أحدث المقالات
لقد تعرفت على الكاتب الصحفي الشهير الاستاذ الفاضل  فهميهويدي منذ السبعينيات عبر مجلة العربي ، و تابعت مقالاته  عبر بعض الجرائد والمجلات و الدوريات . كما قرأت مجموعة من كتبه   منها القرآن و السلطان  ،و مواطنون لا ذميون ، و التدين المنقوص ، و أزمة الوعي ، و ايران من الداخل ، والعرب و ايران  و كذا بعض بحوثه حول الحاكمية والصحوة و غيرها . كما تابعت بعض مشاركاتهفي بعض الفضائيات . ما شدني اليه هو  أهمية   و تنوع  الموضوعات  التي يتناولها   و التي تعنى  بقضايا العرب و المسلمين  ، بالإضافة الى  جدية الطرح عنده . و لستمجاملا ان قلت اني استفدت بل تعلمت منه و نما خلال متابعتي الطويلة لفكره  احتراميو تقديري لشخصه  . قبل مدة قرات في أحد المواقع الالكترونية  ،  مقاله  المنشور  في الشرق القطرية في نوفمبر 2012 و الذي ظهر بعنوان  : ضد التشيع و ليسالشيعة ! و قد فاجأني العنوان لأول وهلة  لغرابته و عدم اتساقه ، ثم بعد ان قرأتهأدركت انه :  ضد التشييع و ليس الشيعة ، و ليس كما نشرهناك .  والمقالليس جديدا لكنه يتناول قضية هامة  يتخذها بعض في الآونة الأخيرة  ذريعة لتدشين معارك مذهبيةطائفية في المنطقة لا يستفيد منها إلا أعداء العرب و المسلمين.

و من الأمورالتي لفتت نظري في المقال :

1 – ذكر  بأنه  حمل  عتابا من لبنان من احد المراجعالشيعية على الأزهر و مجمع البحوث لدخولهم في اشتباك مع الشيعة ، مبديا – الطرفالمعاتب – خشيته من نقل الصراع من المستوى السياسي الى المستوى المذهبي والطائفي بين الشيعة و السنة .
و ذكر انه بدوره نقل الأستاذ هويدي  رسالة العتاب  ثم نقل  الرد  الذي  عبر عنه بقوله  : الذي أعرفه و أوافق عليه.

2- أكد  على بعض الحقائق من قبيل تعامل الأزهرالشريف بإيجابية مع المذهب الشيعي الإمامي  كأحد المذاهب الاسلامية المعتبرة  كماتمثل في الفتوى التاريخية للشيخ الأكبر الراحل محمود شلتوت . كما أكد  على اسهاماتعلماء الأزهر في مجهودات التقريب بين المذاهب عبر دار التقريب في القاهرة و عبرمجلة رسالة الاسلام التي كانت تصدر عنها  ، و نوه الى  ما يوليه المصريون بشكل عاممن  عناية و حفاوة بالغتين بأهل البيت  و مراقدهم عليهم السلام .  


3-أشار  الى الأسباب التي استنفرت و أثارت حساسية و غضب المؤسسة الدينية في مصر  و هي  و جود نشاط شيعي في أوساط السنة المصريين ،  ترجم في زيارة أحد ( رجال الدين ) منشيعة العراق لبعض الحسينيات  في مصر ، و في اصدار كتابين لكاتبين مصريينمتشيعين تناولا بقسوة  بعض الشخصيات الصحابية و الحديثية  المحترمة . و اعتبر هذهالأعمالهجوما يستحق الرد  ، و من ثم لا  يعد ما يقومبه الأزهر أو مجمع البحوث  اشتباكا مع الشيعة بقدر ما يغدو ردا لهجوم تعرض لهالأزهر و تصديا لعدوان وقع على محيطه .
كما أشار الى المحاولاتالمتكررة للتشييع – حسب رأيه –  في بعض الدول العربية و الافريقية و الآسيوية . وهذه الأعمال – حسب الكاتب – لا بد ان تزعج الأزهر بما تمثله من عدوان و اختراقللمجتمعات السنية . و لذلك فان إثارة الموضوع في مؤتمر الأزهر و مجمع البحوث يبدومبررا من وجهة نظر الأستاذ  هويدي .

4 – استخدم   لفظة المراجع  –  في سياق نشر التشيع –  عدة مرات في المقال  : أحد المراجع الشيعية  ، مراجع قم ، مراجع في العراق ، مراجعفي لبنان و منطقة الخليج ، بعض المراجع الشيعية . و أخال ان الأستاذ هويدي خبيربأن  وصف المرجع حسب الأدبيات الفقهية السائدة عند المسلمين الإمامية  يطلق على  كبار الفقهاء المجتهدين  الذين يرجع عموم الناس  اليهم في الفتاوى الشرعية .  و لايطلق هذا الوصف على أي عالم  أو مفكر مهما بلغت درجة علمه  و نشاطه و مكانته وصيته  ، على خلاف استخداماته في الكتابات الإعلامية  و الثقافية و السياسية  العربية . و من حق الكاتب ان يستخدمه بالمعنى الذي يرتضيه ، و لكن ما وددت توضيحه ، انه في ضوء ما سبق و حسب مفهوم المسلمين الإمامية للمرجعية   لا يوجد حالياو لا عند كتابة  مقالالأستاذ هويدي  مراجع فقهية  للمسلمين الإمامية في لبنان فضلا عن منطقةالخليج .

 

أما مداخلتي مع الأستاذ هويدي فأوجزها فيما يلي : 

1 – بدا لي ان أبرز  ما ركز عليه   الكاتب في المقال  هو  محاولات نشر المذهب الشيعي  في مجتمعات السنة – حسب تعبيره –   و قد استخدم فيهذا الصدد عدة تعبيرات أخرى  محملة بدلالات  و إشارات معينة  بحسب سياقاتها   ،فتارة عبر  بثمة  نشاط شيعي  و أخرى  محاولات التشييع أو نشر المذهب الشيعي  وثالثة بعملية التبشير في المذهب  ، غير اني لست بصدد التوقف عندها في هذه المداخلة .  ولكني في هذا المقام  أتساءل من الكاتب الفاضل  ما هو تعريفه لمفهومي التشييع والتبشير بالمذهب ؟ و ما المقصود منهما على المستوى الميداني و العملاني ؟ ما هيالأعمال و النشاطات التي تصنف على انها من قبيل المحاولة في التشييع و التبشيرالمذهبي ؟ 

 و بتقديري  المتواضع  ان  الاسترسال في اطلاق مثل هذهالتعبيرات العامة  و المفاهيم الفضفاضة غير المنضبطة  في وسائل الاعلامالعامة  ستترك في  مجتمعات العرب و المسلمين في مصر و غير مصر –  بصرف النظرعن الانتماءات الدينية و المذهبية  – تداعيات وآثار سلبية  عميقة و ستنتهي مع الوقت  الى محاولات تفسير النوايا و الدوافع الكامنة في الصدور  على مستوى الأفراد و الأسر و المجتمعات و المؤسسات  . و سيأخذنا  هذا الوضع  الىالتعامل على أساس  الشك و الريب و الشبهة و التهمة و الظنة   في كثير من التعاملاتاليومية  .  بل  سيكون  مدخلا  لفرض الإرهاب الفكري و الحجر على الآراء وتقييد حرية البحث العلمي و تكبيل الأفواه و تقييد الحريات الفكرية  . و مما يؤيد ذلك   ما أكده  أحد أئمة  الجمعةفي أحد المساجد المصرية  في خطبة الجمعة  –  فيما تناقلته مؤخرا الرسائل الصوتية  القصيرة –  قال :    جاءنا من مصدر موثوق  بأنالسيد الرئيس محمد مرسي أصدر أوامره الى الامن القومي بتتبع كل من يدعو الى المذهبالشيعي في مصر و القبض عليه .  و لذلك فاننا نقول كل من يعلم بؤرة في هذا الشانيبلغني .  و في اجتماع مجلس شورى العلماء الاربعاء الماضي  – أي اول امس –  قال في بيانه  :  بان أرقامه مفتوحة لكل من يقف على رجل ينشر التشيع او يوزع كتابافي الشيعة أو نحوه  يبلغ عن اسمه و مكانه  فقط  ، نريد التعاون من الجميع للبحث عنبؤر التشيع لنتمكن من محاصرتها ،  فمصر سنية و ستظل سنية و كل من يتعرضللصحابة  فدماؤنا دون عرض الصحابة .

و ليس لي أي تعليق على هذا الكلامالصريح  و لا على لهجة الخطيب  غير التنويه الى انه – ان صح – فان المسألة أعطيت لها  أبعادا أمنية من أعلىالمستويات السياسية في مصر ، بحسبانها تشكل تهديدا للأمن القومي المصري . و السؤالالعريض الذي يفرض نفسه في هذا الصدد هو :  كيف ستتعامل أجهزة الأمن مع هذه القضيةالفكرية العقدية و الفقهية و في أسوأ التقديرات السياسية ؟

و ليسمح لي الكاتب والقارئأن أطرح بعض الأسئلة البسيطة  في هذا المقام و هي :

هل   يمكن في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتشكيك و التهديد و التوجس  التحدث أو الكتابة أو البحث بحرية في المسائل العقدية و الفقهية و التاريخيةالخلافية بين مختلف التيارات الفكرية عند المسلمين ؟  و هل يحق للباحث او الكاتب اوالأستاذ الجامعي أو  اي فرد مثقف  ان يكون قناعة فكرية بكل حرية حيالها  و يقرراختيار  هذا الموقف أو ذاك  فيها ؟

كيف سيتم التعامل مع أي  كاتب أو باحث أو مفكر يؤلفكتابا حول التيارات الفكرية و الكلامية عند المسلمين ثم يؤيد  بعض الأفكار و الآراءالكلامية للمعتزلة أو الإمامية ؟ و ما هو الموقف من باحث  أو دارس كتب بحثا فيالمذاهب الفقهية عند المسلمين و أصولها و أدلتها التشريعية ثم أيد بعض الأصولالتشريعية في الفقه الإمامي أو الزيدي أو الإباضي ؟ هل يحق لباحث أو مفكر أن يؤلفكتابا حول مفهوم الصحابة و عدالة الصحابة و حجية الصحابي ثم يختار بعض ما عليهالأصوليين أوالمعتزلة أو الإمامية أو الإباضية فيها ؟
كيف ستفسر  في ظل هذه الأجواءالمشحونة  الأحاديث الدينية التي  تدور بين الزملاء في المعاهد و الجامعات والمساجد و الأندية و المقاهي بل و في البيوت ضمن الأسر  والأقارب   حول بعض القضاياالخلافية من قبيل  مشروعية  شد الرحال لزيارة  قبر النبي صلى الله عليه وآله ومشروعية التوسل به ؟ أو عند تداولهم  فضائل أهل بيت النبوة عليهم السلام ؟   هلسيكون مظنة التهمة تبادل مقالات أو بحوث أو كتب  حول وقائع تاريخية تتعلق بالإمامعلي أو السيدة فاطمة  و موقفهما من خلافة النبي صلى الله عليه وآله  ؟ أو حول بعضالحوادث التاريخية التي وقعت بين الصحابة  زمن الخلفاء الأوائل ؟   أو حينالتحدث عن طبيعة ما جرى بين الإمام علي عليه السلام  و معاوية ؟ هل يمكن التحدث  بكل حرية حول كيفية تحول نظام الخلافة في تاريخ المسلمين  الى ملك وراثي عضوض  زمنالأمويين ؟  هل يسمح بالبحث حول واقعة مقتل الإمام الحسين سبط رسول الله صلى اللهعليه وآله  أو تناول المظالم التي وقعت على  آل النبي صلى الله عليه وآله في التاريخ ؟ أو البحثو التمحيص في جواز و عدم جواز الجمع بين صلاتي الظهر و العصر   أو المغرب و العشاءمن غير سفر و لا مطر ؟ أو البحث في أدلة صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك ؟ أوفي بعض شروط الطلاق من قبيل الإشهاد و ما شابه ذلك ؟ أو إجراء بحث مقارن  بينالزواج المؤقت  و الزواج العرفي و بعض صيغ الزواج التي طرحت حديثا  مثل الزواجالمسيار و زواج الصداقة و زواج السياحة   ؟

 ان المؤشرات الماثلة أمامنا تدلل على ان ثمة محاولات  وجهود تبذل لتحويل  القضية  من  مجرد خلاف  فقهي كلامي تاريخي  بين مذاهب المسلمين  ،  لتغدو قضية حرية الفكر و البحث ، بل لا نبالغ ان زعمنا  بانها  – مع استمرار الضخالطائفي –  قد تبلغ الى مستوى تفتيش الضمائر و تشقيق القلوب و التحري عن المعتقداتو الآراء و الأفكار في الصدور ، لا سيما مع صبغها بصبغة الأمن القومي . بل اننا نخشى انتتخذ الجماعات  التكفيرية التي تمارس العنف في بعض الدول العربية و المسلمة  ،الخطاب الإقصائي و الإلغائي الممنهج  الذي يبث عبر المجلات و المنابر الدينية والاعلامية في مصر ضد المذهب الشيعي الإمامي  ،  ذريعة  لممارسة الارهاب الجسدي لكلمن يظن  بتشيعه أو بتحوله للتشيع او باتهامه بالقيام بنشر التشيع ،أسوة بما حصل فيبعض بلاد العرب و المسلمين . من ناحية أخرى ان هذا الخطاب الإقصائي الصادر من مصرالعربية و من بعض الأجهزة المنتسبة  للأزهر الشريف من شأنه أن يعزز المواقف الفكريةو الميدانية  للجماعات التكفيرية  التي تستبيح حرمات  أهل القبلة  تحت دعاوي  الجاهلية  و الكفر و الردة و الخيانة و ما الى ذلك .

2 –   هب ان فريقا من المسلمين الإمامية قاموا بنشاطاتشيعية  من شأنها الدعاية للمذهب الإمامي ، الأمر الذي اعتبر عدوانا و تهجما يستحقالرد . فهل من الإنصاف تعميم  هذا الفعل على المسلمين الإمامية و تحميلهم نتائجه وتداعياته عبر خطاب تحريضي و استعدائي  يشاع في وسائل الاعلام و المساجد و منابرالجمعة  ووسائل الاعلام المختلفة  بان الشيعة يخترقون مصر و يبشرون  بمذهبهم  ؟  منجهة أخرى ، و على فرض التسليم بوجود دعاية ما للمذهب الإمامي تستحق الرد ، ما هوطبيعة الرد المطلوب من الأزهر الشريف و مجمع البحوث ؟  هل بشن حرب شعواء على المذهبو عقائده و فقهه و تاريخه و رموزه و  خلط متعمد  لمفاهيمه  و تشويه صورته لغرضالتنفير منه و نشر الكراهية ضده  الى جانب  منع نشر الكتاب الشيعي و مصادرته  ؟ ترىهل المطلوب ايجاد سياج من الاتهامات و الطعون بغية تشويه صورة الآخر ، و في نفسالوقت  تحقيق  حماية للمعتقدات و الأوضاع السائدة   ؟ هل يرى عقلاء مصر العربيةالشقيقة الكبرى و حكماء و فقهاء الأزهر الشريف ان طبيعة الرد العقلاني الموضوعي  تتمثل في تبني أساليب التكفير و التبديع و التضليل و نشر ثقافة الإقصاء  والكراهية  ضد المسلمين الإمامية ؟ هل الرد المنطقي المبرر يتمثل في توريط  الأزهر و  مؤسساته و مجلته للدخول في تنفيذ برامج منظمة  من  خطب  ودروس  تنهج أساليب الشحن التي من شأنها إذكاء الصراع الطائفي في الأمة  ؟   هل  منالرد الموضوعي طبع و نشر مقالات و كتب  ضد المذهب الشيعي  تستدعي مقولات كتب الفرقو المقالات  التي كتبت في عصور الانحطاط ؟   ان قيام  بعض المنتسبين الى الأزهر ومؤسساته   طباعة  كتاب ” الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة ” وتوزيعه مجانا يحمل في طياته إساءة كبيرة لصورة الأزهر الفاطمية الزاهرة  و  يبعثبرسالة  مفادها  بأن الأزهر قرر ان ينتهج نهج   التكفير و اخراج  أتباع بعض المذاهبالمسلمة  من الملة و من حريم أهل القبلة  و اعتبارها  دينا غير دين الاسلام الحنيف .  لقد صرح رئيس تحرير مجلة الأزهر و عضو مجمع البحوث الدكتور محمد عمارة في مقدمتهللكتاب المذكور بقوله : قد يستغرب البعض استخدام المحب الخطيب مصطلح دين الشيعةبدلا من مذهب الشيعة ، لكن الذين خبروا حقيقة عقائد الشيعة الإمامية يدركون دقة هذاالاصطلاح ” ( التكفير الشيعي الاهراماليومي 19/1/2013( علىاننا ندرك بأن   الدكتور عمارة – و الخطيب و أمثاله –  ليس من أهل الفقه و التشريع  والأصول فضلا عن أن يكون أهلا لاصدار فتوى بهذه الخطورة تنقض الفتوى التاريخية للشيخالأكبر الراحل  محمود شلتوت التي قضت بان المذهب الشيعي الامامي مذهب معتبر مثلالمذاهب الاربعة ويجوز التعبد به .  لا أدري كيف يفوت  على أهل الفقه و العلم والحكمة في الأزهر  بأن مثل هذه الأعمال لا تنسجم مع رسالة الاعتدال و الوسطيةللأزهر  و انها تؤذن بإلغاء مجهودات كبار العلماء و الفقهاء السالفين من رواد رسالةالتقريب من مختلف المذاهب  أمثال الشيخ عبد المجيد سليم و الشيخ محمد  المراغي  والشيخ مصطفى عبد الرازق  و الشيخ حسن البنا و الشيخ شلتوت و الشيخ محمد الغزالي   . و في الجهة الثانية المرجع الكبير السيد محمد حسين البروجردي و السيد عبد الحسين شرف الدين و السيد محسن الأمين العاملي و  الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء  و الشيخ مرتضى آل ياسين و الشيخ محمد جواد مغنيةو الشيخ محمد تقي القمي   . اننا نستغرب  صدور مثل هذه المفارقات من بعض المنتسبينللأزهر و مؤسساته في هذه المرحلة الدقيقة و التي لم تصدر من هذه المؤسسة  العريقةحتى في أشد الفترات السياسية  ظلامية كما في عهد الرئيسين السابقين 

3 – من المفارقات العجيبة ما يتردد على ألسنة بعضالمتحدثين باسم الازهر أو المؤيدين لمواقفه  وخطواته  الأخيرة ، بان الأزهر يحترمالمذهب الشيعي الإمامي و يدرس فقهه ضمن الفقه المقارن  مستذكرين الفتوى التاريخيةللشيخ الأكبر الراحل شلتوت .  و لكن  السؤال الذي يرد هنا- و مع التأكيد بأنا لسنامن مؤيدي نشر المذاهب  و الأديان  في غير مجتمعاتها  –  هو اذا كان المذهب الإماميالإثني عشري  معتبرا يجوز التعبد به كسائر المذاهب المسلمة  ، فلم كل هذه الحساسية  و الاستنفار من نشر بعض أفكاره و آرائه  أو التحول اليه  و كأن من يفعل ذلك ينشركفرا و فجورا و فسقا أو يرتد عن الدين  ؟  كما  نتساءل من  الذين  يبررون  البرامج  والحملات المضادة  الممنهجة التي اتخذتها بعض المؤسسات و الباحثين المنتسبينللأزهر  بحسبانها دفعا لعدوان وقع عليه  ،   ما هو موقفهم حيال  الكتب و المطبوعاتالتي تروج ضد المذهب الشيعي من  قبل المؤسسات الرسمية و شبه الرسمية  مثل  ما يعرفبمراكز الدعوة و الجمعيات الشرعية  و أنصار السنة المحمدية  في بعضالعواصم العربية و الخليجية  كالقاهرة و غيرها  ؟ و ماهو موقفهم من الكتب والمنشورات التي توزع بشكل رسمي  سنويا في بعض المواسم الاسلامية الكبرى الجامعةللمسلمين و التي تتعرض لمعتقدات المسلمين الإمامية و الصوفية و كذا الأشعرية  و تنعتها بأوصاف الشركو البدعة و الضلال  ؟  ما هو الموقف من المناهج الدراسية و المقررات التعليمية  فيبعض الدول العربية – و على تفاوت – و التي ما فتئت  تتعرض بشكل سلبي  لمعتقداتالمسلمين الشيعة و تاريخهم  و تغذي الأجيال المسلمة بثقافة التنفير و التبديع والتضليل ضدهم ؟ ما هو الموقف من المؤتمرات و الندوات التي تعقد في بعض العواصمالعربية  خصيصا لمواجهة  الفكر الشيعي و المد الرافضي   و ما الى ذلك ؟  ترىهل تسوغ هذه الحملات المضادة المستمرة   للطرف الآخر  أن يثير هو الآخر  معاركدينية و فكرية و سياسية و اعلامية  ضد معتقدات و أحكام و ممارسات بقية المذاهبالمسلمة ؟ 

ان تقديم الذرائع و التبريرات و التسويغات لمثل هذهالحملات المضادة الموجهة لأي مذهب  أو دين يعني و لو بشكل غير مباشر مباركة هذهالبرامج الساعية  – بقصد او غير قصد – الى  اشعال معارك طائفية مذهبية لا يجني أحدمنها غير الدمار و الخراب و التخلف و مزيدا من الضعف و التبعية للأعداء  . اننيأستذكر ما كتبه الأستاذ هويدي نفسه في مقاله المنشور في15/7/2012 بعنوان ” ارهاصات الحرب المذهبية ” و الذي دق فيه ناقوس الخطر من حرب مذهبيةيراد اشعالها و ادخال المنطقة في أتونها . كما حلل  تصريح الرئيس محمد مرسي الذي أدلى به في ختامزيارته للمملكة العربية السعودية و الذي قال فيه :  ان مصر و السعودية حاميتانللاسلام الوسطي السني .  و اعتبره كاتبنا هويدي نشازا لأنه لم يسبق لهما – الدولتين – ان تحدثتا عن دورهما المشترك في حماية الاسلام السني . و أكد ان الاعتدال ليس مقتصرا على مذهب معين فقط .  و أشارالى خصومة  السعودية التي يهيمن فيها المذهب الوهابي  الشديدة و المريرة مع الشيعةمنذ القرن التاسع عشر ، على عكس مصر و الأزهر .  فعلى الرغم من الاختلافات معالمذهب الشيعي ، لكنها لم تتطور في مصر  الى خصومة أو عراك . و قال ” ان الاشارةتعطي انطباعا بأن مصر بصدد الدخول في استقطاب مذهبي تتجمع فيه دول السنة في مواجهةالشيعة ” و ختم مقاله بطرحه هذا السؤال : هل وقع الرئيس المرسي في الفخ برضاه أورغما عنه ؟  

  والواقع  لقد لاحظ المتابعون للشأن المصري ، و لعلالأستاذ هويدي منهم ، حدوث ما يشبه الانقلاب المفاجئ  في الفترة الأخيرة  فيالمواقف و التصريحات  لبعض المنتسبين الى المؤسسات الدينية و السياسية في مصر تجاهالعلاقة بين أبرز مذاهب المسلمين في العالم .  ان القارئ لما يكتبه بعضالمنتسبين الى مؤسسات الأزهر و عبر مجلتها ، يخيل اليه بأن هناك خصومة و عراكامذهبيين عميقين ضاربين بجذورهما في الأرض و الانسان  بين السنة و الشيعة في مصر .  ان ما نخشاه ان يدرك القائمون على المؤسسات الدينية و الفكرية في بلاد العرب والمسلمين بعد فوات الأوان بأنهم وقعوا في شرك نصبه لهم الساسة المنتفعون من افتعالالأزمات و بمشاركة بعض الانتهازيين من الباحثين المعروفين بالتقلب الفكريالمستمر  طيلة حياتهم . و عندها لن ينفع السؤال : ترى هل وقع هؤلاء المشايخ الطيبون  في الفخ برضاهم أو رغما عنهم ؟

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً