أحدث المقالات

د. الشيخ صفاء الدين الخزرجي(*)

الخلاصة

يتركّز البحث في هذا المقال على دراسة فكرة الاثني عشر، ومراحل تطورها التأريخي والروائي قبل وبعد الإسلام، وكذلك تقديم دراسة تحليلية وافية ومبتكرة في أحاديث الخلفاء الاثني عشر، الواردة من طرق الفريقين بأسانيد صحيحة، وتقويم القراءات المقدّمة حولها في استنطاق دلالاتها وبيان القراءة الصحيحة منها.

المدخل

لا شَكَّ أن للأعداد، كالسبعة والسبعين والأربعين والمائة ونحوها، خصوصيات قد أُخذت في عالم التشريع والتكوين، وإنْ كنا نجهلها ولا نحيط بها، ومن تلك الأعداد الملفتة للنظر هو العدد اثني عشر (12)، فقد تكرر هذا العدد في العديد من الآيات والروايات، الأمر الذي يدل على خصوصية له، وقد ورد ذكره مقروناً بعدة ظواهر كونية، مثل: ظاهرة شهور السنة الاثني عشر، وظاهرة ساعات الليل أوالنهار الاثني عشر، وظاهرة العيون الاثني عشر التي انفجرت لموسى×، وعدد نقباء بني إسرائيل، والأسباط، وعدد حواريّي عيسى×، وغيرها. وقد رُوي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سأل النبيّ| فقال: يا رسول الله، وما عدّة الأئمة؟ فقال: «يا جابر سألتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه، عدّتهم عدة الشهور، وهي عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، وعدّتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران× حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وعدّتهم عدّة نقباء بني اسرائيل»([1])، وسأل أعرابيٌّ النبيّ|: يا رسول الله، كم عدد الأئمة بعدك؟ قال: «عدد الأسباط وحواريّي عيسى ونقباء بني اسرائيل»([2]).

والغرض من هذا الربط والتأكيد في الحديث على هذا التشبيه بعدّة الأسباط تارةً؛ وبالشهور أخرى؛ وبالحواريين ثالثة؛ وبالعيون رابعة، إنما هو من أجل تكريس فكرة الاثني عشر في الأذهان، حتّى لا يعتريها الغفلة والنسيان في أذهان المخاطبين. لكنْ يبقى السؤال عن سرّ هذا العدد؟ وعن فلسفة تحديد عدد الأئمة والأوصياء به، بحيث لا يزيدون ولا ينقصون؟ والحقيقة أن هذا ممّا لا سبيل إلى معرفته أو الإحاطة به، فهو نظير سائر الأعداد المأخوذة في مجال التشريع، كعدد أشواط الطواف، وعدد الركعات والسجدات والتكبيرات، وعدّة المرأة، ومسافة القصر، ونحو ذلك من التحديدات العددية، أو في مجال التكوين، كعدد حَمَلة العرش وعدد الأنبياء وعدد الشهور ونحو ذلك، فإنه لا يمكن القطع بشيءٍ في بيان وجه فلسفته، كما أنه لم يَرِدْ بذلك أثرٌ، ولكنّ المقطوع به أنه لحكمةٍ ما، وإنْ كنّا نجهلها، والله العالم بحقيقة الحال.

ومن جملة الأمور التي قد ورد النصّ القطعي بتحديدها بهذا العدد حصراً هو عدد الأئمة من أهل البيت^، الذين عيَّنهم النبيّ| من بعده للإمامة والخلافة، بحيث لا يزيدون ولا ينقصون عن هذا العدد أصلاً. والدراسة الماثلة هي للبحث أوّلاً: في أصل فكرة الاثني عشر، وتطوّرها التأريخي قبل وبعد الاسلام؛ وثانياً: في نصوص الاثني عشر المتواترة بين الفريقين، وتحديد المراد بهم.

سابقة البحث

 بالرغم من استفاضة الأخبار، بل تواترها، لدى الفريقين في أحاديث الاثني عشر، وذكرها في مصادرهم الأوّلية والثانوية، كما سيأتي تخريجها منها، إلا أنه قلمّا توجد دراسات علمية تحليلية وافية وجامعة لدراسة دلالاتها وبيان مقاصدها.

فقد اقتصر الأمر عند الجمهور على نقل الأحاديث في المصادر الروائية وشروحها فقط، ولم تدخل تراثهم الكلامي؛ لأنها لا تحمل دلالات عقائدية بالنسبة لهم، بالرغم من أنهم أجمعوا عند تفسير هذه الأحاديث على دخول خلافة الثلاثة فيها، وكونهم من جملة الاثني عشر المذكورين في هذه الأحاديث. كما أنها لم تَحْظَ بالعناية والاهتمام في جملة كتاباتهم المتأخّرة والمعاصرة، ولا في خطابهم الديني بشكلٍ عام. بل نجد ثمّة تغييب متقصّد لهذه الأحاديث، حتّى أنها تبدو غريبة في ثقافة المسلم المعاصر، فتراه لم يسمع بها في حياته؛ لأن التركيز ليس عليها، وإنما على أحاديث أخرى تخدم المرتكز العقائدي لديه، وأما مثل هذه الأحاديث فيتمّ حجبها وتغييبها؛ لأن ذكرها يحرج قائلها، ويدعوه لذكر المصداق، فيقع في ورطة العدد وعدم انطباقه على الخلفاء الأمويين، ولا العبّاسيين، فلا يبقى سوى الانتقائية والترجيح بلا مرجّح في تتميم القائمة واكتمال العدد، وهذا ما وقعت فيه تفاسيرهم لهذه الأحاديث، كما ستقف عليه مفصّلاً.

وأما الإمامية فقد تجاوزت هذه الأحاديث مصادرهم الروائية، لتدخل مصادرهم الكلامية، القديمة منها والمتأخرة؛ للاستدلال بها على إمامة الأئمة الاثني عشر^. وهذه هي نقطة الافتراق بين الإمامية والجمهور في شأن هذه الأحاديث. ولكنهم يشتركون معهم إلى حدٍّ كبير في عدم تعرُّض الدراسات لها، وعدم ذكرها في الخطاب الديني والثقافي العامّ، سوى نزرٍ يسير من البحوث المحدودة، التي سيأتي ذكرها تحت عنوان (موقف المدرستين تجاه النصوص)، وسيأتي هناك ما له نفعٌ في المقام أيضاً، فلا نكرِّر.

وهذا ما دعا إلى وضع هذه الدراسة؛ ليدور المحور الثاني منها في بحث أحاديث الاثني عشر سنداً ودلالة، وبيان مقاصدها ودلالاتها، وردّ الشبهات عنها، والبحث يقع أصل فكرة الاثني عشر في ثلاثة محاور:

المحور الأوّل: التطوّر التأريخي لفكرة الاثني عشر

إن من أهمّ القرائن على إمامة أهل البيت^ ـ كما سيأتي ـ هو الأحاديث المروية عن النبي| في أن الخلفاء بعده اثنا عشر. وقد طرح رسول الله| هذه الفكرة مرّات عديدة، وبذرها في أذهان المسلمين، وسعى إلى ترسيخها في عقولهم. وقد ورد بذلك نصوص عديدة بطرق كثيرة، سيأتي التعرّض لها، ويمكن أن نذكر عدّة مراحل تأريخية مرّت بها هذه الفكرة، كان آخرها ما صدر عن النبيّ| بشأنها:

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل خلق العالم

تحدَّثت روايات الفريقين عن أن هؤلاء الاثني عشر كانوا يمثِّلون حقيقةً من الحقائق الغيبية قبل هذا الخلق، ثم جاءت إلى هذا العالم في المرحلة اللاحقة ليكون لها دور الصدارة فيه، وذلك من أجل بيان فضلهم وشأنهم في النشآت السابقة على هذه النشأة، تمهيداً لقبول خلافتهم وتقديمهم فيها. وقد ورد بذلك النصوص، التي نشير إلى بعضها:

1ـ ما رواه القندوزي الحنفي، بسنده عن أمير المؤمنين×، عن النبيّ|، في حديث طويل في ليلة المعراج، قال فيه|: «…فقلتُ: يا ربّ، ومَنْ أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد، أوصيائك المكتوبون على سرادق عرشي، فنظرتُ فرأيتُ اثني عشر نوراً، وفي كلّ نورٍ سطراً أخضر عليه اسم وصيّ من أوصيائي، أوّلهم عليّ وآخرهم القائم المهديّ…»([3]).

2ـ روى الخزّاز القمّي، بسنده عن واثلة بن الأسقع، عن النبيّ قال: «لمّا عرج بي إلى السماء، وبلغت سدرة المنتهى، ناداني جلّ جلاله فقال لي: يا محمد، قلتُ: لبيك سيدي، قال: إنّي ما أرسلت نبّياً فانقضت أيامه إلاّ أقام بالأمر من بعده وصيّه، فاجعل عليّ بن أبي طالب الإمام والوصيّ من بعدك، فإنّي خلقتكما من نورٍ واحد، وخلقت الأئمة الراشدين من أنواركما، أتحبّ أن تراهم يا محمد؟ قلتُ: نعم، يا ربّ، قال: ارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثني عشر نوراً، قلتُ: يا ربّ، أنوار مَنْ هي؟ قال: أنوار الأئمّة بعدك، أمناء معصومون»([4]).

فهذه الأحاديث ـ وهي كثيرةٌ ـ تدلّ على نشأة نورية لهؤلاء الاثني عشر في مرحلةٍ سابقة على خلق هذا العالم.

المرحلة الثانية: مرحلة ما قبل الاسلام

 إنّ المتتبِّع لتأريخ طرح هذه الفكرة يجد أنها طرحت في الفكر الديني في الديانات السابقة على الإسلام. وهذا ما نوضِّحه من خلال النقاط التالية:

أوّلاً: إنّ أقدم وثيقة تأريخية تحدّثت عن فكرة الاثني عشر هي وثيقة العهد القديم أو نصّ التوراة، حيث ورد في سياق بشارة الله تعالى لخليله إبراهيم× بولده إسماعيل× ما نصّه: «قي ليشماعيل بيرختي اوتو قي هفريتي اوتو قي هربيتي بمئود شنيم عسار نسيئيم يوليد قي نتتيف لگوي گدول»([5]).

وتعريبه ما يلي: «وأمّا إسماعيل فقد سمعتُ لك فيه، ها أنا أباركه وأُثمره وأكثّره كثيراً جدّاً، واثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمّة كبيرة»([6]).

وقال ابن كثير: «وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: إن الله تعالى بشّر ابراهيم بإسماعيل، وأنه ينمّيه ويكثّره ويجعل من ذرّيته اثني عشر عظيماً»([7]).

دلّ هذا النصّ بوضوحٍ على وجود فكرة الاثني عشر في الديانة الإسلامية المستقبلية المبشّر بها في التوراة، هذا مع قطع النظر عن المصداق الخارجي لهذه الفكرة، سواء طبّقناها على أئمة أهل البيت^ أم على غيرهم من الخلفاء.

ولم تنفرد الإمامية بنقل هذا النصّ فقط، بل ذكره أيضاً بعض علماء الجمهور، كابن كثير، كما نقلنا عنه آنفاً، ونقله في موضعٍ آخر أيضاً، وإنْ نبَّه على عدم دلالته على ما تدَّعيه الشيعة من إمامة الأئمة الاثني عشر عندهم([8]). وهذا لا يضرّ بمقصودنا؛ لأننا لسنا هنا بصدد البحث المصداقي لفكرة الاثني عشر، وإنما بصدد إثبات أصل الفكرة أو الكبرى، وأما البحث المصداقي فهو متأخّرٌ رتبةً، وسيأتي بحثه مفصّلاً.

ونقل أبو الفتح الكراجكي(449هـ) عن نسخةٍ قديمة للتوراة، رآها عند بعض الرؤساء بمصر، فيها ما نصه: «وفي إسماعيل قد سمعتُ دعاك، وباركته وكثّرته جداً، ويلد كبيراً، واثني عشر عظيماً، وأعطيته شعباً جليلاً»([9]).

قال الكراجكي في تأريخ هذه النسخة: «وقد سألت أحد اليهود عن هذه النسخة من التوراة؟ فقال: هذه النسخة من التوراة التي كانت لليونانيين، وقلما توجد في أيدينا، ويقال لها: التوراة العتيقة»([10]).

وهناك نقلٌ آخر عن نسخة للتوراة، نقله أبو عليّ الطبرسي(القرن 6هـ) والعلامة المجلسي(11هـ)، ورد فيه التصريح باسم النبيّ محمد| وذكر الأئمّة من ذرّيته. قال الطبرسي «كانت بشارة موسى بالنبيّ| في السفر الأول من التوراة (وليشتمعيل شمتنح هنه يرختي أتو وهفرتي أتو وهربتي أتو بمادماد شنيم عاسار نسئيم بوالد؟ وأنا تيتولگري كادل وات برني هانيم)، وتفسيره بالعربية: إسماعيل قبلت صلواته وباركت فيه وأنميته وكثّرت عدده بولدٍ له اسمه محمد، يكون اثنين وتسعين في الحساب، وسأخرج اثني عشر إماماً من نسله، وأعطيه قوماً كثير العدد»([11]).

وقال المجلسي: «سمعتُ من جماعةٍ من ثقات أهل الكتاب أنه موجودٌ في توراتهم الآن: «وليشمعيل شمعتيك هينه برختي اوتو وهيفريتي اوتو وهيبريتي اوتو بماود ماود شنيم عاسار نسيئيم يوليدو نتيتو لكوي كدول»، وسمعتهم يترجمونه هكذا: ومن إسماعيل أسمعتك أني باركت إياه، وأوفرت إياه، وأكثرت إياه في غاية الغاية، اثنا عشر رؤساء يولدون، ووهبته قوماً عظيماً. أقول: الذي يظهر من الأخبار أن «مادماد» اسم محمد| بالعبرانية»([12]).

وروى الكنجي الشافعي، بسنده إلى أبي الطفيل، قصّة الشاب اليهودي ـ وكان من ولد هارون ـ الذي سأل أمير المؤمنين×، عن النبيّ|، كم إمام عدل بعده؟ فقال×: «يا هاروني، إنّ لمحمدﷺ من الخلفاء اثني عشر إماماً عادلاً، لا يضرهم مَنْ خذلهم، ولا يستوحشون لخلاف مَنْ خالفهم، وإنهم أرسى من الجبال الرواسي في الأرض»، قال: صدقت، والله الذي لا إله إلاّ هو، إني لأجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده، وإملاء موسى عمّي([13]).

وروى المجلسي ـ أيضاً ـ سؤال اليهودي لأمير المؤمنين×، قال: كم لهذه الأمة من إمامٍ؟ فقال×: «اثنا عشر إماماً»، قال: صدقت والله، إنه لبخطّ هارون وإملاء موسى([14]).

تنبيهان

1ـ إنّ لفظ (الشريف) أو (العظيم) معرّب (نسيئيم) العبرية، ولكن عرّبت أيضاً بمعنى (الإمام، الرئيس، الزعيم) ؛ لأنّ (نسيئيم) مذكّر بصيغة الجمع تعني (أئمة)؛ لإضافة (يم) إليها آخر الاسم، ومفردها (ناسي)([15])، أي الإمام أو الرئيس أوالزعيم.

وعليه، يكون معنى «شنيم عسار نسيئيم يوليد» هو «اثنا عشر إماماً يولد»، فلفظة «شنيم عسار» تعني «اثنا عشر»، ولفظة «عسار» تأتي في العدد التركيبي إذا كان المعدود مذكراً([16]).

2ـ إنّ المقصود بقوله: «ويلد كبيراً واثني عشر عظيماً»، الوارد في نقل الكراجكي، هو النبيّ|، وهو أكبر ولد إسماعيل قدراً، وأعظمهم ذكراً، وبه أعطى الله عزَّ وجلَّ إسماعيل شعباً، وهذا دليلٌ على أن الاثني عشر المذكورين بعد كبيرهم هم الأئمّة من آل محمد| لا أولاد المتقدّمين قبل وجود النبي|([17])، بل إنه قد صرّح باسم النبيّ| في نقل المجلسي المتقدّم، وذكر الأئمة من ولده^.

اعتراضان

قد يعترض على هذه القرينة باعتراضين:

الأوّل: إنّ التوراة، كما هو معلومٌ، منسوخة بشرع الإسلام، فلا يصحّ الاستناد إليها.

والجواب: إنّ النسخ إنما يكون في الأوامر والنواهي، دون الأخبار؛ لأنّ الأوامر والنواهي مقرونان بالمصلحة، فإذا اختلفت المصلحة في علم الله وتغيَّرت وجب الاختلاف في الأوامر والنواهي تبعاً، ووقع النسخ فيها، وأما الإخبار عن وقوعٍ فإنه إذا لم يقع المخبَر به صار الخبر كذباً، والله تعالى منزَّهٌ عن الكذب.

الثاني: إن التوراة قد اعتراها التحريف والزيادة والنقصان، فلا يحتجّ بها.

والجواب: إنّ التغيير المعترض للتوراة لا يتصوّر في الزيادة الدالّة على محمدة الإسلام وفضل نبيّه| وأهل بيته^، وإنما الواقع منهم حذف ما هذا سبيله، وزيادة ما ينفيه ويضادّه، فمتى ما وجدنا في أيديهم ما يدلّ على فضلهم^ علمنا أن الله قد صرفهم عن حذفه، وسخرهم لنقله؛ لطفاً للمستدلّ به، وإنْ كانوا حذفوا أمثاله وكتموا كثيراً ممّا عليهم الحجّة في الإقرار به، ولم تقتض المصلحة صرفهم عن حذف جميعه([18]).

ثانياً: نقل السيد ابن طاووس(664هـ) من تفسير السدّي ـ من قدماء مفسِّري أهل السنّة وثقاتهم ـ قال: «لمّا كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل×، فقال: انطلق بإسماعيل وأمّه حتّى تنزله بيتي التهامي ـ يعني مكّة ـ؛ فإني ناشر ذريته، وجاعلهم ثقلاً على مَنْ كفر بي، وجاعل منهم نبياً عظيماً، ومظهره على الأديان، وجاعل من ذريته اثني عشر عظيماً، وجاعل ذريته عدد نجوم السماء»([19]).

وما ذكره السدي هو رواية رواها ابن أبي جمهور قال: إن سندها صحيحٌ عن النبيّ|([20]).

وكلام السدي ناظر إلى المنقول عن التوراة؛ لمطابقته مضموناً.

ثالثاً: قال أبو الفتح الكراجكي: «أخبرنا القاضي أبو الحسن عليّ بن محمد السباط البغدادي قال: حدَّثني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيوب البغدادي الجوهري الحافظ قال: حدَّثنا أبو جعفر محمد بن لاحق بن سابق قال: حدَّثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: حدَّثني أبي، عن الشرقي بن القطامي، عن تميم بن وهلة المري قال: حدَّثني الجارود بن المنذر العبدي، وكان نصرانياً فأسلم عام الحديبية وحسن إسلامه، وكان قارئاً للكتب، عالماً بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر، بصيراً بالفلسفة والطبّ، ذا رأي أصيل ووجه جميل، أنشأ يحدِّثنا في أيام عمر بن الخطاب، قال: وفدْتُ على رسول الله| في رجالٍ من عبد القيس، ذوي أحلام وأسنان، وفصاحة وبيان، وحجّة وبرهان، فلمّا بصروا به| راعهم منظره ومحضره عن بيانهم، واعتراهم الرعداء في أبدانهم، فقال زعيم القوم لي: دونك مَنْ أممت بنا، أمّمه فما نستطيع أن نكلِّمه، فاستقدمت دونهم إليه، فوقفت بين يديه، فقلت: سلام عليك يا رسول، بأبي أنت وأمّي، ثم أنشأت أقول:

يا نبيّ الهدى أتتك رجالٌ *** قطعَتْ قردداَ وآلاً فآلا

جابت البيد والمهامة حتّى غالها *** من طوى السُّرى ما غالا

إلى قوله:

أنبأ الأوّلون باسمك فيها *** وبأسماء بعده تتلالا

قال: فأقبل عليّ رسول الله| بصفحة وجهه المبارك، شمت منه ضياء لامعاً ساطعاً كوميض البرق، فقال: يا جارود، لقد تأخّر بك وبقومك الموعد، وقد كنت وعدته قبل عامي ذلك أن أَفِدَ إليه بقومي، فلم آتِه، وأتيته في عام الحديبية، فقلت: يا رسول الله، بنفسي أنت، ما كان إبطائي عنك إلاّ جلة قومي أبطأوا عن إجابتي، حتّى ساقها الله إليك؛ لما أرادها به من الخير لديك. وأما مَنْ تأخَّر عنه فحظّه فات منك، فتلك أعظم حوبة وأكبر عقوبة، ولو كانوا ممَّنْ رآك لما تخلّفوا عنك.

وكان عنده رجلٌ لا أعرفه، قلتُ: ومَنْ هو؟ قالوا: هو سلمان الفارسي، ذو البرهان العظيم والشأن القديم، فقال سلمان: وكيف عرفته أخا عبد القيس من قبل إتيانه؟ فأقبلت على رسول الله|، وهو يتلألأ ويشرق وجهه نوراً وسروراَ، فقلت: يا رسول الله، إن قسّاً كان ينتظر زمانك، ويتوكّف إبانك، ويهتف باسمك وأبيك وأمك، وبأسماء لستُ أصيبها معك، ولا أراها في مَنْ اتّبعك، قال سلمان: فأخبرنا، فأنشات أحدِّثهم، ورسول الله| يسمع، والقوم سامعون واعون، قلتُ: يا رسول الله، لقد شهدت قسّاً، وقد خرج من نادٍ من أندية ياد إلى صحصح ذي قتاد، وسمر وعتاد، وهو مشتمل بنجاد، فوقف في أضحيان ليل كالشمس، رافعاً إلى السماء وجهه وإصبعه، فدنوتُ منه، فسمعته يقول: اللهم ربّ هذا السبعة الأرفعة، والأرضين الممرعة، وبمحمد والثلاثة المحامدة معه، والعليّين الأربعة، وسبطيه التبعة الأرفعة، والسريّ الألمعة، وسميّ الكليم الضرعة، والحسن ذي الرفعة، أولئك النقباء الشفعة، والطريق المهيعة، درسة الإنجيل، وحفظة التنزيل، على عدد النقباء من بني اسرائيل، محاة الأضاليل، نفاة الأباطيل، الصادقوا القيل، عليهم تقوم الساعة، وبهم تنال الشفاعة، ولهم من الله فرض الطاعة. ثم قال: اللهم ليتني مدركهم، ولو بعد لأي من عمري ومحياي، ثم أنشأ يقول:

أقسم قسٌّ قَسَماً *** ليس به مكتتِما

لو عاش ألفي عمر *** لم يلْقَ منها سَأَما

حتّى يلاقي أحمد *** والنقباء الحُكَما

هم أوصياء أحمد *** أكْرَم مَنْ تحت السما

يعمى العباد عنهم *** وهم جلاءٌ للعَمَى

لستُ بناسٍ ذِكْرَهم *** حتّى أحلّ الرخما

ثم قلتُ يا رسول الله: أنبئني أنبأك الله بخبرٍ عن هذه الأسماء التي لم نشهدها، وأشهدنا قسّ ذكرها، فقال رسول الله|: يا جارود، ليلة أُسري بي إلى السماء أوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ أن سَلْ مَنْ أرسلنا قبلك من رسلنا علامَ بُعثوا؟ فقلتُ لهم: علامَ بُعثتم؟ فقالوا: على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمة منكما، ثمّ أوحي إليّ أن التفت عن يمين العرش، فالتفتُّ، فإذا عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والمهديّ^ في ضحضاح من نورٍ يصلّون، فقال لي الربّ تعالى: هؤلاء الحجج لأوليائي، وهذا المنتقم من أعدائي، قال الجارود: فقال لي سلمان: يا جارود، هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور، فانصرفتُ بقومي وأنا أقول:

أتيتُك يا ابن آمنة الرسولا *** لكي بك اهتدي النهج السبيلا

فقلتَ، فكان قولك قول حقٍّ *** وصدقٍ، ما بدا لك أن تقولا

بصرتَ العمى من عبد شمسٍ *** وكلٌّ كان في عَمَه ضليلا

وأنبأناك عن قِسّ الأيادي *** مقالاً فيك ظلت به جديلا

وأسماء عمَتْ عنا فآلت *** إلى علمٍ وكنتُ به جهولا»([21]).

قال الكراجكي، بعد نقل هذا الخبر معلِّقاً: «وعلمُ قِسٍّ بحال رسول الله| قبل بعثته وبالأئمة الأوصياء صلوات الله من بعده، وعددهم، وأسمائهم، ومنزلتهم عند الله تعالى وعظم شأنهم، ما كان ليحصل له إلاّ بسماعه من أنبياء الله سبحانه وأوصيائهم صلوات الله عليهم، أو من صحيح الكتب وثابت الآثار المنقولة عنهم. وشهادة سلمان الفارسي رضي الله عنه بمثل ذلك ـ وقد كان معمِّراً ـ يؤكِّد ما ذكرناه، ويوضِّح ما قلناه، والحمد لله إذ كانت النصوص على ساداتنا صلوات الله عليهم متناظرة، وقد ذكرهم الله في الكتب السالفة، وأعلمت الأنبياء^ بهم الأمم الماضية، ونقل النصّ عليهم من رسول الله| المخالف والمؤالف»([22]).

وقد رواه أيضاً من أصحابنا ابن عيّاش، من طرق العامة، فقال: «ومن أتقن الأخبار المأثورة وغريبها وعجيبها، ومن المصون المكنون في أعداد الأئمة وأسمائهم من طريق العامة، هو خبر الجارود بن المنذر، وإخباره عن قسّ بن ساعدة»([23]).

أقول: قد ورد خبر قسّ الأيادي في مصادر الجمهور أيضاً، ولكن خالياً عن ذكر الأئمة^ وعددهم، وإنما اقتصر على البشارة بالنبيّ|. قال ابن كثير، بعد إيراد الخبر: «وأصله مشهورٌ. وهذه الطرق على ضعفها كالمتعاضدة على أصل القصة»([24]).

وقد يُقال: إنّ ما ذكرتموه خالٍ من الإلزام لغير الشيعة، فلا يصلح للاحتجاج عليهم؛ لأنه من منفردات مصادر الشيعة، فلا يصلح للقرينية.

والجواب على ذلك:

1ـ إنّ هذا الجزء لو كان وارداً لوحده لصحّ الاعتراض المذكور، ولكنْ مع وروده مقروناً بما في التوراة وخبر السدّي المتقدِّم عن تفسيره، فإنه لا يخلو حينئذٍ من عضد وتأييد للمطلوب.

2ـ إنّ الاستشهاد بهذا الجزء نافعٌ للشيعة أنفسهم في الاستدلال على مطلوبهم، كما هو واضحٌ.

3ـ إن ما ذكر من خبر قسّ هو جزء من مجموع القرينة الدالّة على المطلوب، لا جميعها.

المرحلة الثالثة: مرحلة ظهور الإسلام

وأمّا في زمن الإسلام فقد طرحت ونشطت هذه الفكرة بشكلٍ قويّ ومكثّف، وهي وإنْ لم تَرِدْ في المصدر الأول، وهو القرآن الكريم، إلا أنها وردت بشكلٍ متواتر وقطعي في السنّة الشريفة، حيث يعتبر الرسول الأعظم| هو المؤسِّس الأول لهذه الفكرة، الذي بذر بذورها في عقول ونفوس الصحابة، وقدّمها كنظرية لضمان مستقبل الرسالة، مهما كان المقصود بها من الناحية المصداقية.

ولذا تعتبر هذه الفكرة نقطة التقاء في الموروث الروائي لكلا الفريقين، حيث اتفقا على رواية نصوص الاثني عشر بما يفوق حدّ التواتر، كما سيأتي بحثه لاحقاً في البحث السندي، وإنما الخلاف بينهما يكمن في التطبيق وبيان المراد بها.

وطبقاً لنظرية الإمامة فإنّ فكرة الاثني عشر كما كانت حقيقة غيبية في عالم الأمر قبل عالم الخلق، فإنه لا بُدَّ من التخطيط الإلهي لتحقيقها ووجودها في هذا العالم أيضاً، وهذا ما يستلزم بحَسَب عالم المادة من وعاءٍ طاهر لوجودهم، ولذا كان زواج النور من النور في الأرض بأمر السماء، ولم يكن لأحدٍ في ذلك رأيٌ، حتى الرسول|، رغم كونه أبا الزهراء÷، وإنما الجميع تَبَعٌ للإرادة الإلهية ومنفِّذون للمخطَّط الإلهي. وفي هذا المجال روى ابنُ عيّاش، بسنده ـ من طريق الجمهور ـ عن الحسن، عن ابن أبي الحسن يرفعه قال: «أتى جبرئيل النبيّ|، فقال له: يا محمد، إن الله عزَّ وجلَّ يأمرك أن تزوِّج فاطمة من علي× أخيك، فقال له: يا عليّ، إني مزوِّجك فاطمة ابنتي سيّدة نساء العالمين، وأحبّهنّ إليَّ بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضرجون، المقهورون في الأرض من بعدي… عدّتهم عدّة أشهر السنة»([25]).

وعلى أيّ حال فإنّه يمكن تقسيم النصوص الواردة في هذه المرحلة إلى قسمين:

القسم الأوّل: النصوص الواردة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)

حيث بذل| جهوداً تأسيسية لتأصيل هذه الفكرة في أذهان المسلمين وفي ذاكرة الأمّة في مواضع عديدة. وقد سلك| في ذلك أساليب عديدة نشير إليها:

الأسلوب الأوّل: التمهيد التدريجي لتقبُّل هذه الفكرة

 وذلك من خلال ما يلي:

1ـ بيان الجانب الغيبي للفكرة قبل خلق هذا العالم، كما تقدَّم بيانه.

2ـ بيان كون هذه الفكرة تمثِّل قاعدة كلية وثابتة في حركة الأنبياء^. فقد روى ابنُ عياش، عن سلمان قال: دخلتُ على رسول الله| يوماً فلمّا نظر إليَّ قال: «يا سلمان، إنّ الله عزَّ وجلَّ لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشر نقيباً»، قال: قلتُ: يا رسول الله، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين([26]).

وعليه، فقد انطلقت هذه الفكرة من سنّةٍ ثابتة لدى الأمم السابقة، وليست هي بدعة جديدة في حركة الأنبياء والرسالات.

3ـ بيان أنّ هذه الفكرة كانت مطروحةً في الكتب السماوية السابقة، كما تقدّم رواية ذلك عن تفسير السدّي من مفسِّري الجمهور، حيث روى ذلك عن النبيّ|، وأن خبره كان مذكوراً في التوراة في قصّة أولاد إسماعيل×. كما ورد ذلك أيضاً في خبر سلمان السابق، حيث قال: لقد عرفت هذا من أهل الكتابين.

4ـ بيان ذلك للمسلمين والصحابة، كما يظهر ذلك من عشرات الأحاديث المرويّة عنه من الفريقين، وسيأتي نقل ألفاظه وصيغه، وتخريج طرقه، مثل: ما رواه البخاري، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلّهم من قريش»([27]).

مضافاً إلى ما ورد بطرقنا ممّا فيه توجيه الخطاب للصحابة. فقد رُوي عن النبيّ| قال: «معاشر أصحابي، إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، وباب حطّة في بني إسرائيل، فتمسَّكوا بأهل بيتي بعدي، والأئمة الراشدين من ذريتي، فإنّكم لن تضلوا أبداً، فقيل: يا رسول الله، كم الأئمّة من بعدك؟ فقال: اثنا عشر من أهل بيتي (أو قال:) عترتي»([28]). وقال|: «معاشر أصحابي، مَنْ أحبَّ أهل بيتي حشر معنا، ومَنْ استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى، فقام إليه أبو ذرّ الغفاري فقال: يا رسول الله، كم الأئمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرئيل، «فقال: كلّهم من أهل بيتك؟» قال: كلّهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين، والمهديّ منهم»([29]).

وبذلك يمكن القول بأنّ البيان النبوي قد أتمّ الحجّة كاملةً في بيان فكرة الاثني عشر؛ فتارةً نراه يبين الحيثيات الغيبيّة للقضية؛ وأخرى يبين الحيثيات التأريخية لها في الأمم والكتب السابقة، وأنها سنّةٌ وقانون كلّي عامّ فيها؛ وأخرى يبين المصاديق والمحدّّدات والمواصفات حتّى لا تستغلّ الفكرة.

الأسلوب الثاني: أسلوب العهد والوصية

 روى الخزّاز القمّي، بإسناده عن علقمة بن قيس، عن عليٍّ× أنه قال في خطبة له: «إنه لعهدٌ عهده لي رسول الله|: إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبي|: لمّا عرج بي إلى السماء نظرتُ إلى ساق العرش فإذا مكتوبٌ عليه: لا إله الإ الله، محمد رسول الله، أيَّدته بعليّ ونصرته بعليّ، ورأيت اثني عشر نوراً، فقلتُ: يا ربّ، أنوار مَنْ هذه؟ فنُوديت: يا محمد، هذه أنوار الأئمة من ذرّيتك، قلتُ: يا رسول الله، أفلا تسميهم لي؟ قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعده ابنه محمد يُدعى الباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يُدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يُدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يُدعى بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمد يُدعى بالزكيّ، وبعد محمد ابنه عليّ يُدعى بالنقيّ، وبعد عليّ ابنه الحسن يُدعى بالأمين (بالعسكري خ ل)، والقائم من ولد الحسين سميّي وأشبه الناس بي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً…، الحديث»([30]).

القسم الثاني: النصوص الواردة عن الأئمة (عليهم السلام)

وهي كثيرةٌ جدّاً، رووها عن النبيّ|، وسوف يأتي نقل بعضها. ومَنْ أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب (مقتضب الأثر)، لابن عياش؛ و(كفاية الأثر)، للخزّاز القمّي؛ و(منتخب الأثر)، للمحقق الصافي؛ وغيرها، حيث حرص أهل البيت^ على بثّ وترسيخ هذه الفكرة في ذاكرة الأمة بمختلف الطرق، حتّى العبادية منها، كذكرهم^ في سجدة الشكر وفي التعقيبات بعد الفرائض([31]). ونجد هذا الاهتمام ببثّ هذه الفكرة في حياة الأئمة الأوائل والمتوسطين أكثر من الأئمة المتأخّرين^؛ ولعل السرّ هو ترسُّخ الفكرة واستيفاء العدد.

وعلى أيّ حال فقد استمرّت هذه الفكرة في الأمة بعد النبيّ| من خلال تبنيها وروايتها من قبل أئمة أهل البيت^ والصحابة معاً، كما سيأتي بيان ذلك لاحقاً عند ذكر نصوص الأحاديث.

المرحلة الرابعة: مرحلة التدوين

 لقد شقَّت نصوص الاثني عشر طريقها إلى المجاميع الروائية وصحاح المسلمين وكذلك كتب علمائهم، وقاموا بدراستها وتحليلها وبيان المقصود بها، ممّا يعني استمرار وتفاعل هذه الفكرة في تراث المسلمين، وعلى أعلى المستويات، في الصحاح والمسانيد وشروحها.

المرحلة الخامسة: مرحلة الدراسة والبحث التحليلي

لم أقِفْ على دراسةٍ تحليلية وافية حول هذه الفكرة لدى الفريقين، سوى ما جمعه الشيخ لطف الله الصافي، في الجزء الأول من كتابه القيِّم «منتخب الأثر»، حيث جمع الروايات الواردة في ذلك ـ بمناسبة ورودها في الإمام المهديّ× ـ، وله عليها في آخر الكتاب بيانات تحليلية هامة، ولكنّها غير وافية بجميع جهات البحث؛ باعتبار أن الكتاب لم يوضع لهذا الغرض، بل لجمع الروايات الواردة في الإمام الثاني عشر×.

المرحلة السادسة: المرحلة الأخروية

تحدَّثت بعض الروايات عن حال الاثني عشر في الآخرة، وأنهم مع النبيّ| في محلٍّ واحد، كما كانوا معه نوراً واحداً قبل خلق الخلق. فقد سأل اليهودي في الرواية السابقة أمير المؤمنين× فقال: أين يسكن نبيّكم من الجنة؟ قال: «في أعلاها درجة وأشرفها مكاناً في جنّات عدن» قال: صدقت والله، وإنه لبخطّ هارون وإملاء موسى، ثم قال: فمَنْ ينزل معه في منزله؟ قال: «اثنا عشر إماماً»، قال: صدقتَ، وإنه لبخطّ هارون وإملاء موسى([32]).

اهتمام الصحابة والمسلمين بفكرة الاثني عشر

كما اهتمّ النبيّ| والأئمة^ من بعده بفكرة الاثني عشر، فقد اهتمّ بها أصحابهم أيضاً، من خلال الأسئلة المتكرّرة حول عدد الأئمة والخلفاء. فقد سأل عنها النبيَّ| أمثالُ: سلمان، وابن عبّاس، وأبو ذرّ، بل حتّى الإمام الحسن×، على صغر سنّه في عهد جدّه المصطفى|. وإليك بعض النماذج في ذلك:

1ـ عن أبي جعفر الثاني× أن أمير المؤمنين قال لابن عباس: «…ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله|، فقال ابن عباس: مَنْ هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي، أئمة محدّثون»([33]).

2ـ وعن الإمام الحسن× قال: «سألتُ جدّي رسول الله| عن الأئمّة بعده؟ فقال: الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل اثنا عشر، أعطاهم الله علمي وفهمي، وأنت منهم يا حسن…»([34]).

3ـ وعن الإمام الباقر× قال: …جاء المؤمنون إلى جدّي رسول الله| قالوا: يا رسول الله، تعرّفنا مَنْ الأئمة بعدك؟ فقال: «…أحد عشر إماماً من صلب عليّ، يكونون مع عليّ اثني عشر إماماً، كلّهم هداة لأمّتك»([35]).

4ـ عن حذيفه بن أُسيد قال: سمعتُ رسول الله| يقول على منبره:…، فقام إليه سلمان، فقال: يا رسول الله، ألا تخبرني عن الأئمة بعدك؟ أما هم من عترتك؟ فقال: «نعم، الأئمة بعدي من عترتي، عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين×، أعطاهم الله علمي وفهمي…»([36]).

5ـ وعن أبي ذرّ قال: …قلتُ: يا رسول الله، وكم الأئمة بعدك؟ قال: «عدد نقباء بني اسرائيل»([37]).

6ـ وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله|: «أنزلوا أهل بيتي بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس…»، فسألنا عن الأئمة؟ قال: «الأئمة بعدي من عترتي ـ أو قال: من أهل بيتي ـ، عدد نقباء بني إسرائيل»([38]).

7ـ وعن عبّاس بن سعد الساعدي، عن أبيه قال: سألتُ فاطمة صلوات الله عليها عن الأئمّة؟ فقالت: «سمعتُ رسول الله| يقول: الأئمة من بعدي عدد نقباء بني إسرائيل»([39]).

8ـ وعن أمير المؤمنين× قال: «قلتُ لرسول الله|: أخبرني بعدد الأئمة بعدك، فقال: يا عليّ، هم اثنا عشر، أوّلهم أنت وآخرهم القائم»([40]).

9ـ وعن ابن عبّاس قال:…، فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله، وما عدّة الأئمة؟ فقال: «يا جابر…، عدّتهم عدّة الشهور، وهي عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله…»([41]).

10ـ وعن أبي هريرة قال: كنتُ عند النبيّ|…، فقال له عليّ بن أبي طالب: «بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، مَنْ هؤلاء الذين ذكرتهم؟ قال: يا عليّ، أسامي الأوصياء من بعدك والعترة الطاهرة والذرّية المباركة»([42]).

11 ـ وعن سعيد جبير، عن عمّار بن ياسر، عن النبيّ| قال: «…واعلم يا عمّار أن الله تبارك وتعالى عهد إليَّ أن يعطيني اثني عشر خليفة، منهم عليّ، وهو أوّلهم وسيّدهم» فقلتُ: ومَنْ الآخرون يا رسول الله؟ قال: «الثاني منهم الحسن بن عليّ…»([43]).

12ـ وعن علقمة بن قيس قال: خَطَبنا أمير المؤمنين×…، فقام إليه رجلٌ يُقال له: عامر بن كثير، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد أخبرتنا عن أئمّة الكفر وخلفاء الباطل، فأخبِرْنا عن أئمّة الحقّ وألسنة الصدق بعدك، قال: «نعم، إنه لعهدٌ عهده إليَّ رسول الله|، أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين…»([44]).

13ـ وعن يحيى بن النعمان قال: كنتُ عند الحسين× إذ دخل عليه رجلٌ…، فقال: أخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول الله|، فقال: «اثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل»، قال: فسمِّهم لي…، فقال: «نعم…»([45]).

14ـ وعن أبي الكميت بن أبي المستهلّ، عن الباقر× قال: «…الأئمة بعد رسول الله| اثنا عشر، والثاني عشر هو القائم»، فقلتُ: يا سيدي، فمَنْ هؤلاء الاثنا عشر؟ قال: «أوّلهم عليّ بن أبي طالب…»([46]).

15ـ وعن يحيى بن زيد قال: سألتُ أبي عن الأئمة؟ فقال: «الأئمة اثنا عشر، أربعة من الماضين، وثمانية من الباقين، قلتُ: فسمِّهم يا أبه، فقال: أما الماضين فعليّ بن أبي طالب…»([47]).

ونتيجة لهذا التثقيف على فكرة الاثني عشر فقد وعاها العلماء من أصحاب الأئمة، وصاروا بصدد بثّها والمطالبة بتنفيذها وتطبيقها في واقع الأمّة. فقد ناشد بها ابن عبّاس يوم الشورى ـ كما رواه عنه ابن الحاجب برجاله ـ، فقال: كم تمنعون حقَّنا، وربّ البيت إنّ علياً هو الإمام والخليفة، وليمكن أئمة أحد عشر يقضون بالحقّ، أوّلهم الحسن…([48]).

المحور الثاني: نصوص الاثني عشر عند الفريقين

ويقع البحث في هذا المحور في عدة نقاط:

النقطة الأولى: مصادر الأحاديث

أـ مصادر أهل السنّة

روى كبار أئمة الحديث لدى أهل السنّة هذه الأحاديث في مصادرهم على اختلاف طبقاتها. ويمكن تصنيف هذه المصادر بلحاظ الطبقة والأهمّية إلى التالي:

أوّلاً: المصادر الأساسية (= الصحاح)

1ـ صحيح البخاري من ثلاثة طرق (كتاب الأحكام).

2ـ صحيح مسلم من تسعة طرق (كتاب الإمارة).

3ـ سنن أبي داوود من ثلاثة طرق (كتاب المهدي).

4ـ سنن الترمذي من طريق واحد (كتاب الفتن ـ باب ما جاء في الخلفاء).

ثانياً: المصادر الثانوية

1ـ مسند أحمد (وفيه 34 حديثاً).

2ـ مسند الطيالسي.

3ـ المعجم الكبير، والمعجم الأوسط، للطبراني.

4ـ تاريخ بغداد.

5ـ تاريخ ابن عساكر.

6ـ تيسير الوصول.

7ـ التاج الجامع للأصول.

8ـ الجامع الصغير.

9ـ منتخب كنز العمال.

10ـ مصابيح السنّة([49]).

وذكر يحيى بن الحسن بن البطريق، من عشرين طريقاً، أن الخلفاء بعد النبيّ| اثنا عشر خليفةً، كلّهم من قريش. وفي البخاري من ثلاثة طرق. وفي مسلم من تسعة طرق. وفي سنن أبي داوود من ثلاثة طرق. وفي سنن الترمذي من طريقٍ واحد، وفي مُسند الحميدي من ثلاثة طرق([50]).

وقال بعض المحقّقين: «اعلم أن الأخبار المتواترة الدالّة على أن الأئمة اثنا عشر مأثورة عن النبيّ| وأهل البيت من طرق الفريقين، وقد أخرج كثيراً منها جمع من أكابر علماء العامة، كأحمد بن حنبل في مسنده من خمس وثلاثين طريقاً، والبخاري ومسلم في الصحيحين، والترمذي، وأبي داوود، والطيالسي، والخطيب، وابن عساكر، والحاكم، وابن الديبع، والسيوطي، والمتقي، والبغوي، وابن حجر، والحميدي، والطبراني، والشيخ منصور عليّ ناصف، وأبي يعلى، والبزّار، وغيرهم»([51]).

ب ـ مصادر الشيعة

يمكن تصنيف مصادر الشيعة التي رَوَتْ هذه النصوص أيضاً إلى صنفين:

الصنف الأوّل: المصادر الخاصّة

وهي التي أفردها مؤلِّفوها لهذا الغرض بشكلٍ مستقلّ، وهي:

1ـ كتاب النصّ على الأئمة الاثني عشر بالإمامة، للشيخ الصدوق(381هـ)([52])، مفقود.

2ـ كتاب (مقتضب الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر)، للمحدِّث الشيخ أحمد بن عبيد الله بن عيّاش الجوهري(401هـ)، مطبوع.

3ـ كتاب (كفاية الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر)، للمحدِّث الشيخ أبي القاسم عليّ بن محمد بن عليّ الخزّاز القمّي (القرن 4هـ)، مطبوع.

4ـ كتاب (الاستنصار)، للشيخ الجليل محمد بن عثمان الكراجكي(449هـ)، مطبوع.

5ـ كتاب (الموازنة لمَنْ استبصر في إمامة الأئمة الاثني عشر)، لأبي بكر المؤدب(بعد 300هـ)([53]).

6ـ كتاب (الردّ على مَنْ أنكر الاثني عشر ومعجزاتهم)، لأبي الحسن محمد بن بحر الرهني([54]).

7ـ كتاب (صحاح الأثر في إمامة الاثني عشر)، لابن البطريق(600هـ)([55]).

8ـ كتاب (استقصاء النظر في إمامة الأئمة الاثني عشر)، لابن ميثم البحراني(679هـ)([56]).

9ـ كتاب (المقالات العالية في بيان الفرقة الناجية في إمامة الأئمة الاثني عشر)، للقمّي الشيرازي(1098هـ)([57]).

10ـ كتاب (الآل في إمامة أمير المؤمنين والأحد عشر من أولاده)، لابن خالويه(370هـ)([58]).

11ـ كتاب (مواهب سيد البشر في أحاديث الأئمة الاثني عشر)، لمحمد معين السندي من علماء الجمهور (معاصر).

12 ـ كتاب (منتخب الأثر / ج1)، للشيخ لطف الله الصافي (معاصر).

13ـ كتاب (الاثنا عشر في الشعر).

الصنف الثاني: المصادر العامّة

1ـ الغيبة (للنعماني).

2ـ كمال الدين (للصدوق).

3ـ الكافي (للكليني).

4ـ المناقب (لابن شهرآشوب).

5 ـ دلائل الإمامة (للطبري).

6ـ إثبات الرجعة.

7ـ الغيبة (للطوسي).

8 ـ الخصال (للصدوق).

9ـ إعلام الورى.

10ـ الردّ على الزيدية.

رواة النصوص عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)

روى هذه النصوص جملةٌ من أئمة أهل البيت^ وبعض أمّهات المؤمنين وكبار الصحابة. ونحن نذكر منهم ما يلي، حَسْب ما أحصيناه بالتتبُّع([59]):

أـ أئمة أهل البيت^:

1ـ الإمام أمير المؤمنين عليّ×.

2ـ الصدّيقة الطاهرة فاطمة÷.

3ـ الإمام الحسن×.

4ـ الإمام عليّ بن الحسين×.

5 ـ الإمام الباقر×.

6 ـ الإمام الصادق×.

7ـ الإمام العسكري×.

ب ـ زوجات النبيّ|:

1ـ أمّ سلمة.

2ـ عائشة.

ج ـ كبار الصحابة:

1ـ ابن عبّاس.

2ـ ابن مسعود.

3ـ أبو هريرة.

4ـ عمر بن الخطاب.

5 ـ أبو سعيد الخِدْري.

6ـ أبو أيوب الأنصاري.

7ـ عمّار بن ياسر.

8ـ حُذَيفة بن اليَمَان.

9ـ زيد بن ثابت.

10ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.

11ـ زيد بن أرقم.

12ـ جابر بن سمرة.

13ـ أنس بن مالك.

14ـ أبو ذرّ.

15ـ سلمان الفارسي.

16ـ عبد الله بن عمر.

17ـ عثمان بن عفّان.

18ـ واثلة بن الأسقع.

19ـ عمران بن الحصين.

20ـ سعد بن مالك.

21ـ أبو قتادة.

22ـ أسعد بن زرارة.

23ـ أبو الطفيل.

24ـ أبو أمامة.

25ـ شفي الأصبحي.

26ـ أبو جحيفة.

27ـ عبد الله بن أبي أوفى.

28ـ عبد الله بن عمر.

29ـ سعد بن مالك.

30 ـ أسعد بن زرارة.

المرويّ عنهم

رُوي هذا الحديث عن:

1ـ النبيّ|، وهو الأصل في هذا الحديث.

2ـ أئمّة أهل البيت^، بمعنى أنهم يستقلّون أحياناً بروايته، ولايسندونه إلى النبيّ|؛ وإنْ كان هو الأصل في ما يُروى عنهم، حتّى لو لم يصرِّحوا به، وقد تقدَّم ذكر الأئمة الذين رُوي عنهم هذا الحديث من أهل البيت^.

صيغ الحديث وألفاظه

قد ورد هذا الحديث بصيغ عديدة وكثيرة جدّاً، عن النبيّ|، وفي مواقف مختلفة، ممّا يدلّ على شدّة اهتمامه| بمضمونها، وإرادة ترسيخه في وجدان المسلمين. ولكي نقف على شطر من ذلك نذكر نماذج من صيغ الحديث، ولكنْ ننبِّه قبل ذلك إلى أمرين:

الأوّل: إنّ الكثير من هذه الصيغ، إضافة إلى اشتراك معانيها بين الفريقين، مشتركة الألفاظ بينهما أيضاً، كما سيتَّضح ذلك بعد قليلٍ.

الثاني: إنّ هذه الأحاديث يمكن تصنيفها إلى صنفين:

الصنف الأوّل: الأحاديث التي تنصّ على العدد فقط. وهذه بعضها ينصّ على العدد، كما يحدّد اسم الإمام الأوّل والأخير أيضاً؛ وبعضها يذكر جميع الأسماء الاثني عشر؛ وبعضها يذكر ـ إضافةً لذلك ـ مواصفاتهم من القرابة والعلم وغيرها؛ وبعضها يتحدَّث عن وجودهم في هذه النشأة فقط؛ وبعضها عن وجودهم في ما قبل هذه النشأة، وأنهم كانوا أنواراً، وأن أسمائهم كانت مكتوبةً حول العرش.

الصنف الثاني: ينصّ على أسماء الأئمة الاثني عشر، من دون ذكر العدد صريحاً.

ونحن نذكر كلا القسمين في روايات الفريقين:

أـ نصوص الاثني عشر في مصادر الجمهور

الصيغة الأولى: اثنا عشر أميراً

ما رواه البخاري، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «يكون اثنا عشر أميراً»، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: «كلُّهم من قريش»([60]).

ونقل ابن كثير عنه، بدل (أميراً): (خليفة)([61]).

وروى النعماني نحوه في الغيبة، عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ رسول الله| يقول: «يقوم من بعدي اثنا عشر أميراً»، قال: ثم تكلَّم بشيءٍ لم أسمعه، فسألتُ القومَ وسألتُ أبي، وكان أقرب إليه منّي، فقال: قال: «كلّهم من قريش»([62]).

الصيغة الثانية: اثنا عشر خليفة

1ـ ما رواه مسلم، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «إن هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة». قال: ثمّ تكلَّم بكلامٍ خفي عليّ، قال: فقلتُ لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش»([63]).

2ـ وما رواه مسلم أيضاً، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، ثم قال كلمةً…»([64]).

أو: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة»([65]).

3ـ وما رواه مسلم أيضاً، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «لا يزال هذا الدين قائماً حتّى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش»([66]).

4ـ وما رواه أحمد، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ|، في حجّة الوداع، قال: «إنّ هذا الدين لن يزال ظاهراً على مَنْ ناواه، لا يضرّه مخالفٌ ولا مفارقٌ، حتى يمضي من أمّتي اثنا عشر خليفة»([67]).

وروى نحوه الخزّاز القمّي الرازي، عن جابر بن سمرة قال: أتيتُ النبيّ|، فسمعتُه يقول: «إن هذا الأمر لن (لا خ ل) ينقضي حتّى يملك اثنا عشر خليفة»، وقال كلمةً خفيّة (خفيفة خ ل)، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: «كلّهم من قريش»([68]).

الصيغة الثالثة: اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل

ما رواه أحمد أيضاً، عن ابن مسعود، أنه سُئل: هل سألتم رسول الله عن كم يملك هذه الأمة؟ فقال: نعم، ولقد سألنا رسول الله|، فقال: «اثنا عشر كعدّة نقباء بني اسرائيل»([69]).

وروى نحوه الخزّاز القمّي، عن ابن مسروق قال: كنّا نحن عند عبد الله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه، إذ يقول له فتىً شابّ: هل عهد إليكم نبيكم| كم يكون من بعده خليفة؟ قال: إنك لحَدَث السنّ، وإنّ هذا شيءٌ ما سألني عنه أحدٌ قبلك. نعم، عهد إلينا من بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل([70]).

الصيغة الرابعة: اثنا عشر قيِّماً

ما رواه الطبراني، بسنده عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر قيِّماً، لا يضرّهم مَنْ خذلهم»([71]).

وأيضاً ما رواه الطبراني، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ| قال: «اثنا عشر قيِّماً من قريش، لا يضرّهم عداوة مَنْ عاداهم»([72]).

وروى نحوه ابن شهرآشوب، عن أنس قال: قال رسول الله|: «يكون منّا اثنا عشر خليفة، ينصرهم الله على مَنْ ناوأهم، لا يضرّهم مَنْ عاداهم…، الخبر»([73]).

الصيغة الخامسة: اثنا عشر عظيماً

وهي ما رواه السدّي ـ من مفسِّري الجمهور وثقاتهم ـ، عن رسول الله|، عن الوحي الأمين، قال: «لمّا كرهَتْ سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل×، فقال: انطلق بإسماعيل وأمّه حتّى تنزله بيتي التهامي ـ يعني مكّة ـ، فإني ناشر ذريته، وجاعلهم ثقلاً على مَنْ كفر بي، وجاعل منهم نبياً عظيماً، ومظهره على الأديان، وجاعل من ذرّيته اثني عشر عظيماً»([74]).

الصيغة السادسة: اثنا عشر من قريش

ما رواه عن النبيّ|: «لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»([75]).

وروى نحوه الطبرسي، عن أنس قال: قال رسول الله|: «لا يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر خليفة من قريش، فإذا مضوا ساخَتْ (ماجَتْ خ ل) الأرض بأهلها»([76]).

الصيغة السابعة: أوصيائي اثنا عشر

 ما رواه الجويني الشافعي، بإسناده عن ابن عبّاس، عن رسول الله| قال: «أنا سيد المرسلين، وعليّ بن أبي طالب سيد الوصيّين، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم^»([77]).

الصيغة الثامنة: الأئمة من بعدي اثنا عشر

ما رواه القندوزي الحنفي، بإسناده عن عليّ× قال: قال رسول الله|: «الأئمة بعدي اثنا عشر، أوّلهم أنت يا عليّ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله عزَّ وجلَّ على يديه مشارق الأرض ومغاربها»([78]).

الصيغة التاسعة: النصّ على أسماء الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)

ما رواه الجويني، بإسناده عن عليّ× قال: قال رسول الله|: «أنا واردكم على الحوض، وأنت يا عليّ الساقي، والحسن الرائد، والحسين الآمر، وعليّ بن الحسين الفارط، ومحمد بن عليّ الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبّين والمبغضين وقامع المنافقين، وعليّ بن موسى معين المؤمنين، ومحمد بن عليّ منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعليّ بن محمد خطيب شيعته ومزوّجهم الحور العين، والحسن بن عليّ سراج أهل الجنّة يستضيئون به، والمهديّ شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يأذن الله إلاّ لمَنْ يشاء ويرضى»([79]).

وروى الخاصّة نحوه، كما سيأتي.

الصيغة العاشرة: أسماء الاثني عشر في ليلة الإسراء

وروى الجويني أيضاً، بإسناده إلى أبي سلمى قال: سمعتُ رسول الله| يقول: ليلة أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلَّ جلاله: «…يا محمد، إني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من شبحٍ من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض… يا محمد، تحبّ أن تراهم؟ قلتُ: نعم، يا ربّ، فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفتُّ، فإذا بعليٍّ وفاطمة والحسين والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والمهديّ، في ضحضاحٍ من نورٍ، قياماً يصلّون، وهو في وسطهم كأنّه كوكبٌ درّي»([80]).

الصيغة الحادية عشر: اثنا عشر خليفة من بني هاشم

وروى القندوزي الحنفي، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة قال: كنتُ مع أبي عند النبيّﷺ، فسمعتُه يقول: «بعدي اثنا عشر خليفة»، ثم أخفى صوته»، فقلتُ لأبي: ما الذي أخفى صوته؟ قال: قال: «كلّهم من بني هاشم»([81]).

ملاحظاتٌ وتعليقات

هناك بعض الملاحظات حول هذه الصيغ نشير إليها:

الملاحظة الأولى: بالنسبة لرواية البخاري من المستَبْعَد جدّاً صدور مثل هذه الجملة المقتضبة جدّاً فقط: «اثنا عشر أميراً» عن متكلِّمٍ عادي، فضلاً عن مثل نبي الفصاحة|، الذي هو أفصح مَنْ نطق بالضاد! إذ أيّ فصاحةٍ تحتمل صدور مثل هذا الكلام من متكلّم عادي، فضلاً عن سيد الفصحاء؟! فالفصاحة هي أن تفصح عن تمام المراد، فإذا قال متكلِّم: (يكون اثنا عشر أميراً)، وسكت، لم يكن مفصحاً عن تمام مراده قطعاً، وكان المستمع منتظراً للإتمام. فكون الرواية مبتورةً هو المظنون قويّاً، إنْ لم يكن مقطوعاً به، ولا سيَّما مع ملاحظة باقي روايات الباب الخالية من مثل هذا البتر المستهجن. بل إنّ ابن العربي احتمل البتر في رواية الترمذي، التي هي أوضح حالاً وأتمّ معنىً من رواية البخاري، حيث ورد فيها إضافة لفظ (بعدي): «يكون بعدي اثنا عشر أميراً»([82])، ومع ذلك لم يستظهر منها معنىً محصّلاً فقال: (إنه لم يعلم للحديث معنىً، ولعلّه بعض حديث)([83]). وعلى أيّ حال فإنّ أقلّ ما يمكن احتمال وقوع السقط فيه من حديث البخاري هو كلمة (بعدي)؛ بقرينة حديث الترمذي، الذي وردت فيه هذه الزيادة.

الملاحظة الثانية: لماذا اقتصر البخاري ـ وهو أصحّ كتابٍ بعد كتاب الله عند القوم ـ على هذه الرواية المقتضبة، ولم يخرج غيرها ممّا أخرجه مسلم من تسعة طرق؟ فهل لم يصحّ عنده إلاّ هذه الرواية؟ أليس هذا أمراً مستغرباً جدّاً؟ إن هذا ممّا يثير التساؤل والتوقُّف والتأمُّل!

الملاحظة الثالثة: إن مقتضى الحال في مثل هذه الأحاديث ـ في خصوص الصحاح الستة ـ التي تتحدّث عن مستقبل الرسالة والأمة، وتحدِّد لهم عدداً معيناً من الحكّام والولاة، بحيث يكون مصير الأمة والدين منوطاً بهؤلاء، هو أن تتحدَّد أسماؤهم ومواصفاتهم بشكلٍ دقيق، حتّى لا يقع التشاحّ والتنازع، ولا سيَّما مع تعدُّد البطون في قريش، وإلاّ كان ذلك نقضاً للغرض من بيان فكرة الاثني عشر. وأدلُّ دليلٍ على ذلك هو وقوع الاختلاف بين العلماء في تحديد ومعرفة هؤلاء الاثني عشر. ولذا فإن مثل هذه الأحاديث يقوى الظنّ ـ لو لم نقل القطع ـ بوقوع سقطٍ فيها.

ثم على فرض أن النبيّ| لم يوضِّح ذلك، واكتفى ببيان العدد فقط، دون الأسماء، فلماذا لم يبادر الصحابة إلى السؤال عن أسماء هؤلاء، ويستعلموا عن هذه القضية الهامّة والمصيرية؟ ولا سيَّما أنهم سألوه عمّا هو أقلّ أهمّية من ذاك، حيث سألوه عمّا يحدث بعد هؤلاء. فهل يمكن أن يسألوا عمّا يقع بعد الاثني عشر، ولا يسألوه عن هوية هؤلاء الاثني عشر وعن أشخاصهم وأسمائهم وخصوصياتهم؛ دفعاً للاختلاف؟ فهل يعقل ذلك وينسجم مع المنطق القويم؟! لا شَكَّ أن عدم تعرُّض النبي| لبيان أشخاصهم، وسكوت المسلمين عن السؤال عنهم، يساوق لغوية الحديث وعدم جدواه، وهذا ما لا يفعله الحكيم الحريص على إيصال مقاصده إلى المخاطب.

ب ـ نصوص الاثني عشر في مصادر الإمامية

الصيغة الأولى: اثنا عشر من أهل بيتي

ما رواه الخزّاز القمّي، بسنده عن أبي سعيد الخِدْري قال: صلّى بنا رسول الله| صلاة (الصلاة خ ل) الأولى، ثم أقبل بوجهه الكريم علينا، فقال: «معاشر أصحابي، إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، وباب حطّة في بني إسرائيل، فتمسَّكوا بأهل بيتي بعدي والأئمة الراشدين من ذرّيتي؛ فإنكم لن تضلّوا أبداً. فقيل: يا رسول الله، كم الأئمة من بعدك؟ فقال: اثنا عشر من أهل بيتي (أو قال:) عترتي»([84]).

الصيغة الثانية: الأئمة بعدي اثنا عشر

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بسنده عن واثلة بن الأسقع، عن رسول الله| قال: «إن الأئمة (من خ ل) بعدي اثنا عشر، فمَنْ أحبهم واقتدى بهم فاز ونجا، ومن تخلَّف عنهم ضلَّ وغوى»([85]).

الصيغة الثالثة: الولاة من بعدي عليّ بن أبي طالب وأحد عشر

ما رواه ابن شهرآشوب، عن الباقر×، عن النبيّ| قال: «آمِنوا بليلة القدر؛ فإنه ينزل فيها أمر السنة، وإن لذلك الأمر ولاةً من بعدي: عليّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده^»([86]).

الصيغة الرابعة: الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي

ما رواه الصدوق، بسنده عن عليّ×، عن النبيّ| قال: «الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي، أعطاهم الله تعالى فهمي وعلمي وحكمتي، وخلقهم من طينتي، فويلٌ للمتكبِّرين عليهم بعدي، القاطعين فيهم صلتي. ما لهم؟ لا أنالهم الله شفاعتي»([87]).

الصيغة الخامسة: عليٌّ وأحد عشر من ولدي أولو الآيات

ما رواه الصدوق أيضاً، بسنده عن عليّ بن الحسين×، عن النبيّ| قال: «كيف تهلك أمّةٌ أنا وعليٌّ وأحد عشر من ولدي أولو الآيات (الألباب خ ل) أوّلها، والمسيح بن مريم آخرها؟ ولكنْ يهلك بين ذلك مَنْ لستُ منه وليس منّي»([88]).

الصيغة السادسة: الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل

ما رواه الخزّاز القمّي، عن أنس قال: صلّى بنا رسول الله| الفجر، ثم أقبل علينا فقال: «معاشر أصحابي، مَنْ أحب أهل بيتي حُشر معنا، ومَنْ استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى»، فقام إليه أبو ذرّ الغفاري، فقال: يا رسول الله، كم الأئمة بعدك؟ قال: «عدد نقباء بني إسرئيل»، فقال: كلّهم من أهل بيتك؟ قال: «كلّهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين، والمهديّ منهم»([89]).

الصيغة السابعة: هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن علقمة بن قيس، عن عليّ×، قال في خطبةٍ له: «إنه لعهٌ عهده لي رسول الله|: إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبيّ|: لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش، فإذا مكتوبٌ عليه: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ، ورأيت اثني عشر نوراً، فقلتُ: يا ربّ، أنوار مَنْ هذه؟ فنوديتُ: يا محمد، هذه أنوار الأئمة من ذريتك، قلتُ: يا رسول الله، أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعده ابنه محمد يُدعى الباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يُدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يُدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يُدعى بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمد يُدعى بالزكيّ، وبعد محمد ابنه عليّ يُدعى بالنقيّ، وبعد عليّ ابنه الحسن يُدعى بالأمين (بالعسكري خ ل)، والقائم من ولد الحسين، سميّي وأشبه الناس بي، يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً…، الحديث»([90]).

الصيغة الثامنة: الأئمة من بعدي اثنا عشر

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن سلمان قال: قال رسول الله|: «الأئمة بعدي اثنا عشر عدد الحول، ومنا مهديّ هذه الأمّة، له غيبة (هيبة خ ل) موسى، وبهاء عيسى، وحلم (حكم خ ل) داوود، وصبر أيوب»([91]).

الصيغة التاسعة: ذكر أسماء الأئمة تفصيلاً

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن أبي أيّوب الأنصاري قال: قال رسول الله|: «عليٌّ مع الحقّ والحق معه، وهو الإمام والخليفة بعدي، يقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل، وابناه الحسن والحسين سبطاي من هذه الأمة، إمامان إنْ قاما أو قعدا، وأبوهما خيرٌ منهما، والأئمة بعد الحسين تسعةٌ من صلبه، ومنهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمتُ في أوله، ويفتح حصون الإسلام. قلنا: فهذه التسعة مَنْ هم؟ قال: هم الأئمة بعد الحسين، خلفٌ بعد خلف. قلنا: فكم عهد إليك رسول الله| أن يكون بعده من الأئمة؟ قال: اثنا عشر. قلنا: فهل سمّاهم لك؟ قال: نعم، إنه قال|: لمّا عرج بي إلى السماء نظرتُ إلى ساق العرش، فإذا هو مكتوبٌ بالنور (لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، أيدته بعليّ، ونصرته بعليّ)، ورأيت أحد عشر اسماً مكتوباً بالنور على ساق العرش بعد عليّ، منهم: الحسن والحسين، وعلياً علياً علياً، ومحمداً محمداً ومحمداً، وجعفراً وموسى والحسن والحجّة. قلتُ: إلهي، مَنْ هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماءهم باسمك؟ فنُوديتُ: يا محمد، هم الأوصياء بعدك والأئمة»…، الخبر([92]).

الصيغة العاشرة: الأئمة بعدي اثنا عشر

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن سلمان قال: قال رسول الله|: «الأئمة بعدي اثنا عشر، ثم قال: كلهم من قريش، ثم يخرج قائمنا فيشفي (ويشف خ ل) صدور قوم مؤمنين. ألا إنهم عترتي من لحمي ودمي، ما بال أقوامٍ (قوم) يؤذونني (يؤذوني) فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي»([93]).

وما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن عمر بن الخطّاب: سمعتُ رسول الله| يقول: «الأئمة من بعدي اثنا عشر، ثمّ أخفى صوته، فسمعتُه يقول: كلّهم من قريش»([94]).

الصيغة الحادية عشر: الأئمة من بعدي اثنا عشر من صلب الحسين (عليه السلام)

ما رواه الخزّاز القمّي أيضاً، بإسناده عن عثمان بن عفّان قال: سمعتُ رسول الله| يقول: «الأئمة من بعدي اثنا عشر من صلب الحسين، ومنا مهديّ هذه الأمّة، مَنْ تمسّك من بعدي بهم فقد استمسك بحبل الله، ومَنْ تخلّى منهم فقد تخلّى من الله»([95]).

الصيغة الثانية عشر: اثنا عشر محدَّثاً

ما رواه الصفّار، عن أبي جعفر× قال: قال رسول الله|: «من أهل بيتي اثنا عشر محدَّثاً»([96]).

نكتفي بهذا القَدْر من الأحاديث، وهي كثيرةٌ جدّاً جدّاً. وليس ما نقلناه سوى نزرٍ يسير منها؛ من أجل الاطّلاع، والتفصيل في محلّه([97]).

مقارنة بين صيغ الحديث لدى الفريقين

هناك نقاط اشتراك بين صيغ الحديث لدى الفريقين؛ وهناك نقاط افتراق بينهما. فأمّا نقاط الاشتراك فهي ما يلي:

أوّلاً: إطباق الأحاديث ـ بما يفوق حدّ التواتر، وفي جميع المصادر الأساسية وغيرها لدى الفريقين ـ على أنّ النبي| حدَّد الأئمة من بعده بعددٍ منضبط، لا يزيد ولا ينقص، وهو اثنا عشر. ولم تختلف هذه المصادر في تحديد هذا العدد إطلاقاً. وهذه نقطةٌ مهمّة وأساسية في البحث يجب الالتفات إليها.

ثانياً: تحديد هؤلاء الأئمة الاثني عشر بأسمائهم في مصادر الفريقين. نعم لم يَرِدْ ذلك في المصادر الأساسية، وهي الصحاح، ولكنّ هذا لا يعني سقوطها عن الاعتبار، ولا سيَّما مع اعتضادها بورود مضمونها في مصادر الخاصّة بشكلٍ متواتر، وكذلك اعتضادها أيضاً بعدم صحّة شيءٍ من التفاسير المذكورة لأحاديث الاثني عشر في المدرسة السنّية، على ما سيأتي ذكره، فينحصر تفسيرها حينئذٍ بما ورد في هذه النصوص خاصّة؛ صوناً لكلام المعصوم| عن اللغوية، وكذلك اعتضادها بالواقع التأريخي لآل البيت^، المشهود لهم بين المسلمين بسيرتهم العلمية والعملية، ممّا يجعلهم الأجدر بالإمامة، حتّى لو قطعنا النظر عن النصّ.

ثالثاً: اشتراك بعض الأحاديث في الكلام عن الجانب الغيبي أو ما قبل هذه النشأة المادّية بالنسبة إلى وجود الأئمة الاثني عشر^ وأسمائهم في عالمٍ سابق.

وأما نقاط التمايز والافتراق في نصوص الفريقين فهي عبارةٌ عن:

أوّلاً: تحديد أسماء الأئمة في كثيرٍ من مصادر الخاصّة؛ في حين ورد ذلك في بعض مصادر الجمهور، وليس في جميعها، ولا سيَّما الصحاح الستّة.

ثانياً: ورود تحديد صفاتهم ونسبهم ومشخّصاتهم في أكثر مصادر الخاصّة؛ في حين ورد ذلك في بعض مصادر الجمهور.

عدد النصوص

يصعب ضبط عدد النصوص الواردة في الأئمة الاثني عشر على وجه الدقّة؛ وذلك لكثرتها. إلا أن المؤكَّد أنها تجاوزت العشرات وبلغت المئات. وبهذا تكون قد تخطت حدّ التواتر وبلغت أقصاه؛ إذ قد روى ابن عيّاش(401هـ) العشرات منها. ومثله الخزّاز القمّي الرازي(من علماء القرن 4هـ)، وقد قسَّم كتابه هذا على أبوابٍ، جمع في كل بابٍ منها ما رواه صحابة رسول الله| من أحاديث الاثني عشر، كابن عبّاس وابن مسعود وأبي سعيد الخِدْري وأبي ذرّ وسلمان وحذيفة وعمّار بن ياسر وجابر بن سمرة وأنس بن مالك وأبي هريرة وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وأبي واثلة بن الأسقع وأبي أيّوب وحذيفة بن أسيد وأبي قتادة وغيرهم من الصحابة. كما خصّص ابن عيّاش أبواباً أخرى لأئمة آل البيت، الذين روَوْا هذه الأحاديث عن النبيّ|، أو رُويت عنهم.

وعلى أيّ حال فقد تتبَّع المحقِّق الصافي هذه النصوص في هذه المصادر، وسواها من كتب الفريقين، وجمعها في كتابه «منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر»، فبلغت الـ (323) حديثاً([98]).

وإليك إحصائية بمضامين هذه الأحاديث ومداليلها، حَسْب ما ذكره الشيخ الصافي:

1ـ النصوص الدالّة على أن عدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل أو الأسباط أو حواريّي عيسى: (42) حديثاً.

2ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، وأوّلهم عليّ×: (179) حديثاً.

3ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، آخرهم المهديّ×: (130) حديثاً.

4ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، أوّلهم عليّ× وآخرهم المهديّ×، بهذا اللقب أو بغيره من ألقابه: (109) حديثاً.

 5ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، تسعة منهم من صلب الحسين×: (160) حديثاً.

6ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين والمهديّ’: (121) حديثاً.

7ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، والمهدي تاسعهم قائمهم^: (115) حديثاً.

8ـ النصوص الدالّة على أنهم^ اثنا عشر، بأسمائهم وأوصافهم وألقابهم، واحداً بعد واحدٍ إلى المهدي×: (71) حديثاً([99]).

النقطة الثانية: البحث السَّنَدي

من الجهات الضرورية في البحوث الروائية التركيز على البحث السَّنَدي. إلاّ أنّ الحاجة إنما تمسّ إلى ذلك عادةً فيما لو كانت الأخبار مرويةً بطريق الآحاد، وكانت ظنية الصدور، بحيث ينحصر الطريق إلى تصحيحها بدراسة السند؛ وأما لو لم تكن كذلك، كما في المقام، فلا ضرورة للبحث في أسانيد هذه نصوص؛ وذلك لسببين:

الأوّل: تواترها تواتراً معنوياً، إنْ لم يكن لفظيّاً أيضاً، بما يفيد القطع بالصدور، حتّى لو اشتملت على بعض الضعاف.

الثاني: ورودها في الصحاح، كالبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة، بما يصحّ إلزام المخالِف به.

ومن هنا لم يناقِشْ أحدٌ من علماء الفريقين في أسانيدها، بعد ورودها في الصحاح بهذه الكثرة الكاثرة، التي بلغت حدّ التواتر([100])، وإنما وقع البحث في تأويلها وتفسيرها.

نعم، ادّعى بعض الباحثين المعاصرين، وهو الشيخ محمود أبو رية، أن هذه الأحاديث مختلقة، وذلك عندما قال: «وإليك بعض ما جاء في الخلفاء الاثني عشر لكي تقف على ناحية من نواحي الاختلاق في رواية الحديث»، ثم سرد بعض تلك الأحاديث، إلا أنه لم يبيِّن وجه الاختلاق فيها، لكنه ذكر بعده حديث سفينة ـ الآتي ـ الدالّ على كون الخلافة بعد الرسول| ثلاثين عاماً، وبعدها الملك([101]).

أقول: لعلّ السبب في رميه هذه الأحاديث بالاختلاق هو معارضتها لحديث سفينة أوّلاً، وعدم وجود تفسيرٍ صحيح لهذه الأحاديث عند القوم وحيرتهم فيها ثانياً. فإنْ كان هذا هو السبب عنده فإنه يَرِدُ عليه:

أوّلاً: إن وجود المعارض لا يعني إسقاط المعارض الآخر ورميه بالاختلاق، كما هو مقرَّر في علم الأصول؛ لأن وجود معارضٍ شيءٌ ورميه بالاختلاق شيءٌ آخر؛ إذ كلٌّ من هذين المتعارضين حجّةٌ حَسْب الفرض، فهنا إمّا يتمّ الجمع بينهما، وإما يرجّح أحدهما على الآخر بأحد المرجِّحات.

ثانياً: إن عدم وجود تفسير صحيح للحديث لا يسوِّغ إسقاطه من الأصل، بعد وروده في مصادر المسلمين مستفيضاً، إنْ لم يكن متواتراً.

فإنْ كان السبب في رميه الأحاديث بالاختلاق ما ذكرناه فتلك مصيبةٌ، وإنْ لم يكن السبب ذلك فالمصيبة أعظم؛ لأن باب القدح في الأحاديث إذا فُتح ورُميت الأحاديث بالاختلاق من غير وجهٍ لم يستقرّ حجرٌ على حجر، ولذهبت السنّة. وإنّ العجب لا ينقضي من كلام هذا الباحث، الذي كتب في تنقية السنّة الشريفة، كيف يزلّ مثل هذه الزلّة؟! لكنّ عدم الموضوعية في البحث تؤدّي إلى مثل هذه السَّقَطات العلمية؛ لأنه كان بصدد نفي أحاديث الإمام المهديّ×، الوارد بعضها في سياق أحاديث الأئمة الاثني عشر، فانتهى به الأمر إلى مثل هذه النتيجة الغريبة في إنكار أحاديث مسلَّمة في الإمام المهدي× وفي الأئمة الاثني عشر!

وعلى أيّ حالٍ ففي ما يلي كلمات بعض الأعلام في صحّة هذه الأخبار وتواترها، بما يغني عن تفصيل البحث في أسانيدها:

1ـ قال الفضل بن روزبهان (القرن 10هـ)، من علماء الجمهور: «ما ذكر من الأحاديث الواردة في شأن اثني عشر خليفة فهو صحيحٌ ثابت في (الصحاح) من رواية جابر»([102]).

2ـ وقال الترمذي، بعد نقل حديث: «يكون من بعدي اثنا عشر أميراً…»، ما نصّه: «هذا حديثٌ حسن صحيح»([103]).

3ـ وقال إبراهيم بن نوبخت(320هـ): «القول في إمامة الأحد عشر بعده (أي بعد عليّ×) نَقْلُ أصحابنا متواتراً النصّ عليهم بأسمائهم من الرسول| يدلّ على إمامتهم، وكذلك نقلُ النصّ من إمامٍ على إمام، وكتب الأنبياء سالفاً يدلّ عليهم، وخصوصاً خبر مسروق يعترفون به»([104]).

4ـ وقال العلاّمة القندوزي الحنفي: «إن الأحاديث على كون الخلفاء بعده| اثنا عشر قد اشتهرت من طرقٍ كثيرة»([105]).

5ـ وقال الشيخ المفيد، في معرض كلامه عن إمامة الأئمة الاثني عشر: «الدليل على ذلك أن النبيّ| نصّ عليهم نصّاً متواتراً بالخلافة، مثل: قولهﷺ للحسين: ابني هذا إمام، ابن إمام، أخو إمام، أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»([106]).

6ـ وذكر الشيخ الصدوق أن حديث الاثني عشر مشهورٌ مستفيض، وتلقّاه طبقات الإمامية بالقبول([107]).

7ـ وقال الشيخ الطوسي: «إن متنه متكثّر الطريق متناً، مستفيض الإسناد سنداً، في أصولهم الصحاح»([108]).

8ـ وقال ابن شهرآشوب: «إنّ هذه الأحاديث متواترةٌ تواتراً معنوياً، وإنْ كان فيها خبر آحاد. ثم إن أهل البيت^ أجمعوا عليها، وإجماعهم حجّة»([109]).

9ـ وقال العلاّمة الحلّي: «إمامة باقي الأئمة× فهي ظاهرةٌ بعد إمامة عليّ×؛ وذلك من وجوه: أحدها: النصّ المتواتر عن النبيّ| على تعيينهم، ونصبهم أئمّةً، فقد نقل الشيعة بالتواتر أن النبيّ| قال للحسين×: هذا ابني إمام، ابن إمام، أخو إمام، وإمام أبو أئمّة تسعة، تاسعهم قائمهم. وغير ذلك من الأخبار المتواترة»([110]).

10ـ وقال الشيرازي القمّي: «إنّه تواتر عن النبيّ| أنّه نصّ على عليٍّ، وعنه على الحسن، وعن الحسن على الحسين، وهكذا إلى قائمنا الحجّة صلوات الله عليهم. ورواه الشيعة مع كثرتهم في كلّ زمان وانتشارهم وتفرّق بلادهم. والعقل حاكم بعدم الداعي على مثل هذا الأمر؛ لانتشار بلادهم وتباعد أوطانهم وشوكة أعدائهم»([111]).

11ـ وقال أبو الحسن الشعراني: «ممّا اتّفقت عليه أحاديث العامّة والخاصّة، وليس ممّا فيه الجعل، ولا داعي إلى جعله، لا في العامّة، وهو ظاهرٌ، ولا في الخاصّة»([112]).

12ـ وقال الشيخ الصافي: «أحاديثه تقع في سلسلة الأحاديث المتواترة التي تنصّ على نظام الإدارة والحكم بعد النبيّ|»([113]). وقال أيضاً: «إن الروايات على عدد الأئمة الاثني عشر من طرق العامّة أيضاً متواترةٌ»([114]).

النقطة الثالثة: البحث الدلالي

أـ الدلالات الأساسية في النصوص

وردت جملةٌ من المضامين والدلالات الأساسية في هذه النصوص ـ الواردة من طريق الفريقين ـ، ونحن نشير إليها:

1ـ حصر عدد الأئمة بالاثني عشر حصراً دقيقاً، بلا زيادة أو نقصان. والملاحظ لهذه الأحاديث يجد أنها حرصت حرصاً كبيراً على بيان هذا العدد، والتركيز عليه وترسيخه ببيانات عديدة؛ فتارةً تذكره مباشرة، وأخرى من خلال تشبيهه بعددٍ معروف، كعدد الأسباط أو عدد النقباء أو الحواريّين أو الشهور أو العيون التي انفجرت لموسى×؛ وذلك من أجل ترسيخه في الأذهان؛ وثالثةً من خلال ذكر نفس المعدود، أي ذكر أسماء الأئمة^، بلا تعرُّض للعدد تارةً أو مع العدد أخرى؛ ورابعةً من خلال ذكر بعض المعدود وتمام عدّة الباقين من العدد، كالتسعة من ذرّية الحسين×، أو أن زين العابدين أبو أئمّة ثمانية؛ وخامسةً تحدِّد العدد مع ذكر اسم أوّلهم، وهو عليّ×، وآخرهم، وهو المهديّ×؛ وهكذا([115]).

2ـ التحديد الدقيق لأسماء الاثني عشر، وأنّ أولهم عليّ وآخرهم المهديّ’، كما ورد في بعضها.

3ـ إضافةً إلى تحديد الأسماء بشكلٍ دقيق، ورد تحديد مواصفاتهم العلمية والنسبية بشكلٍ دقيق أيضاً، مثل: كونهم من قريش، أو من بني هاشم، أو من أهل البيت؛ وذلك خروجاً بالفكرة من الإطار الكلّي العامّ إلى بيان المصداق الخارجي الدقيق.

4ـ وصفهم بالأئمة([116])، أو الخلفاء([117])، أو الأمراء([118])، أو المحدَّثين([119])، أو النقباء([120]).

5ـ إنّ عزّة الإسلام ومنعته منوطةٌ بخلافة الاثني عشر خليفة.

هذه هي المضامين الأساسية والعناصر الرئيسة التي تكرَّر ذكرها في عشرات النصوص الواردة من طريق الفريقين في هذا المجال.

المؤيّدات الخارجية لصدور أحاديث الاثني عشر

 إن هذه الأحاديث، إضافةً لاعتبارها السندي، مؤيَّدةٌ مضموناً بالآيات والروايات الأخرى، التي تعتبر شواهد صدق وقرائن خارجية حقّة تدلّ على صدور هذا الحديث وصحّة مضمونه. وبالنتيجة جميع هذه الأحاديث تعبِّر عن حقيقة واحدة، ولكنْ تمّ بيانها بأشكال متعدّدة. وهذا ما اعترف به بعض المنصفين من علماء الجمهور، حيث قال: «ويؤيِّد هذا المعنى ـ أي أن مراد النبيّ| الاثنا عشر من أهل بيته ـ ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثِّرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها»([121]). وعلى أيّ حالٍ فلنذكر شيئاً من هذه الشواهد:

1ـ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ (الرعد: 7). فالآية تؤكِّد مضمون أحاديث الاثني عشر، الدالّ على استمرار الإمامة والخلافة حتّى قيام الساعة. ويؤيِّد هذا ما رواه السيوطي في تفسير هذه الآية، قال: «وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجّار، قال: لمّا نزلت: ﴿إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ وضع رسول اللهﷺ يده على صدره، فقال: «أنا المنذر»، وأومأ بيده إلى منكب عليٍّ رضي الله عنه، فقال: «أنت الهادي، يا عليّ بك يهتدي المهتدون من بعدي»»([122]). وهكذا الأئمة من ولده كانوا الهداة من بعده في مجتمعاتهم.

2ـ حديث الثقلين: الدالّ على استمرار الإمامة في أهل البيت^ حتّى يَرِدوا الحوض على النبيّ|، مع القرآن الكريم.

3ـ حديث الأمان: روى الحاكم النيسابوري، بإسناده عن ابن عبّاس، عن رسول الله| قال: «النجوم أمانٌ لأمتي من الغرق، وأهل بيتي أمانٌ لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلةٌ من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس»، ثم قال: هذا صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه([123]). ولا عصمة من الاختلاف إلاّ مع وجود واحدٍ منهم في كلّ عصرٍ.

4ـ حديث السفينة: روى الحاكم النيسابوري، عن أبي ذرّ قال: سمعتُ النبيّ محمد| يقول: «ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه، مَنْ ركبها نجا، ومَنْ تخلَّف عنها غرق»([124]).

5ـ حديث الخلف العدول من أمتي: قال رسول الله|: «في كلّ خلف من أمتي عدولٌ من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف المبطلين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. ألا وإنّ أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا مَنْ توفدون»([125]).

6ـ حديث مَنْ أحبّ أن يحيا حياتي: قال رسول الله|: «مَنْ أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، قضبانها غرسه بيده ـ وهي جنّة الخلد ـ، فليتولَّ علياً وذرّيته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالةٍ»([126]).

7ـ حديث خلفاء الله: قال أمير المؤمنين×، في حديثه المشهور مع كميل بن زياد النخعي: «اللهمّ بلى، لن تخلو الأرض من قائمٍ لله بحجّة؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته. أولئك الأقلّون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً، بهم يدفع الله عن حججه، حتّى يؤدّوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، تلك أبدانٌ أروحها معلَّقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، والدعاة إلى دينه…»([127]).

8ـ الأحاديث الدالّة على أن الأرض لا تخلو من حجّة، كما ورد في صدر الحديث السابق وغيره من الأحاديث.

9ـ حديث: «مَنْ مات وليس عليه إمامٌ فميتته ميتةٌ جاهلية»([128]).

10ـ ما رواه الحمويني وغيره، بإسنادهم عن ابن عبّاس، عن النبيّ| قال: «إن أوليائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي، قيل: يا رسول الله، مَنْ أخوك؟ قال: عليّ بن أبي طالب، قيل: فمَنْ ولدك؟ قال: المهديّ الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»([129]).

11ـ ما دلّ على أنه كائنٌ في أمتي ما كان في بني إسرائيل، وممّا جرى فيهم أن مواريث النبوّة والوصية والخلافة لم تَزَلْ في ذراريهم من بعدهم([130]). كما أن الأسباط في بني اسرائيل كانوا اثنا عشر، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً﴾ (المائدة: 11). وقد رُوي عن سلمان قال: دخلتُ على رسول الله| يوماً، فلمّا فنظر إليَّ قال: «يا سلمان، إن الله عزَّ وجلَّ لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشراً نقيباً»، قال: قلتُ: يا رسول، لقد عرفت هذا في من أهل الكتابين([131]).

12ـ إنّ البخاري الذي نقل حديث الاثني عشر كان معاصراً للأئمّة الجواد والهادي والعسكري^، وفي ذلك مغزىً كبير؛ لأنه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجِّل عن النبيّ| قبل أن يتحقَّق مضمونه، وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد أيّ مجالٍ للشكّ في أن يكون نقل الحديث كان متأثِّراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له؛ لأنّ الأحاديث المزيَّفة التي تنسب إلى النبيّ|، هي انعكاسات أو تبريرات للواقع، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادّي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر أمكننا أن نتأكّد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقعٍ، وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها مَنْ لا ينطق عن هوى، فقال: «إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر». وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري، ابتداءً من الإمام عليًّ وانتهاءً بالإمام المهدي، ليكون التطبيق التوحيد المعقول لذلك الحديث النبويّ الشريف([132]).

ب ـ موقف المدرستين تجاه النصوص

لقد أوردت المدرستان هذه الروايات، ووافقت عليها من حيث الصدور والثبوت وصحة الإسناد، ثم صارت بصدد تفسيرها وتحليلها. لكنّ الفَرْق بين موقف المدرستين تجاه هذه النصوص، فمدرسة الإمامة قد أقامت صرح اعتقادها بإمامة الأئمة الاثني عشر^ على هذه النصوص بقوةٍ، واعتبرتها أحد أهمّ أدلتها في القول بإمامة الأئمة الاثني عشر^؛ بينما لا نجد مثل هذا الموقف في مدرسة الخلافة، ولا في ما هو بأيدينا من تراثهم الكلامي، أو استدلالاتهم على خلافة الأوائل، بل لم يستدلّ به أحدٌ من خلفائهم ـ الذين فسّرت فيهم هذه النصوص ـ لإثبات خلافته، لا من الخلفاء الأربعة ـ عدا الإمام عليّ× ـ، ولا غيرهم ممَّنْ تأخَّر عنهم.

والحقيقة هي أنّ مدرسة الخلافة لم تنطلق في التعامل مع فكرة الاثني عشر من منطلق كلامي، بل من منطلق روائي مَحْض، وذلك حينما وجدَتْ نفسها أمام نصوص لا يمكن إنكارها، فلم تجد بُدّاً من تأويلها، فلذا تأوّلتها من منطلق الشرح لهذه الأحاديث، لا من منطلق الاستدلال بها لإثبات نظريّتها في الإمامة؛ لأنها لا تقول بهذه النظرية أساساً. ومن هنا كانت هذه النصوص بمثابة تحدٍّ كبير لمدرسة الخلافة، وذلك من جهتين:

الأولى: إنّ هذه النصوص تدعم بشكلٍ قويّ وملحوظ نظرية الإمامية في القول بإمامة الأئمة الاثني عشر^.

الثانية: إنّ الواقع الخارجي للخلافة والخلفاء الذين تصدّوا للحكم باسم الإسلام لا يساعد على تفسير الأحاديث بهم، وكونهم هم المقصودين بنصوص الاثني عشر. هذا مضافاً إلى عدم انطباق العدد عليهم؛ لزيادتهم عليه. وتطبيقه على بعضٍ دون بعض قولٌ بلا دليلٍ، فهو رجمٌ بالغيب، وترجيحٌ بلا مرجِّح.

ومن هنا نجد أنّ مدرسة الخلافة تواجه إحراجاً كبيراً تجاه فهم وتفسير وتأويل هذه النصوص، بما يشبه حالة الانسداد والحيرة والاضطراب عندهم، بل صرّح بعض أعلامهم بالعجز والانسداد في فهم هذه النصوص، كما سيأتي نقل كلماتهم لاحقاً.

وهذا هو السرّ في ظاهرة غياب ـ بل تغييب ـ هذه النصوص عن الخطاب الديني لمدرسة الخلافة سابقاً وحاضراً، وعدم تثقيف الأمة عليها، رغم وجودها في الموروث الروائي لهم؛ لأنّ الاطلاع على هذه النصوص والتطرّق لها يحرج كلّ مَنْ يتعرّض لها؛ لأن للتعرض لها استحقاقه، وهو المطالبة من قِبَل المستمع لهذه الأحاديث بتفسيرٍ مقنع ومنطقيّ لكلام النبيّ|؛ كي يخرج به عن دائرة الإهمال أو الإغلاق، الأمر الذي تعجز عنه مدرسة الخلافة بشكلٍ واضح، كما ستقف على محاولاتهم في تفسير هذه الأحاديث.

وعلى أيّ حال فإن المتتبِّع للتطوُّر التأريخي لمسيرة هذه الفكرة في مدرسة الخلافة يلاحظ أنها مرَّتْ بالمراحل التالية:

1ـ صدور نصوصها من النبيّ| بشكلٍ مكثَّف جدّاً.

2ـ دخولها التراث الروائي، وتدوينها في الصحاح والمسانيد والسنن.

3ـ دخولها أروقة البحث العلمي لدى العلماء، لكنْ دخولاً يتـأطّر بحدود الشرح والبيان للمقصود منها من الناحية الحديثية فقط، لا من الناحية العلمية، أو التأصيل النظري والعقائدي لها على أساس أنها فكرة تريد طرح نظريّة متكاملة وشاملة تضمن وتكفل مستقبل الأمّة أو الرسالة.

4ـ تقوقع هذه الفكرة في دائرة البحث العلمي وعدم خروجها إلى الأمّة وتثقيفها عليها في الخطب والمجالس والكتب والدراسات والرسائل الجامعية والمحاضرات ونحوها، فهناك تغييبٌ تامّ ومقصود لهذه الأحاديث. وهذا ليس مختصّاً بعصرنا الحاضر، بل كان التعتيم والتغييب له ونسيانه يرجع إلى فترات متقدّمة جدّاً، فقد أبدى ابن مسعود استغرابه من عدم سؤال أحدٍ عن هذا الحديث، وغياب هذه الفكرة عن ذاكرة الأمّة، وانعدام السؤال عنها، منذ وروده إلى العراق، فما بالك بما بعد عهد ابن مسعود؟!

وأمّا مدرسة الإمامة فهي تمتلك منذ البدء الأساس النظري الذي ينسجم مع هذا الموروث الروائي لنصوص الاثني عشر، بل هذه النصوص هي من جملة التأسيسات النظرية المهمّة لنظرية الإمامة. ولذا نجد هذا الاهتمام الكبير لأئمّة أهل البيت^ بنشر هذه الفكرة بين أتباعهم وتثقيفهم عليها. كما نجد أيضاً هذا التفاعل الدائم من قبل أتباعهم مع فكرة الاثني عشر، ومتابعتهم لها، بالسؤال عنها منذ عصر الرسالة الأوّل وحتّى عصر الإمامة وزمان الحضور.

فقد رُويت أحاديث الاثني عشر عن كلٍّ من: الإمام عليّ، الصدّيقة الطاهرة، الإمام الحسن، الإمام الحسين، الإمام السجاد، الإمام الباقر، الإمام الصادق، الإمام الكاظم، الإمام الرضا، الإمام العسكري([133])، وهذا يعني استمرار التركيز على هذه الفكرة طوال إمامة أهل البيت^، على مدى 250 عاماً، ولا سيَّما في عصر الإمام الصادق×، حيث ظهرت بعض الفرق الشيعية غير الاثني عشرية، كالزيدية والفطحية والإسماعيلية، ثم بعد ذلك الواقفية وغيرها، ممّا كان يتطلَّب من الأئمة^ جهداً مضاعفاً لحفظ هذه الفكرة النبويّة من عمليات التشويه والبتر، حيث تقف بعض هذه المذاهب على بعض الأئمّة، كالزيدية والإسماعيلية والواقفية.

ولكنّ هذا لا يعني أن لا يكون هناك من أصحاب الأئمة^ مَنْ لا يعرف اسم بعضهم، أو كان يطلب ذكر أسمائهم، إما للتعلُّم أو للتأكُّد والضبط، ولكن هذا لا يعني الجهل بأصل العدد والفكرة. قال الشيخ الصدوق «إنا لم ندَّعِ أن جميع الشيعة عرف في ذلك العصر الأئمة الاثني عشر بأسمائهم، وإنما قلنا: إن رسول الله أخبر أن الأئمة بعده اثنا عشر، الذين هم خلفاؤه، وأن علماء الشيعة قد روَوْا هذا الحديث بأسمائهم، ولا ينكر أن يكون فيهم واحدٌ أو اثنان أو أكثر لم يسمعوا بالحديث»([134]).

وعلى أيّ حال فإن الباحث في أحاديث الاثني عشر ـ من أيّ فريقٍ كان، بل حتّى وإنْ افترضناه مستشرقاً ـ لا يَسَعه إلاّ أن يواجه خمسة مواقف تجاه هذه الأحاديث، فعليه أن يتبنّى أحدها. وهذه المواقف هي:

الموقف الأوّل: الإهمال وعدم التعرّض لها، لا نقلاً ولا تفسيراً. وهذا ما لم يتَّفق بشكلٍ عامّ لدى الفريقين.

الموقف الثاني: الاعتراف بالعجز والقصور عن فهمها، وردّ فهمها إلى قائلها. وهذا ما اعترف به جمع من علماء مدرسة الخلافة([135]).

الموقف الثالث: تفسيرها بواقع الخلافة القائم بعد الرسول|. وهذا هو الرأي المشهور عند مدرسة الخلافة، كما سيأتي.

الموقف الرابع: تفسيرها تفسيراً كلّياً عامّاً، لا يخرجها عن حيِّز الإبهام والعموم. وهذا ما اختاره بعض علمائهم، كما سيأتي أيضاً.

الموقف الخامس: اعتماد المنهج العلمي الذي يقتضي تفسيرها ضمن المعطيات الروائية الأخرى الصادرة عن صاحب الشرع، وذلك على قاعدة أنّ كلامه| يفسِّر بعضه بعضاً، كالقرآن. وهذا هو المنهج الصحيح الذي سار عليه علماء الإمامية.

وعلى أيّ حال، فقد اتَّفق المسلمون من الفريقين على نصوص الاثني عشر، ولم ينكرها أحدٌ منهم، بعد ورودها في أوثق المصادر والصحاح عندهم. وإنما وقع الخلاف الشديد بينهم في تأويلها وتفسيرها على أقوال واتجاهات كثيرة، تنبئ عن اضطراب في الموقف.

وسوف نستعرض في هذا الفصل الاتجاهات التي ذكرَتْها مدرسة الخلافة، ثم نعطف الكلام بعدها في الفصل القادم باستعراض رأي مدرسة أهل البيت^ في ذلك.

ـ يتبع ـ

الهوامش

(*) أستاذٌ وباحث في الحوزة العلميّة في مدينة قم، وعضو هيئة تحرير مجلّة فقه أهل البيت^.

([1]) مائة منقبة 2: 71، نقلاً عن: منتخب الأثر 1: 108.

([2]) كفاية الأثر: 113، باب 16، ح1.

([3]) ينابيع المودة 3: 379، باب 93.

([4]) كفاية الأثر: 111.

([5]) الكتاب المقدّس، سفر التكوين، الإصحاح 17: 22 ـ 23، الآية 20 (الأصل العبري)، نقلاً عن: أهل البيت^ في الكتاب المقدّس: 105.

([6]) المصدر السابق: 17، الترجمة العربية.

([7]) البداية والنهاية 6: 250.

([8]) البداية والنهاية 1: 177.

([9]) الاستنصار: 30.

([10]) المصدر السابق: 31.

([11]) إعلام الورى 1: 246.

([12]) بحار الأنوار 36: 214.

([13]) فرائد السمطين 1: 298.

([14]) بحار الأنوار 10: 10.

([15]) أهل البيت في الكتاب المقدّس: 106، نقلاً عن: المعجم الحديث، عبري ـ عربي، للدكتور ربحي كمال.

([16]) المصدر السابق.

([17]) الاستنصار: 30.

([18]) الاستنصار: 28.

([19]) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 172.

([20]) عوالي اللآلي 4: 91.

([21]) كنـز الفوائد: 256، الاستنصار: 37.

([22]) الاستنصار: 38.

([23]) مقتضب الأثر: 31، ح21.

([24]) البداية والنهاية 2: 291. السيرة النبوية 1: 152.

([25]) مقتضب الأثر: 29، ح17.

([26]) مقتضب الأثر: 6، ح6.

([27]) صحيح البخاري 8: 127، كتاب الأحكام، باب ما قبل باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة.

([28]) كفاية الأثر: 33، باب 3، ح9.

([29]) كفاية الأثر 1: 73، باب 8، ح3.

([30]) المصدر السابق: 213، باب 29، ح1.

([31]) منتخب الأثر 2: 73، باب 8، ح292، 296، 304.

([32]) بحار الأنوار 10: 10.

([33]) الكافي 1: 532، ح11.

([34]) كفاية الأثر: 167، باب 24، ح6.

([35]) المناقب 1: 300.

([36]) كفاية الأثر: 113، باب 16، ح1.

([37]) المصدر السابق: 35، باب 4، ح1.

([38]) المصدر السابق: 111، باب 15، ح4.

([39]) المصدر السابق: 35، باب 4، ح1.

([40]) بحار الأنوار 36: 232، باب 41، ح15.

([41]) مائة منقبة: 71، باب 4، ح1.

([42]) كفاية الأثر: 81، باب 9، ح2.

([43]) كفاية المهتدي: 8، ح15.

([44]) كفاية الأثر، 213، باب 29، ح1.

([45]) المصدر السابق: 232، باب 4، ح1.

([46]) المصدر السابق: 248، باب 33، ح4.

([47]) المصدر السابق: 300، باب 39، ح10.

([48]) الصراط المستقيم 2: 151، باب10.

([49]) انظر: إمامت ومهدويت 2: 293.

([50]) العمدة: 416.

([51]) لمحات: 213، وقد أخرج فيه مصادره المذكورة سابقاً.

([52]) انظر: كمال الدين: 68.

([53]) رجال النجاشي: 394.

([54]) انظر: معالم العلماء: 131.

([55]) انظر: أمل الآمل 2: 345.

([56]) طرائف المقال 2: 452.

([57]) الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين: 358.

([58]) انظر: مقتضب الأثر: 5.

([59]) انظر لهذه الإحصائية في الآل والأزواج والصحابة: عناوين الأبواب الواردة في كفاية الأثر، حيث خصّص لكل منهم باباً خاصاً لرواياته. وكذلك انظر: الروايات المروية في منتخب الأثر، وهو أجمع المصادر المصنَّفة في هذا المجال، حيث روى ما يقرب من ثلاثمائة رواية، وقد عثرنا بعد تتبُّعها على المقدار المشار اليه منها.

([60]) صحيح البخاري 8: 127، كتاب الأحكام، باب ما قبل باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة.

([61]) البداية والنهاية 6: 248.

([62]) الغيبة: 120، باب 6، ح8.

([63]) الغيبة: 120، باب 6، ح8.

([64]) صحيح مسلم 6: 3، كتاب الإمارة، باب الناس تبع قريش.

([65]) المصدر السابق.

([66]) المصدر السابق.

([67]) مسند أحمد 5: 87.

([68]) كفاية الأثر: 51، باب 6، ح3.

([69]) المصدر السابق 1: 398.

([70]) كفاية الأثر: 23، باب 2، ح2.

([71]) المعجم الكبير 2: 256.

([72]) المصدر السابق 2: 286، ح2073.

([73]) المناقب 1: 291.

([74]) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 172، ح269، نقلاً عن: تفسير السدّي.

([75]) كنـز العمال 12: 34، ح33861.

([76]) إعلام الورى: 384.

([77]) فرائد السمطين 2: 312، السمط الثاني، باب 61، ح562.

([78]) ينابيع المودة 3: 395، باب 94، ح46.

([79]) فرائد السمطين 2: 321، السمط الثاني، باب 61، ح572.

([80]) المصدر السابق: 319، السمط الثاني، باب 61، ح571.

([81]) ينابيع المودة 3: 290، الباب 77، ح4.

([82]) صحيح البخاري 8: 127، باب بيعة النساء.

([83]) عارضة الأحوذي 9: 69.

([84]) كفاية الأثر: 33، باب 3، ح9.

([85]) كفاية الأثر: 110، باب 15، ح3.

([86]) المناقب 1: 298.

([87]) كمال الدين 1: 281، ح33.

([88]) المصدر السابق: 34.

([89]) كفاية الأثر 1: 73، باب 8، ح3.

([90]) المصدر السابق: 213، باب 29، ح1.

([91]) المصدر السابق: 43، باب 5، ح2.

([92]) المصدر السابق: 117، باب 13، ح2.

([93]) المصدر السابق: 44، باب 5، ح3.

([94]) المصدر السابق: 91، باب 10، ح1.

([95]) المصدر السابق: 93، باب 11، ح1.

([96]) بصائر الدرجات:، باب 5، ح4،

([97]) انظر للتفصيل: كفاية الأثر، للخزّاز القمّي؛ ومقتضب الأثر، لابن عيّاش الجوهري؛ ومنتخب الأثر، للصافي.

([98]) منتخب الأثر 1: 304.

([99]) انظر: المصدر السابق. وقد أدرج تحت كلّ صنفٍ من هذه الأصناف الثمانية أرقام الأحاديث الواردة، والتي رواها في كتابه.

([100]) أضواء على السنّة المحمدية: 233.

([101]) المصدر السابق: 233.

([102]) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق 7: 478.

([103]) سنن الترمذي 3: 340، كتاب الفتن، باب 46، ما جاء في الخلفاء، ح2323.

([104]) انظر: أنوار الملكوت في شرح الياقوت: 229.

([105]) ينابيع المودة 3: 293.

([106]) النكت الاعتقادية: 35.

([107]) كمال الدين: 68.

([108]) اختيار معرفة الرجال: 85.

([109]) متشابه القرآن ومختلفه 2: ؟.

([110]) راجِعْ: كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 539.

([111]) الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين: 349.

([112]) تعليقة الشعراني على شرح أصول الكافي (للمازندراني) 7: 374.

([113]) منتخب الأثر 1: 12.

([114]) مجموعة الرسائل 2: 116.

([115]) انظر: منتخب الأثر، ج1، ح161، 154، 155، 162، 166، 167، 168، 211، 243، 244، 245.

([116]) كفاية الأثر: 177.

([117]) صحيح مسلم 6: 3، كتاب الأمارة.

([118]) سنن الترمذي 3: 340، كتاب الفتن، باب 64 ما جاء في الخلفاء، ح2223.

([119]) الإمامة والتبصرة من الحيرة: 2.

([120]) الأصول الستة عشر: 15.

([121]) ينابيع المودة: 293، الباب 77.

([122]) الدرّ المنثور 4: 45. وانظر: جامع البيان 13: 108؛ شواهد التنـزيل 1: 293.

([123]) المستدرك على الصحيحين 3: 149.

([124]) المستدرك على الصحيحين 3: 150.

([125]) ينابيع المودة 2: 113؛ الصواعق المحرقة 2: 441.

([126]) كنـز العمال 11: 611، ح32960؛ تاريخ دمشق 42: 240.

([127]) تذكرة الحفاظ 1: 11؛ حلية الأولياء 1: 80؛ كنـز العمال 10: 263، ح29390.

([128]) مجمع الزوائد 2: 143. وانظر: صحيح مسلم 6: 21، رقم 1489.

([129]) فرائد السمطين 2: 312.

([130]) متشابه القرآن 3: 237.

([131]) مقتضب الأثر: 6، ح6.

([132]) بحث حول المهدي: 105. وانظر: شرح أصول الكافي 7: 374.

([133]) كمال الدين: 74.

([134]) روى الشعبي عن مسروق قال: «كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود، وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله| كم يملك هذه الأمّة من خليفة ؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحدٌ منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله| فقال: اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل». مسند أحمد 1: 398.

([135]) قال المهلّب: «لم أَلْقَ أحداً يقطع في هذا الحديث، يعني بشيءٍ معيّن». وقال ابن الجوزي: «قد أطلتُ البحث عن معنى هذا الحديث وتطلَّبتُ مظانّه، وسألت عنه، فلم أقع على المقصود به». انظر: فتح الباري 13: 180 ـ 181. وقال ابن العربي المالكي: «ولم أعلم للحديث معنىً، ولعلّه بعض حديث». عارضة الأحوذي 9: 69.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً