أحدث المقالات

د. حميد رضا شريعتمداري(*)

السيّد مهدي الطباطبائي(**)

ترجمة: عماد الهلالي

 

 تمهيد ــــــ

يستفيد الكتّاب المسلمون لتحليلهم التطوّرات العلميّة بشكلٍ واسع من كتب التراجم، وبذلك يتمّ الحصول على معلومات عن حياة الأشخاص تؤثِّر في عمليّة تحليل اتّجاهاتهم الفكريّة، أو يتمّ استخراج الظروف الجغرافيّة لهم من هذه الكتب.

يمكن الاستفادة من المعلومات الواردة في هذه الكتب لغرض بيان تحليلات كمّيّة؛ من أجل تقديم تصوير عن الشكل الكلّيّ للمجتمع بشكلٍ عامّ، والطبقات العلميّة بشكلٍ خاصّ.

ومن هذه التحليلات ما طرح في قالبٍ جديدٍ ومتشدِّد طبعاً قبل أربعة قرون «القرن الحادي عشر» بواسطة محمّد أمين الإسترآبادي. وقد خلّف هذا الفكر تأثيرات عميقة في عصره وما بعده، وكان هو الفكر السائد في عالم التشيُّع قبل مائة عام.

ويطرح الإسترآبادي أحياناً بوصفه مؤسِّس المذهب الأخباريّ، وأحياناً أخرى بوصفه المحيي لهذا المذهب. أمّا ما هو اللقب المناسب له، «المؤسِّس» أو «المحيي»، فيرتبط برؤيتنا للمذهب الأخباريّ في كونه يمتدّ بتاريخه إلى بدايات عصور الاثني عشريّة بعد عصر الغيبة، أو أنّه ظاهرةٌ جديدة في عالم التشيُّع. ومن الجليّ أنّ الفكر الأخباريّ في عصر الصفويّة وجّه إشكالاته نحو أصول الفقه والاجتهاد السائد في ذلك العصر. ومنشأ هذا السجال يعود إلى عقائد الإسترآبادي، وبخاصّة آراؤه في كتابه «الفوائد المدنيّة».

وهذه المقالة تهدف إلى دراسة هذه النقطة، وهي مدى تأثير الإسترآبادي على الفكر الأصوليّ ـ الفقهيّ الشيعيّ في عصره، وامتداد النزاع بين الأخباريّين والأصوليّين في فترة قرنٍ واحد «القرن الحادي عشر»، وذلك من جهة أنّ هذا الموضوع قلّما بُحث في الكتابات والمدوَّنات التي تخصّ سيرة وأحوال الإسترآبادي، إلى 150 سنة بعد وفاته.

يعتبر النظر إلى ظاهرة معيَّنة بدون الأخذ بنظر الحسبان سائر أبعادها وتداعياتها المختلفة آفة تصيب كلّ تحقيق ودراسة، وتترك آثارها المخربة على أيّ بحثٍ علميّ. وفي مجال الدين يقترن الأخذ بالظاهر فقط، وبسبب وجود خصوصيّات معيَّنة، بآفاتٍ وأخطار معيَّنة. ومن هذه الجهة تؤكِّد الآيات القرآنيّة على أنّ التفكير والتدبُّر والتعقُّل من جملة التعاليم الإلهيّة المهمّة في مجال هداية البشر، إلى درجة أنّ هذا المعنى تكرّر في آيات متعدِّدة في القرآن.

وتقرِّر الآيات الشريفة أنّ الإنسان بدون تعقُّل يُعَدّ من أسوأ الكائنات والأحياء: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ (الأنفال: 22).

وأيضاً وَرَدَ في الأحاديث النورانيّة لرسول الإسلام| وأهل البيت^ عن العقل وصفُه بأساس وركن الدين: «ولكلِّ شيءٍ دعامَة، ودعامَةُ الدِّينِ العقلُ»([1]).

ومن الجدير بالذكر أنّ الأخذ بالظواهر كان هو السائد في المذاهب والفرق الإسلاميّة أيضاً، وقد خلّف آثاراً سلبيّةً على مجمل الفكر الإسلاميّ.

وقد بدأ هذا الفكر في أجواء المذهب المالكيّ والحنبليّ؛ لأنّ منهجيّة الاستنباط لدى هذا المذهب كانت تتمثَّل في الاستناد إلى القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة. وخصوصيّات هذا النمط من التفكير أنّه لا يسمح للعقل والفكر بالتدخُّل في مجال الاستنباط.

وفي التشيُّع الإمامي أيضاً ـ على امتداد تاريخه ـ نرى نماذج من هذا الاتّجاه أيضاً؛ لأنّ مذهب الشيعة الإماميّة تضمّن عدّة تطوُّرات مهمّة في بنيته الفكريّة، الأمر الذي كان له دورٌ مهمٌّ في هذه المتغيِّرات. وأحد أهمّ هذه المتغيِّرات ما يتَّصل بالاختلاف بين المنهج الأصوليّ ـ الكلاميّ والمنهج الحديثيّ ـ الأخباريّ في مجال طريقة الاستنباط من النصوص الدينيّة([2]).

وقد بحثت أسباب وعوامل ظهور كلّ واحد من هذين التيّارين، وأسباب السجال بينهما، مرّات عديدة حتّى الآن. ومن هذه الجهة نستطيع بوضوح تشخيص الممهّدات السياسيّة والاجتماعيّة لظهور هذا النزاع.

ويعتبر التيّار الأخباريّ ونزاعه الفكريّ مع الأصوليّين في عصر الإسترآبادي وما بعده من أهمّ التيّارات التي تستند إلى الظواهر، والتي خلّفت تداعيات وتأثيرات مهمّة في القرن الحادي عشر وما بعده على الفكر الشيعيّ.

وفي هذه الدراسة سنتعرف بدايةً حياة محمّد أمين الإسترآبادي، بوصفه مؤسِّس أو محيي المذهب الأخباريّ، ونستعرض في نهاية المقال التداعيات المترتِّبة على آرائه الواردة في كتب التراجم.

 

محمّد أمين الإسترآبادي وتأسيس المذهب الأخباريّ ــــــ

رغم أنّ المنابع التاريخيّة ساكتةٌ عن موطنه وسيرة حياته فإنّ أجداده كانوا يعيشون في المنطقة الشماليّة من إيران، أي منطقة «إسترآباد»([3])([4]). وقد هاجر في بداية حياته إلى النجف، ودرس على يد أبرز علماء ذلك العصر، أي محمّد بن عليّ بن الحسين العاملي، المشهور بـ «صاحب المدارك»(1009هـ).

يقول الإسترآبادي في كتاب «الفوائد المدنيّة»: كنتُ في عنفوان الشباب عندما حصلتُ في عام 1007هـ على إجازة من صاحب المدارك (وهو الشخص الذي يعتبره الإسترآبادي أوّل أستاذ له في علم الأصول والرجال)([5]).

وإذا كان حصول الإسترآبادي على هذه الإجازة وهو في سنّ العشرين عاماً، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ صاحب المدارك توفّي في عام 1009هـ([6])، فيمكن تخمين ولادة الإسترآبادي في النصف الثاني من العقد 980هـ.

وقد مدح يوسف البحراني(1186هـ) حاشية الإسترآبادي على «مدارك الأحكام»([7]). ونعتقد أنّ الإسترآبادي كتب هذه الحاشية تحت نظر صاحب المدارك، وقد تسبَّب هذا الأمر في حصوله على مرحلة الإجازة([8]).

وقد حصل على مقام الإجازة من الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني(1011هـ)، الذي كان في ذلك الزمان مشتغلاً بالتدريس في النجف([9]). فلو صحت هذه المعلومات فإنّ حصول الإسترآبادي على هذا المقام بعد إجازته الأُولى، وفي سنة 1007هـ، يعني قبل عودة صاحب (المعالم) إلى لبنان، وهو المكان الذي توفّي فيه عام 1011هـ، فإنّ الإسترآبادي كان على تحرُّك للهجرة نحو شيراز في عام 1010هـ؛ لغرض المشاركة في درس محمّد تقي الدين النسّابة(1019هـ)([10])، وقد بقي على الأقلّ أربع سنوات في هذه المدينة. ويمكن القول: إنّ الإسترآبادي كتب في هذه المدّة أوّل كتبه العلميّة بشكلٍ مستقلٍّ، والذي يُدعى «المباحث الثلاثة»([11]). وقد توجَّه الإسترآبادي عام 1014هـ إلى مكّة، ودرس في بداية عام 1015هـ علم الفقه والحديث والرجال على يد آخر أساتذته، وهو «الميزرا محمّد علي الإسترآبادي»(1028هـ)، صاحب (الرجال)([12]). وعلى أساس كلمات الإسترآبادي فإنّ صاحب (الرجال) هذا هو الذي اقترح عليه إحياء المذهب الأخباريّ. وهذا الموضوع يحتاج إلى مطالعاتٍ وتحقيقاتٍ أكثر في ما يتَّصل بوصف الإسترآبادي لموضوع هذا الحدث الكبير الذي وقع في حياته. ولعلّنا نستطيع العثور على أرضيّة الفكر الأخباريّ لدى الإسترآبادي في ما يتَّصل بذمّ الأصوليّين له. يقول الإسترآبادي عن انحراف فقهاء الإماميّة في منهجهم الفقهيّ عن خطّ الأئمّة المعصومين: «…إلى أنْ جاء أعلم أهل زمانه في علم الحديث والرجال، وأشدّهم إيماناً، وأعلم أستاذ في جميع الموضوعات، وهو الميرزا محمّد الإسترآبادي&، صاحب (الرجال). وبعد أن علّم هذا العالم جميع أصول الحديث لهذا الفرد الحقير (محمّد أمين الإسترآبادي) طلب منه إحياء طريقة الأخباريّين، وإزاحة كلّ شكٍّ وترديد لجميع المخالفين، وقال: ربما نُسِيَتْ هذه الطريقة، ولكنّ الله تعالى أراد إحياءها بقلمك. وبعد أن تعلَّمْتُ جميع العلوم منه، وهو أعلم الأساتذة، بقيتُ عدّة سنواتٍ في المدينة، مشغولاً بالتفكُّر والتضرُّع إلى الله تعالى، ومطالعة حالات صحابة النبيّ|، وقرأتُ مرّة أخرى الأحاديث الواردة في كتب الشيعة وأهل السنّة، ثمّ تحرَّكت بلطف الله ومعونة النبيّ| والأئمّة المعصومين، التي تجلَّت لي على مستوى اتّباع هذه الإرادة الإلهيّة، وعزمتُ على تأليف كتاب «الفوائد المدنيّة». وبعد أن قرأ صاحب (الرجال) ـ هذا ـ الكتابَ أثنى عليَّ؛ بسبب تأليفه»([13]).

وقد انتقد مخالفو الإسترآبادي هذا الكلام، وكان من جملتهم صاحب كتاب «الشواهد المكّية». ويعتبر صاحب هذا الكتاب أنّ كلام الإسترآبادي يُعَدّ أوّل خروج له عن مسير الحقّ، ويقول: كيف ينسب الإسترآبادي هذا الكلام إلى العلماء، وكأنّه قرأ واطّلع على جميع الكتب والأخبار، فيما لم يطَّلع عليه العلماء([14]).

وبالرغم من أنّ المعطيات التاريخيّة تثبت أنّ الإسترآبادي توفّي في مكّة، ودفن هناك([15])، فإنّ ثمّة اختلافاً في الآراء بالنسبة إلى زمان وفاته الدقيق. وتقرِّر أوّل جماعة في شرح حاله وسيرته([16]) أنّ سنة وفاته عام 1036هـ([17])، في حين يذهب يوسف البحراني إلى أنّ سنة وفاته عام 1033هـ، ويعتقد بأنّ التاريخ المذكور سابقاً غير صحيح([18]). ولكن مع الالتفات إلى أنّ الإسترآبادي أرسل كتابه «الرسالة في طهارة الخمر ونجاستها» إلى السلطان الصفويّ في عام 1034هـ يبدو أنّ التاريخ الأوّل أصحّ من الآخر([19])، وعلى هذا الأساس فإنّ الإسترآبادي بلغ من العمر 50 سنة.

وقد ألّف الإسترآبادي كتبه طيلة 30 سنة من حياته. ونستعرض في هذا المورد عدداً من كتبه المتعدِّدة في مجالات العلوم الإسلاميّة المختلفة:

1ـ «المباحث الثلاثة»، الذي يشمل ثلاثة بحوث في علم الكلام والفلسفة. ولم تذكر الكتب التي بحثت سيرة حياته أنّ هذا الكتاب من جملة كتب الإسترآبادي. وقد ورد في نسخة خطّيّة موجودة في مدينة مشهد تعود لعام 1014هـ، وقد تمّ تأليفها في شيراز([20]).

2ـ «الفوائد الاعتقادية». وهذا الكتاب يتضمَّن بحثاً في الفلسفة والكلام، ويشمل بعض الموضوعات المشار إليها في كتاب «المباحث الثلاثة». وهذا الكتاب أيضاً لم يُذكَر في مصادر سيرة حياته، ولكنّ النسخة الخطّيّة لهذا الكتاب، والتي تتعلَّق بسنة 1017هـ، موجودةٌ، وقد تمّ تأليفه في مكّة([21]).

3ـ «الفوائد المكيّة». وهذا الكتاب مذكورٌ من قِبَل أصحاب الفهارس في مكتبة القدس الرضويّ، ويشمل مواضيع فلسفيّة وكلاميّة، ولم يبقَ منها سوى نسخةٍ واحدةٍ، يعود تاريخها إلى 1018هـ. وقد ألّفه الإسترآبادي في مكّة([22]).

4ـ «الفوائد المدنيّة». ويُعَدّ من أبرز مؤلَّفات الإسترآبادي. وقد أتمّ تأليفه في شهر ربيع الأوّل عام 1031هـ. وكما تقدّم آنفاً فإنّ بعض مقاطع هذا الكتاب ألَّفه الإسترآبادي في حياة صاحب (الرجال). وهناك نسخٌ خطّيّة كثيرةٌ لهذا الكتاب، وتوجد طبعةٌ حجريّةٌ له([23]). وقامت مؤسَّسة النشر الإسلاميّ بطبع ونشر هذا الكتاب، مع «الشواهد المكيّة»، للسيّد نور الدين الموسوي العاملي، الذي يُعَدّ نقداً على كتاب «الفوائد المدنيّة».

ومضافاً إلى الكتب المذكورة فثمّة كتبٌ أخرى لا يُعلم التاريخ الدقيق لتأليفها، ولكنّ هذه الكتب تمّ تأليفها بعد إتمام «الفوائد المدنيّة» (أي طيلة الأربع سنوات الأخيرة من عمر الإسترآبادي)، وهي كالتالي:

5ـ «دانشنامه شاهي». وهو الكتاب الوحيد الذي ألّفه الإسترآبادي باللغة الفارسيّة، ويبحث في مواضيع فلسفيّة وكلاميّة. وهذا الكتاب ألّفه الإسترآبادي لمحمّد قطب شاه، حاكم منطقة «دَكَن». ويتضمَّن المواضيع الواردة في كتاب «الفوائد المدنيّة»([24]).

6ـ «رسالة في طهارة الخمر ونجاستها». وهذا الكتاب بمثابة رسالة في موضوع: هل يعتبر الشراب مادّة نجسة أم لا؟ والنسخة الخطيّة لهذا الكتاب موجودةٌ في طهران، ولم يذكر تاريخها. وقد أشار في هذا الكتاب إلى إتمام كتاب «الفوائد المدنيّة»([25]).

7ـ «رسالة في البداء». وهي تبحث في موضوع قدرة الله في تغيير إرادته([26]).

8ـ «جواب مسائل شيخنا حسين الظهيري العاملي». وهو مجموعةٌ من أجوبة الإسترآبادي لتلميذه حسين الظهيري([27])([28]).

وتوجد أعمال أخرى للإسترآبادي لم يُعلم تاريخ تأليفها، ويحتمل أنّ الإسترآبادي ألّف هذه الكتب في السنوات الأخيرة من عمره، وتتضمَّن شروحاً على كتبه الحديثيّة المشهورة:

9ـ «شرح الكافي» للكلينيّ. ويتعلَّق بشرح المقطع الأوّل من كتاب أصول الكافي([29]).

10ـ «شرح التهذيب» للشيخ الطوسي([30]).

11ـ «حاشية على مَنْ لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق([31]).

12ـ «شرح الاستبصار» للشيخ الطوسي، والذي لم يوفّق الإسترآبادي لإتمامه. ويقول الحُرّ العامليّ أنّه رآه([32]). وقد أشار إليه الإسترآبادي في كتاب «الفوائد المدنيّة»([33]). وأشار إلى شروح «الكافي» و«مَنْ لا يحضره الفقيه» و«الاستبصار» في كتاب «الفوائد المدنيّة»([34]).

والمتبقّي من أعمال الإسترآبادي التي لم يُعلم تاريخ تأليفها هو:

13ـ «حاشية على معارج الأصول (للمحقّق الحلّي)»([35]).

14ـ «مجموعة أشعار» منسوبةٌ للإسترآبادي([36]).

15ـ كتاب يدعى «تحقيق الأمين»، مذكورٌ من قِبل كتّاب الفهرسة في مكتبة القدس الرضويّ. وهذا الكتاب يمثِّل شرحاً على بعض كتاب جلال الدين الدواني في المنطق([37]).

وثمّة أعمال للإسترآبادي تَلِفَتْ بمرور الزمن، ورغم أنّها ذكرت في مجموعة شرح حاله وحياته فإنّه لم يعثر لها على أثر، وهي:

16ـ «الفوائد دقائق العلوم وحقائقها». وهو كتاب تحقيقيّ باللغة العربيّة. وقد أُشير إليه في كتاب «الفوائد المدنيّة»([38])([39]).

17ـ «كتاب في ردّ ما استحدثه الفاضلان». وهو ردٌّ على شروح صدر الدين الدشتكي(903هـ) وجلال الدين الدواني(908هـ) على كتاب «تجريد الاعتقاد»، للخواجة نصير الدين الطوسي(672هـ)([40]). ورغم أنّ هذا الكتاب لم يعثر عليه بشكل كتابٍ مستقلٍّ فإنّ انتقادات الإسترآبادي على شروح الدشتكي والدواني موجودةٌ في الكتب الكلاميّة. ويبدو أنّ الإسترآبادي وجَّه انتقاداته في هذا الكتاب للدواني في الغالب.

18ـ وثمّة عملٌ آخر للإسترآبادي، وهو حاشيته على كتاب «تمهيد القواعد» للشهيد الثاني(965هـ)، وقد أُشير إليه في كتاب «الحاشية على أصول الكافي»([41])([42]).

19ـ «الحاشية على المدارك». ويُحتَمَل أنّ هذا الكتاب من أقدم كتب الإسترآبادي. وهذا الكتاب ليس كتاباً مستقلاًّ، بل يتضمَّن تعليقاته على كتاب «مدارك الأحكام». ويبدو أنّ هذا الكتاب غير موجود، ولكنّ يوسف البحراني رآى نسخةً منه([43]).

وفي هذه الفهرسة لكتب وأعمال الإسترآبادي توجد أعمالٌ تتضمَّن مساحة واسعة من العلوم المختلفة في الفلسفة والكلام وأصول الفقه ورسائل في شروح الأحاديث. وثمّة فراغ أساسي في معرفة عالم كبير كالإسترآبادي تكمن في الفقه والتفسير. ويبدو أنّه تعمَّد في عدم تأليف كتاب في الفقه. وقد طلب منه الحسين الظهيري(الذي عاش عام 1051هـ)([44]) أن يكتب كتاباً في الفقه، ولكنّ الإسترآبادي أشار في جوابه إلى أنّه يقصد مواصلة طريق القدماء. ومن هذه الجهة امتنع عن هذا العمل، كما فعل القدماء، حيث لم يكتبوا كتباً في الفقه، بل اكتفوا بجمع أو شرح الأحاديث([45]). ونرى آراء الإسترآبادي، وخاصّة انتقاداته لاجتهاد الفقهاء وأسلوب عمل المجتهدين، في مطاوي كتاب «الفوائد المدنيّة»([46]). وقد تولّى بعض تلامذته، الواردة أسماؤهم في تراجم العصر الصفويّ، مسؤوليّة نشر وإشاعة المذهب الأخباريّ. ومن هذه الجهة فإنّ امتداد وإشاعة المذهب الأخباريّ يعود إلى جهود هؤلاء التلاميذ إلى حدٍّ كبير([47]).

 

التحقيق في كتب السيرة والتراجم ــــــ

هذا التحقيق ناظرٌ إلى دراسة الآراء الأخباريّة للإسترآبادي، من خلال تحليل المداخل المختصّة به، والواردة في الكتب التي تبحث في سيرته وترجمة حالاته (الطبقات أو التراجم)([48])، في العصر الصفوي وبعده.

وفي هذا المجال يرى بعض المستشرقين أنّ عدم ذكر العلاقة بين الإسترآبادي والمذهب الأخباريّ في كتب سيرته إلى ما يقرب من زمان وفاته يوحي بأنّ الإسترآبادي لم يكن له دورٌ في تأسيس هذا التيار الفكريّ([49]).

وعلى فرض صحة هذ التحليل يمكن القول: إنّ الإسترآبادي لم يكن يُعرَف بمؤسِّس المذهب الأخباريّ([50]).

وكأنّ أفضل كلام يطرح في هذا الموضوع هو أنّ الإسترآبادي مؤسِّس حركة تجديديّة للأخباريّة؛ لأنّ مصطلح «مذهب» يُعَدّ في ظاهره الأوّليّ إغراقاً في الوصف، ويتجاوز حالة الإصلاحات في داخل نطاق الفكر الأخباريّ. وثمّة أساليب بديعة في انتقادات الإسترآبادي للمنهج الأصوليّ والفقهيّ الغالب في ذلك الوقت تدعونا لاستخدام مصطلح «مجدِّد الأخباريّة»، كما أنّ الإسترآبادي نفسه يعترف بهذه الحقيقة([51]). وبعبارة أخرى: إنّ المذهب الأخباريّ، الذي يقوم على أساس سلسلةٍ من الأصول تنتهي إلى إنكار حجّيّة العقل وحجّيّة وسنديّة القرآن؛ بذريعة أنّ فهم القرآن يختصّ بأهل بيت النبيّ، وأنّ الإجماع هو بدعة من أهل السنّة، وبادّعاء أنّ جميع الأخبار الواردة في الكتب الأربعة صحيحة ومعتبرة، لا يرى لنفسه طرحاً أعلى ممّا كان موجوداً في القرن الحادي عشر الهجري([52]).

أمّا المنهجية الخاصّة بالأخباريّة فيمكن رؤيتها في مجموعة من الأساليب التي تتضمّن آراء متفاوتة عن دور القرآن بوصفه مصدراً وأساساً للفقه، وانتقاده للحديث والأساليب الجديدة المستخدَمة في النصوص الشرعية([53]).

ولو كان هذا الأمر صحيحاً فإنّ فقدان الإشارة للإسترآبادي في كتابات المؤرِّخين والمتعرِّضين لشرح سيرته تحتاج إلى توضيح أكثر.

ومن المسلّم أنّ هذا الأمر، وهو أنّ كتب تراجم في ما يقرب من عصر الإسترآبادي لا تصفه بأنّه أخباريّ، صحيحٌ، ولكنّ هذه المسألة تحتاج إلى دراسةٍ إجماليّةٍ في هذا المجال.

يستفيد الكتّاب المسلمون لتحليلهم التطورات العلميّة بشكلٍ واسعٍ من كتب التراجم. وبذلك يتمّ الحصول على معلوماتٍ عن حياة الأشخاص تؤثِّر في عمليّة تحليل اتّجاهاتهم الفكريّة، أو يتمّ استخراج الظروف الجغرافيّة لهم من هذه الكتب. وفي هذه الكتب لا يلتفت بشكلٍ أساسيّ لدراسة بنية الفكر أو بيان الأهداف الأصليّة لجماعة معيَّنة. ويمكن الاستفادة من المعلومات الواردة في هذه الكتب لغرض بيان تحليلات كمّيّة؛ من أجل تقديم تصوير عن الشكل الكلّيّ للمجتمع بشكلٍ عامّ، والطبقات العلميّة بشكل خاصّ. وكذلك يُستفاد من هذه الكتب لمعرفة حالات وحياة العلماء وتأثيرهم، أو مكانتهم العلميّة والتاريخيّة، ويتمّ بيان المداخل المتعلِّقة بالعلماء في كتب التراجم بالترتيب الألفبائيّ عادةً، والذي يقوم على أساس ذكر اسم العائلة، ويُستفاد من كتب التراجم أنّ كلّ مدخل له إطارٌ خاصّ وقائمةٌ من المعلومات.

والعناصر التي تتضمّنها هذه القوالب عبارةٌ عن:

1ـ الألقاب والصفات الحسنة للعلماء.

2ـ فهرست أعمال العلماء.

3ـ فهرست الأساتذة، وأحياناً مشايخ الأساتذة.

4ـ التلاميذ، بذلك التفاوت المذكور للأساتذة.

5ـ جزئيّات مختصرة عن أسفار العالِم.

6ـ تاريخ ومكان ولادة ووفاة العالِم.

إنّ ترتيب كلّ واحد من هذه العناصر الواردة في كتب سيرة وحياة الرجل متفاوتة([54]). فإذا لم يتمكَّن الكاتب من جمع المعلومات الخاصّة عن هذه العناصر فسوف يتمّ حذف ذلك العنصر. مضافاً إلى أنّ هذه العناصر مرتَّبة على أساس ترتيب أعمال وحالات الأشخاص المترجَم لهم. ولو أضيفت معلوماتٌ أخرى من سيرة حياته فسوف تضاف إلى تلك العناصر التي ذكرها الكُتَّاب الآخرون([55]).

وهكذا يتمّ تشخيص آراء ذلك العالِم الفكريّة بالنظر إلى منتوجاته العلميّة، ومكانته في المرتبة العلميّة. وأهمّ الخصوصيّات التي لزم ذكرها، من قبيل: الأعمال الأدبيّة، الأساتذة والتلامذة للعالِم، ممّا يبيِّن دوره وتأثيره في حفظ مناهج التحقيق، والموضوعات الشخصيّة (الخصوصيات الفرديّة، العلاقات غير العلميّة، وحتّى العقائد البدعيّة له)، إنّما يتمّ ذكرها فيما لو كانت مؤثِّرة بوصفه عالِماً.

ومع التعرُّف بشكلٍ جزئيّ على هذه الخصوصيّات يمكن وصف دور العناصر المختلفة في مدخل خاصّ من شرح سيرته وحياته، وكذلك موارد الثناء والتمجيد المتعلِّقة بمكانة العالِم، من جهة درجته العلميّة، وخصوصيّاته العلميّة، ونشاطاته في مجال تعيين هذه الدرجة، وأهمّيّة مكتسباته ومنتوجاته العلميّة؛ لغرض بيان تحوُّلاته في مسيرة حياته، وميزان تأثيره في تلك المرحلة، ونوع وحجم علاقاته، وأساتذته، والحوادث الواقعة في حياته، ممّا يشهد بصحّة تلك المعلومات. ولكن الجواب عن هذا السؤال، وهو: كيف اتَّخذت هذه المعلومات ذلك القالب؟، بحاجةٍ إلى مجالٍ آخر.

 

 الإسترآبادي والمذهب الأخباريّ في سيرة حياته وأعماله ــــــ

مع ما تقدّم من خصوصيّات فإنّ السؤال: لماذا لم تُذكر أخباريّة الإسترآبادي في سيرة حياته وآثاره في العصر الصفويّ؟ لم يَحْظَ بالاهتمام اللازم. ومن هذه الجهة فإنّ النزاعات الداخليّة يجب أن تبحث في مكانها المناسب في أعماله الأخرى. إنّ تدوين الكتب في بيان سيرة حياته تهدف فقط إلى بيان منتجات العلماء الفكريّة، بعنوان طبقة في التاريخ، ودورهم في حفظ التفاسير المعتبرة بين المسلمين. أمّا موضوع علاقة الإسترآبادي بالأخباريّة والاهتمام بهذا الموضوع فينبغي البحث عنه في الكتاب الذي يبحث عن منتجاته العلميّة فقط، بعيداً عن الكتب التي تبيِّن سيرة حياته. ومن الممكن طبعاً أن يقوم أحد الكتّاب بحذف جميع الهوامش والإرجاعات، وحذف بعض المعلومات؛ لغرض بيان نوعٍ من الاتّجاه الأصوليّ. والنقطة الأخرى هي أنّ علاقات الإسترآبادي مع أساتذته وطلاّبه، وكذلك عقائده، أدّت إلى تحرُّك بعض أتباع الأخباريّة في أواخر العصر الصفويّ في إيران، وكان بعضهم من كتّاب هذه الكتب. وفي هذا المجال فإنّ علماء الأخباريّة بعد الإسترآبادي كانوا يميلون إلى القول بأنّ تاريخهم يمتدّ في الماضي إلى زمان علماء الشيعة الأوائل؛ من أجل إثبات امتدادهم التاريخيّ([56]). ولذلك فإنّ البحث عن شخصيّة الإسترآبادي ومذهبه الأخباريّ ووجود هذه العلاقة من شأنه التأثير على هذه العقيدة. ولكنْ يشكل أن نتصوَّر أنّ علماء الشيعة الأوائل يطلق عليهم في ذلك العصر أنّهم (أخباريّون). وثمّة شواهد قليلةٌ تدلّ على هذا الموضوع، أو أنّهم اختاروا بأنفسهم هذا اللقب، أو أنّ الأخباريّين المتأخِّرين كانوا يشتركون في المناهج الأصوليّة مع العلماء الأوائل([57]). وأمّا الحديث عن أنّ مقام الإسترآبادي العلميّ منخفضٌ، أو أنّه كان يعيش خارج الحوزة العلميّة للشيعة الإماميّة، فليس مناسباً طرحه هنا. وطريق الحلّ في هذه المسألة هو أن نعتبره جزءاً من هذه المنظومة، وفي ذات الوقت نستطيع التقليل من تأثيراته الواضحة على الأفكار([58]).

وما طرح هنا يبيّن حصول تطوّر فكري في حياته، ويستطيع أن يحلّ لنا التعارض بين الأخبار الموجودة في كتب سيرة حياته وغيرها في ما يتَّصل بشرح أفكار الإسترآبادي وعلاقته بالأخباريّة. وهذا التعارض عبارةٌ عن عدم وجود إشارةٍ لعلاقة الإسترآبادي بالأخباريّة في كتب تراجم حياته إلى 150 سنة بعد وفاته، والإصرار الشديد على هذه العلاقة بوصفه (المؤسِّس أو المحيي) وَرَدَ في موارد أخرى من أعماله، مثل: أصول الفقه وكتب الفرق والمسائل، والتي تمّ تأليفها في زمان يقرب من عصر الإسترآبادي.

 يعتبر كتاب «أمل الآمل»، للشيخ الحُرّ العامليّ ـ الذي يعتبر من أتباع المذهب الأخباريّ، وتوفّي عام 1104هـ ـ من المصادر الأوّليّة([59]). ولم يُشِرْ الحُرّ العامليّ في هذا الكتاب إلى كون الإسترآبادي أخباريّاً، رغم أنّه وصف الإسترآبادي بأنّه عالِمٌ متخصِّص، وعارفٌ بالدين، وفقيهٌ محدّثٌ([60]). والعجيب أنّ الحُرّ العامليّ، الذي يصف نفسه علناً بأنّه أخباريّ([61])، لم يُشِرْ في «أمل الآمل» إلى النزاع بين الأصوليّين والأخباريّين. يقع كتاب «أمل الآمل» في مجلَّدين، وقد ذكر في كلّ مجلَّد من هذا الكتاب أسماء العلماء بالترتيب الألفبائيّ، والمجلَّد الأول يتحدَّث عن علماء منطقة جبل عامل (محلّ ولادته)، والمجلَّد الثاني يتخذ طابعاً كليّاً أكثر. وفي هذا المجلَّد لم يذكر مدخلاً في مورد الإسترآبادي، رغم أنّه من الممكن أن يستنتج الشخص، مع الأخذ بنظر الاعتبار الأوصاف الرمزيّة في هذا المقطع عن العلماء المحدِّثين والمجتهدين، أنّ هذه الأوصاف إشارةٌ إلى هذا النزاع. ولكنْ يبدو أنّ عدم إشارة الحُرّ العامليّ للإسترآبادي بوصفه مؤسِّساً للأخباريّة ناشئٌ من رؤيته الأخباريّة نفسها؛ لأنّ الإسترآبادي في منظار الأخباريّين لا يعتبر مؤسِّس الأخباريّة([62]). وفي هذه الصورة يكون الإسترآبادي قد قام في الواقع بإحياء الفكر الأصوليّ ـ الفقهيّ لعلماء الإماميّة المتقدِّمين ومنهجهم الفكريّ([63]). وهذا الأمر لا يبيِّن أيّ إشارة في كتب السيرة إلى أنّ الإسترآبادي مؤسِّس أو محيي المنهج الأخباريّ، أو حتّى له علاقة خاصّة به. وبذلك نرى التعارض الشديد في كلماته وعباراته في كتبه، فالإسترآبادي يعرِّف نفسه بصراحة بأنّه محيي المنهج الأخباريّ، كما وردت الإشارة إلى هذا المعنى في مقطع من كتاب([64]). وفي هذا المورد ينتقد الشيخ الحُرّ العامليّ؛ بوصفه أخباريّاً متبحِّراً، الإسترآبادي؛ بسبب انحرافه عن المسار الصحيح([65])، ولكنّه في كتاب «أمل الآمل» يثني عليه، مع الأخذ بنظر الاعتبار العناصر العاديّة([66]).

يعتبر كتاب «سلافة العصر»، للسيّد علي خان المدني(1120هـ)، الذي تمّ تأليفه عام 1082هـ([67])، من أوائل المصادر الموجودة التي ورد اسم الإسترآبادي فيها في فهرست أبرز علماء الفرس (في عصره)، وبوصفه أحد أبرز علماء عصره، ولكن مع ذلك لم يوصَفْ بكونه أخباريّاً([68]).

ولم يُشِرْ كتاب «رياض العلماء»، للأفندي(1130هـ) إلى أخباريّة الإسترآبادي، واكتفى بذكر مقطعٍ من كتاب الحُرّ العامليّ «أمل الآمل»، وأضاف إليها بعض نظراته الاصلاحيّة([69]). وفي هذا الكتاب وردت إشارات إلى تلك الطائفة من العلماء الذين يصفون أنفسهم بالأخباريّة، ولكن لا يوجد أيّ أثر للنزاع بين الأصوليّين والأخباريّين فيها. ومع أنّ الأفندي لا يرى نفسه من الأصوليّين فإنّه لا يخفي علاقته مع العلماء الأصوليّين، مثل: محمّد باقر السبزواري(1090هـ)، والفلاسفة، مثل: آغا حسين الخوانساري(1098هـ)، ومحمّد بن الحسن الشيرواني(1098هـ)، ممّا يزيد من احتمال ميل الأفندي إلى آراء الأصوليّين. والشاهد الذي يمكن الإشارة إليه انتقاده للأخباريّين في كتاب «رياض العلماء»([70]). وإذا كان الأفندي من الأصوليّين فمن الغريب أن يكون مثلَ الحُرّ العاملي والجيل الذي سبقه في عدم اهتمامه بموضوع النزاع بين الأصوليّين والأخباريّين في كتاباته، ونرى في كتاب الأفندي أسماء علماء بوصفهم مجتهدين، ويندر وصفهم بالأصوليّين([71]). ورغم أنّ الظاهر أنّ هذا العنوان يعتبر معياراً لبيان المهارة العلميّة للعلماء، ولا يرتبط برؤيتهم وآرائهم في ما يتَّصل بالنزاعات المذهبيّة، فإنّ السؤال: لماذا لم يهتمّ الأفندي في كتاب «رياض العلماء» بالتحقيق في نزاع الأصوليّين والأخباريّين؟ يبقى غامضاً، وربما كانت كثرة هذه البحوث والمواضيع في ذلك الزمان، وعدم التحقيق في الموضوعات المهمّة من قِبَل الأفندي، أثَّرت على مساعيه في باب بيان الأمور المتنازَع فيها، والتقليل من شأنها([72]).

أمّا كتاب «لؤلؤة البحرين»، ليوسف البحراني(1186هـ)، فهو أوّل كتاب يبيِّن ترجمة سيرة العلماء. وقد أشار في هذا الكتاب إلى نشاطات الإسترآبادي الأخباريّة. وكتاب «لؤلؤة البحرين» هو كتابٌ في التراجم، ويتضمَّن علاقات الأساتذة والطلاّب (مجيز ـ مجاز له). وهذه العلاقات ناظرةٌ أيضاً إلى الأشخاص السابقين. وقد استفاد البحراني في كتاب «لؤلؤة البحرين» من بيان المعلومات عن سيرة حياة العلماء على أساس أوّل إشارة باسم العالم. وبالنتيجة كان كتابه هذا يسلك منهجاً تاريخيّاً معكوساً من أساتذته إلى أصحاب الأئمّة. ويعتبر هذا الكتاب أثراً علميّاً يتضمّن نوعَيْن من الإجازة. وعلى هذا الأساس فإنّ المدخل المتعلِّق بالإسترآبادي يقع في هذا الإسناد: الحر العاملي ـ زين الدين بن محمّد بن الحسن الشهيد الثاني ـ الإسترآبادي ـ صاحب (الرجال)، وهو محمّد بن عليّ الإسترآبادي([73]). وثمّة اسمان آخران يقعان في آخر هذا الإسناد، واسمان يقعان في أوّله، وقعا مورد التحقيق. ويقول البحراني، الذي يعتبر أخباريّاً بنحوٍ من الأنحاء([74])، عن الإسترآبادي: «يعتبر الإسترآبادي أوّل شخص أعلن مخالفته للمجتهدين، وقسّم المذهب الموجود في ذلك الزمان ـ يعني الشيعة الإماميّة ـ إلى طائفتين: أخباريّين؛ ومجتهدين»([75]).

وذكر في هذا الكتاب الخصوصيّات العلميّة للإسترآبادي بأوصاف من الثناء والتمجيد في بداية المدخل المتعلِّق به (المحقّق، المدبّر، الماهر في الأصوليّين)، ولكنّه أشار في سياق كلامه إلى أنّ الإسترآبادي؛ بانتقاده المجتهدين، واتّهامه لهم بتخريب الدين، انحرف عن مسير الحقّ([76]). وقد أشار البحراني أيضاً إلى مخالفته لرؤية الإسترآبادي في كتبه الأخرى. وليست هذه الانتقادات ناظرةً إلى الإسترآبادي فقط([77])؛ لأنّه من خلال قراءة كتاب «لؤلؤة البحرين» نرى وجود علماء آخرين كانوا مورد انتقاده. وهذه الانتقادات تتحرَّك من انتقادات ملائمة([78]) إلى الانتقادات المخربة([79]). والعلماء الذين انتقدهم بشكلٍ خاصّ عبارةٌ عن: الصوفيّة، الفلاسفة، الأخباريّين. وقد انتقد الطائفتين الأُولَيَيْن انتقاداً علميّاً، وأما انتقاده للطائفة الثالثة فعجيبٌ جدّاً. وربما التفت البحراني إلى الامتداد السريع للأخباريّة، وتوصَّل في كتاب «لؤلؤة البحرين» إلى أنّ الإسترآبادي والأخباريّين تسبَّبوا في إضرار كبيرة للمجتمع([80]). وطبعاً فإنّ هذه المسألة ليست هي السبب في انتقاد البحراني، بل إنّ الموضوع الأصليّ هو أنّ البحراني ذكر هذه الانتقادات في كتاب تراجم العلماء وشرح سيرة حياتهم؛ لأنّ المنهج الصحيح في تقديم المعلومات في كتب التراجم هو تقديم تصوير متَّسق من النخب العلميّة.

وقد ظهر منذ عصر البحراني سجالٌ وجدلٌ في بيان سيرة حياة العلماء، ويمثِّل هذا الأمر العنصر الأصليّ في الكتب المذكورة. ويعتبر كتاب «لؤلؤة البحرين» تابعاً لكتب السيرة في العصر الصفويّ، والذي يستفاد منه في معرفة النزاع بين العلماء. وقد بدأ هذا المنهج الجدلي في هذه الكتب بكتاب البحراني، وصار منهجاً رسميّاً فيما بعد في عصر القاجاريّين([81]).

وعلى سبيل المثال: ما نجده في كتاب «قصص العلماء»([82]) للتنكابني، و«روضات الجنات» للخوانساري، ممّا يشير إلى تهرُّبه من انتقادات الأصوليّين في بيان ترجمة وسيرة العلماء في ما يتَّصل بالأبواب الخاصّة بالإسترآبادي (والأخباريّين الآخرين)، يشير إلى هذا الاتّجاه.

فالأخباريّون ليسوا هم الأشخاص الوحيدين الذين وقعوا مورد النقد في هذه الكتب، بل الصوفيّة، والفلاسفة، والمنجِّمين، والشيخيّة([83])، والأشخاص الذين يدَّعون امتلاكهم لقدراتٍ غير بشريّة. ولذلك نرى، بعد كتاب «لؤلوة البحرين» للبحراني، أنّ هذا الأمر صار عاديّاً في كتب التراجم، وقد ذكر هذا الموضوع في الكتب اللاحقة للشيعة. ومن جملة المصادر لهذا الأمر ما يلي:

1ـ «قصص العلماء»، لمحمّد بن سليمان التنكابني(1302هـ). وقد ذكر في هذا الكتاب تحقيقات البحراني مرّة أخرى، وأضاف أنّ إهانته للمجتهدين ناشئة من سفاهة الإسترآبادي([84]).

2ـ «نجوم السماء»، لمحمّد علي الكشميري(1309هـ). ويطرح في هذا الكتاب أنّ الإسترآبادي رئيس فرقة الأخباريّين. وطبعاً فإنّ أغلب المداخل في الترجمة الفارسيّة من كتابات البحراني في ما يتَّصل بالإسترآبادي([85]).

3ـ «روضات الجنات»، لمحمّد باقر الخوانساري(1313هـ). وهو يتضمَّن مقدّمة طويلة في ما يتَّصل بالإسترآبادي. وفي هذا الكتاب يسعى الكاتب إلى نسبة السلوكيّات الخاطئة إلى الإسترآبادي، ومن ذلك أنّه يمثِّل عميل أهل السنّة([86]).

وقد استمرَّت هذه التحقيقات إلى القرن العشرين([87]). واعتمد المحقِّقون الإنجليز في تحقيقاتهم على أعمال وكتابات هذه التراجم في العصر القاجاريّ في وصفهم للنزاع بين الأخباريّين والأصوليّين([88]). وثمّة كتبٌ أخرى أيضاً في هذا المجال، بعيدة عن الكتب التراجم، وفيها إشاراتٌ بسيطةٌ إلى النزاع الأصوليّ الأخباريّ. ويشير محمّد تقي المجلسيّ(1070هـ) في الشرح الفارسيّ من كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه»([89]) للشيخ الصدوق إلى الإسترآبادي، فالمجلسيّ الأوّل، وبعد إشارته إلى اختفاء بعض كتب الأخبار، وبالتالي ضعف علم الحديث بين علماء الإمامية، يشير إلى اختلاف الآراء الجديدة حول الفقه، ويقول: «إلى أن جاء قبل ثلاثين سنة الفاضل المتبحِّر مولانا محمّد أمين الإسترآبادي&، الذي كان مشغولاً بمقارنة ومطالعة أخبار الأئمّة المعصومين، وذمّ الآراء والمقاييس، وقرَّر طريقة أصحاب الأئمّة المعصومين، وكتب كتاب «الفوائد المدنيّة»، وأرسله إلى هذا البلد. وأكثر أهل النجف والعتبات العاليات أثنَوْا على طريقته، ورجعوا إلى الأخبار والروايات. والحقُّ أنّ ما قاله حقٌّ»([90]).

وهذا الكلام للمجلسيّ، واعتباره أنّ الإسترآبادي دعا العلماء إلى الرجوع والعودة إلى المسير الحقيقيّ للأئمّة المعصومين، يثبت لنا بوضوح أنّ الإسترآبادي ليس مؤسِّس الأخباريّة، بل هو المحيي لهذا المنهج، والمساعد على ازدهارها.

ويشير الفيض الكاشاني(1091هـ) إلى دراسته وتلمُّذه على الإسترآبادي، ويقول: لقد فتح الإسترآبادي باب هذا المنهج؛ لنسلك بالاستفادة منه الطريق الصحيح. وكانت نظريّاته وآراؤه متفاوتةً جدّاً مع آراء ونظريّات علماء ذلك الزمان([91]).

وقد تحدّث محمّد باقر المجلسيّ عن الإسترآبادي بوصفه رئيس المحدِّثين([92])، واستفاد في تأليف كتاب «بحار الأنوار» من كتابَيْ «الفوائد المدنيّة» و«الفوائد المكّيّة».

النتيجة ــــــ

إنّ التحقيقات تشير إلى أنّ الشكل الكلّيّ لكتابات المسلمين العلميّة يمكن اقتباسها إلى حدٍّ كبير، وبمقتضى الحاجة، من كتب السيرة (التراجم).

إنّ الإبداع والاستفادة من المناهج الجديدة في مقابل المناهج التقليديّة والقديمة يمكن أن تكون طيلة مراحل وعصور مختلفة، وقد كان لها دورٌ كبيرٌ في تحليل شخصيّة العلماء في كتب التراجم، ويختار الكاتب نوع المصدر الذي يبحث عن سيرة حياة العلماء، وليس فقط ميول الكاتب، بل منهجه وبنية الكتاب أيضاً تؤثِّر على نوعيّة المعلومات المستخرجة من هذه الكتب.

وهذا التحقيق يهدف إلى بيان معطيات ومنتجات محمّد أمين الإسترآبادي، بوصفه المحيي أو المؤسِّس للمذهب الأخباريّ.

وقد ثبت في محلّه أنّ الإسترآبادي أحيا في الواقع منهجاً يُدْعى بـ «الأخباريّة».

وفي المقطع الأوّل من هذا التحقيق تمّ بيان الآثار العلميّة للإسترآبادي.

وفي المقطع الثاني تمّت الإشارة إلى عدم وجود إشارةٍ في كتب التراجم للنزاع بين الأصوليّين والأخباريّين.

وعدم الإشارة إلى العلاقة بين الإسترآبادي والأخباريّين في كتب التراجم في تلك الفترة لا يبيّن عدم وجود علاقة بين الإسترآبادي والعلماء الآخرين.

وقد أشرنا بشكلٍ جزئيٍّ إلى أوّل ما طُرح من كتب التراجم حول محمّد أمين الإسترآبادي، والنزاع بين الأصوليّين والأخباريّين، ممّا يشير إلى عدم وجود أيّ تناسق في مجال العلاقة بين قبول دوره بوصفه مؤسِّساً للأخباريّة.

والسبب في ذلك واضحٌ؛ لأنّ الكتّاب لكتب التراجم بعد الإسترآبادي كانوا من أنصار المذهب الأخباريّ، ومن هذه الجهة لا يميلون في أن تكون بدايتهم التاريخيّة منذ زمان الإسترآبادي.

والمصادر المتعلِّقة بقبول الإسترآبادي بوصفه المحيي للأخباريّة، أو المؤسِّس أو الزعيم للميول الأخباريّة، أو حتّى المذهب، يمكن مشاهدتها والبحث عنها في كتب أخرى تتحدّث عن أعمال الإسترآبادي نفسه.

فالإسترآبادي يرى نفسه المحيي للأخباريّة أو المفعِّل لها، وكان أنصاره يعتقدون بهذا الرأي طيلة ثلاثين سنة.

والمنتقدون للإسترآبادي يعتبرونه أيضاً تهديداً جديداً في مقابل المسالك والمناهج الفقهيّة في عصره، ويتحدّثون عنه في كتبهم بوصفه مبتدِعاً (صاحب بدعة).

واستمر هذا النمط من التفكير عن الإسترآبادي إلى العصر الصفويّ.

وفي العصور اللاحقة نرى بعض التطوُّر في كتب التراجم عن رؤيتهم للإسترآبادي، من خلال إظهار آراء متشدِّدة حول طريقته ومنهجه، الذي يعتقدون أنّه المؤسِّس له. وبذلك واجه تأثير الإسترآبادي على الفكر الشيعيّ الإيجابيّ سجالاً وجدلاً شديداً. وهذا الأمر يقع على مستوى التباين والتضادّ مع ما نعرفه عن الإسترآبادي، وهو مساهمته المهمّة في بسط وامتداد الأفكار الشيعيّة، بحيث إنّ قسماً على الأقلّ من البحوث الفقهيّة والأصوليّة والحديثة بعد الإسترآبادي مدينٌ لمساعيه الفكريّة وأعماله، وكُتُب علماء الأخباريّة، التي تسير في هذا الخطّ، ممّا جعل الفكر الأخباريّ مزدهراً.

 

الهوامش

____________________

(*) أستاذٌ وعضو الهيئة العلميّة في جامعة الأديان والمذاهب.

(**) باحثٌ في تاريخ التشيُّع في جامعة الأديان والمذاهب.

([1]) الكليني، الكافي 1: 25، طبعة 1361هـ.ش.

([2]) انظر: السيّد حسين المدرسي الطباطبائي ، مقدّمة على الفقه الشيعيّ (مقدّمه‌إى بر فقه شيعه)، بالفارسيّة.

([3]) الفيض الكاشاني، الحقّ المبين في تحقيق كيفية التفقُّه في الدين: 12.

([4]) لم يذكر مكان ولادته في سيرة حياته. وتحدّث الفيض الكاشاني عنه بعنوان «بعض أصحابنا من أهل إسترآباد». وربما كان هذا الكلام إشارةً إلى نسبه. ورغم أنّ الفيض يملك ميولاً عرفانيّة وفلسفيّة فإنّه يعدّ أحد كبار العلماء الأخباريّين، ولكنه يمثّل خطّ الاعتدال في المذهب الأخباريّ، ويتحدّث الفيض في المقدمة الأُولى من كتاب «الوافي» عن أهمّ علل انحراف بعض علماء الشيعة، وتوجُّههم إلى علم أصول الفقه والاجتهاد (الفيض الكاشاني، الوافي 1: 9).

([5]) الإسترآبادي، الفوائد المدنيّة: 58 ـ 59.

([6]) الخوانساري، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات 7: 50.

([7]) البحراني، لؤلؤة البحرين: 119.

([8]) Gleave Robert; scripturalist Islam The History and Doctrines of the Akhbari Shhi’i School; 2007 LIDEN BOSTON; pp 32.

([9]) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: 129.

([10]) وفي شأن هذا العالِم انظر: سلافة العصر في محاسن أهل العصر: 498؛ الحُرّ العامليّ، الفوائد الطوسيّة 2: 309؛ الأفندي، رياض العلماء وحياض الفضلاء 5: 194؛ الكشميري، نجوم السماء في تراجم العلماء: 18 ـ 19.

([11]) انظر: فهرست مشهد 13: 490، 1361هـ.ش.

([12]) الفوائد المدنيّة: 59 ـ 60.

([13]) الإسترآبادي، دانشنامه شاهي، صفحة 3 ألف، سطر 12، صفحة 3 ب، سطر 3، (مخطوط).

([14]) الموسوي العاملي، الشواهد المكّيّة: 29.

([15]) رياض العلماء وحياض الفضلاء: 35.

([16]) كالمدني في كتاب (سلافة العصر).

([17]) سلافة العصر في محاسن أهل العصر: 499.

([18]) لؤلؤة البحرين: 119.

([19]) السبحاني، موسوعة طبقات الفقهاء 11: 315.

([20]) انظر: فهرست مشهد 13: 490، رقم النسخة 132.

([21]) انظر: المصدر السابق 2: 97، رقم النسخة 1/488.

([22]) انظر: المصدر السابق 13: 437، رقم النسخة 132.

([23]) المصدر نفسه.

([24]) انظر: فهرست المجلس 10، قسم 2: 621، 1376هـ.ش.

([25]) انظر: فهرست الجامعة 7، قسم 3: 2667، 1364هـ.ش.

([26]) انظر: فهرست مشهد 13: 84، نسخة 132.

([27]) المصدر نفسه.

([28]) يمكن الحصول على تصحيحٍ آخر له في كتاب «الفوائد المدنيّة»: 546 ـ 568.

([29]) انظر: الإسترآبادي، الفوائد الاعتقاديّة 10: 174، 12: 163، 1374هـ.ش، (في مكتبة المرعشي).

([30]) انظر: الفوائد الاعتقاديّة 10: 174؛ 12: 171.

([31]) وقد صحّح وطبع هذا الكتاب من قِبَل الفاضلي، والنسخة الأصليّة لهذا الكتب موجودةٌ في المكتبة المركزيّة لإحياء التراث الإسلاميّ في قم.

([32]) الحُرّ العامليّ، أمل الآمِل 2: 246.

([33]) آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 13: 83.

([34]) الفوائد المدنيّة: 4.

([35]) انظر: فهرست ملك 5: 222، النسخة 111/1013، 1363هـ.ش.

([36]) انظر: فهرست مشهد 9: 230.

([37]) انظر: المصدر السابق 13: 118.

([38]) الفوائد المدنيّة: 35.

([39]) وقد ذكر هذا الكتاب في الطبعة الحجريّة بعنوان «دقائق الفنون»، بدلاً عن «دقائق العلوم» (انظر: آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 16: 336).

([40]) الفوائد المدنيّة: 35.

([41]) الإسترآبادي، الحاشية على أصول الكافي: 279.

([42]) ذكر الأفندي أنّ هذه الحاشية كانت بداية تنظيم كتاب «الفوائد المدنيّة» (رياض العلماء وحياض الفضلاء 5: 246).

([43]) لؤلؤة البحرين: 119.

([44]) موسوعة طبقات الفقهاء 11: 83.

([45]) دانشنامه شاهي، صفحة 1 ب، سطر 5 إلى 9، (مخطوط).

([46]) الفوائد المدنيّة: 254 ـ 259، 263 ـ 365.

)[47]) Gleave Robert; scripturalist Islam The History and Doctrines of the Akhbari Shhi’i School; pp 40.

([48]) تنظم كتب «آثار الطبقات» على أساس المراحل التاريخيّة، في حين أنّ تنظيم كتب «آثار التراجم» على أساس الحروف الألفبائيّة (أ ـ ب ـ ت).

([49]) Newman, Akhbari / Usuli Disputi Bulletin of the School of Oriental and African Studies. 15 (1992); part 2; pp 250 ـ 253.

([50]) Gleave Robert; scripturalist Islam The History and Doctrines of the Akhbari Shhi’i School; pp 40.

([51]) انظر: دانشنامه شاهي، صحفة 3 ألف، سطر 12، صفحة 3 ب، سطر 3، (مخطوط).

([52]) في هذا المجال انظر: مطهري، مجموعة الآثار 2: 169.

([53]) Gleave Robert; scripturalist Islam The History and Doctrines of the Akhbari Shhi’i School; pp 41.

([54]) انظر: كتاب سلافة العصر، لمؤلِّفه المدني، وهو مرتَّب على خمسة أقسام:

أـ المدن المقدَّسة في الحجاز، والمدخل المتعلِّق بالإسترآبادي يقع في هذا القسم.

ب ـ سورية.

ج ـ مصر والمدن الواقعة في أطرافها.

دـ إيران والبحرين والعراق.

هـ ـ المغرب.

([55]) وعلى سبيل المثال: الأفندي ينقل عن الحُرّ العامليّ هذا المدخل بتمامه عن الإسترآبادي، ولكنّه يقدّم بعض المعلومات الأخرى في ما يتَّصل به. وينبغي المقارنة بين كتاب «أمل الأمل» 2: 247، للحُرّ العامليّ، مع «رياض العلماء» 5: 35 ـ 37، للأفندي.

([56]) الفوائد المدنيّة: 104 ـ 105.

([57]) انظر في هذا المجال إلى كتاب محمّد إبراهيم الجنّاتي، قيام أخباري‌ها على اجتهاد؛ مقالة قيام الأخباريّين على الاجتهاد (قيام أخباريها عليه اجتهاد): 18 ـ 20 (بالفارسية).

)[58]) Gleave; pp 54.

([59]) آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 2: 350.

([60]) الحُرّ العامليّ، الفوائد الطوسيّة 2: 246.

([61]) انظر: المصدر السابق 2: 106.

([62]) Gleave; pp; 30.

([63]) الجنّاتي، قيام أخباري‌ها على اجتهاد: 18 ـ 20.

([64]) دانشنامه شاهي، صفحة 3 ألف، سطر 12، صفحة 3 ب، سطر 3، (مخطوط).

([65]) الحُرّ العامليّ، الفوائد الطوسيّة 1: 423.

([66]) الحُرّ العامليّ، أمل الآمِل: 81 ـ 85.

([67]) آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 12: 212.

([68]) سلافة العصر في محاسن أهل العصر: 398.

([69]) رياض العلماء 5: 35 ـ 37.

([70]) المصدر السابق: 38.

([71]) المصدر السابق 2: 261.

([72]) Gleave; pp 45.

([73]) لؤلؤة البحرين: 117 ـ 120.

([74]) يقول البحراني في المقدّمة الثانية عشر من كتاب «الحدائق»، بعنوان «في الإشارة إلى نبذة من الكلام في أحوال المجتهدين من أصحابنا والأخباريّين»: لقد كنتُ في السابق من الأخباريّين، وكنتُ أُناقش كثيراً مع المجتهدين، ولكنْ بعد التأمُّل والتفكُّر في كلمات العلماء رجعت عن هذا الطريق، ثم ينتقد الإسترآبادي على تهجُّمه على علماء الشيعة الكبار، وخاصّة على العلاّمة الحلّي، وعدم حملهم على الصحّة (الحدائق الناضرة 1: 167 ـ170).

([75]) لؤلؤة البحرين: 117.

([76]) المصدر نفسه.

([77]) ولكنّ ما أورده الحُرّ العامليّ في كتاب «الفوائد الطوسيّة» يختلف عمّا وردت الإشارة إليه في كتاب «لؤلؤة البحرين»، وهو يدافع عن الإسترآبادي في مقابل مخالفة العلماء الأصوليّين، ويعتقد أنّ الإسترآبادي أصلح الأخطاء التي ارتكبها العلاّمة (انظر: أمل الآمِل: 417 ـ 458).

([78]) على سبيل المثال: إنّه اعتاد على التواصل مع الأعيان والأشراف والسلاطين، ومن هذه الجهة كان هذا التواصل مورد انتقاد الأشخاص الذين جاؤوا بعده، وكان هذا الرأي بالنسبة إلى نعمة الله الجزائريّ (لؤلؤة البحرين: 111).

([79]) على سبيل المثال: إنّ عقائده متطرِّفة، وفي بعض كتبه يرى أنّ الصوفيّة والفلاسفة كأنّهم من الكفّار، وكان هذا الرأي بالنسبة إلى الفيض الكاشاني (لؤلؤة البحرين: 121).

([80]) انظر: لؤلؤة البحرين: 55.

)[81]) Gleave; pp 51.

([82]) واللافت أنّ التنكابني ألّف كتابين، كلاهما باللغة الفارسية، وسلك في أحدهما مسلكاً تقليديّاً، وهو «تذكرة العلماء»، ولم يتحدّث فيه عمّا يتَّصل بالإسترآبادي، والكتاب الآخر يتحدَّث فيه غالباً بصورة جدليّة، وهو «قصص العلماء».

([83]) وهم طائفة يقصد بهم البابيّة والبهائيّة أيضاً.

([84]) التنكابني، قصص العلماء: 321 ـ 322.

([85]) الكشميري، نجوم السماء في تراجم العلماء: 41 ـ 42.

([86]) الخوانساري، روضات الجنّات 1: 129 ـ 148. ويجعل الخوانساري في هذا المدخل خارجاً عن الأطروحة الكلّيّة (في المدخل ألف، لا في المدخل ميم)؛ لأنّه لا يرى من المناسب أن يتحدّث في المدخل العلمائي باسم محمّد مشخَّص، مثل الإسترآبادي (روضات الجنّات: 147 ـ 148).

([87]) انظر: الأمين، أعيان الشيعة 3: 222؛ المدرّسي، مقدمة على فقه الشيعة 1: 65؛ Gleave; pp58. هنا لم يذكر الإسترآبادي بعنوان مؤسِّس للأخباريّة.

([88]) للحصول على فهرسة هذه التحقيقات باللغة الأجنبيّة انظر:

Newman; Akhbari/Usuli Dispute.

([89]) وهذا الكتاب يسمى بـ «لوامع صاحبقراني». وتمّ تأليفه وتقديمه للشاه عباس الثاني بعنوان «اللوامع القدسيّة». وتمّ تأليفه عام 1066هـ (انظر: آغا بزرگ الطهراني، الذريعة 18: 369).

([90]) محمّد تقي المجلسي ، لوامع صاحبقراني 1: 47. ويشير محمّد تقي المجلسي أيضاً في شرحه على كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه» (1: 20) إلی الإسترآبادي. ويقرِّر أنّ البراهين العقليّة التي يستخدمها الفقهاء والمفسّرون غير صحيحة، وأنّ الرؤية الصحيحة في هذه المواقف هي رؤية الإسترآبادي.

([91]) الحقّ المبين في تحقيق كيفية التفقُّه في الدين: 12. وللفيض الكاشاني في شأن الفقهاء انتقادات مثل الإسترآبادي (الحقّ المبين في تحقيق كيفية التفقُّه في الدين: 12).

([92]) محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار 1: 20.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً