دراسة في منهجه ونظرياته الفقهيّة
مقدّمة
الفقهُ ـ في اللغة ـ هو الفهم الدقيق والإحاطة بكلّ جوانب المطلب؛ وفي الاصطلاح هو الفهم والإدراك التامّ لأحكام وأوامر الله تعالى المرتبطة بسلوكيّات الإنسان الفرديّة والاجتماعيّة([1]).
تفرّع علمُ الفقه من شجرة الوحي الطيّبة، وتربّع فوق أغصانها وأوراقها، وآتى أُكلاً كثيرةً.
وبعد الغيبة الكبرى منع مئات الفقهاء الأعلام تحريفَ الدين من خلال تفصيل الكلام في الفروع، واستنباط الأحكام من المصادر الأساسيّة؛ وحفظوا حرمة الدين بواسطة دمائهم وأقلامهم؛ كما قدّموا على نحو الدوام إجاباتٍ عصريّةً عن المسائل الحادثة.
وفي القرون التالية لم يكن عمل الفقهاء في مجال الفقه على نمطٍ واحدٍ أبداً؛ فبعضهم اكتفى بتقليد الماضين فقط؛ وبعضٌ آخر سعى للابتكار والتحديث والتطوير وإيجاد التحوّلات النوعيّة في هذا المجال مستفيداً من جهود الفقهاء الماضين.
تربّى الأستاذُ الشيخ محمّد هادي معرفت ونما في محضر أساتذةٍ كبار، مثل: الإمام الخميني، والسيد الخوئيّ، والشيخ حسين الحلّيّ، وغيرهم من الأساطين.
وقد أقدم & على طرح ونقد وتحقيق المسائل الفقهيّة بمخزونٍ أصوليّ قويٍّ ومتينٍ، ولا سيّما أنّه قد ربط علم الفقه بالتفسير والمسائل القرآنيّة.
من وجهة نظره & فإنّ علم الفقه هو العلم الأساس في العلوم الدينيّة([2])، وقد أعطى للفقه معنى واسعاً يشمل كلّ جوانب الدين، وبما أنّ الجهاد كان لتثبيت أسس الدين كان التفقُّه جهاداً أساسيّاً؛ لأنّ أهمّ وسيلة لتثبيت مذهبٍ ما هي ثقافة ذلك المذهب.
ومن هنا إذا صار الإسلام ذا ثقافةٍ غنيّة فإنّه لن يتآكل من داخله في أيّ وقتٍ من الأوقات، وإنْ أمكن أن يكون مورِداً للهجوم من الخارج، ولكنّه سيكون قويّاً من الداخل.
ومن وجهة نظره & يوجد تفاوتٌ بين الفقه والفهم؛ فأحياناً نقول: فَهْم الدين؛ وأحياناً نقول: فقه الدين:{لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (التوبة: 122)، فالفقه يعني الفهم الدقيق، أي اعرفوا الإسلام بواسطة الفهم الدقيق والتامّ.
ولو أنّنا في الحوزة الإسلاميّة نهتمّ بمجموعة أشخاص ليصبحوا عارفين بالإسلام، أصولاً وفروعاً، وساعين للتفقُّه في الدين، كما جاء في القرآن، لما عدنا نخاف من الثقافات الخارجيّة والهجوم الثقافيّ؛ لأنّ الهجوم الثقافيّ معناه أنّ ثقافةً أغنى تغزو مجتمعنا، ولكنّ الغرب لا يملك ثقافةً غنيّةً، فالابتذال والضلالة والفساد ليس ثقافةً([3]).
وقد أورد & على الطريقة الفقهيّة لبعض الفقهاء المعاصرين أنّهم يكتفون بطرح المسائل المشهورة أو المطروحة قديماً دون أيّ ابتكارٍ أو تجديدٍ.
ولم يكن يمانع في طرح المسائل الجديدة من الاستفادة من الكتاب والسنّة والعقل، وكذلك الاستفادة من آراء الفقهاء الكبار.
وقد كان يتعرَّض للجوانب المختلفة في المسائل الفقهيّة بشكلٍ جديدٍ.
كما كان من أهل الابتكار، ولكنّه لم يكن يخالف إجماع القوم([4])، ومن هذه الجهة عندما كان يطرح نظريّاتٍ فقهيّةً حديثةً في بعض المسائل كان ينظر إلى ما طرحه عدّةٌ من أساطين العلم والفقاهة ـ بحسب قوله ـ من قبلُ في تلك المسائل.
لقد كان يرى أنّ الفقه الشيعيّ غنيٌّ وكاملٌ، وإنّما المهمّ اليومَ أن يُعرض الفقهُ ليكون حلاًّ لمسائل المجتمع، وعملُ الفقيه إنّما هو الالتفات إلى الخصوصيّات، ومقتضيات الزمان، والتغيُّر والتبدُّل الحاصل في الموضوعات، ليستفيد من حركة الزمان، ويواجه المسائل الحادثة، وهذا ما عبّرت عنه الرواية: «أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا»، ورواةُ الحديث هم الفقهاء، والحوادث الواقعة هي الأحكام المطابِقة لخصوصيات العصر، وإلاّ كان يمكن أن يُقال: ارجعوا إلى كتاباتنا.
إذاً ينبغي أن يكون باب الاجتهاد مفتوحاً؛ لأنّ الذي يفحص في خصوصيّات العصر، ويقدر أن يطبّقها على القواعد الفقهيّة الأصليّة، هو الفقيه حقّاً.
وهذا ما يعني أنّ الفقه حيٌّ دائماً، والفقه الميت لا يمكنه أن يؤثِّر شيئاً([5]).
ومن باب المثال: يعتقد بأنّ الشارع في باب المعاملات قد جاء بأصول وكلّيّات عديدة([6])، وبيّن الحكم الشرعيّ بشكلٍ كلّيٍّ وعامٍّ، غير أنّه ترك للعُرف تحديد خصائص الموضوع، والعُرفُ ـ كالسيرة العقلائيّة ـ لا يختصّ بالمناطق الإسلاميّة، بل إنّ الشارع قد قبل وأمضى كلّ معاملةٍ غير سفهيّة، مثل: المضاربة.
وهنا يشير الأستاذ معرفت إلى دور الفقهاء في عمليّة الاستنباط، فيقول: كان دور الفقهاء أنّهم كانوا يقفون أمام أيّة معاملة، ويتأمّلون في حدودها من خلال العُرْف، وعندما يرون فيها موضوعاً قد أمضاه الشارع يطبّقون عليها قواعد الشرع في ذلك الموضوع، واليوم ينبغي أن نفعل ذلك أيضاً، إذا أردتم أن تصبحوا فقهاء فعليكم بمثل هذا العمل، وإلاّ فلن تكونوا فقهاء([7]).
وفي مكانٍ آخر يقول: ينبغي أن يمتلك الفقهاء نوعين من المعرفة:
الأوّل: المعرفة بخصوصيّات الزمان.
والثاني: المعرفة بالقواعد الفقهيّة الأصيلة.
وبعد ذلك يطبّقون خصوصيّات الزمان على تلك القواعد، ليُعلم أيُّ تلك القواعد يوافق الشرع بدقّة، وأيُّها يخالفه، وبعد ذلك يعيِّنون الحلال والحرام، إذاً الفقه حيٌّ دائماً([8]).
الأعمال الفقهية للشيخ محمد هادي معرفت
لقد كان للأستاذ نظريّاتٌ جديدةٌ وابتكاراتٌ خاصّةٌ في مجال العلوم الإسلاميّة المختلفة، كالفقه؛ والأصول؛ وعلوم القرآن؛ والتفسير؛ وغيرها.
وليس بمقدورنا في هذا المقام أن نذكر تمام المسائل الفقهيّة التي طرحها وحقّقها!، ولكنْ بشكلٍ إجماليٍّ فإنّ من الموضوعات والمطالب التي طرحها الأستاذ &، إنْ في كرّاساتٍ أو في آثاره الفقهيّة، ما يلي:
1 ـ قاعدة الإلزام؛ 2 ـ تغليظ الدية في الجناية العمديّة في الأشهر الحُرُم؛ 3 ـ الضمان؛
4 ـ بيع العربون؛ 5 ـ البيع الفضوليّ (حقيقته، مشروعيّته، وأحكامه)؛ 6 ـ ميراث الزوجة من الأرض؛ 7 ـ ميراث الزوجة في صورة عدم وجود وارثٍ آخر للزوج؛ 8 ـ العيوب الموجبة لفسخ النكاح؛ 9 ـ حقّ الحضانة (كونه للأمّ إلى سبع سنوات، سواء كان الولد ذكراً أو أنثى)؛ 10 ـ سنّ اليأس؛ 11 ـ بلوغ البنات في الفقه الإسلاميّ (كونه منذ وقت رؤية دم الحيض، وفي الذكور منذ زمان الاحتلام)؛ 12 ـ (عدم) أهليّة المرأة لتولّي القضاء والمناصب الرسميّة([9])؛ 13 ـ دائرة ولاية الفقيه؛ 14 ـ ولاية الفقيه (باللغة الفارسيّة)؛ 15 ـ تعليقةٌ وشرح على كتاب «تبصرة المتعلِّمين» للشيخ ضياء الدين العراقيّ (وقد ذُكرت فيه مسائل عديدة من قبيل: اعتبار طهارة المولد في القاضي؛ المعاصي الكبيرة: تعريفها وعددها؛ ملاحقة الجرائم؛ ضوابط قاعدة درء الحدود؛ وحقيقة التوبة؛…)؛ 16 ـ الرسالة العمليّة؛ 17 ـ أثر الزمان والمكان في الاجتهاد([10])؛ 18 ـ دية المرأة؛ 19 ـ المصلحة في دائرة ولاية الفقيه؛ 20 ـ كتاب حديث «لا تُعاد»؛ 21 ـ كتاب تمهيد القواعد؛ 22 ـ حديث «لا ضرر» في نظر الإمام الخمينيّ؛ 23 ـ فقه الشيعة: خصائصه ومميّزاته؛ 24 ـ مباني (أدلّة) تحريم الربا ومسألة البنك؛ 25 ـ كتاب «ولاية الفقيه: أبعادها وحدودها»؛ 26 ـ كتاب «ملكيّة الأرض».
الأحكام الشرعيّة (أو الرسالة العمليّة) عند الشيخ معرفت
بعد عصر الغيبة الكبرى أُلقيت على عاتق الفقهاء مسؤوليّةٌ ثقيلةٌ، وهي معرفة أحكام الدين وبيانها.
في البداية كان بيان الأحكام يتمّ عبر نقل الروايات وعرض الأحاديث سنداً ومتناً، ثمّ انتهى الأمر بهذا الأسلوب، المعمول به في مؤلَّفات بيان الأحكام الشرعيّة، إلى حذف الأسناد والإبقاء على المتن، ووضعه في متناوَل عامّة الناس.
ومن تلك المؤلَّفات: «من لا يحضره الفقيه»، للشيخ الصدوق؛ «المقنعة»، للشيخ المفيد؛ وغير ذلك.
ومع التوسُّع في استنباط الأحكام من المنابع الأصليّة، ومواجهة الناس للمسائل الطارئة والجديدة، لم يعُدْ هذا الأسلوب صالحاً، ولذا عمد الفقهاء إلى صياغة استنباطاتهم من متن القرآن والسنّة في شكل أجوبةٍ على أسئلةٍ مختلفةٍ، وظهرت بذلك مجموعاتٌ فقهيّةٌ، من قبيل: «جوابات المسائل الطرابلسيّات»، و«جوابات المسائل الموصليّة»، للسيّد المرتضى؛ و«السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي»، لابن إدريس؛ و«تبصرة المتعلِّمين»، للعلاّمة الحلّيّ؛ و«شرائع الإسلام»، للمحقِّق الحلّيّ.
واستمرّ هذا الأسلوب من القرن الرابع إلى القرن العاشر الهجريّ.
وبعد ذلك ـ ونظراً لحاجة ذلك الزمان ـ ظهر أسلوبٌ آخر تمثّل بكتابة مراجع التقليد لـ «الرسالة العمليّة».
وأوّل رسالةٍ بهذا الأسلوب الجديد هي «الجامع العبّاسيّ»، للشيخ البهائيّ (1031هـ)، وقد تناولت تمام أبواب الفقه، من الطهارة إلى الديات، بشكلٍ غير استدلاليّ، ويمكن لكلّ الناس أن يفهموها.
وبعد ذلك انتشرت كتابة الرسائل العمليّة باللغتين العربيّة والفارسيّة، واستمرّ ذلك إلى يومنا هذا.
في الرسائل العمليّة يسعى الفقهاء لبيان المسائل التي هي مورد الحاجة والابتلاء لدى الناس، ويعمدون إلى تدوين ذلك بتعابير بسيطةٍ ومفهومةٍ من قِبَل كلّ الناس.
ومع وجود كمٍّ ضخمٍ ومتنوِّعٍ من الرسائل العمليّة كان الأستاذ معرفت & يقول: لقد ظهرت في المجتمع مسائل جديدة ينبغي أن تكون ضمن الرسائل العمليّة، كما ينبغي استبدال بعض المسائل الموجودة فيها.
ومن هنا ـ وبطلبٍ من مريديه ـ عمد الأستاذ معرفت & إلى كتابة رسالة صغيرة الحجم (158 صفحة) بعنوان «الأحكام الشرعيّة»، وهي ـ بحسب تعبيره & ـ تحتوي على تمام المسائل التي هي مورد حاجة الناس والموجودة في الرسائل العمليّة الكبيرة، وبالإضافة إلى ذلك فقد اشتملت هذه الرسالة على فصلٍ في بيان مناسك الحجّ بشكلٍ مختصر.
وتتكوّن هذه الرسالة من أربعة أقسام: قسم الطهارات؛ قسم العبادات؛ قسم المعاملات؛ قسم المسائل المستحدَثَة.
وقد عرض الأستاذ & في هذه الرسالة آخر نظريّاته الفقهيّة، مع مراعاة احتياجات هذا العصر؛ والاختصار؛ والبساطة؛ والسهولة.
خصائص الرسالة العمليّة للشيخ معرفت
1ـ بيان الأدلّة: ليس من المتعارف في الرسائل العمليّة غير الاستدلاليّة أن يذكر الفقيه دليل الحكم الشرعيّ، فالمجتهد يكتفي بذكر استنباطه ونظره فقط.
أمّا الأستاذ فقد ذكر ـ في متن المسألة أو في الهامش ـ دليلَ فتواه في موارد عديدة، منها:
أ ـ ما يتعلّق بأحكام التقليد، فقد كتب: يجب على كلّ مكلَّفٍ غير مجتهدٍ الرجوع إلى المجتهد ـ وهو الفقيه الجامع للشرائط ـ في المسائل التي هي مورد حاجته، فالله ذكّر بذلك مراراً في القرآن، حيث قال: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(النحل: 43؛ النساء: 7)، و«عموم الخطاب» و«إطلاق المورد» في الآية شاملٌ لكلّ المكلَّفين، كي يرجعوا في المسائل التي هي مورد حاجتهم وابتلائهم، والتي لا يعرفون حكمها الشرعيّ، إلى العلماء المؤهَّلين وأهل الاختصاص([11]).
ب ـ أحكام الحجّ، فمن أجل إثبات وجوب الحجّ ذكر & آية: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران: 97)، وقال: في هذه الآية المباركة عُبِّر عن ترك الحجّ بالكفر، وهذا كنايةٌ عن أنّ أيّ شخصٍ يستطيع الحجّ فيتركه من دون أيّ عذرٍ شرعيٍّ فهو في الواقع يرفض أكبر فريضةٍ إلهيّةٍ([12]).
ج ـ أفتى &؛ بالاستناد إلى الروايات الواردة في المسافرين في السفن أو المحامل([13])، بأنّه «يمكننا ونحن في الطائرة أن نصلّي من جلوسٍ إلى جهة طيرانها، وتكفينا تلك الصلاة بلا حاجة إلى الإعادة»([14]).
د ـ أفتى الأستاذ معرفت &؛ بالاستناد إلى آية: {أوفوا بالعقود} (المائدة: 1)، بأنّ أية معاملة، سواءً كانت عطاءً أو أخذاً، إذا كانت متداولةً بين العقلاء فهي صحيحةٌ، ومشمولةٌ لآية: {أوفوا بالعقود}، إلاّ إذا قام الدليل الخاصّ على بطلانها، وإلاّ فالأصل هو صحّتها، وهنا يستدلّ بالآية 29 من سورة النساء([15])، التي تذكر أنّ الشرائط الأساسيّة لصحّة المعاملة هي: «أن تكون عقلائيّة؛ رضا الطرفين بها؛ عدم كون أحد الطرفين سفيهاً؛ عدم الإكراه لأحد الطرفين عليها»([16]).
هـ ـ أثبت & أنّ الأصل في المحاصيل الغذائيّة ـ غير اللحوم ـ للبلدان غير الإسلاميّة هو الحلّيّة؛ وذلك اعتماداً على رواية «كلّ شيء فيه حلالٌ وحرامٌ فهو لك حلالٌ حتّى تعرف أنّه حرامٌ بعينه فتدعه».
ثمّ أضاف بأنّ «لحوم الأسماك ليست كبقيّة اللحوم، فيمكن تناولها في المطاعم الأجنبيّة»([17]).
و ـ كان يرى أنّ الخمر والمائعات المسكِرة حرامٌ، ولكنّها ليست نجسةً، وقد بيّن دليل ذلك([18]).
وكذلك ذكر أدلّته في مورد أحكام الطهارة([19])؛ النذر([20])؛ إرث الزوجة التي لها ولدٌ من زوجها المتوفّى([21])؛ الربا([22])؛ وغير ذلك من الأحكام.
2ـ تعريف الموضوعات والمصطلحات: إنّ عمل الفقيه الأساسيّ هو بيان الأحكام الشرعيّة، ولكنّه أحياناً؛ ولأجل بيان الحكم الشرعيّ، ينبغي أن يحقِّق في معنى بعض الكلمات والمصطلحات المستعملة في المصادر الأصليّة، وعلى أساس معاني تلك الكلمات تصدر الأحكام والفتاوى، وقد وُفِّق الأستاذ معرفت & في هذا المجال توفيقاً جيّداً.
فهو ـ مثلاً ـ قد عرّف لفظ «كُرّ» بهذا الشكل: «الكُرّ مكيالٌ كانوا في ذلك العصر يكيلون به القمح والشعير، والماء الكُرّ هو مقدارٌ من الماء يعادل في حجمه مئتي ليتر»([23]).
وكتب الأستاذ معرفت & في مبحث الغائط: «النجسُ من الغائط هو غائطُ الإنسانِ وكلِّ حيوانٍ غير مأكول اللحم يماثل غائطُه غائط الإنسان، كالكلب والهرّة، وأمّا غير ذلك فهو محكومٌ بالطهارة؛ إذ إنّ ما جاء في لسان الشارع في بيان النجاسات هو تعبير «العَذَرة»، وهو لا يُطلق إلاّ على غائط الإنسان والكلب والهرّة.
وعليه فإنّ فضلاتِ الجرذان وأمثالها من الحيوانات، التي لا يصدق عليها أنّها عَذَرةٌ، طاهرةٌ، وإنْ كان أكلُها حراماً، ولذا إذا وقعت فضلات الجرذ في الأرزّ أو غيره بعد نقعه في الماء، بل حتّى بعد طبخه، فإنّها لا تنجِّسه، وإنّما يجب إلقاء الفضلات وما أحاط بها فقط، وكذلك لو وقعت فضلات الجرذ في الزيت أو السمن أو العصير فإنّها لا تنجِّسه.
وإنّ فضلات الطيور وحيوانات الماء طاهرةٌ أيضاً، ولكنّ أكلَها حرامٌ»([24]).
وكذلك هو الحال في تعريف الأستاذ لـ «ذو الحليفة»، وهو أحد مواقيت الحجّ([25])؛ والكفؤ في الزواج، وهو المماثِل في الإيمان والثقافة والإمكانات الاقتصاديّة([26]).
النظريّات والآراء الفقهية الجديدة للشيخ معرفت، عيّنات ونماذج
1 ـ اختيار قراءة حفص
يرى الأستاذ معرفت أنّه لا بُدّ وأن تكون القراءة في الصلاة صحيحةً، ولا يكفي فيها أن تكون بأيّة لهجةٍ عربيّةٍ، وعليه فقد أفتى بوجوب أن تكون القراءة وفق قراءة حفص([27])، ولا يجوز القراءة بغيرها من القراءات، حتّى القراءات السبع([28]).
2 ـ مكان الإقامة
عندما ينوي المكلَّف أن يقيم عشرة أيّامٍ أو أكثرً في مكانٍ ما فإنّه يجب عليه التمام في الصلاة؛ لأنّ ذلك المكان يُقال له شرعاً: مكان الإقامة، ولا يجب أن يبقى في ذلك المكان تمام الأيام العشرة، بل يجوز له أن يخرج لأجل النزهة أو العمل إلى أطراف ذلك المكان، بل يجوز له أن يقضي ليلةً خارج ذلك المكان، ومع ذلك يجب عليه التمام في الصلاة في ذلك المكان؛ لأنّه المكان الذي يرجع إليه([29]).
3 ـ خُمس المؤونة المدَّخرة في البيت
يرى الأستاذ أنّ الأشياء التي تُشترى ـ بحسب النوع ـ بالجملة، أو مع زيادةٍ عن الحاجة الفعليّة؛ وذلك لأجل المصرف اليوميّ، مثل: الأرزّ، الزيت، السكّر، الشاي، وغير ذلك، فإنّها إذا اشتُريت قبل مجيء رأس السنة الخُمْسيّة وبقيت إلى حين مجيء رأس السنة الخُمْسيّة فلا خُمْس فيها مهما كان المقدار الزائد.
نعم، لو أنّ المكلَّف عمل طبق العادة القديمة، فاشترى في أوّل السنة الخُمْسيّة مقداراً من المؤونة يكفي للسنة كلّها، وبقي عنده في آخر السنة شيءٌ من هذه المؤونة، فيجب عليه حينئذٍ تخميس هذا المقدار الزائد([30]).
والفرقُ بين الصورتين أنّه في الصورة الأولى يشتري المؤونة السنويّة شيئاً فشيئاً، ولم يمضِ على عمليّة الشراء الأخيرة سنةٌ كاملةٌ، فلا يجب الخمس في ما بقي من المؤونة؛ وأمّا في الصورة الثانية فقد اشترى مؤونة السنة كلّها دفعةً واحدةً، وقد مرّ عليها عنده سنةٌ كاملةٌ، فيجب الخمس فيها.
4 ـ إرث الزوجة من العقار
اختلفوا في تعيين الأموال التي ترث منها الزوجة، فقال الإمام الخمينيّ، والشيخ الأراكيّ، والسيّد الكلبايكانيّ، والسيّد الخوئيّ، والسيّد السيستانيّ، والشيخ التبريزيّ، بأنّ الزوجة لا ترث من الأرض مطلقاً، الزراعيّة وغيرها، ولا من الدار، فهي ـ عندهم ـ لا ترث من عين الأرض ولا من قيمتها، وأيضاً لا ترث من نفس الدار، ولكنّها ترث من قيمتها([31]).
أمّا الأستاذ معرفت & فقد رأى أنّ الزوجة التي لها ولد من زوجها المتوفّى ترث من تمام أمواله، المنقولة وغير المنقولة، وذكر في هامش الصفحة أنّ ذلك هو صريح فتوى الصدوق، ومختار العلاّمة([32])؛ وأمّا إذا لم يكن لها ولد من زوجها المتوفّى فإنّها لا ترث من عين الأرض، ولكنّها ترث من قيمتها([33]).
5 ـ إثبات ملكيّة الدولة
يرى الأستاذ معرفت أنّ الدولة مالكةٌ، ولا سيّما إذا كانت قائمةً وفق نظامٍ شرعيٍّ، وكانت لها المشروعيّة القانونيّة، وبناءً على فتواه يجب على أهل كلّ بلدٍ وكلّ من يعيش في ظلّ حكومة ذلك البلد، حتّى ولو كان مسافراً، أن يلتزم بنظامه، إلاّ إذا كانت تلك الحكومة تخالف الشرع في عملها، وكذلك تحرم سرقة أموال الدولة، أيّة دولة كانت، والاستيلاء عليها، وفعلُ ذلك موجِبٌ للضمان على فاعله([34]).
6 ـ جواز التصوير وبناء المجسَّمات
يرى الشيخ معرفت أنْ لا إشكال في أيّ نوعٍ من أنواع التصوير ورسم الحيوانات أو الإنسان، أو بناء المجسَّمات لها، بعنوان الذكرى، أو الزينة، أو اللعب، ونحو ذلك، وإنّما المحرَّم من ذلك هو بناء الأصنام المهيّأة للعبادة([35]).
7 ـ مطهِّريّة الأرض بتمام أنواعها
أفتى الفقهاء عموماً بأنّه إذا تنجّس باطن القدم أو باطن الحذاء فإنّه يطهر بالمشي على الأرض (التراب، الحصى، الآجر)، أمّا تطهير باطن القدم وباطن الحذاء بواسطة المشي على الإسفلت أو الأرض المفروشة بالخشب فمحلّ إشكال، بل الأقوى عدم طهارتها بذلك([36]).
أمّا الأستاذ معرفت فيرى أنّه لا فرق بين الأرض الإسفلت والأرض المفروشة بالحصى وغيره، ولا يلزم لتطهير القدم والحذاء بها أن تكون أرضاً ترابيّةً([37]).
8 ـ عدد الشكوك في الصلاة
اعتبر الأستاذ معرفت أنّ عدد صور الشكّ في عدد ركعات الصلاة هو ستّ صور فقط([38]).
وقال في درسه: هذا المقدار من الشكوك ورد في الروايات، وهو الذي يقع غالباً للناس، وأمّا بقيّة الصور فهي محضُ فروضٍ لا أكثر.
بالإضافة إلى ما ذكرنا من الأمثلة نستطيع أن نذكر موارد أخرى، من قبيل: عدم نجاسة الكافر مطلقاً (سواءٌ كان كتابيّاً أم غيرَ كتابيّ)([39])؛ طهارة العصير العنبيّ وكلّ الكحول([40])؛ حساب المسافة لصلاة المسافر إنّما هو من باب المنزل إلى مكان الإقامة في البلد الذي يسافر إليه([41])؛ كون مناط حدّ الترخُّص في خفاء المسافر عن الناظر إليه من على جدران البلد، لا العكس([42])؛ كفاية الصلاة عند عدم معرفة القبلة إلى جهةٍ واحدةٍ من الجهات الأربع، وعدم وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع كلّها([43]).
9ـ عدم القبول بصحّة بيع الفضوليّ([44])
يشترط في صحّة البيع، الذي هو «مبادلة مال بمال»، شروطٌ عديدةٌ، وهي:
1 ـ أن يكون الثمن والمثمَن قابلاً للانتفاع العقلائيّ بحسب المتعارَف.
2 ـ أن يكون الثمن والمثمَن قابلاً للتملُّك عند العقلاء، وعند الشارع.
3 ـ أن يكون الثمن والمثمَن قابلاً للنقل والانتقال شرعاً.
4 ـ أن يكون كلٌّ من البائع والمشتري مأذوناً في التصرُّف بنظر الشارع، وعليه تبطل معاملة الصبيّ غير المميّز؛ والسفيه؛ والمحجور عليه.
5 ـ أن يكون كلٌّ من البائع والمشتري مالكاً للمثمن والثمن، أو مأذوناً في التصرُّف فيه من قبل المالك، أو له الولاية الشرعيّة على التصرُّف فيه، وعليه لا يجوز بيع مال الآخرين.
ومن هذا الشرط الخامس ظهر بحث «حكم بيع الفضوليّ»، فذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنّ بيع الفضوليّ صحيحٌ، والفضوليّ هو الشخص الذي يبيع مال الغير بدون إذنٍ مسبَقٍ من مالكه، أو وكالةٍ منه، أو ولايةٍ شرعيّةٍ عليه.
ادّعى صاحبُ الجواهر الإجماع على صحّة بيع الفضوليّ([45]).
وتمسّك الشيخ الأنصاريّ؛ لإثبات صحّة هذا البيع، بعدّة أدلّةٍ، مثل: عمومات صحّة البيع؛ والإجماع؛ وستّة مؤيِّدات([46]).
ومن جملة الأدلّة: رواية عروة البارقيّ([47])، التي أشكل المرحوم الشيخ الأنصاريّ على الاستدلال بها بأنّ عروة كان يعلم رضا النبيّ’ بتصرّفه، وكلُّ بيعٍ يتحقَّق رضا المالك قبلَه بوقوعه، سواءٌ كان ذلك من خلال الوكالة أم غيرها، لا يُطلق عليه اسم بيع الفضوليّ([48]).
وعلى كلّ حالٍ فقد ردّ الشيخ الأنصاريّ أدلّة القائلين ببطلان بيع الفضوليّ([49])، وبذل أقصى جهده في سبيل تصحيح هذا البيع.
ولكنّ الأستاذ معرفت &، في مقالةٍ كتبها بعنوان «بيع الفضوليّ»، ذهب إلى أنّ بيع الفضوليّ باطلٌ؛ وذلك لعدّة أدلّة:
1 ـ إنّ الشخص الذي لا يملك المال، أي الفضوليّ، وليس مأذوناً، أو وكيلاً، أو وليّاً شرعيّاً، لا يمكنه أن يقصد الإنشاء الجدّيّ للبيع، وإنّما سيكون إنشاؤه عبثاً، وهزلاً، وغير ذي فائدة.
مضافاً إلى أنّ مثل هذا البيع ليس معروفاً بين العقلاء من التّجار وغيرهم، وهو أن يبيع شخصٌ مال غيره بدون أيّ مجوِّزٍ، فهذا العمل لغوٌ من الأساس، ولا يتحقَّق به بيعٌ أصلاً، لنبحث بعد ذلك هل أنّ إجازةَ المالك بعدَه كاشفةٌ أو ناقلةٌ؟.
2 ـ لا يوجد دليلٌ على صحّة هكذا معاملة أصلاً؛ لأنّه قد ورد في الحديث النبويّ: «لا بيع إلاّ في ملك»، أو «لا تبع ما ليس عندك»([50])، وهذا النهيُ كنايةٌ عن عدم سلطة البائع على المال، وبما أنّ الفضوليّ ليس له سلطةٌ على مال الغير فلا حقّ له في بيعه.
3 ـ لو فرضنا أنّ البائع الفضوليّ يمكنه أن يبيع مال غيره ويجري صيغة العقد فليس له الحقّ في التصرُّف بذلك المال، ولا نقله إلى المشتري؛ لأنّ التصرُّف في ملك الغير ممنوعٌ شرعاً وحرامٌ.
والحالُ أنّ الهدفَ من البيع النقل ـ نقل المبيع إلى المشتري ـ والانتقال ـ انتقال الثمن إلى البائع ـ، والفضوليُّ ـ كما عرفتَ ـ لا حقّ له ـ بأيّ شكلٍ من الأشكال ـ في هذا النقل، وعليه فالهدفُ من البيع منتفٍ، فكيف يمكن أن يكون صحيحاً؟!.
4 ـ بناءً على ما عرفتَ من عدم الدليل على صحّة بيع الفضوليّ فإنّ أصالة الفساد في المعاملات تقتضي أن يكون هذا البيع فاسداً وباطلاً.
وعليه لن يكون بيع الفضوليّ مشمولاً لأدلّة العمومات، مثل: {أحلّ الله البيع}، و{أوفوا بالعقود} و{تجارةً عن تراضٍ}.
10ـ اختصاص زيادة الدية في الأشهر الحُرُم بجناية العمد
المطابقُ للروايات الواردة عن أهل البيت^ أنّ مَنْ قتل أحداً في الأشهر الحُرُم (وهي: رجب؛ ذو القعدة؛ ذو الحجّة؛ محرّم) فإنّ الدية الواجبة عليه تزيد بمقدار الثلث، ويُقال لهذه الزيادة: التغليظُ في الدية، أي التشديد في مقدار الدية.
ولم يحصل التفريق بين القتل العمد والقتل الخطأ في فتوى الفقهاء، وفي القانون.
وأُلحق بالقتل في الأشهر الحُرُم القتل في الحرم المكّيّ، بل ألحق البعض بها أيضاً مراقد المعصومين، وقالوا: لو وقع القتل في الأشهر الحُرُم وفي الحرم المكّيّ لتكرّر التغليظ في الدية مرّتين.
وفق قاعدة عدم التداخل فإنّ هذا التغليظ خاصٌّ بدية قتل النفس، وليس شاملاً لدية الجراحات وقطع الأعضاء.
وهنا طرح الشيخ معرفت & عدّة أسئلة، وهي:
1 ـ التغليظ يعني التشديد والمضايقة، فلماذا يكون شاملاً للقتل الخطأ، وهو الحاصل من دون أيّ تقصير؟
2 ـ إذا كان التغليظ لأجل حفظ حرمة الأشهر الحُرُم والحرم المكّيّ فلماذا يكون خاصّاً بقتل النفس، ولا يشمل قطع الأعضاء والجراحات؟
3 ـ هل يكون للحرم المكّيّ حكم الأشهر الحُرُم أيضاً، دون المشاهد المشرَّفة الأخرى؟
ولأجل الإجابة عن هذه الأسئلة أخذ الشيخ معرفت& باستعراض ودراسة الروايات الواردة في المقام، وهي:
1 ـ رواية كليب الأسديّ: سألتُ أبا عبد الله× عن الرجل يُقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال: دية وثلث([51]).
ومن حيث السند فقد عبّر المجلسيّ عن هذه الرواية بالحَسَنة([52]).
وأمّا من حيث الدلالة فإنّ الراوي قد سأل الإمام× عن أصل القتل، ولم يحدِّد نوع القتل، ولذا فهي مطلقةٌ ظاهراً، وشامِلةٌ للقتل الخطأ أيضاً.
ولكنّ الأستاذ معرفت & قال: بقرينة السياق، وهو أنّ التغليظ إنّما هو للتشديد والمضايقة للقاتل، لا يصحّ أن تكون الرواية شامِلةً للقتل الخطأ، ومن هنا استظهر أنّ تكون الرواية خاصّة بالقتل العمد.
ومن جهةٍ أخرى فإنّ مقتضى مناسبة الحكم والموضوع (هتك حرمة الأشهر الحُرُم) تعميم التغليظ لكلّ جنايةٍ، سواءٌ كانت قتلاً أم جرحاً أم قطعاً للأعضاء.
2 ـ رواية زرارة: عن أبي جعفر×، قال: سألتُه عن رجلٍ قتل رجلاً خطأً في الشهر الحرام، قال: تغلّظ عليه الدية، وعليه عتقُ رقبة، أو صيامُ شهرين متتابعين من الشهر الحرام([53]).
وهذه الروايةُ ضعيفةٌ؛ لوجود سهل بن زياد في سندها، وقد ضعّفه الرجاليّون([54]).
وقد أُلحق القتل الخطأ بالقتل العمد في هذه الرواية الضعيفة فقط.
مضافاً إلى أنّه في نسخٍ أخرى قد جاء بدل «تغلّظ عليه الدية»: «تغلّظ عليه العقوبة»، والعقوبة فيها حيثيّة التعزير، وهي تختلف عن مسألة الدية.
3 ـ صحيحة زرارة: قال: قلتُ لأبي جعفر ×: رجلٌ قتل رجلاً في الحرم؟ قال: عليه دية وثلث، ويصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، ويعتق رقبةً، ويطعم ستّين مسكيناً([55]).
وهذه الرواية صحيحةٌ أيضاً، وهي خاصّةٌ بالقتل العمد؛ لأنّها حكمت بكفّارة الجمع، ولم يقُلْ أحدٌ من الفقهاء بلزوم كفّارة الجمع في القتل الخطأ، حتّى ولو كان في الحَرَم([56]).
وقد قال صاحب الجواهر بأنّه قد عُبِّر في نسخٍ كثيرةٍ ومعتبرةٍ من «الكافي» الموجودة عنده: «في الحُرُم»، بضمّ الحاء والراء([57]).
وقال العلاّمة المجلسيّ أيضاً: «ألحق الشيخان وجماعة الحَرَم بالأشهر الحُرُم، ولم أرَ به نصّاً»([58]).
هنا خلُص الأستاذ معرفت& إلى هذه النتيجة، وهي: إنّ تغليظ الدية خاصٌّ بجناية القتل العمد، دون القتل الخطأ، ولا دليل على تعميم الحكم إليه.
والدليلُ على هذا الاختصاص أنّ التغليظ على خلاف الأصل، ومع الشكّ في شموله لجناية القتل الخطأ نقتصر على القدر المتيقَّن، وهو صورة العمد.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ الهدف من تغليظ الدية وتشديدها هو الردع عن تكرار الجناية في الأشهر الحُرُم، وهذا لا يتناسب مع القتل الخطأ.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ زيادة ثلث الدية ليس خاصّاً بقتل النفس؛ لأنّه وإنْ كان السؤال في جملةٍ من الروايات عن قتل النفس ولكنّ هذا الأمر لا يعني تخصيص الروايات بتلك الصورة، وإنّما ذلك ككثيرٍ من الروايات التي يكون السؤال فيها عن موضوعٍ خاصٍّ هو مورد ابتلاء السائل أو قد ذُكر في السؤال من باب المثال لا أكثر، ولا تكون تلك الروايات دليلاً على الاختصاص بمورد السؤال، ولذا فإنّ الفقهاء في مثل هذه الموارد لم يحكموا باختصاص الرواية بمورد السؤال، وتأمّلوا في كون مناط ترتُّب تلك الأحكام هو تلك الموضوعات مورد السؤال فقط، فأحياناً عمّموا الحكم إلى كلّ موضوعٍ مماثِلٍ، وأحياناً اقتصروا على بعض الموضوعات دون غيرها.
ومع الاعتماد على مقدّمتين، وهما:
1ـ إنّ الأحكام الإسلاميّة النظاميّة ليست تعبُّديّة محضة، بل يمكن إلى حدٍّ ما معرفة ملاكها ومناطها.
2 ـ مناسبة الحكم للموضوع.
يمكننا أن نستظهر أنّ مناط حكم التغليظ هو هتك الأشهر الحُرُم (بمطلق سفك الدم، سواءٌ كان قتلاً للنفس أم جرحاً)، وأنّ هذا الحكم ليس شاملاً لجناية القتل الخطأ.
كما أنّه لا وجه لإلحاق الحرمّ المكّيّ وسائر المشاهد المشرِّفة بالأشهر الحُرُم؛ لأنّ الرواية قُرئت بالضمّتين «الحُرُم»، وقد قال كثيرٌ من الفقهاء بعدم إلحاق الحرم المكّيّ بالأشهر الحُرُم([59]).
11ـ بلوغ البنات بطرو الحيض لا التسع سنوات
من المسائل الخلافيّة بين الفقهاء مسألة بلوغ البنات، فالمعروف بين الفقهاء أنّه من حيث الزمان، فإنّ البنت إذا صار لها تسع سنين صارت بالغةً.
ولكنّ الأستاذ معرفت قال ـ بشكلٍ مختصرٍ ـ: إنّ زمان بلوغ البنات هو وقت رؤيتهنّ للحيض (وهو غالباً في حدود الـ 13 سنة)، وأمّا المعيار الأساسيّ لبلوغ الصبيان فهو وقت الاحتلام.
وفي معرض توضيح ذلك ذكر & أنّ البلوغ أمرٌ طبيعيٌّ، وما جاء به الشارع في هذا المجال إنّما هو بيان العلامات المتعارَفة للبلوغ، ففي المسائل الطبيعيّة لا تدخُّل للشارع. نعم، في باب العبادات التعبُّد الشرعيّ هو الحاكم، حُكْماً وموضوعاً، أمّا في بقيّة أبواب الفقه فإنّ وظيفة الشارع بيان الأحكام الوضعيّة أو التكليفيّة للموضوعات الخارجيّة، وقد يرى دخالةَ قيدٍ ما، أو شرطٍ ما، في ترتُّب ذلك الحكم على ذلك الموضوع الخارجيّ.
وهنا يذكر الشيخ معرفت قولَ بعض الأعلام في تأييد مبناه في مسألة البلوغ، ومن جملة تلك الأقوال قول العلاّمة الحلّيّ، حيث قال: «فحدُّ الصغر ما نقص عن تسع سنين؛ لأنّ الصغيرة لا تحيض، ولم يوجد من النساء من تحيض في ما دون هذا السنّ؛ ولأنه تعالى إنّما خلق دم الحيض غذاءً للولد، فالحكمة في خلق دم الحيض تربية ونموّ الجنين في رحم النساء، والبنات لا يصلحن للحمل في أقلّ من تسع سنين، ولذا لا يوجد دم الحيض فيها؛ لانتفاء الحكمة، تماماً كما هو الحال في منيّ الصبيان، فإنّ حكمة خلق المنيّ في الذكور مثل حكمة خلق دم الحيض في الإناث؛ فإنّ أحدهما يخلق منه الولد، والآخر يغذّيه ويربّيه، وكلٌّ منهما لا يوجد مع الصغر، ووجودُ كلٍّ واحدٍ منهما دالٌّ على البلوغ، وأقلّ سنّ يمكن للبنت أن ترى فيه دم الحيض هو تسع سنين، إذاً أقلّ سنّ الحيض تسع سنين، ولذا طُرح احتمال بلوغ البنات في هذا السنّ»([60]).
من هذه الكلمات الواضحة يظهر بشكلٍ جيّد أنّ المعيار الأساسيّ في بلوغ البنات هو وقت رؤية الدم، كما هو الحال في الاحتلام عند الصبيان، وأمّا ذكر السنّ فمن باب أنّ أقلّ حدٍّ يمكن أن ترى فيه البنت دم الحيض هو سنّ التاسعة.
وعلى هذا الأساس قال شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسيّ: وأمّا البلوغ فهو شرطٌ في وجوب العبادات الشرعيّة، وحدّه الاحتلام في الرجال، والحيض في النساء، أو إنبات الشعر، أو يكمل له خمس عشرة سنة، والمرأة تبلغ عشر سنين([61]).
وقال السيّد مير عليّ الطباطبائيّ في «شرح المختصر النافع»: دم الحيض شيءٌ معلومٌ، وكلُّ الناس والمجتمعات والأطبّاء لديهم الاطّلاع الكافي عليه، وليست معرفته متوقِّفةً على بيان الشارع، بل متى ما وُجد ترتّبت الأحكام الشرعيّة المرتبطة به.
في كلامه حول معيار البلوغ الشرعيّ ذكر الشيخ الطوسيّ أمرَيْن، وهما: الاحتلام؛ والحيض؛ وعلامات أخرى، من قبيل: خمس عشرة سنة في الرجال، وعشر سنوات في النساء؛ أو نبات الشعر في عانتَيْهما.
والشاهدُ على هذا المدّعى هو اختلاف الروايات في تحديد سنّ البلوغ، وهذا الاختلاف في الروايات مرتبطٌ باختلاف الخصائص والأحوال.
ويقول الأستاذ معرفت: لقد عبّر القرآن الكريم عن حال البلوغ، سواء عند البنت أم الصبيّ، بـ «بلوغ الأشدّ»، وهو ما يعني وصولهما إلى حالة كمال الرجولة أو كمال الأنوثة: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (الأنعام: 152).
وعبَّر أيضاً بـ «بلوغ النكاح»، أي الوصول إلى درجة يكون معها قادراً على الزواج.
وعبَّر في الذكور بـ «بلوغ الحُلُم»، أي الكمال العقليّ.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان: سُئل الإمام الصادق× عن بلوغ الأشدّ؟ فقال: الاحتلام، فسُئل: إذا احتلم قبل السنّ المتعارَف للاحتلام، أي خرج الأمر عن المتعارَف؟ فأجاب×: في هذه الصورة يكون المعيار بلوغ ثلاث عشرة سنة([62]).
وورد مثل هذا التعبير في موثَّقة عمّار الساباطيّ أيضاً، وأُضيف فيها أنّ البنات إذا صار لهنّ ثلاث عشرة سنةً فقد بلغنَ أيضاً، إلاّ إذا رأينَ الدم قبل ذلك([63]).
وفي هذا الحديث الشريف اعتُبر ـ وبشكلٍ واضحٍ ـ الاحتلامُ ورؤيةُ الدم معياران للبلوغ، وهو يحصل عموماً في سنّ الثالثة عشر، إلاّ إذا صودف نزول الدم أو المنيّ قبل تلك السنّ.
ولأجل تلك المصادفة طُرحت مسألةُ «تسع سنين» في البنات، وهو عموماً أقلّ حدٍّ يمكن أن تحيض فيه.
ولذلك أُشير إليه في رواية عبد الله بن سنان، التي قال فيها الإمام الصادق×: «إذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنة، وكتبت عليه السيّئة، وعوقب؛ وإذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك؛ وذلك أنّها تحيض لتسع سنين»([64]).
ويُستفاد من هذه الرواية أنّ البنات في ذلك الزمان كنّ يحضنَ في سنّ التاسعة.
وبناءً على ذلك، ومع التوجُّه إلى الروايات، يمكن أن يُقال: إنّ معيار بلوغ البنات هو رؤية دم الحيض الذي ينزل عادةً في سنّ الثالثة عشر.
12ـ حقّ الأمّ في حضانة الولد إلى سبع سنين
من المسائل الفقهيّة الخلافيّة حقّ الحضانة والرعاية للأطفال الصغار.
والحضانة من الحضن، وهي كناية عن حفظ وتربية الأطفال، الذين تربّيهم الأمّهات في أحضانهنّ.
لا إشكال في كون حقّ الحضانة في البداية للأمّ، ولكنّ الاختلاف في منتهى هذا الحقّ.
فقد ذهب المشهور من العلماء المتأخِّرين إلى أنّ نهاية هذا الحقّ للأمّ هو عمر السنتين بالنسبة للذكور، وعمر سبع سنوات بالنسبة للإناث.
ولكنّ بعض الفقهاء المتقدِّمين قالوا بثبوت هذا الحقّ للأمّ إلى عمر سبع سنوات، سواءٌ كان الطفل ذكراً أم أنثى.
وقد اختار الأستاذ معرفت & هذا الرأي الثاني؛ لأنّه يعتقد بأنّ للأمّهات مع أولادهنّ حقّان قانونيّان وشرعيّان، وهما: حقّ الإرضاع؛ وحقّ الحضانة (تربية الطفل).
وبموجب إطلاق الآية: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (البقرة: 233) لا ينبغي أن تُحرم الأمّهات من أيّ حقٍّ لهنّ تجاه أولادهنّ، وأن يُؤذَيْنَ من خلال ذلك الحرمان.
وهذه الآية هي بمثابة التأسيس للأصل في مسألة علاقة الأمّهات بأولادهنّ.
وعليه ففي كلّ موردٍ يحصل لنا الشكّ في ثبوت حقّ للأمّهات في علاقتهنّ بأولادهنّ ـ سواءٌ كان ذلك الشكّ لفقدان الدليل، أم لتعارض الأدلّة ـ تمسّكنا بذلك الأصل، فضلاً عن التمسُّك بالاستصحاب.
وذلك أنّ الأمّ هي التي كانت تتعب في مرحلة تكوُّن الطفل منها، ولاسيّما أنّ الأب مع انفصاله عن زوجته، وزواجه بأخرى، لن يمكنه أن يعتني بأولاده السابقين العناية الكافية.
وفي بداية البحث تعرّض الأستاذ & إلى حقّ الرضاع الثابت للأمّهات إلى عمر السنتين، فإنّ الأمّ أحقّ من كلّ أحدٍ بإرضاع طفلها، وأشار إلى الآيات والروايات المرتبطة بهذا الحقّ([65]).
ثمّ تعرَّض لحقّ الحضانة، الذي يبدأ مع الأمّ، ويستمرّ إلى عمر السنتين، بلا خلافٍ بين الفقهاء في ذلك.
ولكنْ حصل الاختلاف في منتهاه، فقال كثيرٌ من الفقهاء المتأخِّرين: إنّ السنتين هما أيضاً حقّ الحضانة للأمّ بالنسبة للذكر، وعليه فهذا الحقّ ينتهي مع انتهاء حقّ الإرضاع، وأمّا بالنسبة للأنثى فيستمرّ إلى سبع سنوات.
أمّا الفقهاء المتقدِّمين فبعضُهم ذكر أنّ حقّ الحضانة للأمّ، سواءٌ بالنسبة للذكر أم الأنثى، يبقى ثابتاً لها ما لم تتزوَّج.
ومن جملة هؤلاء: الشيخ الصدوق (381هـ) في كتاب «المقنع»، وفي كتاب «من لا يحضره الفقيه» أيضاً([66])؛ وآخرون([67]).
ويقول الشيخ الطوسيّ: «إنْ كان الولد ـ سواءٌ كان ذكراً أم أنثى ـ طفلاً لا يميِّز ـ وسنّ التمييز إذا بلغ سبع سنين أو ثماني سنين إلى حدّ البلوغ ـ فالأمّ أحقّ به من أبيه، تربّيه وتحضنه.
وإنْ كان طفلاً يميِّز ـ وهو إذا بلغ سبع سنين أو ثماني سنين فما فوقها إلى حدّ البلوغ ـ فإنْ كان ذكراً فالأب أحقّ به، وإنْ كان أنثى فالأمّ أحقّ بها، وهذا هو الذي رواه أصحابنا (أي فقهاء الإماميّة)»([68]).
وفي مقامٍ آخر ذكر أنّ دليل هذا الأمر إجماعُ فقهاء الإماميّة، وأخبارُهم([69]).
ولكنّ ابن إدريس الحلّيّ (598هـ) في كتاب «السرائر» اعترض على الشيخ الطوسيّ بأنّه لا وجود للإجماع والروايات في هذا المقام([70]).
غير أنّ العلاّمة الحلّيّ (726هـ) دافع عن الشيخ الطوسيّ، وردَّ جواب ابن إدريس.
وكذلك تردّه فتوى الشيخ الصدوق، وابن الجنيد، والروايات التي استند إليها الشيخ الطوسيّ أيضاً([71]).
ويُقال: إنّ أوّل من رجّح القول بثبوت حقّ الحضانة للأمّ إلى السنتين بالنسبة للولد الذكر، وإلى سبع سنوات بالنسبة للبنت، هو المحقِّق الحلّيّ، صاحب «شرائع الإسلام»، ثمّ جاء الفقهاء المتأخِّرون عنه، فقبلوا هذه النظريّة، واعتبروا ذلك هو مقتضى الجمع بين الروايات، ومن أولئك: صاحب الجواهر([72])؛ والإمام الخمينيّ.
وأمّا السيد الخوئيّ فقال: الأَوْلى أن تكون حضانة الأمّ إلى سبع سنوات، سواءٌ كان الولد ذكراً أم أنثى([73]).
وقد خلص الأستاذ معرفت & ـ بعد نقله هذه الأقوال ـ إلى أنّ الروايات المتعلِّقة بهذا المطلب صريحةٌ في الإطلاق للذكر والأنثى، وبالتالي فإنّ أيّ نوعٍ من التفريق بين الذكر والأنثى هو جمعٌ تبرُّعيٌّ محضٌ، ولا شاهد عليه.
ولذا تعارض بين الروايات؛ فالروايات التي تعرَّضت لذكر السنتين ناظرةٌ إلى شؤون النظارة والإنفاق، الموجودة قبل السنتين وبعدها، ولكنّ الحاكمَ بعد السنتين هو إطلاق الآية: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا}.
وبناءً على ذلك فالروايةُ الصحيحةُ التي تعرَّضت لذكر سبع سنين مرتبطةٌ بمسألة الحضانة، ومتوافِقةٌ مع إطلاق الآية، وبالتالي فهي المرجِع في المسألة.
ثمّ قال: ينبغي أن نكرِّر ها هنا ما قاله صاحب «المدارك»، حيث قال: «والذي يقتضيه الوقوف مع الرواية الصحيحة أنّ الأمّ أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين مطلقاً»([74]).
إذاً حقُّ الحضانة للذكور والإناث ثابتٌ للأمّ إلى سبع سنوات ما لم تتزوَّج.
وقد قال الفيض الكاشانيّ: رواية السبع (أنّ حقّ الحضانة ثابتٌ للأمّ إلى سبع سنين) أكثر وأشهر.
ومضافاً إلى ذلك فهذا موافِقٌ لفتاوى القدماء أيضاً.
ويؤيِّد ذلك مرسلة الصدوق، والكلينيّ، حيث يسأل الراوي الإمام الصادق×: رجلٌ طلّق امرأته، وعنده أولادٌ، فأيّهما أحقّ بالأولاد؟ فقال: الأمّ ما لم تتزوّج([75]).
وأيضاً يؤيِّد هذا الأمر روايتان نبويّتان([76]).
الشيخ معرفت ونظرية أثر الزمان والمكان في الاجتهاد
الزمان والمكان بمعنى الأوضاع والأحوال الطارئة والحادثة في الزمان والمكان، والتي من شأنها أن تغيِّر موضوع الحكم الشرعيّ، وتغيُّر الموضوع موجِبٌ لتغيُّر الحكم الشرعيّ.
هذه المسألة من البحوث المهمّة عند الفقهاء، ويعيرونها اهتماماً خاصّاً، فإذا كان الاجتهاد هو الجهد لتحصيل الأحكام الشرعيّة فإنّ للزمان والمكان ـ بمفهومهما الكنائيّ المتقدِّم ـ الأثر الكبير في هذا الجهد والاستنباط.
قال الإمام الراحل [الخمينيّ] في هذا الشأن: الاجتهاد بتلك الطريقة (التقليديّة) صحيحٌ، ولكنّ هذا لا يعني أنّ الفقه الإسلاميّ ليس متحرِّكاً، فالزمان والمكان عنصران أساسيّان ومتعيِّنان في الاجتهاد، فقد يكون لمسألةٍ ما حكماً معيَّناً قديماً، ويظهر لنفس تلك المسألة، ضمن العلاقات السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، لنظامٍ ما حكمٌ جديدٌ، وهذا يعني بعد التعرُّف الدقيق على تلك العلاقات الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، أنّ الموضوع الثاني، الذي هو من حيث الظاهر لا يختلف عن الموضوع القديم، هو في الحقيقة موضوعٌ جديدٌ، ويتطلّب حكماً جديداً([77]).
إذاً الأوضاع والأحوال المؤثِّرة في تغيير الحكم، من قبيل: العُرْف، ومستوى (مظهر) الحياة العامّة للناس، والتقدُّم العلميّ والتكنولوجيّ، والمصالح والمفاسد، وغيرها، دخيلةٌ في تغيير الموضوع، وتغيُّر الموضوع سيؤدّي إلى تغيُّر الحكم.
وبما أنّ المصدر الأساسيّ لاستنباط الأحكام الشرعيّة هو الكتاب والسنّة يأتي البحث المتقدِّم، وهو كيف تكون هذه الأحكام الكثيرة، المتغيِّرة، والطارئة، قابلةً للاستنباط من هذه المصادر الثابتة؟
والجواب المناسب على هذا السؤال هو أن نجعل الاجتهاد في أيدي فقهاء الإسلام.
ويرى الأستاذ معرفت & في تحقيقه لهذه المسألة أنّ على الفقيه أن يكون مطَّلعاً، وملمّاً بشكلٍ كاملٍ بمجريات العصر، ويعرف ما للزمان والمكان من أثرٍ في عمليّة استنباط الأحكام الفقهيّة.
بدايةً قسّم & الأحكام الشرعيّة إلى قسمين: عبادات؛ ومعاملات.
واعتبر أنّ الحكم والموضوع في باب العبادات منوطٌ ببيان الشارع، وأنّه لا أثر للتاريخ وتغيُّر الزمان في تغيير الأمور العباديّة.
أمّا في قسم المعاملات (بالمعنى الأعمّ) فيرى أنّ الشارع المقدَّس قد أمر بكلّيّاتٍ، وأوكل للعرف تعيين الحدود والموضوعات.
والعُرْف بنظره هو نفس سيرة العقلاء، ولذا لا يختصّ بالمناطق الإسلاميّة، فمثلاً: الذي يتسالم عليه عقلاء العالم في الإجارة، والبيع، وعقد المضاربة، ينبغي أن يُتَّبع، والشارع المقدَّس يقول: العقود العقلائيّة التي تسالم عليها العقلاء، ولم يعتبروها سفهيّةً، أنا أقبلها.
ولذا فما نقوله من أنّ للزمان والمكان تأثيرٌ في الاجتهاد معناه أنّه لو كان شيءٌ ما موجوداً في عصر الشارع ـ مثلاً: كون عقد المضاربة قائماً على أساس النقدَيْن ـ الذهب والفضّة ـ الشائعَيْن في ذلك الزمان ـ فينبغي على الفقيه أن يطّلع على عُرْف هذا الزمان، ويطبِّق القواعد الشرعيّة على المضاربة المتعارَفة هذا اليوم، فإذا لم تكن المعاملة (المضاربة) سفهيّةً، ولا عن إكراهٍ، ولا نسيئةً بنسيئةٍ، ولا ربويّةً، ولا ضرريّةً، فحينها ينبغي أن يرى أنّ موضوع هذه المعاملة ممضىً من الشارع، سواءٌ كانت المعاملة بالذهب والفضّة أم بالعملة الورقيّة الرائجة في هذا الزمان.
ويعتقد& الأصل في المعاملات ـ بالمعنى الأعمّ ـ هو أن لا تعبُّد في العمل، بل الحكم فيها يدور مدار الملاك؛ فإمّا أن يُظهره الشارع؛ أو يسعى الفقيه للتعرُّف عليه([78]).
وللفقيه من قبل الشرع المقدَّس موقع النظارة على أعمال المجتمع، كي لا يقع في المجتمع ظلمٌ، أو تعدٍّ، أو حيفٌ، أو ميلٌ، أو إجحافٌ في العمل، وهذا مرتبطٌ بالتشخيص الواقعيّ للعُرْف.
والعُرْف هو أمرٌ مرتبطٌ بالزمان والمكان الخاصّين، يعني أنّ الزمان له مدخليّةٌ في تكوُّن الأعراف، ولذا لا يمكن أن نحدِّد الملاك اليوم وفق بعض الأعراف السائدة قبل مئة عامٍ.
يعني ليس للفقيه اليوم الحقّ في أن يرى كيف قيَّم الشيخ البهائيّ في كتابه «الجامع العبّاسيّ» بعض الأمور، وكيف حرَّم بعض الأمور، في ذلك الزمان، بل ينبغي له النظر إلى عصرنا ليرى أيّ الأمور تتوافق مع عُرْفنا، ويطبِّق عليها أحكام الشرع.
إذاً فللزمان والمكان الأثر المهمّ في ما يجري في العُرْف والعادة.
أمّا في باب العبادات فالأصل هو التعبُّد، وليس للزمان والمكان أيّ تأثير في ذلك.
وهنا يَرِدُ السؤال التالي: إذا لم يكن في المعاملات مكان للتعبُّد، وكان على الفقيه أن يسعى لاكتشاف ملاك الحكم، ويحكم على أساسه، أليس من طريقٍ لتقدير المصلحة في المعاملات، واكتشاف الملاك من خلالها، أو أنّ ما يدركه عقل الفقيه من المصلحة هو الملاك، الذي يدور مداره الحكم الشرعيّ؟
وقد أجاب الأستاذ& عن ذلك، فقال: لنفرض أنّ مسألة الربا من المسائل المشكلة في زماننا هذا، خصوصاً في المعاملات البنكيّة؛ فإنّ مسألة البنك من المسائل الاجتماعيّة والاقتصاديّة هذا اليوم، يعني لا يستطيع المجتمع أن يقف على قدمَيْه من دون البنك، وكذلك هي المعاملات بين الدول؛ لأنّ نظام الدنيا يتحرّك اعتماداً على البنك، والبنك نواةٌ مركزيّةٌ.
وبما أنّنا لم نوجِد البنك فلا نستطيع تغيير خصائصه، وعليه فلا ينبغي أن نسجِّل على أنفسنا نقطةً بأن نقول: إنّ اسمَه مضاربةٌ، وأمثال ذلك؛ لأنّ البنك محورٌ جاءنا به الأوروبيّون، وينبغي علينا أن نلتزم بخصائصه التي قرّروها، وإلاّ حُذفنا من الدنيا.
حتّى الآن صار مسلَّماً أنّ البنك ضرورةٌ اقتصاديّةٌ، وهو الأساس لكلّ الأمور الضروريّة في مجتمعنا، ومن هنا فإنّ علينا أن نسعى خلف العلاج الذي يخلِّصنا من الربا في البنك.
لو أنّنا نقول ـ مثل البعض ـ بأنّ مصلحة المجتمع تقتضي وجود الربا في البنك لقيل لنا: إنّ هذه المصلحة ليست مبرِّراً مقبولاً؛ لأنّها تتعارض مع الأحكام الشرعيّة.
ولكنّ الطريقَ ليس مقفَلاً، ونحن نسلك طريقاً آخر؛ لاكتشاف ملاك حكم تحريم الربا، وهو أنّ الربا الذي حرّمه الشارع إنّما هو الربا الجاري بين الأشخاص الحقيقيّين، وهو الربا الاستثماريّ، وبالنظر إلى خصوصيّة العناوين في الأحكام ينبغي النظر إلى أنّ الربا المتداوَل اليوم في البنك هل هو مشمولٌ لعنوان الاستثمار أم لا؟ هل في تلك المعاملة استثمارٌ؟
وبعبارة أخرى: الربا البنكيّ هو أصلاً لأجل وضع أموال الحائرين في العمل، وبسبب هذه الأموال يعمل مجموعةٌ من الأفراد، وتتحرّك عجلة الاقتصاد العالميّ، ومن جهة أخرى فليس هناك شخصٌ يعمل ويستثمر.
في الواقع إنّ عمل البنك اليوم إنّما هو «منّا وإلينا»، يعني لا يوجد في المعاملات البنكيّة الربويّة أيّ ملاكٍ من ملاكات الربا الذي حرّمه الشارع في الصدر الأوّل.
إذاً فلا وجه لحرمة هذه المعاملات البنكيّة الربويّة.
لذا ومن هذا الطريق نحلِّل ونجوِّز أخذ الفوائد البنكيّة بلا أيّ إشكال.
نعم، في هذه المسألة يوجد فرقٌ بين بنوك الدولة والبنوك الخاصّة([79]).
الهوامش
(*) باحث متخصص في الدراسات الفقهية.
([1]) حسن بن زين الدين العامليّ، معالم الدين: 22، قم، مؤسّسة النشر الإسلاميّ.
([2]) محمّد هادي معرفت، مقالة بعنوان: <فقه الشيعة، الخصائص والمميِّزات>، في <فصلنامه شيعه شناسى> [المجلّة الفصليّة <معرفة الشيعة>]: 4، السنة الثالثة، العدد 10، صيف 1384هش.
([3]) محمّد هادي معرفت: مقالة بعنوان: «فقه الشيعة، الخصائص والمميِّزات»، في <فصلنامه شيعه شناسى>: 5.
([4]) في إحدى جلسات درسه قال&: إذا كان الإجماع واقعيّاً فلا حاجة إلى دليل آخر، ولا يجرؤ أحدٌ على مخالفته، ولذا لو لم يكن الإجماع محتمل المدرك، وكان على خلاف أصل الاحتياط، فهو حجّة، إذاً إذا قال الفقهاء جميعاً بشيءٍ فهو حاكٍ عن الاتّفاق والإتقان، ويكون هو حكم الله، ولن يكون الفقيه متجاسراً، لأنّ المسألة تنتسب إلى الله.
([5]) محمّد هادي معرفت: مقالة بعنوان: «فقه الشيعة، الخصائص والمميِّزات»، في «فصلنامه شيعه شناسى»: 15ـ 16.
([6]) مثل آيات: ﴿أحلّ الله البيع﴾؛ ﴿تجارة عن تراض﴾؛ و﴿أوفوا بالعقود﴾.
([7]) محمّد هادي معرفت: مجلّه نقد ونظر: 25، السنة الثانية، العدد 5، 1374هش.
([8]) محمّد هادي معرفت: مقالة بعنوان: «فقه الشيعة، الخصائص والمميِّزات»، في «فصلنامه شيعه شناسى»: 17.
([9]) هذه المقالة نُشرت في «فصلنامه حكومت اسلامى» [المجلّة الفصليّة «الحكومة الإسلاميّة»]، العدد 4، صيف 1374هش.
([10]) نُشر حديث الأستاذ معرفت في هذا المجال في مجلّة «نقد ونظر»، السنة الثانية، العدد 5، شتاء 1374هش.
([11]) محمّد هادي معرفت: احكام شرعى: 9، قم، مؤسٍّة التمهيد الثقافيّة، 1382هش.
([13]) الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة: 4 320 و326.
([14]) محمّد هادي معرفت، احكام شرعى: 157.
([15]) وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}.
([16]) محمّد هادي معرفت: احكام شرعى: 93 ـ 94.
([27]) قراءة حفص هي القراءة المشهورة والشائعة بين المسلمين، وهي قراءة علماء الكوفة وما أحاط بها من البلدان، وقد تلقَّوها عن عليّ×.
([31]) توضيح المسائل (لجملةٍ من المراجع) 2: 607، قم، جامعة المدرّسين.
([32]) انظر: العّلامة الحلّيّ، مختلف الشيعة 9: 51 ـ 57، الطبعة الثانية، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ، 1413هق.
([33]) انظر: الحُرّ العامليّ، وسائل الشيعة 26: 201 ـ 203، الطبعة الثانية، قم، مؤسَّسة آل البيت^، 1414هق؛ محمّد هادي معرفت: احكام شرعى: 143.
([34]) محمّد هادي معرفت: احكام شرعى: 157.
([36]) المصدر نفسه: 110 ـ 111.
([44]) ألقى الأستاذ هذا البحث، وما سيأتي من الأبحاث ـ باستثناء بحث أثر الزمان والمكان في الاجتهاد ـ، قبيل وفاته في جمعٍ من طلاّب مرحلة الدكتوراه في الجامعة الرضويّة للعلوم الإسلاميّة، في مدينة مشهد المقدَّسة، وذلك بعنوان درس خارج في الفقه.
([45]) محمّد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 22: 273، تحقيق وتعليق: الشيخ عبّاس قوچاني، الطبعة الثانية، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1365هش.
([46]) مرتضى الأنصاري، المكاسب 3: 348 ـ 353، قم، مجمع الفكر الإسلاميّ، 1327هق.
([47]) حسين النوريّ: مستدرك الوسائل 13: 545، بيروت، مؤسَّسة آل البيت^، 1987م.
([48]) مرتضى الأنصاريّ، المكاسب 3: 353.
([49]) مرتضى الأنصاريّ، المكاسب 3: 349 ـ 370.
([50]) حسين النوري، مستدرك الوسائل 13: 230.
([51]) الكلينيّ، الكافي 7: 281، الطبعة الخامسة، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1363هش؛ الحُرّ العامليّ: وسائل الشيعة 29: 203.
([52]) المجلسيّ، مرآة العقول 24: 28، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1404هق.
([53]) الكلينيّ، الكافي 4: 139؛ الحُرّ العامليّ، وسائل الشيعة 10: 380.
([54]) الطوسيّ، الاستبصار 3: 26، الطبعة الرابعة، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1363هش؛ المجلسيّ، ملاذ الأخيار 7: 113، تحقيق: السيّد مهدي رجائي، قم، مكتبة السيّد المرعشيّ.
([55]) الكلينيّ، الكافي 4: 140؛ الحُرّ العامليّ، وسائل الشيعة 10: 380.
([56]) فخر المحقّقين، إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد 4: 80، قم، المطبعة العلميّة، 1387هق.
([57]) النجفيّ، جواهر الكلام 43: 27.
([58]) المجلسيّ، مرآة العقول 24: 28.
([59]) النجفيّ، جواهر الكلام 43: 26؛ الشهيد الثاني، مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام 2: 320، قم، مؤسَّسة المعارف الإسلاميّة، 1413هق؛ الخوئيّ، مباني تكملة المنهاج 2: 203، الطبعة الثانية، قم، العلميّة، 1396هق.
([60]) العلامة الحلّيّ، منتهى المطلب 1: 95 ـ 96، الطبعة الحجريّة.
([61]) الطوسيّ، المبسوط 1: 266، تحقيق: السيّد محمّد تقي كشفي، طهران، المكتبة الرضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة، 1387هق.
([62]) وسائل الشيعة 19: 363، باب 44 من كتاب الوصايا، ح 8.
([63]) وسائل الشيعة 1: 45، باب 4 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 12.
([64]) وسائل الشيعة 19: 365، باب 44 من كتاب الوصايا، ح 12.
([65]) البقرة: 233؛ وسائل الشيعة 21: 471؛ النجفيّ، جواهر الكلام 31: 280 ـ 281.
([66]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه 3: 275، تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاريّ، الطبعة الثانية، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ.
([67]) العلامة الحلّيّ، مختلف الشيعة 7: 306؛ ابن فهد الحلّيّ، المهذَّب البارع 3: 426، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ، 1407هق؛ البحرانيّ، الحدائق الناضرة 25: 88، قم، جامعة المدرِّسين، 1377هش.
([68]) الطوسيّ، المبسوط 6: 39؛ الطوسيّ، الخلاف 2: 335، الطبعة الثانية، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ.
([69]) الطوسيّ، الخلاف 2: 335؛ العلامة الحلّيّ، مختلف الشيعة 7: 306.
([70]) ابن إدريس الحلّيّ، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 2: 653، الطبعة الثانية، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ، 1410هق.
([72]) جواهر الكلام 31: 290 ـ 292.
([73]) الخوئيّ، منهاج الصالحين 2: 282، الطبعة الثامنة والعشرون، قم، نشر مدينة العلم، 1410هق.
اتّفقت المذاهب الأربعة لأهل السنّة على أنّ حضانة الأولاد ـ الذكور منهم والإناث ـ هي حقٌّ للأمّ، ومن بعدها للجدّة للأمّ، ولكنّها اختلفت في مدّة الحضانة؛ فقالت الحنفيّة بأنّ مدّة الحضانة للصبيّ إلى سبع أو تسع سنوات، وللبنت إلى تسع سنوات أو إلى زمن الحيض؛ وذهبت المالكيّة إلى أنّ مدّة الحضانة للصبيّ إلى وقت بلوغه، وللبنت إلى وقت زواجها؛ وذهبت الشافعيّة إلى أن لا مدّة معيَّنة لذلك، بل إنّ حقّ الحضانة للأمّ إنّما هو إلى وقت بلوغ الولد ـ الصبيّ أو البنت ـ القدرة على التمييز، وحينَها يختار البقاء مع أبيه أو أمه، وأمّا الحنابلة فذهبوا إلى أنّ مدّة الحضانة إلى سبع سنوات بالنسبة للصبيّ، ثمّ يختار بعدها البقاء مع أبيه أو أمّه، وأمّا مدّة الحضانة بالنسبة إلى البنت فإلى سبع سنوات، وتُلزَم بعدها بالبقاء مع أبيها. (الفقه على المذاهب الأربعة 4: 596 ـ 600).
([74]) السيّد محمّد العاملي، نهاية المرام 1: 468، قم، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ، 1413هق.
([75]) ينقل الكلينيّ ما يلي: سُئل أبو عبد الله× عن الرجل يطلِّق امرأة وبينهما ولد أيّهما أحقّ بالولد؟ قال×: المرأة أحقّ بالولد ما لم تتزوّج (الكلينيّ، الكافي 6: 45).
([76]) قال النبيّ الأكرم’: الأمّ أحقّ بحضانة ابنها ما لم تتزوّج (حسين النوري، مستدرك الوسائل 25: 164).
وأيضاً نُقل أنّه’ قال للمرأة التي طلّقها زوجها وكان يريد أن يأخذ منها ولدها: أنتِ أحقّ به ما لم تنكحي (مستدرك الوسائل 25: 164).
([77]) الخمينيّ، صحيفه نور 21: 98، الطبعة الأولى، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ، طهران، 1362هش.