أحدث المقالات

المؤلِّف

إنّه الفقيه والمتكلِّم والمحدِّث ذو المنهج الأخباريّ محمد بن أبي جمهور الأحسائي(838هـ ـ أوائل القرن العاشر الهجريّ)، وهو أحد رموز الحركة الأخباريّة في القرنَيْن التاسع والعاشر الهجريَّيْن. وقد ساهم(رحمه الله) في المسيرة العلميّة والثقافيّة للمذهب الشيعيّ الاثني عشري في أكثر من حقلٍ للعلم والمعرفة، تدريساً وتأليفاً، فخلَّف جملةً من الكتب، ومنها: كشف البراهين؛ عوالي اللآلئ؛ شرحٌ على الباب الحادي عشر، وهو آخرُ كتبه، وقد أتمَّه عام904هـ في مدينة النبيّ(ص).

الكتاب

وهذا الكتابُ الأخير هو شرحٌ مقطعيّ لكتابٍ ألَّفه العلاّمة الحسن بن يوسف الحلّي(726هـ)، وأسماه «الباب الحادي عشر»، إذ هو آخر أبواب كتاب «منهاج الصلاح في مختصر المصباح»، وقد جاء بعد عشرة أبوابٍ اختصرت «مصباح المتهجِّد» للشيخ الطوسي، وأضاف العلاّمة الحلّي إليه ما لا بُدّ منه لعامّة المكلَّفين من مسائل أصول الدين، وجعل عنوانه «الباب الحادي عشر في ما يجب على عامَّة المكلَّفين من معرفة أصول الدين»([1])، ويذكر فيه بعض اعتقادات الإماميّةبإيجازٍ، مع اليسير من الأدلّة عليها([2])، وفق الفهرس التالي:

ـ المقدّمة.

ـ الفصل الأوّل: في إثبات واجب الوجود.

ـ الفصل الثاني: في صفاته الثبوتيّة.

ـ الفصل الثالث: في صفاته السلبيّة.

ـ الفصل الرابع: في العدل.

ـ الفصل الخامس: في النبوّة.

ـ الفصل السادس: في الإمامة.

ـ الفصل السابع: في المعاد.

ولمّا كان الغموض يعتري بعض فقرات هذا الكتاب «الباب الحادي عشر»؛ بسبب الإيجاز والاختصار، فقد شمَّر بعضُ العلماء اللاحقين للعلاّمة الحلّي عن سواعدهم لشرح هذا الكتاب، فكان ممَّنْ تصدّى لذلك الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي، الذي بيَّن في شرحه هذا عقائد الإماميّة، وبعضاً من عقائد وآراء سائر الفِرَق الإسلاميّة في علم الكلام، ولا سيَّما المعتزلة والأشاعرة، في عرضٍ مقارِن. فهو يأخذ بذكر المقطع الذي يرى فيه غموضاً أو حاجةً إلى التعليق عليه، ثمّ يشرحه أو يعلِّق عليه.

وحِرْصاً منها على تراثٍ قيِّم علاه الغُبار، وفي محاولةٍ للكشف عن جزءٍ من المشهد الكلاميّ الإماميّ في القرنَيْن التاسع والعاشر الهجريَّيْن، عمدَتْ جمعيّةُ ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث إلى إخراج هذا الكتاب في حُلّةٍ جديدة، وطباعةٍ جيِّدة، محقَّقاً من قِبَل الأستاذ رضا يحيى پور فارْمَد. فوقع في ثلاث مجلَّدات، من طباعة وتوزيع دار المحجّة البيضاء، الطبعة الأولى، لبنان ـ بيروت، 1435هـ ـ 2014م.

ملاحظاتٌ في التحقيق

وفي قراءةٍ دقيقة ومتأنِّية في تحقيق هذا الكتاب يمكننا تسجيل الملاحظات التالية:

1ـ أُدرج نصُّ «الباب الحادي عشر» كاملاً ومصحَّحاً في أوّل الكتاب([3])، ما يسهِّل على القارئ مراجعة ما قبل وبعد الفقرة التي يتناولها المؤلِّف بالشرح.

2ـ وُضعَتْ عناوينُ دالَّةٌ ومعبِّرة عن مضمون ما جاء تحتها من كلام الأحسائي، وهذا ما يسهِّل على القارئ والباحث الوصول إلى مرامه من هذا الكتاب([4]).

3ـ يظهر بوضوحٍ أنّ المحقِّق قد حاول استقصاء جميع نُسَخ الكتاب، ورَمَزَ لكلٍّ منها بحرفٍ خاصّ من الحروف الأبجديّة اللاتينيّة (A-B-C…)،وهكذا أمكنه أن يثبت في الهامش ما وقع من اختلافٍ بين النسخ.

4ـ إنّ الهوامش التي أدرجها المحقِّقُ تتوزَّع وِفْق ما يلي:

أـ بيان بعض المصطلحات والمفاهيم لغةً، اعتماداً على ما جاء في بعض الكتب اللغويّة، كـ «لسان العرب»([5])، و«تاج العروس»([6])، و«مجمع البحرين»([7])؛ واصطلاحاً، نقلاً من بعض الكتب المختصّة، كـ «التعريفات»([8]).

ب ـ ترجمة بعض الشخصيّات، كالشيخ خضر بن محمد الرازي، نقلاً من «موسوعة طبقات الفقهاء»([9])؛ ونصير الدين القاشي، اعتماداً على ما ذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء»([10]).

ج ـ التعريف ببعض الفِرَق الإسلاميّة، كالثنويّة، والجهميّة، والجبريّة، اعتماداً على بعض المصادر المختصّة، كـ «اعتقادات فِرَق المسلمين والمشركين»([11])؛ و«الفَرْق بين الفِرَق»، و«المِلَل والنِّحَل» للشهرستاني([12]).

د ـ التوسُّع في عَرْض بعض المطالب حيث اقتضَتْ الحاجة، كما في نقله ما ذكره العلاّمة الطباطبائي في «الميزان في تفسير القرآن» عن مراتب الإيمان([13]).

هـ ـ تخريج الآيات، والأحاديث([14])، والأشعار([15]).

و ـ ذكر مصادر لبعض التعريفات والأقوال([16]).

ز ـ نقل الهوامش التي كانت موجودةً في بعض نُسَخ الكتاب، مع تذييلها برمز النسخة، وتتوزَّع هذه الهوامش بين لغويّةٍ([17])، وتفسيريّةٍ([18])، ونقديّةٍ([19]).

وقد أضاف إليها المحقِّقُ هوامش جديدة عند الحاجة، غير مذيَّلةٍ بأيِّ رمزٍ، فيُعرَف أنَّها للمحقِّق، وهي أيضاً هوامش نقديّةٌ([20])، وتفسيريّةٌ([21])، وبيانيّةٌ([22]).

ح ـ التعليق لتتميم الفائدة، اعتماداً على جملةٍ من الكتب والمصادر ذات الشأن([23]).

ط ـ التشكيك في نسبة قولٍ إلى أحد العلماء، حيث لم يجِدْه في مصنَّفاته([24]).

ي ـ تمّ ترقيم صفحات الكتاب بشكلٍ متسلسل غير منقطع في الأجزاء الثلاثة، ما جعل عدد الصفحات يصل إلى 1169 صفحة.

وقد استغرقت منها الفهارس المتعدِّدة والمتنوِّعة 269 صفحة([25])، أي ما يقارب رُبْعَ الكتاب. وقد تنوَّعت، تحت عنوان «فهارس تفصيليّة»، وِفْق ما يلي:

ـ فهرس المطالب.

ـ فهرس الآيات.

ـ فهرس الروايات.

ـ فهرس الأخبار.

ـ فهرس الاقوال.

ـ فهرس الأمثال.

ـ فهرس الأشعار.

ـ فهرس المفاهيم والاصطلاحات والتراكيب.

ـ فهرس الأعلام والألقاب والكنى.

ـ فهرس الفِرَق والمذاهب والشعوب والقبائل والجماعات.

ـ فهرس الكتب والرسائل والمقالات.

ـ فهرس الأماكن.

ـ فهرس الوقائع والعصور.

ـ فهرس الحيوانات.

ـ فهرس مصادر التحقيق والتصدير.

ملاحظاتٌ نقديّة

لا يخلو كتابٌ أو مؤلَّف من هَفْوةٍ أو سَقْطة هنا وهناك، والعصمةُ لأهلها. ومن هنا كان لا بُدّ من تسجيل بعض الملاحظات النقديّة حول تحقيق الكتاب؛ عسى أن تُستدرك في طبعاتٍ لاحقة.

1ـ عند التعليق تأييداً وتأكيداً لبعض الأفكار نلاحظ أنّه يَغْفَل عن خطأ الفكرة أحياناً.

فمثلاً: في 3: 851، هامش 9، ينقل عن «مختصر الصواعق»، لابن قيِّم الجوزيّة، وعن «مفاتيح الغيب»، للفخر الرازي، أنّ العذاب بالنار قد ينقطع، ويخرج المعذَّبون في النار منها، وأمّا النعيم فلا نفاد له ولا انقطاع، فلا يخرج أصحابُ الجنّة منها.

وهذا يتناقض مع قوله تعالى صريحاً في القرآن الكريم: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (هود: 108)؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾، فكان يجدر به الالتفات إلى هذه الآية.

ولئنْ قيل: إنّه قد لا يستحضر آياتِ القرآن كلَّها فإنَّنا نقول: في 3: 863، هامش 6، ينقل دليل ابن قيِّم الجوزيّة في «مختصر الصواعق» على أنّ العذاب منقطِعٌ بمشيئة الله؛ لقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (هود: 106 ـ 107)، وبما أنَّه أورد الآية الكريمة مشكَّلة الحروف فأغلبُ الظنِّ أنَّه استنسخها من نسخةٍ مشكَّلةٍ من القرآن الكريم، فكان يجدر الالتفات إلى أنّ الآية التي بعدها مباشرةً هي قولُه تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (هود: 108).

2ـ نشهد إهمالاً في التصحيح والضبط اللغويّ للنصّ.

فمثلاً: في 1: 229، وردت عبارة «ومقابله الكذب وهو الخبر الغير المطابق للواقع». والصحيح أن يُقال: «وهو الخبر غير المطابق للواقع»؛ إذ يُشترط في المضاف إلى المعرَّف بـ «ال التعريف» أن يكون نكرةً، ولا يصحّ أن يكون معرَّفاً بـ «ال التعريف» أيضاً.

3ـ لم يتمّ توزيع علامات الترقيم (، ـ؛ ـ.) كما يجب وينبغي، مع أنّها من شروط الكتابة الصحيحة بالمعيار الحديث. ولم يكن يجدر الإخلال بها؛ ما قد يستدعي تكرار طباعة الكتاب بعد تصحيحه.

وكمثال على ذلك: قوله: «ومقابله الكذب وهو الخبر الغير المطابق للواقع»([26])، وكان من المستحسن وضع فاصلة (،) بعد «الكذب»، فتصير: «ومقابله الكذب، وهو الخبر… ».

وكذلك قوله: «وإلاّ لافتقر إلى المكان ولامتنع انفكاكه عن الحوادث، فيكون حادثاً وهو محالٌ»([27])، وكان من الضروريّ وضع فاصلة منقوطة (؛) بعد «المكان»، وفاصلة (،) بعد «حادثاً»، فتصير: «وإلاّ لافتقر إلى المكان؛ ولامتنع انفكاكه عن الحوادث، فيكون حادثاً، وهو محالٌ».

4ـ في بعض الموارد وُضعت أرقامُ الهوامش بعد النقطة في آخر السطر والفقرة([28])، أو بعد الفاصلة([29]).

5ـ ولو أنّ أرقام الهوامش في المتن وُضعَتْ بين قوسَيْن لكانت أوضح وأظهر للعيان.

وفي الختام لا يسعُنا سوى تقدير الجُهْد المبذول في إخراج هذا السِّفْر القَيِّم إلى عالَم المطالعة، سائلين الله عزَّ وجلَّ التوفيقَ والنجاحَ للقيِّمين على هذا المشروع العلميّ الواعِد.

الهوامش

([1]) الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٣: ٥.

)[2])http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D9%8A_%D8%B9%D8%B4%D8%B1

([3])1: 74 ـ 93.

([4])لاحِظْ جميع الكتاب، مع الالتفات إلى أنّ العناوين قد وُضعت بين معقوفتين []، ما يعني أنّها ليست من الأصل، وإنّما هي من زيادات المحقِّق.

([5])1: 206، هامش 2.

([6])1: 110، هامش 1.

([7])1: 121، هامش 7.

([8])1: 317، هامش 10.

([9])1: 135.

([10])1: 144.

([11])1: 172.

([12])1: 322 ـ 323.

([13])1: 132.

([14])1: 99، 100

([15])1: 111.

([16])1: 189، الهامشان 6 و7؛ 1: 190، هامش 1.

([17])1: 132، هامش 1.

([18])1: 204، هامش 2.

([19])1: 193، هامش 3؛ 1: 196، هامش 4.

([20])1: 107، الهامشان 4 و8؛ 1: 208، هامش 2؛ 1: 344، هامش 13.

([21])1: 110، هامش 1؛ 1: 184، هامش 6.

([22])1: 129، هامش 3، إشارةً إلى أنّ ما ذُكِر هو ردٌّ على اتِّهام البعض للشيعة بهذا الكلام؛ 1: 160، هامش 3؛ 1: 204، هامش 8؛ 1: 206، هامش 5.

([23])1: 225، هامش 2، وقد نقل عن مفاتيح الغيب، للفخر الرازي؛ والميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي؛ والاحتجاج، للطبرسي؛ والتوحيد، للصدوق.

([24])1: 278، هامش 5؛ 3: 826، هامش 1.

([25])3: 900 ـ 1169.

([26])1: 229.

([27])1: 237.

([28])1: 162، هامش 2.

([29])1: 163، هامش 8.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً