أحدث المقالات

كتاب «إثبات الوصية» أنموذجاً

 

أ. مصطفى خرمي(*)

ترجمة: نظيرة غلاب

 

تمهيد ــــــ

يعتبر كتاب «إثبات الوصية» من الكتب المشهورة في أوساط علماء الشيعة،بحيث يعد مَسْنَداً في الروايات، والكلام، والتاريخ.

ولعل أهمية «إثبات الوصية» تكمن في عنصرين اثنين:

أولاً: إنه يعمل على إثبات الوصية لعلي× وللأئمة من بعده. كما تطرق إلى الحديث عن بعض معجزاتهم، ومحطات مهمة من حياتهم.

ثانياً: يرى أغلب المفكِّرين والعلماء الشيعة أن كتاب «إثبات الوصية» هو من تأليف علي بن الحسين المسعودي، صاحب كتاب «مروج الذهب»، وهو أحد كبار مؤرِّخي القرن الثالث الهجري.

ومحطة بحثنا في هذه المقالة تدور حول انتساب هذا الكتاب إلى المسعودي. فإن ثبتت نسبته فعلاً إليه فهذا تأكيدٌ على تشيعه وانتسابه إلى مذهب أهل البيت^، إلا أن البعض ينكر تشيع المسعودي، وينكر أن يكون «إثبات الوصية» من مؤلفاته. ونحن بدورنا، ومن خلال تحليل علمي لطرز الكتابة والتأليف عند المسعودي، نحاول البحث حول صحة انتساب الكتاب إليه وعدمها؟.

وخلصنا من خلال مقارنة «إثبات الوصية» مع باقي كتب المسعودي، سواء من جهة منهجية الكتابة لديه أو من جهة طرحه للحقائق التاريخية والمعلومات التاريخية، أن كتاب «إثبات الوصية» يختلف تماماً عن باقي كتبه، من جهة الشكل، ومن جهة المضمون، مما يدفع بنا إلى القول أن نسبة «إثبات الوصية» إلى المؤرخ المسعودي مستبعدة بشكل كبير، وأن إثبات العكس يبقى بين الشك والتردد.

 

الكاتب والكتاب ـــــــ

أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي، مؤلِّف الكتاب الموسوعة «مروج الذهب»، هو من كبار مؤرّخي القرن الثالث الهجري، وهو عالم فذّ، ورحالة مغامر، وعالم اجتماع، وجغرافيّ ومؤرِّخ. جمع بين الذكاء وحب البحث والدرس. سارت له الشهرة بعد وفاته بزمن قليل. وعدت كتبه في العقائد وآثاره العلمية محلّ نقاش وجدل بين علماء الرجال والتراجم؛ لما حوته من آراء وأدلة في الميدان.

وقد حظي كتاب «إثبات الوصية» باهتمام العلماء والمفكرين في جميع الاختصاصات في المدرستين. فسعى البعض إلى التأكيد على أن الكتاب هو للمسعودي حقيقة، فأثبت بذلك تشيُّع الرجل([1]).

نعم، إذا ثبت أن الكتاب من تأليفه فهو دليل لا يقبل الشك على تشيعه واتّباعه لمذهب أهل البيت^، ورفض البعض الآخر هذه النسبة، وبالتالي نفى أن يكون المسعودي من أتباع المذهب الشيعي([2]).

 

جهود سابقة حول الكتاب ــــــ

لقد ابتلي المسعودي، كما ابتليت كتبه وآثاره، منذ القديم وإلى اليوم، بأن يعيش على هامش اهتمامات الباحثين والمحققين. وقد نال كتاب «إثبات الوصية» حظه من هذا التهميش والغفلة. وربما يكون السبب في هذا الهجران للرجل ولكتبه كون علماء الشيعة قد عدّوه واحداً منهم، فلم يرَ أصحاب الاتجاه الثاني داعياً لدراسة حياته وكتبه؛ ومن جهة أخرى فإن العديد من علماء السنة قد نفوا أن يكون «إثبات الوصية» للمسعودي([3]).

وفي ما يرجع إلى كتاب «إثبات الوصية» الذي هو محلّ النزاع فإنه ـ ومع الأسف ـ لم يلقَ الاهتمام بين الباحثين، فلم نعثر على مكتوب في هذا الموضوع،سوى مقالة واحدة. ورغم كون هذه المقالة بحقّ بحثاً علمياً دقيقاً إلا أنها إذا قورنت وحجم الموضوع عدّت غير كافية، وخصوصاً كما قال صاحب المقالة: إن البحث في موضوع علاقة الكتاب بالمسعودي بحث غنيّ ومتشعب، وموضوعات البحث فيه كثيرة([4]).

و بالتأكيد فإن في ما كتب عن المسعودي، وأينما تم ذكره وذكر آثاره العلمية، يتم التلميح إلى موضوع نسبة «إثبات الوصية» إليه، من دون أن يتطرق إلى الموضوع بالبحث والتحقيق. وتتمّ الإشارة بالضبط إلى أن هناك من قال بانتسابه إليه، وهناك من أنكر ذلك، ونفاه نفياً قاطعاً.

و إذا نظرنا إلى الكتابات التي كتبت حول صاحب «مروج الذهب»، وحول كتاباته ومؤلفاته، سواء إلى الذين أنكروا أن يكون «إثبات الوصية» من تأليفه أو الذين أثبتوا ذلك، نجدهم ينقسمون إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: أنكرت أن يكون الكتاب للمسعودي، وأنكرت كذلك أن يكون المسعودي شيعيّ المذهب.

المجموعة الثانية: لم ينكروا نسبة الكتاب إليه، ولكنهم أنكروا تشيُّعه. ودليلهم الشواهد التي فهموها من بعض كتبه، التي ـ للأسف ـ لا نعلم عنها اليوم شيئاً. وربما يمكننا القول ـ بعد نظرة متفحصة إلى كتابيه: مروج الذهب، والتنبيه والإشراف، اللذين ثبتت نسبتهما إليه: إن المسعودي لم يكن شيعيّ المذهب([5]).

المجموعة الثالثة: ليس عندها أدنى شك أو تردد في تشيع المسعودي، وترى أن كتاب «إثبات الوصية» من أهم آثاره، وأعظم دليل على اعتقاده بمذهب أهل البيت^.

لكن هذا الاعتقاد لا يقوم إلا إذا ثبت بالفعل أن الكتاب المذكور من مؤلَّفاته؛ وأما إذا ثبت العكس فإن القول بتشيعه يصبح محلّ شك. وبأسلوب آخر: إن القول بتشيعه متوقف على صحة انتساب الكتاب إليه، فمدار تشيعه أو عدمه يدور مدار انتساب الكتاب إليه أو عدم انتسابه. ووحده محتوى الكتاب هو القادر على الإثبات أو النفي، وذلك بمقارنته مع حياته ومؤلَّفاته الأخرى. ومن هنا نرى في البداية ضرورة التعرف على حياته، وعلى مؤلَّفاته الأخرى، غير «إثبات الوصية».

إطلالة على حياة المسعودي ــــــ

أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي عالمٌ بَرْزٌ، وباحث لا يعرف التعب ولا النصب، ومؤرِّخ له مكانته في التأريخ للإسلام. وبالنظر إلى الأبحاث العلمية التي قدمها في كلٍّ من التاريخ، والجغرافيا،والكلام، والفرق والمذاهب، والفلسفة والعرفان([6])، يتعاظم السؤال حول سبب إهمال المترجمين وأرباب الرجال هذه الشخصية، وعدم اهتمامهم بها؟ فهل تعدّ الإشارة إليه بالتشيع تهمة ترفع الحصانة العلمية عن كل مؤلَّفاته، التي تعدّ واحدة من ذخائر التراث الإسلامي؟!

إلا أن القول بتشيعه لا يعدّ دليلاً مقنعاً، وخصوصاً إذا عرفنا أنه كان للعديد من علماء العامة السبق في الكتابة في فضائل ومناقب علي× وباقي أئمة أهل البيت^، ومع ذلك لم تغشاهم ظلمة النسيان، بل تناولتهم أقلام وأقلام، ولا زالوا إلى يومنا هذا محفوفين بالاهتمام. لكنّ الذي يحزّ في القلب بالنسبة للمسعودي أنه حتى في عصره وبعده بقليل لم يكن من المشهورين. وقد تمّ ذكره أول مرة في الفهرست لابن النديم، الذي قال عنه: «هذا الرجل من أهل المغرب، مصنِّف لكتب التواريخ وأخبار الملوك»([7]).

وهذه الإشارة على بساطتها لم تكن هي الأخرى خالية من الخطأ، فقد عده من أهل المغرب، إلا أن المسعودي قد ذكر بنفسه أنه من مواليد بابل([8])، وذكر مرة أخرى أنه من مواليد مدينة السلام (بغداد)([9]).

إن هذه الإشارة القصيرة لم تساعدنا في التعرف على جزئيات حياة المسعودي، حول مرحلة الطفولة، والشباب،والتمدرس والتعلم، وباقي المحطات المهمة في حياة العلماء والمؤرِّخين.

وقد تجاهله كلٌّ من ابن خلكان،والسمعاني، وابن حجر، والسبكي، وكثير من المؤرخين غيرهم، الذين أتوا بعد عصر المسعودي، ولم يتعرضوا له إلا في إشارات جد بسيطة.

لكن هذا التجاهل وغضّ الطرف، الذي عانى منه المسعودي في كتب وتواريخ العامة، انعكس تماماً في الضفة الأخرى، فقد حظي باهتمام لدى الأقلام الشيعية. وربما يكون ما قيل عن تشيعه هو السبب الأول في هذا الاهتمام. لكن هذا الاهتمام لم يتجاوز حدود المدح والتمجيد، وليس يغنينا شيئاً في التعرف على حياته العلمية والعملية.

لذا فليس هناك بد من التعرف على المسعودي من خلال كتبه ومؤلَّفاته، التي أسعفنا الحظ في الحصول عليها، والتي قد تمدّنا بمعلومات في حدّ الكفاف حول حياته،وآثاره العلمية،وفكره،وأسفاره العلمية، وفي البحث والتنقيب عن الحقائق التاريخية والعلمية والأوضاع السياسية والاجتماعية لعصره.

فتح المسعودي عينيه على الدنيا وسط عائلته في حدود النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، أي حوالي 270 إلى 280هـ، وذلك في بغداد عاصمة العلم والعلماء آنذاك. يرجع نسبه إلى عبد الله بن مسعود، الصحابي الجليل، ولهذا سُمّي بالمسعودي([10]). أما ابن حجر فقد ذكر سلسلة نسبه «علي بن الحسين بن عبد الله بن زيد بن عقبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، من قبيلة هذيل حلفاء بني زهرة»([11]).

ويقول البعض: إن تسميته بالمسعودي إنما يرجع إلى اسم إحدى المناطق القديمة في بغداد، وتدعى «مسعودة»([12]).

لكنني أعتقد أن الرأي الأول أرجح؛ نظراً إلى أن أكثرية التراجم ذكرت ذلك، وقالت به.

توافقت بداية حياته مع الدورة الثانية، التي تعتبر بداية ضعف السلطة العباسية، وبداية تسلط الأتراك (العثمانيين) على أمور الإمبراطورية المسلمة. ويعتبر بداية القرن الرابع الهجري أعظم فترة تاريخية في تاريخ الحضارة الإسلامية، فقد برز فيها علماء كبار، أمثال: المسعودي، في علوم كثيرة، وخلَّفوا آثاراً علمية متنوعة، لدرجة يمكننا القول: إن تلك الفترة هي فترة ازدهار الحضارة الإسلامية بامتياز.

فمع ضعف الحكومة المركزية، وتفرق البلاد إلى دويلات محلية، أبطلت جميع الموانع ورفعت كل الحدود أمام العلماء والباحثين والمتجولين بعلمهم وتجارتهم، فقد حظي جميع العلماء بالاحترام والتقدير، وسعت السلطات إلى وضع أسباب جلب العلماء وجذبهم إليها. في هذه الفترة، أي في حدود 302 ـ 304هـ، غادر المسعودي موطن النشأة إلى مواطن أخرى؛ جرياً وراء كسب العلم، وكشف عالم الوجود، والتعرف على عادات وعقائد وثقافات الآخرين.

لم تَخْلُ رحلاته من مواطن الشدة والتعب، لكن حلاوة المطلب كانت رادعاً لكل ما يعكِّر صفو العلم والتعلم. وقد كتب يصف بعض رحلاته: «حيناً بالمشرق، وأحايين أخرى بالمغرب… وطن هناك وراء كل تلك الجمال! قومي بالشام، وعشقي بغداد، أنا هنا بالدورقة وإخوتي بفسطاط!»([13]). ويقول في موضع آخر: «….ربما أتجه نحو الغرب، بحيث يملأ قلبي فأنسى الشرق، ومراراً أذهب إلى الشرق فأنسى الغرب، و….»([14]).

ويطلعنا المسعودي على غاية كل هذه الأسفار، فيحصرها في طلب العلم والحصول على المطالب من منابعها الأصيلة([15]). التقى الملوك، والعلماء، وأصنافاً مختلفة من الناس، فجالسهم، وتبادل الحديث معهم.

ولم يحتج في ذلك إلى واسطة([16]). قضى نصف عمره في الأسفار والرحلات، وكانت هذه الحركة السبب في اطلاعه على تاريخ الأقوام وجغرافية الأوطان. اطلع على عقائد مختلفة، وأفكار متنوعة، ساهمت كلُّها في جعله عالم اجتماع بامتياز.

في سنة 309هـ زار حوض فارس. ومن كرمان وسيستان اتجه إلى الهند. أقام مدة شهرين بمدينتي: ملتان ـ وهي إحدى نواحي الهند ـ وبالقرب من غزنة، والتي كان أهلوها قد تدينوا بدين الإسلام منذ أوائل تاريخ الإسلام([17])، وتعتبر هذه البلدة اليوم من أهم مدن باكستان، وتقع في ولاية البنجاب؛ وبالمنصورة ـ من مدن السند([18]). رجع عن طريق البحر إلى سيريلانكا، ومنها إلى بندر سرانديب. ومن البحر دخل الصين، ليقيم مدة بعمان على ضفاف الخليج الفارسي. سافر حوالي سنة 314هـ إلى كلٍّ من غورغان وطبرستان وأرمنستان. وبعد أن سافر إلى بلاد الشام وفلسطين سنة332هـ غادرها إلى بلاد أنطاكية ودمشق، ليصل أخيراً سنة 345هـ إلى الفسطاط بأرض مصر، ليرحل عنها بعد سنة إلى مقره الأبدي، ويستودع بدنه تحت تربتها إلى يوم القيامة([19]).

 

إلى أيّ مذهب انتمى المسعودي؟ ــــــ

لقد أثار كل من عقيدة وإيمان وفكر المسعودي جدلاً بين المحققين، وعلماء الترجمة،وعلماء الرجال والمؤرخين. فقال بعضهم: إن المسعودي كان معتزليّ الفكر([20]). وقال آخرون: إنه إسماعلي باطني المذهب([21]). وعده آخرون شافعياً؛ ورأى آخرون أنه كان زيدياً؛ وبأنه كان شيعياً إمامياً([22]).

والمصدر الوحيد الذي استسقى منه كلّ هؤلاء أحكامهم على عقيدة الرجل كانت كتبه وما خلفه من مكتوبات. فقد كان غامضاً تجاه الحديث عن عقيدته وفكره المذهبي. ولعل منهجه في التعامل مع الأديان والمعتقدات التي تعرَّف عليها في جولاته الطويلة قد أثَّر عليه حتى في إظهار معتقده أو الكلام عنه. فقد كان على طرف الحياد، ولم يكن يبدي رأيه الخاص أبداً. ولم يكن هذا ما استنتج من كتاباته فحسب، بل لقد صرح بذلك بنفسه، حيث قال: «كل من نظر إلى هذا الكتاب سيكتشف أنني لم أناصر مذهباً على آخر، ولم أكن مؤيِّداً لمعتقد على آخر»([23]).

ولم يكن ذلك منهجه في «مروج الذهب» فحسب، بل كان في جميع آثاره. والبحث في عقيدة الرجل ومذهبه ضرورة موضوعية يقوم هذا البحث على نتائجها، بحيث إن إثبات تشيعه وتمذهبه بمذهب الاثني عشرية يدفع بنا إلى التأكد من كون كتاب «إثبات الوصية» له ومن تأليفه.

 

1ـ الرأي القائل باتّباع المسعودي لمذهب الاثني عشرية ــــــ

اجتمعت كلمة العديد من علماء الشيعة على شيعية المسعودي واتّباعه لمذهب الإمامية. فهذا المحدث النوري، بعد أن نقل آراء وأقوال العلماء، أمثال: النجاشي، والعلامة الحلي،والشهيد الثاني، والسيد ابن طاووس، والمير داماد، وابن إدريس الحلي، وغيرهم كثير، خلص إلى القول: «لا أحد يشك أو يتردد في القول بتشيُّعه»([24]).

لذا فإن انتساب «إثبات الوصية» للمسعودي مؤكَّد ومسلَّم به([25]).

والسؤال الذي يطرح ها هنا هو: ما هو منشأ قولهم بتشيعه؟

لقد كان الشيخ النجاشي أول من قال بتشيع المسعودي من المتقدمين، في كلا كتابيه: «الرجال» و«الفهرست». فبعد أن ذكر ثلاثة عشر أثراً له قال: إن حياته استمرت إلى حدود 333هـ([26]). إلا أن كلاًّ من الشيخ الطوسي والكشي لم يذكراه في كتبهما الرجالية، ولم يشيرا إليه.

أما بالنسبة للعلماء المتأخرين فإن قولهم بتشيع المسعودي مبني على ما ذكره الشيخ النجاشي؛ لأن هذا الأخير من جهة من الموثِّقين، وشهادته موضع ثقة جلّ العلماء الشيعة؛ ومن جهة أخرى فإن زمان النجاشي قريب من زمان المسعودي، ممّا يقوي احتمال اطلاعه على أخباره.

و الظاهر أن رأي علماء الشيعة استند فقط على مقولة النجاشي، ولم يكن هناك بحث مستقل من قبل أي واحد من هؤلاء العلماء، فقد اكتفوا بالقول: إن النجاشي من أهل الصنعة، وله خبرة بأحوال الرجال، بل كان من الموثِّقين.

لكن كون النجاشي أهل خبرة لا يعني أن كل من ذكرهم في رجاله أو في الفهرست من الشيعة. فمبنى النجاشي يخالف هذا الرأي، حيث ثبت أن النجاشي قد اعتبر كل من صنف في المذهب الشيعي والتشيُّع شيعياً، وهي مسألة قابلة للنقاش، وخصوصاً بعد أن تبين أن العديد ممَّن صنفهم ضمن الشيعة لم يكونوا كذلك، بل كان تسننهم قطعياً ولا يحتمل الشك.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن عبارات النجاشي في خصوص المسعودي تبيِّن لنا عدة أمور:

1ـ إن النجاشي لم يكن على معرفة كافية بالمسعودي. فقد استعمل تعبير «هذا الرجل»، و«بقي هذا الرجل»([27])، وهي عبارة تفصح عن عدم المعرفة المباشرة أو الكافية. كما تسفر عن أن حدود معرفة النجاشي بالمسعودي إنما كانت عن طريق السماع من طرف واحد أو أكثر.

2ـ لقد تحدث النجاشي عن أن المسعودي عاش إلى حوالي سنة 333 هـ، بينما الثابت أن تصنيف «مروج الذهب» كان في سنة 336هـ، وأما «التنبيه والإشراف» فقد صنفه المسعودي سنة 345 هـ، وهي التواريخ التي لم يذكرها النجاشي.

3ـ إن مجموع عدد مؤلفات المسعودي أكثر مما ذكر النجاشي.

وفي النتيجة، ومن خلال نقاط الضعف الحاصلة في شهادة النجاشي، كيف يمكن الاعتداد بشهادته، والقول بتشيُّع المسعودي؟!

 

تأييد انحياز المسعودي للمذهب الشيعي ــــــ

1ـ ظهور توجهه الشيعي في بعض آثاره. ولقد ذكر المسعودي بعض آثاره في كتابه «مروج الذهب»، وهي مصنَّفات لم يبقَ لها ـ للأسف ـ أثر، ولا نعلم شيئاً عن محتواها أو متنها([28]). وهو دليل غير محكم إلى الدرجة التي تدعونا إلى قبوله. فمجرد ذكر الاسم لا يعد دليلاً على التوجه الديني أو الفكري.

2ـ الدليل الثاني الذي اعتمده علماء الشيعة هو نقل المسعودي لبعض الروايات التي هي مورد اتفاق الشيعة، وهي واحدة من الأدلة التي يحتجون بها على المخالفين، كرواية خلق نور محمد| والأئمة^ من بعده ([29])؛ ونقله لرواية سليم بن قيس، وهي خطاب من النبي الأكرم| لعلي×: «أنت واثنا عشر من ولدك أئمة الحق». لكن يجب الإشارة إلى أنه ذكر عقب الحديث «أن هذه الرواية لم ينقلها أحد غير سليم بن قيس، وأن إمامهم في زماننا هو محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب×، ويقولون أن الأرض لا تخلو من حجة»([30]).

و الظاهر أن المسعودي إنما كان في مقام بيان معتقدات الشيعة الإمامية، وكما يشير قوله: «إمامهم»، و«يقولون»، إلى إماميته، يشير إلى تردده وعدم اطمئنانه لما يقولون به ويعتقدونه.

قد يكون وجود هكذا روايات، وأخرى حول استمرار سنة الوصية، وذكره لمناقب وفضائل أئمة الشيعة، وتخصيصه لمبحث حول إيمان عبد المطلب×، و….، هو ما يدفعنا للقول بأن المسعودي كان في مقام البيان، وليس في مقام عرض عقائده والتحدُّث عنها.

2ـ الرأي القائل بعدم تشيع المسعودي ــــــ

تعرض بعض علماء السنة للحديث عن المسعودي. فقال البعض بأنه شيعي معتزلي([31])؛ وذهب البعض إلى أنه سني شافعي([32]). وأول من شكك في القول بتشيعه من علماء الشيعة محمد علي بن الوحيد البهبهاني(1216هـ). وقد أشار إلى هذا العلامة المامقاني نقلاً عن «منتهى المقال»([33]).

وبالإضافة إلى هذا التشكيك في عقيدته نجد ضمن كتب المسعودي نفسه ما يحملنا على القول بعاميته، واتّباعه للمذهب السني، ومن ذلك:

1ـ تماديه في ذكر فضائل أبي بكر وعمر إلى درجة المبالغة والخروج عن حدود التصديق([34]).

2ـ لقد أدلى برأيه في بعض الأمور، موافقاً أهل السنة،كقصة إبراهيم×، حيث ذكر أن آذر، الذي كان ينحت الأصنام، كان أباً لإبراهيم×، بينما يجمع الشيعة كلّهم على أنه عمه، وليس أباه([35]).

3ـ لم يتطرق في كتابه «مروج الذهب» إلى واقعة الغدير، واكتفى بذكر قضية فدك، وموت فاطمة الزهراء÷، وليس شهادتها. نعم، قد تعرض لواقعة الغدير في «التنبيه والإشراف»، ولكن بشكل مقتضب، ولم يخلُ من مواقع الخطأ، حيث ذكر أنها وقعت بعد صلح الحديبية، وليس بعد حجة الوداع، كما هو موثَّق في كتب الشيعة منذ القديم([36]).

و الأكثر أهمية من كل ما سبق تعرُّضه لبعض الأحداث التاريخية بشكل يخالف ما تسالم عليه علماء الشيعة.

4ـ لم يبين ما وقع في أحداث السقيفة، وشكّك في كون شيء باسم غصب الخلافة قد وقع آنذاك، فقد كتب يقول: «لقد تحدث عن وقوع أحداث بعد وفاة النبي| لا يُطمأنّ إلى صحة كل ما قيل فيها، وإن ما نتج كان هو مورد الاطمئنان»([37]).

5ـ نقله لرواية عن الإمام علي× ينفي فيها أن يكون قد أوصى بأمر الخلافة لأحد بعده، وأنه إنما ترك الأمر اقتداءً برسول الله|، الذي جعل الأمر شورى بين المسلمين، يختارون لأمرهم من أرادوا([38]). وحتى مع تعهده بأخذ الحياد مقابل ما يذكره من المعتقدات والأحداث إلا أن هذا ليس مسوِّغاً يدفعنا إلى غضّ الطرف عن كلّ ما قاله، وكل ما يمكننا قوله هو قبول وجود نوع من التوجه الشيعي لديه، وليس أكثر من هذا.

وكذلك فإن ما بقي بين أيدينا من آثاره ـ وهي: «مروج الذهب»، و«التنبيه والإشراف» ـ لا يمكِّننا من قول أكثر مما سبق. مع أنه قد قال في موضع آخر، بعد تحدثه عن الفرق والمذاهب الإسلامية: «إنه سيترك الحديث عن رأيه ونظرته في ما ذكره من العقائد إلى كتاب «الإبانة»([39])، ولكن ـ للأسف ـ فقد هذا الكتاب، ولا يعلم شيء عن محتواه ومتنه.

وخلاصة القول: إنه من خلال ما بقي لدينا من آثاره، والتي تكمن في كتابيه: «المروج»؛ و«التنبيه»، لا نستطيع استنباط تشيعه، بل هي حاكية عن عدم تشيعه أكثر من حكايتها عن تشيعه.

 

أعمال المسعودي وأساتذته ــــــ

1ـ أعماله ــــــ

أـ الأعمال المتبقية ــــــ

ذكرنا سابقاً أن المتبقي من كتب المسعودي اليوم، والذي ثبتت نسبته إليه، والذي هو مورد اتفاق وإجماع كلا علماء المدرستين، كتابان، الأول: مروج الذهب؛ والثاني: التنبيه والإشراف. نعم، هناك قسم عظيم من كتاب «اختبار الزمان»، لكن انتساب الكتاب إلى المسعودي محلّ تردُّد وتشكيك. وكذلك الأمر بالنسبة إلى كتاب «إثبات الوصية».

فرغم وجوده بين أيدينا إلا أن نسبته إلى المسعودي محل خلاف بين العلماء. وهو محور موضوعنا كما أسلفنا.

 

ب ـ الأعمال المفقودة ــــــ

هناك العديد من الكتب التي ضاعت وفقدت آثارها مع مرور الزمن. ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات:

الأولى: كتب في العقائد والأمم وبيان أديانها، ومن بينها: كتاب الإبانة، وكتاب المقالات، وكتاب خزائن الدين، وكتاب نظم الأدلة، وغيرها.

الثانية: كتب حول الإمامة والخلافة، ومنها: سر الحياة، حدائق الأذهان، البيان، الصفوة، الانتصار، وغيرها.

الثالثة: كتب في التاريخ والجغرافيا، ومنها: أخبار الزمان، كتاب الأوسط، ذخائر العلوم، فنون المعارف، التاريخ، وغيرها.

إن تنوع مصنَّفات المسعودي وشموليتها لكل المواضيع المعرفية والعلمية تنبئ عن مدى الجهد والسعي الذي بذله المصنف للوصول إلى كل هذه التصنيفات بمختلف مواضيعها. وإن فقد المكتبة لهذه الآثار يعتبر خسارة كبيرة وضياعاً لجزء مهم من الحضارة الإسلامية.

 

2ـ أساتذته ــــــ

ليس لدينا في الحقيقة أي مستند مستقل يتعرض لشخصيات أساتذة المسعودي، أو يذكرهم بالتفصيل. لكن ومن خلال الآثار المتبقية له نستطيع جمع العديد من الأسماء الذين ذكرهم بشكل غير مباشر، مغدقاً عليهم المدح والتمجيد. ونذكر من جملتهم: ابن سريج(306هـ)، ومحمد بن خلف بن وكيع(306هـ)، وأحمد بن سعيد الدمشقي الأموي(307هـ)، ومحمد بن جرير الطبري(310هـ)([40])، والزجاج(311هـ)، وابن دريد(321هـ)، وابن الأنباري(327هـ)، وجعفر بن همدان الموصلي(323هـ)، والقاضي عبد الله الدمشقي([41])، والكشي(323هـ)، والصولي(335هـ)، والطاهر بن يحيى، ويموت بن مزرع(304هـ)، والفضل الجمحي(305هـ)، وغيرهم([42]).

كان إجراء تحقيق حول أساتذته الذين ذكرهم في كتابيه سيساعدنا في التعرف أكثر على شخصية المسعودي. لكنه تحقيق يتطلب وقتاً وجهداً كبيراً، وهو خارج عن حدود موضوعنا.

 

بنية كتاب إثبات الوصية ومحتواه ــــــ

1ـ بنية الكتاب ــــــ

يمكن تقسيم هذا الكتاب وفق مواضيعه إلى ثلاثة أقسام:

الأول: تطرق فيه إلى الحديث عن المخلوقات ما قبل النبي آدم×، خلق العقل على يمين العرش، وخلق الجهل من البحر المالح المر والمظلم، وكذلك خلقة الجن، وخلق آخر جمع بين بعض خصوصيات الإنسان وبين خصوصيات القردة.

الثاني: دار حول خلق آدم×، معجزات الأنبياء حتى زمن النبي الأكرم|، في روايات عجيبة وغريبة.

الثالث: بيان مفصَّل لمعجزات النبي الأكرم| والأئمة^، مع ذكر مَنْ عاصرهم من الملوك والخلفاء.

 

2ـ محتوى الكتاب ــــــ

من خلال دراسة لهذا الكتاب نخلص إلى أنه من المحتمل أن يكون للمسعودي كتاب بهذا العنوان، غير الذي بين أيدينا. كما يحتمل أن الكتاب الموجود الآن هو لمؤلِّف آخر غير المسعودي.

ونستطيع القول: إن الأفضل أن يوضع الكتاب إلى جانب كتب الخاصة في الأدلة على الإمامة وكتب المعجزات، وليس ضمن سلسلة الكتب التاريخية؛ لأن معظم مواضيع الكتاب هي في شرح الأدلة والمعجزات، بالإضافة إلى أن مواضيعه تلك قد تجاوزت حد المعقول والمنقول، لدرجة تدفعنا إلى القول: إنه يحتمل بقوة أن يكون مؤلف هذا الكتاب من القصاصين، متساهلاً تجاه الحقيقة، عاشقاً للإسرائيليات، يعتقد بكل ما يهب عليه، لا يهتم إن كان صحيحاً أو مجانباً للصواب وخارجاً عن أوليات التفكير العقلي.

ومن جملة الموارد التي تنم عن سذاجة الكاتب أو عن الوضع والتحريف:

أـ في نفس اليوم الذي ولد فيه الإمام الحسن× انعقدت نطفة الإمام الحسين×([43]).

ب ـ عندما توفي إبراهيم ابن النبي الأكرم| نزل جبرائيل على النبي يخبره أنه إذا أراد فإن الله سبحانه وتعالى سيحيي إبراهيم من جديد، ويعطيه النبوة من بعده([44]).

ج ـ ذكر ـ وخلافاً لما جاءت به كل كتب التاريخ ـ أن شهداء كربلاء 61 شهيداً. ودليله في ما ذهب إليه كون الله سبحانه وتعالى قدر أن يكون عدد من يفدون دينه من أول الدنيا إلى آخرها 1000 شخص، بحيث كان عدد مَنْ ناصر لوطاً النبي× 313 فرداً، وعدد شهداء بدر 313، والذين سينصرون الإمام المهدي# 313، فما بقي، وهو 61، هم شهداء كربلاء([45]).

دـ إيراده لرواية عن الإمام العسكري× يقول فيها: إن الأئمة يزدادون رشداً ونمواً في اليوم بمقدار أسبوع، وفي الأسبوع بمقدار شهر، وفي الشهر بمقدار سنة([46]).

هـ ـ إن آدم×، بعد أن توقف لسبع ساعات في الجنة، قال أثناء خروجه: اللهم بحق محمد وعلي والحسن والحسين….، ثم استمر بالتوسُّل بالأنبياء، يذكر أسماءهم إلى أن ذكر 76 نبياً، وحين وصل إلى يحيى أجابه الله تبارك وتعالى: إنه يعطي كل نوره وتمام حكمته لمحمد|؛ لأن وصيه هو علي بن أبي طالب× الذي لن يكفر به إلا شقي، كافر، تائه، وحاقد»([47]).

و ـ كثيراً ما يقع المؤلٍّف في التناقض، وذلك كأن ينقل رواية بطريقتين مختلفين. مثلاً: حين عرضه لقصة خلق النبي الأكرم|، وبعد عبارة «لولاك ما خلقت الأفلاك»، أخذ في عرض مسير انتقال ذلك النور بدءاً من آدم وحواء، وبعد أن بلغ 49 وارثاً لذلك النور عرج على عبد المطلب، فجعله الوارث الخمسين، وكيف أنه كان دائماً يحمل نوراً عجيباً على ناصيته، يشبه من شدة لمعانه الشمس في وضح النهار، والقمر في ليلة كماله، إلى أن أودع ذلك النور عبد الله، الذي أودعه بدوره في رحم آمنة المطهرة([48]). وحين التفت إلى أنه لم يذكر الأئمة جزءاً من هذا النور أعاد ذكر القصة، فلما وصل بالنور إلى عبد المطلب قال: إنه تقاسمه وأبا طالب، ليصل بعد ذلك إلى رحم آمنة أم النبي الأكرم| وفاطمة بنت أسد، أم الإمام علي([49]).

زـ إنه عندما رفضت عائشة أن يدفن الإمام الحسن قرب النبي|، وقد كان في بيتها، أرسل لها الإمام الحسين ورقة طلاقها من النبي الأكرم|، الذي كان قد رحل عن هذه الدنيا بسنوات([50]).

ح ـ إنه بعد ولادة النبي الأكرم| طلب عبد المطلب من آمنة أن تأتيه به، فامتنعت، وقالت: إنها رأت رجلاً شديد البياض، وبطول النخلة، يأمرها أن لا تطلع أحداً على مولودها، إلا أن تنقضي ثلاثة أيام من ولادته، فغضب عبد المطلب، وقال لها: إما أن تأتيني بمحمد|؛ وإما أن أدخل فأقتله بنفسي([51]).

ط ـ لما أرادت عائشة زوج النبي الأكرم| حين خرجت في وجه علي× في حرب الجمل الرجوع لم يقبل الجمل الرجوع، ولما قطعت إحدى رجليه قاوم، ووقف على أرجله المتبقية، وأخذ في المقاومة، فلما انتبه الإمام علي× إلى ذلك المنظر صاح قائلاً: والله، إنه ليس بجمل، ولكنه شيطان([52]).

ي ـ على الرغم من أن عنوان الكتاب يتعلق بإثبات وصية الإمام علي×، وكان يفترض أن يكون كل الكتاب أو جزؤه الأعظم متوجهاً إلى هذا الغرض، إلا أن الكتاب لم يلتفت إلى الموضوع إلا في حدود 48 صفحة، وأما القسم الأكبر من الكتاب فقد اهتم بتاريخ أنبياء بني إسرائيل، وحياة ومعجزات الأئمة^، وفوق كل هذا فإن الروايات التي ينقلها خلال هذا الكتاب إما أنها بدون سند كلياً؛ أو أنه يذكر راوياً واحداً، ثم يرسل الرواية.

و بالجملة فإن كل روايات الكتاب هي بدون سند، وعلى شكل قصة. مضافاً إلى منهج الكتاب، حيث طرح جلَّ مطالبه على أنها قصص فاقت كلّ التصورات، إلى درجة المبالغة في الأشخاص والأحداث بشكل لا يتوافق وأوليات العقل والتفكير العلمي، فجلُّ رواياته أقرب إلى الخرافة منها إلى الواقع.

ومن هنا لا نجد بدّاً من ذكر الكتب التي نسبت الكتاب إلى المسعودي صاحب «مروج الذهب»، وهي: رجال النجاشي،الخلاصة للعلامة الحلي، حاشية الخلاصة للشهيد الثاني، بحار الأنوار للعلامة المجلسي، منتهى المقال لأبي علي الحائري، روضات الجنات للخوانساري، خاتمة المستدرك للمحدث النوري، تنقيح المقال للمامقاني، أصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء،الذريعة للطهراني([53]).

وتجدر الإشارة إلى أن دليل كل هؤلاء الذين نسبوا إثبات الوصية للمسعودي كان قائماً على رأي النجاشي، فهو أول من تكلم عن تشيعه، وأول مَنْ نسب «إثبات الوصية» إليه. ولا يوجد لدى العلماء دليل آخر غير هذا.

 

مقارنة mإثبات الوصيةn مع ما بقي من كتب المسعودي ــــــ

لعل المقارنة في هذا الظرف هي أفضل وأصوب طريق للوصول إلى نتيجة علمية وقاطعة. لذا سنسعى إلى إجراء مقارنة بين «إثبات والوصية» وكلٍّ من «مروج الذهب» و«التنبيه والإشراف»؛ لنرى هل أن هذا الكتاب على شاكلة الكتابين الآخرين، أو يختلف عنهما؟.

تناول المسعودي في «مروج الذهب» و«التنبيه والإشراف» التاريخ العام، بحيث جمع بين التاريخ والجغرافيا، مع رعاية الإيجاز والاختصار، والبيان البسيط والواضح([54])، مع استعماله للاستدلال العقلي([55])، وإتيانه بحقائق قلّ نظيرها حول تاريخ الإسلام. وينعدم تقريباً التفاوت بين «مروج الذهب» و«التنبيه»، إلا في ما يخصّ بعض الأخبار وبعض الروايات، كما هو الأمر بالنسبة لرواية الغدير، التي أتى بها في «التنبيه والإشراف»، ولم يذكرها في «مروج الذهب»، مع وقوعه في خطأ تأريخها، حيث ذكر أنها وقعت بعد صلح الحديبية، بينما الصحيح والثابت تاريخياً في جميع المصادر أنها كانت بعد حجة الوداع مباشرة([56])، مع الإشارة إلى أن منهج الكتابة في كلا الكتابين واحد، وكذا أسلوب الكتابة والتحقيق.

وإن براعته في عرض التاريخ العمومي للإسلام كبيرة إلى درجة تمكِّننا من القول: إن التاريخ العمومي للإسلام اكتمل معه، وبالأخص في أخبار أسفاره العلمية، التي شملت مدناً ودولاً مختلفة في الشرق والغرب، وقد دوَّن أخبارها بشكل دقيق في كتابيه، بل لن نكون مبالغين إذا خلصنا إلى أن كتابيه «مروج الذهب» و«التنبيه والإشراف» يشكلان في الحقيقة، بلحاظ المنهج والأسلوب، مدرسة خاصة في كتابة التاريخ. ومن خصوصية هذه المدرسة على وجه الخصوص:

1ـ في تقييمه لنتائجه وأخباره العلمية قسَّم الأخبار إلى ثلاثة أقسام: أخبار الآحاد، التي تجري بين الممكن والجائز؛ والأخبار المستفيضة (المتواتر)؛ والأخبار الممتنعة([57]).

2ـ تركيزه على التجربة، وذلك من خلال المعاينة الشخصية، انطلاقاً من الأسفار العلمية، وضرورتها في تحصيل الأخبار التاريخية([58]).

3ـ انتهاجه لمنهج جديد في بيان تاريخ الأنبياء، وذلك من خلال اعتماده على الآيات القرآنية، أو مقارنة ما حصل عليه من الأخبار والرواية بما جاء به القصص القرآني، بحيث أصبح القرآن والقصص القرآني المرجع الذي تقاس عليه صحة ما ورد في شأن الأنبياء مما يتناوله الناس من أخبار و أحداث([59]).

4ـ إجراء مقارنة بين الحضارات والثقافات اليونانية، والهندية، و…

5ـ إبداعه أسلوباً علمياً جديداً، وذلك باستخدامه الحقائق التاريخية، والظواهر الجغرافية، مع الاستفادة من علم الفلك والنجوم([60]).

6ـ طرحه لنظرية تأثير المحيط الجغرافي في إيجاد تنوع التمدن من منطقة إلى أخرى([61]).

7ـ استعماله للتحليل العقلي في مقابل الأحداث التاريخية، والتزامه الحياد في نقل الأخبار والوقائع.

8ـ استمداده للمعلومات من مصادر متنوعة، تجمع بين الوثائق المكتوبة، والرؤية المباشرة للآثار وبقايا العمران، وبحث المطالب مع العلماء وذوي الخبرة، وتطرقه لبيان تطور العلوم، كالفقه، والحديث، والفلسفة، والنجوم، مع استحضاره لمباحث متعلقة بعلم الإحياء (الحيوانات والطيور)، ومعرفة الأقوام، وحتى علم النفس. كما استفاد من علم تعبير الأحلام والرؤى، والموسيقى…([62]).

مما لاشك فيه أن ما طرحه المسعودي من نظريات جديدة في علم التاريخ، من خلال استعماله واستفادته من عدة علوم، يعتبر إبداعاً جديداً وتطوراً علمياً يستحق التوقُّف عنده كثيراً.

 

أـ اختلاف في البنية ــــــ

ربما يكون إجراء مقارنة بين بنية كتابين سهلاً، وذا نتائج إيجابية، بشرط أن يكونا قد كتبا في زمن واحد. نعم، قد يكون تواجد اختلاف في المواضيع حجر عثرة في هذه المقارنة، لكن قد تكون بنية الكتابة ومنهج الكاتب نقطة إيجابية في إقامة هذه المقارنة.

والملاحظ أنه مع وجود نقاط اشتراك قليلة من حيث الموضوع فإنها توضح اختلاف بنية الكتابة فيما بينهما، بل هناك تفاوت حتى في ما يخص أسلوب الكتابة ومنهجها، لدرجة يمكننا القول: إنه في حدود المشترك لا يمكن الحكم بأن القلم واحد. وبعبارة أخرى: إن وجود أدنى تشابه بينهما بلحاظ أسلوب ومنهج الكتابة منعدم. ومن بين نقاط الاختلاف تلك:

1ـ يلاحظ ذكره للسند ورواة الروايات في «إثبات الوصية»، بينما لم يكن ذلك منهجه في «المروج» و«التنبيه».

2ـ إن مبنى المسعودي في طرح الأخبار هو الإيجاز والاختصار، بينما يلاحظ الإطناب والإسهاب في «إثبات الوصية».

3ـ من المسائل التي ينفرد بها «إثبات الوصية» تفرده في طرح بعض الأحداث التاريخية بشكل يختلف بها، ليس فقط عن كتب المسعودي السالفة الذكر، بل يختلف عن باقي كل الكتب التاريخية. ومن بين نقاط الاختلاف تلك:

أـ اختلاف محمد بن الحنفية والإمام السجاد× حول موضوع الإمامة، واحتكامهما للحجر الأسعد في الكعبة الشريفة، وحكم الحجر الأسعد لصالح الإمام السجاد×([63]).

ب ـ نطق الإمام الثاني عشر# وهو حديث الولادة بالشهادة الثالثة بأمر من الإمام الحسن العسكري×([64]). وهو يدرج هذه الواقعة ضمن معجزات الأئمة^. لكن طرح هكذا حدث لا يوجد له سندٌ تاريخيٌّ، ولا سيما أن الشهادة الثالثة لم تكن مطروحة في ذلك الوقت وتلك الفترة من الزمان.

ج ـ تلوث كل الحجارة المحيطة ببيت المقدَّس في لحظات شهادة الإمام علي×. وهذه الحادثة لا نجد لها أثراً في كتب المسعودي الأخرى، بل لا توجد في الكتب التاريخية الأخرى([65]).

دـ يقول الكاتب: إنه لما وضع جثمان الإمام علي× على التراب اختفى عن الأنظار، ولم يعُدْ له أثر، حينها قال الإمام الحسن×: إنه لو تمّ دفن الأنبياء في المشرق، ودفن أوصيائهم في المغرب، فإن الله يجمع بينهما في ساعة واحدة([66]).

هـ ـ إن دم الإمام الحسين× لم يهدأ من الثوران حتى قام المختار بقتل سبعين ألف قتيل، وقال: لقد قتلت سبعين ألفاً انتقاماً لدم الحسين، والله، لو قتلتُ أهل الأرض جميعاً ما فديت إصبع الحسين الذي قطع في كربلاء([67]).

وـ روايته لقصة أصحاب الفيل بشكل تجاوز فيها كل الروايات، بل تجاوز ما ذكره القرآن، حيث قال: إن أبرهة كان على فيل أسود كبير، ولما وقع نظر الفيل على عبد المطلب خرّ إلى الأرض ساجداً، ونطق بلسان فصيح: السلام عليك، وعلى النور الذي تحمل في صلبك، وإن أبرهة لما رأى هذه المعجزة ولى وجيشه عائدين إلى اليمن([68]).

ي ـ تفرُّده بذكر بعض أحداث زواج عبد الله بآمنة÷، من قبيل أن سبعين رجلاً من كبراء قوم يهود الشام أتوا مكة، شاهرين سيوفهم، يريدون قتل عبد الله، وصادفوا عبد الله خارج مكة، فحملوا عليه، لكنّ جمعاً من رجال بيض هبطوا من السماء، فحملوا على اليهود، وأردوهم قتلاً، وكان وهب حاضراً في نفس المكان، ولما رأى ما وقع عاد مسرعاً، وفي مغرب نفس اليوم طرق باب عبد المطلب يطلب عبد الله زوجاً لابنته آمنة([69]).

كان هذا بعضاً مما جاء في الكتاب، وإلا فإن الكتاب مملوء بمثل هذه الأحداث، التي فاقت في سبكها ومحتواها كل الكتب التاريخية، وتجاوزت كل الحقائق القرآنية، واختلفت بالتالي مع باقي كتب المسعودي، وهي أحداث أقلّ ما يمكن القول عنها: إنها أقرب إلى الأسطورة منها إلى الواقع التاريخي. وهو منهج يغاير كلياً منهج المسعودي الذي كان متوخياً للدقة والصحة في عرض الأحداث التاريخية.

 

ب ـ اختلاف في المحتوى ــــــ

لا يستطيع أحد أن يطعن في وثاقة ومصداقية الشيخ النجاشي. وهذا ما جعل باقي علماء الشيعة يتناقلون رأيه في كون المسعودي هو من قام بتأليف «مروج الذهب» و«إثبات الوصية».

لكنْ بنظرة متفحِّصة للكتابين، بلحاظ المحتوى والمواضيع، يخلص إلى احتمال كونهما لكاتبين مختلفين. نعم، هناك بعض التشابه، من حيث إن «إثبات الوصية»، كما هو الأمر في «مروج الذهب»، قد تعرض لمباحث كلامية وللمعجزات، لكنْ في طرحه للمباحث التاريخية لا نكاد نجد أدنى تشابه بين ما طرح في هذا الكتاب وباقي الكتب التي لا يُطعن في نسبتها للمسعودي. ونذكر على سبيل المثال:

1ـ عمل المسعودي على طرح الوقائع والأحداث التي وقعت مباشرة بعد إعلان وفاة النبي الأكرم| والتحاقه بالرفيق الأعلى بشكل لم يتعرَّض فيه لما جرى على بيت النبوة من ظلم، ولم يشِرْ إلى تحالف القوم وغصبهم لحق شرعيّ أثبت بالنص لأهل بيت النبوة في إدارة أمور الدولة والأمة من بعده. كما أنه لم يتعرَّض لشهادة الزهراء÷، بل ذهب إلى ما ذهبت إليه كتب العامة من قبله ومن بعده في عرض الأحداث وتلفيق الوقائع. بينما كان كاتب إثبات الوصية ـ على خلاف المسعودي في «المروج» و«التنبيه» ـ صريحاً في موقفه، معارضاً لما أجراه القوم على بيت النبوة من ظلم وجور وغصب لحق الإمام علي×، كما كان مفصِّلاً لأحداث شهادة الزهراء وما جرى عليها من المصائب بعد وفاة النبي الأكرم|([70]).

2ـ الاختلاف الواضح بين الكتابين «مروج الذهب» و«إثبات الوصية» في طرحهما لتاريخ الأنبياء([71]). فقد كان ما طرح في «مروج الذهب» موافقاً للآيات القرآنية والقصص القرآني. في حين أن ما طرحه صاحب «إثبات الوصية» مغايرٌ للقرآن، بل هو أكثر توافقاً مع ما طرحته الإسرائيليات.

3ـ إن الغرض الأصلي في كتاب «إثبات الوصية» هو إثبات وصية النبي الأكرم| لعلي× وباقي الأئمة^، وأما في «التنبيه والإشراف» فقد عرف المسعودي إمامة الاثني عشر بقوله: «لا أحد يعترض أو يشك في أن الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر من أصول مذهبهم، وهو العدد الذي اختص بروايته سليم بن قيس، ولم ينقله غيره، أما إمامهم في زماننا فهو محمد بن الحسن…»([72]).

4ـ ذكر المسعودي في mمروج الذهبn حوادث الفساد، واضمحلال القيم الإسلامية، وهبوط قيمة التدين، في محيط الخلفاء وفي زمانهم([73]). بينما لا نجد ذكراً لهذه الأحداث في «إثبات الوصية».

5ـ يختلف منهج الكتابة في الكتابين عنه في «إثبات الوصية». ففي حين نجد المسعودي يذكر تاريخ تأليف الكتاب، ويشير بالرجوع والإحالة إلى كتبه الأخرى، مع ذكر اسمها([74])، لا نلاحظ هذه الإحالة في «إثبات الوصية».

6ـ لقد اعتمد في «إثبات الوصية» على عرض الأخبار والأحداث عرضاً قصصياً، وقد غلب الطابع الخرافي على الكتاب. بينما كان الطابع العقلي والتحليل العلمي هو الطابع الذي ساد كتابَيْ المسعودي في جميع أقسامهما.

النتيجة ــــــ

نخلص من خلال ما سبق إلى ما يلي:

1ـ إنه بنظرة تحليلية لأسلوب الكتابة وعرض الوقائع التاريخية يتضح الاختلاف بين الكتابين: «مروج الذهب»؛ و«إثبات الوصية»، بحيث إنه حتى القسم التاريخي في «إثبات الوصية» لا يتوافق وأسلوب الطرح والكتابة في الآخر.

2ـ اختلاف موضوع «إثبات الوصية» عن مواضيع الكتب الأخرى، بحيث تفتقد بصمات المسعودي، التي غدت واضحة وجلية في «المروج» و«التنبيه».

و بالجملة نخلص إلى أنه مع وجود هذا الاختلاف والتفاوت في المنهج لا نستطيع الجزم بأن الذي كتب «إثبات الوصية» هو نفسه الذي كتب «مروج الذهب» و«التنبيه والإشراف». وبأسلوب صريح: إن الذي كتب «إثبات الوصية» شخص آخر غير المسعودي.

بعد كل هذا يجد السؤال: مَنْ كتب mإثبات الوصيةn؟ مشروعيته. وللإجابة عن هذا التساؤل نجد أنفسنا أمام نظريتين:

1ـ أن نقول: إن علي بن الحسين المسعودي هو في الواقع اسم لشخصين: أحدهما: ألَّف «مروج الذهب» و«التنبيه» وباقي الكتب الأخرى التي أحال عليها؛ والثاني: كتب «إثبات الوصية». وقد يصبح هذا الرأي قوياً ومحتملاً إذا علمنا أن نفس الاسم يوجد في روايات كتاب «الغيبة» للنعماني([75])، حيث هناك تشابه قوي بين روايات علي بن الحسين المسعودي في كتاب «الغيبة» والروايات الواردة في «إثبات الوصية». ونستطيع القول بعد هذا: إنه يحتمل أن يكون راوي كتاب «الغيبة»، للنعماني، هو نفس كاتب «إثبات الوصية»، وإنه نظراً لتشابه الاسم تم نسبته لعلي بن الحسين المسعودي، صاحب «المروج».

2ـ هناك رأي آخر يقول: إنه يحتمل أن يكون كتابان بنفس الاسم «إثبات الوصية»؛ واحد هو في الحقيقة للمسعودي؛ وآخر لكاتب آخر، ونظراً لأننا فقدنا القسم الكبير من مؤلَّفات المسعودي قام البعض بنسبة الكتاب الموجود للمسعودي؛ ظناً منه أنه له.

كما يحتمل أن يكون للكتاب اسم آخر، وخصوصاً أنه كتب حول إمامة الأئمة، فاشتهر بموضوعه، دون اسمه([76]).

وبلحاظ قوة دليل الرأي الأول فإن كاتب «إثبات الوصية» هو علي بن الحسين المسعودي غير صاحب «مروج الذهب» المشهور. أما القول بأنه لصاحب «مروج الذهب» فهو قول ليست له قرائن علمية، ويصعب إثباته.

وعليه لا يمكن انتساب «إثبات الوصية» للمسعودي، صاحب «مروج الذهب»، بل من الصعب إثبات تشيع المسعودي.

ويبقى القول بأن المسعودي صاحب «مروج الذهب» عالم سنّي المذهب، وقد امتاز بالروح العلمية والتحقيق العلمي، مع عدم إغفال وجود نوع من التوجه الشيعي، شأنه شأن العديد من علماء السنة الذين كتبوا عن فضائل ومناقب أهل البيت^.

الهوامش:

(*) باحث في علم الكلام.

([1]) يرجع إلى: أعيان الشيعة 41: 198؛ المسعودي، إثبات الوصية 12: 1362.

([2]) السبكي، طبقات الشافعية 2: 323؛ ابن شاكر الكتبي، فوات الوفيات 3: 12؛ ابن عماد، شذرات الذهب 1: 33؛ ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان 5: 20.

([3]) ابن النديم، الفهرست: 171، رقم 219، الذهبي، سير أعلام النبلاء 15: 569؛ طبقات الشافعية 2: 323.

([4]) شبيري الزنجاني، مجلة الانتظار 4: 201 ـ 229.

([5]) علي محمد ولوي، فصلنامه فرنغ 19: 19.

([6]) المسعودي، التنبيه والإشراف (مقدمة المحقق): 1.

([7]) ابن النديم، الفهرست: 171، رقم 219.

([8]) المسعودي، مروج الذهب 2: 38.

([9]) مروج الذهب 2: 39.

([10]) لسان الميزان 4: 224؛ طبقات الشافعية 3: 456.

([11]) ابن حجر، الإصابة 2: 36.

([12]) أعيان الشيعة 41: 198.

([13]) المسعودي، التنبيه والإشراف 6: 1365.

([14]) المصدر نفسه.

([15]) المصدر نفسه: 80 ـ 92 و117 ـ 156.

([16]) المصدر نفسه: 98 ـ 99 و133 و306؛ مروج الذهب 3: 86 ـ 87، 248.

([17]) ياقوت الحموي، معجم البلدان 5: 179.

([18]) المصدر نفسه 5: 211.

([19]) طبقات الشافعية 2: 307؛ جرجي زيدان، آداب اللغة العربية 2: 363.

([20]) لسان الميزان 5: 21؛ الذهبي، تاريخ الإسلام 25: 341؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء 15: 569.

([21]) الهادي، منهج المسعودي في كتابة التاريخ: 74.

([22]) أعيان الشيعة 41: 198؛ علي محمد ولوي، المصدر السابق 19: 19.

([23]) مروج الذهب 2: 754.

([24]) النوري، خاتمة المستدرك 19: 115.

([25]) المجلسي، بحار الأنوار 1: 18.

([26]) النجاشي، رجال النجاشي: 254.

([27]) المصدر نفسه: 245.

([28]) مروج الذهب 2: 437 و3: 86.

([29]) المصدر السابق 1: 43.

([30]) التنبيه والإشراف: 198 ـ 199.

([31]) سير أعلام النبلاء 15: 569، لسان الميزان 5: 21.

([32]) الزركلي، الأعلام 4: 277؛ السبكي، طبقات الشافعية 1: 458.

([33]) المامقاني، تنقيح المقال 3: 283؛ الحائري، منتهى المقال 4: 394.

([34]) مروج الذهب 2: 278 و 298 ـ 299.

([35]) المصدر السابق: 221 ـ 250، 2: 302 ـ 304 و3: 237.

([36]) المصدر السابق: 221 ـ 250، 2: 302 ـ 304 و3: 237.

([37]) مروج الذهب 2: 426 و1: 785.

([38]) المصدر السابق 1: 774.

([39]) المصدر السابق 1: 19 و2: 148 و3: 223.

([40]) مروج الذهب 1:23 و3: 184 ـ 324؛ التنبيه والإشراف: 267، 239، 300.

([41]) المصدر السابق 1: 32 و2: 58 و5: 28 ـ 186.

([42]) المصدر السابق 5: 188 ـ 190 و3: 104 ـ 216 ـ 276 ـ 279؛ التنبيه والإشراف: 254 ـ 300.

([43]) إثبات الوصية: 137.

([44]) المصدر السابق: 138.

([45]) المصدر السابق: 306 ـ 307.

([46]) المصدر السابق: 468.

([47]) المصدر السابق: 162.

([48]) المصدر السابق: 195.

([49]) المصدر السابق: 263.

([50]) المصدر السابق: 298.

([51]) المصدر السابق: 205 ـ 206.

([52]) المصدر السابق: 270.

([53]) إثبات الوصية (مقدمة المترجم): 12.

([54]) مروج الذهب 1: 16 و2: 135 و3: 33 ـ 38 ـ 235 و4: 175 ـ 310، و…

([55]) المصدر السابق 1: 144 ـ 145 ـ 184 ـ 208 و2: 91 ـ 92 ـ 209؛ التنبيه والإشراف: 129 ـ 130، و…

([56]) التنبيه والإشراف: 221.

([57]) مروج الذهب 1: 145 و 2: 227 ـ 229؛ التنبيه والإشراف: 290 ـ 332.

([58]) مروج الذهب 1: 120 ـ 147 ـ 241؛ التنبيه والإشراف: 49 ـ 50 ـ 66.

([59]) مروج الذهب 1: 33 ـ 75؛ روزونتال، علم التاريخ عند المسلمين: 124.

([60]) مروج الذهب 2: 413.

([61]) المصدر السابق 1: 20 ـ 21 و2: 347 ـ 360 ـ 375 ـ 413؛ التنبيه والإشراف: 23 ـ 29 ـ 71.

([62]) مروج الذهب 1: 85 ـ 86 ـ 92 ـ 147 ـ 106 ـ 169 ـ 184 ـ 188 ـ 310 ـ 313 ـ 314 ـ 346 ـ 376 ـ 390 ـ 531، و…، و2: 621 ـ 564 ـ 583 ـ 710، و…

([63]) إثبات الوصية: 322 ـ 323.

([64]) المصدر السابق: 485.

([65]) المصدر السابق: 283.

([66]) المصدر السابق: 286.

([67]) المصدر السابق: 310.

([68]) المصدر السابق: 189 ـ 190.

([69]) المصدر السابق: 194.

([70]) المصدر السابق: 262.

([71]) هادي الحسين حمود، منهج المسعودي في بحث العقائد: 83 ـ 87.

([72]) التنبيه والإشراف: 198 ـ 199.

([73]) المصدر السابق 3: 95 ـ 187 ـ 387؛ مروج الذهب 2: 71 ـ 72.

([74]) التنبيه والإشراف: 78 ـ 95…؛ مروج الذهب (الترجمة إلى الفارسية) 1: 1 ـ 8 ـ 149 ـ 352 ـ 367 ـ 631، و….

([75]) النعماني، الغيبة: 188 ـ 241 ـ 312.

([76]) صالحي النجف آبادي،الشهيد جاويد (الهامش): 113 ـ 114، بنقل عن العلامة الأميني صاحب كتاب الغدير.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً