أحدث المقالات

إن المحنة التي تعيشها أمتنا المعاصرة هي من أشد المحن التي تمر عليها , فبالإضافة إلى ضعفها وبعدها الشديد عن الإسلام وأصالته , جاء الفساد على كل مستوياته كنتيجة طبيعية لهذا البعد لينخر فيما تبقى من جسدها , وللأسف كان العضو الأبرز في هذا الإفساد هو المرأة , حيث استطاعت من خلالها ما يسمى بالحضارة الغربية أن تخترق الأمة الإسلامية لتنشر الفساد وتعم الفوضى على كل مستوياتها الفكرية والإنسانية وغيرها من خلال المرأة التي ركز الآخر على بعدها الأنثوي وأهمل البعد الإنساني الذي يشكل أصالتها ويشترك بأرضيته وأبعاده مع البعد الإنساني عند الرجال . ولكن لا نريد هنا أن نلقي باللوم على الحضارة الغربية في عملية الفساد والإفساد, فالمسؤولية موزعة على الجميع , فلماذا تمكن أعداؤنا منا؟ ولماذا لم نحصن نساءنا ضد هذا الوباء الخطير؟ وهل تم تجاهل المرأة أو إهمالها لتصل إلى هذا الوضع الخطير؟ أو هل تم قراءة المرأة دينيا بشكل متشدد مما أدى إلى نفورها؟ وما هو الدور الملقى على عاتقنا جميعا في ظل هذا الانحراف الخطير ؟ هل نقف متفرجين أم ننهض بأنفسنا وفكرنا ونعيد النظر في كثير من مفاهيمنا الدينية التي قد يكون فهمنا لها تأثر بظروف بيئية واجتماعية معينة؟

وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة لنستقرئ تاريخ المرأة الإنساني في عصور مختلفة.

المرأة في عصر الجاهلية(ما قبل الإسلام):

ينقل لنا التاريخ وقائع كثيرة تحدثت عن الجو العام في عصر الجاهلية ونظرة رجالات ذلك العصر للمرأة وكيفية التعامل معها.ولقد ذكر العلامة السيد الطباطبائي في جملة من أحوال المرأة في المجتمع الإنساني من أدوار مختلفة قبل الإسلام وزمن ظهوره ويستنتج من جميع ذلك ما يلي:

أولا : أنهم كانوا يرونها إنسانا في أفق الحيوان العجم, أو إنسانا ضعيف الإنسانية منحطا لا يؤمن شره وفساده لو أطلق من قيد التبعية , واكتسب الحرية في حياته.

ثانيا: أنهم كانوا يرون وزنها الاجتماعي أنها خارجة من هيكل المجتمع المركب غير داخلة فيه , وإنما كالأسير المسترق الذي هي من توابع المجتمع الغالب , ينتفع من عمله ولا يؤمن كيده على اختلاف المسلكين.

ثالثا: أنهم كانوا يرون حرمانها في عامة الحقوق التي أمكن انتفاعها منها إلا بمقدار يرجع انتفاعها إلى انتفاع الرجال القيمين بأمرها.

رابعا: أن أساس معاملتهم معها فيما عاملوا هو غلبة القوي على الضعيف وبعبارة أخرى قريحة الاستخدام. ( تفسير الميزان ج2 , ص 272  )

هذه نبذة يسيرة مختصرة عن حياة المرأة في العصر الجاهلي , هذا بالإضافة إلى ظاهرة وأد البنات التي تعتبر انتهاكا صارخا لحق الإنسان الطبيعي في الحياة التي وهبها له الله.

وفي غضون ذلك العصر المظلم وفي ظل هذه العقليات التي لا تحمل في فكرها سوى البطش والظلم والإغارة ظهر نور أضاء ظلمة عاكفة تبدد معها الظلام وانقشع مع صباح قدومه الأبصار وهدمت كل أركان الضلال وهو نور السلامة المحمدية التي جاء بها خير البشر محمد (ص) الذي بعث رحمة للعالمين فكيف كان وضع المرأة في هذه الشريعة الجديدة.

المرأة في الإسلام:

جاء الإسلام ليخاطب إنسانية الإنسان لا جنسه ونوعه وتجلى ذلك واضحا في قول الله تعالى ” إني جاعل في الأرض خليفة” فكان الاستخلاف له دلالات عديدة من ضمنها أن هذه الوظيفة الإلهية أنيطت بالإنسان كإنسان وليس كرجل أو امرأة كما أن الأمانة الإلهية التي عرضت على الجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان بإنسانيته دون النظر لجنسه.

فنرى الإسلام جاء ليخاطب المرأة كخطابه للرجل بل قال أكثر من ذلك,بعد أن كانت ليس لها ملكية ولا حكم على نفسها فقال تعالى : ” للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن” , رفع الإسلام هذا المخلوق المضطهد على مر العصور مكانتها وجعلها عزيزة كريمة ساوى بينها وبين الرجال في الأبعاد الإنسانية ولكن حينما تلبست هذه الإنسانية في أجساد مختلفة في البعد المادي والتركيب الظاهري استدعى ذلك الاختلاف في القوالب اختلافا في الأحكام والوظائف والواجبات تتناسب وأبعاد كل جنس المادية وبما يتلاءم مع هذا القالب.

وهكذا أخذت المرأة تحتل مكانتها الطبيعية في المجتمع الإسلامي ولقد قال العلامة الطباطبائي في ذلك بتصرف : أما الإسلام فلقد أبدع في حقها أمرا ما كانت تعرفه الدنيا منذ قطنها قاطنوها, وخالفهم جميعا في بناء بنية فطرية عليها كانت الدنيا هدمتها من أول يوم وأعفت آثارها, وألغى ما كانت تعتقده الدنيا في هويتها اعتقادا وما كانت تسير فيها سيرتها عملا . ( تفسير الميزان ج 2 ص 273 ).

ولقد قال تعالى في مقياس التفاضل بين الناس جميعا ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”. فجعل ميزان التفاضل التقوى لا الجنس, ولقد روي الإمام الصادق (ع) أنه قال : ” المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح” (وبذلك أشار الإمام أن الإنسانية في نظر الإسلام لها قيمة وميزان واحد للكرامة بغض النظر عن الجنس والصفات الطبيعية وهذا الميزان هو التقوى وأفضلية العمل الصالح . فمتى ما توفرت التقوى والصلاح كانت الإنسانية أفضل وأكمل فلا المرأة بما هي امرأة تفصل الرجل ولا الرجل بما هو رجل يفضل المرأة.)المرأة مع النبي للشهيدة بنت الهدى.

” ولقد ساوى الإسلام بينها وبين الرجل من حيث تدبير شئون الحياة بالإرادة والعمل فإنهما متساويان من حيث تعلق الإرادة بما يحتاج إليه البنية الإنسانية في الأكل والشرب وغيرهما من لازم البقاء , فلها أن تستقل بالإرادة ولها أن تستقل بالعمل وتمتلك نتاجها كما للرجل ذلك من غير فرق {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } أما التمايز في بعض الأحكام أو الوظائف بينها وبين الرجل فهي ليست من باب الأفضلية فلقد قال تعالى { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم من بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما} يريد أن الأعمال التي يهديها كل من الفريقين إلى المجتمع هي الملاك لما اختص به الفضل وأن هذا الفضل ما تعين لحوقه بالبعض دون البعض كفضل الرجل على المرأة في سهم الإرث وفضل المرأة على الرجل في وضع النفقة عنها , فلا ينبغي أن يتمناه متمن ومنه ما لم يتعين إلا بعمل عامل كائنا من كان كفضل الإيمان والعلم والعقل والتقوى وسائر الفضائل التي يستحسنا الدين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء” تفسير الميزان ج2 ص 276.

فالإسلام جعل للمرأة مكانة لم تكن لها من قبل في العصور السابقة له وكما تشير إلى ذلك الشهيدة بنت الهدى” أنه جعلها مهد الحضارات والثقافات فهي المدرسة الأولى في الحياة وهي أحد العنصرين الأساسيين في تكوين المجموعة البشرية فهي مربية الأجيال وهي نقطة انطلاقة المجموعة البشرية وهي المهد الفطري للوليد وصدرها واهب الحياة للجيل لذلك أولاها الإسلام أهمية في شريعته وأحكامه” .

المرأة في الحضارة الغربية:

في القرن الأخير علت صيحات من الغرب تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وانتقلت هذه الصيحة لثقافتنا لتعلو صيحات نساء مسلمات تطالبن بنفس المساواة . ولكن حقيقة هذه الصيحات التي علت من الأوربيات تعود للعصور الوسطى التي كانت تحكم فيها الكنائس حيث كانت تنظر للمرأة بأنها مصدر للفساد والإثم أي أن المرأة في العصور الوسطى في الغرب كانت تعيش ظلما شديدا باسم الدين بل ذهب بعض علمائهم للبحث في كون المرأة إنسان أو غير إنسان وهل تحمل روحا أم لا؟ فعاشت المرأة الأوروبية في ظل هذه التصورات بعزلة اجتماعية جعلتها تصدق أنها مصدر الآثام وأنها مخلوق يختلف عن البشر واستمر وضعها هذا إلى أن بدأت الحضارة المادية الرأسمالية بالظهور والتي وجدت في المرأ الملاذ الآمن في ترويج أفكارها لذلك بدأت هذه الحضارة المزعومة بعد إن أبعدت الكنائس عن الحكم وفصلت الدين عن الدولة , وفتحت باب الحريات من منظوره المادي وأعطت للمرأة الحق في المطالبة بمساواتها بالرجل ولكن سرعان ما وقعن هؤلاء النسوة في شر هذا الشعار وهذه المطالبة لأن المدنية الرأسمالية تنظر في قاعدتها الفكرية للإنسان كخادم للإنتاج لا غير سواء كان هذا الإنسان رجل أو إمراة , والمساواة بين الرجل والمرأة لم ينظر فيها إلى الاختلافات الجسدية والتركيبات النفسية لكل من المرأة والرجل ودون النظر إلى كون وجود المرأة مبني على لطافة البنية ورقة الشعور مما يؤثر في مهامها ويجعلها تختلف عن الرجل في بعض الوظائق والتكاليف والواجبات خاصة فيما يتعلق بالاسرة , واكتشفت المرأة الأوروبية أن الشعار كان فخا نصب لها لتستخدم كسلعة لترويج بضائع التجار وأهمل فيها البعد الإنساني واستغل البعد الأنثوي استغلاال سيئا بعيدا عن الإنسانية كما كان في عصر الجاهلية.

وللأسف بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة صدى لهذه الصيحات في أوساطنا الإسلامية . لذلك نجد أن المرأة وفق طبيعتها شرعت لها تشريعات وأحكام تتناسب وهذه الطبيعة كالأمومة والزوجية ,ولكن هناك أحكام متغيرة وفق تغير قابلياتها خاصة فيما يتعلق في البعد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيره من الأبعاد الخارجة عن نطاق الأسرة والداخلة في نطاق الحياة الاجتماعية للإنسان.وهي تتساوى مع الرجل في الحقوق والواجبات في هذا النطاق الاجتماعي بكل مصاديقه لا فرق بينهما إلا بالكفاءة والجهد وابداعات كل منهما تعتبر المقياس في التفاضل.

ونحن هنا ننشد بينهما العدالة فإن كانت العدالة بالتمييز بينهما وفق طبيعة تكوين كل منهما بحيث تتكامل ادوارهما فنحن مع هذا التمييز الإيجابي أما إن كانت العدالة تقتضي المساواة خاصة فيما يتعلق بالبعد الاجتماعي فنحن مع المساواة في ذلك فأينما تحققت العدالة بينهما تميل كفة الشريعة والتكاليف.

ولكن ما هو سبب انجذاب البعض لهذه الشعارات هل لأن الإسلام كما يعتقد البعض منهن ظلمهن أو أن العادات والتقاليد التي مورست عليهن باسم الإسلام هي السبب في بعدهن عن الإسلام وهل أن فهم الدين وما نتج عن بعض الفقهاء نتيجة هذا الفهم من أحكام قد تعتبر شديدة في حق المرأة ؟

المرأة في نظر الفقهاء:

لعل السبب في سياق العنوان بهذا الشكل هو غيبة الإمام المعصوم عليه السلام والذي يعتبر لسان الشريعة الناطق بحقائقها الواقعية كما يريدها الله وتصدي فقهاؤنا لهذه العملية التي تعتمد على استنباط الفقيه للأحكام وفق أسس علمية ومنهجية وأصولية ووفق فهمه للنص وقبل الخوض في هذا الموضوع لا بد من مقدمة صغيرة:

” فالشريعة الإسلامية عبارة عن مجموعة من الأركان والأصول والفروع المنزلة على النبي (ص) إضافة إلى سير الأولياء وسننهم , أما المعرفة الدينية فهي فهم الناس المنهجي والمضبوط للشريعة , ولها كما لغيرها من المعارف في مقام التحقق هوية جمعية وجارية. فالمعفرة الدينية كالمعارف الأخرى يمكن ملاحظتها في مقامين:

مقام يجب أو مقام التعريف ومقام يوجد أي مقام التحقق.

في مقام التعريف : المعرفة كاملة وخاصة وصادقة , أي ما يجب أن تكون عليه, أما في مقام التحقق فهي ما أنتجه العلماء وأعلنوا عنه , وهي موضوع التعلم والتعليم وهي ناقصة حتما وكثيرة الأخطاء. فالمعرفة الدينية هي جهد إنساني لفهم الشريعة , مضبوط ومنهجي وجمعي ومتحرك….. فالمعرفة الدينية على الرغم من أنها مبنية على الدين ومرآة له , ولكنها ليست الدين نفسه , فالدين بنظر المؤمنين به, لا تناقض فيه ولا اختلاف أما المعرفة الدينية فتتضمن تناقضا واختلافا , أي أن آراء علماء الدين وفهم المفكرين للنصوص الدينية الكثير من التناقض والاختلاف : في الفقه أو في علم الكلام أ, التفسير أو علم الأخلاق وغير ذلك و فالدين في نظر المؤمنين به حق كله أما المعرفة الدينية فمزيج من الحق والباطل” القبض والبسط في الشريعة للدكتور عبد الكريم سروش.إلا أننا نختلف مع هذه النظرية في إطلاقها للمعرفة الدينية وعدم تخصيصها بمعنى أن فهم الفقهاء في الاحكام الشرعية الفقهية والاصولية وخاصة في الأدلة الظنية هو المعني بقضية فهم الدين وفق خلفية الفقيه البيئية والفكرية.أي أن فهم النص الشرعي يعتمد على عاملي الزمان والمكان وهما الوعاءان اللذان يحتويان المجتمعات الإنسانية وهما عبارة عن مجموع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والطبيعية ومجموع العادات والتقاليد والأعراف البيئية المحيطة بالنص.إذا ففهم أهل الدين الذي هو محل بحثنا ليس كما أطلقه سروش وإنما محدد في علوم الفقه وأبحاثها.

ومن يقرأ الأحكام الخاصة بالنساء قد يخرج بتصور يشعره بنوع من الغبن في بعض الأحكام إذا ما قارن وضع المرأة في العصر الحالي وقد يثير ذلك تساؤل مفاده هل الإسلام واقعا صرح بذلك أم أن بعض هذه الأحكام هي خلاصة جهد الفقيه لفهمه واستنباطه؟ وهل تأثر فهم الفقيه بالظروف الاجتماعية المحيطة به ؟

“إن الفقهاء لا يزعمون أبدا أن الفقه هو نفس الكتاب والسنة والحقيقة أن هناك إفراطا وتفريطا في كل واحدة من هاتين الرؤيتين , سواء القائلة بأن الفقه هو نفس الكتاب والسنة أو القائلة بالفصل التام بينهما . وهاتان الرؤيتان كلتاهما خاطئتان , وإنما نحن نقول بأن الفقه يستند للكتاب والسنة وهو ليس عينهما والفقيه يؤدي عمله في هذا الإطار… وصحيح أن الظروف الاجتماعية تؤثر في طريقة فهم الفقيه للأمور هذا فيما إذا كان المرء ينظر إلى الفقه من الخارج ولكننا لو سألنا الفقيه ماذا تفعل لقال إنني أبين أحكام كتاب الله وسنة الرسول أي أنه لا يرى لنفسه هوية غير الهوية التي رسمها له الدين ” الشيخ مهدي مهريزي , مصدر سابق ويضيف ” إن صور العادات والتقاليد قد تسربت إلى الفقه بالإضافة إلى أن المعرفة الفقهية المنتجة في قضايا المرأة لا تساهم في إنتاجها الأنثى في الغالب,وإنما تصدر عادة عن الرجل , والرجل بطبيعته لا يستطيع أن يتحسس بعمق آلام وآمال النساء وعواطف المرأة مثلما تعيشها المرأة نفسها , كذلك لا يمكن الجزم بعدم انحياز الرجل إلى قضاياه وهمومه سواء كان واعيا لذلك أم لا”

ويذكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين بهذا الصدد قائلا ” فقد جرى كثير من الفقهاء في فقه المرأة على العمل بما روي من النصوص, من دون احتراز عن الأحاديث الضعيفة,ومن دون محاكمة لمتون الأحاديث المعتبرة, وقد اعتبروا العرف مرجعا في فهم كثير من النصوص وهو عرف لم يثبت أنه بجميع تفاصيله سائدا في عهد النبي(ص) والأئمة المعصومين (ع) ليصلح مرجعا في فهم النصوص, بل من المعلوم إجمالا في بعض الحالات وتفصيلا في بعض الحالات,أن بعض عناصر هذا العرف تكون من العادات والأعراف الدخيلة المستحدثة التي لم يضعها الشرع وإنما أنتجها الإرث الثقافي الذي تأثرت به المجتمعات الإسلامية نتيجة لتفاعلها مع أهل الأديان والثقافات الأخرى وهذا النوع من الأعراف لا يصلح مرجعا لفهم النص الشرعي” انتهى

ومثالا على ما قاله الشيخ شمس الدين نذكر ما ذكره الشهيد مطهري في كتابه الحجاب ” إن ستر الوجه واليدين إلى الرسغ غير واجب على المرأة, وأضاف أن ظاهرة ستر الوجه التي انتشرت في العهود الأخيرة استحدثت في الفقه , ولم تكن موجودة من قبل وهي من التقاليد الإيرانية التي تسربت إلى الفقه”.

ولكننا لا نستطيع أن نعزي انفصال المرأة عن المجتمع وعزلتها إلى الآراء الفقهية,فالعزلة هي نتاج موروث ثقافي وعادات وتقاليد فرضت في المجتمعات باسم الدين ولا يوجد ما يثبت أن السبب الرئيسي في عزلة المرأة هو أحكام المرأة الفقهية , قد تكون سببا غير مباشر في ذلك ,” لأن بعض المسائل لها حيثيات زمانية ومكانية فبحث الزمان والمكان الذي طرحه الإمام الخميني يحمل بعدين : بعد يتعلق بمن يريد استنباط الحكم وآخر يتعلق بزمن صدور الحديث وأكد بعض الفقهاء كالمرحوم آية الله بروجردي على أننا يجب أن نعرف زمن صدور الحديث لنفقهه بشكل أفضل” الشيخ مهدي مهريزي مصدر سابق. وللأسف استسلمت المرأة المسلمة لهذا الوضع دون محاولة منها للتغيير والنهوض بمستواها الفكري والديني لتفرض ما يريده الله لا ما تريده العادات والتقاليد التي يرفضها الدين.

بمعنى أن هناك آراء فقهية تخص المرأة يجب إعادة النظر فيها وما يقصد من إعادة النظر كما يقول الشيخ مهدي مهريزي هو أحد أمور ثلاثة :

  1. أن يقدم الفقيه لقوله تبريرا معقولا يمكن الدفاع عنه فيكون كلامه مبنيا على قاعدة رصينة فبالأمس كان إصدار الحكم وحده يكفي أما اليوم فلا بد من بيان فلسفته.
  2. أن يتمكن الفقيه من تفنيد الشبهات التي تثار بخصوص المسألة
  3. أن تتغير نتيجة الاستنباط كليا فمثلا إلى الأمس كانوا يقولون أن بلوغ الفتاة بتمام السنة التاسعة واليوم قد يقولون لا, الملاك هو الحيض أو سن الثالثة عشر, أو أن المرأة يمكن أن تصبح قاضية بعدما كان يقال بأن المرأة لا يمكن أن تصبح قاضية.

وبهذا نرى أن الرأي الفقهي ليس هو عين الكتاب والسنة بل هو رأي مستند إلى الكتاب والسنة وبذلك اشتهر الفقه الشيعي بالاجتهاد وأثبت هذا الفقه أن الدين صالح لكل زمان ومكان.

وما الهجمة الشرسة على الدين ووجود صدى لهذه الهجمة بين صفوف المسلمات باسم المساواة ورفض الاضطهاد الديني كما يقولون هو نتاج بعدنا عن الدين وعن أحكام فقهائنا وعدم معرفتنا لواقع الفقه وعدم اعتناء النساء بفقههن وأحكامهن وبعدهن عن الساحة الفقهية التي قد تكون نتاج التزمت والتشدد باسم الدين.

وما نحتاج له في أحكام المرأة كما يقول الشيخ مهدي مهريزي هو :

  1. أن يقوم الفقهاء بعملية نقد لمضمون الحديث أي يعرض الحديث على القرآن والسنة القطعية والواقع الخارجي والعقل القطعي .
  2. أن تدرس الأحاديث والسيرة بمجموعها
  3. بالإضافة إلى وجوب ملاحظة زمان ومكان صدور الأحاديث والأفعال عن الأئمة عليهم السلام.

وهذه الأمور بالطبع بدأت تطرح بين الفقهاء وستكون محور بحث في السنين المقبلة للنهوض بالفقه نهوضا يتناسب مع ما أراده الله في كتابه وسنة نبيه (ص).وكل ما نأمله أن نرى في المستقبل مجتهدات في أحكام النساء في الكويت ولا يقتصر الأمر على وجودهن في إيران .

وسأختم بنداء وجهته الشهيدة بنت الهدى منذ عقدين من الزمن قائلة: وإلى المتزمتين أوجه خطابي: لماذا فرضوا على المرأة قيودا وحدودا لم ينزل الله بها من قرآن؟فالضغط يولد الانفجار والتزمت يدعو إلى النقمة على جميع الأمور حتى الشرعية الضرورية,وقد ينأى بالمرأة عن تعاليم الإسلام الحقيقية لا سيما إذا كانت ناشئة فتية, وفي هذا ما فيه من أخطار تواجه فتياتنا المسلمات.فاسمع يا أخي المسلم ولا تتحكم مع ميولك ولا تندفع وراء أهواءك تحت ستار من الدعوة إلى تطبيق الإسلام فالإسلام سمح وسهل لا يرد للمرأة إلا العزة والكرامة والمكانة اللائقة.

وأوجه ندائي تأكيدا على نداء الشهيدة : إن انحراف فتياتنا وأخواتنا وانبهارهن بالحضارة الغربية وشعاراتها البراقة الكاذبة ما هو إلا نتاج فكر متشدد قامت أسسه على الموروثات والعادات والتقاليد وظهر باسم الدين فانظروا أخوتي ما يريده الله والدين لا ما يريده الناس والعادات والتقاليد البعيدة عن روح الإسلام فرضا الله هو الغاية فإن رضي الناس والله عليك ساخط فهي خسارة الدارين الدنيا والآخرة فإن الله يغضب لاثنين للمرأة والأطفال والمرأة أسيرة الرجل فأحسنوا لأسراكم وكما قال تعالى” وعاشروهن بمعروف أو سرحوهن بإحسان” , وقال ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب”.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً