أحدث المقالات
تمهيد

لا يخفى على أيّ مطالع في مجال الفكر الإسلامي خطورة دور أصول الفقه في المنظومة الفكرية للمسلمين؛ لهذا رأينا أن نقدّم دراسة تأريخية حول خلفيّات ظهور هذا العلم، وكذلك نستعرض مدوّناته التي تعود للقرون الخمسة الأولى، سواء ما يعود منها إلى المدرسة الشيعية أو المدرسة السنّية.

والكلّ يعلم أنّ علم الأصول هو أداة الاستنباط، والاستنباط هو الممارسة العملية لعملية الاجتهاد، التي تهدف إلى فهم الدين، فالاجتهاد متقدّم من حيث الرتبة والوجود على علم أصول الفقه، وإن كان من ناحية أخرى يعتبر متوقّفاً عليه؛ لهذا يجدر بنا ـ قبل الخوض في بحث نشأة علم الأصول ـ أن نتحدّث حول الاجتهاد وإن كان موضوع الاجتهاد في الحقيقة من فروع الفقه لا من أصوله، ولكن إضافةً للوجه الذي ذكرناه، وهو أن نشوء الاجتهاد أحد أهم أسباب نشوء أصول الفقه، بما أنّ أغلب كتب أصول الفقه من يومها الأول تناولت هذا الموضوع، نتطرّق له في حدود بحثنا.

يعتبر مؤيّدو فكرة الاجتهاد واستنباط الأحكام أنّ الاجتهاد موضوعٌ بديهي ولا يحتاج إلى استدلال؛ لأنّ فهم الشريعة متوقف عليه([1])، لكنّ القسم الآخر الذي لا يرى هذا بل ويعتبره انحرافاً في منهج فهم الدين وابتعاداً عن حقيقته، لا يعتقد بجوازه. والموقف من هذه المسألة أحد أهم أسباب انقسامات المسلمين على مدى التاريخ([2]).

ادّعى بعضٌ أنّ النبي كان مجتهداً، بل جمع بعضهم فتاواه في كتب خاصّة([3])، وادّعى آخرون ـ في خطوةٍ أقلّ منها وطأةً ـ أن الصحابة في زمن الرسول2 وحتى في حضوره كانوا يجتهدون، واستدلّوا لرأيهم بأحاديث أغلبها ضعيفة السند، وموضوعُ غالبها القضاء، والملفت في هذا الأمر أنّ الاجتهاد في تلك الحقبة الزمنية لم يكن يدلّ على هذه العملية الفنية، بل كان يستخدم في معناه الحقيقي وهو بذل الجهد، ولم يستخدم بمعناه المصطلح عليه اليوم حتى بعد عقود من الزمن.

لكنّ الأصحاب مارسوا الإفتاء بعد الرسول، حتى قسّمهم المؤرخون إلى ثلاثة أقسام: كثير الإفتاء كالخليفة عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأم المؤمنين عائشة، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، ومتوسّط الإفتاء كالخليفة أبي بكر، والخليفة عثمان، وأم المؤمنين أمّ سلمة وأنس بن مالك، وقليل الإفتاء([4]).

وفي فترة التابعين كثر من مارس هذه العملية واتّسع مجال ممارستهم لها خاصّةً بسبب حدوث مسائل جديدة لا يعرفون لها حكماً في كتاب الله وسنّة رسوله، وانتهت هذه المحاولة بتأسيس المدارس الفقهية ([5])، فعند عجزهم عن الوصول للحكم من خلال النصّ الشرعي كانوا يرجعون إلى العقل والرأي؛ فلجؤوا إلى المذاكرة والإقرار بالإجماع في بعض المسائل والأحوال، وإلى الاستعانة بالقياس والاستحسان أو الاستصلاح أو.. في بعضٍ آخر، ومن الطبيعي أن تختلف آراؤهم نتيجة هذا العمل، ويذهب كلّ منهم مذهبه([6]).

بحث الاجتهاد في المدوّنات الأصولية

تناولت المدوّنات الأصولية ـ من يومها الأول ـ مسألة الاجتهاد، واهتمّت بها
حتى أصبح موضوع الاجتهاد أحد المواضيع المهمّة في كتب الأصول، وكل كاتب
تناولها وزاد على تفريعاتها والأخذ والردّ الدائر حولها، حتى صارت اليوم تُفرد لها كتبٌ خاصة.

ويعدّ العلماء في المدوّنات الأولى الاجتهادَ بأنه القياس نفسه، واعتبروهما اسمان لمعنى واحد. أي «كلّ ما نزل بمسلمٍ ففيه حكمٌ لازم، أو على سبيل الحقّ فيه دلالة موجودة، وعليه إذا كان بعينه حكم، اتّبعه، وإذا لم يكن فيه بعينه طلب الدلالة على سبيل الحق فيه بالاجتهاد، والاجتهاد القياس»([7])، على حدّ تعبير الإمام الشافعي، ويعتبره الشاشي (344ﻫ) أحد طرق اكتشاف كون المعنى المعيّن علةً لحكم منصوص عليه، ويقول: «القياس الشرعي هو ترتب الحكم في غير المنصوص عليه على معنى هو علّة لذلك الحكم في المنصوص عليه، ثم إنما يعرف كون المعنى علّةً بالكتاب وبالسنّة وبالإجماع وبالاجتهاد والاستنباط»([8])، ويصرّح الجصّاص (370ﻫ) بأنّ الاجتهاد هو الطريق الظنّي للوصول للحكم الذي ليس عليه دليلٌ قاطع([9])، ويقول بأنّ «ما كان لله عزّ وجلّ عليه دليلٌ قائم لا يسمّى الاستدلال في طلبه اجتهاداً»([10]).

ويذهب الجصّاص بالاجتهاد أبعد من القياس، ويجعل القياس أحد أقسامه، ويعتبر في الشرع له ثلاثة معان:

أحدها: القياس الشرعي على علّة مستنبطة، أو منصوص عليها، فيردّ بها الفرع إلى أصله، وتحكم له بحكمه بالمعنى الجامع بينهما، وإنما صار هذا من باب الاجتهاد ـ وإن كان قياساً ـ من قبل أن تلك العلّة لما لم تكن موجبة للحكم لجواز وجودها عاريةً منه وكانت كالأمارة، وكان طريق إثباتها علامةً للحكم الاجتهادُ؛ وغالب الظن لم يوجب ذلك لنا العلم بالمطلوب، فلذلك كان طريقه الاجتهاد.

ثانيها: هو ما يغلب في الظن من غير علّة يجب بها قياس الفرع على الأصل، كالاجتهاد في تحرّي جهة الكعبة لمن كان غائباً عنها، وكتقويم المستهلكات وجزاء الصيد و.. فهذا الضرب من الاجتهاد، كلّفنا فيه الحكم بما يؤدّي إليه غالب الظن، من غير علّة يقاس بها فرع على أصله.

ثالثها: الاستدلال بالأصول([11]).

ويدّعي الجصّاص أنه لا يوجد خلاف بين الصدر الأول والتابعين وأتباعهم في جواز الاجتهاد والقياس على النظائر في أحكام الحوادث، ويقول: «ما نعلم أحداً نفاه وحظره من أهل هذه الأعصار المتقدّمة»([12]).

بعد ذلك، ظهرت محاولات للاستدلال بالنصّ على قضايا الاجتهاد، خاصّة القياس منه، في الوقت الذي أخذ هذا المفهوم يكسب سعةً أكبر ليشمل حالة الاجتهاد في النص، دون أن يبقى موقوفاً على ما لا نصّ فيه، وشاع الاستدلال على جواز العمل بالاجتهاد ببعض الآيات والروايات والإجماع([13])، ونرى هذه المسألة بوضوح عند أبي الحسين البصري (436ﻫ) ([14]) وغيره من الأعلام كأبي إسحاق الشيرازي في شرح اللمع، والغزالي في المستصفى من علم الأصول، وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام.

الاجتهاد في المدوّنات الشيعية

يأتي هنا دور المصنَّف الشيعي المهمّ «الذريعة إلى أصول الشريعة» كي يعكس رأي الشيعة حول المسألة، ونرى أنّ القياس والرأي مازالا يلقيان بظلالهما على الاجتهاد؛ فيقول السيد المرتضى بأنّ الاجتهاد «استعمل في ما يتوصل به إلى الأحكام من الأدلّة على وجه يشقّ»([15])، ويذكر أن بعض الفقهاء فصل بين القياس والاجتهاد، وجعل القياس ما تعيّن أصله الذي يُقاس عليه، والاجتهاد ما لم يتعيّن فيه أصلٌ يُشار إليه، كالاجتهاد في طلب القبلة وفي قِيَم المتلفات، وبعض الفقهاء أدخل القياس في الاجتهاد وجعل الاجتهاد أعمّ منه([16]).

وحول الاجتهاد الجائز عند الشيعة، يقول السيد المرتضى: الاجتهاد الذي لا تتميّز الأمارات فيه، وطريقه غلبة الظن كالقبلة وما شاكلها، فعندنا أنّ الله تعالى قد تعبّد بذلك زائداً على جوازه في العقل، لأنه تعالى قد تعبّدنا بالاجتهاد في القبلة، وعمل كلّ مكلف بما يؤديه اجتهاده إليه، وتعبد ـ أيضاً ـ في أروش الجنايات وقيم المتلفات وجزاء الصيد بمثل ذلك([17]).

ويبدو أنّ آلية استنباط الحكم من النصّ مقرّرة منذ بداية التنظير لدى الاتجاه الشيعي، بالرغم من وجود تحفّظ على لفظة «الاجتهاد». لهذا كانت عبارات القدماء تفوح برفض الاجتهاد وتحريم العمل به، كما هي الحال عند الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي([18]).

ونرى أنّ الكتب الشيعية استمرّت برفضها للاجتهاد، واستدلوا لرأيهم بعشرات الروايات المروية عن الأئمة المعصومين F([19])، ويرى السيد محمد باقر الصدر أنّ سبب رفض الشيعة لجواز الاجتهاد إلى القرن السابع، هو أنّ المراد من الاجتهاد كان المبدأ الفقهي الذي يتّخذ من التفكير الشخصي مصدراً من مصادر الاستنباط عند فقدان النص([20])، ويضيف أنّ الحملة ضدّ هذا المبدأ الفقهي دخلت دور التصنيف في عصر الأئمة F، وكانت الحملة تستعمل كلمة الاجتهاد غالباً للتعبير عن ذلك المبدأ وفقاً للمصطلح الذي جاء في الروايات؛ فقد صنّف عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري كتاباً أسماه «الاستفادة في الطعون على الأوائل والردّ على أصحاب الاجتهاد والقياس»،
وصنّف هلال بن إبراهيم بن أبي الفتح المدني كتاباً في الموضوع باسم كتاب «الردّ على من ردّ آثار الرسول واعتمد على نتائج العقول»، وصنّف في عصر الغيبة الصغرى أو قريب
منه إسماعيلُ بن علي بن إسحاق بن أبي سهل النوبختي كتاباً في الردّ على عيسى بن أبان([21]).

ويستمرّ الإمام الصدر في تتبّع موقف الشيعة من هذا المصطلح، ويذكر الشيخ الصدوق في أواسط القرن الرابع، حيث يواصل الحملة، ويقول في تعقيبه على قصّة موسى والخضر: «إن موسى ـ مع كمال عقله وفضله ومحلّه من الله تعالى ـ لم يُدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتى اشتبه عليه وجه الأمر به، فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله القياس والاستدلال والاستخراج، كان من دونهم من الأمم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك.. فإذا لم يصلح موسى للاختيار ـ مع فضله ومحلّه ـ فكيف تصلح الأمة لاختيار الإمام؟ وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة؟» ([22]).

ويستطرد الصدر قائلاً بأنّ الشيخ المفيد كان من جملة مهاجمي الاجتهاد، فقد كتب كتاباً أسماه «النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي»، والسيد المرتضى أيضاً في بداية القرن الخامس كتب في كتابه الذريعة: «إنّ الاجتهاد باطل، وإنّ الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظنّ ولا الرأي ولا الاجتهاد»، وكتب الشيخ الطوسي في أواسط القرن الخامس في كتابه العدة: «أما القياس والاجتهاد، فعندنا أنهما ليسا بدليلين، بل محظورٌ في الشريعة استعمالهما»، ويقول بأن الوضع استمرّ على هذا المنوال حتى غيّر معناه المحقّقُ الحلي في كتابه المعارج في أواسط القرن السابع، فانتهى النـزاع([23]).

وقفة نقدية لنظرية السيد الصدر في تاريخ الاجتهاد

وهناك ملاحظتان على كلام الإمام الصدر:

أولاً: المسألة لا تبدو صراعاً على مصطلح؛ لأنّ الردود على الاجتهاد التي ذكرها، كان بعضها ردّ من الشيعة على الشيعة وليس أهل السنّة طرفاً فيها في الوقت الذي تروي الشيعة عشرات الأحاديث عن الأئمة F تنهى عن الاجتهاد، فالمسألة أبعد من ذلك.

ثانياً: نرى السيد المرتضى ـ كما نقل السيد الشهيد نفسه ـ يصرّح بأنه «لا يجوز عندهم العمل بالظن»، والاجتهاد ـ مهما كان تعريفه ـ ضربٌ من ضروب الظن، ولا يمكن أن يتعدّاه؛ لأنه ما ابتدع ولا استخدم إلا لفقدان العلم، ولا يمكن تفسير تضارب الفتاوى إلا على هذا الضوء؛ فحينما نراجع التاريخ نرى أن غالبية علماء الشيعة في القرون الأولى كانوا يجتنبون الاجتهاد والاستدلالات العقلية في الفقه ولا يخرجون عن دائرة ضبط وجمع ونقل روايات المعصومين F، وكانوا يعتقدون أنّ الفرد مهما كان متمرّساً في الاستدلالات العقلية، تبقى الشريعة مجالَ الوحي بالنسبة إليه لا العقل، ومادام الإمام حاضراً فلا معنى للاجتهاد والظنّ والتخمين ([24])، وحتى بالنسبة لأخبار الآحاد نرى ابن قبة يعتبر جعل الحجية لها محالاً عقلاً([25]).

إذن، فالرأي العام للشيعة هو أنّ كل مسألة يمكن أن يكون لها حكمٌ مغاير تماماً لمسألةٍ مشابهة لها، والإمام وحده يستطيع أن يميّز حكم المسائل، لهذا كانوا يقولون بأن فقه الشيعة مبتنٍ على النصّ فقط([26]).

في المقابل، كان بعض علماء الشيعة يقولون بالاجتهاد المحدود والمشروط ويعملون به؛ ويقصدون به استخراج أحكام جزئية من كلّيات وأصول ألقاها الأئمة F، وكان بعضهم يعتقد بأنّ الأئمة F أنفسهم كانوا يطبّقون هذه الطريقة على المسائل ويستخرجون أحكام الموارد الجزئية من خلال تطبيق الضوابط الشرعية العامة عليها([27])، حتى اعتقد الشيخ الحرّ العاملي بأنّ «الشيخ المفيد والسيد المرتضى إنما صنّفا في ردّ الأصول لا في إثباتها، لأنّهما صرّحا ببطلان الاجتهاد والعمل بالظنّ»([28]).

لهذا وجدنا أنّ أول كتابات أصولية للشيعة كانت في مقام الردّ على الكتب السنّية وبيان رأي الشيعة قبالها، من هنا كان للشيعة منهجان بارزان في فهم الدين: المنهج النقلي وهو الأقدم والمتمثل بالشيخ الصدوق والشيخ الكليني، والمنهج العقلي المتمثل بابن أبي عقيل وابن الجنيد، وقد سعى الشيخ المفيد للتلفيق بينهما.

وعليه، فالمسألة أكبر بكثير من اختلافٍ على مصطلح مجهول المعنى، بل كان العلماء يدركون جيداً محلّ النـزاع، وهو حجية الظنّ في الاستدلال الشرعي، ونفس هذا الاختلاف كان سبب قيام صراع بين الإخباريين والأصوليين بعد قرون حتى سقط على أثره بعض العلماء مقتولين، كالميرزا محمد الإخباري وابنه وتلميذه على ما يروي لنا التأريخ. فشتّان بين الفهم الذي شيّده غالب القدماء من الفقهاء إزاء الخطاب وبين الفهم الذي انتهى إليه المتأخرون. فبينما كان أولئك يبنون فهمهم على الوضع والبيان وبالتالي التطابق مع الخطاب، نجد المتأخرين على العكس يقيمون التباعد بين الفهم والخطاب كلما امتدّ بهم الزمن. فالقدماء لقربهم من عصر النص ومحدودية ما يحتاجونه من المسائل نسبياً، تصوّروا أنّ تحصيل البيان والوضوح حالة مطلقة ثابتة.

بهذا المختصر، نختم الحديث عن الاجتهاد ـ على الرغم من أهميّته ـ كي لا نبتعد عن موضوع بحثنا، وتمهيداً لبيان مساهمات أئمة المذاهب في تكوين أصول الفقه، نتطرق باختصار بالغ إلى مناهجهم في عملية الاجتهاد.

المناهج الاجتهادية عند أئمة المذاهب الإسلامية ([29])

1 ـ منهج الإمام زيد بن علي

إنّ الإمام زيداً لم يحدّد منهج الفقه الزيدي، ولم يلتزم فقهاء المذهب بمنهجٍ واحد؛ لأنّ الاجتهاد في نظر الفقه الزيدي مستمرّ، ومن حقّ كل مجتهد أن يضع لنفسه منهجاً اجتهادياً يعتمد على أصول وقواعد قد تختلف عن منهج شيخ المذهب نفسه، لكن وبصورة عامة جاء في كتاب الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية حول كيفية الاجتهاد عندهم ما نصه: «كيفية الاجتهاد في الحادثة أن يقدّم المجتهد عند استدلاله قضية العقل المبتوتة، ثم الإجماع المعلوم، ثم نصوص الكتاب والسنّة المعلومة، ثم ظواهرهما كعمومهما، ثم نصوص أخبار الآحاد، ثم ظواهرها كعمومها، ثم مقوّمات الكتاب والسنّة المعلومة على مراتبها، ثم مفهومات أخبار الآحاد، ثم الأفعال والتقريرات كذلك، ثم القياس على مراتبه، ثم ضروب الاجتهاد الأخرى، ثم البراءة الأصلية ونحوها» ([30]).

2 ـ منهج الإمام أبي حنيفة النعمان

يمكن تقسيم أصول أبي حنيفة في اجتهاده إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ المصادر النقلية: وتشمل القرآن الكريم، والسنّة الصحيحة، والإجماع، وأقوال الصحابة، فكان يأخذ بها ولا يتعدّاها إذا ثبتت لديه واتضحت دلالتها.

2 ـ المصادر الاجتهادية: فكان يعتمد على القياس عند عدم وجود نصّ في القرآن أو السنّة، أو عند عدم ورود رأي عن الصحابة، فكان يبحث عن العلل والأوصاف المناسبة للحكم الأصلي، فإذا استطاع معرفتها فعندئذ كان يحمل الفرع على الأصل عند اتحاد العلّة. وأحياناً كان يعتمد على الاستحسان، وهو الخروج عن مقتضى القواعد القياسية لحكمٍ آخر مخالف له، لعدم صلاحية القياس في هذا الموطن لمخالفته لنصٍّ من النصوص القرآنية، أو لمخالفته للإجماع.

3 ـ الأعراف: كان أبو حنيفة يحترم الأعراف التي لا تخالف نصّاً من النصوص؛ فكانت معتبرةً لديه، وكان يوجب العمل بها، خاصّةً في مجال التجارة([31]).

3 ـ منهج الإمام مالك بن أنس

وأصول مالك في اجتهاده أربعة: الكتاب، والسنّة، والإجماع، والرأي، لكنّ الرأي عنده يشمل كلّ ما يثبت عن طريق العقل، كالاستحسان والمصلحة والعرف والاستصحاب وسدّ الذرائع، أما عمل أهل المدينة وأقوال الصحابة فلا يعتبرها من الرأي، وإنّما يراها من السنّة؛ لأنّ الصحابي لا يمكن أن يقول بحكمٍ دون أن يستند إلى رواية سمعها من الرسول2؛ ولهذا فقد كان يقدّم قول الصحابي على القياس، وأحياناً على خبر الآحاد، وكان يأخذ بعمل أهل المدينة ويعتبره حجّةً ويقدّمه على الخبر والقياس، وكان يخالف الفقهاء الذين يخالفون ما عليه العمل في المدينة؛ لأنه يكشف عما كان قائماً في عصر الرسول2، كذلك كان يأخذ بالمصلحة المرسلة ويسمّيها استحساناً، فالاستحسان عنده حكم المصلحة عند عدم وجود نصّ، ويخالف القياس عند وجود المصلحة؛ لأنّ الاستحسان عنده ترجيح حكم المصلحة الجزئية على حكم القياس، غير أنه يشترط للعمل بمقتضى المصلحة واعتبارها دليلاً شرعياً مستقلاً أن تكون ملائمةً لمقاصد الشارع، دون منافاةٍ لأصلٍ من أصول الشريعة، وأن يكون هناك ضرورة للأخذ بها لحماية المقاصد الشرعية التي ما جاءت الشريعة إلا لحمايتها([32])، فكان حريصاً كلّ الحرص على أن يربط النصّ الشرعي بالحياة العملية التي كانت قائمةً في المدينة، وكان هذا الربط يعطيه مرونةً في اجتهاده، ويدفعه للتوسّع في الأخذ بالمصلحة([33]).

4 ـ منهج الإمام الشافعي

استطاع الشافعي أن يجمع بين فقه الحديث وفقه الرأي، ليخرج بمنهجٍ جديد يقوم على أساس الأخذ بالقرآن أولاً، ثم السنّة، وأكّد على أنّها مصدر تشريعي متكامل وتوسّع في الأخذ بخبر الآحاد، وقد ربط الشافعي ربطاً محكماً بين القرآن والسنّة وجعلهما في مرتبةٍ واحدة من حيث القيمة التشريعية في حالة ثبوت السنّة، وكذلك اعتمد الإجماع والقياس، وقول الخلفاء والصحابة، ورفض الاستحسان([34]).

والجديد في أصول الشافعي، أنّه استطاع مقاومة الاتجاه نحو الرأي بأسلوبٍ ومنهج جدلي، استفاده من فقهاء الرأي أنفسهم، كما استطاع ربط منهجه فيما يتعلّق بالرأي والاستنباط بالقرآن والسنّة([35]).

5 ـ منهج الإمام أحمد بن حنبل

عاصر الإمام أحمد محنة خلق القرآن، وعانى من التعذيب والتنكيل بسبب عدم التنازل عن رأيه أمام السلطان، وقد اشتهر بالاعتماد على الحديث في فقهه، وكره الرأي، ولم يعمد إلى القياس إلا في حال الضرورة.

وقد لخّص «ابن القيم» الأصول التي بُنيت عليها فتاوى ابن حنبل بما يلي:

1 ـ النصوص: كان يعتمد على النص ويقدّمه على ما عداه، ويفرّق بين النصوص (القرآن والسنّة) في المنـزلة.

2 ـ فتاوى الصحابة: إذا وجد فتوى للصحابة ولم يعرف لها مخالفاً، قدّمها على أيّ مصدر ما عدا النص.

3 ـ الالتزام بفتاوى الصحابة عند الاختلاف: يحاول أن يرجّح منها ما كان معتمداً على النصّ من القرآن أو السنّة، فإذا وجد نصاً يؤيد أحد الرأيين أخذ به، وإذا لم يجد ما يرجّح به أحد الرأيين حكى الخلاف ولم يجزم بقول، وإذا أمكنه الترجيح، كما إذا كان الخلاف بين صحابيين متفاوتين في العلم أو الفضل، رجّح الجانب الأقوى.

4 ـ تقديم الحديث المرسل والضعيف على القياس: والمراد بالضعيف هو الحديث الذي لم يبلغ درجة الصحّة من حيث توافر أعلى درجات العدل والضبط في رواته.

وقد عمل أتباعه بالمصالح المرسلة، واعتبروها داخلةً ضمن القياس بمفهومهم، وكذلك عملوا بسدّ الذرائع؛ وانطلاقاً من هذا المبدأ أخذ الفقه الحنبلي بمبدأ الاستصحاب الذي يقوم على أساس استمرار الحكم الأصلي حتى يقوم دليلٌ بغير ذلك الحكم، كالقول بأنّ الأصل في الأشياء الإباحة([36]).

عدد أصول الاستنباط، واختلاف المدارس الاجتهادية فيها

كما رأينا، فإنّ عدد أصول الاستنباط كان أمراً مختلفاً فيه عند المسلمين، فجمهور الذين كتبوا في علم أصول الفقه يجعلونها أربعة: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس، وبعضهم تجاوز العشرة، وهي الأربعة السابقة، والاستدلال ـ وهو ما سوى الأربعة المذكورة من الأدلّة التي توجد في كلام أهل الاجتهاد ـ وهو على ثلاثة أنواع: الأول: التلازم بين الحكمين من غير تعيين علّة وإلا كان قياساً، الثاني: استصحاب الحال، الثالث: شرع من كان قبلنا شرعٌ لنا. وقد زاد الحنفية والمالكية الاستحسانَ؛ كما أضاف المالكية والحنبلية المصالحَ المرسلة؛ ومنها قياس العكس، وهو إثبات عكس حكم الشيء لضدّه لتعاكسهما في العلّة، والأصل الآخر هو قولهم: الدليل الذي يقتضي أن يكون كذا، خولف في كذا، لمعنى مفقود في صورة النـزاع، فنبقى على الأصل وانتفاء الحكم بانتفاء الدليل الذي يدرك به الحكم، والأصل الأخير هو الاستقراء بالجزئي على الكلي([37]).

أما عند الإمامية، فتربيع مصادر التشريع (الكتاب، السنّة، الإجماع، العقل) برز من خلال الشريف المرتضى في القرن الرابع في كتابه «الذريعة إلى أصول الشريعة»([38]).

أدوات الاجتهاد ومؤهلاته عند المدارس الأصولية

وقد عدّها الشافعي ستة أمور: 1 ـ العلم بأحكام كتاب الله سبحانه وتعالى، 2 ـ العلم بالسنّة، 3 ـ العلم بأقاويل السلف، 4 ـ العلم بإجماع الناس واختلافهم، 5 ـ العلم بلسان العرب، 6 ـ صحّة العقل.

وقد أضاف علماء القرن الرابع الهجري ـ وعلى رأسهم أبو بكر الباقلاني ـ اعتبارين آخرين، هما: 1 ـ العلم بقضايا الخطاب، أي أصول الفقه، 2 ـ التبحّر في علم الكلام، كما ركّز علماء القرن الخامس الهجري ـ وعلى رأسهم الغزالي ـ على اعتبارين آخرين هما: العلم بنصب الأدلة وشروطها، ومعرفة الرواية([39]).

بعد هذه المقدمة التي لا بدّ من التطرق اليها قبل الخوض في صلب الموضوع، نشرع بالحديث عن خلفيّات ظهور حركة التدوين.

خلفيّات نشوء علم أصول الفقه وأسبابه

1 ـ الظروف السياسية والاجتماعية في الصدر الأول

لم تنتعش الحركة العلمية بصورة عامة ولم يزدهر التدوين فيها إلا في العصر العباسي؛ لأنّ الدعوة الإسلامية في العصر الأموي لم تزل حديثة، والأمّة منشغلة بفتوحات السلاطين، ولم تعمّ حالة طلب العلم والتعليم، فكانت العلاقة بين العلماء والسلطة سيئةً لحدّ القطيعة بين مراكز الخلافة ومراكز الحركة العلمية.

إضافةً إلى هذا، كانت الاختلافات والصراعات الداخلية تمنع استتباب الأمن والرفاه، فكان الناس مشغولين بأمور حياتهم؛ وتبعاً لذلك كان من الطبيعي أن لا يدخل علم الأصول مرحلة التدوين، لكن الحال تغيّرت في العصر العباسي؛ لأسباب عدة، من أهمها:

1 ـ رعاية الدولة العباسية للحركة العلمية.

2 ـ توفر حرية فكرية ـ وإن كانت محدودةً ـ للعلماء.

3 ـ اعتماد القضاء على الفقه الإسلامي.

4 ـ تدوين السنّة([40]).

5 ـ استلام القضاء من قبل العلماء.

6 ـ تدوين المذاهب ودعم بعضها من قبل الخلفاء([41]).

7 ـ الأمان والاستقرار الداخلي، والانتعاش الاقتصادي وتحسّن الوضع المعيشي للناس.

8 ـ الانفتاح على سائر الحضارات والثقافات.

هذه الأمور ـ وعوامل أخرى ـ سبّبت انتعاش الحالة العلمية ودخول العلوم مرحلة التدوين، فكان علم أصول الفقه من هذه العلوم.

2 ـ ظهور مدارس المدينة والعراق

العامل المهمّ الآخر كان ظهور مدارس المدينة والعراق وما لعبه اختلافهما من دورٍ في تدوين علم أصول الفقه؛ فقد اشتهرت مدرسة الحجاز بالحديث وأخذها بالنقل، فيما اشتهرت مدرسة العراق بالعقل وأخذها بالرأي، وسبب اشتهار مدرسة المدينة واضح؛ لأنها مهد التشريع ومنطلق الرسالة، لكن مدرسة العراق اشتهرت لأسباب أخرى، أهمّها:

1 ـ نزول العراق جمعٌ من كبار الصحابة، كعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وأبي موسى الأشعري و..

2 ـ أصبح العراق مركز الخلافة بعد المدينة؛ فقصده العلماء.

3 ـ اشتهار مدرستي العراق والمدينة بالفقه، وإن كانت الأولى أكثر ما يوصف فقهها بالرأي والثانية بالحديث، ومدرسة مكة في الغالب الأعم بالتفسير، واشتهار مدرسة الشام بالسِّيَر والمغازي([42]).

أمّا حول أسباب اشتهار مدرسة العراق بالرأي، فيمكن ذكر النقاط التالية:

1 ـ ظهور حركة الوضع في الحديث؛ ممّا دفع الفقهاء لترك الاعتماد عليه، وكانت حركة الوضع قد ازدهرت في العراق؛ لابتعادها عن المدينة أولاً، ولوجود اضطرابات سياسية واجتماعية فيها ثانياً؛ مما جعل حركة الوضع تزدهر في ظلّ تلك الظروف.

2 ـ انتقال الخلافة من الحجاز إلى العراق مع الإمام علي بن أبي طالب B، وقد ترتّب على ذلك انتقال الحركة العلمية التي كانت متمركزةً في المدينة إلى مواطن القوّة السياسية حيث مركز الخلافة([43]).

3 ـ انفتاح العراق ـ حتى قبل الإسلام ـ على سائر الحضارات بصفته الممرّ التجاري إلى الكثير من مراكز الحضارات آنذاك، وقد سبّب ذلك حركةً علمية وجدالاً فكريّاً ونزعة فلسفية فيه أقوى من المدينة.

وقد وصل اختلاف العلماء بين المدينة والعراق إلى درجةٍ عبّر عنها فقيه المدينة ربيعة الرأي (136ﻫ) حين قدومه من العراق، حيث سئل: كيف وجدت العراق وأهله؟ بقوله: «رأيت حلالنا حرامهم، وحرامنا حلالهم، وتركت أكثر من أربعين ألف يكيدون هذا الدين»([44])، ومن الواضح أنّ فقيه المدينة في كلامه هذا، قد استخدم المبالغة العربية، وإلا لكان المسلمون سابقين الغرب في النسبية الأخلاقية المطلقة ولا يقصد في كلامه سوى مجال الآراء واجتهاداتهم، لا أحكام الإسلام الثابتة.

علماً أنّ بعض المحققين لا يقبل كون اهتمام أهل المدينة بالحديث أكثر من أهل العراق، بل يرى السبب في هذه الشهرة هو الاستدلالات العقلية الأقوى في آراء مدرسة العراق لا التمسك الأضعف بالسنّة؛ لهذا السبب يتهم الشافعي أهل المدينة بترك الكثير من القليل الذي رووه ولم يتّهم العراقيين بذلك([45]). ويدّعي هؤلاء المحققون أن من خلال نصوص عديدة يظهر العراقيون أنفسهم أكثر اعتناءً بالحديث من أهل المدينة وأهل الشام، فأبو حنيفة وأبو يوسف كلاهما يتقدّمان على مالك في التجميع المنهجي، والاحتجاج على الخصوم بأنّ آراءهم غير مبنية على الأحاديث النبوية أمر شائعٌ عند العراقيين والمدنيين في المناظرات العلمية القائمة بينهم، فلا فرق بين موقفهما من الحديث، لكن آراء أهل العراق كانت أكثر تطوّراً([46]).

ونستطيع القول بأنّ الاتجاه الفقهي في سائر الأمصار الإسلامية اتجه نحو الحديث، إما كردّ فعل لانتشار مدرسة الرأي في العراق وازدهارها، وإما بسبب تدوين الحديث وتيسّره؛ فلم يعد الفقهاء اللاحقون يجدون العنت والمشقّة في البحث عن الأحاديث، خاصة مع ظهور المسانيد وكتب الصحاح، فكان ذلك سبباً معقولاً للعودة بالمنهج الفقهي إلى المنهج الأكثر التصاقاً بالسنّة والأكثر تمسّكاً بها([47]).

وقد لعب احتدام الصراع بين مدرستي: العقل والنقل، أو العراق والحجاز، دوراً مهماً في بروز علم الأصول؛ لأنه جاء ليحكم في خلافات أهل الرأي وأهل الحديث، ويضع قانوناً كلياً يضبط مناهج الاستنباط؛ كي لا تنقسم الأمّة نتيجة اختلاف الآراء.

3 ـ الابتعاد عن عصر النص

أثر الابتعاد عن عصر النص من عدّة جهات على تبلور علم أصول الفقه؛ لأنه لم يمض عصر الصحابة والتابعين حتى تبدّلت الأحوال، ففسدت اللغة بسبب دخول الكثير من العجم في الإسلام وتعلّمهم العربية واتخاذها لغةً يومية ورسمية لهم، فاحتيج إلى ضبط المعاني اللغوية وطرق البيان بقواعد لغوية، ليكون استنباط المعاني الشرعية من النصوص استنباطاً سليماً؛ فنتيجة ازدياد الاحتمالات للنصّ الواحد، كثُر الخلاف واتسعت مجالاته وتعدّدت طرق الاجتهاد؛ فواحدٌ عمل بالاستحسان، وآخر لم يعمل به، وهذا ترك العمل بالحديث إذا كان راويه فقيهاً وعمل بخلاف ما روى، وذاك لم يترك العمل به، فتبعت كلّ جماعة واحداً من الفقهاء وحملوا آراءه وجادلوا فيها؛ فتميزت مناهج الاجتهاد وتحدّدت مصادر الفقه وأصوله لكلّ فئة، ومن ثم أصبح من الضروري وضع قواعد ثابتة لاستنباط الأحكام تضبط مسيرة الاجتهاد وتحكمها وتحفظها من الزيغ والانحراف؛ لأنّ الالتزام بقواعد الاستنباط يربّي التفكير الفقهي ويجعل الاجتهاد خاضعاً لموازين دقيقة تحفظ الفقيه من الزلل([48]).

إضافةً إلى ما ذكرنا، كلّما انتشر الإسلام في بقاع الأرض أكثر وتطوّرت الحياة وتعقّد المجتمع، كثرت الأسئلة التي لم يجد لها المسلمون إجابةً في النصوص، فكانوا يبحثون عن سبيل يوصلهم لأجوبةٍ شرعية على مسائلهم ومشاكلهم التي يعانون منها.

4 ـ تدخّل السلطة السياسية في تفسير الدين

تعكس المقابلة بين السيف والقلم المواجهةَ بين السياسة والمعرفة، أو العلم والواقع، وما ينبغي أن يكون([49])، فرجل العلم يرى ـ على خلاف السلطان ـ أنّ «في الاختلاف رحمةً للأمة»؛ لأنّ في الاختلاف ضماناً لحقّ إبداء الرأي وبذل الوسع في الاجتهاد؛ مراعاةً لتغيّر الأحكام بتغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيّات والعوائد على حدّ تعبير ابن قيم الجوزية([50])؛ ولهذا السبب خالف الإمام مالك طلب الخليفة المنصور (136ﻫ) بأن يفرض كتابه «الموطأ» على الناس، ووعى ذلك جيداً تلميذُه الشافعي الذي عمل في «رسالته» في أصول الفقه على إعادة تأسيس نظري لمفهوم الأمر والطاعة وحدودهما، والإجماع وسلطته، وغيرها من المفاهيم والضوابط الجديدة التي نستشفّ منها خوف صاحب «الرسالة» في أصول الفقه وتحذيره من السقوط فريسةً لمنطق رجل السياسة، أو تبني مصطلحاته ومفاهيمه التي كرّستها نصائح ابن المقفع في «رسالة الصحابة»، وبذلك نقف على مدى التعارض الكبير بين منطق «الرسالتين» بحكم موقع كلّ منهما من مركز السلطة([51]).

وبعد تجربةٍ عملية مع رجل السلطة، اقتنع الفقيه بعدم جدوى المواجهة المسلّحة مع مالك السيف، وخشي أمام هذا التدهور شبه الحتمي أن يمتدّ طموح الأمراء والولاة ومن يمتّ إليهم بصلة من الولاء إلى «الكتاب» أيضاً؛ للاستئثار بتأويله وتوظيفه، فقرّر ـ إنقاذاً للوضع ـ ضرورة إعادة تأصيل المفاهيم الشرعية وتوحيدها وتقنين وتحديد فهم مقاصدها، ولم تكن لتغيب عنه المقاصد الأساسية التي دفعته ـ وهو في عملية التأصيل هذه ـ عن مقاصد عملية تنظيمية ونظرية متشعّبة، ولكن البعد السياسي لم يكن غائباً فيها، خاصة إذا علمنا أنّ إعادة التأسيس للمفاهيم الشرعية جاءت على أيدي روّاد كانت ذاكرتهم محفورة بتأريخ محن ـ مع رجل السلطة ـ قريبة العهد بهم، بل وحتى نالتهم. فلم يكن بدّ من أن ينعكس هذا الهمّ السياسي، ضمن هموم أخرى، أخلاقية وفكرية، على تأسيس الفقيه لعلم الأصول، هذا العلم الذي بقدر ما ساهم في تكوين «سلطة علمية» في الإسلام وحاول توحيد خطابها، ساهم كذلك في عودة المواجهة القديمة بين القرآن والسلطان، وبين رجل العلم ورجل السياسة في الإسلام([52]).

يعتبر محمد حميد الله أنّ علم أصول الفقه «أوّل محاولة في العالم لإقامة علم للقانون، متميّز عن التنظيمات والتشريعات الجزئية الخاصة بهذا الموقف أو ذاك. وهو علم يطمح إلى الشمول ودراسة القضايا القانونية المرتبطة بالإنسان، متى وجد وحيثما وجد»([53]).

وعلى سبيل المثال، معنى الضرورة من بين أهمّ ما تداوله الفقهاء من مفاهيم متولّدة عن ذلك الاعتراف بالواقع «المزيج» وعن تلك القواعد الناجعة في التكيّف المستمر، والملفت للانتباه ذلك الحضور للبعد السياسي في تحديد الفقيه لمفهوم الضرورة ذاته، من حيث الارتباط المباشر لذلك المفهوم في وعيه بمعنى الإكراه السياسي خاصّة([54]).

5 ـ الوضع الاقتصادي

يمكن عدّ هذا العامل ضمن ما مرّ من بيان الظروف السياسية والاجتماعية في الصدر الأول، ولكن نظراً لأهميته ودوره المزدوج في ظهور علم أصول الفقه أفردناه هنا للتركيز عليه بشكل مختصر، فبقدر ما شجّعت الوضعية الاقتصادية بعض رجال العلم على عدم الاحتفاظ باستقلالهم اتجاه السلاطين والأمراء وأغرتهم بمزيد من المتابعة والتقويم لاختياراتهم أو لفقهائهم المتلبّسين بهم.. دفعهم مشكل «المزيج» في هذا العالم إلى التفكير في ضرورة توظيف قواعد علمهم؛ طلباً للتكيّف مع مشكلات ذلك المزيج ومع مستجدات الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما أثرى المباحث الأصولية وأغنى النقاش بين علماء الأصول؛ فقنع رجل العلم ـ في ظلّ هذا التراجع ـ بالتفكير في «الممكن» وكفّ عن التفكير فيما ينبغي أن يكون، وصار مشغولاً بالجزئيات والفروع، وصرف عنايته عن الاجتهاد في «الأصول» التي تذكّره دوماً بمسؤوليته في تصحيح المصطلحات وتحديد المفاهيم وبدوره في توضيح الشروط والواجبات التي تعمّ الراعي والرعية؛ وهو ما لم يعد له صدى في هذا الزمن الذي أثبت فيه السيف أسبقيّته على القلم، وتراجعت المطالبة بالعدل أمام ضرورة الحفاظ على البيضة ودفع العدو الكافر، وصار الالتزام بالعدل بين الرعية ومشاورتهم في أمّهات الأمور ضرباً من «السفه السياسي» كما اعتقد ابن الطقطقي([55]).

6 ـ موقف أئمة الأمّة من علم أصول الفقه

أحد الأسباب المهمّة في نموّ وتطور هذا العلم هو أنّ الأئمة لم يتخذوا منه موقفاً سلبياً، بل ساهموا في رواجه والعمل به، وهذا ما دفع بحركة تدوينه نحو الأمام، ونشير هنا باختصار إلى موقف الأئمة من هذا العلم:

أ ـ موقف أئمة أهل البيت (من علم أصول الفقه:

يدّعي الكثير من كتّاب الشيعة أنّ أئمة أهل البيت كانوا يحثون أتباعهم على تعلّم هذا العلم وتدوينه، وهم أنفسهم ألقوا على تلاميذهم بعض أصوله، ولم يكن في تلك المرحلة هدفهم العمل به؛ إذ مع وجود الأئمة لا حاجة لهم به، بل في الغالب كان هدفهم تبيين آراء الشيعة وموقفهم من المسائل قبال أهل السنّة، والدفاع عن متبنياتهم الفكرية، لهذا نرى أول تصنيفاتهم تحمل عناوين «اختلاف الحديثين»، «إبطال القياس» و.. وهذه مسائل كان للشيعة رأي خاص فيها يختلف عن رأي أهل السنّة([56])، وفي بعض الأحيان كان الأئمة يأمرون الشيعة بالعمل بالأصول بسبب البعد عنهم أو اعتقالهم من قبل السلطة، أو خطورة مراجعتهم، وتحضير الشيعة لمواجهة مرحلة الغيبة ([57]).

ب ـ موقف أئمة المذاهب الأربعة من علم أصول الفقه:

ورد عن الإمام أبي حنيفة (80 ـ 150ﻫ) ما يحدّد مناهج استنباطه بالكتاب والسنّة، وفتاوى الصحابة ليلتزم منها بما أجمعوا عليه، وتخيّر فيما اختلفوا فيه، ولم يأخذ برأي التابعين لأنه يراهم رجالاً مثله، وكان يقيس ويستحسن، فيستنبط العلل من ثنايا النصوص ويعمّم حكمها، فإذا ما قبح القياس عدل عنه إلى الاستحسان في الموضع الذي يتجافى فيه القياس مع العدل([58])، إذاً، فقد عمل أبو حنيفة بأصول الفقه، فموقفه منه لا يحتاج إلى بيان.

وكذلك الحال بالنسبة للإمام مالك بن أنس (93 ـ 170ﻫ)، فقد أشار في كتابه «الموطأ» إلى قواعد هذا العلم وذكر فروعاً فقهية تدلّ على أخذه بالقياس، وصرّح في «احتجاجه» بعمل أهل المدينة في أكثر من موضع، واشترط في السنّة، كضابط لقبولها والعمل بها، أن لا تخالف القرآن أو المقرّر المعروف من قواعد الدين أو عمل أهل المدينة([59]).

أمّا كتاب «الرسالة» للإمام الشافعي (150 ـ 204ﻫ) فيغنينا عن الدخول في بيان رأيه في علم أصول الفقه.

كما تُذكر للإمام أحمد بن حنبل (164 ـ 241ﻫ) مؤلّفات في أصول الفقه مثل كتاب طاعة الرسول، وكتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب العلل، وكان يعمل بأصول الفقه أيضاً([60]).

إذن، فأئمة المذاهب تجاوزوا مرحلة الدعم والتأييد ودخلوا بأنفسهم في عمليّة التنظير لهذا العلم.

ونستطيع تلخيص أصول فقه الأئمة الأربعة ـ على ما جاء في آثارهم ـ بالموارد التالية:

الأصول التي بنى أبو حنيفة فقهه عليها: 1ـ القرآن الكريم. 2 ـ السنّة النبوية. 3 ـ قول الصحابي. 4 ـ الإجماع. 5 ـ القياس. 6 ـ الاستحسان. 7 ـ العرف([61]).

أمّا الأصول التي بنى مالك فقهه عليها فهي: 1 ـ القرآن الكريم. 2 ـ السنّة النبوية. 3 ـ فتوى الصحابي. 4 ـ الإجماع. 5 ـ إجماع أهل المدينة. 6 ـ القياس. 7 ـ الاستحسان. 8 ـ الاستصحاب «واستصحاب الحال». 9 ـ المصالح المرسلة. 10 ـ سدّ الذرائع. 11 ـ العرف([62]).

أمّا الأصول التي بنى الشافعي فقهه عليها فهي: 1 ـ القرآن الكريم. 2 ـ السنّة النبوية. 3 ـ الإجماع. 4 ـ القياس. 5 ـ الاستصحاب. 6 ـ قول الصحابي. 7ـ الاستقراء. 8 ـ الأخذ بأقلّ ما قيل. 9 ـ العرف([63]).

وأمّا الأصول التي بنى أحمد بن حنبل فقهه عليها فهي: 1 ـ القرآن الكريم. 2 ـ السنّة النبوية. 3 ـ الاحتجاج بقول الصحابي. 4 ـ الإجماع. 5 ـ القياس. 6 ـ الاستصحاب. 7 ـ المصالح المرسلة. 8 ـ سدّ الذرائع([64]).

7 ـ تنامي الحركة الفلسفية ونهضة الترجمة

تنامي الحركة الفلسفية والتي بدأت من زمن بروز نهضة الترجمة في عهد الخليفة المأمون (218ﻫ)، ومن بينها الفلسفة التي ترجمت فيها كتب أرسطا طاليس، فأرسى ذلك قاعدةً فلسفية ساعدت على الجدل والحوار، وأذكت روح البحث والمناظرة.

وفي القرن الخامس برز أثر تلك القواعد الفلسفية واضحاً في كتابات الأصوليين ومعالجتهم لقضايا الأصول، ومرّت عملية التدوين بمرحلةِ صقل، نتيجة توجّه الفقهاء للتعليل والتخريج والترجيح بين آراء أئمتهم في غمرة الصراع بينهم؛ لنصرة تلك المذاهب في ظلّ التقليد في الفقه؛ مما أمكن الأصول أن يلامس الفقه بصورةٍ أكبر، ودخل ـ عدا المتكلمين ـ سائرُ العلماء الكبار ساحةَ التأليف في هذا المجال، واستمرّت عملية التدوين بعد الشافعي، وأدخل كلّ من المذاهب الفقهية حلبته انتصاراً لمذاهبهم عن طريق سعيهم لإبراز أصولها([65]).

نشأة علم أصول الفقه

رأينا ان الحديث عن خلفيات نشوء أصول الفقه في الحقيقة كان يبيّن خلفيّات ظاهرة التدوين في أصول الفقه لا تأسيسه؛ لأننا نعلم أن أبحاث علم أصول الفقه مؤلفة من قواعد عقلية، وأبحاث لغوية وأمور أخرى. وكثير منها مستقاة من علوم اُخرى ولم توضع لعلم الأصول خاصّة؛ فلا معنى أن نبحث عن مؤسّس للقواعد العقلية أو السيرة العقلائية وأمثالها، خصوصاً و أنها غير محدودة في الدائرة الإسلامية وحتى استخدامها غير متوقف على المسلمين، ولا يمكن ضبط أول من استعملها، وإذا تخطينا هذا الأمر أيضاً نرى الكثير من القواعد الأصولية تنسب إلى أحاديث الرسول أو الأئمة المعصومين أو الصحابة. فهناك كتب تسعى لجمع الأصول التي وردت في أحاديث الرسول أو الأئمة، ومنها على سبيل المثال:

1ـ كتاب الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية لسليمان الطوفي (757هـ) في ثلاث مجلدات.

2ـ كتاب الأصول الأصيلة والحق المبين في تحقيق كيفية التفقه في الدين للملا محسن الفيض الكاشاني (1091هـ).

3ـ كتاب الفصول المهمة في أصول الأئمة للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (1104هـ).

4ـ كتاب الأصول الأصلية والقواعد المستنبطة من الآيات والأخبار المروية تأليف السيد عبد الله شبر الكاظمي (1242هـ).

5ـ كتاب أصول آل الرسول للسيد محمد هاشم الموسوي الخوانساري (1318هـ).

كذلك يدّعي البعض أنّ في كتاب الخليفة عمر بن الخطاب إلى شريح القاضي ما يدلّ على ظهور الإجماع في عصر الصحابة ووجود دليل تؤخذ منه الأحكام([66]). كذلك يدّعى بأن ابن عباس وضع فكرة الخاص والعام، وتكلّم الصحابة في زمن الرسول 2 عن العلل وهي أساس النسق القياسي([67])، كذلك تفريعات إبراهيم النخعي وغيره من فقهاء العراق، كانت نتيجة استخراج علل الأقيسة وضبطها والتفريع عليها بتطبيق تلك العلل في الفروع المختلفة([68]).

يدّعي هؤلاء أنّ من خلال التأمل في كيفية تعامل الصحابة مع المصادر نستطيع استنباط ما جعله الأصوليون فيما بعد من قواعد علم الأصول، منها:

1ـ إنّ المتأخر في النزول ينسخ المتقدّم أو يخصّصه، إذا كان النصّان في موضوع واحد وعرف التأريخ.

2ـ إذا تعارضت الأشباه في شيء يلحقه المتنازع فيه بأقربها شبهاً وأقواها.

3ـ تطبيق القواعد العامة عند عدم النص.

4ـ إلحاق النظير بالنظير عند تساويهما في العلة.

5ـ اختلافهم في تحديد علة النص.

6ـ بعض اجتهادات الصحابة تعدّ أنموذجاً للأخذ بمبدأ سدّ الذرائع([69]).

في الدائرة الشيعية، ادّعى السيد حسن الصدر في كتابه «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» أنّ الإمام الباقرA هو مؤسس أصول الفقه([70]).

ليس من الواضح ـ نظراً لاعتقاد الشيعة بأئمتهم المعصومين ـ كيف نستطيع اعتبار الإمام الباقرA مؤسّساً لأصول الفقه دون الأئمة السابقين له، وما هو امتيازه على الإمام السجادA أو الإمام الحسينA، فإذا كان الموضوع وجود كتاب مدوّن فليس لأيّ منهم كتاباً في أصول الفقه، وإذا كان وجود الأحاديث، فالأحاديث منسوبة للرسول2 أيضاً.

حين مراجعة الكتاب المذكور، نرى أن فاتحته ـ بعد البسملة وقبل الصلاة على الرسول وآله ـ هي: «الحمد لله الذي جعل الشيعة الكرام مفاتيح علوم الإسلام، وأساساً لهذا البنيان، فهم الأحق بالتعظيم والأسبق في استحقاق التقديم…»([71])، ويذكر تقدّم الشيعة في أربعة عشر علماً: النحو، التصريف، اللغة، البيان والبديع، العروض، فنون الشعر، السير والتاريخ الإسلامي، الرجال والرواة، علم الفرق، الحديث، تنويع الحديث، الفقه، أصول الفقه، علوم القرآن، علم الكلام، الأخلاق([72]). ويسعى السيد لإثبات أنّ اسم الشيعة أيضاً سابق على اسم السنة([73])؛ فكأنّ المؤلف متبني رأي تأسيس الشيعة لجميع العلوم الإسلامية مسبقاً؛ ونرى أنّ عشرات الكتب الشيعية في معرض الكلام عن مؤسس أصول الفقه يرجعون له وينقلون كلامه نصاً؛ دون أن يحمّلوا أنفسهم أعباء مناقشة الآراء المطروحة في هذا المجال.

نظراً لما تقدم، نرى أنّ الأجدر بنا أن نبحث عن مدوّن أصول الفقه مكان النقاش حول مؤسسه، والذي قد لا يكون أمراً صائباً من الأساس.

تدوين أصول الفقه

من الطبيعي أن تختلف مجاميع المسلمين حول أول من دوّن في أصول الفقه، ومن الطبيعي جداً أن تدّعي كل جماعة الأسبقية لنفسها، ونتناول هنا رأي الشيعة أولاً؛ لأن ادّعاءهم يعود إلى عهد أسبق من ادعاء أهل السنّة.

الرأي الشيعي

يدّعي البعض أنّ من جملة تأليفات ـ حسب تعبيرهم ـ أمير المؤمنين الإمام عليA كتابٌ في أصول الفقه، والظاهر أنّه يقصد به كتابات لأمير المؤمنينA حول القرآن الكريم، وينسب إلى صاحب أعيان الشيعة أنّ هذا الكتاب أول كتاب للأئمة E في أصول الفقه([74]).

ويعتقد أغلب الشيعة أنّ كتاب «الألفاظ ومباحثها» لهشام بن الحكم الشيباني الكوفي (179هـ) (من أصحاب الإمامين الصادق والكاظمH) أول مدوّن في علم أصول الفقه، أول من نسب كتاب «الألفاظ» لهشام هو ابن النديم في فهرسه، أما الشيخ الطوسي، فإضافة لكتاب الألفاظ، يذكر في فهرسه كتاباً تحت عنوان «الألطاف» واسم (الألفاظ) يذكره في الحاشية كعنوان بديل، وابن شهر آشوب في كتابه (معالم العلماء) ذكر اسم «الألطاف» فقط؛ فلا يستبعد أن يكون العنوان الصحيح هو «الألطاف» لا «الألفاظ»([75]).

يقول السيد حسن الصدر أنّ هذا الكتاب لهشام بن الحكم شيخ المتكلمين، وهو أول مصنف في أصول الفقه.

هناك ملاحظتان على هذا الرأي:

أولاً: إنّ هشاماً ـ كما يصفه السيد الصدر ـ كان «شيخ المتكلمين»، أي كان متكلماً أكثر منه فقيهاً.

ثانياً: إنّ مصطلح «الألفاظ» لم يدخل في كتب أصول الفقه تحت عنوان باب من أبوابه ولم يفرد أحد مبحثاً في أصول الفقه تحت هذا العنوان، حتى بعد عدة قرون، والظاهر أنّ هذه الرسالة إما كانت في اللغة أو علم الكلام، وهو الأقوى باعتبار أنّ هذا اللفظ كان يستخدم في المباحث الكلامية، والكاتب أيضاً كان من المتكلّمين.

حسب الادّعاء الشيعي، تلا هذا الكتاب كتبٌ أخرى لأصحاب الأئمةE وأتباعهم، وهي حسب الترتيب الزمني كالتالي:

2ـ اختلاف الحديث ومسائله (أو علل الحديث)، ليونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين، من أصحاب الإمامين الكاظم والرضاH (208هـ)([76]).

3ـ (الخصوص والعموم)، (إبطال القياس)، (نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي) لإسماعيل بن علي، أبي سهل النوبختي (ق3)([77]).

4ـ (خبر الواحد والعمل به)، (الخصوص والعموم)، لأبي محمد الحسن بن موسى النوبختي (ق3)([78]).

5ـ (إبطال القياس)، لأبي منصور الصرام النيشابوري (ق3)([79]).

6ـ (المتمسك بحبل آل الرسول)، لأبي محمد حسين بن علي بن أبي عقيل العماني (329هـ)([80]).

7ـ (مسائل الحديثين المختلفين)، لأبي الحسن محمد بن أحمد بن داود (368هـ)([81]).

8ـ (كشف التمويه والالتباس على إغمار الشيعة في أمر القياس) ([82])، (الأفهام بأصول الأحكام)([83]) و(تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة) و(المختصر الأحمدي في الفقه المحمدي)([84])، لأبي علي محمد بن الجنيد.

9ـ (التذكرة بأصول الفقه)، (كتاب القياس)، (مسألة في القياس)، (مسألة في الإجماع)، (النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي)([85])، وذكرت التذكرة تحت عنوان (كتاب في أصول الفقه)([86])، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، الشيخ المفيد (338ـ 413هـ)، ونقل هذا الكتاب الشيخ أبو الفتح الكراجكي (449هـ) في كتابه كنز الفوائد([87]).

10ـ (الذريعة في علم أصول الشريعة) أو الذريعة إلى أصول الشريعة، (مسائل الخلاف في أصول الفقه)، (إبطال القياس)، من أجزاء المسائل الموصليات الأولى، مسائل مفردات في أصول الفقه، للسيد علم الهدى المرتضى علي بن الحسين الموسوي (355ـ 436هـ)([88]).

11ـ (التقريب في أصول الفقه)، لأبي يعلى حمزة سلاّر بن عبد العزيز الديلمي (448 أو 436 هـ)([89]).

12ـ (عدة الأصول)، (مسألة في حجية خبر الواحد) أو (مسألة في العمل بخبر الواحد)، للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (460هـ)([90]).

13ـ (المصادر في أصول الفقه)، (التنقيح)، للشيخ سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي (ق5)([91]).

 الرأي السني

في دائرة الكتّاب من أهل السنة، اتفقت الكلمة ـ تقريباً ـ على أنّ المؤسس لعملية تدوين أصول الفقه هو الإمام الشافعي بتأليفه «الرسالة»، وادّعى كثيرٌ منهم أنّ إجماع العلماء انعقد على هذا الأمر، وقد نقل هذا الإجماع كل من فخر الدين الشافعي، وابن خلدون، وبروكلمان والأسنوي و… ([92]). واتفق بعض الشيعة معهم على أنّ الإمام الشافعي هو أول من ألّف في أصول الفقه([93]). وقد ادّعى بعض من أهل السنة أسبقية أبي يوسف (182هـ) في التأليف، ولكن لم يلق هذا الادعاء قبولاً عاماً.

أما الكتب الأصولية التي يدّعي كتّاب أهل السنة تأليفها من قبل السلف، فالقائمة أطول بكثير مما عليه عند الشيعة([94]). ونورد هنا أسماء الكتب الأصولية ومؤلفيها ـ من الإمام الشافعي إلى نهاية القرن الخامس ـ حسب الترتيب الزمني، بناءً على ادّعاء بعض الكتّاب:

2ـ عيسى بن أبان بن صدقة الحنفي (220 أو 221هـ): خبر الواحد، إثبات القياس، اجتهاد الرأي([95]).

3ـ أصبغ بن الفرج المالكي (150ـ 225هـ): كتاب الأصول([96]).

4ـ إبراهيم بن يسار بن هانيء البصري، أبو اسحاق النظام المعتزلي (231هـ): النكت في عدم حجية الاجماع (والقياس)([97]).

5ـ أحمد بن حنبل (164ـ 241هـ): الناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر من القرآن، كتاب العلل والرجال([98]).

6ـ الحسين بن علي الكرابيسي البغدادي (248هـ): أصول الفقه([99]).

7ـ أبو سليمان داود بن علي الظاهري (200 أو 202 ـ 270هـ): الإجماع، إبطال التقليد، إبطال القياس، خبر الواحد، الخبر الموجب للعلم، الخصوص والعموم، كتاب الحجة، المفسّر والمجمل، الكافي في مقالة المطلبي([100]).

8ـ الحسن بن الحسين اليشكري الظاهري (276هـ): إبطال القياس([101]).

9ـ إسماعيل بن إسحاق الأزدي الجهضمي (200 ـ 282هـ): الردّ على أبي حنيفة، الردّ على الشافعي، كتاب الأصول([102]).

10ـ محمد بن داود بن علي الظاهري (255 ـ 297هـ): الوصول إلى معرفة الأصول.

11ـ أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم (245ـ 298هـ): كتاب القياس([103]).

12ـ علي بن موسى القمي الحنفي (305هـ): إثبات القياس، الاجتهاد، خبر الواحد([104]).

13ـ أبو علي الحسن بن القاسم الطبري الشافعي (305هـ): أصول الفقه([105]).

14ـ أحمد بن عمر ابن سريج (249 ـ 306هـ): الردّ على ابن داود في إبطال القياس([106]).

15ـ زكريا بن يحيى البصري الساجي الشافعي (220 ـ 307هـ): أصول الفقه([107]).

16ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر (242 ـ 319): إثبات القياس، كتاب الإجماع([108]).

17ـ أبو القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي (319هـ): له كتابات في أصول الفقه([109]).

18ـ أبو هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي (247 ـ 321هـ): العدّة، كتاب الاجتهاد، تذكرة العالم([110]).

19ـ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (260 ـ 324هـ): إثبات القياس، إختلاف الناس في الأسماء والأحكام، الخاصّ والعام، الاجتهاد([111]).

20ـ إسحاق بن إبراهيم الشاشي الحنفي (325هـ): أصول الشاشي([112]).

21ـ ابن أبي منصور البغدادي (320 أو 327هـ): كتاب الإجماع، وكتاب مدخل إلى مذهب الطبري([113]).

22ـ أحمد بن الإخشيد (270 ـ 326 هـ): الإجماع والمعونة([114]).

23ـ الحسن بن أحمد الاصطخري (244 ـ 328هـ): له كتابات في أصول الفقه([115]).

24ـ عبد الملك السعدي (285 ـ 330هـ): الدلائل والأعلام على أصول الأحكام([116]).

25ـ أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي الشافعي (330هـ): شرح رسالة الشافعي، البيان في دلائل الأعلام على أصول الأحكام، الإجماع، كتاب في الفرائض([117]).

26ـ أبو الفرج عمر ـ أو عمرو ـ بن محمد المالكي البغدادي (330 أو 331هـ): اللمع في أصول الفقه([118]).

27ـ أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي الحنفي (333هـ): مآخذ الشرائع في الفقه والجدل على طريقة الأحناف([119]).

28ـ أحمد بن أحمد بن القاص الطبري الشافعي (335هـ): له كتاب في أصول الفقه.

29ـ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي الشافعي (340هـ): الفصول في معرفة الأصول، الخصوص والعموم([120]).

30ـ عبيد الله بن الحسين الكرخي الحنفي (260 ـ 340هـ): رسالة في الأصول([121]).

31ـ حسّان بن محمد أبو الوليد النيسابوري الأموي (270 أو 277 ـ 339 أو 349هـ): شرح رسالة الشافعي([122]).

32ـ محمد بن عبد الله البردعي الخارجي (340 أو 350هـ): الجامع في أصول الفقه([123]).

33ـ محمد بن سعيد القاضي (343هـ): الهداية([124]).

34ـ بكر بن محمد القشيري (264 ـ 344هـ): القياس، أصول الفقه، مآخذ الأصول([125]).

35ـ حسّان القرشي الأموي (277 ـ 349هـ): شرح رسالة الشافعي([126]).

36ـ أحمد بن الحسين بن برهان الفارسي (350هـ): الذخيرة في أصول الفقه([127]).

37ـ الحسن ـ أو الحسين ـ بن القاسم أبو علي الطبري (263 ـ 350هـ): أصول الفقه([128]).

38ـ أحمد بن محمد ابن القطان (359هـ): له مؤلفات في أصول الفقه.

39ـ أبو حامد أحمد بن بشر المروزي ـ أوالمروروذي ـ العامري الشافعي البصري (362هـ): الإشراف على أصول الفقه .

40ـ عبد العزيز بن جعفر غلام الخلّال (285 ـ 363هـ): روضة الناظر وجنة المناظر([129]).

41ـ أبو بكر محمد بن علي القفال الشاشي الشافعي (291 ـ 365هـ): شرح رسالة الشافعي، كتاب في أصول الفقه([130]).

42ـ الحسين بن علي أبو عبد الله البصري (288 أو293 ـ 369هـ): له كتابات في أصول الفقه([131]).

43ـ أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصّاص الحنفي (305 ـ 370هـ): أصول الجصّاص([132]).

44ـ إبراهيم بن أحمد الرباعي الظاهري (370هـ): الاعتبار في إبطال القياس([133]).

45ـ أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي (371هـ): الفصول في الأصول([134]).

46ـ عبد العزيز بن الحارث أبو الحسن التميمي (317 ـ 371هـ): له كتابات في أصول الفقه([135]).

47ـ أبو بكر محمد بن عبد الله التميمي الأبهري المالكي (287 أو 289 ـ 375هـ): كتاب الأصول، كتاب إجماع أهل المدينة([136]).

48ـ أبو بكر عبد الواحد بن الحسين الصيمري الشافعي (386هـ): كتاب القياس والعلل أو كفاية القياس([137]).

49ـ محمد بن عبد الله الجوزقي النيسابوري الشيباني (306 ـ 388هـ): شرح رسالة الشافعي([138]).

50ـ المعافي بن زكريا النهرواني (303 ـ 390هـ): الحدود والعقود في أصول الفقه([139]).

51ـ محمد بن خويزمنداد البصري (390هـ): الجامع([140]).

52ـ أبو بكر محمد بن محمد الدقاق (306 ـ 392هـ): كتاب في أصول الفقه على مذهب الشافعي([141]).

53ـ إسماعيل بن أحمد الجرجاني الشافعي (333 ـ 396هـ): تهذيب النظر في أصول الفقه([142]).

54ـ أبو الحسن علي بن القصّار المالكي (397هـ): المقدّمة في أصول الفقه([143]).

55ـ سعد بن محمد القيرواني المالكي (400هـ): المقالات في الأصول([144]).

56ـ محمد بن أحمد ابن المجاهد الطائي المالكي (400هـ): كتاب في الأصول على مذهب مالك([145]).

57ـ إسماعيل بن الحسين البيهقي (402هـ): الينابيع([146]).

58ـ أبو عبد الله الحسن بن حامد الوراق الحنبلي (403هـ): أصول الفقه([147]).

59ـ أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المالكي البصري (338 ـ 403هـ): أمالي إجماع أهل المدينة، التقريب والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد، ثم اختصره في كتاب الإرشاد المتوسط، ثم في الإرشاد الصغير، التمهيد والمقنع([148]).

60ـ محمد بن الحسن ابن فورك (406هـ): الحدود في الأصول([149]).

61ـ أبو حامد أحمد بن محمد الاسفراييني (344 ـ 406هـ): كتاب في أصول الفقه([150]).

62ـ عبد الجبار الهمداني المعتزلي (415هـ): العمد والنهاية([151]).

63ـ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الاسفراييني (418هـ): رسالة الفصول في معرفة الأصول، كتاب العموم والخصوص([152]).

64ـ القاضي عبد الوهاب بن علي (362 ـ 422هـ): الإفادة، التلخيص، المروزي([153]).

65ـ يحيى بن الحسين الناطق بالحقّ (340 ـ 424هـ): جوامع الأدلة، المجزي في أصول الفقه([154]).

66ـ أبو عمرو أحمد بن محمد الطلمنكي (340 ـ 429هـ): الوصول إلى معرفة الأصول([155]).

67ـ عبد القادر بن طاهر البغدادي (429هـ): الفصل في أصول الفقه، والتحصيل في أصول الفقه([156]).

68ـ أبو زيد عبيد الله ـ أو عبد الله ـ بن عمر الدبوسي الحنفي (430هـ): تقويم الأدلّة في تقويم أصول الفقه وتحديد أدلة الشرع، تأسيس النظر فيما اختلف فيه أبو حنيفة وصاحباه ومالك والشافعي، الأسرار في الأصول والفروع، الأمد الأقصى([157]).

69ـ نور الدين عبد الوهاب بن محمد الشافعي البغدادي (430هـ): فصول في الأصول([158]).

70ـ أبو الحسين محمد بن علي البصري المعتزلي (436هـ): المعتمد في أصول الفقه([159]).

71ـ الصيمري الحنفي (351 ـ 436هـ): مسائل الخلاف في أصول الفرق([160]).

72ـ أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني الشافعي (438هـ): شرح رسالة الشافعي([161]).

73ـ أبو رشيد سعيد بن محمد النيسابوري (440هـ): ديوان الأصول([162]).

74ـ أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري (348 ـ 450هـ): له كتابات في أصول الفقه([163]).

75ـ علي بن محمد البصري الماوردي (364 ـ 450هـ): له كتابات في أصول الفقه([164]).

76ـ علي بن محمد، إبن حزم الظاهري (384 ـ 456هـ): الإحكام في أصول الأحكام، النبذ، إبطال الرأي والقياس وملخّصه، كشف الالتباس عمّا بين الظاهرية وأصحاب القياس، مسائل أصول الفقه([165]).

77ـ إبراهيم بن محمد السّروي (358 ـ 458هـ): كتاب في الأصول([166]).

78ـ أبو يعلى محمد بن الحسين الحنبلي الفراء (380 ـ 458هـ): العدّة في أصول الفقه، مختصر العدة، الكفاية في أصول الفقه ومختصرها([167]).

79ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (384 ـ 458هـ): الخلافيات([168]).

80ـ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (392 ـ 463هـ): الفقيه والمتفقه([169]).

81ـ أبو المظفر شاهبور بن طاهر الاسفراييني (471هـ): له كتابات في أصول الفقه([170]).

82ـ أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (403 ـ 474هـ): إحكام الفصول في أحكام الأصول، الإشارات في أصول المالكية([171]).

83ـ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي (393 ـ 476هـ): اللمع وشرحه، التبصرة([172]).

84ـ عبد الوهاب ابن جلبة (476هـ): أصول الفقه([173]).

85ـ عبد السيد بن محمد، ابن الصباغ الشافعي (400 ـ 477هـ): عدّة العالم والطريق السالم أو تذكرة العالم والطريق السالم في الأصول، العمدة في أصول الفقه([174]).

86ـ عبد الملك بن عبد الله، إمام الحرمين الجويني الشافعي (419 ـ 478هـ): البرهان في الأصول، الورقات في أصول الفقه، التحفة في الأصول([175]).

87ـ عبد الرحمن بن المأمون المتولي النيسابوري الشافعي (426ـ 478هـ): الغنية في أصول الفقه([176]).

88ـ علي بن فضّال القيرواني المالكي (479هـ): الفصول في علم الأصول([177]).

89ـ علي بن محمد فخر الإسلام البزودي الحنفي (400 ـ 482هـ): كنز الوصول إلى معرفة الأصول (أصول البزودي)، شرح تقويم الأدلّة في الأصول([178]).

90ـ أحمد بن محمد الجرجاني (482هـ): المعاياة في الأصول([179]).

91ـ محمد بن أحمد السرخسي (483هـ): أصول السرخسي، المحرّر في أصول الفقه([180]).

92ـ يعقوب بن إبراهيم الحنبلي (409 ـ 486هـ): كتاب في أصول الفقه.

93ـ أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني الحنفي ثم الشافعي (426 ـ 489هـ): قواطع الأدلة في أصول الفقه (مجلّدان)([181]).

94ـ أبو بكر محمد بن أحمد السرخسي الحنفي (490هـ): الأصول (مجلدان)([182]).

95ـ أبو القاسم أحمد بن سليمان الباجي (493هـ): كتاب سرّ النظر، كتاب معيار النظر([183]).

96ـ عبد الوهاب بن محمد البغدادي (414 ـ 500هـ): له كتابات في أصول الفقه([184]).

97ـ علي بن محمد الكيا الهراسي (450 ـ 504هـ): كتاب في أصول الفقه([185]).

98ـ محمد بن علي الحلواني (439 ـ 505هـ): مصنف في أصول الفقه (مجلّدان)([186]).

99ـ محمد بن محمد الغزالي (450 ـ 505هـ): المستصفى من علم الأصول، المنخول من تعليقات الأصول، المكنون، تهذيب الأصول([187]).

100ـ أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني (432 ـ 510هـ): التمهيد([188]).

101ـ علي بن عقيل الحنبلي البغدادي (431 ـ 513هـ): الفنون، الواضح في أصول الفقه، المنثو([189]).

الحكم على النسخ المفقودة

نلخص الكلام ـ بعد سرد هذه القائمة الطويلة ـ بأننا لا نستطيع أن نحكم حول النسخ المفقودة إلا ببعض التكهنات من خلال بعض القرائن التي لا يمكن البناء عليها، كالأقوال التي نقلت عن بعضها في مصادر أخرى.

وحين التحدّث عن النسخ المفقودة تواجهنا مشاكل عديدة، من أهمها:

1ـ في بعض الأحيان أسماء الكتب لا تعكس محتواها.

2ـ حتى إذا دلّ العنوان على الموضوع، لا يدلّ على زاوية البحث، على سبيل المثال: عنوان: الناسخ والمنسوخ، لا يبيّن هل أنّ الموضوع في حدود علوم القرآن الكريم أم يريد الكاتب تناول مباحث علم أصول الفقه أيضاً، فبعض العناوين تُناقش في عدة علوم، ولا يعرف من خلال العنوان أيها المقصودة؟

3ـ نظراً لتشابه مسائل بعض العلوم والتداخل بينها، يمكن مناقشة قضايا علم ضمن مواضيع علم آخر، ومن خلال العنوان لا نستطيع أن نعرف هل بحثت تلك القضايا أم لا؟

4ـ لفظ «أصول» في العصر الأول كان يستخدم لأصول العقائد أكثر مما يستخدم لأصول الفقه؛ فأكثر الكتابات التي كانت تحمل لفظة أصول، المراد منها أصول الدين لا أصول الفقه.

5ـ في كتب فهارس القدماء، كانت تذكر أسماء أبواب الكتاب تحت عنوان التأليف؛ ولا يمكن التمييز بسهولة أهو كتاب مستقل أم فصل من كتاب؟([190])

6ـ بعض ما حمل عنوان الكتاب ووصل لأيدينا لم يتجاوز حجمه الصفحتين، وأغلب من ذكرت له مئات التأليفات كان حاله من هذا القبيل.

7ـ كان المؤلفون في بعض الأحيان يسمّون كتابهم بأكثر من اسم، وتذكر جميع هذه الأسماء في فهارس مختلفة.

8ـ من الطبيعي أن تدفع المنافسات الطائفية والعرقية إلى المزايدات العلمية التي لا أساس لها؛ وهذا ما يضاعف تعقيد الدراسة العلمية.

بناءً على ما مرّ، نضطرّ للحكم حول المدوّنات إلى الاعتماد على ما بين أيدينا من مصادر؛ وبهذا المقدار نختم الحديث حول الادّعاءات التأريخية، لأنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة قطعية حولها والمهم هو المصادر الموجودة بين أيدينا، فبالنتيجة هي المؤثرة من الناحية العملية في حركة العلم؛ لا الكتب التي لم يثبت أصل وجودها، وهذا ما سنتناوله ـ إن شاء الله تعالى ـ في دراسة أخرى.

*     *     *

الهوامش



([1]) محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة للأصول: 29، ط2، طهران، مكتبة النجاح، 1395ﻫ.

([2]) لا يسمح المقام للدخول في نقاشات حول هذا الموضوع. ويمكن مراجعة: يحيى محمد، الاجتهاد والتقليد والاتباع والنظر، لندن، مؤسسة الرافد للطباعة والنشر، 1996م؛ وكذلك كتاب حركة الاجتهاد عند الشيعة الإمامية لعدنان فرحان، من سلسلة كتب قضايا إسلامية معاصرة، بيروت، دار الهادي، 2004م.

([3]) يمكن مراجعة ابن خليفة عليوي، موسوعة فتاوى النبي ودلائلها الصحيحة من السنّة الشريفة وشرحها المسمّى: المنتقى في بيان فتاوى المصطفى، ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1412هـ.

([4]) محمد الغراوي، مصادر الاستنباط بين الأصوليين والإخباريين: 32، 33، ط1، بيروت، دار الهادي، 1412ﻫ.

([5]) المصدر نفسه: 34.

([6]) صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام: 17، بيروت، دار العلم للملايين، 1392ﻫ.

([7]) محمد بن إدريس الشافعي، الرسالة للإمام المطلبي: 477، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، ط2، القاهرة، مكتبة دار التراث، 1399هـ.

([8]) أحمد الشاشي، أصول الشاشي: 325، بيروت، دار الكتاب العربي، 1402ﻫ.

([9]) أحمد الرازي الجصّاص، أصول الفقه المسمّى بالفصول في الأصول 1: 162، ط 1، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1405ﻫ.

([10]) المصدر نفسه 4: 11.

([11]) المصدر نفسه.

([12]) المصدر نفسه: 23.

([13]) يحيى محمد، الاجتهاد والتقليد: 11.

([14]) محمد بن الطيب البصري، كتاب المعتمد في أصول الفقه، تحقيق: محمد حميد الله، محمد بكر، حسن حنفي، دمشق، المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية، 1384 و 1385ﻫ.

([15]) علي المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة 2: 672، تصحيح أبوالقاسم كرجي، ط 1، طهران، جامعة طهران، 1346ش (1967م).

([16]) المصدر نفسه.

([17]) المصدر نفسه: 792.

([18]) يحيى محمد، الاجتهاد والتقليد: 15.

([19]) وردت حدود مائتي رواية في المصادر الشيعية تبيّن أن الاجتهاد والقياس والرأي ليس من مذهبنا.

([20]) محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة للأصول: 29 ، 30.

([21]) المصدر نفسه: 30 ، 31.

([22]) المصدر نفسه: 31.

([23]) المصدر نفسه: 31 ، 32.

([24]) كتاب درست لابن أبي منصور: 155، 156؛ ومحاسن البرقي: 213، 215؛ وبصائر الدرجات: 302، 303؛ والكافي 1: 56، نقلا ً عن حسين مدرسي طباطبائي، مكتب در فرآيند تكامل (نظري بر تطور مباني فكري تشيع در سه قرن نخستين): 173، ترجمة: هاشم ايزدبناه، نيوجرسي، أمريكا، مؤسسه انتشاراتي داروين، 1374ش (1995م).

([25]) المصدر نفسه: 176.

([26]) محاسن البرقي: 314، نقلاً عن المصدر السابق: 173.

([27]) المقالات والفروق: 98؛ وتصحيح الاعتقاد: 114؛ وبصائر الدرجات: 301، 387 ـ 390؛ وتفسير العياشي 1: 299؛ والكافي 1: 62، نقلا ً عن المصدر السابق: 174.

([28]) الحر العاملي، الفوائد الطوسية، ورقة 187، نقلاً عن علي الجابري، الفكر السلفي عند الشيعة الإثنا عشرية: 359، ط2، قم، دار إحياء الإحياء، 1409ﻫ.

([29]) نظراً إلى أن الحديث يتناول فترة حضور أئمة الشيعة المعصومين، وهم ـ حسب اعتقاد الشيعة ـ ليسوا مجتهدين، فلا يمكن ذكر منهج لاجتهادهم نظراً لانتفاء الموضوع.

([30]) محمد فاروق النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 311، 312، ط1، الكويت، وكالة المطبوعات، بيروت، دار القلم، 1977م.

([31]) المصدر نفسه: 238، 239؛ ومحمد محجوبي، مدخل لدراسة الفقه الإسلامي: 126 ـ 129، ط1، الرباط، شركة بابل، 1420ﻫ.

([32]) النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 255 ـ 257 ؛ ومحجوبي، مدخل لدراسة الفقه الإسلامي: 145 ـ 166.

([33]) النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 258.

([34]) المصدر نفسه: 267 ـ 271.

([35]) المصدر نفسه: 272، 273.

([36]) المصدر نفسه: 285 ـ 291.

([37]) حماد العراقي، محاضرات في تاريخ التشريع الإسلامي: 71، 72، المغرب، فضالة، 1377ﻫ.

([38]) محمد مصطفوي، علم أصول الفقه وإشكالياته المنهجية، مجلة الحياة الطيبة، السنة الرابعة، العدد14، شتاء 1425ﻫ، ص 168.

([39]) المصدر نفسه: 167.

([40]) النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 168ـ 175.

([41]) محمد الخضري بك، تاريخ التشريع الإسلامي: 326 ـ 329، ط7، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1960م؛ وأحمد الحصري، تاريخ الفقه الإسلامي: 209، 210، ط 1، بيروت، دارالجيل، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، 1411ﻫ.

([42]) خليفة بابكر الحسن، الاجتهاد بالرأي في مدرسة الحجاز الفقهية: 174 ـ 176، ط1، القاهرة، مكتبة الزهراء، 1418ﻫ.

([43]) النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 153.

([44]) عبد المجيد الصغير، الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام (قراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة): 164، 165، ط1، بيروت، دار المنتخب العربي، 1415ﻫ.

([45]) الأم 7: 135، اختلاف مالك والشافعي 7: 192، 215، 236، نقلاً عن جوزيف شاخت، «أصول الفقه المحمّدي»: 678، ترجمة: الصديق بشير بن نصر، مجلّة كلية الدعوة الإسلامية، العدد 11، 1994م.

([46]) المصدر نفسه: 678، 679.

([47]) النبهان، المدخل للتشريع الإسلامي: 289.

([48]) محجوبي، مدخل لدراسة الفقه الإسلامي: 113، 114.

([49]) الصغير، الفكر الأصولي..: 83.

([50]) المصدر نفسه: 150.

([51]) المصدر نفسه: 151.

([52]) المصدر نفسه: 154.

([53]) محمد حميد الله، مقدمة تحقيق كتاب المعتمد لأبي الحسين البصري: 7، نقلاً عن المصدر نفسه: 163.

([54]) المصدر نفسه: 258، 259.

([55]) المصدر نفسه: 610.

([56]) أبو القاسم كرجي، تاريخ فقه وفقها: 311، ط1، طهران، سمت، 1375ش (1991م).

([57]) مهدي هادوي طهراني، تاريخ علم أصول از نكاه شهيد صدر: 70 ـ 72، بقلم: محمد كاظم روحاني، ط1، قم، كتاب خرد، 1379ش (2000م).

([58]) محمد كمال الدين إمام، أصول الفقه الإسلامي: 19، 20، ط2، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1419ﻫ.

([59]) المصدر نفسه: 20.

([60]) الخضري بك، تاريخ التشريع الإسلامي: 260.

([61]) مصطفى سعيد الخن، أبحاث حول أصول الفقه الإسلامي (تاريخه وتطوره): 125 ـ 170، ط 1، دمشق، بيروت، دار الكلم الطيب، 1420ﻫ.

([62]) المصدر نفسه: 175 ـ 200.

([63]) المصدر نفسه: 206 ـ 236.

([64]) المصدر نفسه: 245 ـ 265.

([65]) خليفة بابكر الحسن، دراسات في أصول الفقه الإسلامي: 47، 48، ط 1، القاهرة، مكتبة الزهراء، 1422ﻫ.

([66]) محمد كمال الدين إمام، أصول الفقه الإسلامي: 14.

([67]) المصدر نفسه: 11.

([68]) المصدر نفسه: 19.

([69]) المصدر نفسه: 16 ـ 18.

([70]) حسن الصدر، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 310، بيروت، مؤسسة النعمان، 1411هـ.

([71]) المصدر نفسه: 37.

([72]) المصدر نفسه.

([73]) المصدر نفسه: 38.

([74]) محمد رضا جواهري، اجتهاد در عصر ائمه معصومين: 384، ط 1، قم، مؤسسه بوستان كتاب، 1381ش، الذي وجدته في أعيان الشيعة يقول بأن الإمام علي A ذكر ستين نوعاً من علوم القرآن: وهي عمدة مباحث أصول الفقه، ولم يذكر أن الإمام ألف كتاباً. راجع: محسن الأمين العاملي، أعيان الشيعة 1، ق1: 383. ط 2، دمشق، مطبعة ابن زيدون، 1363هـ.

([75]) محمد جواد شبيري زنجاني، «بيدايش أصول فقه وادوار نخستين آن»: 10، 11. ط 1، قم، دبيرخانه كنكره بزركداشت دويستمين سالكرد ميلاد شيخ اعظم انصاري، 1373ش (1994م).

([76]) حسن الصدر، تأسيس الشيعة: 310؛ كذلك يمكن مراجعة الكتب التالية؛ حيث جميعها تنقل الكلام نفسه: كرجي، تاريخ فقه وفقها: 315؛ والخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 13؛ والطوسي، العدة في أصول الفقه: 66، تحقيق: محمد رضا الأنصاري؛ وهادوي طهراني، تاريخ أصول الفقه: 59؛ والغروي النائيني، أجود التقريرات: 12.

([77]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 13؛ والغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 12.

([78]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 13؛ والطوسي، العدة في أصول الفقه 1: 67؛ والغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 13.

([79]) الغروي النائيني، أجود التقريرات: 14؛ والخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14.

([80]) محمد إبراهيم جناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 228، ط1، طهران، سازمان انتشارات كيهان، 1372ش، (1993م).

([81]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14؛ والغروي النائيني، أجود التقريرات: 14.

([82]) الغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 13؛ والخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14.

([83]) كرجي، تاريخ فقه وفقها: 316.

([84]) جناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 234.

([85]) الغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 14و 15.

([86]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14.

([87]) كرجي، تاريخ فقه وفقها: 316؛ وجناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 240، 241.

([88]) الغروي النائيني، أجود التقريرات، 1: 15، 16؛ والخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14؛ وكرجي، تاريخ فقه وفقها: 316؛ وجناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 243.

([89]) الغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 16؛ وجناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 244.

([90]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14؛ والغروي النائيني، أجود التقريرات 1: 16، 17؛ وكرجي، تاريخ فقه وفقها: 316؛ وجناتي، ادوار اجتهاد از ديدكاه مذاهب اسلامي: 244.

([90]) الخميني، أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية 1: 14، 15.

([91]) محمد كمال الدين إمام: 23، 24.

([92]) أبو الحسن محمدي، مباني استنباط حقوق اسلامي: 10، ط 3، طهران: جامعة طهران، 1358ش.

([93]) النبهان: 216.

([94]) أسرف بعض المؤلفين في ذكر أسماء علماء الأصول؛ ومن هذه الكتب، كتاب المراغي الآنف الذكر.

([95]) عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد، ابن قدامة وآثاره الأصولية 1: 19، ط 4، الرياض، كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود، 1408هـ؛ وشعبان محمد إسماعيل، أصول الفقه، تاريخه ورجاله: 72، ط2، مكة المكرمة، المكتبة المكية ودار السلام، 1419هـ؛ وأبو الطيب مولود السريري السوسي، معجم الأصوليين: 387، 388، ط 1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1423هـ.

([96]) إسماعيل، أصول الفقه: 73؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 145.

([97]) إسماعيل، أصول الفقه: 75، 76؛ السريري السوسي، معجم الأصوليين: 12، 15.

([97]) السعيد، ابن قدامة: 19؛ وإسماعيل، أصول الفقه: 81 ـ 85.

([98]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 189و 190.

([99]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 207؛ والسعيد، ابن قدامة: 19؛ وإسماعيل، أصول الفقه: 88 و89؛ ومحمد الخضري بك، تاريخ التشريع الإسلامي: 267.

([100]) السعيد، ابن قدامة: 20.

([101]) إسماعيل، أصول الفقه: 90 و91؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 137.

([102]) السريري السوسي، أصول الفقه: 458 و 459؛ وإسماعيل، أصول الفقه: 92؛ والسعيد، ابن قدامة: 20.

([103]) السعيد، ابن قدامة: 20.

([104]) المصدر نفسه: 21.

([105]) المصدر نفسه.

([106]) إسماعيل، أصول الفقه: 96، 97.

([107]) محمد مظهر بقا، معجم الأصوليين 2: 109، 110، مكة المكرمة: جامعة أم القرى، مركز بحوث الدراسات الإسلامية، 1414هـ.

([108]) المصدر نفسه: 99، 100.

([109]) المصدر نفسه: 101.

([110]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 280؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 103.

([111]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 105؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 342ـ 344.

([112]) السعيد، ابن قدامة: 21؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 134؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 107.

([113]) السريري السوسي، معجم الأصوليين:130.

([114]) مظهر بقا، معجم الأصوليين 1: 168.

([115]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 108؛ 109.

([116]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 312؛ 313.

([117]) السعيد، ابن قدامة: 21؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 471 و 472؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 110.

([118]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 384 و 385؛ والسعيد، ابن قدامة: 22؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 111.

([119]) السعيد، ابن قدامة: 22؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 503؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 112و 113.

([119]) عبد الله مصطفى المراغي، الفتح المبين في طبقات الأصوليين 1: 195، مصر، المكتبة الأزهرية للتراث، 1999.

([119]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 116؛ والسعيد، ابن قدامة: 22.

([120]) السعيد، ابن قدامة: 22؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 117.

([121]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 169؛ والسعيد، ابن قدامة: 22.

([122]) السعيد، ابن قدامة: 22؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 472؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 124.

([122]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 119.

([123]) المصدر نفسه: 121.

([124]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 57.

([125]) إسماعيل، أصول الفقه: 125؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 177.

([126]) مظهر بقا، معجم الأصوليين 2: 33.

([127]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 126.

([128]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 51 و 52؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 127؛ والسعيد، ابن قدامة: 22.

([129]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 128.

([130]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 482 و 483؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 129؛ والسعيد، ابن قدامة: 23.

([131]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 131؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 190.

([132]) السعيد، ابن قدامة: 23؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 86، وإسماعيل، أصول الفقه: 133.

([133]) السعيد، ابن قدامة: 23.

([134]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 136.

([135]) المصدر نفسه: 138.

([136]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 473 و 474؛ والسعيد، ابن قدامة: 23؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 139.

([137]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 142؛ والسعيد، ابن قدامة: 23.

([138]) السعيد، ابن قدامة: 23.

([139]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 143.

([140]) المصدر نفسه: 145.

([141]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 504؛ وإسماعيل، أصول الفقه: 146.

([142]) السعيد، ابن قدامة: 23؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 135، 137

([143]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 147.

([144]) المصدر نفسه: 148.

([145]) المراغي، الفتح المبين: 224.

([146]) مظهر بقا، معجم الأصوليين 1: 258.

([147]) المصدر نفسه: 149و 150، 154؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 172و 173.

([148]) السعيد، ابن قدامة: 24؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 465 و 466؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 151.

([149]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 443 و 444؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 157.

([150]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 112.

([151]) المصدر نفسه: 245ـ 248؛ والسعيد، ابن قدامة: 25.

([152]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 26 و 27؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 159و 160.

([153]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 323ـ 325.

([154]) المصدر نفسه: 571.

([155]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 163و 164.

([156]) المصدر نفسه: 165و 166؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 29.

([157]) السعيد، ابن قدامة: 25؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 304 و 305؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 167.

([158]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 328؛ والسعيد، ابن قدامة: 25.

([159]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 168؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 484؛ والسعيد، ابن قدامة: 25.

([160]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 191.

([161]) المصدر نفسه: 311و 312؛ والسعيد، ابن قدامة: 25.

([162]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 219.

([163]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 169، 170.

([164]) المصدر نفسه: 171.

([165]) المصدر نفسه: 175و 176؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 337 ـ 341؛ والسعيد، ابن قدامة: 26.

([166]) مظهر بقا، معجم الأصوليين 1: 62، 63.

([167]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 452 و 453؛ والسعيد، ابن قدامة: 26؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 178ـ 180.

([168]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 181و 182.

([169]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 89.

([170]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 183.

([171]) المصدر نفسه: 184و185؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 222 و 223.

([172]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 19، 22؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 187و 188؛ والسعيد، ابن قدامة: 26.

([173]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 319.

([174]) المصدر نفسه: 281؛ والسعيد، ابن قدامة: 26؛ وإسماعيل، أصول الفقه: 189و 190.

([175]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 313، 315؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 191و 192؛ والسعيد، ابن قدامة: 27.

([175]) السعيد، ابن قدامة: 27.

([176]) المصدر نفسه.

([177]) المصدر نفسه؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 363 و 364؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 193.

([178]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 114.

([179]) المصدر نفسه: 413، 414؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 194.

([180]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 195.

([181]) المصدر نفسه: 198؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 555 و 556؛ والسعيد، ابن قدامة: 27.

([182]) السعيد، ابن قدامة: 27.

([183]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 199؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 63.

([184]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 200.

([185]) المصدر نفسه: 201 و202.

([186]) المصدر نفسه: 207؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 485.

([187]) إسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 203؛ والسريري السوسي، معجم الأصوليين: 506 و 507.

([188]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 408 و 409؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 208.

([189]) السريري السوسي، معجم الأصوليين: 356، 359؛ وإسماعيل، أصول الفقه تاريخه ورجاله: 209و210.

([190]) شبيري زنجاني: 13ـ 17.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً