(a) 6ـ 3ـ «إذاعة البشائر»
«إذاعة البشائر» إذاعة رساليّة ثقافيّة شبابيّة اجتماعيّة هادفة، تسعى إلى بثّ الأفكار والقيم والمعارف، ونشر المبادئ الإنسانيّة الحقّة، بما تشتمل عليه من ثقافة ومفاهيم وأخلاق؛ بغية تقديم المفيد، والتعريف بأهمّيّة الثقافة الملتزمة والرزينة. ولأجل ذلك تعمل على تظهير الأفكار الحضاريّة والمبادئ السامية من خلال أثيرها الإذاعيّ الحيّ، الذي ينسجم وروح العصر، ومن خلال أداءٍ يعتمد أفضل الوسائل والتقنيّات الفنيّة والبشريّة المساعِدة على ذلك.
تطمح «إذاعة البشائر» إلى الإسهام في بناء جيل شبابيّ يحمل المبادئ والقيم والأخلاقيّات السامية. وهي تعمل على نشر رسالتها عبر تقنيّات الحوار المنفتح على جميع المعارف النافعة، وكذلك بواسطة منهجيّة برامجيّة تؤكِّد على الجدّيّة والجاذبيّة في وسائلها.
وتحاول الإذاعة العمل على عدّة نقاط:
1ـ الدخول إلى كلّ منزل في لبنان، وإنْ أمكن خارج لبنان.
2ـ التواصل مع المستمعين من خلال البرامج المباشرة وغير المباشرة.
3ـ تعزيز الثقة بين اللبنانيّين من ضمن دائرة الانتماء الوطنيّ.
4ـ إيصال المعارف النافعة والهادفة من خلال البرامج الإنسانيّة والثقافيّة والاجتماعيّة المنوَّعة.
5ـ المساهمة بقوّة في مواجهة مسخ الهويّة للجيل الشبابيّ الناشئ.
6ـ تقديم بديل مناسب للإعلام الفارغ المضمون.
7ـ اعتماد عدد واسع من البرامج الترفيهيّة الهادفة والمفيدة والمسلِّية.
8ـ إذاعة البرامج ذات المضمون الفكريّ والثقافيّ الرفيع، عن طريق بثّ الأفكار والمفاهيم التي ترسّخ القوّة في الشخصيّة الملتزمة، وتؤكد موقعيّتها وثقتها بقدرتها وإمكاناتها في المحيط الاجتماعيّ والثقافيّ والإنسانيّ العامّ.
(b) 6ـ 4ـ «جريدة بيِّنات»
استكمالاً للدور الثقافيّ والفكريّ الإسلاميّ على المستوى الإعلاميّ، تمّ إصدار أسبوعيّة «بيِّنات»، التي تركّز على القضايا الإسلاميّة الحيويّة العامّة، والتي تهمّ الشرائح الاجتماعيّة المتنوِّعة على حدٍّ سواء. ويُحاوَل من خلالها الإضاءة على الرؤية الإسلاميّة الواعية والمرتكزة على الأصالة الفكريّة للإسلام الحنيف.
(c) 6ـ 5ـ «قناة الإيمان»
وقد افتُتحت مؤخَّراً ـ وبعد رحيل المرجع فضل الله& ـ قناة فضائيّة باسم «قناة الإيمان». ولا زالت في مرحلة البثّ التجريبيّ. ونرجو لهذه القناة أن تكون منبراً للفكر الحرّ والواعي والمنفتح على قضايا الإسلام الكبرى؛ لتكون نموذجاً يُحتذى في نشر فكر وتعاليم أهل البيت^، في إطار حضاريّ معاصر، بعيداً عن كلّ أشكال الخرافة والجهل والتخلُّف.
(d) العلاّمة فضل الله& والعلاقات السياسيّة
(e) 1ـ علاقة السيد فضل الله بالسيد موسى الصدر
مذ عاد إلى لبنان انفتح السيد فضل الله على كافّة الأطياف الإسلاميّة. ومن الطبيعيّ أن يرتبط بعلاقة وثيقة بالسيد المغيَّب موسى الصدر، الذي كان قد أخذ على عاتقه ـ بعد فترة من العمل السياسيّ والاجتماعيّ ـ تنظيم البيت الشيعيّ من الداخل، فكان تأسيسه لـ «المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى». غير أنّ أسلوب السيد فضل الله ـ على حدّ تعبيره& ـ لم يكن أسلوب المجالس الرسميّة، وهكذا لم يشارك في جلسة الانتخاب في المجلس الشيعيّ، فلم يَنتخِب ولم يُنتخَب([1])، مع احتفاظه لنفسه ببعض الإشكالات على فكرة تأسيس المجلس، حيث أثار قيامه جوّاً مشحوناً بالتعقيد والخلافات بين علماء الدين في الطائفة الشيعيّة، فضلاً عن الخلافات السياسيّة، كما أنّ إنشاء مجلس ملّيّ خاصّ بطائفة ـ وهو ضروريٌّ لئلاّ تضيع حقوق هذه الطائفة؛ نظراً للتركيبة الطائفيّة في لبنان ـ سيكون عائقاً يحول دون توحُّد السنّة والشيعة في مجلسٍ إسلاميٍّ واحد، لتنمو مسألة انفصال الشخصيّة الإسلاميّة الشيعيّة عن الشخصيّة الإسلاميّة السنّيّة([2]).
(f) 2ـ علاقة السيد فضل الله بالمقاومة الإسلاميّة في لبنان ـ حزب الله
مستلهماً من سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين× تصدّى السيد فضل الله لمحاربة الظلم بكلّ أبعاده، والوقوف في وجه الظالمين، أيّاً كانوا، وأيّاً كانت قوّتهم وجبروتهم المادّيّة.
وإنّه لمن الظلم الكبير أن تُحتلّ أرضٌ، ويُطرد منها أهلها الآمنون المستضعفون. وهذا ما حصل في فلسطين، وبعض الدول العربيّة المجاورة لها، ومنها: لبنان.
فقد احتلّت إسرائيل قسماً كبيراً من لبنان، حتّى أنّها وصلت إلى العاصمة بيروت. وهنا ـ وعلى خطى سلفه الصالح السيد المغيَّب موسى الصدر ـ فجَّرها السيدُ فضل الله ثورة مسلَّحة في وجه العدوان والطغيان، فكانت المقاومة الإسلاميّة في لبنان ـ حزب الله، فجَّرها بخطاباته الناريّة الداعية إلى مقاومة الاحتلال في كلّ مكان، وبكلّ الوسائل الممكنة. واستمع لدعوته ثلّة قليلة من الأحرار والأخيار والأبرار، فودَّعوا الأهل والعيال وهذه الدنيا الفانية، وأوتدوا في الأرض أقدامهم، وأعاروا الله جماجمَهم، ورمَوْا بأبصارهم أقصى فلسطين المحتلّة، وساروا على بركة الله، وكانت المقاومة.
هكذا بدأ عصر المقاومة المسلَّحة للاحتلال، من بيروت إلى صيدا، وخرج المحتلّ مقهوراً ومدحوراً من الجزء الأكبر الذي احتلّه، ليستقرّ في ما كان يُعرف بـ «الشريط الحدوديّ المحتلّ» في جنوب لبنان.
وكيف يهدأ للسيد ابنِ الجنوب بالٌ والجنوبُ لا زال محتلاًّ، وفلسطينُ لا زالت أسيرة بيد الصهاينة الغزاة. وتابع الدعوة إلى الجهاد. ولبّى النداء ﴿رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾. واستمرّ الجهاد موجَّهاً ومبارَكاً من المرجع الراحل&، الذي لم تخلُ خطبة من خُطَبه من دعمٍ وتأييدٍ للمجاهدين، والدفاع عنهم. وكان النصر المؤزَّر عام 2000م، وخرجت إسرائيل من الجنوب اللبنانيّ، ما خلا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وبقي الظلمُ والقهرُ الإسرائيليّان للإنسانيّة قائمَيْن، فلا زال لنا في السجون الإسرائيليّة أسرى ومعتقلون، من النساء والرجال. واستمرّت الدعوة إلى الجهاد من جديدٍ؛ لتحرير الأسرى. وتشاء الحكمة الإلهيّة أن يكون على رأس قيادة المقاومة الإسلاميّة ـ حزب الله تلميذٌ بارٌّ من تلامذة السيد فضل الله، ممَّنْ سمع دروسه ومواعظه وخُطَبه الجهاديّة فوعاها حقّاً حقّاً، عنيتُ به السيد حسن نصر الله حفظه الله. وكان الوعدُ الصادق: سيتحرَّر الأسرى والمعتقلون جميعاً بسواعد المجاهدين في حزب الله، في القريب العاجل بإذن الله، فـ «نحنُ قومٌ لا نترك أسرانا ومعتقلينا في السجون»([3]).
وصدق السيد نصر الله في وعده، وكانت عمليّة الوعد الصادق، وأَسَر المقاومون البواسل اثنين من جنود الاحتلال الصهاينة في 12 تموز 2006م. وصمت الكثيرون، فهذه إسرائيل بجبروتها مصمِّمة على فكّ أسر جنودها. ومَنْ يجرؤ على الوقوف في وجه إسرائيل؟ ويعيد الزمن نفسه، فقد قالها المسلمون من قبلُ لرسول الله|: «إنّها قريش، ما ذلَّتْ منذ عَزَّتْ، فما لنا ولها؟! غير أنّ لرجال الله وأتباعِ عليّ× حساباً آخر. وحده السيدُ فضل الله وتلامذتُه هم رجالُ الأوقات الصعبة. السيد حسن نصر الله يعلن للعالم كلّه أن «لو جاء العالم كلُّه فلن يستطيع فكاك أسر هذين الجنديّين إلاّ من خلال عمليّة تبادل». وينبري السيد فضل الله مؤيِّداً وداعماً ومبارِكاً ومهنِّئاً بتلك العمليّة البطوليّة النوعيّة. إذاً هي شرعيّة مئة بالمئة، فامضِ يا سيّد المقاومة على اسم الله:
فإن نَهْزِم فهزّامون قِدْماً وما إنْ طِبُّنا جبنٌ ولكنْ فلو خَلُد الملوكُ إذاً خَلُدنا فقُلْ للشامتين بنا أفيقوا |
1 | وإنْ نُهْزَم فغيرُ مهزَّمينا منـايــانــا ودولة آخــريــنـا ولو بقي الكرامُ إذاً بقينا سيلقى الشامتون كما لقينا |
وهكذا كانت حرب تمّوز 2006م. وبدأت الحكومة الصهيونيّة بكلّ جبروتها وإمكاناتها البرّيّة والبحريّة والجويّة حرباً طاحنة على لبنان، ولا سيّما خزّان المقاومة «ضاحيّة بيروت الجنوبيّة الأبيّة»، وبدأت الأبنية تتساقط جرّاء القصف الجوّيّ والبحريّ العنيف والمركَّز. وصمد السيد فضل الله في الضاحية ـ ولم تكن هي المرّة الأولى له في الصمود، فقد صمد في حرب تمّوز 1993م، وفي حرب نيسان 1996م ـ، بل إنّه خرج إلى صلاة الجمعة في مسجد الإمامَيْن الحسنَيْن‘، ولم يكن في المسجد سوى بضعة أشخاص، وسمع الناس صوت مرجعهم وقائدهم يخطب في المسجد، وتسارعوا إليه، يلوذون به، ويشحذون هممهم بنصائحه وتوجيهاته ـ كما كان حال المسلمين مع رسول الله|، حيث يقول الإمام عليٌّ× فارسُ الإسلام: «كنّا إذا اشتدّ الوطيس، والتحم الخميس، لُذْنا برسول الله|» ـ. غير أنّ مسار الحرب وظروفها وأخطارها ألجأه إلى مغادرة مقرّه في مسجد الإمامَيْن الحسنَيْن‘ في الضاحية الجنوبيّة. ويأبى السيد فضل الله النأيَ عن المجاهدين وأحوالهم وأخبارهم، وعن الناس المهجَّرين والصامدين والثابتين على الموقف الحقّ، فكان يخاطبهم من مقرّ إقامته بين فترة وأخرى، شاحذاً الهمم، واعداً بالنصر، فكان لخطاباته وتوجيهاته وقعٌ طيِّبٌ في النفوس والعقول. وهكذا خرج لبنان الشعب والمقاومة منتصراً بعد 33 يوماً من القصف الوحشيّ والهمجيّ.
(g) بكاء السيد حسن نصر الله لوجع العلاّمة فضل الله
«يقول الحاج هاني عبد الله مستشار السيد محمد حسين فضل الله، في حديثٍ سابقٍ له إلى جريدة الأخبار اللبنانيّة، عن الزيارة الأخيرة التي قام بها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إلى العلامة المرجع فضل الله في المستشفى، في تشرين الثاني من العام 2009م: عندما أُدخل المرجع الراحل إلى مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت ـ وكان يومها مريضاً جدّاً ـ زاره السيد نصر الله مطمئنّاً إلى صحّته، فما كان من السيد فضل الله إلاّ أن بادره بالقول: لِمَ أتيتَ؟ كيف تعرّض نفسك للخطر؟ فأجابه: هذا واجبي.
ويضيف: إن السيد فضل الله كان مريضاً جدّاً ومتألِّماً، وقد لاحظ السيد نصر الله الأمر، فغصّ بدموعه، حتّى لم يَعُدْ قادراً على مجاراة الحديث. هذا اللقاء أعاد إلى الأذهان اللقاء الوحيد في أيام العدوان الإسرائيليّ على لبنان في حرب تموز 2006م، حيث قام السيد نصر الله بزيارة السيد فضل الله، الذي كان يرفض هذه الزيارة؛ خوفاً على حياة ابنه الروحيّ، لكنّ السيد نصر الله أصرَّ حينها على اللقاء، وقد تعانق فيه الرجلان لمدّة طويلة في مشهد مؤثِّر، كما يرويه مقرَّبون»([4]).
(h) الانفتاح والاستقلاليّة
وهنا يتساءل البعض: هل يُعقل أنْ لا يكون للمرجع فضل الله& علاقة تنظيميّة بحزب الله؟
والجواب بكلّ بساطة: نعم، فإنّ السيد فضل الله لا يطيق العمل في دائرة خاصّة مهما اتّسعت. فهو يحبّ الفضاء الرحب الذي ينفتح على كلّ آفاق الحرّيّة. ومن هنا لم يقصِر نفسه يوماً على تنظيم أو حزبٍ أو مجلسٍ أو حركة أو جبهة أو فئة أو طائفة، وإنّما تحرّك مستقلاًّ حُرّاً عالِماً مفكِّراً مجدِّداً مصلحاً، يلقي ما يراه من الأفكار، ولا يُلزِم أحداً باتّباعها، فيسمعُها الناس جميعاً، المسلم وغيره، واللبنانيّ وغيره، فمَنْ اقتنع بها، وروت ظمأ نفسه إلى المعرفة والحقيقة، اتّبعها، وأحبّ صاحبَها، ومن لم يقتنع بها فذاك خيارُه، ويبقى صدرُ العلاّمة فضل الله مفتوحاً له على مصراعَيْه للنقاش العلميّ الموضوعيّ الهادئ، بعيداً عن الإثارات الغوغائيّة، والحساسيّات العصبيّة والمذهبيّة. وهكذا أطلق أفكاره منذ البداية، فتلقّاها بالقبول والرضا والعمل ثلّة من المؤمنين، شكّلوا في ما بعدُ ما بات يعرف اليوم بـ «حزب الله». فأيّة علاقة تنظيميّة للسيد فضل الله بهم؟!
(i) 3ـ علاقة السيد فضل الله بالثورة والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران
وبهذه العقليّة المنفتحة والروح الحرّة ارتبط السيد فضل الله بالثورة الإسلاميّة المباركة في إيران، بقيادة الإمام الخمينيّ&، فأيّد الثورة وقائدَها، ودافع عنها في كلّ محفِل وفي كلّ مناسبة. ومن هنا كان الاحترام والتقدير الكبير من الإمام الخمينيّ ـ وهو العارف بالرجال ومؤهِّلاتهم ـ للعلاّمة المرجع فضل الله&. يقول نجلُ الإمام السيد أحمد الخمينيّ&: «كان والدي يستقبل الناس، وله أوضاع مختلفة؛ فمنهم مَنْ يضع له يده على صدره وهو جالسٌ؛ ومنهم مَنْ يقوم له ربع أو نصف قيام؛ ومنهم مَنْ يقوم له من مجلسه، إلاّ السيد محمد حسين فضل الله، فإنّ والدي كان يقوم من مجلسه ويستقبله عند باب الدار، وهذا خيرُ دليل على قيمته»([5]).
وتابع السيد فضل الله نهجه في دعم الثورة الإسلاميّة المباركة، أو فقُلْ: الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة، فرغم أنّه لم يكن في يوم من الأيّام التابع لها، أو المتأثِّر بتوجيهاتها إذا لم يكن مقتنعاً بها، غير أنّه كان يخاف عليها خوف الأمّ على ولدها، فلم يكن يرضى أن ينالها سوءٌ أو ضعفٌ أبداً.
(j) 4ـ مجزرة بئر العبد
ولمّا كان السيد فضل الله& يشكِّل المخرز في عين المحتلّ الغاصب، والسدّ المنيع أمام مؤامرات الشرق والغرب على الإسلام وأهله، فقد قرّرت دوائر استخبارات أمريكيّة وغربيّة وعربيّة التخلُّصَ منه، فكانت المحاولة الفاشلة لاغتياله قريباً من بيته، وبُعَيْد خروجه من صلاة الجماعة يوم الجمعة في مسجد الإمام الرضا× في بئر العبد ـ وذلك بعد محاولات أخرى فاشلة من قبل مجموعات مسلَّحة لبنانيّة وغير لبنانيّة ـ، فكانت مجزرة بئر العبد التي ذهب ضحيّتها ما يزيد على 100 شهيد وشهيدة، وفيهم الشيوخ الكبار والأطفال الرضَّع، وهذه هي حضارة أمريكا والأعراب.
ونجا السيد فضل الله؛ بقضاء الله وقدره ودعاء محبّيه. وازدادت علاقة الجماهير المؤمنة به، وهو يجسِّد سيرة الأنبياء والأوصياء والأولياء وعباد الله الصالحين.
(k) العلاّمة فضل الله في سدّة المرجعيّة
بعد وفاة عددٍ من مراجع التقليد في النجف الأشرف وقم المقدَّسة أخذت عقولُ المؤمنين وقلوبُهم تبحث عن مرجعٍ يعيش واقعهم وهمومهم، ويعرف متطلَّباتهم في عصرهم هذا، ووجدوا ذلك كلَّه في السيد فضل الله، فاختاروه مرجعاً للتقليد، وقائداً في الحياة، وكانوا له أتباعاً وأنصاراً ومريدين، نهلوا من علمه، وترعرعوا في مجلسه، وساروا على هَدْيه، ويحفظون خطَّه ونهجَه إنْ شاء الله.
(l) 1ـ الأخلاق الرفيعة
ونالت يدُ الغدر القريبة من المرجع فضل الله& ما لم تنلْه يدُ الأبعدين:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة | 1 | على المرءِ من وَقْع الحسام المهنَّدِ |
فجُرح قلبُه وفؤادُه من غوغائهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم، غير أنّه سار على بركة الله، سليمَ العقل، طاهرَ الروح، نقيَّ النفس، قويَّ المنطق، مزداناً بالخلق الرفيع، وشيم آبائه الصالحين، محمّدٍ وآله الطاهرين.
(m) 2ـ العقلانيّة
لم تخرجه كلّ الافتراءات والأكاذيب والحملات المشبوهة التي تعرّض لها عن قول الحقّ والصدق وما يؤمن به، من ضرورة أن نعرض الإسلام وتعاليمه في قالبٍ من العقلانيّة والمنطقيّة، وأن نقدّم الأنبياء والأوصياء^ ـ ولا سيّما النبيّ الأكرم| وأهل البيت^ ـ للعالم كلِّه في أبهى صور السموّ العقليّ والروحيّ والأخلاقيّ، ووفق المنطق القرآنيّ، الذي يصوِّرهم بشراً مطيعين لله، أحبُّوه فأحبَّهم، وأفاض عليهم رحمة وبركة وعلماً وفهماً وحكمة، وهذا ما يتفهَّمُه العقل السليم، بعيداً عن كلّ ما أُلصق بالإسلام وتعاليمه، وأنبياء الله وأوصيائهم، ونُسب إليهم، من صفاتٍ وأحوالٍ وأقوالٍ هي أقرب إلى الخرافة والأساطير والأوهام والغلوّ منها إلى الحقيقة والواقع.
(n) 3ـ البدران النيِّران: الخامنئي وفضل الله
لقد قلتُ، وأُصِرُّ على ما قلتُه: إنّ ما تعرّض له سيّدنا الأستاذ السيد محمد حسين فضل الله& هو حملاتٌ مشبوهة، وهو حلقة في سلسلة المؤامرة الكبرى على الخطّ الجهاديّ، ورموز الإسلام الحركيّ ـ حسب تعبير السيد فضل الله ـ، والإسلام المحمّديّ الأصيل ـ حسب تعبير الإمام الخمينيّ ـ.
فلقد أزعج الكثيرين أن يرَوْا في سماء الأمّة الإسلاميّة بدرَيْن نيِّرَيْن، عنيتُ بهما السيد محمد حسين فضل الله& في لبنان وقائد الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران السيد عليّ الخامنئيّ حفظه الله، ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(النور: 35)، يديران دفّة الفُلْك الإسلاميّة الجارية بأمر ربّها في بحرٍ لجّيٍّ متلاطم الأمواج، أمواج الجهل والتخلُّف والخرافة والغلوّ والعصبيّة المذهبيّة المقيتة.
نعم، «وجد المغرضون أنّ المرجعيّة الحركيّة الواعية ستمتلك هذه المرّة قوّة هائلة؛ فالتقارب الفكريّ والسياسيّ واضحٌ بين السيّدَيْن الخامنئيّ وفضل الله، وهما متَّحدان في التوجُّهات الاستراتيجيّة، والوعي الحركيّ، والنظرة الشموليّة لمشاكل الأمّة، والفهم الدقيق لموقع الإسلام في معركته الحضاريّة ضدّ قوى الاستكبار. كلّ هذا يعني أن الاتّجاه الحركيّ في المرجعيّة سيكون هو الغالِب في عالم الشيعة. وهذا يعني في المقابل أنّ الاتجاه التقليديّ سينحسر في القريب»([6]).
نعم، إنّ التقارب الفكريّ والسياسيّ للسيّدَيْن الجليلَيْن لا يخفى على ذي عينَيْن، فهما معاً في حركة التجديد الفقهيّ والأصوليّ والمنهجيّ، ومعاً في الدعوة إلى الوحدة بين المسلمين كافّة، بعيداً عن السباب والشتائم، وعن التكفير والتفسيق والتضليل. ألم يُفتِ السيد القائد الخامنئيّ حفظه الله بثبوت الهلال بالعين المسلَّحة؟ وهذا مخالفٌ للمشهور عند «علماء الشيعة».
وكان السيد فضل الله& قد أفتى من قبلُ بثبوت الهلال إذا أخبر الفلكيّون الخبراء والموثوقون بإمكانيّة الرؤية ـ ولو بالعين المسلَّحة ـ. وأنا أعتقد أنّا سنشهد قريباً جدّاً اليومَ الذي يفتي فيه المرجع القائد الخامنئي بذلك أيضاً.
ألم يُفْتِ السيد القائد الخامنئيّ حفظه الله بحرمة سبّ الصحابة وأمّهات المؤمنين «زوجات النبي|»؟ وكان السيد فضل الله& قد سبقه إلى ذلك منذ أكثر من عشر سنين.
ألم يُفْتِ السيد القائد الخامنئيّ حفظه الله بحرمة التطبير (ضرب الرؤوس بالسكاكين والسيوف)؟ وقد أفتى السيد فضل الله& بحرمة التطبير أيضاً، وحرّم كذلك ضرب الجسد بالسلاسل والجنازير، المشفَّرة وغير المشفَّرة.
إذاً هما في خطٍّ فكريٍّ واحد. ولو قُدِّر لهما أن يمسكا بزمام الأمور في هدوء بالٍ، وتنسيقٍ مستمرٍّ، وتواصلٍ دائمٍ، لكانت الأمّة على غير ما هي عليه الآن، ولكنّ بعض الموتورين المعتوهين قرَّروا أن ينالوا منهما على حدٍّ سواء:
فكان ما كان ممّا لستُ أذكُرُه | 1 | فظُنَّ [شرّاً] ولا تسأل عن الخَبَرِ |
وتجذَّر الخطّ الواعي في الأرض ﴿كَشَجَرَة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾(إبراهيم: 24 ـ 25)، وذاع صيته في الآفاق، وكانت صدارة المرجعيّة للسيدَيْن الجليلَيْن القائد والمرجع الخامنئيّ حفظه الله والمرجع فضل الله&، ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى ﴾، ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً﴾(طه: 61، 111).
(o) 4ـ المصداقيّة والجرأة
لقد كلّفته مصداقيّته في طرح أفكاره والمبادئ التي يؤمن بها الكثيرَ من العناء والتعب وتحمُّل الأذى في ذات الله، فكان رَجُلاً ـ لا شبهَ رَجُل ـ، وثبت على مواقفه كلِّها، تزول الجبال ولا يزول. وسيحفظ التاريخ أنّه ـ وكما اقتلع الجدّ أمير المؤمنين عليّ× باب حصن خيبر ـ اقتلع الحفيد المرجع فضل الله& بكلّ عزمٍ واقتدار بابَ حصن الفساد والتخلُّف والخرافة والغلوّ؛ ليفتح للناس كلِّهم باب الإصلاح والتجديد والواقعيّة والحقيقة على مصراعَيْه، صامداً في وجه الرياح العاتية، ولسان حاله: «يا جَبَلْ مَا يْهِزَّكْ رِيحْ».
(p) 5ـ القدرة على التخطيط
امتاز المرجع فضل الله& بقدرة فائقة على التخطيط واستشراف المستقبل، فكان يُعِدّ لكلّ مرحلة عُدَّتها، ويعيش المرونة التي تتطلّبها كلُّ مرحلة، دون أن يتخلّى عن المبادئ التي يؤمن بها.
وهكذا أنشأ المؤسَّسات الخيريّة الاجتماعيّة والثقافيّة والعلميّة والدينيّة، وصولاً إلى مشروعه التجديديّ الفريد، ألا وهو تحويل المرجعيّة الدينيّة إلى مؤسَّسة، يحضر فيها علماء الدين ذوو الكفاءات العالية، فيتدارسون ويتباحثون ويتناقشون بروح علميّة موضوعيّة وجادّة، وكلُّهم أملٌ وشوقٌ للوصول إلى الحقّ والحقيقة، فيستحقّون آنذاك فَيْضَ الله، ويكون الحكم الشرعيّ النهائيّ بما تُفرِزُه تلك الجلسات.
غير أنّ هذا المشروع لم يُبْصِر النور، ولا أعتقد أنّه سيُبصِر النورَ قريباً، بل سيبقى ينتظر الفارس المغوار الذي يفرضه أمراً واقعاً، ولو كره الكثيرون.
(q) 6ـ همّة ونشاط
عرفتُه شخصيّاً منذ كنتُ صغيراً يافعاً في السادسة من العمر، وكنتُ أتردَّد برفقة والدي(حفظه الله ورعاه) إلى مسجد الإمام الرضا× في بئر العبد في كلّ يوم جُمُعة للاستماع إلى خطبته، ثمّ أداء صلاتي الظهر والعصر بإمامته، فلم يكن لينقطع عن الحضور يوماً، إلاّ حين كان يزور الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، أو في مواسم الحجّ. وكبرتُ فازددتُ له حبّاً، وأنا أراه يقرن القول بالعمل، فكان القدوة والأسوة. فلازمتُه في كافّة دروسه ومحاضراته وخطاباته، يُفسِّر ـ وهو المرجع الدينيّ الكبير ـ القرآنَ مساءَ كلِّ ثلاثاء، ويَعِظُ الناس مساءَ كلّ خميس، ليقرأ لهم بعد ذلك دعاء كميل بصوته الشجيّ الرقيق، فيبكي ونبكي جميعاً من خشية الله وطلباً لغفرانه، ويخطب ظهرَ يوم الجمعة، ويعِظُ ظهرَ يوم الأحد، بالإضافة إلى محاضراته الفكريّة وندواته التربويّة وخطاباته الدينيّة ـ السياسيّة، في المحافل كافّة، الإسلاميّة وغير الإسلاميّة، للعامّة والخاصّة، بمَنْ فيهم النخب والجامعيّون. وهكذا تتوالى الليالي والأيّام، فإذا جاء شهر رمضان، شهرُ الله، واظب على الحضور يوميّاً إلى المسجد، ليصلّي الظهر، ثمّ يشرح للناس تراث أهل البيت^، كأدعية الصحيفة السجّاديّة، أو خطب أمير المؤمنين ووصاياه، أو خطبة رسول الله- في استقبال شهر رمضان، وغيرها، ثمّ يصلّي العصر، ويقرأ بصوته الشجيّ الدافئ جملة مقاطع من أدعية شهر رمضان وغيرها، وهكذا كان يجعل من شهر رمضان شهراً لبناء الذات والنفس والروح.
وهو مع ذلك كلّه لا يهدأ ولا يفتُر عن استقبال الناس؛ لحلّ مشاكلهم؛ وعقد القِران، والجواب عن سؤال، ثمّ ينطلق إلى المسجد في كلّ وقت صلاة يؤمّ المصلّين، ويقرأ لهم المناجاة.
هكذا كان&، طاقة هادرة لا تعرف السكون. وشعارُه المرفوعُ دائماً: الراحة عليَّ حرام. فمَنْ مثلُه؟! فاعرف أيّها القارئ الكريم كَمْ هو حجمُ الفاجعة بغيابه.
(r) 7ـ رجل الحوار والمحبّة والسلام
لم يكن المرجع فضل الله& رجل العنف والإرهاب والقمع الفكريّ، وإنّما كان يؤمن بالحوار وسيلة وحيدة لإقناع الآخرين واستمالتهم إلى ما يؤمن به من أفكار، فلم يتعوَّد قلمه الشريف على إصدار فتاوى التكفير والتضليل والرمي بالانحراف والخروج عن الدين والمذهب، وإنّما كان يسعى إلى الحوار المفتوح بين الناس جميعاً، بين أتباع الديانات كافّة، وبين الأمم كلّها على اختلاف عاداتها وتقاليدها وحضاراتها.
لقد كان صدرُه يتَّسع لكلِّ سؤال مهما كان يحمل من مظاهر الإحراج، وكان شعاره: «ليس هناك سؤالٌ محرِجٌ، ليس هناك سؤالٌ تافهٌ، الحقيقة بنتُ الحوار».
ويشهد له بذلك مخالفوه في النظرة إلى هذه الحياة. يقول الباحث ضياء الشكرجي، وهو الرجل العلمانيّ: «إنصافاً كان ينفرد فضل الله في تلقّي النقد من مريديه ومن مخالفيه، فلطالما كنّا نوجِّه له النقد في بعض تصريحاته ومواقفه، ونحاوره ونعترض على بعض مبانيه، فيناقشنا بكل أَرْيَحيّة ومن غير تشنُّج…»([7]).
وهكذا كان يفتح الباب لكلّ أحد، يسأله ما يشاء، في العقيدة والفقه والأخلاق والسياسة والعلوم الإسلاميّة والحديثة كافّة، فملأ الدنيا وشغل الناس.
ورغم كلّ ما تعرّض له في حياته لم يكن ليحمل حقداً أو بغضاً على مؤمن، بل كان يرعى الجميع بعاطفته الأبويّة الصادقة، وهو يردِّد دائماً وأبداً: «لا أحمل في قلبي حقداً على أحد»، «هؤلاء أولادي».
(s) 8ـ المرجعيّة المتميِّزة
(t) 8ـ 1ـ المنهج الفقهيّ ـ الأصوليّ
تميّز السيد فضل الله بتجربة فقهيّة وأصوليّة متميّزة، جعلت منه مجدِّداً في هذا العالم، متابعاً لمسيرة السلف الصالح من الفقهاء، وممهِّداً الطريق نحو اجتهاد أصيل في فهم الكتاب والسنّة. وقد ساعده على ذلك فهمه العميق للقرآن الكريم، انطلاقاً من تفسيره «من وحي القرآن»، وذوقه الرفيع في اللغة العربيّة وآدابها، والذي يُعتبر الركن الأساس في فهم النصّ.
ويمكن لنا أن نذكر عدّة مميّزات في هذا المجال:
1ـ اعتماده على الرؤية القرآنيّة كأساس في الاجتهاد والاستنباط؛ بوصفه الأساس التشريعيّ والدستوريّ الأوّل في سلّم مصادر التشريع. وقد مكّنه ذلك من الوصول إلى معطيات فقهيّة جديدة تمثّل فهماً قرآنيّاً أصيلاً.
2ـ محاولة تخليص الفقه من التعقيدات التي أفرزها تأثُّر الممارسة الاستنباطيّة والتنظير الأصوليّ بالفلسفة التجريديّة، ما أدّى إلى تشويش الفهم العرفيّ في تعامله مع النصّ في دلالته ومعطياته. وليس ذلك إنكاراً لأهمّيّة الأصول، كما توهَّم الكثيرون، وإنّما هو العمل على التوفيق بين النظريّة والتطبيق، التي خالف فيها كثيراً من الفقهاء؛ لسبب وآخر.
3ـ الشموليّة في الرؤية الفقهيّة، حيث تتحرّك العمليّة الاستنباطيّة لتجمع كلّ المفردات المترابطة التي تشكّل المنظور الإسلاميّ المتكامل، خلافاً للمنهج التجزيئيّ الذي يعمل على تقطيع أوصال الأحاديث التي تنتمي إلى وادٍ واحد.
4ـ الذوق الأدبيّ الراقي، والقدرة اللغويّة المتميّزة عند سماحته، أعطيا لممارسته الاستنباطيّة عمقاً وأصالة وصفاءً من جهة، ووفّرا له فهماً أدقّ وأعمق للنصوص الشرعيّة من جهة أخرى.
وبالإضافة إلى كلّ ذلك امتلك السيد فضل الله الجرأة العلميّة على طرح نظريّاته الفقهيّة عندما يتوصَّل إلى قناعة ثابتة بها، ورأى أنّه في ظل وضوح الرؤية لدى الفقيه ليس ثمّة مبرِّر له في الاحتياط؛ لأن الاحتياط لا بدّ أن يرتكز على دراسة واقعيّة لظروف المكلَّفين، لا لظروف المجتهد؛ لأن الاحتياطات التي لا أساس علميّاً لها أوقعت المكلَّف في الحرج والمشقّة في كثير من المجالات الابتلائيّة. ولذا أفتى & بطهارة كلّ إنسان، وبجواز تقليد غير الأعلم، وباعتماد علم الفلك والأرصاد في إثبات الشهور القمريّة، وغير ذلك.
وقد قال بعض الفضلاء، وهو يشير إلى بعض الفتاوى السابقة: إنه وصل إلى نفس النتائج، والفرق أنّ السيد كان أجرأ منّا….
(u) 8ـ 2ـ الفقه الرشيد
يقول الباحث ضياء الشكرجي: «لقد تميَّز حقّاً في الكثير من مبانيه الفقهية، ممّا خالف فيه المشهور، معتمداً قاعدة أنّ الشهرة لا تمثِّل حجّة شرعيّة، خلافاً لما يعتمده فقهاء آخرون. ولكنّه انفرد من بين المراجع المعروفين بكثرة مخالفته للمشهور. وأذكر هنا بعضاً من مبانيه الفقهيّة التي خالف فيها المشهور، وذلك على سبيل المثال، لا الحصر:
1ـ لم يَقُلْ بشرط الذكورة في المرجعيّة، ممّا يعني جواز تبوُّؤ النساء للمرجعيّة الدينيّة.
2ـ لم يَقُلْ بشرط الأعلميّة في المرجع؛ لأن الأعلميّة من الأمور التي يصعب تحديدها.
3ـ تبنّى التبعيض في التقليد، ممّا يجيز للمتديِّن الشيعيّ الملتزم بشرط التقليد أن يرجع في كلّ قضية إلى أيّ فقيهٍ يشاء.
4ـ في البداية تبنّى جواز تقليد الميت ابتداءً، ولكنّه ـ وللأسف ـ تخلّى عن هذه الفتوى في وقتٍ لاحق. أقول: للأسف؛ لأنّ الدليل العقلائيّ على اعتماد فتاوى المرجع الميت له من المتانة ما يجعل عدم الجواز خالياً من المبرِّرات العقلائيّة، ولاسيما أننا نعلم أنّ فضل الله كان يعوِّل على الدليل العقلائيّ في مسألة التقليد، أكثر من اعتماده على الروايات. وقاعدته العقلائيّة كان يعبِّر عنها بقوله: وجوب رجوع الجاهل إلى العالم فيما يجهله. وكنتُ أتمنّى لو كان قد عبَّر عن ذلك برجوع غير المختصّ إلى المختصّ فيما لا اختصاص له فيه. أقول: كلُّ هذا بقطع النظر عن عدم إيماني حاليّاً بالمرجعيّة من ناحية الأدلّة الشرعيّة، على قاعدة الإلزام، أي إلزام الملتزمين بالمذهب الشيعيّ بلوازمه وأدلّته.
5ـ اعتماده قاعدة مساواة المرأة بالرجل في الحقوق، على ضوء الآية: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾(البقرة: 228)، في كثيرٍ من القضايا. وممّا طبَّق عليه هذه القاعدة جواز ردّ المرأة على زوجها إذا ما استخدم العنف معها بعنفٍ مثله؛ دفاعاً عن نفسها، أي إنْ ضربها لها أن تضربه، أو تحرِّض على ضربه إنْ عجزت.
6ـ أفتى بطهارة الإنسان عموماً، منفرداً بذلك، حيث ينقسم الفقهاء بين مَنْ يقول بطهارة أهل الكتاب ونجاسة غيرهم، أو بطهارة الموحِّدين ونجاسة المشركين، بينما ذهب آخرون إلى عدّ كلّ غير المسلمين نجسين. وأدلّته غاية في المتانة، حيث فسَّر النصّ القرآني القاضي بنجاسة المشركين على أنها نجاسة معنويّة، لا يترتَّب عليها أثرٌ شرعيّ، وأثبت صحّة مبناه بأدلّة من نفس القرآن والسنّة.
7ـ اعتمد فتوى تحريم التدخين؛ لحرمة الإضرار بالنفس إضراراً يعتدّ به، ولثبوت أنّ التدخين يهدِّد حياة الإنسان فيما لا حرّيّة له فيه. وقد اعتمد في ذلك على تطبيق قاعدة استوحاها من آية تحريم الخمر والميسر، بتحريم كلّ ما كان إثمه أكثر من نفعه، مفسِّراً«الإثم» بـ «الضرر»؛ بدليل التقابل بالتضادّ.
8ـ لم يعتبر التدخين من المفطِّرات؛ لعدم التلازم بين كون عملٍ ما محرَّماً لذاته وبين كونه مبطلاً لعملٍ ما. وتعليله أنّ التدخين ليس من صنف الأكل، ولا الشرب، ولا هو من الممارسة الجنسيّة المبطلة للصيام، كالجماع أو الإمناء، ولا هو من صنف الغبار الغليظ الداخل إلى الجهاز الهضميّ.
9ـ حرَّم التطبير (ضرب الرؤوس بالآلة الجارحة، كالسيف)، وكل أنواع الشعائر الدينيّة العنيفة والمؤذية للنفس، ممّا يمارسه الكثير من الشيعة؛ لحرمتين: حرمة الإضرار بالنفس؛ وحرمة تشويه سمعة الدين والمذهب.
10ـ لم يُجِزْ العقود الصوريّة، التي يرى شرعيّتها الكثيرُ من الفقهاء؛ كون العقد لا يصحّ إلاّ بقصد الجدّيّة، ولا جدّيّة في عقود الزواج والبيع والشراء والهبة الصوريّة، التي يعتمدها الكثير من المتديِّنين كمخرجٍ شرعيٍّ من حرجٍ ما، أو تحقيقاً لمصلحة ما عبر العقود الصوريّة، أو هروباً من بعض الالتزامات والحقوق الشرعيّة. وقد استفاد الإسلاميّون العراقيّون من ثقافة المخارج الشرعيّة؛ إذ استخدموها في ما يشبهها من مخارج دستوريّة، أي ممارسة مخالفة الدستور بحيل دستوريّة، كما هو الحال مع مخالفة الشرع بحيلٍ شرعيّة.
11ـ حَسَم موضوع تحديد البدايات الشرعيّة للأشهر القمريّة للتقويم الدينيّ الإسلاميّ (الهجريّ)، باعتماد الحسابات الفلكيّة والرصد الفلكيّ في إثبات اليوم الذي يكون هلال أوّل الشهر ممكن الرؤية نظريّاً، ولو لم تتحقَّق رؤيته فعليّاً.
12ـ حرَّم ختان المرأة الممارَس عرفيّاً في بعض الدول العربيّة، كمصر والسودان.
13ـ تبنَّى حلّيّة ممارسة العادة السرّيّة للمرأة في حالات خاصّة؛ لكون الإمناء هو الثابت حرمته عنده، ولعدم وجود منيّ عند المرأة، خلافاً لما يذهب إليه عددٌ كبيرٌ من الفقهاء، ممّا يخالف الحقائق العلميّة، التي استفاد منها في فتواه بمراجعة أهل الاختصاص.
14ـ اعتَبر سنّ التكليف عند البنت هو إكمالها لثلاثة عشر عاماً قمريّاً، أي اثني عشر عاماً وسبعة أشهر، بخلاف معظم فقهاء الشيعة الذين يقولون بأن سنّ التكليف عند البنت، ما يعني وجوب الصلاة والصيام والحجاب عليها، من يوم إكمالها لتسع سنواتٍ قمريّة، أي ثماني سنوات وثمانية أشهر.
15ـ لم يُفتِ بأيّة فتوى مستهجَنة ومستنكَرة، كما عند الكثير من الفقهاء، كالتمتُّع بالصغيرة، وكراهة تزويج الكُرْد؛ لكونهم قوماً من الجنّ، أو رضاع الكبار، كما عند بعض السنّة، وغيرها من المضحِكات والمستهجَنات»([8]).
(v) 9ـ شهاداتٌ في المرجع فضل الله&
(w) 9ـ 1ـ شهاداتٌ بالاجتهاد المطلق
لقد شهد جمعٌ من المراجع الدينيّين والفقهاء المجتهدين وأهل الفضل والعلم والخبرة في التمييز بين العالم المجتهد وغيره بأنّ العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله& مجتهدٌ مطلقٌ. ومن هؤلاء:
1ـ القائد والمرجع الدينيّ السيد عليّ الخامنئيّ حفظه الله (إيران)، حيث جاء في بيان نعيه له& وصفُه بـ «آية الله»، ومن المعروف أنّ هذا الوصف لا يُطلق إلاّ على مَنْ حاز رتبة الاجتهاد المطلق.
2ـ المرجع الدينيّ السيد علي السيستانيّ حفظه الله (العراق)، حيث وُجِّه إليه السؤال التالي: نحن مجموعة من مقلّدي المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله+، وقدرجعنا إليكم بعد وفاته، سؤالنا: ما هو رأيكم الشريف في البقاء على تقليد السيد فضل الله+ في حال ثبت لنا أعلميّته في حياته على الفقهاء المعاصرين، والرجوع إليكم في المسائل المستحدَثة؟
وكان الجواب: المعيار في البقاء على التقليد أن يثبت أن المرجع المتوفّى لا يزال أعلم من الأحياء. وفي هذا الجواب دلالة واضحة على أنّ اجتهاده المطلق ومرجعيته أمرٌ مسلَّمٌ لا نقاش فيه.
3ـ المرجع الدينيّ الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ حفظه الله (إيران)، حيث جاء في بيان نعيه له& وصفُه بـ «آية الله»، ومن المعروف أنّ هذا الوصف لا يُطلق إلاّ على مَنْ حاز رتبة الاجتهاد المطلق.
4ـ المرجع الدينيّ السيد محمود الهاشمي الشاهروديّ حفظه الله (إيران)، حيث جاء في بيان نعيه له& وصفُه بـ «آية الله»، ومن المعروف أنّ هذا الوصف لا يُطلق إلاّ على مَنْ حاز رتبة الاجتهاد المطلق.
5ـ المرجع الديني الشيخ حسين منتظري& (إيران)، حيث وصفه في إحدى كلماته بأنه «عالم مجتهد»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق.
6ـ المرجع الدينيّ الشيخ يوسف صانعي حفظه الله (إيران)، حيث وصفه في بيان نعيه بـ «العالم الرباني والفقيه المتَّقي آية الله العظمى…»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
7ـ المرجع الدينيّ السيد كاظم الحائري حفظه الله (إيران/العراق)، حيث وُجِّه إليه السؤال التالي: نحن مجموعة من مقلِّدي المرجع الراحل السيد فضل الله+، نعتقد بأعلميّتكم، ورجعنا إليكم، فماذا ترون في مسألة البقاء على تقليده؟ (10شعبان1431هـ/النجف الأشرف).
وكان الجواب: مَنْ كان يعتقد بأعلميّته&، ولم يزَلْ على ذلك الاعتقاد، ورجع إلينا في المستحدثات، جوّزنا له البقاء (12شعبان1431هـ/قم المقدّسة). وفي هذا الجواب دلالة واضحة على أنّ اجتهاده المطلق ومرجعيته أمرٌ مسلَّمٌ لا شكّ فيه.
8ـ المرجع الدينيّ الشيخ محمد اليعقوبيّ حفظه الله (العراق)، حيث وصفه في بيان نعيه بـ «المرجع الدينيّ»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
9ـ المرجع الدينيّ السيد حسين الصدر حفظه الله (العراق)، حيث وصفه في بيان نعيه له& بـ «المرجع الدينيّ آية الله العظمى»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
10ـ الفقيه الشيخ محمد باقر الناصري (العراق)([9])، حيث جاء في بيان نعيه له: «آية الله السيد محمد حسين فضل الله هو أحد المراجع العظام»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
11ـ الفقيه السيد عبد الله الغريفي (البحرين)([10])، حيث جاء في بيان نعيه له: «رَحَل الأبُ القائدُ الفقيهُ المرجعُ المجدِّدُ المرشدُ»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
12ـ الفقيه الدكتور الشيخ علي رضا أعرافي (رئيس جامعة المصطفى| العالميّة /إيران)، حيث جاء في تعزيته لنجله السيد علي فضل الله: «إنّ السّاحة العلميّة الإسلاميّة وساحة العمل الإسلاميّ افتقدتا برحيله عالماً وفقيهاً ومجاهداً…»، وفي ذلك شهادة بفقاهته واجتهاده المطلق.
13ـ الفقيه الشيخ عليّ أكبر هاشمي رفسنجاني (إيران)، حيث جاء في بيان نعيه له& وصفُه بـ «آية الله»، ومن المعروف أنّ هذا الوصف لا يُطلق إلاّ على مَنْ حاز رتبة الاجتهاد المطلق.
14ـ الفقيه الشيخ محمد العمري (كبير العلماء الشيعة في المدينة المنوَّرة)، حيث وصفه في بيان نعيه له& بـ «آية الله العظمى الإمام المجاهد»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
15ـ الفقيه الشيخ حسن الصفّار (السعوديّة)، حيث وصفه في بيان نعيه له& بـ «العلاّمة المرجع آية الله العظمى»، وبكونه «مرجعاً رائداً، وفقيهاً مجدِّداً»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
16ـ الفقيه الشيخ عيسى قاسم (البحرين)، حيث جاء في بيان نعيه له& وصفُه بـ «آية الله»، ومن المعروف أنّ هذا الوصف لا يُطلق إلاّ على مَنْ حاز رتبة الاجتهاد المطلق.
17ـ الفقيه الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي (السعوديّة)، حيث وصفه في بيان نعيه له& بـ «العلاّمة المجاهد المرجع»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
18ـ رابطة مدرِّسي الحوزة العلميّة في مدينة قم المقدَّسة، التي اعتبرت «رحيله ثلمة حلَّت بالإسلام والمسلمين؛ لأنّه كان فقيهاً مجاهداً ورعاً»، ووصفته بـ «آية الله»، وفي هذا كلّه شهادة بفقاهته واجتهاده المطلق.
19ـ المجلس الإسلاميّ العلمائيّ في البحرين، حيث وصفه في بيان نعيه له& بـ «العلاّمة المجاهد المرجع الدينيّ سماحة آية الله»، وفي هذا شهادة باجتهاده المطلق، وبمرجعيّته أيضاً.
وقد كشف الشيخ ياسر عودة ـ أحد تلامذة السيد فضل الله، والمقرّبين منه ـ عن رسالة خطّيّة من زعيم الطائفة الشيعيّة في النجف الأشرف المرجع الدينيّ السيد أبو القاسم الخوئيّ& يشهد فيها باجتهاد تلميذه ووكليه المطلق في لبنان السيد محمد حسين فضل الله.
وأضاف: «وأنا أعلم شخصيّاً أنّ المرحوم السيد عبد الرؤوف فضل الله& كان يرجع الناس في الاحتياط، خصوصاً في نجاسة أهل الكتاب، ونجاسة الكفّار بشكل عامّ، إلى السيد فضل الله، في ذلك الوقت الذي أتى فيه من النجف».
واستشهد الشيخ عودة بالوكالة المطلقة التي لا تُعطى إلاّ للعالم المجتهد عادة، والتي منحها السيّد الخوئيّ& للسيد فضل الله أيام الثمانينات الميلاديّة عندما عاد إلى لبنان، مستشهداً بحادثة قديمة حيث يقول: «إنّني أذكر أنّ بعض علماء لبنان أرسلوا إلى السيد الخوئيّ& أنّ السيد فضل الله استحوذ على المال في قضية مفصَّلة , في أوّل مبنى، وهو مبرّة السيد الخوئيّ في الدوحة، فردّ عليهم السيد الخوئيّ, من دون الرجوع إليه: إنّ وكيلنا المطلق السيد فضل الله هو مجتهدٌ، وله رأيُه، ويدُه يدي ولسانُه لساني»([11]).
وكتب صاحب مقالة (مَنْ هو آية الله السيد محمد حسين فضل الله؟) يقول: «اجتمعنا ذات مرّة في قم في منزل السيد جعفر مرتضى، وكان ذلك في أثناء وجود سماحة السيد فضل الله في قم في بعض زياراته، وقد دُعي يومها أكثر الطلاب اللبنانيّين، وكان من الموجودين يومها السيد عبد الحسين القزوينيّ، وقد كان من زملاء السيد فضل الله في النجف، فقال يومها: حين عزم فضل الله على مغادرة النجف الأشرف إلى لبنان؛ وذلك للإقامة هناك، تأثَّر الكثيرون لهذا القرار، وأخذوا يطلبون منه البقاء؛ لما عرفوا عنه من أهمّيّة، وقال: لو بقي السيّد فضل الله في النجف لأصبح من مراجعها الكبار، لكنّه فضّل العودة إلى لبنان من أجل حاجة الناس هناك إلى مَنْ يرشدهم ويعلِّمهم»([12]).
(x) 9ـ 2ـ المرجع فضل الله& في كلمات نخبة من العلماء والمفكِّرين والسياسيِّين
1ـ أستاذ الفقهاء والمجتهدين وزعيم الحوزة العلميّة المرجع السيد أبو القاسم الخوئيّ&: إنّ وكيلنا المطلق السيد فضل الله هو مجتهدٌ، وله رأيُه، ويدُه يدي ولسانُه لساني.
2ـ المرجع القائد السيد عليّ الخامنئيّ حفظه الله (مرشد الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة): صلّوا خلف هذا الفيض الإلهيّ الكبير، السيد فضل الله، فهو عَلَمٌ من أعلام المذهب الشيعيّ.
ويحكي أحد المرافقين للسيد فضل الله أثناء زيارة له إلى إيران أنّ قائد الثورة الإسلامية السيد عليّ الخامنئيّ قال له: حافظوا على هذه الدرّة الثمينة، التي لا يوجد مثلها في العالم الإسلاميّ([13]).
3ـ المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر&: كلّ مَنْ خرج من النجف خسر النجف، إلاّ السيد محمد حسين فضل الله خسرته النجف.
4ـ المرجع الشيخ حسين منتظري&: سماحة السيد محمد حسين فضل الله هو من علماء الإسلام، وعنده مؤلَّفات متعدِّدة في اختصاصات وفنون مختلفة، وهو عالم مجتهد، يخدم الإسلام، وينتفع بعلمه وبكتبه.
5ـ الأزهرالشريف: إن سماحة الشيخ قضى حياة حافلة، أمضاها في نشر العلم النافع، وعمل الخير، والدفاع عن وحدة الأمّة وثوابتها، وكان صاحب فكر مستنير، يرتفع فوق الفوارق المذهبيّة، ويسعى للتقريب بين أبناء الأمّة، وبين المؤمنين جميعاً من سائرالأديان المختلفة.
6ـ الكاتب والمفكِّر محمّد حسنين هيكل: السيد محمد حسين فضل الله لديه عقلٌ يضاهي عقل لينين في قدرته على التخطيط. وإنّني عندما زرتُ لبنان استفاد الجميع منّي، ولكنْ أنا لم أستفِدْ إلاّ من المرجع السيد محمد حسين فضل الله.
7ـ الإعلاميّ الكبير غسّان بن جدّو: «أقول: إنّي فقدتُ أباً وأستاذاً وصديقاً. أن يُحتَرَم رجلُ دين في بيئة تكره رجال الدين أمرٌ في غاية الأهمّيّة. وهذا كان من مميِّزات السيد فضل الله»([14]).
8ـ وزير الخارجيّة الإيرانيّ منوشهر متّكي: السيد محمد حسين فضل الله شخصيّة إسلاميّة سامية، مكانته عالية، وهو ثروة إسلاميّة لا تقدَّر بثمن، ليس على مستوى لبنان فقط، بل على مستوى المنطقة بكاملها.
9ـ السفيرة البريطانيّة السيدة فرانسيس ميري غاي: حينما تزوره تكون متأكِّداً من حدوث مناقشة حقيقيّة ومجادلة محترمة، وتعلم أنك ستترك مجلسه وأنت تشعر أنك إنسان أفضل. أنا حزينة لوفاته. العالم بحاجة إلى أمثاله، وأثر غيابه سيتجاوز شواطئ لبنان.
10ـ السفير الفرنسيّ السابق في لبنان فيليب لوكورتْيهِ: لقد تعلَّمت الكثير من خلال اللقاء بالعلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، وخصوصاً فيما يتعلّق بالوضع الإقليميّ، وتفانيه من أجل بلده لبنان، ومن تبصُّره وحكمته وثقافته الواسعة.
(y) المرجع فضل الله& في لقاء الله وجواره
«ومات السيد في ليلة من ليالي2010، في الضاحية الجنوبيّة لبيروت. هنا، حيث قضى شطراً طويلاً من حياته، وهنا أيضاً، حيث قبور الشهداء تزاحم منازل الأحياء. وأوصى السيّد أن يدفن تحت خشبة مسرحه، تحت بلاط المسجد الذي كان يصلّي فيه ويؤمّ الناس في العبادة والثورة، ولعلّه شاء بذلك أن يظلَّ يصغي في أناء الليل وأطراف النهار إلى وقع أقدام المصلّين على بلاط مسجد الحسنين، وإلى تهجّدهم الطويل، ودائماً دائماً على حدود الموت والحياة»([15]).
وهكذا سقط الفارس عن جواده، ورحل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، ففي صبيحة يوم الأحد الرابع من تموز 2010م التحق الحبيب بحبيبه، ورحل المرجع فضل الله إلى جوار ربّه؛ ليوفّيه أجره، بعيداً عن حقد الحاقدين، وكيد الظالمين، وبغي الحاسدين، ولسان حاله ـ كجدّه أمير المؤمنين×: «اللهم إنّي قد مَلَلتُهم ومَلُّوني، وسئمتُهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شرّاً منّي»([16]). وخسر المسلمون والمؤمنون، بل الإنسانية جمعاء، رجلَ الحقّ والحقيقة، خسروا بموته العالم الربّانيّ الواعي، والمفكِّر الحُرّ، والسياسيّ المحنَّك والملتزم في آنٍ.
(z) 1ـ بيانات نعيه
وضجّ العالَمُ الإسلاميّ والعربيّ بالخبر، فسارع القاصي والداني لتقديم واجب العزاء بصاحب الأيادي البيضاء على هذه البشريّة بأسرها، بداعية الحوار الإسلاميّ المسيحيّ، وداعية الوحدة بين السنّة والشيعة، داعية السلام بين أبناء البشر، بعيداً عن الظلم والقهر.
ومن أبرز الذين تقدّموا بواجب العزاء بالمرجع الراحل& كلٌّ من:
1ـ المرجع القائد السيد عليّ الخامنئي حفظه الله. وممّا جاء في بيان النعي: «لقد قدَّم هذا العالم الكبير والمجاهد الكثير في الساحات الدينيّة والسياسيّة، وكان له الأثر الكبير على الساحة اللبنانيّة، والتي لن تنسى خدماته وبركاته الكثيرة على مرّ السنين. إن المقاومة الإسلاميّة في لبنان، والتي لها حقٌّ كبير على الأمّة الإسلاميّة، كانت على الدوام تحت رعاية ودعم ومساعدة هذا العالم المجاهد. لقد كان الراحل الرفيق المخلص والمقرَّب من الجمهوريّة الإسلاميّة ونظامها، وكان وفيّاً لنهج الثورة الإسلاميّة، وأثبت ذلك قولاً وعملاً على مدار الثلاثين سنة من عمر الجمهوريّة الإسلاميّة».
2ـ المرجع السيد محمود الهاشميّ الشاهروديّ حفظه الله. وقد وجّه برقيّتَيْ تعزية إلى سماحة الأمين العامّ لحزب الله السيد حسن نصر الله وعائلة السيد فضل الله، وقد أشار فيهما إلى أنّ «آية الله السيد محمد حسين فضل الله كان بحقٍّ من علماء لبنان المجاهدين، والذي صرف عمره في خدمة الدين الحنيف، ونشر الوعي والفكر الإسلاميّ، ومقارعة الظالمين والمستكبرين».
3ـ المرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حفظه الله. وممّا جاء في بيان النعي: «إنّ الفقيد السعيد كان مرابطاً قديراً في الساحة اللبنانيّة أمام حملات أعداء الإسلام الحاقدة، فإنّه بحسن تدبيره وشجاعته حمى هذه القلعة الصامدة».
4ـ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حفظه الله. وممّا جاء في بيان النعي: «لقد فقدنا اليوم أباً رحيماً، ومرشداً حكيماً، وكهفاً حصيناً، وسنداً قويّاً في كلّ المراحل. هكذا كان لنا سماحته، ولكلّ هذا الجيل المؤمن والمجاهد والمقاوم، منذ أن كنّا فتية نصلّي في جماعته، ونتعلَّم تحت منبره، ونهتدي بكلماته، ونتمثَّل أخلاقه، ونقتدي بسيرته. علَّمنا في مدرسته أن نكون دعاة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نكون أهل الحوار مع الآخر، وأن نكون الرافضين للظلم، والمقاومين للاحتلال، وعشّاقَ لقاءٍ مع الله تعالى من موقع اليقين، وأن نكون أهل الصبر والثبات والعزم مهما أحاطت بنا الشدائد والمصاعب والفتن. فكان لنا الأستاذ والمعلِّم، والعلم، والنور الذي نستضيء به في كلّ محنة. واليوم نفتقده؛ إذ يفارقنا إلى جوار ربّه الكريم الذي جاهد في سبيله طيلة عمره الشريف، إلا أنّ روحه الزكيّة، وفكره النيّر، وكلمته الطيّبة، وابتسامته العطوفة، وسيرته العطرة، ومواقفه الصلبة، كلّ ذلك سيبقى فينا هادياً ودليلاً، ودافعاً قويّاً متجدِّداً للعمل الدؤوب والجهاد المتواصل… ونعاهد روح سيّدنا الجليل الراحل أنّنا سنبقى الأوفياء للأهداف المقدَّسة التي عاش من أجلها، وعمل لها، وضحَّى في سبيلها ليل نهار، وأن نبذل في سبيلها كلَّ غالٍ ونفيس إنْ شاء الله».
5ـ الأزهر الشريف. وممّا جاءفي بيان النعي: «ينعى الأزهر الشريف، شيوخه وعلماؤه وطلاّبه، إلى الأمّة العربية والإسلاميّة، وإلى الشعب اللبنانيّ الشقيق، سماحة السيد محمد حسين فضلالله، الذي لقي ربّه راضياً مرضيّاً، بعد حياة حافلة، أمضاها في نشر العلمالنافع، وعمل الخير، والدفاع عن وحدة الأمّة وثوابتها. كان& صاحب فكر مستنير، يرتفع فوق الفوارقالمذهبيّة، ويسعى للتقريب بين أبناء الأمّة، بل وبين المؤمنين جميعاً من سائرالأديان.
6ـ شيخ الأزهر أحمد محمد الغريب. وممّا جاء في برقيّته إلى نجله السيد علي فضل الله معزِّياً: «تلقيت ببالغ التأثُّر نبأ وفاة المغفور له والدكم سماحة العلامة الجليل السيد محمد حسين فضل الله، وهو العالم الثقة، العامل بكتاب الله وسنّة رسوله، الراسخ في حبّه لآل البيت، المنزَّه عن التعصُّب لرأيٍ أو مذهبٍ، المدافع عنوحدة الأمّة وثوابتها، الذي جمع بين الصلابة في مواجهة الأعداء وبين السماحة والدعوة إلى التآخي بين الناس جميعاً، على اختلاف أديانهم وأعراقهم».
وقد نعاه أيضاً كلٌّ من: المرجع الدينيّ الشيخ محمد اليعقوبيّ حفظه الله؛ المرجع الدينيّ الشيخ يوسف الصانعي حفظه الله؛ مكتب المرجع الدينيّ الشيخ حسين منتظري&؛ الفقيه الشيخ محمد باقر الناصري؛ رئيس جامعة المصطفى| العالميّة الفقيه الدكتور الشيخ عليّ رضا أعرافي؛ جمعٌ من فضلاء وأساتذة وطلاّب الحوزة العلميّة اللبنانيّة في مدينة قم المقدَّسة؛ منتدى طلاب كلّية الإمام الأوزاعيّ؛ كافّة التلفزيونات الإسلاميّة في لبنان؛ رئيس الوزراء اللبنانيّ سعد الحريري؛ الرئيس الإيرانيّ محمود أحمدي نجاد؛ رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهوريّة الإسلاميّة الشيخ عليّ أكبر هاشمي رفسنجاني؛ رئيس السلطة القضائيّة الإيرانيّة الشيخ صادق لاريجاني؛ وزير خارجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة منوشهر متّكي؛ السيد عبد الملك الحوثي؛ وغير هؤلاء كثيرٌ.
وممّن عزّى بالمرجع الراحل كلٌّ من: المرجع الدينيّ الشيخ بيّات الزنجانيّ حفظه الله؛ المرجع الدينيّ السيد كاظم الحائري حفظه الله؛ المرجع الدينيّ السيد عبد الكريم الأردبيليّ حفظه الله؛ المرجع الدينيّ الشيخ صافي الكلبايكانيّ حفظه الله؛ مكتب المرجع الدينيّ الشيخ بهجت&؛ مكتب المرجع الدينيّ الشيخ محمد فاضل اللنكراني&.
(aa) 2ـ الأحقاد الغربيّة
1ـ محطّة الـ CNN التلفزيونيّة: وقد بادرت إلى طرد مديرة أخبار الشرق الأوسط أوكتافيا نصر (Octavia nasr)؛ لنَعْيِها ومَدْحِها السيد فضل الله بعد وفاته، علماً أنّها عادت فاعتذرت، وقالت: إنّها لا تدعمه في كلّ مواقفه، بل في موقفه من المرأة فقط.
2ـ الخارجيّة البريطانيّة: كانت سفيرة بريطانيا في لبنان (فرانسيس ميري غاي) قد وَصَفَتْ المرجع فضل الله بالشخص الوقور والرجل الدمث، الذي يحتاج العالم إلى أمثاله، وإذا جلستَ معه شدّك إليه، وإذا خرجت من عنده خرجتَ شخصاً آخر. فثارت ثائرة الخارجيّة الإسرائيليّة، واحتجّت على هذا الكلام، فما كان من الخارجيّة البريطانيّة إلاّ أن حذفت كلام سفيرتها عن موقع السفيرة، وقالت: إنّ كلامها لا يمثِّل بريطانيا.
(bb) 3ـ المرجع المظلوم حيّاً ومَيْتاً
وكأخسّ ما يكون تابع الحاقدون والحاسدون والشامتون حربهم على السيد فضل الله، حتى بعد وفاته، حيث طالعنا أحدهم، ويسمّي نفسه «محمد كاظم الغَرَوي»، بكتاب أسماه «الجنازة الماسونيّة في تشييع وتأبين محمد حسين فضل الله، ويليه اللائحة السوداء في من قدّم في فضل الله العزاء»، يتعرّض فيه بشتّى أنواع الإساءات للمرجع الراحل فضل الله&، وللإمام الخمينيّ&، وللمرجع القائد الخامنئيّ حفظه الله، وللمرجع السيد محمود الهاشمي الشاهروديّ حفظه الله، وللمرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ حفظه الله، وللمرجع السيد كاظم الحائري حفظه الله، ولسيد المقاومة السيد حسن نصر الله حفظه الله، ولجملةٍ من علماء الدين المجاهدين والعاملين في سبيل الله. ولستُ هنا في معرض الردّ على ما جاء في هذا الكتاب من إساءات وتفاهات؛ فإنّي أُجِلُّ نفسي عن الردّ على أمثاله، غير أنّي أقول لهذا وأشباهه ما قالته سيّدتي ومولاتي زينب بنت عليّ÷ للطاغية يزيد بن معاوية ـ والزمن يُعيد نفسه على أيّة حال ـ: «فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميتُ [نهجنا]، ولا تدركُ أَمَدنا، ولا ترحضُ عنك عارَها، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامُك إلاّ عَدَد، وجمعُك إلاّ بَدَد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».
قال الله عز وجل في محكم كتابه وبليغ خطابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَة لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(المائدة: 54 ـ 56).
فالسلام على سيدنا وأستاذنا العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، يوم وُلد، ويوم مات، ويوم يُبعث حيّاً، وحشرنا الله وإيّاه في زمرة نبيّنا الأكرم محمد| وآله الطيبين الطاهرين.
الهوامش
_____________________
([1]) الفكر السياسيّ عند السيد محمد حسين فضل الله: 77، نقلاً عن: محمد حسين فضل الله، الندوة 8: 568.
([2]) الفكر السياسيّ عند السيد محمد حسين فضل الله: 77، نقلاً عن: جمال سنكري، مسيرة قائد شيعيّ ـ السيد محمد حسين فضل الله: 203 ـ 208.
([3]) كلمة مشهورة جدّاً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حفظه الله.
([4]) انظر: الموقع الإلكترونيّ لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «في لقائه الأخير بالمستشفى.. نصر الله باكياً في حضرة المرجع فضل الله»(10ـ10ـ2010م) (بتصرُّف).
([5]) انظر: الموقع الإلكترونيّ لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «السيد أحمد الخمينيّ يتحدّث عن مكانة السيد فضل الله عند والده الإمام الخمينيّ»(19ـ12ـ2010م).
([6]) حسين بركة الشاميّ، الفقيه المجدِّد المقدَّس السيد محمد حسين فضل الله، من الذات إلى المؤسَّسة: 131.
([7]) ضياء الشكرجي، محمد حسين فضل الله(الحوار المتمدِّن، العدد: 3054 ـ 5/7/2010م).
([8]) ضياء الشكرجي، محمد حسين فضل الله(الحوار المتمدِّن، العدد: 3054 ـ 5/7/2010م).
([9]) موقع ويكبيديا الإلكترونيّ، ترجمة بعنوان «محمد حسين فضل الله».
([10]) موقع ويكبيديا الإلكترونيّ، ترجمة بعنوان «محمد حسين فضل الله».
([11]) انظر: الموقع الإلكتروني لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «الإمام الخوئيّ: السيد فضل الله هو مجتهد، وله رأيه، ويده يدي، ولسانه لساني»(20ـ12ـ2010م).
([12]) مقالة بعنوان مَنْ هو آية الله السيد محمد حسين فضل الله؟ (كاتبٌ باسم رشيد الهجريّ، مقالٌ منشور في الموقع الإلكترونيّ: منتديات منار للحوار).
([13]) انظر: الموقع الإلكترونيّ لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «السيد أحمد الخميني يتحدّث عن مكانة السيد فضل الله عند والده الإمام الخمينيّ»(19ـ12ـ2010م).
([14]) انظر: الموقع الإلكترونيّ لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «غسّان بن جدّو: أقسم أنّني بكيت على السيد فضل الله أكثر ممّا بكيت على والدي»(8ـ2ـ2011م).
([15]) انظر: الموقع الإلكترونيّ لشبكة الفجر الثقافيّة، مقال بعنوان: «احتفال شعريّ في صور: «المرجع السيد محمد حسين فضل الله.. نهجٌ لا يغيب»»(18ـ2ـ2011م)، كلمة الدكتور محمد عليّ شمس الدين.