أحدث المقالات

ـ القسم الأوّل ـ

د. مصطفى كريمي(*)

ترجمة: وسيم حيدر

الخلاصة

إن القرآن الكريم هو الوحي السماوي الخالد الذي نزل على قلب رسول الله محمد بن عبد الله‘، ليمثِّل المرحلة والحلقة الأخيرة من المشروع الإلهي لهداية البشرية، وبالتالي فإنه ـ كما تشير بعض الآيات والروايات ـ يتمتع بسعة وشمولية موضوعية أكبر بالمقارنة إلى سائر الكتب السماوية الأخرى. إن هذه الحقيقة التي يتمّ التعبير عنها بمصطلح «شمولية القرآن»؛ بسبب الدور الفذّ الذي يلعبه القرآن في حياة المسلمين، قد حظي باهتمام العلماء والباحثين على الدوام. وبعد قيام الدولة الإسلامية في إيران على أساس قوانين الإسلام والقرآن اكتسب البحث المطروح بين العلماء والمفكرين في قطرنا جدّية أكبر. ومن هؤلاء العلماء والمفكرين الأستاذ محمد هادي معرفت&، حيث أبدى اهتماماً بهذه المسألة، وذهب إلى الاعتقاد بأن شمولية القرآن تقتصر على جانب أصول وفروع الشريعة فقط.

 

المقدّمة

إن نصّ الرسالة السماوية وجوهر خطاب كل نبي إنما يتناغم مع الحجم والظرفية الوجودية للمتلقي. وبالالتفات إلى حقيقة أن النبي الأكرم‘ هو أكمل إنسان وأفضل نبيّ على وجه الأرض، وأن شريعته تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة المشروع الإلهي لهداية الإنسان، يكون القرآن الكريم بالقياس إلى سائر الكتب السماوية الأخرى أكثرها شمولية. وقد قال الله تعالى في بيان أفضلية القرآن الكريم على سائر الكتب السماوية الأخرى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ (المائدة: 48).

وقال النبي الأكرم‘ في بيان ما اختصّه به الله تعالى من بين سائر الأنبياء: «أوتيتُ جوامع الكلم»([1]).

وقال الشيخ معرفت& في بيان جامعية القرآن الكريم وشموليته: «لا شَكَّ في أننا نقرّ بشمولية القرآن الكريم، فقد قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (المائدة: 3)، ومعنى الكمال يوحي بأن الإسلام، وعلى رأسه القرآن، قد اشتمل على جميع ما يحتاج إليه الإنسان بشكلٍ كامل»([2]).

 

1ـ مباحث عامة

أـ المفهوم والمعنى

إن من الأمور الضرورية والجوهرية في البحث العلمي وتبادل الأفكار إيضاح معاني المفردات والمفاهيم الأساسية المستعملة في البحث([3])؛ إذ إن لبعض المفردات الكثير من المعاني والاستعمالات اللغوية والعرفية أو الاصطلاحية([4]). إن البحث في بيان المراد الدقيق من الألفاظ المحورية في البحث، بالإضافة إلى أنه يساعد على الابتعاد عن الوقوع في الخطأ والوصول إلى الواقع، يساعد أيضاً على نقد ودراسة الآراء الأخرى أيضاً. وعليه فإننا قبل كل شيء نخوض في بيان المفهوم والمراد من شمولية رقعة القرآن الكريم.

إن «الجامعية» التي يتمّ التعبير عنها في اللغة العربية بـ «الشمولية» أيضاً، والمساحة والرقعة التي تعني لغةً دائرة وحدود الحكم وممارسة السلطة([5])، قد تستعمل أحياناً بمعنىً واحد، في حين أن هناك فرقاً بينهما. فالمراد من الجامعية توضيح ما هي الأمور التي عمد القرآن الكريم إلى بيانها بالتفصيل، والمراد من الرقعة والمساحة بيان ما هي المسائل الواردة في القرآن الكريم، وإنْ على نحو الإجمال.

إن القرآن الكريم، وهو المعجزة الإلهية الخالدة والكتاب السماوي، كما نؤمن به نحن كمسلمين، غنيٌّ عن التعريف. ولكنْ لا بُدَّ مع ذلك من التنويه إلى أن المراد من القرآن الكريم في هذا البحث ـ مضافاً إلى الظاهر ـ ما يشمل باطن القرآن أيضاً، والذي تمَّت الإشارة له في الكثير من الروايات([6]). ومن ذلك ما رُوي عن النبي الأكرم‘ أنه قال: «ما في القرآن آيةٌ إلا ولها ظهر وبطن»([7]).

ويُستفاد من بعض الروايات الأخرى أن للقرآن الكريم بطوناً متعدّدة. فعلى سبيل المثال: روى جابر الجعفي عن الإمام الباقر× أنه قال: «إن للقرآن بطناً، وللبطن بطن، وله ظهر، وللظهر ظهر»([8]).

ليس في القرآن الكريم تصريح بوجود بطون للآيات. بَيْدَ أن الآية 7 من سورة آل عمران بضمّها إلى بعض الروايات الأخرى سوف تدلّ على هذا الأمر. فمثلاً: روي عن الإمام الباقر×، في تفسير الرواية السابقة، عن النبيّ محمد‘، أنه قال: «ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما مضى، ومنه ما لم يكن، يجري كما تجري الشمس والقمر»([9]).

فقد ورد في هذه الرواية تفسير بطن القرآن بالتأويل، وهو ما أشارت له الآية 7 من سورة آل عمران.

يعمد الأستاذ معرفت؛ بالنظر إلى هذه الرواية وبعض الروايات الأخرى ـ ضمن التأكيد على وجود بطن للقرآن الكريم ـ، إلى تقديم رؤيةٍ خاصّة في باب التأويل والبطن. فهو يرى أن البطن هو نفس تأويل القرآن، ويرى أنه المدلول الالتزامي والفحوى العام والقاعدة العامّة للآية، ويتمّ التوصل إليه ـ بعد إلغاء الخصوصية ـ من ظاهر الآية.

فعلى سبيل المثال: إن ظاهر الآية الشريفة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: 43) هو مورد المشركين وأهل الكتاب، حيث يأمرهم بأخذ الوحي من أهل الكتاب الذين يعلمون حكم هذه المسألة([10]). بَيْدَ أن الخطاب العام لهذه الآية الشريفة عبارةٌ عن قاعدة عامة، وهي «رجوع الجاهل إلى العالم»، وهو أمرٌ يشمل جميع الأزمنة، حيث يرجع عموم الناس إلى العالم والمتخصِّص([11]). ومن هذا الباب الروايات التي تفيد أن أهل البيت^ هم أهل الذكر([12]). إن هذه الروايات تبيِّن المصداق الأكمل، لا أن أهل الذكر ينحصرون بهذه الوجودات المقدَّسة، ويتمّ إرجاع المشركين إلى أهل بيت النبي‘؛ لأنهم كانوا يعادونهم([13]).

إن إدخال باطن القرآن في حدود ورقعة البحث، بالإضافة إلى ظاهره، بالإضافة إلى جميع المعارف المكتشفة وغير المكتشفة في القرآن، يساعدنا في الوصول إلى رقعة وحدود القرآن الكريم؛ إذ من خلال هذه الفرضية الاستفادة من الروايات التي تبيّن حدود ومساحة القرآن الكريم من خلال الاستفادة من بطون القرآن، ولا ينبغي رفع اليد عن ذلك لمجرّد عدم ورود هذه الرقعة والمساحة في ظاهر القرآن، وعدم اكتشافها حتى الآن.

 

ب ـ الجذور التاريخية

إن الدور الفذّ للقرآن الكريم في حياة المسلمين من جهةٍ، وإشارة الآيات والروايات إلى سعة موضوعات القرآن الكريم من جهةٍ أخرى، قد استوجب أن تحظى مسألة رقعة القرآن ومساحته باهتمام المتدينين والمفكرين على نحوٍ مستمر؛ إذ الإنسان من ناحيةٍ باحثٌ عن الحقيقة، ويروم التعرّف على الأمور المتعلقة به بشكل دقيق، ويسعى من ناحيةٍ أخرى إلى توظيف كل شيء في مسار التكامل والوصول إلى أهدافه بشكل صحيح. وعلى الرغم من ذلك لم ترِدْ في المصادر الروائية الإسلامية([14]) ومؤلفات المفكرين المتقدمين من المسلمين في مجال رقعة القرآن ومساحته سوى بعض المسائل المتفرّقة، كالذي تمّ بحثه في مجال الإعجاز، تحت عنوان الإعجاز المضموني والتشريعي في القرآن الكريم([15]). وقد عمد الشيخ معرفت& إلى بحث إعجاز القرآن في الجزء الخامس من كتاب «التمهيد في علوم القرآن»، وكذلك البحوث التفسيرية التي تعرّض لها المفسرون على هامش الآيات المرتبطة بجامعية القرآن الكريم وشموليته([16]). إن هذه المسألة ـ ولا سيَّما البحث عن الأساليب، وقابلية النصوص الدينية على تحديد رقعة ومساحة القرآن ـ ضرورية للأجيال المعاصرة في ظل الارتباط والتعاطي الثقافي مع سائر المجتمعات العلمية الأخرى. وربما كان سبب ذلك أن المطروح حالياً من مسألة رقعة الدين بشكلٍ عام، ومساحة الوحي ـ بوصفه المصدر الرئيس للدين ـ بشكلٍ خاص، إنما هو لحلّ التعارض القائم بين العلم والدين، وكذلك بين العقل والوحي. وإن هذه المسألة لم يتمّ طرحها بهذه الصيغة في المجتمعات الإسلامية، خلافاً للأديان السماوية في المجتمعات الأخرى([17])؛ إذ إن الدين الإسلامي ومصادره ـ وخاصّة القرآن الكريم ـ يتصف بالجامعية والشمولية، ويدعو إلى توظيف العقل والعلم، ويرى أن كلاًّ من العقل والشرع يكمّل بعضهما بعضاً، هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فإن عدد المسائل التي تتناول تعارض العلم والدين والعقل والوحي في المجتمعات الإسلامية لم تكن من القوّة والكثرة ـ كما هي اليوم ـ بحيث توسع من رقعة المصادر الدينية، ومن بينها: القرآن الكريم، كما لم تكن العلوم التجريبية من السعة والدقة بحيث يمكن لها أن تبدي رأياً بشأن بعض مناحي الوحي السماوي([18])، كي يتصدّى العلماء للحصول على مساحة القرآن والموارد المشتركة بين العلم والوحي، ويعملوا بشكلٍ وآخر على حلّ هذا التعارض([19]).

وبعد تشكيل الدولة الإسلامية في إيران على أساس قوانين الإسلام والقرآن جرى الحديث عن بيان رقعة ومساحة الإسلام والقرآن الكريم على الألسن([20]) والأقلام([21]) في الأوساط والأروقة العلمية في قطرنا. وكان للأستاذ معرفت& بدوره اهتمامٌ خاصّ بهذه المسألة، وكتب فيها مطالب قيّمة([22])، وقام بتدوينها في مؤلفاته([23]).

 

ج ـ منهج الكشف عن جامعية القرآن

إن الوصولَ إلى تحديد الرقعة والمساحة الدقيقة للقرآن الكريم رهنٌ بتوظيف منهج صحيح، وإن جميع فوائد تحديد رقعة القرآن تترتب على تحديد المنهج الناجع في هذا الإطار.

وإن المناهج المطروحة لتحديد هذه رقعة ومساحة القرآن الكريم عبارةٌ عن:

أوّلاً: منهج ما وراء النصّ، وهو الذي يحصل من خلال المقارنات التجريبية والتاريخية والعقلية، من قبيل:

أـ منهج تحديد ما يتوقع من الدين والقرآن، من طريق دراسة حاجة الإنسان وتوقّعاته من القرآن الكريم([24]).

ب ـ منهج البسط التاريخي للقرآن، من طريق دراسة التراث ودور القرآن في المجتمعات الإسلامية([25]).

بعد أن رأى الأستاذ علي عبد الرزاق أن أغلب الحكام المسلمين الذين حكموا باسم الإسلام والقرآن كانوا من الظلمة وأهل الجور، وأن أغلب الحكومات الإسلامية لم تحقِّق نجاحاً يذكر، توصّل إلى نتيجة مفادها أن القرآن لم يقدم أطروحة أو نظرية في باب الحكم، حيث قال: «لا تجد فيه (القرآن) ذكراً لتلك الإمامة العامّة والخلافة»([26]).

ج ـ المنهج العقلي، من طريق بيان أسباب حاجة الإنسان إلى الوحي الذي جاء به الحكماء([27]) والعرفاء([28]) والمتكلِّمون([29]).

إن المنهجين والأسلوبين الأولين خارجين عن النص، ونتيجتهما ضيق مساحة القرآن الكريم في الوصول إلى رقعته؛ إذ في منهج توقع البشر من الدين قام الادعاء على أن القرآن يجيب عن الحاجات الحصرية، ومن خلال تشخيص جميع الحاجات الأصيلة للإنسان، من طريق الديموغرافيا التجريبية، وإحصاء الحاجات التي تمّت تلبيتها بواسطة العلم البشري، يمكن الوصول إلى رقعة القرآن الكريم. وسوف نرى أن الأستاذ معرفت& لا يرتضي انحصار رقعة القرآن في الحاجات الانحصارية. يُضاف إلى ذلك أنه بالالتفات إلى اشتمال الوجود الإنساني على بُعْدين (الروح والجسد)، وكون حياته ذات نشأتين (دنيوية وأخروية)، فأوّلاً: لا يمكن للديموغرافية التجريبية تحديد جميع الحاجات الإنسانية. وثانياً: إن تلبية العلوم البشرية لحاجات الإنسان قد لا تصبّ في مسار كمال الإنسانية. إن أسلوب التجربة التاريخية للقرآن الكريم غير صحيح؛ لأن ما هو البارز في المجتمع هو فهم الأفراد للقرآن الذي يتمّ تطبيقه والعمل به. وباستثناء فترةٍ قصيرة بعد هجرة النبي الأكرم‘ إلى المدينة المنوّرة([30]) لم يتمّ الحصول على فهم صحيح للقرآن الكريم من خلال تطبيقه العملي على يد معصومٍ ينقاد له الناس انقياداً كاملاً. ولا يمكن القول بتحقُّق التجربة التاريخية المعبِّرة عن قدرة القرآن، فيما لو تحققت هذه الشروط الثلاثة بشكلٍ كامل، وتمّ الحصول على فهم صحيح للقرآن على يد إنسانٍ معصوم من خلال تطبيقه على المجتمع بموافقة من الناس.

إن المنهج والأسلوب الثالث غير مكتمل أيضاً؛ إذ ليس بمقدوره أن يحدِّد ذلك الجانب من البيان المشترك بين القرآن والعلم البشري الذي بيَّنه الله في القرآن من باب التفضّل والمنّة.

ثانياً: الأسلوب الداخلي للنصّ، حيث يتمّ ذلك من خلال الاستفادة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة، من قبيل:

أـ منهج دراسة الآيات والروايات المبيّنة لأهداف القرآن وأهداف ورقعة رسالة النبي الأكرم‘.

ب ـ دراسة الآيات والروايات المرتبطة برقعة القرآن الكريم.

ج ـ الدراسة الاستقرائية لجميع آيات القرآن.

ثالثاً: الأسلوب التلفيقي، وهو الأسلوب الذي يجمع بين الأسلوبين السابقين.

وكما تقدَّم فإنه لا شيء من الأساليب من خارج النصّ يمكنه لوحده أن يكون كافياً لتعيين رقعة القرآن الكريم بشكلٍ دقيق. وإن أفضل الأساليب في ذلك هو الرجوع إلى نفس القرآن الكريم والاستفادة من آياته؛ لأن القرآن الكريم، الذي وصف نفسه بأنه نور([31])، وأنه طريق هداية([32])، وأنه بيان لكلّ شيء([33])، لا شَكَّ في أنه يبيّن مساحته ورقعته وحدوده أيضاً. وعلى هذا الأساس يمكن من خلال اتباع المنهج والأسلوب الداخلي للنصّ، ودراسة الآيات والروايات المبيّنة لحدود رقعة القرآن، وكذلك الدراسة الاستقرائية لجميع الآيات، يمكن الوصول إلى المساحة والرقعة الدقيقة للقرآن الكريم. وحيث إن الدراسة الاستقرائية للقرآن تحتاج إلى فترة طويلة جدّاً عمد الأستاذ معرفت& ـ في الوصول إلى جامعية وشمولية القرآن الكريم ـ إلى الاستفادة من الأسلوب الداخلي للنصّ، ودراسة الآيات المرتبطة بجامعية القرآن، والمبيّنة لبعض أوصافه. وبطبيعة الحال فقد تمّت الاستفادة في تفسير هذه الآيات من القرائن العقلية، ومن بينها: أهداف القرآن الكريم أيضاً.

هناك مَنْ تصوّر خطأً أن العبارات تفتقر إلى المعاني([34])، وأن التوقعات والمشارب هي التي تعمل على توجيه المفسِّر([35])، إذن لا يمكن الحصول على تحديد رقعة القرآن الكريم من خلال الرجوع إلى نفس القرآن([36]).

والدليل على عدم صحة مثل هذا الكلام أولاً: إن كل نصٍّ لغوي ـ ومن جملة ذلك: النصوص الوحيانية ـ يحتوي على سلسلة من العبارات والجمل المتصلة ببعضها، ويشتمل على معانٍ ظاهرية (دلالة تصورية)([37])، ومعانٍ واقعية (دلالة تصديقية)([38]) متعيّنة ونهائية، هي التي يريدها المتكلِّم وصاحب النصّ، وهي أجنبية وخارجة عن ذهن المفسّر؛ إذ إن مسألة وضع المفردات للمعاني كان هو المطروح، وإن اللغة ظاهرة اجتماعية وليست شخصية. والمعنى معيّن في مقام الاستعمال، وله تعيّن في مقام الدلالة أيضاً؛ إذ في غير هذه الحالة لا يمكن أن يحصل تفهيم أو تفاهم.

وثانياً: إن تأثير التوقعات في فهم القرآن ليس كلّياً، ولا دائمياً، ويمكن بل يجب السعي إلى عدم السماح لهذه التوقُّعات أن تؤثر في التفسير([39]).

 

د ـ الآراء

تقدّم أن مسألة رقعة القرآن وجامعيته كانت ولا تزال محطّ اهتمام المفكّرين والعلماء المسلمين والمفسرين على الدوام. وباستثناء النزر القليل من المحققين، فقد ذهب أغلب المفكرين والمنظرين إلى الاستفادة من الأسلوب الذي يعتمد النصّ في الوصول إلى تحديد رقعة القرآن ومساحته. وقد كانت هذه المسألة مطروحة في تفسير الآيات المرتبطة بجامعية القرآن، ولا سيَّما قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89)، وتمّ تقديم مختلف الآراء والتفاسير بشأنها.

ويمكن تقسيم أصحاب الآراء بشأن هذه المسألة إلى عدّة أقسام:

أـ القسم الذي قبل بإطلاق الآية بنحوٍ من الأنحاء. وقد قدَّم هؤلاء آراء متنوّعة في هذا الشأن، ومنها:

1ـ إن ظاهر إطلاق الآية هو المراد، بمعنى أن القرآن الكريم يشتمل على جميع الأحكام والمعارف والعلوم، ومنه تنشعَّب علوم الأولين والآخرين([40]). قال ابن مسعود: «أنزل في هذا القرآن كل علم، وكل شيء قد تبيّن لنا في القرآن، قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89)»([41]).

2ـ إن القرآن الكريم يدلّ على كل شيء بالإشارات. إن القرآن قد طرح الأمور المرتبطة بالهداية بالدلالة اللفظية؛ لأنه كتاب هداية، ومن الممكن أن يدل على كل شيء بالإشارات أو الأمور الأخرى([42]).

3ـ إن القرآن الكريم من خلال اشتماله على الباطن ـ كما أشير له في الكثير من الروايات، وبعضها صحيحٌ([43]) ـ يمثل بياناً لكل شيء، غاية ما هنالك أن العاديين من الناس؛ لوجود الحجب وعدم كفاءتهم، لا يستطيعون الوصول إلى معرفة جميع الأمور الموجودة في باطن القرآن([44])، ولا يدرك ذلك إلاّ النبيّ الأكرم‘ والأئمة من أهل البيت^. كما تحدث ظاهر القرآن بشأن الدنيا والآخرة، وفي الأحكام والأخلاق والمعارف.

4ـ إن القرآن بيان لكل شيء على نحو الإجمال، والتفصيل يقع على عاتق النبي الأكرم‘ والأئمة من أهل البيت^([45]). وهذا هو الرأي الذي ذهب إليه كبار من العلماء، من أمثال: الطوسي والزمخشري.

ب ـ ذهب جمعٌ من المفسِّرين وعلماء المسلمين إلى رفض إطلاق الآيات، وعملوا على تقييدها بنحوٍ من الأنحاء. وقد أبدى هؤلاء آراء مختلفة أيضاً:

1ـ إن رقعة القرآن ترتبط بالأحكام الدينية، أي الحلال والحرام والأوامر والنواهي الإلهية. وقد نسب هذا الرأي إلى ابن عباس أيضاً([46]).

2ـ تقتصر جامعية القرآن على بيان الأمور المرتبطة بالهداية. وهذا الرأي هو الذي ذهب إليه أكثر المفسرين والمنظرين المعاصرين وبعض المفسرين المتقدّمين في مجال مساحة الأحكام ومعارف القرآن([47]).

ج ـ هناك مَنْ استفاد من الأسلوب الخارج عن النص، وبذلك يضيِّق من رقعة ومساحة القرآن الكريم، ويراه في حدّه الأدنى، على حدِّ تعبيره([48]).

وقد ذهب الأستاذ معرفت&، مثل أكثر المفكرين المعاصرين، إلى القول بجامعية القرآن الكريم في بيان الشؤون الدينية، وقال بأن الأصول والمعارف والأحكام والتشريعات موجودة في الدين بشكلٍ كامل، ولم يرِدْ في القرآن الكريم منها سوى رؤوس الأقلام وأصولها.

 

2ـ الأدلّة والشواهد على جامعية القرآن الكريم

على الرغم من أن الأستاذ معرفت& قد تحدّث في الغالب عن نقد الرأي القائل بأن القرآن يشتمل على بيان جميع الأمور، وقلَّما استدل لإثبات رؤيته، بَيْدَ أن التنقيب والبحث في كلماته وكتاباته يثبت أنه قد استفاد في هذا الشأن من كلا الأسلوبين (أي الأسلوب الذي يعتمد على الأدلة المستقاة من خارج النصّ، والأدلة الموجودة في داخل النصّ، والمتمثِّلة بالآيات والروايات).

 

أـ الأدلة من خارج النصّ

لقد استند الأستاذ معرفت في البحث عن جامعية القرآن إلى شأن القرآن الكريم، مضافاً إلى آيات القرآن الكريم، ومال إلى الاعتقاد بأن شأن القرآن لا يكمن في التدخل في الأمور المرتبطة باختراعات واكتشافات الإنسان؛ لأن الله سبحانه قد خلق الإنسان ومنحه عقلاً وفكراً يؤهِّله لاكتشاف جميع حقائق الوجود. وأما وظيفة الشرع فهي أن يضع مشروعاً لتوجيه دفّة حياة الإنسان، وتوفير الأمن والسلام في ظلّ الهداية والتكامل. لقد جاء الإسلام لكي يعدّل الحياة، ويجعل من الإنسان كائناً معتدلاً، لا يميل نحو الإفراط والتفريط، وأن لا يطغى ويعتدي على حقوق الآخرين، وأن يبني حياةً سعيدة له وللآخرين؛ ليكون ذلك مقدّمة لسعادته في الحياة الآخرة. وهذا رهنٌ بالحياة السليمة، وبسط العدل على المجتمع، وتجنّب الظلم والجور. ولذلك يعمل القرآن والإسلام على وضع الأحكام والتشريعات في هذا السياق. وعليه فإن وظيفة الدين والقرآن تكمن في بيان الأمور المتعلقة بشؤون الحياة المادية للإنسان([49]).

ب ـ الأدلة والشواهد من داخل النصّ

هناك طائفتان من الآيات يؤتى على ذكرها بوصفها شاهداً على جامعية القرآن وشموليته:

الأولى: الآيات التي تبيّن بعض أوصاف القرآن.

الثانية: الآيات التي تشير إلى رقعة القرآن ومساحته.

 

1ـ الآيات المبيّنة لأوصاف القرآن

إن من الأدلة والشواهد التي يمكن توظيفها في بحث جامعية القرآن الكريم هي الشواهد والأدلة التي تبيّن بعض خصائص القرآن الكريم والإسلام.

وهذه الخصائص عبارة عن:

أـ العالمية: إن الآيات القرآنية([50])، والروايات([51]) الشريفة، وسيرة النبيّ الأكرم‘([52])، تدلّ على أن رسالة القرآن الكريم لم تكن خاصّة بمجموعة معيّنة من الناس، أو رقعة جغرافية بعينها، بل هي عالمية، ومنحة إلهية لجميع أفراد الإنسانية. وإن لازم كون القرآن الكريم عالمياً أن يكون مشتملاً على ما يناسب حاجة الأمم المتحضِّرة التي تفوق حاجة المجتمع في شبه الجزيرة العربية، ولديها من العلوم والمعارف ما يفوق علوم المجتمع الذي كان في غالبيته مجتمعاً أمّياً. وعليه فإن هذا الأمر يمثل شاهداً آخر على سعة رقعة القرآن الكريم وجامعيته.

ب ـ الخلود: إن من خصائص القرآن الكريم ـ طبقاً لبيان الآيات([53]) والروايات([54]) ـ أنه قد جاء بمشروع هدايةٍ وحياة لجميع البشرية على طول العصور. وعليه لا بُدَّ أن يكون لدى القرآن ما يقوله لجميع الناس في مختلف العصور؛ إذ من الممكن أن لا تكون لدى مجتمع عصر النزول مسألة توقّفت عليها سعادتهم في الدنيا والآخرة، ولكن المجتمعات اللاحقة؛ حيث تعيش حياة أكثر تعقيداً، تكون تلك المسألة على درجةٍ كبيرة من الأهمية، وبالتالي فإنها تحتاج إلى مسائل وتشريعات أكثر تعقيداً، أو إن الناس في تلك الأزمنة يحتاجون إلى هدايةٍ على مستويات أكبر.

ج ـ الكمال: يرى الأستاذ معرفت أن كمال الدين الإسلامي، وعلى رأسه القرآن، دليلٌ على جامعية وشمولية القرآن الكريم([55]). قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ (المائدة: 3)([56]).

لقد أنزل الله سبحانه وتعالى في مختلف المراحل الزمنية ـ بناءً على ما تقتضيه المصالح والظروف، وبما يتناسب واستعداد الناس ـ مجموعةً من الأحكام والتعاليم والمعارف على الأنبياء وحياً؛ ليقوموا بنقلها إلى الناس([57]). وقد كان مضمون الوحي الإلهي النازل على الأنبياء يأخذ على الدوام مساراً تصاعدياً تكاملياً، وكان الكتاب السماوي اللاحق أكمل من الكتب السماوية السابقة. ومن هنا فإنه على الرغم من اشتراك الوحي وشرائع الأنبياء في الأصول، هناك اختلافٌ بينها في بعض المسائل الفرعية بحَسَب مقتضيات الزمان وخصائص المحيط والأمم([58]) من حيث الاستعداد ومستوى التعاليم.

ومضافاً إلى أدلة كمال الإسلام الدالّة على كمال القرآن الكريم أيضاً([59])، هناك شواهد وأدلة على أن القرآن الكريم يتصف بكونه هو الأكمل والأتم بالقياس إلى الكتب السماوية الأخرى؛ أوّلاً: لأن النبي الأكرم‘ ـ على ما سبق ذكره ـ هو آخر أنبياء الله، وبالتالي فإن القرآن الكريم يمثِّل المرحلة الأخيرة من مراحل وحي الله، وهو الرسالة الخالدة لهذه الأمة ولجميع الأمم القادمة؛ وثانياً: إن الأمة الإسلامية أكمل من الأمم السابقة، وبالتالي لا بُدَّ أن يكون الكتاب السماوي لهذه الأمة هو أكمل مرحلة في المشروع الإلهي. وعلى هذا الأساس فإن القرآن الكريم يتناسب مع كمالات وشأن الأمّة في آخر الزمان. وقد قال تعالى في بيان هذا الشأن([60]): ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ (الأنبياء: 10).

كما يدلّ كمال القرآن الكريم على سعة مساحته ورقعته؛ إذ يجدر بالوحي الإلهي الكامل أن يشتمل على جميع الأمور المرتبطة بسعادة الناس جميعاً([61]).

د ـ حكومة القرآن الكريم على سائر الكتب السماوية الأخرى: لقد وصف القرآن الكريم نفسه بأنه الحاكم والمهيمن على جميع الكتب السماوية الأخرى، وذلك إذ يقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ (المائدة: 48).

يستنتج الأستاذ معرفت& من هذه الآية الشريفة أن الإسلام هو آخر الأديان، وأكمل الشرائع السماوية، وأن القرآن الكريم هو الوحي الإلهي الأكمل والأتمّ([62]). إن هذه المسألة قد تمّ إنزالها على النبي الأكرم من باب المنّة الإلهية على الناس، إذ أوحى إليه جميع محتوى الوحي النازل على الأنبياء من أولي العزم، وإن القرآن هو الأكمل والأشمل منها جميعاً([63]). قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ (الشورى: 13).

والنتيجة أن بعض صفات القرآن الكريم تدلّ على جامعيته وشموليته، من قبيل: عالمية القرآن، وخلوده، وكماله، وحاكميته وهيمنته على الكتب السماوية، وشمولية رقعته لجميع الأمم والعالمين. بَيْدَ أن الأستاذ معرفت يُشير إلى ضرورة البحث في المراد من جامعية وكمال القرآن الكريم([64]).

 

2ـ الآيات المبيِّنة لجامعية القرآن الكريم

إن الآيات التي يتمّ الاستناد إليها في إثبات جامعية القرآن الكريم عبارةٌ عن:

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 38)([65]).

﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام: 59)([66]).

﴿أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾ (الأنعام: 114)([67]).

﴿مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (يوسف: 111)([68]).

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: 89)([69]).

﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ للهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأسْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ (الرعد: 31)([70]).

﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (القصص: 49)([71]).

هناك بين المفسرين اختلاف بشأن ما إذا كانت الآيات 38 و59 و114 من سورة الأنعام، والآية 31 من سورة الرعد، هي مثل الآية 111 من سورة يوسف، والآية 89 من سورة النحل، في ارتباطها برقعة ومساحة بيان القرآن الكريم أم لا؟ ومنشأ هذا الاختلاف في ما يتعلق بالآيتين 38 و59 من سورة الأنعام يعود إلى الاختلاف في المراد من «الكتاب» فيهما، وهل هو القرآن الكريم أو اللوح المحفوظ وعلم الله؟ فإنْ كان المراد منه هو القرآن الكريم تعلقتا بجامعية القرآن([72]).

وأما الاختلاف بشأن الآية 114 من سورة الأنعام فيعود إلى اعتبار كلمة «مفصَّلاً» بمعنى وضوح أحكام القرآن وتعاليمه وعدم اختلاطها([73])، أم نذهب في تفسيرها إلى ما ذهب إليه الشيخ الطبرسي بالقول: إنها تعني جميع ما يحتاج إليه البشر([74])، وفي هذه الحالة سيكون مضمون هذه الآية هو ذات مضمون الآية 89 من سورة النحل، والآية 111 من سورة يوسف.

والاختلاف بشأن الآية 31 من سورة الرعد يعود سببه إلى أن البعض يعتقد بأن في ذيل الآية دلالة على أن القرآن حتّى لو نزل بهذه الخصيصة فإنهم مع ذلك لن يؤمنوا، لا أن هذه القرآن يتصف بهذ الخصوصية فعلاً([75]). وحيث إن الآية 49 من سورة القصص تتحدى بالإتيان بكتاب أهدى من القرآن يكون هذا الشرط دالاًّ على جامعية القرآن؛ لأن لازم كون الكتاب هو الأهدى أن يكون هو الأجمع.

وأما في ما يتعلَّق بالآية 89 من سورة النحل، والآية 111 من سورة يوسف، فهناك إجماع على أنهما تتعلقان برقعة ومساحة بيانات القرآن الكريم.

لم يبحث الأستاذ معرفت& إلاّ في الآية 111 من سورة يوسف، والآية 89 من سورة النحل، حيث ذهب إلى القول بأن الآية 89 من سورة النحل تتعلق بالبيان الشامل لأحكام الشريعة، فهي بصدد إتمام الحجّة على الكافرين، حيث يؤتى في يوم القيامة بكل نبي ليكون شاهداً على أعمال أمته، ويأتي النبي الأكرم محمد‘ ليكون بدوره شاهداً على هذه الأمّة أيضاً؛ لأن الكتاب والشريعة التي نزلت عليه كانت هي الأكمل، والقرآن قد اشتمل على بيان كل شيء: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: 89).

أي إننا لم نترك في هذا الكتاب نقصاً في بيان الوظائف والتكاليف الشرعية؛ ليكون كتاب هداية ورحمة وبشارة للمسلمين.

وبملاحظة شأن نزول هذه الآية والمخاطبين بها، وكذلك بدايتها ونهايتها، يتضح أن المراد من ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ هو الشمولية والجامعية لأحكام الشرع.

إن شعاع الدائرة المفهومية لكل كلام يتحدّد في الأساس من خلال ملاحظة الموقع الذي يلقي فيه المتكلم ذلك الكلام. فعندما يكون الله تعالى في مقام التشريع، ويستخدم مثل هذا التعبير بشأن الكتب والشرائع النازلة على الأنبياء، يكون هذا التعبير ناظراً إلى صرف جامعية وشمولية النواحي التشريعية! وهذا أمر عُرْفي، بمعنى أن هذا هو الذي يفهمه العرف من هذه الآية.

وهناك أيضاً رواية تقول: «عن الفضيل قال: قال لي أبو جعفر×: يا فضيل، عندنا كتاب عليّ، سبعون ذراعاً، ما على الأرض شيءٌ يحتاج إليه إلاّ وهو فيه، حتّى أرش الخدش»([76]). حيث تتحدّث هذه الرواية عن أرش الخدش، الذي هو من التعزيرات ومن الديات، بمعنى أن الشريعة قد بيّنت حتى هذا المقدار من الديات والتعزيرات المتمثِّلة بأرش الخدش، أي إن هذا الكتاب يشتمل على جميع ما يحتاج إليه الناس في شؤونهم الدينية.

كما تدل عبارة ﴿وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾، في الآية 111 من سورة يوسف، على جامعية القرآن في ما يتعلق بالهداية. وقد ورد ما يشبه هذا التعبير في وصف التوراة، والحال أننا لا نؤمن بأنها تشتمل على بيان كلّ شيء، حتّى ما كان من قبيل: الأحكام الضرورية؛ إذ لو كانت التوراة قد بيّنت تفصيل كل شيء لما كانت هناك حاجة إلى نزول كتابٍ سماوي آخر، في حين أنزل الله بعدها الإنجيل والقرآن الكريم([77]).

وعليه فإن الأستاذ معرفت يستفيد من آيات القرآن الكريم ليُثبت أن جامعية وشمولية القرآن الكريم إنما تتعلَّق بمجال الشريعة والأحكام.

ـ يتبع ـ

الهوامش

(*) عضو الهيئة العلميّة في مؤسَّسة الإمام الخمينيّ التعليميّة والتحقيقيّة.

([1]) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 16: 313، ح1.

([2])  محمد هادي معرفت، حوار حول شمولية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية «مفيد»: 5، سنة 1375هـ.ش.

([3]) إن أهمية تعريف المفردات عند العلماء والمفكرين بحيث ألفوا كتباً في هذا الشأن، ومن بينهم: ابن سينا، إذ ألَّف «كتاب الحدود». وقد قام الأستاذ محمد مهدي فولادوند بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الفارسية تحت عنوان: «حدود يا تعريفات». كما ألف علي بن محمد الجرجاني كتاب «التعريفات» أيضاً.

([4]) من قبيل: مفردة «العلم»، التي لها الكثير من المصطلحات المتنوعة والداعية إلى الاشتباه. انظر: صدر الدين الشيرازي، مفاتيح الغيب: 131 ـ 132 (ترجمه إلى الفارسية: محمد خواجوي)، حيث عمد إلى توضيح ثلاثين مفردة لها معنى قريب من معنى العلم، مع بيان اختلافها عن معنى العلم.

([5]) انظر: محمد معين، فرهنگ فارسي 2: 2720.

([6]) انظر: محمد بن الحسن الصفّار القمي، بصائر الدرجات: 212 ـ 216؛ أبو جعفر بن يعقوب الكليني الرازي، الأصول من الكافي، ج1، كتاب الحجة، باب «إنه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمة^، وإنهم يعلمون علمه كله»، ح1؛ محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 89، كتاب القرآن، باب «إن للقرآن ظهراً وبطناً، وإن علم كل شيء في القرآن، وإن علم ذلك كله عند الأئمة^، ولا يعلمه غيرهم إلاّ بتعليمهم». وإن عدد الروايات المبينة لوجود بطن للقرآن من الكثرة بحيث يمكن القول بتواترها المعنوي، الأمر الذي يجعلنا في غنى عن البحث بشأنها من الناحية السندية. انظر: محمد هادي معرفت، التفسير الأثري الجامع 1: 30 ـ 33.

ولمزيدٍ من الاطلاع حول روايات البطن انظر: معرفت، التفسير الأثري الجامع 1: 30 ـ 33.

([7]) الصفّار القمّي، بصائر الدرجات: 216، ح7.

([8]) تفسير العياشي 1: 12.

([9]) الصفار القمي، بصائر الدرجات: 216، ح7.

([10]) والسبب الذي يجعله يقول: اسألوا أهل الكتاب هو أنهم أولاً: يشاركون المشركين في عداوتهم للنبي الأكرم‘، ولذلك لا يمكنهم الكذب لصالح رسول الله؛ وثانياً: إن المشركين يرون أهل الكتاب أصحاب علم وثقافة، ويجلّونهم من هذه الناحية، وكانوا يستشيرونهم في الأمور؛ وثالثاً: كان أهل الكتاب يعتبرون المشركين أهدى من المسلمين، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً﴾ (النساء: 51). انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 14: 257.

([11]) انظر: معرفت، التفسير الأثري الجامع 1: 30 ـ 35.

([12]) انظر: الكليني، أصول الكافي، ج1، كتاب الحجة، باب «إن أهل الذكر… هم الأئمّة».

([13]) انظر: محمد باقر المجلسي، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول 2: 246 ـ 248؛ محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 14: 257.

([14]) سنذكر جانباً من تلك الروايات في البحث القادم إنْ شاء الله.

([15]) انظر: السيوطي، معترك الاقتران في إعجاز القرآن: 12 ـ 16؛ محمد حسين الطباطبائي، شيعه در إسلام «الشيعة في الإسلام» 1: 59 ـ 60.

([16]) انظر: الفيروزآبادي، تنوير المقياس عن تفسير ابن عباس: 229؛ محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 4: 244؛ 6: 209؛ محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 14: 90؛ الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 2: 353؛ 5 ـ 6: 586؛ جلال الدين السوطي، الإتقان في علوم القرآن 4: 33، النوع 65؛ أبو حامد الغزالي، جواهر القرآن: 8؛ أبو حيّان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير 6: 582؛ محمد بن محمد الزمخشري، الكشّاف في تفسير القرآن 2: 21 ـ 31، 481، 516؛ محيي الدين ابن عربي، رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن 2: 77 ـ 78.

([17]) إن البحث عن مساحة النصوص الوحيانية بين المفكرين من غير المسلمين، الذين أرادوا العثور على الصلة والارتباط بين العقل والوحي، وكذلك حلّ التعارض القائم بينهما، أقدم عهداً من بحثه بين علماء المسلمين. وهناك مَنْ رأى أن البحث في العلاقة بين العلم والدين من أعمق وأشهر أبحاث تاريخ التفكير البشري، حيث قالوا بأنها تمتدّ لعشرين قرناً من الزمن (انظر: آ. ج. آريري، علم ووحي أز نظر متفكّران إسلامي: 3). وهناك مَنْ يُرجع مسألة التعارض بين العلم البشري والدين في الغرب إلى ما قبل الإسلام، وأن فيلون الإسكندري اليهودي (30ق.م ـ 50م) قد سعى إلى المواءمة بين الفلسفة واليهودية. (انظر: أبو الفضل عزتي، رابطه دين وفلسفه: 26). ومن بين طرق حلّ التعارض القائم بين العقل والوحي في الغرب التشكيك في فرضيات التعارض، وذلك من خلال التفكيك بين رقعتها ومساحتها (انظر: أتين جيلسون، عقل ووحي در قرون وسطى: 61 ـ 62).

([18]) انظر: محمد تقي جعفري، فلسفه دين: 82 ـ 83.

([19]) في المرحلة الأولى من عصر الترجمة ـ القرن الهجري الثاني ـ، حيث دخول الفلسفة الإغريقية إلى المجتمعات الإسلامية، تمّ طرح مسألة تعارض الفلسفة والقرآن. وعمد بعض الفلاسفة المسلمين، من أمثال: «الكندي»(185 ـ 260هـ)، إلى طرح تأويل الآيات المعارضة للمعطيات الفلسفية؛ بغية حلّ هذا التعارض (انظر: حنا الفاخوري وخليل الحُرّ، تاريخ الفلسفة في الإسلام: 380). ثم قام العلماء بعده بجهود مماثلة. بَيْدَ أن الدراسة المنظمة والشاملة في هذا الشأن هي تلك التي قام بها ابن رشد، حيث طرح مسألة التناغم والانسجام بين الحكمة والشريعة في كتاب «فصل المقال في ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال»، وحظي كتابه هذا باهتمام المفكرين في العالم الغربي أيضاً (انظر: أبو الفضل عزّتي، رابطه دين وفلسفه: 26).

([20]) من قبيل: حوارات السيد أبو الفضل مير محمدي، في نشرة «نامه مفيد»، العدد 6: 4 ـ 22، سنة 1375هـ.ش؛ وحوار السيد محمد حسن المرعشي الشوشتري، مع نشرة «نامه مفيد»، العدد 7: 4 ـ 10، سنة 1375هـ.ش.

([21]) من قبيل: «جامعيت قرآن»، للسيد محمد علي إيازي؛ قلمرو شناسي، لكاتب هذا لمقال؛ قلمرو دين، لعبد الحسين خسروپناه؛ در آمدي بر قلمرو دين، لحسن علي بن علي أكبريان.

([22]) من قبيل: حوار معه في باب جامعية وشمولية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 4 ـ 22، سنة 1375هـ.ش؛ وحوار مع فصلية بيّنات، العدد 4: 5 ـ 20، السنة الحادية عشرة.

([23]) ومن بينها: محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 5: 12 ـ 26.

([24]) انظر: عبد الكريم سروش، «گفت وگوي زبان قرآن»، مجلة فرا راه، السنة الأولى، العدد 1: 12، شتاء عام 1377هـ.ش؛ عبد الكريم سروش، مديريت ومدارا: 128؛ كراسة انتظار ما أز دين: 22 (غير مطبوع).

([25]) انظر: علي عبد الرزاق، الإسلام وأصول الحكم: 120؛ عبد الكريم سروش، آزمون وعقيده، في «فربه تر أز آيديولوژي: 181 ـ 197؛ مجيد محمدي، سر به آسمان قدسي ودر گرو عرفي: 99.

([26]) المصدر السابق: 25. وهكذا الأمر بالنسبة إلى الصادق البلعيد، حيث ادعى أن القرآن بشكل عام يفتقر إلى البيان السياسي، فلم ترِدْ مفردة السياسة ومشتقاتها في القرآن ولو لمرّةٍ واحدة، كما لم ترِدْ كلمات من قبيل: الدولة والحكومة والسلطة والخلافة، وإنْ كانت مشتقاتها، من قبيل: الحكم والسلطان والخليفة، قد وردت في القرآن، ولكنها وردت ضمن مفاهيم مفتقرة إلى البُعْد السياسي. وهذا إنْ دلّ على شيءٍ فإنما يدل على أن القرآن في ذاته لم يتطرَّق إلى المجالات السياسية والاجتماعية. انظر: الصادق البلعيد، القرآن والتشريع: 233، نقلاً عن: مجلة تحقيقات إسلامي، السنة الرابعة عشرة، العددان 1، 2، والسنة الخامسة عشرة، العدد 1: 111.

([27]) انظر: أبو نصر محمد الفارابي، أنديشه هاي أهل مدينه فاضله: 351 ـ 353؛ ابن سينا، النجاة: 205 ـ 498؛ ابن سينا، الشفاء (الإلهيات): 441 ـ 443؛ صدر المتألهين، الشواهد الربوبية: 359 ـ 360 (تصحيح: السيد جلال الدين الآشتياني)؛ وانظر أيضاً: د. جواد مصلح، ترجمة وشرح الشواهد الربوبية: 491؛ محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 2: 13؛ محمد حسين الطباطبائي، شيعه در إسلام «الشيعة في الإسلام»: 80 ـ 83؛ الطباطبائي، مباحثي در وحي قرآن: 51 ـ 55.

([28]) انظر: اللاهيجي، گوهر مراد: 362 ـ 363؛ وانظر أيضاً: محيي الدين ابن العربي، نصّ النصوص في شرح فصوص الحكم: 148.

([29]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد: 152 ـ 163؛ السيد المرتضى، الذخيرة: 323.

([30]) وكانت نتيجة هذه الفترة القصيرة أن احتلّ المجتمع الإسلامي الصدارة بين أمم العالم على مدى قرون طويلة. يقرّ «جوستاف لوبون» ـ وهو من علماء الغرب ـ بالتقدم العلمي للمجتمعات الإسلامية على المجتمعات الغربية على مدى قرون، وقال في هذا الشأن: «طوال خمسة قرون أو ستة كانت الكتب الوحيدة التي تدرّس في الجامعات الأوروبية هي تلك التي ترجمت من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية. وقد رأى سرّ عظمة المسلمين في ظل العمل بتعاليم القرآن والشريعة الإسلامية. انظر: جوستاف لوبون، تمدن إسلام وعرب: 77؛ كما ذهب «ويل ديورانت» إلى اعتبار الإسلام هو المتقدم على العالم طوال خمسة قرون (من عام 81 إلى 591هـ)، من حيث القوّة والتنظيم وبسط السلطة وسطوة الدولة وتهذيب الأخلاق ومستوى الحياة. انظر: ويل ديورانت، تاريخ تمدُّن «قصة الحضارة» 4: 432.

([31]) ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ﴾ (المائدة: 15).

([32]) ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ (البقرة: 185).

([33]) ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89).

([34]) انظر: عبد الكريم سروش، قبض وبسط تئوريك شريعت: 294.

([35]) انظر: محمد مجتهد شبستري، هرمنوتيك كتاب وسنت: 45.

([36]) انظر: عبد الكريم سروش، قبض وبسط تئوريك شريعت: 268.

([37]) إن المراد من «المدلول التصوّري» هو المعنى الذي يحصل للقارئ أو السامع العالم بمعاني الكلام وقواعده الحاكمة على هيئته التركيبية عند مواجهة الكلام للوهلة الأولى، بالالتفات إلى معاني الألفاظ والقواعد الحاكمة على الهيئة والتركيبات والقرائن المتصلة بالكلام. وقد تمّ التعبير عن الدلالة التصورية بـ «المفاد الاستعمالي»، و«الظهور الابتدائي» أيضاً. انظر: عبد الكريم الحائري اليزدي، درر الفوائد 1 ـ 2: 359.

([38]) هناك مَنْ قسّم الدلالة إلى ثلاثة أقسام، وهي: 1ـ الدلالة التصوّرية، 2ـ الدلالة التصديقية، وهما قسمان: أحدهما: يمثل الإرادة الاستعمالية، والآخر: يمثل الإرادة الجدّية. انظر: محمد باقر الصدر، دروس في علم الأصول 1: 76.

([39]) انظر: مصطفى كريمي، قرآن وقلمرو شناسي دين: 180 ـ 219.

([40]) انظر: محيي الدين ابن عربي، رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن 2: 77 ـ 78؛ جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 4: 33 (النوع 65)؛ أبو حامد الغزالي، جواهر القرآن: 8. بَيْدَ أن الغزالي في إحياء العلوم ذهب إلى الاعتقاد بأن القرآن الكريم قد أشار إلى أصول وكليات العلوم فقط. انظر: أبو حامد الغزالي، إحياء العلوم 1: 289.

([41]) انظر: محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 14: 90.

([42]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، شيعه در إسلام «الشيعة في الإسلام» 12: 90.

([43]) انظر: الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 74 ـ 77.

([44]) انظر: محمد الصادقي، الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة 14: 448؛ محمود رجبي، معرفت، السنة الثانية، العدد 2: 10؛ صادق اللاريجاني، انتظار بشر أز دين: 157.

([45]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، تفسير الآية 89؛ الزمخشري، الكشاف في تفسير القرآن 2: 481، 516؛ محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 1: 60.

([46]) انظر: الفيروزآبادي، تنوير المقباس عن تفسير ابن عباس: 229. وإن لجلال الدين السيوطي رأياً شبيهاً بهذا الرأي أيضاً، انظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4: 589.

([47]) انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 5 ـ 6: 586؛ تفسير فخر الدين الرازي 2: 98؛ أبو حيّان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير 6: 582؛ محمود الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 8: 216؛ سيد قطب، في ظلال القرآن؛ رشيد رضا، المنار 7: 395؛ محمد بن طاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير 1: 253؛ محمد بن عبد الحقّ بن عطيّة، المحرّر الوجيز 3: 452؛ محمد تقي مصباح اليزدي، معارف قرآن (1 ـ 3)؛ ناصر مكارم الشيرازي وآخرون، تفسير نمونه «الأمثل في تفسير كتاب الله المنـزل» 11: 361. ولكنْ جاء في 10: 101: لقد اشتمل القرآن على كل ما يضمن سعادة الإنسان. وانظر أيضاً: محمد هادي معرفت، نامه مفيد، العدد 6: 5 ـ 7.

([48]) انظر: علي عبد الرزاق، الإسلام وأصول الحكم: 25؛ عبد الكريم سروش، گفت وگوي زبان قرآن، مجله فرا راه، السنة الأولى، العدد 1: 12، شتاء عام 1377هـ.ش.

([49]) انظر:  محمد هادي معرفت، حوارٌ بشأن جامعية القرآن الكريم للعلوم البشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 5 ـ 7، السنة 1375هـ.ش.

([50]) من قبيل: قوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ ِلأَنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ (الأنعام: 19)، وقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 90)؛ وانظر أيضاً: البقرة: 185؛ الأعراف: 27؛ البقرة: 21؛ يس: 69 ـ 70؛ الحج: 17؛ البقرة: 137؛ الأحقاف: 19؛ الأعراف: 158.

([51]) من قبيل: قول رسول الله‘: «إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلاّ هو إني رسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس عامة». ابن الأثير، الكامل في التاريخ 1: 585.

([52]) يثبت التاريخ أن النبي الأكرم‘ كان يدعو كافّة الناس إلى الإسلام، لا يفرِّق في ذلك بين الأحمر والأبيض والأسود والأصفر، وكانت له رسائل بعث بها إلى ملوك وقياصرة وأباطرة الدول البعيدة يدعوهم فيها إلى الإسلام، وإنّ هذه الرسائل موثّقة ومذكورة في المصادر والكتب، ومنها: تلك التي تحمل عنوان: «مكاتيب الرسول»، ومن بينها: ما كتبه الميانجي تحت هذا العنوان.

([53]) من قبيل: قوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 90). وانظر أيضاً: الأنعام: 19؛ الأعراف: 27؛ البقرة: 185؛ يس: 69 ـ 70.

([54]) رُوي عن الإمام الباقر× أنه قال: «إن القرآن حيٌّ لا يموت، والآية حيّة لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ماتت الآية لمات القرآن، ولكنْ هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين». تفسير العياشي 2: 203، ذيل الآية 7 من سورة الرعد؛ الكليني، أصول الكافي 1: 269.

([55]) معرفت، حوار حول جامعية القرآن الكريم للعلوم الإنسانية والبشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 5، عام 1375هـ.ش.

([56]) وانظر أيضاً: التوبة: 33؛ الفتح: 28؛ الصف: 9. ولمزيدٍ من الاطلاع بشأن هذه الآية انظر: تفسير الآية 3 من سورة المائدة، ولا سيَّما عند: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 5: 209 ـ 291؛ عبد الحسين أحمد الأميني، الغدير 2.

([57]) قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾ (المائدة: 48).

([58]) طبقاً لصريح القرآن فقد كان لكل أمة مناسكها الخاصة؛ إذ يقول تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ (الحجّ: 67). فعلى سبيل المثال: قد أحل السيد المسيح عيسى ابن مريم× لأمته أموراً كانت محرَّمة في التوراة على اليهود، وفي ذلك قال الله تعالى حكايةً على لسان عيسى ابن مريم: ﴿وَِلأَحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ (آل عمران: 50).

([59]) بالالتفات إلى كون القرآن الكريم هو المصدر الأصيل في الإسلام فإن كمال الإسلام إنما يكون بكمال القرآن الكريم. هناك الكثير من الروايات التي تشير إلى أن كمال الإسلام إنما هو بنـزول القرآن الكريم، ومنها: ما روي عن الإمام عليّ× أنه قال: «وأنزل عليكم الكتاب تبياناً لكل شيء، وعمّر فيكم نبيه أزماناً، حتى أكمل له ولكم في ما أنزل من كتابه دينه الذي رضي لنفسه». نهج البلاغة، الخطبة 86. وانظر أيضاً: نهج البلاغة، الخطبتان رقم 18، و183.

([60]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 14: 277. وهناك رأيٌ آخر في تفسير هذه الآية يقول: إن معنى «فيه ذكركم» يعني فيه شرفكم إذا عملتم به. انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 7 ـ 8: 65.

([61]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 5: 134.

([62]) انظر: محمد هادي معرفت، شبهات وردود حول القرآن الكريم: 29 ـ 38؛ معرفت، التمهيد في علوم القرآن 6: 29.

([63]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 18: 37 ـ 38.

([64]) معرفت، حوار حول جامعية القرآن الكريم للعلوم الإنسانية والبشرية، فصلية نامه مفيد، العدد 6: 5، عام 1375هـ.

([65]) انظر: نهج البلاغة، الخطبة 18؛ الصدوق، عيون أخبار الرضا× 2: 195؛ الكليني، الكافي 1: 198؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين 1: 714.

([66]) انظر: الزمخشري، الكشاف في تفسير القرآن 2: 31.

([67]) انظر بشأن الآراء: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 4: 244.

([68]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 209؛ الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 5 ـ 6: 416؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي 3: 55.

([69]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن؛ الزمخشري، الكشاف في تفسير القرآن 2: 481، 516.

([70]) يقول الشيخ الطوسي: «كان سبب ذلك أنهم سألوا النبيّ‘ أن يسير عنهم جبال مكة لتتسع عليهم المواضع، فأنزل الله تعالى الآية، وبيَّن أنه لو سيّرت الجبال بكلامٍ لسيّرت بهذا القرآن؛ لعظم مرتبته وجلالة قدره». انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 252.

([71]) انظر: السيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن: 12 ـ 16؛ جوادي الآملي، تفسير موضوعي قرآن كريم (قرآن در قرآن) 1: 137؛ وانظر أيضاً: محمد تقي مصباح اليزدي، راه وراهنماشناسي: 130؛ معرفت، التمهيد في علوم القرآن 4: 29؛ محمد حسين الحسيني الطهراني، نور ملكوت قرآن 2: 22.

([72]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 81، 129؛  جوادي الآملي، تفسير موضوعي قرآن كريم (قرآن در قرآن) 1: 224 ـ 226؛ الزمخشري، الكشاف في تفسير القرآن 2: 21، 31.

([73]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 328.

([74]) انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 2: 353.

([75]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 11: 505.

([76]) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 26: 34.

([77]) انظر: معرفت، حوار حول جامعية القرآن الكريم لجميع العلوم البشرية، فصلية نامه مفيد، رقم العدد 6: 8 ـ 9، سنة 1375هـ.ش.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً