أحدث المقالات

قراءة استدلالية في مبادئ العلاقات الدولية

ـ القسم الثاني ـ

تمهيد

تعرّضنا في القسم الأوّل من هذه الدراسة لأدلّة شرعية الجهاد الدعوي في القرآن الكريم، وكذلك مفهومه والمواقف منه، وتوصّلنا إلى أنّه لم يثبت تشريع هذا الجهاد في القرآن الكريم سوى عبر دلالات ضعيفة مرتبكة يشوبها الكثير من نقاط الضعف، ونريد هنا أن نكمل دراستنا؛ لنرى ما الذي تعطينا إياه نصوص السنّة الشريفة أيضاً؟

2 ـ 2ـ مستند السنّة الشريفة لنظرية الجهاد التحريري الدعوي

وكما كان الكتاب الكريم، فقد استدّل على شرعية الجهاد الابتدائي الدعويّ أيضاً بنصوصٍ من السنّة الشريفة، وسوف نحاول ـ بإذن الله سبحانه ـ أن ندرس هذه النصوص؛ لننظر في مديات دلالتها على هذا الأمر، وذلك على الشكل التالي:

ثمّة نصوص عديدة استدلّ بها على مشروعية جهاد الطلب والدعوة، ويمكن تصنيفها إلى نوعين من النصوص:

أ ـ النصوص الحديثية الخاصّة المشرعنة للجهاد الابتدائي

ونقصد بذلك وجود بعض الأحاديث التي تملك دلالة مباشرة ومحدّدة في تشريع الجهاد الابتدائي، ولا يستند ـ فقط ـ إلى جهة الإطلاق فيها، بل تحتوي عناصر دلاليّة إضافية في هذا المجال، وأهم هذه الأحاديث ما يلي:

وقفة مع حديث: «أمرت أن أقاتل الناس..»

الحديث الأوّل: وهو أشهر الأحاديث هنا، ما روي عن جماعة من الصحابة، عن رسول الله’ أنه قال: mأمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم، إلاّ بحقّ الإسلام، وحسابهم على اللهn([1]). وثمّة صيغة أخرى للخبر هي: mأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها وصلّوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرّمت علينا دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقها، وحسابهم على اللهn. كما ورد بصيغ تختلف بالزيادة والنقيصة وبعض التغييرات البسيطة([2]).

وقد وصف الترمذي الحديث بأنه حسن صحيح([3])، كما وصفه الحاكم النيسابوري بأنه صحيح الإسناد على شرط الشيخين([4])، بل بعض من ناقش في الجهاد الابتدائي ــ سنيّاً ــ، مثل: الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، لم يقترب من البحث في سند هذا الحديث؛ لوضوح صدوره([5]). هذا وقد ورد هذا الحديث في بعض المصادر غير الحديثية مرسلاً، مستنداً إليه في جملة منها([6]).

أمّا على الصعيد الشيعي، فقد جاء هذا الحديث في دعائم الإسلام, للقاضي النعمان([7])، وفي تفسير القمي([8])، وكتاب الإيضاح المنسوب إلى الفضل بن شاذان([9])، كما جاء في عيون أخبار الرضا، للصدوق، مسنداً إلى علي عن رسول الله’ ([10])، وفي ثواب الأعمال، له، مسنداً إلى كل من أبي هريرة وعبد الله بن عباس([11])، وذكره ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللئالي([12])، ثم نقلت المصادر الشيعية اللاحقة عن هذه المصادر، مثل: بحار الأنوار، ومستدرك الوسائل، وغيرهما، وقد جاء هذا الحديث مرسلاً في المصادر الشيعية القديمة غير الحديثية، مستنداً إليه في بعض المواضع([13]).

وإذا تمّ سند هذا الحديث، المعتضد بشهرته عند المسلمين، وروايته في مصادرهم بأسانيد عدّة إلى: علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي بكر، وأوس، وجرير البجلي، وسمرة، وسهل بن سعد، وابن عباس، وأبي بكرة، وأبي مالك الأشجعي، وعياض الأنصاري، والنعمان بن بشير.. ، كان الاعتماد عليه صحيحاً، ونسب إلى السيوطي اعتباره من المتواتر، وكذا إلى صاحب الكنـز الثمين([14])، وعبر عنه القاري (1014هـ) بقوله: mوكاد أن يكون متواتراًn([15])، فيكون دالاً بصراحة على أن مقاتلة الناس كانت كي يسلموا، وأن ذلك هو ما يعصم دماءهم وأموالهم، لا كفّهم العدوان عن المسلمين، ولا غير ذلك إطلاقاً، بل ظاهر الحديث الشمول والاستيعاب؛ حيث عبّر بـ mالناسn، كما ظاهره تحديد الغاية بقوله: mحتىn، فلا مجال بعد ذلك للنقاش في السند أو الدلالة، فيكون دالاً على المطلوب، وأنّ ملاك الحرب هو الكفر ـ كما قال القرطبي([16]) ـ، وربما يكون أقوى الأحاديث في هذا الباب، وأشهرها على الإطلاق.

والبحث في هذا الحديث يقع تارةً على مستوى السند؛ وأخرى على مستوى الدلالة:

أ ــ أما البحث السندي؛ فتارةً نبحث عن سنده في المصادر الشيعية؛ وأخرى نبحثه في المصادر السنّية.

1 ــ أما الحديث في المصادر الشيعية، فقد جاء على الشكل التالي:

أولاً: في دعائم الإسلام؛ وعوالي اللئالي؛ وتفسير القمي؛ والإيضاح، وردت الرواية مرسلة بلا سند.

ثانياً: في عيون أخبار الرضا ورد السند ضعيفاً؛ فإذا لم يكن الحسن بن عبد الله التميمي الوارد فيه هو الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى فيكون مجهولاً هو ووالده الواردين في السند؛ وإذا كان هو كان ثقة، بناء على نظرية توثيق مشايخ ابن قولويه في كامل الزيارات([17])، فيبقى والده عبد الله بن محمد بن عيسى مجهولاً، إلا على نظرية وثاقة مطلق من ورد اسمه في كامل الزيارات، وليست بثابتة.

ثالثاً: في كتاب ثواب الأعمال، للصدوق (381هـ)، ورد السند ضعيفاً أيضاً؛ لا أقلّ بأنّ فيه حماد بن عمرو الصيني، والظاهر أنّه تصحيف النصيبي؛ لعدم وجود الصيني في كتب الحديث والرجال عند المسلمين، وبصرف النظر عن ذلك فكل من اسمه حماد بن عمرو ـ ومنهم النصيبي ـ لا توثيق له في كتب الرجال الشيعية، فضلاً عن تضعيف النصيبي صريحاً، وعدم توثيق غيره ـ سوى حماد بن عمرو الأسدي، الذي لا يحرز اتحاده معه ـ في كتب الرجال السنيّة([18])، وفي السند أيضاً ميسرة بن عبد الله (وربما يكون عبيد الله، وربما يكون ميسر بن عبد الله أيضاً)، وعلى التقادير كافّة فهو رجل مجهول لا توثيق له([19])، على أنّ لدينا ملاحظة على هذه الرواية التي تحكي عن آخر خطبة للنبي في المدينة؛ وذلك أن هذه الخطبة بلغت في كتاب الصدوق خمس عشرة صفحة من القطع الوزيري، فكيف استطاع ابن عباس وهو صغير في السنّ آنذاك، وكذلك أبو هريرة، كيف استطاعا أن يحفظا كل هذه الخطبة الطويلة، حيث لم يكن قد قالها النبي سوى مرة واحدة، ولم يكونوا ليكتبوا في الزمن النبوي؟! هذا ما يجعلنا نتوقف في الوثوق بمثل هذه الروايات في تلك الأزمنة، قبل شيوع الإملاء والكتابة للحديث.

وأما سائر مصادر الشيعة المتأخرة فلا تخرج عما تقدم، فالحديث عند الشيعة ضعيف السند لا يعتدّ به، كما أنه لم يرد في المصادر الحديثية الأبرز، كالكتب الأربعة، ولم يتكرّر حتى يصبح مشهوراً روائياً، بل الملاحظ من لحن بعض النصوص الشيعية أنهم يعتبرونه حديثاً سنّياً في أصله([20])، وإن أورد بعضهم ــ مثل القمي ــ روايته ضمن خطبة النبي’ في حجّة الوداع.

2 ــ وأما الحديث في المصادر السنية: فقد جاء في مصادر كثيرة جداً، بعضها وإن أمكن المناقشة فيه سندياً حتى وفق بناءات علم الجرح والتعديل عند أهل السنّة، مثل: ما جاء عند الشافعي في الأم، والمسند([21]) عن ابن شهاب؛ لابتلائه بالإرسال، وقد قام الهيثمي (807هـ) بنقد بعض أسانيد الحديث([22])، إلا أنّ الإنصاف أنّه تام السند عند أهل السنّة؛ وكثرة طرق الحديث وتعدّده، وصحّة بعض هذه الطرق، تغني عن ملاحقة سنده عند أهل السنّة، من هنا فما ذكره بعضهم ــ مثل العلامة محمد حسين فضل الله ــ غريب جداً، فقد ادّعى أنّ الحديث ضعيف، وأنه لم يذكره أحمد بن حنبل في مسنده رغم نقله الصحيح والضعيف([23])، مع أن ابن حنبل روى الحديث مراراً عن جابر، وعمر بن الخطاب، وأبي هريرة، كما ادّعى أيضاً أن مصادر الحديث السنية تتفق على تضعيف الحديث؛ لغرابة سنده بالخصوص، ولولا رواية الشيخين له لما أخذوا به، ويبدو أن السيد فضل الله اعتمد في كل هذا الكلام على ما ذكره البوطي، والأخير مخطئ جداً في تقييماته، وكلاهما أخذ عن الحافظ ابن حجر، الذي كان في الحقيقة بصدد تقييم بعض صيغ هذا الحديث([24])، مع أنّ الحديث ورد في مسند أحمد، وسنن الدارمي، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن ابن ماجة، وسنن أبي داوود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، ومستدرك النيسابوري، وسنن البيهقي، ومجمع الزوائد للهيثمي، فضلاً عن المصادر المتأخرة، كما ورد بأسانيد عدّة، لا بإسنادٍ واحد؛ فمن الناحية السندية الحديث تام عند أهل السنّة، وضعيف في مصادر الشيعة.

ب ــ أما من ناحية الدلالة: فقد سجّلت ـ ويمكن أن تسجّل ـ على الحديث انتقادات عدّة، هي:

الانتقاد الأوّل: ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري([25])،وتبعه بعض المتأخرين([26])، من أن هناك فرقاً بين أقاتل وأقتل، فلو قال الحديث: أمرت أن أقتل الناس حتى يقولوا: كذا وكذا دلّ على الجهاد الابتدائي بملاك الكفر، لأنه يتحدّث عن قتل من لم يؤمن، أما مع كلمة أقاتل فلا؛ إذ هي من صيغ المفاعلة التي تستدعي وجود طرفين، بإجماع علماء اللغة، مما يعني أنه قد فرض سلفاً أن الطرف الآخر قد بدأ بالقتال حتى تكون حربي له مما يسمّى مقاتلة حيث تحقق طرفاها.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ النسبة بين mأقتلn وmأقاتلn هي العموم والخصوص المطلق، إذ من الواضح أنه كلّما صدق جواز القتل صار القتال جائزاً دون العكس، إذ ليس كلّما جاز القتال جاز القتل، ويكفي تطرّق الاحتمال هنا، الأمر الذي يفقدنا الظهور في هذا الحديث.

وهذا التفسير لصيغة المقاتلة إذا تمّ فلا يجري في هذا الحديث فحسب، بل يجري في سائر النصوص القرآنية والحديثية الدالّة هنا؛ لوحدة الملاك فيها جميعاً، ما دام الموقف اللغوي واحداً، إلاّ مع قيام شاهد على العكس.

وفي مقابل هذا التفسير لصيغة المقاتلة، وبمعنى أوسع mالمفاعلةn، ذكر السيد الخوئي([27]) ــ تبعاً للسيد الحكيم في ما يبدو([28]) ــ تفسيراً آخر، وهو أن صيغة المفاعلة لا تستدعي وجود طرفين، كما اشتهر بين العلماء، وإنما تدلّ على سعي طرفٍ لإيجاد مادّة الفعل خارجاً، سواء حصلت بعد ذلك أم لم تحصل، فعندما تقول: قاتلت زيداً فمعنى ذلك أنك تصدّيت لقتله، وبذلت محاولةً في هذا الصدد، سواء حصل القتل في الخارج أم لم يحصل، وكذا عندما تقول: كاتبت عمراً، لا يعني ذلك حصول مكاتبةٍ اثنينية الطرف، بل سعيٌ منك لبعث كتابٍ له سواء وصل الكتاب إليه أم لم يصل؛ وعليه فالمفاعلة لا تتطلّب تعدّد الأطراف، بل محاولة أحدها تحقيق مادة الفعل في الخارج.

وكانت للمحقق الإصفهاني مساهمة، حيث قال: mالظاهر أن هيئة المفاعلة لمجرد تعدية المادة وإنهائها إلى الغير، مثلاً: الكتابة لا تقتضي إلا تعدية المادة إلى المكتوب، فيقال: كتب الحديث، من دون تعديتها إلى المكتوب إليه، بخلاف قولهم: كاتبه؛ فإنه يدلّ على تعديتها إلى الغير، بحيث لو أريد إفادة هذا المعنى بالمجرّد لقيل: كتب إليه. وربما تدلّ الهيئة المجرّدة على نسبة متعدية، كقولهم: ضرب زيد عمرواً، إلا أن إنهاءها إلى المفعول غير ملحوظ في الهيئة، وإن كان لازم النسبة، بخلاف: ضارب زيد عَمْراً، فإنّ التعدية والإنهاء إلى المفعول ملحوظ في مفاد الهيئة، فما هو لازم النسبة تارة ومفاد حرف من الحروف أخرى مدلول مطابقي لمفاد هيئة المفاعلة؛ ولذا ربما يفهم التعمد والتقصد إلى إيجاد المادة، فيفرّق بين ضار ومضار، وخدعه وخادعه، ونحوهماn([29]).

ولتحقيق القول في الانتقاد الأوّل نرى أنه تسجل عليه ملاحظات:

الملاحظة الأولى: إنّ صيغة المفاعلة لا تنحصر بالدلالة على ما كانت فيه مشاركة من طرفين، بل تستعمل في هذا المعنى كما تستعمل في غيره، فاستعمالات هذه الصيغة متعدّدة منها:

أ ــ تستعمل للمشاركة، كما في مثل: تشاجر، تضارب، وأشباه ذلك.

ب ــ تستعمل بمعنى الفعل اللازم بلا أيّة إضافة دلالية أخرى، كما في مثل: دافعتُ عن نفسي، أو في مثل: سافرتُ إلى دمشق، فإن الفعل في مثل هذه الأمثلة لازم لا يحمل أيّة دلالةٍ إضافية.

ج ــ وتستعمل لبيان تحقق صورة فعل، دون واقعه، كما في مثل: {يخادعون الله وهو خادعهم}، فإنّها تريد بيان أنهم حاولوا خداع الله سبحانه، إلاّ أنهم فشلوا، ولم يتحقق منهم الخداع أصلاً، بل صورة خداع ومحاولة فاشلة له.

د ـ للدلالة على المبالغة، حيث ذكروا ذلك في مواضع عدّة، مثل قوله تعالى: {إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا} ]الحج: 38]، والمقصود المبالغة في الدفع على احتمال في التفسير([30]).

إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة، التي تدلّ على معاني متعددّة لهذه الصيغة غير المشاركة، مثل: حاولتُ، تابعتُ، آويتُ، ضاعفتُ، طالعتُ، ناديتُ، خاطبتُ، ساعدتُ، عانيتُ، حاكمتُ، لاحظتُ، عاقبتُ، هاجمتُ، ناولتُ، داويتُ، هاجرتُ، فاتحتُ، شايعتُ، بادرتُ، عاتبتُ، آجرتُ، عارضتُ…

بل قد أشارت المصادر المختصّة باللغة إلى تعدّد المعاني، نعم، كان المشهور بينهم أنها للمشاركة، لكنّ كتب الصرف لم تنفِ معاني واستعمالات أخرى للكلمة، مثل: ما جاء في كتاب شذا العرف للحملاوي([31])، وأدب الكاتب لابن قتيبة([32])، والقرطبي في تفسيره([33])؛ وعليه فاستعمالات هذه الصيغة متعدّدة في لغة العرب، لا تنحصر بما ذكره المشهور، ولا بما ذكره الخوئي، والحكيم، والإصفهاني، وتحديد المعنى يرجع حينئذٍ إلى القرائن ونحوها.

الملاحظة الثانية: طبقاً لما تقدّم نرى أن صيغة قاتل تحتمل عدة معاني بدواً، لهذا لابد من تحليل استعمالات هذه الكلمة، والذي يجده الإنسان أنّ كلمة قاتل تفترض في الحدّ الأدنى وجود طرفين، يقوم أحدهما بمحاولة القتل؛ فيما يُترقّب من الآخر ردّ فعل، فعندما تقول: قتلت زيداً فإن المفهوم من الجملة أنك أقدمت على فعل القتل في حقّه، وقد صدر الفعل، ولا إشارة في هذه الصيغة إلى ردّة فعله، أما إذا قلت: قاتلت زيداً فإنّ المفهوم من الجملة أنني حاولت قتله، وأنّ هناك ردّة فعل صدرت منه، أو يُترقب منه صدور ردّة فعل، دون إشارة إلى قتله خارجاً، ففي mقتلn لا إشارة إلى ردّة فعل الطرف الآخر، بينما في mقاتلn هناك إشارة إلى ردّة فعله، وهذه هي حيثية الطرفينية في صيغة المفاعلة هنا، لكن لا بمعنى أن قاتلتُ تفترض هجوماً مسبقاً من الطرف الثاني، بل بمعنى أنها تفترض مشاركة منه في ردّ الفعل، دون إشارة إلى طبيعة ردّة الفعل بالدقة، وأنه ابتدائي أو دفاعي، فهذا هو المعنى اللغوي والعرفي للكلمة عند التأمل فيها، وفي الفرق بينها وبين «قتل»، لا ما ذكره المستشكل هنا من التمييز بين الابتدائية والدفاعية.

الملاحظة الثالثة: لو كان ما ذكره ابن حجر، والبوطي، وغيرهما، هنا صحيحاً لواجهتنا بعض الاستخدامات اللغوية التي تستعصي على الحلّ، ونحن نذكر نماذج، ولا نستوعب الأمثلة، وهذه النماذج هي:

النموذج الأوّل: قوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين} ]البقرة: 191]، فلو كانت المفاعلة هنا تقتضي افتراض الدفاعية في القتال للزم الدور أو التناقض؛ إذ كيف تنهانا عن قتالهم إلى أن يبدأوا بقتالنا، مع أنه لا يصدق قتالنا إلاّ مع بدئهم سابقاً بالحرب، ومع بدئهم لا يسمى قتالاً من قبلهم؟

النموذج الثاني: قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا} ]البقرة: 190]، فهي تفترض ــ على التفسير المذكور للحديث ــ تناقضاً؛ إذ إن كلمة «قاتل» في الموردين تفترض الدفاعية، فكيف يمكن تصوّر توقف الدفاع منّا على الدفاع منهم؟!

النموذج الثالث: قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلمون} ]الحج: 39]، فهذه الآية تشرع الجهاد، وتفترض أن العدو يقاتل المسلمين، فإذا كان مفهوم المقاتلة يستبطن الدفاع، فمعنى ذلك أن المسلمين هم من بدأ مع أن الآية هي التي ترخص بالبدء بعد نزولها.

النموذج الرابع: قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} ]التوبة: 36]، وهذه الآية كسابقاتها، فلا نطيل.

إلى غيرها من الأمثلة، مثل: قوله تعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا} ]البقرة: 217]، والتي تؤكد أن الذين طرحوا هذا التمييز السابق بين قاتل وقتل، لم يلتفتوا إلى لوازم هذا المبدأ اللغوي في سائر استعمالات صيغة المقاتلة، والقول بأنّه في أحد استخدامَي كلّ آية توجد قرينة المجاز غير واضح؛ بعد أن لم نشعر بالمجازية، ورأينا التعبيرين على وزان واحد في وجداننا اللغوي.

الملاحظة الرابعة: إن الحديث نفسه لا يتحمّل التفسير الذي ذكر هنا؛ لأنه لو فرضنا أن mأقاتل الناسn تدل على الدفاع، مع أنّ الحرب الدفاعية عند صاحب هذه المناقشة تنتهي بردّ العدوان، وهذا هو المترقب منها، أو على أبعد تقدير تنتهي بزوال ريحهم وضعف شوكتهم وهيمنة المسلمين عليهم، إذاً فلماذا جعل الإسلام في الحديث غايةً لهذا القتال، مع أنّ المناسب منطقياً جعل غيره هدفاً، كردّ العدوان، ونحوه؟ إن الغاية المأخوذة في الحديث شاهد على أن المراد بـ mأُقاتلn هنا ما كان من الجهاد غير دفاعي، أو ما يعمّ الدفاعي وغيره.

وخلاصة الكلام: إنّ هذه الملاحظة في غير محلّها، فالحديث ظاهر في الجهاد المستهدف إسلام الطرف الآخر، لا خصوص الردّ وإيقاف العدوان.

الانتقاد الثاني: ما ذكره الشيخ محمد جواد مغنية، من أنّ هذا الحديث خاصّ بحالة عدوان الطرف الآخر، وسعيه للإفساد في الأرض، ودفع فتنته عن المؤمنين، ويشهد لذلك أنّ مفهوم هذا الحديث بالشكل الظاهري له لا ينسجم مع النصوص القرآنية الدالة على أنّ النبي ليس بمسيطر على الناس، وأنّه منذر ومبشِّر فحسب، ومع ما دلّ على أنّ الله لا ينهانا عن الإحسان لمن لم يقاتلنا، ولم يخرجنا من ديارنا، فكيف يجتمع الإحسان مع الأمر بقتالهم؟!([34]).

وهذه الملاحظة النقدية تتعلّق بمرحلة الجمع بين أدلّة نظرية شرعية الجهاد الدعوي وأدلّة عدم شرعية الجهاد الابتدائي، لتمثل بعض أدلّة النظرية الثانية شكلاً من أشكال النقد المتني على مثل هذا الحديث النبوي المشهور، ونحن هنا لسنا في معرض هذا الجمع والتقييم، وإجراء مقارنات ومقاربات بين الأدلّة المختلفة، وإنّما ـ كما قلنا مطلع البحث ـ بصدد رصد أدلّة الشرعية بما هي هي، إلا إذا كانت بعض أدلّة عدم الشرعية تشكّل معيناً لفهم دليلٍ من أدلّة الشرعية هنا، فلينتبه إلى هذا الأمر.

الانتقاد الثالث: إنّ هذا الحديث واضح في عموميّته، فكيف يمكن التوفيق بينه وبين ما دلّ على رفع اليد عن مقاتلة أهل الكتاب مع دفعهم الجزية؟! إذ هذا الحديث يفترض أن الحرب إنّما هي لإسلام الناس، فيما النصوص الأخرى تخرج قسماً كبيراً من البشر، هم: اليهود، والنصارى، والمجوس، عن هذا القانون، ففي صيغة من هذا النوع ينبغي ذكر هذا التفصيل، ولا يصحّ تجاهله إلى دالّ آخر.

وقد يجاب عن ذلك من وجوه:

أ ـ ادّعاء نسخ هذا الحديث بآية الجزية في إطار أهل الكتاب.

ب ـ ادّعاء التخصيص، بأن يكون عاماً خصّصته أدلّة أخذ الجزية من أهل الكتاب.

ج ـ أن يراد بالشهادتين المذكورتين في الحديث إعلاء كلمة الله؛ إما عبر قتل الطرف الآخر؛ أو إسلامه؛ أو إخضاعه.

د ـ أن يراد بالقتال في الحديث عين القتال؛ أو ما يقوم مقامه، مثل: أخذ الجزية.

هـ ـ أن يقال بأن الغرض من نظام الجزية أن يسلموا، ولو اضطراراً، وسببُ السبب سببٌ.

و ـ أن يستوحى من أنّ الله أمر نبيه بمقاتلة الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله أنّ المقاتَلين هم المشركون فقط؛ لأنّ أهل الكتاب يقولون هذه الكلمة، وإنّما يختلفون في النبوّة، فهذا شاهد على اختصاص الحديث بغير أهل الكتاب.

وقد وردت هذه التبريرات في كلمات بعض العلماء، أبرزهم: العيني وابن حجر([35])، لكن الثالث والرابع والخامس منها أجوبةٌ واضحة في التأوّل، بعيدة عن ظاهر الحديث، أمّا السادس فخاصّ بما ورد فيه الاقتصار على الشهادة بالتوحيد، وإلا ففي بعض صيغ الحديث إضافة الشهادة بالرسالة أيضاً؛ هذا إذا لم نقل بما ذكره بعضهم([36]) من أنّ الاقتصار على التوحيد لمكان إشاريّتـه لمطلق شهادة الإسلام؛ فالأقرب من هذه الافتراضات ـ بصرف النظر عمّا سيأتي في الانتقاد الرابع ـ هو افتراض التخصيص، بعد ثقل دعوى النسخ.

وإذا صحّ التبرير السادس لم يكن هذا الحديث حينئذٍ مشرعناً للجهاد الابتدائي مع أهل الكتاب؛ لأنّهم خرجوا بالتخصّص، لا بالتخصيص، ودون إقحام آية الجزية في المقام.

الانتقاد الرابع: ما ذكره ابن قرناس، وتقريبه، مع توضيح وتعميق منّا: إن هذا الحديث يعارض التاريخ النبوي؛ فإنّ حروب النبي بأكملها كانت حروباً دفاعية، من بدر إلى أحد إلى الأحزاب إلى غيرها من غزواته ومعاركه العسكرية، فإذا كان قد كُلّف بمقاتلة الناس حتى يؤمنوا بالله ورسوله فأين طبّق النبيّ ’ هذا الأمر؟! ولماذا خالفه؟!([37]).

وهذا الانتقاد متوقف على إثبات دفاعية الحروب النبوية، وهو ما سوف نبحثه ـ بعون الله تعالى ـ لاحقاً، ولو تمّ ذلك بالإثبات التاريخي ربما يمكن الخروج من هذا الإشكال ـ مع الغض عن الانتقاد الآتي الذي نتبنّاه ـ بأنّ الأمر هنا موجّه إلى جميع المسلمين، فيكون عدم تطبيق النبي من باب انعدام فرص ذلك بالنسبة إليه شخصيّاً، مع ثبوته بوصفه حكماً، ما لم نثبت أنّ النبي كان يمكنه شنّ حروب ابتدائية تنفيذاً لهذا التكليف الشرعي ولكنّه ـ ودون مبرّر ـ لم يفعل ذلك، وتفصيل الموضوع نأتي عليه قريباً في بحث الاستدلال بالتجربة النبوية، إن شاء الله.

وبعبارة أخرى: إما نقبل بالانتقاد الخامس الآتي، فيكون الانتقاد الرابع بمثابة نقد متني على أصل صدور الحديث، أو نرفضه فلا يعود الانتقاد الرابع قوياً في نفسه.

الانتقاد الخامس: ما نرى أنّه الانتقاد الأصحّ الذي يمكن توجيهه على الاستدلال بهذا الحديث على الجهاد الابتدائي، وهو أن نقول: إنّ تمام صيغ هذا الحديث، رغم اختلافها في الزيادة والنقيصة وفي بعض الخصوصيات، تشترك في جملة: mأمرت أن أقاتلn، وmعصموا منيn أو ما هو بمعناها ([38])، وهذا معناه أنّ المأمور بهذا الحديث هو النبي الأكرم ’، وليس ما يفيد أنّ هذا الأمر الإلهي موجّه إلى عموم المسلمين في جميع الأعصار، فلم تقل أيّة رواية: أمر المسلمون بذلك، واحتمال الخصوصية وارد؛ من حيث إنّه قد يكون في بداية الدعوة حاجة إلى ممارسة الجهاد الابتدائي، قبل تثبيت أسس الدولة الجديدة أو المجتمع الجديد، فهي مرحلة الانطلاق؛ لهذا طلب من النبي أن يمارس هذا اللون من المواجهة لترسيخ دعائم الدعوة في مناخ تحارَب فيه بشدّة، كما أنّ التعبير في إحدى صيغ الحديث بقوله: mفإذا قالوها وصلّوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرّمت علينا دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقها، وحسابهم على اللهn ـ مع أن هذه الصيغة نادرة وقليلة جداً([39]) ـ ليس دالاً على أنّ الحكم عام؛ لأنّ المقصود بأمر النبي ليس أن يقاتل هو شخصياً، بل بمعنى مقاتلته للناس في عصره مع المسلمين الذين معه، فليس هذا مثل مختصّات النبي ـ كوجوب صلاة الليل عليه و.. مما ذكر في محلّه ـ، بل من مختصّات عصره ومرحلته وزمانه.

وربما يتعزز ذلك أيضاً ـ ويعزّز ـ بأنّه من المحتمل جداً أن يراد بكلمة mالناسn الواردة في الحديث ليس مطلق البشر، بل قريش ومشركو العرب، فتكون للعهد، شبيه استعمالها في حقّ أهل السنّة في بعض روايات الشيعة، فهناك احتمال ــ نتيجة هذه الشواهد ــ أن يختصّ هذا الحكم بمشركي العرب، ويعزز ذلك أنّ صيغة الحديث جاءت بتعبير mالمشركينn مكان mالناسn في سنن أبي داوود([40])، وسنن النسائي([41])، وسنن البيهقي([42])، والسنن الكبرى للنسائي([43])، وسنن الدارقطني([44])، وكذا ما جاء في تغليق التعليق لابن حجر([45])، وكلّهم نقلوا هذا الحديث عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عين السند الذي ذكره البخاري عن أنس، وذكر فيه كلمة mالناسn، مما يجعل هذه الكلمة مردّدة بين mالناسn وmالمشركينn، فيؤخذ منها بالقدر المتيقن، وهو المشركون، إلاّ إذا جعلت سائر الروايات قرينة على صحّة كلمة mالناسn، ذاك المصطلح الذي غلب إطلاقه على مشركي العرب الذين واجههم النبي، فلا نحرز الشمول لمطلق مشرك غيرهم؛ نتيجة جملة هذه الملاحظات، فيكون هذا الحديث خاصّاً بتلك المرحلة، لا يحرز تعديها إلى غيرها.

فإذا قُبل بهذه الملاحظة ـ التي تحلّ أيضاً الإشكالية التي أثارها الانتقاد الثالث ـ كان أمد هذا الحديث منتهياً اليوم؛ وإلا كانت دلالته على الجهاد الابتدائي تامة، غايته يلتزم بالتخصيص في ما يتعلّق بأهل الكتاب، كما أشرنا في التعليق على الانتقاد الثالث.

وقد تقول: إنّ هذا الحديث ورد في بعض الروايات في سياق الحوار الذي جرى مع الخليفة الأول أبي بكر بن أبي قحافة في ما يخصّ قتال مانعي الزكاة، وقد تمّ الاستشهاد به في ذلك الموضوع، ولهذا نجد لهذا الحديث حضوراً في بحث الزكاة في الكتب الفقهية السنيّة، وهذا معناه أنّ المسلمين الأوائل وكبار الصحابة فهموا من الحديث عدم الاختصاص بالنبي، فطبّقوه في موارد لاحقة بعد وفاته، وهذا يناقض الفهم الذي ذكرتموه.

لكننا نجيب ـ بصرف النظر عن التردّد الذي قد يثيره باحثٌ ما عن إقحام هذا الحديث بموضوع الزكاة، وهل كان هذا الإقحام شاهداً على إضافة بعض المقاطع فيه ـ بأنّه إذا فهم أحد الصحابة أو بعضهم كما تفيد الرواية، فهذا ليس حجةً علينا؛ فربما أخطأوا في فهم مراد النبي الأكرم، فغابت عنهم الخصوصية، ونحن اليوم بتنا نحتمل هذه الخصوصية، ولاسيما بمعونة شواهد أخرى، وقد بحثنا في دراساتنا حول حجية السنّة أنّ الشك في تاريخية حكم يفرض الأخذ بالقدر المتيقن، وهو هنا يساوق فرض الجهاد الابتدائي في بداية الدعوة لا أكثر.

الحديث الثاني: خبر الحسن بن محبوب عن بعض أصحابه، قال: كتب أبو جعفر× في رسالة إلى بعض خلفاء بني أمية: mومن ذلك ما ضيّع الجهاد الذي فضّله الله عز وجل على الأعمال، وفضّل عامله على العمال، تفضيلاً في الدرجات والمغفرة والرحمة، لأنه ظهر به الدين، وبه يدفع عن الدين…، وأوّل ذلك الدعاء إلى طاعة الله عز وجل من طاعة العباد، وإلى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من ولاية العباد، فمن دعي إلى الجزية فأبى قتل وسبي أهله، وليس الدعاء من طاعة عبدٍ إلى طاعة عبد مثله، ومن أقرّ بالجزية لم يتعدّ عليه ولم تخفر ذمّته، وكلّف دون طاقته وكان الفيئ للمسلمين عامة غير خاصة، وإن كان قتال وسبي سير في ذلك بسيرته، وعمل في ذلك بسنته من الدين..، وإنما كانوا أهل مصر يقاتلون من يليه يعدل بينهم في البعوث، فذهب ذلك كله حتى عاد الناس رجلين أجير مؤتجر بعد بيع الله ومستأجر صاحبه غارم وبعد عذر الله، وذهب الحج فضيع وافتقر الناس فمن أعوج ممن عوج هذا ومن أقوم ممن أقام هذا فرد الجهاد على العباد وزاد الجهاد على العباد، إن ذلك خطأ عظيمn([46]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فالرواية مرسلة لا حجية فيها، إلاّ على نظرية تصحيح روايات أصحاب الإجماع ولو كانت مراسيل؛ فإن الحسن بن محبوب من أصحاب الإجماع، فإذا فسّرت جملة تصحيح ما يصحّ عنهم بمعنى صحّة مروياتهم كانت الرواية هنا حجّة، وأما إذا كانت بمعنى أنه مصدّقون غير متّهمين ــ كما هو الأصحّ والمقدار المتيقن ــ فلا يفيد ذلك سوى علوّ كعبهم في الوثاقة والجلالة، لا تصحيح مثل مراسيلهم كما هو واضح، فالحديث ضعيف السند.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فقد أورد على الرواية بوجود تشويش فيها واضطراب، وذلك:

1 ــ ما جاء في بدايتها من كلمة mومن ذلكn؛ إذ لا يُعلم المشار إليه، وربما يقدّر: أنكم يا بني أمية قمتم بأعمال مخالفة للشرع منها..([47]).

وهذه الملاحظة إن قصد منها سقوط مطلع الرواية، فهذا واضح، لكن هذا يحصل أحياناً في الروايات، ربما بسبب التقطيع، وهو ليس اضطراباً، بل المهم في هذه الحال أن يلحظ هل للمقطع المحذوف تأثير على دلالة الباقي، بحيث يمثل قرينة متصلة مفقودة أم لا؟

والذي يبدو أن مدلول الرواية واضح غير مشوّش بحذف الصدر، لهذا فهذا الخلل ــ مع وجوده ــ لا يضرّ بالاستدلال.

2 ــ تعبير mفضّله الله على جميع الأعمالn يدلّ على تقديم الجهاد حتى على الصلاة، مع أن الصلاة أهمّ([48]).

وغاية ما تفيده هذه الملاحظة إيقاع المعارضة بين الروايات الدالّة على أفضل العبادات، لا فرض وضوح تلك الروايات لتقدّم على هذه الرواية، وقد يقال ـ وفيه نظر ـ: إنّه حتى لو تقدّمت تلك الروايات، لا يعني ذلك فساد هذه الرواية، لاحتمال إرادة الأعم الأغلب من mالأعمالn، وهذا موجود في لغة العرب، ولاسيّما مع قيام شاهد، وهي الروايات الأخرى.

3 ــ جملة: mوإن كان قتل وسبي سير في ذلك بسيرتهn، فإن مرجع الضمير في mسيرتهn غير معلوم، وهذا يحدث تشوّشاً([49]).

وهذه الملاحظة سببها حذف المقطع الأوّل من الحديث، وهذا المقدار من الرواية، حتى لو لم يكن مفهوماً، لا يضرّ بسائر مقاطع الحديث ــ موضع الشاهد ــ لمن قرأها.

4 ــ جملة: mوإنما كانوا (كان) أهل مصر يقاتل من يليه، يعدل بينهم في البعوثn، حيث يعدّ ذلك خطأ في التركيب ناتجاً عن وجود سقط في الكلام، ولعلّ الأصل: mوإنما كان أهل مصر.. يعدل واليهم بينهمn([50]).

وهذا المقطع يمكن تفسيره بأنّ أهل كل مصر يقاتل من يليه من الكفار، ويعدل ــ أي الحاكم ــ بينهم في البعوث، فيرجع الفاعل المستتر إلى المقدّر في ضمير «سيرته»، ولعلّه النبي أو بعض الخلفاء الأوائل.

نعم، هذا الحديث فيه بعض الارتباك، وليس سليماً ومستساغاً على المستوى العربي.

والمهم في نقد هذا الحديث ــ دلالةً ــ هو عدم وجود كلام واضح فيه يدل على الجهاد الابتدائي، إلاّ عدة مقاطع قد يُستند إليها هي:

1 ــ mلأنه ظهر به الدين، وبه يدفع عن الدينn، حيث إن الظهور هنا بمعنى الغلبة، فيكون ذلك مؤشراً للحديث عن الجهاد الابتدائي.

إلاّ أن هذا المقطع غير ظاهر، فإن الجملة ماضويّة، وجهاد المسلمين عهد النبي’ وفتح مكّة كلّه مما ظهر به الدين واعتزّ، وليس من المعلوم أنه جهاد ابتدائي، كما سوف يأتي بحثه بإذن الله، فغلبة الدين قد تكون بالحرب الدفاعية لا الابتدائية، ولعلّ مراد الحديث مثل فتح مكّة، ويكفي بعض المصاديق فيه نظراً لماضوية الفعل.

2 ــ mوأوّل ذلك الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد وإلى عبادة الله من عبادة العبادn، فهذا المقطع شاهد على أنّ الجهاد جهاد دعوة لا دفاع.

وهناك جواب مبنائي ذكره بعضهم، وهو أنّ الابتداء بالدعوة يجري في الجهاد الابتدائي والدفاعي معاً، وليس من خصوصيات الابتدائي، ولا تتقوّم حقيقته به([51])، وهو جواب سيأتي الحديث عنه ـ إن شاء الله تعالى ـ وسيتبيّن أنه وجيه، وبه يردّ على سائر روايات الدعوة([52])، إضافةً إلى أنّ الرواية عقّبت ــ بعد هذا الكلام ــ بالقول: mفمن دعي إلى الجزية فأبىn، وهو ما لا يتناسب مع الدعوة إلى الله وإلى الإسلام، إلا مع تفسير الدعوة بمعناها الشامل الذي يبدأ بالإسلام، فإن حصل الرفض تمّ الانتقال إلى مرحلة طلب الخضوع أو الجزية.

3 ــ ما جاء آخر الرواية: mفردّ الجهاد على العباد. إن ذلك خطأ عظيمn.

حيث قد يستفاد منه طلب الإمام من ذلك الخليفة الأموي إعادة الجهاد، مع أنّ الدولة الأموية لم تكن في حالة دفاع.

وهذا المقطع لعلّه من أوضح المقاطع بعد ملاحظة إجمالية لمتن الرواية، رغم أنّ فيه إجمالاً؛ لأننا لا نعرف من هو الخليفة، ولعلّ أطراف الدولة الإسلامية في عصره كانت تتحرّك ضدّ دولة المسلمين، كما في مثل: الأندلس في بعض الفترات، فلا يكون هناك صراحة في الابتدائي قبل حسم هذا الموضوع التاريخي في عصر الإمام الباقر×، وعلى أية حال؛ فبعد الضعف السندي ووجود بعض التشويش في الرواية، وانفتاحها على أكثر من احتمال، لا يصحّ الاستناد إليها لإثبات المطلوب هنا.

الحديث الثالث: خبر أبي حفص الكلبي، عن أبي عبد الله× قال: mإنّ الله عز وجل بعث رسوله بالإسلام إلى الناس عشر سنين، فأبوا أن يقبلوا حتى أمره بالقتال، فالخير في السيف، وتحت السيف، والأمر يعود كما بدأn([53]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فجهة الضعف فيه أبو حفص الكلبي، فهو مهمل([54]).

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالحديث قريب جداً من الجهاد الابتدائي، فقد شرع بالحديث عن قبول الإسلام، ثم أعقبه بأمر السيف، مما يشير إلى دخالة السيف في الدعوة إلى الإسلام.

إلاّ أن هذا التفسير الدلالي للحديث يواجه ملاحظات:

أولاً: إنّ الرواية تتحدّث عن النبي’، وتمام حروب النبي دفاعيةٌ، ولاسيّما مع أولئك الذين أبوا الإسلام في السنين العشر الأولى، أي قريش ومن يحيط بها، حيث كانت الحرب دفاعيةً معهم، كما سوف نبيّن ذلك بدورنا لاحقاً بعون الله تعالى؛ وعليه فحربه لهم لم تكن لإسلامهم، مما يجعل هناك معارضةً بين هذه الرواية وبين الواقع الخارجي([55]).

ثانياً: إنّ الرواية تفيد تشريع وجوب القتال بعد عشر سنوات من البعثة، وهذا يعني أنّ الجهاد شرّع في مكّة، مع أن الأدلّة متضافرة على أنّ تشريعه كان في العام الثاني للهجرة، أي بعد ما يقرب من تمام أربعة عشر عاماً من البعثة، وهذه جهة ضعف مضموني في الرواية([56])، وإذا أرجعنا «حتى أمره بالقتال» إلى كونها جملةً مستقلةً، لا ربط لها بعدد السنين، لم يكن هناك معنى لذكر السنوات العشر؛ وعليه فهذا الخبر لا يمكن الاعتماد عليه.

الحديث الرابع: خبر فضيل بن عيّاض، قال: mسألت أبا عبد الله× عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، وجهاد سنّة لا تقام إلاّ مع الفرض، وجهاد سنّة، فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز وجل، وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض، وأما الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلاّ مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمّة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأمّة، وهو سنّة على الإمام وحده أن يأتي العدوّ مع الأمّة فيجاهدهم، وأما الجهاد الذي هو سنّة، فكلّ سنّة أقامها الرجل..n([57]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية فله خمسة مصادر أساسية، في اثنين منها ضعف بالإرسال، وهما كتاب الغايات وتحف العقول، والثلاثة الباقية هي: الكافي؛ والخصال؛ والتهذيب، وهي ضعيفة بعلي بن محمد القاساني المضعّف في بعض الكلمات، ولا أقلّ من عدم إحراز توثيقه([58])، والقاسم بن محمد؛ وهو إما المغموز فيه؛ أو المشترك المردّد حاله([59])، فالخبر ضعيف السند.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية فأقصى ما في الحديث شاهدان، هما:

الشاهد الأوّل: قوله: mومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرضn. وهذا التعبير يقرّب الاستدلال به على الجهاد الابتدائي بعين التقريب الذي ذكر في الآية القريبة منه: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وقد أسلفنا هناك عدم الدلالة على الابتدائية وانسجام ذلك مع الجهاد الدفاعي انسجاماً تاماً، فيكون هذا الحديث تبعاً لتلك الآية.

الشاهد الثاني: ما جعل في الحديث جهاد سنّة لا يقام إلاّ مع الفرض، حيث يفهم منه الجهاد الابتدائي بإذن الإمام.

وهذا المقطع لوحظ عليه:

أولاً: إن تعبير mالعدوn الوارد فيه يستبطن العدوان؛ لعدم صدق العدو على غير المعتدي، كما تشير إلى ذلك آية الممتحنة الناهية عن قتال من لم يقاتل المسلمين في الدين.

ثانياً: ما المراد من أنّ الجهاد المذكور فرضٌ على الأمّة وسنّة على الإمام؟ ما هو المراد بالسنّة هل الأمر المستحب أو مطلق الأمر المباح؟! وفي الحقيقة، فالحديث يوقفنا على تساؤلين فيه، هما:

التساؤل الأوّل: ما الفرق بين الجهاد الفرض، وهو جهاد الذين يلونكم، وبين الجهاد السنّة المتوقف على الفرض؟ هناك احتمالان:

الاحتمال الأوّل: ما أثاره العلامة شمس الدين من أن يكون المراد من الجهاد الفرض هو جهاد القريب، فيما يكون المراد من الثاني جهاد البعيد([60])، وهذا فرض لا شاهد في الرواية لدى الحديث عن «الجهاد السنّة المتوقف على فرض» عليه أبداً، إلاّ إذا استنتج استنتاجاً من قرينة المقابلة، وحينئذٍ يكون جهاد القريب غير موقوف على إذن الحاكم، على خلاف جهاد البعيد فقد يقال بموقوفيّته، وربما كان الجهادان دفاعيين، وربما كانا ابتدائيين، ولا شاهد في الرواية على أيّ من ذلك، تماماً كما هو احتمال كون أحدهما دفاعياً، والآخر ابتدائياً.

الاحتمال الثاني: أن يراد بجهاد الفرض الجهاد الدفاعي؛ لذا لم يُشرط بذكر الحاكم، على خلاف الجهاد السنّة المتقوّم بالفرض فهو الابتدائي، وهذا التفسير ربما ينسجم مع الفتوى المشهورة للفقهاء أيضاً.

وهذا الاحتمال وارد، إلاّ أنّ المشكلة هي أن الرواية لا إشارة فيها إلى خصوصية الدفاعية والابتدائية، فكيف نتمكّن من استظهار هاتين الخصوصيتين دون شاهد أو قرينة؟! أضف إلى ذلك أن افتراض الجهاد السنّة متقوّماً بالفرض معناه وجوب الجهاد الابتدائي على الأمّة دون الحاكم، وهذا أبعد عن فتوى المشهور.

التساؤل الثاني: كيف ربطت السنّة بالفرض في الرواية؟

أشكل العلامة شمس الدين بأنه إذا تقوّم جهاد الأمّة ــ وهو جهاد فرض ــ بجهاد الحاكم وهو جهاد سنّة، وفسّرنا السنّة بالمستحّب أو المباح، سقط وجوب هذا الجهاد على الأمّة، فإذا كان هذا الجهاد ابتدائياً فمعنى ذلك عدم وجوبه، من هنا يرى شمس الدين أنه لا يُعقل تقييد الجهاد الفرض بأمرٍ مستحب، بعيداً عن الاحتمالين المتقدّمين([61]).

لكنّ هذا الكلام غير وجيه؛ وذلك أنّ الرواية لم تقيّد فرض الأمّة بسنّة الإمام، بل عكست الأمر، فقيدّت سنّة الإمام بفرض الأمّة، ومن ثَمّ فالفرض ثابت على الأمّة جميعها تحرّك الإمام أم لم يتحرّك، غايته أنه إذا أراد التحرّك لا مجال لديه سوى بتحرّك الأمّة، فالإيراد على الرواية بذلك في غير محلّه.

والذي نفهمه من الرواية أنّه لا دليل على وجود جهادين فرض فيها، بل جهاد واحد، غايته هذا الجهاد واجب على الأمّة، وهو الجهاد الثاني، وربما كان عينه الجهاد الثالث الفرض على الأمّة، غايته أن الجهاد الثاني كانت تنظر الرواية فيه إلى الأمّة لذا اعتبرته واجباً، أما الثالث فكانت تنظر فيه إلى الحاكم فاعتبرته سنّة، ولا دليل على مغايرة الجهاد الثاني مع الجهاد الفرض المأخوذ عند الحديث عن الجهاد الثالث، ومعه يمكن أن يكون هذا الجهاد هو الدفاعي، ولا شاهد في الرواية على خصوصية الجهادين المفروضين، ولا أقلّ من الإجمال المانع عن الاستدلال.

أما كيف لا يجب الجهاد على الحاكم مع وجوبه على الأمّة، فهذا شيء غير ظاهر تفسيره من الرواية، مما يضع عليها علامة استفهام، بل المثير في الرواية أن السؤال الوارد فيها من جانب فضيل بن عيّاض هو عن أن الجهاد سنّة أم فريضة؟ وهل يمكن لمسلم في عصر الإمام الصادق أن يسأل هذا السؤال وجوابه من واضحات الشرع، من هنا، ونظراً لما ثبت رجالياً من أنّ ابن عياض سنّي المذهب، نحتمل أن يكون المراد بالفرض هنا ما جاء في بعض الأوساط السنية والشيعية، من أن الفرض ما جاء في القرآن، والسنّة هي الواجبات التي شرّعها الرسول، ولعلّ شاهد ذلك تقارب تعبير الجهاد الثاني مع الآية القرآنية، والاستناد في الجهاد الرابع السنّة إلى خبر عن رسول الله، وهذا قد يعني أنّ الجهاد الابتدائي لم يقم عليه دليل قرآني بنصّ هذه الرواية.

وعلى أية حال فليس في الحديث شاهد واضح على الابتدائية، فضلاً عما ذكره شمس الدين من أن جعل ترك الجهاد على الأمّة موجب لعذابها المنصرف إلى الدنيوي يساعد على الدفاعية لا الابتدائية، فالاستدلال بالحديث غير واضح.

الحديث الخامس: حديث الأسياف، وهو خبر حفص بن غياث، عن أبي عبد الله× ــ في حديثٍ طويل ــ قال: mسأل رجلٌ أبي× عن حروب أمير المؤمنين× وكان السائل من محبينا، فقال له أبو جعفر×: بعث الله محمداً’ بخمسة أسياف: ثلاثة منها شاهرة، فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت من مغربها أمن الناس كلّهم في ذلك اليوم.. فأمّا السيوف الثلاثة المشهورة (الشاهرة)؛ فسيف على مشركي العرب، قال الله عز وجل: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..}، فهؤلاء لا يُقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام..؛ والسيف الثاني على أهل الذمة، قال الله تعالى: {وقولوا للناس حسناً} ]البقرة: 83]، نزلت هذه الآية في أهل الذمة، ثم نسخها قوله عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله..} ]التوبة: 29]، فمن كان منهم في دار الإسلام فلم يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل..؛ ومن كان منهم في دار الحرب.. ولم يقبل منهم إلاّ الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل، والسيف الثالث سيفٌ على مشركي العجم ــ يعني: الترك والديلم والخزر ــ.. فهؤلاء لن يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام..n([62]), ثم يشرح باقي السيوف وأحدها مشرّع ضدّ البغاة، والأخير سيف القصاص.

وهذا الحديث من أوضح الأحاديث الشيعية الدالّة على حكم الجهاد الابتدائي وتشريعه في الإسلام، وبقائه واستمراره إلى يوم القيامة.

والبحث في هذا الحديث يقع تارةً من حيث السند؛ وأخرى من حيث المتن.

أ ــ أما من الناحية السندية فقد ورد مرسلاً في تحف العقول وتفسير العياشي، وفي باقي المصادر ورد مسنداً بأسانيد ترجع جميعها إلى القاسم بن محمد، وهو اسم مشترك ــ بدواً ــ بين عشرين شخصاً، إلاّ أنه بعد تحليل الراوي والمروي عنه، لاحظنا أنّ الذي روى عنه علي بن محمد القاساني وإبراهيم بن هاشم، الواردين في سند هذه الرواية، مرددّ بين اثنين، هما: القاسم بن محمد الإصفهاني القمي، والقاسم بن محمد الجوهري، بل إن سعد بن عبد الله الذي روى هذه الرواية عن القاسم بن محمد لم نجد له رواية عن القاسم بن محمد الجوهري، مما يقوّي احتمال أن يكون المراد بالقاسم بن محمد هنا هو الإصفهاني، ولا أقلّ من التردّد.

أما القاسم بن محمد الإصفهاني القمّي فضعّفه النجاشي، وقال عنه: لم يكن بالمرضي، كما ضعّفه ابن داوود والغضائري، ولم يرد توثيق له، ولم يرد في أسانيد مثل: كامل الزيارة، وتفسير القمي، و..، فيكون ضعيفاً. وأما القاسم بن محمد الجوهري فوثق على أساس كثرة روايته، ورواية الأجلاء عنه، ورواية بعض الثلاثة عنه، كابن أبي عمير، وتوثيق ابن داوود له، ووروده في أسانيد كامل الزيارة([63]).

ولو سلّمنا بصحّة هذه الأسس الرجالية ــ والمفترض على الرأي الأخير للسيد الخوئي عدم توثيقه ــ يقع الاشتراك؛ فإذا لم نقل بأن الأرجح في هذه الرواية أن يكون الإصفهاني المضعّف؛ لأنه روى عنه هنا سعد بن عبد الله، ولم يعثر على رواية له عن الجوهري، فتكون الرواية ضعيفة، فلا أقلّ من التردّد الشديد، مع عدم إمكان التمييز؛ ممّا يسقط الرواية أيضاً عن الاعتبار.

قد يقال: إن الرواية واردة في تفسير القمي فيكون القاسم بن محمد ـ أياً يكن ـ ثقةً على نظرية توثيق رجال تفسير القمي.

ويجاب عنه: بأنّ هذا يتم لولا تضعيف النجاشي للإصفهاني، فيتعارض تضعيفه مع توثيق القمي ــ على تقدير صحّة نظرية توثيق القمي، وليس من المشايخ المباشرين ــ، فيتساقطان في الحدّ الأدنى، فيعود مجهولاً، فيتردّد السند بين مجهول وموثق، فيسقط عن الاعتبار أيضاً.

وعلى أيّة حال فقد ورد في بعض الطرق أيضاً علي بن محمد القاساني المجهول، فلا يُستند إلى هذه الرواية، وتعدّد طرقها لا يصيرّها متواترة، لرجوعها بأكملها إلى القاسم بن محمد، عن سليمان بن داوود المنقري، عن حفص، فالخبر آحادي جزماً، ضعيف سنداً.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فقد استشكل فيها من جهات، والمهم منها هو:

الجهة الأولى: إن مشركي العرب هم المشركون الخاضعون للدولة الإسلامية، لا مطلقاً، ولا أقلّ من احتمال ذلك([64]).

وهذا الكلام غير واضح:

أ ــ فإن المقطع الذي تحدّث عن مشركي العرب مطلق لا إلماح فيه لمسألة المواطنية وعدمها.

ب ــ فضلاً عن أنّ الرواية نفسها قد استشهدت لتأييد فكرتها بالآية الكريمة، وهي ــ أي الآية ــ تتحدّث عن المشركين وحكمهم مطلقاً، ولو لم يكونوا خاضعين لسلطان الدولة الإسلامية.

ج ــ على أنّ الحديث فيها عن سبي ذراريهم وما شابه ذلك واضحٌ ـ نسبياً ـ في حالة الجهاد مع غير المواطن في الدولة الإسلامية.

الجهة الثانية: إنّ الرواية ادّعت نسخ آية: {وقولوا للناس حسناً} بآية الجزية، وهذا واضح البطلان؛ لعدم ثبوت النسخ في القرآن الكريم، والجمع العرفي بين الآيتين ممكن، مما يشهد على خروج الحديث مخرج التقية([65]).

وهذا الكلام غير واضحٍ أيضاً؛ فإنّه إذا ثبت الحديث ــ دلالةً وسنداً ــ في حدّ نفسه، يكون بعينه دليلاً على النسخ، وعدم ثبوت النسخ في القرآن لا يعني ثبوت عدمه، وإمكان الجمع لا ينافي النسخ على تقديره بعد أن دلّ عليه الدليل، إلاّ إذا كان تبنّينا نظرية عدم ثبوت نسخ القرآن بالقرآن بتوسّط خبر آحادي؛ فيكون هو المرجع في الإشكال لا ما ذكر هنا.

الجهة الثالثة: إن حصر الرواية مشركي العجم بالترك والديلم والخزر يجعلها أخصّ من المدّعى؛ لعدم كون هذه الطوائف الثلاث هي تمام المشركين في العالم، ولا يمكن حمل ذكر هذه الطوائف على المثالية لظهور الصيغة في التفسير([66]).

وهذا الكلام مناقش فيه؛ وذلك:

أولاً: إن تفسير مشركي العجم بهذه الطوائف لا يُعلم صدوره عن الإمام، فإنه لو كان هو المفسّر لقال: أعني، والموجود في الرواية كلمة: mيعنيn، مما يقوّي احتمال أنّ أحد الرواة أو أحد المحمّدين الثلاثة هو الذي فسّر كلمة مشركي العجم، واستعمال mيعنيn مكان mأعنيn خطأ شاع مؤخراً([67])، اللهم إلاّ إذا استخدمت تقديرات غير عرفية.

ثانياً: حتى لو سلّمنا كون هذا التفسير من الإمام فأقصى ما فيه وقوع المعارضة بينه وبين ما دلّ على قتال سائر مشركي العجم، ولابد من حلّها، ومع وجود دليل آخر على التعميم يقوى احتمال المثالية، وتركيبة النصّ ليست ــ لو قام شاهدٌ خارجي ــ بالمستعصية على التمثيل.

الجهة الرابعة: إنّ الرواية فصلت بين مشركي العرب ومشركي العجم، مع أنّ حكمهما واحد، وهذا ما يشهد على وضع الحديث واضطرابه المسقط له عن صلاحية الدليلية، كما أنّ من علامات ضعفه نقل كلام لعمّار بن ياسر فيه ليس له ضرورة، ووجود ما ليس له لزوم.

وهذه الملاحظة واردة من حيث إننا لم نفهم وجه الفصل، لكنّ هذا لا يجعل ذلك من علامات الوضع في الرواية، ونقل كلام عمّار ليس فيه من ضرر، كما أن وجود كلمة أو كلمتين لا ربط لهما بالموضوع لا يضرّ، فلا ينبغي تصوّر الإمام× وكأنه يبخل بالكلام، فالإنصاف أن مثل هذه الشواهد لوحدها لا تهزّ الاستدلال بالرواية.

فالصحيح أن الرواية تامة الدلالة على المطلوب هنا، غير أنّها ضعيفة السند، فلا يُعتمد عليها.

الحديث السادس: خبر أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، قال: mقال عليّ×: القتال قتالان: قتال أهل الشرك، لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون؛ وقتال لأهل الزيغ، لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلواn، ونحو هذا الخبر خبر آخر لأبي البختري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: «القتل قتلان: قتل كفارة، وقتل درجة، والقتال قتالان: قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا، وقتال الفئة الباغية حتى يفيئوا»([68]). والذي يبدو وحدة الروايتين؛ نظراً لمدى الاشتراك في السند، والتقارب في المضمون، ولاسيّما أنهما أيضاً رويا عن جعفر عن أبيه، نعم، هذا الحديث وردت زيادة في أوّله، فيما كان ذاك أكثر تفصيلاً، مع إضافة الجزية عليه، وعلى أية حال فوحدة الخبرين نراها أمراً محتملاً. هذا وقد ورد نحو هذا الخبر في مصادر أهل السنّة مروياً عن أبي أمامة، عن رسول الله’([69]).

وهذا الخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية فهو ضعيف في الطرق الشيعية، لا أقلّ بضعف أبي البختري الكذاب، وأما في طرق أهل السنّة فهو ضعيف بجهالة بكار بن تميم([70]).

ب ــ وأما من الناحية الدلالية فقد نوقش بأنه لا يوضح لنا منشأ القتال وسنخ الجهاد؛ لأنه مسوقٌ لبيان أصل تشريع الجهاد، علاوةً على أنه خلاف ما أجمع عليه من عدم أخذ الجزية من أهل الشرك.

وهذا الكلام غير واضح، أي أن الحديث ليس في مقام بيان أصل تشريع الجهاد فحسب، بل في مقام بيان أنواعه، وقد وضع عنوان أهل الشرك، دون قيد الاعتداء، أو جعل المنتهى هو الإسلام أو الجزية، وهذا كلام واضح في المطلوب، وأما أخذ الجزية من أهل الشرك فهذا كلام صحيح نقضيّ على بعض النظريات المشهورة، لابد من حلّه من قبلهم على مستوى الجمع بين النصوص، وإن كان هناك نظرية ترى أن الجزية نظام يسري على غير أهل الكتاب، فعلى هذه النظرية لا مشكلة في الرواية دلالةً، علماً أنّ الرواية الثانية لأبي البختري ليس فيها إشارة للجزية. نعم، يبقى أنّ الرواية ظاهرها التفصيل الدال على الحصر، وأنّه لا قتال ثالث، مما يعني أنّ أهل الكتاب قد استبطنوا في التعبير بـ mأهل الشركn، وإلا كان التفصيل ناقصاً. وعلى أية حال فالمشكلة الرئيسة في الرواية سندية فقط.

الحديث السابع: خبر أبي هريرة في قوله تعالى: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس}، قال: mخير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلامn([71])، وفي صيغة أخرى للحديث عينه: mنحن خير الناس للناس؛ نجيء بهم الأغلال في أعنقاهم فندخلهم في الإسلامn([72])، ونسب المضمون أيضاً إلى مجاهد والحسن وعكرمة([73]).

فهذه الرواية تجعل خيريّة الأمة الإسلامية لغيرها من الأمم في إكراهها الناس على الإسلام، وقد تأوّل بعضٌ بأنّ المراد بالسلاسل هنا هو الجذب إلى الحق من الله تعالى، لكنّه خلاف الظاهر([74]).

والإشكاليّة التي يواجهها هذا الخبر في تمام مصادره وصيغه أنّه غير منسوب إلى النبي’، وإنّما هو موقوف على أبي هريرة وأمثاله من الصحابة والتابعين، فلعلّه اجتهادٌ منه، فلا نحتجّ بمثل هذه الأحاديث.

الحديث الثامن: خبر العباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، قال: كنت مع النبي بالخندق فأخذ الكرزين، فحفر به، فصادف حجراً، فضحك، قيل: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: mضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنّةn([75])، وقريب منه في خبر أبي الطفيل، وأبي أمامة وأنّهم يساقون بالسلاسل إلى الجنّة([76])، وفي بعض صيغه أنهم قوم من الفرس يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم في الإسلام كرهاً([77]).

يستفاد من هذا الخبر أنّ النبي كان مستبشراً بإسلام قوم من أهل المشرق أو الفرس، وأنّهم يدخلون الجنّة مقادين بالسلاسل؛ لأنّهم أكرهوا على الإسلام، وإذا طبّقنا هذا الأمر سنجد ذلك في الفتوحات الإسلامية في الشرق وبلاد فارس، وهذا إمضاء للفتوحات التي انطلقت بقصد السيطرة على العالم، بل الرواية صريحة في الإسلام عن كره.

وبصرف النظر عن سند الرواية الذي يمكن مناقشته من بعض الجهات، وإن تمّ على بعض النظريات الرجالية عند أهل السنّة دون الشيعة، إلا أنّنا لا نثق بهذا الخبر؛ ونرى فيه رائحة الجعل؛ فما معنى أن يساقوا مكبّلين بالسلاسل إلى الجنّة؟! وفي ظنّي إنّ الراوي أراد أن يشبّه حالتهم في الآخرة بحالتهم في الدنيا، فصوّرهم يدخلون الجنّة كرهاً كما دخلوا في الإسلام كرهاً، ولست أدري لماذا وضع الحديد في أيديهم بعد إسلامهم؟! يضاف إلى ذلك أنّه يستشمّ من هذا الحديث رائحة الطعن القومي، ومثل هذه الأحاديث، ولاسيّما مع عدم ورودها في الصحيحين وفي الكتب الأربعة، لا يحصل وثوق بصدورها، فهي تعارض الصورة التي يقدّمها القرآن عن دخول أهل الجنّة للجنّة، في الترحيب بهم وفتح الأبواب لهم، كما ورد في أواخر سورة الزمر وغيرها، لا إدخالهم إليها بطريقة مذلّة، مع أنّ الإسلام يجبّ ما قبله، ويمحي بالتوبة ما سبقه، ولماذا لا يدخل الذين يطيعون الله بحدّ القانون وقوّة النظام العقابي وهم مكبلين بالحديد أيضاً؟! على أنّ هذا الخبر يعارض عدم إكراه أهل الكتاب على الإسلام، والاكتفاء منهم بقبول الجزية، بعد دخول المجوس في عنوان أهل الكتاب، كما أنّه لابد من البحث في أنّه هل أكره الفرس على الإسلام إكراهاً أم دخلوه طوعاً، وإنّما حوربوا فدخل المسلمون أراضيهم كرهاً، لا أنّهم أسلموهم عن كره؟

والخلاصة: إنّني لا أرى هذا الحديث سوى مخالفاً لروح القرآن والتاريخ والمنطق السليم. اللهم إلا إذا حمل على ضروب من المجاز باعتبار ما كانوا عليه في الدنيا!!

نصوص الدعوة إلى الإسلام قبل القتال وارتباطها بالجهاد الابتدائي

الحديث في مسألة الدعوة إلى الإسلام قبل القتال تارةً يدور حول أصل الموضوع من حيث حكمه الشرعي، وربط ذلك بمسألة الجهاد الابتدائي؛ وأخرى حول جملة من الأحكام المتصلة بهذه الدعوة على تقدير وجوبها أو استحبابها، مثل: وجوب رعاية دعوة كل مقاتل من الكفار، أو الاكتفاء بدعوة القادة وما شابه ذلك.. فهناك عدّة جوانب لهذا البحث درسناها بالتفصيل في موضعها، لكن ما يهمنا هنا هو أنّه إذا تمّ الدليل على وجوب أو استحباب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ألا يكون ذلك بنفسه دليلاً على فكرة الجهاد الابتدائي؟

لعلّ الذي يبدو من كلمات فقهاء المسلمين أنّ الدعوة إلى الإسلام قبل الجهاد:

أ ـ واجبة بالوجوب المطلق، كما نسب إلى الزيدية والمالكية.

ب ـ غير واجبة إطلاقاً.

ج ـ واجبة على تقدير عدم المعرفة المسبقة بالإسلام، ومستحبّة على تقدير وصول دعوة الإسلام مسبقاً إلى مسامع الطرف الآخر، وقد قيل: إنّ هذا هو المشهور بين الإمامية والإباضية([78])، وهو ما نسب إلى مالك بن أنس.

والذي يظهر من بعض كلمات الفقهاء أن الوجوب هنا وجوب شرطي، بمعنى عدم جواز القتال قبل دعوة الكفار إلى الإسلام، فتعبير ابن حمزة في الوسيلة ـ مثلاً ـ دالّ بوضوح على ذلك، حيث يقول: mوإذا قوتلوا، لم يُبدأوا بالقتال إلاّ بعد أن يُدعَوا إلى الإسلام.. فإن أبوا.. حلّ قتالهمn([79])، وهكذا عبارة المحقق الحلي؛ حيث يقول: mولا يُبدأون إلاّ بعد الدعوة إلى محاسن الإسلامn([80])، ونحو ذلك كلمات آخرين([81])؛ ومعنى ذلك أنّ القتال لا يجوز إلاّ عقب الدعوة، لا أن الدعوة وجوب مستقل ظرفه ما قبل الحرب مع الكافرين، من هنا تتصل بأصل شرعية الجهاد الابتدائي ومفهومه؛ إذ قد يقال حينئذٍ: إن نفس جعل الوجوب هنا شرطياً ـ بمعنى عدم جواز القتال إلاّ بعد الدعوة ـ شاهد على أنّ هذا القتال إنما هو قتال دعوة، لا قتال صدّ عدوان، إذ لو كان للدفاع وصدّ العدوان، لما كان معنى للدعوة إلى الإسلام قبله، بل كان المنطقي حينئذٍ الدعوة إلى الهدنة والتفاهم وما شاكل ذلك، فمسألة الدعوة هذه وربطها الشرطي بقضية الجهاد شاهد مؤكّد على شرعية جهاد الدعوة في الفقه الإسلامي.

من هنا يتجه السؤال التالي: هل القول بالدعوة قبل الجهاد ـ وجوباً أو استحباباً ــ يدلّ على أنّ الجهاد في الإسلام ابتدائي أم لا؟

المأنوس في الأذهان الفقهية ذلك، على أساس أنه ما دام الجيش الإسلامي يركّز على مفهوم دخولهم في الإسلام، فمعنى ذلك وجود ارتباط بين الإسلام والجهاد، ولا نفهم هذا الارتباط إلا في سياق وجود فكرة الجهاد الابتدائي.

إلا أنّ ذلك لا دليل عليه؛ فالنصوص التي دلّت على مسألة الدعوة قبل الجهاد لا إشارة فيها إلى الجهاد الابتدائي، ومعنى ذلك أنه من الممكن أن يكون هذا الجهاد دفاعياً، فهل يتصوّر في الجهاد الدفاعي تبنّي مسألة الدعوة؟

يرى فريق أنه لا معنى للدعوة في ظلّ حروب دفاعية، فهذا ضرب من الخيال([82])، ولهذا وجدنا في كلمات الفقهاء حديثاً عن أن الدعوة هنا إنّما هي للإمام أو من نصبه، ولم يشيروا إلى حالة الحرب الدفاعية، وقد بحثنا في موضعه أنهم يعتقدون أن شرطية الإمام تكون في الجهاد الابتدائي لا الدفاعي، مما يؤكد أنهم يرون الدعوة في ظلّ الجهاد الابتدائي.

إلا أننا نعتقد أن هذا الأمر غير صحيح، وفاقاً للشيخ محمد مهدي شمس الدين([83])، والذي يبدي هذا الأمر هو المفهوم السياسي لفكرة الدفاع، فإنّ الدفاع لما تصوّروه فعلياً آنياً لم يستطيعوا أن يهضموا الدعوة إلى الإسلام والعدو قد بدأ بالحرب، لكنّ الحروب الحالية والسابقة لا تكون كلّها فجائيةً، ففي حروب المسلمين تمرّ فترة حتى يلتقي الجيشان، ثم لتبدأ الحرب، فحتى لو فرضت الحرب دفاعية، كما سوف يأتي بحثه حول طبيعة حروب النبي’، يمكن تصوّر دعوتهم للإسلام، بمعنى أننا سنردّ اعتداءكم بتوجيه ضربة إليكم، وهنا نستغل الظرف لدعوتهم إلى الإسلام في هذا الظرف علّ ذلك يترك أثره، ودعوتهم إليه معناها تلقائياً تخلّيهم عن الاعتداء على المسلمين، فيكون المسلمون بذلك قد كسبوا الطرف الآخر دون حرب، أو على الأقل كسبوا بعض الجند منهم، وهو خير من قتلهم، كما هو واضح؛ وبناءً عليه ففكرة الدعوة مفهومة جداً حتى في سياق الجهاد الدفاعي عادةً، فلا تكون دليلاً على ابتدائية الجهاد في الشريعة الإسلامية.

نعم، في بعض صور الجهاد الدفاعي لا معنى للدعوة، كما لو شرعت الحرب فجأة وبدأ العدو بالهجوم عملياً، تماماً كما في بعض صور الجهاد الابتدائي حيث تتطلّب مصالح الجهاد الغارة والمباغتة([84]).

هذا كلّه على تقدير تمامية الدليل على أصل وجوب أو استحباب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال، وقد بحثنا ذلك في محلّه، وتبيّن أنّ مجال المناقشة فيه ـ على بناءاتنا ـ وارد جداً.

ب ـ النصوص العاّمة في السنّة الشريفة، وتكوين مقولة الجهاد الدعوي

يقصد بهذا النوع من النصوص مجموعة من الأحاديث التي يستفاد من إطلاقها الترغيب أو الحث أو التجويز للجهاد مطلقاً، بما يشمل الجهاد الابتدائي، وأهم هذه الأخبار ما يلي:

الخبر الأوّل: خبر السكوني (وغيره)، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه(، أن النبي’ قال: mفوق كلّ ذي برّ برٌّ حتى يقتل (الرجل) في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برّ، وفوق كلّ ذي عقوقٍ عقوق حتى يقتل أحد والديه، فإذا قتل أحد والديه، فليس فوقه عقوقn([85]).

وهذا الخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية، فله طرق عدّة، بعضها ضعيف بالإرسال، مثل: ما جاء في دعائم الإسلام وروضة الواعظين، وبعضها الآخر ـ أي الخصال والتهذيب ـ ضعيف بجهالة محمد بن سعيد بن غزوان([86])، وبعضها ـ أي الكافي ـ ضعيف بالنوفلي المجهول على التحقيق، نعم، ربما أمكن تصحيح سند ابن أبي جمهور الأحسائي.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فهو يتحدّث عن فضل القتال والقتل في سبيل الله، دون إشارة إلى نوعية هذا الجهاد أو حتى في مقام بيانه، فيكون أجنبياً تماماً عن موضوع بحثنا، فهذه الحيثية التي يتكلّم عنها لا تضعه في مقام الإطلاق من ناحية أنواع الجهاد.

الخبر الثاني: خبر عمر بن أبان، عن أبي عبد الله×، قال: قال رسول الله’: «الخير كلّه في السيف، وتحت ظلّ السيف، ولا يقيم الناس إلاّ السيف، والسيوف مقاليد الجنّة والنار»([87])، وقريب منه خبر معمر (الظاهر أنه ابن يحيى العجلي)، عن أبي جعفر×، قال: «الخير كلّه في السيف، وتحت السيف، وفي ظلّ السيف، قال: وسمعته يقول: إنّ الخير كلّ الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة»([88])، وفي بعض المصادر السنيّة وردت الجملة التالية عن رسول الله’: mالخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، الأجر والغنم (المغنم)n([89]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فله عدّة أسانيد لا أقلّ بصحّة واحد منها، وهو سند الكليني، وبعد تجاوز بعض العقبات في تمييز المشتركات يمكن تصحيح أكثر من ذلك.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالحديث واسع شامل لمطلق استخدام القوّة، كما يذكر الشيخ المنتظري([90])، ولا يختصّ بالجهاد، ويشهد على ذلك ــ كما أشار العلامة شمس الدين([91]) ــ تعبير: ولا يقيم الناس إلاّ السيف، حيث ظهوره في ضبط أمور الناس، لا في الجهاد مع العدو، فليس في مقام البيان من حيث الجهاد وأنواعه، فلا يُستند إليه في بحثنا، كما أنّ دخول الغنيمة على الحديث ـ في بعض مصادره ـ لا يغيّر من واقع الأمر شيئاً، لما قلناه وسنقوله من أن هذا المفهوم يصدق في الجهادين: الابتدائي والدفاعي، علماً أنّنا لم نفهم كيف تكون الخيرات معقودة في نواصي الخيول من الغنائم وغيرها إلى يوم القيامة، مع أنّ زمانها قد انتهى اليوم قبل يوم القيامة؟ إلا إذا قيل: إنّها ستعود أداةً للحرب، والفاصل الزمني الذي تكون قد غابت فيه سيكون قليلاً بحيث يصدق مثل هذا التعبير في حقّها، أو يكون المراد بيان المثال.

الخبر الثالث: خبر السكوني، عن أبي عبد الله×، قال: قال رسول الله’: mللجّنة باب يقال له: باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح، وهم متقلّدون بسيوفهم، والجمع في الموقف والملائكة ترحّب بهم، ثم قال: فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلاً وفقراً في معيشته، ومحقاً في دينه، إن الله أغنى (أعزّ) أمتي بسنابك خيلها ومراكز رماحهاn([92]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فله عدّة أسانيد، أحدها ضعيف بجهالة النوفلي، والباقية ضعيفة بوهب بن وهب الكذاب الوضاع عند الشيعة والسنّة([93])، فلا يُستند إليه.

ب ــ أما من الناحية الدلالية، فأقصاه مدح الجهاد والمجاهدين، وبيان أهمية دورهم، دون إشارة على أي جهاد يتركّز الحديث؟ بل لعلّ الخبر أقرب إلى الدفاعية، حيث كان ترك الجهاد يؤدي إلى مذلّة، وتعبير «أغنى» لا يدل على الابتدائي على أساس الغنائم، بل ينسجم مع الدفاعي، ولاسيّما مع وجود نسخة أخرى فيها تعبير mأعزn.

الخبر الرابع: خبر السكوني ـ وغيره ـ، عن رسول الله’: mخيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة، وإن أردية الغزاة لسيوفهمn([94]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فهو في أحد أسانيده ضعيف بجهالة النوفلي، وفي الآخر ضعيف بمحمد بن غزوان المجهول كما تقدّم، إضافة إلى إرساله من السكوني إلى النبي’ في الأسانيد كافّة، عدا سند الراوندي، أمّا سنده في نوادره فهو ضعيف لا أقلّ بإسماعيل بن موسى بن جعفر الذي لم تثبت وثاقته([95])، فمجرّد كونه ابن الإمام الكاظم لا يثبت وثاقته، فضلاً عن عدالته، كما هو ثابت في معايير الجرح والتعديل، وتولّي شخص ما من ذرية أحد أئمة أهل البيت الوقف لا يكشف ـ كما أشار الخوئي ـ عن وثاقته في النقل، فضلاً عن عدالته التامّة؛ لأنّه يكفي لتولية إنسان في الوقف أن يكون أميناً في هذا المجال، بحيث لا يسرق مال الوقف أو يتلاعب به، ولاسيّما أن الموقوفات أشياء محدودة، من حيث القيمة والمساحة والنطاق، نعم، التولية فيها نحو مدح وتأمين لهذا المولّى، لكنّ مجرد مدح راوٍ معين لا يدلّ على وثاقته، إلا إذا انتمى هذا المدح إلى مجال يفهم منه العرف تصديقاً له في ما يقول؛ من هنا فما ذكره الشيخ المفيد من أنّ لكل واحد من أولاد الإمام الكاظم فضل ومنقبة لا يعني توثيقاً، فقد يكون واحدٌ منهم مشهوراً بالكرم، وهذه منقبة، ولا يوجد تلازم ـ لا عقلي ولا نقلي ولا عادي ولا عرفي ـ بين الكرم والصدق في الإخبار، كما هو واضح، وأمّا رواية الصلاة على الميت، فهي ضعيفة السند بجعفر بن محمد بن إسماعيل، فهو مجهول لم يوثق، كما اعترف بذلك السيد الخوئي؛ والنتيجة عدم إمكان توثيق إسماعيل بن الإمام الكاظم.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فأهم قرينة فيه هي تعبير «الغزو»، حيث قد يُفهم منها الجهاد الابتدائي، لكنه غير واضح، لأنّ الجهاد الدفاعي ليس مختصّاً بالردّ الفعلي للعدوان، بل يصدق لتحرير أراضي المسلمين مما يستدعي قيام المسلمين بحملات ابتدائية، تماماً كما في حالة المسلمين مع النبي؛ حيث كانوا يريدون رفع الظلم عنهم والعودة إلى مكة، دون أن يمنع ذلك من غزوات أو سرايا توجّه ضربات للعدو، فكلمة الغزو التي قد يستوحى من بعض الفقهاء فهمه لها بالجهاد الابتدائي غير دالّة.

الخبر الخامس: خبر السكوني، قال: mقال النبي’: أخبرني جبرئيل بأمر قرّت به عيني، وفرح به قلبي، قال: يا محمد، من غزا من أمتك في سبيل الله، فأصابه قطرة من السماء، أو صداع، كتب الله عز وجل له (كانت له) شهادةً (يوم القيامة)n([96])، ونحو هذا الخبر ما رواه أبو البختري عن الإمام الصادق([97]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، ففي أحد طرقه ضعيف بجهالة النوفلي، وفي الطرق الأخرى ضعيف بأبي البختري وهب بن وهب.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فحال هذا الخبر حال سابقه تماماً، ولاسيّما مع تعبير الغزو الوارد فيه.

الخبر السادس: خبر السكوني، عن أبي عبد الله، قال: «قال رسول الله’: جاهدوا تغنموا»([98]).

وهذا الخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية، فهو ضعيف بجهالة النوفلي.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالشاهد الوحيد فيه على الابتدائية هو كلمة «تغنموا»؛ وهي إن فسّرناها بالغنيمة الأخروية لم تصلح للدلالة على شيء، كما هو واضح؛ وإن فسّرناها بالغنيمة الدنيوية فيصير الحديث حثاً للمسلمين ومحاولةً لبعث طمعهم في ذلك، ورغم أنّ هذه الثقافة ليست إسلاميةً، كما يظهر من أحاديث أخرى، إلاّ أنه قد يقولها الرسول لدفع بعضهم نحو الجهاد، ولا اختصاص هنا بالابتدائي، بل الدفاعي فيه غنائم أيضاً كما قلنا، ولما لم تكن الرواية في مقام البيان من ناحية نوع الجهاد ونوع الغنيمة لم يكن في هذا التعبير دلالة واضحة، بل مجرّد احتمال.

الخبر السابع: خبر السكوني، عن الإمام الصادق، أنّه قال: «قيل للنبي’: ما بال الشهيد لا يُفتن في قبره؟ قال: كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة»([99]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فضعيف بجهالة النوفلي.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فهو أجنبي؛ لأنه يريد أن يبرّر عدم عذاب القبر للشهيد بالعذابات التي يواجهها في الحرب بين السيوف، حيث يكون لمعان السيوف فوق رأسه، وأين هذا من الحديث عن تشريع الجهاد الابتدائي؟ لصدق الشهيد على الدفاعي أيضاً.

الخبر الثامن: خبر أبي بصير، قال: «قلت لأبي عبد الله×: أيّ الجهاد أفضل؟ فقال: من عقر جواده، وأهريق دمه في سبيل الله»([100])، والخبر في بعض المصادر نبوي، وفي بعضها مسند إلى الإمام الصادق.

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فقد جاء في سند الكليني في الكافي سويد القلانسي، والظاهر أن الصحيح سويد القلاء، وعليه فالسند صحيح، نعم ورد بهذا المضمون حديث آخر طويل عن أبي ذر الغفاري، عن رسول الله’، وذلك في كتابي: mالخصالn وmمعاني الأخبارn([101])، لكن السند ضعيف بإهمال عبيد الله بن محمد بن أسد سنّياً وشيعياً([102])، وجهالة أبي الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري([103])، شيخ الصدوق، ومجرد كونه شيخاً له لا يدل على وثاقته، كما أنّ حكم الصدوق بالاعتماد على رواية ورد فيها هذا الرجل لا يدل على توثيقه له، لما بيّناه مفصّلاً في كتابنا: mنظرية السنّة في الفكر الإمامي الشيعيn، من أنّ مثل الصدوق كانوا يعتمدون نظام القرائن والشواهد والوثوق، وليس فقط حالة الراوي، يضاف لذلك ضعف سند هذا الحديث بالإرسال في كتابي: أمالي الطوسي وعوالي اللئالي([104]).

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالحديث أجنبي عن محلّ البحث إطلاقاً، فهو في مقام بيان أمرٍ آخر، كما أن السؤال والجواب معاً لا دلالة، ولا حتى إشارة، فيهما لهذا الموضوع.

الخبر التاسع: خبر حيدرة، عن أبي عبد الله×، قال: mالجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائضn([105]).

وهذا الخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية، فضعيف السند بالإرسال في الكافي؛ حيث ينقله أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن بعض أصحابه دون تعيينهم، فلا يحتجّ به، كذلك الحال في كتاب التهذيب؛ حيث ينقله جعفر بن محمد عن بعض أصحابنا، مضافاً إلى جهالة حيدرة فيهما([106])، وربما يكون حيدرة الوارد في نسختي: الكافي والتهذيب، تصحيفاً لكلمة mجدّهn الموجودة ـ لا أقلّ ـ في إحدى نسخ كامل الزيارات، فإنّ عبدالله بن عبدالرحمان الأصم ينقلها هناك عن جدّه، فيما الوارد في الكافي والتهذيب: عنه، عن حيدرة، وسواء كان mجدهn أو mحيدرةn فهو مجهول. بل لو تخطينا هذا كلّه فإن عبد الله الأصم الوارد في تمام الأسانيد مضعّف بنصّ النجاشي وابن الغضائري([107])، وهو معارض لتوثيق ابن قولويه على تقدير الأخذ بهذه النظرية؛ فيسقط الخبر عن الاعتبار.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فهو يعارض مثل حديث الحسن بن محبوب الوارد في المجموعة الأولى المتقدّمة، حيث يدلّ ذاك على أنّ الجهاد هو أفضل الأعمال، بينما هذا الحديث يصرّ على أفضليته بعد الفرائض. وعلى أية حال فليس في الحديث أيّة إشارة إلى الجهاد الابتدائي؛ لصدق عنوان الجهاد ــ لغةً وعرفاً ــ على الدفاعي، وليس الحديث في مقام البيان من هذه الجهة، ولم يحوِ أية قرينة دالّة، فلا يُستند إليه.

الخبر العاشر: خبر أبي حمزة، قال: mسمعت أبا جعفر× يقول: إنّ عليّ بن الحسين كان يقول: قال رسول الله’: ما من قطرة أحبّ إلى الله عز وجل من قطرة دم في سبيل اللهn([108]).

والخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية، فهو مرسل في كتاب الزهد الذي بأيدينا؛ حيث رواه الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي حمزة، وأما في سائر المصادر فهو مشكل من ناحية عنبسة، الذي هو مشترك بين الثقة، مثل: ابن بجاد العابد، وغيره([109])، وقد قيل: لا تمييز في المقام([110])، فتسقط الرواية عن الاعتبار.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالرواية تبيّن فضل الشهادة والجراح في سبيل الله، فتكون أعمّ من الجهاد مع الكفار، فلا دلالة فيها على المطلوب هنا؛ لعدم تعرّضها له أساساً.

الخبر الحادي عشر: خبر ابن محبوب رفعه: mأن أمير المؤمنين× خطب يوم الجمل ــ إلى أن قال ــ: فقال: أيّها الناس إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يُعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده، لألف ضربةٍ بالسيف أهون عليّ من ميتةٍ على فراشn([111]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فهو ضعيف بالرفع الواضح الشديد، فلا يحتجّ به.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فغايته بيان فضل الشهادة، دون أيّة إشارة إلى أمرٍ آخر، ولا تعرّض فيه للمقام، فلا يستحق الاستدلال به هنا، ولاسيّما أنه صادر يوم الجمل، فيكون أقرب للحديث عن قتال البغاة، كما أشار إلى ذلك العلامة شمس الدين([112]).

وقريب من هذا الخبر مرفوعة ابن محبوب الأخرى، قال: قال أمير المؤمنين×: mإنّ الله فرض الجهاد وعظّمه، وجعله نصره وناصره، والله ما صلحت دنيا ولا دين إلاّ بهn([113])؛ وهي من الناحية السندية، مرفوعة رفعاً شديداً في سند الكافي، ولا سند لها في كتاب الإرشاد، والظاهر اتحاد السند مع الرواية التي نحن فيها، فهناك احتمال أن تكون هذه الرواية مقطعاً آخر من مقاطع هذه الخطبة، ولاسيّما أنّ المفيد في الإرشاد قد نقلها بوصفها خطبة من خطب أمير المؤمنين في حروبه. وعلى أية حال فالسند ضعيف.

أما الدلالة، فبعيداً عن احتمال كونها من خطبة يوم الجمل، مما يُبعدها عن الدلالة عن الجهاد الابتدائي، لا إشارة في الرواية إلى هذا الجهاد، غايته هي في مقام بيان فضل الجهاد وأهميته، وأن به صلاح الدين والدنيا، ومن الواضح أن هذه الميزات ــ ولاسيّما الأخيرة ــ متحققة في الجهاد الدفاعي بشكل واضح، فلا داعي لاستظهار الابتدائية من هذا الحديث بعد أن لم تكن فيه حيثية إطلاق.

الخبر الثاني عشر: خطبة الجهاد المشهورة للإمام علي بن أبي طالب، قال: mأمّا بعد، فإنّ الجهاد بابٌ من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه ــ إلى أن قال ــ هو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنّته الوثيقة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذلّ، وشمله البلاء، وديث (أي ذُللّ) بالصغار والقماءة (الذّلة)، وضرب على قلبه بالأسداد..»([114]).

وهذه الخطبة:

أ ــ أمّا من الناحية السندية، فهي مبتلاة بغير جهةٍ من الضعف، فقد ورد في سندها في الكافي، علي بن العباس الخراذيني (الجراذيني)، وهو ضعيف جداً بنصّ النجاشي([115])، وإسماعيل بن إسحاق، وهو مهمل([116])، وأبي روح فرح (فرج) بن قرة (فروة أو أبي فروة)، وهو مهمل([117])، وبعض هذه الأسماء مشترك مع سند الحديث في التهذيب.

أما سند الحديث في كتاب «معاني الأخبار»، للصدوق، فهو مبتلى بجهات ضعف، حيث ورد فيه هشام بن علي، وهو مهمل([118])، كما أنّ ابن عائشة الوارد في السند ذَكَرَ سنداً للرواية لكن لم ينقله لنا الصدوق، فقال: عن ابن عائشة بسنده، دون تحديد السند، فيكون الخبر مرسلاً.

وأما الحديث في نهج البلاغة، والغارات، والأخبار الطوال، وجواهر المطالب، وأنساب الأشراف، وشرح الأخبار، ودعائم الإسلام، فقد جاء مرسلاً بلا سند، فالحديث لم يثبت سنداً.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فلا إشارة في الخطبة إلى الجهاد الابتدائي، بل إن الحديث عن الذلّ والصغار، وشمول البلاء و.. قد يكون أقرب إلى الدفاعي منه إلى الابتدائي، فلا يستند إلى هذا الحديث هنا؛ ولاسيّما أنّه قد جاء في خضم الحرب / الفتنة.

الخبر الثالث عشر: خبر مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله×، قال: قال النبي’: mاغزوا؛ تورثوا أبناءكم مجداًn([119]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، ففي الرواية مسعدة بن صدقة الموثق على بعض النظريات([120]).

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فلا مؤشّر في الحديث عن الابتدائية سوى تعبير الغزو الذي ناقشناه سابقاً، فكلّ ما يفيده الحديث ــ لغةً وعرفاً ــ أن الجهاد يمنح الأجيال والأمة العزّة والمجد والسؤدد، دون تعرّض لنوعيته، ولا شك في تحقيق الجهاد الدفاعي لهذه المعاني، فلا يكشف الحديث عن وجود جهادٍ غيره، وليس في مقام البيان من هذه الجهات، ويؤيّد ذلك أنّ هذا الحديث ورد في بعض المصادر: mهاجروا تورثوا..n([121])، بدل mاغزواn.

الخبر الرابع عشر: مرسلة أبان بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله×، قال: mإنّ الله أعطى محمداً’ شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ــ إلى أن قال ــ ثم افترض عليه فيها الصلاة.. والجهاد في سبيل الله.. وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم..n([122]).

وهذا الحديث:

أ ــ أمّا من الناحية السندية، فجهة الضعف فيه هي الإرسال في مصادره كافّة.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فأقصاه ثبوت وجوب الجهاد، نعم، قد يتصوّر أن إعطاء الرسول’ الجزية معناه تشريع الجهاد الابتدائي، إلاّ أن ذلك لا دليل عليه من الحديث، لإمكان اجتماع الجزية مع الجهاد الدفاعي، كما لو كانت عقوبة لمن اعتدى، أو كانت حماية بلاد المسلمين موقوفة على السيطرة على منطقةٍ أهلها من أهل الكتاب، فإنّ هذا مما يعدّ من شؤون الدفاع، ووقوعه ليس بالقليل أبداً، فضلاً عمّا إذا عمّمنا مفهوم الجزية حتى لغير من يقعون تحت السيطرة.

وبعبارةٍ شاملة: لا توجد ملازمة عقلية، ولا عرفية، ولا عادية، بين تشريع نظام الجزية وبين ابتدائية الجهاد؛ لاستدعاء الجهاد الدفاعي ــ في غير موردٍ ــ السيطرة على بعض الأراضي خارج الدولة الإسلامية، كما لو كانت تخلّ بأمن البلاد واستقرارها، وهو شيء عقلائي وموجود في حياة الحرب والسلم بين البشر.

الخبر الخامس عشر: خبر عمران بن عبد الله، عن جعفر بن محمد ×، في قول الله عز وجل: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، قال: mالديلمn([123])، وقد وردت الرواية عينها في المصادر السنية منقولة عن الحسن، أحد العلماء القدامى([124])ـ

وهذا الخبر:

أ ــ أما من الناحية السندية، فضعيف بجهالة عمران بن عبد الله([125])، كما أنّ سنده في المصادر كافّة مبتلى بالإرسال أيضاً، وأما الرواية في المصادر السنّية فلم ترد عن معصوم يحتج بقوله؛ بل هي اجتهاد لا إلزام فيه بالنسبة إلينا.

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالرواية لا تتعرّض لنوعية الجهاد الثابت مع الديلم، هذا مضافاً إلى أنّها ظاهرة في التطبيق، أي في تطبيق الإمام× العنوان المأخوذ في الآية على الديلم، وإلا فمن البعيد إرادة الديلم عصر نـزول الآية، لا أقلّ لعدم صدق عنوان mيلونكمn عليهم، فالمسلمون في المدينة وأطرافها؛ فكيف يصدق على الديلم في نواحي آسيا الوسطى أنهم من يلونهم، مع الفاصل الكبير، بل من يليهم هو الروم وأمثالهم، مما يجعل الرواية تطبيقاً من الإمام للآية على عصره، حيث صارت الدولة الإسلامية على تخومهم، ولهذا كانت هناك رباطات على أطراف الدولة من جهة قزوين وغيرها على ما جاء في بعض الروايات الأخرى، ووجود هذا الرباط يعزّز فرضية احتمال تعدّيهم، ولا أقلّ نحن لا نعرف ملاك تطبيق الإمام الآية عليهم، هل هو كفرهم أو عدوانهم؟ فلا يستدلّ بالرواية ــ كما الآية ــ على ما نحن فيه.

ويعزز افتراض ممارسة الإمام للتطبيق هنا، أنه ورد في بعض المصادر السنية الرواية عينها عن الإمام الصادق، فقد قال السيوطي في الدر المنثور: mوأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، أنّه سئل عن قتال الديلم؟ فقال: قاتلوهم؛ فإنهم من الذي قال الله تعالى: قاتلوا الذين يلونكم من الكفارn([126]).

الخبر السادس عشر: خبر أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله×، قال ــ في حديث طويل يبلغ عدّة صفحات، وبعد حديثه عن الجهاد والدعوة ــ: «.. وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله’، ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجّار من أهل الخلاف لرسول الله’ والمولي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات، وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله، فهو حقهم، أفاء الله عليهم وردّه إليهم، وإنما كان معنى الفيء كلّ ما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان غلب عليه أو فيه.. وذلك أنه لا يكون مأذوناً له في القتال حتى يكون مظلوماً، ولا يكون مظلوماً حتى يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتى يكون قائماً بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز وجل كان مؤمناً، وإذا كان مؤمناً كان مظلوماً، وإذا كان مظلوماً كان مأذوناً له في الجهاد.. لكن المهاجرين ظلموا من جهين:.. كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحقّ به منهم..n([127]).

وهذا الحديث:

أ ــ أما من الناحية السندية، فضعيف ببكر بن صالح([128])، والزبيري([129]).

ب ــ وأما من الناحية الدلالية، فالخبر يركّز على مفهومين أساسيين، هما:

المفهوم الأوّل: إن المظلومية تنطلق من الإيمان، فالمؤمن مظلوم، وهي بذلك تلغي مفهوم المظلومية بوصفه عنواناً مستقلاً يعبر عن حالة اعتداء متعارفة، وليس أيّ إيمان، بل إيمان خاصّ.

المفهوم الثاني: إن سبب مظلومية المؤمنين أن مال الدنيا وما فيها لهم، فما في يد غيرهم لهم، فقد ظلموا بأخذ حقّهم، فلهم القتال لذلك. وبهذا يكون الجهاد الابتدائي وغيره جهاد دفاعياً لاستنقاذ الحقوق.

من هنا يسجّل على الرواية ملاحظات:

أولاً: إنّها تسقط وجوب الجهاد الابتدائي عن غير الصفوة من المؤمنين؛ لأنّ هؤلاء هم المظلومون الحقيقيون، لا غيرهم، وهذا مخالف للإجماع([130]).

وهذه الملاحظة وجيهة تظهر من الرواية، إلاّ إذا قيل: إن على الآخرين مساعدة المظلومين عبر أدلّة أخرى، ولاسيّما مع كونهم أهل بيت العصمة والطهارة.

ثانياً: إن ظاهر الحديث التسوية بين المشركين والكفار والمخالفين، وهو معلوم البطلان من الشرع، مضافاً إلى أنّ معناه أن الطرف الآخر استولى بالاعتداء على حقّ الأوّل، فلا يكون ابتدائياً([131]).

والجواب: إن الرواية تقرّر مبدأ الجهاد، ولا تتدخّل في التفاصيل، وهؤلاء جميعاً ــ طبق الراوية ــ يجب استرداد الحقّ منهم، أما متى وكيف؟ فهذا أمرٌ آخر، فليس في الرواية مخالفٌ للمعلوم من الشرع في المذهب الجعفري، هذا مضافاً إلى أن الرواية ظاهرة في تحويل الابتدائي إلى دفاعي، فكيف فهم وجود حالة اعتداء في البين؟!

ثالثاً: الحديث يقرّر أن الجهاد للصفوة لرد حقّها، مع أن الجهاد في الإسلام للدعوة، لا لإعادة المال، مضافاً إلى أن الأموال لا تؤخذ منهم دائماً، كما في حال الصلح، بل حتى لو أخذت لا تعطى للصفوة، بل توزع على غيرهم أيضاً، فهذه المفاهيم التي تقدّمها الرواية ليس لها نظير في باب الجهاد، مضافاً إلى ركاكة بعض تعابير وتراكيب الرواية لمن راجعها([132]).

والحقّ أن الرواية ــ بعد ذلك، وبعد ضعفها السندي الشديد ــ لا يعتمد عليها.

إلى غيرها من الروايات التامّة سنداً والضعيفة، والتي لا دلالة لها إطلاقاً، مثل: خبر مسعدة بن صدقة: mإن أبا دجانة الأنصاري اعتمّ يوم أحد بعمامة، وأرخى عذبة العمامة بين كتفيه حتى جعل يتبختر، فقال رسول الله’: إنّ هذه لمشية يبغضها الله عز جل إلاّ عند القتال في سبيل اللهn([133])، وخبر أبي بصير، قال: mقال أبو عبد الله×: من قتل في سبيل الله لم يعرّفه الله شيئاً من سيئاتهn([134])، وخبر زيد بن علي (الضعيف سنداً بعبد الله بن المنبّه)، عن أبيه، عن آبائه(، قال: قال رسول الله’: mللشهيد سبع خصال من الله: أوّل قطرة من دمه مغفور له كل ذنب و..n([135])، وخبر عثمان بن مظعون، قال: mقلت لرسول الله’: إنّ نفسي تحدّثني بالسياحة وأن ألحق بالجبال، فقال: يا عثمان، لا تفعل؛ فإن سياحة أمتي الغزو والجهادn([136])، وخبر الفضل بن شاذان، عن الرضا× في كتابه إلى المأمون، قال: mوالجهاد واجب مع الإمام العادل (العدل)n([137])، فهو في مقام بيان أصل وجوب الجهاد، وشرط ذلك بالإمام العادل، وليس في مقام بيان أنواع الجهاد وأقسامه، وخبر إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد×، عن أبيه، قال: قال رسول الله’: mخيول الغزاة خيولهم في الجنةn([138])، وخبر عقاب الأعمال للصدوق، عن رسول الله’: m..ومن خرج في سبيل الله مجاهداً فله بكلّ خطوةٍ سبعمائة ألف حسنة، ويمحى عنه سبعمائة ألف سيئة، ويرفع له سبعمائة ألف درجة، وكان في ضمان الله بأي حتفٍ مات كان شهيداً، وإن رجع رجع مغفوراً له، مستجاباً دعاؤهn([139])، وخبر منصور بن حازم، قال: mقلت لأبي عبد الله ×: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبرّ الوالدين، والجهاد في سبيل اللهn([140])، وخبر زينب بن علي، عن فاطمة& في خطبتها، أنها قالت: mفرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك.. والجهاد عزاً للإسلام..n([141])، حيث أقصاه ـ لو تمّت هذه الخطبة المشهورة سنداً ـ ربط مفهوم الجهاد بالعزّ ممّا قد يتصّور معه ارتباطه بالجهاد الابتدائي، إلاّ أنّ هذا الربط متحقق في الجهاد الدفاعي، فهو مظهر من مظاهر العزّ، ولا إطلاق في الحديث هنا؛ لعدم كونه في مقام البيان من هذه الناحية، فلا يُستدل به على المطلوب، ومثل هذا الخبر خبرُ أنس بن مالك([142])، وخبر زرارة([143]).

نتائج الاستناد في الجهاد الابتدائي إلى السنّة الشريفة

تبيّن من خلال البحث المتقدّم وتتبع نصوص السنّة الشريفة أنّه لم يسلم خبر ــ سنداً ودلالةً معاً ــ منها، سوى الحديث الأوّل من المجموعة الأولى، وفقاً لنظريات علماء أهل السنّة، وأن من بين حوالي ست وثلاثين رواية ــ غير الحديث المذكور ــ كان التام سنداً لا يتجاوز على أحسن حال ثماني روايات، لا دلالة فيها إطلاقاً، فيما التام دلالةً على أقصى تقدير أربع إلى خمس روايات ضعيفة السند جداً، وفيها مضعّفون، فلا تواتر في المقام بعد حال الروايات سنداً ودلالةً، فالخبر الرئيس هو الحديث الأول المعروف في المجموعة الأولى، وقد ذكرنا أنّه لا دليل يثبت تأسيسه لقاعدة عامّة تأبيدية، وإنّما لسانه لسان خصوصية النبي وزمانه.

وبهذا يظهر أنّه لم يثبت على مستوى السنّة الشريفة أيّ دليل معتبر على شرعية الجهاد الابتدائي الدعوي، فيما يبقى منها السنّة النبوية الفعلية، وهي حروبه وتجربته العسكرية’، وهو ما سوف نبحثه قريباً بعون الله تعالى.

ـ يتبع ـ


الهوامش

([1]) صحيح البخاري 1: 11.

([2]) صحيح البخاري 1: 102 ــ 103، و4: 5، وانظر: 2: 110، و8: 5، 140، 163، وصحيح مسلم 1: 38، 39؛ وسنن ابن ماجة 1: 27 ــ 28، و2: 1295؛ وسنن أبي داوود 1: 347، 594؛ وسنن الترمذي 4: 117، 118؛ وسنن النسائي 5: 14، و6: 4 ــ 7، و7: 76 ــ 77، 78، 79، 80، و8: 109؛ والسنن الكبرى 2: 8، 279 ـ 284، و3: 4 ـ 6، و6: 514، 531 ـ 532، 539؛ ومسند أبي يعلى 1: 69، و4: 189 ـ 190؛ وابن الجارود النيسابوري، المنتقى من السنن المسندة: 258؛ وصحيح ابن خزيمة 4: 7 ـ 8؛ والبيهقي، السنن الكبرى 2: 3، و3: 92، 367، و4: 8، 104، 114، و6: 336، و7: 3 ـ 4، و8: 19، 136، 176، 177، 196، و9: 49، 182؛ ومسند ابن حنبل 1: 11، 19، 36، 47، و2: 199، 345، 377، 423، 475 ــ 476، 502، 527، 528، و3: 224؛ وابن سلمة، شرح معاني الآثار 3: 213، 215، 216؛ وصحيح ابن حبان 1: 399 ـ 401، 449، 452 ـ 453، و13: 215؛ والمحدث الفاصل: 464؛ والطبراني، المعجم الأوسط 1: 288 ـ 289، و2: 67، و3: 157، 300، و4: 66، 309، و6: 215، و6: 299، 332 ـ 333، و7: 84، 99، و8: 119، 238؛ والمعجم الكبير 1: 218 ـ 219؛ وسنن الدارقطني 1: 238 ـ 239، و2: 75 ـ 76؛ وجامع بيان العلم وفضله 2: 102؛ ومسند ابن المبارك: 107؛ ومسند الطيالسي: 151؛ ومصنف الصنعاني 4: 43 ـ 44، و6: 66 ـ 67، و10: 172 ـ 173؛ ومصنف ابن أبي شيبة 6: 576، و7: 650 ـ 651، 653؛ ومسند ابن راهويه 1: 294 ـ 295، 320؛ والعدني، كتاب الإيمان: 87؛ والآحاد والمثاني 4: 71 و..

([3]) سنن الترمذي 5: 110.

([4]) المستدرك 1: 387، و2: 522.

([5]) البوطي، الجهاد في الإسلام: 52 ـ 63.

([6]) انظر: أحاديث في ذمّ الكلام وأهله: 92؛ ومختصر المزني: 256، 270؛ والإيجي، المواقف 1: 141، و3: 650 ـ 651؛ وشرح المقاصد في علم الكلام 1: 44، و2: 250؛ وشرح العقيدة الطحاوية: 75، 393؛ وكشف النور: 15؛ والمجموع 3: 17، و4: 253، و19: 223، 231، 233، 240، 246، 287، 324؛ وفتح الوهاب 1: 154، و2: 296، 302؛ وابن حزم، الإحكام 1: 74؛ والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2: 209، 210، 213؛ ومغني المحتاج 1: 327، و4: 14، 140، 208، 228؛ والمبسوط 10: 2، و24: 84، و26: 132؛ وأصول الجصاص 1: 64 ـ 65، 327، و2: 25، و3: 279، و4: 17؛ وكشاف القناع 2: 296؛ وفتح المعين 4: 230؛ وحواشي الشرواني 10: 12؛ وإعانة الطالبين 1: 30؛ وحاشية الدسوقي 1: 131؛ وبداية المجتهد 1: 201، 308، 312؛ وسبل السلام 4: 56؛ وجامع البيان 2: 266، و15: 103، و26: 134، 184، و30: 208؛ وبدائع الصنائع 7: 100، 105؛ والجوهر النقي 3: 92، 366؛ والمغني 2: 34، 299، 434، و10: 88، 100، 104، 544؛ وسليمان بن عبدالوهاب، الصواعق الإلهية في الردّ على الوهابية: 5، 56 ـ 57؛ وله أيضاً: فصل الخطاب: 27، 127؛ وغيرها من عشرات المصادر التاريخية والرجالية والقرآنية والتفسيرية والفقهية وغيرها ولولا خوف الإطالة لنقلناها؛ فلتراجع.

([7]) دعائم الإسلام 2: 402.

([8]) تفسير علي بن إبراهيم القمي 1: 172.

([9]) الفضل بن شاذان الأزدي، الإيضاح: 46.

([10]) عيون أخبار الرضا 1: 70.

([11]) الصدوق، ثواب الأعمال: 294.

([12]) عوالي اللئالي 1: 153، 238؛ ونقله عنه كذلك المحدث النوري في مستدرك الوسائل 18: 208 ، 209.

([13]) راجع ـ على مستوى مصادر الفقه الإمامي والزيدي ـ: الخلاف 1: 551، و5: 330، 338، 355، 526، 540؛ والمبسوط 7: 263، 282؛ والمهذب 2: 454؛ والمعتبر 2: 432، والمسلك في أصول الدين: 287 ـ 288؛ وجامع الخلاف والوفاق: 229؛ وتذكرة الفقهاء 4: 315، و9: 46، 78، 117؛ ومنتهى المطلب 1: 369، و2: 905، 921، 928؛ ونهج الحق وكشف الصدق: 399 ـ 400، 555؛ وإيضاح الفوائد 1: 27، و4: 552؛ وروض الجنان: 369؛ وحقائق الإيمان: 81، 133؛ ومجمع الفائدة والبرهان 3: 271؛ وذخيرة المعاد ج1، ق2: 254؛ والتحفة السنية: 80؛ والحدائق الناضرة 7: 334؛ ورياض المسائل 7: 531؛ ومناهج الأحكام: 183؛ وجواهر الكلام 21: 116، 124؛ ومنهج الرشاد لمن اراد السداد: 538 ـ 539؛ والفصول المهمة في تأليف الأمة: 21؛ ودراسات في ولاية الفقيه 2: 711؛ والإمام يحيى بن الحسين، الأحكام 2: 288 ـ 289؛ والمرتضى، شرح الأزهار 4: 578 و..

([14]) انظر: النووي، المجموع 19: 232؛ والعجلوني، كشف الخفاء 1: 194.

([15]) شرح مسند أبي حنيفة: 165؛ وانظر: الكتاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 39 ـ 40؛ وقد عبر الجصاص عن هذا الخبر بأنه مما اتفق عليه الصحابة؛ فانظر: أحكام القرآن 2: 310.

([16]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2: 353 ـ 354.

([17]) انظر: معجم رجال الحديث 5: 366 ـ 369، رقم: 2909 ـ 2917.

([18]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 7: 235 ـ 236، رقم: 3968 ـ 3971؛ والبخاري، التاريخ الصغير 2: 265، وله أيضاً: الضعفاء الصغير: 38؛ والنسائي، كتاب الضعفاء والمتروكين: 167؛ والعقيلي، الضعفاء 1: 308؛ والرازي، الجرح والتعديل 3: 144 ـ 145؛ وابن حبان، كتاب المجروحين 1: 252؛ وابن عدي، الكامل 2: 239 ـ 240؛ وأبو نعيم الأصبهاني، كتاب الضعفاء: 74؛ وتاريخ بغداد 8: 149 ـ 151؛ والذهبي، ميزان الاعتدال 1: 598؛ وسبط ابن العجمي، الكشف الحثيث: 103 ـ 104؛ وابن حجر، الإصابة 1: 675، و6: 443؛ ولسان الميزان 1: 239، و2: 350 ـ 351 و..

([19]) انظر: رجال الطوسي: 309؛ والنمازي، مستدركات علم رجال الحديث 8: 47، والخوئي معجم رجال الحديث 20: 118، رقم: 12952؛ وليس له ذكر في مصادر الرجال السنيّة.

([20]) انظر: العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء 9: 160 ـ 161، 280؛ ومنتهى المطلب 2: 961.

([21]) انظر: الشافعي، الأم 4: 181، 182، و227 ـ 228، 252، 255، و6: 180، و7: 86، 319؛ وكتاب المسند: 208.

([22]) الهيثمي، مجمع الزوائد 1: 24 ـ 26، و5: 273 ـ 274.

([23]) فضل الله، كتاب الجهاد: 214.

([24]) ابن حجر، فتح الباري 1: 71.

([25]) فتح الباري 1: 71 ـ 72؛ و12: 179.

([26]) انظر: البوطي، الجهاد في الإسلام: 58 ــ 61؛ وفضل الله، كتاب الجهاد: 212 ــ 213، 214 ــ 215؛ وشمس الدين، جهاد الأمة: 197 ــ 199.

([27]) الخوئي، كتاب الإجارة من مستند العروة: 415، وكتاب المضاربة 1: 11 ــ 12، ومصباح الفقاهة 2: 31 ــ 33، ومصباح الأصول 2: 523 ــ 524.

([28]) محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقى 12: 214، و13: 45؛ ونهج الفقاهة: 60.

([29]) الإصفهاني، حاشية المكاسب 1: 10، و2: 229.

([30]) انظر ـ على سبيل المثال ـ: حاشية الدسوقي 1: 11؛ وعلي خان المدني، رياض السالكين 1: 39، (مقدمة المحقق)، و5: 212، و7: 197، 247؛ وعمدة القاري 5: 294؛ وتفسير أبو السعود العمادي 1: 235؛ وتفسير الآلوسي 1: 146 ـ 147، و2: 155، و4: 34؛ و..

([31]) شذا العرف: 40 ــ 41.

([32]) أدب الكاتب: 357 ـ 358.

([33]) تفسير القرطبي 1: 14.

([34]) راجع: محمد جواد مغنية، هذي هي الوهابية: 82 ـ 83.

([35]) ابن حجر، فتح الباري 1: 72؛ والعيني، عمدة القاري 1: 181؛ وابن قدامة، المغني 10: 388، 574؛ وكشاف القناع 3: 44، و3: 134، و6: 229؛ والجصاص، أحكام القرآن 2: 311؛ والسيوطي، الإتقان في علوم القرآن 2: 46.

([36]) انظر: حواشي الشرواني والعبادي 1: 471.

([37]) ابن قرناس، الحديث والقرآن: 119 ـ 123، نشر دار الجمل.

([38]) باستثناء ما جاء في كتاب الإيضاح: 46، المنسوب إلى الفضل بن شاذان (260هـ)، بصيغة: mأمرنا أن نقاتلn، وقد ورد الحديث هناك مرسلاً بلا سند.

([39]) فلم نجدها سوى في مسند ابن حنبل وصحيح البخاري و.. مروية عن أنس بطريق حميد الطويل.

([40]) سنن أبي داوود 1: 594.

([41]) سنن النسائي 7: 75 ــ 76.

([42]) سنن البيهقي 3: 92.

([43]) السنن الكبرى 2: 279.

([44]) سنن الدارقطني 1: 238.

([45]) ابن حجر، تغليق التعليق 2: 222.

([46]) الكافي 5: 3؛ ووسائل الشيعة 15: 12 ــ 13، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب1، ح8.

([47]) محمد مهدي شمس الدين، جهاد الأمة: 144.

([48]) المصدر نفسه: 144 ــ 145.

([49]) المصدر نفسه: 145.

([50]) المصدر نفسه.

([51]) المصدر نفسه: 147 ــ 148.

([52]) وسائل الشيعة 15، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 9، ح1، وباب 10، ح1، 2، وباب 11، ح1 و..

([53]) الكافي 5: 7؛ ووسائل الشيعة 15: 15، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح14.

([54]) راجع: معجم رجال الحديث 22: 141، رقم: 14211؛ ومستدركات علم رجال الحديث 8: 367.

([55]) شمس الدين، جهاد الأمة: 155 ــ 156.

([56]) المصدر نفسه: 156.

([57]) الكافي 5: 9 ـ 10؛ والخصال: 240؛ وتحف العقول: 243؛ وتهذيب الأحكام 6: 124؛ ووسائل الشيعة 15: 24، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 5، ح 1؛ ومستدرك الوسائل 11: 26، و12: 231.

([58]) انظر: معجم رجال الحديث 13: 158 ـ 161، 184 ـ 188، رقم: 8444 ـ 8446، 8511.

([59]) انظر: المصدر نفسه 15: 40 ـ 62، رقم: 9553 ـ 9574؛ وقد ذكر السيد الخوئي في سؤال وجّه إليه أنه يصعب التمييز بين الجوهري والإصفهاني؛ لهذا لا يعتمد على الرواية التي فيها القاسم بن محمد، فانظر: صراط النجاة 2: 457.

([60]) شمس الدين، جهاد الأمة: 174.

([61]) المصدر نفسه.

([62]) الكافي 5: 10 ـ 12؛ والخصال: 274 ـ 276؛ وتحف العقول: 288 ـ 290؛ وتهذيب الأحكام: 4: 114 ـ 116، و6: 136 ـ 137؛ والعياشي 1: 48، 324 ـ 325، 385، و2: 77، 85؛ وتفسير القمي 2: 320 ـ 321؛ ووسائل الشيعة 15: 25 ــ 27، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب 5، ح2.

([63]) راجع: معجم رجال الحديث 15: 40 ـ 62، رقم: 9553 ـ 9574.

([64]) شمس الدين، جهاد الأمة: 178 ــ 179.

([65]) المصدر نفسه: 179.

([66]) المصدر نفسه: 179 ــ 180.

([67]) شمس الدين، جهاد الأمة: 179، الهامش 1.

([68]) تهذيب الأحكام 4: 114، و6: 144؛ والحميري، قرب الإسناد: 132؛ والصدوق، الخصال: 60؛ ووسائل الشيعة 15: 28 ــ 29، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 5، ح 3، 5.

([69]) تاريخ مدينة دمشق 10: 245؛ والدر المنثور 3: 228؛ ووسائل الشيعة 15: 28، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب5، ح 3؛ وكنـز العمال 4: 437.

([70]) انظر: الجرح والتعديل 2: 362، 408؛ وميزان الاعتدال 1: 340؛ ولسان الميزان 2: 28؛ ومجمع الزوائد 1: 120، 121، و2: 6، و3: 179؛ وكنـز العمال 4: 437؛ والمناوي، فيض القدير 5: 504، علماً أنّ هذا الرجل مهمل جداً في مصادر الرجال الشيعية.

([71]) صحيح البخاري 5: 170؛ والسيوطي، الدر المنثور 2: 64.

([72]) النسائي، السنن الكبرى 6: 313؛ وقريب من الصيغتين ما جاء في الاستيعاب 1: 11؛ وجامع البيان 4: 60؛ والنحاس، معاني القرآن 1: 459؛ وتفسير الثعلبي 3: 127؛ وتفسير البغوي 1: 341.

([73]) ابن عبد البر، الاستيعاب 1: 10؛ وتفسير الثعلبي 3: 127؛ وتفسير البغوي 1: 341.

([74]) انظر: ابن حجر، فتح الباري 6: 101.

([75]) انظر: مسند ابن حنبل 5: 338؛ وكنـز العمال 4: 299، و10: 449 ـ 450؛ والمقريزي، إمتاع الأسماع 1: 228، و13: 294 ـ 295.

([76]) مجمع الزوائد 5: 333؛ وأمالي المحاملي: 422؛ والمعجم الكبير 8: 283؛ والجامع الصغير 2: 123 ـ 124، 149؛ وكنـز العمال 4: 299 ـ 300، 314، 548، و12: 93؛ وفيض القدير 4: 333 ـ 334، 403.

([77]) فتح الباري 6: 101؛ وانظر مصادره الأخرى التي أشرنا إليها.

([78]) انظر هذا التقسيم عند فضل الله، الجهاد: 242 ــ 243.

([79]) ابن حمزة، الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 200 ـ 201.

([80]) الحلي، شرائع الإسلام 1: 235.

([81]) انظر: الطوسي، الرسائل العشر: 242؛ والعلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية 2: 137؛ وتذكرة الفقهاء 9: 43 ـ 44، و..

([82]) انظر على سبيل المثال: محمد الرحموني، الجهاد من الهجرة إلى الدعوة إلى الدولة: 53.

([83]) شمس الدين، جهاد الأمة: 431 ـ 432.

([84]) انظر: محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية 1: 785 ـ 786.

([85]) وردت ـ مع اختلافات طفيفة في محل الشاهد ـ في: الكافي 2: 348 ـ 349، و5: 53؛ وتهذيب الأحكام 6: 122؛ ودعائم الإسلام 1: 343؛ والخصال: 9؛ وروضة الواعظين: 363، 366؛ وعوالي اللئالي 1: 24؛ ووسائل الشيعة 15: 16 ــ 17، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح21، و ج21: 501.

([86]) انظر: معجم رجال الحديث 17: 120 ـ 122، رقم: 10863، ولم أجد له ذكراً في مصادر الجرح والتعديل السنيّة؛ نعم في التهذيب ورد: mمحمد بن سعيد، عن غزوانn، وهو تصحيف أو اشتباه، ولو كان صحيحاً فهو أيضاً مهمل.

([87]) الكافي 5: 2، 8؛ وأمالي الصدوق: 674؛ وثواب الأعمال: 190؛ وتهذيب الأحكام 6: 122؛ وروضة الواعظين: 362؛ ومشكاة الأنوار: 269؛ ووسائل الشيعة 15: 9، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح1.

([88]) الكافي 5: 8 ـ 9، 48؛ ووسائل الشيعة 11: 467، و15: 16، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب1، ح18.

([89]) سنن الترمذي 3: 119؛ والبيهقي، السنن الكبرى 6: 329؛ ومصنّف ابن أبي شيبة 7: 704 ـ 705؛ وابن سلمة، شرح معاني الآثار 3: 274؛ والطبراني، المعجم الكبير 2: 338، و17: 155.

([90]) المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 1: 163 ـ 164.

([91]) شمس الدين، جهاد الأمة: 131.

([92]) الكافي 5: 2؛ وأمالي الصدوق: 673؛ وثواب الأعمال: 189 ـ 190؛ وتهذيب الأحكام 6: 123؛ وروضة الواعظين: 362؛ وعوالي اللئالي 3: 183؛ ووسائل الشيعة 15: 10، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح2.

([93]) راجع: رجال النجاشي: 430؛ ورجال الكشي 2: 597 ـ 598؛ والفهرست: 256 ـ 257؛ ورجال الطوسي: 317؛ ورجال ابن الغضائري: 100؛ ومعالم العلماء: 162؛ وإيضاح الاشتباه: 309؛ وخلاصة الأقوال: 414؛ والتحرير الطاووسي: 587؛ والأميني، الوضاعون وأحاديثهم الموضوعة: 299 ـ 300؛ ومستدركات علم رجال الحديث 8: 117، 336 ـ 338؛ وتهذيب الأحكام 1: 32، 9: 77؛ والاستبصار 1: 48، و4: 89؛ ومعجم رجال الحديث 20: 231 ـ 23، و21: 67 ـ 68، و22: 44 ـ 45؛ والخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 1: 101، و13: 456 ـ 460، و14: 115 ـ 116، 417 ـ 418؛ والذهبي، ميزان الاعتدال 4: 353 ـ 354؛ وابن حجر، لسان الميزان 6: 231 ـ 234.

([94]) الكافي 5: 3؛ ونحوه في دعائم الإسلام 1: 344 (منسوباً إلى الإمام علي)؛ وفضل الله الراوندي، النوادر: 121؛ ووسائل الشيعة 15: 10 ــ 11، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح3؛ ومستدرك الوسائل 11: 9.

([95]) انظر حوله: النجاشيّ، فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة: 26؛ ورجال الكشي 2: 792؛ والفهرست: 45 ـ 46؛ وابن داوود الحلّيّ، الرجال: 51؛ والمفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 2: 246؛ والطوسيّ، تهذيب الأحكام 9: 149 ـ 150؛ والنمازيّ، مستدركات علم رجال الحديث 1: 672 ـ 673؛ والخوئيّ، معجم رجال الحديث 1: 274 ـ 275، و4: 101 ـ 102.

([96]) الكافي 5: 3؛ ووسائل الشيعة 15: 11، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح4.

([97]) وسائل الشيعة 15: 13، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح10.

([98]) الكافي 5: 8؛ ووسائل الشيعة 15: 11، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب1، ح 5.

([99]) الكافي 5: 54؛ ووسائل الشيعة 15: 11، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب1، ح6.

([100]) الكافي 5: 54؛ ووسائل الشيعة 15: 12، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب1، ح7؛ ومستدرك الوسائل 11: 19.

([101]) الصدوق، الخصال: 524؛ ومعاني الأخبار: 333.

([102]) راجع: مستدركات علم رجال الحديث 5: 192.

([103]) انظر: البروجردي، طرائف المقال 1: 178، و2: 227؛ ومعجم رجال الحديث 13: 85؛ ومستدركات علم رجال الحديث 5: 399.

([104]) الطوسي، الأمالي: 540؛ والأحسائي، عوالي اللئالي 1: 90.

([105]) الكافي 5: 3 ـ 4؛ وتهذيب الأحكام 6: 121؛ وكامل الزيارات: 552؛ وروضة الواعظين: 362؛ ومشكاة الأنوار: 268؛ ووسائل الشيعة 11: 118 ـ 119، و ج15: 13، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح9.

([106]) راجع المسمّين بحيدر أو حيدرة في: معجم رجال الحديث 7: 327 ـ 333، تجد عدم توثيق من هو في هذه الطبقة.

([107]) راجع: معجم رجال الحديث 11: 258 ـ 260، رقم: 6962.

([108]) الكافي 5: 53؛ ودعائم الإسلام 1: 343؛ والحسين بن سعيد الكوفي، كتاب الزهد: 76؛ ووسائل الشيعة 15: 13 ــ 14، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح 11؛ وعمدة القاري 3: 165.

([109]) انظر حول عنبسة لتلاحظ اشتراكه في الطبقة الواحدة هنا: معجم رجال الحديث 14: 174 ـ 181، رقم: 9108 ـ 9120.

([110]) انظر: شمس الدين، جهاد الأمة: 150.

([111]) الكافي 5: 53 ـ 54؛ ووسائل الشيعة 15: 14، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح 12.

([112]) شمس الدين، جهاد الأمة: 151.

([113]) الكافي 5: 8؛ والمفيد، الإرشاد 1: 251 ـ 252؛ ووسائل الشيعة 15: 15، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح15.

([114]) نهج البلاغة 1: 67 ـ 70؛ والكافي 5: 4 ـ 6؛ ودعائم الإسلام 1: 390 ـ 391؛ وشرح الأخبار 2: 74 ـ 76؛ ومعاني الأخبار: 309 ـ 310؛ والغارات 2: 474 ـ 478؛ ووسائل الشيعة 15: 14، 18، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح13، و25؛ والدينوري، الأخبار الطوال: 211 ـ 213؛ وتاريخ بغداد 8: 419 ـ 420؛ والبلاذري، أنساب الأشراف: 441 ـ 443؛ وابن الدمشقي، جواهر المطالب 1: 321 ـ 323.

([115]) انظر: رجال النجاشي: 255؛ ومعجم رجال الحديث 13: 72 ـ 73، رقم: 8238.

([116]) راجع: معجم رجال الحديث 4: 29 ـ 30، رقم: 1304 ـ 1305؛ ومستدركات علم رجال الحديث 1: 619 ـ 622.

([117]) انظر: معجم رجال الحديث 14: 274، رقم: 9329 ـ 9330، و 22: 169، رقم: 14291؛ والنمازي، مستدركات علم رجال الحديث 8: 386؛ ولا ذكر لاسمه في مصادر الرجال السنيّة.

([118]) انظر: مستدركات علم رجال الحديث 8: 157.

([119]) وسائل الشيعة 15: 15، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 1، ح16.

([120]) لمزيد من الاطلاع، راجع: معجم رجال الحديث 19: 148 ـ 153، رقم: 12304 ـ 12307.

([121]) ابن سلامة القضاعي، مسند الشهاب 1: 380؛ والحلواني، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 19؛ والعجلوني، كشف الخفاء 1: 162.

([122]) البرقي، المحاسن 1: 287 ـ 288؛ والكافي 2: 17؛ ووسائل الشيعة 1: 17، و15: 16 ــ 17، كتاب الطهارة، أبواب مقدمّة العبادات، باب 1، ح8.

([123]) تهذيب الأحكام 6: 174؛ وتفسير العياشي 2: 118؛ ووسائل الشيعة 15: 28، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب 5، ح 4.

([124]) الطبري، جامع البيان 11: 195 ـ 196.

([125]) انظر: معجم رجال الحديث 14: 156 ـ 158، رقم: 9059.

([126]) السيوطي، الدر المنثور 3: 293.

([127]) الكافي 5: 13 ـ 19؛ وتهذيب الأحكام 6: 127 ـ 134.

([128]) انظر: معجم رجال الحديث 4: 251 ـ 255؛ رقم: 1856، 1858.

([129]) انظر: المصدر نفسه 22: 284 ـ 285، رقم: 14652، وتوصيف النجاشي له بأنّه من أصحابنا لا يعني سوى تشيّعه؛ فانظر: رجال النجاشي: 220.

([130]) شمس الدين، جهاد الأمة: 193 ــ 194، 195.

([131]) المصدر نفسه: 194.

([132]) المصدر نفسه: 194، 195.

([133]) وسائل الشيعة 15: 15 ــ 16، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو، باب1، ح17.

([134]) المصدر نفسه: 16، ح19.

([135]) المصدر نفسه، ح20.

([136]) المصدر نفسه: 17، ح22.

([137]) المصدر نفسه: 18، ح24.

([138]) المصدر نفسه، ح26.

([139]) المصدر نفسه: 19 ح27.

([140]) المصدر نفسه، ح28.

([141]) المصدر نفسه 1: 22، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمة العبادات، باب1، ح22.

([142]) المصدر نفسه: 22 ــ 23، ح23.

([143]) المصدر نفسه: 26، ح32.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً