أحدث المقالات

من أبي القاسم الكوفي إلى مؤلِّف كتاب «عيون المعجزات»([1])

د. حسن الأنصاري(*)

ترجمة: حسن علي

مقدّمة ــــــ

إن كتاب «عيون المعجزات»، المنسوب إلى حسين بن عبد الوهّاب، شأنه شأن بعض الكتب الأخرى التي حظيت باهتمام المؤلِّفين والمحدّثين البارزين، من أمثال: العلاّمة المجلسي والحرّ العاملي والسيد هاشم البحراني؛ بوصفها من الكتب الروائية في العهد الصفوي، دون أن تكون لها سابقة واضحة. وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الكتاب الصغير يحظى بأهمية كبيرة، حيث اشتمل على مسائل ومعلومات فريدة، لا يمكن الحصول عليها في أيّ مصدر آخر. وقد كان المحقِّقون في العهد الصفوي واقفين على مشاكل انتساب هذا النصّ إلى مؤلِّفه([2]). فمثلاً: يلوح من الإيضاحات النافعة والقيِّمة للمحقِّق البارز الميرزا عبد الله الأفندي الإصفهاني، في كتابه «رياض العلماء»([3])، أن هذا الكتاب كان له الكثير من النسخ في الحدّ الأدنى، وكان وضعها في غاية الاضطراب والتشويش. بل كان هناك اختلافٌ حتّى في تسمية هذا الكتاب في بعض النسخ. يضيف الأفندي قائلاً: تمّ التعريف في بعض النسخ الخطية القديمة لهذا الكتاب بأن مؤلِّفه هو الشريف المرتضى([4]). وحيث نسب هذا الكتاب إلى السيد المرتضى يتّضح أن المؤلِّفين وعلماء الرجال من الإمامية لم يكونوا على معرفة بمؤلِّفه الحقيقي. وإن اسم «حسين بن عبد الوهّاب» لم يكن سوى واحد من الأسماء المطروحة والمذكورة في بعض النسخ الخطّية لهذا الكتاب، من قبيل: نسخة كازرون، التي أشار إليها الميرزا عبد الله الأفندي. كما أن الطبعة الثانية والأخيرة لهذا الكتاب قد تمَّتْ على أساس إعادة كتابة هذه النسخة. وبطبيعة الحال نشاهد في عدّة مواطن من هذا الكتاب اسم حسين بن عبد الوهّاب بوصفه كاتباً أو راوياً لمسألةٍ ما. ومهما كان لا يمكن هذين الموردين أن يحلاّ مشكلة نسبة هذا الكتاب إلى حسين بن عبد الوهّاب بدقّة. كما أن شخصية حسين بن عبد الوهاب غير واضحة المعالم. فعليه لا بُدَّ من البحث عن طريق آخر لتحديد هويّة الكتاب. وعلى الرغم من جميع ذلك يشهد الميرزا عبد الله الأفندي بوجود نسخٍ قديمة لهذا الكتاب، ومنها: نسخة كازرون، التي ترقى إلى العام 556هـ.

وعلى الرغم من كلّ ما قيل فإن كتاب عيون المعجزات، وبعض الكتب الأخرى، من قبيل: دلائل الإمامة؛ والفضائل، المنسوب إلى شاذان بن جبرائيل؛ والروضة، المنسوب إليه أيضاً؛ والأربعين، المنسوب إلى ابن أبي الفوارس الرازي؛ والمناقب الفاخرة، المنسوب إلى السيّد الرضي، من المصادر والمؤلَّفات التي تركت تأثيراتٍ كبيرة على كتابة الدلائل وسيرة الأئمّة في العصر الصفوي.

كما تجدر الإشارة ـ إلى جانب هذه الكتب بشكلٍ خاصّ ـ إلى مؤلَّفات أخرى، من قبيل: الخرائج والجرائح، لقطب الدين الراوندي؛ والثاقب في المناقب، لابن حمزة.

أما الآثار الأولى التي أتينا على ذكرها فتشتمل بأجمعها على اضطرابٍ من حيث انتسابها، وإسناد موضوعاتها، بحيث يتطرّق الشكّ الجادّ في المسائل المنسوبة في هذه الكتب إلى هؤلاء المؤلِّفين. وفي الحقيقة إن وضع نسبة هذه الكتب إلى مؤلِّفيها، وكذلك الأسناد التي نشاهدها في هذه الكتب، تثير الكثير من الشكوك، بل يمكن اعتبار بعضها مسائل موضوعة لغايات مذهبيّة، لا قيمة تاريخيّة لها أبداً، ولا تعكس حتّى عقائد الغلاة والتيارات الغالية الأقدمين أيضاً.

ومن الجدير بالإيضاح أن من الكتب الروائية الإمامية هناك ما يشتمل على موارد تنسب إلى المحدّثين البارزين من الشيعة سهواً أو عمداً، مع أنّ خطأ هذه الدعاوى يتّضح بأدنى تأمّل.

وبطبيعة الحال ليس لهذا النوع من الكتب جذورٌ واضحة، ولم تصل إلينا عبر التداول الروائي، وشهادة النسخ والإجازات والسماع.

وفي الحقيقة إن عمدة هذه الكتب قد ألِّف من قبل تيارات الغلاة، أو أنهم قاموا في الحدّ الأدنى بإعادة صياغتها، أو أنها في أحسن الحالات لا تمثِّل إلاّ مرآة تعكس الأدبيات التي كان الغلاة يفاقمونها في مختلف المراحل الزمنية.

وبطبيعة الحال فإن هذا لا يعني عدم أصالة جميع المسائل الواردة في هذا النوع من الكتب، بل إن بعض موارد هذه الكتب يشتمل على نصوص تمّت روايتها في الكتب الروائية الشيعية القديمة، بَيْدَ أنّها في بعض الأحيان قد أعيدت صياغتها، واكتملت على طول الزمن.

كما يوجد بين مسائل هذه المجموعة من الكتب ما تمّ اختلاقه في المراحل التالية، ولا تحظى بأيّ قيمةٍ تاريخية، وهي أشبه ما تكون بالأدب الدعائي، المستند بطبيعته إلى نوعٍ من العقيدة المذهبية الواضحة، حتّى بين الغلاة أنفسهم.

وفي هذا الشأن هناك بعض الكتب المصنَّفة في فضائل الأئمّة، وبيان معاجز ذات مضامين صدع بها غلاة الشيعة، وقد تمَّتْ نسبتها أحياناً إلى كبار المحدِّثين من الإمامية عمداً، كي يتلقّاها المجتمع الإمامي بشكلٍ أفضل.

ولذلك كان الهدف من نسبة هذا النوع من الكتب إلى أمثال: الشيخ الصدوق، والشيخ المفيد، والسيد الرضي، والسيد المرتضى، والشيخ الطوسي، هو إضفاء القيمة والاعتبار على مضامينها. فكان أثر الوضع عليها بادياً جهاراً.

وأحياناً كان عدم التدقيق في النقل عن كتب الأقدمين يؤدّي إلى سوء الفهم في نسبة هذه الكتب، من قبيل: كتاب الاختصاص، المنسوب إلى الشيخ المفيد.

ومن هنا نجد العلماء البارزين من الرجاليين والمختصّين بمعرفة التراث، كالميرزا عبد الله الإصفهاني الأفندي والآغا بزرگ الطهراني، قد شهدوا على هذا النوع من الأغلاط والنسب الخاطئة. كما راعى العلاّمة المجلسي ـ بوصفه محدّثاً مرموقاً ـ جانب الاحتياط في نقله عن هذا النوع من الكتب في موسوعته بحار الأنوار.

نعم، نجد بطبيعة الحال في هذا المجال علماء آخرين، كالسيد هاشم البحراني الذي يكتفي في كتبه الروائية بمجرّد نقل الأحاديث، وكذلك الميرزا حسين النوري في مستدرك الوسائل، وسائر كتبه الأخرى، الذي يروي الكثير من أمثال هذه النصوص، بل نجد النوري، حتّى في كتابه الخالد والشهير «خاتمة مستدرك الوسائل»، يسعى جاهداً إلى إضفاء الاعتبار والقيمة على هذا النوع من الكتب، ولا يتوانى عن أيّ محاولة لتصيُّد القرائن؛ لإثبات اعتبارها.

ومهما كان فإننا في ما يتعلَّق بكتاب عيون المعجزات لا نعرف أصله بدقّة، وكيف طال التغيير نسخه المتعدّدة. ولكنْ بحسب ما قاله الميرزا عبد الله الأفندي في رياض العلماء، وما جاء في مقدّمة نسخة كازرون المعدّلة، ندرك أن النسخة الراهنة لا تحتوي على جميع نصوص الكتاب؛ حيث ضاع بعضه بسبب عروض بعض المشاكل.

وللأسف الشديد فإن النسخة الكاملة والأصلية، التي يعود تاريخها إلى 556هـ، والتي رآها الميرزا عبد الله الأفندي في كازرون، قد تلفت، ولم يعد لها وجودٌ. والذي بأيدينا الآن إنما هو نسخةٌ عن ذلك الكتاب، قام بتعديلها أحد علماء كازرون. وإن الطبعة الجديدة لهذا الكتاب إنّما اعتمدت على هذه النسخة الأخيرة. ومهما كان هناك اختلافاتٌ بين طبعة النجف الأشرف وطبعة قم المقدَّسة التي أنجزت مؤخَّراً، رغم رؤيتنا للكثير من التحريفات والتصحيفات في كلتا الطبعتين([5]).

فلو أردنا الاستناد إلى أسانيد القسم المتبقّي حالياً من هذا الكتاب فسوف يتّضح لنا أنه كتب في ناحيةٍ واقعة بين مدينة فارس ومدينة الأهواز، ويحتَمَل أن يكون مؤلّفه أحد علماء الشيعة من ذوي الاتجاه الغالي الذي كان موجوداً في هذه المناطق. وإن نسخة كازرون ـ التي يبدو أنها من أقدم نسخ هذا الكتاب، وأشدّها وثاقة ـ تحكي عن وجود مخطوطات لهذا الكتاب في هذه المنطقة. وفي موضعٍ من هذا الكتاب يشير المؤلِّف إلى حضوره في أرجان أيضاً، وهو أمرٌ ملفت للانتباه في هذا الخصوص.

وحيث يحتَمَل أن يكون الكتاب مجرَّد تجميع عن عدد من الكتب السابقة عليه لا يمكن لنا البتّ ـ من خلال الاستناد إلى أسانيد الكتاب المضطربة ـ بها، أو أن نبدي بشكلٍ دقيق رأياً قاطعاً بشأن مؤلِّفه الحقيقي.

ولو أننا اعتبرنا هذا الكتاب بشكله الراهن كتاباً أصيلاً فإننا سوف نتوصَّل من خلال دراسة أسانيده ونُقوله بوضوحٍ إلى أن هذا الكتاب تأليف شخص من الشيعة الإمامية من ذوي الاتجاه الغالي، وكان يعيش في مجتمعٍ محدود، ولم يكن لديه من المصادر سوى نزرٍ يسير من الأشخاص المجهولين، والذين إذا أحسنّا الظنّ بهم أمكن إرجاع مغموريّتهم إلى محدودية مجتمعهم، وعدم تواصلهم مع المجتمعات المذهبية الأخرى. بَيْدَ أنه في ما يتعلَّق بعددٍ من المؤلَّفات الروائية لغلاة الشيعة يصدق الحكم بأن الكثير من أسانيد كتبهم لا ربط لها بالوقائع التاريخية والشخصيات الحقيقية كثيراً، ولربما كان هناك نوعٌ من التكتُّم والانفصال وعدم الارتباط بالتقاليد الحديثيّة، وهو الذي يوجب عدم واقعيّة هذه الأسانيد واضطرابها، عمداً أو غفلة.

وإن مشكلة الأسناد تصدق على كتاب عيون المعجزات بشكلٍ كامل. وفي هذه الحالة لا يمكن تحديد الفترة الزمنية والفترة التي عاشها مؤلِّف هذا الكتاب بدقّة. ومن ناحيةٍ أخرى لم يشهد أيّ مصدر من المصادر الرجالية والتاريخ الإمامي في العصور السابقة على العهد الصفوي بوجود شخصٍ اسمه «حسين بن عبد الوهّاب». ولذلك لا نستطيع الإقرار بوجوده التاريخي.

والذي كتب بشأنه حتّى الآن إنّما استند في ذلك إلى نسخة كتابه الناقصة، ويوجد بأيدينا الآن عنها طبعتان، بتحقيقين مختلفين، وفيهما من الاختلاف الشيء الكثير. وإنّ قسماً من مقدّمة المؤلِّف على النصّ لم ينقل إلاّ من طريق الميرزا عبد الله أفندي في كتاب رياض العلماء، والتي لا نشاهدها في مقدّمة الطبعات الراهنة.

وعليه يمكن التشكيك في الوجود التاريخي لهذه الشخصية بشدّة. وخاصّة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الأسانيد المجهولة، وعدد من الروايات التي لا أساس لها، والتي ذكرها الكتاب، ولم يرِدْ لها ذكرٌ في كتب الحديث الإمامية المعروفة. فعندها يرتفع احتمال وضع هذا النصّ، بأن يعمد شخصٌ إلى استخراج الأحاديث من كتب الغلاة، ويدخل بعض التغييرات الطفيفة على عباراتها، مع إضافة عدد آخر من الأحاديث المعتبرة، وكذلك بعض المسائل الموضوعة من قبله، وينسبها إلى الأئمة؛ تبرُّكاً وتيمُّناً، ليخرج منها بكتاب اسمه «عيون المعجزات»، ويختار له بالتالي مؤلِّفاً اسمه «حسين بن عبد الوهّاب».

وعليه ما هو مدى إمكانية الاطمئنان إلى أسانيد ومطالب الكتاب في سياق التعريف بالمؤلِّف أو مصادره؟

وعلى أيّ حال هناك بطبيعة الحال احتمال أن يكون شخصٌ قد عمد في مرحلة متأخِّرة ـ على ما يبدو من ظواهر الكتاب وتاريخه المدَّعى ـ إلى جمع بعض أسانيد كتب الغلاة المتقدِّمين وبعض الموارد الأخرى في كتاب تحت عنوان (عيون المعجزات).

ولكنْ ينبغي علينا أن نرى ما هو أقدم تاريخ يمكن لنا أخذه بنظر الاعتبار لهذا النصّ؟ هناك سندٌ في كتاب اليقين لم يلتفت إليه المحقِّقون حتّى الآن يمكنه أن يلقي شيئاً من الضوء على أمر هذا الكتاب ومؤلِّفه. وقبل أن أبدي أيَّ توضيح بهذا الشأن أرى من المناسب أن أقدِّم بعض النقاط بشأن الكتاب، وأسناد الأحاديث الواردة فيه، وذلك على النحو التالي:

النقطة الأولى: إن كتاب عيون المعجزات ـ كما يذكر مؤلِّفه في خاتمته([6]) ـ هو في الحقيقة تكملة لكتابٍ لأبي القاسم الكوفي، اسمه «تثبيت المعجزات»([7]). إن أبا القاسم الكوفي(جمادى الأولى 352هـ) عالمٌ إماميّ واسع الشهرة، عاش في النصف الأول من القرن الهجري الرابع. ومن الكتب المطبوعة المنسوبة إليه كتاب الاستغاثة([8]). وطبقاً لشهادة علماء الرجال، كالنجاشي والطوسي وابن الغضائري، كانت له ميول غالية قويّة للغاية، وكانت له أفكاره و«مقالته» الخاصّة بهذا الشأن، وعلى خلاف ما تعرّض له شخصه وآثاره من انتقادٍ شديد من قبل علماء الرجال من الإمامية، فقد حظي باحترامٍ شديد من قبل جماعةٍ من الغلاة، بل نسبوا إليه الكثير من الدعاوى العجيبة. وقد نسب إليه الشيخ الطوسي حتّى عقائد الغلاة القائمة على مذهب المخمّسة، ونعلم أنها كانت تمثِّل الجذور الأولى لأفكار النصيرية([9]). ومهما كان فإن أبا القاسم الكوفي ـ كما يظهر من عناوين مؤلَّفاته ـ كان عالماً مرموقاً، وجامعاً للفنون والاختصاصات([10]).

ونضيف هنا أيضاً أن أبا القاسم الكوفي قد توفّي في ناحية كرمي من نواحي مدينة فسا، وكلاهما من نواحي مدينة شيراز. وبحسب شهادة النجاشي فإن قبره يقع في ناحية كرمي هذه([11]). وعليه يبدو أن جماعة من غلاة الإمامية كانت تعيش وتنشط في هذه المنطقة الممتدة بين كرمان والأهواز في القرن الهجري الرابع والخامس، وكانت تعمل على ترويج ونشر تعاليم أبي القاسم الكوفي.

وبسبب المسافة الجغرافية يبدو أن معلومات المؤلّفين في بغداد عن أبي القاسم الكوفي لم تكن كثيرة. وإنّ آثاره قد أهملت للأسف الشديد؛ بسبب الانتقادات التي كانت توجَّه إليه، ثمّ اندثرت. وفي البَيْن لم يبقَ بطبيعة الحال كتابه المسمَّى بـ «تثبيت المعجزات». بَيْدَ أنه يتّضح من كتاب عيون المعجزات أن ذلك الكتاب قد اشتمل على مجرد البحوث الكلامية ومعجزات الأنبياء والأئمّة، وفي اللاحقة لم يشتمل على غير معاجز النبيّ الأكرم فقط، ولم يشمل معاجز الأئمّة. وإن مؤلِّف كتاب عيون المعجزات ـ والذي يبدو أنّه كان على معرفة جيِّدة بكتب أبي القاسم الكوفي من خلال الرجوع إلى سائر كتبه ـ، ومع ملاحظة أنّه لم يصنِّف كتاباً آخر لنقل معاجز ودلائل الأئمّة، فإن كتاب عيون المعجزات قد جاء تأليفه كتكملةٍ أو تتمّة لكتاب تثبيت المعجزات.

ويجدر بي التذكير هنا بمسألتين:

الأولى: إن كاتب عيون المعجزات كان يذكر أبا القاسم الكوفي بنسبه العلوي، ونحن نعلم أن هذه النسبة كانت تقتصر على ادّعاء أبي القاسم الكوفي فقط، ولم يقرّ له بها أيٌّ من علماء الرجال([12]) والنَّسَب، وكانوا ينظرون إليها بالشكّ والترديد. والملفت أن هناك اختلافاً واضحاً بين النسب الذي يذكره والنسب الذي تذكره مصادر النسب عموماً، نقلاً عن أبي القاسم الكوفي وادّعائه. ودليل ذلك أن علماء الأنساب قالوا بأن أبا القاسم الكوفي كان يدّعي لنفسه الكثير من الأنساب المتفاوتة والمختلفة، ومن هنا كان هذا الاختلاف ناشئاً عن مفتريات أبي القاسم الكوفي نفسه([13]).

الثانية: نعلم من طريق النجاشي أن أبا القاسم الكوفي كان له كتابٌ حول دلائل ومعجزات الأئمّة أيضاً([14]). يجب مقارنة هذا الأمر بكلام مؤلِّف عيون المعجزات، حيث قال: لم يكن لأبي القاسم كتابٌ مستقلّ حول معاجز الأئمة.

يبدو من بعض التوضيحات بشأن كتاب عيون المعجزات الوارد في مقدّمة كتابه ـ والذي لا نراه في النسخة المطبوعة، ولكنه كان موجوداً في نسخة الميرزا عبد الله الأفندي ـ أنّه كانت غاية مؤلف عيون المعجزات في بداية الأمر أن يكتب تلخيصاً لكتابٍ يحمل عنوان «بصائر الدرجات في تنزيه النبوّات»، والذي تمّ تعريفه من قبله في بعض نسخ عيون المعجزات بوصفه كتاباً آخر لمؤلِّف عيون المعجزات.

وعلى أيّ حال فإننا لا نعرف هويّة هذا الكتاب، ولكنْ ربما كان المراد منه مجرّد واحدٍ من كتابَيْ بصائر الدرجات، للصفّار القمّي، أو سعد الأشعري، وفي هذه الحالة يكون التعبير بـ «في تنزيه النبوّات» زائداً أو تحريفاً لعبارةٍ أخرى.

وبطبيعة الحال هناك في عيون المعجزات نُقولٌ عن بصائر الدرجات. ويحتمل قوياً أنها تعود إلى بصائر الصفّار، أو سعد الأشعري؛ وذلك بسبب الشَّبَه الكبير في الأحاديث والروايات المرويّة في كلا هذين الكتابين.

وربما في الوقت الذي كان المؤلِّف قاصداً تقديم خلاصة عن الأحاديث الواردة في كتاب يحمل عنوان بصائر الدرجات اعتبر كتابه تكملة لكتاب تثبيت المعجزات، ولكنْ يتَّضح من كلامه أنه حيث اشتمل كتاب تثبيت الكوفي على معجزات النبيّ الأكرم أراد أن لا يضيف لكتابه فصلاً آخر بمعجزات النبيّ الأكرم، ولذلك كان يعتبر كتابه بمنزلة التتمّة لكتاب الكوفي.

وعلى الرغم من ذلك، حيث إن إيضاحات مؤلِّف عيون المعجزات بشأن هذين الموردين غير واضحة جدّاً، لا يمكن فهم نسبة كتابه إلى أحد كتابي (بصائر الدرجات) بدقّة. وإن أحد أسباب هذا الأمر ما جاء في عبارته التي نقلها عنه الميرزا عبد الله الأفندي، من أنه كان يعتزم اختصار كتاب بصائر الدرجات بحذف أسانيد الأحاديث الواردة فيه، في حين قلَّما نجد أسانيد الأحاديث محذوفة في النسخة التي بين أيدينا.

وبطبيعة الحال فإن ما جاء بشأن بصائر الدرجات واختصاره من قبل المؤلِّف إنما كان في مقدّمة الكتاب، إلاّ أن إيضاحاته بشأن تثبيت المعجزات، وتكميله بشهادة الميرزا عبد الله الأفندي والنسخ الموجودة قد تمّ إبرازه في نهاية نسخته من الكتاب.

وعليه فإن هذا يعني أنه على الرغم من قصده في البداية إلى اختصار بصائر الدرجات المذكور آنفاً، إلاّ أنّه في أثناء التأليف عمد إلى تكميل كتاب تثبيت المعجزات، لأبي القاسم الكوفي.

وفي هذه الحالة يأتي السؤال عن سبب عدم إصلاحه لمقدّمة كتابه الصغير، ولم ينظِّمها على طبق مشروعه الجديد. إن هذه الموارد بأجمعها تزيد من غموض النصّ الراهن.

وإليك العبارة التي ينقلها الميرزا عبد الله الأفندي عن بداية النسخة: «وبعد: فإني لما رأيت كتابي المترجم ـ وفي بعضها: الكتاب المترجم ـ بـ «بصائر الدرجات في تنزيه النبوّات» قد احتوى على ما لا يزيد عليه، وجمع من الفنون من هذا المهمّ ما لا بُدَّ منه، أحببتُ أن أختصره محذوف الأسانيد، وأن أقرِّب على قارئه ما بَعُد منه من السِّيَر والحديث والفضائل؛ لأن فضائل النبيّ وأهل بيته^ أجلّ من أن تحصى، وأكثر من أن تعدّ وتستقصى، وسمَّيته بـ (عيون المعجزات المنتخب من كتاب بصائر الدرجات)».

النقطة الثانية: وهي بشأن تاريخ تأليف الكتاب، طبقاً للادّعاء الوارد في النسخة المخطوطة. قد ذكر الميرزا عبد الله الأفندي([15]) أن نسخة كازرون القديمة قد أرجعت تاريخ تأليفه إلى السابع وحتّى نهاية شهر رمضان من عام 448هـ. ولكنْ يبدو أن هذا التاريخ لا ينسجم مع ظاهر بعض مسائل وأسانيد الكتاب. وبطبيعة الحال فإن أسانيد ومسائل الكتاب تحكي عن رجوع النصّ إلى فترةٍ سحيقة في القِدَم.

ومن ناحيةٍ أخرى إذا اعتبرنا أنّ النصّ قد تمّ تأليفه طبقاً لعدّة نصوص أكثر قدماً ففي هذه الحالة يمكن إرجاع تلك الأسانيد والمسائل التي تثبت رجوع النصّ إلى القرن الرابع إلى مصدر أو مصادر نصّ عيون المعجزات، وليس نفس ذلك الكتاب أو مؤلِّفه.

وهناك عبارةٌ في نصّ كتاب عيون المعجزات بشأن مدّة حياة مؤلِّفه يمكن لها أن تثير الشكّ بشكلٍ خاصّ بالنسبة إلى التاريخ الذي ذكر بوصفه تاريخاً لتأليف الكتاب، فقد قال في آخر الكتاب، في معرض الحديث عن صاحب العصر والزمان: «…ومن المخالفين قومٌ يقولون بظهور الحجّة المهدي×، إلاّ أنهم يقولون: إن الريب واقع عليهم بزعمهم لبقائه في وقت وفاة أبيه الحسن الأخير ـ صلوات الله عليه ـ إلى هذا الوقت، وإنهم لم يشاهدوا مَنْ عمّر أكثر من مئة سنةٍ، إلاّ وقد خرّف وبطل وأشرف على الموت، وما ذلك منهم إلاّ لقلّة فهمهم وقلّة إيمانهم بقدرة الله تعالى، وجهلهم بما قصّه الله تعالى في محكم كتابه من قصّة نوح×، وأنه لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، فكذلك جائزٌ في حكمته وقدرته أن يعمّر…».

وكما نرى فقد تحدَّث المؤلف عن عمر يزيد على المئة سنة في ما يتعلَّق بحياة الإمام الغائب. وهذا التاريخ بطبيعة الحال لا ينسجم مع تاريخ 448هـ؛ إذ كان عليه في هذه الحالة أن يتحدَّث عمّا يقرب من مئتي سنة. إلاّ إذا اعتبرنا هذه الفقرة قد نقلها بعينها شخصٌ متأخِّر في كتابه التلفيقي عن مصدرٍ آخر، دون الالتفات إلى ضرورة تغيير تاريخها بعد تصرُّم الزمن. وبطبيعة الحال ربما كانت هذه العبارة من العبارات العامّة بشأن أوصاف العمر الذي يزيد على المئة، وبذلك يمكن الادّعاء بانسجام التاريخ المذكور مع فترة تأليف الكتاب.

النقطة الثالثة: كما تقدّم أن ذكرنا فإن هذا الكتاب ينتمي إلى التيار الفكري للغلاة. وهذا واضحٌ من خلال أسانيده ورواياته. بَيْدَ أنّ المُلفت هو بعض التصريحات الواردة في عيون المعجزات، حيث تنفع في إثبات مثل هذا الأمر. فممّا ذكر في المقدّمة مثلاً، في مقام بيان سبب تأليف الكتاب، فقرة في غاية الأهمّية؛ إذ يقول: «…فلمّا أعياني ذلك استخرتُ الله تعالى واستعنتُ به في تأليف شطرٍ وافر من براهين الأئمّة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ومعجزاتهم ودلائلهم، مما لا تخالفنا فيه المرتفعة والمفوّضة القائلون بالظاهر والباطن، وكذلك المقصِّرة من الإمامية، ولا يتفرَّد برواية خبرٍ منه أحد منهم. ومَنْ رام من المرتفعة أن يقف على ما يتفرَّدون به هم من ذلك فعليه بتصفُّح كتاب لي سمَّيته «كتاب الهداية إلى الحقّ»؛ فإنه يشتمل على حقائق توحيد الله سبحانه وحكمته وعدله، وفي أبواب منه الآحاد من المعجزات والبراهين التي ينفردون بروايتها، إلاّ أن الحجّة في الإجماع أوكد، والقول به ألزم».

تشي هذه العبارة بما لا غبار عليه من انتساب المؤلِّف إلى الغلاة. وبطبيعة الحال فإنه يعبِّر عنهم بـ «المرتفعة» و«المفوّضة».

ونحن نعلم أن الغلاة في الحدّ الأدنى لم يكونوا ليأنفوا من إطلاق هذه الألقاب عليهم من مرحلةٍ إلى أخرى([16]). فهو يصفهم بأنهم من المعتقدين بالظاهر والباطن، الأمر الذي يعكس نظرته الإيجابية لهم، حيث لا يتَّهمهم برفض الظاهر، كما يفعل الإمامية.

وعلى هذا الأساس فإن المفوّضة والمرتفعة طائفتان تعتقدان ـ خلافاً للمقصِّرة الذين يذكرهم أيضاً ـ بظاهر الشريعة، كما يؤمنون بباطنها أيضاً. إنّ هذا التعريف في الحقيقة هو ما يرَوْنه في أنفسهم، ويتَّهمون المقصِّرة في المقابل بالتمسُّك بظاهر الشريعة فقط.

وبطبيعة الحال فإن سائر الإمامية ـ الذين يُعْرَفون من وجهة نظر الغلاة بالمقصِّرة ـ قد ذهبوا إلى اتّهامهم بترك ظاهر الشريعة، والاعتقاد بما يخالف هذا الظاهر، الأمر الذي يؤدّي في نهاية المطاف إلى الإباحية وما إلى ذلك.

إن نفس توظيف مصطلحي المرتفعة والمفوّضة في قبال المقصِّرة يحكي عن وقوف المؤلِّف إلى جانب صفّ الغلاة. ولكنّ السؤال هو: إلى أيِّ فرقةٍ من فرق الغلاة ينتمي؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب إضافة هذه النقطة أيضاً، وهي أنّه يتَّضح من العبارات المنقولة أنه لا ينتسب إلى غلاة المفوّضة فحَسْب، بل وله كتابٌ في العقائد والتوحيد أيضاً، وقد عنونه بـ «كتاب الهداية إلى الحقّ»، حيث تحدّث فيه عن حقائق التوحيد والعدل والحكمة الإلهية، على طبق ما يعتقده المفوِّضة من الغلاة. إن هذه الإيضاحات تثبت بما لا غبار عليه انحياز مؤلِّفنا المجهول إلى الغلاة. كما توجد هناك عباراتٌ أخرى تدلّ على انتماء مؤلِّف النصّ إلى الغلاة. ومع غضّ الطرف فإنه بسبب اضطراب الأسانيد وهوية الكتاب ربما أمكن القول: إن جميع عبارات الكتاب لم تكن من كتابة المؤلِّف، وإنما تعود إلى المصادر التي تمّ الاعتماد عليها في تأليفه وإعداده. وعلى أيّ حال حتّى إذا صحّ هذا الافتراض لا يمكن التشكيك في انحياز المؤلِّف إلى الأفكار الغالية.

ومن المناسب هنا لذكر كتاب الهداية أن نذكر بأن الحسين بن عبد الوهّاب يشير في جميع مواطن الكتاب إلى كتابٍ آخر له اسمه «البيان في وجوه الحقّ»، حول موضوع الإمامة والبحث في أحوالها.

كما يتّضح من أسناد الكتاب وروايات المؤلِّف، التي سنأتي على ذكرها بعد هذا النقل، أن المؤلِّف كان من المتمسِّكين بتراث الغلاة الروائي بشدّة. وإن أسناد هذا الكتاب مجهولةٌ أيضاً، ويقوم بشكلٍ عام على أسس الفكر الغالي.

مثلاً: نجد الرواية المعروفة بـ «خبر الخيط»، التي تنتمي إلى مصادر النصيرية، والتي اشتملت على عقائدهم، وقد رُويت في كتاب الهداية الكبرى([17])، قد رُويت في كتاب عيون المعجزات أيضاً. والملفت أن المؤلِّف يقول بشأنها: «وخبر الخيط معروف بين المفوّضة والمرتفعة من الشيعة، وهو خبرٌ طويل». وهنا ينطوي التعبير بـ «المفوّضة» و«المرتفعة» على أهمّية أيضاً. وهو بطبيعة الحال لا ينقل أجزاء هذه الرواية التي تصرّح بعقائد النصيرية بشكلٍ واضح، ولكنّه مع ذلك يقول، بعد نقله المجتزأ لهذه الرواية: «وقد أوردت أنا المعجز الذي أظهره من هذا الخبر فقط؛ إذ ليس كلّ كتاب يحتمل شرح الأشياء بحقائقها».

ويبدو أن عدم نقله لتلك الفقرات من الرواية يعود إلى عدم انتسابه إلى النصيرية، وإنما ينتمي ـ كما سبق أن ذكرنا تنويهاً ـ إلى التراث الغالي لأبي القاسم الكوفي.

كما يتّضح ذلك من خلال تكميله لكتابه، واطّلاعه إلى حدٍّ ما على كتبه، وكان على معرفة جيِّدة بتلامذته وأسرته ومؤلَّفاته أيضاً، كما في رواية المؤلِّف عن كتاب الاستشهاد لأبي القاسم الكوفي([18])، والموارد الأخرى التي سوف نطالعها بعد ذلك في أسناد الكتاب.

وبطبيعة الحال فإن المؤلِّف؛ بالالتفات إلى ما نقله عن أبي القاسم الكوفي بشأن وكالة الإمام الغائب، والمسائل الأخرى التي ذكرها في جميع مواضع الكتاب، لم يكن على صلةٍ بالنصيرية، بَيْدَ أنّه كان على معرفة جيِّدة برواياتهم، بل سنرى أنه يذكر المؤسِّس الحقيقي للنصيرية الحسين بن حمدان الخصيبي، ويستفيد من آرائه أيضاً.

وبالالتفات إلى ما ذكرناه بشأن الرقعة الجغرافية لنشاط مؤلِّف عيون المعجزات، ومقارنة ذلك بدائرة نشاط وحياة أبي القاسم الكوفي، يمكن القول: إن مؤلفنا كان من المنتسبين إلى التراث الفكري الغالي لأبي القسم الكوفي في هذه الرقعة الجغرافية، وإنه قد تعرَّف على تلامذته ومدرسته وكتبه في هذه الرقعة الجغرافية.

ويتَّضح هذا الأمر بشكلٍ خاصّ من خلال بعض أسانيده، وكذلك ذكره النسب العلوي لأبي القاسم الكوفي أيضاً.

ويحتمل أن تعود جهالة بعض أسماء الكتاب أيضاً إلى ارتباط هذه الأسماء بتيّار أبي القاسم الكوفي، والتي لم تكن معروفة في الأوساط الاجتماعية للإمامية بشكلٍ جيّد.

ولكي نتعرَّف على النصّ بشكل أفضل سنعمد في ما يلي إلى نقل بعض أسانيد هذا الكتاب. في النصّ المطبوع مؤخَّراً لكتاب عيون المعجزات تمّ التلفيق بين نسخة كازرون المعدّلة ونسخة النجف المطبوعة. ونحن هنا قد اعتمدنا أسناد الكتاب على أساس هذه النسخة الملفّقة:

1ـ حدَّثني الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب المصري، المعروف بأبي التحف ـ رحمه الله حيّاً وميتاً ـ بالغندجان في سنة خمس عشرة وأربعمئة، قال: حدَّثني عبد المنعم بن عبد العزيز، عن نوفل بن أبي الأشعث القمّي، قال: حدَّثني مسرّة بن خضرمة بن خلبان (حلباب) بن عبد الملك الدقّاق، قال: حدَّثنا أبي، عن أبيه، عن الحسين×.

2ـ وحدَّثني هذا الشيخ قال: حدَّثني العلاء بن طيّب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد، قال: حدَّثني نصر بن مسلم بن صفوان بن سعيد الجمّال المكَي، قال: حدَّثني أبو هاشم، المعروف بابن أخي طاهر بن زمعة، عن الأصهب بن جندلة بن مدرك، قال: حدَّثني عمار بن ياسر ذو الفضل والمآثر، قال:…

3ـ وروى هذا الحديث أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيّوب بن عيّاش الجوهري، عن عليّ بن عيسى من قرى الدهقان، قال: حدَّثني جعفر بن مالك الفزاري… الحسين بن عليّ الخزّاز، عن الحسين بن أبي سارة، عن الحسين بن مسكان، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري.

إن المراد من ابن عيّاش في هذا السند ابن عيّاش الجوهري، صاحب مقتضب الأثر، رغم وقوع الاشتباه في نسبه.

4ـ وحدَّثني أبو التحف قال: حدَّثني محمد بن محمد بن عمرو بن الحريت، عن سعيد الأروع الصيّاد، قال: حدَّثني حمزة بن الأصعب، عن مالك بن ثقيف، عن حمزة الفزاري الكوفي السبيعي، عن سهل بن وهب، عن الجرّاح بن مذكور، عن عبد الغفّار بن ودود الجرهمي، قال: حدَّثني سعيد بن عبد الدار، عن حذيفة بن اليمان.

5ـ وحدَّثني أبو عليّ أحمد بن زيد بن دارا& قال: حدَّثني بالبصرة أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جمعة القمّي&، قال: حدَّثني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيّوب.

يحتمل أن يكون المراد من أبي عبد الله أحمد بن محمد بن أيوب في هذا السند ابن عيّاش الجوهري أيضاً. وفي هذه الحالة نرى أنه يروي عن ابن عيّاش بواسطتين(401هـ). وبسبب بُعْد المؤلِّف عن بغداد ـ بطبيعة الحال ـ يغدو هذا الشيء ممكناً من ناحية الطبقة الروائية لهما.

6ـ حدَّثني أبو طاهر بن أحمد بن الحسين بن منصور الحلاّج& ـ وكان ممَّنْ يستوطن الغندجان، وتأهَّل بها ـ قال: حدَّثني المعروف بالقاضي القلانسي بشيراز، قال: قال الشيخ أبو عبد الله بن حفيف (كذا: خفيف): إنّه سمع جماعةً من ثقات الرواة وأصحاب الحديث من طرق شتّى في حضره وسفره.

لم تتّضح نسبة المؤلِّف إلى تراث الحلاّج وتصوّف ابن خفيف في شيراز. وعلى كلّ حال فإن هذه الرواية تحتوي على أهمّية كبيرة.

7ـ حدَّث محمد بن همام القطّان، قال: حدَّثني الحسن بن الحليم، قال: حدَّثنا عبّاد بن صهيب، قال: حدَّثنا الأعمش، قال:…

8ـ وروى الشيخ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن نصر ـ رضي الله عنه ـ قال: حدَّثني الأستاذ أبو القاسم الحسين بن الحسن وليّ نعمتي ـ رضي الله عنه ـ قال: حدَّثني الطيّب القواصري ـ نضَّر الله وجهه المليح ـ، قال: حدَّثني سيدي أبو القاسم الحسين بن مأمون الحديثي القرشي، قال: حدَّثني سيدي وصاحب نعمتي أبو نصر محمد بن محمد، أنه سمع مولانا الحسن الزكي الأخير ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ يقول: سمعتُ أبي يحدِّث عن جدِّه علي بن موسى’ أنه قال:…

9ـ ثمَّ حدَّثني الأسعد أبو نصر ـ رضي الله عنه ـ بهذا الحديث على هذا الإسناد، وأجاز لي روايته عنه بإسناده المذكور.

10ـ وحدَّث جبير الرّحا، عن عبد مسهر، عن سلمة بن الأصهب، عن كنان بن أبي سليم، عن مروز، عن رجل، عن جعدمان، عن القايد أبي نصر منصور السري بن المهدهلي، أبي عبد الله، عن أبي القاسم القواصري، عن حامد بن سعيد، عن خالص بن ثعلبة، عن عمّار بن ياسر ذو الفضل والمآثر، قال:…

11ـ حدَّثني القاضي أبو الحسن عليّ بن وديع القاضي الطبراني، عن القاضي سعيد بن يونس، المعروف بالقلانسي الأنصاري المقدسي، قال: حدَّثني المبارك بن صافي، عن خالص بن أبي سعيد، عن وهب الجمّال، عن عبد المنعم، عن وهب الزائدي، عن القاضي يونس بن مسرّة المالكي، عن الشيخ أبي المعيمر الرقّي، قال: حدَّثني صحّاف الموصف، عن الرئيس أبي محمد بن جملة، عن حمزة البارزي الحنبلاني (كذا: الجنبلاني)، عن محمد بن دجير، عن أبي جعفر ميثم التمّار رفع الله درجته.

12ـ حدَّث أبو الحسين أحمد بن الحسين العطّار، قال: حدَّثني أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب «الكافي»، قال: حدَّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم.

إن الراوي عن الكليني هنا شخصٌ مجهول لم يرِدْ ذكره في موضعٍ آخر.

13ـ وحدَّثني ابن عيّاش الجوهري، قال: حدَّثني أبو طالب عبيد الله بن محمد (كذا: أحمد) الأنباري، قال: حدَّثني أبو الحسين محمد بن زيد التستري، قال: حدَّثني أبو سمينة محمد بن عليّ الصيرفي.

كما نرى في هذا السند فإنّ المؤلف يروي عن ابن عيّاش مباشرةً، في حين يبدو أنه كان يروي عنه بواسطتين.

14ـ حدَّث محمد بن عثمان، قال: حدَّثنا أبو زيد النميري، قال: حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدَّثنا شعبة، عن سليمان الأعمش.

15ـ حدَّثني الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب المصري، المعروف بأبي التحف&، بالغندجان في سنة خمس عشرة وأربعمئة، قال: حدَّثني عبد المنعم بن عبد العزيز الحلبي الصائغ، عن نوفل بن أبي الأشعث القمّي، قال: حدَّثني مسيرة / مسرة بن (خضرمة بن حلباب) بن عبد الحميد بن بكّار الكوفي الدقّاق، قال: حدَّثني أبي، عن أبناء الحسين×.

16ـ حدَّثني الأشعث بن مرّة، عن المثنّى بن سعيد، عن هلال بن كيسان الكوفي الجزّار، عن الطلب الفواجري، عن عبد الله بن سلمة القبحي، عن شقادة بن الأصيد العطّار البغدادي، قال: حدَّثني عبد المنعم بن الطيّب القدوري، قال: حدَّثني العلاء بن وهب، عن قيس، عن الوزير أبي محمد بن سايلويه [رضي الله عنه] ـ فإنّه كان من أصحاب أمير المؤمنين العارفين ـ، وروى جماعتهم عن أبي جرير، عن أبي الفتح المغازلي، عن أبي جعفر ميثم التمّار [آنس الله به قلوب العارفين].

17ـ وحدَّثني… قال: حدَّثني شحيح بن اليهودي الصباغ الحلبي، عن جبر بن شقاوة، عن عبد المنعم بن الأحوص ـ يرفعه برجاله ـ عن عمّار بن ياسر (رضي الله عنه).

18ـ وحدَّثني أبو التحف، قال: حدَّثني عبد المنعم بن سلمة ـ يرفعه ـ إلى جابر بن عبد الله الأنصاري.

19ـ وفي كرّاسةٍ بخطّ أبي القاسم بندار بن الحسين / الحسن بن زوزان / زوران، نسخة من نسخة بخطّ أبي الحسن محمد بن الحسين بن سلمان / سليمان ـ رضي الله عنهما ـ، ورواه عنه. وكان أبو الحسن ـ رضي الله عنه ـ يروي عن محمد بن الحسن المعروف بالقاضي الورّاق، عن أحمد بن محمد بن السمط / الشماط، قال: سمعته من الرواة، عن أبي بصير ـ وكان ضريراً ـ، أنه قال:…

وقد ورد هذا الإسناد في موضعٍ آخر بالصيغة التالية: وكتبتُ من نسخةٍ بخطّ أبي القاسم بندار بن الحسن بن زوران (زوزان)& ـ وكان ظاهر التشيُّع ورعاً مستوراً ـ نسخها هو من نسخةٍ بخطّ أبي الحسن محمد بن الحسن بن سليمان&، وكان روى عن محمد بن الحسن المعروف بالقاضي الورّاق، عن أحمد بن محمد بن الشمّاط (كذا. وظاهراً السمط)، قال: سمعتُ من أصحاب الحديث والرواة المذكورين.

يحتمل أن يكون أحمد بن محمد بن السمط هذا هو الشخص الذي كان له نصٌّ بروايته حول تاريخ الأئمّة عن المحدِّث النوري، والذي ـ للأسف الشديد ـ لا نمتلك معرفةً كثيرة عنه. بَيْدَ أنه كان يعيش في واسط حوالي العام 335هـ. وقد عبَّر المحدّث النوري عن هذا النصّ الذي رواه ابن السمط هذا بـ «المناقب القديمة». وقال في النجم الثاقب ـ على هامش أسماء الإمام الغائب ـ: إنه نصٌّ حول تاريخ الأئمة، وقد قرأه ابن السمط على أبي الحسن عليّ بن إبراهيم الأنباري في واسط عام 326هـ. وعليه يحتمل أن يكون هذا الأخير هو مؤلِّف الكتاب. ولكنْ يحتمل أن يكون هذا النص عائداً إلى الغلاة([19]). وعلى هذا فقد ذكروا تاريخاً للأئمّة باسم الأوج الأخضر في مناقب الأئمّة الاثني عشر، حيث قالوا: إن نسخته محفوظة في مكتبة النور العثمانية، وقالوا بأنها من تأليف عليّ بن أبي الحسن / أبي الحسين إبراهيم الأنباري الشيعي. بَيْدَ أنّهم أرَّخوا وفاته بعام 988هـ. وربما كان المراد هو النصّ الذي ذكره المحدِّث النوري، وبذلك يكون قد وقع خطأٌ في تاريخ وفاة مؤلِّفه المجهول([20]).

20ـ رواه لي الشيخ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن نصر ـ رضي الله عنهم ـ يرفع الحديث برجاله إلى محمد بن جعفر البرسي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن محمد الموصلي، قال: حدَّثني أبي، عن خالد القمّي، عن جابر بن يزيد الجعفي رفع الله درجته.

يرتبط هذا السند برواية «خبر الخيط»([21]).

21ـ وفي كتاب الأنوار والقدرة أخبر أبو ربيعة أحمد بن سليمان بن سلمان الجارودي العبدي البصري في سنة أربع عشرة وثلاثمئة، قال: حدَّثني أحمد بن محمد الشعيري، قال: حدَّثنا سليمان بن فروخ الإبلي، قال: حدَّثنا الحسين بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق× عن محمد بن عليّ الخراساني، عن أبيه، عن عليّ بن طاهر بن الحسين بن أبي مسلم صاحب الدولة، قال:…

إن هذا السند الغريب الذي يصل إلى أحد أحفاد أبي مسلم الخراساني قد نقل عن كتاب الأنوار والقدرة، ولم تتّضح هويته. بَيْدَ أنّه لا صلة له بكتاب الأنوار، لابن همام الإسكافي؛ لما سيأتي بعدُ.

22ـ وروى عليّ بن القاسم البكري، عن أحمد بن محمد بن الحسين بن سلام الكوفي، عن محمد بن الأسقنطري قال: كنتُ من خواصّ المنصور أبي جعفر الدوانيقي.

23ـ حدَّثني أبو التحف ـ عليه الرحمة ـ عن (كذا. ويجب أن تكون «عن» زائدةً) عليّ بن إبراهيم المصري ـ رحمه الله حيّاً وميتاً ـ عن ضرار بن الأزور، عن الأشعث بن الطيب، عن عبد الودود بن سمّيع القرشي، عن حنظلة القرشي، عن مقاتل بن مجاشع الصيرفي، عن حمزة بن عوف، عن جميل بن سلمة، عن القاسم بن البكري، عن الأشعث بن قصّ، عن حملة بن الأروع، عن عبد الله بن الرقيق، عن سعيد بن لبنى، عن المفضَّل بن عمر ـ رفع الله درجته ـ قال:…

24ـ حدَّث العباس بن محمد بن الحسين، قال: حدَّثني محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن نعيم القابوسي.

25ـ وروى الحميري عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الحسين.

26ـ وبخطّ أبي القاسم بندار بن زوزان ـ رضي الله عنه ـ حكى الحسين بن حمدان الخصيبي، قال: حدَّثني زيد بن محمد القمّي، قال: حدَّثني عبيد الله بن جعفر اللآلي قال: كنتُ مع هرثمة بن أعين…

يروي المؤلِّف في هذا السند عن الحسين بن حمدان الخصيبي، الكاتب والمتزعِّم البارز في تيار النصيرية. ونشاهد هذه الرواية باختلافٍ في السند في كتاب الهداية الكبرى([22]).

27ـ قال مصنِّف هذا الكتاب: كنتُ قرأت ذلك في بعض الكتب، ثمّ حدَّثني به أبو الغنائم أحمد بن المنصور المشتري ـ رضي الله عنه ـ بالأهواز، قال: حدَّثني الرئيس أبو القاسم عليّ بن عبد الله بن أبي يروح القصري، عن يحيى بن الطويل، عن الأديب أبي محمد بن أبي القاسم عليّ بن أحمد الكوفي، عن أبيه، عن أبي هاشم داوود بن القاسم رفع الله درجتهما.

إن هذا السند ملفتٌ للانتباه للغاية، حيث يروي فيه المؤلِّف بسندٍ غريب بثلاث وسائط عن ابن أبي القاسم الكوفي، باسم الأديب أبي محمد([23]).

28ـ حدَّثني أبو التحف المصري، قال: حدَّثني أبو طالب عميرة ـ يرفعه ـ، عن شيبة المقدادي، عن أبي الحسن عليّ بن عبد الله قاضي الحرمين، قال: حدَّثني الطيّب القواصري ـ يرفع الحديث ـ إلى أبي القاسم الحسين بن المأمون الحديثي القرشي، قال: حدَّثني سيدي أبو نصر محمد بن محمد القاساني، قال: حدَّثنا الفقيه أبو يعقوب إسحاق بن أبان النخعي ـ قدّس الله… ـ قال:…

يصل سند هذه الرواية إلى إسحاق النخعي زعيم الغلاة الإسحاقية الشهير، والذي كانت له ميول شبيهة بالنصيريّة. وإنّ أدبياتهما غالباً ما تكون مشتركة.

29ـ وحدَّثني أبو التحف المصري ـ يرفع الحديث برجاله ـ إلى أبي يعقوب إسحاق بن أبان، قال:…

وهذا سندٌ آخر إلى إسحاق النخعي.

30ـ وهذا الخبر بهذه الحكاية في كتاب «الأنوار» رواية الحسين بن حمدان الخصيبي، عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن حكيمة بنت محمد بن عليّ الرضا.

قبل كلّ شيء نذكِّر بهذه المسألة، وهي أن عنوان الأنوار مقطع أدبيّ لكتابة تواريخ الأئمّة. ونحن نعلم بأن عدداً من المحدِّثين والمتكلمين من الإمامية كان لهم كتاب الأنوار، وكانوا يكتبون فيه تواريخ الأئمّة([24]).

وفي هذا السند الخاصّ ينقل عن كتاب أنوار رواه الحسين بن حمدان الخصيبي، ولم تتّضح لنا ماهيّة كتاب الأنوار هذا. ولكنْ يحتمل أن يكون المراد منه كتاب الأنوار، لابن همام الإسكافي.

ويبدو أن النصيرية كانوا يولون أهمّية خاصّة لنسخته، وقد عمد الخصيبي إلى روايتها([25]). وكأنّ هذه النسخة كانت تختلف عن النسخ الأخرى من الكتاب، وأنها كانت تحتوي على زيادات بحثتها في غير هذا الموضع.

وبطبيعة الحال فقد نقل في كتاب عيون المعجزات عن الأنوار، لابن همام أيضاً، بَيْد أن الكاتب اعتقد بأن اسم ابن همام هو الحسن، وهو مخطئٌ في ذلك([26]).

وربما أمكن لهذا الأمر أن يشهد على عدم معرفة المؤلِّف لابن همام. ومن غير المعلوم أن تكون جميع الموارد التي يتمّ فيها نقل حكاية أو حديث عن الأنوار دون إضافة عنوان المؤلِّف أو الراوي مرتبطة بكتاب ابن همام هذا. مثلاً: يروي في موضع عن كتاب الأنوار فقط، بَيْد أن روايته موجودة بجميع تفاصيلها في كتاب الهداية الكبرى أيضاً([27])، وبالتالي فإن المؤلف يذكر كتاب الأنوار في موضعٍ آخر بوصفه تأليفاً للخصيبي؛ إذ يقول: «وهذا الخبر الذي رواه الحسين بن حمدان في كتاب الأنوار». إن النقل عن كتاب الأنوار، لحسين بن حمدان، في عيون المعجزات، قد ورد في كتاب الهداية الكبرى أيضاً([28]). ولكنْ لم يتّضح بدقّة ما إذا كان مراد المؤلِّف من الأنوار هو النصّ الذي كان يعرف بالهداية الكبرى، والذي ينسب إلى الخصيبي.

وبطبيعة الحال لا بُدَّ من التذكير بهذه المسألة، وهي أن اسم الهداية الكبرى هو اسم مقتبس عن تراث النصيرية، وإلاّ فإن هذا العنوان لا نجده بين الآثار المنسوبة إلى الخصيبي عند الإمامية. ولم يرِدْ بشأنه في مصادر الإمامية شيءٌ سوى أن له كتاباً في تاريخ الأئمّة. وأمّا في ما يتعلّق بنفس كتاب الهداية الكبرى فيبدو أن نسخه كانت مختلفة، أو في الحدّ الأدنى كان هناك كتابٌ آخر شبيه بهذا الكتاب إلى حدٍّ ما بوصفه كتاباً من تأليف الخصيبي، وأن بعض المؤلِّفين من الإمامية كانت لديه نسخة منه. وقد تحدَّثت عن هذا الأمر، وكذلك نسبة عنوان الأنوار إلى الخصيبي، في المقال الخاصّ بكتاب الهداية الكبرى. وعليه لا أرى هنا ضرورةً إلى مزيد من البحث بهذا الشأن.

وأما في ما يتعلق بتكميل أو رواية كتاب بعنوان الأنوار فربما يمكن أن نحتمل أن يكون المراد منه كتاب الأنوار، للشلمغاني، الذي ذكره النجاشي أيضاً([29]). وفي هذه الحالة يكون الخصيبي راويةً لكتابٍ من تأليف الشلمغاني، وهذا أمرٌ لا يستبعد. وخاصّة أننا نعلم أن الخصيبي قد ذكر في الهداية الكبرى مقاطع من كتاب الأوصياء، للشلمغاني، دون أن يذكر مصدر النقل([30]).

31ـ وقرأتُ من خطّ نسب إلى أبي عمران الكرماني، تلميذ أبي القاسم عليّ بن أحمد الكوفي الموسوي ـ رضي الله عنه ـ، يذكر أن التوقيعات تخرج على يد عثمان بن عمرو العمري ـ وكان السفير بين صاحب الزمان وبين الشيعة ـ، وأنّه أوصى بعد وفاته إلى ابنه أبي جعفر محمد بن عثمان ـ رضي الله عنه ـ، فقام مقام أبيه، وكان أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي كاتبه، أوصى إليه في وقت وفاته، وكان أبو القاسم ـ رضي الله عنه ـ السفير كذلك. وقال أبو عمران: قال أبو القاسم ـ رضي الله عنهما ـ: إنه أوصى إلى أبي جعفر محمد بن علي النزوفري ـ رضي الله عنه ـ. فعلى أيدي هؤلاء تخرج التوقيعات. واليوم بلغنا الخبر بكرمان أنه توفّي، ولم يوصِ إلى مَنْ يقوم مقامه في إخراج التوقيعات. فقيل له في ذلك فزعم (لع) من أن يوحى، واحتجّ بخبر الصادق×: «إذا أراد الله أن يظهر أمره× ستر أبوابه». قال أبو القاسم: ثمّ بلغنا أن الوصيّة من النوبختي صارت إلى السمري، وهذا الذي أبى الوصيّة دون النزوفري ـ رضي الله عنه ـ، والله العالم.

إن هذا المطلب حائزٌ على عدّة أمور هامّة، ومنها أنّه نقل عن أبي القاسم الكوفي بواسطة تلميذه؛ إذ يتضح من خلال هذا النقل أن أبا القاسم الكوفي كان مطلعاً إلى حدٍّ ما على أخبار وكلاء بغداد، وإنْ لم يكن داخلاً في صلب القرار الذي يتّخذ من قبل مؤسّسة الوكالة في بغداد. ولم يتّضح في هذه الرواية مَنْ هو أبو جعفر محمد بن عليّ النزوفري. ولكنْ ربما كان المراد منه أبو جعفر محمد بن عليّ الشلمغاني(323هـ)، والذي طبقاً للتقرير الأول كان أبو القاسم الكوفي يتصوَّر أنه خليفة الحسين بن روح النوبختي(326هـ)، حتّى علم فيما بعد أن خليفة النوبختي هو السمري، وليس «النزوفري»، وإنّ السمري هذا لم يوصِ بعده بالوكالة لشخصٍ آخر.

32ـ إن من النقاط الهامّة في كتاب عيون المعجزات روايات عدّة من قبل المؤلف عن كتاب الوصايا، الذي يعبِّر عنه تحت عنوان: «المنسوب إلى أبي الحسن عليّ بن محمد بن زياد الصيمري». وفي المقال الذي كتبناه حول إثبات الوصية([31])ذكرنا أن هذا النص يحتمل قوياً أن يكون هو نفسه الكتاب المنسوب إلى المسعودي بعنوان إثبات الوصية. ومن ناحية أخرى هناك الكثير من الموارد في كتاب عيون المعجزات المشتركة مع روايات إثبات الوصية. ويحتمل قوياً أن يكون هذا النصّ من مصادر عيون المعجزات. كما نشاهد في عيون المعجزات نقلاً عن كتاب «الواحدة»، لابن جمهور، وهو من النصوص التي تنتمي رواياته إلى تراث الغلاة.

وهنا تصل النوبة إلى البحث في أسانيد جديدة يمكن لها أن تزيدنا معرفة بكتاب عيون المعجزات، وإلى أيِّ تراثٍ ينتمي؟

ورد اسم مؤلِّف عيون المعجزات في سند في كتاب الأربعين، المنسوب إلى شخصٍ يُدْعى (ابن أبي الفوارس الرازي). ويمكن لذلك أن يسهم في حلّ الغموض الذي يكتنف شخصية المؤلِّف. وفي البداية ننقل إليك نصّ السند: «حدَّثني السيد الأجلّ الأوحد جمال الدين عزّ الإسلام فخر العشيرة شرف الدين أبو محمد إبراهيم بن عليّ بن محمد العلوي الحسيني الموسوي، بكازرون، في التاسع عشر من رجب سنة… قال: أخبرنا الشيخ العارف شهربان بن تاج الدين الفارسي، قال: حدَّثنا القاضي أبو القاسم أحمد بن ظاهر النوري، قال: [حدَّثنا] الشيخ الإمام شرف العارفين أبو المختار الحسن بن عبد الوهّاب، قال: حدَّثني أبو التحف عليّ بن إبراهيم المصري، قال: [حدَّثني] الأشعث بن محمد بن مرّة، عن المثنّى بن سعيد بن الأصيل البغدادي العطّار، قال: حدَّثني عبد المنعم ابن الطيِّب القدوري، قال: حدَّثني العلاء بن وهب، عن الوزير محمد بن ساليق، عن أبي جرير، عن أبي الفتح المغازلي، عن أبي جعفر ميثم التمّار ـ رضي الله عنه ـ قال: كنتُ بين يدَيْ مولاي أمير المؤمنين× بالكوفة، وجماعةٌ من أصحاب رسول الله| حافّون به، كأنَّهم الكواكب اللامعة في السماء…»([32]).

إن هذه الرواية نشاهدها أيضاً في النصّ الراهن لعيون المعجزات، بنفس السند، ولكن مع بعض الاختلافات الناشئة من تحريف الأسانيد.

وفي سندٍ آخر عن كتاب الأربعين ـ وإنْ لم يرِدْ ذكر للحسين بن عبد الوهّاب أو عيون المعجزات ـ ورد حديثٌ بسندٍ جاء بعضه نصّاً في عيون المعجزات أيضاً، وهو: «عن محمد بن عليّ بن أحمد التبريزي بساوة، قال: [حدَّثني] عبد الله بن نصر بن محمد بن خميس الموصلي أبو بكر في العشر الأخير من ربيع الأول سنة… بمدينة السلام بجانبها الأيسر مسجد الرباط، [عن] أحمد بن الحسين العطّار، عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب الكافي، قال: [حدَّثني] عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن المفضَّل بن يسار، عن محمد بن عليّ الباقر، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن عليّ^ قال: إنّه لمّا رجع أمير المؤمنين عليّ× من قتال أهل النهروان، ولم تكن يومئذٍ بُنيَتْ بغداد…».

لقد ورد في هذا السند اسم الراوي المجهول عن الكليني الذي ورد اسمه في نصّ عيون المعجزات أيضاً في نفس الحديث، ولكنْ لم تتمَّ الإشارة في السند إلى الحسين بن عبد الوهّاب.

ونلاحظ في المورد الأول أن اسم الحسين بن عبد الوهاب جاء على صيغة الحسن بن عبد الوهاب، ومقروناً بكنية أبي المختار. ويحتمل أن يكون الحسن هنا تحريفاً عن الحسين، أو بالعكس، بمعنى أن يكون الحسين في نسخ عيون المعجزات تحريفاً عن الحسن. إن اسم الحسن لم يرِدْ في النسخة المطبوعة لكتاب الأربعين فقط، بل حتّى ابن طاووس، حيث يروي في كتاب اليقين عدداً من الروايات عن نسخة الأربعين، لابن أبي الفوارس، قد ضبط اسم الحسن بَدَلاً من الحسين أيضاً:

1ـ اليقين، لابن طاووس (ص 268 ـ 269): «في ما نذكره من كتاب (الأربعين) رواية الملقّب بمنتجب الدين محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي، الذي ذكرناه برجالهم، من كلام الجمل لمولانا علي× بأمير المؤمنين وخير الوصيّين، فقال ما هذا لفظه: حدَّثني الشيخ الأجل الإمام العالم منتجب الدين مرشد الإسلام كمال العلماء أبو جعفر محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ـ رحمة الله عليه ـ بمدينة السلام في داره بدرب البصريّين في منتصف ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمسمئة، قال: حدَّثنا الإمام الكبير السيد الأمير كمال الدين عزّ الإسلام فخر العترة علم الهدى شرف آل الرسول| أبو محمد إبراهيم بن عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد العلوي الحسيني الموسوي بكازرون في التاسع عشر من رجب المرجّب سنة إحدى وسبعين وخمسمئة [قال: حدَّثني الشيخ العارف شهريار بن تارج الفارسي]، قال: حدَّثني القاضي أبو القاسم أحمد بن طاهر السوري، قال: حدَّثنا الشيخ الإمام شرف العارفين أبو المختار الحسن بن عبد الوهّاب، قال: حدَّثني أبو النجيب عليّ بن محمد بن إبراهيم، عن الأشعث بن مرّة، عن المثنّى بن سعيد، عن هلال بن كيسان، عن الطيّب القواصري، عن عبد الله بن سلمة المنتجي، عن سفارة بن الأصميد البغدادي، عن ابن حريز، عن أبي الفتح المغازلي، عن عمّار بن ياسر، قال: كنتُ بين يدَيْ مولانا أمير المؤمنين عليّ×، وإذا بصوتٍ قد أخذ جامع الكوفة؛ فقال: يا عمّار، ائتِ بذي الفقار الباتر الأعمار، فجئتُه بذي الفقار، فقال: اخرج يا عمّار، وامنع الرجل عن ظلامة هذه المرأة، فإنْ انتهى، وإلاّ منعته بذي الفقار».

نشاهد هذه الرواية في كتاب عيون الأخبار أيضاً، وبنفس هذا السند.

2ـ اليقين (ص 398 ـ 399): «من كتاب (الأربعين) رواية الملقّب منتجب الدين محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس، وهذا لفظه: حدَّثني الشيخ الأجل الإمام العالم منتجب الدين مرشد الإسلام كمال العلماء أبو جعفر محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ـ رحمة الله عليه ـ بمدينة السلام في داره بدرب البصريّين في منتصف ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمسمئة، قال: حدَّثنا الإمام الكبير السيد الأمير الأشرف، جمال الدين، عزّ الإسلام، فخر العترة، علم الهدى، شرف آل الرسول|، أبو محمد إبراهيم بن عليّ بن محمد بن [عليّ بن محمد] العلوي الحسيني الموسوي بكازرون في السابع عشر من رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمئة [قال: حدَّثنا الشيخ العارف شهريار بن تارج الفارسي]، قال: حدَّثني القاضي أبو القاسم أحمد بن طاهر الثوري، قال: حدَّثني أبو التحف عليّ بن محمد بن إبراهيم، عن الأشعث بن مرّة، عن المثنّى بن سعيد، عن هلال بن كيسان، عن الطيّب القواصيري، عن عبد الله بن سلمة المنتجي، عن صفارة بن الأصميد البغدادي، عن ابن حريز، عن أبي الفتح المغازلي، عن عمّار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنتُ بين يدَيْ مولانا أمير المؤمنين عليّ×، فإذا بصوتٍ قد أخذ جامع الكوفة…».

وعليه كما نرى فإنّ الحسين بن عبد الوهّاب قد ورد ذكره في كتاب الأربعين لأبي الفوارس، ونقلاً عنه في كتاب اليقين، لابن طاووس، على صيغة: «الشيخ الإمام شرف العارفين أبو المختار الحسن بن عبد الوهّاب». وهذا اللقب ينسجم تمام الانسجام مع اتّجاهه الغالي، وحتّى الصوفي، في كتاب عيون المعجزات.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن السند الذي نسب إليه في كتاب الأربعين يثبت تعلُّقه بمدينة شيراز وضواحيها.

ومن ناحيةٍ أخرى لم يرِدْ ذكر ابن أبي الفوارس الرازي بوصفه مؤلِّفاً لكتاب الأربعين في المصادر القديمة، إلاّ في كتاب اليقين، لابن طاووس. وكما رأينا بطبيعة الحال فإن المعلومات التي يقدِّمها ابن طاووس بشأن مؤلِّف كتاب الأربعين ليست بالوافية، وهي الأخرى مستندة إلى كتاب الأربعين نفسه([33]). وعليه يحتمل أن لا يكون لدى ابن طاووس أيّ معرفة عنه.

ويجدر بنا التذكير هنا بأننا لا نمتلك أيّ معلومة تاريخية عن وجود شخصيّة باسم ابن أبي الفوارس الرازي، وإن التقارير الموجودة بين أيدينا عنه إنما تعود إلى كتاب الأربعين المنسوب إليه لا غير. وعليه لم يؤيِّد وجوده أيُّ مصدرٍ مستقلّ. من هنا فإن اسم الحسين أو الحسن بن عبد الوهّاب في واحد من أسانيد كتاب الأربعين لابن أبي الفوارس لا يمكنه أن يكون مؤيِّداً لوجود شخص بهذا الاسم. وإنّما مورد الاستثناء الوحيد الذي ورد فيه اسم ابن أبي الفوارس بشكلٍ مستقلّ عن كتاب الأربعين هو كتاب الفضائل، المنسوب إلى شاذان بن جبرائيل([34])، والذي يروي فيه شاذان رواية مباشرة عن ابن أبي الفوارس، ونجدها بطبيعة الحال في نصّ كتاب الأربعين لابن أبي الفوارس أيضاً. ثم إن كتاب الفضائل ليس بأفضل حالاً من كتاب الأربعين؛ إذ توجد بعض الأدلة ـ ومنها: التواريخ المتأخِّرة([35]) ـ التي تجعلنا نجزم بأن شاذان بن جبرائيل لا يمكن أن يكون مؤلِّفاً له، وإنما هو من كتابة مؤلِّف متأخِّر عنه. وهو ما قد التفت إليه الآغا بزرگ الطهراني في الذريعة أيضاً([36]).

وعلى هذا الأساس يحتمل أن يكون اسم شاذان ـ الوارد في السند الأول من الكتاب بوصفه راوياً عن ابن أبي الفوارس ـ من إضافات الكتّاب، ولم يتَّضح هنا مَنْ الذي نقل الرواية عن ابن أبي الفوارس.

ليس لدينا أيّ معرفة حول هوية هذا المؤلِّف، بَيْدَ أن مضامين كتاب الفضائل في أغلب الأحاديث الواردة فيه مضامين مفرطة في الغلوّ. وإنّ الكثير من أسانيده تعود إلى مؤلّفات محافل الغلاة، والتي غالباً ما تكون موضوعة، وتنسب روايات إلى أشخاص لا نجد مثيلاً لها في المصادر الأخرى.

ثمّ أن بعض مضامين كتاب الفضائل لا تنسجم في الأساس مع التوجُّهات الفقهية لشاذان بن جبرائيل([37]). وأيّاً كان مؤلِّف كتاب الفضائل فإننا نحتمل بشدّة أن يكون هو نفسه من كتب نصّاً آخر شديد الاضطراب باسم «الروضة في الفضائل»، والذي نسبه في بعض المصادر إلى شاذان أيضاً، ونجد فيه تكراراً لأجزاء كثيرة من روايات كتاب الفضائل، المنسوب إلى شاذان([38])، ومنها التي تنسب تاريخاً متأخِّراً إلى شاذان، وهو يعود إلى عام 651هـ في جامع واسط، وهو موجود في كتاب الفضائل أيضاً([39]).

كما نشاهد في نصّ الروضة روايات لا أساس لها على أرض الواقع، وهي عموماً من مختلقات غلاة الشيعة. بَيْدَ أن الملفت للانتباه وجود كمٍّ كبير من روايات كتاب الأربعين، لابن أبي الفوارس، في جزءٍ من كتاب الروضة، دون نسبته إلى ابن أبي الفوارس([40]). وبطبيعة الحال لم يتمّ التعرّف على كيفية تنظيم النسخة الراهنة للروضة بشكلٍ دقيق، إلاّ أن وجود أحاديث من كتاب الأربعين لأبي الفوارس في نصّ هذا الكتاب لا شكّ في ارتباطها بذكر اسم ابن أبي الفوارس في نصّ كتاب الفضائل، ويحتمل إمّا أن يكون مؤلِّف كلٍّ من نصّ كتابي الروضة والفضائل واحداً، أو أن يكون كتاب الروضة قد استُفيد منه في تنظيم وتأليف كتاب الفضائل بنحوٍ من الأنحاء.

من هنا نقول: على الرغم من إشارة ابن طاووس إلى كتاب الأربعين، لابن أبي الفوارس، يبدو أنّه لم يكن لديه أدنى معرفة بمؤلِّف هذا الكتاب. وحيث إن اسمه لم يرِدْ في أيِّ مصدرٍ مستقلّ عن كتاب الأربعين المنسوب إليه، وإن الإشارة إلى اسمه في نصّ الفضائل المنسوب إلى شاذان لا شَكَّ في أنها ناشئة عن نسبة متأخِّرة عن كتاب الأربعين، المنسوب إلى ابن أبي الفوارس، وربما كان مقتبساً عنه، عندها ترِدُ هذه الأسئلة: هل كان هناك وجودٌ خارجي وحقيقي لشخص اسمه ابن أبي الفوارس الرازي أصلاً أم لا؟ وإذا كان له وجودٌ فما هو التيّار الذي كان ينتمي إليه؟

إن أسانيد كتاب الأربعين بشكلٍ عامّ تحتوي على أسماء غير معروفة، ولم يرِدْ ذكرها في أيِّ مصدرٍ آخر. كما أن الكثير من الأسانيد يبدو عليها الوضع ظاهراً وجليّاً. وإن مضامين رواياته في الغالب مضامين غالية، وإن وجود السِّقط في الكثير من أسانيده في النسخة المطبوعة يفاقم من شكوكنا في وجود مثل هذا الشخص.

وعلى أيّ حال يمكن القول بفرضية أنّ صاحب هذا الاسم شخصٌ من المنتسبين إلى محافل غلاة الشيعة، أو في الحدّ الأدنى يكون مختلق هذا الاسم ومنتحل كتاب الأربعين شخصاً من الغلاة، وقد اختلق هذه الأحاديث ووضع لأكثرها أسانيد مختلقة، وربما استفاد من عدّة نصوص تعود بجذورها إلى الغلاة.

وعلى هذا الأساس يكون المؤلِّف قد اختلق جزءاً من أسانيد وروايات هذا النصّ، والجزء الآخر قد اقتبسه من نصوص الغلاة، التي تشتمل في الغالب على أسانيد مشوّشة ومضطربة. بَيْدَ أن وجود نصوص روايات كتاب الأربعين في كتابَيْ الفضائل والروضة يطرح السؤال التالي: هل يمكن لنا أن نفترض أن مؤلِّف هذه الكتب الثلاثة شخصٌ واحد كان يعيش في بداية القرن الهجري السابع، وأنّه ألَّف كتاباً باسم الأربعين، ونسبه إلى شخص يُدعى ابن أبي الفوارس من القرن الهجري السادس، ثم أظهر كتابَيْن آخرين يعودان إلى أوائل القرن السابع؟

أما الفرضية الأخرى فهي أن يكون مؤلِّف كتاب الفضائل وكتاب الروضة شخصاً آخر، وقد استعملا فيما بعد في تأليف كتاب الأربعين المنتحَل والمنسوب إلى ابن أبي الفوارس.

وعلى أيّ حال فإن كلّ حادث في البين يجب أن يكون واقعاً قبل عصر ابن طاووس.

وعليه فإن السؤال هنا، بالالتفات إلى ما تقدَّم، يقول: ما هي نسبة كتاب عيون المعجزات إلى كتب (الأربعين) و(الفضائل) و(الروضة)؟

بالالتفات إلى ما ذكرناه آنفاً من أن نصّ كتاب عيون المعجزات يجب أن ينتمي إلى أحد المحافل المرتبطة بتيار الغلاة من أتباع أبي القاسم الكوفي في شيراز وضواحيها لا يبعد أن تكون الكتب الثلاثة الأخرى قد تمَّ وضعها واختلاقها في هذه المناطق، ومن قِبَل ذات التيارات والمحافل الغالية، وإنهم كانوا على معرفة جيدة بمؤلِّف كتاب عيون المعجزات، وقد نقلوا أحاديث هذا الكتاب والكتب المشابهة له في هذه الكتب الثلاثة الجديدة.

وكما سبق أن ذكرنا، إنّه بالنظر إلى اضطراب الأسانيد في كتاب عيون المعجزات، وذكر أسماء لأشخاص مجهولين في هذه الأسانيد، لا يبعد حتّى افتراض أن يكون كتاب عيون المعجزات هو الآخر كتاباً مختلقاً، وقد اختلقه ذات الشخص الذي اختلق النصوص والكتب الثلاثة الأخرى، واختار لنفسه اسم الحسين بن عبد الوهّاب أو الحسن بن عبد الوهاّب. وقد عمد فيها إلى اختلاق الأسانيد، وفي الوقت نفسه عمد إلى الاستفادة من نصوص تنتمي إلى شخصيات منتسبة إلى النصيرية، من أمثال: الحسين بن حمدان، أو جماعات من الشيعة المنتسبين إلى تياراتٍ مغمورة من الغلاة، ومن أتباع أبي القاسم الكوفي، والاستفادة من نصوص من قبيل: كتاب الأوصياء، أو بعض الروايات الشيعية المعروفة، وقام بجمع مادّة كتابه على هذه الشاكلة.

بَيْدَ أن هذا احتمالٌ ضعيف. وأما الاحتمال الأقوى فهو أن يكون للحسين بن عبد الوهّاب وجود حقيقي وخارجي وتاريخي، ويعود سبب عدم معرفته في الأوساط الشيعية إلى انتسابه إلى تيّار الغلاة. وفي هذه الحالة يكون هو الذي باشر عملية اختلاق بعض الأسانيد في كتابه، وأما البعض الآخر فقد اقتبسه في الغالب من الكتاب الموسوم بـ «إثبات الوصية»، وكذلك من كتاب «الهداية الكبرى» أيضاً.

إيضاحٌ بشأن كتاب «الأربعين»، لابن أبي الفوارس الرازي ــــــ

أشَرْنا في ما سبق إلى هويّة كتاب الأربعين المنسوب إلى ابن أبي الفوارس الرازي. ونجد هنا ضرورةً لبيان مسألة بشأن كتاب الأربعين، ونسبته إلى ابن أبي الفوارس؛ بغية إلقاء الضوء على هذه المسألة:

لقد ذكرنا في مقال عيون المعجزات أنّ الشخصية التاريخية لابن أبي الفوارس بوصفه مؤلِّفاً لكتاب اسمه الأربعين ـ والذي طبع مؤخَّراً ـ موضع شكّ جادّ، وربما كان اسمه مختلقاً من قبل بعض المصادر الروائية. وقد استعرضنا في ذلك المقال بعض القرائن ذات الصلة بنصّ كتاب عيون المعجزات فقط.

نعلم أن اسم ابن أبي الفوارس قد ورد في مستهلّ كتاب يحمل عنوان الفضائل، ينسب إلى شاذان بن جبرائيل، بوصفه شيخاً لشاذان. وكما تقدَّم أن ذكرنا في تلك المقالة فإنّ نسبة كتاب الفضائل إلى شاذان مردودةٌ؛ لعدّة أسباب. وعليه فإن ذكر اسم ابن أبي الفوارس في كتاب الفضائل، الذي لم يعلم كاتبه، لا يمكنه أن يكون سنداً لإثبات الأصالة التاريخية لابن أبي الفوارس. وخاصّة أن الحديث المرويّ في ذلك الكتاب عن ابن أبي الفوارس قد أخذ من كتاب الأربعين، رغم عدم ورود ذكر لكتاب الأربعين في ذلك الكتاب. وعليه يحتمل أن تكون تلك الرواية قد أخذت من كتاب الأربعين، ووضعت في بداية كتاب الفضائل. وحيث اعتبر الكتاب من تأليف شاذان تم وضع اسم شاذان في بداية الكتاب، بوصفه راوياً عن ابن أبي الفوارس، وبذلك اعتبر شاذان من تلامذة ابن أبي الفوارس.

وبالالتفات إلى الصلة المضمونية الخاصّة بين كتاب الأربعين، المنسوب إلى ابن أبي الفوارس، وكتابَيْ الفضائل والروضة، المنسوبين إلى شاذان، ربما أمكن؛ من خلال ورود اسم ابن أبي الفوارس في بداية كتاب الفضائل، طرح فرضية مفادها أن كتاب الفضائل وكتاب الروضة قد تمّ تنظيمهما على أساس الروايات من قبل ذات الشخص الذي ألَّف كتاب الأربعين، وربما كان يروم أن يسجِّل كتاب الفضائل ـ على غرار كتاب الأربعين المنتحَل ـ باسم شخصٍ مجهول هو ابن أبي الفوارس الرازي.

وهناك سند يثبت على ما يبدو وجود تصوُّر في المصادر المتقدِّمة نسبياً بشأن كتاب الفضائل، يعتبره من تأليف ابن أبي الفوارس. وفي ما يلي نطالع هذا السند.

لقد اشتمل نصّ الإجازة الهامّة جدّاً، والمنسوبة إلى محمد بن الحسين بن محمد بن أبي الرضا العلوي، أحد تلاميذ الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي، والتي كتبت لشمس الدين محمد بن جمال الدين أحمد بن أبي المعالي، شيخ الشهيد الأول، وقد روي نصّها في كتاب الإجازات من بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسي، على موضوع هامّ بشأن شاذان: «…وأجزْتُ له رواية كتاب الأربعين في ذكر المهديّ من آل محمد|، تأليف أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد العطّار الهمداني، عن نجيب الدين، عن السيد المذكور قال: قرأتُه على الفقيه أبي سالم عليّ بن الحسن بن المظفّر في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع وستّمئة، وأخبرني أنه سمعه على الشريف أبي عبد الله محمد بن الحسن بن عليّ الفاطمي بقراءة (كذا) المنتصف من شعبان سنة تسعين وخمسمئة، وأخبرني أنه سمعه على مصنِّفه بهمدان في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمئة. وأخبرني بأنّه إجازة الفقيه سديد الدين أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي، عن الشيخ محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي، عن المصنِّف أبي العلاء الهمداني»([41]).

يتَّضح من هذا الإسناد أن شاذان كان يروي نصّ كتابٍ بشأن روايات الإمام المهديّ من تأليف العالم الشهير في القرن الهجري السادس، وهو أبو العلاء الهمداني(569هـ)، حيث كان يرويه عن ابن أبي الفوارس الرازي، عن مؤلِّفه.

يضع هذا السند بأيدينا دليلاً واضحاً على إثبات الأصالة التاريخية لوجود ابن أبي الفوارس. ولكنْ من ناحية أخرى يبدو لنا أن رواية شاذان عن ابن أبي الفوارس، وهو عن أبي العلاء الهمداني، حتّى في هذا السند، موضع شكٍّ كبير. وبطبيعة الحال هناك في كتاب الفضائل رواية عن أبي العلاء الهمداني، إلاّ أنّ ظاهر تلك الرواية أن المؤلِّف ـ أي بحَسَب ادّعاء شاذان بن جبرائيل ـ يروي بنفسه عن أبي العلاء، إلاّ أن تلك الرواية ـ التي يبدو أنها المبنى لرواية شاذان بواسطة عن أبي العلاء في الإجازة المتقدِّمة ـ تواجه الكثير من المشاكل.

في هذه الرواية التي رُويت من طريق أبي العلاء الهمداني في كتاب الفضائل يروي المؤلِّف ـ طبقاً لادّعاء شاذان عن أبي العلاء ـ رواية في مولد الإمام أمير المؤمنين. وفي هذه الرواية الخاصّة ـ رغم نسبتها إلى أبي العلاء بأشكالٍ أخرى([42]) ـ إشكالات حول تاريخ الرواية عن أبي العلاء، وكذلك ادّعاء رواية شاذان عنه.

«أخبرنا الشيخ الإمام العالم الورع الناقل ضياء الدين شيخ الإسلام أبو العلاء الحسن بن أحمد بن يحيى العطّار الهمداني& في همدان في مسجده في الثاني والعشرين من شعبان سنة ثلاث وثلاثين وستّمئة، قال: حدَّثنا الإمام ركن الدين أحمد بن محمد بن إسماعيل الفارسي…»([43]).

واضحٌ أن تاريخ شهر شعبان من سنة 633هـ لا ينسجم مع حياة أبي العلاء الهمداني، ولا مع الفترة التقريبية لحياة شاذان بن جبرائيل، الذي لم يكن في تلك الفترة على قيد الحياة قَطْعاً، فضلاً عن أن يكون قد روى الحديث عن شخصٍ. وعليه يكون هذا السند مخدوشاً تماماً، ولا ربط له بشاذان([44]).

وعلى أيّ حال رغم عدم ورود رواية شاذان عن أبي العلاء الهمداني في أيِّ مصدرٍ آخر، إلاّ أنه لا محذور في روايته عنه. بَيْدَ أن رواية شاذان عن أبي العلاء بواسطة سيكون مثاراً للتساؤل، وخاصّة إذا قلنا بأن هذه الواسطة تتمثَّل بابن أبي الفوارس. هذا في حين أن شاذان كان كثير السفر، فيكون احتمال أن يكون قد سافر إلى همدان وسمع رواية عن معاصره بنفسه قائماً. إنّ رواية شاذان عن جعفر بن محمد الدوريستي(380هـ)([45])، والذي يحتمل قوياً أن لا يكون قد عاش إلى ما بعد عام 474هـ([46]) ـ إلا إذا افترضنا له عمراً طويلاً جدّاً، وهو غير معقول ـ يشكِّل بنفسه دليلاً على أنه كان حتّى أكبر سنّاً من أبي العلاء الهمداني المولود في سنة 488هـ. ولكنْ مع تكرار هذا الادّعاء في المصادر([47]) يبدو لنا أن رواية شاذان عن الدوريستي مستحيلة، ولا تنسجم أبداً مع روايته عن سائر مشايخه، وسنوات استفادة شاذان، وتستلزم القول بتعمير شاذان عمراً فاحشاً، ونعلم أنه كان حيّاً في واسط حتّى عام 593هـ أيضاً([48]).

بَيْدَ أن شاذان من ناحيةٍ أخرى كان في عام 573هـ في سنٍّ تؤهِّله للتحديث والتدريس. وقد روى عنه المشهدي في هذه السنة ذاتها كتاباً في الفقه([49]). ولكنْ يتَّضح من الروايات المضطربة وغير المنسجمة من وجهة نظر طبقات الروايات الواردة في كتاب الأربعين ـ وهي النسخة المتوفِّرة، وكذلك رواياتها في كتاب اليقين، لابن طاووس ـ أن ابن أبي الفوارس يروي عن عددٍ من المشايخ المعاصرين لشاذان، أو يعود تاريخ سماع ابن أبي الفوارس عن عدد من المشايخ في ذلك الكتاب إلى عقد الثمانينات من القرن الهجري السادس([50]). وعليه ما هو الدليل على رواية شاذان ـ وهو الفقيه الكبير الذي عمَّر طويلاً، وقد أدرك الكثير من المشايخ ـ عن ابن أبي الفوارس، الذي هو في الحدّ الأدنى ـ بناءً على روايات كتاب الأربعين المنسوب إليه ـ متأخِّر عن شاذان بطبقةٍ؟!

وعلى هذا الأساس فإن الرواية الواردة في إجازة ابن أبي الرضا، والتي يروي فيها شاذان عن أبي العلاء الهمداني بواسطة ابن أبي الفوارس، مخدوشةٌ تماماً، ولا يمكن لها أن تكون مجدية بوصفها مصدراً مستقلاًّ لإثبات الأصالة التاريخية لوجود ابن أبي الفوارس.

وفي ما يتعلَّق بمورد سند إجازة ابن أبي الرضا يبدو أنّه بالإمكان القول بأن وجود اسم ابن أبي الفوارس في السند الأوّل من كتاب الفضائل دليلٌ على اعتباره كتاب الفضائل من تأليف ابن أبي الفوارس برواية شاذان بن جبرائيل. وعلى هذا الأساس كان يرى أن الرواية عن أبي العلاء الموجودة في كتاب الفضائل ذات صلة بابن أبي الفوارس. ومن هنا فقد عمد ابن أبي الرضا ـ طبقاً لإسناد عامّ يوصله إلى شاذان ـ إلى تركيب ذلك الإسناد بسند أبي العلاء المدّعى الذي يُروى في كتاب الفضائل، بطريقة بعض الإجازات المتأخِّرة عند الإمامية، وصاغ منه سنداً على شكل رواية شاذان، عن ابن أبي الفوارس، عن أبي العلاء، بالنسبة إلى نصٍّ ـ أي كتاب أربعين الإمام المهدي ـ لا وجود له أصلاً، حتّى في كتاب الفضائل. وفي الحقيقة إن وجود رواية عن أبي العلاء في كتاب الفضائل (في مورد كتاب مولد أمير المؤمنين) الذي كان وهميّاً، ولم يكن له أساس، وجعله لرواية نصٍّ آخر لأبي العلاء، وهذه المرّة من طريق شاذان، عن ابن أبي الفوارس([51]). وعلى هذا الأساس يجب القول: إن وجود اسم ابن أبي الفوارس في إجازة ابن أبي الرضا لا يمكنه أن يشكِّل دليلاً على إثبات وجود هذا الشخص مطلقاً.

الهوامش

(*) باحثٌ معروف، متخصِّص في علم الكلام والفلسفة الإسلاميّة. ومن الشخصيات البارز في مجال نقد النسخ والمخطوطات والكتب القديمة. أحد أساتذة جامعة برلين في ألمانيا، وعضو الملتقى الدولي حول تاريخ العلوم والفلسفة في باريس.

([1]) مع بيان بعض الملاحظات بشأن كتاب الأربعين لأبي الفوارس، والفضائل لشاذان، وكتاب روضة الفضائل.

([2]) في ما يتعلَّق بالتعريف بكتاب عيون المعجزات وبعض المصادر التي ذكرت هذا الكتاب يستحسن الرجوع إلى مقدمة طبعة النجف الأشرف وقم المقدّسة. وانظر أيضاً: إيضاحات الآغا بزرگ الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة، والمحدِّث الشيخ حسين النوري في خاتمة مستدرك الوسائل.

([3]) انظر: رياض العلماء 2: 123 ـ 129.

([4]) الملفت للانتباه أنه بسبب هذه النسبة توصّلت بعض المصادر الرجالية إلى معلومات خاطئة بشأن السيد المرتضى ومشايخه.

([5]) في ما يتعلق بشخصية حسين بن عبد الوهّاب وكتاب عيون المعجزات ونسخه والكثير من المسائل التي تمّ الاستناد إليها في هذه المقالة ليس هناك مصدرٌ أفضل من كتاب رياض العلماء، للميرزا عبد الله الأفندي، الذي تمّ نقله في مقدّمة الطبعة الجديدة لكتاب عيون المعجزات.

([6]) بناءً على شهادة الميرزا عبد الله الأفندي، ومنظِّم نسخة كازرون الراهنة. بَيْدَ أن منظّم الكتاب عمد في نسخة كازرون الراهنة إلى نقل الخاتمة إلى بداية الكتاب. وبذلك فقد تمّ حذف جزءٍ من مقدّمة الميرزا عبد الله الأفندي بشأن بصائر الدرجات.

([7]) في ما يتعلق بكتاب تثبيت المعجزات لأبي القاسم الكوفي انظر: رجال النجاشي: 266.

([8]) ورد اسمه في كتاب النجاشي على صيغة البِدَع المحدثة. انظر: رجال النجاشي: 265.

([9]) انظر: رجال النجاشي: 265 ـ 266؛ فهرست الطوسي: 271 ـ 272؛ رجال الطوسي: 434؛ رجال ابن الغضائري: 82؛ وانظر أيضاً: ابن الصوفي، المجدي: 107 ـ 108؛ ابن عنبة، عمدة الطالب: 230.

([10]) انظر: قسم أبي القاسم الكوفي من رسالتنا على مستوى الدكتوراه، وله أيضاً: ابن النديم، الفهرست: 243؛ ابن شهرآشوب، معالم العلماء: 99. وفي ما يتعلق بروايته وكتابه التبديل والتحريف انظر: ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 1: 245 ـ 346، 2: 90، 186، 3: 525. وربما كان يعرف بأبي القاسم الكوفي الخديجي أيضاً. (انظر: الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 443).

([11]) يبدو أنه كان يدعى وجود قبر له في الري كان يزار (ربما من ناحية غلاة الإماميّة في الري)، بَيْدَ أن علماء النسب لا يرَوْنه صحيحاً. (انظر: ابن الصوفي، المجدي: 107 ـ 108؛ ابن عنبة، عمدة الطالب: 230).

([12]) انظر: المصدر نفسه؛ وانظر أيضاً: خلاصة الأقوال: 365.

([13]) انظر: ابن الصوفي، المجدي: 107 ـ 108؛ ابن عنبة، عمدة الطالب: 230.

([14]) انظر: رجال النجاشي: 266.

([15]) انظر: رياض العلماء 2: 126.

([16]) كما هو الحال بالنسبة إلى مصادر النصيرية مثلاً.

([17]) انظر: الهداية الكبرى: 226 فما بعد؛ وانظر أيضاً: المناقب، نصّ غالي طبع مؤخَّراً في قم، وهو ينسب إلى محمد بن عليّ بن الحسين العلوي: 117 فما بعد.

([18]) انظر: رجال النجاشي: 265.

([19]) انظر: النوري، مستدرك الوسائل 8: 395، 14: 209.

([20]) انظر: إيضاح المكنون 1: 150؛ هدية العارفين 1: 749؛ معجم المؤلِّفين 7: 4.

([21]) في ما يتعلَّق باحتمال بعيد بشأن هوية ابن نصر المذكور في السند انظر مقالنا حول نوادر المعجزات، ضمن سلسلة «بررسيهاي تاريخي» (الأبحاث التاريخية).

([22]) انظر: الهداية الكبرى: 282.

([23]) انظر: رجال النجاشي: 266.

([24]) يراجع في هذا الخصوص البحث التفصيلي للكاتب في رسالته على مستوى الدكتوراه، التي قدّمها إلى المدرسة العليا في السوربون.

([25]) في هذا الخصوص انظر: مقالة «تحليل عدد من النصوص حول تاريخ الأئمة، في سلسلة «بررسيهاي تاريخي» (أبحاث تاريخية). وفي المقال الذي نشرته في سلسلة «بررسيهاي تاريخي» بشأن كتاب المثال والصورة ذكرت احتمال أن يكون الخصيبي قد رواه عن ابن همام الإسكافي مباشرة.

([26]) وقد تمّ إصلاح هذا الخطأ في نصّ النسخة المطبوعة حديثاً.

([27]) قارن قصّة السندي بن شاهك في عيون المعجزات بالهداية الكبرى: 265 ـ 267.

([28]) انظر: الهداية الكبرى: 282.

([29]) انظر: رجال النجاشي: 378.

([30]) انظر في هذا الشأن مقالنا بشأن كتاب «إثبات الوصية»، المنسوب إلى المسعودي، في سلسلة «بررسيهاي تاريخي».

([31]) المنشور في سلسلة «بررسيهاي تاريخي» (الأبحاث التاريخية).

([32]) انظر: أربعين ابن أبي الفوارس، المطبوع في سلسلة تراث الحديث الشيعي، طبعة قم.

([33]) في ما يتعلق بالأربعين، ورواية ابن طاووس، انظر: گلبرگ، كتابخانه ابن طاووس: 192 ـ 193.

([34]) انظر: الفضائل: 2.

([35]) انظر: المصدر السابق: 92.

([36]) انظر: الذريعة 16: 250.

([37]) انظر مقالتنا حول شاذان بن جبرائيل وبعض النصوص الغالية، والذي سيتمّ نشره ـ إنْ شاء الله تعالى ـ في سلسلة «بررسيهاي تاريخي» (الأبحاث التاريخية).

([38]) انظر: الذريعة 16: 250.

([39]) انظر: الروضة في الفضائل، السند الأول: 118 (من السلسلة المطبوعة).

([40]) في حين تم إظهار مصادر الأحاديث الأخرى، ومن بينها كتابي الروضة والفضائل عموماً، في هوامش تصحيح الأربعين في سلسلة تراث الحديث الشيعي.

([41]) العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار 104: 168.

([42]) انظر كتاب المفكِّر السيد أحمد باكتجي، بعنوان «مولد أمير المؤمنين، نصوص مستخرجة من التراث الإسلامي»: 90 ـ 92، طهران، 2004.

([43]) شاذان بن جبرئيل القمّي، الفضائل: 54.

([44]) لقد اعتمد السيد أحمد باكتجي في كتابه حول المدارس الفقهية الشيعية على هذه القرينة والمسائل التاريخية المشابهة في نصّ كتاب الفضائل، والقول باعتبار هذا الكتاب من تأليف أحد تلاميذ شاذان كان حيّاً حتّى عام 651هـ. بَيْدَ أن هذا التاريخ، وحتّى تاريخ 633هـ، لا ينسجم حتّى مع طبقة تلاميذ شاذان، وبالالتفات إلى أننا نرى أن ورود اسم شاذان في السند الأول للكتاب إضافةٌ متأخرة لا نرى دليلاً على اعتبار النصّ منسوباً إلى تراث شاذان. للوقوف على رأي السيد باكتجي انظر: أحمد باكتجي، مكاتب فقه إمامي إيران پس أز شيخ طوسي تا پايگيري مكتب حلّة (مدارس الفقه الإمامي في إيران منذ ما بعد الشيخ الطوسي إلى قيام مدرسة الحلّة): 253، طهران، 2007.

([45]) للوقوف على هذه الرواية انظر: ابن طاووس، فرحة الغري: 50؛ الحموي الجويني، فرائد السمطين 1: 54، وموارد متعدِّدة أخرى. وانظر أيضاً: المجلسي، بحار الأنوار 104: 70، والكثير من الموارد الأخرى في كتاب الإجازات من بحار الأنوار، للعلامة المجلسي.

([46]) انظر: جامع الأخبار، المنسوب إلى الشعيري: 10 (الطبعة القديمة).

([47]) تكرر هذا الادّعاء حتّى في كتاب السيد باكتجي. (انظر: مدارس الفقه الإمامي: 251).

([48]) انظر: فخار بن معد، إيمان أبي طالب: 68.

([49]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 106: 23.

([50]) انظر: گلبرگ، كتابخانه ابن طاووس: 192، ترجمه إلى الفارسية: السيد جعفريان.

([51]) لم يعمد السيد باكتجي بطبيعة الحال في ما يتعلَّق بالكتابين المذكورين إلى الاهتمام بجميع هذه المسائل، بل قبل حتّى خلافها، وعليه يحسن به أن يستدرك ذلك في الطبعات اللاحقة. (انظر: مولد أمير المؤمنين: 87 ـ 92؛ أحمد باكتجي، مكاتب فقه (المدارس الفقهية): 251).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً