أحدث المقالات

 دراسة في الأصول والسياقات

 

د. محمد أديبي مهر(*)

أ. مرتضى كشاورزي ولداني(**)

(a)      مقدمة

نحن نعلم أن أحكام شريعة النبي| ـ من حيث الماهية ـ خالدة إلى يوم القيامة([1])، لكن هذا الخلود لا يعني أن أحكام الشرع غير قابلة للتغيير؛ لأن التحول في الحكم تبعاً لتغير الموضوع لا يتنافى مع استحكام وخلود الشريعة؛ لأن الموضوع إذا تغير أوتغيرت خصائصه الداخلية أو الخارجية، وإذا تغير العنوان أو ملاك الحكم، فمن الطبيعي أن يتغير الحكم تبعاً لذلك([2]).

وعلى هذا الأساس يمكن القول: إنه في عصر النبي| وأئمة الهدى لم تكن هناك مشكلة في فهم وتبيين الحكم الشرعي، وكان المسلمون دائماً ينهلون الحكم من منبعه الصافي، ويمتلكون جواباً حاضراً لكلّ سؤال يطرحه المجتمع.

لكن فيما بعد، وفي عصر الأئمة، وكذلك في عصر التابعين، بدأ الاهتمام والالتفات إلى مسألة الاجتهاد، وبلغت الأطروحات الفقهية أوجها. ومن أجل الوصول إلى الحكم الشرعي اعتبر الشيعة الاجتهاد أمراً ضرورياً.

وفي الواقع فإن باب الاجتهاد قد فُتح بناءً على وصايا أئمة الشيعة في تفريع الفروع على الأصول([3]). ومن هنا يُحدد منهج ومساحة الاجتهاد([4]).

وفي عصرنا الحاضر الذي هو عصر التغير في جميع أبعاد الحياة، ففي كل يوم تستجد مسائل ومواضيع في حياة الإنسان، ووفقاً لمقولة: إن الأحكام تتغير تبعاً لتغير الموضوعات، وإن الاجتهاد من حيث الكمّ والكيف له القدرة على تلبية جميع متطَّلبات المجتمعات المعاصرة، ويواكب الزمان والمكان، كان لابدّ من التدقيق في جميع مصادر وأدلة الأحكام.

وبهذا تكون الأحكام الإسلامية قد خضعت مرة أخرى للبحث والتدقيق، ويكون الفقه بصفته منظر حياة الإنسان قد أحيا بكل معنى الكلمة([5]).

هذا ما يطرح اليوم من قبل فقهاء الإسلام بصفته فرضية لأجل زيادة مؤونة الاجتهاد، وقد طرحوها على مائدة الحوار في المحافل العلمية. والنظرية التي تتكلم حول أسلوبٍ استنباطي وكيفية اجتهادية خاصّة تعرف بالاجتهاد الجمعي أو الاجتهاد عن طريق الشورى، وقد طُرحت في قبال الاجتهاد الفردي. ولتبرير هذا المسلك يجب القول: إنه مع وجود المبهمات والتعقيدات التي وضعتها مقتضيات العصر أمام المجتهد يمكن أن نتوصل إلى أن الاستنباط الفقهي الذي يعتمد على مجتهد واحديفتي، دون تبادل الآراء مع فقهاء آخرين، لا يبدو صائباً حقّ الإصابة، أما اذا كان الاستنباط بشكل أن يجتمع المجتهدون الجامعون للشرائط في شورى للفقهاء، ويتبادلون الرأي في جميع أبواب الفقه، فإنه يمكنهم أن يصدروا فتوى تكون حاصل اتحادهم الفكري.

ومن جانب آخر فإن الإبهام والغموض في تعريف الأعلمية له موضوعية أكثر في الاجتهاد الفردي.إن ضرورة بحث الاجتهاد الجمعي ضمن شورى الفقهاء، التي تتكون من مجتهدين متخصصين، يعطي فائدة مضاعفة؛ لأن تعيين مفهوم ومصداق الأعلمية يبدو أكثر إحرازاً في الاجتهاد الجمعي.

وعلى أية حال فإن نظرية الاجتهاد الجمعي وإن لم يكن لها سابقة في تاريخ الفقه الشيعي، لكن لو أخضعنا جميع مصادر وأدلة الفقهاء المسلَّمة للبحث، وتقييم جميع أبعادها، لحصلنا على مشروعٍ مقبولٍ ومطلوبٍ، ومورد تأييد عامة فقهاء الإمامية. وباعتماد هذا الأسلوب في الاجتهادات الحالية سيحدث تحوُّلٌ مهمٌّ في عملية الاجتهاد([6]).

وهذا المقال يبحث في التمهيد المفهومي والنظري لهذا الأسلوب الاجتهادي، والتحقيق في ذلك، وعرض أبعاد هذا الأسلوب.

(b)     1ـ المرجعية وضرورات الاجتهاد

إن المرجعية ومنذ القدم تتمتع بمكانة متميزة في الوسط الشيعي، حتى أن تقليد الناس للمجتهدين كان سبباً لحلّ الكثير من المسائل التي تواجه المؤمنين في المجتمع الديني. وبقيام وإرساء الحكومة الإسلامية أضحت المرجعية المعاصرة أمام كمٍّ هائل من التساؤلات، التي تعد اليوم الأوسع بحثاً وجدلاً في مجالات المعرفة الدينية.إن دور الاجتهاد والإفتاء وعملية ذلك في المجتمع الإسلامي هي من المسائل التي تحتاج إلى تأمُّل مليّ، ومن المسائل الصعبة التي تواجهها مؤسسة المرجعية في ظل الظروف المعاصرة، مما يتطلب إيضاحاً لمفهوم الاجتهاد ومكانة المرجعية أكثر من ذي قبل.

وحول أهمية هذا الأمر يقول الشهيد مرتضى مطهري: اذا كنا ندَّعي أن فقهنا هو أحد العلوم الواقعية في العالم يجب علينا أن نتَّبع فيه الأساليب المتَّبعة في سائر العلوم، وإذا لم نتَّبع فيه تلك الأساليب فهذا يعني أن هذا العلم خارج عن مصافّ العلوم الأخرى([7]).

وفي مواضع أخرى يعتقد أن قيمة وميزة الاجتهاد في تطبيق القوانين الكلية على المستحدثات والمتغيرات، وأن المجتهد الحقيقي هو الذي يتَّصف بهذه الميزة، ويلتفت إلى كيفية تغيُّر الموضوعات، والذييستتبعه تغيُّر حكمها، وأما التفكير في موضوع قديم قد خضع لتفكير سابق، وغاية ما يغير به أن يبدل (على الأقوى) بـ (على الأحوط)، أو يبدل (على الأحوط) بـ (على الأقوى)، فهذا ليس فيه فنٌّ خاص، وليس من وراء كل ذلك أية فائدة([8]).

وعلى هذا ففي الحكومة الإسلامية يجب أن يكون باب الاجتهاد مفتوحاً على الدوام، وتكون طبيعة الثورة والنظام مقتضية أن تطرح آراء الاجتهاد الفقهي في مختلف المجالات بصورة حرّة، وإن اختلفت فيما بينها، ولا يحقّ لأحدٍ الوقوف أمام ذلك.

لكن المهم المعرفة الصحيحة للحكومة والمجتمع، التي على أساسها يمكن للنظام الإسلامي التخطيط له ولفائدة المسلمين، ولذلك فإن وحدة الرؤية العملية في هذا الجانب أمرٌ ضروري. ومن هنا فإنه لا يكفي أن يكون الاجتهاد مصطلحاً في الحوزات فقط([9]).

ومن جانب آخر فإن اختلاف فتاوى المجتهدين كان سبباً في بروز مشاكل وتشويش لدى المقلِّدين. وإن الاختلافات الفتوائية كثيرة، وفي أبواب فقهية متعددة، كالميقات، والإحرام، والمطاف، والذبح، ورمي الجمرة، والبيتوتة في منى في باب الحج، وكذلك في أبوابأخرى، كالمؤونة في الخمس، والعمليات المصرفية، و بلوغ النساء، وإذن الأب في زواج البكر، أو مسألة الذبح بالآلة الأوتوماتيكية. وكل ذلك أدى إلى تشوش واضطراب المقلِّدين([10]).

وبناءً على هذا إذا اعترفنا بأن فقهنا هو فقهٌ خالدٌ ومحكم، وله القدرة على تلبية متطلَّبات العصر للمجتمع البشري، فسوف تقع على عاتق مؤسسة المرجعية مسؤولية كبرى أثقل من السابق.

(c)      2ـ المرجعية والولاية

على طول التاريخ تتولى المرجعية والفقهاء زمام أمور المسلمين بشكل عملي([11])، حيث إن للفقيه الجامع للشرائط ثلاثة مناصب: الافتاء؛ والحكومة؛ والولاية والتصرُّف في الأموال والأنفس. وقد عُدَّ ذلك من شؤون عامة الفقهاء([12]).

إن البحث العلمي في خصوص شرائط هذه المناصب الثلاثة خارج عن حدود هذا البحث، حيث يتطلب بحثاً مستقلاًّ في باب أدلة ولاية الفقيه، لكنْ في مايخصّ المجتهد في استنباطاته للوصول إلى الحكم الشرعي والفتوى([13]) هنالك فرضيات طرحت حول العلاقة بين فتوى الفقيه وحكم الحاكم، وكيفية تعارضهما، وهي تتطلب بحثاً وتدقيقاً.

وهذه الفرضية تطرح على هذا النحو: يصدر الفقيه أحياناً فتوى تكون حجة عليه وعلى مقلِّديه، وبالطبع فإن العمل بهذه الفتوى مجزٍ للفقيه نفسه ولمقلِّديه، لكنْ أحياناً يصدر مجتهدٌ ما فتوى وتتعلَّق بشأن الحكومة، وفي هذه الحالة يجب أن يقال: إن الحاكم إذا كان في مقام الولاية، ويصدر حكماً في هذا الباب، فإن مشهور فقهاء الإمامية يقولون بأن حكم الحاكم ملزمٌ، وبالنتيجة فإن على جميع الناس ـ مجتهدين ومقلِّدين ـ اتّباع هذا الحكم.

وفي هذا الخصوص يعتقد الإمام الخميني أنه في زمن الغيبة تعطى الولاية للفقيه العادل الجامع للشرائط الذي يصلح للولاية على المسلمين وتشكيل الحكومة، وإن القيام بهذا الأمر واجبٌ كفائي على الفقهاء، فإذا قام أحدهم بتشكيل الحكومة فإن طاعته تصبح واجبة على الآخرين([14]).

ويعتقد السيد محمد كاظم اليزدي أن حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه ولو لمجتهد آخر، إلا إذا تبيَّن خطؤه([15]).

والحقيقة أن رأي مشهور فقهاء الإمامية أنه في حال تعارض حكم حاكم إسلاميّ مع فتوى آخر من المراجع، ويكون هذا التعارض متعلِّقاً بشؤون الحكومة، فإن حلّ هذا التعارض يكون عن طريق اتّباع المراجع ومقلِّديهم لحكم الولي الفقيه([16]).

وبناءً على هذه القاعدة يمكننا القول: إن حدود فتوى الفقيه تختصّ به وبمقلِّديه، ولا تكون لها حجّة على مجتهد آخر ومقلِّديه([17]). ومن هنا فإن قبول الفقهاء لولاية الأمر من الأهمّية بمكان؛ من حيث كون الولي شخصاً واحداً([18])، وإن تعدُّد ولاية الأمر في شؤون الحكومة أمرٌ غير مقبول، ويأمرون بالرجوع إلى روايات هذا الباب([19]).

(d)     3ـ الحكم والفتوى

إن الحكم والفتوى هدفان رئيسان للمجتهد في عملية استنباطه.وفي نظرة ابتدائية يبدو أن لا فرق هناك بين الفتوى والحكم، لكن هناك اختلاف بلحاظٍ اعتباريّ بين الاثنين. ومن الطبيعي أنه ينتج عن هذا الاختلاف آثارٌ مختلفة.

إن الفتوى في اصطلاح الفقهاء تعني الإخبار عن حكم الله.

ويقول الشهيد الثاني في بيان الفرق بين الاثنين: الفرق بين الفتوى والحكم أن كلَيْهما إخبارٌ عن حكم الله تعالى، يلزم المكلَّف اعتقاده من حيث الجملة.إن الفتوى مجرد إخبار عن الله تعالى بأن حكمه في هذه القضية كذا، والحكم إنشاء إطلاق أو إلزام في المسائل الاجتهادية وغيرها، مع تقارب فيها، مما يتنازع فيه الخصمان لمصالح المعاش([20]).

وكذلك يعتقد صاحب الجواهر أن المراد من الفتوى ظاهراً الإخبار عن الله بحكم شرعي متعلِّق بكلّيّ، كالقول بنجاسة ملاقي البول أو الخمر. وأما الحكم فهو إنشاء إنفاذ من الحاكم في مورد خاصّ([21])، بمعنى أن المجتهد في مقام الإفتاء في صدد الإخبار عن حكم شرعي كلّيّ، لكن الحكم عموماً يطرح في باب الموضوعات([22]).

وكذلك يمكن الاستنتاج من التحقيقات في باب حجية أدلة الفتوى أن عمدة الأدلة في ذلك هي سيرة العقلاء، التي هي من الأمور الفطرية، وكذلك ـ طبقاً لمبنى فقهاء الشيعة ـ فإنه لم يرِدْ في الشريعة دليلٌ يرفض هذا المبنى العقلائي([23]).

وفي هذا المجال يعتقد الآخوند الخراساني بجواز التقليد، ورجوع الجاهل إلى العالم، ويعتقد بأنه أمرٌ فطريّ، ويعتقد أن الالتزام بذلك لا يحتاج إلى دليل، وأن هذا الأصل لا يتبع التقليد، ولا يستوجب الدور والتسلسل([24]).

ويعتبر الإمام الخميني أيضاً أن مبنى العقلاء هو الدليل على جواز رجوع الجاهل إلى العالم، ويعتقد بأن الأدلة النقلية التي ترغِّب الناس بالرجوع إلى العالم كلّها إرشادية، ويعتبر الدليل الوحيد هو بناء العقلاء([25]).

ولهذا يمكننا أن ندّعي بأن حكم الحاكم له موضوعية، وفتوى الفقيه في الوصول إلى الحجية الشرعية لها طريقية؛ لأن الفتوى قضية حقيقية كلّية يحمل عليها الأفراد المختلفة([26]). ولعله بهذا السبب يمكن ـ وعلى أساس حجية الفتوى ـ فتح طريق نحو الاجتهاد الجمعي، حيث إن مبنى الحكماء قائل بتبادل الآراء في كيفية صدور الفتوى.

(e)      4ـ الاجتهاد والأعلمية

لعل هذا البحث من أهمّ الأبحاث التي تدور حول الاجتهاد الجمعي، والذي يرتبط بتعريف مفهوم الأعلمية. فيما يخص تعريف مفهوم الأعلمية هناك كلام كثير بين الفقهاء. وما يمكن استخلاصه من كلام فقهاء الإمامية لتعريف الأعلمية هو أن المراد من الأعلمية أن يكون الفقيه أقوى ملكة في الاجتهاد من غيره([27])، أو أن تكون له قوة نظر في تحصيل الحكم الشرعي من الأدلة العقلية والنقلية([28])، أو يكون أعرف بقواعد وأدلة المسألة، وله معلومات أكثر بنظائر وأشباه المسألة، ويمتاز بفهم أفضل للأخبار والروايات([29])، ويكون أكثر تبحُّراً في استخراج الحكم الشرعي وفهم ذلك من الأدلة الشرعية([30]).

 وفي هذا الخصوص يعتقد الآغا ضياء الدين أن الأعلم هو الشخص الذي له نظر أقوى من الآخرين في توضيح قواعد المسألة وأدلتها، وأكثر خبرة في تطبيق ذلك على المصاديق، والأفضل فهماً في استنباط المسائل الفرعية من مضامينها، والأكثر اطلاعاً واستيعاباً لأدلة المسألة ونظائرها، من غيره.من خلال قراءة تعاريف الفقهاء للأعلمية نرى أن هذه التعاريف متشابهة فيما بينها، وحمّالة وجوه، حتى أنها تجعل مفهوم الأعلمية عند كل واحد أمراً مشكلاً.

وكمثال على ذلك: تعبير «أعرف بالقواعد»أو «أفضل فهماً» و«أرقى نظراً»، التي نراها في تعاريف الفقهاء للأعلمية، والتي تجعل في الحقيقة توضيح المفهوم والمصداق شيئاً غير ممكن عملياً.

في الحقيقة إن تغيُّر مفهوم الأعلمية في زماننا عما كان عليه في السابق أمرٌ ملموس، مع ملاحظة أن مسألة الأعلمية التي كانت في الماضي في حدود العبادات، التي يشتمل أكثرها على المسائل الفردية، تختلف عمّا في عصرنا الحاضر، الذي يواجه كمّاً هائلاً وواسعاً من المسائل المستحدثة، التي تتعلق بجميع شؤون الحياة، وهذا ما يجعل تحديد مساحة الأعلمية أمراً مبهماً. ولا يمكننا هنا اعتبار مصداق خاص تحقَّق في زمن الأئمة ملاكاً لجميع الأزمنة([31]).

والملاحظ في تعريف الفقهاء الاصطلاحي للأعلمية أنه قد كُتب بتردُّد. وكمثال على ذلك: ما جاء في مراد الطباطبائي اليزدي من الأعلمية، حيث يقول: «والظاهر أن مرادهم الأعلم في البلد أو ما يقرب منه، لا الأعلم مطلقاً»([32]).

أو ما جاء في تعبير السيد الخوئي، حيث يقول: «ليس المراد بالأعلم من هو أكثر اطلاعاً على الفروع الفقهية، وحفظاً لمداركها، من الآيات والروايات وغيرهما، بل المراد به مَنْ يكون استنباطه أرقى من الآخر، بأن يكون أجود فهماً للأخبار والآيات، وأدقّ نظراً في تنقيح المباني الفقهية من القواعد الأصولية، وفي تطبيقها على المصاديق»([33]).

وعلى أية حال فإننا نستشفّ من كلام الفقهاء أنه ليس لديهم تعريفٌ محدَّد وثابت للأعلمية. وحتى ما جاءنا من الأئمة في هذا المضمار هو أنهم منعوا من الرجوع إلى أيّ فقيه، دون الفحص والتحقُّق من أعلميته، وهذا يدلّ على أن الأئمة لم يروا هذا المنهج مخالفاً، وإلاّ لبلغنا عنهم الردع عن ذلك([34]).

ومن جانب آخر فإنه يمكن لمؤيِّدي الأعلمية في التقليد أن يدَّعوا أن رأي الأعلم هو الأقرب إلى الواقع دائماً، وعليه يتعين على الشخص المقلِّد تقليد الأعلم.

وفي نقض هذا الاستدلال يمكن القول: ليس بالضرورة أن يكون رأي الأعلم دائماً أقرب إلى الواقع. ففي كثير من الموارد يكون رأي غير الأعلم أقرب إلى الواقع، أو تكون فتواه مشهورة وموافقة للاحتياط([35]).

وفي رأي البعض فإن تقليد الأعلم موجبٌ للعسر والحرج([36]). وهنا يمكن لأحد أن يشكل قائلاً: إن اختيار رأي الأعلم، من حيث فراغ وبراءة الذمة، هو الأجدر، وبحسب أصل الاشتغال فإن الفراغ اليقيني يتحقَّق حينما نعمل برأي الأعلم؛ لأن رأي المجتهد الأعلم هو الأقرب إلى الواقع، وموجبٌ لبراءة الذمة.

وفي ردّ هذا الاستدلال نقول: إنّ العمل بحكم العقل والعمل بأصل الاشتغال يكون مقبولاً في حال عدم وجود الإطلاق في الآيات والأخبار([37])، وإلاّ فإنّه يتقدَّم إطلاق الآيات والأخبار على أصل الاشتغال.

وبناءً على ذلك يمكن الاستدلال على أن المجتهد الأعلم الذي يعتقد بعدم وجود مجتهد آخر أعلم منه يكون أعلم في بعض المسائل. وفي ذلك يقول المحقِّق الأصفهاني: إذا رجع المقلِّد؛ بمقتضى استقلاله العقليّ، إلى الأعلم فلا مانع من إرجاع الأعلم له إلى غيره؛ بمقتضى رأيه وفتواه بجواز تقليد غير الأعلم([38]).

وبناءً على هذا إذا كان هناك شورى تتكوَّن من عدة مجتهدين جامعين للشرائط فإن مفهوم الأعلمية يتحقَّق بصورة أفضل من خلال هذا المجمع العلمي. وفي الواقع يجب القول: إن إدراك الحكم الشرعي الواقعي من خلال شورى الفقهاء في مجلس واحد يكون أفضل من رأي مجتهد واحد، حتى لو كان أعلم([39]).

إن عدم إتقان وتحديد مفهوم الأعلمية لدى الفقهاء أدّى بأحد المحقِّقين المعاصرين إلى القول: بالالتفات إلى تعابير الأعلمية في أقوال الفقهاء وشروط تحقُّقها يمكن التوصل إلى هذه النتيجة، وهي أن مسألة الأعلمية في مجلسٍ فقهيّ ليس لها موضوعية. وإن القائلين بهذه الفكرة يعتقدون بأن بناء العقلاء في تعدد آراء المجتهدين الجامعين للشرائط مرجَّح على رأي المجتهد الواحد، حتى لو كان الأعلم([40]).

(f)       5ـ الاجتهاد في كلام الفقهاء

ورد في كتب اللغة، وكذلك لدى المتخصِّصين، تعابير مختلفة عن الاجتهاد. فقد عُبِّر عنه بأنه المبالغة في السعي([41])، أو فيما يقال: «أفرغ جهده» يعني بذل طاقته وقدرته في العمل. وواضحٌأن الجهد هنا بمعنى الطاقة([42]).

 وفي موضع آخر: جهد بمعنى المشقة والصعب. وجاء الجهد بمعنى الطاقة والقدرة([43]).

وفي معنى آخر للاجتهاد أنه بذل السعي في أداء أي عمل فيه مشقة، وهو مأخوذ من جهاد النفس وتحمُّل العذاب والتعب في سبيل الحصول على المطلوب([44]).

والأصوليون في بحثهم للاجتهاد بالمعنى الاصطلاحي ينحون منحى أهل اللغة في المعنى اللغوي([45]).

وبما أن الأصوليين كانت لهم تعابير مختلفة عن الاجتهاد، مثل: «بذل الطاقة»، و«بذل الجهد»، و«استفراغ الوسع»؛ وكذلك عبَّر عنه البعض بالظنّ؛ واستفاد فريقٌ آخر من اصطلاح العلم بالنسبة للأحكام الشرعية، كل ذلك كان باعثاً على تعدد تعاريف الاجتهاد([46]).

أما عند الفقهاء فلم يرِدْ للاجتهاد إلاّ تعريفان:

(g)      1ـ  استفراغ الوسع

يُعرِّف أغلب فقهاء الإمامية الاجتهاد باستفراغ الوسع([47])، وهو عبارة عن بذل الفقيه قدرته لاستحصال الظنّ بالحكم الشرعي([48]). وهذا القول مقبولٌ أيضاً لدى فقهاء أهل السنة([49]).

وقد أشكل الآخوند الخراساني على هذا التعريف بأنه بهذا التعريف تكون صورة العلم بالأحكام الشرعية، وكذلك الأمارات الشرعية المعتبرة التي لا تفيد الظنّ، خارجة عن التعريف([50]). ولذا فإنه؛ احترازاً من هذه الشبهة، يستخدم لفظ الحجَّة، بدلاً من لفظ الظنّ، في تعريف الاجتهاد([51]).

(h)     2ـ ملكة نفسانية

وفي تعريف آخر اعتبر الشيخ البهائي أن الاجتهاد ملكة نفسانية([52])، الملكة التي يمكن أن تلحظ في صفة وخصوصية ذاتية للمجتهد، حتى وإنْ لم تصل هذه الملكة إلى حدّ الفعل، ولم يمارس المجتهد الاستنباط بالفعل.

 وقد أشكل الإمام الخميني على هذا التعريف بقوله: إن ملكة الاستنباط ليست قسماً من ماهية أو تمام ماهية الاستنباط، بل إن علاقتها وارتباطها بالاجتهاد كعلاقة أية قوة بآثارها. وفي الواقع فإن الاجتهاد أثر له ماهية مستقلّة تتحصَّل من ملكة الاستنباط، وليس عينها، ولذا يجب أن يكون فرقٌ فيما بين الاثنين([53]).

ومن الواضح من تعريف الإمام الخميني أن الاجتهاد من مقولات الفعل، والملكة هي كيفية نفسانية، ما يعني أن الشخص الذي يمارس الاجتهاد الفعلي هو مجتهد، لا أن الملكة تكون صرفاً في ذهنه دون أن يمارس الاجتهاد([54]).

وطبقاً لرأي القائلين بمفهوم الملكة ـ مع إتيان هذا القيد ـ فإن هذا النوع من الاستنباط، بدون قدرة ذاتية ثابتة، أو بتحمُّل المشقة والتكلُّف، الذي لا يكون إلا بالاستعانة بالآخرين ـ كما هو الحال للمجمع الفقهي ـ ليس باجتهاد([55]).

(i)        6ـ التجزيء في الاجتهاد

إن الفقه الشيعي؛ لما يمتلكه من ماهية غنية، قد حافظ في سيره التكاملي على شموخ هذه الماهية.

إن التطورات والتغيُّرات العظيمة الحاصلة في العالم المعاصر ضاعفت من حاجة المؤمنين إلى مناهل الفقه. إن التطور العلمي الحاصل يوماً بعد يوم، وظهور المسائل الجديدة في حياة المؤمنين، يتطلب من الفقه الإسلامي أن يكون متناغماً مع تطور الحياة، وأن يتوسَّع بتوسُّع العلوم. وهذا يتحقق من خلال إيجاد فروع تخصصية في الفقه الإسلامي.

وبناء على ذلك فإنه في الوضع الحالي، وبعد هذا التطور والتكامل الحاصل في الفقه ـ كسائر العلوم ـ، وقد كان هذا التطور بجهود الفقهاء السابقين، على الفقهاء المعاصرين أن يقفوا أمام هذا التطور ويحولوا دون رقيّه، أو يتحتَّم عليهم إيجاد فروع تخصُّصية، وعلى الناس تبعاً لذلك أن يسلكوا التبعيض في التقليد، كما أنهم يبعِّضون في مراجعتهم للأطباء([56]).

مثلاً: يمكنأن يتخصَّص مرجعٌ ما في الإفتاء في العبادات، ويتخصَّص مرجعٌ آخر في الإفتاء في المعاملات([57]). ويرجع المقلِّدون في تقليدهم إلى المرجع المختصّ، بحسب ابتلائهم.

يؤكد الآغا ضياء الدين العراقي في تعريف التجزيء في الاجتهاد على التبعيض في التقليد والاستنباط، قائلاً: هو ما يقتدر به على استنباط بعض الأحكام الشرعية والوظائف الفعلية العملية([58]).

إن أغلب علماء الشيعة والسنة يؤيدون القول بالتجزيء في الاجتهاد، ويذكرون في كتبهم كونه قولاً مشهوراً، ويذكرون الرأي المخالف له على أنّه رأيٌ شاذّ([59]).

وقد أيّد التجزيء في الاجتهاد والتبعيض في التقليد كلٌّ من: الآخوند الخراساني([60])، والآغا ضياء الدين العراقي([61])، والسيد الخوئي([62])، وصاحب الجواهر([63])، والمحقِّق الداماد([64]).

ومن جهة أخرى فقد أشكل مخالفو هذا الرأي على استدلال التبعيض في التقليد بما يلي:

1ـ إن ملكة الاجتهاد مفهومٌ بسيط غير قابل للتجزئة، ولا يمكن أن يكون للفقيه قدرة الاستنباط في بعض المسائل، وهو محرومٌ منها في مسائل أخرى.

وفي الإجابة عن ذلك نقول: ليس المقصود من التجزئة في الاجتهاد التجزئة في الملكة، التي قيل عنها: الملكة غير قابلة للتجزئة، بل القصد هو التجزئة في موضوع الاجتهاد([65])، وهذا لا يتعارض مع القدرة على الاستنباط في بعض المسائل.

2ـ إن عمدة الأدلة النقلية للقائلين بالتجزيء في الاجتهاد هو مشهورة أبي خديجة([66])، حيث يقول الصادق×: «انظروا إلى رجلٍ منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضياً؛ فإني جعلته قاضياً».

وفي مقام الاستدلال بهذه المشهورة يمكن القول: على الرغم من تعلُّق هذه الرواية بباب القضاء([67])، فإن عملية استنباط الفقيه إنما هي للوصول إلى الحكم أو الفتوى  ـ على فرض ثبوت الاجتهاد للقاضي ـ، وعليه فإن للاجتهاد موضوعية في هذه الرواية.

ورغم ضعف سند هذه الرواية؛ بسبب أبي خديجة، فإنها موافقة للعقل، وقبلها الأصحاب([68]). ولهذا السبب جبر ضعف سندها. إن مورد استناد القائلين بالتجزيء في الاجتهاد هذا المقطع من الرواية: «ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا»، وهو يعني أن كلّ شخص له حظٌّ من العلم بالأحكام له حقّ القضاء.

وقد اعتبر المحقق الأردبيلي أن لهذه الرواية دلالة متقنة على التجزيء في الاجتهاد والفتوى، وكذلك في جواز القضاء للمجتهد([69]).

ومن جهة أخرى فإن مخالفي التجزيء في الاجتهاد، في ردهم الاستدلال بالمشهورة، قد استندوا إلى مقبولة ابن حنظلة، حيث قال×: «ينظران إلى مَنْ كان منكم ممَّنْ قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإني قد جعلته عليكم حاكماً»([70]).

وبهذا الاستدلال فإن القاضي ـ على فرض قبول الاجتهاد في القاضي ـ يجب أن يكون ملمّاً وعارفاً بجميع أحكام أهل البيت؛ لأن كلمة (أحكامنا) جمعٌ مضاف، تفيد العموم، وتشمل جميع الأحكام الإلهية. وعليه فإن هذه المقبولة لا تشمل المجتهد المتجزئ الذي له تسلط على بعض المسائل الفقهية فقط. لكن يبدو أن استدلال المخالفين بأن المراد من (أحكامنا) جميع الأحكامهو استدلال مخدوش؛ لأن الإمام× ليس في مقام بيان أن على المجتهد معرفة جميع أو بعض الأحكام، بل هو في مقام بيان أن متعلق معرفة المجتهد هي أحكام الأئمة المعصومين^.

وبتعبير آخر: إن الشخص الذي يروي حديث أهل البيت^، وينظر في حلالهم وحرامهم، وله معرفة بالاثنين، هو حاكمٌ وقاضٍ، وإن لم يكن مجتهداً في جميع الأحكام([71]).

والنتيجة من التحقيق في مضمون المقبولة والمشهورة أنّ لنا أن ندَّعي أنه حتى لو لم نقبل مفهوم التجزيء بمضمون المقبولة فإنه يمكن أن نعتبر مشهورة أبي خديجة مخصِّصاً للمقبولة، ومن هذا الطريق نثبت التجزيء في الاجتهاد([72]).

(j)        7ـ الاجتهاد الجمعي والشورائي

كان الاجتهاد في الإسلام راسخاً على الدوام من خلال الاجتهادات الفردية. وكثيرٌ من الأبحاث التي طرحت في كتب الفقهاء حول موضوعات وأحكام الاجتهاد كان يعنى بها الاجتهاد الفردي.

 والاجتهاد الفردي هو المتقوِّم بفقيهٍ واحد، الفقيه الذي تتوفَّر فيه شروط الاجتهاد، من دون أن يشاركه فقيه آخر في عملية الاجتهاد، ويمارس هو لوحده عملية استنباط الحكم. وبعبارة أخرى: إن الاجتهاد الفردي هو كلّ اجتهاد لم يشترك فيه عدّة مجتهدين في رأي واحد([73]).

لكن هل هناك نوعٌ من اجتهاد آخر لا تكون عملية الاستنباط فيه متقوِّمة بشخص واحد، بل يتطلب مشاركة جمعٍ من الفقهاء في عملية الاستنباط.

الواقع أنه بأدنى تأمُّل نرى أن الاجتهاد الجمعي له مكان في قلب الاجتهاد الفردي. وبعبارة أخرى: إن المجتهد في استنباطه؛ ومن أجل الوصول إلى الحكم والفتوى، يشارك الآخرين من الفقهاء، من خلال مراجعة آرائهم، والتحقيق فيها، وأحياناً يتصرَّف ويغيِّر في آراء الغير من الفقهاء ـ من خلال إضافة رأيه أو تعليقته الفقهية ـ. وهذا هو نوعٌ من تبادل الآراء والأفكار([74])، الذي من شأنه زيادة الثروة الفقهية، واستدلال الفقهاء، وله أفضلية على الاستنباط المتّكئ على فقيه واحد.

وهذه الأفضلية ورجحان الاجتهاد الجمعي على الاجتهاد الفردي مشهودة في كلام فقهاء الإمامية، وخاصة في المسائل الاجتماعية([75])، التي تحتاج إلى تدبر عقلٍ جمعيّ. وفي الواقع ـ وعلى حدّ تعبير أحد المحقِّقين المعاصرين ـ فإن الشورى العلمية لو تتحقَّق في الفقه، ويُعمَل بأصل تبادل الرأي بشكل كامل، بغضّ النظر عن التكامل والترقّي الذي يكون في الفقه، فحينها ستُحَلُّ الكثير من الاختلافات الحاصلة في الفتوى([76]).

وفي هذا الصدد يقول السيد مصطفى الخميني، وهو من المجتهدين المعاصرين المشهورين: «فعلى هذا لا يجوز لأحد من المجتهدين الكرام والمحقِّقين العظام إظهار رأيه وإعلام مرامه في المسائل النظرية، خصوصاً المسائل العملية الفرعية، التي لا مستند لها إلا المآثير المخلوطة بالأباطيل مع بعد العصر، ويجب عليهم تبادل أفكارهم، والمباحثة حولها، وحول الجهات الموجبة لاختلاف أنظارهم في العصر الواحد، حتى يصحّ لهم الاحتجاج عندما ينكشف الخلاف، وإلاّ تكون حجة الربّ عليهم قاطعة، ولا عذر لهم؛ لعدم الدليل على صحّة تلك الطريقة، وهي التفرُّد في كشف الواقعيات من الآيات والروايات»([77]).

وبناءً على هذا فقد تضاعفت أهميّة الاجتهاد الجمعي، وخصوصاً في وسط الفقهاء السنة([78])([79]).

 

(k)      طرق تطبيق الاجتهاد الجمعي

بشكلٍ عامّ هناك فرضان لتطبيق الاجتهاد الجمعي:

أـ الاجتهاد من قبل فريق من المجتهدين على أساس الاستنباط الجمعي.

ب ـ الاجتهاد الذي تتَّفق فيه آراء الفقهاء على مسألة واحدة، حيث يدعي بعض العلماء أن هذا النوع من الاتفاق يعتبر اجتهاداًجمعيّاً أيضاً، ويسمُّونه بالإجماع، والشهرة الفتوائية أو العملية([80]).

وبحثنا هنا هو استمرارٌ للقسم الأول (الاجتهاد الجمعي). وهذا القسم أيضاً يتصور بعدّة أشكال:

1ـ أن يجتمع المجتهدون دون أن يقسَّم العمل بينهم، ويتبادلوا الرأي حول مسألة فقهية، ولا يتفحَّص أيّ واحد منهم أيّ موضوع، أصالة أو تخصُّصاً، ويُبدوا رأيهم بمستوى واحد في جميع الأبواب الفقهية.

2ـ يقسَّم العمل بين المجتهدين على نحو يبحث كلّ مجتهد منفرداً في أحد أقسام الفقه بشكل تخصُّصي، وبعد التحقيق يطرح رأيه في مجمع الفقهاء، ويتعرَّض لنقد أدلة سائر الفقهاء.

3ـ يقسَّم العمل بين المجتهدين ـ كما في الشكل المتقدِّم ـ، لكنْ هنا يكون فريقٌ من المجتهدين في لجنة خاصّة يتبادلون الآراء، وبعد الفراغ من ذلك يطرحون الرأي النهائيّ في الشورى العامة للفقهاء. ومن هذه الطريقة ما عليه مجلس الشورى الإسلاميّ. لكنْ من الواضح أن هذه الطريقة لا يمكن العمل بها في مجلسٍ فقهيّ؛ لأنه ليس هناك جمع آراء في عملية الاستنباط.

 4ـ يكون كلّ واحد من المجتهدين مسؤولاً عن جمع قسم من مقدمات وأجزاء الاستنباط والاجتهاد، وبعد اجتماع المجتهدين الجامعين للشرائط يشرعون في بحث المسائل، ويقسَّم العمل بينهم، وكل واحد له قدرة علميّة في فرعٍ ما أكثر من غيره يتولّى فحص مسائل ذلك الفرع، كعلم اللغة أو الرجال.

والجدير بالذكر أن الشكل (1) هو الأكثر رواجاً بين فقهاء المسلمين، ويمكن أن يكون النموذج في المجامع العلمية للسنة والشيعة([81]).

والسؤال الذي يطرح هنا هو: على أيّ مبنى يجوز الرجوع إلى مجموعة من الفقهاء من حيث كونهم مجموعة؟ وهل يمكن الرجوع إلى جمعٍ من الفقهاء وتقليدهم؟

من إطلاق أدلة حجّية الفتوى في حق المقلِّد يمكن استنتاج أن الرجوعَ إلى فريق من المجتهدين من حيث المجموع واستفتاءَهم جائزٌ، وأما السؤال الأساس فهو: هل أن الاجتهاد من عوارض الشخص، وقائمٌ بالفرد؟ وهل يمكن أن يكون الاجتهاد من نتاج عمل فرد واحد؟أو هل أن الفرد هو وحده يمكنه التصدّي لعملية الاجتهاد أم أن هذا العمل يتسنّى أيضاً لجمعٍ من الفقهاء، ويتصف بوصف المجتهد، وينسب الاجتهاد بصورة جماعية لهم؟

وللإجابة عن هذا السؤال علينا أن نبحث في علاقة الاجتهاد والمجتهد في نظر الأصوليين. في الواقع نحن عندما ننسب صفة الاجتهاد إلى شخص، ونضع له عنوان مجتهد، فنحن نطلق عليه وصفاً عنوانيّاً، وفي اصطلاح الأصوليين حمل المشتقّ على الذاتي.

(l)        8ـ مبادئ المشتقّات

لمبادئ المشتقات حيثيات مختلفة في الكتب الأصولية؛ فأحياناً يكون مبدأ الاشتقاق من مقولة الأفعال، مثل: ضرب، وأكل؛ وأحياناً يكون من نوع الملكة، ففي هذه الصورة الذاتي هو الذي له هذه الملكة، واتصاف المشتقّ بتلك الحقيقة يكون صحيحاً، مثل: الطبابة؛ وأحياناً يكون مبدأ الاشتقاق من نوع الحرفة والصنعة، فما دام للفرد حرفة وصنعة، مثل: النجار، فإنه يصدق اتّصاف المشتقّ على الذات بنحو الحقيقة([82]).

إذاً يمكن القول: إن الأصوليين الذين عرفّوا الاجتهاد بصفته مَلَكة يعتبرون الاجتهاد صفة خارجة عن ذات المجتهد، والذين عرَّفوا الاجتهاد باستفراغ الوسع اعتبروا الاجتهاد من مقولات الفعل.

وهنا يأتي سؤال، وهو: هل من أجل أن يكون عنوان المشتقّ صحيحاً وحقيقياً نحمل المشتق على الذاتي، ولكي يكون هذا الحمل صادقاً يجب أن يكون مبدأ الاشتقاق في المشتق قائماً على فرد خاص، أم لا؟ أو بتعبير آخر: من أجل أن يصدق حمل المشتق على الذات بنحو حقيقيّ فهل يلزم أن يكون المبدأ قائماً بواسطة الذات؟

مثلاً: في خصوص لفظ (ضارب) هل يصح أن نقول: زيدٌ ضاربٌ أو أن عمل الضرب صار له قوام بواسطة المضروب؟

قال جماعة من الأصوليين بعدم اعتبار تقوُّم المبدأ بالذات([83])، وفي رأي هؤلاء فإنّ حمل المشتقّ على الذات يصدق عندما يكون مبدأ فعل ضرب قائماً بالمضروب، لا بالضارب([84]).

وبناءً على هذا الرأي لا يشترط أن يكون هناك شخصٌ معيَّن بعنوان ذات إنسانية في عنوان مجتهد، وإن كان للمبدأ ـ يعني الاجتهاد ـ ثمرات عينية حاصلة.

وبعبارة أخرى: في قوام مبدأ الاجتهاد وتحقُّق ذلك لا يشترط وجود شخص واحد إنساني، والاجتهاد لا يتقوَّم بفرد. وبناءً على هذا إذا اشترك الفقهاء في عمليات اجتهادية (استفراغ الوسع) من خلال مجمعٍ فقهيّ ففي هذه الصورة تظهر ثمرة الاجتهاد. وبين الأصوليين مَنْ يعتقد ـ كالآخوند الخراساني ـ أنه لكي يصدق حمل المشتقّ على الذات فإن المبدأ يجب أن يتقوَّم بواسطة الذات([85])، ومع ذلك فهو يعتقد أنه لا يشترط في الحقيقيّ تلبُّس الذات بالمبدأ([86]).

إذاً يمكن القول في صدق المشتق وحمله على الذات: لا يشترط اتّصاف حقيقيّ الذات بالمبدأ، بل يكفي صرف اتّصاف الذات بالمبدأ، حتى وإنْ كان هذا الاتصاف مجازياً، ففي هذه الحالة يستعمل المشتقّ بعنوان وصف في معنى حقيقيّ، لكن حمل المبدأ على الذات ليس بنحو حقيقيّ، بل يكون مجازيّاً.

إذاً يمكن القول: إن الاجتهاد الجمعي أيضاً نوعٌ من أقسام الاجتهاد، ومن هذا الاعتبار تكون له حجّية. وبناء على هذا نستنتج أن المجمع الفقهي إذا تلبَّس بالاجتهاد، وإنْ لم يكن حقيقيّاً، يصدق عليه إطلاق عنوان الاجتهاد. وإن الاجتهاد مع هذا المجمع له قوام وحجّة، ويمكن الاستنباط من خلال هذا المجمع.

(m)   النتيجة

ممّا تقدم يمكن استنتاج ما يلي: إذا عمل بطريقة الاستنباط الجمعي في مجمعٍ فقهيّ لمجتهدين جامعين للشرائط فإنه سيكون أرضيّة لحلّ المسائل الغامضة والشائكة التي نواجهها، ويمكن الاطمئنان للفتوى الصادرة عنه أكثر، ويمكن تقليد الفتوى الصادرة عن هذا المجمع، وفي هذه الحال تكون مجزية. وبشكل عام يمكننا القول: إن نظرية الاجتهاد الجمعي مبتنية على قبول التجزيء في الاجتهاد، وتقديم تعبير جديد لمفهوم الأعلمية في العالم المعاصر. وفي الواقع حتى لو قبلنا الأعلمية في التقليد فإنّ مفهوم ومصداق ذلك يتحقَّق بشكل أكبر في مجمع متكوِّن من مجتهدين جامعين للشرائط، يتبادلون فيه الآراء في مختلف الأبواب الفقهية. وكذلك إذا كنا نعتقد بأعلمية أحد فقهاء المجمع فإن الفقهاء الآخرين يكونون إلى جانبه بعنوان الذراع المقتدرة والفكر الرافد للمجتهد الأعلم، وهذا يساعد على رسوخ وشموخ الفقه الإسلامي.

ولا يخفى أن ما طرح في هذه المقالة لا يُعَدّ سوى نظرية، وتطبيقُ ذلك منوطٌ بتأييد كبار الفقهاء.

 

(n)  الهوامش

(*) أستاذ مساعد في قسم الفقه والحقوق الإسلامية في جامعة طهران (پرديس قم).

(**) ماجستير في الفقه والحقوق الإسلامية في جامعة طهران (پرديس قم).

([1]) نقل الشيخ الصدوق عن حريز أنه قال: سألت الإمام الصادق× عن الحلال والحرام؟ فقال: «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، لا يكون غيره، ولا يجيء غيره». (الحر العاملي، الفصول المهمة في أصول الأئمة 1: 631، ح1، مؤسسة معارف إسلامي إمام رضا×، قم، 1418هـ).

([2]) إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم أن تفرعوا (الحر العاملي، وسائل الشيعة 4: 18، مؤسسة آل البيت^، قم، 1409ـ 1412هـ).

([3]) محمد إبراهيم جناتي، فقه وزمان: 44، مؤسسة فرهنگي هنري إحياگران قم، 1385هـ.

([4]) محمود شهابي، أدوار فقه: 54، انتشارات دانشگاه طهران، طهران، 1352هـ ش.

([5]) محمد محمدي كيلاني، إمام راحل وفقه سنتي: 26، مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني، طهران، 1369هـ ش.

([6]) مرتضى شيرازي، شورى الفقهاء: 24، مؤسسة الفكر الإسلامي، بيروت، 1431هـ.

([7]) جمع من الكتاب، بحث حول المرجعية والروحانية: 61، مركز سهامي انتشار، طهران، 1361هـ ش.

([8]) المصدر السابق: 58.

([9]) الإمام الخميني، صحيفة نور 21: 218، مركز مدارك فرهنگي انقلاب إسلامي، طهران، 1361هـ ش.

([10]) مجموعة من الباحثين، آراء في المرجعية الشيعية: 584، تحقيق:  محمد صادق مزيناني، بيروت، 1994م.

([11]) انظر: محمد مهدي شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، بحث فقهي واستدلالي مقارن: 115، المؤسسة الدولية بيروت، 1998م.

([12]) الأنصاري، المكاسب 1: 340، مجمع الفكر الإسلامي، قم، 1380هـ؛ الشهيد الأول، القواعد والفوائد 1: 214، مكتبة الداوري، قم، بدون تاريخ.

([13]) انظر: السيد محمد باقر الحكيم، المرجعية الدينية: 367، نشر نقش، النجف الأشرف، 2005م.

([14]) الإمام الخميني، كتاب البيع 2: 465، نشر مهر، قم، بدون تاريخ.

([15]) السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى: 83، المسألة 57، المكتبة العلمية الإسلامية، قم، 1415هـ.

([16]) الشيخ جواد التبريزي، إرشاد الطالب إلى التعليق على المكاسب3: 38، إسماعيليان، قم، 1906م، 3: 38؛ السيد محمد باقر الحكيم، المرجعية الدينية: 275.

([17]) مجموعة من الباحثين، آراء في المرجعية الشيعية: 46.

([18]) الشيخ خليل رزق، الولاية والحاكمية عند الشيعة: 136، دار البلاغة، بيروت، الطبعة الأولى، 2002م.

([19]) في صحيحة الحسين بن أبي العلى: قلت لأبي عبد الله: تكون الأرض ليست فيها الإمام؟ قال: لا، قلت: يكون إمامان؟ قال: لا، إلا وأحدهما صامت. (الكليني، الكافي: 178، ح1، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، 1388هـ).

وجاء في علل الشرائع: من قوله× فإن قيل: فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك؟ قيل: لعلل كثيرة، منها: إن الواحد لا يختلف فعله وتدبيره، والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما. (الشيخ الصدوق، علل الشرائع: 254، المكتبة الحيدرية، النجف، 1386هـ).

([20]) الشهيد الأول، القواعد والفوائد 1: 320.

([21]) الشيخ محمد حسن النجفي الاصفهاني، جواهر الكلام 40: 100، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365هـ ش.

([22]) محمد مهدي شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، بحث فقهي واستدلالي مقارن: 25.

([23]) السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى: 17، مؤسسة آل البيت^، قم، بدون تاريخ.

([24]) محمد كاظم الخراساني، كفاية الأصول 2: 435، انتشارات كتابفروشي إسلامية، طهران، بدون تاريخ.

([25]) انظر: الإمام الخميني، تحرير الوسيلة 2: 508، دار المنتظر، بيروت، 1405هـ.

([26]) انظر: الحكيم، المرجعية الدينية: 21.

([27]) السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 659، قم، 1308هـ.

([28]) محمد حسين الأصفهاني، بحوث في الأصول: 54، انتشارات إسلامي، قم، 1351هـ.

([29])  اليزدي، العروة الوثقى 1: مسألة 17، المكتبة العلمية الإسلامية، قم، 1415هـ.

([30]) الأنصاري، رسالة صراط النجاة: 2، جمعها: محمد علي اليزدي، طهران، 1319هـ.

([31]) حميد شهرياري، شورى در فتوى (الشورى في الفتوى): 255، پژوهشگاه علوم وفرهنگ إسلامي، 1385هـ ش.

([32]) اليزدي، تكملة العروة الوثقى 2: 8، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1984م.

([33]) الخوئي، مصباح الأصول 2: 414، قم، المطبعة العلمية، 1395هـ.

([34]) محمد حسين الأصفهاني، بحوث في الأصول: 67، انتشارات إسلامي، قم، 1351 هـ.

([35]) السيد محمد الشيرازي، ؟؟؟: 12، دار العلوم، بيروت، الطبعة الثانية، 1407هـ.

([36]) المصدر السابق: 131؛ انظر: محمد حسين الأصفهاني، الفصول الغروية في الأصول الفقهية: 419، دار إحياء العلوم الإسلامية، قم، 1404هـ.

([37]) محمد كاظم الخراساني، كفاية الأصول 2: 161.

([38]) الأصفهاني، بحوث في الأصول: 66.

([39]) الشيخ خليل رزق، الولاية والحاكمية عند الشيعة: 142.

([40]) المصدر السابق: 143.

([41]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر 2: 219، القاهرة، 1966م؛ جبران مسعود، الرائد 1: 36، مؤسسة الأعلمي، بيروت، بدون تاريخ؛ فخر الدين الطريحي، مجمع البحرين 3: 23، المكتبة المرتضوية، طهران، 1386هـ.

([42]) سعيد الخوري، أقرب الموارد 1: 144، المطبعة اليسوعية، بيروت، بدون تاريخ.

([43]) ابن منظور، لسان العرب 3: 133، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ.

([44]) الجوهري، الصحاح 1: 457، دار العلم للملايين، بيروت، 1399هـ.

([45]) انظر: السيد المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة 2: 196، باهتمام: الدكتور أبو القاسم كرجي، انتشارات دانشگاه طهران، 1363هـ ش؛ الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام 2: 388، الطبعة الثانية، المكتب الإسلامي، دمشق، 1402هـ؛ محمد علي سائس، تاريخ الفقه الإسلامي: 37، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410هـ؛ محمد جواد مغنية، فقه الإمام الصادق: 378، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1987م.

([46]) أحمد نعمتي، قلمرو اجتهاد در ميان أهل سنت: 102، نشر إحسان، طهران، 1377هـ ش؛ السيد عبد اللطيف كساب، أضواء حول قضية الاجتهاد في الشريعة الإسلامية: 10، دون ذكر اسم المكان، 1404هـ.

([47]) السيد أبو القاسم الخوئي، الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد: 36، بقلم: غلام رضا عرفانيان يزدي، المطبعة العلمية، قم، 1411هـ.

([48]) الحاجبي، شرح مختصر الأصول: 420، بيروت، 1976م.

([49]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام 3: 193؛ إبراهيم الشيرازي، اللمع في أصول الفقه: 75، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405هـ.

([50]) الخراساني، كفاية الأصول 2: 528.

([51]) المصدر السابق: 529.

([52]) إنها ملكة يقتدر بها على استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من الأصل فعلاً أو قوة قريبة. (بهاء الدين محمد العاملي، زبدة الأصول: 115، مكتبة بصيرتي، قم، 1319هـ)

([53]) الإمام الخميني، الرسائل: 65، إسماعيليان، قم، 1358.

([54]) انظر: السيد محمد الموسوي البجنوردي وآخرين، ميزكرد اجتهاد شورائي، مجلة پـﮊوهشي پـﮊوهشكده إمام خميني، العدد 20: 4 ـ 6، 1382هـ ش.

([55]) محمد تقي الأصفهاني، هداية المسترشدين: 463، طبعة حجرية، بدون تاريخ.

([56]) جمع من الكتاب، بحث حول المرجعية والروحانية: 63، مركز سهامي انتشار، طهران، 1341هـ ش.

([57]) السيد محمد باقر الحكيم، المرجعية الدينية: 131.

([58]) ضياء الدين العراقي، نهاية الأفكار: 221، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، دون تاريخ.

([59]) انظر: السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 583.

([60]) الخراساني، كفاية الأصول 2: 427.

([61]) العراقي، نهاية الأفكار: 224.

([62]) السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى: 33.

([63]) النجفي الأصفهاني، جواهر الكلام 3: 34.

([64]) المحقق الداماد، المحاضرات (مباحث في أصول الفقه) 3: 375، تقرير: آية الله جلال الدين طاهري أصفهاني، نشر مبارك، أصفهان، 1382هـ ش.

([65]) محمد مهدي شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، بحث فقهي واستدلالي مقارن: 147.

([66]) روى أحمد بن عائذ عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق×: إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم، يعلم شيئاً من قضايانا، فاجعلوه بينكم قاضياً، فإني جعلته قاضياً. (الصدوق، من لا يحضره الفقيه 3: 2 ـ 3، ح3216، مؤسسة النشر الإسلامي، 1404هـ).

([67]) النجفي الأصفهاني، جواهر الكلام 40: 36.

([68]) الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 12: 7، منشورات جماعة المدرسين، قم، 1403هـ.

([69]) انظر: المصدر السابق.

([70]) الكليني، الكافي1: 67، ح7.

([71]) الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الاذهان 12: 10.

([72]) حسين علي منتظري، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية 2: 177، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، قم، 1408هـ.

([73]) شعبان محمد إسماعيل، الاجتهاد الجماعي ودور المجامع الفقهية في تطبيقه: 20، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1418هـ.

([74]) محمد إبراهيم جناتي، منابع اجتهاد: 78، مؤسسة كيهان، 1370هـ ش.

([75]) السيد محمد بحر العلوم، الاجتهاد، أصوله وأحكامه: 167، دار الزهراء للطباعة والنشر، بيروت، 1412هـ.

([76]) جمع من الكتّاب، بحث حول المرجعية والروحانية: 63.

([77]) السيد مصطفى الخميني، ولاية الفقيه، العوائد والفوائد، دروس الأعلام ونقدها: 53، الفائدة 94، مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني 1376هـ ش.

([78]) إذا أردنا أن نبحث في الاجتهاد الجمعي من حيث الأسلوب، ونعرف طرق تطبيقه، فإننا نرى له أثراً في غير الدين الإسلامي، حيث لجان الإفتاء المرتبطة بالبابا، فيكون البحث من داخل المسيحية. إن لجان الأساقفة تعمل في العقد الرابع من الجناح الحكومي لمقر البابا، وهي من حيث الهيكل متكونة من لجان خاصة، والتي أُسِّست بواسطة شورى الفاتيكان الثانية، وهذه اللجان تقسم إلى أعمال مهمة: المسائل المتعلقة بالحقوق واستقرار الأسرة، ومسائل الزواج، والأمور الاجتماعية، لجان لتفسير النصوص الفقهية والحقوقية والتعاليم الدينية. ومن مسؤوليات هذه اللجان إصدار فتوى بعد المشاورة، والتي تحال إلى الشورى، وبعد المداولة تصدر الفتوى التي هي ناتج مشاركة جميع أعضاء الشورى. لمزيد من المطالعة راجع المصادر التالية:

1.jean-yves lacoste- encyclopedia of christion theoloqy new york-2005\volume2\g-o\mafisterium\pp: 972-975.

  1. lbid\ volume 3\p-z\pop\1256-1258.

3.berard-l-morthaler(ofm)executive-editor he new catholic encyclopedia second edition-usa-2002 second \pontifical councils\480-483.

([79]) للمطالعة أكثر انظر: قطب مصطفى سانو، كتاب أدوات النظر الاجتهادي المنشور؛ شعبان محمد إسماعيل، كتاب الاجتهاد الجماعي؛ نادية شريف لعمري، كتاب الاجتهاد في الإسلام العمري؛ محمد هاشم الأيوبي، الاجتهاد ومقتضيات العصر؛ الشيخ محمد ناصر معهم، رسالة في الاجتهاد والتقليد؛ محمد مهدي الأصفي، كتاب الاجتهاد والتقليد وسلطات الفقيه وصلاحيته.

([80]) ناصر حسين الأسدي، شورى الفقهاء: 185، دار الصادق، بيروت، 1419هـ.

([81]) انظر: شعبان محمد إسماعيل، الاجتهاد الجماعي ودور المجامع الفقهية في تطبيقه: 198 ـ 201.

([82]) محمد رضا المظفر، أصول الفقه: 50، مركز انتشارات دفتر تبليغات إسلامي، قم، 1368هـ ش.

([83]) انظر: محمد حسين الأصفهاني، بحوث في الأصول: 62، انتشارات إسلامي، قم، 1351هـ.

([84]) الخراساني، كفاية الأصول 1: 76، انتشارات كتابفروشي إسلامية، طهران، بدون تاريخ.

([85]) المصدر السابق.

([86]) …السادس: الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على ذات حقيقة التلبس بالمبدأ حقيقة وبلا واسطة كما في الماء الجاري بل يكفي التلبس به ولو مجازاً ومع هذه الواسطة، كما في الميزاب الجاري، فإسناد الجريان إلى الميزاب وإن كان إسناداً إلى غيرها فهو له بالمجاز، إلا أنه في الإسناد، لا في الكلمة. (كفاية الأصول 1: 78).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً