أحدث المقالات

ينقل في الأثر من “قدر على نفسه كان على غيرها أقدر”

ويقول الله تعالى : ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “

هي قاعدة عامة تؤسس لمنهج حياتي على كافة الأصعدة وعلى كافة المستويات ، وطالما زاوية نظرنا هي التربية فسيكون ضوءنا مسلطا عليها لنستفيد من هذه القاعدة على المستوى التربوي، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة ووظيفتها كأم ، لما لهذه الوظيفة من دور محوري نواتي في المجتمع.

فمحورية النفس كنقطة انطلاق نحو الواقع الخارجي تعكس أهمية أن يتولى الانسان نفسه في خطواته الاولى نحو الله ، كون جهاد النفس الجهاد الأكبر وكل ما يقع دونه يشكل فرع له كأصل ، وهذا الجهاد الأكبر لا يمكنه أن يتحقق دون معرفة حيث يقول الامام علي ع ” أول الدين معرفته”

هذه المعرفة هي فريضة على كل مسلم ومسلمة والفريضة هنا مساوقة لفريضة الصلاة والصيام وغيرها من الفرائض في مقام الوجوب ومن ضمن العبادات .

وتركيز الروايات على أهمية العلم للإنسان بما هو إنسان يعكس توجيها إلهيا دافعا نحو هذا الطريق وموجها لارادة الانسان واختياره، لانعكاس العلم في حال إحرازه كمعرفة بشكل إيجابي وبناء على حياة الإنسان بنحو يدفعه دوما نحو كماله وتكامله المادي والمعنوي ، بما ينعكس إيجابا على الفرد والاسرة والمجتمع والدولة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه :

كيف يمكن أن أكون أما صالحة لأربي جيلا صالحا يكمل مسيرة الأنبياء والأوصياء؟

وسؤال قبله : كيف للعلم أن يصبح معرفة وما الفرق ؟

إن الفارق بين الإنسان وباقي المخلوقات هو الادراك الذي يوصف بالناطقية ، هذا الادراك لا يمكن أن يحقق كماله ولا كونه المائز للإنسان عن باقي المخلوقات إلا إذا أدرك وعرف الموجد له ووظيفته المنشودة من وراء وجوده في الكون.

هذا الإدراك والمعرفة هي من تؤهله كإنسان لوظيفته الاستخلافية على الأرض . وتحقيق هذا الادراك متعلق بالكدح ، “إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه”

هذا الكدح هو الدافع نحو تحقيق الكمالات والتكامل نحو تحقيق التجلي الكامل لصفات الله وأسمائه وتحقق القرب واستحقاق وظيفة الاستخلاف على الأرض لاقامة العدل .

والمعني بما سبق هو الانسان سواء المرأة أو الرجل ، فالمخاطب في الكدح هو الانسان بغض النظر عن جنسه ، وهي سنة كونية بارتباط الكدح باللقاء ، ولكن مصاديق الكدح وتحقق وظيفة الاستخلاف تختلف باختلاف القابليات وجنس الانسان لاختلاف الطبيعة .

فالمرأة معنية بالكدح لتحقيق وظيفة الاستخلاف لكن كيفية الكدح تتناسب وحقيقتها الانثوية وطبيعتها كإمرأة بما يحقق كمالها .

وقد ركزت كثير من الروايات على مواصفات الزوجة وأهمية حتى اختيار النسب ، لما لذلك من دور دقيق ومستقبلي واستراتيجي متعلق بالتربية لأجيال المستقبل التي ستكمل مسيرة الأنبياء والتكامل الإنساني نحو كمالاته اللائقة به .

بل نرى الروايات تركز حتى على السلوك العام في فترة الحمل وما بعد الولادة وتضع منهجا رصينا للتربية .

وهو ما يدلل على محورية التربية ومحورية الأم في هذه الوظيفة الخطيرة والهامة ، وعادة في الوظائف الخطيرة والهامة يتم التركيز على مواصفات وكفاءة من يجب أن يكون في هذه الوظيفة .

إن الرواية التي توصف أن الطفل يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه قد تذهب في دلالاتها على دور الأبوين المحوري في التربية وهنا التهويد والتنصير قد لا يعني بالضرورة إخراجه من دينه ، ولكنه قد يعني تربيته على قيم ومبادئ بعيدة عن الفطرة وهي قيم تشبه تلك اليهودية والنصرانية في منطلقاتها وأهدافها .

وهو ما يشير إلى دقة عالية في أهمية التربية وامتلاك الوعي لدى الأبوين وخاصة الأم ، وعيا قادرا على التمييز الدقيق بين الحق ومتشابهاته ، وقادرا على تشخيص القيم الأصيلة من تلك الدخيلة .

وكون الأم هي المعنية الأساس في التربية ، فهي أيضا معنية في اكتساب المقومات اللائقة بهذه الوظيفة الخطيرة ، وأهمها التسلح بسلاح المعرفة الذي يضعها على الطريق السليم ويشذب ذائقتها التربوية ، ويصقل حسها لينطبق مع المنظومة الالهية في التربية.

وهو ما يتطلب منها إدراك تلك المتظومة إدراكا نظريا وعمليا .

إن التركيز اليوم هو على تقديم نموذج مائع للمرأة يرتكز على الجمال ولكن الجمال المادي المتعلق بجسدها ومظهرها ، أي تحويلها لشيء يتم الاعتماد عليه في الاستهلاك وجلب المستهلكين ، وذلك باستخدامها كجسد فقط واهمال جوهرها الانساني وروحها وعقلها .

وكان اهمال المجتمعات العربية للمرأة من خلال قانون غلبة العادات والأعراف حتى على منطق العقل سببا في تحجيم وظيفة المرأة وجعلها قاصرة فقط على الانجاب والتكاثر .

فكانت المجتمعات العربية حولتها لجسد ومفرخة للأولاد واعتبرتها متاعا يجب الحفاظ عليه تحت شعار الشرف ، فأبعدتها عن دورها وحجمته ، والمجتمعات الغربية باسم الحرية قتلت روحها ورفعت شعار حرية الجسد لأجل تكريس الانتاج ودعم المسيرة الرأسمالية.

هذا الافراط والتفريط ميع شخصية المرأة الحقيقية التي رسمها الخالق بريشته ، ووضع لها صورة بديعة تليق ووظيفتها وحجم دورها وجعل محورية التحجيم الجسد .

فالأول قتلها خوفا على جسدها بشعار الحفاظ على الشرف ، والثاني قتلها أيضا وحرر جسدها وجعله مصدرا لثرواته تحت شعار الحرية.

والحقيقة أن الاسلام كرمها بالستر والعفاف ، ولكنه اطلق العنان لعقلها وروحها لتحلق في فضاء المعرفة والانتاج ، دون أن يمس وجودها وكينونتها الأنثوية أحد.

إنالتأملالوظيفيلدورالمرأةيجعلنانقفوقفةحقيقيةلدراسةشخصيتهافي المنظومة الإسلامية ومعرفة أهمية هذه الوظيفة المكملة لدور الرجل والمؤسسة لبناء مجتمع حيوي عفيف يضج بالانتاج والحياة والتنمية .

دونأننعزلهاعنمحيطهاودونأننفرقبينهاوبينالرجلالذييعتبرمكونمكمللهاكمكونأخركلاهماأصيل،وكلاهمايكملبعضهماالآخر.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً