ما زالت العلاقات بين المسلمين سنة و شيعة من خلال كثرة الأحداث و النيران و الاحتراب الطائفي تحتل الصدارة ضمن الخضم الإعلامي الرسمي بالعالم العربي و الدولي المستكبر، فمع أي سيناريو فتنوي تسرع وسائل الإعلام نحو تجار الذمة الإسلامية من أبطال الفتنة أو السماسرة السياسيين و المعممين، لتتربح على حساب مستقبل الأمة و وحدتها المنشودة منذ قرون، و هذه الظاهرة في الضفة الأخرى تعكس في مجمل نتائجها صورة الحياة الاجتماعية للمسلمين سنة و شيعة و درجة الوعي لدى نخبها و مسؤوليتهم الثقافية الاجتماعية في ما يخص قيمة الوحدة و التعاون و التسامح و التعايش و ديمومة التعارف من أجل ضمان إحتياط التقوى في مشوار البناء و التنمية للواقع الإسلامي حضاريا…
ربما هذه الفكرة عن الإعلام بمجالنا العربي و بالعالم الغربي الدارس بجد و اجتهاد لكل تاريخنا و أسباب تخلفنا المستمر، تعتبر مبالغ فيها لكن سؤال بسيط لمن يقابل هذا الرأي برأي مضاد: هل استطاع العقلاء من السنة و الشيعة إبداع وسائل إعلام، تثقف الأمة و تعرفها بأعضائها الأخرى و تربي أجيالها الصاعدة على ثقافة الحوار والانفتاح و التعارف الايجابي؟؟
بصراحة: ما نعيشه اليوم على مستوى الإعلام الفضائي هو تنافس هستيري من أجل الجهة لا الأمة، ناهيك عن المواد الخامة التي يرسكلها –إعادة الإنتاج- المستكبر الحاقد على الإسلام بكل مذاهبه، في مخططاته التفكيكية المستمرة للحالة الإسلامية إما عبر الصراعات بين الأحزاب أو الطوائف أو المذاهب أو الشعوب أو السياسيين… للأسف غياب التعاون الإعلامي الواحد بين السنة و الشيعة، فتح المجال أمام الحملات الدعائية للتكفير و التسفيه و الاقصاء للآخر و السباب و ما هنالك…و عند التدقيق في هذه الحقيقة التاريخية للإعلام الإسلامي، يتبين جليا كيف يمكن للمتعصب أن يستخدم النصوص و الأحداث و الصور و التكنولوجيا من أجل تدعيم التفرقة المذهبية و الطائفية العنصرية ، مع تعبئة الآراء الشاذة و الفتاوى التكفيرية و التمهيد للفتنة…و لابد أن لا ينسى المهتمون بالشأن الإعلامي المذهبي ، أن المنافسة المذهبية الحادة تزيد الحاجة إلى الأخبار و الأفكار الساخنة، أي كل المخبوء بالأرشيف و الذي يعتبر من المواضيع المقدسة و الخاصة لدى الآخر، ناهيك عن التلفيق و التمويه والتشابك المتعاظم للاتصالات وبالعمق النشاط السياسي المتحكم في أحوال الرأي العام…و عليه أمام رواد الوحدة من السنة و الشيعة التوجه نحو الاتحاد الإعلامي العملي و البناء، الحاضن لكل التنوع الإسلامي و الفكر الإنساني الباحث عن الحقيقة …و الله من وراء القصد.
(*)كاتب وباحث إسلامي