د. الشيخ خالد الغفوري الحسني(*)
تمهيدٌ
رغم أهمّية هذا الموضوع من الناحيتين النظرية والعملية، ووقوعه محلاًّ لابتلاء المكلّفين، إلاّ أنّ أغلب فقهاء الإمامية لم يُفردوه بالبحث، وإنّما تعرَّضوا لبعض مسائله على هامش البحث حول كيفية التوريث وأنواعه، وتعرَّضوا لبعضها الآخر في طيّات بحث التعصيب، ولم يتوقَّفوا مع الفقه السُّنِّي كثيراً. فيما نرى أنّ الفقه السنّي قد تعرَّض له بشكلٍ مستقلّ وموسّع، وإنْ اكتفى بالإشارة العابرة الى موقف الفقه الإمامي. كما أنّ الخلاف الحادّ بين الإمامية وأهل السنّة يقتضي مراجعة أدلّة كلا الطرفين وتقييمها، والموازنة بينها؛ من أجل الخروج بنتيجةٍ واضحة بهذا الشأن. وهذا ما استدعى فتح الملفّ في هذه المسألة بصورةٍ مفصّلة ومقارنة.
في البدء ينبغي تحديد موارد إمكان الردّ، فنقول: حينما يكون الورثة كلّهم ذوي فروض، وأُريد تقسيم التركة عليهم، فلذلك ثلاث صور:
الأولى: كون الفروض والتركة متساويين. وهذا ما يُسمّى بالفريضة العادلة.
الثانية: كون الفروض أكثر من التركة. وهذا ما يُسمّى بالفريضة العائلة.
الثالثة: كون الفروض أقلّ من التركة. وهذا ما يُسمّى بالفريضة القاصرة أو الناقصة أو العاذلة. وموضوع الردّ هو الصورة الأخيرة.
النسبة بين الردّ والعَوْل
لقد حاول بعضٌ بيان الردّ وفرزه عن غيره من الحالات بقوله بأنّه نقيض العَوْل، بل نسبه النووي إلى الأئمّة؛ معلِّلاً بأنّ الردّ ينقص السهام عن سهام المسألة، والعَوْل يزيد عليها([1]).
وعبَّر عنه آخر بأنّه ضدّ العَوْل؛ لأنّه في العَوْل تنقص سهام ذوي الفروض ويزداد أصل المسألة، وفي الردّ تزداد السهام وينقص أصل المسألة([2]).
التعليق
1ـ لقد ورد في التعبير الأوّل بأنّ الردّ نقيض العَوْل. والصحيحُ أنّه ضدّ العَوْل، لا نقيضه؛ لأنّ عدم الزيادة يصدق مع النقيصة ومع المساواة، كما أنّ عدم النقيصة يصدق مع الزيادة والمساواة، ولذا يصحّ ارتفاع الزيادة والنقيصة معاً، كما في مورد المساواة، كمساواة السهام للتركة، وهي المسمّاة بالعادلة، في حين أنّ النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان البتّة. ومن هنا عدل الثاني عن التعبير بالنقيض إلى التعبير بالضدّ.
2ـ إنّ كلا التعبيرين الأوّل الثاني ليسا من تعريف الردّ في شيءٍ، وإنّما هما بيان لمورد تحقُّقه، لا بيان لحقيقته. وبذلك يتّضح عدم دقّة صاحب التعبير الثاني عندما أورده واصفاً له بأنّه المعنى الاصطلاحي([3]).
هذا، وليُعلَمْ أنّ هذا المقدار الزائد عن الفروض له ثلاث حالات:
الأولى: إذا كان ثمّة مَنْ يتصل بالميّت بأنثى، وهي طبقة أولي الأرحام بحَسَب ما هو المصطلح في الفقه السنّي. وهذه الحالة فيها اختلافٌ بين فقهاء السنّة.
الثانية: إذا كان ثمّة عاصبٌ بحَسَب اصطلاح الفقه السنّي. وقد وقع فيه اختلافٌ وتفصيل.
الثالثة: إذا لم يكن ثمّة وارثٌ ـ لا من ذوي الأرحام، ولا عاصبٌ ـ سوى أهل الفروض، فهذا الزائد يُرَدّ عليهم. وهذا هو المُسمّى بالردّ، والذي يُراد بحثه هنا. هذا بحَسَب الفقه السنّي.
وأمّا بحَسَب الفقه الإمامي فبما أنّه لا يرى التعصيب، ويُدخل ذوي الأرحام في طبقات الإرث النسبية، فهو مُستَغْنٍ عن ذكر هذين القيدين.
تعريف الردّ
وقبل الولوج في بيان تفاصيل ذلك ينبغي بيان تعريف الردّ، لغةً واصطلاحاً.
أوّلاً: تعريف الردّ لغةً
الردّ: مصدر ردَدْتُ الشيء. وردود الدراهم واحدها ردّ: وهو ما زيّف فرُدّ على ناقده بعدما أخذ منه([4]). وردّ إليه جواباً: أي رجع. وردّ عليه الوديعة: أرجعها. والارتداد: الرجوع، ومنه المرتدّ. واستردّه الشيء: سأله أن يردّه عليه. ورادّه الشيء: أي ردّه عليه. وهما يترادّان البيع، من الردّ والفسخ([5]). فإذن الردّ: هو الرجع([6]).
ولكنْ فرّق أبو هلال العسكري بينهما، بأنّ الرجع يجوز أن يكون من غير كراهةٍ له، قال تعالى: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ﴾ (التوبة: 83)، ولا يجوز أن تردّه إلاّ إذا كرهْتَ حاله. وقال: «هذا أصله». لكنّه قال عقيب ذلك: «ثمّ رُبَما استُعملت إحدى الكلمتين موضع الأخرى؛ لقرب معناهما»([7]).
ثانياً: تعريف الردّ اصطلاحاً
أـ تعريف الفقه الإمامي للردّ
لم أعثَرْ على مَنْ تصدّى من الإمامية لتعريف الردّ. والظاهر أنّ الردّ مستعملٌ لدى الفقهاء بمعناه اللغوي.
ويمكن انتزاع تعريفٍ يتوافق مع الفقه الإمامي، وهو: ردّ الزائد عن الفروض فيما لو كان الورثة جميعاً أصحاب فروضٍ. والردّ تارةً يكون على ذي الفرض مع اتّحاده، فيأخذ كلَّ ما بقي؛ وأخرى يكون على ذوي الفروض مع تعدُّدهم بنسبة فروضهم؛ وثالثةً يكون الردّ عليهم أو على غيرهم، كالردّ على الزوجة أو على الإمام، بناءً على المشهور عند الإمامية.
ومن هنا فإنّ الردّ عندهم له ثلاث أو أربع صور:
الأولى: كون الورثة كلّهم نسبيّين؛ أو بعضهم نسبّيين وبعضهم سببيّين. وفيها يُردّ الزائد على ذوي الفروض النسبيّين بنسبة سهامهم، إلاّ ما استُثني، ككلالة الأمّ.
الثانية: كون الورثة كلالة الأمّ، ولا وارث نسبيّاً غيرهم. وهنا يُردّ الزائد عليهم.
الثالثة: كون الوارث سببيّاً، كالزوج. فإنْ لم يوجد وارثٌ سببيٌّ آخر مستحقّ للإرث، ولو في مرتبةٍ متأخّرة، كوليّ النعمة أو ضامن الجريرة، يُردّ الزائد على الزوج؛ وإلاّ فعلى الوارث السببيّ المتأخِّر.
الرابعة: كون الوارث سببياً، كالزوجة. فإنْ وُجد وارثٌ سببيّ آخر مستحقّ للإرث، ولو في مرتبةٍ متأخِّرة، كوليّ النعمة أو ضامن الجريرة، يُردّ الزائد عليه، وإلاّ ففي الردّ عليها أو على الإمام خلافٌ([8]).
ب ـ تعريف الفقه السنّي للردّ
ثمّة مَنْ زعم أنّ له في الفقه معنى اصطلاحياً، وتصدّى لتعريفه:
التعريف الأوّل: دفع ما فضل من فروض ذوي الفروض النسبيّة إليهم بقَدْر حقوقهم عند عدم استحقاق الغير([9]).
التعريف الثاني: صرف الزائد من الفروض الى أصحاب الفروض الموجودين بنسبة فروضهم إذا لم يوجد عاصبٌ([10]).
التعليق
أوّلاً: من الواضح انطلاق هذين التعريفين في ضوء التصوُّرات السنّية، من قبيل: عدم مراعاة الطبقة في ذوي الفروض. وهذا ما يتباين مع رؤية مدرسة أهل البيت^.
ثانياً: كما أنّهما لا يتمّان على جميع الاتّجاهات، حتّى في دائرة الفقه السنّي؛ نظراً لاختلاف الأقوال في المسألة ـ كما سيتّضح بعد حينٍ ـ، فلا يسلمان من النقد؛ وذلك:
1ـ أمّا التعريف الأوّل فلا يكون جامعاً بلحاظ ما اختاره عثمان وجابر بن عبدالله من الردّ على الفروض جميعاً، بما في ذلك الزوجان. كما لا يكون مانعاً بلحاظ بعض الأقوال، كقول عبد الله بن مسعود؛ لاستثنائه بعض الورثة النسبيّين. مُضافاً إلى قصور التعبير بأنّ الردّ على ذوي الفروض يكون (بقَدْر حقوقهم).
2ـ وأمّا التعريف الثاني فهو وإنْ امتاز على الأوّل بتعبيره بكون الردّ على ذوي الفروض (بنسبة فروضهم)، وأيضاً عدم تقييده ذوي الفروض بالنسبيّين، فهو أدقُّ من الأوّل من هاتين الجهتين، إلاّ أنّ فيه خللاً من جهاتٍ أخرى، منها: زيادة وصف (الموجودين) في التعريف، ومنها: استثناؤه العَصَبة فحَسْب دون ذوي الأرحام بناءً على توريثهم. ومن هنا أطلق الاستثناء في التعريف الأوّل بقوله: (عند عدم استحقاق الغير).
ثالثاً: أجل، يُمكن دفع بعض ما أوردناه من مناقشاتٍ لهذين التعريفين وأمثالهما إذا كان الملحوظ فيها تعريف الردّ طبقاً لموقفٍ فقهيّ معيَّن، لا مطلقاً، وإنْ كان لا يصلح وصفه حينئذٍ بأنّه معنىً اصطلاحيّ.
شروط تحقُّق الردّ
قيل: إنّ الردّ لا يتحقَّق إلاّ إذا ثبت أمران([11]):
أوّلهما: أن لا تستغرق الفروض التركة؛ إذ لو استغرقتها لم يبْقَ شيءٌ حتى يُردّ.
ثانيهما: أن لا يوجد عاصبٌ نسبي أو سببي، على الخلاف في ذلك. فلو وجد عاصبٌ نسبي، ولو كان من أصحاب الفروض، وهو الأب أو الجدّ، أخذ الباقي تعصيباً بعد الفرض. فهنا أيضاً لا يبقى شيءٌ حتّى يُردّ.
تنبيهٌ
من المفيد أن نُنبِّه القارئ على أنّ الأمر الأوّل الذي ذكره لا مِرْية في اشتراطه؛ إذ إنّ موضوع الردّ هو وجود زيادة عن السهام، فإنْ انتفى الموضوع انتفى الردّ المترتِّب عليه.
وأمّا الأمر الثاني فهو ينسجم مع الفقه السنّي فحَسْب، وإلاّ ففي أصل مشروعية التعصيب خلافٌ حادّ بين أهل السنّة والإماميّة، بل وبين الصحابة أيضاً، كما تقدّم ويأتي، وليس الخلاف منحصراً في كون العاصب نَسَبياً أو سَبَبياً.
المواقف الفقهية تجاه الردّ
لكي لا تتداخل البحوث سوف نعقد الكلام في حالة انحصار الوارث بذوي الفروض وانعدام الوارث من ذوي الأرحام أو العَصَبة، كما نبَّهنا.
وقد اختلفت الأقوال في هذه المسألة بين الصحابة والتابعين، بل الفقهاء أيضاً، من مؤسِّسي المذاهب وسائر المجتهدين([12]) اختلافاً كبيراً. وسوف نبيِّن موقف كلٍّ من: الفقه السنّي؛ والفقه الإماميّ، على حِدَةٍ:
الموقف الأوّل: موقف الفقه السنّي
ويتمثَّل بعدّة اتّجاهات، من الأفضل تقسيمها إلى قولين رئيسين، وتتفرَّع عنهما أقوال أخرى:
القول الأوّل: القول بعدم الردّ على أحدٍ من أصحاب الفروض
فإذا لم تستغرق الفروض التركة، وبقي منها شيءٌ، ولم يوجد في الورثة عاصبٌ يرث الباقي، فإنّه يكون لبيت المال؛ فإنّ هؤلاء القائلين لا يرَوْن توريث ذوي الأرحام، ولا الردّ على ذوي الفروض.
وقد نُسب ذلك إلى زيد بن ثابت وعروة والزهري ومالك والشافعي والأوزاعي وداوود الظاهري([13]).
ومع أنّ الشافعي كان لا يرى الردّ، تَبَعاً لرأي زيد، فقد وُجِد من أصحابه مَنْ اختار رأي عليٍّ×، وهو المزني، فرأيه ـ كالحنفية ـ في أنّه يُرَدّ على كلّ أصحاب الفروض، ما عدا الزوجين.
ولقد جاء بعد ذلك من الشافعية مَنْ رأوا الأخذ برأي المزني هذا، لكنْ قيَّدوه بما إذا لم يكن بيت المال منتظماً بعدالة الإمام وإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّه؛ وأمّا إذا كان بيت المال منتظماً، والعدالة فيه قائمةٌ، وكلّ مالٍ يصرفه في مصارفه، ولا تتحكّم فيه الأهواء، فإنّه في هذه الحال يُؤخَذ بما قرَّره الشافعي نفسه. وهذا التفصيل في الإعطاء لبيت المال بين حالتي انتظامه وعدمه هو الآن القول الراجح المُفتى به في المذهب الشافعي([14])، بل قيل: إنّ متأخِّري فقهاء الشافعية ـ وهم من بعد الأربعمئة ـ قد أجمعوا على أنّه يُردّ على ذوي الفروض، ويورَّث ذوو الأرحام، إذا كان بيت المال غير منتظمٍ، وذلك بأن لا يكون هناك إمامٌ أصلاً، أو وُجد وفُقد بعض شروطه. وقال بعضهم: إذا فقد الإمام بعض الشروط، لكنْ توفَّرت فيه العدالة، وأوصل الحقوق إلى أصحابها، كان بيت المال منتظماً([15]).
كما أنّ هذا التفصيل أيضاً هو القول المعتَمَد المُفتى به عند متأخِّري المالكية، فهم يردّون على أصحاب الفروض، ما عدا الزوجين، إذا لم يكن القائم على بيت المال ينفق منه في مصارفه([16]).
وقيل: إنّ بعض أئمّة المالكية قد قيَّد الدفع لبيت المال إذا لم يوجد عاصبٌ نَسَبي أو سَبَبيّ بما إذا كان الإمام عَدْلاً يصرف المال في مصارفه الشرعية؛ فإنْ لم يكن عَدْلاً فإنّه يُرَدّ على أصحاب الفروض؛ فإنْ لم يوجدوا فلبيت المال. وهم يعتبرون بيت المال عاصباً يلي في الرتبة العاصب النَّسَبي والسَّبَبي([17]).
هذا، وقد عرفْتَ أنّ رأي متقدِّمي المالكية كان هو رأي زيد، الذي لا يردّ على أحدٍ من أصحاب الفروض([18]).
أدلّة المانعين من الردّ
1ـ لا زيادة في المقدَّر بالنصّ
إنّ تقدير الفروض ثبت بالنصّ في الكتاب والسنّة، حيث بُيِّن فيهما نصيبُ كلّ وارثٍ من أصحاب الفروض. والتقدير الثابت بالنصّ يمنع الزيادة عليه. والقول بالردّ زيادةٌ على تقدير المولى سبحانه. والزيادة لا تثبت إلاّ بالنصّ، ولا نصَّ هنا([19]). فالقول بالزيادة قولٌ بلا دليلٍ، وإفتاءٌ بغير علمٍ، فلا تثبت مشروعيته، بل يكون الإفتاء به محرَّماً شرعاً بحَسَب الأدلّة العامّة.
فالأخت مثلاً لو قيل بالردّ عليها تأخذ المال كلّه، فيما إنّ فريضتها النصف؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ (النساء: 176)([20]).
2ـ الردّ تجاوزٌ للتحديد الإلهيّ
إنّ الزيادة على أنصباء هؤلاء الورثة تجاوزٌ لما حدَّده الشارع. وهذا منهيٌّ عنه، بل متوعَّد عليه بالعقاب الشديد في أدلّة الإرث بالذات، قال تعالى في ختام آيات المواريث: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (النساء: 14). فهذه الآية فيها وعيدٌ شديد لكلّ مَنْ عصى الله ورسوله بتجاوز الحدّ المشروع في قسمة المواريث على غير الوجه المُبيَّن في الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، بالزيادة أو النقصان. ولا رَيْبَ أنّ الردّ فيه زيادةٌ على أنصباء الورثة([21])، فيكون غيرَ مشروعٍ، ومحرَّماً حرمةً مؤكَّدة.
3ـ نفي النبيّ (صلى الله عليه وآله) استحقاق الزيادة على الفرض
قال رسول الله| بعد نزول آيات المواريث: «إنّ الله أعطى كلّ ذي حقٍّ حقّه، لا يستحقّ وارثٌ أكثر من حقِّه»([22]).
إنّ هذا الحديث واضح الدلالة في أنّ الله سبحانه وتعالى قد قدَّر لكلّ وارثٍ نصيباً من التركة، وأنّ الوارث لا يستحقّ من التركة أكثر من هذا النصيب الذي أعطاه الله له، والردّ على الورثة فيه زيادةٌ على الحقوق التي قدَّرها الله لكلٍّ منهم([23]).
4ـ الزائد على الفرض لبيت المال
وهو عبارةٌ عن استدلالٍ عقليّ مركَّب من مقدِّمتين:
المقدّمة الأولى: إنّ الزائد على الفروض مالٌ لا مُستحقّ له.
المقدّمة الثانية: إنّ كلّ مال لا مُستحقّ له يكون لبيت المال.
أمّا المقدّمة الأولى فيُمكن إثباتها بأنّ الردّ له ثلاثة وجوه: إمّا أن يكون باعتبار الفرضية أو العصوبة أو الرحم. ولا يجوز أن يكون باعتبار الفرضية؛ لأنّ كلّ ذي فرض قد أخذ فرضه. ولا باعتبار العصوبة؛ لأنّه باعتبارها يُقدَّم الأقرب فالأقرب. ولا باعتبار الرحم؛ لأنّه في إرث ذوي الأرحام يُقدَّم الأقرب أيضاً. في حين أنّ الردّ يكون بلحاظ مقدار الحصّة، لا على أساس الأقربية. فإذا بطلت جميع هذه الوجوه الثلاثة بطل القول بالردّ.
وأمّا المقدّمة الثانية فيُمكن إثباتها بأنّه إذا لم يترك الميّت وارثاً أصلاً تكون جميع التركة لبيت المال، وهنا أيضاً يكون الزائد عن الفروض، الذي هو جزء التركة، لبيت المال؛ اعتباراً للبعض بالكلّ([24]).
مناقشة أدلّة المانعين للردّ
هذا، وقد ردّ جمهور الفقهاء أدلّة المانعين للردّ بما يلي:
1ـ بالنسبة للدليلين الأوّل والثاني: إنّ صرف الباقي من التركة بعد أصحاب الفروض إليهم بالردّ ليس فيه تعدٍّ على حدود الله ورسوله، بل هو إعمالٌ للآية التي تورِّث ذوي الأرحام([25]). فليس الردّ عليهم زائداً على الفرض، بل هو توريثٌ لهم بسببٍ آخر، كما إذا استحقّ أحد الورثة الإرث بسببين، فإنّه يرث بهما معاً، نظير: ما لو كان الوارث أخاً لأمٍّ، وفي الوقت نفسه هو ابن عمٍّ، أو كما في زوجٍ هو ابن عمّ([26]).
إشكالٌ ودفعٌ
لا يُقال: إنّه لو كان الردّ سبباً ثانياً للتوريث كان ينبغي أن تكون قسمة التركة على أساس معيارٍ خاصّ به، لا أنّه يُعتمد المعيار السبب الأوّل، وهو بحَسَب الحصص.
فإنّه يُقال: إنّ آية أولي الأرحام قد ذكرت أنّ النَّسَب والرَّحِم هو سببٌ للتوارث، وهو أيضاً سببُ التقديم والأولوية بينهم. فلا يرث الأبعد مع وجود الأقرب. وأمّا بلحاظ تعيين مَنْ هو المقدَّم، وكيفية التقديم ومقداره ونسبته، فهي مجملةٌ من هذه الناحية. ولكنْ فصّلته آيات المواريث، فبيَّنت المقدَّم من المؤخَّر، وصاحب السهم الأوفر والأقلّ. فتقديم الأبعد على الأقرب يكون مخالفةً لآية أولي الأرحام، كما أنّ إعطاء ذي السهم الأوفر أقلّ من نسبة حصّته، وإعطاء ذي السهم الأقلّ أكثر من نسبة حصّته، يكون خلاف الأولوية التي فصَّلتها آيات الفرائض. هذا، مُضافاً إلى أنّ ثمّة مَنْ فسّر آيات الفرائض بأنّها وردَتْ لتحديد الحصص للورثة بالنسبة، لا على الإطلاق. وفي ضوء هذا التفسير لا تُتصوَّر الزيادة في التركة من الأساس([27])، كما سيأتي في بيان موقف الإمامية.
2ـ حينما يكون تقسيم الإرث بحَسَب الأدلّة فلا معصية ولا مخالفة لأوامر الله تعالى.
3ـ وأمّا الدليل الثالث فقد أجابوا عنه بأنّ الردّ على أصحاب الفروض ليس فيه زيادةٌ على حقوقهم، بل هو من حقوقهم؛ لأنّهم أَوْلى بمال مورِّثهم من بقيّة المسلمين([28]).
أقول: إنّ الاستدلال بالحديث مبتنٍ على التمسُّك بالفقرة الأخيرة فيه، وهو قوله|: «لا يستحقّ وارثٌ أكثر من حقِّه».
ولكنّ ورودها بهذا اللفظ غيرُ ثابتٍ؛ فإنّ النصّ المنقول في مصادر الحديث هو: إسماعيل بن عيّاش، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي إمامة الباهلي قال: سمعتُ النبي| يقول في خطبته عام حجّة الوداع [= عام الفتح]: «ألا إنّ الله قد أعطى كلّ ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصيّة لوارثٍ»([29])، فينهدم أصل الاستدلال.
وأمّا إنْ أريد التمسّك بالفقرة الأولى منه فسوف يعود الاستدلال حينئذٍ إلى الاستدلال الأوّل، ويَرِدُ عليه ما أورد عليه.
ودعوى أنّ الحقّ هو الفرض دعوى بلا دليلٍ، وتكرارٌ للمدَّعى. مُضافاً إلى عدم انحصار الإرث بالفرض؛ إذ من الورثة مَنْ يرث بغير فرضٍ.
وأمّا إنْ أريد التمسّك بالفقرة الأخيرة منه: «لا وصيّة لوارثٍ»، بتقريب أنّ الوصية مع كون مشروعيّتها مسلّمةً لا تكون مشروعةً بشأن الورثة، فمن باب أَوْلى عدم مشروعية إعطاء الوارث أكثر من فرضه بالردّ، فهذا مبنيٌّ على مصادرةٍ، وهي كون الوارث هو وارث الفرض فقط، فيما أنّ الوارث قد يرث بالفرض وقد يرث بغيره. مُضافاً إلى أنّ الوصية من وادٍ والإرث من وادٍ آخر، ولا يُقاس أحدهما بالآخر؛ فإنّ مَنْ كان ممنوعاً من الإرث؛ لكفرٍ أو رقٍّ أو قتلٍ، لا يستحقّ الإرث، لكنّه تصحّ الوصيّة له.
هذا، والإماميّة لم يحملوا هذه الفقرة الأخيرة من الحديث على ظاهرها؛ لمشروعية الوصيّة للوارث عندهم، وحملوها على بعض المحامل، منها: كون المراد ما زاد عن الثلث. وتمام الكلام في محلّه المناسب له من الإرث والوصية.
4ـ وأمّا الدليل الرابع فقد أجابوا عنه: بأنّ أصحاب الفروض الذين يُرَدّ عليهم هم ورثة الميت، وهم أَوْلى الناس بمحياه ومماته. وإذا وُجد الوارث فلا حَظَّ لبيت المال؛ لأنّ صاحب الفرض ساوى بقيّة المسلمين في وصفٍ عامّ هو الإسلام، وزاد عليهم بوصف خاصّ وهو القرابة، فكان هذا الوصف مُرجِّحاً له على غيره، فكان أَوْلى الناس بمال قريبه من بقيّة المسلمين، ولهذا كان أحقّ في حياته بصدقته وصلته، وبعد موته بميراثه ووصيّته، ولا يُقال: إنّه مالٌ لا مُستحقّ له، بل المُستحقّ موجود، وهو أصحاب الفروض([30]).
أقول: من الواضح أنّ مناقشة الدليل الرابع بهذا المقدار غير كافيةٍ للنقض على المُستدلّ، بل لا بُدَّ من تتميمه.
5ـ ما قيل: من أنّه إذا كان المُعتمد عند الشافعيّة والمالكيّة هو القول بالردّ على أصحاب الفروض عند فساد بيت المال، وظلم الإمام، وانحرافه عن تطبيق شريعة الله، فأيُّ انحرافٍ أعظم من هذا الذي نشهده في طول البلاد وعرضها؟!([31]).
ويَرِدُ عليه:
أوّلاً: الظاهر أنّ مراده أنّه بلحاظ الواقع الخارجي لوضع المسلمين يتعيَّن الإفتاء بالردّ على ذوي الفروض، حتّى عند المانعين، فيعود الخلاف خلافاً نظريّاً مَحْضاً.
ثانياً: بالإمكان النقض على ما اختاره الشافعيّة والمالكيّة بأنّكم إذا قلتم بعدم تمامية أدلّة الردّ على ذوي الفروض فهذا يستلزم بطلانها مطلقاً، لا أنّها صحيحة في حالٍ دون حالٍ. إذن فبأيّ دليلٍ حكمتم بالردّ على ذوي الفروض في حالة عدم انتظام بيت المال؟!
القول الثاني: القول بالردّ على ذوي الفروض
وقد اختاره فريقٌ من الصحابة والتابعين، كعمر وعليّ× وعثمان وابن عبّاس وابن مسعود وجابر بن عبدالله [= جابر بن يزيد]([32]) وشريح وعطاء ومجاهد. وحُكي عن الحسن وابن سيرين، وتَبِعهم في ذلك الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد في أشهر الروايتين عنه([33]). وقال ابن سراقة: «وعليه العمل اليوم في الأمصار»([34]). واختاره الزيدية والشيعة الإمامية([35]). وهؤلاء وإنْ اختاروا الردّ في الجملة، لكنّهم اختلفوا في بعض التفاصيل، كما سيأتي.
أدلّة القائلين بالردّ في الجملة
1ـ آيات الفرائض، وقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ…﴾
إنّ آيات الفرائض تدلّ على إعطاء ذوي الفروض فروضهم، وآية الأرحام معناها أنّ أولي الأرحام بعضهم أَوْلى بميراث بعضٍ؛ بسبب الرَّحِم، فتكون بذلك دالّةً على أنّ ذوي الأرحام يستحقّون جميع الميراث بصلة الرَّحِم. والمتبادر من الميراث المراد في الآية مجموعه، وإرادة البعض خلاف الظاهر. وحيث إنّهم أخذوا فروضهم طبقاً لآيات الفرائض فما بقي أيضاً يُعْطى لهم، ويُقدَّمون على غيرهم؛ لقوّة قرابتهم. فنكون قد عملنا بكلتا الآيتين.
وليُعلم أنّه لا يَرِدُ على هذا الاستدلال إشكالٌ بأنّ الأولوية المفهومة من الآية تحصل بإعطاء كلّ ذي فرضٍ فرضه؛ لأنّ إعطاء الفرض حصل من آيةٍ أخرى، هي آية النساء، وحمل آية الأرحام على التأسيس وإفادة حكمٍ جديد أَوْلى من حملها على تأكيد ما في آية الفرائض. فيجب العمل بما في النصَّين([36]).
2ـ موقف النبيّ (صلى الله عليه وآله) مع سعد بن أبي وقّاص
فقد دخل النبيّ| على سعد بن أبي وقّاص يعوده في مرضه. فقال سعد: جاءني رسول الله| يعودني من وجعٍ اشتدّ بي، فقلتُ: يا رسول الله: إنّي قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلاّ ابنةٌ لي، أفأتصدّق بثلثَيْ مالي؟ قال: «لا»، قلتُ: فالشطر يا رسول الله؟ قال: «لا»، قلتُ: فالثلث؟ قال: «الثلث، والثلث كثيرٌ أو كبيرٌ، إنّك إنْ تذَرْ ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تدعهم عالةً يتكفَّفون الناس»([37]).
إنّ الظاهر أنّ سعداً اعتقد أنّ البنت ترث جميع المال، وحصر ميراثه فيها، ولم يُنْكِر عليه النبيّ| ذلك، في وقتٍ هو في أشدّ الحاجة إلى البيان، بل اقتصر| على منعه عن الوصيّة بما زاد عن الثلث، مع أنّه لا وارث له إلاّ ابنة واحدة. فعدم إنكار النبيّ| على سعد لما حصر ميراثه في ابنته دليلٌ على صحّة القول بالردّ؛ إذ لو لم تكن ابنته تستحقّ ما زاد على فرضها ـ وهو النصف بطريق الردّ ـ لجوَّز له الرسول| الوصيّة بالنصف([38]).
3ـ توريث النبيّ (صلى الله عليه وآله) الملاعنة جميع مال ولدها
ولا يكون ذلك إلاّ بطريق الردّ. وفي حديث واثلة بن الأسقع أنّه| قال: «المرأة تحوز ثلاث مواريث: عتيقها؛ ولقيطها؛ وولدها الذي لاعنت عليه»([39]).
4ـ عموم قول النبيّ (صلى الله عليه وآله): «مَنْ ترك مالاً فلورثته»
قال النبيّ|: «مَنْ ترك مالاً فلورثته، ومَنْ ترك كلاًّ فإلينا»([40])؛ وفي لفظٍ: «مَنْ ترك ديناً فإليَّ، ومَنْ ترك مالاً فللوارث»([41]). وهذا عامٌّ في جميع المال([42])، أي لا يختصّ إعطاء التركة للوارث بمقدار الفرض فقط، بل إنّه أحقُّ من غيره بجميع تركة مورِّثه.
5ـ قولٌ صريحٌ للنبيّ (صلى الله عليه وآله)
حديث بريدة، عن أبيه قال: جاءت امرأةٌ إلى النبيّ|، فقالت: يا رسول الله، إنّي تصدّقْتُ على أمّي بجاريةٍ، وإنّها ماتَتْ، فقال: «آجرك الله، وردَّ عليك الميراث»([43]).
إنّ الرسول| قد جعل جميع الجارية للمرأة بحكم الميراث، مع أنّها لا تستحقّ إلاّ النصف فرضاً، وأمّا النصف الثاني فلا يكون إلاّ بالردّ([44]).
6ـ أولويّة أصحاب الفروض من سائر المسلمين
إنّ أصحاب الفروض قد شاركوا المسلمين في الإسلام، وترجَّحوا على غيرهم بالقرابة إلى الميت، فيكونون أَوْلى من بيت المال؛ لأنّه لسائر المسلمين. وذو الرحم أحقّ من الأجانب؛ عملاً بالنصّ([45]). ومجرّد القرابة في أصحاب الفروض وإنْ لم تكن علّة العصوبة لكنْ يثبت بها الترجيح؛ فإنّها بمنزلة قرابة الأمّ في حقّ الأخ لأبٍ وأمٍّ؛ إذ إنّ قرابة الأمّ وإنْ لم توجب بانفرادها العصوبة، إلا أنّه يحصل بها الترجيح. ولمّا كان هذا الترجيح بالسبب الذي استحقّوا به الفريضة كان مبنيّاً على الفريضة، فيردّ الباقي كلّه عليهم بنسبة أنصبائهم. وكما سقط اعتبار الأقرب والأقوى في أصل الفريضة يسقط أيضاً في اعتبار الردّ([46]).
أقول: وهذا الاستدلال كما ترى، لا يخلو من تكلُّفٍ وتعسُّفٍ ظاهرين.
7ـ لزوم الردّ على أصحاب الفروض بالنسبة
إنّ ذوي الفروض تساوَوْا في استحقاق السهام، فيجب أن يتساووا في ما يتفرَّع عليها([47])؛ لأنّ تحديد مقدار السهم هو تطبيقٌ لمعيار الأولوية، فهو يكشف عنها، فيكون كاشفاً عن كيفيّة الردّ.
8ـ قياس الردّ بالعَوْل
وهو مبنيٌّ على القول بالعَوْل، وحاصله: إنّ الفرائض لو عالَتْ لدخل النقص على الجميع، فينبغي أن يشملهم الردّ جميعاً([48])، أي قياس الردّ بالعَوْل.
مناقشةٌ وتشكيكٌ في القول بالردّ على ذوي الفروض
قد يقول قائلٌ: إنّ الباقي من الفروض يُعطى لذوي الأرحام بحَسَب اصطلاح الفقه السنّي.
الجواب: إن هذا القول غيرُ وجيهٍ؛ لأنّ ذوي الفروض قرابتهم قريبةٌ، وقرابة ذوي الأرحام دون قرابتهم، فهُمْ أَوْلى بأن يُرَدّ عليهم من الأرحام؛ إذ المقرَّر أنّ ذا القرابة القويّة لا يأخذ معه ذو القرابة الضعيفة([49]). فليس معنى الأولوية الأخذ قبل الأقرباء الآخرين أو أكثر منهم، بل المُراد الاستئثار بالإرث دونهم. مُضافاً إلى أنّ مقدار الزائد عن الفروض ليس محدَّداً، بل يزيد وينقص، فقد يكون مساوياً مع الفرض أو أكثر أو أقلّ بقليلٍ.
الأقوال المختلفة في مَنْ يُرَدّ عليهم
ثمّ إنّ القائلين بالردّ قد اختلفوا في مَنْ يُرَدّ عليهم على أقوال:
1ـ الردّ على ذوي الفروض، إلاّ الزوجين
نُسب إلى أكثر مَنْ ذُكر ـ كالإمام عليّ× وتلميذه ابن عبّاس ـ القول بأنّه يُرَدّ على ذوي الفروض بقدر أنصبائهم، إلاّ الزوجين([50]). وهو ما ذهب إليه الحنفية. وهو الأصحّ عند الحنابلة([51]). وجاء في الموسوعة الكويتية تقييده بما إذا لم يوجد مع ذوي الفروض عَصَبة من النَّسَب، ولا من السَّبَب([52]).
وقد ادّعى ابن قُدامة أنّ عدم الردّ على الزوجين عليه الاتّفاق من أهل العلم([53]).
الاستدلال
إنّ السبب في استثناء الزوجين من الردّ هو عدم دخولهما في آية أولي الأرحام؛ لأنّ كلاًّ من الزوجين لا يكون رَحِماً للآخر، ومن ثَمَّ لا يُرَدّ عليهما([54]).
وأضاف بعضٌ أنّ إرث الزوجين ثبت بسببب الزوجية، وقد انقطعت بموت أحدهما، فكان إرثهما على خلاف الأصل، وإنّما ثبت بالنصّ، فيُقتصر على مورد النصّ لا أكثر، فلا يُرَدّ على واحدٍ منهما([55]).
التعليق
لا كلام في عدم الردّ على الزوجين، ولا في نسبته إلى الأكثر، ولا في كون الحكم هو ذلك مع فقد الرَّحِم والعاصب. ولكنّ البحث فيما إذا أُريد من فقدان الرحم والعاصب التقييد، بمعنى انتفاء الحكم مع عدم القيد، وهو عدم الردّ على ذوي الفروض مع وجود الرحم والعاصب؛ فإنّه ـ مضافاً إلى عدم نقله في المصادر المعتبرة ـ سيأتي أنّ عليّاً× كان يعتقد بقاعدة الأقربية، وعدم الإعطاء للأبعد مع وجود الأقرب. كما أنّه لم يكن معتقداً بفكرة التعصيب إطلاقاً. وعليه فإنّه× كان يرى إطلاق الحكم بردّ الزائد على الأرحام من ذوي الفروض.
2ـ الردّ على ذوي الفروض دون استثناء
وذهب عثمان بن عفّان إلى أنّه يُرَدّ على الزوجين أيضاً([56])، وهو قول جابر بن عبد الله([57]).
الاستدلال
احتجّ عثمان للردّ على الزوجين بقياس الردّ على العَوْل؛ لأنّ الفرائض لو عالَتْ لدخل النقص على أصحاب الفروض جميعاً بمَنْ فيهم الزوجين، فكذلك الحال لو فضل شيءٌ من التركة بعد أصحاب الفروض، فإنّه يُرَدّ عليهم جميعاً؛ عملاً بقاعدة الغُنْم بالغُرْم([58]).
المناقشة
أوّلاً: إنّ هذا قياسٌ مع الفارق؛ لأنّ سبب إرث الزوجين الزوجية، وهي تنقطع بالموت، فلا وجه للردّ عليهما. بخلاف بقيّة أصحاب الفروض؛ فإنّ إرثهم بسبب القرابة الرَّحِمية، وهي باقيةٌ بعد الموت([59]).
أقول: الظاهر عدم وجاهة هذه المناقشة؛ لأنّ الحكم بالتوارث بين الزوجين بلحاظ الزوجية السابقة، أي بلحاظ ما كان عليه الوارث والمورِّث من علاقة الزوجية قبل الموت. بل نجد صاحب هذه المناقشة نفسه قد صرَّح بعد فاصلٍ يسير بذلك، دون أن يُصلح ما بدر منه، فقال: «…لأنّ صلة الزوجية وإنْ كانت تنقطع بالموت إلاّ أنّ بعض أحكامها تبقى بعد الموت»، إلاّ أنّه أبعد كثيراً عن الصواب حينما قال عقيب ذلك، بلغةٍ عاطفية رقيقة، بعيدةٍ عن المنطق والاستدلال العلمي: «فيبقى الزوجان على وفائهما لبعضهما، ورعايتهما لمصالحهما المشتركة. ومن الوفاء أن نردّ عليهما كما نردّ على بقيّة أصحاب الفروض»، بل إنّه رجَّح هذا القول واختاره([60]).
ثانياً: ويمكن المناقشة أيضاً في قول عثمان بأنّه لا موضوع لجريان قاعدة (الغُنْم بالغُرْم) في المقام؛ لأنّ الإرث كلّه غُنْمٌ، سواء قلّ أو كثر، فلا غُرْم بالمرّة. ولعلّه من هنا لم يستدلّ القائلون بالردّ على ذوي الفروض النَّسَبيّين بهذه القاعدة.
ونظراً لفظاعة هذا القول وشذوذه فتوىً، وضعفه استدلالاً، حاول ابن قُدامة توجيهه والاعتذار عنه بذكر بعض الاحتمالات والوجوه، كاحتمال أنّ الزوج المردود عليه كان عَصَبةً أو ذا رَحِمٍ فأعطاه لذلك، أو أنّ عثمان أعطى الزوج من بيت المال، لا على سبيل الميراث([61]).
3ـ الردّ على ذوي الفروض، إلاّ الزوجين والجدّة
وعن عبدالله بن عبّاس أنّه يُرَدّ على أصحاب الفروض، إلاّ ثلاثة: الزوجين؛ والجدّة([62]).
الاستدلال
قيل: إنّ عدم الردّ على الجدّة لكون ميراثها ثبت بالسُّنَّة؛ فعن بريدة أنّ النبيّ| «جعل للجدّة السدس إذا لم يكن دونها أمٌّ». فلا يُزاد عليه إلاّ إذا لم يكن وارثٌ نَسَبيّ غيرها([63]).
المناقشة
ويُمكن أن يُوجّه تساؤلٌ على المنسوب إلى ابن عبّاس: وأيّ فرقٍ بين مَنْ ثبت فرضه بالكتاب الكريم ومَنْ ثبت فرضه بالسُّنَّة؟! فلا معنى لتمييز بعض الورثة بالردّ عليهم دون بعضٍ؛ تمسُّكاً بهذه الذريعة([64]).
4ـ الردّ على ذوي الفروض، إلاّ ستّة أصناف
وقال عبدالله بن مسعود: يُرَدّ على ذوي الفروض، إلاّ على ستّةٍ:
الأوّلان: الزوجان.
والثالث: ابنة الابن إنْ وُجدَتْ بنتٌ صلبية.
والرابع: الأخت لأبٍ مع الأخت الشقيقة.
والخامس: أولاد الأمّ مع الأمّ.
والسادس: الجدّة مع ذي سهمٍ، أيّاً كان([65]).
وفي روايةٍ أخرى رواها أبو منصور، عن أحمد: إنّه استثنى جهة الردّ على الزوجين، وأولاد الأمّ مع الأمّ، والجدّة مع ذي سهمٍ فقط([66]).
الاستدلال
استُدلّ لهذا القول بأنّ الردّ لا يثبت إلاّ للأقوى من أصحاب الفروض، الذين لم يُحدَّد لهم نصيبٌ بعينه في القرآن لا يقبل التخلُّف، وذلك كالبنت، والأمّ، والأخت الشقيقة، أو الأخت لأبٍ إنْ لم تكن شقيقةٌ، وبنت الابن إنْ لم تكن بنتٌ صلبية؛ فإنّ هؤلاء لهم قوّةٌ في الفريضة بالنسبة لغيرهم، وأنصبتهم قابلةٌ للتغيُّر والانتقال إلى غير الفريضة، أي إلى التعصيب أو ما يشبهه؛ فإنّ الأمّ تنتقل إلى ما يشبه التعصيب عندما يكون الميراث بينها وبين الأب وأحد الزوجين ولم يكن مَنْ يحجبها. وعلى ذلك لا يتأتّى الردّ بالنسبة إلى الزوجين؛ لأنّ أنصبتهما لا تقبل التغيير، ولا يتأتّى الردّ على الجدّة؛ لأنّ استحقاقها ضعيفٌ؛ إذ لم يأتٍ به قرآنٌ، والمأثور السُّدُس، فلا يُزاد عليه، وبنت الابن مع البنت الصلبية فرضُها ضعيفٌ لتكميل الثلثين، فلا يتجاوز ذلك، وكذلك الأخت لأبٍ مع الأخت الشقيقة([67]).
الموقف الثاني: موقف مدرسة أهل البيت^
ويتمثَّل بالقول بلزوم ردّ الزائد من التركة على ذوي الفروض النَّسَبيين من الطبقة الواحدة، وعدم الردّ على الزوجين. وهو ما اختاره فقهاء الامامية، وأطبقوا عليه طُرّاً([68])، بل هو من ضرورات المذهب([69]). وإنّما أفردناهم لانفرادهم عن أهل العراق وغيرهم بالقول بالردّ؛ لقول الإمامية بالردّ مطلقاً، في حين أنّ غيرهم راعى العَصَبة([70])؛ فإنّ هذا هو المأثور عن مدرسة أهل البيت^ فتوىً ورواية. فمع الانفراد حكموا بأنّ الوارث يحوز جميع التركة؛ ومع تعدُّدهم ـ وكانوا أهل فروضٍ ـ يُرَدّ عليهم بالنسبة إذا كانوا في طبقةٍ واحدة؛ ومع وجودهم مع غيرهم ـ كالأزواج ـ فيُرَدّ عليهم الزائد فحَسْب، دون الأزواج؛ ومع وجود رَحِمٍ من طبقة أخرى فيُرَدّ على الوارث، دون مَنْ يليه من الطبقات.
الاستدلال
وتدلّ عليه النصوص، كتاباً وسُنَّةً:
1ـ أمّا الكتاب، فقد استدلّوا بقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ (الأحزاب: 6؛ الأنفال: 75) ـ فإنّه يدلّ على أصل توريث الأنساب بالدلالة المطابقية؛ لأولويتهم من الأجانب. كما يدلّ على تقديم الأقرب على الأبعد بالدلالة الالتزامية. ويدلّ أيضاً على أولويّتهم بالتركة مُطلقاً، سواء أكان فرضٌ أو لا. فهُمْ أَوْلى باستحقاق الفرض، وهم أَوْلى بالإرث بغير فرضٍ، وهم أَوْلى بأخذ ما زاد على الفرض من التركة؛ تمسُّكاً بإطلاق الآية، سواء أكانوا منفردين أم معهم غيرهم.
وأيضاً يدلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ (النساء: 33)؛ وقوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً﴾ (النساء: 33)([71])؛ تمسُّكاً بعنوان (الأقربية)([72]). وهذا هو عمدة الاستدلال عندهم.
هذا، وقد سلك بعض فقهاء الإمامية مسلكاً ظريفاً في الاستدلال على الردّ بآيات الفرائض، ببيان أنّه وردت لتحديد الحصص للورثة بالنسبة، لا على الإطلاق، وفي ضوء هذا التفسير لا تُتصوَّر الزيادة في التركة من الأساس([73]).
2ـ وأمّا السُّنَّة الشريفة، فقد ادَّعى النراقي استفاضتها، بل تواترها معنىً([74])، فلا يضرّ ضعف بعضها سنداً، ومنها:
أـ محمد بن الحسن الطوسي، عن الحسن بن محبوب، عن حمّاد أبي يوسف الخزّاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله× قال: «كان عليٌّ× يقول: إذا كان وارث ممَّنْ له فريضةٌ فهو أحقُّ بالمال»([75]). والأحقِّية أعمُّ من تقديم فريضته وردّ ما يبقى بعد فريضته عليه([76]). وقد وصفها النراقي في موضعٍ من مستنده بالصحيحة([77]).
وفي دعائم الإسلام: «إنْ ترك ابنتين فلكلّ واحدةٍ منهما الثلث بالميراث، كما قال الله عزَّ وجلَّ، ويُرَدّ عليهما الثلث الباقي بالرَّحِم»([78]).
ب ـ وروى العيّاشي، عن سليمان بن خالد، عن الإمام أبي عبد الله الصادق× قال: «كان عليٌّ× لا يُعطي الموالي شيئاً مع ذي رحمٍ، سُمِّيت له فريضةٌ أم لم تسمَّ له فريضةٌ، وكان يقول: ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الأنفال: 75)، قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام»([79]). والرواية مرسلةٌ.
ج ـ محمد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبد الله بن بكير، عن حسين الرزّاز قال: أمرتُ مَنْ يسأل أبا عبد الله×: المال لمَنْ هو؟ للأقرب أو العَصَبة؟ فقال: «المال للأقرب، والعَصَبة في فيه التراب»([80]).
والمستفادُ من إطلاق النصوص، كآية أولي الأرحام ـ المدعومة بهذه النصوص من السُّنَّة، وغيرُها كثيرٌ ـ، عدّةُ قواعد:
القاعدة الأولى: إنّ الأقرب مقدَّمٌ على الأبعد في استحقاق التركة.
القاعدة الثانية: لا فرق في تقديم الأقرب بين ما إذا كان ذا فرضٍ أو لا.
القاعدة الثالثة: لا فرق في تقديم ذي الفرض بين استحقاقه لأصل الفرض وبين استحقاقه الزائد عليه.
القاعدة الرابعة: لا فرق فيما تقدَّم في القواعد الثلاثة بين حالة وجود العَصَبة أو لا، فمع وجود الوارث الأقرب فهي لا ترث مع الأولاد مطلقاً، سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاً.
القاعدة الخامسة: كما لا فرق فيما تقدَّم في القواعد الثلاثة بين حالة وجود طبقة (ذوي الأرحام) بحَسَب اصطلاح الفقه السنّي أو لا.
القاعدة السادسة: إنّ الورثة الأقارب مطلقاً ـ سواء أكانوا أصحاب فروض أم لا ـ مقدَّمون على الموالي.
القاعدة السابعة: إنّ الورثة الأقارب مطلقاً ـ سواء أكانوا أصحاب فروض أم لا ـ مقدَّمون على بيت المال.
القاعدة الثامنة: عدم الردّ على الزوجين مع وجود وارثٍ آخر، مناسباً كان أو مسابباً.
إيضاحاتٌ
1ـ وجوب مراعاة ترتيب الطبقات في الردّ
إنّ الزائد من التركة يُعْطَى لذوي الفروض من أهل تلك الطبقة، لا أنّه يُعطى لهم من أيّ طبقةٍ كانوا، كما هو مفاد الأقربية، كإعطاء أصل الفرض الذي يبتني على هذا الأساس أيضاً. ومن هنا يتّضح أنّه لا يصحّ تفسيره بالردّ على طبقة أولي الأرحام خاصّةً بحَسَب المتعارف والمصطلح في الفقه السنّي؛ فإنّه تقييدٌ لإطلاق الآية من دون دليلٍ مُحْكَم؛ لأنّ الألفاظ تُحْمَل عادةً على معناها اللغوي الواسع، لا على المعنى الاصطلاحي الضيّق الحادث في زمانٍ متأخِّر عن زمان صدور النصّ الشرعي.
2ـ استثناءات الردّ على أولي الأرحام
يُستثنى من الردّ على أولي الأرحام حالتان:
أـ إذا اجتمع كلالة الأمّ مع كلالة الأبوين، فالفاضل يُرَدّ على كلالة الأبوين خاصّةً، على الأشهر؛ لزيادة الوصلة. ومع عدمها يُرَدّ على كلالة الأمّ([81]). ولا يُقسَّم على الكلالتين بحَسَب حصصهم؛ للنصّ الذي ورد فيه أنّ الأخوة للأب والأخوات للأب والأمّ هم الذين يُزادون ويُنقصون، كموثَّق موسى بن بكر [= بكير]([82]).
أقول: إنّ المتأمِّل في فقرات هذه الرواية وأشباهها يتَّضح له بجلاءٍ أنّ المُراد بهذا التعبير (يُزادون ويُنقصون) أنّهم هم الذين تتغيَّر أنصبتهم في مقابل ردّ القول بالعَوْل، وليس النظر إلى الردّ وتخصيصه بهم. وعليه فالزائد يكون شاملاً لجميع الكلالات بحَسَب سهامهم، ولا يُحرم كلالة الأمّ من الردّ.
ب ـ إنّ كلالة الأبوين أو الأب يحجبونها عن نَيْل سهمها الأعلى، وهو الثلث، كما أنّهم يحجبونها عن الردّ. وهذا الحجب غير حجب النقصان بحَسَب نظرنا، بل هو حجب الردّ. واختاره الإماميّة، وادُّعي عدم الخلاف فيه([83]).
ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿…فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ…﴾ (النساء: 11).
إشكالٌ وجواب
فإنْ قيل: إنّ الآية وردت في الحجب عن الفرض، وهو الثلث، فيُقتَصَر عليه. وأمّا الردّ فهو سببٌ آخر للتوريث، غير التوريث بسبب الفرض، وعليه فلا تُحْجَب الأمّ عن الردّ.
قلتُ: صحيحٌ أنّ سببية الردّ للتوريث مُبايِنةٌ لسببية الفرض للتوريث، فلا ملازمة بين حجب أحدهما وحجب الآخر، إلاّ أنّ الحاجب للأمّ عن الثلث قد لوحظ بما هو ليس وارثاً، فدَوْر الإخوة دَوْرٌ سلبيّ صِرْف، وهو الإضرار بالأمّ، والحيلولة دون زيادة نصيبها من الإرث. وهذه الزيادة المحجوبة لا فرق فيها بين سببٍ وسبب، فمهما كان سببها فهي لا تصل إلى الأمّ.
وهذا بخلاف حجب البنت للأمّ؛ فإنّها وإنْ خفّضت فريضة الأمّ من الثلث إلى النصف، ودَوْرها هنا دَوْرٌ سلبي أيضاً، ولكنّه في الوقت نفسه يكون دَوْر البنت دَوْراً إيجابيّاً بلحاظ أنّ قسطاً من الزائد سوف يدخل في كيس البنت، فهي ذات نفعٍ، فلا تحجب الأمّ عن الردّ.
وليس هذا ضَرْباً من الاستحسان، بل هو استظهارٌ عُرْفي يستمدّ حجّيته من حجّية الظهور العُرْفي.
3ـ استثناء الزوجين، بين النفي والإثبات
وحيث إنّ القرابة والأقربية هي الأساس في الردّ فلا يعمّ قانون الردّ مَنْ ليس برحمٍ، ومَنْ لا يكون من الأقارب، كالزوجين. وحينئذٍ تبرز مجموعةٌ من التساؤلات: هل أنّ الحكم بعدم الردّ على الزوجين مطلقٌ؟ فلو انفرد الزوج أو الزوجة بالتركة هل يأخذان فرضهما الأعلى فقط؟ وما هو حكم الباقي؟ هل يُعْطى للإمام×، الذي هو وارثُ مَنْ لا وارث له؟
أـ إنّنا لو لاحظنا النصوص القرآنية الواردة في الإرث فقد يُقال بعدم إمكان العثور على جوابٍ بهذا الشأن، بل قد يُقال بأنّ المفهوم من تحديد الفروض فيها عدم استحقاق ذي الفرض ما زاد عن فرضه، وإنّما خرجنا في خصوص الأنساب لدلالة النصوص المتقدِّمة عليه.
مناقشةٌ وردّ
وقد يُناقَش في ذلك بعدم ثبوت المفهوم للعدد، كما أشار إليه بعض المحقِّقين([84]).
إلاّ أنّنا وإنْ قبلنا بهذه الكبرى، بَيْدَ أنّ المناقشة المذكورة غير واردةٍ في هذا المقام بالذات؛ لأنّ المقام مقام التقسيم، وتقسيم المال يقتضي تعيين النصيب لكلّ مُستحقّ بلا زيادةٍ ولا نقيصة، فيكون مفاد التقسيم بالمطابقة أخذ المقدار المعيّن، وبالالتزام عدم الزيادة عليه وعدم النقيصة منه، فيثبت المفهوم؛ بسبب وجود هذه القرينة الحالية.
إلاّ أنّ هذا المفهوم إنّما يُمكن ادّعاؤه في حالة تعدُّد الورّاث، لا حالة انفراد الوارث؛ لانتفاء هذه القرينة الحالية في حالة الانفراد، كما هو واضحٌ. إذن فالنصوص القرآنية ساكتةٌ عن الموقف تجاه الردّ على الزوجين، فلا بُدَّ من التماس أدلّةٍ أخرى.
ب ـ وإنْ لاحظنا روايات أنّ الإمام× وارثُ مَنْ لا وارث له فهي لا تنطبق على المقام؛ فإنّ المرتكز في الذهن العُرْفي أنّه لا يُصار إلى توريث الجهة العامّة، وهي الإمام×، ما دام الوارث الخاصّ موجوداً؛ إذ لا يصدق والحال هذه أنّ الميّت لا وارث له، بل له وارثٌ، وهو الزوج أو الزوجة. ونتيجةُ تحكيم هذا الارتكاز الردُّ عليهما، من دون فرقٍ بين الزوج والزوجة.
وفرقٌ شاسع بين عنوان (مَنْ لا وارث له) أو (ليس له وارثٌ) وبين عنوان (ما لا وارث له). والزائد عن التركة في محلّ البحث ينطبق عليه العنوان الثاني، الذي لم يَرِدْ في الأدلّة، ولا ينطبق عليه العنوان الأوّل الذي هو الذي ورد في الأدلّة([85]).
ج ـ وأمّا إذا لاحظنا الأدلّة الخاصّة في الباب فقد يختلف الموقف بحَسَب مداليل تلك الأدلّة. ومن هنا تعدَّدت أقوال فقهاء الإمامية واحتمالاتهم في المسألة. كما أنّ الروايات الواردة في خصوص المقام مختلفةٌ إلى حدّ التعارض. وهي على طوائف:
الأولى: ما دلّ على الردّ على الزوج. وهي رواياتٌ مستفيضة([86]).
الثانية: ما دلّ على الردّ على الزوجة. ففي صحيحة أبي بصير([87])، عن أبي عبد الله×، قال: قلتُ له: رجلٌ مات وترك امرأته؟ قال: «المال لها»، قلتُ: امرأةٌ ماتت وتركت زوجها؟ قال: «المال له»([88]). وأفتى به الشيخ المفيد([89]). وحُمل على بعض المحامل، ومنها: ما إذا كانت المرأةُ قريبةً له([90]). ونحوها صحيحة أبان بن عثمان([91]).
الثالثة: ما دلّ على على عدم الردّ عليهما، كموثَّقة جميل بن درّاج([92])، عن أبي عبد الله× قال: «لا يكون الردّ على زوجٍ، ولا زوجة»([93]). وحكاه الديلمي عن بعض الأصحاب([94]). وحُمل على حالة وجود وارثٍ آخر([95]).
الرابعة: ما دلّ على عدم الردّ على الزوجة، والباقي يُعطى للإمام×. وهي رواياتٌ بلغَتْ حدَّ الاستفاضة([96]).
وتَبَعاً لكيفية التعامل مع هذه الروايات، وطريقة فهمها، والجمع بينها، صارت الأقوال متعدِّدةً:
القول الأوّل: الردّ على الزوج والزوجة. واختاره المفيد. ويدعمه الرواية والارتكاز العامّ.
القول الثاني: عدم الردّ عليهما. وهو الذي حكاه الديلمي عن قائلٍ مجهول.
القول الثالث: وهو المشهور بين الإمامية شهرةً عظيمة، كادَتْ تكون إجماعاً، وهو الردّ على الزوج، دون الزوجة فلا يُرَدّ عليها، بل يكون الفاضل للإمام×([97]).
القول الرابع: الردّ على الزوج، والتفصيل في الزوجة بين حضور الإمام× وغيبته، فيُرَدّ عليها في حال الغيبة، دون حال الحضور. واختاره بعضٌ، كالشيخ في النهاية وابن سعيد([98]).
وهذا القول الأخير؛ بلحاظ النتيجة العملية في زمان الغيبة، يتَّحد مع القول الأوّل. والقول الثاني لا يُعْرَف قائله. فيثبت أمامنا قولان اثنان، لا أكثر: القول المشهور، وهو الردّ على الزوج، وعدم الردّ على الزوجة؛ والآخر قول المفيد، وهو الردّ عليهما. وتحقيق هذه الأقوال تصوُّراً وتصديقاً يتطلَّب بحثاً موسَّعاً، وهذا ما نتركه لفرصةٍ أخرى، عسى أن نُوفَّق لها إنْ شاء الله تعالى.
4ـ مراتب الردّ
يظهر ممّا تقدَّم أنّه يُمكن القول بأنّ للردّ مرتبتين([99])، وبحَسَب الفقه الإمامي، هما:
المرتبة الأولى: الردّ على أصحاب الفروض، عدا الزوجين. وهو مطلقٌ، أي سواء أكان وارثٌ غيرهم في طبقةٍ أخرى أو لا.
المرتبة الثانية: الردّ على أحد الزوجين. وهو مقيَّدٌ بما إذا لم يكن للميّت أيّ وارثٍ غيرهما، نَسَبياً كان أو سَبَبياً، عدا الإمام. هذا بالنسبة الى الزوج، وأمّا الزوجة ففيها ثلاثة أقوال: الردّ؛ وعدمه ـ وهو المشهور ـ؛ والتفصيل بين حضور الإمام فلا يُرَدّ وبين غَيْبته فيُرَدّ، تمليكاً أو إباحةً لها منه×.
5ـ الردّ يوجب تكرار الإرث
قد يُورَد الإشكال على مبدأ الردّ باستلزامه الإعطاء للوارث مرّتين: الأولى: بالفرض؛ والثانية: بالردّ.
والجواب: لا مانع عقلياً، ولا عقلائياً، من تعدُّد الإعطاء بتعدُّد السبب أو بتعدُّد الصور والحالات، نظير: توريث ذي المُوجِبَين، فإنّه يأخذ بكلّ عنوانٍ مُوجِب استحقاقه، ولا يُقال باستحقاقه من جهةٍ واحدة فقط، وسقوط استحقاقه من الجهة الأخرى. بل لو فرضنا جَدَلاً تعدُّد العنوان من ثلاث جهاتٍ لاستحقَّها جميعاً، ولا يُمكن حرمانه من شيءٍ منها، كافتراض اجتماع الخؤولة والعمومة والزوجية كلُّها في شخصٍ واحد.
تحليل الضابطة في الردّ
إنّ الفائض من التركة عن الفروض يُرَدّ على أصحاب الفروض، ولا يُعطى لغيرهم من الورثة الآخرين؛ وذلك لأنّ أصحاب الفروض أقرب إلى الميت، والأقرب يمنع الأبعد، ما لم يكن حاجبٌ لأحدهم عن الردّ عليه، فيختص الآخر بالردّ حينئذٍ أو ينفرد بزيادة الوصلة، فيختصّ هو أيضاً بالردّ([100]).
ثمّ إنّ الردّ يكون على أهل الفروض بنسبة حصصهم؛ فإنّ هذا هو مقتضى العدل والإنصاف.
إذن فالردّ على الأنساب مبتنٍ على أصلين:
الأوّل: الأقربية للمورّث، فيردّ على الأقرب والأشدّ وصلةً.
الثاني: إنّ تقسيم الفاضل يكون على أساس قاعدة العدل والإنصاف.
تقسيم مسائل الردّ
1ـ موقف الفقه السنّي
لقد قُسِّمت مسائل الردّ في الفقه السنّي إلى أربعة أقسام، وهي:
القسم الأوّل: أن يكون في المسألة جنسٌ واحد ممَّنْ يُردّ عليه، ولا يوجد فيها مَنْ لا يُردّ عليه.
وفي هذه الصورة تُجعل المسألة من رؤوس ذلك الجنس الواحد؛ لأنّ جميع المال لهم بالفرض والردّ، ورؤوسهم متماثلةٌ، فلا مزيّة لرأسٍ على آخر.
1ـ إذا توفّي رجلٌ عن بنتين
للبنتين الثلثان بالفرض = 2/3 = 4/6،يُقسّم بينهما، فتأخذ كلّ واحدة منهما نصف الثلثين، وهو الثلث = 1/3 = 2/6.
الباقي، وهو الثلث، يُردّ عليهما بالنسبة، لكلّ واحدةٍ سدس = 1/6.
فيصبح مجموع حصّة كلٍّ منهما فرضاً وردّاً = 2/6 + 1/6 = 3/6 = 1/2.
2ـ إذا توفّي رجلٌ عن أخوين لأمٍّ
للأخوين الثلث بالفرض = 1/3 = 2/6، يُقسَّم بينهما، فيأخذ كلّ واحدٍ منهما نصف الثلث، وهو السدس = 1/6.
الباقي، وهو الثلثان، يُردّ عليهما بالنسبة، لكلّ واحدٍ ثلث = 2/6.
فيصبح مجموع حصّة كلّ منهما فرضاً وردّاً = 1/6 + 2/6 = 3/6 = 1/2.
القسم الثاني: إذا اجتمع في المسألة جنسان أو ثلاثة أجناس ممَّنْ يُرَدّ عليهم، ولا يوجد في المسألة مَنْ لا يُرَدّ عليه. وفي الغالب لا يجتمع في مسألةٍ أكثر من جنسين أو ثلاثة ممَّنْ يُرَدّ عليهم. وفي هذه الصورة تُجعل المسألة من مجموع سهام هؤلاء المجتمعين المأخوذة من أصل المسألة.
وفي هذه الصورة ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يُجعل أصل المسألة من ستّةٍ:
1ـ إذا توفّيت امرأةٌ عن أختٍ لأمٍّ، وجدّةٍ
فأصل المسألة من 6:
لهما الثلث بالفرض = 1/3 = 2/6، يُقسَّم بينهما، فتأخذ كلّ واحدةٍ منهما نصف الثلث، وهو السدس = 1/6.
الباقي، وهو الثلثان، يُردّ عليهما بالنسبة، لكلّ واحدةٍ ثلث = 2/6.
فيصبح مجموع حصّة كلٍّ منهما فرضاً وردّاً = 1/6 + 2/6 = 3/6 = 1/2.
فيعود أصل المسألة إلى 2.
2ـ إذا توفّي رجلٌ عن أخوَين لأمٍّ
أصل المسألة من 6:
لهما الثلث بالفرض = 1/3 = 2/6، يُقسَّم بينهما، فيأخذ كلّ واحدٍ منهما نصف الثلث، وهو السدس = 1/6.
الباقي، وهو الثلثان، يُرَدّ عليهما بالنسبة، لكلّ واحدٍ ثلث = 2/6.
فيصبح مجموع حصّة كلّ منهما فرضاً وردّاً = 1/6 + 2/6 = 3/6 = 1/2.
فيعود أصل المسألة إلى 2.
الحالة الثانية: أن يُجعل أصل المسألة من ثلاثة إذا اجتمع فيها ثلثٌ وسدس:
1ـ إذا توفّي رجلٌ عن أمٍّ، وأختين لأمٍّ
فأصل المسألة من 6:
للأمّ السدس بالفرض = 1/6.
للأختين لأمٍّ الثلث بالفرض = 1/3 = 2/6، يُقسَّم بينهما، فتأخذ كلّ واحدةٍ منهما نصف الثلث، وهو السدس = 1/6.
الباقي، وهو الثلث، يُرَدّ عليهما وعلى الأمّ بالنسبة، فيكون لكلّ واحدة سدس = 1/6.
فيصبح مجموع حصّة كلّ واحدة فرضاً وردّاً = 1/6 + 1/6 = 2/6 = 1/3.
فيعود أصل المسألة إلى 3؛ فللأختين لأمٍّ الثلثان، وللأمّ الثلث.
الحالة الثالثة: أن يُجعل أصل المسألة من أربعة، كما إذا اجتمع فيها نصف وسدس:
1ـ إذا توفّيت امرأةٌ عن بنتٍ، وبنت ابنٍ
للبنت النصف بالفرض = 1/2 = 6/12.
ولبنت الابن السدس (تتمّة الثلثين) = 1/6 = 2/12، يُقسَّم بينهما، فتأخذ كلّ واحدة منهما نصف الثلثين، وهو الثلث = 1/3 = 2/6.
الباقي، وهو الثلث = 1/3 = 4/12، يُرَدّ عليهما بالنسبة:
للبنت من الصلب ثلاثة أسهم = 3/12.
ولبنت الابن سهمٌ واحد = 1/12.
فيصبح مجموع حصّة البنت الصلبية، فرضاً وردّاً = 6/12 + 3/12 = 9/12 = 3/4.
ويصبح مجموع حصّة بنت الابن، فرضاً وردّاً = 2/12 + 1/12 = 3/12 = 1/4.
فيعود أصل المسألة إلى 4.
القسم الثالث: أن يكون في المسألة مع الجنس الواحد الذي يُرَدّ عليه مَنْ لا يُرَدّ عليه، بمعنى أن يكون في المسألة جنسٌ واحد ممَّنْ يُرَدّ عليه، ويجتمع معه في نفس المسألة مَنْ لا يُرَدّ عليه، كالزوج والزوجة.
وفي هذه الصورة يُعطى مَنْ لا يُرَدّ عليه فرضه من أقلّ مخارجه، ثمّ يُقسَّم الباقي على عدد رؤوس مَنْ يُرَدّ عليهم، فإنْ استقام الباقي على عدد رؤوس مَنْ يُرَدّ عليهم كان بها، وإلاّ تُصحَّح المسألة حتّى تقسَّم عليهم دون كسرٍ.
1ـ إذا توفّيت امرأةٌ عن زوجٍ وثلاث بنات
فأصل المسألة من 4؛ لأنّ أقلّ مخارج مَنْ لا يُردّ عليه ـ وهو الزوج ـ أربعة
فيُعطى الزوج فرضه، وهو الربع = 1/4.
الباقي، وهو ثلاثة أرباع التركة = 3/4، يُعطى للبنات الثلاثة، وهو منقسمٌ على عدد رؤوسهنّ قسمةً صحيحة،
فتأخذ كلّ واحدة منهنّ الربع = 1/4.
القسم الرابع: أن يجتمع في المسألة مَنْ لا يُرَدّ عليه مع جنسين ممَّنْ يُرَدّ عليهم.
وفي هذه الصورة يأخذ مَنْ لا يُرَدّ عليه سَهْمَه المُقدَّرَ له، ثمّ يُقسَّم الباقي على مَنْ يُرَدّ عليهم بنسبة سهامهم، نحو ما تقدَّم في القسم الثاني.
1ـ إذا توفّي رجلٌ عن زوجةٍ وأربع جدّاتٍ وستّة إخوةٍ لأمٍّ
فأصل المسألة من 4؛ لأنّ أقلّ مخرج فرض مَنْ لا يُرَدّ عليه ـ وهو الزوجة ـ أربعة،
فتُعطى الزوجة فرضها، وهو الربع = 1/4.
الباقي، وهو ثلاثة أرباع التركة = 3/4، يُعطى للإخوة لأمٍّ وللجدّات:
للإخوة لأمٍّ الثلث، سهمان = 2/4.
وللجدّات الأربع السدس، سهمٌ واحد = 1/4.
فالقسمة هنا مستقيمةٌ على مسألة مَنْ يُرَدّ عليه، ولكنْ بين نصيب الجدّات الأربع ورؤوسهنّ مباينةٌ، فنحفظ رؤوسهنَّ بأكمله، وكذلك بين نصيب الإخوة لأمٍّ الستّة وسهامهم موافقةٌ بالنصف، فنردّ عدد رؤوسهم إلى النصف، ثمّ نطلب التوافق بين أعداد الرؤوس والرؤوس، فلا نجد إلاّ مباينةً، فنضرب وفق عدد رؤوس الإخوة لأمّ في عدد رؤوس الجدّات (3 × 4) = 12، ثمّ نضرب هذا العدد في مخرج المسألة وهو أربعة (12 × 4) = 48، فتصح المسألة
للزوجة ربعها = 12/48.
للجدّات الأربع = 12/48، يُقسَّم عليهنّ؛ لكلّ واحدةٍ منهنّ أخذ كلّ واحدة منهنّ ربعه = 3/48.
للإخوة لأمٍّ الستّة = 24/48، يُقسَّم عليهم؛ لكلّ واحد منهم سدسه = 4/48([101]).
2ـ موقف الفقه الإمامي
إنّ فقهاء الإمامية قد اكتفوا ببيان أصل موقفهم في الردّ على ذوي الفروض النَّسَبيّين، ولم يخوضوا في تقسيم مسائل الردّ؛ اعتقاداً منهم بعدم جدوى ذلك. قال السيد المرتضى في آخر بحث الردّ: «واعلم أنّ المسائل التي تتفرَّد([102]) بها في الردّ كثيرةٌ. لا معنى للتطويل بذكرها. وإذا كنّا قد بيَّنَّا أصولنا في الردّ وما ينبني عليه، وكلّ مسألةٍ تفرَّعت على هذه الأصول مردودةٌ إليها، ومبنيّةٌ عليها، فلا حاجة إلى تكلُّف أعيان المسائل كلِّها، كما لم نفعل ذلك في باب العَصَبات وباب العَوْل»([103]).
بعض التطبيقات والمسائل التي طرحها فقهاء الإماميّة
المسألة 1: إذا اجتمعت بنتٌ، وأب([104])
أصل المسألة من 6:
للبنت النصف = 3/6 = 6/12.
للأب السدس = 1/6 = 2/12.
بقي ثلث = 4/12، يقسَّم للبنت ثلاثة أرباعه، وللأب ربعه:
فتصبح حصّة البنت = 6/12 + 3/12 = 9/12 = 3/4.
وتصبح حصّة الأب = 2/12 + 1/12 = 3/12 = 1/4.
المسألة 2: إذا اجتمعت بنتٌ، وأمّ
أصل المسألة من 6:
للبنت النصف = 3/6 = 6/12.
للأم السدس = 1/6 = 2/12.
بقي ثلث = 4/12، يقسَّم للبنت ثلاثة أرباعه، وللأمّ ربعه:
فتصبح حصّة البنت = 6/12 + 3/12 = 9/12 = 3/4.
وتصبح حصّة الأمّ = 2/12 + 1/12 = 3/12 = 1/4.
المسألة 3: إذا اجتمع أمٌّ، وأختٌ لأمٍّ
أصل المسألة من 3:
للأمّ ثلث = 1/3.
بقي ثلثان = 2/3، يكون للأمّ بالردّ.
ولا شيء للأخت؛ لكونها من الطبقة الثانية.
ومن الثابت توريث الأقرب فالأقرب، وعمود النسب أقرب من حاشيته، كما هو واضحٌ.
المسألة 4: إذا اجتمعت أختٌ شقيقة، وأختٌ لأبٍ
أصل المسألة من 2:
للأخت الشقيقة نصف = 1/2.
بقي نصف = 1/2، يكون للأخت الشقيقة بالردّ.
ولا شيء للأخت من الأب؛ لعدم اجتماعها مع كلالة الأبوين.
المسألة 5: إذا اجتمع بنتٌ، وبنتُ ابنٍ، وأمٌّ
أصل المسألة من 6:
للبنت النصف = 3/6 = 6/12.
للأم السدس = 1/6 = 2/12.
بقي ثلث = 4/12، يقسَّم للبنت ثلاثة أرباعه، وللأمّ ربعه:
فتصبح حصّة البنت = 6/12 + 3/12 = 9/12 = 3/4.
وتصبح حصّة الأمّ = 2/12 + 1/12 = 3/12 = 1/4.
ولا شيء لبنت الابن؛ لبُعْد درجتها، فلا تجتمع مع البنت للصلب.
المسألة 6: إذا اجتمع أبوان، وبنتٌ، وأخٌ أو عمٌّ([105])
للبنت النصف = 1/2 = 3/6 = 15/30.
للأبوين الثلث = 1/3 = 2/6 = 10/30.
الباقي سدس = 1/6 = 5/30، يقسَّم عليهم أخماساً:
فتصبح حصّة البنت = 15/30 + 3/30 = 18/30 = 3/5.
وتصبح حصّة الأبوين = 10/30 + 2/30 = 12/30 = 2/5.
ولا شيء للأخ، ولا للعمّ؛ لبُعْد درجتهما.
المسألة 7: إذا اجتمعت أمٌّ، وبنتٌ، وإخوةٌ
للبنت النصف = 1/2 = 3/6.
للأمّ السدس = 1/6.
الباقي ثلثٌ = 1/3 = 2/6، يُرَدّ عليهما بالنسبة، أرباعاً.
ولا يُعْطى للإخوة شيءٌ؛ لكونهم أبعد قرابةً من البنت والأمّ؛ فإنّهم من الطبقة الثانية. ولا يحجبون الأم عمّا زاد عن السدس؛ لانخرام الشرط في الحجب حَسْب الفرض، وهو حياة الأب.
المسألة 8: إذا اجتمعت كلالة الأمّ، وأختٌ للأبوين([106])
لكلالة الأمّ الثلث = 1/3 = 2/6.
للأخت للأبوين النصف = 1/2 = 3/6.
الباقي سدس = 1/6، يُرَدّ على الأخت من الأبوين؛ لزيادة وصلتها إلى الميت بزيادة القرب بالأب، فتصبح حصّتها = 3/6 + 1/6 = 4/6 = 2/3.
نتائج البحث
1ـ إنّ التعريف السنّي للردّ ليس فنّياً.
2ـ للفقه السنّي موقفان رئيسان تجاه الردّ؛ فقولٌ يرى عدم الردّ على أهل الفروض، وصيرورة الباقي لبيت المال؛ وثمّة مَنْ فصَّل. وأصحاب القول الثاني، الذين يرَوْن الردّ، اختلفوا في تعيين مَنْ يُرَدّ عليه على أربعة اتّجاهات. وقد ناقشنا أدلّة الطرفين، وكانت الكفّة الراجحة لصالح القول بالردّ.
3ـ وأمّا موقف الإمامية فيتمثَّل بالقول بالردّ على أهل الفروض النَّسَبيّين بنسبة فروضهم، وبحثنا ما أقاموه من أدلّةٍ محكمة بهذا الشأن على الصعيدين القرآني والحديثي، ولم نقبل تخصيص الردّ بكلالة الأب والأبوين.
4ـ وأمّا موقفهم تجاه الزوج فيرَوْن الردّ عليه إذا لم يكن وارثٌ غيره، عدا الإمام. وأمّا الزوجة ففي الردّ عليها خلافٌ، تَبَعاً لاختلاف الرواية. وقد اقتصَرْنا على الإشارة إلى أدلّة الأقوال بشكلٍ إجمالي.
5ـ وقد قسَّم الفقه السنّي مسائل الردّ، فيما لا يرى الإمامية أيّ جدوىً في هذا التقسيم.
الهوامش
(*) أستاذٌ في الحوزة العلميّة، وعضو الهيئة العلميّة في جامعة المصطفى| العالميّة. من العراق.
([1]) انظر: النووي، المجموع 16: 92؛ روضة الطالبين 5: 82.
([2]) انظر: جمعة برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 581.
([4]) انظر: الفيومي، المصباح المنير: 324، دار الهجرة.
([5]) انظر: الجوهري، الصحاح 2: 473.
([6]) انظر: العسكري، الفروق اللغوية: 249، (978).
([8]) انظر: النجفي، جواهر الكلام 39: 10، 12 ـ 13، 79 ـ 81؛ الخوئي، منهاج الصالحين 2: 349 ـ 351، 362 ـ 363.
([9]) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 49، الفقرة 63.
([10]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 582. العبّاس بن أحمد، تتمّة الروض النضير، المطبوع ملحقاً بـ [الروض النضير، للصنعاني] 4: 60.
([11]) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 49، الفقرة 63.
([12]) انظر: المصدر السابق، الفقرة 64.
([13]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46 ـ 47؛ ابن عابدين، حاشية ردّ المحتار 5: 487ـ 491، دار الكتب العلمية؛ السرخسي، المبسوط 29: 193؛ برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 582؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 67.
([14]) أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث: 178.
([15]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 586؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 68.
([16]) أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث: 178.
([17]) انظر: حاشية الدسوقي 4: 468؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 67.
([18]) انظر: المصدرين السابقين.
([19]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 585؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 68.
([20]) ابن قُدامة، المغني 7: 47.
([21]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 585؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 68.
([22]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 585؛ وسوف يأتي أنّه لم يَرِدْ الحديث في كتب الأحاديث بهذا اللفظ.
([23]) انظر: المصدر السابق: 585 ـ 586.
([24]) انظر: المصدر السابق: 586؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 68.
([25]) الأحزاب: 6؛ الأنفال: 75.
([26]) انظر: النراقي، مستند الشيعة 19: 147.
([27]) انظر: موسوعة الإمام الخوئي 49: 15 ـ 17.
([28]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 586.
([29]) ابن أبي جمهور، عوالي اللآلي 2: 115، ح 318؛ مسند أحمد بن حنبل 4: 186، 187، 238؛ 5: 267؛ سنن الدارمي 2: 419؛ سنن ابن ماجه القزويني 2: 905، ح 2713، و906، ح 2714؛ سنن أبي داوود السجستاني 1: 656، ح 2870؛ 2: 156، ح 3565؛ مسند أبي داوود الطيالسي: 154، 169؛ النسائي، السنن الكبرى 6: 247؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 212، 244؛ سنن الترمذي 3: 293، ح 2203؛ العيني، عمدة القاري 14: 26 ـ 27، 38؛ الزيلعي، تخريج الأحاديث والآثار 1: 111؛ الزيلعي، نصب الراية 5: 15.
أقول: الحديث بحَسَب هذا الطريق مرسلٌ؛ لأنّ شرحبيل لم يلْقَ أبا إمامة، وإسماعيل بن عيّاش ضعيفٌ [انظر: المرتضى، الانتصار: 600]. وقال الشافعي: «وروى بعض الشاميين حديثاً ليس ممّا يُثبته أهل الحديث فيه: إنّ بعض رجاله مجهولون، فرويناه عن النبي منقطعاً» [الشافعي، الرسالة: 139، رقم 400]. لكنْ صحَّحه أو حسَّنه أكثرهم [الترمذي 2: 16؛ المباركفوري، تحفة الأحوذي 6: 258؛ ابن حجر، فتح الباري 5: 278؛ المارديني، الجوهر النقي 6: 212، 264؛ العظيم آبادي، عون المعبود 8: 51 ـ 52]، بل ادُّعي تواتره [الشافعي، الرسالة: 140، انظر: التعليق في الهامش للمحقِّق أحمد محمد شاكر]. هذا كلّه بحَسَب المدرسة السنّية. وأمّا بحَسَب المدرسة الشيعية فلم يَرِدْ في مصادرهم، ولكنْ رواه ابن أبي جمهور مرسلاً، والظاهر أنّه أخذه من المصادر السنِّية؛ لخلوّ المجاميع الروائية الشيعية الأصلية منه.
([30]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 586.
([31]) انظر: المصدر السابق: 587.
([32]) كذا في: السرخسي، المبسوط 29: 193.
([33]) انظر: المصدر السابق: 586؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 51، الفقرة 68؛ ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([34]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([35]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 582 ـ 583.
([36]) انظر: المصدر السابق: 583؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 50، الفقرة 66.
([37]) صحيح البخاري 2: 82؛ العيني، عمدة القاري 8: 88، ح 5921؛ الشوكاني، نيل الأوطار 6: 148؛ سنن ابن ماجه القزويني 2: 903ـ 904، ح 2708؛ صحيح مسلم 5: 72.
([38]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 584؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 50، الفقرة 66.
([39]) مسند أحمد بن حنبل 3: 490؛ 4: 107؛ سنن ابن ماجه القزويني 2: 916، ح 2742؛ سنن أبي داوود السجستاني 2: 8، ح 2907؛ سنن الترمذي 3: 290، ح 2198؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 259؛ النسائي، السنن الكبرى 4: 78، ح 6360. وانظر: ابن قُدامة، المغني 7: 47.
([40]) صحيح البخاري 3: 85؛ 8: 11؛ صحيح مسلم 5: 63؛ سنن أبي داوود القزويني 2: 19، ح 2955. وانظر أيضاً: صحيح البخاري 8: 5؛ مسند أحمد بن حنبل 2: 287، 450، 456؛ 3: 215، 311، 371؛ 4: 133؛ صحيح مسلم 3: 11؛ النوري، مستدرك الوسائل 13: 400 ـ 401، باب 9 من أبواب الدين والقرض، ح 5، 7، 8، 10؛ 17: 207، باب 1 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة، ح1.
([41]) مسند أبي داوود الطيالسي: 307؛ صحيح ابن حِبَّان 7: 333، وفيه: «فعليَّ» بدل «فإليَّ»؛ مسند أحمد بن حنبل 2: 464، وفيه: «مَنْ ترك مالاً أو ضياعاً».
([42]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 47.
([43]) مسند أحمد بن حنبل 5: 351، 361؛ سنن ابن ماجه القزويني 2: 800، ح 2394؛ النسائي، السنن الكبرى 4: 67، ح 6315، 6316.
([44]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 585.
([45]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 47؛ برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 584 ـ 585.
([46]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 584 ـ 585.
([47]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([48]) انظر: المصدر السابق: 46.
([49]) أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث: 177.
([50]) انظر: السرخسي، المبسوط 29: 192.
([51]) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 49، الفقرة 65.
([53]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([54]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 587. الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 49، الفقرة 65.
([55]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 587.
([56]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46؛ برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 588؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 49 ـ 50، الفقرة 65.
([57]) انظر: السرخسي، المبسوط 29: 192؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 50، الفقرة 65.
([58]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 588؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 50، الفقرة 65.
([59]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 588.
([60]) انظر: المصدر السابق: 589.
([61]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([62]) انظر: السرخسي، المبسوط 29: 193؛ برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 588؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 3: 50، الفقرة 65.
([63]) انظر: برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 589.
([65]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46؛ السرخسي، المبسوط 29: 192 ـ 193.
([66]) انظر: ابن قُدامة، المغني 7: 46.
([67]) انظر: أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث: 175ـ 176.
([68]) انظر: النجفي، جواهر الكلام 39: 100؛ المرتضى، الانتصار: 568.
([69]) النراقي، مستند الشيعة 19: 143.
([70]) انظر: المرتضى، الانتصار: 569.
([71]) انظر: النقطة الخامسة تحت عنوان (التعصيب والردّ).
([72]) أقول: وقد عقدنا دراسةً مفصّلة مستقلّة لبيان دلالة الآيات على قاعدة الأقربيّة.
([73]) انظر: موسوعة الإمام الخوئي 49: 15 ـ 17.
([74]) النراقي، مستند الشيعة 19: 143.
([75]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 68، باب 2 من أبواب موجِبات الإرث، ح 2؛ 188 ـ 189، باب 2 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال، ح 7؛ الكليني، الكافي 7: 77، ح 2؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 9: 269، ح 977؛ 326، ح 1171.
([76]) النراقي، مستند الشيعة 19: 162.
([77]) المصدر السابق 19: 293. وانظر: الروحاني، فقه الصادق 24: 338.
([78]) القاضي النعمان، دعائم الاسلام 2: 366، ح 1331.
([79]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 89، باب 8 من أبواب موجِبات الإرث، ح 10؛ تفسير العيّاشي 2: 71، ح 85.
([80]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 64، باب 1 من موجِبات الإرث، ح 3؛ 85، باب 8 من موجِبات الإرث، ح 1؛ 186، باب 2 من ميراث الأعمام والأخوال، ح 2؛ الكليني، الكافي 7: 75، ح 1؛ الطوسي، الاستبصار 4: 170، ح 642؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 9: 267، ح 972؛ 327، ح 1176، رواه: عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن محمد الكاتب، عن محمد الهمداني، عن جعفر بن بشير البجلي، عن عبد الله بن بكير، عن حسين الرزّاز قال: أمرت….
([81]) انظر: الشهيد الثاني، الروضة البهية 8: 128 ـ 129.
([82]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 152 ـ 153، باب 2 من ميراث الإخوة والأجداد، ح 2.
([83]) انظر: النراقي، مستند الشيعة 19: 134.
([84]) انظر: النجفي، جواهر الكلام 39: 101.
([85]) انظر: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 246 ـ 251، باب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة، ح 1، 3، 4، 5، 7، 8، 9، 11، 12.
([86]) انظر: وسائل الشيعة (الحرّ العاملي) 26: 197ـ 201، ب 3 من ميراث الأزواج.
([87]) سند الحديث: محمد بن الحسن الطوسي [عن محمد بن يعقوب الكليني، عن عدّة من أصحابنا عن] أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عُمَيْر، عن ابن مُسْكان، عن أبي بصير [الطوسي، تهذيب الأحكام 9: 295، ح 1056؛ 10: 42 ـ 43 (المشيخة)؛ الطوسي، الاستبصار 4: 150، ح 568؛ 313 (المشيخة)].
([88]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 204، باب 4 من أبواب ميراث الأزواج، ح 9.
([89]) انظر: المفيد، المقنعة: 691. وقال ابن إدريس: «إنّه رجع عن ذلك في الإعلام». [ابن إدريس، السرائر 3: 244؛ وانظر: الإعلام (مصنّفات الشيخ المفيد) 9: 55]. وقال العاملي: «لا تدلّ عبارته فيه على أنّه رجع عمّا في المقنعة». [العاملي، مفتاح الكرامة 8: 182].
([90]) انظر: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 204، باب 4 من أبواب ميراث الأزواج، ذيل ح 9.
([91]) سند الحديث: محمد بن عليّ بن الحسين عن [أبيه ـ عليّ بن الحسين ـ ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله والحميري جميعاً، عن أيّوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عبد الجبّار جميعاً، عن] محمد بن أبي عُمَيْر، عن أبان بن عثمان. [الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 263، ح 5613؛ 460 (المشيخة)].
([92]) سند الرواية: محمد بن الحسن الطوسي [عن أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن عليّ بن محمّد بن الزبير]، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس، عن جميل بن درّاج. [الطوسي، تهذيب الأحكام 9: 296، ح 1061؛ 10: 55 ـ 56 (المشيخة)؛ الطوسي، الاستبصار 4: 149، ح 563].
وأبو محمد الحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء الصيرفي الخزّازـ وهو ابن بنت إلياس ـ ثقةٌ من وجوه الطائفة. [رجال النجاشي: 39، رقم 80؛ الجواهري، المفيد من معجم رجال الحديث: 147، رقم 2961 ـ 2960 ـ 2968؛ وانظر: 136، 146].
وأبو علي ـ أو أبو محمد ـ جميل بن درّاج بن عبدالله النخعي، ثقةٌ من وجوه الطائفة. [رجال النجاشي: 126، رقم 328؛ الجواهري، المفيد من معجم رجال الحديث: 117، رقم 2362 ـ 2361 ـ 2370].
([93]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 204، باب 4 من أبواب ميراث الأزواج، ح 10.
([94]) سلاّر، المراسم: 222؛ وانظر: الطباطبائي، رياض المسائل 12: 574؛ الفاضل الإصفهاني، كشف اللثام 9: 461؛ المحقِّق النجفي، جواهر الكلام 39: 80.
([95]) انظر: المحقِّق النجفي، جواهر الكلام 39: 80.
([96]) انظر: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 26: 201 ـ 204، باب 4 من أبواب ميراث الأزواج.
([97]) انظر: المحقِّق النجفي، جواهر الكلام 39: 79ـ 83.
([98]) الطوسي، النهاية: 642؛ ابن سعيد، الجامع للشرائع: 502.
([99]) أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث: 178.
([100]) انظر: النجفي، جواهر الكلام 39: 12.
([101]) برّاج، أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية: 589 ـ 591.
([102]) فاعل (تتفرَّد): البنت.
([103]) المرتضى، الانتصار: 571 ـ 572.
([104]) انظر: المصدر السابق: 568.