أحدث المقالات

مقدمة

تعتبر المعادن إحدى الثروات الإلهية الكبرى التي أودعها الله سبحانه في قلب الأرض، مثل النفط والغاز والفحم والذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس والماس والزمرّد والعقيق والفيروزج و… وتعتبر من أهم مصادر الدخل للبلاد، والرصيد العالمي للذهب خارج البلاد. وقد كانت ملكية المعادن ـ ومنذ زمن بعيد ـ محلّ اختلاف الآراء وتضاربها عند فقهاء الإمامية، بحيث انعكس هذا الاختلاف في وجهات النظر ليجد طريقه إلى القوانين الوضعية لبعض الدول مما أدّى إلى اختلافها أيضاً.

ونظراً للتطور التقني ـ التكنولوجي ـ الهائل الذي وصل إليه البشر، واستخدامهم له في استخراج المواد المعدنية، فقد اختلفت الأمور المتعلقة بالمعادن واستخراجها وطرق تكريرها؛ فمنذ زمن ليس بالقريب كان المعدن يُستخرج عن طريق استخدام بعض العمال العاديين وسائل بدائية بسيطة مثل الفؤوس اليدوية ووسائل نقليّة قديمة مثل الحيوانات بدل العربات الحديثة، وكانوا لا يستطيعون أن يحفروا في الأرض لأكثر من عشرة أمتار؛ لأن الوسائل المُتاحة لهم آنذاك لم تكن تمكّنهم من الوصول لأكثر من ذلك لاستخراج المعدن. أما اليوم فقد حصَلَت طفرة تقنية ـ تكنولوجية ـ في استخدام الوسائل الحديثة المتطورة التي مكّنت الإنسان من اكتشاف ميادين النفط والغاز في أعماق الأرض وقاع المحيطات والبحار وبشكل واسع جداً، وبفضل تلك الوسائل المتطوّرة واستخدامها في تلك الميادين، استطاع الإنسان أن يستخرج المعدن ويقوم بتكريره ويستخرج من المعدن الخام الواحد عَشَرات المنتجات المفيدة التي لها استخداماتها الجبارة أيضاً في الحياة اليومية، وهذه المحصولات صارت تتدخل حتى في مصير بعض البلدان لدخولها في المعادلات السياسية. وصار هناك ارتباط وثيق بين تطوّر وتقدم البلاد وبين ما يُنتَج فيها من معادن و ما يوجد فيها من ذخائر تحت الأرض، سيما الذخائر ذات الدخل في التطور النووي لتلك البلدان.

وقد شغَلَت تلك المحصولات العظيمة كبار العلماء، حتى برز لديهم السؤال التالي: مَن هو المالك الحقيقي لهذه الثروات العظيمة المذخورة في باطن الأرض؟ وما هو رأي الشريعة الإسلامية في ذلك؟ هل تصنّف المعادن ضمن الأنفال وأموال الدولة الإسلاميّة؟ أم أنها من المباحات المشتركة بين الأمة الإسلامية؟ أم هي تابعة لتلك الأرض التي وُجدَت فيها؟ وأيّاً تكن الإجابة، سوف تبرز هناك نتائج فقهية وقانونية مختلفة؛ فإذا كانت المعادن جزءاً من الأنفال، وأقيمت حكومة إسلامية في عصر الغيبة، فإنّ هذه الثروات متعلقة بالدولة الإسلامية، فيلزم من ذلك أن يكون كلّ تصرف فيها تحت نظر الدولة الإسلامية من خلال استحصال الموافقات الخاصة والعامة منها، مثل الاستخراج والنقل والانتقال، وتستطيع الدولة الإسلامية قبل استخراج المعادن أن تتعاقد مع الأفراد بعقود معيّنة أو غير معينة، سواء كانت تلك المعادن في الملك الشخصي للأفراد أم في الأراضي المتعلقة بعموم المسلمين أم الدولة الإسلامية. أما إذا كانت المعادن من المشتركات والمباحات العامة، مثل الثروة السمكية في المياه والطيور والثروة الموجودة في الغابات مثل الأخشاب وغيرها… فإنه يحقّ لكل شخص أن يتملّكها بالحيازة، فلا يحتاج فيها إلى إجازة أيّ أحد باعتباره أولى من غيره فيها. وإذا كانت ملكية المعادن تابعةً للأراضي الواقعة فيها، ففي هذه الحالة تُعتبر المعادن من موارد تلك الأرض ومتعلّقة بمالك تلك الأرض، وكل نقل وانتقال لتلك المعادن يكون تابعاً لنقل وانتقال تلك الأراضي، والاستفادة من محصولاتها واستخراج ذخائرها تابع لإذن مالك الأرض.

وهذه المسائل المطروحة آنفاً، أدّت إلى أن يُبحث الموضوع بشكل جدّي كي تتّضح نشاطات المتصدّين في الدولة ودورهم في حفظ وحراسة هذه الثروات الإلهية دون تضييع الحقوق المتعلّقة بها، وزيادة السعي في ذلك. وأيضاً الوقوف بوجه العابثين عن طريق أصحاب الأراضي الحقيقيين، وعدم تضييع هذه الثروة العظيمة للاستفادة منها والاهتمام بمواردها.

الاتجاهات القانونية لملكية المعادن في الفقه الإسلامي

ثمة آراء ثلاثة مختلفة بين الفقهاء في تملّك المعادن، وهي:

1ـ نظريّة أنفالية المعادن: ثلة من العلماء قالوا بأن المعادن من الأنفال، سواء كانت تلك المعادن واقعة ضمن الأراضي العائدة للإمام أم غيرها، ولا فرق فيها أيضاً بين أن تكون ظاهرة أو باطنة. وهذا الرأي يُنسب إلى مجموعة من العلماء أمثال: الكليني وعلي بن إبراهيم القمي والعياشي والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وسلار الديلمي والقاضي ابن البراج والعلامة الحلي وابن فهد الحلي([1]).

وهناك مجموعة أيضاً من المتأخرين قالوا بهذا الرأي، من أمثال الشيخ يوسف البحراني والمحقق السبزواري وأحمد النراقي والشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ الأنصاري([2]). كما أنّ هناك بعض المعاصرين اختاروا هذه النظرية أمثال السيد محمد حسين فضل الله والشيخ المنتظري([3]).

2ـ نظرية المباحات العامة: وهناك مجموعة أخرى تقول بأن المعادن من المشتركات والمباحات العامّة، وفي رأيهم إن الناس كلهم سواسية في الاستفادة منها (شَرعٌ سواء) أي أن حكمهم واحد ومتساوٍ. ولا فرق هنا بين المعادن الواقعة في أراضي الأنفال وأراضي المسلمين. كما لا فرق بين المعادن الباطنية والظاهرية.

وقد استثنى عدة من العلماء المعادن الموجودة في الأراضي العائدة إلى أشخاص معينين، كالشهيد الأول والمحقق الحلي والعلامة الحلي والمحقق الكركي والشيخ النجفي، و هناك علماء معاصرون تبنّوا هذه العقيدة أمثال الشهيد السعيد محمد باقر الصدر([4]).

3ـ نظرية التفصيل في ملكيّة المعادن: ويقول هذا الرأي بأن ملكية المعادن تابعة لملكية الأراضي؛ فإذا كانت المعادن واقعة في الأراضي الموات فهي من الأنفال. وإذا كانت المعادن موجودة في أراض عائدة إلى ملك شخصي فإنها متعلقة بمالك الأرض، والمعادن الموجودة في الأراضي المفتوحة عنوة ترجع إلى جميع المسلمين، وقلّما صرح الفقهاء بهذه النظرية في كلماتهم.

ويمكن استظهار وتصيّد هذه النظرية من عبارات بعض الفقهاء مثل: ابن إدريس الحلي والشهيد الثاني والمحقق الحلي والمحقق الأردبيلي، وكذلك استظهر مجموعة من المعاصرين هذا الرأي، مثل الحاج رضا الهمداني والسيد محمد كاظم اليزدي والسيد الخوئي والإمام الخميني والشيخ الفياض([5]).

وسوف نتناول الآن الآراء الثلاثة بالبحث والتحقيق؛ كي يتّضح منها فيما بعد الرأي الأقوى والمُعتَبَر.

1ـ نظريّة أنفالية المعادن، قراءة نقدية

في البداية يجب أن نعرف معنى الأنفال، ومَن هو المالك لها؟

الأنفال من مادة (نفل) بمعنى الزيادة([6])؛ ولذا يُقال: أنفال، لصلاة النافلة والحفيد، وغنائم الحرب، والأموال مثل المعادن والغابات. والمناسبة في هذه الموارد مع الأصل اللغوي أنّ صلاة النافلة هي إضافة وزيادة على الصلاة الواجبة، والحفيد إضافة وزيادة على الولد. والغنائم إضافة إلى الهدف الأصلي للحرب في اتساع رقعة الدين والدفاع عن حريم الإسلام، وهكذا المعادن والغابات التي تعتبر خارجةً عن الأموال التي تختصّ بالأفراد، وهي زائدة عليها وإضافية؛ وعلى هذا الأساس تُطلق كلمة (الأنفال) على المنابع الطبيعية التي ليس لها مالك خاص.

أما بالنسبة إلى ملكية الأنفال، فقد جاء في أوّل سورة الأنفال قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}، ويقول المفسرون: إن هذه الآية نزلت بمناسبة الاختلاف الحاصل بين مجاميع المسلمين حول توزيع غنائم الحرب، وظاهر اللفظ يتلائم مع هذا التفسير([7])،وهنا مسألة جديرة بالاهتمام وهي أنّ نزول الآية في غنائم الحرب لا يمكن أن يكون دليلاً على أن الأنفال مختصّة بالغنائم الحربية، لأن المورد لا يخصّص الوارد.

فبناءً على ذلك تعتبر الغنائم من مصاديق الأنفال، والآية تعبّر عن حكم كلّي بأن الأنفال كلها متعلّقة بالله سبحانه و بالرسول. >في التعبير عن الغنائم بالأنفال ـ وهو جمع نفل بمعنى الزيادة ـ إشارة إلى تعليل الحكم بموضوعه الأعم، كأنه قيل: يسألونك عن الغنائم وهي زيادات لا مالك لها من بين الناس، وإذا كان كذلك فأجبهم بحكم زيادات لا مالك لها من بين الناس، وإذا كان كذلك فأجبهم بحكم الزيادات والأنفال وقل: الأنفال لله وللرسول، ولازم ذلك كون الغنيمة لله والرسول<([8]).

والنتيجة >أن أصل الملك في الغنيمة لله والرسول ثم يرجع أربعة أخماسها إلى المجاهدين يأكلونها ويمتلكونها ويرجع خُمس منها إلى الله والرسول وذي القربى وغيرهم لهم حقّ التصرف فيها والاختصاص بها بعنوان خُمس في المصارف التي جاءت في الآية 41 من سورة الأنفال؛ لذلك فإن الغنائم مندرجة تحت المفهوم العمومي للأنفال، وإن منح أربعة أخماسها إلى المجاهدين هو تفضّل عليهم<([9]).

وكذلك جاء في الروايات الكثيرة المنقولة عن أئمتنا أن الأنفال تطلق على الثروات العامة وقد شخّصوا مواردها([10]).

حرف (اللام) حسب الرأي الأدبي يعطي مفهوم الاختصاص والاستحقاق والملكية، لذلك فالآية الكريمة: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}. تعني الملكية الشخصية للرسول بالنسبة للأنفال وذلك لمناسبة اللام. والأنفال منحة من الله سبحانه وتعالى إلى الرسول’ وبالطبع فإنها تصل للإمام من بعده. فقد جاء في الرويات المتعددة: ما كان لله فهو للرسول وما كان للرسول فهو للإمام([11]).

إذن، فملكية المعصومين للأنفال، ناتجة عن مقام الإمامة وإدارة المجتمع؛ لذا يصرفونها في الموارد التي يَرَون أنّ هناك مصلحة في التصرف بها.

وهناك تفسير آخر متناسب مع المقام، وهو أنّ الملكية ليست شخصيّةً بل هي لِمقام الرسالة والإمامة، بتعبير آخر إن حيثية الإمام والرسول ليست حيثية تعليلية بل هي حيثية تقييديّة؛ فالرسول والإمام مُنحوا هذا الحق ـ وهو التصرف بالثروات العظيمة والولاية عليها ـ لمقام الرسالة والإمامة وليس ملكاً شخصياً([12]). والنتيجة، إن الأنفال متعلقة بمقام الرسالة والإمامة وليس بشخص الرسول والإمام.

أدلّة نظرية أنفالية المعادن

أهم دليل على أنفالية المعادن هو الروايات الواردة في باب الأنفال، والتي ساعد على قبولها الاعتبار العقلائي فيها. وسوف نبحث بعض النماذج منها:

1 ـ موثقة إسحاق بن عمار، قال: >سألت أبا عبد الله عن الأنفال؟ فقال: هي القرى التي خَرَبَت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للإمام، وما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكل أرض لا ربَّ لها والمعادن منها، ومَن مات وليس له مولى فماله من الأنفال<([13]).

2 ـ مرسلَة العياشي عن أبي بصير عن الإمام الباقر(ع) قال: >لنا الأنفال. قلت: وما الأنفال؟ قال: منها المعادن والآجام([14]) وكل أرض لا ربَّ لها، وكل أرض باد أهلها فهو لنا<([15]).

3 ـ مرسلة العياشي عن داود بن فرقد عن الإمام الصادق(ع)، قلت: >وما الأنفال؟ قال: بطون الأودية (جمع وادٍ) ورؤوس الجبال والآجام والمعادن وكل أرض لم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب، وكل أرض ميتةٍ قد جلى أهلها وقطايع الملوك<([16]).

4 ـ خبر أبي بصير عن الإمام الصادق(ع)، قال: >… ولنا الأنفال. قلت له: وما الأنفال؟ قال: المعادن منها والآجام وكل أرض لا ربّ لها<.

ويستفاد من هذه الروايات أن المعادن جزء من الأنفال، وذكرنا المصاديق من باب التمثيل لا من باب التحديد.

 

دعم الاعتبار العقلائي لنظرية أنفالية المعادن

من المتعارف بين الدول والحكومات في العالم، أن الأشياء التي لا يمكن أن يتملكها الأشخاص مثل: المعادن، البحار، البراري، والقفار و.. تعتبر من الأموال العامة وصلاحية التصرّف فيها بيد الدولة في المصالح التي تراها مناسبةً للأفراد والدولة، وفي الشريعة الإسلامية ترجع هكذا أمور للإمام من حيث منصب الإمامة، أي بما هو إمام، فتكون عبارة أخرى عن ملكية الدولة([17]).

وقد قام بعض المحققين بتقوية الرأي المُستفاد من الروايات القائل بأن الأنفال مستوحاة من قاعدة (كل مالٍ لا مالك له فهو للإمام إلاّ ما خرج بالدليل). وطبقاً لهذه النظرية فإن المعادن ليس لها مالك خاص ولا عام؛ لذا تعتبر من الأموال التي لا مالك لها، ومتعلّقة بالإمام([18]).

نقد أدلة نظرية الأنفالية

1 ـ بعض هذه الروايات مرسلة، مثل مرسلتي العياشي عن أبي بصير و داود بن فرقد، ومرسلة المستدرك الأخيرة عن أبي بصير؛ لذا لا يمكن الاستناد إلى هذه الروايات.. أيضاً موثقة إسحاق بن عمار فيها الريان بن عثمان، وهذا الشخص مُختَلَفٌ في توثيقه؛ لأن الكشي ينقل عن ابن فضال تصريحه بأن الريان بن عثمان كان من الناووسية([19]).

2 ـ إضافة إلى ذلك؛ فالموثقة مجملة؛ إذ من المحتمل أن مرجع الضمير في (والمعادن منها) هي الأرض. أي معادن الأراضي التي لا مالك لها تعتبر من الأنفال، لا مطلق المعادن. وهنا يقول السيد الخوئي: الأقرب أن الضمير يرجع للأقرب الذي هو (الأرض). ويقوى هذا الاحتمال إذا وضعنا بدل الضمير (منها) (فيها). كما أنّ المحقق الهمداني قال: يعني أنّ المعادن الواقعة في الأراضي التي ليس لها مالك تعتبر من الأنفال. بل إنّ هذا المعنى متعيّن طبقاً للنسختين: (منها أو فيها)؛ لأن ذكر الأنفال جاء في آخر الرواية، فإذا كان مرجع الضمير هو (الأنفال) فيجب ذكره أولاً ـ وهو عكس ما جاء في الرواية ـ حيث قال: «والمعادن من الأنفال ومَن مات وليس له مولى فماله منها..» ([20]). وبناءً على هذه الرواية فهي تدل على أن بعض المعادن ـ المعادن التي من الأرض أو في الأرض وبدون مالك ـ من الأنفال. فالموثقة المتقدّمة لا تدلّ على أنفالية كل المعادن أو لا أقلّ إن دلالتها مجملة.

3 ـ أعرض المشهور عن العمل بهذه الرواية، قائلين: إنّ المعادن من المباحات العامة. من جانب آخر فإنّ السيرة مستمرة في كل الأزمان على أن الناس يستفيدون من المعادن من دون أخذ الإذن من الإمام، بل إنهم يقولون بأن الإذن ليس شرطاً في الاستفادة من المعادن الموجودة في الأراضي الموات والمفتوحة عنوة، وهذا دليل على أنّ كل المعادن من المباحات، ولا حاجة لإذن الإمام في الاستفادة منها واستخراجها من الأرض.

ردّ الإشكالات على أدلة الأنفالية

1 ـ إنّ ضعف خبر إسحاق بن عمار ليس ثابتاً، لأن الكشي قال بعد نقله لكلام ابن فضّال حول الريان بن عثمان: إن الأصحاب أجمعوا على تصحيح الروايات المنقولة عن الريان. ويقول العلامة بهذا الصدد في كتابه الرجالي([21]): الأقرب قبول رواياته للإجماع المذكور، رغم أن مذهبه كان فاسداً. وكذلك صاحب الجواهر وصاحب الرياض والمحقق الهمداني والمحقق الخوانساري([22])، كلّهم وصفوا هذه الرواية بأنها موثقة. وفي النتيجة تغدو من حيث السند مقبولة.

2 ـ أما جواب أن الرواية مجملة من حيث مرجع الضمير وترجيح المرجع القريب للضمير، فيمكن القول: إن الرواية مشتملة على ست فقرات، ثلاث منها جملة مستقلة، اثنان منها واقعة قبل الفقرة التي هي مورد بحثنا وهي عبارة عن: (هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها) والتي يتفرع عنها (فهي لله وللرسول). والأخرى: (ما كان للملوك فهو للإمام). والجملة المستقلة الثالثة التي جاءت بعد الفقرة التي هي مورد بحثنا: (ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال). ونَظْمُ العبارة الطبيعي يستدعي أن يكون مرجع الضمير (منها) في (والمعادن منها) هو الأنفال الذي جاء الحديث عنها في كلام الراوي، كي يستقيم الخبر، وما جاء في الفقرات الثلاث التي تَلَتها والتي هي عبارة عن: ( وما كان من الأرض خربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكل أرض لا رب لها، والمعادن). أمّا إذا كان مرجع الضمير (منها) هو الأرض لأجل أن يكون (منها) قيد للمعادن، فيجب أن نقدّر خبراً، لأن (من الأنفال) خبر للجملة التي بعدها، وليس لها صلاحية نحوية في أن تكون خبراً للمعادن أو الفقرات التي قبلها من الجملة، طبعاً عطف (وما كان من الأرض… والمعادن منها) على خبر الجملة الأولى (هي القرى التي..) رغم أنه أفضل من التقدير، لكنه ـ مقارنةً بالاحتمال الأول ـ مرجع الضمير (منها) الأنفال الذي جاء في كلام الراوي هو مرجوح. لأن الترتيب والنظم الطبيعي لها يكون أحسن([23]). واحتمال التصحيف وتغيير نسخة (فيها) بدل (منها) كما نُقل عن المحقق الهمداني، لم نعثر على وثيقة تدلّنا عليه عندما راجَعنا كتاب مصباح الفقيه. وقد ادّعى أحد المحققين بعد الفحص أنه لم يعثر على نسخة (فيها) ([24])،إذاً فاحتمال (فيها) بدل (منها) في بعض النسخ هو احتمال بلا دليل.

3 ـ الادّعاء القائل بترك المشهور للعمل بموثقة إسحاق بن عمار لا يتلائم مع قول جماعة كبيرة من القدماء بأنفالية المعادن مستندين إلى هذه الروايات، إلاّ أن يكون قصدهم من الشهرة، الشهرة بين المتأخرين. وهذا النوع من الشهرة لا يمكنه أن يُعارض حجيّة الأخبار، وحتى صاحب الجواهر الذي ادّعى الشهرة في المسألة([25])،كان الاضطراب واضحاً في كلامه، فهو يقول في كتاب (إحياء الموات): إن نظر المشهور فقهاً ونقلاً وتحصيلاً هو أن الناس في المعادن ( شرعٌ سواء). بل إن صاحب المبسوط والسرائر نقلا نفي الخلاف في رأي المشهور. في حين أنه في كتاب الخمس صرّح بأنّ الأصحاب اختلفوا في ذلك، وبعد ذلك ينقل عن الدروس أن الأشهر من حيث الرواية أن الناس في ذلك سواء، وفي النهاية يقول بأن المسألة غير خالية من الإشكال([26])،وهو مع هذا كلّه في رسالة نجاة العباد([27])،عندما ذكر الأنفال عدّ المعادن منها.

ويمكن القول في الردّ على الادّعاء القائل بأن السيرة قائمة على الاستفادة من المعادن من دون كسب الإذن من الإمام، بأن هكذا سيرة متحققة في إمكانية الاستفادة من سائر موارد الأنفال مثل الأراضي الموات التي هي بالتأكيد من الأنفال. في حين أن السيرة قائمة في كل زمان ومكان على إحياء الأرض الموات وحيازة الأشياء منها. وعلّة ذلك أن بعض الأفراد من غير الشيعة لم يلتزموا بأن تلك الموارد من الأنفال، كما أنّهم لم يعتنوا بمقام الأئمةولم يوقّروه. أما الشيعة ـ وهم أقليّة الناس ـ فربّما يكونون الوحيدين الذين يلتزمون بكسب الإذن من الإمام عندما يريدون الاستفادة من موارد الأنفال، أو أنّهم استفادوا من روايات التحليل التي حلّل الأئمة فيها الموارد لهم([28]).

ومن الجدير ذكره أن مضمون بعض الروايات أنّ الدنيا كلها ملك لرسول الله(ص) والأئمة الأطهار(ع)، لكنّها روايات لا تدلّ على المقصود؛ لأن هذه الملكية ملكية طولية لا عرضية، حالها حال ملكية الله سبحانه للأموال الموجودة في أيدي الناس، فالمالك الأصلي والحقيقي لها هو الله سبحانه، وهذه الأموال تبقى أمانة بأيدينا. ومن الواضح أن هذه الملكية للأئمة لا تتنافى مع ملكية الناس لأموالهم، وقد ذكر الخوانساري مسألة دقيقة حين قال: يمكن توجيه الأخبار الدالة على أنّ الدنيا وما فيها ملك للرسول’، ونقول: إنها لا تنافي ملكية الناس للأموال، لذا فإن النبي الأكرم’ والأئمة المعصومين^ يتعاملون مع الأموال التي بأيدي الناس على أنها ملكٌ للغير([29]).

ونتيجة الكلام أن الروايات القائلة بأنفالية المعادن روايات تامّة، والإشكالات الواردة عليها غير صحيحة ولا تامّة.

وهناك رأي لبعض المحققين ـ وهو الشيخ المنتظري([30]) ـ يقول: إن أدلّة الأنفال تابعة للعرف بالنسبة للمعادن الصغيرة القريبة من سطح الأرض سواء كانت ظاهرية أم باطنية حيث رَفَعَت الأدلة اليد عنها، أما ما زاد عمّا يقرّره العرف من هذه المعادن فيبقى تحت العنوان الكلّي للأنفال.

طرق تملّك المعادن طبقاً لنظرية الأنفالية

وفقاً لنظرية الأنفال، هناك تفاوت بين تملك المعادن الظاهرية والباطنية منها؛ ففي المعادن الظاهرية تكون الحيازة والتسلّط على المقدار الذي يحتاجه الشخص سبباً للملكية، وليس له حق فيما بقي من المعدن. فتملّك المعادن الظاهرية لا يمكن أن يكون من خلال إحيائها؛ لأن إحياء المعادن يحتاج إلى حفر الأرض وتسويتها لكي يتحقق ظهور المعدن، وهذا غير موجود في المعادن الظاهرية بل طريق التملّك فيها هو الحيازة، وهي من المبيحات ـ مع قصد التملك ـ للمقدار الذي يحوزه الشخص من المعدن. وهناك شبه اتّفاق بين الفقهاء على أن الحيازة بقصد التملك سببٌ لتملك ذلك المقدار المُحاز. وحسب رأي المحقق الحلي والشهيد الثاني والمحقق الهمداني([31])،إذا جمع شخص مقداراً من ماء العيون أو ماء الأنهار أو مياه الأمطار في حوضٍ له أو إناء مَلَكَه، والسيرة قائمة على تملك ذلك بالحيازة.

أما المعادن الباطنية التي تحتاج للوصول إليها إلى مثابرة وبذل الجهد والتكلّف وصرف الأموال، فإن تملّكها بواسطة الأفراد يكون عن طريق إحيائها. وهنا أيضاً اتّفاق في آراء العلماء حول صدق إطلاق الإحياء عليها، وأنّ المُحيي يملك الأشياء التي أحياها أو استخرجها من باطن الأرض، ويذهب الشيخ الكليني وسلار الديلمي والشيخ الطوسي والشهيد الأول([32])،إلى أنّه لو قامت مجموعة من الأشخاص ـ بعد كسب الإذن من الإمام ـ بالعمل في المعادن فسوف يكون لهم أربعة أخماس المعدن والخمس الباقي للإمام.

ويملك المعادن الباطنية من يقوم بالحفر بحيث يصلون إلى المعدن ويستخرجوه من باطن الأرض. أما الحفر الذي يقلّ عن هذا المقدار فيعتبر من التحجير.

وقد أظهر صاحب الجواهر رأيه بعد تتبّع الموضوع فيما يخصّ كيفية تملك المعادن قائلاً: (الإحياء سبب لملكيّة المعادن)، ولم يقع أيّ خلاف بين العلماء الذين تعرّضوا لهذا الموضوع أمثال: الطوسي وابن البراج وابن إدريس والشهيدين والمحقق الكركي، بل ادّعي الإجماع في المسألة كما في المبسوط والمهذب والسرائر، سواء قلنا بأن المعادن من الأنفال أم من المباحات.

ومن الممكن أن تكون العلّة في سببيّة الإحياء للمالكية، هو الصدق هنا؛ فإن إحياء كل شئ بحَسَبِهِ؛ ولذا يملك الإنسان البئر عندما يصل إلى الماء؛ لأن الماء مثل الجوهر الذي يكون الماء مكنوناً فيه والذي يتوصّل إليه بالحفر([33]).

ويقول الإمام الخميني في معادن الأراضي المفتوحة عنوة: إذا كانت الأراضي المفتوحة عنوة معمورة حال الفتح، وكان استخراج المعدن بإذن ولي أمر المسلمين، فإن الإحياء موجب للملكية، والخمس بعُهدة المستَخرِج للمعدَن. أما إذا كانت تلك الأراضي في حال فتحها مواتاً وهي محسوبة ضمن الأنفال وأنها من المباحات، ففي هذه الحالة أيضاً يكون الإحياء سبباً في تملّكها، ويكون الخمس واجباً بعهدة المستخرج. حتى لو كان المستخرج كافراً([34]).

إذن الإمام (الدولة) أهم شرط لتملك المعادن

وفق نظرية الأنفال، التصرف في المعادن سواء كان بصورة الحيازة أم إحياء الموات، يشترط فيه إذن الإمام؛ لأن الأنفال ملك له لمقام إمامته، والتصرّف في ملك الغير من دون إذنه و رضاه غير جائز عقلاً ونقلاً([35]). أما في عصر الغيبة، حيث لا يستطيع الناس الوصول إلى الصاحب الأصلي والحقيقي، فيمكنهم التمسّك بروايات التحليل([36])، ورغم أنّ الروايات جاءت في تحليل الأرض، لكن أثر هذا التحليل يمكن أن نوسّعه حتى يشمل كل ما هو موجود في ظاهر الأرض وباطنها، من قبيل المعادن والثروات الطبيعية. وأثر التحليل غير منحصر بالأرض فقط، بل يتعداه ليشمل التصرّف بالمعادن أيضاً، وذلك عندما نتَنَبّه للحكمة التي ذَكَرَت التحليل.

وهناك اختلاف في أن هذا التحليل هل هو مختصٌّ بالشيعة فقط أم أنه يشمل غيرهم أيضاً؟ فبعض المحققين قالوا: إن هذا التحليل للشيعة فقط ومختصٌّ بهم ولا يشمل غيرهم، وقد ردّوا القول بأن السيرة جارية في كل الأزمنة على جواز التصرف في معادن أراضي الأنفال بضميمة عدم ردع الأئمة المعصومين باعتبارهم راضين عن التصرف بتلك المعادن للشيعة وغير الشيعة، هذه السيرة مردودة كما قالوا، لماذا؟ لأنهم إذا أرادوا بالسيرة سيرة المتعبدين بنصوص أهل البيت فإن سيرتهم ثابتة في التصرف وفقاً لأخبار التحليل، وإذا كان مرادهم سيرة الآخرين فإن هؤلاء أيضاً بناؤهم على مذهبهم الفقهي([37]).

في المقابل، يذهب كثير من العلماء إلى عدم الاختصاص بالشيعة أمثال: الخوئي والخميني واللنكراني([38])،فغير الشيعة لو كانوا موجودين في أراضي الأنفال واستفادوا من العلف والحطب من خلال حيازتها فسيكونون مالكين لها، بل لو أحيَوا الأرض الموات ملكوها، حالهم في ذلك حال الشيعة. فالأئمة^ قد أجازوا الكل ـ شيعةً و سنّة ـ في إحياء الأرض الميتة، وقد قال رسول الله’: >ثم هي منِّي لكم أيّها المسلمون<([39])، وكذلك رواية: >مَن أحيا أرضاً فهي له <([40])، فهي عامة وشاملة لكل الناس، إذاً فالناس كلّهم سواسية في التصرّف بالأرض وما فيها من خيرات سواء الموجودة على ظهرها أم في بطنها، أمثال المعادن والأشجار والأحجار و.. والسيرة قائمة على ذلك.

2ـ نظرية المباحات العامة في المعادن

الأموال والثروات الطبيعيّة محطّ رغبات العقلاء وتنافس الناس، وليس لأحد حقّ تملّكها أو له الأولويّة فيها، وهي التي يُقال لها: المشتركات والمباحات العامة مثل مياه البحار والبحيرات والأنهار الكبيرة والثروات الموجودة فيها من وحشٍ وطيرٍ و… لأنها مباحة لكل الناس، والكل سواء في الاستفادة منها (الناس فيه شرعٌ سواء). ودليل هذه الإباحة علاوة على الإجماع، ورود النصوص في بعض منها، جاء في إحدى الروايات عن الرسول: >الناس شركاء في ثلاثة: النار والماء والكلأ<([41])، وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم(ع): >إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلأ<([42])، ومن الواضح أن هذه الإباحة لا تُعارض ملكية الماء الموجود تحت الأرض إذا ما حفرنا الأرض ووصلنا إليه واستخرجناه؛ لأن هذه الإباحة مرتبطة بالمياه الموجودة على وجه الأرض.

وجاء في رواية أخرى عن أمير المؤمنين(ع): >لا يحلّ منع الملح والنار<([43]).

ورغم أنّ الدولة الإسلامية لا تمتلك هذه الثروات، لكنّها ـ طبق أدلّة عموم الولاية([44]). تُشرف عليها بشكل مباشر، بحيث تستطيع الوقوف أمام الذين يريدون أن يستفيدوا منها بشكل شخصي حسب ما تراه من مصلحة.

وهكذا، بناءً على المصالح التي لا تمنع فيها الدولة من استفادة عموم الناس لها سواء كانوا مسلمين أم غيرهم، لا يمكن حيازتها، ومن ثمّ تملّكها، بخلاف الأموال العائدة للدولة أو الأموال العامة للمسلمين التي يمكن للدولة أن تعطي الحق في الاستفادة الشخصية منها، مقابل أخذ الأجور أو بتعبير الرواية أخذ (الطَسْق)([45]).

أدلة نظرية المباحات العامّة

1 ـ إطلاقات الكتاب: حيث تدل على إباحة الأشياء المفيدة والمُعتبرة جميعها لعامّة الناس، قال تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}([46]) (البقرة: 29).

2 ـ روايات الخمس: حيث توجد في هذا الباب روايات كثيرة قريبة من التواتر، تدل على أن المعادن أحد موارد وجوب الخمس، ومن جملتها صحيحة محمد بن مسلم: >سألتُه عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص، فقال: عليها الخمس جميعاً<([47])، وجاء أيضاً في صحيحة محمد بن مسلم وفقاً لما نقله صاحب التهذيب: >سألت أبا جعفر(ع) عن الملّاحة، فقال: وما الملّاحة؟ فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحاً. فقال: هذا المعدن فيه الخمس. فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ قال: فقال : هذا أو أشباهه فيه الخمس<([48]).

وعليه، فالخمس واجب في المعادن، وهذا ينافي القول بأنفالية المعادن؛ لأنه لا معنى لأن تكون المعادن من الأنفال وهي ملكٌ للإمام، لكن خمسها بعهدة الذين يستخرجونها. إذاً وجوب الخمس الذي هو بعهدة المستخرج للمعادن دليل على أن أربعة أخماس المعدن هو ملك له، أي للمستخرج([49]).

3 ـ سيرة المسلمين: حيث جرَت السيرة في كل زمان ومكان وحتى في زمن وجود القدرة للأئمة على التصرف في المعادن من دون أخذ الإذن من الإمام المعصوم. وهذه السيرة تقوّي الشهرة الفتوائية القائلة بأن المعادن من المباحات والمشتركات.

4 ـ أصالة الإباحة: أي أنّ الأصل عدم ملكية أحد للمعادن، وهذا هو أصل الإباحة؛ لأن الروايات الواردة في أنفالية المعادن ضعيفة من حيث السند والدلالة. أما ضعف سندها فبإعراض المشهور عنها، والفتوى بخلافها لا يجبر ضعفها.

فإذن، المعادن لا يمتلكها أحد، والكل متساوون في الاستفادة منها.

نقد أدلة نظرية المباحات العامة

1ـ رغم أنّ الآية تدل على إباحة الثروات الطبيعية، وإطلاقها يدلّ على أن المعادن مشمولة له، وأن جميع الناس ـ بالنتيجة ـ لهم حق الانتفاع واستخراج المعادن منها، رغم ذلك كلّه، لا مانع من ورود أدلّة مخصّصة لتلك الآية؛ وذلك لأن القاعدة المرتبطة بموضوعات عامة كثيرة هذا هو دَيدَنها ـ أي التخصيص ـ وبناءً على ذلك؛ من الممكن أن تكون المعادن وغيرها من الثروات الطبيعية خارجة عن الحكم العام للآية.

والأدلّة المخصّصة، هي الأدلة نفسها التي استدلّ بها بعض الفقهاء على الأنفال وتملّك الدولة. ومن الواضح([50]) أنّ العمل بالعام قبل الفحص عن وجود مخصّص ليس صحيحاً([51]). وموثقة إسحاق بن عمار ـ التي عبر عنها صاحب الجواهر بالموثقة ـ إذا لم تدل على أنفالية كل المعادن، فالقدر المتيقن منها أنفالية المعادن الواقعة في الأراضي التي هي بدون مالك أو الأراضي الموات، ومن الواضح أن هناك مجموعة من المعادن في أراضي الموات؛ فكيف يمكن القول ـ إذاً ـ أن الأنفال كلّها من المباحات العامة، وأن الناس جميعهم فيها شرع سواء؟ وأن شدّة احتياج الناس للمعادن لا ينافي أنفاليتها؛ لأن الأنفال ليست ملكاً للإمام كما قيل سابقاً، بل هي ملك لمنصب الإمامة وإدارة شؤون الأمّة، فهذه الأموال عائدة للحكومة الإسلامية، وصلاحية التصرف بها بيد الحاكم الإسلامي، يصرفها في الموارد التي يرى المصلحة فيها، والإمام العادل العالم لا يصرف الأموال في غير مصالح المسلمين.

وإذا كان الناس بحاجة إليها فالإمام لا يمنعهم منها، ومما عدّ من الأنفال المعادن، ولا يلزم أن يترك الناس أعمالهم اليومية وينشغلون في استخراج المعدن، بل يمكن للإمام العادل أن يوظف أناساً متخصّصين في ذلك يستخرجونها من الأرض، فالاستفادة من المعادن واستخراجها جائز ومجّاني ما دام لا ضرر فيه على الإسلام و المسلمين.

2 ـ روايات الخمس لا تدل على نظرية الإباحة؛ لأن أداء الخمس كما يتصوّر مع كون المعادن من المباحات العامة والمشتركات، يتصوّر أيضاً مع كونها من الأنفال، ويكون أداء الخمس مقابل التصرف بالأنفال.

وحسب نظر النراقي([52])، فالروايات الدالة على وجوب الخمس في المعادن لا تتنافى مع أنفالية المعادن؛ لأن وجوب الخمس فيها يمكن أن يتأتّى من إجازة الإمام في استخراج المعادن، وكذلك صرّح الكليني([53])، وسلاّر الديلمي([54])،ومعنى ملكية الإمام لتمام المعادن أنّ له الحق والصلاحية في منح الإجازة أو منعها في استخراج المعدن. وعليه فليس هناك تعارض بين روايات الخمس وروايات الأنفال، ويمكن الجمع بينها عن طريق القول بأن روايات الأنفال دالة على أصل تملّك الأئمة^ للمعادن، وروايات الخمس دالة على إجازتهم في التصرف فيها بل تملّكها.

إذن، جعل وجوب الخمس للأئمة على المُستخرجين للمعدن، إما أن يكون بعنوان التعويض عن الحق المُعطى للمستخرجين، ونفي جعل الخمس يعتبر إذناً من قِبَلِهِم في استخراج المعدن. وإما أن يكون جعل الخمس واجباً إلهيّاً وحكماً شرعياً ثابتاً، لكنه يتعيّن في حالة استخراج المعدن بترخيص من الإمام.

3 ـ الاستدلال بالسيرة وتقويتها بالشهرة الفتوائية يمكن ردّه بأنّ السيرة دليلٌ لبّي، وهو يدل فقط على أصل جواز الأخذ للمعدن، لكنه لا يبيّن حيثية هذا الجواز؛ لذا فمن المحتمل أن يكون من باب المباحات العامة، كما ومن المحتمل أن تكون المعادن من الأنفال وأنها ملك الأئمة، وهم أعطوا إذناً كليّاً لِمَنْ يحيي هذه الموارد بأن تكون ملكاً له. ومن المحتمل أيضاً أن يكون حكم المعادن هو نفسه حكم أراضي الموات؛ فقيام السيرة على تملّك أراضي الموات بسبب إحيائها لا يعدّ دليلاً على أن الأراضي من المباحات الأصلية، بل رأي الفقهاء كلهم على أن أراضي الموات من الأنفال.

وبالنتيجة فالأئمة منَحوا الناس الإذن في تملّكها بسبب إحيائها، وهكذا المعادن هي جزء من الأنفال والسيرة قامت على تملّكها والأخذ منها بفضل الإذن العام الممنوح من الأئمة في الاستفادة منها. على كل حال، فالسيرة المذكورة رغم أنها كانت قائمة في الزمان الذي مرّ به المسلمون، لكن هذا لا يكشف أن المعادن لم تكن من الأنفال؛ لأنه إذا كان المراد من السيرة سيرة المتعبدين بروايات أهل البيت، فهذه السيرة المعمول بها بين المسلمين نتيجةٌ لروايات التحليل، حالها حال الروايات الحاكية عن رضا الأئمة عن تصرفات الشيعة في المعادن. أمّا لو كان المقصود من السيرة سيرة غير المتعبدين بروايات الأئمة من سائر الفرق الإسلامية، فمن الواضح أيضاً أنّ تصرفهم بالمعادن يستند إلى مذهبهم الفقهي([55]).

فادّعاء الشهرة الفتوائية بالمباحات العامة، مخالفةٌ لرأي الكثير من العلماء القائلين بأنفالية المعادن. وهذا الادّعاء ليس له وجهٌ؛ لأن الشهرة بين القدماء في المباحات العامة ليس لها وجود، كي تعمل هذه الشهرة على إيجاد الخلل في تلك الروايات، ومن ثمّ تضعّف سندها. فهذه الشهرة وجدت بين المتأخرين، ولا يوجب مثلها الوهن في السند.

4 ـ أما الرد على دليل الأصل، فيمكن القول: إن رواية إسحاق بن عمار موثقة من حيث السند، وكذلك الروايات الأخرى، وهي واضحة في دلالتها على أنفالية المعادن؛ فدلالة الروايات على أنفالية المعادن تامّة. ومعه لا تصل النوبة إلى إجراء أصل الإباحة أو أصل عدم الملكية؛ لأنّ إجراء الأدلّة الفقاهتية والأصول العملية يصحّ لو لم يكن هناك دليل اجتهادي على الملكية الخاصّة أو العامة.

أضف إلى ذلك، إنّه مع تطبيق القاعدة المتصيَّدة من الروايات (ما لا ربّ له فهو للإمام) نستفيد أنّ ما ليس له مالك خاص مثل المعادن يعتبر من الأنفال وأمره بيد الحكومة، إذاً لا يبقى مورد يجري فيه أصل عدم ملكية الإمام.

ونتيجة الكلام: إن الأدلة المقامة لإثبات المباحات العامة للمعادن غير كافية لإثبات المدّعى. ومن الجدير بالذكر هنا أن الذين قالوا بالإباحة العامة للمعادن استثنوا المعادن الواقعة في الأراضي التي يملكها الأشخاص، وقالوا: إنها ـ أي المعادن ـ ملك لأولئك الأشخاص، وقد قال المحقق الحلي([56]): إذا أحيا شخص أرضاً، وظهر فيها معدن فإنه يكون ملكاً لصاحب تلك الأرض؛ لأن المعدن يعدّ جزءاً من الأرض. ويقول بهذا الرأي أيضاً كل من الشهيد الأول والشيخ النجفي([57])،.بل يفهم من كلام النجفي بعد ذلك تبعيته لكلام المحقق الحلي: بناءً على ذلك فالمعادن الموجودة في أراضي المسلمين ملك ولا يجوز للآخرين الحيازة منها، والمعادن الموجودة فيها والتي هي ملك للإمام متعلّقة بتلك الأرض ولا يحقّ لأحد تملّكها إلا بإذن الإمام، والظاهر أن استحصال إذن الإمام مختصٌّ بالشيعة، وأن حيازة الآخرين لا تفيد الملكية، إلاّ أن تكون هذه السيرة مستمرة في كل زمان ومكان، والسيرة على أن تكون المعادن في هذين الموردين من المباحات الأصلية، وهذا ليس إلا أن تكون أمثال المعادن والنبات ضمن المباحات العامة، وهي غير تابعة للأراضي الموجودة فيها.

ويضيف النجفي في كتاب إحياء الموات([58])،مدّعياً عدم الخلاف في تبعيّة المعادن للأراضي، قال: اعترف بذلك صاحب السرائر والمبسوط؛ لأن المعدن جزء من الأرض رغم أنّ حقيقته تغيّرت من الأرض إلى شيء آخر، لكن هذا التبديل لا يخرج الملكية عن صاحب الأرض، سواء كان المالك عندما أحياها عالِماً بالمعدن أم لم يكن عالماً.

 

طرق تملّك المعادن طبقاً لنظرية الإباحة العامة

المعادن ـ وفقاً للرأي المشهور ـ من المباحات العامة، والناس سواسية في الاستفادة منها؛ أمّا المعادن الظاهرية فتُملك بالحيازة، والحائز على مقدار معيّن يملكه ويبقى القسم الآخر الموجود في الأرض على إباحته الأولية، ويمكن للآخرين الاستفادة منه بشكل طبيعي. والمعادن الباطنية أيضا تُملك بإحيائها، لكنّ الفرق بين هذه النظرية و نظريتي: الأنفال والتبعية ـ أي تبعيّة المعادن للأراضي ـ يكمن في عدة جهات:

1 ـ في أنفالية المعادن، يحتاج الناس إلى إذن الحاكم الإسلامي في الحيازة منها وكذلك في إحيائها بعنوان أوّلي؛ لأن المعادن جزء من الأنفال التابعة للحاكم الإسلامي، ولا يمكن التصرّف فيها دون إذنه. أما في حالة المباحات العامّة، فإذن الحاكم الإسلامي غير مراد بالعنوان الأوّلي. لكنّه ـ أي الإذن ـ يغدو واجباً بالعنوان الثانوي للحدّ من الهرج والمرج في استثمار المعادن. ومن الممكن القول ـ وفقاً للنظرية القائلة بالأنفال ـ: إن إذن الحاكم الإسلامي غير واجب بالعنوان الأولي؛ إذ وفقاً لروايات التحليل يجاز التصرف في الأنفال من قِبَل الأئمة حتى ظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف.

وجواب هذا الاحتمال أن هذا الإذن وهذا الترخيص مرحليّ ومشروط بعدم تشكيل دولة إسلامية. أما إذا قامت دولة إسلامية فإنّ لها الحق في المنع أو العطاء؛ فأدلة الإباحة والترخيص موجودة في هذه المراحل في موارد الانصراف أيضاً([59]).

2 ـ إذا كانت المعادن من الأنفال فلا مانع من إقطاع ـ مَنْحُ ـ المعادن الظاهرية؛ لأنّها للإمام، وفي حالة وجود مصلحة في ذلك لا مانع من إقطاعها، بخلاف النظرية الثانية القائلة بأنّ المال يعود للمسلمين جميعاً، فالبيع والشراء والإقطاع غير جائز؛ لأن الناس فيها شرعٌ سواء فلا وجه لاقتطاعها، إلاّ أن تكون هناك مصلحة([60])،ووفقاً لنظرية الإباحة العامة، يجوز إقطاع المعادن الباطنية قبل أن يتملّكها أحدٌ؛ لأنّها رغم عدم أنفاليّتها في حكم الأنفال، ومندرجة تحت أدلّة عموم الولاية([61]).

3 ـ يمكن أن يتم التعامل على المعادن قبل استخراجها، كما في زماننا الحالي، أما الأفراد العاديين فلا يستطيعون ذلك طبقاً لنظرية الأنفال، أمّا على نظرية تبعية ملكيّتها لملكيّة الأرض، فيمكن التعامل عليها تبعاً لإمكان التعامل على الأرض([62]).

3ـ نظرية التفصيل في تملّك المعادن

لم يقل أصحاب هذه النظرية بالتفصيل في المعادن الظاهرية، سواء كانت هذه الأراضي واقعة في أراضي الأنفال أم في الأرض المفتوحة عنوة أم في الأراضي المملوكة للأفراد. إنما وقع التفصيل في المعادن الباطنية، وقد استفدنا هذه المسألة من خلال تحليل كلماتهم ودراستها.

ويذهب الشيخ الطوسي وابن إدريس والشهيد الثاني([63])،فيما يخصّ المعادن الظاهرية إلى أن الناس سواسية في الاستفادة منها ويمكنهم أخذ كفايتهم، ولا يمكن لأحد تملّكها بإحيائها أو تحجيرها، أما الإقطاع فلا يُعقل في المعادن الظاهرية لاشتراك الناس فيها.

والقائلون بالتفصيل هم المحقق الحلي والعلامة الحلي والمحقق الكركي والإمام الخميني([64])،والذين قالوا في مبحث المعادن الظاهرية تركوا التفصيل في ملكية الأراضي التي هي محلّ استقرار هذه المعادن، وعدّها من المباحات العامة، إذاً كل ما ذكره مؤلف كتاب (الأراضي) في بيان نظرية التفصيل هو ادّعاء بلا دليل، حيث ادّعى أن المعادن الظاهرية الواقعة في أراضي الملك الشخصي تعتبر من المباحات، والمعادن الظاهرية الموجودة في أراضي الأنفال تُعدّ من الأنفال، وفي الأرض المفتوحة عنوة تكون ملكاً للأمة الإسلامية. فكما مرّ، ملاك التفصيل في ملكية المعادن هو الأراضي التي يوجد فيها المعدن؛ فالمعادن الموجودة في أراضي الأنفال والموات ملكٌ للإمام، والأراضي المفتوحة عنوة ملك للأمة الإسلامية، أما الملكيات الشخصية فمتعلّقة بمالكي تلك الأراضي.

من جانب آخر، المعادن إما ظاهرية مثل الملح وكثير من الأحجار الكريمة، أو باطنية. وهذه المعادن الباطنية إما أن تكون قريبة من سطح الأرض بحيث تُعدّ من توابعها، أو قد يقع المعدن في أعماق الأرض مثل النفط والغاز.. بحيث يكون وجوده وكأنه غير تابع للأرض.

وهناك تفصيل آخر يمكن استفادته من كلام الشيخ الطوسي، فإذا كان المعدن من المعادن الظاهرية عدّ من المباحات العامة، ولا يمكن للأفراد تملّكه. وإذا كان من المعادن الباطنية أمكن لهم تملّكه([65])،لكن هذا التفصيل ليس مورد بحثنا، لأن أكثر أصحاب هذه النظريات قد قالوا بالملاك الأول.

أدلة نظرية التفصيل في مالكيّة المعادن

يعود أساس هذا التفصيل إلى أصل تملّك الأفراد للأرض وما تحويه، وهو ما يعبّر عنه بقاعدة التبعيّة. وتعني هذه القاعدة أنّه إذا حصَلَ شخص على قطعة أرض وتملّكها بأي سبب كان سواء بالهبة أم بالبيع أم بالوصية أم بالإحياء، فإنه يملكها وما فيها من توابع، مثل المعدن والثروات الطبيعية الأخرى، ولا يحتاج أن يتعاقد أو ينتظر أمراً في التصرّف بهذه الثروات؛ لأن المعدن يعتبر جزءاً من تلك الأرض وكلاهما حقيقة واحدة، ولا يختلفان إلا من حيث شكل وحجم الاستفادة منهما، وهذا الاستدلال جاء في كثير من فتاوى الفقهاء، وسوف نوافيك بالتفاصيل قريباً، إن شاء الله.

وهذا الكلام نجده أيضاً مادةً في القانون المدني الإيراني([66])،حيث جاء في المادة 38: ملكية الأرض تستلزم ملكية الفضاء المحيط بها مهما صَعَدَ وعلا، وكذلك ملكية ما تحت الأرض. بعبارة أخرى للمالك حق التصرّف في الفضاء إلا أن يكون هناك استثناء في القانون.

ويعتقد أصحاب هذه القاعدة بأنّها مثلما تشمل أعماق الأرض أو الفضاء، تشمل محتوياتها أيضاً. فيما تنصّ القاعدة على أنّ كل شخص يملك عرصةً، فله التصرّف في فضائها من خلال بنائه فيها عدّة طوابق فوق الأرض، أو يمكنه حفرها ليصنع له مخزناً أو يحفر بئراً فيها، ولم تتطرّق القاعدة إلى تملّك المحتويات.

وقد تبنّى بعض فقهاء الشافعية([67])،هذه القاعدة بشكل واسع وأفتوا وفقها بعدة فتاوى، فقالوا: إذا أحيا شخص أرضاً فصار مالكاً بسبب إحيائه لها، فإنه يملك بقيّة طبقاتها إلى الطبقة السابعة، لأنه بإحيائه لتلك الأرض يكون مالكاً لها ولطبقاتها([68])،وقد استدلّ بعض فقهاء المالكية([69])،على هذه القاعدة بالحديث النبوي الشريف: >مَنْ ظلم قَدر شبر من الأرض طوَّقَهُ من سبع أرضين < أو >من أخذ شبراً من الأرض بغير حق طَوّقَه من سبع أرضين<. وهكذا نقل هذا الحديث أيضاً في مصادر الشيعة: >مَنْ خان جارَه شبراً من الأرض جعلها الله طوقاً في عُنقه من تخوم الأرض السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوّقاً إلا أن يتوب أو يرجع<([70]). ومن الواضح أن هذه الرواية في مقام بيان شدّة القبح والظلم وإستنكار التطاول على أموال الآخرين. أما دلالتها على تملك أعماق الأرض و فضائها فمحلّ تأمل.

ويمكن الاستفادة من قاعدة التبعيّة في نظرية التفصيل عدّة نقاط:

1ـ المعادن الباطنية لأراضي الأنفال ملكٌ للإمام؛ لأن القدر المتيقن من موثقة إسحاق بن عمار وروايات أنفالية المعادن، هي المعادن الواقعة في الأراضي التي بدون مالك. إذاً المعادن الواقعة في أراضي الموات ليست من المشتركات ولا من المباحات العامّة.. فما ظنّك بالملك الشخصي العائد للأفراد. وفي هذا يقول السيد الخوئي([71]): إن صحيحة إسحاق بن عمار تدلّ على التفصيل… لأن ضمير (والمعادن منها أو فيها) يعود إلى الأرض في (وكل أرض لا ربّ لها) إذاً المعادن الموجودة في أراضي الأنفال، تعتبر من الأنفال وليس كل المعادن.

2ـ المعادن الباطنية لأراضي المسلمين (الأراضي المفتوحة عنوة والمعمورة بالعرض) ملكٌ للأمة الإسلامية. وهذه المعادن تابعة لملكيّة الأرض. فمثلما تكون الأرض للأمة الإسلامية كذلك المعادن الموجودة فيها ملك لها أيضاً؛ لأن علّة ارتباط المسلمين بأراضي الكفار هي استيلاء جيوش المسلمين على الذخائر الموجودة فيها؛ إذ الاستيلاء على الظرف هو ـ بالنتيجة ـ استيلاء على المظروف. ورغم أن عنوان إحياء الأرض لا يمكن أن يتّسع للمعادن والمصادر الموجودة؛ لأن إحياء الأرض غير إحياء المعادن لا مستقلاً ولا بالتّبع. لكن الاستيلاء على الأرض استيلاء على المعادن الموجودة فيه. أضف إلى ذلك أن موضوع ملكية المسلمين ليس للأرض فقط بل موضوعها (ما أُخذ بالسيف)؛ فقد جاء في صحيحة البزنطي في خراج الأراضي، عن الإمام الرضا×: >وما اُخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يتقبّله بالذي يرى كما صنع رسول الله’ بخيبر قبل أرضها ونخلها<([72]). لكن إطلاق الرواية يوحي بأن الثروات المنقولة خارجة، وبقيّة الثروات باقية على ملكها لجميع المسلمين المجاهدين منهم وغير المجاهدين والذين سوف يأتون فيما بعد إلى يوم القيامة. وليس بالضرورة أن تكون الأراضي التي استولى عليها المسلمون مملوكةً للكفار قبل الاستيلاء؛ لذا فالمعادن الموجودة في الأراضي المفتوحة عنوةً ملكٌ للمسلمين جميعاً، وهي من المشتركات فيما بينهم، أما غير المسلمين فليس لهم حقّ فيها.

3ـ المعادن الواقعة في الأراضي المملوكة للأشخاص متعلّقةٌ بصاحب تلك الأرض. وحسب رأي المحقق الحلي والعلامة الحلي والمحقق الأردبيلي([73])، إذا أحيا شخص أرضاً وظهر فيها معدن فإنه يملك المعدن تبعاً لملكه الأرض؛ لأن المعدن من أجزاء الأرض، سواء كان المعدن ظاهرياً أم باطنياً، لكن لو كان في الأرض معدن ظاهري ثم جاء شخص وأحيا تلك الأرض فلا يملك ذلك المعدن.

وعلى أساس هذه القاعدة، صرّح الفقهاء([74]) بأنّه إذا وجد أحد معدناً في ملك الآخر، وقام باستخراجه، فإن هذا المعدن متعلّق بصاحب الأرض الأصلي ويجب فيه دفع الخمس. وقد صرح في هذا المورد أيضاً بعض الفقهاء المعاصرين أمثال السيد محمد كاظم اليزدي([75])، من أنّه إذا ظهر معدن في أرض مملوكة فإنه متعلق بمالك الأرض وإذا استخرجه غيره فلا يملكه، بل إنه متعلق بصاحب الأرض وعليه دفع خمسه من دون استثناء المصارف التي دُفعت في استخراجه؛ لأن المالك لم يصرف أي مؤونة لاستخراجه.

ويؤيد العلامة كاشف الغطاء([76]) أيضاً هذا الرأي فيقول: إذا نما شيء في ملك أحد من دون أن يتدخل في إيجاده كتوفير مقدمات النمو له، فإنه يكون ملكه قهراً، كما لو نبعت عين في داره أو في ملكه، أو ظهر فيها معدن، فإنه يتملكه بلا إشكال، سواء سعى في استخراجه أم لم يسعَ. فيما يذهب الإمام الخميني([77]) إلى أنّ كل شيء من المعادن التابعة للأرض أو الأراضي التي ليس لها مالك فأحياها أحد.. يعدّ من الأنفال. ويكتب في إحياء الموات أنّه إذا أحيا شخص أرضاً لكي يزرعها أو يسكنها، فظهر فيها معدن، فهو تابع للمالك، سواء كان عالماً بوجود المعدن فيها عند إحيائها أم لم يكن.

وبناءً على ذلك، تعتبر المعادن جزءاً من الأرض وتابعة لها، وإذا أدّى إحياء الأرض من أجل زراعتها أو السكن فيها إلى وجود معدن فيها، فمثلما يكون المحيي مالكاً لأصل الأرض بإحيائها يملك أيضاً المعدن وسائر الذخائر الموجودة فيها تبعاً لها.

نقد نظرية التبعية والتفصيل

رغم أن أدلة تبعيّة المعادن أكثر اعتباراً من نظرية المباحات العامة، لكن هناك إشكالان أساسيان يَرِدان عليها هما:

أ ـ تحديد وِسْعَة التبعيّة: يذكر السيد الخوئي ـ في توضيحه لكلام السيد محمد كاظم اليزدي([78]) الذي يقول فيه: إذا استخرج شخص المعدن، وهذا الشخص هو غير المالك فيجب على صاحب الأرض دفع خمس مقدار المستخرج من المعدن، ولا يُستثنى منه مؤونة استخراجه لأنه لم يدفع ثمن استخراجه ـ يكتب الخوئي: إطلاق هكذا فتوى مشكل بل ممنوع.

وخلاصة استدلاله أن السبب الأصلي في تملّك الأرض هو إحياؤها، لأنّ عندنا رواية تقول: >من أحيا أرضاً فهي له<، أما سائر أسباب التملك مثل البيع والهبة والإرث و… فهي عارضة عليها. وهذا السبب يفيد الملكية في إطار مدلوله، أي بالنسبة إلى ظواهر تلك الأراضي وليس أعماقها والأشياء التي في باطنها مثل المعادن.. وطبعاً السيرة العقلائية والشرعية قائمة على دخولها في ملك صاحب الأرض من باب تبعيّة الطبقة التي في أعلى الأرض وتحتها أيضاً، لكنّ هذا الإلحاق ليس تاماً من حيث الإحياء، أما من حيث التبعية فهو تامٌّ.

لكن السيرة دليل لبيّ، والقدر المتيقّن منه التابع للأرض عرفاً مثل السرداب والبئر والأشياء التي يكون عمقها إلى هذا الحد، أما الخارج عن هذا الحد فلا يُعدّ من التوابع، مثل الآبار النفطية العميقة التي ربما تكون على عمق فرسخ أو فرسخين؛ لذا فهكذا معادن باقية على إباحتها الأصلية، وكل فرد يمكنه حيازتها وتملّكها فهي متعلّقة به حتى لو كان المُستخرج غير المالك الأصلي للأرض. غايته ارتكب معصيةً في عدم أخذه الإذن من صاحب الأرض، فيضمن كل نقصٍ أو عيب يصيب الأرض، لكن العصيان والضمان شيء وتملّك المعادن شيء آخر.

ويضيف الخوئي: بالنسبة للمعادن الموجودة في الأراضي المفتوحة عنوة يصدق عليها التبعية العرفيّة، مثلاً المعدن الموجود على عمق أربعة أو خمسة أمتار، والمعادن الظاهرية مثل الملح، له الحال نفسه؛ إذ أدلّة تملّك المسلمين في شمولها للباطن قاصرة، فلا يوجد ولا رواية واحدة جاءت في هذا المورد و لا في أراضي الأنفال، تدلّ على أن الأراضي العامرة خارجة عن ملك المسلمين أو الإمام. والدليل العمدة في ذلك هو السيرة العقلائية الجارية في الأراضي الشخصية دون الملك المشترك بين المسلمين وأراضي الأنفال؛ فبناءً على ذلك لا تخرج المعادن الباطنية عن الإباحة الأصلية؛ لأن عدم شمول دليل الإحياء وقاعدة التبعية للمعادن لا يُعتبر دليلاً على إخراجها من الإباحة الأصليّة؛ إذ لو كانت المعادن المستخرجة من الأرض الشخصيّة من خلال الآخرين ـ غير المالك ـ فإنها تكون للمالك، وفي الأراضي المفتوحة عنوة والتي كانت عامرة حين الفتح تكون للمسلمين، وفي الأراضي الموات تكون للإمام. ولازم ذلك أن نحمل الروايات الكثيرة للخُمس بخصوص المورد القائل بأن المعادن المستخرجة هي الملك الشخصي لذلك الإنسان. ويجب أن نحمل هذه الروايات على الفرد النادر؛ لأن أكثر المتصَدّين لأمر المعدن يعتبرون المعادن المستخرجة من الصحاري والوديان وقمم الجبال وأمثال ذلك إما ملكاً للمسلمين أو للإمام، وليس من الملكيات الخاصّة.

والمؤَيّد لهذه الرواية عمومُ رواية: >من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحقّ به<([79])؛ فهذه الرواية رغم أنها نبويّة (مرسلة) لكن مفهومها يطابق السيرة. وكذلك رواية: >من استولى على شيء منه فهو له<([80]) فرغم عدم ورودها في المعدن، لكنّ مضمونها يمكن اقتناصه من معتبرة السكوني ـ الوارد اسمه في أسانيد كتاب كامل الزيارة ـ عن أبي عبد الله×: >إن أمير المؤمنين قال في رجل أبصر طيراً فتَبعَهُ حتى وقع على شجرةٍ فجاء فأخَذَه، فقال أمير المؤمنين: للعين ما رأت ولليد ما أخَذَت<([81])، فدلالتها واضحة على أن الاستيلاء ووضع اليد على ما ليس له مالك، يوجب تملّك ذلك الشيء.

إذن، هذه المعادن حكمها حكم الأشجار والمياه والنباتات في بقائها على الإباحة الأصلية، حيث الناس كلهم سواء في الاستفادة منها وهم شركاء فيها. ولا يشملها قانون التبعيّة القائم على بناء العقلاء([82]).

وفي النتيجة؛ فقانون التبعية الواسع صار محدوداً جداً، وعملياً سوف لن يكون هناك اختلاف بين نظرية التبعيّة ونظرية الإباحة العامّة.

ب ـ فقدان قصد التملّك في التبعيّة: الإحياء والحيازة ـ وفق النظرية الفقهية والحقوقية ـ من أسباب التملك مع قصد التملّك([83])،ولازم نظرية التبعيّة هذه أنّه إذا أحيا أحد أرضاً بقصد زراعتها فوجد فيها معدناً باطنياً قريباً من سطح الأرض أو وصل إلى أعماقها، فإنه يملك ذلك كلّه من المعدن، رغم أنه لم يكن يقصد إحياء المعدن أو حيازته؛ فإحياء الأرض لم يكن بقصد الوصول للمعدن، فكيف يُحكم له بتملّكه للمعدن؟ فيما أفتى الفقهاء في مسألة اللؤلؤة التي وجدها الشخص في بطن السمكة أنها متعلّقة بالواجد لها، رغم أنّه قد اشتراها من غيره، ولا تكون ملكاً للبائع الذي قصد حيازة السمكة، وهذا معناه أنّهم لا يحكمون بالتبعيّة([84]).

لكن في رأي بعض الفقهاء المعاصرين([85])،العثور على لؤلؤة في بطن السمكة أمرٌ نادر الوقوع، فلا يأتي مورد القصد بالتبع هنا، بخلاف العثور على المعدن في الأرض؛ لذا أفتى الفقهاء أنّه إذا اشترى أحد بيتاً، وعثر فيه على كنز وكان يعلم أنه لا يعود للبائع فالكنز يملكه حالُه حال السمكة، أما في المعدن فيُحكم بالتبعيّة. وهذا الاختلاف في الفتوى نتيجة للفرق بين الكنز والمعدن من جهة النُدرة والكَثرة؛ إذاً ليس بعيداً أن يتملّك المعدن تبعاً للأرض، ويكفي في ذلك القصد الإجمالي لحيازته.

وهكذا المياه الجوفية ـ سيما القريبة من سطح الأرض ـ والتي هي ملك لصاحب الأرض حتى لو لم يكن له قصد في الحيازة التفصيليّة. وعلى فرض التنزّل فإن الأولويّة لمالك الأرض والآخرين أحقّ بالمعدن.

وطبقاً لنظرية التبعيّة يقال مثلما قيل، فإن المعادن الظاهرية من المباحات العامة، ويمكن للأفراد تملّكها بالحيازة حسب حاجاتهم. وقد ذهب بعض الفقهاء([86]) إلى أنّه يجوز للأفراد حيازة أكثر من مورد حاجتهم في حالة عدم التضييق والإضرار بالآخرين، وقد صرّحوا بأن المتبقّي من المعادن الظاهرية هو من المباحات والمشتركات، سواءٌ كان في أراضي الأنفال أم أراضي المسلمين أم الأراضي التي يملكها الأفراد بشكل شخصي.

أما المعادن الباطنية التي تُملك بإحيائها، فحكمها يختلف ـ نوعاً ما ـ بالنسبة لأراضي هذه المعادن؛ فمعادن أراضي الأنفال تحتاج ـ في حال حضور الأئمة ـ إلى إذن منهم، وفي زمن عدم بسط اليد أو في حال غيبتهم ـ وطبقاً لرأي مجموعة من الفقهاء ـ فإن الأئمة أعطوا الإذن لكل المسلمين في التصرّف في أراضي الموات، وفي كل ما هو موجود فيها سواء على ظهرها أم في باطنها من معادن وأشجار وأحجار… وبالطبع في حال قيام دولة إسلاميّة، يكون فيها الحكم للوليّ الفقيه الذي تكون صلاحياته صلاحيات الإمام المعصوم نفسها.. نحتاج ـ بلا شك ـ إلى إذن الولي الفقيه.

أمّا أراضي المسلمين، فهي ـ كما مرّ سابقاً ـ لا تحتاج في إحيائها إلى إذن الحاكم بالعنوان الأولي، لكن تحتاجه بالعنوان الثانوي للحدّ من الهرج والمرج، والتضييق على الآخرين. وأمّا الأراضي الشخصيّة، فإذا كان غير المالك يريد أن يحيي أرضاً ليست له فيحتاج فيها إلى إذن صاحب الأرض، وبالطبع يجب أن تكون المعادن فعلاً تابعة للأرض ويكفي فيها التبعيّة العرفية لا أكثر. أمّا المعادن الباطنية فتحتاج إلى أكثر من التبعيّة العرفيّة، فصاحب الأرض ـ قياساً بالآخرين ـ له حق الأولويـّة وليس حق الملكيّة في أرضه، وفي هذا يقول السيد جواد العاملي([87]): ملكية الأفراد بالنسبة للأرض ظاهرة في ملكيّة القشرة الظاهرة منها، حتى لو كان هذا الشيء ظاهر في قعر البئر، أما بالنسبة للقشرة الباطنية للأرض فإن الظاهر فيها أن للمالك حق الأولويّة..

التحليل النهائي في ملكية المعادن في فقه الإمامية

تبيّن ممّا تقدّم أن هناك ثلاث نظريّات في فقه الإماميّة حول تملّك المعادن؛ فجماعة قالت بأنّ كل أقسام تملّك المعادن تُعدّ جزءاً من الأنفال ومتعلّقة بالإمام المعصوم، وأهم دليل استندوا إليه هو الروايات. فيما ذهبت جماعة أخرى ـ وهو الرأي المشهور ـ إلى أنّ المعادن من المباحات العامّة، وقد عدّوا الروايات القائلة بالأنفال ضعيفة، مستندين إلى عمومات الكتاب وروايات الخمس والسيرة والأصل. أمّا الجماعة الثالثة فرأت التفصيل، وأهم دليل لهم كان قاعدة تبعيّة المعادن للأراضي. كما بيّنوا بالتفصيل نقاط الضعف ونقاط القوّة في كل واحد من تلك الأقسام.

والذي يبدو أنّ مالك المعادن الأصلي في رأي الشرع هو رسول الله(ص) والأئمة المعصومون من بعده؛ نظراً لمقام الرسالة والإمامة وإدارة الأمّة، وهذا ما دلّت عليه روايات الأنفال، حيث هذا البحث منها. وبعد الغيبة وتسلّط الغاصبين المفسدين على هذه الثروات أذنَ الأئمة المعصومون لشيعتهم بتملك الموارد والأموال عن طريق الحيازة والإحياء، وهذا هو رأي المسلمين، وهذه الإجازة منهم كانت لتلبية بعض حاجاتهم حدّ الإمكان، وكذلك لكي لا تقع هذه الثروات بيد الغاصين مهما أمكن.

والدليل على هذا الأمر روايات التحليل([88])،والبحث في هذه المسألة جاء في كتاب إحياء الموات، حيث عدّ الفقهاء المعادن من المشتركات والمباحات العامة. وهذا هو الذي قامت عليه السيرة المستمرة على طول التاريخ في تملّك المعادن بالحيازة والإحياء. وهذا ما يجرّنا إلى موضوع الغنيمة وشموله لأدلّة الخمس، حيث يجب علينا أن نأخذ نسبة من تلك الأموال ونعطيها للإمام بعنوان الخمس، وهذا الحكم متأخر تلقائيّاً عن الحُكمَين السابقَين، وقد بُحث هذا الموضوع في كتاب الخمس([89]).

ومن الطبيعي أنّ التحليل المذكور تحليل مرحلي؛ كما أشارت إليه بعض روايات الخمس؛ فالراوي يقول للإمام: جُعلتُ فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وإنّا عن ذلك مقصّرون، فقال أبو عبد الله: >ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم<([90])، وكذلك رواية علي بن مهزيار عن الإمام الجواد قال: >من أعوزه شيء من حقي فهو في حلّ<([91])، وهذا ما يفهم منه أنه أمرٌ مؤقّت. كما أنّ التحليل الذي جاء في رواية الأنفال يعدّ مؤقتاً ومرحلياً أيضاً للعلّة المذكورة في الرواية.

أما مع وجود دولة إسلامية وقيام الولي الفقيه على رأس النظام وثبوت مطلق الصلاحيات له كما للإمام المعصوم في أمر إدارة المجتمع الإسلامي، بعد ذلك كلّه فإن مرحلة الحليّة للأنفال انتهت بانتهاء ذلك المقطع من الزمان ومجيء الدولة الإسلامية؛ لذا فالتصرف في الأنفال يجب أن يكون بإذن الولي الفقيه الجامع للشرائط. وهذا الأمر يصدق على تمام المعادن الواقعة في الملك الشخصي؛ لأنّها ـ بشكل مطلق أو في حدود التبعيّة العُرفيّة ـ تعتبر تابعة للأرض في عصر التحليل، والأفراد يستطيعون تملّك تلك الأراضي بإحيائها، وبذلك لا يجوز للآخرين التصرّف بها ولا استخراج معادنها إلا بإذن مالكيها، أمّا في زمن الدولة الإسلامية واستتباب الأمور بيد الولي الفقيه فتعتبر تلك الأراضي أيضاً من الأنفال؛ فلا يجوز التصرف بها إلا بإذن الحاكم الإسلامي.

 

النتيجة

وفقاً لما مضى من دراسة وتحليل، تعتبر أدلّة نظرية أنفالية المعادن أكثر استحكاماً من غيرها، وأهم أدلّتها روايات الأنفال التي من جملتها موثقة إسحاق بن عمار. كما أثبتنا أنّ تعلق الخمس أو التحليل الزمني المؤقت لا يتنافى مع هذه النظرية، وأثبتنا أن الأنفال متعلّقة بمقام الرسالة والإمامة، أما في عصر الغيبة ومع قيام الدولة الإسلامية فتتعلّق بالدولة نفسها.

الهوامش

(*) مربي في قسم الفقه والحقوق بجامعة الزهراء.

(*)أستاذ مساعد في قسم الفقه والحقوق بجامعة طهران.

([1]) الكافي 1: 538؛ وتفسير القمي 1: 254؛ وتفسير العياشي 2: 49؛ والمقنعة: 278؛ والنهاية: 419؛ والمراسم: 140؛ والمهذب 1: 183؛ ومختلف الشيعة 2: 209؛ والمقتصر: 107.

([2]) الحدائق الناضرة 12: 479؛ وكفاية الفقه 1: 220؛ ومستند الشيعة 10: 162؛ وكشف الغطاء 4: 214؛ وكتاب الخمس: 365.

([3]) المسائل الفقهية 1: 272؛ ودراسات في ولاية الفقيه 4: 76.

([4]) البيان: 352؛ والمختصر النافع: 126؛ وقواعد الأحكام 1: 222؛ وجامع المقاصد 7: 42؛ وجواهر الكلام 38: 108؛ واقتصادنا: 506.

([5]) السرائر 1: 497؛ والروضة البهيّة 2: 86، و7: 189؛ والمعتبر 2: 621؛ ومجمع الفائدة والبرهان 4: 298؛ ومصباح الفقيه 14: 257؛ والعروة الوثقى 2: 190؛ ومستند العروة الوثقى 25: 55؛ وتحرير الوسيلة 1: 353، 369؛ والأراضي 347.

([6]) الراغب الإصفهاني، المفردات: 524؛ والطريحي، مجمع البحرين 2: 354.

([7]) الشيخ الطوسي، التبيان 5: 72؛ والطبرسي، مجمع البيان 4: 517؛ والفخر الرازي، التفسير الكبير 5: 115؛ والعلامة الطباطبائي، الميزان 9: 5.

([8]) الطباطبائي، الميزان 9: 10.

([9]) المصدر نفسه 9: 10.

([10]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 364.

([11]) المصدر نفسه 9: 12، باب 1، ح 11، 6، وباب2، ح1، 12، 19.

([12]) انظر: الفاضل اللنكراني، تفصيل تحرير الوسيلة: 286.

([13]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 371، ح20.

([14]) آجام: جمع أجمة، الشجر الكثيف الملتفّ (المنجد)؛ فالآجام إذاً هي الغابات، وليس فقط الأرض التي فيها قصب كثيف، رغم أن الأرض المقصبة هي نوع من الغابات.

([15]) المصدر نفسه 6: 372، ح28.

([16]) المصدر نفسه 6: 372، ح32.

([17]) المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 4: 74.

([18]) مكارم الشيرازي: 603.

([19]) فئة من المبتدعة يقولون: إن الإمام الصادق حيّ لن يموت، وهو المهدي الموعود. وهم يؤمنون بالأئمة الستة إلى الصادق، وهذه الفئة منسوبة إلى شخص يسمى (ناووس) أو إلى قرية تسمى بهذا الاسم، فانظر: الدكتور مشكور، قاموس الفِرَق الإسلامية: 436.

([20]) مستند العروة الوثقى 25: 66.

([21]) رجال العلامة: 21.

([22]) جواهر الكلام 16: 129؛ ورياض المسائل 1: 297؛ ومصباح الفقيه 14: 257؛ والخوانساري 2: 134.

([23]) انظر: جوادي آملي، 396.

([24]) المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 4: 74.

([25]) جواهر الكلام 38: 108.

([26]) المصدر نفسه 16: 131.

([27]) نجاة العباد: 94.

([28]) المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه 4: 77.

([29]) جامع المدارك 2: 134.

([30]) دراسات في ولاية الفقيه 4: 74.

([31]) شرائع الإسلام 3: 279؛ ومسالك الأفهام 7: 192؛ ومصباح الفقيه 14: 258.

([32]) الكافي 1: 538؛ والمراسم: 14؛ والمبسوط 3: 277؛ واللمعة الدمشقية 191:7.

([33]) انظر: جواهر الكلام 38: 110.

([34]) تحرير الوسيلة 1: 354.

([35]) النوري، مستدرك الوسائل 3: 145؛ والمتقي الهندي، كنز العمال 6: 97.

([36]) راجع: الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 385.

([37]) الفياض، الأراضي 363؛ وحسب رأي الأكثرية من أهل السنّة أن المعادن الموجودة في الأراضي العائدة للأفراد تابعة لملكية الأراضي، والمعادن الموجودة في الأراضي الموات هي لعموم الناس، ولا يوجد أحد يقول بأنفالية المعادن ولا الملكية الخاصّة للدولة؛ فانظر: ابن قدامة، المغني 4: 482، و7: 454؛ والشافعي، الأم 4: 45.

([38]) مستند العروة الوثقى 25: 364؛ وتحرير الوسيلة 1: 369؛ وتفصيل الشريعة: 322.

([39]) النوري، مستدرك الوسائل 17: 112.

([40]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 25: 2، باب1، ح 5.

([41]) النوري، مستدرك الوسائل 17: 115.

([42]) وسائل الشيعة 17: 331، باب5.

([43]) المصدر نفسه.

([44]) انظر: الطباطبائي، الميزان 16: 276.

([45]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 382، ح12.

([46]) المقصود من الآية إباحة كل المنافع التي تُستَحصل من الحيوانات والنباتات والمعادن. انظر: الفاضل المقداد في تفسير كنـز العرفان 2: 298؛ والجزائري في تفسير قلائد الدرر 3: 288؛ وقد استدلّوا بهذه الآية على أصالة الإباحة في كل الأشياء. ومن الفقهاء الذين استدلوا بها أيضاً السيد جواد العاملي في مفتاح الكرامة 7: 29.

([47]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 342،باب3، ح1.

([48]) المصدر نفسه 6: 343، ح4.

([49]) النجفي، جواهر الكلام 16: 129.

([50]) انظر: المظفر، أصول الفقه 1: 155 ـ 158.

([51]) استدلّ الفاضل المقداد بآيات أخرى لإثبات أصل الإباحة في الأشياء بشكل عام، وعلى المعادن بشكل خاص، مثل آية: {أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً} (البقرة: 168)، وآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (البقرة: 172). ويقول في الفائدة الثالثة: (ما) تفيد العموم وتشمل النبات والحيوان والمعدن.

([52]) مستند الشيعة 10: 163.

([53]) الكافي 1: 538.

([54]) المراسم: 14.

([55]) الفياض، الأراضي: 350.

([56]) شرائع الإسلام: 797.

([57]) البيان: 343؛ وجواهر الكلام 22: 355 ـ 356.

([58]) جواهر الكلام 38: 113.

([59]) انظر: مكارم الشيرازي، أنوار الفقاهة، كتاب الخمس: 608.

([60]) المصدر نفسه: 906.

([61]) النجفي، جواهر الكلام 38: 102، 111.

([62]) فاضل اللنكراني، تفصيل الشريعة: 319.

([63]) المبسوط 3: 274؛ والسرائر 2: 483؛ والمسالك 7: 188.

([64]) انظر: المحقق الحلي، شرائع الإسلام 3: 278؛ والعلامة الحلي، قواعد الأحكام؛ والمحقق الكركي، جامع المقاصد 7: 42؛ والإمام الخميني، تحرير الوسيلة 2: 220.

([65]) المبسوط 3: 274.

([66]) ميرزائي: 31.

([67]) الرملي الشافعي الصغير 2: 373.

([68]) ابن قدامة، المغني 5: 522.

([69]) مواهب الجليل 4: 276.

([70]) المجلسي، بحار الأنوار 7: 214، و74: 150، و75: 171، و76: 332.

([71]) مستند العروة الوثقى 25: 364.

([72]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 9: 182 ـ 188، باب79، ح2، 3، 4، ج5، باب 72، ح1، 2.

([73]) شرائع الإسلام 3: 279؛ وقواعد الأحكام 1: 222؛ ومجمع الفائدة والبرهان 4: 298.

([74]) العلامة الحلي، المنتهى 1: 546؛ والمحقق الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان 4: 58؛ وجامع المدارك 5: 368؛ والشيخ الأنصاري: 130.

([75]) العروة الوثقى 2: 372.

([76]) كشف الغطاء 3: 248.

([77]) تحرير الوسيلة 1: 365، و2: 220، م 34.

([78]) العروة الوثقى 2: 372.

([79]) تفسير القرطبي 17: 297.

([80]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 17: 525.

([81]) المصدر نفسه 16: 297.

([82]) انظر: الخوئي، مستند العروة الوثقى 25: 56.

([83]) انظر: الشهيد الثاني، الروضة البهية 7: 160؛ والإمام الخميني، تحرير الوسيلة 2: 197، م25؛ والميرزائي: 57.

([84]) انظر: مكارم الشيرازي، أنوار الفقاهة، كتاب الخمس: 120.

([85]) المصدر نفسه.

([86]) الخميني، تحرير الوسيلة 2: 209.

([87]) مفتاح الكرامة 13: 109.

([88]) انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة 6: 385.

([89]) انظر: المشكيني: 506.

([90]) وسائل الشيعة 6: 380، باب4، ح6.

([91]) المصدر نفسه: 379، ح2.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً