أحدث المقالات

قراءةٌ جديدة في ضوء القرآن والفقه

ـ القسم الثاني ـ

السيد عدنان فلاحي(*)

ترجمة: وسيم حيدر

الآية الثالثة

﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النساء: 25).

لقد سبق أن استندنا إلى هذه الآية، وقلنا: إن هذه الآية من أقوى الأدلة على بطلان أكذوبة (التسرّي) غير القرآنية؛ إذ تصرِّح بأن البديل الوحيد عن الزواج من الحرائر هو الزواج بملك اليمين، دون التسرّي. وإن التصريح بألفاظ من قبيل: «فانكحوهنّ»، و«آتوهنّ أجورهنّ» في هذه الآية يغلق الطريق على جميع أنواع فرض تراث العصر العباسيّ على القرآن الكريم.

الآية الرابعة

﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ (النساء: 36).

إن هذه الآية تخاطب المؤمنين بالقرآن الكريم، وتأمرهم بالإحسان إلى الوالدين والأقارب والأيتام والمساكين و… وملك اليمين (الأعمّ من العبيد والجواري والرجال والنساء اللاجئين والغرباء). ولكنْ هل يمكن لنا أن نتصوّر أن الوطء القَسْري لملك اليمين خارج عقد النكاح، أو فصلهنّ عن أزواجهنّ بالإكراه، من مصاديق «الإحسان»؟! لا شَكَّ في أن التأمُّل في المعنى العميق لهذه الآية الشريفة، وكذلك الانصياع إلى الأمر الإلهي، إذ يقول: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90)، يمكنه أن يوضِّح الكثير من الحقائق القرآنية التي تمّ تجاهلها والتغافل عنها.

الآية الخامسة

﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النور: 32 ـ 33).

إن هذه الآية تأمر المؤمنين بالترويج لسنّة النكاح والزواج عند توفّر الظروف والشرائط، وقد عملت ـ على غرار الآيات السابقة (من قبيل: الآية 25 من سورة النساء) ـ على وضع الإماء والجواري صراحةً في هذا الإطار، وقالت: إذا لم تتوفَّر ظروف (النكاح) عليكم المحافظة على الطهر والعفاف.

ومن الواضح أن القرآن الكريم في هذه الآية لا يقدِّم أيّ بديلٍ عن الزواج والنكاح سوى العفاف أيضاً؛ إذ يقول: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً﴾ ، وإلاّ فإنه لا يتحدّث عن أكذوبة (التسرّي) قطعاً. بَيْدَ أن القرآن الكريم يواصل التأكيد على أن تلبية الغريزة الجنسية هو النكاح والزواج من الحرائر أو ملك اليمين، وقد تقدّم بيان شرائط ذلك في آيات سورة النساء بشكلٍ كامل. والذين لا تتوفَّر لديهم إمكانية الزواج يتعيَّن عليهم رعايةالعفاف: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً﴾.

والشطر الأخير من الآية يأمر المؤمنين بعدم إكراه الجواري على البغاء والزنى. وفي تعريف الزنى يجب القول: إن القرآن الكريم في الأساس يرى كلّ علاقةٍ خارج حدود النكاح زنى. وبعد هذه التفاصيل هل يبقى هناك من طريقٍ لتوجيه أكذوبة «التسرّي» وممارسة العلاقة الجنسية خارج إطار عقد النكاح؟!

الآية السادسة

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (النور: 58).

إن هذه الآية تمثِّل شاهداً آخر على أن مجرد علاقة الملكية والمملوكية لا تقوم دليلاً على جواز الوَطْء، ومن هنا وجب على ملك اليمين ـ الأعمّ من العبيد والإماء ـ أن يستأذنوا على أسيادهم ـ (الأعمّ من السيدات والسادة) ـ عند الدخول عليهم في خلواتهم؛ مخافة أن لا يكونوا متستِّرين. في حين أن هذا الأمر لا محلّ له من الإعراب بالنسبة إلى الأزواج؛ إذ يحلّ كلٌّ من الزوجين على الآخر، ولا يكون أحدهما عورة بالنسبة إلى الآخر؛ إذ لا تحرم عوراتهما على بعضهما.

الآية السابعة

﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ (المؤمنون: 5 ـ 6؛ المعارج: 29 ـ 31).

إن الآية الوحيدة التي شكّلت مستمسكاً للقائلين بـ (التسرّي) هي هذه الآية([1]). إن القائلين بالتسرّي قد جعلوا فهمهم لهذه الآية ملاكاً للقول بجواز التسرّي، دون أخذ سائر الآيات الأخرى بنظر الاعتبار، في حين أن منطق تفسير القرآن بالقرآن يقتضي وضع جميع الآيات وضمّها إلى بعضها في مكانٍ واحد، والصيرورة بعد ذلك إلى إصدار الحكم النهائي الذي يمكن استنتاجه واستنباطه منها مجتمعةً. إلاّ أن جذور هذا الفهم الخاطئ تعود إلى الفصل والتفكيك الموجود بحَسَب الظاهر في هذه الآية بين «الأزواج» و«ملك اليمين». فقد ظنّ القائلون بالتسرّي أن هذا الفصل يعني أن هناك علاقة مشروعة أخرى وراء الزواج، وهي جواز وطء ملك اليمين دون عقد نكاح. في حين أن الآية 33 من سورة النور تقول صراحةً بوجوب رعاية العفاف عند عدم توفُّر إمكانية النكاح. إن هذا الفهم الخاطئ قد نشأ من تفسير كلمة «أو» بوصفها مشيرةً إلى التخيير بين نوعين من العلاقة، في حين أن هذا الفصل بين الأزواج وملك اليمين لا يعود سببه إلى الاختلاف في شكل العلاقة، وإنما إلى الاختلاف في الوضع الاجتماعي والحقوقي لهاتين الطبقتين (الحرائر وملك اليمين)، وتأثير هذا الاختلاف على كيفية عقد النكاح، كما تقدَّم ذلك في سورة النساء أيضاً: ﴿فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 3).

وبذلك نرى أن ذات الصيغة محفوظة في هذه الآية أيضاً، حيث العطف بـ «أو»، للتفريق بين الأزواج (الحرائر المتزوجات) وملك اليمين (الإماء المتزوجات)، وإنْ كان شرط الزواج منهما في كلتا الحالتين هو عقد النكاح لا غير. وفي الحقيقة فإن إمكانية الزواج من الحرائر في المجتمع القبلي في عصر النزول كان أكثر تعقيداً من الزواج من ملك اليمين، فكان الزواج من الحرّة يقتضي من الفرد أن يتمتّع باستطاعةٍ مالية ونَسَبية وغيرهما، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ (النساء: 25).

إن موضوع «الاستطاعة» في الزواج كان من الأهمية في مجتمع عصر النزول، بحيث تسلل لاحقاً إلى أبواب الفقه أيضاً، وتمّ تخصيص قسمٍ من باب النكاح في الكتب الفقهية تحت عنوان: مبحث «الكفؤ» أو «الكفاءة»([2])، إلى الحدّ الذي ذهب معه فقهاء الأحناف والحنابلة إلى القول بوجوب الكفاءة بين الزوج والزوجة، وإن ولي المرأة ملزم بأن لا يوافق على إجراء عقد نكاح المرأة على رجلٍ دونها مكانةً وكفاءة، وإلاّ فإنه إذا وافق على مثل هذا الزواج سيرتكب حراماً([3]). إن هذا التكافؤ يشمل أموراً من قبيل: النسب والمهنة والثروة وما إلى ذلك، ممّا يمكن العثور على تفاصيله في كتب الفقه([4]). وعلى هذا الأساس عمد القرآن الكريم بعد أخذ هذا الاختلاف الماهوي بين هذين النوعين من الزواج ـ أي الزواج من الحرائر والزواج من ملك اليمين ـ إلى التفريق بينهما بـ «أو»؛ إذ يقول تعالى:

ـ ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 3).

ـ ﴿إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ (المعارج: 30؛ المؤمنون: 6).

إن الفصل والتفكيك الذي يقوم به القرآن الكريم بين «الأزواج» و«ملك اليمين» يؤثِّر حتى في العقوبات القانونية. ومن هنا نجد القرآن ـ من خلال أخذه التفاوت الثقافي والطبقي بين الإماء والحرائر بنظر الاعتبار ـ قد جعل عقوبة الإماء المتزوجات نصف عقوبة الحرائر المتزوجات. وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النساء: 25).

إن هذا الاختلاف الشأني أو الطبقة الاجتماعية كان قائماً حتّى في مورد نساء النبيّ الأكرمﷺ بالقياس إلى سائر النساء، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾ (الأحزاب: 30).

قال الطبري في تفسير هذه الآية: «فأخبر تعالى أن مَنْ جاء من نساء النبيّﷺ بفاحشةٍ ـ والله عاصم رسوله× من ذلك، كما مرّ في حديث الإفك ـ ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾؛ لشرف منزلتهنّ وفضل درجتهنّ وتقدمهنّ على سائر النساء أجمع. وكذلك بيَّنت الشريعة في غير ما موضعٍ ـ حسب ما تقدَّم بيانه غير مرّة ـ أنه كلما تضاعفت الحرمات فهتكت تضاعفت العقوبات، ولذلك ضوعف حدّ الحرّ على العبد، والثيِّب على البكر»([5]).

إن جميع هذه الشواهد القرآنية، وكذلك الآيات السابقة التي استندنا إليها، لن تبقي مجالاً لأيِّ شَكٍّ في أن آيات سورتي المؤمنون والمعارج تأتي في ذات إطار الآيات السابقة. وإن المراد من الفصل والتفكيك بين الأزواج وملك اليمين في هذه الآيات هو بيان الاختلاف والتفاوت بين الزواج من هاتين الطبقتين فقط، وإن تداعيات هذا الاختلاف يمكن رصدها في بحث عقوبة الزنى والاستطاعة.

والأمر الآخر الذي يمكن إضافته إلى هذا البحث هو أننا إذا اعتبرنا الزواج وملك اليمين نوعين مختلفين من العلاقة الجنسية المباحة عندها لن يكون هناك ما يمنع من إباحة العلاقة الجنسية بين المرأة وغلامها تحت عنوان التسرّي بملك اليمين؛ وذلك لأن الخطاب الموجَّه في القرآن في سورة المؤمنون يشمل جميع المؤمنين ـ الأعمّ من الرجال والنساء ـ، ولا يخصّ الذكور منهم، دون الإناث. وقد التفت المفسِّرون إلى هذا التناقض والتهافت، حيث قال الجصّاص: «قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عَامّاً فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ لأَنَّ الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ إذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ الْمُذَكَّرُ، كَقَوْلِهِ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾  قَدْ أُرِيدَ بِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ خَاصٌّ فِي الرِّجَالِ؛ بِدَلاَلَةِ قَوْلِه تَعَالَى: ﴿إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾، وَذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ أُرِيدَ بِهِ الرِّجَالُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ اللفْظُ الأَوَّلُ عَامّاً فِي الْجَمِيعِ [يشمل جميع النساء والرجال]، وَالاسْتِثْنَاءُ [إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ] خَاصٌّ فِي الرِّجَالِ»([6]).

وفي الحقيقة لو بحثنا في جميع الآيات التي تشتمل على إشارة إلى ملك اليمين سوف نقف على أبعاد هذا التناقض بشكلٍ أكبر؛ إذ في عددٍ من هذه الآيات نجد إطلاق ملك اليمين على الغلمان، بالإضافة إلى الإماء والجواري([7]).

قد لا يقتنع القارئ المحترم بجميع الأدلّة المتقدِّمة، ويبقى مشوَّش الذهن في ما يتعلَّق بالفصل بين «الأزواج» و«ما ملكت أيمانهم». وكما تقدَّم أن ذكرنا فإن هذا الفصل ـ الذي تكرّر في الآية 3 من سورة النساء أيضاً ـ إنما هو لمجرَّد بيان التفاوت الطبقي والحقوقي بين الحرائر والإماء، ولا يمكن اعتباره دليلاً على جواز وإباحة إقامة العلاقة الجنسية خارج عقد النكاح. ولكنْ لكي ندعم هذا الاستدلال سوف نأتي بمثالٍ أكثر وضوحاً في بيان هذا الاختلاف والتفاوت بين الحرائر والإماء، حيث جاء طبقاً لهذا المنهج والأسلوب في القرآن الكريم؛ إذ يقول تعالى:

ـ ﴿لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ (الأحزاب: 55).

ـ ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: 31).

إن هذه الآية في معرض الحديث عن الأشخاص الذين يجوز للنساء المؤمنات إظهار زينتهنّ بحضورهم. وكما نرى فإن هذه الآية قد فصلت بين «نسائهنّ» و«ما ملكت أيمانهنّ»، في حين أن كلتا المجموعتين هنّ من النساء. بَيْدَ أن الظروف والشرائط المتفاوتة بين الحرائر والإماء في مجتمع عصر النزول هي التي دفعت بالقرآن الكريم إلى مخاطبة ذلك المجتمع بلغةٍ يعرفها ويألفها. وعلى الرغم من أن بعض المفسِّرين قد فسَّر عبارة «وما ملكت أيمانهنّ» بجميع العبيد ـ الأعمّ من النساء والرجال ـ، إلاّ أن التدقيق في نسيج هذه الآية، وكذلك الالتفات إلى الآية 58 من هذه السورة ـ التي سبق أن عمدنا إلى بحثها ـ يثبت أن عبارة «ما ملكت أيمانهنّ» في هذه الآية لا يمكن أن تشمل الغلمان، وأن هؤلاء الغلمان لا يمكن أن يكونوا من محارم مالكاتهم من النساء.

قال الجصّاص في بيان أحكام هذه الآية: «قَوْلُهُ: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾  تَأَوَّلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُمُّ سَلَمَةِ وَعَائِشَةُ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ مَوْلاَتِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِلَى شَعْرِ غَيْرِ مَوْلاَتِهِ؛ رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْتَشِطُ وَالْعَبْدُ يَنْظُرُ إلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ [البصري] وَابْنُ سِيرِينَ وَ[سعيد] ابْنُ الْمُسَيِّبِ: (إنَّ الْعَبْدَ لاَ يَنْظُرُ إلَى شَعْرِ مَوْلاَتِهِ)، وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا [الأحناف]، إلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَا مَحْرَمٍ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾  عَلَى الإِمَاءِ [دون الغلمان]»([8]).

ثم عمد الجصّاص بعد ذلك إلى بيان سبب الفصل والتفكيك بين «النساء» و«ملك اليمين» ـ رغم كونهما من الإناث ـ في هذه الآية، قائلاً: «قَدْ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الآيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ وَأَرَادَ بِهِنَّ الْحَرَائِرَ الْمُسْلِمَاتِ، فَجَازَ أَنْ يظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الإِمَاءَ لاَ يَجُوزُ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ مَوْلاَتِهِنَّ وَإِلَى مَا يَجُوزُ لِلْحُرَّةِ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا، فَأَبَانَ تَعَالَى أَنَّ الأَمَةَ وَالْحُرَّةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ»([9]).

وقد ذكر الماتريدي(333هـ) ـ وهو من المتكلِّمين البارزين في مذهب أهل السنّة ـ سبباً آخر لهذا الفصل والتفكيك بين «النساء» و«ملك اليمين» في الآية 31 من سورة النور؛ إذ يقول ما معناه: «يبدو ـ والله أعلم ـ أن المراد [من: ما ملكت أيمانهنّ] الإماء فقط ـ دون الغلمان ـ؛ إذ جاء في ختام الآية: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ (النور: 31)، حيث يدخل الغلام في مفهوم الرجال»([10]).

وأما المفسِّر والفقيه البارز في التراث الإسلامي جار الله الزمخشري الحنفي(538هـ)، فقد قال أيضاً: «عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والظاهر أنه عنى بنسائهنّ وما ملكت أيمانهنّ: مَنْ في صحبتهنّ وخدمتهنّ من الحرائر والإماء والنساء، كلهنّ سواء في حلّ نظر بعضهنّ إلى بعضٍ. وقيل: ما ملكت أيمانهنّ هم الذكور والإناث جميعاً. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها أباحت النظر إليها لعبدها. وعن سعيد بن المسيّب مثله، ثم رجع وقال: لا تغرّنَّكم آية النور؛ فإن المراد بها الإماء. وهذا هو الصحيح؛ لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبيّ منها، خصيّاً كان أو فحلاً»([11]).

ومن بين المفسِّرين الشيعة البارزين ذهب الشيخ الطوسي إلى هذا الرأي أيضاً([12]).

وعلى الرغم من جميع هذه الحقائق القرآنية التي لا يمكن إنكارها سوف نواصل البحث في الاستعمالات المشابهة للحرف «أو» ـ على نحو ما جاء في آيات سورتي المؤمنون والمعارج ـ من القرآن نفسه؛ وذلك ليكون استدلالنا اللغوي أتمّ وأكمل:

ـ ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران: 144).

ـ ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (الحجّ: 58).

ففي هاتين الآيتين تمّ الفصل بين «القتل» و«الموت» بحرف «أو»، وكأن القتل شيء والموت شيء آخر. في حين أن هذا التفكيك والفصل الظاهري إنما هو لمجرّد بيان وإيضاح الشرائط المتفاوتة لنوعين مختلفين من الموت، وإلاّ فإن القتل أو الموت العادي كلاهما يؤدّي إلى الموت والفناء الدنيوي للشخص، وإن مفردة الموت وحدها تشمل كلا نوعي الموت. وعليه فإن هذا التفكيك إنما هو لبيان نوعين مختلفين من الموت. وعلى هذا القياس نجد ذات هذا التفكيك الظاهري في آيات سورتي المؤمنون والمعارج أيضاً بين  الحرائر (الزوجات) وملك اليمين (الإماء واللاجئات) بحرف «أو»، وإلاّ فإن كلا هذين النوعين يندرج ـ في نهاية المطاف ـ تحت عنوان عقد النكاح. وإن وجود الحرف «أو» لا يدلّ أبداً على جواز الوَطْء خارج إطار النكاح، وإنما هو لمجرّد الإشارة إلى التفكيك بين الشرائط المتفاوتة للزواج، وإجراء عقد النكاح من هاتين الطبقتين الاجتماعيتين المختلفتين.

وفي ختام هذا البحث يجب القول: إن جميع مفسِّري السَّلَف لم يذهبوا إلى اعتبار هذه الآيات دليلاً على جواز التسرّي، بل نجد اللغوي والمفسِّر الكبير يحيى بن يزيد الفرّاء(207هـ) ـ على سبيل المثال ـ يذهب إلى القول بأن هذا الفصل والتفكيك بين الأزواج وملك اليمين دليلٌ على عدم وجود المحدودية العددية في الزواج من ملك اليمين، في حين أن الحد الأقصى في الزواج من الحرائر يجب أن لا يتعدّى الأربع زوجات. وفي ذلك يقول الفرّاء: «وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ…﴾ المعنى: إلاَّ من أزواجهم اللاتي أحَلَّ الله من الأربع لا تُجاوَز. وقوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ (ما) في موضع خفضٍ. يقول: ليسَ عَليهم في الإماء وَقْتٌ، ينكحون ما شاؤوا»([13]).

إن الفرّاء ـ اللغوي والمفسِّر، والذي يُعرَّف بـ (إمام النحو) أيضاً ـ على خلاف أغلب المفسِّرين لم يعثر على أيّ أثرٍ لأكذوبة التسرّي في هذه الآيات، ولكنه فسّر هذا الفصل والتفكيك بين الزواج من الحرائر والزواج من ملك اليمين بعدم وجود عدد محدّد للزواج من ملك اليمين، بخلاف الزواج من الحرائر المقيَّد بأربع. ولكنه بطبيعة الحال لا يقيم شاهداً من القرآن على هذا التفسير. وقد أوضحنا السبب الحقيقي وراء هذا الفصل والتفكيك بشكلٍ تفصيلي، واستندنا في ذلك على آيات القرآن أيضاً.

لقد شهد العصر العباسيّ تفشّياً لظاهرة الاسترقاق وامتلاك الإماء على ما كان عليه واقع الأمر في العصور الجاهلية ـ خلافاً للمسار الذي خطّه القرآن الكريم ـ، ولا سيَّما داخل قصور أكثر السلاطين والحكّام، حيث شهدت هذه الظاهرة البشعة استقبالاً كبيراً من قبل هؤلاء الحكّام. ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير ـ على سبيل المثال ـ إلى أن المتوكِّل العباسي(247هـ) كان يمتلك في بلاطه أربعة آلاف جارية موطوءة له([14]). وهناك الكثير من هذه الأمثلة التي يمكن أن نذكرها من التراث، والتي تكشف عن النسيج الفكري للأغلبيّة الساحقة من فقهاء تلك المرحلة.

وفي ختام هذا الفصل يجدر بنا أن نشير إلى كلام المجتهد والحقوقي البارز والمعاصر (الدكتور حسين المدرّسي الطباطبائي) أيضاً، حيث تكلَّم حول هذه الآيات مورد البحث، قائلاً: «كما أن آية سورة المؤمنون ليست في مقام بيان شرائط وأحكام الزوجية وعقد الزواج، وإنما هي تشير في الجملة إلى عنوان الزوجية، تاركةً تفصيل ذلك إلى موضع بيانه. كذلك في مسألة ملك اليمين تمّ إيكال وإحالة تفصيل خصائص وصور الحلّية إلى مقامه في الآية 25 من سورة النساء. ويبدو أن المراد بـ «الأزواج» النساء الحرائر اللاتي هنّ كفؤ للرجال الأحرار، حيث كانت القبائل العربية تتقدّم إلى الزواج من القبائل الأخرى التي تعتبر ندّاً لها، وتحدث بذلك مصاهرات وقرابات سببية بين القبائل. تقول هذه الآية الأخيرة: إذا لم يكن بإمكان الشخص أن يتزوَّج من امرأةٍ حرّة؛ لتوقُّف الزواج منها على رضا القبيلة كلها، وعلى التزامات مالية كبيرة، وما إلى ذلك من العقبات الأخرى، أمكن له الزواج من الإماء؛ حيث لا وجود لمثل تلك العقبات. ولا يعني ذلك وطؤهنّ من دون عقد نكاح؛ فإن العلاقة الجنسية في الإسلام على نوعين؛ فهي إما نكاح؛ أو سفاح. والنوع الأول عبارة عن قوانين أولية يتمّ بحثها في فصل الأحكام الشخصية من الفقه؛ وقوانين النوع الثاني تبحث في فصل الحدود والأحكام الجزائية والجنائية. وإذا اعتبر شخصٌ إطلاق «ما ملكت أيمانكم» بحيث يتجاوز حدود الأحكام الشخصية في الفقه وجب عليه تصحيح اجتهاد تلك المرأة التي أقامت علاقةً مع عبدها في عهد الخليفة الثاني، مستدلّةً لذلك بإطلاق الآية من سورة المؤمنون([15])؛ أو أن يؤمن بما قاله بعض فقهاء المالكية من تعميم مفهوم ملك اليمين وشموله للرجال والغلمان أيضاً… وعندما نخلط بين مفاهيم وقوانين الأحكام الشخصية ومفاهيم وقوانين أبواب التجارة والمعاملات فسوف نفتح الطريق أمام هذا الكلام وما هو أبعد. إن العلاقة الجنسية شيءٌ والملكية شيءٌ آخر. فالأول يستدعي أحكاماً وأخلاقيات وطهارة خاصّة به؛ والثاني يستدعي أحكامه وأخلاقياته الأخرى»([16]).

 

الآية الثامنة

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (الأحزاب: 50).

نواجه في هذه الآية مرّةً أخرى فصلاً بين الأزواج وملك اليمين. والملفت للانتباه في هذه الآية أنها، بالإضافة إلى ملك اليمين، أحلَّتْ للنبيّ× طائفةً أخرى من النساء. فإذا مضينا بهذا المنطق المغلوط ـ الذي يبيح التسرّي ـ في تفسير هذه الآية وجب الحكم بأن علاقة النبيّ مع جميع بنات أعمامه وبنات عمّاته وبنات أخواله وبنات خالاته كانت جائزةً من دون عقد نكاح؛ وذلك لأن هذه الآية قد فصلت هذه المجموعة من النساء عن «الأزواج»، كما فصلت ملك اليمين!! ولكنْ يستحيل أن يكون الأمر كذلك، بل إن جميع هذه الموارد ـ بما في ذلك ملك اليمين ـ تندرج ضمن القانون العامّ للنكاح، ولا يمكن تفسير آيةٍ من القرآن بشكلٍ يجعلها متناقضة ومتعارضة مع سائر الآيات المرتبطة بذات الموضوع.

الآية التاسعة

﴿لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً﴾ (الأحزاب: 52).

إن هذه الآية منذ نزولها على خاتم الأنبياء ـ عليه وعليهم السلام ـ قد منعته من الزواج بالحرائر، ولم تُجِزْ له غير الاقتران بملك اليمين (النساء اللاجئات والغريبات). وكما نرى لا يوجد في هذه الآية أيّ إشارةٍ إلى أكذوبة التسرّي، بل يمكن القول: إن النبيّ الأكرمﷺ ـ طبقاً لبعض أخبار الآحاد ـ لم يكن حين الوفاة يمتلك أيّ عبدٍ أو أمة أبداً، ومما ورد في ذلك: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِﷺ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَماً وَلاَ دِينَاراً وَلاَ عَبْداً وَلاَ أَمَةً وَلاَ شَيْئاً»([17]).

 

الكلمة الأخيرة

يقرّ كبار الفقهاء في التيّار الديني السائد بأن السيرة النبوية المحكمة ـ التي هي بمنزلة المبيّن والمفسّر والبلاغ للقرآن ـ تخلو من أكاذيب ومختلقات مثل: الاسترقاق والتسرّي. ومن بين مشاهير فقهاء مصر يقول سيد سابق: «إن القرآن الكريم لم يَرِدْ فيه نصٌّ يبيح الرقّ، وإنما جاء فيه الدعوة إلى العتق. ولم يثبت أن الرسولﷺ ضرب الرقّ على أسيرٍ من الأسارى، بل أطلق أرقّاء مكة، وأرقّاء بني المصطلق، وأرقّاء حنين. وثبت عنه أنهﷺ أعتق ما كان عنده من رقيقٍ في الجاهلية. وأعتق كذلك ما أهدي إليه منهم»([18]).

وفي ما يتعلق ببعض أخبار الآحاد التي قد يفهم منها جواز التسرّي يجب ملاحظة عدد من الأمور:

1ـ يجمع كافّة الأصوليين في المذاهب الإسلامية تقريباً على أن خبر الواحد لا يورث اليقين أبداً، وأنه لا يفيد غير الظنّ. وعليه عند التعارض بين هذه الأخبار والنصوص الثابتة والقطعية للقرآن الكريم يجب أن تكون الأولوية للقرآن. يقول الفقيه والأصولي الكبير ابن حزم(456هـ): «قال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكيين وجميع المعتزلة والخوارج: إن خبر الواحد ظني، ومعنى هذا عند جميعهم أنه قد يمكن أن يكون كذباً أو موهوماً فيه، واتفقوا كلّهم في هذا»([19]).

2ـ حتى إذا غضضنا الطرف عن محكمات القرآن الكريم فإن أخبار الآحاد المنقولة في هذا الباب متناقضة ومتعارضة، وإن مجرّد الاستناد إليها لا يوصلنا إلى محصلة ثابتة.

3ـ إن الكثير من هذه الأخبار قد اجتثّت من نسيجها، ولم يعُدْ بإمكانها بيان تمام الحقيقة والواقع دون نقصان. فإذا رُوي ـ على سبيل المثال ـ أن فلان الصحابي أو فلان التابعي كان يحتفظ بأكثر من أربع إماء فإن هذه الكثرة في الإماء لا تعني بالضرورة ثبوت التسرّي بالنسبة إلى آحادهنّ.

4ـ إن الشيء الذي يؤكِّد عليه جميع علماء أهل السنّة هو أن أعمال وسلوكيات واجتهادات الأفراد ـ سواء أكانوا من الصحابة أو غيرهم ـ لا تُعَدّ مصدراً للتشريع، وإنّ الحجية الدينية تقتصر على القرآن الكريم فقط، وإن السنّة النبوية الصحيحة إنْ هي إلاّ بمثابة البلاغ والبيان للقرآن الكريم. وإنه لمن الواضح جدّاً أنه لا يمكن اعتبار أيّ خبر ـ لمجرّد انتسابه إلى النبيّ الأكرمﷺ ـ سنّةً نبوية، بل إن السنة النبوية محدودة ومقيّدة بالقرآن الكريم، وخاضعة لقواعده وضوابطه؛ إذ من المحال أن يكون هناك تعارض وتخالف بين المبيِّن (السنّة النبوية) والمبيَّن (القرآن الكريم).

5ـ في ما يتعلَّق بجواز الزواج من أكثر من أربع نساء بملك اليمين ـ الذي هو رأي التراث الفقهي الغالب ـ يقول الدكتور محمد عمارة ما معناه: «كما لا يجوز الزواج بأكثر من أربع حرائر في وقتٍ واحد، ذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم تجاوز هذا العدد [الأربع] في مورد الإماء، أو الجمع بين الإماء والحرائر أيضاً. وعلى الرغم من أن جمهور الفقهاء لم يحدِّدوا جواز التسرّي بأربع نساء فقط، إلاّ أن الإمام محمد عبده ذهب ـ في فتواه بشأن تعدُّد الزوجات ـ عند تفسير قول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 3) ـ إلى القول: إن المسلمين يجمعون على أن الرجل يجوز له اتخاذ ما يشاء من الجواري، دون أن تكون هناك محدودية من ناحية العدد. بَيْدَ أن المفكِّر يمكنه أن يستنبط خلاف هذا الأمر من هذه الآية؛ لأن هذه الآية لا تبيح غير الأربعة([20]). إن الاتجاه في صدر الإسلام يؤيِّد هذا الاجتهاد؛ إذ لم يقدم رجلٌ على التسرّي بأكثر من سُرية واحدة… بَيْدَ أن الحقيقة التاريخية تثبت أنه عندما ارتفع عدد الأسرى، وتعدّدت قنوات الاستعباد، تمّ تجاوز هذا النموذج الإسلامي للتسرّي. ومن الخطأ بل الخطيئة تحميل وزر هذه الجريمة التاريخية للشرع الإسلامي»([21]).

وفي ما يلي يجب التذكير بهذه النقطة، وهي أننا قد اقتصرنا في بحثنا على دراسة جميع آيات القرآن، والتعمّق في مفاهيم ومعاني عصر النزول، وعمدنا إلى بيان حقيقة مسألة ملك اليمين، دون حاجة إلى التراث الفقهي أو الروائي. ومن هنا نعتبر البحث منتهياً. ولكنّنا مع ذلك سوف نستند هنا إلى أخبار الآحاد الواردة في إطار هذه الحقائق أيضاً.

قال الصحابيّ عبد الله بن مسعود: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهُﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»([22]).

إن نسيج هذه الرواية مرتبطٌ تمام الارتباط بتلبية الغريزة الجنسية، ولم يضع النبي طريقاً ثالثاً لهذه التلبية، وإنما حصرها بواحد من طريقين؛ إما الزواج؛ أو العفاف عند عدم إمكان الزواج. نحن نعتقد أن مفاد هذه الرواية منسجمٌ تمام الانسجام مع هذه الآية القرآنية المتقدِّم ذكرها: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (النور: 33).

إن النبيّ الأكرمﷺ ـ طبقاً لهذه الرواية ـ لم يذكر طريقاً غير الزواج لتلبية الغريزة الجنسية، ولم يذكر شيئاً باسم التسرّي مطلقاً. وعليه فإنه طبقاً للسنّة النبوية تمنع أيّ إمكانية لوَطْء الإماء خارج إطار النكاح وعقد الزواج الشرعي. وفي ما يتعلق بحرمة الزواج من الأمة المتزوّجة روى مالك بن أنس(179هـ): «عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ابْتَاعَ وَلِيدَةً، فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ، فَرَدَّهَا»([23]).

كما روى مالك أيضاً: «عَنْ مَالِك، عَنْ ابْنِ شِهَاب، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ جَارِيَةً، وَلَهَا زَوْجٌ ابْتَاعَهَا بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: لاَ أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا، فَأَرْضَى ابْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا»([24]).

ومع كل هذه التفصيلات علينا أن لا ننسى أن مجرّد ذكر ظاهرة في القرآن لا ينهض دليلاً على جوازها أو مشروعيتها الأبديّة. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن القرآن الكريم قد تحدَّث مراراً وتكراراً عن الفقراء والمساكين، وقد وضع في بعض الموارد تعاليم من قبيل: قرض الحسنة، والصدقات، وما إلى ذلك، فهل يمكن لنا أن نستنتج من مثل هذه المقدّمة ـ أي وجود آيات بشأن الفقراء والمساكين ـ أن القرآن يعمل على تأسيس واستمرار ظاهرة الفقر والبؤس، وزيادة أعداد الفقراء والمساكين؟! من الواضح جداً أن الإجابة عن هذا السؤال هي النفي؛ إذ لا يوجد في أيّ موضعٍ من القرآن الكريم أمرٌ أو حثّ على الافتقار أو الإبقاء على الفقر أو الدفع بالأشخاص نحو إفقار الآخرين. فكيف يذهب البعض؛ اعتماداً على وجود بعض الآيات المرتبطة بالعبيد والإماء والأحكام المرتبطة بهم، إلى القول بجواز واستمرار نظام العبودية، وغضّ الطرف عن الأحكام الصريحة النازلة في إطار إلغاء هذه الظاهرة والقضاء عليها؟! وهل يشتمل القرآن الكريم على آيةٍ واحدة تأمر بالعبودية والاستعباد والإبقاء على هذه الظاهرة؟! كلاّ أبداً، بل هناك آيات تدعو وتشجِّع وتحثّ على تحرير العبيد، بل إن القرآن الكريم قد جعل بعض الكفّارات متمثِّلة في تحرير العبيد. وعليه يجب القول: إن القرآن الكريم كما لا يشتمل على أيّ حكمٍ أو أمر في باب جواز وبقاء الفقر، فإنه لا يشتمل أيضاً على أيّ حكمٍ بشأن جواز وبقاء الرقّ والاستعباد أيضاً. وإن الاتجاه العام والصريح في آيات القرآن يسير ضمن إطار العمل على اجتثاث الفقر والعبودية.

وللأسف الشديد فإن الخلط بين أحكام النكاح وموضوع الملكية، واستمرار بحث العبيد والإماء ـ خلافاً لمسار تعاليم القرآن والسنّة النبوية في الاجتثاث التدريجي لنظام الاستغلال ـ، قد أدّى بفقهاء العصر العباسي ـ في بعض الأحيان ـ إلى فتاوى مستغربة وغير أخلاقية. وسوف نختم بحثنا بذكر نموذج من هذه الفتاوى، مع التذكير بهذه الحقيقة الهامّة، وهي أن السكوت النسبيّ الذي استمرّ على مدى سنوات وقرون تجاه الظواهر الخاطئة والباطلة في تراث المسلمين لا يشكِّل دليلاً وحجّةً على أحقّيتها وعدم بطلانها أبداً. وعلى حدّ تعبير الأستاذ الإمام محمد عبده: «إن الباطل لا يصير حقّاً بمرور الزمن»([25]).

قال ابن قدامة: «وَلاَ يَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْءِ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ بَيْنَ غَيْرِهِ. وَبِهِ قَالَ مَالِك، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجِبُ. وَلَنَا، أَنَّهُ فَرْجٌ لَهُ مِلْكٌ، فَلاَ يُحَدُّ بِوَطْئِهِ»([26]).

ثم قال ابن قدامة بعد ذلك: «فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ فَهُوَ زَانٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ؛ لأَنَّ هَذَا مِمَّا لاَ يُسْتَبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالإِبَاحَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلاّ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الأَبُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: عَلَيْهِ الْحَدُّ»([27]).

 

الهوامش

_________________________

(*) أحد الباحثين، ومن الشخصيّات السنّية الإيرانيّة.

([1]) انظر: الجصّاص، أحكام القرآن 2: 175.

([2]) من الجدير بالذكر أن موضوع التكافؤ في الزواج لا ينحصر بشبه الجزيرة العربية في عصر النـزول فقط، بل يمكن القول: إنها ظاهرة قائمة في جميع الثقافات، وتشكل مجمل التاريخ البشري إلى عصرنا هذا، إلى الحدّ الذي أخذت ملاحظة هذه الحقيقة تعدّ واحدة من شروط نجاح الزواج من وجهة نظر علماء علم النفس الأسري، حيث قالوا بأن هذا التكافؤ يشمل أموراً من قبيل: التكافؤ بين الزوج والزوجة في الانتماء الأسري، والمستوى الدراسي، والتناسب الظاهري، والمستويين الثقافي والمالي، وما إلى ذلك.

([3]) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 34: 266 ـ 287.

([4]) للوقوف على المزيد في هذا الشأن، انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 34: 266 ـ 287.

([5]) تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) 14: 173.

([6]) الجصاص، أحكام القرآن 3: 330.

([7]) انظر: النحل: 71؛ الروم: 28؛ النساء: 36.

([8]) الجصّاص، أحكام القرآن 3: 410 ـ 411.

([9]) المصدر السابق 3: 411.

([10]) تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنّة) 7: 548 ـ 549.

([11]) الزمخشري، الكشّاف 4: 291 ـ 292، مكتبة العبيكان، الرياض، 1998م.

([12]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 7: 430، مؤسسة النشر الإسلامي، ط11، قم، 1413هـ.

([13]) الفرّاء، معاني القرآن 2: 226، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة.

([14]) ذكر السيوطي في بيان أخلاق المتوكّل (المعروف ـ لسخرية القدر ـ بمحيي السنّة) قائلاً: (كان منهمكاً في اللذات والشراب، وكان له أربعة آلاف سرية، ووطأ الجميع). (السيوطي، تاريخ الخلفاء: 255، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1، 2004م).

([15]) انظر: تفصيل الحادثة في كتاب الغدير 6: 118، ومصادرها المتعدّدة، حيث نقلت هذه الحادثة في بعض المصادر، وقد شجب كافة الصحابة فعل هذه المرأة، حيث تسرَّتْ بعبدها دون عقد نكاحٍ، وقاموا بتعزيرها. والملفت أنه قد تمّ نقل ما يشبه هذه الحادثة في عهد حكم عمر بن عبد العزيز أيضاً. (انظر: ابن عبد البرّ، الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار 5: 516 ـ 517، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 2000م).

([16]) مقالة بعنوان (نوادر فقهي معتزلة وخوارج). (يمكن الحصول على نصّ محاضرة الدكتور المدرسي الطباطبائي في مؤسسة تاريخ بنياد فرهنگ إسلامي بطهران، في شهر فروردين، سنة 1356هـ.ش، حيث تتوفر حالياً في مجموعة (تاريخيات): 205 ـ 226، نيوجرسي، 2009م).

([17]) صحيح البخاري، ح2739.

([18]) سيد سابق، فقه السنّة 2: 688، دار الكتاب العربي، ط3، بيروت، 1977م.

([19]) ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام 1: 119، دار الآفاق الجديدة، بيروت. ومن الجدير بالذكر أن عدداً من الأصوليين والفقهاء الحنابلة، من أمثال: القاضي أبو يعلى وغيره…، لم يكونوا يعتبرون خبر الواحد مفيداً للعلم. كما أن الكثير من الفقهاء والأصوليين الشيعة البارزين، من أمثال: السيد المرتضى، والقاضي ابن البرّاج، وابن زهرة الحلّي، والطبرسي، وابن إدريس الحلّي وغيرهم، كانوا يذهبون إلى هذا الرأي أيضاً. (انظر: الخراساني، كفاية الأصول: 294، مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث).

([20]) انتهى الاقتباس من كلام الإمام محمد عبده. انظر: الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده 2: 91.

([21]) محمد عمارة، شبهات وإجابات حول مكانة المرأة في الإسلام: 113 ـ 114، نهضة مصر، ط1، القاهرة، 2008م.

([22]) صحيح البخاري، ح5066؛ صحيح مسلم، ح1400.

([23]) موطأ مالك (برواية الشيباني)، ح794.

([24]) المصدر السابق، ح795.

([25]) محمد رشيد رضا، تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده 2: 651، دار الفضيلة، ط2، القاهرة، 2006م.

([26]) ابن قدامة، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل 10: 151.

([27]) المصدر السابق 10: 152.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً