أحدث المقالات

دراسة في ضرورات الوعي الفقهي التجاري

د. علي أكبر أيزدي ­فرد(*)

د. السيد رضا سليمان ­زاده نجفي(**)

أ. حسين كاويار(***)

 

تمهيد

لا يمكن للاقتصاد الإسلامي عدم المبالاة بالأخلاق المهنية بينما يهدف إلى الحضور في الاقتصاد العالمي. ولابدّ للتجّار والمعاهد التجارية أن يفكروا في هذا الأمر المهمّ للحضور في الأسواق العالمية. لا ريب في أنّ هناك علاقة وثيقة بين تنمية التجار المنشودة والمعرفة الاقتصادية والتدبير الاقتصادي عند التجار. إذا قام أحدٌ بمهنة دون الاطلاع على الأحكام والشرائع المرتبطة بالتجارة فلا يمكن لنشاطاته أن تتمتّع بالفاعلية والتأثير من منظور شرعي وعلمي. التنمية الاقتصادية مبنّية على أن يطّلع المعنيّون بالمسائل الاقتصادية قبل القيام بالتجارة اطّلاعاً واسعاً بالنسبة إلى الموضوعات التجارية، والقوانين المرتبطة بها، ويراعوا سنن المعاملات غير الفاسدة والشرعية.

حكم جمهور الفقهاء باستحباب تعلّم التّجارة، أمّا الآخرون فذهبوا إلى وجوبه، وبطلان التجارة والمهنة دون التعرّف على الأحكام التجارية وقوانينها.

وفي هذا المقال نعالج وجوب التفقُّه في التجارة، من خلال الإشارة إلى أقوالهم.

مقدمة

تعد الأخلاق في التجارة؛ والتزام التاجر والكاسب بالأخلاق، عاملين رئيسين في النموّ الاقتصادي، وازدياد دخل المجتمع القومي. وعلى الإنسان مراعاة هذه الثلاثة؛ ليلتزم الأخلاق: الإدراك، والمطالبة، والتمكن.

الإدراك هو أن أتزوّد بعلم التجارة، وأن أعرف مسؤوليتي الحقوقية.

والمطالبة هي التزوُّد بباعث العمل.

والتمكُّن هو التجهُّز بالبراعات الفاعلة في العمل.

قد يعرف أحد واجبه، وليس لديه القوى الإجرائية. إذا رغب بلد في التطوُّر والتقدّم فعليه أن يعثر على نماذج تتلاءم مع ظروفه. لا غرو أن الظروف الحالية لاقتصاد إيران لا تشبه الظروف الاقتصادية لأي بلدٍ آخر، لا في نظامه الاقتصادي، ولا الاجتماعي، ولا السياسي. بعد مضيّ ثلاثة عقود من انتصار الثورة الإسلامية يمكن الاعتراف بعدم تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي في المجتمع تطبيقاً كاملاً، ولمّا تعرّف التعاليم الإسلامية لتقدّم المجتمع كما يليق به.

ومن أهمّ هذه التعاليم «تعلّم التجارة في الكسب والأمور التجارية». ونظراً إلى ضرورة التجارة وأهمّيّتها، وتعقيد أحكامها وقوانينها، والصلة الوثيقة الموجودة بين تقدّم العلم وتنمية المعاملات الشرعية في المجتمع، فقد أوجب الفقهاء تعلّمها، أي «التفقّه فيها»، قبل القيام بأمرٍ ما.

إنّ وجوب التزوُّد بعلم التجارة للأمور التجارية، والذي سيعالج في هذا المقال من منظور فقهيّ، أي تحصيل العلوم اللازمة في التجارة، أمرٌ أخلاقي يجب الانتباه إليه. وفي الحقيقة فإن التزوُّد بالعلوم المهنية تمهيد للمطالبة والتمكن، ولا يتحقّقان بدونه.

تحليل معنى التجارة، وضرورة تعلّمها، من وجهة نظر الفقهاء

التجارة لغةً نقل البضائع من مكان إلى مكان، أو بيعها وشراؤها، وتنقّل المال للربح([1]). وهي اصطلاحاً بمعنى الاكتساب، أو تبادل السلع للانتفاع والربح([2]).

يقول الراغب الإصفهاني: «التجارة هي التصرُّف في رأس المال طلباً للربح»([3]).

يمكن الاستنتاج ممّا ذكرناه آنفاً أنّ التجارة تعني تملّك رأس المال، والبيع والشراء بواسطته؛ طلباً للربح. وفي الحقيقة فإن التجارة نوع من عمليات الإنتاج؛ إذ غالباً ما تخلق منفعة جديدة بالتنقُّل العرضي للسلع.

ذهب الإسلام إلى أنّ التجارة عمليّة إنتاجيّة، وأنّ مبادلة البضائع حصّة من الإنتاج. ولذلك ساوى الإمام علي× بين التجار وذوي الصناعات، ويعتقد أنّ التجّار هم عوامل إيجاد المنافع، وأسباب ازدياد الثروة، وبرأس مالهم يجذبون الثروة من أقصى النواحي إلى رقعة الإسلام، ويوفّرون حاجات الناس: «ولا قوام لهم جميعاً إلاّ بالتجّار وذوي الصناعات، في ما يجتمعون عليه من مرافقهم، ويقيمونه من أسواقهم، ويكفونهم من الترفّق بأيديهم ممّا لا يبلغه رفق غيرهم»([4]).

وإلى جانب التأكيدات التي ذكرها الإسلام حول أهمّية التجارة، ودورها في تقدّم المجتمع الاقتصادي، وعبّر عنها كعامل لتنمية العقل، وأن تركها يسبب نقصان العقل([5])، يجب أن لا نغفل عن ذكر نقطة رئيسة، ألا وهي أنّه في أية حال يمكن التجارة القيام بدور مهمّ كهذا في المجتمع الإسلامي؟ هل يمكن الحصول على التقدّم الاقتصادي والنموّ الفكري دون التعرّف على مناهج التجارة المنشودة، والمعاملات غير الفاسدة، ودون طلب العلوم الضرورية المرتبطة بأحكام التجارة وأصولها؟ وهل يمكن الخطو في سبيل تنمية الدخل القومي والحركة في طريق نفي الاقتصاد الاستكباري والاستكبار الاقتصادي؟

والجواب سلبي، لا ريب فيه؛ إذ هناك حاجة ماسّة إلى معرفة كافية وبراعة لازمة؛ أوّلاً: لتحقيق النشاطات الاقتصادية؛ بسبب ظرافتها وصلتها الوثيقة بالمال والثروة؛ وثانياً: إنجاز العمليات التجارية التي صرّح بها في الفقه والدستور (المادة الثانية لقانون التجارة). وثالثاً: إجادة أداء الواجبات عند التاجر الذي جعل مهنته في المعاملات التجارية (المادة الأولى لقانون التجارة) ورابعاً: وجود أنواع من المكاسب التي قسّمها الفقهاء إلى خمسة أقسام، ألا وهي: الواجب؛ والمستحب؛ والمكروه؛ والمباح؛ والحرام([6]). مَنْ قام بمعاملة تجارية لا يمكنه أداء واجباته الشرعية بأحسن ما يمكن، ويرتطم في المحرّمات والمبطلات، إلاّ إذا تعرّف على قوانين الكسب. قال الإمام علي×: «مَنْ اتّجر بغير علم ارتطم في الربا، ثم ارتطم»([7]).

وفي هذا الحديث عدة نقاط يجدر التأمّل فيها:

الأولى: «الارتطام» بمعنى ارتكاب عمل بحيث لا يمكن الخروج عنه ([8]). ارتطم: ارتبك عليه أمره فلم يقدر على الخروج منه. (الارتطام في الربا) يعني الدخول في المعاملات غير الشرعية، التي تؤدّي إلى الإخلال في الموازنة الاقتصادية في المجتمع.

الثانية: على أساس الآية 276 من سورة البقرة لا يبارك الله في المجتمع الذي بنى اقتصاده على المعاملات الربوية وغير الشرعية؛ إذ الربا يحول دون تقدّم المجتمع الاقتصادي.

الثالثة: تكرار لفظة «ارتطم» يبيّن هذه النقطة الهامّة، ألا وهي أنّ نتيجة التطرّق إلى التجارة دون التفقُّه هو إنجاز المعاملات الباطلة وغير الشرعية.

ولوضوح الموضوع أكثر نذكر عدّة نماذج:

1ـ شرط الاسترداد في المعاملات، الذي يسمّى «بيع عينه» اصطلاحاً، عبارة عن أن يبيع الدائن بضاعةً للمدين بثمن مؤجّل، ثمّ يشتريه منه بثمن أقلّ من الأوّل نقداً؛ أو أن يبيع الدائن بضاعة المدين قرضاً، ثمّ يشتري منه بثمن أقلّ من الأول([9]). فإذا باع أحد الآخر بدلةً بثمن عشرة آلاف تومان قرضاً، ثم اشتراها منه بثمن ثمانية آلاف تومان، ودفع ثمنه نقداً، فالهدف الرئيس عند المتعاقدين في هذه الاتفاقات هو أن يحصل الدائن بهذا الطريق على ربحه المنشود. ادّعى صاحب مفتاح الكرامة الإجماع على بطلان «بيع عينه»([10]).

 2ـ إذا احتمل المدين أن الدائن قد يحتجز أمواله عند موعد الدين، فيبيعها شخصاً ما أو يهبها زوجته وأولاده؛ كي لا يتمكن الدائن من احتجازها. ففي هذه الصورة يبدو البيع والهبة مشروعين لكنّه حرام وباطل؛ إذ كان قصد المدين غير شرعيّ، وهو عدم دفع الدين([11]). وكذلك البيع والهبة اللذان يقصد بهما الفرار من الدين، وإنْ صدق عليهما البيع والهبة في الظاهر، لكنّهما معاملة ربويّة محرّمة وباطلة([12]).

وطبقاً لما ذكرناه آنفاً يجب على كلّ من يريد النزول إلى السوق، وأن يتعاطى التجارة والكسب، أن يتعرّف على الحقوق التجارية في الإسلام، ويعرف أحكامها؛ لئلاّ يرتكب الآثام والمعاصي الكبيرة، نحو: الربا، والمعاملات غير الشرعية. ويجب أن يكون كلام الإمام علي× هذا نصب أعينهم، حيث قال: «يا معشر التجّار، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر»([13]). تكرار عبارة «الفقه ثم المتجر»، وتقدّم كلمة «التفقُّه» على كلمة «التجارة»، تأكيد على أنّه من واجب الإنسان أن يطلّع على أحكام التجارة اطّلاعاً كافياً قبل الشروع فيها، وأن يهتمّ بالنشاطات الاقتصادية مطّلعاً بقدر الكفاية.

العلاقة بين التخلّف وعدم تعلّم التجارة

بغضّ النظر عن الظروف الإقليمية في البلاد المختلفة فإن انخفاض الاستغلال هو السبب الأساس لتخلّف الدول المتخلّفة. ولانخفاض الاستغلال عوامل مختلفة، من أهمّها: فقدان التعاليم التخصّصية للتجارة، انخفاض مستوى الدراسات، الضعف في الثقافة والمعتقدات والإدارة، ممارسة المناهج القديمة والتقليدية في الزراعة والصناعة. ويؤثّر بعض هذه العوامل على سائرها. وقد نرى في الرسم البياني التالي الصلات الموجودة بين هذه الانفعالات:

المردودية هي أحد العوامل الهامة المؤثرة ‌في التقدم الاقتصادي. وقد شاهدنا في الرسم البياني السابق كيف تؤثِّر المردودية في سائر مؤثِّرات التقدم.

 المردودية هي مدى الاستخدام المنظم للثروات الإنتاجية إزاء مقدار معيَّن من المنتوجات. يعدّ الخبراءُ التربيةَ والتعليمَ والوجدانَ المهني من العوامل الهامّة في تحسين المردودية. كثيرٌ من الدول المتقدّمة قد خطّطوا لقواهم البشرية، وقد وسَّعوا تعاليمهم التجارية الاختصاصية على عمالهم وتجارهم، ومن تلك الدول: اليابان، وألمانيا، وكذلك بعض الدول النامية، مثل: ماليزيا، وكوريا. تعدّ قوى اليابان العاملة حالياً من أكثر القوى تثقيفاً في العالم؛ فإن 94% من اليابانيين يشتغلون بالدراسة حتى الثامنة عشرة من عمرهم([14]).

وجوب تعلّم التجارة في الفقه

يرى الفقهاء أن وجوب تعلّم أحكام التجارة وأصولها من أولى النقاط وأهمّها في موضوع التجارة. اللّهم إلاّ أنّه ليس على التاجر أن يكون مجتهداً، بل يكفيه التقليد. إذاً المراد من التفقُّه في التجارة التعرّف على أحكامها، لا الاجتهاد فيها.

حكم جمهور الفقهاء باستحباب تعلّم أحكام التجارة، والتفقّه فيها([15]).

ويشير ابن إدريس في كتابه (السرائر)([16]) إلى أنه يستحبّ للإنسان إذا أراد الاتّجار أن يتفقه في سننها وأحكامها، ليميّز بين العقود الفاسدة وغير الفاسدة، وليسلم من الربا والذنوب التي لا علم له بها؛ إذ يقول الإمام علي×: «يا أيّها الناس تفقَّهوا في التجارة ثمّ اتَّجروا، فوالله، الربا في هذه الأمّة أخفى من مشي النملة ليلاً على صخرة ملساء». ثم يشرح قائلاً: «ينبغي للإنسان اذا أراد التجارة أن يبتدئ أولاً فيتفقه في دينه؛ ليعرف كيفية الاكتساب، ويميّز بين العقود الصحيحة والفاسدة؛ لأنّ العقود الفاسدة لا ينتقل بها الملك، بل هو باقٍ على ملكية الأول، ويسلم من الربا الموبق، ويرتكب المآثم، من حيث لا يعلم به، فإنّه روي عن أمير المومنين× أنّه قال: «من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا، ثم ارتطم».

وهنا سؤال: ما هو حكم الذي يريد الاتّجار، ولعدم معرفته بأحكام التجارة وقوانينها يرتطم في الربا والمعاملات غير الشرعية؟

بناءً على الروايات وبراهين العقلاء يبدو أنّه يجب عليه تعلّم قواعد التجارة؛ كي لا يرتكب حراماً أو باطلاً، وخاصّة أننا قد نرى في نصّ الأحاديث: من اتّجر بغير علم لا يمكنه التخلّص من الربا، ويرتطم فيه؛ لالتباس العقود الصحيحة والفاسدة عليه. يقول صاحب الجواهر([17]): «حكم الفقهاء باستحباب تعلّم أحكام التجارة يُقصد به قبل القيام بها، لا استحبابه مطلقاً»؛ لئلاّ يرتطم الإنسان في المعاملات الفاسدة وغير الشرعية، ويأكل مالاً بالباطل، لأنه يجب على الإنسان في أداء الواجبات وترك المحرّمات أن يعرف فرائض الأحكام ومحرّماتها؛ كي لا يرتكب المعاصي والآثام. فإذا عقد التاجر عقداً ما، ولم يبحث عن صحّته وفساده، ثم أنجز معاملة فاسدة، وأكل المال بالباطل، فهو مذنب.

 وعلى أية حال فالمراد بالتفقُّه المستحبّ إحراز المعرفة قبل الشروع؛ مخافة عدم التنبُّه لكثير ممّا يعتبر فيه على وجه يقتضي فساده، فتندرج في أكل المال بالباطل، لا مطلقاً، ضرورة وجوبها بحكم الشرع في كل فعل ترك، فإنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم. نعم، لا يعتبر في الشروع في أسباب المعاملة سبق العلم بالصحّة والفساد، بخلافه في العبادة المعتبر فيها نية القربة، فله حينئذ إيقاع المعاملة مثلاً، ثم السؤال عن صحتها وفسادها، ثم ترتيب الآثار على ذلك، فلو رتّبها قبل ذلك بأن أكل المال أو وطأ الجارية مثلاً كان آثماً، وإنْ أصاب الواقع، كما هو واضح.

 يرى المحدّث البحراني أنّ التفقُّه في التجارة من أهم الفرائض، وأنّ الروايات تدلّ عليه دلالة واضحة. وفي فوائد وجوب تعلّم أحكام التجارة يقول: «على كل مسلم واجب عيني أن يتعلّم أحكامه الشرعية والدينية. فمن يريد الاتّجار فعليه أن يتعلّم أحكام ما يتولاه؛ ليتمكن بذلك من الاحتراز عمّا حرّمه الله تعالى عليه، ويعرف ما أحلّه وحرّمه، ولا سيّما الربا، وبيع المجهول، وشرائعه، ويميّز بين المعاملات الصحيحة والفاسدة؛ كي لا يرتطم في الذنوب، ولا ينطبق عليه هذا الحديث: «التاجر فاجر، والفاجر في النار»([18]).

 «قد تقدم في الفائدة الأولى الإشارة إلى أنّ الواجب العيني بالنسبة إلى العلم بالأحكام الشرعية ما يتوقَّف عليه صحة العمل الذي يشتغل به المكلَّف، من حج أو زراعة أو تجارة، فإنّه لابدّ من التفقُّه في ذلك العمل، ومعرفة أحكامه، وما لا يجوز وما يصحّ به ويفسد. فينبغي لمريد التجارة أن يبدأ بالتفقُّه في ما يتولاه منها؛ ليتمكن بذلك من الاحتراز عمّا حرم الله تعالى عليه في ذلك، ويعرف ما أحلّه وحرّمه، ولا سيّما الربا، وبيع المجهول وشرائه ممّا يشترط فيه الوزن والكيل، وآداب التجارة من مستحبّاتها ومكروهاتها، وإنْ كان أهل هذا الزمان والأيام؛ لمزيد جهلهم بأحكام الملك العلام، لا يبالون بما وقعوا فيه من حلال وحرام، وقد قال|: التاجر فاجر، والفاجر في النار».

يمكن أن نعتبر كلام صاحب الجواهر والمحدث البحراني الجمع بين النظريتين. وعلى هذا فالفتوى باستحباب التفقُّه للذين لم يقوموا بالاتّجار بعد، وأمّا الفتوى بوجوبه فهي للذين عزموا على الدخول في سوق التجارة، وباشروا الاتّجار، فهاهنا يجب عليهم تعلّم التجارة. يقول السيد الخوئي([19]) في تأييد وجه الجمع هذا: القصد من استحباب التفقُّه في المواضع التي يحتمل الشخص أن يصاب بها ولمّا يدخل فيها، لكن عندما دخل في الاتّجار، واطمأنّ بابتلائه بها، فعليه أن يتعلّم الأحكام. «قد وقع الإشكال في هذا التعبير، أي بالاستحباب، مع أن تعلم الأحكام من الواجبات؛ للآيات، والروايات الكثيرة ومنها: آية النفر. وتوضيح المسألة أنه قد يجب تعلُّم الأحكام الشرعية صوناً لها عن الاندراس. وهذا لا يختص بأحد دون أحد، بل هو جارٍ في حقّ كلّ أحد، ويجب عليهم كفاية، كما هو مقتضى التعبير بـ (من) في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ إلخ. وهذا القسم من التعليم لا يختص بشخص، بل يجب على كلّ شخص، ولكن كفايةً، بحيث لو تعلّم مَنْ به الكفاية لسقط عن الباقين، كما عرفت من الآية. وكذلك لا تختص بحكم دون حكم، بل يجب تعلم جميع الأحكام؛ لكي لا تندرس، بل تبقى على طول الزمان؛ حتى المسائل التي لا يبتلى بها، كمسائل الحيض والنفاس والحدود ونحوها. ثم إنّ التعلّم في هذا القسم لابدّ وأن يكون عن اجتهاد واستنباط، فإن بقائها إنما يكون كذلك. فهذا القسم من وجوب التعلّم عن اجتهاد بعنوان الكفاية، فلو تركوه لعوقب الجميع».

روي عن الإمام الصادق× أنه قال: «مَنْ أراد التجارة فليتفقّه في دينه؛ ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه، ومَنْ لم يتفقَّه في دينه ثم اتّجر تورّط في الشبهات»([20]). يقول الشيخ الكليني في فروع الكافي([21])، ضمن أحاديث تؤيّد نظرية وجوب التفقُّه: «لا يقعدنّ في السوق إلاّ مَنْ يعقل الشراء والبيع».

هذا الفرض والوجوب من باب المقدّمة، كما زعمه الوحيد البهبهاني([22])؛ إذ لا ريب في وجوب المعاملات الصحيحة والشرعية، واجتناب المعاملات الباطلة والمحرّمة، فيجب كلّ ما يعتبر مقدّمة لها، فيجب التفقُّه في التجارة.

يقول الشيخ الأنصاري: «المعروف بين الأصحاب، تبعاً لظاهر تعبير الشيخ بلفظ ينبغي([23])، استحباب التفقُّه في مسائل الحلال والحرام المتعلقة بالتجارات؛ ليعرف صحيح العقد من فاسده، ويسلم من الربا. وعن الإيضاح النافع: إنّه قد يجب. وهو ظاهر عبارة الحدائق أيضاً. وكلام المفيد في المقنعة أيضاً لا يأبى الوجوب؛ لأنّه بعد ذكر قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ﴾ (النساء: 29). وقوله تعالى: ﴿أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾(البقرة: 267)، وهذا نهي عن طلب الخبيث للمعيشة والإنفاق، فمن لم يعرف فرق ما بين الحلال من المكتسب والحرام لم يكن مجتنباً للخبيث من الأعمال، ولا كان على ثقة في النفقة من طيب الاكتساب. وقال تعالى أيضاً: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (البقرة: 275)، فينبغي أن يعرف البيع المخالف للربا؛ ليعلم بذلك ما أحلّ الله وحرّم مَنْ المتاجر والاكتساب. وجاءت الرواية عن أمير المومنين× أنّه كان يقول: «مَنْ اتّجر بغير علم فقد ارتطم في الربا، ثمّ ارتطم». ثمّ قال: «قال الصادق×: من أراد التجارة فليتفقَّه في دينه، ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه، ومن لم يتفقَّه في دينه ثمّ اتَّجر تورّط في الشبهات».

ثم أضاف: «فالحكم باستحباب التفقُّه للتاجر محلّ نظر، بل الأولى وجوبه عليه عقلاً وشرعاً، وإنْ كان وجوب معرفة باقي المحرمات من باب العقل فقط».

يعتبر الإمام الخميني وجوب تعلّم أحكام التجارة من قبيل: (وجوب مقدّمة الواجب)، ويقول في صورة القياس المنطقي:

1ـ معرفة الأحكام مقدّمة لأداء الفرائض وترك المحرّمات (الصغرى).

2ـ مقدّمة الواجب واجب (الكبرى).

النتيجة: تعلّم الأحكام واجب.

يعتقد الإمام الخميني أنّ تعلّم أحكام التجارة واجب عيني، ويضيف: «إنّ الاشتغال مثلاً بالتجارة، التي فيها محرّمات وواجبات، لا يؤمن معه من العقاب، فلابدّ من تركه، ولو أراد الاشتغال بها يحكم العقل بوجوب التعلُّم؛ ليأمن من العقاب. فالوجوب هاهنا كوجوب الفحص عقلاً عن طعام يريد أكله، ولا يأمن من كونه مسموماً. فالوجوب غيريّ لمـَنْ أراد التجارة، لامقدَّميّ، ولا نفسيّ، كما نسب إلى الأردبيلي. والقول بعدم الوجوب؛ لإمكان التحرّز بترك ما يحتمل فيه المحرم خارجٌ عن البحث، فإنّ الكلام في التاجر المشتغل بالتجارة أو المريد لها، وفي الجاهل، لا في العالم الذي يعلم أنّ ما يرتكب ليس مشتملاً على الحرام. وأمّا الواجب الشرعي فالظاهر عدم استفادته من الروايات الواردة في المقام، فإن مثل قوله|: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» لا شبهة في عدم كون المراد منه أنّ جميع العلوم واجبة على جميع الناس، فلابدّ من إرادة كونه في الجملة من الفرائض، ولعلّ المراد به هو العلم بأصول الدين، وما يدلّ على الحثّ على طلب العلم يمكن أن يكون إرشاداً إلى ما حكم به العقل، بل في تلك الروايات شواهد على الإرشاد، كقوله×: مَنْ اتَّجر بغير علم فقد ارتطم في الربا، ثم ارتطم».

ضرورة تعلّم التجارة في القرآن

بناءً على ما جاء في التفاسير يشير القرآن الكريم بشتى الطرق إلى ضرورة تعلّم التجارة. يقول الفاضل المقداد([24]) في شرح الآية 267 من سورة البقرة، وفيها أمر الله تعالى المؤمنين بالإنفاق من أموالهم الطيبة التي اكتسبوا من التجارة، واستخرجوا من الأرض، لا من الأموال المحرّمة والخبيثة: «تدلّ هذه الآية على وجوب التفقّه في التجارة؛ كي يعرف ما أحلّه الله وحرّمه، ولا يتورّط في الذنوب».

ويقول الإمام علي× في شأن نزول هذه الآية: «نزلت هذه الآية في الذين كانوا يمزجون بين التمر اليابس وغير الجيد والتمر الجيد، ثم ينفقونها، وأمروا في هذه الآية باجتناب هذا العمل([25]).

وفي مجمع البيان روي عن أمير المومنين× أنه قال: إنّها نزلت في قوم كانوا يأتون بالحشف فيدخلونه في تمر الصدقة، فنهاهم الله عن ذلك.

وفي روايه أخرى روي عن الإمام الصادق× أنّها نزلت في الذين كانوا ينفقون في سبيل الله أموالهم التي اكتسبوا من الربا في الجاهلية، فنهاهم الله عن عملهم هذا، وأمرهم بالانفاق من طيّب أموالهم([26]).

وروي عن أبي عبد الله× أنها نزلت في أقوام لهم أموال من ربا الجاهلية كانوا يتصدقون منها، فنهى الله عن ذلك، وأمر بالصدقة من الحلال.

ونظراً إلى هذين الشأنين تظهر دلالة الآية الشريفة على وجوب التفقُّه وتعلم أحكام التجارة للذين يشتغلون بالتجارة؛ إذ عدم التفقه في التجارة يؤدّي إلى عدم معرفة الإنسان حلال الله وحرامه، ثم إلى عدم تعرّفه على التجارة الشرعية، والارتطام في المعاملات الفاسدة والنشاطات الاقتصادية غير الشرعية.

يقول الشيخ الطبرسي([27]) في تفسير الآية 122 من سورة التوبة، حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة: 122): «القصد من التفقه الخبرة في الأحكام الفقهية؛ كي يتعلّم منه الآخرون تلك الأحكام. يرجع شأن نزول الآية إلى خروج النبي| إلى الحرب، وما بقي أحد في المدينة إلاّ المنافقون والمعذورون، ثمّ أنزل الله تعالى آيات مرتبطة بمثالب المنافقين، فأقسم المؤمنون الذين كانوا يصاحبون النبي| أن لا يمتنعوا عن المشاركة في أية حرب من الحروب التي أمر بها النبي، غزوة كانت أو سرية ـ حرب أو مهمة لم يشارك فيها النبي| ــ، ثمّ أمر رسول الله المسلمين بالمشاركة في سرية، وخرجوا إليها، وتخلّوا عنه، ثم أنزل سبحانه هذه الآية في أنّه يجب عليهم أن لا يخرجوا للحرب جميعاً، وأن يبقى عدد منهم عند رسول الله|، ليتعلّموا أحكام الشريعة، ويعلّموا المحاربين القرآن وأحكام الدين، وينصروا دين الله بهذا الطريق. فالتفقُّه في أحكام الشريعة، ومنها المرتبطة بالتجارة، ضروريٌّ».

«التفقُّه يعني تعلّم الفقه. والفقه يعني العلم بالشيء. وفي حديث سلمان أنّه قال لامرأة: فقهت، أي: علمت وفهمت. شأن النزول: كان رسول الله|إذا خرج غازياً لم يتخلّف عنه إلاّ المنافقون والمعذرون. فلمّا أنزل الله تعالى عيوب المنافقين، وبيّن نفاقهم في غزوة تبوك، قال المؤمنون: والله لا نتخلّف عن غزوة يغزوها رسول الله|، ولا سرية أبداً. فلمّا أمر رسول الله| بالسرايا إلى الغزو نفر المسلمون جميعاً، وتركوا رسول الله| وحده، فأنزل الله سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا﴾ الآية، عن ابن عباس، في رواية الكلبي. وقيل: إنّها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله|، خرجوا في البوادي، فأصابوا من الناس معروفاً وخصباً، ودعوا من وجدوا من الناس على الهدى، فقال الناس: وما نراكم إلاّ وقد تركتم صاحبكم، وجئتمونا، فوجدوا في أنفسهم في ذلك حرجاً، واقبلوا كلّهم من البادية، حتى دخلوا على النبي|، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية».

جاء في تفسير القمي([28]) في الآية 44 من سورة النحل، ويقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾: «فرض الله على نبيه أن يبيّن للنّاس ما في القرآن من الأحكام والقوانين والفرائض والسنن، وفرض على الناس التفقُّه، والتعليم، والعمل بما فيه، لا يسع أحداً جهله، ولا يتعذّر في تركه».

المسؤولية الجزائية في ترك تعلّم التجارة

بناءً على ما ذكر آنفاً يخطر في البال سؤال، ألا وهو: هل الذي اشتغل بالتجارة قبل أن يتعلّم مسائل التجارة، ثم تورّط في المعاصي، يستحقّ العقاب من جانب الشارع أم لا؟ وهل له مسؤولية جزائية مدنية؟

يمكن القول: إن شخصاً كهذا ينطبق عليه سنّة «الدرء»، ولا شيء عليه. والدليل على ذلك الروايات المذكورة في معذورية الجاهل بالحكم والموضوع. وكذلك روي عن الإمام الصادق× في صحيحة عبد الصمد بن بشير أنه قال: «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه»([29]).

يبدو أنّ الجهل الذي يرفع المسؤولية الجزائية هو الجهل القصوري، لا الجهل التقصيري، يعني أنّ الذي أسلم حديثاً، أو الذي يعيش حيث لا يتيسّر له تعلّم أحكام التجارة، إذا ارتكب الحرام في التجارة لم يعاقب؛ أمّا إذا عاش حيث تيسّر له الحضور عند علماء الدين والخبراء، وتعلّم أحكام التجارة، لكنه كسل ولم يبادر إلى تعلّمه، ثم ارتكب حراماً، فعليه ذنبه، ويستحق العقوبة (التعزير). ونستنتج هذا الأمر أيضاً من روايات معذورية الجاهل بالحكم والموضوع. كما روي عن الإمام الصادق× في صحيحة الحلبي أنه قال: «لو دخل رجل في الإسلام، وأقرّ به، ثم شرب الخمر، وزنى، وأكل الربا، ولم يتبيّن له شيء من الحلال والحرام، لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلاً، إلاّ أن تقوم عليه البيّنة أنّه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل الربا، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته، فإن ركبه بعد ذلك جلدته، وأقمت عليه الحدّ».

بعد التأمّل في الروايات المذكورة يمكن أن نستنتج الأمور التالية:

الأول: مفاد هذه الروايات في الجاهل القاصر، لا المقصِّر، فيجب القول: إنّ الجاهل المقصِّر مستثنىً من قاعدة رفع المسؤوليّة عند الجهل.

الثاني: مَنْ يعِشْ في المجتمع الإسلامي، ويتوفّر له من كل الجهات التعرّف على أحكام الإسلام وقوانينه، لا يمكنه التخلّص من المسؤوليّه الجزائية بادعائه الجهالة، إلاّ ـ كما ذكر سابقاً ـ إذا عاش مثلاً في المناطق المنبوذة أو القرى النائية، ولم يتمكن من تحصيل العلم. أو بعبارة أخرى: كان جهله قصوريّاً. والجهل القصوري يرفع المسؤوليّة الجزائية البتّة، دون المسؤولية المدنية. وكما يبيّن الفقهاء: الجهل يرفع الحكم الفرضي، لا الحكم الوضعي.

الثالث: بناءً على نهاية العبارة المذكورة من صحيحة الحلبي فإنّ المهم هو اطّلاع الناس على المعاملات عند ارتكاب الجريمة، لا عقوبتهم، ففرض على الشارع أن يوفّر للتجار ظروفاً وأرضيةً مناسبة لتحصيل أحكام التجارة، ويعرّفهم أصول التجارة الشرعية والحقوقيّة.

التوصيات والاقتراحات

إذا رغب بلدٌ في الرقيّ والتقدّم فعليه البحث عن قدوات ملائمة لظروفه. لا غرو أن الظروف الحالية لاقتصاد إيران لا تشبه الظروف في أي بلدٍ آخر، لا في نظامه الاقتصادي، ولا الاجتماعي، ولا السياسي. وبعد مضيّ حوالي ثلاثة عقود من انتصار الثورة الإسلامية يمكن الاعتراف بعدم تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي في المجتمع تطبيقاً كاملاً، ولمّا تعرّف التعاليم الإسلامية لتقدّم المجتمع كما يليق به. ومن أهمّ هذه التعاليم: «تعلّم التجارة في الكسب والأمور التجارية»؛ نظراً إلى ضرورة التجارة وأهمّيّتها، وتعقيد أحكامها وقوانينها، والصلة الوثيقة الموجودة بين تقدّم العلم وتنمية المعاملات الشرعية في المجتمع، فمن الواضح وجوب تعلّمها، أي «وجوب التفقّه فيها»، قبل القيام بأمرٍ ما.

معرفة أحكام التجارة وقوانينها أمرٌ أخلاقي، يمهّد الأرضيّة للمطالبة والتمكن. فلذلك يبدو ضرورياً وضع قوانين مرتبطة بمراحل التدريب التجاري ــ قصيرة الأمد وطويلة الأمد ــ للذين يشتغلون بالتجارة أو يعزمون عليها؛ تعرّفاً على قواعد التجارة الإسلاميّة وأحكامها. ويعدّ هذا الأمر خطوة طويلة في توجيه اقتصاد المجتمع إلى اقتصاد إسلامي غير فاسد. لا ريب في أنّه إذا امتلك التجار والكسبة والمعنيّون باقتصاد المجتمع نشاطاتهم خبرةً كاملة في الأحكام الشرعيّة يتحوّل المجتمع في سبيل الرقيّ الاقتصادي تحوُّلاً ملحوظاً.

 من البديهي أنّ علم التجارة له درجات، بناء على مكانة وشأن نتيجة عمل التاجر كمّاً وكيفاً. يعني مَنْ كانت مهنته محدّدة وفردية فمراحل تدريبه التجاري أكثر تحديداً، ومستوى علمه الضروري أكثر سذاجة من الذي يدير شركة تجارية خاصّة أو حكومية. ولابدّ لهذا الأخير أن يكون مدى تدريبه ومقدار معرفته أكثر وأوسع وأعمق بالنسبة إلى أحكام المهنة وطرقها. يمكن للحكومة الإسلاميّة من خلال تقديم حلول جيّدة أن تلعب دوراً هامّاً في تحسين إنجاز الأدوار المذكورة، وتشجيع التجار والكسبة على تعلّم التجارة. مثلاً: أن تجعل إجازة العمل أو إنشاء شركة تجاريّة منوطاً بالحضور في المراحل المذكورة، وأخذ شهادة «التدريب التجاري»، وأن تعفي ذوي الشهادة لهذه المراحل عن حصّة من الضرائب، أو تجعل وسائل دعم وحماية كثيرة في متناول أيديهم. ولابدّ لنا من التصريح بأن تكوين أدوار التدريب التجاري من واجبات الحكومة على أساس صحيحة الحلبي.

الهوامش

_______________________

(*) أستاذ في قسم الحقوق الخصوصي في جامعة مازندران، من إيران.

(**) أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية في جامعة إصفهان، من إيران.

(***) طالب دكتوراه في قسم الحقوق الخصوصي في جامعة مازندران، وعضو جمعية الشباب الباحثين في إيران، جامعة ميمه، من إيران.

([1]) ابن منظور، لسان العرب 2: 19؛ الطريحي، مجمع البحرين 3: 233.

([2]) الحسيني العاملي، مفتاح الكرامة 8: 6.

([3]) مفردات ألفاظ القرآن: 69.

([4]) نهج البلاغة، رسالة 53.

([5]) وسائل الشيعة 12: 4 ـ 5.

([6]) سلار، المراسم العلوية: 171؛ النجفي الخوانساري، منية الطالب 1: 16؛ الحلّي، القواعد 2: 5.

([7]) نهج البلاغة 4: 103؛ الصدوق، من لا يحضره الفقيه 12: 283.

([8]) الحلي، منتهى المطلب 2: 1000؛ لسان العرب 2: 343، 10: 471؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 20: 97؛ ابن الأثير، النهاية 2: 223.

([9]) الحلّي، تذكرة الفقهاء 1: 546؛ منية الطالب 3: 281؛ الخوئي، الزكاة: 94.

([10]) مفتاح الكرامة 4: 496. لمزيد من المطالعة يرجع إلى بيع عينه وشرط الاسترداد في البيع: أيزدي فرد، شرط باز خريد در بيع: 142، 496.

([11]) النراقي، مشارق الأحكام: 88 ـ 90؛ بار فروش، شعائر الإسلام في مسائل الحلال والحرام: 417؛ محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، سؤال وجواب: 224؛ الأصفهاني، وسيلة النجاة 2: 110.

([12]) القمي، غنائم الأيام: 600 ـ 604؛ الشوشتري، مقابس الأنوار: 114 ـ 110؛ الخميني، توضيح المسائل: 313؛ المنتظري، الأحكام الشرعية على مذهب أهل البيت: 431.

([13]) وسائل الشيعة 12؛ الكافي 5: 150؛ من لا يحضره الفقيه 4: 14، 3: 195.

([14]) الطاهري، بهره ورى وتجزيه وتحليل آن در سازمانها: 231 ـ 234.

([15]) الشيخ الطوسي، النهاية: 371؛ المحقق الحلّي، المختصر النافع: 120؛ الفاضل الآبي، كشف الرموز 1: 453؛ ابن فهد الحلي، المهذب البارع 2: 362؛ يحيى بن سعيد الحلي، الجامع للشرائع: 244؛ الحلّي، القواعد 2: 13؛ البحراني، الحدائق الناضرة 8: 19؛ الطباطبائي، رياض المسائل 1: 519؛ النراقي، مستند الشيعة 14: 17؛ النجفي، جواهر الكلام 22: 451؛ الخوانساري، جامع المدارك 3: 132.

([16]) السرائر 2: 230.

([17]) جواهر الكلام 22: 451.

([18]) البحراني، الحدائق الناضرة 18: 19.

([19]) مصباح الفقاهة 5: 790 ـ 793.

([20]) وسائل الشيعة 12: 283.

([21]) الكافي 5: 154.

([22]) حاشية مجمع الفائدة والبرهان: 52 ـ 53.

([23]) انظر: النهاية: 371.

([24]) كنـز العرفان 2: 41.

([25]) مجمع البيان 2: 191.

([26]) تفسير القمي 1: 92 ـ 93، 2: 344 ـ 345؛ مجمع البيان 2: 182 ـ 191؛ الراوندي، فقه القرآن 2: 42؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي 1: 297.

([27]) مجمع البيان 5: 142 ـ 144.

([28]) تفسير القمي 1: 4.

([29]) وسائل الشيعة 8: 248.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً