أحدث المقالات
تطرحُ إثارة مشروع قانون الزواج المدني الاختياري في لبنان في هذا التوقيت، أكثر من علامة استفهام؛ كذلك في ردود الأفعال التي أُخذ على بعضِها التطرّف في الأحكام، وعلى بعضِها الآخر المزايدة الانتخابية، وعلى بعضِها الثالث جعلُه كرةً لتسجيل النقاط وتصفية حسابات.

إلّا أنّ الموضوع برمَّته موضوعٌ علميّ، شرعي ـ قانوني، لا بدّ أن يجري الحوار حوله بهدوء وموضوعية علمية، إضافةً إلى ملاحظة الآثار العملية، الاجتماعية خصوصاً، المترتّبة على إقرار القانون ولو اختيارياً.
وينبغي لنا في البداية الانطلاق من نقطة أساسية، وهي أنّ هناك تعدّداً في المرجعيّات التشريعية لدى المذاهب الإسلامية؛ بل ضمن المذهب الواحد. وعلى هذا الأساس، لا يصحُّ منهجياً التعامل مع الطائفة الإسلامية في لبنان على أنّها كُتلة تشريعية واحدة، كذلك فإنّ عدم فهم هذه النقطة يُمكن أن يضعنا أمام إشكالية في فهم طبيعة الخطاب الذي يُمكن أن يبرز من هنا وهناك متناولاً هذه المسألة الفقهية الحسّاسة. كما أنّ المسألة لا تُقارب ـ على طريقة الإعلام عموماً ـ عبر رمي العناوين المثيرة، أو الاجتزاءات الكلامية، أو السجالات غير المتخصّصة، بما يُدخل الناس في ضبابية في المفاهيم، وارتباك في المواقف.
أمّا النظرة الشرعية إلى الزواج المدني، فهي مسألة خاضعة لتفصيل دقيق تبعاً للشروط القانونية التي ينظر إليها كلّ تشريع، فضلاً عن الرؤية التي ينبغي أن تحكم مسار التشريع ككلّ؛ وسنحاول التعرّض لذلك ضمن الآتي:
1_
عندما يُقال بأنّ الزواج في الإسلام مدنيّ، فالمراد الإشارة إلى أنّه لا يُشترط ـ في التشريع الإسلامي ـ إجراء الزواج عند رجل دين، أو في المحاكم الشرعية، بل هو مسألة قائمة بين المتعاقديْن؛ إذ يُمكن إجراؤه بينهما، ويُمكن إجراؤه أمام أيّ شخص، بغضّ النظر عن مسألة الشهود واشتراطها. وعادةً ما تُطرح مدنية الزواج في الإسلام في مقابل ما هو معروف في الزواج المسيحي، الذي هو سرٌّ من أسرار الكنيسة، فلا يصحّ إلا كهنوتياً.
2_
لا يعني القول بأنّ الزواج في الإسلام مدنيّ أنّ أيّ زواجٍ يُجرى مدنياً هو زواجٌ شرعيّ؛ بل قد يكون شرعياً وقد لا يكون، تبعاً لمدى تحقّق الشروط المعتبرة في العقد؛ وهي على نوعين:
أ‌. شروط بنيوية، بمعنى أنّه لا يصحُّ العقد من دونها، وتُعدّ العلاقة تبعاً لاختلال هذه الشروط علاقة غير شرعية؛ وهي المرتبطة بصيغة العقد (الإيجاب والقبول) من جهة، ومواصفات العاقدين، من جهة ثانية.
ب‌. شروط غير بنيوية، بمعنى أنّها تمثّل التزامات لا تمنع من صحّة العقد إذا تحقّقت الشروط البنيويّة؛ لكن ـ مع ذلك ـ لا يجوز للمُسلم الالتزام بها ولا تطبيقها؛ لأنّها مخالفة لالتزاماته الشرعية.
الشروط البنيوية
هنا نواجه عدّة أمور: أوّلاً: لا يُمكن أن يكون هناك عقدٌ صحيح من دون صيغة تعاقدية؛ والمُشكلة المطروحة بين مشروع الزواج المدني والفقه الإسلامي هي في وجهتين:
1.
وجهة فقهية ترى أنّ للزواج صيغةً محدّدة، بمعنى أنّها تشترط ألفاظاً محدّدة، وأن تتمّ الصيغة لفظاً لا كتابة، إلا لمن لا يقدر على اللفظ كالأخرس مثلاً. وهذا الأمر موضع تبنٍّ من شريحة واسعة من العلماء وأئمّة المذاهب، سنياً وشيعياً. وهذا التضييق ينشأ من اعتبارات فقهية عديدة، لعلّ أبرزها أن تكون صيغة الزواج صريحة في إفادتها إنشاء الزوجية، بنحوٍ لا تحتمل الخطأ، والبعضُ يذهب إلى أنّ في الزواج نوعاً من الصفة العبادية التي تجعل الفقيه يحتاط تجاه التوسّع في الأخذ بصيغ أخرى.
2.
وجهة فقهية يذهب إليها المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (ره)، ترى أنّ الزواج يُمكن إنشاؤه بكلّ لفظ يدلُّ على الالتزام العقدي بإنشاء الزوجية، بحيث يعبّر عن حالة إرادية إلزامية للطرفين تماماً كأيّ عقد من العقود التي يعقدانها في معاملات أخرى، كالبيع والإجارة وما إلى ذلك، بل يُمكن افتراض ـ ضمن هذه الرؤية ـ أن تكون الكتابة وسيلةً لإنشاء الزوجية إذا تحوّلت في العُرف العام إلى مُبرز صريح لإنشاء الزوجية بالمعنى التعاقدي.
انطلاقاً من الوجهتين السابقتين؛ فإنّ صيغة الزواج المدني المطروحة تواجه مشكلة لدى أصحاب الاتّجاه الأوّل، وتكتسبُ ـ كصيغةٍ ـ بغضِّ النظر عن الشروط الآتي ذكرُها ـ شرعية في إنشاء الزواج بها، مع تحوّلها إلى صيغة إنشاء للزوجية في العُرف العام للناس.
كما أنّه، في إجراء الصيغة هناك فرقٌ أيضاً بين العقد وتوثيقه؛ ففي الشرع الإسلامي يُمكن اعتبار أيّ عقد مستوفٍ الشروط شرعياً حتّى لو لم يتمّ عند الموظّف المختصّ، مدنياً أو شرعياً، بتوثيق العقود؛ بل لو أجراه الطرفان ـ مع استيفاء الشروط الشرعية ـ نفساهما فتنشأ الزوجية بينهما ولا يُعدّ الزواج باطلاً، لكنّ المشكلة حينئذٍ في توثيقه، وهي مسألة أخرى.
ثانياً: ديانة الزوجين؛ حيث يرى التشريع الإسلامي أنّ زواج المُسلمة بغير المُسلم باطلاً شرعاً، وكذلك زواج المسلم بغير المُسلمة والكتابية (اليهود والمسيحيّين خصوصاً) يُعد باطلاً، حتّى لو تمّ عقدُهُ أمام رجل دين؛ لأنّ رجل الدين أو قاضي الشرع لا يملك أن يشرّع إلا ضمن الشرع والقانون الإسلامي؛ ومع اختلال أحد الشروط البنيوية يُصبح الزواج غير قابل للقوننة شرعاً.
ثالثاً: علاقة القرابة؛ وذلك بأن لا يكون بين الطرفين علاقة قرابةٍ نسبية (كالأبوّة والأمومة والأخوّة والبنوّة…)، أو بالمصاهرة (كأبّ الزوج، أو أمّ الزوج…)، أو بالرضاعة، أو بأحد الأسباب الموجبة للتحريم المؤبّد، ممّا وردت تفصيلاتُه الشرعية في الفقه الإسلامي.
رابعاً: اختلاف الجنسين؛ فلا يُباح الزواج المثلي بأيّ شكل من الأشكال.
خامساً: هناك شروطٌ هي محلُّ جدل في الفقه، وهو اشتراط إذن الوليّ في زواج الفتاة البكر؛ بين نظريّة تشترطه مُطلقاً، ونظريّة ـ يتبنّاها المرجع الراحل فضل الله (ره) ـ وهي عدم اشتراط إذن الوليّ إذا كانت الفتاة بالغةً راشدة. وقد يكون هناك توقّفٌ في مسألة المهر، وإن كانت هناك وجهة نظر فقهية أنّ عدم ذكره في العقد لا يمنع من صحّة العقد؛ لكن يثبت تقديرٌ معيّن للمهر بحسب المتعارف عليه.
الخلاصة ممّا تقدّم، يتّضح أنّه إذا كان الطرفان مستوفيين الشروط البنيوية المُعتبرة شرعاً، وبناءً على أنّ كلَّ صيغة تكتسبُ صفةَ الدلالة العامّة على إنشاء الزواج، هي صيغة زواج شرعية، يُعدّ عقدُ الزواج مدنياً مُنشئاً للزوجية بين الطرفين، ويترتّبُ عليه كلّ الآثار الشرعيّة من حيثُ صحّة النسب خصوصاً؛ ولا يُعد زواجاً شرعياً كلّ زواج فاقد أحد الشروط البنيوية، سواء الراجعة لمواصفات الزوجين أو الصيغة (على التفصيل المتقدّم)، حتّى لو عقده رجل دين أو جهة شرعية.
وعندما يُتحدّث عن أنّ الزواج في الإسلام مدنيّ، يستفاد منه في شرعنة الزواج المدني، لكن المستوفي الشروط الشرعية، إذ يعدّه الشرعُ زواجاً صحيحاً، بمعنى أنّ العلاقة المترتّبة عليه هي علاقة شرعية، لا علاقة زنى.
نعم، لا تعني مدنية الزواج في الإسلام شرعنة كلّ المواد المترتبة على الزواج المدني برمّتها، في ما يؤدّي إلى التزام المُسلم بما يُناقض التزامه الشرعي؛ وذلك أمرٌ بديهيّ ينشأ من خلال مجرّد الانتماء إلى الإسلام.
ونعم، نقول هنا إنّه لا تصادم كلّياً بين آثار الزواج المدني وآثار الزواج الشرعي، وهو ما نتعرّض لبعض نماذجه في العنوان الآتي.
الشروط غير البنيويّة (الالتزامات)
هناك قاعدةٌ عقلائيّة يتبنّاها الشرعُ الإسلامي، وهي «المؤمنون عند شروطِهِم»، وهي تشرّع الباب أمام مبدأ حرّية الالتزامات ووجوب الوفاء بها شرعاً؛ لكنّ الفقه الإسلامي أضافَ قيداً، «إلا شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً»، أي أن لا تكون الشروط مناقضةً لأحكام الشريعة، أو توجبُ تغيير التشريع إلى ما يخالفه. ولعلّ بإمكاننا هنا أن نميّز بين نوعين من المواد القانونية الواردة في مشروع قانون الزواج المدني:
النوع الأوّل: الشروط الحُكمية؛ وهي التي لها في الإسلام حكمٌ محدّدٌ مُبرمٌ في الشريعة لا علاقة له بخيارات المكلّف، ومثالُه:
1_
الإرث حيث للإرث في الإسلام نظامٌ خاصٌّ خاضعٌ لرؤية وفلسفة خاصّة، فلا يصحُّ للمُسلم الالتزام بما يناقضه، سواء من حيث طبقات الإرث، أو من حيثُ نسب توزيع التركة، وبالتالي فالتشريع الإسلامي المتعلّق بالإرث يخالفُهُ ما هو واردٌ في نظام الإرث في الزواج المدني. نعم، يفتحُ الشرعُ الإسلامي باباً للتصرُّف في حالتين؛ لكنّه تصرُّف اختياريٌّ لصاحب المال:
‌أ. التمليك في حالة حياة صاحب المال، فللإنسان الحرية في أن يملِّكَ أفراد عائلته في حياته بأيّ طريقة يشاء.
‌ب. حالة التمليك ما بعد الحياة، ويُصطلحُ عليه بالوصيّة، وتنفُذُ الوصية التمليكية في الشرع بنسبةِ ثُلثِ التركة حتّى إذا أوصى الميت بكلّ ورثته لشخص معيّن، ويوزّع الثلثان بحسب نظام الإرث، إلى أن يرضى الورثةُ بتنفيذ وصية الميت كما هي.
2_
الطلاق، حيث يربطُ الفقه الإسلاميّ بين القوامة (الإدارة) وحقّ الطلاق، وبالتالي فهو بيد الزوج؛ ولذلك فلسفة ليس هنا مجالُ التوقّف عندها؛ إلا أنّه ـ مع ذلك ـ:
‌أ. يُمكنُ أن تشترط المرأة أن يكون لها إمكانية تطليق نفسها، مطلقاً أو بشروط، ضمن عقد الزواج، أو أن يمكّنها الزوج من ذلك ابتداءً، ضمن صيغ لذلك، قد تختلف بين الفقه الإسلامي السنّي أو الشيعي.
‌ب. لا يُلغي ذلك أصل المبدأ، وهو امتلاك الزوج حقّ الطلاق من جانبِه.
‌ج. لو طلّق المُسلمُ العاقد مدنياً قبل مضيّ الفترة المسموح بها للطلاق في العقد المدني، لصحَّ طلاقُهُ شرعاً، ولترتّبت عليه آثارُه الشرعيّة من البينونة وغيرها.
‌د. لا يحصل الطلاق إلا بصيغته المعتبرة شرعاً، والفقه الشيعي يشترط شاهدين عادلين لصحّته، وأن لا تكون الزوجة (غير اليائسة) في فترة الدورة الشهرية، وأن تكون في طُهر لم يحصل فيه جماع؛ ومع فقدان أحد الشروط، يُعدّ الطلاق باطلاً، وبالتالي تكون الزوجية باقية على حالها.
‌ه. في مبرّرات الطلاق كلامٌ بين الشرع والقانون، فقد يتّفقان على بعضها وقد يختلفان؛ وفي حالة الاختلاف قد يحكم الشرعُ ببقاء الزوجية بخلاف القانون؛ وفي هذا تفاصيل كثيرةٌ لا مجال لخوضها في مقال.
‌و. نُشيرُ هنا إلى أنّ للزوجة ـ في الشرع الإسلامي ـ أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي في كثير من الحالات الموصوفة في مشروع الزواج المدني، ويملك القضاء حقّ تطليقها رغماً عن إرادة الرجل إذا امتنع عن الطلاق والإصلاح؛ ويُمكنها أن تختلعه إذا تحقّقت شروط الخُلع.
3-
سنّ الزواج. في المبدأ يُمكن لجهة ما، حتّى لو كانت شرعية، أن تشترط سنّاً معيّنة لإجراء عقد الزواج؛ كما في اشتراط إجراء العقود بإجراء الفحوص الطبّية التي فرضتها الدولةُ؛ لكنّها لا تستطيع الحُكم ببطلان زواج البالغين شرعاً ممّن هم تحت 18 سنة ميلادية (القاصرين بالمعنى القانوني) إذا حصلَ بشروطِه المعتبرة؛ بل قد لا تملك حقّ اشتراط ذلك؛ لما فيه من المفاسد قياساً بالرؤية العامّة للزواج في الإسلام.
النوع الثاني: الشروط التي هي من قبيل الحقوق الشخصيّة؛ كما في الأمثلة الآتية
1_ حقّ الحضانة؛ حيث يختلف الشرعُ عن القانون، في إتباع الحضانة للقوامة (الإدارة) التي هي بيد الزوج في غير المدة المحتاج إليها في عالم الأمومة، وهي فترة مُختلف فيها بين المذاهب الفقهية الإسلامية، فحيث يذهب ـ مثلاً ـ السيد فضل الله (ره) إلى كونها سبع سنوات في الذكر والأنثى، يذهب بعضٌ إلى كونها سنتين في الذكر وسبع سنوات في الأنثى، وهناك آراءٌ أخرى؛ لكنّ هذا الحقّ قابل للإسقاط من الطرفين، بحيث تتنازل الأم عن حضانتها لمصلحة الأب، أو بالعكس، أو يتّفقان على أمر آخر. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ حقّ الحضانة هو أيضاً جزءٌ من فلسفة ورؤية موضوعية إسلامية، ولا تعني أبداً الفصل التام عن أحد الأبوين في حال كون الحضانة مع الآخر.
2_
حقّ النفقة، حيث يجوز لمن ثبتت له أن يُسقطها ويحلّ الآخر من التزاماتها.
3_
الإنفاق المُشترك على الحياة، حيث يجوز لمن لا يَلزمُه ذلك شرعاً أن يوجبه على نفسه بمقتضى التزام الشرط.
4_
التعويض المالي عن العمل البيتي، حيث في الإسلام لا يجوز للزوجة أن تعمل في البيت، ويجوز لها أن تطلب أجراً مقابل عملها، بل لها ذلك أيضاً مقابل الإرضاع، وهو من واجبات الزوج ابتداءً ومُلزمٌ له إذا لم ترضَ الزوجة بالعمل مجّاناً. وهناك تفاصيلُ كثيرةٌ في هذا المجال، سواء من ناحية مشروع القانون، أو من ناحية رأي الشرع وتفصيلات الفقه، ليس هنا مجال إيرادها ولا التعليق عليها، لكنّنا أردنا أن نوضحَ الوجهة العامّة التي يُمكن أن يتحرّك فيها الجدل الشرعي والقانوني، حول بعض المسائل الأساسية، كمنحى موضوعيّ عقلانيّ هادئ في عرض وجهات النظر في المسألة، التي تحتّم على الجهات المعنيّة بالتشريع أن تفهم تعقيداتها التشريعية في الفقه الإسلامي، في المذهب الواحد فضلاً عن تعدّد المذاهب، حينما تُريد طرح مسألة من هذا النوع؛ وأنّه لا يُمكن مقاربة المسألة عبر التراشق بالكلمات الفضفاضة أو الحادّة؛ كما أنّ مدنية الزواج في الإسلام تعني أمراً محدداً، ولا تعني شرعية المشروع المطروح للزواج المدني.
ونؤكّد أخيراً على أنّ ما سُقناه آنفاً، يسمح برؤية حيوية الحراك الاجتهادي ضمن المجال الفقهي الإسلامي، في ما يتعلّق بالزواج الشرعي وشروطه، الذي أنتج كثيراً من الحلول في المساحات الزمنية السابقة، لكثير من المشكلات التي كانت تبرز إشكاليات لها مع تعقيدات الحياة وتطوّر الزمن، وبما جعل الحاجة إلى نظام زواج بديل غير ذات موضوع من الناحية العمليّة والواقعيّة إلى حدّ كبير.
السيد جعفر فضل الله

 
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً