر ولا تقرير من شأنه أن يثبت تواجد سليم الفعلي وحضوره التاريخي.

2ـ ليس هناك أية شهادة أو سند أو وثيقة يمكننا الاستناد إليها في إثبات وجود شخصية باسم سليم بن قيس الهلالي ما بين سنة 14هـ وسنة 76هـ، بعد ان ادُّعي أنه تواجد في تلك الفترة من تاريخ الإسلام.

3ـ في كل المصادر والمراجع ـ أعم من الشيعية وغيرها ـ ليس هناك دليل وخبر مستقلّ عن سليم، وكل ما قيل عنه، وذكر به، كان عن طريق كتابه، الذي انفرد أبان بن أبي عياش بروايته.

4ـ لقد عرف سليم من خلال رواياته، والتي نقلت بدورها عن كتابه، الذي رواه أبان بن أبي عياش.

5ـ ليس هناك شاهد أو مستند تاريخي يؤكد حضور سليم في تلك الفترات المهمة من تاريخ الشيعة، قبل أو بعد خلافة الإمام علي×، وفي واقعة الجمل، وصفين، والنهروان، وفي نزاع معاوية مع الإمام الحسن×، وحرب يزيد ضد الإمام الحسين وواقعة كربلاء، والأحداث التي تلتها، ولا شيء يبيِّن حضوره في كل هذه الوقائع، ولو للحظة واحدة.

6ـ ما ذكرته بعض الكتب من أن سليماً قد عاشر الأئمة الخمسة الأوائل والتابعين الكبار لا يستند إلى أي دليل أو مستند تاريخي مستقلّ، بل كان المعتمد ـ سواء بطريق مباشر أو غير مباشر ـ على كتاب سليم، الذي رواه أبان بن أبي عياش.

7ـ ما ادعاه أبان بن أبي عياش من أن سليم بن قيس قد هرب فارّاً من ظلم الحجاج بن يوسف لا دليل عليه؛ فكتاب المتوارين، الذي ذكر أسماء الفارّين من ملاحقة الحجاج بن يوسف، لم يذكر اسم سليم بن قيس الهلالي.

ومن خلال كلّ ما سبق من أبحاث نخلص إلى أن اسم سليم اسم بدون مسمّى، اسم موهوم وموضوع، فلم يوجد في تاريخ الإسلام شخصٌ بهذا الاسم. والاحتمال القوي أن أفراداً أو فرداً عمد إلى صنع هذه الشخصية، ومن ثم نسب إليها ذلك الكتاب، وجعلوه ناطقاً باسمه.

الهوامش:

(*) باحث في الحوزة العلمية.

([1]) كتاب سليم بن قيس، مقدمة المحقق محمد باقر الأنصاري الزنجاني: 92.

([2]) المصدر السابق: 98 ـ 102.

([3]) كتاب سليم: 334.

([4]) مقدمة المحقِّق: 83.

([5]) كتاب سليم: 73 ـ 126.

([6]) المصدر السابق: 70.

([7]) المصدر السابق: 73؛ ابن النديم، الفهرست: 275؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: 83.

([8]) كتاب سليم: 125، 72.

([9]) المصدر السابق: 191، ح11.

([10]) المصدر السابق: 213، ح139.

([11]) المصدر السابق: 327، ح29.

([12]) المصدر السابق: 325،ح28.

([13]) المصدر السابق: 334، ح34.

([14]) المصدر السابق: 244، ح15.

([15]) المصدر السابق: 252، ح16.

([16]) المصدر السابق: 256، ح17.

([17]) كاظم مديرشانه چي، دراية الحديث: 132 ـ 133.

([18]) كتاب سليم: 136.

([19]) المصدر السابق: 169، ح7.

([20]) المصدر السابق: 261، ح8.

([21]) المصدر السابق:  175، ح8؛ 179، ح9.

([22]) محمد عبده، نهج البلاغة: 439، الخطبة 193.

([23]) كتاب سليم: 371، ح43.

([24]) المصدر السابق: 331، ح31.

([25]) المصدر السابق: 209، ح11.

([26]) المصدر السابق: 181، ح10؛ 170 ـ 173، ح7.

([27]) المصدر السابق:174، ح7.

([28]) انظر: كتاب سليم: 185، ح10. وللمزيد من الأمثلة في هذا الصدد يرجى الرجوع إلى: كتاب سليم: 287، ح24؛ 174، ح7؛ 166، ح6.

([29]) كتاب سليم: 384، ح47؛ 379، ح45؛ 164، ح5؛ 143 و159، ح3.

([30]) المصدر السابق:343، ح36.

([31]) المصدر السابق: 385، ح48.

([32]) المصدر السابق:138 ، ح3.

([33]) المصدر السابق: 361، ح42.

([34]) المصدر السابق:273، ح20.

([35]) المصدر السابق: 355، ح39.

([36]) المصدر السابق: 268، ح19.

([37]) المصدر السابق: 353، ح38.

([38]) المصدر السابق: 376، ح44.

([39]) المصدر السابق: 271، ح20.

([40]) المصدر السابق: 45.

([41]) محمد إبراهيم آيتي، مقدمة تاريخ اليعقوبي 1: 19 ـ 20.

([42]) إعلام الورى 1: 405؛ 2: 179 ـ 180.

([43]) محمد باقر بهبودي، معرفة الحديث: 259.

([44]) المازندراني، شرح الكافي 2: 139.

([45]) الجندي، الإمام جعفر الصادق: 201.

([46]) المفيد، الجمل: 203، 191، 179، 98، 64، 60، 50، 19.

([47]) المصدر السابق: 224، 207، 171، 158، 145، 140.

([48]) المصدر السابق: 183، 171، 138.

([49]) المصدر السابق: 172، 171، 133..

([50]) الثقفي، الغارات 1: 326.

([51]) الأميني الغدير 1: 159، 195، 232.

([52]) المصدر السابق: 163، 198؛ 2: 34.

([53]) الكنى والألقاب: 5.

([54]) المناقب: 177.

([55]) المصدر السابق: 184، 188، 189، 194، 195.

([56]) المصدر السابق: 188 ـ 189.

([57]) المصدر السابق: 191 ـ 249.

([58]) المصدر السابق: 196.

([59]) المصدر السابق: 184.

([60]) المصدر السابق: 236.

([61]) المصدر السابق: 249.

([62]) مناقب الإمام أمير المؤمنين× 2: 171.

([63]) نهج الإيمان: 21 ـ 30 (مقدمة المؤلف).

([64]) ينابيع المودة لذوي القربى 1: 94، 349، 341، 308؛ 2: 315؛ 3: 394.

([65]) اختيار معرفة الرجال 1: 321 ـ 322.

([66]) رجال الطوسي: 66.

([67]) المصدر السابق: 94.

([68]) المصدر السابق: 101.

([69]) المصدر السابق: 114.

([70]) المصدر السابق: 136.

([71]) الطوسي، الفهرست: 143.

([72]) رجال النجاشي: 8.

([73]) المصدر السابق: 440.

([74]) تهذيب الأحكام 4: 6، 126؛ 9: 328، 176.

([75]) الكافي 1: 191، 44، 62؛ 2: 391؛ 8: 343.

([76]) من لا يحضره الفقيه 4: 189.

([77]) الاعتقادات: 118، 123.

([78]) بحار الأنوار 1: 77؛ 2: 228، 106؛ 4: 136؛ 23: 88؛ 24: 222؛ 28: 52؛ 30: 332؛ 36: 211؛ 69: 116؛ 93: 116؛ 101: 117.

([79]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 12: 212.

([80]) عيون أخبار الرضا× 2: 56 ـ 52.

([81]) النعماني، الغيبة: 68، 69، 74، 75، 95.

([82]) كمال الدين وتمام النعمة: 240، 263، 270، 274، 278، 284، 413.

([83]) إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين 1: 589.

([84]) الزركلي، الأعلام 4: 33.

([85]) إسماعيل باشا البغدادي، إيضاح المكنون 2: 327.

([86]) كحالة، معجم المؤلفين 5: 272.

([87]) كتاب سليم: 125.

([88]) كتاب المتوارين: 41.

([89]) المصدر السابق: 44 ـ 45.

([90]) المصدر السابق: 47 ـ 48.

([91]) المصدر السابق: 49 ـ 50.

([92]) المصدر السابق: 52.

([93]) المصدر نفسه.

([94]) المصدر السابق: 55 ـ 56.

([95]) المصدر السابق:  56.

([96]) المصدر السابق: 62.

([97]) المصدر السابق: 75.

([98]) التستري، قاموس الرجال 1: 433.

([99]) الطوسي، الفهرست: 32.

([100]) العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: 162؛ رجال ابن الغضائري: 63.

([101]) رجال ابن الغضائري: 63.

([102]) المازندراني، شرح الكافي 2: 139 (تعليق مصحح).

([103]) العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: 162؛ رجال ابن الغضائري: 63.

([104]) رجال ابن الغضائري: 36، 119.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً