أحدث المقالات

الشيخ عبد الله مصلحي(*)

الخبر الثالث والعشرون

روى الخزاز، عن أبي المفضّل محمد بن عبد الله بن المطّلب رضي الله عنه قال: حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن عمر بن خطّاب الزيّات في سنة خمس وخمسين ومائتين، عن الحارث بن محمد التميميّ قال: حدّثني محمد بن سعد الواقديّ قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: كان لنا مشربة، وكان النبيّ| إذا أراد لقاء جبرئيل×‏ لقيه فيها، فلقيه رسول الله| مرّةً فيها، وأمرني أن لا يصعد إليه أحد، فدخل عليه الحسين بن عليّ×، فقال جبرئيل: مَنْ هذا؟ فقال رسول الله|: ابني، فأخذه النبيّ، فأجلسه على فخذه.

فقال له جبرئيل: أما إنّه سيقتل، فقال رسول الله: ومَنْ يقتله؟ قال: أمّتك تقتله. قال رسول الله|: تقتله؟! قال: نعم، وإنْ شئتَ أخبرتك بالأرض التي يقتل فيها، وأشار إلى الطفّ بالعراق، وأخذ منه تربةً حمراء فأراه إيّاها، وقال: هذه من مصرعه، فبكى رسول الله|، فقال له جبرئيل: يا رسول الله، لا تبْكِ، فسوف ينتقم الله منهم بقائمكم أهل البيت، فقال رسول الله: حبيبي جبرئيل، ومَنْ قائمنا أهل البيت؟ قال: هو التاسع من ولد الحسين، كذا أخبرني ربّي جلَّ جلاله، أنّه سيخلق من صلب الحسين ولداً، وسمّاه عنده عليّاً، خاضعاً لله خاشعاً، ثمّ يخرج من صلب عليّ ابنه، وسمّاه عنده موسى، واثق بالله محبّ في الله، ويخرج الله من صلبه ابنه، وسمّاه عنده عليّاً، الراضي بالله والداعي إلى الله عزَّ وجلَّ، ويخرج من صلبه ابنه، وسمّاه عنده محمداً، المرغّب في الله والذابّ عن حرم الله، ويخرج من صلبه ابنه، وسمّاه عنده عليّاً، المكتفي بالله والوليّ لله، ثمّ يخرج من صلبه ابنه، وسمّاه الحسن، مؤمن بالله مرشد إلى الله، ويخرج من صلبه كلمة الحقّ، ولسان الصدق، ومظهر الحقّ، حجّة الله على بريّته، له غيبة طويلة، يظهر الله تعالى به الإسلام وأهله، ويخسف به الكفر وأهله([1]).

الخبر الرابع والعشرون

روى الخزاز عن عليّ بن الحسين بن مندة قال: حدّثنا محمد بن الحسن الكوفي المعروف بأبي الحكم قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم قال: حدّثني سليمان بن حبيب قال: حدّثني شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم النخعيّ، عن علقمة بن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين× على منبر الكوفة خطبته اللؤلؤة…، إلى أن قال: فقام إليه رجلٌ يُقال له: عامر بن كثير، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد أخبرتنا عن أئمّة الكفر وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمّة الحقّ وألسنة الصدق بعدك، قال: نعم، إنّه بعهدٍ عهده إليّ رسول الله| أنّ هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبيّ|: لمّا عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيّدته بعليّ، ونصرته بعليّ، ورأيت اثني عشر نوراً، فقلتُ: يا ربّ، أنوار مَنْ هذه؟ فنُوديت: يا محمد هذه أنوار الأئمّة من ذرّيتك.

قلتُ: يا رسول الله، أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، بعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعده ابنه محمد يُدعى بالباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يُدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يُدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يُدعى بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمد يُدعى بالزكيّ، وبعد محمد ابنه عليّ يُدعى بالنقيّ، وبعد عليّ ابنه الحسن يُدعى بالأمين، والقائم من ولد الحسن، سميّي وأشبه الناس بي، يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً…، الحديث([2]).

 

الخبر الخامس والعشرون

روى الخزاز عن عليّ بن الحسن قال: حدّثنا محمد بن الحسين الكوفي قال: حدّثنا محمد بن محمود قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الذاهل قال: حدّثنا أبو حفص الأعشى، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن نعمان قال: كنتُ عند الحسين× إذ دخل عليه رجلٌ من العرب، متلثِّماً، أسمر شديد السمرة، فسلَّم، وردّ الحسين×، فقال: يا بن رسول الله، مسألة…، إلى أن قال: يا بن رسول الله، فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول الله|؟ قال: اثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل، قال: فسمِّهم لي؟ قال: فأطرق الحسين× مليّاً، ثمّ رفع رأسه، فقال: نعم، أخبرك يا أخا العرب، إنّ الإمام والخليفة بعد رسول الله| أمير المؤمنين عليّ× والحسن وأنا وتسعة من ولدي، منهم عليّ ابني، وبعده محمد ابنه، وبعده جعفر ابنه، وبعده موسى ابنه، وبعده عليّ ابنه، وبعده محمد ابنه، وبعده عليّ ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهديّ، هو التاسع من ولدي، يقوم بالدين في آخر الزمان‏([3]).

الخبر السادس والعشرون

روى الخزاز عن أبي المفضّل قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن القاسم العلويّ قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن نهيل قال: حدّثني محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن عطيّة، عن عمر بن يزيد، عن الورد بن الكميت، عن أبيه الكميت بن أبي المستهلّ قال: دخلتُ على سيّدي أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر×…، إلى أن قال: يا أبا المستهلّ، إنّ قائمنا هو التاسع من ولد الحسين؛ لأنّ الأئمّة بعد رسول الله| اثنا عشر، وهو القائم، قلتُ: يا سيّدي، فمَنْ هؤلاء الاثنا عشر؟ قال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعد الحسين عليّ بن الحسين، وأنا، ثمّ بعدي هذا، ووضع يده على كتف جعفر، قلتُ: فمَنْ بعد هذا؟ قال: ابنه موسى، وبعد موسى ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه محمد، وبعد محمد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وهو أبو القائم، الذي يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويشفي صدور شيعتنا([4]).

الخبر السابع والعشرون

روى الخزاز عن عليّ بن الحسين قال: حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى قال: حدّثني محمد بن همّام قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الحميريّ قال: حدّثني عمر بن عليّ العبدي الرقّي، عن داوود بن كثير، عن يونس بن ظبيان قال: دخلتُ على الصّادق×…، إلى أن قال: يا يونس، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت؛ فإنّا ورثنا وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب، فقلتُ: يا بن رسول الله، وكلّ مَنْ كان من أهل البيت ورث كما ورثتم، مَنْ كان من ولد عليّ وفاطمة‡؟ فقال: ما ورثه إلاّ الأئمّة الاثنا عشر.

قلتُ: سمِّهم لي، يا بن رسول الله، فقال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعده عليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ، ثمّ أنا، وبعدي موسى ولدي، وبعد موسى عليّ ابنه، وبعد عليّ محمد، وبعد محمد عليّ، وبعد عليّ الحسن، وبعد الحسن الحجّة…، الحديث([5]).

ورواه أيضاً عن عليّ بن الحسين قال: حدّثنا أبو محمد؛ وحدّثني أبو العبّاس بن عقدة قال: حدّثني الحميريّ قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن أحمد، عن الحسين، عن ابن أخت شعيب العقرقوفي، عن خاله شعيب قال: كنتُ عند الصادق× إذ دخل إليه يونس، فسأله، وذكر الحديث([6]).

الخبر الثامن والعشرون

روى الخزاز عن الحسين بن عليّ قال: حدّثنا هارون بن موسى قال: حدّثنا محمد بن الحسن قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام قال: كنتُ عند الصادق جعفر بن محمد× إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين…، إلى أن قال: وأدنى معرفة الإمام أنّه عدل النبيّ، إلاّ درجة النبوّة، ووارثه، وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كلّ أمر والردّ إليه والأخذ بقوله، ويعلم أنّ الإمام بعد رسول الله| عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمد بن عليّ، ثمّ أنا، ثمّ من بعدي موسى ابني، ثمّ من بعده ولده عليّ، وبعد عليّ محمد ابنه، وبعد محمد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن…، الحديث([7]).

الخبر التاسع والعشرون

روى الخزاز عن محمد بن عبد الله الشيباني قال: حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدّثني محمد بن يحيى العطّار، عن سلمة بن الخطّاب، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن الصادق× قال: الأئمّة اثنا عشر، قلتُ: يا بن رسول الله، فسمِّهم لي، قال: من الماضين عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ، ثمّ أنا، قلتُ: فمَنْ بعدك، يا بن رسول الله؟ قال: إنّي قد أوصيتُ إلى ولدي موسى، وهو الإمام بعدي، قلتُ: فمَنْ بعد موسى؟ قال: عليّ ابنه يُدعى بالرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثمّ بعد عليّ ابنه محمد، وبعد محمد ابنه عليّ، وبعد عليّ الحسن ابنه، والمهديّ من ولد الحسن([8]).

الخبر الثلاثون

روى ابن عيّاش الجوهري عن أبي عليّ أحمد بن محمد بن جعفر الصوليّ البصريّ قال: حدّثنا عبد الرحمن بن صالح بن رعيدة قال: حدّثني الحسين بن حميد بن الربيع، قال: حدّثنا الأعمش، عن محمد بن خلف الطاطريّ، عن زاذان، عن سلمان قال: دخلتُ على رسول الله| يوماً، فلمّا نظر إليّ قال: يا سلمان، إنّ الله عزَّ وجلَّ لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشر نقيباً، قال: قلتُ له: يا رسول الله، لقد عرفتُ هذا من أهل الكتابين، قال: يا سلمان، فهل عرفت مَنْ نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا سلمان، خلقني الله من صفوة نوره، ودعاني فأطعته، وخلق من نوري نور عليّ×، فدعاه إلى طاعته فأطاعه، وخلق من نوري ونور عليّ فاطمة، فدعاها فأطاعته، وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسن والحسين، فدعاهما فأطاعاه…

إلى أن قال: ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة، فدعاهم فأطاعوه…

إلى أن قال: قلتُ: يا رسول الله، فهل يكون إيمانٌ بهم بغير معرفةٍ بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال: لا يا سلمان، فقلتُ: يا رسول الله، فأنّى لي لجنابهم؟ قال: قد عرفت إلى الحسين، قال: ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين، ثمّ ولده محمد بن عليّ باقر علم الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين، ثمّ جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثمّ موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبراً في الله، ثمّ عليّ بن موسى الرضا لأمر الله، ثمّ محمد بن عليّ الجواد المختار من خلق الله، ثمّ عليّ بن محمد الهادي إلى الله، ثمّ الحسن بن عليّ الصامت الأمين على دين الله العسكريّ، ثمّ ابنه حجّة الله فلان، سمّاه باسمه، ابن الحسن المهديّ، والناطق القائم بحقّ الله([9]).

ورواه الطبري عن عليّ بن الحسن المنقري الكوفي قال: حدّثني أحمد بن زيد الدهّان، عن مكحول بن إبراهيم، عن رستم بن عبد الله بن خالد المخزومي، عن سليمان الأعمش، عن محمد بن خلف الطاطري، عن زاذان، عن سلمان([10]).

ورواه الخصيبي عن عليّ بن الحسن المقري الكوفي، عن أحمد بن زيد الدهان عن المخول بن إبراهيم، عن رشدة بن عبد الله بن خالد المخزومي، عن سلمان([11]).

الخبر الواحد والثلاثون

روى ابن عياش الجوهري عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى المنصوريّ الهاشميّ بسرّ مَنْ ‏رأى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدّثني عمّ أبي موسى بن عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال: حدّثني الزبير بن بكّار قال: حدّثني عتيق بن يعقوب قال: حدّثني عبد الله بن ربيعة رجلٌ من أهل مكّة قال: قال لي أبي‏: إنّي محدِّثك الحديث، فاحفظه عنّي، واكتمه عليّ ما دمْتُ حيّاً أو يأذن الله فيه بما يشاء: كنتُ مع مَنْ عمل مع ابن الزبير في الكعبة، حدّثني أنّ ابن الزبير أمر العمّال أن يبلغوا في الأرض، قال: فبلغنا صخراً أمثال الإبل، فوجدتُ على بعض تلك الصخور كتاباً موضوعاً، فتناولتُه وسترتُ أمره، فلمّا صرتُ إلى منزلي تأمّلتُه، فرأيت كتاباً لا أدري من أيّ شي‏ءٍ هو؟ ولا أدري الذي كتب به ما هو، إلاّ أنّه ينطوي كما ينطوي الكتب، فقرأتُ فيه…

إلى أن قال: ثمّ اختار من ذلك البيت نبيّاً يُقال له: محمد، إلى أن قال: ويعضده بأخيه وابن عمّه وصهره وزوج ابنته ووصيّه في أمّته من بعده وحجّة الله على خلقه…

إلى أن قال: ثمّ القائم من بعده ابنه الحسن سيّد الشباب وزين الفتيان، يقتل مسموماً، يدفن بأرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع، ثمّ يكون بعده الحسين× إمام عدل، يضرب بالسيف ويقري الضيف، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الأيّام الزاكيات، يقتله بنو الطوامث والبغيّات، يدفن بكربلا، وقبره للناس نور وضياء وعلم، ثمّ يكون القائم من بعده ابنه عليّ سيّد العابدين وسراج المؤمنين، يموت موتاً، يدفن في أرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع، ثمّ يكون الإمام القائم بعده المحمود فعاله محمد باقر العلم ومعدنه وناشره ومفسّره، يموت موتاً، يدفن بالبقيع من أرض طيبة، ثم يكون بعده الإمام جعفر وهو الصادق، بالحكمة ناطق، مظهر كلّ معجزة وسراج الأمّة، يموت موتاً بأرض طيبة، موضع قبره البقيع، ثمّ الإمام بعده المختلف في دفنه، سميّ المناجي ربّه، موسى بن جعفر، يقتل بالسمّ في محبسه، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء؛ ثمّ القائم بعده ابنه الإمام عليّ الرضا المرتضى لدين الله، إمام الحقّ، يقتل بالسمّ في أرض العَجَم، ثمّ الإمام بعده ابنه محمد، يموت موتاً، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء، ثمّ القائم بعده ابنه عليّ لله ناصر، ويموت موتاً، ويدفن في المدينة المحْدَثة، ثمّ القائم بعده ابنه الحسن، وارث علم النبوّة ومعدن الحكمة، يُستضاء به من الظُّلَم، يموت موتاً، يدفن في المدينة المحْدَثة، ثمّ المنتظر بعده، اسمه اسم النبيّ|([12]).

الخبر الثاني والثلاثون

روى ابن عياش الجوهري عن أبي جعفر محمد بن لاحق بن سابق بن قرين الأنباريّ قال: حدّثني جدّي أبو النصر سابق بن قرين، في سنة ثمان وسبعين ومئتين بالأنبار في دارنا، قال: حدّثني أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبيّ قال: حدّثني أبي، عن الشرقيّ بن القطاميّ، عن تميم بن وهلة المرّي قال: حدّثني الجارود بن المنذر العبديّ، وكان نصرانيّاً فأسلم عام الحديبية وحسن إسلامه، وكان قارئاً للكتب، عالماً بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر، بصيراً بالفلسفة والطبّ، ذا رأي أصيل ووجه جميل، أنشأ يحدّثنا في إمارة عمر بن الخطّاب، قال: وفدتُ على رسول الله| في رجالٍ من عبد القيس، ذوي أحلام وأسنان وفصاحة وبيان وحجّة وبرهان…، إلى أن قال: يا جارود، ليلة أُسري بي إلى السماء أوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ أن سَلْ‏ مَنْ أرسلنا من قبلك من رسلنا علامَ بعثوا؟ فقلتُ: علامَ بعثتم؟ فقالوا: على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة منكما، ثمّ أوحى إليّ أن التفت عن يمين العرش، فالتفتّ فإذا عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والمهديّ في ضحضاح من نورٍ يصلّون([13]).

ورواه الكراجكي عن القاضي أبي الحسن عليّ بن محمد السباط البغدادي، قال: حدّثني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيّوب البغدادي الجوهري الحافظ قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن لاحق بن سابق قال: حدّثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: حدّثني أبي، عن الشرقي بن القطامي، عن تميم بن وهلة المرّي قال: حدّثني الجارود بن المنذر العبدي([14]).

الخبر الثالث والثلاثون

روي الجوهري عن أبي الحسن عليّ بن سنان الموصليّ المعدّل قال: أخبرني أحمد بن محمد الخليلي الآملي قال: حدّثنا محمد بن صالح الهمدانيّ قال: حدّثنا سليمان بن أحمد قال: أخبرني الريّان بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: سمعتُ سلام بن أبي عمرة قال: سمعتُ أبا سلمى راعي رسول الله| يقول: سمعتُ رسول الله| يقول: ليلة أُسري بي إلى السماء قال العزيز جلَّ ثناؤه: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾، قلتُ: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾؟ قال: صدقتَ يا محمد، مَنْ خلَّفْتَ لأمّتك؟ قلتُ: خيرها، قال: عليّ بن أبي طالب؟ قلتُ: نعم.

قال: يا محمّد، إنّي اطّلعتُ على الأرض اطّلاعةً فاخترتُك منها، فشققتُ لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكر في‏ موضعٍ إلاّ وذُكرت‏ معي‏، فأنا المحمود وأنت محمّدٌ، ثمّ اطّلعتُ فاخترتُ منها عليّاً، وشققتُ له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمد إنّي خلقتُك وخلقتُ عليّاً وفاطمة والحسن والحسين من سنخ نوري، وعرضتُ ولايتكم على أهل السماوات والأرضين، فمَنْ قبلها كان عندي من المؤمنين، ومَنْ جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد، لو أنّ عبداً من عبادي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم، ما غفرتُ له أو يقرّ بولايتكم. يا محمد، تحبّ أن تراهم؟ قلتُ: نعم يا ربّ، فقال لي: التفِتْ عن يمين العرش، فالتفتُّ وإذا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمد بن عليّ، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمد بن عليّ، وعليّ بن محمد، والحسن بن عليّ، والمهديّ، في ضحضاح من نور، قياماً يصلّون، وهو في وَسَطهم ـ يعني المهديّ ـ كأنّه كوكب درّي‏…، الحديث([15]).

ورواه الشيخ عن جماعة، عن التلّعكبريّ، عن أبي عليّ أحمد بن عليّ الرازي الإيادي قال: أخبرني الحسين بن عليّ، عن عليّ بن سنان الموصليّ العَدْل، عن أحمد بن محمد الخليلي، عن محمد بن صالح الهمداني،‏ عن سليمان بن أحمد، عن زياد بن مسلم وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سلام‏ قال: سمعتُ أبا سلمى‏ راعي النّبيّ|([16]).

ورواه السيد ابن طاووس، عن موفّق بن أحمد المكّيّ في كتابه قال: حدّثنا فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين البغداديّ في ما كتب إليّ من همدان قال: أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزبيبيّ قال: أخبرنا إمام الأئمّة محمد بن أحمد بن شاذان قال: حدّثنا أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدّثنا عليّ بن شاذان الموصلي، عن أحمد بن محمد بن صالح، عن سليمان بن محمد، عن زياد بن مسلم، عن عبد الرحمن، عن زيد بن جابر، عن سلامة، عن أبي سليمان راعي رسول الله|، عن رسول الله|([17]).

ورواه الأسترآبادي عن المقلد بن غالب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن أحمد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن جابر، عن أبي سلمى راعي النبيّ|، عن رسول الله|‏([18]).

الخبر الرابع والثلاثون

روى الصدوق عن محمد بن عليّ ماجيلويه، قال: حدّثني عمّي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ قال: حدّثني محمد بن عليّ القرشيّ قال: حدّثني أبو الربيع الزهرانيّ قال: حدّثنا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: قال ابن عبّاس: سمعتُ رسول الله| يقول ـ في ضمن حديثٍ طويل ـ: الأئمّة بعدي الهادي عليّ والمهتدي الحسن والناصر الحسين والمنصور عليّ بن الحسين والشافع‏ محمد بن عليّ والنفّاع جعفر بن محمد والأمين موسى بن جعفر والرضا عليّ بن موسى والفعّال محمد بن عليّ والمؤتمن عليّ بن محمد والعلاّم الحسن بن عليّ ومَنْ يصلّي خلفه عيسى بن مريم× القائم×…، الحديث([19]).

الخبر الخامس والثلاثون

روى الصدوق عن أحمد بن الحسن القطّان‏ وعليّ بن أحمد بن محمد الدقّاق وعليّ بن عبد الله الورّاق وعبد الله بن محمد الصائغ ومحمد بن أحمد الشيبانيّ ـ رضي الله عنهم ـ قالوا: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال: حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول قال: حدّثنا عبد الله بن أبي الهذيل،‏ وسألته عن الإمامة في مَنْ تجب وما علامة مَنْ تجب له الإمامة…، إلى أن قال: عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين وأفضل الوصيّين وخير الخلق أجمعين بعد رسول ربّ العالمين، وبعده الحسن ثمّ الحسين سبطا رسول الله|، ابنا خيرة النسوان، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ ابن الحسن بن عليّ× إلى يومنا هذا…، الحديث([20]).

ورواه أيضاً عن أحمد بن الحسن القطّان قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال: حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول قال: حدّثني عبد الله بن أبي الهذيل([21]).

تأمُّلاتٌ حول هذه النصوص

هذه أهمّ روايات الباب، ممّا عثرنا عليها إلى عهد أبي جعفر الجواد×.

ولكنّ كلّ ذلك محلُّ تأمُّلٍ؛ وذلك لأمور:

1ـ إنّه لو كانت هذه النصوص بحيث رواها عائشة وأمّ سلمة وأبو هريرة وعبد الله بن عمر، ولم يتأولّوها بوجه، فلماذا ارتدّ جميع أصحاب النبيّ| إلاّ ثلاثة، كما ورد ذلك في الروايات:

أـ عدّة من أصحابنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن مثنّى بن الوليد الحنّاط، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر× قال: ارتدّ الناس‏ بعد النبيّ|، إلاّ ثلاثة نفر: المقداد بن الأسود وأبو ذرّ الغفاريّ وسلمان الفارسيّ، ثمّ إنّ الناس عرفوا ولحقوا بعد([22]).

ب ـ وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرميّ، عن عمرو بن ثابت قال: سمعتُ أبا عبد الله× يقول: إنّ النّبيّ| لمّا قبض ارتدّ الناس‏ على أعقابهم كفّاراً، إلاّ ثلاثاً: سلمان والمقداد وأبو ذرّ الغفاري([23]).

ج ـ عليّ بن الحسين بن يوسف، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال: قال أبو جعفر×: ارتدّ النّاس‏ إلاّ ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذرّ الغفاريّ والمقداد([24]).

ورواه الكشّي عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي([25]).

د ـ محمد بن إسماعيل قال: حدّثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير قال: قلتُ لأبي عبد الله×: ارتدّ الناس‏ إلاّ ثلاثة: أبو ذرّ وسلمان والمقداد؟ قال: فقال أبو عبد الله×: فأين أبو ساسان وأبو عمرة الأنصاريّ؟!([26]).

2ـ وهكذا بالنسبة إلى ما ورد من ارتداد الناس بعد الحسين×:

أـ محمد بن نصير قال: حدّثني محمد بن عيسى، عن جعفر بن عيسى، عن صفوان، عمَّنْ سمعه، عن أبي عبد الله× قال: ارتدّ الناس‏ بعد قتل الحسين× إلاّ ثلاثة: أبو خالد الكابليّ ويحيى ابن أمّ الطويل وجبير بن مطعم، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا([27]).

ب ـ حدّثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله× قال: ارتدّ الناس‏ بعد الحسين× إلاّ ثلاثة: أبو خالد الكابليّ ويحيى بن أمّ الطويل وجبير بن مطعم، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا([28]).

بل الظاهر أنّ الأمر غير ظاهر في فترةٍ طويلة بعد الحسين×، بحيث إنّ أبا خالد الكابلي اعتقد إمامة محمد بن الحنفية في مدّةٍ طويلة:

قال الكشّي: وجدتُ بخطّ جبريل بن أحمد: حدّثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن عليّ بن محمد بن عبد الله الحنّاط، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: سمعتُ أبا جعفر× يقول: كان أبو خالد الكابليّ يخدم محمداً ابن الحنفيّة دهراً، وما كان يشكّ في أنّه إمامٌ، حتّى أتاه ذات يومٍ فقال له: جُعلتُ فداك، إنّ لي حرمةً ومودّةً وانقطاعاً، فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين إلاّ أخبرتني أنتَ الإمام الذي فرض الله طاعته على خلقه؟ قال: فقال: يا أبا خالد، حلفتني بالعظيم، الإمام عليّ بن الحسين× عليَّ وعليك وعلى كلّ مسلم، فأقبل أبو خالد لمّا أن سمع ما قاله محمد ابن الحنفيّة جاء إلى عليّ بن الحسين×، فلمّا استأذن عليه فأخبر أنّ أبا خالد بالباب، فأذن له، فلمّا دخل عليه دنا منه، قال: مرحباً بك يا كنكر، ما كنتَ لنا بزائرٍ، ما بدا لك فينا؟! فخرّ أبو خالد ساجداً شاكراً لله تعالى ممّا سمع من عليّ بن الحسين×، فقال: الحمد لله الّذي لم يُمِتْني حتّى عرفتُ إمامي، فقال له عليّ: وكيف عرفتَ إمامك يا أبا خالد؟ قال: إنّك دعوتني باسمي الذي سمَّتْني أمّي التي ولدتني، وقد كنتُ في عمياء من أمري، ولقد خدمت محمداً ابن الحنفيّة عمراً من عمري، ولا أشكّ إلاّ وأنّه إمامٌ، حتّى إذا كان قريباً سألتُه بحرمة الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني إليك، وقال: هو الإمام عليّ وعليك وعلى خلق الله كلّهم، ثمّ أذنْتَ لي، فجئتُ فدنوتُ منك سمَّيتني باسمي الذي سمّتني أمّي، فعلمت أنّك الإمام الذي فرض الله طاعته عليَّ وعلى كلّ مسلم([29]).

ورواه الخصيبي عن عليّ بن الطيِّب الصابونيّ، عن محمد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي جعفر×([30]).

ويشهد لذلك ما رواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة جميعاً، عن أبي جعفر× قال: لمّا قتل الحسين× أرسل محمد بن الحنفيّة إلى عليّ بن الحسين×، فخلا به، فقال له: يا بن أخي، قد علمتَ أنّ رسول الله| دفع الوصيّة والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين×، ثمّ إلى الحسن×، ثمّ إلى الحسين×، وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلّى على روحه، ولم يُوصِ، وأنا عمُّك وصنو أبيك وولادتي من عليّ× في سنّي وقديمي أحقّ بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصيّة والإمامة، ولا تحاجّني، فقال له عليّ بن الحسين×: يا عمّ، اتّق الله، ولا تَدَّع ما ليس لكَ بحقٍّ،‏ إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين‏. إنّ أبي يا عمّ ـ صلوات الله عليه ـ أوصى إليَّ قبل أن يتوجَّه إلى العراق، وعهد إليَّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعةٍ، وهذا سلاح رسول الله| عندي، فلا تتعرَّضْ لهذا؛ فإنّي أخاف عليك نقص العمر وتشتُّت الحال. إنّ الله عزَّ وجلَّ جعل الوصيّة والإمامة في عقب الحسين×، فإذا أردْتَ أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتّى نتحاكم إليه، ونسأله عن ذلك.

قال أبو جعفر×: وكان الكلام بينهما بمكّة، فانطلقا حتّى أتيا الحجر الأسود، فقال عليّ بن الحسين لمحمد بن الحنفيّة: ابدأ أنتَ، فابتهل إلى الله عزَّ وجلَّ وسَلْه أن ينطق لك الحجر، ثمّ سَلْ، فابتهل محمدٌ في الدعاء، وسأل الله، ثمّ دعا الحَجَر فلم يُجِبْه، فقال عليّ بن الحسين×: يا عمّ، لو كنتَ وصيّاً وإماماً لأجابك، قال له محمد: فادْعُ الله أنتَ يا بن أخي، وسَلْه، فدعا الله عليّ بن الحسين× بما أراد، ثمّ قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لمّا أخبرتنا مَنْ الوصيّ والإمام بعد الحسين بن عليّ×؟ قال: فتحرَّك الحَجَر حتّى كاد أن يزول عن موضعه، ثمّ أنطقه الله عزَّ وجلَّ بلسانٍ عربيّ مبين، فقال: اللهمّ إنّ الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن عليّ× إلى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله|، قال: فانصرف محمد بن عليّ، وهو يتولّى عليّ بن الحسين×([31]).

ورواه أيضاً عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر×، مثله([32]).

ورواه ابن بابويه عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة، عن أبي جعفر×([33]).

ورواه الصفّار عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد الله×؛ وزرارة، عن أبي جعفر×([34]).

ورواه الطبري عن أبي الحسن عليّ بن هبة الله قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة، عن أبي جعفر×([35]).

3ـ كما أنّه قد وقع الترديد والتفرقة بعد استشهاد أبي محمد السجّاد× وأبي جعفر الباقر×.

فالزيدية هي نتيجة افتراق الشيعة بعد السجّاد× في الإمامة، فلو كانت هذه النصوص بهذه المثابة من الشهرة فما الوجه في هذا الافتراق؟!

كما أنّ الأمر بالنسبة إلى ما بعد وفاة الباقر× كذلك.

قال النوبختي: فلمّا توفّي أبو جعفر× افترقت أصحابه فرقتين: فرقة منهما قالت بإمامة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب الخارج بالمدينة المقتول بها…؛ وأمّا الفرقة الأخرى من أصحاب أبي جعفر محمد بن عليّ× فنزلت إلى القول بإمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد×، فلم تزَلْ ثابتة على إمامته أيّام حياته([36]).

وقريبٌ منه في كتاب المقالات والفرق([37]).

لا يُقال: إنّ التفرقة وانشعاب الفرق للأغراض المادّية والأهواء السياسية.

لأننا نقول: لو كان الأمر كذلك فهذا بالنسبة إلى أرباب الفِرَق ومؤسِّسيها، ولكنْ ما الوجه في اتّباع كثير من العوامّ لهم؟!

4ـ وهكذا وقع الترديد والتفرقة بعد استشهاد أبي عبد الله الصادق×، بل في عهده أيضاً.

أـ قال الكشّي: حدّثني حمدويه قال: حدّثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل بن عامر قال: دخلتُ على أبي عبد الله×، فوصفت له الأئمّة حتّى انتهيتُ إليه، قلتُ: وإسماعيل من بعدك؟ فقال: أمّا ذا فلا، قال حمّاد: فقلتُ لإسماعيل: وما دعاك إلى أن تقول‏: وإسماعيل‏ من‏ بعدك‏؟ قال: أمرني المفضَّل بن عمر([38]).

ب ـ روى النعماني أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله المحمديّ من كتابه في رجب سنة ثمان وستّين ومائتين قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن فضّال قال: حدّثنا صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار الصيرفي قال: وصف إسماعيل بن عمّار أخي لأبي عبد الله× دينه واعتقاده، فقال: إنّي أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأنّكم ـ ووصفهم يعني الأئمّة ـ واحداً واحداً حتّى انتهى إلى أبي عبد الله×، ثمّ قال: وإسماعيل‏ من‏ بعدك؟‏ قال: أمّا إسماعيل فلا([39]).

وأمّا بعده× فالأمر في الاختلاف والترديد أوضح من أن يخفى على مَنْ سبر الروايات وتاريخ الفِرَق.

فبعد شهادة الصادق× افترقت الشيعة إلى فِرَق كثيرة، وقد أشار إليه النصر بن قابوس بقوله: لمّا توفّي أبو عبد الله× ذهب الناس يميناً وشمالاً([40]).

قال الأشعري ـ ما ملخّصه ـ: فلمّا توفّي أبو عبد الله× افترقت بعده شيعته ستّ فرق:

[أـ] ففرقة منها قالت: إنّ جعفر بن محمد حيٌّ لم يمُتْ، ولا يموت حتّى يظهر ويلي أمر الناس، وهو القائم المهديّ. وهذه الفرقة تسمّى الناووسية.

[ب ـ] وفرقة زعمت أنّ الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل بن جعفر، وأنكرَتْ موت إسماعيل في حياة أبيه، وقالوا: كان ذلك يلتبس على الناس؛ لأنّه خاف عليه، وزعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتّى يملك الأرض ويقوم بأمور الناس، وأنّه هو القائم. وهذه الفرقة هم الإسماعيلية الخالصة.

[ج ـ] وفرقة ثالثة زعمت أنّ الإمام بعد جعفر محمد بن إسماعيل بن جعفر، وقالوا: إنّ الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه، فلمّا توفّي قبل أبيه جعل جعفر بن محمد الأمر لمحمد بن إسماعيل، وكان الحقّ له، ولا يجوز غير ذلك. وأصحاب هذه المقالة يسمّون المباركية.

[د ـ] وقالت الفرقة الرابعة: إنّ الإمام بعد جعفر ابنه محمد، وتأوَّلوا في إمامته خبراً زعموا أنّه رواه بعضهم، أنّ محمد بن جعفر دخل ذات يومٍ على أبيه وهو صبيٌّ صغير، فدعاه أبوه، فاشتدّ يعدو نحوه، فكبا وعثر بقميصه وسقط لحرّ وجهه، فقام جعفر، فعدا نحوه حافياً، فحمله، وقبَّل وجهه، ومسح التراب عنه بثوبه، وضمّه إلى صدره، وقال: سمعتُ أبا محمد بن عليّ يقول: يا جعفر، إذا ولد لك ولدٌ يشبهني فسمِّه باسمي وكنّه بكنيتي، فهو شبيهي وشبيه رسول الله وعلى سنّته. وهذه الفرقة تسمّى السميطية، تنسب إلى رئيسٍ لهم كان يُقال له: يحيى بن أبي السميط.

[هـ ـ] والفرقة الخامسة منهم قالت: الإمامة بعد جعفر في ابنه عبد الله بن جعفر، وذلك أنّه كان عند مضيّ جعفر أكبر ولده سنّاً، وجلس مجلس أبيه بعده، وادّعى الإمامة ووصية أبيه، واعتلّوا في ذلك بأخبار رُويت عن جعفر وعن أبيه أنّهما قالا: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا نصب. وهذه الفرقة القائلة بإمامة عبد الله بن جعفر هم المسمّون بالفطحية.

[و ـ] وقالت الفرقة السادسة: إنّ الإمام موسى بن جعفر بعد أبيه، وأنكروا إمامة عبد الله، وخطَّأوه في جلوسه مجلس أبيه وادّعائه الإمامة([41]).

وقال الطبرسي: لمّا مات الصادق× انتقل جماعةٌ منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر، وافترق الباقون منهم فرقتين: فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل، وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل؛ لظنّهم أنّ الإمامة كانت في أبيه، وأنّ الابن أحقّ بمقام الإمامة من الأخ؛ وفريق منهم ثبتوا على حياة إسماعيل، وهم اليوم شذّاذ. وهذان الفريقان يسمّيان الإسماعيلية.

وأمّا عبد الله بن جعفر فإنّه كان أكبر إخوته بعد إسماعيل، ولم تكن منزلته عند أبيه× منزلة غيره من الأولاد، وكان متّهماً بالخلاف على أبيه في الاعتقاد، وادّعى الإمامة بعد وفاة أبي عبد الله×، واتّبعه قومٌ، ثمّ رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة موسى×؛ لما ظهر عندهم براهين إمامته، ولم يَبْقَ على القول بإمامة عبد الله إلاّ طائفة يسيرة، تسمّى الفطحية([42]).

فأمّا الفطحية فقال الشيخ المفيد: اعتلّوا في ذلك بأنّه كان أكبر ولد أبي عبد الله×، وقالت: إنّ أبا عبد الله× قال: الإمامة لا تكون إلاّ في الأكبر من ولد الإمام([43]).

وقريبٌ منه في كلام الأشعري([44]).

والظاهر من كلام الكشّي أنّ الشبهة قويّة عند الشيعة، حيث مال إلى عبد الله أجلاّءُ الطائفة، فقال: والذين قالوا بإمامته عامّة مشايخ العصابة وفقهائها، مالوا إلى هذه المقالة فدخلت عليهم الشبهة؛ لما روي عنهم‰ أنّهم قالوا: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضى إمام([45]).

وازداد في الشبهة قوّةً ما في وصيّة أبي عبد الله× الظاهريّة، ففيها: إنّ أبا عبد الله× أوصى إلى عبد الله وموسى([46]).

وإنْ لاحظت القائلين بالفطحية تجد فيهم كثيراً من فقهاء أصحابنا. قال محمد بن مسعود: عبد الله بن بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا، منهم: ابن بكير وابن فضّال ـ يعني الحسن بن عليّ ـ وعمّار الساباطي وعليّ بن أسباط وبنو الحسن بن عليّ بن فضّال عليّ وأخواه ويونس بن يعقوب ومعاوية بن حكيم، وعدّ عدة من أجلّة العلماء([47]).

ثمّ إنّ اعتقادهم هو إمامة إمام ـ وهو عبد الله بزعمهم ـ بين الصادق والكاظم×، فإنهّم يجيزون الإمامة في أخوين إذا لم يكن الأكبر منهما خلَّف ولداً، والإمام عندهم بعد عبد الله هو الكاظم×.

ثمّ إنّ عبد الله مات بسبعين يوماً بعد أبيه× ورجع كثيرٌ من القائلين به إلى إمامة الكاظم×.

قال الكشّي: إنّ عبد الله مات بعد أبيه بسبعين يوماً، فرجع الباقون إلاّ شذاذاً منهم عن القول بإمامته، إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى×، ورجعوا إلى الخبر الذي رُوي أنّ الإمامة لا تكون في الأخوين بعد الحسن والحسين×، وبقي شذّاذٌ منهم على القول بإمامته، وبعد أن مات قالوا بإمامة أبي الحسن موسى‏×([48]).

وفي هذه البرهة حصل الترديد لكثير من ثقات فقهاء أصحابنا:

أـ قال الكشّي: حدّثني محمد بن قولويه قال: حدّثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدّثنا محمد بن عثمان بن رشيد قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه أحمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن يقطين، قال‏ لمّا كانت وفاة أبي عبد الله× قال الناس بعبد الله بن جعفر، واختلفوا؛ فقائلٌ قال به، وقائلٌ قال بأبي الحسن×، فدعا زرارة ابنه عبيداً، فقال: يا بنيّ، الناس مختلفون في هذا الأمر؛ فمَنْ قال بعبد الله فإنّما ذهب إلى الخبر الذي جاء أنّ الإمامة في الكبير من ولد الإمام، فشدّ راحلتك، وامْضِ إلى المدينة، حتّى تأتيني بصحّة الأمر. فشدّ راحلته ومضى إلى المدينة، واعتلّ زرارة، فلمّا حضرته‏ الوفاة سأل عن عبيد، فقيل: إنّه لم يقدم، فدعا بالمصحف فقال: اللهمّ إنّي مصدِّقٌ بما جاء نبيّك محمد في ما أنزلته عليه، وبيّنته لنا على لسانه، وإنّي مصدّق بما أنزلته عليه في هذا الجامع، وإنّ عقدي وديني الذي يأتيني به عبيد ابني وما بيّنته في كتابك، فإنْ أمتَّني قبل هذا فهذه شهادتي على نفسي وإقراري بما يأتي به عبيد ابني، وأنت الشهيد عليَّ بذلك. فمات زرارة، وقدم عبيد، فقصدناه؛ لنسلّم عليه، فسألوه عن الأمر الذي قصده، فأخبرهم أنّ أبا الحسن× صاحبهم([49]).

ب ـ محمد بن قولويه قال: حدّثني سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن أبي يحيى الضرير، عن درست بن أبي منصور الواسطيّ قال: سمعتُ أبا الحسن× يقول: ‏ إنّ زرارة شكّ في إمامتي فاستوهبْتُه من ربّي تعالى([50]).

ج ـ حدّثني محمد بن قولويه قال: حدّثني سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن عبد الله المسمعيّ، عن عليّ بن أسباط، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه قال:‏ بعث زرارة عبيداً ابنه يسأل عن خبر أبي الحسن×، فجاءه الموت قبل رجوع عبيد إليه، فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه، وقال: إنّ الإمام بعد جعفر بن محمد مَنْ اسمه بين الدفّتين في جملة القرآن، منصوصٌ عليه من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه، أنا مؤمنٌ به، قال: فأخبر بذلك أبو الحسن الأوّل× فقال: والله كان زرارة مهاجراً إلى الله‏ تعالى([51]).

د ـ حمدويه بن نصير قال: حدّثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن درّاج وغيره قال: وجّه زرارة عبيداً ابنه إلى المدينة، يستخبر له خبر أبي الحسن× وعبد الله بن أبي عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد، قال محمد بن أبي عمير: حدّثني محمد بن حكيم قال: قلتُ لأبي الحسن الأوّل×، وذكرتُ له زرارة وتوجيهه ابنه عبيداً إلى المدينة، فقال أبو الحسن: إنّي لأرجو أن يكون زرارة ممَّنْ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ‏﴾([52]).

هـ ـ حدّثني محمد بن مسعود قال: أخبرنا جبريل بن أحمد قال: حدّثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم المؤمن، عن نصر بن شعيب‏، عن عمّة زرارة قالت: لمّا وقع زرارة واشتدّ به قال: ناوليني المصحف، فناولتُه وفتحتُه، فوضعه على صدره، وأخذه منّي، ثمّ قال: يا عمّة، اشهدي أن ليس لي إمامٌ غير هذا الكتاب([53]).

و ـ عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله×، أنا وصاحب الطاق، والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر أنّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده، وذلك أنّهم رووا عن أبي عبد الله× أنّه قال: إنّ الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهةٌ، فدخلنا عليه نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، فقلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف، فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا! قال: فرفع يده إلى السماء فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة.

قال: فخرجنا من عنده ضلاّلاً، لا ندري إلى أين نتوجّه؟ أنا وأبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقّة المدينة باكين حيارى، لا ندري إلى أين نتوجّه؟ ولا مَنْ نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة؟! إلى القدريّة؟! إلى الزيديّة؟! إلى المعتزلة؟! إلى الخوارج؟!

فنحن كذلك إذ رأيت رجلاً شيخاً لا أعرفه يومئ إليَّ بيده، فخِفْتُ أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى مَنْ اتّفقت شيعة جعفر× عليه فيضربون عنقه، فخِفْتُ أن يكون منهم، فقلتُ للأحول: تَنَحَّ، فإنّي خائفٌ على نفسي وعليك، وإنّما يريدني لا يريدك، فتَنَحَّ عنّي لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحّى غير بعيد، وتبعتُ الشيخ، وذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر على التخلُّص منه، فما زلت أتبعه وقد عزمتُ على الموت، حتّى ورد بي على باب أبي الحسن×، ثمّ خلاّني ومضى، فإذا خادمٌ بالباب، فقال لي: ادخل رحمك الله.

فدخلتُ، فإذا أبو الحسن موسى×، فقال لي ابتداءً منه: لا إلى المرجئة، ولا إلى القدريّة، ولا إلى الزيديّة، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج، إليَّ إليَّ، فقلتُ: جُعلتُ فداك، مضى أبوك؟ قال: نعم، قلتُ: مضى موتاً؟ قال: نعم، قلتُ: فمَنْ لنا من بعده؟ فقال: إنْ شاء الله أن يهديك هداك، قلتُ: جُعلتُ فداك، إنّ عبد الله يزعم أنّه من بعد أبيه، قال: يريد عبد الله أن لا يعبد الله، قال: قلتُ: جُعلتُ فداك، فمَنْ لنا من بعده؟ قال: إنْ شاء الله أن يهديك هداك، قال: قلتُ: جُعلتُ فداك، فأنت هو؟ قال: لا، ما أقول ذلك.

قال: فقلتُ في نفسي: لم أُصِبْ طريق المسألة، ثمّ قلتُ له: جُعلتُ فداك، عليك إمام؟ قال: لا، فداخَلَني شي‏ءٌ لا يعلم إلاّ الله عزَّ وجلَّ؛ إعظاماً له وهيبةً أكثر ممّا كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلتُ عليه، ثمّ قلتُ له: جُعلتُ فداك، أسألك عمّا كنتُ أسأل أباك؟ فقال: سَلْ تخبر، ولا تُذِعْ، فإنْ أذَعْتَ فهو الذَّبْح، فسألتُه، فإذا هو بحرٌ لا ينزف.

قلتُ: جُعلتُ فداك، شيعتك وشيعة أبيك ضلاّلٌ، فألقي إليهم وأدعوهم إليك وقد أخذْتَ عليَّ الكتمان؟ قال: مَنْ آنست منه رشداً فأَلْقِ إليه وخُذْ عليه الكتمان، فإنْ أذاعوا فهو الذَّبْح، وأشار بيده إلى حلقه، قال: فخرجتُ من عنده، فلقيت أبا جعفر الأحول، فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى، فحدَّثته بالقصّة.

قال: ثمّ لقينا الفضيل وأبا بصير، فدخلا عليه وسمعا كلامه وساءلاه وقطعا عليه بالإمامة، ثمّ لقينا الناس أفواجاً، فكلّ مَنْ دخل عليه قطع، إلاّ طائفة عمّار وأصحابه، وبقي عبد الله لا يدخل إليه إلاّ قليلٌ من الناس، فلمّا رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أنّ هشاماً صدّ عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني‏([54]).

5ـ وهكذا وقع الترديد والتفرقة بعد استشهاد أبي الحسن الكاظم×، فإنّ كثيراً من ثقات أصحاب أبي الحسن الكاظم× مالوا إلى القول بالوقف، وفيهم ستّة من أصحاب الإجماع، وهم:

1ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر؛

2ـ جميل بن درّاج؛

3ـ حمّاد بن عيسى؛

4ـ صفوان بن يحيى؛

5ـ عثمان بن عيسى؛

6ـ عبد الله بن المغيرة.

فهم رجعوا عن القول بالوقف لا بالنصوص المذكورة، بل بعد إقامة المعجزات وإتمام الحجّة. قال الشيخ€: يبطل ذلك أيضاً ما ظهر من المعجزات على يد الرضا× الدالّة على صحّة إمامته، وهي مذكورةٌ في الكتب. ولأجلها رجع جماعةٌ من القول بالوقف، مثل: عبد الرحمن بن الحجّاج، ورفاعة بن موسى، ويونس بن يعقوب، وجميل بن درّاج، وحمّاد بن عيسى، وغيرهم. وهؤلاء من أصحاب أبيه الذين شكّوا فيه، ثمّ رجعوا.

وكذلك مَنْ كان في عصره، مثل: أحمد بن محمد بن أبي نصر، والحسن بن عليّ الوشّاء، وغيرهم، ممَّنْ كان قال بالوقف، فالتزموا الحجّة، وقالوا بإمامته وإمامة مَنْ بعده من ولده.

فروى جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمد بن أبي عمير، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ـ وهو من آل مهران، وكانوا يقولون بالوقف، وكان على رأيهم، فكاتب أبا الحسن الرضا×، وتعنّت في المسائل ـ فقال: كتبتُ إليه كتاباً وأضمرتُ في نفسي أنّي متى دخلتُ عليه أسأله عن ثلاث مسائل من القرآن، وهي قوله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ (الزخرف: 40)، وقوله: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ﴾ (الأنعام: 125)، وقوله: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾ (القصص: 56).

قال أحمد: فأجابني عن كتابي، وكتب في آخره الآيات التي أضمرْتُها في نفسي أن أسأله عنها ولم أذكرها في كتابي إليه، فلمّا وصل الجواب أُنسيتُ ما كنت أضمرتُه، فقلتُ: أيّ شي هذا من جوابي؟ ثمّ ذكرتُ أنّه ما أضمرتُه.

وكذلك الحسن بن عليّ الوشّاء، وكان يقول بالوقف، فرجع، وكان سببه أنّه قال: خرجت إلى خراسان في تجارةٍ لي، فلمّا وردته بعث إليّ أبو الحسن الرضا× يطلب منّي حبرة ـ وكانت بين ثيابي قد خفي عليّ أمرُها ـ، فقلتُ: ما معي منها شيء، فردّ الرسول، وذكر علامتها، وأنّها في سفط كذا، فطلبتُها فكان كما قال، فبعثتُ بها إليه. ثمّ كتبتُ مسائل أسأله عنها، فلمّا وردتُ بابه خرج إليَّ جواب تلك المسائل التي أردْتُ أن أسأله عنها من غير أن أظهرتها، فرجع عن القول بالوقف إلى القطع على إمامته([55]).

6ـ كما أنّه قد وقع الترديد والتفرقة بعد استشهاد أبي الحسن الرضا×.

فعن المحمودي قال: كنتُ واقفاً على رأس الرضا× بطوس فقال لي بعض أصحابه: إنْ حدث حدث فإلى مَنْ؟ فالتفت× وقال له: إلى ابني أبي جعفر، فكأنّ الرجل استصغر سنّه، فقال له أبو الحسن: إنّ الله بعث عيسى بن مريم قائماً بشريعته وهو في دون السنّ التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعتنا.

فلمّا مضى الرضا× في سنة اثنتين ومائتين كانت سنّ أبي جعفر نحو سبع سنين. واختلفت الكلمة من الناس ببغداد وفي الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن الحجّاج ويونس بن عبد الرحمن وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمن بن الحجّاج في بركة زلول يبكون ويتوجّعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبد الرحمن: دَعُوا البكاء، مَنْ لهذا الأمر؟ وإلى مَنْ يقصد بالمسائل الى أن‏ يكبر هذا الصبيّ،‏ يعني أبا جعفر×؟

فقام إليه الريّان بن الصلت، فوضع يده في حلقه، ولم يزَلْ يلطمه، ويقول له: يا بن الفاعلة، أنت تظهر الإيمان لنا وتبطن الشكّ والشرك؟! إنْ كان أمره من الله ـ جلَّ وعلا ـ فلو أنّه ابن يومٍ واحد كان بمنزلة ابن مائة سنة، وإنْ لم يكن من عند الله فلو عمَّر ألف سنةٍ فهو كواحدٍ من الناس. هذا ما ينبغي أن يفكّر فيه. فأقبلت العصابة على يونس تعذله وتوبِّخه([56]).

7ـ وتدلّ على الترديد أيضاً مسألة عرض الدين على الإمام×.

فقد روى الكشّي، مسنداً عن عمرو بن حريث، عن أبي عبد الله×، قال‏: دخلتُ عليه وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد، فقلتُ له: جُعلتُ فداك، ما حوّلك إلى هذا المنزل؟ قال: طلب النزهة، قال: قلتُ: جُعلتُ فداك، ألا أقصّ عليك ديني الذي أدين به؟ قال: بلى يا عمرو، قلت: إنّي أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّ الساعة آتية لا رَيْبَ فيها، وأنّ الله يبعث مَنْ في القبور، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت مَنْ استطاع إليه سبيلاً، والولاية لعليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين بعد رسول الله صلّى الله عليهما، والولاية للحسن والحسين، والولاية لعليّ بن الحسين، والولاية لمحمّد بن عليّ، ولك من بعده، وأنتم أئمّتي، عليه أحيا، وعليه أموت، وأدين الله به.

قال: يا عمرو، هذا ـ والله ـ ديني ودين آبائي الذي ندين الله به في السرّ والعلانية، فاتَّقِ الله، وكُفَّ لسانك إلاّ من خيرٍ، ولا تقُلْ: إنّي هديتُ نفسي، بل هداك الله، فاشكر ما أنعم الله عليك، ولا تكُنْ ممَّنْ إذا أقبل طعن في عينيه، وإذا أدبر طعن في قفاه، ولا تحمل الناس على كاهلك، فإنّه يوشك إنْ حملتَ الناس على كاهلك أن يصدّعوا شعب‏ كاهلك([57]).

ومسألة عرض الدين ـ كما في هذه الرواية ـ تدور حول الإمامة غالباً، فإنّه لو كانت هناك نصوص مشهورة على إمامة الأئمة الاثني لما احتاج الرجل الشيعي إلى عرض دينه على إمامه.

ونؤيِّد هذه الأمور بوجوهٍ أخرى:

1ـ لو كانت هذه النصوص الدالّة على إمامة الأئمة الاثني عشر بأجمعهم موجودة بأيدي الناس، بحيث رواها كثيرٌ من رواة الفريقين ـ حتّى مثل: أبي هريرة ـ فما الوجه في وصاية أمير المؤمنين× لابنه الحسن×، ووصاية الحسن× لأخيه الحسين×، ووصاية الحسين× لابنه السجّاد×، وهكذا….

فلاحِظْ هذه الروايات:

أـ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ وعمر بن أذينة، عن أبان، عن سُلَيْم بن قيس قال: شهدتُ وصيّة أمير المؤمنين× حين أوصى إلى ابنه الحسن×، وأشهد على وصيّته الحسين× ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح، وقال لابنه الحسن×: يا بنيّ، أمرني رسول الله| أن أوصي إليك، وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ رسول الله| ودفع إليّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين×، ثمّ أقبل على ابنه الحسين× فقال: وأمرك رسول الله| أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين×، ثمّ قال لعليّ بن الحسين: وأمرك رسول الله| أن تدفعها إلى ابنك محمد بن عليّ، وأقرئه من رسول الله| ومنّي السلام([58]).

ب ـ محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين وأحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر× قال: إنّ الحسين بن عليّ× لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين×، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّةً ظاهرةً، وكان عليّ بن الحسين× مبطوناً معهم، لا يرَوْن إلا أنّه لما به، فدفعَتْ فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسين×، ثمّ صار والله ذلك الكتاب إلينا([59]).

ج ـ محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جدّه قال: التفت عليّ بن الحسين× إلى ولده وهو في الموت، وهم مجتمعون عنده، ثمّ التفت إلى محمد بن عليّ فقال: يا محمد، هذا الصندوق اذهَبْ به إلى بيتك. قال: أما إنّه لم يكن فيه دينارٌ ولا درهم، ولكنْ‏ كان مملوءاً علماً([60]).

2ـ لو كانت هذه الأخبار المصرِّحة بأسمائهم موجودةً فما الوجه في الروايات التي صرَّحت فيها بأنّ الإمامة كانت في الأعقاب:

أـ عليّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد الله× قال: لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً، إنّما جرت من عليّ بن الحسين كما قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ‏﴾، فلا تكون بعد عليّ بن الحسين× إلاّ في الأعقاب وأعقاب الأعقاب([61]).

ب ـ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا×، أنّه سئل أتكون الإمامة في عمٍّ أو خال؟ فقال: لا، فقلتُ: ففي أخ؟ قال: لا، قلتُ: ففي مَنْ؟ قال: في ولدي، وهو يومئذٍ لا ولد له([62]).

ج ـ محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله× أنّه قال: لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين، إنّما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب([63]).

ولا تقُلْ: إنّ هذه النصوص لإزاحة الشبهة بين الشيعة.

لأننا نقول: هذه الروايات مرويّةٌ عن كبار أصحابنا وأجلاّئهم وثقاتهم، مثل: يونس بن يعقوب ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وحمّاد بن عيسى، فما هو السبب في تأثُّر الثقات بالشبهة؟ وهل هو إلاّ لعدم توفّر هذه النصوص المصرِّحة بأسمائهم عندهم؟

3ـ قد عرفْتَ آنفاً ما حصل من الترديد لكبار أصحابنا، وذهابهم إلى الفطحية والواقفية والناووسية و…

ولكنّ السابر والمتتبِّع في الروايات لم يجِدْ أيّ رواية احتجّ الإمام المعصوم× بهذه النصوص الدالّة على إمامة الأئمة الاثني عشر بأجمعهم تجاه هذا الترديد.

كما أنّك لم تجِدْ أنّ أجلاّء أصحابنا احتجّوا بهذه النصوص تجاه أتباع الفرق المنحرفة. فالاحتجاج بهذه النصوص ـ لو كانت ـ أولى وأجدر.

4ـ إنّك بالتتبُّع في كتب الرواية تجد أنّ حكّام الجور ـ الأمويين أم العباسيين ـ اهتمّوا غاية الاهتمام بمسألة الإمامة عند الشيعة؛ لكي يقتلوا الإمام أو يحبسوه. فعن أبي أيّوب النحوي قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فأتيتُه، فدخلتُ عليه وهو جالسٌ على كرسيّ وبين يديه شمعةٌ وفي يده كتابٌ، قال: فلمّا سلّمتُ عليه رمى بالكتاب إليّ، وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أنّ جعفر بن محمد قد مات، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ثلاثاً، وأين مثل جعفر؟ ثمّ قال لي: اكتب، قال: فكتبْتُ صدر الكتاب، ثمّ قال: اكتب: إنْ كان أوصى إلى رجلٍ واحد بعينه فقدِّمْه فاضربْ عنقه، قال: فرجع إليه الجواب أنّه قد أوصى إلى خمسةٍ، أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة([64]).

فلو كانت النصوص المصرِّحة بأسماءهم صحيحة موجودة فما هو الوجه في ما فعله المنصور العبّاسي وأمثاله؟!

5ـ لو كانت هذه النصوص بهذه المثابة من الشهرة فما الوجه في قيام بني الحسن وبني العبّاس، ودعوة الناس إلى أنفسهم، وإقبال الناس إليهم في الجملة؟!

6ـ إنّ هذه النصوص ليست بصحيحة سنداً، بل بعضها ليس صحيحاً مصدراً، كما هو الحال في ما رواه الحصيني (أو الخصيبي) في كتاب الهداية الكبرى.

ثمّ إنّ ما قلناه إلى هنا لا يعني عدم صحّة جميع النصوص حول الأئمة الاثني عشر؛ فإنّ هناك روايات صحيحة تدلّ على إمامتهم، منها:

ـ ما رواه الصدوق، عن أبيه ومحمد بن الحسن ـ رضي الله عنهما ـ قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميريّ ومحمد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً قالوا: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ قال: حدّثنا أبو هاشم داوود بن القاسم الجعفريّ، عن أبي جعفر الثاني محمد بن عليّ× قال: أقبل أمير المؤمنين× ذات يومٍ، ومعه الحسن بن عليّ وسلمان الفارسيّ رضي الله عنه، وأمير المؤمنين× متّكئٌ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام، فجلس، إذ أقبل رجلٌ حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أمير المؤمنين×، فردّ عليه السلام، فجلس، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إنْ أخبرتني بهنّ‏َ علمْتُ أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإنْ تكن الأخرى علمْتُ أنّك وهُمْ شرعٌ سواء، فقال له أمير المؤمنين×: سَلْني عمّا بدا لك…

إلى أن قال: فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزَلْ أشهد بها، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، ولم أزَلْ أشهد بها، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته بعده، وأشار بيده إلى أمير المؤمنين×، ولم أزَلْ أشهد بها، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته وأشار إلى الحسن×، وأشهد أنّ الحسين بن عليّ وصيّ أبيك والقائم بحجّته بعدك، وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنّه القائم بأمر محمد بن عليّ، وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى، وأشهد على عليّ بن محمد أنّه القائم بأمر محمد بن عليّ، وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمد، وأشهد على رجلٍ من ولد الحسن بن عليّ، لا يكنّى ولا يسمّى حتّى يظهر أمره فيملأ الأرض‏ عدلاً كما ملئت جوراً…، الحديث([65]).

ورواه أيضاً عن أبيه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن ابن خالد البرقي، عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري([66]).

ورواه الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري([67]).

ورواه والد الصدوق، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً قالوا: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدّثنا أبو هاشم داوود بن القاسم الجعفري([68]).

بل الكلام في المقام حول صحّة ما نُقل في هذا المعنى من الأئمة قبل عصر الرضا×.

كما أنّ النصوص الدالّة على إمامة الأئمة الاثني عشر ليست بمنحصرةٍ في تلك النصوص، كما لا يخفى على مَنْ لاحظ المصادر الروائية.

الهوامش

(*) باحثٌ متخصِّص في مجال علم الكلام والرجال.

([1]) كفاية الأثر: 187 ـ 189. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 348.

([2]) كفاية الأثر: 213 ـ 218. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 354 ـ 356.

([3]) كفاية الأثر: 232 ـ 234. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 384 ـ 386.

([4]) كفاية الأثر: 248 ـ 250. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 390 ـ 392

([5]) كفاية الأثر: 255 ـ 259. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 403 ـ 405.

([6]) كفاية الأثر: 259. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 405.

([7]) كفاية الأثر: 260 ـ 264. وعنه: بحار الأنوار ‏4: 54 ـ 56؛ 36: 406 ـ 407.

([8]) كفاية الأثر: 266 ـ 267. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 409 ـ 410.

([9]) مقتضب الأثر: 6 ـ 7. وعنه: بحار الأنوار ‏53: 144.

([10]) دلائل الإمامة: 447 ـ 449.

([11]) الهداية الكبرى: 375 ـ 376. ولا يخفى ما في سنده من السقط.

([12]) مقتضب الأثر: 11 ـ 13. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 217 ـ 219.

([13]) مقتضب الأثر: 32 ـ 38. وعنه: بحار الأنوار ‏15: 241 ـ 247.

([14]) كنـز الفوائد: 2: 136 ـ 139. وعنه: بحار الأنوار ‏18: 293 ـ 297.

([15]) مقتضب الأثر: 10 ـ 11.

([16]) الغيبة: 147 ـ 148.

([17]) الطرائف 1: 172 ـ 173.

([18]) تأويل الآيات الظاهرة: 104 ـ 105.

([19]) كمال الدين: ‏1: 282 ـ 284، ح36. وعنه: بحار الأنوار ‏43: 248 ـ 250.

([20]) كمال الدين: ‏2: 336، ح9.

([21]) الخصال ‏2: 478، ح46؛ عيون أخبار الرضا× ‏1: 54، ح20. وعنه: بحار الأنوار ‏36: 396.

([22]) الاختصاص: 6.

([23]) المصدر نفسه.

([24]) الاختصاص: 10.

([25]) رجال الكشّي: 11.

([26]) رجال الكشّي: 8.

([27]) رجال الكشّي: 123.

([28]) الاختصاص: 64.

([29]) رجال الكشّي: 120.

([30]) الهداية الكبرى: 221.

([31]) الكافي ‏1: 348، ح5.

([32]) الكافي ‏1: 348، ذيل ح5.

([33]) ‏ الإمامة والتبصرة: 60، ح49.

([34]) بصائر الدرجات ‏1: 502، ح3.

([35]) دلائل الإمامة: 206، ح19

([36]) فرق الشيعة: 53.

([37]) المقالات والفرق: 73.

([38]) رجال الكشّي: 326، الرقم 590.

([39]) الغيبة: 324، ح1.

([40]) الكافي ‏1: 313، ح12؛ عيون أخبار الرضا× 1: 31، ح26؛ الإرشاد: ‏2: 251؛ الغيبة: 39 ـ 38.

([41]) المقالات والفرق: 79 ـ 89.

([42]) إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 547.

([43]) الفصول المختارة: 306.

وروى الكليني عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله×، أنا وصاحب الطاق، والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر أنّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق ـ والناس عنده ـ، وذلك أنّهم رووا عن أبي عبد الله× أنّه قال: إنّ الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة. الكافي ‏1: 351، ح7.

([44]) المقالات والفرق: 87.

([45]) رجال الكشّي: 254. ولاحِظْ: المقالات والفرق: 87.

([46]) لاحِظْ: الكافي 1: 310 ـ 311، ح13 ـ 14.

([47]) رجال الكشّي: 345.

([48]) رجال الكشّي: 254.

([49]) رجال الكشّي: 153 ـ 154، الرقم 251.

([50]) رجال الكشّي، الرقم 253.

([51]) رجال الكشّي، الرقم 254.

([52]) رجال الكشّي، الرقم 255.

([53]) رجال الكشّي، الرقم 256.

([54]) الكافي ‏1: 351، ح7؛ رجال الكشّي: 282.

([55]) الغيبة: 71 ـ 72.

([56]) إثبات الوصية: 220؛ دلائل الإمامة: 388. وقريب منه في عيون المعجزات: 119.

([57]) رجال الكشّي، الرقم 792. ولاحِظْ أيضاً: الكافي ‏2: 23، ح14. وكذا رجال الكشّي، الرقم 796، 799.

([58]) الكافي ‏1: 297، ح1.

([59]) الكافي ‏1: 303، ح1. ومثله في بصائر الدرجات ‏1: 163، ح3.

([60]) الكافي ‏1: 305، ح2. ومثله في بصائر الدرجات ‏1: 165، ح13.

([61]) الكافي ‏1: 285، ح1.

([62]) الكافي ‏1: 286، ح3.

([63]) الكافي ‏1: 286، ح4.

([64]) الكافي 1: 310 ـ 311، ح13، 14.

([65]) كمال الدين ‏1: 313 ـ 315، ح1.

([66]) علل الشرائع 1: 96، ح6.

([67]) الكافي ‏1: 525، ح1.

([68]) الإمامة والتبصرة: 106، ح93.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً