حيدر حب الله*
وقع بحث فقهي بين المسلمين في المدى الذي لابدّ أن يحتفظ به الطائف بالكعبة الشريفة حين طوافه، أو بتعبير آخر في مكان الطواف المحدّد في الشريعة الإسلامية، ففي الوقت الذي كان البحث على المستوى السنّي يتركّز على مسألة الطواف داخل المسجد في قبال الطواف خارجه، كان البحث الفقهي في الدائرة الشيعيّة يتركّز في نطاقٍ أضيق، ألا وهو اشتراط كون الطواف بين الركن ـ أي بين البيت ـ ومقام إبراهيم×؛ ومن هنا يمكن القول بأنّ المسألة المبحوثة في الفقه الشيعي فيما يتعلّق بمكان وحدود الطواف ليس لها أثرٌ ـ بوصفها شرطاً ـ في الوسط الفقهي السنّي على ما سوف يظهر إن شاء الله تعالى، وأنّ المسألتين المبحوثتين في الفقهين تقع إحداهما داخل الأخرى تقريباً.
ووفق ما تقدّم من الضروري تقديم إطلالة تاريخية حول هذه المسألة على مستوى الفقه الإسلامي عامّةً؛ الشيعي والسنّي.
أ ـ المسألة في ضوء الفقه الشيعي
ذهب مشهور الفقهاء من الإمامية([1]) إلى ضرورة وقوع الطواف الواجب بين البيت ومقام إبراهيم×، بل ادّعى بعض الفقهاء الإجماع عليه كما في غنية النزوع([2])، وإن كانت عبارة الفيض الكاشاني تفيد عدم جزمه إن لم نقل جزمه بعدم انعقاد إجماعٍ؛ لأنّه عبّر «بل كاد يكون إجماعاً»([3])، بل ذكر السيد الخوانساري في جامع المدارك أنّ مضمون خبر ابن مسلم الآتي متّفقٌ عليه بين المسلمين علماً وعملاً، ولعلّ كلامه شاملٌ للحكم هنا([4]).
وفي مقابل هذا الرأي المشهور([5]) أو الأشهر على حدّ تعبير المحدث
البحراني([6]) هناك قولان آخران هما:
القول الأوّل: ما ذهب إليه ابن الجنيد كما نقل عنه العلّامة الحلّي في المختلف([7])، وهو منسوبٌ أيضاً إلى الشيخ الصدوق([8])، والظاهر أنّ السبب في نسبة هذا القول إليه مع أنّه لم يذكره في كتابيه المقنع والهداية، هو نقله في كتاب من لا يحضره الفقيه خبر الحلبي الآتي الذي أُستفيد من قبل بعض الفقهاء دلالته على هذا التفصيل([9])، وفقاً لما تعهّد به الصدوق في أوّل الكتاب من عدم إيراده فيه إلّا ما يراه حجّةً بينه وبين ربّه، وسيأتي أنّ الخبر غير دالّ، ومعه فيحتمل أنّ الصدوق قد فهم منه ما سوف نفهمه منه لاحقاً، وهذا كافٍ في عدم الجزم بنسبة هذا القول إليه.
وعلى أيّة حال، فهذا القول يظهر شيءٌ من الميل إليه أيضاً عند الحرّ العاملي والعلّامة الحلّي وغيره([10])، وهو سقوط هذه الشرطية وجواز الطواف خارج المقام عند الضرورة، ولعلّ صاحب هذا القول قد اعتمد على صحيحة الحلبي الآتية كما تشير إليه بعض الكلمات، وإن كانت الصحيحة لا تفيد هذا القول كما سنلاحظ لاحقاً إن شاء الله تعالى.
والذي يبدو في إطار الفرق بين هذا الرأي وما ذهب إليه المشهور؛ هو أنّ وقوع الطواف بين هذين الحدّين يمثّل شرطاً لصحّة الطواف بصورةٍ دائمةٍ بحيث إنّه حتّى لو عجز عنه الإنسان فإنّ الشرطية تبقى على حالها؛ لعدم شمول أدلّة الاضطرار ونحوه لها ما دامت لا تمثّل تكليفاً شرعياً بقد ما تمثّل حكماً وضعياً يوجب انتقال الوظيفة ـ في حال عدم توفّره للعجز ـ إلى الاستنابة، وهذا بخلاف المنقول عن ابن الجنيد فإنّ الشرطية بنفسها مقيّدة بمورد القدرة دون العجز والاضطرار.
القول الثاني: عدم اعتبار هذا الشرط، سواءٌ عند الاختيار والقدرة أم حال العجز والاضطرار، وإنّما العبرة بصدق الطواف بالكعبة المشرّفة عرفاً على الطائف، فلو كان بعيداً جدّاً بحيث لم يصدق عليه أنّه يطوف بالبيت إلّا بعنايةٍ وتكلّفٍ لم يصحّ.
وقد ذهب إلى هذا الرأي السيّد الخوئي([11]) والسيّد السبزواري([12]) وغيرهما([13])، فيما اعتبر في «كفاية الأحكام» أنّ العدول عن مقتضاه مشكلٌ فيما القول بالشرطية أحوط([14])، واستحسنه النراقي في المستند لولا الإجماعات والشهرات([15]) و..، كما أنّ جملةً من الفقهاء لم يذكروا هذا الشرط في أبحاثهم في الحجّ كالسيّد المرتضى في الناصريّات وجمل العلم والعمل والانتصار، وكذلك سلّار في المراسم العلوية، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي، والصدوق في كتابيه الفقهيّين المقنع والهداية، والشهيد الصدر في مناسك الحجّ وغيرهم، وقد يفهم من بعضهم ـ بقرينة السياق المقامي ـ أنّه لا يرى هذا الشرط. كما أنّ السيّد الگلپايگاني احتاط وجوباً في هذا الشرط في مناسكه مّما قد يوحي بعدم ثبوته عنده علميّاً، وقد أفتى آخر عمره بصحّة الطواف خارج الحدّ بشرط اتصال الطائفين([16]).
وبهذه الصورة يتّضح ـ زائداً على أنّ المسألة ذات مدركٍ واضح سنذكره لاحقاً يضعّف من حجّية الإجماع هنا ـ أن لا حجّية لدعوى الإجماع في المقام بعد ملاحظة ما تقدّم، وعليه فما ذكره ابن زهرة الحلبي من الاستدلال بالإجماع([17]) ونحوه غيره غير دقيقٍ، كما أنّ ما ذكره بعضهم من مناقشة هذا الإجماع بأنّ المقدار المنعقد عليه هو صحّة الطواف بين الركن والمقام لا بطلانه في الزائد عن المقام([18])…غير واضح؛ فإنّه على تقدير تحقّق الإجماع هنا من الواضح ـ بملاحظة كلمات الفقهاء ـ أنّ بطلان الطواف في الخارج عن المقام كان مصرّحاً به عندهم على حدّ تصريحهم بصحّة الطواف الواقع بينهما، والتفكيك بين الأمرين إن تمّ فإنّما يتمّ في مقدارٍ ضئيل جدّاً من العبارات الفقهيّة، الأمر الذي لا يضرّ بقوّة الإجماع، لا سيّما وأنّ التفكيك ظهر بدلالةٍ سلبية سكوتيّة ولم يصرّح به لديهم.
على أيّة حال، فالإجماع من الناحية الصغروية غير محرزٍ، لا سيّما وأنّ أمثال السيّد المرتضى وسلّار وأبي الصلاح والصدوق من المتقدّمين لم يذكروا مثل هذا الشرط في أحكام الطواف وواجباته.
كما ظهر أيضاً أنّ القول بلزوم كون الطواف داخل المسجد الحرام هو مقتضى الشرط المتقدّم، وعدم تصريح فقهاء الشيعة بشرطٍ كهذا؛ لعلّه كان من ناحية التسالم عليه ووضوحه عندهم.
ب ـ المسألة في ضوء الفقه السنّي
وأمّا على مستوى فقه المذاهب السنّية فقد:
1ـ صرّح الإمام الشافعي في كتاب «الأم» بموقف الشافعية حين قال: «والمسجد كلّه موضعٌ للطواف»([19])، «وإن خرج من المسجد فطاف من ورائه لم يعتدّ بشيءٍ من طوافه خارجاً من المسجد، لأنّه في غير موضع الطواف…»([20]).
2ـ كما صرّح الإمام الغزالي في الوسيط بأنّ الرابع من واجبات الطواف هو «أن يطوف داخل المسجد، فلو طاف خارج المسجد لم يجز، ولو وسّع المسجد يجوز الطواف في أقصى المسجد؛ لأنّ القرب مستحبٌّ لا واجب»([21]).
3ـ أمّا ابن حزم الأندلسي فقد أشار في «المحلّى» إلى شرطٍ أزيد لم يذكره فقهاء السنّة المعروفون إذ قال: «لا يجوز التباعد عن البيت عند الطواف إلّا في الزحام؛ لأنّ التباعد عنه عملٌ بخلاف فعل رسول الله’، وعبثٌ لا معنى له فلا يجوز»([22]).
4ـ وفي حاشية ابن عابدين قال: «واعلم أنّ مكان الطواف داخل المسجد ولو وراء زمزم لا خارجه، لصيرورته طائفاً بالمسجد لا بالبيت…»([23]).
5ـ ذكر عبد الرحمن الجزيري في (الفقه على المذاهب الأربعة) أنّ الحنابلة والمالكية جعلت من سنن الطواف القرب من البيت، فيما خصّصت الشافعية هذه السنّة بالرجال([24]).
6ـ كما شرح الدكتور وهبة الزحيلي موقف المذاهب الأربعة في المسألة حيث ذكر:
أ ـ أنّ من شروط الطواف عند الحنفية هو الالتزام بالمكان المحدّد له، وهو «أن يقع حول البيت في المسجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ﴾، والطواف بالبيت هو الطواف حوله، فيجوز الطواف في المسجد الحرام قريباً من البيت أو بعيداً عنه بشرط أن يكون في المسجد»([25]).
ب ـ أمّا عند المالكية فيشترط في الطواف «أن يكون بداخل المسجد»([26]).
ج ـ وتقول الشافعيّة: «إنّ الطواف داخل المسجد، للاتباع، فلا يصحّ حوله بالإجماع، ويصحّ داخل المسجد وإن وسّع»([27]).
د ـ وهذا هو موقف الحنابلة حين يشترطون أن يكون الطواف «داخل المسجد لا يخرج عنه»([28]).
هذا وقد أشار الزحيلي إلى أنّه يُستحب القرب من البيت للذكور([29]).
ومن هنا يتّضح الفارق الذي أشرنا إليه في مطلع البحث من اختلاف مركز الاهتمام بين الشيعة والسنّة، وإن اتّفقوا جميعاً على أنّ الطواف بالبيت لابد أن يكون داخل المسجد لا خارجه.
وعلى أيّة حال، فسوف نبحث هنا كلاًّ من الشرط المتقدّم عند الشيعة، وشرط كون الطواف داخل المسجد، ضمن محورين من الحديث هما:
المحور الأوّل: شرطيّة الطواف بين البيت ومقام إبراهيم×
ذكر الفقهاء جملة وجوهٍ وأدلّة لإثبات هذا الشرط المطروح في الفقه الشيعي، كما تقدّم، أبرزها ـ مع التغاضي عن الإجماع الذي تقدّم الحديث عنه ـ أمورٌ هي:
الدليل الأوّل: ما ذكره ابن زهرة الحلبي([30]) من أنّ الطواف بين البيت والمقام هو طريقة الاحتياط، ونحن نحتاج إلى اليقين ببراءة الذمّة، الأمر الذي لا يحصل إلّا بإيقاع الطواف في هذا الإطار المحدّد.
وهذا الوجه قد تعرّض ـ وفق الدراسات الأصوليّة الأخيرة ـ لانتقاداتٍ؛ فإنّ جريان أصالة الاشتغال إنّما يكون في مورد الشكّ في المكلّف به لا في التكليف الشامل لأصل الحكم ولقيده وشرطه، وبالتالي فالقضيّة تابعةٌ لمدى دلالة النصوص، وهل هي بحيث تفسح في المجال لسريان الشكّ إلى مرحلة المكلّف به أم أنّ الشكّ في ضوء ما تنتجه إنّما هو في دائرة التكليف والتي هي مجرى البراءة؟ كما سوف يظهر أنّه وبقطع النظر عن الروايات الواردة في خصوص المقام فإنّ الأدلّة العامّة في باب الطواف شاملة للطواف خارج المقام أيضاً، ومن ثم فهناك دليل لفظي يبرّر ذلك، فلا تصل النوبة إلى مرحلة الأصل العملي.
الدليل الثاني: رواية محمّد بن مسلم قال: سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه [منه] لم يكن طائفاً؟ قال: «كان الناس على عهد رسول الله’ يطوفون بالبيت والمقام، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت، فكان الحدّ موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها، فمن طاف فتباعد من نواحية أبعد من مقدار ذلك كان طائفاً بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد؛ لأنّه طاف في غير حدّ ولا طواف له»([31]).
وتقريب الاستدلال بالرواية أنّ ظاهرها كون الطواف ما بين البيت وحيث هو المقام اليوم المسمّى فيها بالحدّ، واجباً لا مفرّ منه، كلّ ما في الأمر أنّ المقام كان في زمن رسول الله’ بقرب البيت حيث هو مقرّه الواقعي؛ لأنّ كلمة (مقام) مأخوذة لغةً من موضع قدم القائم ـ كما ذكره المحقق النجفي ـ فكأنّ إبراهيم× كان يقوم عليه لبناء البيت أو لغير ذلك، وفي الأيّام اللّاحقة لعهد الرسالة ـ وعلى حدّ بعض النصوص كما سيأتي أنّه حصل في زمن عمر بن الخطّاب ـ تمّ جعله في موضعه الحالي حيث كان عليه قبل الإسلام وفق بعض النصوص الأُخرى كما سنلاحظ.
وكيف كان فالرواية دالّة على اشتراط وقوع الطواف بين البيت والمقام، معتضدةً بعمل المشهور.
لكن قد يناقش في الاستناد إلى هذه الرواية:
أوّلاً: أنّها ضعيفة من الناحية السنديّة، وذلك من جهتين:
1ـ جهالة ياسين الضرير الوارد في سندها، ومعه فلا يعتمد عليها([32]).
2ـ الإضمار فإنّ محمّد بن مسلم لم يذكر اسم الشخص الذي روى عنه هذا الخبر، ومعه فلا يحرز أنّه الإمام× فتسقط الرواية عن الاعتبار.
غير أنّه قد يرمّم هذا الخلل السندي بأمور هي:
أ ـ إنّ الشيخ الطوسي في الفهرست له سندٌ صحيح إلى جميع كتب وروايات حريز بن عبد الله السجستاني([33]) والذي هو راوي هذا الحديث عن محمّد بن مسلم، ووفقاً لنظرية التعويض يمكن استبدال السند الذي يسبق حريزاً في هذه الرواية والذي اشتمل على ياسين الضرير بسند الشيخ الطوسي إلى حريز فتتمّ الرواية، وقد أشار إلى هذا الأمر الميرزا الأحمدي في تعليقته على رسالة المناسك([34]).
ب ـ إنّ الإضمار من أجلّاء ومشاهير الأصحاب يورث الوثوق برجوع الضمير إلى الإمام×؛ لأنّ الغالبية الساحقة من روايات أمثال محمّد بن مسلم إنّما هي عنه×، ووفقاً لذلك فإنّ احتمال أن تكون هذه الرواية المضمرة عن غير الإمام× مع ندرة لو لم نقل انعدام رواياته عن غيره× هو احتمال منعدم عملياً طبقاً لحساب الاحتمالات الرياضي، وهذا ما يجعلنا نحصّل الوثوق بكون المضمرة منقولة عن الإمام×.
نعم، على تقدير العثور على مقدارٍ مهمّ من روايات الراوي المباشر عن الإمام× فإنّ هذا يرفع من احتمال كون المضمرة عن غيره أيضاً، ومن ثم يفقدنا الوثوق المذكور، وهذا يعني أنّ الأخذ بالرواية المضمرة لا يرتبط ـ كما ذكر جمع من المحقّقين ـ بجلالة ومقام الراوي بقدر ما يرتبط بحجم رواياته إلى جانب المقدار الذي أحرزنا أنّه رواه عن غير الإمام×، لا سيّما بملاحظة أنّ الرواة ـ كما كبار المحدّثين لاحقاً ـ كان يهمّهم العثور على أكبر قدر ممكن من روايات أهل البيت^ سواء كان ذلك عن طريق المباشرة أم عن طريق راوٍ آخر لا سيّما إذا كان هو الآخر جليلاً ومتقدّماً.
كما أنّ افتراض([35]) أنّ طبيعة الإضمار تتطلّب أن يكون صاحب الضمير معروفاً وبارزاً حتّى يصحّ الإضمار حسبما تقتضيه أدبيّات اللغة العربية، هو الآخر افتراضٌ يتجاهل الفارق التدويني الذي حصل بين مرحلة الرواة الأوائل وبين مرحلة الكتب والمجاميع الحديثيّة، التي اتّسمت كما هو معروف بالتقطيع، وفرز تلك الأحاديث المتلاحقة ووضع كلّ واحدٍ منها في بابه، وهذا يعني أنّه من الممكن جدّاً ـ ونفس قوّة الاحتمال كافية هنا ـ أن يكون الإضمار قد حصل نتيجة ذكر المسؤول في الرواية أو الروايات السابقة بحسب ترتيب الراوي المتقدّم، وبالتالي فلا نرى ما يوجب حصر تفسير ظاهرة الإضمار بمعروفيّة صاحب الضمير.
ونشير أخيراً إلى أنه لا يكفي رصد الموروث الشيعي لمعرفة أنّ هذا الراوي أو ذاك له روايات عن غير المعصومين؛ لأن في الموروث السني ـ كما يظهر جلياً في الكتب الرجالية السنية التي اهتمت بتحديد طبقة الراوي ومن روى عنه مثل كتاب تهذيب الكمال ليوسف المزي ـ الكثير من المعطيات المفيدة في هذا المجال؛ حيث من الممكن أن علماء الشيعة لم ينقلوا تلك الروايات لعدم وثوقهم بها أو لعدم كونها عن المعصومين.
ج ـ إنّ الرواية منجبرة بعمل المشهور كما أشار إليه في الرياض([36]) وجامع المدارك([37]) ومستند الشيعة([38]) والجواهر([39])، فإنّه لا يتوفّر هنا غير هذه الرواية مدركاً للحكم، لاسيّما بعد ورود النصّ الصحيح السند بما يدلّ على عكسها وهو خبر الحلبي الآتي، فإنّ قولهم بما تقتضيه رواية ياسين الضرير وتركهم لمضمون رواية الحلبي بالرغم من الصحّة السندية للرواية الثانية وضعف الأولى، يمثّل شاهداً مهمّاً لتبرير تجاهل الضعف السندي الفنّي بجهالة ياسين الضرير، وبالتالي ارتقاء هذا الخبر إلى مستوى الصحّة، إذ كيف اعتمدوا عليه وتركوا بسببه خبراً صحيحاً مع عدم اعتقادهم بصحّته؟!
غير أنّ هذا الترميم قابل للمناقشة بما حاصله:
1ـ إنّ المقدار المتّضح لنا من موقف الفقهاء المتقدّمين والمقاربين لزمن الشيخ الطوسي، والذي يؤثّر موقفهم أحياناً في الحكم على نصّ أو حديث، ليس مقداراً قابلاً للاعتماد عليه في جبر خبرٍ ضعيف؛ لأنّ هؤلاء الفقهاء هم الشيخ الطوسي وابن حمزة وابن زهرة وابن البرّاج وابن مجد، في حين يقف في مقابلهم ممّن لم يذكر هذا الشرط أصلاً في واجبات الطواف كلّ من السيّد المرتضى وسلّار وأبي الصلاح والصدوق، بل ما نقل عن ابن الجنيد أيضاً، بل جملة فقهاء من تلك الحقبة لم يظهر موقفهم من أمثال الشيخ المفيد (وهو لم يتعرّض لهذا الشرط في بحث الطواف في كتابه المقنعة) والصدوق الأوّل وابن أبي عقيل والجعفي والرضي وابن حمزة الجعفري والمفيد الثاني ولد الطوسي وغيرهم، هذا فضلاً عن عشرات أو مئات العلماء من الطبقة الثانية في تلك الفترة الزمنية.. ووفقاً لذلك كيف نقول: بأن شهرةً قد انعقدت وأثّرت في تصحيح سند وصدور روايةٍ ضعيفة؟!
وهنا من الضروري الإشارة إلى نقطة كبرويّة تجري في مثل ما نحن فيه وهي: ما هو المحقّق الموضوعي للمشهور؟ بمعنى أنّ الشهرة التي يجري الاعتماد عليها اليوم وقبل اليوم أيضاً هي شهرةٌ لم تضع في حساباتها سوى حوالي خمسين فقيهاً من فقهاء الإمامية على امتداد حوالي اثني عشر أو أحد عشر قرناً من الزمن، وتجاهلت الكثير من المجتهدين الذين صنّفوا العديد من الكتب والرسائل ممّن يُعثر في مؤلّفاتهم على كثير من الآراء الأُخرى، بل إنّ المادّة التي اعتمد عليها المدّعون للشهرة هي أيضاً مادّة محدودة نسبيّاً يلاحظها المتتبّع من خلال ملاحقة المصادر التي تداولها هذا الفقيه أو ذاك، فكتاب مفتاح الكرامة للسيّد العاملي& والذي يصنّف جهداً موسوعياً هامّاً على مستوى الفقه الشيعي، لم يعتمد على أكثر من ثلاثين كتاباً مع قطع النظر عن الكتب التي اعتمد عليها في مواضع قليلة… في تقديري فإنّ جهداً موسوعيّاً للفقه الشيعي يراعي مساحة أكبر في الاستقصاء يمكنه أن يبدّل كثيراً من الرؤية الموجودة اليوم.
وعلى كلّ حال فهذا موضوع طويل ومستقلّ يكتفى له بهذه الإشارة.
2 ـ إنّه من غير الواضح ما هي مبرّرات التصحيح السندي عند المتقدّمين في موردنا، فلعلّهم صحّحوا خبر ياسين الضرير لقرائن لو توفّرت لنا لم نقتنع بإفادتها صحّة الخبر، لا سيما وأن المتداول بينهم هو منهج الوثوق لا خصوص الوثاقة كما بحثناه مفصّلاً في كتابنا: «نظرية السنّة في الفكر الإمامي الشيعي، التكوّن والصيرورة». فليس من الضروري أن يكون اعتمادهم على هذا الخبر قد نشأ من وثاقة الراوي عندهم حتّى يُلزم بذلك من يلتزم بحجّية خبر الثقة دون الموثوق.
3 ـ من المحتمل أنّهم أخذوا بخبر ياسين الضرير بملاك أنّ الرشد في خلافهم، فلاح لنا أنّهم تجاهلوا صحيحة الحلبي بلا مبرّر، ممّا ضاعف عندنا من القيمة الاحتمالية لصحّة خبر ياسين. كما يحتمل أنّهم رجّحوا خبر ياسين لاشتماله على قصّة نقل المقام المؤيّدة برواياتٍ أُخرى عن أهل البيت^…
ثانياً: أنّ الرواية معارضة بخبرٍ صحيح السند، وهو ما رواه محمّد بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله× عن الطواف خلف المقام قال: «ما أحبّ ذلك وما أرى به بأساً فلا تفعله إلّا أن لا تجد منه بُدّاً»([40]).
فإنّ هذه الرواية ظاهرة في كراهة تجاوز المقام في الطواف على أبعد تقدير وأنّ هذه الكراهة ساقطة في مورد الاضطرار، ولعلّ ابن الجنيد قد اعتمد عليها في الحكم بالتفصيل بين حالتي الضرورة وعدمها، لكن ظاهرها غير ذلك، بل هو سقوط الكراهة حال الاضطرار لا الشرطية؛ فإنّ صيغة النهي عن الفعل وإن وردت في كلام الإمام× بقوله «فلا تفعله» إلّا أنّ صدر الرواية المصرّح بنفي البأس عن الطواف خارج المقام مع إبرازه× عدم محبّته لهذا الفعل من سياقه الترفّع وأفضلية الاجتناب يمثّل قرينة مساعدة وجيّدة على عدم إرادة الحرمة من النهي المذكور فيها.
وبناءً على ذلك كلّه، فإذا قبلنا بما يصحّح سند الرواية الأولى من التعويض أ و الانجبار… حصلت المعارضة بين الروايتين، وبالتالي نحتاج إلى ما يحلّ التعارض في المقام، وأمّا إذا لم نقبل بتصحيح الرواية الأولى فتكون الرواية الثانية هي المحكّمة، ومن ثم يلتزم بعدم الشرطية.
غير أنّ الرواية الثانية في حدّ نفسها قد سجّلت عليها ملاحظات ـ لابدّ من تجاوزها للوصول إلى مرحلة استحكام التعارض ـ أبرزها:
الملاحظة الأولى: ما ذكره المقدّس الأردبيلي من توقّفه في شأن أبان الوارد في الرواية بعد أن استظهر أنّه أبان بن عثمان حيث ذهب إلى عدم الأخذ بما تفرّد به([41]).
غير أنّ هذه الملاحظة غير واضحة، فأبان بن عثمان من أصحاب الإجماع بنصّ الكشّي، وهو ثقة على أكثر من نظرية رجالية؛ فقد ورد في كامل الزيارات وتفسير القمّي، وهو من كثيري الرواية، وروى عنه الأجلّاء أمثال ابن أبي عمير والحسن بن علي بن فضّال والحسن بن محبوب وحمّاد وهشام بن سالم والوشّاء ويونس وغيرهم، ولم يرد ما يقدح فيه سوى اتّهامه بأنّه كان ناووسياً واقفاً على الصادق× وأخرى بأنّه فطحي، والاختلاف المذهبي لا يضرّ بالوثاقة والأخذ بالرواية كما أثبتناه في علم الأصول. نعم هناك رواية واحدة عن إبراهيم بن أبي البلاد تقدح فيه رواها الكشّي، لكنّها لا تقف إزاء دعوى كونه من أصحاب الإجماع، فتوقّف الأردبيلي فيه غير واضح([42]).
الملاحظة الثانية: ما ذكره الميرزا الأحمدي من أنّ الرواية مبتلاة بالتناقض الداخلي بين أجزائها، إذ كيف يمكن التوفيق بين نفي الحبّ الظاهر في الحرمة ونفي البأس الظاهر في الجواز لا سيّما مع ضمّ النهي الآخر أيضاً([43]).
غير أنّ التقريب المتقدم للاستدلال بالرواية يرفع هذه الملاحظة؛ إذ نفي الحبّ غير ظاهر في الحرمة، لا سيّما بعد إسناده إلى شخص الإمام× ولم يقل: إنّه غير محبوب لله مثلاً، ومن الممكن أن يعبّر عن الأمر المكروه بأنّه غير محبوب لا أقلّ أنّ صيغةً كهذه تعدّ صيغةً طيّعة لتأثير قرينة أُخرى فيها، وأمّا التنافي بين نفي البأس والنهي فإنّ العرف يفهم منه المرجوحيّة، لاسيّما وأنّ دلالة النهي على الحرمة من حيث المبدأ هي دلالة ظهورية، وأمّا صيغة نفي البأس فإنّها تُعدّ ذات دلالة نصيّة وصريحة فتكون صالحة للقرينية ـ عن اتصال ـ على المراد من النهي.
وبعبارة أُخرى: لو أُلقيت هذه الجملة على العرف لم يجد فيها أيّ تناقض فنحن نقول: «لا أحبّ هذا الفعل لكنّه لا بأس به» كما نقول: «لا مشكلة في هذا الفعل لكن لا تقم به» ونقصد مرجوحية هذا الفعل. ولعلّ هذا هو المراد المستشكل نفسه هنا من أنّها دالّة بمجموعها على الكراهة([44]).
الملاحظة الثالثة: ما ذكره الأحمدي أيضاً تفريعاً على ما ورد في الملاحظة المتقدّمة من أنّ نفي الحبّ في الرواية يفيد الحرمة، أمّا نفي البأس فهو لا يتعرّض للناحية التكليفيّة، وإنّما غرضه الآثار والمتطلّبات الناجمة عن الفعل على تقديره من قبيل الكفّارة ونحوها، لاسيّما وأنّ الحجّ مليء بذلك، ومعه فتكون الرواية من أدلة الاشتراط لا معارضة لها([45]).
غير أنّ هذا الوجه لا يمثّل سوى مجرّد احتمال لا يصل إلى حدّ الظهور ولا توجد قرينة مؤيّدة له، ومجرّد أنّ تعبير نفي البأس ورد أحياناً نادرة للدلالة على ذلك، لا يعني أنّ المراد هنا هو ذلك أيضاً ما دمنا لا نشعر بتناقض داخلي في الرواية يفرض علينا مثل هذا التفسير كما تقدّم.
ووفقاً لما تقدّم يتبيّن أنّ الرواية الثانية تامّة دلالةً وسنداً، ومن ثم ـ وطبقاً لتصحيح الرواية الأولى ـ فنحن بحاجة إلى ما يحلّ هذه المنافاة كما تقدّم، بإبراز جمع عرفي بينهما أو ترجيح واحدةٍ على الأُخرى، أو غير ذلك على تقدير استقرار التعارض.
محاولات للجمع بين النصوص المتعارضة
وحاصل ما يذكر في هذا المجال المحاولات التالية:
المحاولة الأولى: أن يجمع بينهما بحمل الأولى على صورة عدم الضرورة فيما تحمل الثانية على صورة الضروة كما أشار إليه الشيخ الأحمدي([46]) كاحتمال، وذلك أنّ خبر محمّد بن مسلم المثبت للشرط لم يرد فيه ذكر اسم الإمام×، فنحمله على أنّه الباقر× حيث عاصره ابن مسلم، وفي تلك الفترة لم يكن هناك ازدحام شديد، وأمّا خبر الحلبي فهو عن الصادق×، وفي تلك الفترة كان هناك تزايد يؤدّي إلى ازدحام المطاف بالطائفين، بل إنّه يمكن الأخذ بهذه المحاولة للجمع حتّى على تقدير أن محمّد بن مسلم متقدّم زماناً عن الحلبي فيما الحلبي متأخّر حيث روى عن الإمام الكاظم×، وهذا يعني أنّ ابن مسلم قد روى الرواية أو سمعها في الفترات الأولى من حياة الإمام الصادق× فيما سمع الحلبي الرواية الثانية في الفترات الأخيرة، وحيث إنّ الفترة الأولى لم يكن فيها ازدحامٌ بخلاف الثانية، فإنّ الروايتين لا تتعارضان.
وهذه المحاولة من حيث الخلفية التاريخية السياقيّة التي انطلقت منها جيّدة، لكنّها غير صحيحة ظاهراً؛ لأنّها تفتقر إلى إبراز إثباتٍ تاريخيٍّ يفيد أنّ فترة خمسين سنة تقريباً وفي تلك الأزمنة قد ظهر فيها تزايد سكّاني أو تحسّن اقتصادي ملحوظ أو نحو ذلك، أدّى إلى تغيّر أحوال الطواف وظهور ازدحام شديد لم يكن من قبل موجوداً إلّا نادراً، وما لم نثبت ذلك يصبح هذا الجمع تبرّعياً، خصوصاً وأن الفترة ليست طويلة وأنّ الأمم الأُخرى كانت قد دخلت في الإسلام قبل ذلك بعشرات السنين، وشخصياً ليس لديّ رؤيةٌ واضحة في حدود تتبّعي حول هذا الموضوع تاريخياً فلا أجزم بالعدم لكنّي أستبعده، وعدم الدليل عليه بحكم الدليل على العدم عملياً تقريباً.
وتجدر الإشارة إلى أنّه وبناءً على هذا القول يصبح الموقف الشرعي في المسألة هو التفصيل بين صورة الازدحام الشديد وعدمه؛ فتكون النتيجة عين المنقول عن ابن الجنيد أو قريبة منه.
المحاولة الثانية: ما يفهم من كلمات المحقّق ضياء الدين العراقي من أنّ الخبر الثاني ـ خبر الحلبي ـ مطروحٌ، وذلك للأخذ بخبر ابن مسلم؛ نظراً لاشتهاره حيث لم يقل أحد بمضمون صحيحة الحلبي([47]).
غير أنّ هذه المحاولة قابلةٌ للنظر؛ إذ لو أُريد الشهرة الروائية فهي غير واضحة، فلكلٍّ من الروايتين طريقٌ واحد، وقد ورد أمثال أبان والحلبي والصفّار وأيّوب بن نوح ومحمد بن أبي عُمير وصفوان بن يحيى وغيرهم، وهؤلاء أهمّ في عالم الرواية لو لوحظ مجموعهم وقوبل بأمثال محمد بن يحيى وابن عيسى ومحمّد بن عيسى وحريز وابن مسلم، ولا أقلّ من أنّ هذه المقايسة ترفع احتمال الأشهرية، كما ترفع احتمال أن يكون خبر الحلبي شاذّاً ونادراً حيث أورده الصدوق فيما أورد الآخر الكليني ونقله عنه الطوسي. وأمّا لو أريد الشهرة الفتوائية المؤثّرة على الخبر ضعفاً وتوهيناً كما هو الظاهر من كلام العراقي، فقد تقدّم معنى ما يفيد أنّ مثل هذه الشهرة غير واضحة في المقام حتّى لو سلّمت الكبرى.
وعليه فالتعارض بين الروايتين ثابتٌ وتامّ، فلا محيص ظاهراً عن سقوطهما والرجوع إلى الأدلّة العامّة في باب الطواف، والتي أخذت عنوان الطواف بالبيت بمعناه العرفي الصادق على الطواف داخل مقام إبراهيم× وخارجه.
والمتحصّل: أنّه لم يظهر دليل حجّة على هذا الشرط ومقتضى الأصل عدمه، والاقتراب قدر الإمكان من البيت أفضل، لاسيّما وأنّ هناك جملة مستحبّات عند جدران الكعبة تقتضي الاقتراب شبه الدائم منها كمستحبّات الحجر الأسود والمستجار وغيرهما.
المحور الثاني: الطواف داخل المسجد الحرام
وهو ما يظهر التسالم عليه بين الشيعة إذا بنينا على انعقاد الإجماع على الشرط المتقدّم، بل إنّ بعضاً من الذين ذهبوا إلى نفي الشرط السالف الذكر قد صرّحوا بلزوم إيقاع الطواف داخل المسجد كما تقدّم فلا نعيد.
أمّا على مستوى الفقه السنّي فقد أسلفنا أيضاً التصريح بذلك بشكلٍ واضح وإن لم يذهب هذا الفقه إلى الشرط المتقدّم عند الفقه الشيعي.
وعلى أيّ حالٍ، فإنّ أهمّ ما يمكن ذكره كأدلّةٍ لهذا الشرط أُمور هي:
الأوّل: ما تقدّم ذكره عن ابن عابدين من أنّ الطواف خارج المسجد غير جائز؛ لأنّه طوافٌ بالمسجد لا بالبيت، وهذا معناه عدم تحقّق الطواف الواجب الذي هو الطواف بالبيت.
إلّا أنّه يمكن المناقشة بأنّ كون الطواف في هذه الصورة كائناً بالمسجد لا يُلغي في حدّ ذاته كونه حاصلاً بالنسبة إلى البيت أيضاً ما لم يمنع العرف عنه، ويمكن تصوّر عدم المنع العرفي في حالة هدم المسجد كلّياً والطواف في فلاةٍ، فإنّ العرف في هذه الحال وإن كان يقبل كون هذا الطواف طوافاً بأرض البيت إلّا أنّه لا يمنع من صدق عنوان الطواف بالبيت عليه، لاسيّما لو بنينا على البيت القديم لا التوسعة الحاصلة عبر الأيّام، وهذا معناه أنّ الملاك في تحديد عنوان الطواف بالشيء هو العرف، وحكم العرف قابلٌ للتغيّر هنا بتغيّر الحالات الطارئة.
والذي يبدو أنّ ابن عابدين كان ينظر إلى الموقف العرفي في الحالات الطبيعيّة، ولعلّه لو قدّمت له صورة أُخرى غير الحالة المتعارفة لقبِل بها.
الثاني: ما ذكره الدكتور وهبة الزحيلي عن الشافعية من التمسّك بدليل الاتّباع والتأسّي، وهو ما يمكن استنتاجه من كلمات ابن حزم الأندلسي من أنّ البعد ـ وهو يشمل ما نحن فيه ـ عملٌ بخلاف فعل رسول الله’ ومن ثم فهو غير جائز، وقد تقدّمت كلماتهما آنفاً.
إلّا أنّ هذا الوجه قابل للتأمّل أيضاً، وذلك:
أوّلاً: إن الاقتراب من البيت هو مقتضى الأداء الطبيعي للطواف بالبيت المأمور به شرعاً؛ ولهذا فإنّ قيام المعصوم× به لا يدلّل على خصوصيةٍ دينيّة؛ وذلك لأنّ الفعل الذي توجد له مبرّرات طبيعيّة واضحة، يكون احتمال نشوئه من دوافع دينية بعيداً، أو لا أقلّ لا يصل إلى حدّ الاطمئنان والتأكّد كما هو مبحوثٌ في دراسات علم اُصول الفقه، وهذا من شأنه أن يفسّر لنا السبب في تركيز الرسول على الاقتراب من البيت، ومن ثمّ يعني أنّ ما نحن فيه لا يوجد ما يؤكّده بالمعنى المطروح في الاستدلال.
ثانياً: إنّ الاقتراب من البيت من أهمّ المستحبّات المعروفة بين المسلمين جميعاً، وهذا من شأنه أن يفسّر لنا السبب في تركيز الرسول’ على الاقتراب من البيت، ومن ثم فلا يكشف لنا ـ وبدرجةٍ واضحة ـ عن حكم وجوبيّ في كون الطواف داخل المسجد؛ لأنّه لا يتحدّث عن عنوانٍ كهذا، وبعبارة اُخرى: إنّ استحباب الاقتراب من البيت استحباباً مؤكّداً يمكنه أن يفسّر لنا السيرة التي كان يجري عليها الرسول’، ومن ثم فلا يكون تفسير هذه السيرة مختصّاً بالوجوب حتّى يكون التأسّي تأسّياً بأمرٍ واجب كما هو المدّعى.
الثالث: ما أشار له ابن حزم أيضاً من العبثية في الابتعاد عن البيت كما تقدّم([48]).
وهذا الوجه يمكن الملاحظة عليه:
أولاً: إنّ الابتعاد عن البيت قد يكون لرغبةٍ في إطالة الطواف بغية المزيد من الفعل المحبوب لديه تعالى، أو لرغبةٍ في الإكثار من الذكر الممدوح حال الطواف، وهذا ـ وغيره ـ مبرّرٌ كافٍ لرفع العبثيّة المفترضة هنا.
ثانياً: إنّ كبرى حرمة الفعل العبثي غير ثابتةٍ، ولا دليل عليها. نعم، الاجتناب عن الأعمال العبثيّة هو الفعل العقلائي، إلّا أنّ الإلزام به ـ ودائماً ـ أمرٌ لا دليل عليه شرعاً.
الرابع: رواية ياسين الضرير المتقدّمة، فهي صريحة في تشبيه الإمام× الطواف خارج مقام إبراهيم× بالطواف خارج المسجد، وكأنّها بذلك تشير إلى مفروغيّة عدم جواز الطواف خارج المسجد؛ نظراً لجعلها إيّاه في مقام المشبّه به الأجلى عادةً في وجه الشبه ـ الذي هو عدم الجواز هنا ـ من المشبّه، وهذا معناه عدم إجزاء الطواف خارج المسجد الحرام.
لكن يجاب عنه:
أوّلاً: إنّ الرواية لم تذكر الطواف خارج المسجد، وإنّما قالت: «بمنزلة من طاف بالمسجد»، أي أنّها تشير إلى صورة أن يطوف الإنسان بالمسجد، الظاهرة في وجود المسجد، وقد قلنا سابقاً: إنّ العرف يحكم في هذه الصورة بعدم صدق الطواف بالبيت فيها، الأمر الذي يوجب البطلان.
ثانياً: إنّه من غير الواضح كون تشبيه الإمام× الطواف خارج المقام بالطواف خارج البيت على نحو الإشارة إلى كبرى شرعية في المشبّه به، فلعلّه إشارة إلى الارتكاز العرفي بعدم صحّة مثل هذا الطواف؛ نظراً لعدم صدق الطواف بالبيت عليه لا تعبّداً بحرمة هذا الطواف حتّى لو صدق عليه أنّه طواف بالبيت عرفاً، وهذا معناه أنّ الرواية لا تؤكّد على أزيد من مرجعيّة العرف هنا حتّى تكون مفيدةً لمطلبٍ زائد على الأدلّة العامّة في الطواف.
هذا، وقد يستدلّ لإثبات المسألة بما تقدّم في المحور الأوّل وقد عرفت المناقشة فيه.
ونتيجة الكلام أنّ الشريعة الإسلاميّة أمرت بالطواف بالبيت العتيق، وتحديد مصداق الطواف أمرٌ راجعٌ إلى العرف العام، وهو لا يحكم بشيءٍ اسمه جغرافيا الطواف، وإنّما يرى أنّ القضية متحرّكة، والمهم على كلّ الأحوال صدق الطواف عرفاً، كما ركّز عليه السيّد أبو القاسم الخوئي.
ولا بأس في نهاية هذا البحث بذكر تنبيهات مختصرة تمثل وقفات ختامية:
الوقفة الأولى: بناءً على ثبوت الشرط المتقدّم، يكون ظاهر ما رواه ياسين الضرير ثبوت هذا الشرط من تمام الجهات، لقوله×: «من نواحي البيت كلّها»، فلا يكفي وقوعه كذلك من طرف المقام دون بقيّة الأطراف.
وأمّا على الرأي الآخر النافي لهذا الشرط، فلا بأس أوقع الطواف كلّه من تمام النواحي بين البيت والمقام أو خارجه أو في بعض النواحي، في تمام الأشواط أو في بعضها أو في أحدها، ما لم يخل بالصدق العرفي للطواف كما تقدّم.
الوقفة الثانية: إنّ المراد بالمقام هو نفس الصخرة أو العمود من الصخر الذي كان إبراهيم× يصعد عليه عند بناء البيت، أو الذي صعد عليه عند أذانه للناس ودعوتهم للحج أو غير ذلك كما ذكرته بعض الروايات.
وتشير المصادر المتعدّدة أنّه توجد عليه آثار القدمين الشريفتين لإبراهيم الخليل×، وأنّ ذلك كان من دلائل نبوّته أو كرامة له كما قد يقال.
من هنا، فما يتعارف في الإطلاق العرفي للمقام من أنّه البناء المرفوع على نفس الصخرة ليس هو الحدّ، وذلك ترجيحاً للمعنى اللغوي على العرفي الطارئ، وقد أشار إلى ذلك الشهيد الثاني([49]) والمحقّق العراقي([50]) أيضاً.
الوقفة الثالثة: ذكر لقصّة تحديد موضع المقام روايات تأريخيّة عديدة نشير إليها وهي([51]):
الرواية الاُولى: إنّ أهل الجاهلية ألصقوا المقام بالبيت خوفاً عليه من السيول وبقي إلى زمن عمر بن الخطّاب كذلك، حتّى ردّه عمر إلى الموضع الذي كان عليه أيّام الخليل×.
وناقش المحقق النجفي هذه الرواية ببعد ترك الرسول لذلك، خصوصاً مع علمه بموضعه وعدم علم عمر به.
وليس هذا بحثنا هنا، غير أنّه يوجد ـ في البال ـ تعليقان على هذه المناقشة، بغضّ النظر عن إعطاء جواب نهائي حول صحّة هذه الرواية التاريخية أو عدم صحّتها. وهذان التعليقان هما:
الأوّل: إنّ مسألة استبعاد علم عمر به غير واضحة، إذ من الممكن جدّاً أنّه وبحكم كونه من صحابة رسول الله’ قد سمع منه هذا الأمر والموضع الحقيقي للمقام، وليس من الضروري أن يكون علم عمر مجامعاً لعدم علم الرسول’.
الثاني: أمّا مسألة استبعاد ترك رسول الله’ لذلك فهي أيضاً غير واضحة؛ إذ لنفرض أنّه كان على عهد الخليل× في هذا الموقع وأنّ العرب قد أزالوه عن موقعه لكن لماذا يجب أن يعيده الرسول’؟! فمن المحتمل جدّاً أنّ طبيعة مكان المقام ليست بالقضية ذات الاهتمام مادام في المسجد الحرام ويمثّل رمزاً للحادثة، كما أنّه لعلّ إبراهيم× ـ خصوصاً على بعض روايات المقام ـ قد جعله في الموقع الفلاني لأمرٍ استلزمته الظروف لا لضرورة دينيّة بحيث لم تكن القضية ذات بُعد ديني مقدّس كما هو المفروض في ثنايا ذهن المستشكل، من هنا لم يرجعه رسول الله بينما توهّم عمر أنّه لابدّ من إرجاعه أو استحسن إعادته إلى موقعه الأوّلي، هذا من جهة.
ومن جهة اُخرى من الممكن أنّ رسول الله’ كان أيضاً يريد إرجاعه إلى مكانه الطبيعي لكن الظروف الموضوعية لم تكن لتسمح له بذلك ربما لانزعاج العرب أو … وهذا الاحتمال وإن لم يكن بالقريب جدّاً لكن تعدّد الاحتمالات يفي برفع استبعاد المحقق النجفي.
الرواية الثانية: ما هو محكيّ في الجواهر عن ابن أبي مليكة من أنّ موضعه اليوم هو موضع زمن الجاهلية، غايته أنّ السيل أخذه أيّام عمر، ولمّا جاء إلى مكّة رأى أنّهم بعد السيل قد ألصقوه بالبيت فردّه إلى موضعه الحالي بعد أن سأل عنه منهم.
الرواية الثالثة: أنّ موضعه ـ كما نقله في الجواهر أيضاً عن ابن سراقة ـ أيّام الجاهلية كان على تسعة أذرع من البيت، ووسّعه رسول الله’ إلى حدود عشرين ذراعاً حتّى لا ينقطع الطواف بالمصلّين خلفه، ثمّ أخذه السيل أيّام عمر، ثم ردّه عمر إلى موضع رسول الله’ وهو موضعه الحالي.
غير أنّ هذه الرواية تفتقر إلى تبرير الستّة أذرع والنصف التي هي الفارق بين الموضع الحالي والموضع المذكور في الرواية؛ لأنّ المقام اليوم يبعد ستّة وعشرين ذراعاً ونصف الذراع عن البيت، لكنّه من الممكن أنّ تعبير «حدود عشرين ذراعاً» ـ لو كان وارداً في كلام ابن سراقة بهذا الشكل ـ أريد به ما لا ينافي فارق ستّة أذرع ونصف، كما لعلّه المحتمل، بشهادة أنّه يبعد أن يكون قد تغيّر الموقع بين زمن ابن سراقة وزماننا.
الرواية الرابعة: ما ورد في بعض الروايات عن أهل البيت^ من أنّ موضعه أيّام الجاهلية كان كموضعه الآن، ثمّ ألصقه رسول الله’ بالبيت، ثمّ ردّه عمر إلى موضعه الذي كان أيّام الجاهلية وبقي إلى يومنا هذا، ويؤيّد روح هذا المضمون خبر ياسين الضرير المتقدّم كما لاحظنا.
(*) نشر هذا المقال في العدد الخامس عشر من مجلة ميقات الحج، في إيران، عام 2001م. ثم نشر ضمن كتاب (بحوث في فقه الحج) للمؤلّف، عام 2010م.
[1]. ذهب إلى هذا القول كلّ من: الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 356 ـ 357؛ والنهاية: 237؛ وابن حمزة في الوسيلة: 172؛ وابن زهرة الحلبي في غنية النزوع: 172؛ والحلّي في السرائر 1: 572؛ وابن البرّاج في المذهب 1: 233؛ وإن لم يذكر هذا الشرط في «جواهر الفقه»؛ وابن مجد الحلبي في إشارة السّبق: 131؛ والشهيد الأوّل في الدروس 1: 394؛ واللمعة: 70؛ والشهيد الثاني في المسالك 2: 334؛ والروضة 2: 249؛ والمحقّق الحلّي في الشرائع 1: 199؛ والمختصر النافع: 93؛ والعلّامة الحلّي في المختلف 4: 200؛ وإن نسب إليه في غيره؛ والقواعد 1: 426؛ وإرشاد الأذهان 1: 324؛ وتحرير الأحكام 1: 581؛ وقطب الدين البيهقي في إصباح الشيعة بمصباح الشريعة: 155؛ والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1: 369 حيث يظهر منه الميل إليه فيه؛ والشيخ النجفي في جواهر الكلام 19: 295 ـ 299؛ والمحقّق النراقي في المستند 12: 75 ـ 76؛ والمحدّث البحراني في الحدائق 16: 110، لكنّه في آخر بحثه جعل المسألة في غاية الإشكال ومال إلى الاحتياط ص: 114؛ والسيّد الطباطبائي في الرياض 6: 536 ـ 537؛ والفاضل الهندي في كشف اللثام 5: 420؛ والمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 7: 85 ـ 87؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد 3: 193؛ وابن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع: 197؛ والمحقّق العراقي في شرح تبصرة المتعلّمين 4: 115؛ والشيخ الأراكي في مناسك الحجّ: 124؛ والسيّد الخوانساري في ظاهر جامع المدارك 2: 494 ـ 495؛ والإمام الخميني في تحرير الوسيلة 1: 397؛ والسيّد السبزواري في مناسك الحجّ: 96 وإن كان له رأي آخر سيأتي.
هذا، واحتاط السيّد الگلپايگاني وجوباً في مناسك الحجّ: 111؛ وإن تغيّر رأيه أخيراً؛ كما أنّ الشيخ الطوسي في الخلاف 2: 324 ـ 325 ذكر عدم جواز الطواف بالسقاية وزمزم، ونسب للشافعي الجواز، واستدلّ الطوسي لرأيه بالقطع بالجواز دون ذلك وغيره غير مقطوع به، فالاحتياط يقتضي عدمه.
[2]. غنية النزوع: 172.
[3]. مفاتيح الشرائع 1: 369.
[4]. جامع المدارك 2: 495.
[5]. نصّ على شهرة هذا القول النراقي في المستند 12: 75؛ والسيّد العاملي في المدارك 8: 131؛ والطباطبائي في الرياض 6: 536؛ والسيّد الخوئي في مناسك الحجّ: 145، م303؛ والشهيد الأول في الدروس 1: 394؛ والخراساني في كفاية الأحكام: 66؛ والعراقي في شرح التبصرة 4: 113.
هذا، وقال الأكثر كما في الحدائق 16: 111؛ والمعروف في مذهب الأصحاب كما في ذخيرة المعاد: 628؛ ولا خلاف معتدّ به أجده كما في الجواهر 19: 295؛ وممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب كما في مجمع الفائدة والبرهان 7: 85، وغيرهم.
[6]. الحدائق الناضرة 16: 110.
[7]. كتاب مجموعة فتاوى ابن الجنيد: 136، نظّمه الإشتهاردي.
[8]. نسبه إليه في مفاتيح الشرائع 1: 369.
[9]. الفقيه 2: 247، باب 132 من الحجّ. ط دار التعارف 1990 م.
[10]. يظهر منه الميل إليه في منتهى المطلب 2: 491؛ وتذكرة الفقهاء 8: 93؛ وهو ظاهر عنوان الحرّ العاملي في الوسائل ج13 كتاب الحج ـ أبواب الطواف، باب 28؛ والشيخ الأنصاري في رسالة مناسك الحجّ: 205 ـ 207؛ وقد وافقه فيه ـ حسب الظاهر ـ كلٌّ من الميرزا محمّد حسن الشيرازي، والآخوند الخراساني، والسيّد كاظم اليزدي، والشيخ عبد الكريم الحائري، والميرزا محمد حسن أحمدي يزدي، وقد شرط الشيخ الأنصاري اتصال الطائف بالبقيّة لو تجاوز مع الضرورة.
[11]. مناسك الحج: 145، وجعل رعاية الاحتياط مع التمكّن أولى؛ والمعتمد 4: 342.
[12]. مهذّب الأحكام 14: 61 ـ 62.
[13]. ففي الكفاية: 66 إنّ العدول عنه مشكلٌ والقول به أحوط؛ ونحوه الذخيرة: 628؛ وفي مدارك الأحكام 8: 131 أنّه غير بعيد والمشهور أولى؛ وذهب إليه أيضاً السيّد الروحاني في مناسكه: 125.
[14]. المصدر نفسه.
[15]. مستند الشيعة 12: 76.
[16]. مناسك الحج: 111؛ وانظر: آراء المراجع في الحجّ: 238.
[17]. غنية النزوع: 172.
[18]. رسالة مناسك الحجّ للشيخ الأنصاري ـ تعليقة الميرزا محمد حسن أحمدي يزدي: 220.
[19]. الشافعي، موسوعة الإمام الشافعي، كتاب الأم 3: 25، 26.
[20]. المصدر نفسه: 27، وراجع أيضاً: 29.
[21]. الغزالي، الوسيط في المذهب 2: 645.
[22]. ابن حزم الأندلسي، المحلّى 7: 181.
[23]. ابن عابدين، ردّ المحتار على الدرّ المختار المعروف بحاشية ابن عابدين 3: 451.
[24]. الفقه على المذاهب الأربعة 1: 859 ـ 860.
[25]. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلّته 3: 153.
[26]. المصدر نفسه: 156.
[27]. المصدر نفسه: 159.
[28]. المصدر نفسه: 160.
[29].المصدر نفسه: 168.
[30]. غنية النزوع: 172.
[31]. الوسائل ج13 كتاب الحج، أبواب الطواف، باب 28، ح1.
[32]. يراجع: معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي 20: 11؛ وقد صرّح بضعف سند الحديث جملة من الفقهاء كالسيّد الخوئي في المعتمد وغيره، راجع المصادر المتقدّمة.
[33]. والسند هو: أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد رحمه الله تعالى، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي، عن ابن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن حريز. وأخبرنا عدّة من أصحابنا، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن يحيى وأحمد بن إدريس وعلي بن موسى بن جعفر كلّهم، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد وعلي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى الجهني، عن حريز. وأخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز. راجع الفهرست: 118 باب الواحد رقم [249] ـ 1 ـ ط مؤسسة نشر الفقاهة 1417 هـ . 34.
[34].مصدر سابق: 210.
[35].وقد ذكر هذا القول الأستاذ الشيخ باقر الإيرواني في «دروس تمهيدية في القواعد الرجالية»: 212 ـ 213، مع أنّه ذكر عقيب ذلك وتحت عنوان منشأ الإضمار: أنّ طبيعة الكتب السابقة ـ كما ذكرناه في المتن ـ تقتضي رجوع الضمير إلى مذكور في أوّل الكلام، وليس إلّا الإمام×، وناقشه باحتمال غيره، والجمع بين أطراف كلامه حفظه الله قد يواجه بعض المشاكل.
[36]. مصدر سابق: 536.
[37]. مصدر سابق: 495.
[38]. مصدر سابق: 75.
[39]. مصدر سابق: 296.
[40]. الوسائل ج13 ـ الحج ـ أبواب الطواف ـ باب 28، ح2.
[41]. مجمع الفائدة والبرهان 7: 86 ـ 87.
[42]. يراجع في حال أبان بن عثمان: معجم رجال الحديث 1: 157 ـ 164.
[43]. مصدر سابق: 219.
[44]. المصدر نفسه.
[45]. مصدر سابق: 216.
[46]. مصدر سابق: 214.
[47]. شرح تبصرة المتعلّمين 4: 115.
[48]. مصدر سابق: 181.
[49]. الروضة 2: 249؛ والمسالك 2: 334.
[50]. شرح تبصرة المتعلّمين 4: 115؛ وصرّح به الشيخ محمّد إبراهيم الجنّاتي أيضاً في مجلّة ميقات الحجّ العدد 6: 116، عام 1417هـ .
[51]. جواهر الكلام، مصدر سابق، ولم نتعرّض لتحقيق هذه الروايات لعدم دخولها في مورد بحثنا.