الشيخ محمد عافي الخراساني(*)
الخلاصة
يقوم هذا المقال بدراسة المعنى اللغوي لكلمة «السُّنّة»، وخصوصاً في الأحاديث النبوية الشريفة؛ حيث إن فريقاً من اللغويين والمفسِّرين أشاروا إلى أن معناها هو الطريقة الحسنة المحمودة، مع أنه يختلف كثيراً عما هو المأنوس في الذهن العام من دلالتها على مطلق السيرة والطريقة. ومن جهةٍ أخرى يمكن أن يستفيد القرآنيون من هذه الرؤية المقيِّدة لمعنى الكلمة لإثارة شبهاتهم حول حجّية السنة النبوية الشريفة ـ كما سأذكرها بالتفصيل ـ، فمن ثَمَّ رأيتُ في إثبات المعنى العام للكلمة أن أخوض في الاستعمالات في كلام العرب، فقُمْتُ بمراجعتها في مجالات متنوّعة، مروراً بالشواهد في الجاهلية والقرن الأوّل الهجري، وهو عصر الاستشهاد بكلام العرب، وصولاً إلى القرون التالية التي تختلف العربية فيها عن العربية الأصيلة؛ لفهم معنى الكلمة في ظروف النقل بالمعنى أيضاً. وحيث كانت الدراسة قد بَلغَتْ حجماً كبيراً، رأيتُ أن أقسِّمها في محورين:
المحور الأوّل: دراسة الشواهد في القرآن الكريم والحديث النبويّ، وهو هذه المقالة التي أقدِّمها للقرّاء الكرام.
المحور الثاني: دراسة غيرهما من الشواهد المختلفة من أحاديث أهل البيت^ والأشعار وغيرهما، وسوف أقدِّمُها في مقالةٍ مستقلّة، إنْ شاء الله تعالى.
وبالجملة: إن النتيجة التي وصلتُ إليها بعد دراسةٍ طويلة للشواهد المختلفة أن معنى الكلمة عامّ، سواء في حالة النقل باللفظ أو النقل بالمعنى، فلا عبرة برؤية القائلين بالمعنى الإيجابي في الكلمة، فيُستَنْتَج من جميع ذلك عدم ورود أيّ إشكال من هذه الجهة على حجّية السنة النبوية الشريفة.
أهمّية الموضوع
في البداية لا بُدَّ من ذكر الداعي الذي بعثني نحو هذا التحقيق، وهو في رأيي هامّ جدّاً؛ فرُبَما يُتصوَّر أنّ «السُّنّة» في اللغة بمعنى «الطريقة»، وهذا واضحٌ لا غبار عليه، فما الحاجة إلى كلّ هذه التفصيلات؟! فأقول مستعيناً بالله تعالى:
إن واحداً من الأدلة الهامة على حجّية السنّة النبوية الشريفة ـ بصرف النظر عن الأدلة الأخرى ـ هو الروايات النبوية الآمرة باتّباع سُنّة النبي|. فهناك عددٌ من الآيات القرآنية المختلفة يأمر باتّباع الأوامر النبوية، فيستنتج من ذلك حجّية أوامر النبي| ـ على الأقلّ ـ، ثمّ بعد ذلك نرى أن هناك عدداً من الروايات النبوية تأمر([1]) باتّباع سُنّته من دون قيدٍ، فيستنتج من ذلك حجّية جميع السنّة النبوية الشريفة.
وأذكر إحدى هذه الروايات على سبيل المثال: «ستّة لعنتُهم ولعنهم الله وكلُّ نبيٍّ كان: الزائد في كتاب الله؛ و…؛ والتارك لسُنّتي»([2]). وثمةّ روايات أخرى، فراجِعْ([3]).
هذا، ولكنْ هناك فريقٌ من اللغويين والمفسِّرين ذكروا أن «السُّنّة» بمعنى «الطريقة الحسنة المحمودة»؛ وهناك فريقٌ آخر في المقابل ذكروا أنها بالمعنى العامّ، يعني «مطلق السيرة والطريقة». ومع اختلاف المتخصِّصين في هذا المجال نواجه احتمالاً واقعياً يكفي لهَدْر دلالة الروايات المشار إليها على حجّية السنّة الشريفة، حيث يحتمل حينئذٍ أن لا تدلّ على اتبّاع كلّ طريقةٍ وسيرة للنبيّ|، بل رُبَما تدلّ على مجرّد الطريقة التي ثبت حُسْنها قَبْلاً بدليلٍ آخر، مثلاً: بدليلٍ من القرآن الكريم. ومع الشكّ في دلالة الكلمة يجب الأخذ بالقدر المتيقَّن فيها([4]). فنتيجة هذا الإشكال أن مطلق السنّة النبوية ليست حجّةً مستقلة وفي نفسها، بل تحتاج إلى دليلٍ آخر.
هذا، وقد يُجاب عن هذا الإشكال بأن كلّ طريقةٍ للنبيّ| حَسَنةٌ ومحمودة، وهذا واضحٌ جليّ، فلا معنى لهذا الإشكال من حيث المبدأ. لكنّه ليس جواباً مقنعاً في المقام، فرُبَما يُشْكِل عليه القرآنيون أن المأنوس في أذهان المسلمين من حُسْن كلّ طريقةٍ للنبيّ| يحتمل جدّاً أن يكون ناشئاً من ثقافة المجتمع الإسلامي، التي أعطَتْ قداسةً كثيرة للنبيّ|، ورسّخته في أذهانهم، وليس ورائها دليلٌ. فحينئذٍ ـ بصرف النظر عن صحّة هذه الرؤية حول النبيّ|، وبصرف النظر عن دليل العصمة ـ يجب أن نجيب عن هذا الإشكال بشكلٍ آخر، ونقوم بدراسةٍ علمية للرؤية المقيّدة لمعنى الكلمة عند اللغويين، بعيداً عن العصبية؛ لنعرف مدى صحّة هذه الرؤية، ونَصِلَ إلى نتيجةٍ في دلالة تلك الطائفة من الروايات الآمرة باتّباع السنّة النبوية.
وفي هذا الإطار رأيتُ أن أقوم بأمرَيْن:
الأوّل: أن أدرس آراء اللغويين والمفسِّرين في معنى الكلمة؛ حتّى أستوعب هل يمكن إثبات المعنى العامّ في رؤيتهم أيضاً، مع وجود اختلافٍ لهم في معناها، كما تقدّم؟ وهل تعني كلماتهم فعلاً أن معنى الكلمة عندهم بالمعنى الإيجابي أو أن هذا ما يُتوهّم من كلماتهم وليس وراءها شيءٌ؟ فصارت هذه الدراسة مقالةً مستقلة، أرجو أن تُطبَع فيما بعدُ، إنْ شاء الله تعالى.
الثاني: أن أتناول الاستعمالات في كلام العرب، وأثبت المعنى العامّ عبر مشاهدتها. وهذا الأمر أهمّ بمراتب كثيرة من آراء اللغويين؛ لأنها ـ كثيراً ما ـ ناشئةٌ من رؤية الاستعمالات وتحليلها. فالنسبة بين الاستعمالات وآراء اللغويين نفس النسبة التي بين الرجوع إلى الدليل والرجوع إلى قول المجتهد وتقليده. فكما أن الشخص الذي له خبرةٌ إذا عثر على دليلٍ يخالف رؤية المتخصِّصين لم يَعُدْ يمكنه الأخذ بها كذلك الحال في ما نحن فيه، فنحن أيضاً إذا عثرنا على استعمالاتٍ متعدّدة في كلام العرب تخالف رؤية اللغويين والمفسِّرين في معنى الكلمة فلا قيمة لكلامهم حينئذٍ، ولم يعُدْ يمكننا أن نتعبَّد برؤيتهم.
ويجب أن أنبِّه هنا ـ كما تقدَّم في الخلاصة ـ أنني أركِّز في هذه المقالة على مجرّد الاستعمالات في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
المنهج المتَّبَع في البحث والاستدلال
في البداية لا بُدَّ من الإشارة إلى نكتةٍ رئيسة، وهي أن معرفة المعنى اللغوي الموجود في المعاجم لا تكفي لفهم الأحاديث النبوية؛ لأسبابٍ، منها: وقوع النقل بالمعنى، واستخدام الألفاظ العربية المتأخِّرة في النقل من قِبَل الرواة؛ ومنها: احتمال وجود خصوصيات زائدة في معنى الألفاظ في خصوص سياق الأحاديث وفي ألسنة المحدّثين في بعض الأحيان؛ ومنها: أن اللغويون قد يكتفون بذكر بعض الاستعمالات دون أخرى؛ لأسباب مختلفة، ممّا قد يؤدّي إلى وعيٍ ناقص لنا، إلاّ إذا راجعنا الاستعمالات مباشرةً.
فلأجل ذلك لم أكتفِ بذكر المعنى المذكور في المعاجم اللغوية ـ وإنْ كانت ذات أهمّية كثيرة في ذاتها، وقد تقدّم أني قُمْتُ بدراستها في مقالةٍ مستقلّة ـ، بل درسْتُ الاستعمالات في العربية الأصيلة أيضاً؛ لفهم معنى الكلمة في حالة النقل باللفظ وسلامة الأحاديث من النقل بالمعنى. وإلى جانب ذلك درستُ استعمالات «السُّنّة» في سائر الاستعمالات في القرون اللاحقة التي تغيّرت العربية فيها لتحديد دلالة الكلمة في حالة النقل بالمعنى أيضاً، حتّى يتّضح في نهاية المطاف أن معنى الكلمة عامّ يشمل المصاديق السيئة والحسنة، سواء في النقل باللفظ أو النقل بالمعنى. فما أخوض فيه من ذكر القرائن هنا وهناك في أن هذا الشاهد منقولٌ باللفظ أو بالمعنى أو… كلّه لأجل هذا المقصود. لكنْ حيث كانت الدراسة في كلّ هذه الملفّات قد بلغت حجماً كبيراً ـ كما تقدَّمت الإشارة إليه ـ رأيتُ أن أكتفي في هذه المقالة بدراسة الشواهد في القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة. ودراسة سائر الاستعمالات في أحاديث أهل البيت وكلمات الصحابة والأشعار، ودراسة آراء اللغويّين، ستأتيان في مقالتين مستقلّتين، إنْ شاء الله تعالى.
وفي هذا الإطار أبحث في كلام العرب الأصيل عن استعمال «السُّنّة» في سياقٍ لا يمكن أن تكون فيه بمعنى الطريقة المحمودة؛ ليتّضح أن الكلمة بالمعنى العامّ. وبعبارةٍ أخرى: أبذل الجهد لأعثر على استعمالها في مصاديق سيّئة وقبيحة للطريقة؛ حتّى يثبت أنها لا يمكن أن تكون بمعنى الطريقة المحمودة فقط، وبالتالي معناها عامّ([5]).
ولكي يصحّ الاستشهاد أدرس معنى الاستعمالات التي رُبَما يَرِدُ فيها احتمالٌ آخر يضرّ بالاستدلال، حيث يحتمل أن يكون بعضها بمعانٍ أخرى، بحيث يحتمل أن تكون «السُّنّة» فيه من المصاديق الحَسَنة للطريقة، وبالتالي لا يمكن الاستدلال به، حيث إنه لا يُثبت استعمالَ الكلمة في المعنى العامّ الشامل للمصاديق السلبية أيضاً. فلأجل ذلك رُبَما أخوض في البحث حول معاني الاستعمالات في بعض الشواهد، مع أن فقه الحديث والبحث التفسيري لا يهمّانني هنا، ولا أريد الخوض فيهما أبداً.
وأدرس احتمال التصحيف أيضاً؛ حتّى يثبت أن ما ورد في الاستعمال هو كلمة «السُّنّة» ومشتقّاتها، لا كلمة أخرى شبيهة بها.
وفي بعض الموارد لم أضَعْ الشاهد جانباً ـ رغم وجود احتمالٍ آخر ـ، كما إذا كان جديراً للاستئناس والتأييد على أقلّ تقديرٍ، أو اتّضح من تراكم القرائن المختلفة أن الشاهد يصحّ للاستشهاد.
وجديرٌ بالذكر أنّي ركّزتُ على الاستعمال في كتب المحدّثين أكثر من كتب المؤرّخين؛ لوضوح كون الشواهد في الكتب الحديثية أقوى منه في الكتب التاريخية؛ لاختلاف الدقّة في نقل الألفاظ بين هذين الفريقين؛ فدقّة المحدّثين أكثر بمراتب من أصحاب التأريخ، كما هو المتوقَّع من طبيعة الأهمّية لألفاظ النبيّ|([6]) عندهم كمصدرٍ معرفي ـ على اختلاف المذاهب في بعضها ـ، وقد يختلف الاستنباط منها باختلاف كلمةٍ. فإنّ هذا يختلف تماماً عن المؤرِّخين، الذين ينقلون كلمات الأشخاص في كتبهم، وما يهمّهم فيها عادةً هو بيان مضمونها فقط. كما نرى أن المحدّثين كثيراً ما يذكرون اختلاف الألفاظ في حديثٍ واحد، حتّى في موارد لا تأثير لها في المعنى، بخلاف الحال في المؤرِّخين. وإضافةً إلى ذلك لم تكن للمؤرِّخين دقّة المحدّثين حتّى في نقل نفس الأحاديث النبوية عادةً، كما هو واضحٌ بمقارنة كيفية نقل الأحاديث بين الكتب الحديثية والتاريخية([7]). واللغويون أيضاً لهم دقّةٌ أخرى في نقل الشواهد وضبطها.
هذا، ولكنْ مع وجود ظاهرة النقل بالمعنى يشكل الاستدلال بالشواهد الموجود في الأحاديث الشريفة على المعنى اللغوي الأصيل؛ لأن الراوي رُبَما رواه وفقاً للعربية في عصره، يعني العصور المتأخِّرة التي تغيَّرت العربية فيها كثيراً. كما أن فريقاً من النُّحاة أيضاً لايستشهدون بالأحاديث النبوية لأجل هذا الإشكال([8]). فما أشَرْتُ إليه من دقّة المحدّثين، وذِكْرهم الاختلافات الجزئية الدقيقة في ألفاظ الأحاديث كلّها، بالنسبة إلى المؤرِّخين، لا ينفي أبداً وقوع النقل بالمعنى في أحاديثهم، فيحتمل جدّاً وقوع النقل بالمعنى، ولو من قِبَل واحدٍ من الرواة في سلسلة سند الحديث.
نعم، هناك صِيَغٌ مختلفة لبعض الأحاديث التي سأذكرها، ومع ذلك توجد «السُّنّة» فيها كلّها، الأمر الذي يُثبت أو يؤيِّد ـ على أقلّ تقدير ـ وجود الكلمة في نفس كلام النبيّ|. وهذه خطوةٌ جيّدة وقرينةٌ هامة في فهم النقل باللفظ، وإنْ كانت الأحاديث من هذا القبيل قليلةً طبعاً.
وبحَسَب ما تقدّّم يتّضح أن قيمة الشاهد الذي ورد في مصادر مختلفة أيضاً أكثر ممّا ورد في مصادر قليلة؛ لأن المذكور في مصدرٍ واحد يصعب القيام بتحليل ما قد حدث فيه من التصحيف والنقل بالمعنى. ولأجل ذلك حينما عثَرْتُ على شاهدٍ في مصدرٍ واحد بذلْتُ الجهد لأعثر عليه في مصادر أخرى أيضاً. وأشَرْتُ إلى قلّة المصادر أو كثرتها في كلّ شاهدٍ، وإنْ كانت كثرتُها قد تنشأ من نقل بعضها من بعضٍ. وفي الحقيقة هناك شاهدٌ واحد فقط في مثل هذه الحال. لكنْ حيث إن بعض المصادر الثانوية قد تكون دقّتُها كثيرة، ومن جهةٍ أخرى قد تكون المخطوطات الموجودة للمصادر الأوّلية مليئة بالأخطاء، فيجب أن نلاحظ المصادر الثانوية أيضاً كمخطوطٍ مستقلّ آخر للمصادر الأوّلية، كما هو الحال في كتاب بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسي، بالنسبة إلى بعض المصادر الحديثية عند الإمامية.
وأنبِّه القارئ الكريم إلى أنني تركْتُ ـ في هذا التحقيق ـ ذكر الاستعمالات التي وردت «السُّنّة» فيها بمعنى الحديث النبويّ، أو المأثور عنه| من قوله وفعله، وفي مقابل البِدْعة بالمعنى الإسلاميّ؛ ففي مثل هذه الموارد معنى الكلمة متأثِّرٌ بالثقافة الإسلاميّة، وواضحٌ خروجها عن المعنى اللغويّ، كما هو واضحٌ.
«السّنَن» بين الضمّ والفتح، اختلاف المعنى وبطلان الاستشهاد
وجدْتُ في عدّةٍ من الشواهد أن ما ورد فيها هو كلمة «السنن»، وهي في هيئتها متساوية بالنسبة إلى الكلمتين:
الأولى: «السُّنَن». وهي جمع «السُّنّة»، وهي المطلوبة في هذا التحقيق.
والثانية: «السَّنَن»([9])، وهي كلمةٌ أخرى، ومفردة، وبمعنى السبيل والطريق، وإنْ كان معناهما قريبَيْن، وأصلهما واحدٌ، كما هو واضحٌ.
ومع هذا الترديد واجهتُ مشكلاً في الاستشهاد بهذا القسم من الشواهد؛ لصعوبة التمييز بينهما، وخصوصاً لاقتراب معناهما ـ يعني «الطريق» و«الطريقة» ـ؛ لأن معنى «الطريق» قد يُراد به «الطريقة والمنهج». ومن جهةٍ أخرى، إن «السَّنَن» وردت في بعض المعاجم بمعنى «الجهة» و«النهج» أيضاً([10])، وهو أيضاً قريبٌ من معنى «الطريقة». بل حتّى نفس معنى «الطريقة» أيضاً مذكور لكلمة «السَّنَن» أيضاً([11]). ومن جهةٍ أخرى وردت «السَّنَن» في بعض المعاجم بضمّ السين أيضاً([12])، وهذا يعني أنّ إحدى صِيَغ الكلمة هي «السُّنَن»، فإذن يمكن أن يكون وزن الكلمتين أيضاً واحداً.
فالاستدلال بهذه الشواهد لا يصحّ إلاّ مع وجود قرينة تميِّزهما عن بعضهما. فرأيتُ أن أشير إلى هذه النقطة في البداية، حيث إن هذا الإشكال موجودٌ في كثيرٍ من الشواهد التي سيأتي ذكرها، إنْ شاء الله.
«السُّنّة» ومعانيها المختلفة
لا بأس بإشارةٍ عابرة إلى أصل معنى الكلمة وجَذْرها؛ لأن معرفة الأصل رُبَما تساعدنا في معنى نفس الكلمة أيضاً، وإنْ لم نستطع أن نستفيد منه في تحديد دلالتها؛ لأن الأصل ـ كما يبدو من اسمه ـ هو جَذْرُ الكلمة، وتوجد معطياتٌ إضافية في المشتقّ بالنسبة إلى الأصل.
والاحتمالاتُ فيه:
الأوّل: «سننت الماء: أرسلته إرسالاً»، بمعنى صبّ الماء وجريانه([13])؛ لجريان الطريقة وتواليها([14]).
الثاني: «سُنّة الوجه» بمعنى «الصورة»([15]).
الثالث: «السَّنَن» بمعنى الطريق([16]).
الرابع: «سننت السِّكّين» بمعنى حدَدْته وصقلته([17]).
الخامس: «إحسان الرعاية»، كما ورد في اللغة: «سَنّ الرجل إبلَه إذا أحسن رِعْيَتَهَا»([18]). ورُبَما فيه إشارةٌ إلى المعنى الإيجابي في «السنّة»، إلاّ أن معنى الجَذْر لا يعيِّن المعنى الدقيق للمشتقّ، كما تقدّم. وإضافةً إلى ذلك يحتمل أيضاً أن إحسان الرعاية في السُّنّة بمعنى ملازمتها وعدم تركها وارتكابها مستمرّاً، فليس فيه معنىً إيجابيّ بالضرورة([19]).
السادس: «سنن الطريق» يعني جهة الطريق ونهجه([20]). ويرجع بعض هذه الاحتمالات إلى بعضٍ آخر، كما أشَرْتُ إليه في الهوامش. ولا أريد الخوض في هذا البحث، وأتركه؛ خوفاً من الإطالة. لكنّ الأرجح في ظنّي أن الاحتمالات الأخرى ترجع إلى الاحتمال الأوّل، مع التأمّل، كما اختاره ابن فارس: «أصلٌ واحد مطّرد، وهو جريان الشيء وإطّراده في سهولة»([21]). وفي كلام الشيخ الطوسي& أيضاً إشارة إليه: «أصل السنّة الاستمرار في جهةٍ»([22])؛ حيث إن «الاستمرار» مأخوذٌ من مفهوم «الجريان». واختاره المصطفوي أيضاً: «الأصل الواحد في هذه المادّة هو: جريان أمر منضبط، سواء كان هذا الأمر وجريانه في ظهور صفةٍ أو عملٍ أو قولٍ»([23]). وذكر هؤلاء وجوهاً في كيفية رجوع المشتقّات إلى هذا الأصل، فراجِعْ.
«السُّنّة» في النصوص العربيّة الأصيلة
1ـ في القرآن الكريم
إذا نظَرْنا إلى استعمال «السُّنّة» ومشتقّاتها في الكتاب الكريم نستطيع أن نفرزها في أربعة أقسام:
﴿سنّة الله﴾
﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْديلاً ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْويلاً﴾ (فاطر: 43)؛ و﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ في عِبَادِهِ﴾ (غافر: 85)؛ و﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ في مَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ (الأحزاب: 38)؛ و﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 62)؛ و﴿سُنَّةَ اللهِ الَّتي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾ (الفتح: 23).
إن «السُّنّة» أُضيفَتْ في هذه المجموعة من الآيات إلى الله عزَّ وجلَّ، فحينئذٍ لا يعقل أن تكون طريقةً قبيحة. لكنّني بصدد العثور على استعمالٍ تكون «السُّنّة» فيها من المصاديق السيّئة والقبيحة للطريقة، حتّى يتّضح عموميّة معنى الكلمة. فإذن لا يمكن الاستدلال بهذه المجموعة على المعنى العامّ.
وهناك آيةٌ أخرى أيضاً: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾ (الإسراء: 77)، وهي ملحقةٌ بآيات هذه المجموعة، والقول فيها مثل ما تقدَّم، حَذْو النعل بالنعل.
﴿سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾
﴿إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ (الأنفال: 38)؛ ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ (الحجر: 13)؛ ﴿وَلاَ يَحيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ﴾ (فاطر: 43)؛ ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا… إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً﴾ (الكهف: 55).
يمكن الاستشهاد بهذه المجموعة بتقريب أن «السُّنّة» هنا طريقة الأشرار التي يحذِّر الله منها، فهي طريقةٌ سيئة.
لكنْ يحتمل جدّاً([24]) أن لا تكون «سنّة الأوّلين» إضافة إلى الفاعل، بل رُبَما معناها سنّة الله في عذاب الأوّلين، كما هو فَهْمُ كثيرٍ من العلماء من رواية: «سُنُّوا بِهم سُنَّة أهل الكتاب»([25])، يعني أنها ليست سُنّةً لأهل الكتاب أنفسهم، بل هي سُنّة الإسلام فيهم، يعني أخذ الجِزْية في رؤيتهم. ويؤيِّده أن فريقاً من المفسِّرين أيضاً فسّروا «السُّنّة» في هذه الآيات بالعذاب، فالسُّنّة في هذه المجموعة طريقةُ الله فيهم، فلا تعقل أن تكون طريقةً سيئة، كما تقدَّم في المجموعة السابقة.
لكنْ يُشْكَل على هذا التفسير أن الآية الأخيرة ظاهرةٌ في أن «السُّنّة» بالمعنى السلبيّ؛ بقرينة مقابلة «سنّة الأولين» مع «العذاب»، فالسنّة شيءٌ غير العذاب، وكأنّ الآية تقول: «أن يُكذِّبوا مثل طريقة الأوّلين أو يأتيهم العذاب». هذا، لكنْ يبدو أنها في هذه الآية بمعنى نوعٍ من العذاب؛ بقرينة اقتران «تأتيهم» بـ «سنّة الأوّلين»؛ لأن «الإتيان» ينسجم مع «العذاب»، لا «التكذيب». فرُبَما تكون «سنّة الأوّلين» بمعنى العذاب الدنيوي، و«العذاب قُبُلاً» بمعنى العذاب الأخروي، كما ذكره الزمخشري([26]).
ويحتمل أيضاً أنهم أرادوا من تفسيرهم «السُّنّة» بالعذاب أن نتيجة طريقة الأوّلين هي العذاب، لا أن نفس «سنّة الأوّلين» بمعنى العذاب. وعليه لا ينافي أن تكون الكلمة بالمعنى العامّ في رؤيتهم؛ لأن العذاب نتيجة سنّة الأوّلين، لا نفسها. وبعبارةٍ أخرى: رُبَما لم يكن تفسيرهم للسُّنّة في الآية تفسيراً لُغَويّاً، بل يحتمل أنهم حينما قالوا بأن سنّة الأوّلين بمعنى عذابهم إنما أرادوا أن العذاب نتيجة طريقة الأوّلين في تكذيب الأنبياء. وعليه رُبَما كانت السنّة هنا من مصاديق الطريقة السيّئة عندهم، وبالتالي يُحْتَمَل أنهم قائلون بالمعنى العامّ للكلمة.
لكنْ على أيّ حالٍ إنْ لم تكن «السُّنّة» في هذه الآيات بمعنى العذاب وطريقة الله فيهم ـ وهي من المصاديق الحَسَنة للطريقة ـ فاحتماله كبيرٌ جدّاً، ومجرّد الاحتمال كافٍ لعدم صحّة الاستدلال بهذه المجموعة من الآيات الكريمة.
﴿سُنَن الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُم﴾
﴿يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ويَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (النساء: 26).
يحتمل أن تكون «السُّنَن» في الآية بمعنى مطلق طريقة الأمم الماضية من الكفّار والمؤمنين، وأن تكون «يهديكم» بمعنى تبيين طرائقهم؛ لتعتبروا وتقتدوا بسيرة المؤمنين منهم، لا الكفّار. وعليه يمكن الاستشهاد بالآية على المعنى العامّ للكلمة.
لكنْ يُحْتَمَل أيضاً أن يكون المراد من «السُّنَن» هنا هو الشرائع والأديان الإلهيّة السابقة، فالسُّنّة حينئذٍ من مصاديق الطريقة الحَسَنة، ولا يمكن الاستدلال بالآية. ويؤيِّده أن كثيراً من المفسِّرين أيضاً استظهروا هذا المعنى([27])، وإنْ كان المعنى الأوّل أيضا مذكوراً في كتب بعض المفسِّرين، وقد عَبَّروا عنه بـ «القيل»، أو نقلوه عن الآخرين([28]).
﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ﴾
﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ﴾ (آل عمران: 137).
يمكن أن يستظهر المعنى السلبيّ من السياق، خصوصاً مع ذكر «المكذِّبين» في ذيل الآية. وكأنّ المعنى: «قد مضَتْ طريقة الكفّار وأهل العذاب قبلكم، فانظروا عاقبتهم واعتبروا».
لكنْ مع الالتفات إلى مجموعة آيات «سنّة الأوّلين»، التي تقدَّمَتْ، نرى أن سياق هذه الآية يضاهي سياق تلك المجموعة، وحيث تقدَّم أن «السُّنّة» في تلك المجموعة يُحْتَمَل أن تكون بمعنى سنّة الله بالعذاب فيُحْتَمَل هنا أيضاً أن يكون المراد بـ «السُّنَن» هو «طرائق الله في المكذِّبين»، لا نفس طريقة المكذّبين. ومع هذا الاحتمال لايثبت أن تكون «السُّنّة» هنا من المصاديق السيّئة للطريقة. ويؤيِّده أن الآية شبيهةٌ بسياق آيةٍ من المجموعة الأولى أيضاً([29])، وقد تقدَّم أن «السُّنّة» في تلك المجموعة أيضاً لا يمكن أن تكون من المصاديق القبيحة للطريقة. نعم، مجرد الشباهة ليس دليلاً، كما هو واضحٌ، لكنّه يكفي هنا لطرح الاحتمال الواقعيّ، ومجرّد هذا الاحتمال يكفي في هَدْر الاستدلال، كما تقدَّم غير مرّةٍ.
النتيجة في الاستعمالات القرآنية
فاتَّضح مما سبق عدمُ وجود شاهدٍ في القرآن الكريم يثبت أن «السُّنّة» تستعمل في مصداقٍ قبيح للطريقة أيضاً، وبالتالي لا يمكن إثبات المعنى العامّ للكلمة عبر الاستعمالات القرآنية بشكلٍ جليّ؛ لأن عدداً منها ظاهرٌ في المصاديق الجيّدة للطريقة، وهناك بعضٌ آخر مردَّدٌ بين المصاديق الحَسَنة والسيئة.
2ـ في الأحاديث النبوية الشريفة
«مَنْ سَنّ سُنّةً سيّئة»
«مَنْ سَنّ في الإسلام سُنّةً حسنةً فله أَجْرُها وأَجْرُ مَنْ عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ؛ ومَنْ سنّ في الإسلام سُنّةً سيّئةً كان عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ»([30]).
ورد هذا الحديث في عددٍ كبير من المصادر الحديثية وغيرها، للسنّة والشيعة([31]). ولم أجِدْ في الشواهد التي عثرتُ عليها في التحقيق شاهداً مذكوراً في هذا الحجم من المصادر المتنوّعة. وطُرُقه وأسانيده أيضاً مختلفةٌ، بحيث يحصل الاطمئنان ـ أو الظنّ القويّ على أقلّ تقديرٍ ـ بصدورها عن النبيّ|، وإنْ كنتُ غير مَعنيٍّ بالبحث السندي في هذا المجال.
والجدير بالذكر أن صِيَغ الحديث أيضاً مختلفةٌ ومتنوّعة، ولكنّ «السُّنّة» موجودةٌ فيها كلّها، إلاّ في موارد يسيرة([32]) ورد فيها «استنّ»([33])، بدون كلمة «السُّنّة». لكنّ الأمر واضحٌ فيها أيضاً، ولا غبار عليه؛ لأن «الاستنان» بمعنى الأخذ بالسُّنّة، مع أن «السُّنّة» و«الاستنان» تقارن ذكرهما في كتب اللغة([34]) وفي الاستعمالات([35])، كما تقارَنَ في نفس صِيَغ هذا الحديث أيضاً([36])، فلا إشكال في وجود «السُّنّة» ومشتقّاتها القريبة في أصل الحديث.
هذا، واتّصفت «السُّنّة» في كلّ الصِّيَغ المختلفة بصفةٍ سلبيّة أيضاً، مثل: «السيّئة»([37]) و«السوء»([38]) و«الشرّ»([39]) و«الضلال»([40]) و«الجَوْر»([41])، الأمر الذي يكشف عن وقوع النقل بالمعنى في وصف «السُّنّة» بالقبح، لكنّه ـ في نفس الوقت ـ يُثبت ورود صفةٍ سلبية لها إجمالاً، فنجزم بأن «السُّنّة» هنا من المصاديق السيّئة للطريقة.
ويمكن أيضاً([42]) أن لا تكون الصيغ المختلفة للحديث ناشئةً من النقل بالمعنى، وإنما هو مضمونٌ واحد صدر عن النبيّ| في مواضع متعدِّدة؛ فإنْ كان الأمر كذلك فيعزِّز قيمة الحديث في تحقيقنا، حيث إنه استعمالاتٌ متعدّدة ومستقلّة في مصداقٍ قبيح، وليس في مرّةٍ واحدة فقط. وعلى أيّ حالٍ الاستدلال بالحديث قويٌّ جدّاً، وهو أهمّ الشواهد في المقام، وخصوصاً من حيث إنه في عداد الشواهد اليسيرة التي تستطيع أن تُثبت المعنى العامّ في حالة النقل باللفظ أيضاً.
«سُنَن مَنْ كان قبلكم» / «سُنن بني إسرائيل»
«لتَتبعُنَّ سنن مَنْ كان قبلكم، شبراً شبراً، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟! قال: فَمَن؟!».
ورد الحديث هكذا عن أبي سعيد الخدري في كثيرٍ من مصادر أهل السنّة، باختلافٍ يسير([43]). وفي بعضها: «بني إسرائيل» بَدَل «مَنْ كان قبلكم»، ولم يذكر ذيل الرواية([44]).
ورُوي مثله عن أبي هريرة أيضاً، وهو أيضاً موجودٌ في كثير من المصادر. لكنّ «سنن»([45]) في مصادره أكثر من «سُنّة»([46]).
وورد عن شداد بن أوس أيضاً: «ليحملن شرار هذه الأمّة على سُنَن الذين خلَوْا من قبلهم أهل الكتاب…»([47]). وورد بطريقٍ آخر أيضاً([48]).
وفي مصادرنا أيضاً ورد عن النبيّ|، وفيها: «سُنّة بني إسرائيل»([49]).
فمصادر الحديث كثيرة، وطرقه متعدّدة، وفي نفس الوقت ورد فيها كلّها إما «السُّنَن» أو «السُّنّة»، إلاّ في موارد ضئيلة ـ بحَسَب تتبُّعي ـ ورد فيه «سُبُل»([50]).
لكنْ رُبَما يُشْكَل على الاستدلال بالرواية بأن الموجود في أكثر صيغها هو «السّنَن»، فيتردَّد بين «السَّنَن» و«السُّنَن»، كما تقدَّم.
وقد يُجاب بأن هذا الاحتمال ضعيفٌ هنا، والمتعيِّن هو «السُّنَن» جمع السُّنّة؛ لأن الظاهر أن منشأ الصيغ المختلفة للحديث هو النقل بالمعنى، وحيث إن الموجود في فريق منها هو «السُّنّة» فهو قرينةٌ على أن «السُّنَن» في الصيغ الأخرى أيضاً جمع «السُّنّة»، وليست «السَّنَن».
لكنّ هذا الجواب ضعيفٌ في ظنّي؛ للاقتراب المعنوي بين الكلمتين، بل وردَتْ نفس معنى الطريقة لكلمة «السَّنَن» أيضاً، كما تقدَّم، فلا يبعد أن يبدّل بعضهما بالبعض الآخر في النقل بالمعنى.
ورُبَما يُتوهَّم وجود قرينةٍ أخرى لتعيين «السُّنن» بدل «السَّنَن» أذكره في الهامش خَوْفاً من الإطالة([51]).
إلاّ أن الإنصاف صحّة الاستدلال بهذا الحديث أيضاً بعد مشاهدة الصِّيَغ المختلفة للحديث، كما سأشير إليه في الحديث التالي.
«لتركبُنَّ سُنَّة مَنْ كان قبلكم»
«عن أبي واقد الليثي: إن رسول الله| لمّا خرج إلى خيبر مرّ بشجرةٍ للمشركين، يُقال لها: ذات أنواط، يعلِّقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعَلْ لنا ذات أنواطٍ كما لهم ذات أنواطٍ، فقال النبيّ|: سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾، والذي نفسي بيده لتركبُنَّ سُنّة مَنْ كان قبلكم».
وهذا الحديث ـ وإنْ يُحْتَمَل اتحاده مع السابق، ورُبَما حصل التفريق بينهما؛ بسبب النقل بالمعنى فقط ـ، لكنْ يُحْتَمَل قويّاً أنه كان حديثاً آخر ـ وإنْ كان معناهما قريبَيْن ـ؛ لأن اختلاف النصّ بينهما كثيرٌ([52]). فالأرجح في رأيي أن هذَيْن الحديثَيْن مضمونٌ واحد صدر عن النبيّ| في موضعين. وعلى أيّ حالٍ احتمال «السَّنَن» بدل «السُّنّة» موجودٌ هنا أيضاً؛ لأن المذكور في أكثر مصادرها «السّنَن»([53])، ولم أعثَرْ على «السُّنّة» إلاّ في عددٍ يسير من المصادر فقط([54]).
لكنّ الإنصاف ـ رغم وجود هذا التردُّد ـ أن احتمال كون «السُّنَن» جمعَ «السُّنّة»، هنا وفي الحديث السابق، كبيرٌ، مع مشاهدة الصِّيَغ المختلفة للحديثين، فإنْ لم يبلغ الظهور فهو صالحٌ للتأييد على أقلّ تقديرٍ. ومن جهةٍ أخرى إن نفس وجود «السُّنّة» في بعض صيغ الحديث ـ وإنْ كانت قليلةً ـ تُثبت المعنى العامّ للكلمة في حالة النقل بالمعنى.
والظاهر أن رواية أمير المؤمنين× أيضاً تشير إلى هذا المضمون: «سمعتُ عليّاً× يقول…: يا معشر المهاجرين، ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ…﴾ (المائدة: 21). فتلكّأوا، وقالوا: البرد شديد…، فقال×: إنّ القوم يجدون البرد كما تجدون…، فلم يفعلوا وأبَوْا، فلمّا رأى ذلك منهم قال: أفٍّ لكم، إنّها سُنّةٌ جَرَتْ عليكم»([55])، وخصوصاً في رواية ابن أبي الحديد، حيث ذكَرَ أن أمير المؤمنين× تلا هذه الآية بعده: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾ (المائدة: 22)؛ فإنه تشبيه واضحٌ لفعلهم بفعل اليهود. فالظاهر أن المقصود من السُّنّة التي جَرَت عليهم هو نفس السُّنّة التي يشير إليها الحديث النبويّ في رواية أبي واقد الليثي.
«سُنَّة الجاهليَّة»
«أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحدٌ في الحَرَم؛ ومبتغٍ في الإسلام سُنّةَ الجاهليّة؛ و…»([56]).
والحديث مذكورٌ في المصادر المختلفة من الكتب الحديثية وغيرها، ومع ذلك لم أعثَرْ على اختلافٍ في ألفاظ الرواية يضرّ بالاستدلال، فهو أيضاً من أهمّ الشواهد الصحيحة الدالّة على المطلوب.
«سُنَن قوم لوط»
«كُلّ سُنَن قوم لوطٍ قد فُقِدَت إلاّ ثلاثاً: جَرُّ نعال السيوف، وخَضْبُ الأظفار، وكشفٌ عن العَوْرة»([57]).
وحيث إن فعل «فُقِدَت» بصيغة المفرد المؤنَّث فهو قرينةٌ على أن «السُّنَن» في الحديث جمعٌ، فلا يحتمل أن يكون «السَّنَن» الذي بمعنى السبيل؛ لأن «السَّنَن» مفردٌ ومذكَّرٌ في الاستعمالات([58]). فكلمة «السُّنَن» هنا جمع «السُّنّة». والمعنى السلبيّ أيضاً واضحٌ في الرواية، حيث إنها تتكلَّم حول طريقة قوم لوطٍ. ومن جهةٍ أخرى وجدْتُ الحديث في ثلاثة مصادر، ولم أَرَ اختلافاً في ألفاظه يضرّ بالاستدلال، فهذا الشاهد أيضا هامٌّ جدّاً.
«أوّل مَنْ سَنّ القتل»
«لا تُقتَل نفسٌ ظلماً إلاّ كان على ابن آدم الأوّل كِفْلٌ من دمها؛ لأنه أوّل مَنْ سَنّ القتل».
ورد الحديث هكذا باختلافٍ يسير في كثير من المصادر الحديثية([59]). وكلمة «سنّ القتل» موجودةٌ فيها كلّها ـ بحَسَب تتبُّعي ـ، إلاّ في جامع الترمذي، حيث ورد فيه «أسَنَّ»([60]). لكنّ الظاهر أن «أسنَّ» تصحيفٌ هنا فلا يضرّ بالاستدلال؛ لأن باب الإفعال منه (الإسنان) في كتب اللغة بمعنى كِبَر سنّ الرجل وغيره من المعاني التي لا تناسب المقام([61]). ومن جهةٍ أخرى صرّح نفس الترمذي بوجود «أسنّ» في روايةٍ واحدة في مقابل «سنّ» في روايتين. وإضافةً إلى ذلك إن «سنّ القتل» هو الموجود في صحيح مسلم، مع أنه ذكر الاختلاف في لفظ الحديث، ولم يذكر اختلافاً في لفظ «سنّ»([62]). فيظهر من مجموع هذه القرائن أن الأرجح اعتبار «أسنّ» تصحيفاً من «سنّ» في رواية الترمذي. ويحتمل أيضاً أن يكون «أسنّ» من مشتقات «السُّنّة» التي لم تَرِدْ في المعاجم اللغوية أو ظهر فيما بعد في العربية المتأخِّرة عن القرن الأوّل الهجري. فعلى أيّ حالٍ يمكن الاستشهاد بهذه الرواية أيضاً.
«سُنَّتهم القتل»
«…وتزيّن الرجل منهم بزينة المرأة، وتزيَّنت المرأة منهم بزينة الرجل، دينهم دين كسرى وقيصر، همّتهم جمع الدنانير والدراهم، فهي دينهم، وسُنَّتهم القتل، تباهوا بالجمال واللباس…»([63]).
والمعنى السلبيّ واضحٌ في السياق، لكنّي لم أجِدْه إلاّ في عددٍ يسير من المصادر. إلاّ أنه صالحٌ للاستدلال على أيّ حالٍ، وإنْ كانت قيمته أقلّ بمراتب من حديث «مَنْ سَنَّ سُنّةً سيّئة».
«لكنّا نخالف سُنَّتَكم»
«كتب كسرى إلى باذام: إنّي نُبِّئْتُ أنّ رجلاً يقول شيئاً لا أدري ما هو، فأرسِلْ إليه… فأرسل باذام إلى رسول الله| رجلَيْن، حالقَيْن لحاهما، مُرْسِلَيْن شواربهما، فقال رسول الله|: ما يحملكما على هذا؟… لكنّا نخالف سُنَّتَكم، نجُزُّ هذا ونُرسِل هذا»([64]).
ولم أجِدْ هذه الصيغة للحديث إلاّ في مصدرٍ واحد، ولا توجد كلمة «السُّنّة» في الصيغة الأخرى الموجودة في عددٍ من المصادر([65]). وعليه فإن قيمة هذا الشاهد ينخفض كثيراً. إلاّ أنه ـ مع ذلك ـ صحيحٌ للاستدلال في إثبات المعنى العامّ في حالة النقل بالمعنى، وإنْ كان الاستشهاد به في إثبات المعنى العامّ للكلمة في حالة النقل باللفظ إنما يصحّ على مستوى التأييد.
«سُنَّة الأعْراب»
«ليأتينَّ على الناس زمانٌ قلوبهم قلوب الأعاجم، قيل: وما قلوب الأعاجم؟ قال: حبّ الدنيا، سُنَّتهم سُنّة الأعراب، ما آتاهم الله من رزقٍ جعلوه في الحيوان، يرَوْن الجهاد ضراراً…»([66]).
يبدو أن المعنى السلبيّ واضحٌ من السياق، لكنْ هناك رواياتٌ أخرى ـ والظاهر اتّحادها مع هذه الرواية ـ فيها: «ألْسِنتُهم ألْسِنَةُ العرب»([67]) بدل «سُنّتهم سُنّة الأعراب»، فيحتمل جدّاً وقوع التصحيف في الحديث. ومن جهةٍ أخرى لم أعثر عليه إلاّ في مصادر قليلة.
«على أخلاق العَجَم وسُنّتهم؟!»
«لقيتُ رسول الله×، فصافَحَني، فقلتُ: يا رسول الله، على أخلاق العجم وسُنّتهم؟! فقال: كلاّ، إنّ المسلم إذا صافح…»([68]).
ولم أعثَرْ على الحديث بهذه الصيغة إلاّ في مصدرٍ واحد. والظاهر وقوع النقل بالمعنى فيه؛ لوجود صِيَغٍ أخرى له، وكلّها مرويّةٌ عن نفس هذا الصحابي، ولا توجد كلمة «السُّنّة» فيها([69]). وعليه فلا يثبت معنى اللفظ في عصر النبيّ|، لكنّه قرينةٌ جيّدة لإثبات المعنى العامّ في حالة النقل بالمعنى.
«لا ينقض عن سُنّة ماحلٍ»
وفي خبر وفد همدان على رسول الله| أنهم قدموا عليه، فقال واحدٌ منهم: «نصيّة([70]) من همدان… عهدهم لا ينقض عن سنّة ماحل([71])، ولا سوداء عنقفير([72])»([73]).
وتؤيِّد ألفاظُ الرواية أصالتَها وسلامتَها من النقل بالمعنى، ولحن المولَّدين. لكنّ الموجود في بعض المصادر: «شية»([74]) ـ بمعنى النميمة ـ بدل «سُنّة»، بل عَدَّ الزمخشري «سُنّة» هنا تصحيفاً من «شية»([75])، بل لا توجد هذه الفقرة «عن سنّة ماحلٍ» في بعض المصادر المهمّة أصلاً([76]).
وليست «السُّنّة»، هنا وفي الحديث السابق، استعمالاً في كلام رسول الله|، لكنّه من كلام الصحابة خطاباً له|، فهو استعمالٌ في عصره ومندرجٌ ضمن الأحاديث النبويّة، فلذلك أدرجْتُه في هذه المجموعة.
النتيجة في الشواهد من الأحاديث النبويّة الشريفة
ويبدو من مجموع ما تقدَّم أن معنى «السُّنّة» في الحديث النبوي الشريف مطلق الطريقة، وإنْ كان هناك إشكالاتٌ في الاستشهاد ببعض الأحاديث التي تقدَّم ذكرُها، لكنّ كثيراً من الشواهد المذكورة صالحةٌ أيضاً للاستئناس والتأييد، على أقلّ تقديرٍ.
والاستشهاد بالأحاديث النبوية في هذا الإطار بالغ الأهمّية؛ حيث إنه من الممكن أن تكون «السُّنّة» في سياق كلمات المحدِّثين بمعنىً خاصّ ـ كما أشَرْتُ إليه في البداية ـ، فوجود هذه الشواهد في الأحاديث النبوية قرينةٌ قوية على نفي هذا الاحتمال، وأن «السُّنّة» في كلماتهم أيضاً بالمعنى العامّ. (وهذا إذا لم تكن «السُّنّة» بمعنى الحديث النبوي، أو قوله وفعله وتقريره، أو في مقابل البِدْعة بالمعنى الإسلاميّ طبعاً، كما تقدَّم).
ويستنتج من جميع ذلك أن هناك عدداً من هذه الأحاديث تُثبت المعنى العامّ للكلمة في حالة النقل باللفظ، كرواية «مَنْ سنّ سنّةً سيّئة»، وهناك كثيرٌ من هذه الأحاديث تدلّ على أن «السُّنّة» بالمعنى العامّ في صورة النقل بالمعنى أيضاً.
فالنتيجةُ عمومُ معنى الكلمة وشمولها للمعنى الإيجابي والسلبي، فلا مجال للشكّ في معنى الكلمة. والأمر سهلٌ.
بل هناك كثيرٌ من الشواهد في أحاديث أهل البيت وكلمات الصحابة والأشعار التي تدلّ على معنى الكلمة، تأتي إنْ شاء الله تعالى في دراسةٍ مستقلّة.
الهوامش
(*) باحثٌ في حوزة قم العلميّة، متخصِّصٌ في مجال علوم الحديث والتراث. له تحقيق (أحاديث أميرالمؤمنين×، برواية السيد عبد العظيم الحسني، وإملاء القاضي جعفر البهلولي)، من مخطوطات الزيدية. من مدينة بيرجند ـ إيران.
([1]) طبعاً ليس المراد من الأمر هنا مجرّد ألفاظ الأمر؛ بل إن المقصود أيّ صيغةٍ وسياق نفهم منها معنى الأمر.
([2]) جامع الترمذي 2: 555، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرين، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1؛ الكليني، الكافي 3: 717، قم، دار الحديث، ط1، 1429هـ؛ صحيح ابن حِبّان 13: 60، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت، مؤسّسة الرسالة، ط2؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 1: 36، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1.
([3]) ذكر الشيخ حيدر حبّ الله هذه الروايات في كتابه: حجّية السنّة: 139 ـ 142، بيروت، الانتشار العربي، ط1، 2011م.
([4]) حيدر حبّ الله، حجّية السنّة: 142.
([5]) ليس هناك طريقة سيّئة للنبيّ الأكرم| طبعاً، فحينما أقول: أريد أن أعثر على استعمال «السُنّة» في مصاديق قبيحة للطريقة إنما أريد أن أثبت المعنى العامّ لنفس الكلمة؛ حتّى يثبت أن الواجب هو اتّباع أيّ سنّة للنبيّ الأكرم|، وإنْ لم يثبت حُسْنُها بدليلٍ آخر، وواضحٌ أنه ليس بمعنى أن الواجب هو اتّباع سنّته| وإنْ كانت قبيحةً. معاذ الله!
([6]) وأيضاً أحاديث أهل البيت^ وكلمات الصحابة، على اختلاف المذاهب فيهما.
([7]) أكتفي هنا بمثالٍ واحد: إن المحدثين ـ لا أقلّ في بعض الفترات ـ كانوا يرفضون منهج المؤرّخين (الأخباريين) في تركيب ودمج الأحاديث المختلفة بالأسناد المختلفة في حديثٍ واحد، من دون الإشارة إلى الاختلافات بينها.
([8]) كما قال السيوطي: «وأما كلامهﷺ فيستدلّ منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المرويّ… فإن غالب الأحاديث مرويٌّ بالمعنى، وقد تداولتها الأعاجم والمولّدون قبل تدوينها، فرووها بما أدَّتْ إليه عبارتهم، فزادوا ونقصوا، وقدّموا وأخّروا، وأبدلوا ألفاظاً بألفاظ…». الاقتراح في علم أصول النحو 1: 52، تحقيق: أحمد محمد القاسم، نشر أدب الحوزة.
([9]) بتثليث السين، لكنْ أكثر ما وجدنا بفتحها.
([10]) انظر: الجوهري، الصحاح 5: 2139، تحقيق: عبد الغفور عطار، بيروت، ط1، 1376هـ؛ ابن سيده، المحكم والمحيط الأعظم 8: 417، تحقيق: عبد المجيد هنداوي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ.
([11]) قال الجوهري: «السَّنَنُ: الطريقة. يقال: استقام فلانٌ على سَنَنٍ واحد». الصحاح 5: 2138؛ وقال ابن باطيش: «السنة: السيرة، وأصلها من «السَّنَن»، وهو الطريق. يقال: فلان على سَنَن واحد أي: على طريقة واحدة». المغني في الإنباء عن غريب المهذب والأسماء 1: 643، تحقيق: مصطفى عبد الحفيظ سالم، مكّة المكرمة، 1411هـ؛ وقال الربعي: «والسُّنّة والسبيل والطريق واللاهب، والسَّنَن والمُستَنّ كلّه بمعنىً». نظام الغريب: 158، تحقيق: بولس برونله.
([12]) قال صاحب بن عبّاد: «وتَنَحَّ عن سَنَنِ الطَّرِيْقِ وسُنُنِه وسُنَنِه». المحيط في اللغة 8: 248، تحقيق: محمد حسين آل ياسين، بيروت، عالم الكتاب، ط1، 1414 هـ؛ وقال ابن فارس: «امضِ على سَنَنِك وسُنَنِك أي: وجهك». معجم مقاييس اللغة 3: 60، تحقيق: عبد السلام هارون، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، 1404هـ؛ وقال ابن الأنباري: «يُقال: خذ على سَنَن الطريق وسُننه وسننه». الزاهر في معاني كلمات الناس: 653، تحقيق: مراد يحيى، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424هـ.
([13]) بهذا المعنى ورد في عددٍ من الأشعار الجاهلية، منها:
حرجا إذا هاج السّراب على الصّوى *** واستنّ في أفق السّماء الأغبر
الشنتمري، أشعار الشعراء الستّة الجاهليين 1: 139، بيروت، دار الكتب العلمية، 1422هـ.
([14]) كما أشار إليه ابن فارس: «وإنما سُمِّيَتْ بذلك لأنها تجرى جَرْياً». معجم مقاييس اللغة 3: 60؛ وذكره الراغب أيضاً: «وأصل السّنّة من السنّ، أي صب الماء على وجه الأرض». تفسير الراغب الإصفهاني 2: 869، الرياض، مدار الوطن للنشر، ط1، 1421هـ، وأشار إلى أن «سنّة الوجه» أيضاً راجعٌ إلى هذا الأصل؛ وقال أبو حاتم الرازي: «أصل السنة الجري على العادة». كتاب الزينة: 709، تحقيق: سعيد الغانمي، بيروت، منشورات الجمل، 2015م؛ واعتبره العلاّمة المصطفوي الأصلَ الوحيد لكلّ مشتقات مادّة (س ن ن) ـ كما سيأتي ـ، وهو: «جريان أمر منضبط». التحقيق في كلمات القرآن الكريم 5: 237، طهران، ط1، 1368هـ.ش.
([15]) كما أشار إليه أبو هلال العسكري ـ بعد ذكر الفرق بين العادة والسُّنّة ـ قال: «وأصل السُّنّة الصورة، ومنه يقال: سنة الوجه أي صورته، وسنّة القمر أي صورته». الفروق في اللغة: 220، بيروت، ط1، 1400هـ.
([16]) كما أشار إليه ابن الأنباري: «السنّة معناها في اللغة: الطريقة، وهي مأخوذةٌ من السّنن، وهو: الطريق». الزاهر في معاني كلمات الناس: 653؛ ونقل عنه في تهذيب اللغة 12: 212، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1421 هـ. وسيأتي كلامه بالتفصيل في مقالةٍ مستقلّة لدراسة آراء اللغويين في معنى الكلمة.
([17]) أشار الفخر الرازي إلى هذا الاحتمال في التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) 9: 370، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1420هـ؛ كما أشار إلى بعض الاحتمالات الأخرى أيضاً. ورُبَما يرجع إليه أصل (سنة الوجه) أو أصل (حسن الرعاية) أيضاً، كما ورد: «السُّنَّة: الوَجْهُ؛ لِصَقَالَتِه وامّلاسِهِ». المحكم والمحيط الأعظم 8: 416؛ و«سَن الإبِل يَسُنّها سَنّاً: إذا أحسَن رِعْيَتَها حتّى كأنه صَقَلها». تهذيب اللغة 12: 211؛ ولكنّه في رؤية الراغب الإصفهاني راجعٌ إلى أصل «سن الماء بمعنی صبّه»، حيث قال: «وأصلها من سنّ الماء، وعنه استعير من سنّ السيف؛ لما كان يشبه عند صقله بالماء، واستُعير منه سنّ الفرس، كما يقال: صقل الفرس». الراغب الإصفهاني، جامع التفاسير 2: 1192.
([18]) أشار أبو حيّان محمد بن يوسف إلى الاحتمالات الأربعة الأخيرة في كتابه البحر المحيط في التفسير 3: 344، بيروت، دار الفكر، ط1، 1420هـ.
([19]) وإن كان المعنى الإيجابي في الأصل لا يثبت وجود المعنى الإيجابي في نفس الكلمة أيضاً، كما تقدَّم.
([20]) لم أجِدْ مَنْ ذكره كأصلٍ للكلمة، ولكنه أيضاً يُحتَمَل، ويختلف عن الاحتمال الأوّل، ومن الممكن أيضاً أن يكون راجعاً إلى بعض الأصول الأخرى.
([21]) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس 3: 60.
([22]) التبيان في تفسير القرآن 2: 598، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1.
([23]) التحقيق في كلمات القرآن الكريم 5: 237.
([24]) بل في ظنّي الشخصي يبلغ الظهور في بعض هذه الآيات.
([25]) مَنْ لا يحضره الفقيه 2: 53، تحقيق: علي أكبر الغفاري، قم، جماعة المدرّسين، ط2، 1413هـ؛ وورد الحديث في كثير من المصادر للسنّة والشيعة. لكنّه ليس صالحاً للاستدلال في هذا التحقيق؛ حيث لا يحرز أن تكون «السُّنّة» فيها من المصاديق السيّئة للطريقة؛ لأنها سُنّة الإسلام فيهم.
([26]) الكشّاف 2: 730، تحقيق: حسين أحمد، بيروت، دار الكتاب العربي، ط3، 1407هـ. وهناك احتمالٌ آخر أيضاً: ربما كانت سنّة الله في تعذيب الأوّلين هي مفاجأتهم، ولفظ «قُبُلاً» في الآية بمعنى «عياناً»، في مقابل الخفاء والغفلة، فإذن ينسجم مع المقابلة بين «سنّة الأولين» و«العذاب» أيضاً، يعني: «إلاّ أن يأتيهم العذاب فجأةً، كما هو سنّة الله في عذاب الأوّلين، أو يأتيهم العذاب عياناً وبدون أيّ مفاجأة». وهذا مجرّدُ احتمالٍ خطر ببالي، ولا أدري كم هو منسجمٌ مع سياق الآية، ولا أريد الدفاع عنه، وإنما أرَدْتُ ذكر احتمال المعنى الإيجابيّ للسُّنّة.
([27]) تفسير مقاتل بن سليمان 1: 368، تحقيق: عبد الله شحاتة، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1423هـ؛ الجصّاص، أحكام القرآن 3: 126، تحقيق: قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1405هـ؛ الهواري، تفسير كتاب الله العزيز 1: 336، دار البصائر، ط1، 1426هـ؛ الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 5: 18، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1412هـ؛ الزمخشري، الكشّاف 1: 501؛ تفسير البيضاوي 2: 70، تحقيق: المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1418هـ؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم 2: 234، دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ؛ وغيرهم.
([28]) الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 3: 175؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 5: 148، طهران، ناصر خسرو، ط1، 1364هـ.ش؛ الجصّاص، أحكام القرآن 3: 126.
([30]) ورد بهذه الألفاظ في صحيح مسلم 7: 104، تحقيق: فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1؛ وسيأتي ذكر المصادر الأخرى لاحقاً.
([31]) في كثيرٍ من المصادر الشيعية وردت الفقرة الأولى فقط، وهي ثواب السنّة الحَسَنة. انظر: الكليني، الكافي 9: 372، قم، دار الحديث، ط1، 1429هـ؛ الصدوق، الخصال 1: 240، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1362هـ.ش؛ ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول: 243، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط2، 1404هـ؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 6: 124، تحقيق: الخرسان، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، 1407هـ؛ لكنْ نحن في هذا المجال بصدد المعنى السلبيّ لكلمة «السُّنّة»، وهو في الفقرة الثانية من الحديث.
([32]) بالنسبة إلى الأحاديث التي وردت فيه «السُّنّة».
([33]) مسند عبد الله بن المبارك 1: 52، الرياض، مكتبة المعارف، ط1؛ مسند أحمد بن حنبل 9: 555، القاهرة، دار الحديث، ط1، 1416هـ؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 2: 516.
([34]) انظر: الزمخشري، أساس البلاغة: 310، بيروت، دار صادر، ط1، 1979م؛ نشوان بن سعيد الحميري، شمس العلوم 5: 2932، دمشق، دار الفكر، ط1، 1420 هـ؛ الفيروزآبادي، القاموس المحيط 2: 120، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415 هـ. في عبارة الأزهري ما يدلّ على المطلوب: «سَنَّ فلانٌ طريقاً من الخير يَسُنّه: إذا ابتدأ أمراً من البِرّ لم يَعرِفه قَومُه، فاستَنُّوا به وسلَكُوه». تهذيب اللغة 12: 210. وعلى أيّ حالٍ الأمر واضح.
([35]) ومنها: في خطبة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب×: «اسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ؛ فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَن». الشريف الرضي، نهج البلاغة: 163، تحقيق: صبحي صالح، قم، مؤسّسة الهجرة، ط1، 1414هـ؛ وفي خطبة عثمان بن عفان: «لأستنّ بسُنّة العبد». تاريخ الطبري 4: 361، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، ط2، 1387هـ؛ تاريخ ابن خلدون 2: 597، تحقيق: خليل شحادة، بيروت، دار الفكر، ط2، 1408هـ؛ ابن الأثير، الكامل 3: 164، بيروت، دار صادر ـ دار بيروت، 1385هـ ـ 1965م.
([36]) سنن ابن ماجة 1: 134، 135، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار الفكر، ط1؛ البرقي، المحاسن 1: 27، تحقيق: جلال الدين المحدث، قم، دار الكتب الإسلامية، ط2، 1371هـ.
([37]) مسند أبي داوود الطيالسي 2: 56، مصر، دار هجر للنشر والتوزيع، ط1، 1419هـ؛ مسند الحميدي 2: 51، بيروت، دار عالم الكتاب، ط1؛ مصنَّف ابن أبي شيبة 3: 3، الرياض، ط1، 1425هـ؛ مسند أحمد بن حنبل 14: 399، 406؛ سنن الدارمي 1: 444، 445، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1؛ صحيح مسلم 7: 104؛ 16: 226؛ سنن ابن ماجة 1: 134، 135؛ صحيح ابن حِبّان 8: 102؛ البحر الزخّار بمسند البزّار 7: 367، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، ط1، 1418هـ.
([38]) مسند أحمد بن حنبل 14: 412.
([39]) جامع الترمذي 2: 681؛ مسند أحمد بن حنبل 16: 581؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 2: 517؛ مسند عبد الله بن المبارك 1: 52.
([40]) الصدوق، ثواب الأعمال: 132، قم، دار الشريف الرضي، ط2، 1406هـ، لكنّه عن الإمام الباقر× من دون إسنادٍ إلى النبيّ|، فرُبَما يُشكَل بأنه يحتمل أن الإمام× نقل الحديث بِلُغة عصره ومخاطَبيه. وعلى فرض قبول هذا الإشكال أيضاً يفيد في البحث؛ لأنه قرينةٌ على المعنى العام للكلمة في صورة النقل بالمعنى. لكنْ ممّا يبعّد احتمال النقل بالمعنى في خصوص كلمة «السُّنّة» هنا أنها موجودةٌ في جميع صيغ الحديث، كما تقدَّم.
([41]) البرقي، المحاسن 1: 27؛ المفيد، الأمالي: 191، قم، مؤتمر الشيخ المفيد، ط1، 1413هـ، وكلاهما عن الباقر×، والقول فيه مثل ما تقدَّم في الهامش السابق.
([42]) وإنْ كان احتماله ضعيفاً بالنسبة إلى احتمال النقل بالمعنى.
([43]) في بعض المصادر «لتركبُنَّ» بدل «لتتبعُنَّ»، وهو أيضاً بمعنى الاتّباع، كما ذكر ابن الأثير: ««فإذا عمر قد ركبني» أي تبعني وجاء على أثري». النهاية في غريب الحديث والأثر 2: 257، تحقيق: محمود طناحي، قم، ط4، 1367هـ.ش.
([44]) مسند أحمد بن حنبل 10: 297؛ معمر بن راشد، الجامع 2: 369، تحقيق: حبيب الأعظمي، بيروت، المكتب الإسلامي، ط2.
([45]) مسند أحمد بن حنبل 8: 282؛ ابن أبي عاصم، السنّة: 43، بيروت، المكتب الإسلامي، ط3، 1413هـ؛ المروزي، السنّة 1: 40، 41، بيروت، مؤسسة الكتب الثقافية، ط1؛ النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 1: 37.
([46]) مصنَّف ابن أبي شيبة 8: 634؛ سنن ابن ماجة 4: 354.
([47]) مسند ابن الجعد 1: 491، بيروت، مؤسّسة نادر، ط1؛ مسند أحمد بن حنبل 13: 275؛ المروزي، السنّة 1: 42؛ أسد الغابة 2: 355، بيروت، دار الفكر، ط1، 1409هـ.
([48]) يعني عن عمرو بن عوف المزني. المروزي، السنّة 1: 38؛ الطبراني، المعجم الكبير 17: 13، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، الموصل، مكتبة العلوم والحكم، ط2؛ النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 1: 29.
([49]) كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي 2: 599؛ ومثله باختلافٍ يسير في: الطبرسي، الاحتجاج على أهل اللجاج 1: 86، مشهد، منشورات مرتضى، ط1، 1403 هـ؛ والموجود في بعض المصادر: «سنن مَنْ كان قبلها»، لكنْ ورد تفسيرها في نفس الحديث بـ «سنّة بني إسرائيل». تفسير العيّاشي 1: 303، طهران، المطبعة العلمية، ط1، 1380هـ؛ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة 2: 576، طهران، الدار الإسلامية، ط2، 1395هـ.
([50]) ابن أبي عاصم، السنّة: 30.
([51]) وقد يقال: إن ذكر «الاتّباع» في الحديث يناسب معنى الطريقة والسيرة أكثر من السبيل والطريق، فهو قرينةٌ على أن «السُّنَن» في الحديث جمع «السُّنّة». وفيه ـ مضافاً إلى مناسبة الاتّباع والسبيل ـ أني وجدْتُ في بعض الاستعمالات مقارنة الركوب والاتّباع مع الطريق والسبيل: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ﴾ (لقمان: 15)، و«أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحقّ». نهج البلاغة: 264، وورد الطريق والسبيل بمعنى السيرة والطريقة في عددٍ من الاستعمالات.
([52]) ويؤيِّده أيضاً أن الراوي للحديث السابق يختلف عن الراوي لهذا الحديث؛ فإن الحديث السابق رواه أبو سعيد الخِدْري وغيره، عن النبيّ|؛ وهنا روى حارث بن عوف أبو واقد الليثي، عن النبيّ|.
([53]) معمر بن راشد، الجامع، 2: 396؛ مسند أبي داوود الطيالسي 2: 682؛ مسند الحميدي 2: 98؛ مصنَّف ابن أبي شيبة 8: 634؛ ابن أبي عاصم، السنّة: 44؛ المروزي، السنّة 1: 36؛ سنن النسائي 8: 100، تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي، بيروت، مؤسّسة الرسالة، ط1، 1421هـ؛ الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 9: 31، 32؛ صحيح ابن حِبّان 15: 95؛ الطبراني، المعجم الكبير 3: 245؛ أبو نعيم الإصفهاني، معرفة الصحابة 2: 73، بيروت، دار الكتب العلمية ـ منشورات محمد علي بيضون، ط1، 1422هـ.
([54]) جامع الترمذي 2: 562؛ مسند أبي يعلى الموصلي 3: 30، بيروت، دار المأمون للتراث، ط1، 1407هـ.
([55]) الغارات 1: 26، 27، طهران، أنجمن آثار ملّي، ط1، 1395هـ؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 2: 193، قم، مكتبة المرعشي النجفي، ط1، 1404هـ.
([56]) صحيح البخاري 3: 1388، تحقيق: مصطفى ديب البغا، بيروت، دار ابن كثير، ط3؛ ابن أبي عاصم، الديات 1: 86، كراتشي باكستان، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، ط1؛ البيهقي، السنن الكبرى 8: 27، تحقيق: عبد القادر عطا، مكّة المكرمة، مكتبة دار الباز، ط1؛ وباختلافٍ يسير في: الطبراني، المعجم الكبير 10: 308، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، الموصل، مكتبة العلوم والحكم، ط2؛ عبد الكريم الرافعي القزويني، التدوين في أخبار قزوين 3: 16، تحقيق: عزيز الله العطاردي القوجاني، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1408هـ؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، غوالي اللآلي العزيزية (عوالي اللآلي) 1: 176، قم، دار سيّد الشهداء، ط1، 1405هـ.
([57]) مسند الهيثم بن كليب الشاشي 1: 108، تحقيق: محفوظ زين الله، المدينة المنوّرة، مكتبة العلوم والمعارف، ط1؛ أبو نعيم الإصبهاني، معرفة الصحابة 1: 129؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق 50: 321، تحقيق: علي شيري، بيروت، دار الفكر، ط1، 1415هـ.
([58]) كما ذكر الجوهري: «يُقال: استقام فلانٌ على سَنَنٍ واحد». الصحاح 5: 2138؛ وذكر ابن سيده: «وبنى القومُ بيُوتَهُم على سَنَنٍ واحدٍ». المحكم والمحيط الأعظم 8: 417، ولم يَرِدْ «واحدة».
([59]) منها في: مسند الحميدي 1: 218؛ مصنّف ابن أبي شيبة 6: 402؛ صحيح البخاري 2: 650؛ صحيح مسلم 11: 166؛ سنن ابن ماجة 3: 260؛ مسند أبي يعلى الموصلي 9: 110؛ مستخرج أبي عوانة 4: 99، بيروت، دار المعرفة، ط1؛ صحيح ابن حِبّان 13: 321؛ البيهقي، السنن الكبرى 8: 14.
([61]) انظر: صاحب بن عبّاد، المحيط في اللغة 8: 247؛ الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن: 76، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، بيروت ـ دمشق، دار القلم ـ دار الشامية، ط1، 1412هـ؛ الزمخشري، أساس البلاغة: 311.
([62]) أشار مسلم إلى أن لفظ «أوّل مَنْ» ليس في إحدى الروايتين لهذا الحديث عنده. قال: «وفي حديث جرير وعيسى بن يونس: «لأنه سنّ القتل»، ولم يذكرا «أوّل». صحيح مسلم 11: 166.
([63]) تاريخ مدينة دمشق 8: 78؛ السيوطي، اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2: 310، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1403هـ.
([64]) مصنّف ابن أبي شيبة 8: 460.
([65]) أبو نعيم الإصفهاني، دلائل النبوة 1: 350، بيروت، دار النفائس، ط1؛ تاريخ الطبري 2: 656، بيروت، دار التراث، ط2، 1387؛ ابن الجوزي، المنتظم 3: 283، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1412 وفي هذه المصادر: «لكنّ ربي قد أمرني بإعفاء لحيتي وقصّ شاربي».
([66]) الطبري، تهذيب الآثار 1: 122، تحقيق: محمود محمد شاكر، القاهرة، مطبعة المدني؛ ابن حجر، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية 18: 369، تحقيق: عبد الله التويجري، السعودية، العاصمة ـ الغيث، ط1.
([67]) مسند أحمد بن حنبل 16: 454؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 4: 510. وهذه الصيغة من الرواية بمعنى أن «قلوبهم قلوب الأعاجم، مع أن لُغَتهم عربية».
([68]) عبد الله بن وهب، الجامع في الحديث، 1: 287، الرياض، دار ابن الجوزي، ط1.
([69]) مسند الروياني 1: 282، تحقيق: أيمن علي أبو يماني، القاهرة، مؤسّسة قرطبة، ط1، وفيه: «كنت أحسب أن هذا من زيّ العجم»؛ الطبراني، المعجم الأوسط 8: 182، القاهرة، دار الحرمين، 1415هـ، وفيه: «إن كنت أحسب المصافحة إلاّ في العجم».
([70]) النصيّة: خيار القوم وأشرافهم. قال ابن الأثير في ذيل هذا الحديث: «النصية: مَنْ ينتصى من القوم، أي يختار من نواصيهم، وهم الرؤوس والأشراف. ويقال للرؤساء: نواص». النهاية في غريب الحديث والأثر 5: 68.
([71]) أي الساعي بالنميمة والإفساد. انظر: معجم مقاييس اللغة 5: 302.
([72]) أي الداهية. الخليل الفراهيدي، كتاب العين 2 : 347؛ قم، دار الهجرة، 1409هـ.
([73]) ابن عبد ربّه، العقد الفريد، 1: 295، تحقيق: مفيد محمد قميحة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1404هـ؛ أمالي الزجاجي: 152، تحقيق: هارون عبد السلام، بيروت، دار الجيل، 1407هـ؛ البلوي المالقي ابن الشيخ، كتاب ألف باء في أنواع الآداب، 2: 528، تحقيق: خالد عبد الغني، بيروت، دار الكتب العلمية، 2009م.
([74]) أبو سعد الآبي، نثر الدرّ في المحاضرات 1: 151، تحقيق: خالد عبد الغني، بيروت، ط1، 1424هـ؛ وأشير إليه في: الزمخشري، الفائق 3: 299، تحقيق: شمس الدين إبراهيم، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1417 هـ؛ النهاية في غريب الحديث والأثر 2: 522؛ 4: 303؛ لسان العرب 11: 619، تحقيق: جمال الدين ميردامادي، بيروت، دار الفكر، ط3، 1414هـ.
([75]) الزمخشري، الفائق 3: 299.
([76]) ابن هشام، السيرة النبوية 2: 597، تحقيق: مصطفى السقّا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، بيروت، دار المعرفة.