أحدث المقالات

مطالعات نقدية جادّة

 

د. الشيخ هادي صادقي(*)

ترجمة: حسن مطر

 

إن ما أورده السيد سروش في هذا الحوار قد سبق أن ذكره في كتاب (بسط التجربة النبوية)، وإن سبب اختيارنا هذا الحوار وتناوله بالبحث والنقد هو ما يتمتع به من صراحة ووضوح. وكما يعلم القارئ الكريم فإن أسلوبنا يقوم على العلمية التامة التي تنأى بنفسها عن جميع أنواع الجدل السياسي والاجتماعي، وعليه لا يمكن توقع غير النتائج العلمية من هذه المقالات، وإن للتكفير واللعن مناخات أخرى نتركها لأصحابها.

ورعاية للاختصار فإننا نكتفي في مقام النقد ببعض الإشارات، تاركين التفصيل إلى موضع آخر، وإلا فهناك الكثير من مواضع النقد في آراء السيد سروش، ولو أردنا نقدها بأجمعها لطال بنا المقام، واحتجنا إلى مجلدات، ونحن نذكر عدداً من إشكالات هذه النظرية ضمن الإشارة إلى الناحية الصحيحة منها:

 

العمق التاريخي لنظرية سروش ـــــ

1ــ قبل كل شيء يجب التنويه إلى أن هذه النظرية قد طرحت قبل سروش من قبل بعض المتجددين، وعلى رأسهم السير سيد أحمد خان الهندي (1817 ـ 1898م)، وله تفسير غير مكتمل للقرآن، فقد ذهب إلى: «أن النبوة ملكة طبيعية خاصة، كسائر القوى البشرية التي تتفتق عند توفر ظروفها ومناخاتها وبيئتها، كما هو الحال بالنسبة إلى ثمار الأشجار….»، كما أنه يرى «أن النبي يحصل على الوحي من الله مباشرة، وما جبريل في واقعه إلا صورة مجازية وكنائية عن القوة أو الملكة التي يتمتع بها النبي»، كما يرى «أن الوحي ليس شيئاً ينزل على النبي من الخارج، بل هو عبارة عن نشاط العقل الإلهي في النفس والعقل القدسي البشري»([1]).

ثم جاء بعده أمين الخولي (1904 ـ 1969م)، الأستاذ في جامعة القاهرة، والباحث المصري في الشأن القرآني، فأقام بالتعاون مع بعض أنصاره مذهباً تفسيرياً يعتمد لغة القرآن، ورغم أن آثاره وآراءه ـ مع حداثتها ـ لم تخرج عن الأرثوذوكسية الإسلامية (مذهب الاعتقاد الرسمي)، إلا أن نقده الأدبي والصريح قد تفرع منه تلاميذ مثل: نصر حامد أبو زيد.

ولد نصر حامد أبو زيد في عام 1943، وهو مفكِّر ومجدِّد وباحث قرآني مصري، وقد ذهب في أبحاثه القرآنية إلى ما هو أبعد من النقد الأدبي، حيث دخل معترك النقد الفلسفي والاجتماعي والنفسي والتأويلي بشكل جريء، وقد أثارت بعض آرائه حول القرآن، ابتداءً من عام 1993م إلى عام 1996م، جدلاً كبيراً في مصر، فحكم عليه الأزهر إثر ذلك بالارتداد. حيث ذهب إلى أن القرآن نصٌّ تاريخيٌّ ثقافيٌّ متأثِّرٌ بزمان ومكان نزوله التدريجي طوال ثلاث وعشرين سنة([2]).

كما أن الآراء المتجددة الأخرى لآخرين، مثل: محمد أركون، وحسن حنفي، ليست سوى استنساخاً لكلمات السير سيد أحمد خان الهندي، ونصر حامد أبو زيد، المخالفة للإجماع.

2ــ إن تتبع جذور نظرية السيد سروش يصل بنا إلى نوع من الرؤية المسيحية للوحي، حيث يذهب إلى كون الوحي من سنخ التجربة الدينية، وهي الرؤية البروتستانتية في إلهياتها الحديثة، فإن الوحي في هذه الرؤية يستند إلى الشخص دون الكلمة، أما الوحي في الإسلام فهو حقيقة كلامية، وما ينتج عن الوحي يُدْعى «كلام الله»؛ وأما في المسيحية، وخاصة البروتستانتية، فيستند إلى شخص المسيح بوصفه وحياً إلهياً، وبين هاتين الرؤيتين بون شاسع.

3ـ تتركز نظرية السيد سروش في بعض نواحيها على بيان المقام الشامخ الذي يتمتع به النبي الأكرم ‘، فإننا إذا صورنا النبي بشكل لا يكون له معه أيّ دور في نزول الوحي نكون قد جهلنا شخصية النبي ‘، وبما أن جميع أفعال الله تصدر عن حكمة فإن اختياره شخص محمد ‘ للنبوة، بل وختم النبوة، إنما كان للاستعداد الكامل الذي كان يتصف به. وقد أشارت الروايات إلى ذلك من خلال التأكيد على ترعرعه بعين الله، وخلقته النورية، وطينته الطاهرة، بالإضافة إلى عشرات الخصائص الأخرى؛ وبعضها اكتسابي؛ والبعض الآخر هبة من الله. والخصائص الموهوبة لا يمنحها الله لشخص على نحو اعتباطي، وإنما تتم عبر آلية الاستحقاق والأهلية والكفاءة. وعليه يجب أن ندرك أنه ينبغي للنبي؛ كي يُجتبى ويصبح أهلاً لتقبل الوحي الإلهي، أن يتوفر على استعدادات روحية خاصة تمهد السبيل لتحقيق ظاهرة الوحي الخطيرة.

4ــ إنّ ما يقال من «أن النبي كان في الرؤية التقليدية مجرد أداة ووسيلة» عارٍ عن الصحة تماماً، فلم يكن النبي في هذه الرؤية مجرد ساعي بريد، وإنما كان في شخصه رسالة مجسَّدة تمشي على الأرض، ومن هنا كان لنا فيه أسوة حسنة، كما كان تجسيداً للقرآن الذي أنزله الله عليه. وانطلاقاً من ذلك فقد وصفت بعض الروايات النبي بالقرآن، قال الإمام علي × في صفة النبي‘: «كان خُلُقه القرآن»، مضافاً إلى أن نفس النبي الشريفة لو لم تكن متسامية لما كانت أهلاً لنزول القرآن، وهذا هو مفاد العبارة القائلة: «إنما يعرف القرآن من خوطب به»، وليست هذه مجرد منزلة تشريفية، وإنما هي حقيقة وجودية، فما لم يتمكن الإنسان من بلوغها لا يكون أهلاً لنزول الحقائق القرآنية.

 

تنافي النظرية مع النصّ الديني نفسه ــــــ

5ـ إن دور النبي الخلاّق في الوحي والقرآن يكمن في إعداد الأرضية؛ لتنمو دوحة القرآن في وجوده، وهذا المعنى لبيان دور النبي في الوحي لا محذور فيه، وأما ما يقال من «أن النبي هو كل شيء في الوحي، فهو الخالق، وهو المنتج» فهو كلام لا أساس له من الصحة؛ لعدم وجود دليل عليه؛ ولكونه لا ينسجم مع القرآن والسيرة النبوية، وإذا أردنا توضيح ذلك بلغة فلسفية نقول: إن النبي هو علة القرآن المادية، ولكنه لا يمكن أن يكون علته الفاعلية، فهناك مئات الآيات القرآنية الدالة على أن الله تعالى هو خالق القرآن، أو أنه هو الذي أنزله على قلب النبي، وإن صراحة هذه الآيات لا تُبْقي أيّ تأويل، ومن هذه الآيات:

1ــ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: 2).

2ــ {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أو يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} (طه: 113).

3ـ {تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت: 2 ـ 3).

4ـ {تَنزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ}، و{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ} (الزمر: 1 ـ 2).

5ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً} (النساء: 105).

6ـ {وَكَذَلِكَ أوحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى: 7).

7ـ {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف: 3 ـ 4).

8 ـ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقة: 40 ــ 47).

9ـ {وَكَذَلِكَ أوحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الشورى: 52).

10ــ {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء: 192 ـ 195).

إن وضوح هذه الآيات يغنينا عن إضافة أي توضيح آخر، إلا أن السيد سروش قد حل مسألة الوحي بقوله: إن النبي قد تصور أن ملكاً يأتي إليه. وفي هذا الحوار أكد على هذه المسألة، حيث قال: «لا موضوعية للبحث حول ما إذا كان الإلهام يأتي من الخارج أو ينبثق من الداخل؛ إذ لا فرق في الوحي بين الداخل والخارج»، ولكنه لم يقدّم دليلاً على عدم تفاوت الخارج والداخل في ما يتعلق بحقيقة الوحي، فهذه دعوى كبيرة لم يُقم عليها أيّ دليل عقلي أو شرعي. وطبعاً لا إشكال في اعتبار الوحي مسألة تتحقق داخل نفس النبي، وليست خارجة عنه، إلا أن هذا لا يعني استبعاد دور الله والملائكة، فهناك المئات من الشواهد القرآنية والروائية التي تؤكد دور الباري تعالى والملائكة، كما أن هناك الكثير من الآيات التي تنسب حتى عربية الألفاظ القرآنية إلى الله تبارك وتعالى.

6ــ مع وجود هذه الآيات المتقدمة لا يبقى هناك مجال للقول بأن «هذا الوحي مجرد من الصورة، وأن على النبي مسؤولية تصوير هذا المضمون؛ ليجعله في متناول فهم الجميع»، وإن صراحة هذه الآيات القرآنية لا يُبْقي أدنى شك في بطلان مدعيات الدكتور سروش، حيث نسبت هذه الآيات التصوير الكلامي للقرآن إلى الله أيضاً؛ إذ كيف يمكن تأويل الآية القائلة: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

 

الإعجاز وتداعي نظرية نبويّة القرآن الكريم ــــــ

7ــ إن الإعجاز اللفظي للقرآن، الذي لم يتمكن أحدٌ من الإتيان بمثله طوال التاريخ، وهو مذكور في كتب التفسير وعلوم القرآن والكتب المستقلة في باب إعجاز القرآن، دليل آخر يدمغ الادعاء القائل بفاعلية الإنسان في مسألة الوحي. كما أن تحدّي القرآن يثبت هذه الحقيقة بشكل صريح، وهي أن القرآن إنما هو من عند الله، وليس للإنسان أيّ دور فاعلي في خلقه، ولكن كما تقدم أن قلنا يمكن أن يكون للإنسان دور قابلي في هذا المجال. لقد تحدى القرآن في الكثير من المواطن أن يؤتى بمثله، وذلك من قبيل قوله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء: 91)، ثم تنازل واكتفى بالإتيان بعشر سور مثل القرآن، فقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} (هود: 17)، ثم تنزل مرة أخرى واكتفى بالإتيان بسورة واحدة فقط: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة: 23 ـ 24).

وعليه فإن كلّ عاقل، وإن لم يكن على معرفة بعلم الفصاحة والبلاغة، بل حتى لو لم يكن عارفاً باللغة العربية، يدرك أنه لو لم يكن القرآن كلام الله وفوق مقدرة البشر لكانوا قد جاؤوا بمثله مع محاولاتهم الكثيرة، فحيث لم يتمكنوا من الإتيان بمثله يثبت أنه معجزة؛ أما العالم بالفصاحة والبلاغة القرآنية فيدرك أنه ليس هناك كلام ـ مهما كان بليغاً وفصيحاً ـ لفطاحل شعراء العرب وخطبائهم، بل حتى أحاديث النبي في مواعظه وخطبه وقصار كلماته، وكذلك خطب نهج البلاغة، وكلمات سائر الأئمة الأطهار^، لا يمكنها أن تجاري القرآن، وإننا لو وضعنا جملة واحدة من القرآن بين مئات الجمل الأخرى فإنها ستبدو بدراً بين النجوم([3]).

8 ـ كما أنه لم يفهم سرّ أن يعيش إنسان أربعين سنة دون أن ينطق بمثل هذه الكلمات، وإذا به فجأة يتفتَّق عن مثل هذه القريحة، ويأتي بآلاف الآيات، ويمضي أكثر من ألف سنة دون أن يتمكن أحدٌ من الإتيان بمثلها، ودون أن تفقد رونقها، وتبقى على الدوام ملهمة لكبار العلماء والمفكِّرين في جميع العصور، فلو كان هذا إنما يحصل من قبل النبي نفسه لكان لا بد من أن يكون للقرآن مسيرة تدريجية، وأن يكون النبي قد نطق به قبل سنوات البعثة أيضاً. وإن أمّية النبي تزيد الأمر تعقيداً وإعجازاً.

 

التمايز البنيوي للنص القرآني والنبوي ــــــ

9 ـ فور بدء دعوة النبي لاحظ هو وأُسرتُه والمحيطون به هذا التميُّز في كلامه‘، وهو ما طبع الكلمات القرآنية حتى آخر حياة النبي، مثل: {قُل}، و{تقول أو تقرير كلمات الغائبين، الأمر الذي يعكس تميز النسيج البياني لحقائق الوحي وانفصاله ومغايرته لكلمات النبي‘، ولا يصح ما قيل من أنه‘ يصوغ ذلك الإلهام باللغة التي يعرفها، والأسلوب الذي يتقنه، والصور التي يتمكن منها. كما كان هذا الأمر واضحاً لأعدائه، فكانوا يدركون أن القرآن مستقل عن شخصية النبي، فمثلاً: حينما كانت تُتلى آيات القرآن كان الكفار يطالبون بالإتيان بقرآن غيره، وكان النبي يردّ عليهم بأنه لا يتمكن من الإتيان بشيءٍ من عنده، ولا يأتي إلا بما يوحى إليه: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أو بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (يونس: 15)، بل سعى الكفار إلى التصرف في الوحي وإيقاع النبي في الشك فيمزج كلماته بالقرآن، ولكن الله قد ضمن عصمة نبيه فحال دون تحقيق الكفار لذلك، قال تعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أوحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً} (الإسراء: 73).

 

خضوع النبي للوحي، لا العكس ــــــ

10 ـ لم يكن الوحي خاضعاً لإرادة النبي، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً، فالنبي هو الخاضع لإرادة الوحي؛ فتارة يأتيه الوحي دون أن يتوقعه؛ وأحياناً ينتظر الوحي للإجابة عن تساؤل أو حل مشكلة، فلا يأتي، فيمتد انتظاره ويطول حتى تبلغ القلوب الحناجر، أو كما حصل في حديث الإفك واتهام زوجة النبي‘، فكان في مثل هذه الموارد يقول: «أنتظر وحي ربي، ولا علم لي بذلك»؛ وأحياناً ينزل الوحي بخلاف ما قاله النبي، كما حصل في سورة المجادلة وقصّة الظهار([4]).

وعليه لا يبقى موضع لما قاله السيد سروش: «إن لشخصية النبي دوراً مهمّاً في صياغة النصّ القرآني…، إذا قرأتم القرآن تشعرون أن النبي يكون جذلاً أحياناً وفي غاية الفصاحة، بينما تجدونه ضجراً وعادياً في بيانه في أحيان أخرى، مما يعكس الناحية البشرية في الوحي»، بل إن الوحي مستقل عن شخصية النبي، ولا يتأثر بحالات النبي الروحية وتغيراته النفسية من الطرب والضجر.

 

نقد شواهد سروش ــــــ

11ـ ذكر السيد سروش أربعة شواهد على دعواه القائلة بتبعية الوحي لشخصية النبي، وهي:

1ـ طول مدة نزول الوحي، حيث كان في أول الأمر قليلاً، وكانت الآيات المكية أكثر قصراً، وقد استند في ذلك إلى مقالة ابن خلدون في أن تكرار تجربة الوحي رفعت من رصيد تحمُّل النبي.

2ـ إن محتوى الوحي، وخاصة في مجال الشريعة، كان متأثراً بسلوك النبي، وقد استند السيد سروش إلى كلام السلطان ولد (ابن المولوي)، حيث كان يقول: «إنّ كل شريعة هي مرآة عاكسة لأخلاق النبي، فمثلاً لما كان النبي محبّاً للنساء والنظافة فقد أكد الدين الذي جاء به على هذين الأمرين».

3ـ قد تكوّن الوحي مواكباً لمسيرة النبي، ومتناسباً معها، واستجابة لها.

4 ـ قد تأثر الوحي بالمستوى المعرفي والمعيشي لعصر النبي([5).

إلا أنّ أياً من هذه الشواهد لا يشكل دليلاً على مدّعاه، وهكذا الأمر بالنسبة إليها مجتمعة. كما أنّ هذه الشواهد منسجمة مع الرؤية التقليدية، ففي الرؤية التقليدية، التي أخذت ظرفية المخاطب بالوحي بنظر الاعتبار، تكون هذه الشواهد طبيعية للغاية، ولهذا نجد عالماً تقليدياً، مثل: ابن خلدون، يذهب إلى هذا الرأي.

كما أن مشابهة شخصية النبي للشريعة الإسلامية لا تشكل دليلاً على تبعية الوحي لشخص النبي، بل قد يكون العكس هو الصحيح، أي بما أن القرآن والإسلام قد أكد على هذه المسائل فقد انسجم النبي في شخصيته مع تعاليمها، وهذا ما تؤكده سيرة النبي، فقد كان النبي حتى الخمسين من عمره يعيش مع زوجة واحدة، فلو كان الميل إلى تعدد الزوجات صفة متأصلة في النبي لاختار لنفسه هذا التعدد في مقتبل عمره وصدر شبابه، وإن أدنى دراسة للتاريخ تثبت أن تعدد الزوجات بالنسبة إلى النبي، بعد تقدمه في السن وبعد وفاة السيدة خديجة الكبرى، كان لدوافع سياسية واجتماعية، ولتحقيق أهداف الإسلام، وعليه لا يكون رأي (السلطان ولد) صحيحاً.

وأما تدرّج الوحي ومواكبته لأحداث عصر النبي فهي ـ قبل أن تكون دليلاً على ما يدعيه السيد سروش ـ تشكّل دليلاً على حكمة الله في إنزال الوحي بما يتناسب والحوادث الواقعة، وليس من المحال على الله أن يرتِّب الأحداث بنحو ينسجم مع ما يحتاجه الناس من نزول الآيات.

وأما مستوى المعلومات والمعاش في عصر النبي فإنما يشكل رقعة للغة الوحي دون الحدّ من مضمونه، وعليه لا يصح القول بأن محتوى الوحي كان في حدود المستوى المعرفي لعصر النبي، فهذا ما لا ينسجم مع دعاوى النبي، ولا مع خاتمية الوحي والنبوّة، مع بقاء الحاجة إلى الدين وخلود الشريعة. نعم، لو قدمت تفسيرات أخرى عن الدين تؤدي إلى إنكار أصل الحاجة إلى الوحي والشريعة في العصور التالية لعصر النبي فعندها سيزول عدم الانسجام، ولكنّ هذه القراءة الدينية ستؤدي ـ على حد قول الشهيد المطهري & ـ إلى نسف الدين.

12ـ وهنا ترد هذه التساؤلات: هل يمكن لله تعالى أن يعقد ارتباطاً كلامياً مع البشر؟ وهل يريد ذلك أو لا؟ فإن كان يتمكن ويريد ذلك فما هو شكل هذا الارتباط؟

وفي مقام الإجابة عن هذه التساؤلات لا بدّ من أخذ المخاطب بنظر الاعتبار؛ فإن كان مخاطبنا كافراً بوجود وقدرة وإرادة الله فلا بدّ أولاً من إثبات هذه المسائل له؛ وإذا كان مؤمناً بها فيكفي أن نلفت انتباهه إلى قدرة الله المطلقة؛ ليدرك أن قدرة الله محيطة بكلّ ما هو خارج عن حدود المحالات العقلية، وعليه ليس هناك ما يمنع من قيام التواصل الكلامي بين الله وعباده، وإذا كان العبد بحاجة إلى استعداد لإقامة هذا الارتباط فإن الله بنفسه قادر على تحقيق هذا الاستعداد. كما أن العبد المؤمن يعلم أن الله يريد هداية الإنسان، وقد بعث الأنبياء في هذا الإطار، ولكن يمكن تصور أشكال مختلفة لتحقيق هذا التواصل والارتباط، وقد بين الله ثلاثة أشكال لهذا الارتباط، حيث قال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاّ وَحْياً أو مِن وَرَاء حِجَابٍ أو يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى: 51)؛ فالنوع الأول خفي عن أنظار الآخرين، كأن يحدث الله الكلام في نفس النبي، أو يخلق أصواتاً مادية يوصلها إلى مسامع النبي دون أن يسمعها الآخرون، كأن يضرب على أسماعهم، أو أن يتم الاستفادة من موجة خاصة لا يتمكن سوى النبي من سماعها؛ والنوع الثاني: من وراء حجاب، كما حصل للنبي موسى ×، حيث أوجد الله صوتاً في الشجرة المشتعلة، فسمعه دون أن يرى شخصاً، ولانعدام الرؤية هنا عبَّر الله عن هذا النوع من الارتباط بقوله: {مِن وَرَاء حِجَابٍ}؛ والنوع الثالث: إرسال الرسول والملك، وهو الذي حصل للكثير من الأنبياء. ويمكن تصور أشكال أخرى، إلا أن سنة الله قامت على هذه الأشكال والأنواع الثلاثة.

وأما نظرية سروش فإنها تصور الله وكأنه عاجز عن إقامة مثل هذا التواصل؛ إذ إن كل الطرق المتصورة يفسرها السيد سروش على أنها توهمات من قبل النبي، حيث يتصور فيها كأن ملكاً يكلمه، أو أنه يستلم كلمات من مصدر غيبي.

 

نقد الوصل بين القرآن وثقافة المحيط الزمني ــــــ

13ـ يذهب السيد سروش إلى تأثر القرآن بثقافة العصر الذي نزل فيه، إلا أننا لا نرى وجوداً لمثل هذا التأثر. صحيح أن القرآن قد وظف الألفاظ العربية، واستخدم الأمثال والتشبيهات والاستعارات العربية، مراعياً بذلك فهم المخاطب، إلا أن هذا لا يجعل القرآن متأثراً بالثقافة الجاهلية؛ حيث إن الله قد وظف هذه الأدوات للتواصل مع المخاطب بما يتناسب ومستوى فهمه وإدراكه، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: 4). ومن جهة أخرى فقد اهتم القرآن بمعالجة الظروف ومشاكل عصر البعثة، وبذلك لم يكن بعيداً ومنفصلاً عن زمانه. وبهذا المقدار يمكن القول بأن القرآن تاريخي، ولكنه في معنىً أوسع فوق التاريخ، فمعنى الاستقلال عن السياق التاريخي لعصر النزول لا يعني انفصال القرآن عن عصره، بل هو بمعنى أن القرآن قد نزل وحياً من السماء وعالم الغيب، وليس صادراً من شخص بخصوصه يتمتع بمعلومات أو نبوغ خاص؛ أو أنه قال ذلك بوصفه مصلحاً؛ أو أنه صادرٌ عن أفكار مجموعةٍ خاصة؛ أو أنه منبثقٌ عن حركة اجتماعية وظروف تاريخية وجغرافية واكبت عصر النزول، وهو أمر منطقي، إلا أنه لا يعني أن الوحي القرآني منبثق عن هذه الأفكار، وأنه وليد هذه الظروف، فالنبي لا يعلم بعض الوقائع التاريخية، ومع ذلك جاء القرآن بمعلومات تاريخية وقصص وتعاليم لم يكن للناس في عصر البعثة علم بها، أو كانت معلومة بشكل خاطئ فعمد القرآن إلى تصحيحها، بل قد صرح القرآن بذلك، حيث قال: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (هود: 49).

 وقد نقل العلامة المجلسي رواية في هذا المجال عن «عيون أخبار الرضا» جاء فيها: ذكر الرضا × يوماً القرآن؛ فعظّم الحجّة فيه، والآية المعجزة في نظمه، فقال: «هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، والمنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، ولا يغثّ على الألسنة؛ لأنه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، وحجة على كل إنسان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد»([6]). والنقطة المهمة في هذه الرواية وصف القرآن بعدم كونه مخلوقاً للزمان، فهو غير متأثر بالزمان، ولم تصنعه ألسنة الناس.

 

مبدأ عصمة القرآن، أدلّة وشواهد ــــــ

14ـ كما يفهم أيضاً من هذه الرواية، وغيرها من الروايات المروية عن النبي الأكرم ‘ وسائر الأئمة الأطهار ^، أن القرآن معصوم من الخطأ، وهذا ما أكدت عيه الآيات القرآنية نفسها، ومنها:

1ــ {سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى} (الأعلى: 6).

2ــ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).

3ـ {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41 ـ 42).

4ـ {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} (الأنعام: 115).

5 ـ {وَاتْلُ مَا أوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً} (الكهف: 27).

15 ـ مضافاً إلى ما تقدم ترد على نظرية سروش الإشكالات الآتية:

1ـ إذا أمكن وقوع الخطأ في بعض مواطن الوحي انعدمت الثقة بسائر المواطن الأخرى منه، وهذا لا ينسجم مع الحكمة من صيانة الوحي.

2ـ إن الخطأ ــ وإن اقتصر على ما يتعلق بهذا العالم ــ إنما هو خطأ في المضمون والمحتوى، وهذا ما لا ينسجم مع رأي سروش نفسه في كون المضمون من الله والتصوير من النبي.

3ـ إنه لم يقدم أي معيار للتمييز بين مسائل هذا العالم ومسائل العالم الآخر، ولا يبدو أن بإمكانه ذلك، حيث أخفقت الكثير من المحاولات طوال السنوات المنصرمة في العثور على مثل هذا المعيار؛ بغية الوصول إلى صياغة علمانية للدين الإسلامي.

4ـ إن دليل هذا الإخفاق لا يعود إلى شخص السيد سروش، وإنما يرجع لماهية الموضوع؛ إذ حتى لو أمكن التفكيك بين الدنيا والآخرة فإن التفكيك بين مسائل هذين العالمين مستحيلة؛ وذلك أولاً: لأن الدنيا والآخرة ممتزجتان ببعضهما، حتى ذهب كبار علماء الدين والفلسفة إلى استحالة التفكيك بينهما، وقالوا: إن الآخرة هي باطن هذه الدنيا، وليست شيئاً آخر؛ ثانياً: لا يمكن فصل مسائل الدنيا عن مسائل الآخرة؛ لأن الدنيا طريق إلى الآخرة، وإن الدنيا مزرعة الآخرة، فالآخرة إنما تبنى عبر الدنيا.

16ـ وأما ما ينسبه سروش إلى علماء القرون الوسيطة، مثل: المولوي، فهو باطل أيضاً، فالمولوي ـ كسائر العلماء ـ يذعن بنزول القرآن بمضمونه وألفاظه من الله تعالى، فهو مفكر تقليدي، ولا يمكن نسبة نظرية أمثال سروش إليه، ويكفي الرجوع إلى كتابه (المثنوي) للعثور على عشرات الأبيات التي تؤكد هذه الحقيقة.

17ـ المسألة الأخيرة تكمن في أسلوب السيد سروش في البحث، حيث أغفل في بحثه جميع الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية بشأن حقيقة الوحي. وهذا الأسلوب لا يمكن أن يكون صحيحاً وعلمياً في ما يتعلق بالأمور الخارجة عن متناول العقل البشري، وذلك باعتراف جميع أهل العلم والعرفان. نعم، هو يتمكن من خلال هذا الأسلوب أن يقول لمخالفيه: إن بحثي لا ينطلق من إطار ديني حتى أستند إلى الشواهد الدينية، إلا أن نتيجة هذا الأسلوب لن يكون لها أية علقة بالإسلام، وخاصة أن القرآن بأسره على طرف النقيض من نظرية سروش، فيدور الأمر بين الإيمان بنظرية سروش وإنكار كلام الله والنبي وبين قبول القرآن ورفض نظرية سروش.

مضافاً إلى أن اللازم من هذه النظرية جهل النبي نفسه بحقيقة الوحي، خلافاً لسروش الذي توصل من خلال هذه النظرية إلى حقيقة الوحي، وعليه ـ طبقاً لهذه النظرية ـ إما أن يكون النبي كاذباً (والعياذ بالله)، وهذا ما لا يلتزم به السيد سروش نفسه، أو أن يكون النبي مخطئاً في تصوره لنزول الوحي عليه، وقد أخطأ في تفسير ماهية الوحي، ليأتي شخص مثل سروش من غمار القرون فيقول، رجماً بالغيب: إن الوحي النازل على النبي إنما هو من سنخ الشعر!

 

الهوامش

(*) رئيس مركز أبحاث الإذاعة والتلفزيون في إيران.

([1]) بهاء الدين خرمشاهي، تفسير وتفاسير جديد: 60، طهران، 1364.

([2]) عن مذكرة بهاء الدين خرمشاهي، تحت عنوان: «پاسخهايي به قرآن ستيزان»، باختصار قليل، والموجودة على موقع: http://www.farsnews.com/newstext.php?nn

([3]) انظر: تفسير «أطيب البيان في تفسير القرآن»، للسيد عبد الحسين طيّب 1: 43 ـ 44، طهران، انتشارات إسلام، 1378ش.

([4]) عن حوار السيد أيازي مع وكالة أنباء فارس، بتاريخ 23/11/86، على موقع:                           http://ww.farsnews.com/newstext.php?nn

([5]) هذا ما ذكره السيد سروش في هذا الحوار باختصار، وقد ذكره مفصلاً في كتابه (بسط التجربة النبوية): 11 ـ 22، طهران، انتشارات صراط، 1378.

([6]) بحار الأنوار 17: 211.

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً