خيانة المفكرين وتعميق التخلف العربي
د.حازم خيري
“شعارات فى مجال الفكر
وخرابات فى أرض الواقع!”
أحمد عبد الله رزة
فى مؤلفه القيم “قضية الأجيال“، يقول زعيم الحركة الطلابية المصرية الدكتور أحمد عبد الله رزة، المفكر المصري الذى قضى جزءاً وافراً من حياته الحافلة بالنضال “خالى شغل!“، رغم نيله درجة الدكتوراه من جامعة كمبريدج العريقة فى المملكة المتحدة([1]): “الحرية كالإيمان، هى ما وقر فى القلب وصدقه العمل“! مقولة رائعة جسد بها الراحل النبيل مأساة الفكر فى عالمنا العربي..
فها هي شخصية عربية، أشهر من نار على علم كما يقولون، يُقال اليوم أن كتاباتها وأحاديثها التليفزيونية تُباع بالكلمة، دلالة على أهمية ما يكتبه ويقوله صاحب هذه الشخصية! صحيح أنه احتل فى خمسينيات وستينيات وربما سبعينيات القرن الماضى موقعاً لصيقاً برمز نخبوي عربي بارز، فى دولة عربية بارزة. وهو ما قد يقدم لنا تبريراً لما يتمتع به الرجل اليوم من شهرة واسعة. لكن المدهش والمثير للاستغراب هو أن كتابات الرجل وأحاديثه، التى تلقى كل هذا الرواج الذى أشرت إليه توا، تأتى فى معظمها انتقاداً لأوضاع راهنة، يدافع الرجل نفسه – وربما فى نفس الكتابات والأحاديث – باستماته عن أوضاع مماثلة، ربما كانت أبشع، ارتُكبت فى الماضي، تحت سمعه وبصره، دون أن يهتز لها ضميره..!
وها هو ممثل مخضرم، يتزعم عرش الكوميديا فى بلاده، وتجرى “افيهاته” الشهيرة والساخرة مجرى الأمثال على ألسنة مواطنيه – ها هو يُباهي دوماً بريادته وجرأته على مناهضة الفساد والفاسدين فى بلاده، فى نفس الوقت الذى يحرص – وياللجرأة – على التواصل مع الفاسدين، ويُباهي بدعوتهم لحضور مناسباته العائلية والعروض الافتتاحية لأفلامه ومسرحياته التى يهاجمهم فيها..!!
حقاً لقد اختلطت الأوراق على نحو مُربك ومخيف، وأراني أحاول جاهداً فى هذا المقال الخروج من هذا التيه الفكرى الذى قُضي به علينا! ولتكن البداية محاولة إيجاد إجابة شافية على سؤال مهم ومثير للجدل: من هو المفكر الحقيقي؟
من هو المفكر الحقيقي؟
الكلمة التى تعادل ما نعبر عنه بمصطلح الـ”مفكر” فى لغتنا العربية، هي فى اللغة الأوروبية Intelligentsia، وهى إسم مصدر، والصفة منها هي: Intellectuel. وأصل الكلمتين معاً هو: Intellect أو Intelligence. وكلمة Intellect تعني الفطنة أو الذكاء أو العقل أو قدرة الادراك والفهم والاستنتاج، ومن ثم تعني الصفة منها: العاقل المتفهم، وتُطلق على الإنسان الذى يُحسن التفكير، ومن ثم تُطلق على أهل الفكر ((Intelligentsia أو على شريحة من المجتمع تكون من صفاتها المتميزة البارزة هى استعدادها الفكري والعقلي وذكاؤها! هذا هو معنى مصطلح الـ”مفكر” لغوياً، وعليه فكل إنسان ذكي يبرز ذكاؤه وفكره وفهمه عن سائر مواهبه الأخرى فى حياته ومجتمعه فهو مفكر([2])!
وبعيداً عن المعنى اللغوي، تختلف التعريفات الأكثر أهمية لمصطلح الـ”مفكر“، فى القرن الماضي، على نحو مُلهم! يقول المُنظر الماركسي أنطونيو جرامشي، الذى سجنه موسوليني بين 1926 و 1937، فى مؤلفه القيم والشهير “كراسات السجن“([3]): “كل الناس مفكرون، وبناء عليه يمكن للمرء أن يقول: لكن لا يمارس كل الناس مهنة الفكر فى المجتمع“! ويعطي عمل جرامشي نفسه مثلاً عن الدور الذى يعزوه للمفكر، فهو عالم اللغة الضليع ومنظم حركة الطبقة العاملة الايطالية، وفى كتابته الصحفية أحد أهم المحللين الاجتماعيين، كان همه أن يبني، ليس حركة اجتماعية وحسب، بل تشكيلة ثقافية كاملة مرتبطة بهذه الحركة..
يحاول جرامشي أن يبين أن هؤلاء الذين يمارسون مهنة الفكر، يمكن تقسيمهم إلى نموذجين: الأول، مفكرون تقليديون مثل المعلمين ورجال الدين والاداريين الذين يواصلون فعل الأشياء نفسها من جيل إلى جيل. والثاني، مفكرون عضويون، رآهم جرامشي مرتبطين بشكل مباشر بالطبقات أو المؤسسات التجارية التى تستخدمهم لتنظيم المصالح واحراز سلطة أكبر والحصول على رقابة أوسع!
يقول جرامشي عن المفكر العضوي: “المقاول الرأسمالي يخلق إلى جانبه التقني الصناعي والمتخصص فى الاقتصاد السياسي ومنظمي ثقافة جديدة لنظام قانوني جديد وغيرهم“. فخبير الاعلان أو العلاقات العامة، الذى يبتكر تقنيات لاكساب شركة منظفات أو شركة طيران حصة أكبر من السوق، يعتبر مفكراً عضوياً وفقاً لجرامشي، هو امرؤ ما فى مجتمع ديمقراطي يحاول كسب موافقة الزبائن المحتملين واحراز الاستحسان، وتوجيه رأى المستهلك أو الناخب. اعتقد جرامشي أن المفكرين العضويين مرتبطين بالمجتمع على نحو فعال، أى أنهم يناضلون باستمرار لتغيير العقول وتوسيع الأسواق، بخلاف المعلمين ورجال الدين، الذين يبدو أنهم مضطرون إلى هذا الحد أو ذاك للبقاء فى المكان، يمارسون العمل نفسه سنة بعد أخرى، أما المفكرون العضويون فهم دائماً فى حركة وتجدد.
فى الجهة القصوى الأخرى، ثمة تعريف جوليان بيندا للمفكرين انهم جماعة صغيرة من ملوك حكماء، يتحلون بالموهبة الاستثنائية والحس الأخلاقي العالي، وقفوا أنفسهم لبناء ضمير الانسانية! ويظل كتاب بيندا الشهير “خيانة المفكرين” حياً عبر الأجيال كهجوم لاذع على المفكرين الذين تخلوا عن سلطتهم الأخلاقية لصالح ما يدعوه، فى عبارة تنبؤية “تنظيم العواطف الجمعية“، مثل الطائفية، وأفكار الجمهور العاطفية، والسلوك العدواني القومي، والمصالح الطبقية([4])!
كان بيندا يكتب عام 1927، أى قبل عصر وسائل الاعلام العامة، لكنه تحسس – وياللدهشة – كم كان مهماً للحكومات أن تستخدم هؤلاء المفكرين الذين يمكن أن يُستدعوا، لا ليقودوا، بل ليعززوا سياسة الحكومة، ويطلقوا الدعاية ضد الأعداء الرسميين، وعلى نطاق أوسع، منظومات كاملة من لغة أورويلية غامضة، يمكنها حجب حقيقة ما يحدث باسم “النفعية المؤسساتية” أو “الشرف الوطني“!
طبقاً لبيندا، يشكل المفكرون الحقيقيون نخبة، كائنات نادرة جداً فى الحقيقة، مادام ما يرفعونه هو القيم الخالدة للحقيقة والعدالة التى هي بدقة ليست من هذا العالم! من هنا وصفه لهم بأنهم أصحاب دين العدالة والحقيقة، تمييزا لهم عن سواد الناس، هؤلاء الناس العاديين الذين يهتمون بالمنفعة المادية والتقدم الشخصي! بعبارة أخرى، المفكرون الحقيقيون، برأي بيندا، هم هؤلاء الذين نشاطهم بالدرجة الأولى ليس ملاحقة الأهداف العملية، والذين يسعون إلى مسرتهم فى ممارسة فن ما أو علم ما أو تأمل ميتافيزيقي، باختصار فى امتلاك مزايا غير مادية، ولهذا يقولون بطريقة محددة: (مملكتى ليست من هذا العالم!)..
أمثلة بيندا التى يُورها فى كتابه – كسقراط والمسيح وسبينوزا وفولتير ورينان – توضح أنه لا يُقر مفهوم مفكري البرج العاجي والمنفصلين عن العالم الواقعي، وغير الملتزمين بالكامل، المنعزلين بشدة، والذين وقفوا أنفسهم للمواضيع المبهمة وربما السحرية! فالمفكرون الحقيقيون، برأيه، لا يكونون أبداً فى أفضل حالاتهم إلا عندما تحركهم عاطفة ميتافيزيقية ومباديء نزيهة للعدالة والحقيقة ويشجبون الفساد ويدافعون عن الضعفاء ويتحدون السلطة غير الشرعية أو الجائرة! المفكرون الحقيقيون يُفترض بهم أن يجازفوا بخطر الحرق أو النبذ أو الصلب. إنهم شخصيات بارزة رمزية موسومة بنأيها الثابت عن الاهتمامات العملية. ولذلك لا يمكن أن يكونوا كثيري العدد، ولا أن يُطوروا بشكل روتيني. يجب أن يكونوا أفراداً مدققين وذوى شخصيات قوية، وفوق كل شيء، يجب أن يكونوا فى حالة تضاد مع الوضع القائم على نحو شبه دائم!
بيد أن مفكرى بيندا، وإن كانوا بشكل محتوم مجموعة من الرجال، صغيرة وبالغة الوضوح، يطلقون أصواتهم الجهيرة ولعناتهم الفظة على البشر من علياء سماءهم، إلا أن بيندا لا ينوه أبداً إلى كيفية حصول هؤلاء الرجال على الحقيقة، أو ما إذا كانت بصيرتهم الباهرة النافذة إلى المباديء الخالدة مجرد أوهام شخصية كالتى عند دون كيخوته! صفوة القول، إنه فى عمق البلاغة المولعة بالقتال لعمل جوليان بيندا المحافظ للغاية، توجد هذه الصورة الجذابة للمفكر ككائن منبوذ، قادر على قول الحقيقة للسلطة، فظ، بليغ، شجاع على نحو خيالي، غاضب، لا توجد فى رأيه سلطة دنيوية كبيرة ومهيبة جداً لا يمكن أن تُنتقد وأن تُوبخ بحدة..!
فى محاضرات ريث التى قدمها عام 1993 بالولايات المتحدة، ذكر المفكر اللامع إدوارد سعيد ان تحليل جرامشي الاجتماعي للمفكر كشخص ينجز مجموعة وظائف محددة فى المجتمع أقرب كثيراً إلى الواقع من أى شيء يقدمه بيندا لنا، لاسيما فى أواخر القرن العشرين عندما أثبتت مهن كثيرة – مذيعون، أكاديميون محترفون، محللو كمبيوتر، محامو وسائل الاعلام، مستشارون إداريون، خبراء فى السياسة، مستشارون للحكومة، مؤلفو تقارير السوق المتخصصة، وفى الحقيقة حقل الصحافة الشعبية الحديثة بالكامل – صحة رؤية جرامشي! غير أنه أصر فى المحاضرات نفسها على أن المفكر فرد ذو دور اجتماعي محدد، لا يمكن اختزاله ببساطة لأن يكون حرفياً بلا ملامح، عضواً كفؤاً من طبقة يقوم بعمله وحسب!
الحقيقة المركزية بالنسبة لادوارد سعيد هى أن المفكر الحقيقي فرد وُهب قدرة لتقديم، وتجسيد، وتبيين رسالة، أو رؤية، أو موقف، أو فلسفة، أو رأى إلى جمهور ولأجله أيضاً. وهذا الدور له مخاطره أيضاً، ولا يمكن للمرء أن يلعبه دون الشعور بأن مهمته هى طرح الأسئلة المربكة علناً، ومواجهة التزمت والجمود (لا توليدهما)، وأن يكون امرءاً لا تستطيع الحكومات أو الشركات الكبرى احتواءه بسهولة، والذى مبرر وجوده هو أن يمثل هؤلاء الناس والقضايا التى نُسيت بشكل روتيني أو كُنست تحت البساط. إن المفكر، بحسب إدوارد، يفعل ذلك على قاعدة المباديء العامة: ان الناس جميعاً مؤهلون لتوقع معايير سلوك لائقة فيما يخص الحياة والعدالة من القوى الدنيوية أو الأمم، وأن انتهاك هذه المعايير عمداً أو دون عمد يتطلب أن يشهد المفكر ضدها وأن يقاتل بشجاعة.
والمفكر كشخص تمثيلي، فى رأى إدوارد، هو ما يُهم، إنه شخص ما يمثل على نحو جلي وجهة نظر من نوع ما! شخص ما يقدم بينات واضحة لجمهوره رغم كل ضروب العوائق! ودليل إدوارد أن المفكرين أفراد لديهم استعداد فطرى لفن التمثيل، أكان ذلك حديثاً أو كتابة أو تدريساً أو ظهوراً على شاشة التليفزيون. وذلك الاستعداد هو المهم إلى المدى الذى يكون فيه مميزاً اجتماعياً ويتضمن كلاً من الالتزام والمجازفة، الجرأة وقابلية السقوط معاً؛ فما يخلق انطباعاً لدى المرء عندما يقرأ سارتر أو راسل، بالاضافة إلى حججهما، هو صوتهما المحدد، الفردي، وحضورهما لأنهما يعبران عن معتقداتهما دون تردد أو خوف. لا يمكن أن يُساء فهمهما كأن تظن أياُ منهما موظفاً مجهولاً أو بيروقراطياً حذراً..
ينتهى إدوارد فى تعريفه للمفكر الحقيقي إلى القول بأنه شخص، لا هو مهدىْ ولا هو باني إجماع، بل يراهن بكل وجوده على حس نقدي، حس عدم الاستعداد لقبول الصيغ السهلة، أو الأفكار المبتذلة الجاهزة، أو التأكيدات المتملقة والمكيفة باستمرار لما يجب أن يقوله الأقوياء أو التقليديون، وما يفعلونه. ليس فقط على نحو معارض سلبياً، بل أن يكون مستعداً لقول ذلك علانية وعلى نحو نشط. بيد أن هذا لا يعنى دوماً – فى رأى إدوارد – أن ينتقد المفكر سياسة الحكومة، بل الأصح التفكير بأن مهنة الفكر حافظة لحالة اليقظة الدائمة، والرغبة المستمرة فى عدم السماح لأنصاف الحقائق أو الأفكار الموروثة بتسيير المرء معها. وذلك يتضمن نزعة واقعية راسخة، غالباً طاقة عقلية شبيهة بالطاقة الجسدية للرياضيين، وصراعاً معقداً لموازنة مشكلات المرء الذاتية ضد مطالب النشر والتعبير دون خوف فى الأجواء العامة هو ما يجعل ذلك مسعى خالداً، لا ينتهي تكوينه أبداً!
بيد أن إدوارد لم يكتف بعرض رؤيته للمفكر الحقيقي، فراح يطبقها بجرأة على نفسه! يقول إدوارد([5]): “..كمفكر أعرض اهتماماتى أمام جمهور أو مجموعة من الأنصار، لكن هذا ليس مجرد مسألة كيف أوضح اهتماماتي، بل هى ما أمثل أنا نفسي، كإنسان يحاول أن يسرع قضية الحرية والعدالة. أقول وأكتب هذه الأشياء لأنها بعد طول إمعان هى ما أؤمن به؛ وأريد أن أقنع الآخرين بهذه الرؤية أيضاً. لذلك يوجد هذا المزج المعقد تماماً بين العالمين العام والخاص، سيرتي الشخصية وقيمي وكتاباتي ومواقفي كما تستنبط من تجاربي، من جهة، ومن جهة أخرى، كيف تدخل هذه الخصوصيات إلى العالم الاجتماعي حيث يتنازع الناس ويصنعون القرارات حول الحرب والحرية والعدالة. لا يوجد شيء كمفكر خاص، نظراً لأن لحظة تدوينك للكلمات ثم نشرها تدخل العالم العام. ولا يوجد مجرد مفكر عام، شخص يوجد فقط كرئيس صورى أو ناطق رسمي بلسان جماعة أو رمز لقضية، أو حركة، أو موقف. ثمة دائماً أثر شخصي وحساسية خاصة، وذلك ما يعطي معنى لما يُقال أو يُكتب. أقل ما على المفكر عمله هو أن يكون همه إرضاء جمهوره، فالأمر الأساسي هو أن تكون مربكاً ومضاداً وحتى منفراً.“!
قارئي الكريم، أما وقد فرغت من عرض التعريفات الثلاثة الأكثر أهمية – فى رأيي – لمصطلح الـ”مفكر“، فى القرن الماضي، وهى على التوالي لجرامشي وبيندا وإدوارد سعيد، أرانى مُطالباً الآن بعرض رؤيتى الخاصة فى هذا الصدد! والحق أن رؤيتى للمفكر الحقيقي تكاد تتطابق مع رؤية إدوارد سعيد المُشار إليها تواً، لذا أنصرف بجهدي لاحقاً إلى ايضاح ما أقصده بـ “خيانة المفكرين“..!
خيانة المفكرين فى الفكر الأنسني:
فى دراسة سابقة لى بعنوان “بناء الذات الأنسنية”، أودعتها أسس رؤيتي للفكر الأنسني، وقمت بنشرها مؤخراً على شبكة الانترنت، ذكرت أن بناء الذات الأنسنية لا يعني – فى رأيي – سوى صياغتها بما يسمح لها بتحقيق أكبر قدر ممكن من التطابق بين أقوالها وأفعالها، شريطة انطواء تلك الأقوال والأفعال على تثمين للأنسنية القائلة بالإنسان كأعلى قيمة في الوجود، وهدفها الماثل في التمحيص النقدي للأشياء بما هي نتاج للعمل البشري وللطاقات البشرية، تحسباً لسوء القراءة وسوء التأويل البشريين للماضي الجمعي كما للحاضر الجمعي. وكذا شريطة وقوع تلك الأقوال والأفعال في إطار الخصائص العامة للأنسنية([6]):
1- معيار التقويم هو الإنسان.
2- الإشادة بالعقل ورد التطور إلى ثورته الدائمة.
3- تثمين الطبيعة والتعاطي المتحضر معها.
4- القول بأن التقدم إنما يتم بالإنسان نفسه.
5- تأكيد النزعة الحسية الجمالية.
وفى الدراسة نفسها، ذكرت أنه طبقا للمعيار الأنسني، يُعد الإنسان أنسنيا (ذاتا أنسنية) طالما أدرك الأنسنية وسعى لتبصير الغير بها، ولم يستأثر بها لنفسه أو لفريق بعينه، وكذا يُعد الإنسان ذاتاً حتى لو جهل الأنسنية، ولم يُدرك كنهها، أو أعرض عنها، لكنه في تلك الحالة يكون ذاتاً مغتربة ثقافياً. فالشائع – خاصة في المجتمعات المتخلفة – هو تنازل الإنسان عن حقه الطبيعي في امتلاك ثقافة حرة ومتطورة، إراحة لذاته وإرضاء لمجتمعه! وباستخدام المعيار نفسه، يُعد آخراً كل من يدرك الأنسنية ويستأثر بها لنفسه أو لفريق بعينه، ويعمل جاهداً في الوقت نفسه للحيلولة دون أخذ الذات المغتربة ثقافياً بها كنهج حياة، وتعميتها عنها بشتى الوسائل والسبل، بهدف حرمان تلك الذات من جني ثمار الأخذ بالأنسنية.
وانتهيت فى دراستى إلى القول بأن تطور التاريخ الإنساني لا يعدو – على الأرجح – كونه نتاجاً لصراع ثقافي معقد، أطرافه الذات الأنسنية والذات المغتربة والآخر. أقول صراعاً ثقافياً، استناداً لتعريف إليوت الأنثروبولوجي للثقافة بأنها طريقة شاملة للحياة، وهو ما يعني كون الصراع أعم وأشمل منه عند الماركسيين، فاحتياجات الإنسان ليست مادية فحسب، فهي تتجاوز الاحتياجات المادية، على خطرها وأهميتها. وأقول صراعاً معقداً، لتعدد جبهاته وتداخلها..
فهناك الصراع بين الذات الأنسنية الساعية لتبصير الذات المغتربة بالأنسنية وتعرية دور الآخر في تكريس اغترابها، وبين الآخر المدرك للأنسنية والحريص على الحيلولة دون نجاح الذات الأنسنية في إقناع الذات المغتربة بالتخلي عن اغترابها، وكذا الحريص على الحيلولة دون أخذ الذات المغتربة نفسها بالأنسنية كنهج حياة، وهو صراع مؤلم، لا يتورع الآخر فيه عن استخدام أو إغراء الذات المغتربة باستخدام كافة الوسائل المستترة وغير المستترة لحسمه لصالحه. وهناك أيضا الصراع بين الذات الأنسنية والذات المغتربة، وهو صراع عدائي من جانب واحد، هو جانب الذات المغتربة، يغذيه الآخر كما أسلفنا ويؤججه، فهو يُلقي في روع الذات المغتربة أن قهر اغترابها يعني محو هويتها، وأن جهود الذات الأنسنية لحثها على قهر اغترابها والأخذ بالأنسنية، ليست سوى ممارسات عدائية في حقها، ترمي لمحو هويتها الثقافية وهدر ثروتها العقلية..!!
تلك هى أسس رؤيتي للفكر الأنسني، أوردتها لأُذكر قارئي الكريم بها، إن كان قد سبق له الاطلاع عليها، ولأُعلمه بها إن لم يكن قد اطلع عليها قبل الآن!
على أية حال، كنت قد انتهيت فى الجزئية السابقة إلى القول بأنه نظراً لتطابق رؤيتى للمفكر الحقيقي مع رؤية إدوارد سعيد، فليس أمامي إلا أن أنصرف بجهدي إلى ايضاح ما أقصده بـ “خيانة المفكرين“..! وأرانى عازماً على الوفاء بما وعدت، تحسباً لأن يُروج تجار الآلام عني أنى ناقل لآراء غيري فحسب!
ولسوف أبدأ حديثي بحكاية طريفة عن الشاعر اليوناني ايزوب! كان ايزوب عبداً، قبل أن يسترد حريته، وذات يوم أمره سيده زانتوس أن يبتاع له من السوق خير ما فى هذا السوق من أشياء، فلم يبتاع ايزوب سوى “ألسنة“، وكانت حجته فى ذلك أن اللسان هو خير الأشياء وأفضلها، لأنه صلة الحياة المدنية، ومفتاح العلوم، وأداة الحقيقة والفكر، والصلاة..إلخ! ثم أراد سيده أن يحرجه، فأمره فى اليوم الثاني أن يبتاع له من السوق أسوأ ما فيه، وإذا بايزوب يُقدم لسيده مائدة عليها “ألسنة” قائلاً إن اللسان هو أسوأ وأقبح ما في الدنيا، فهو أم الجدل والخصام، وينبوع الخلاف والحروب، وأداة الخطأ والرزيلة، والكفر والفحشاء!
المفكر عموماً هو كلسان ايزوب، يمكن أن يكون مصدراً للخير أو الشر!
قارئي الكريم، لعل قناعتى المذكورة سلفاً بأن تطور التاريخ الإنساني لا يعدو كونه نتاجاً لصراع ثقافي معقد، أطرافه الذات الأنسنية والذات المغتربة والآخر، تشي بقناعات أخرى، أبرزها: كون الاغتراب الثقافي (وأعنى به تنازل الإنسان عن حقه الطبيعي في امتلاك ثقافة حرة ومتطورة، إراحة لذاته وإرضاء لمجتمعه) والآخرية (وأعنى بها إدراك الإنسان للأنسنية واستئثاره بها لنفسه أو لفريق بعينه، وعمله جاهدا في الوقت نفسه للحيلولة دون أخذ الذات المغتربة ثقافيا بها كنهج حياة، وتعميتها عنها بشتى الوسائل والسبل، بهدف حرمان تلك الذات من جني ثمار الأخذ بها)، عقبتين كئودتين فى طريق الخلاص! وكون المفكر، فى كل زمان ومكان، مُطالباً بمناهضتهما، وإلا أصبح موصوماً بعار خيانة ما أتصوره واجباً مُقدساً، تفرضه مهنة الفكر على صاحبها، وتقتضيه القيم الإنسانية النبيلة!
الحاصل هو أن العديد من مفكري المجتمعات المتخلفة لا يرون تضاد مصالح الآخر المحلي والذات، نظراً لانسياقهم فى غمرة النضال فى سبيل الحرية، وضد استبداد الحكام ومؤسسات العنف ومحترفي التبرير الديني! إنهم لا يُقرون بفكرة أن الذات المغتربة فى حاجة لمن يحدوها نحو خلاصها، ويساعدها على قهر اغترابها الثقافي واستعادة حقها المشروع فى امتلاك ثقافة حرة ومتطورة..فى حاجة لمن يُعري أمامها الآخر المحلي ويُبرز تواطؤه المُخزي مع الآخر العالمي!
من جهة أخرى، يعتقد عدد كبير من الحالمين، ومن ذوي العبقرية أحياناً، بأنه يكفي إقناع الحكام بجور النظام القائم، من أجل توفير الحياة الكريمة والآمنة لمواطنيهم! بيد أن المحاولات الطيبة التي يقوم بها هؤلاء أو أولئك الأشخاص الكرماء ليست هي التي ستحرر المغتربين من اغترابهم أو هي التي ستُثني الآخر عن آخريته، بل النضال الثقافي الذي يؤججه المفكرون هو الذي سيفعل ذلك!
والأمر يختلف بطبيعة الحال، فى المجتمعات المتقدمة، إذ يرفل العديد من مفكريها، وهم كُثرُ فى غلائل الخيانة، بمهادنتهم، أو على الأقل تعاميهم، عن مؤازرة الآخر العالمي للآخرية (المحلية) فى المجتمعات المتخلفة، بزعم انتماء أبناء تلك المجتمعات لحضارة معادية، بحكم تكوينها، للحضارة التي تنتمي إليها المجتمعات المتقدمة! يحدث ذلك رغم تفاني هؤلاء المفكرين فى الذود عن حق أبناء حضارتهم فى امتلاك ثقافة حرة ومتطورة، فضلاً عن تفانيهم فى مناهضة الآخرية العالمية إن هي نالت من مواطنيهم، وهو ما يصعب، بل يندر، حدوثه!
ليت مفكري المجتمعات المتقدمة يدركون أن بلادهم إن هي آزرت الذات المغتربة فى المجتمعات المتخلفة وساعدتها على التحرر من نير الاغتراب الثقافي وكذا على التحرر من إرهاب ورذالة الآخر المحلي، ستجتث بذور العداء المزعوم من تلك النفوس المعذبة، وستُمكن للسلام والرفاه الشاملين على الأرض!..ليتهم ينهضون لإغاثة رفاقهم فى رحلة الحياة!.. ليتهم يتخلون عن اعتبارهم وحوشاً ضارية ومخلوقات دونية!..ليتهم يؤمنون أن في موعد النصر متسع للجميع!..
خيانة المفكرين وتعميق التخلف العربي:
لخيانة المفكرين تداعيات سلبية ووخيمة، على مجتمعاتنا العربية، بعضها مباشر والبعض الآخر غير مباشر، ولسوف أبدأ بالأخيرة! فالواضح أن المفكرين الغربيين – شئنا أم أبينا – فى غاية الحرص على التمكين للأنسنية فى مجتمعاتهم! والواضح أيضاً أنهم يهادنون، أو على الأقل يتعامون، عن مؤازرة الآخر الغربي/ العالمي للآخرية العربية/ المحلية، بزعم انتماء أبناء المجتمعات العربية لحضارة إسلامية معادية، بحكم بنيتها، للحضارة الغربية التي ينتمون إليها!
أقول إن لهذا الموقف اللاأنسني، من جانب المفكرين الغربيين، تداعياته السلبية على مجتمعاتنا العربية، إذ أن الذات الغربية تتأثر كثيراً بهؤلاء المفكرين، فنراها تُصر – كما هو حاصل اليوم – على أن ترى نفسها من خلال الطرح البروميثي المُعلن للمركزية الأوروبية، فى وقت تصلى فيه الذات العربية، نيران الآخر الغربي/ العالمي([7])! ولهؤلاء الذين يقولون بسذاجة الذات الغربية ونقاء سريرتها، ويُبدون تفهماً لتأثرها غير المبرر بخيانة المفكرين الغربيين، وتورطها المُخزي فى إدامة الانتهاك الصارخ للطرح البروميثي المُعلن للمركزية الأوروبية، أقول: أليست هذه الذات الغربية هي نفسها التي تخرج إلى الشارع ثائرة ناقمة حال المساس بها وبمصالحها؟! أليست هي نفسها التي تدعم الآخر الغربي/ العالمي، وتُفوضه عبر صناديق الاقتراع، ليمارس أعماله القذرة فى حق مجتمعاتنا؟!..
أعلم أن الآخر العربي/ المحلي متواطيء، للأسف الشديد، مع الآخر الغربي/ العالمي، وأعلم كذلك أن الاغتراب الثقافي للكثيرين من أبناء عالمنا العربي يُحبب إليهم اغترابهم ويدفعهم إلى التعويل فى خلاصهم على اغترابهم الثقافي وعلى الآخر العربي المحسوب ظلماً عليهم! – أعلم كل هذا جيداً، ربما أكثر من غيري، ولكن هل يحق للذات الغربية أن تتأثر، بل وتُحاكي أيضاً، المفكرين الغربيين، فى تبرير الإدانة الخجولة فى بعض الأحيان لممارسات الآخر الغربي/ العالمي؟! وكيف يستقيم منطق كهذا – إن قُبل – مع إصرار الذات الغربية على رؤية نفسها من خلال الطرح البروميثي المُعلن للمركزية الأوربية!
قارئي الكريم، أختم مقالي بتحليل بعض أهم التداعيات المباشرة لخيانة المفكرين على مجتمعاتنا العربية، ولسوف أركز على أمرين بعينهما، هما شيوع النقد الذاتي الزائف، وتضاؤل حظوظ الفكر الأنسني فى ربوعنا، باعتبارهما الأكثر أهمية فى هذا الصدد! إنهما يُسهمان بقوة – كما سنرى – فى تعميق التخلف العربي، إضافة إلى دورهما فى اعاقة الجهود الرامية لمناهضة هذا التخلف:
1- شيوع النقد الذاتي الزائف:
يقول جرامشي: “الواقع أن النقد الذاتي قد أثبت فى النهاية، أنه يتسع للخطب الرنانة والبيانات الفارغة“! ويقول أيضاً: “ينبغي أن يُطبق – يقصد النقد الذاتي – بجدية، أي ينبغي أن يكون فعالاً، لا يرحم، وتكمن فعاليته بالتحديد فى أنه لا يرحم”! يالها من كلمات مُعبرة، تشي بإيمان عميق بخطورة النقد الذاتي!
الحق أن خيانة المفكرين فى مجتمعاتنا العربية ألحقت بالنقد الذاتي ضرراً جسيماً، إذ لنا أن نتصور مصير النقد الذاتي فى مجتمع لا يُقر مفكروه بفكرة اغتراب الذات ثقافياً واحتياجها لمن يحدوها نحو خلاصها، ويساعدها على قهر اغترابها واستعادة حقها المشروع فى امتلاك ثقافة حرة ومتطورة! ولنا أن نتصور كذلك مصير النقد الذاتي فى مجتمع لا يُقر مفكروه بحاجة الذات المغتربة لمن يُعري أمامها الآخر المحلي، ويُبرز تواطؤه اللاأخلاقي مع الآخر العالمي!
فى مثل هذا المجتمع، تختلط الأوراق على نحو مُخيف ومُربك، ويتسع النقد الذاتي – بحسب جرامشي – للخطب الرنانة والبيانات الفارغة! وللقاريء الكريم أن يختبر مدى صدق محاجتي بسهولة، له مثلاً أن يشاهد التليفزيون فى أي قطر عربي، سيجد بلا شك تنويهاً ببرنامج يقدمه أحد أجرأ وأشهر المحاورين أو مقدمي البرامج! وثقتي كبيرة أن مشاهدة قارئي لقسط، ولو يسير، من هذا البرنامج، سيثبت له – هذا إن أخذ التفسير الأنسني لخيانة المفكرين فى الاعتبار – أن شهرة هؤلاء النقاد زائفة، وأن ما يقدمونه نقد زائف، لا يُسمن ولا يُغني من جوع..
خطورة مثل هذا النقد الزائف، انه كالأفيون، يُلقى بمن يتعاطاه فى آتون الوهم! فهو يُوهم الذات المغتربة أنها وجدت أخيراً من ينطق باسمها ويدافع عنها، وفي الوقت نفسه يمنح الآخر المحلي الفرصة لإبداء حرجه وتسامحه إزاء هذا النقد الزائف! يالله، ألم يجد هؤلاء سوى آلام وعذابات المغتربين، ليتاجروا بها؟!..
2- تواضع حظوظ الفكر الأنسني:
“انكفاء الإنسان على الماضي بوابة لهزائم شتى، فجمال صور الماضي الصامتة غير المتحركة يماثل روعة الخريف، عندما تظل الأوراق تلمع تحت السماء بفتنة ذهبية، رغم أن هبة من النسيم قد تُسقطها“! تلك كانت عبارة أوردتها فى صدر كتابي “مقالات فى الفكر الأنسني“، قصدت بها التعبير عن جاذبية فكرة الهروب إلى الماضي، وولع الكثير من المغتربين بها، رغم خطورتها وتعارضها مع ديمومة التطور والتغير، تلك السنة الكونية التى لا سبيل لانكارها أو تجاهلها!
فى مثل مجتمعاتنا المغتربة تروج فكرة الهروب إلى الماضي، ولا ينافسها فى شعبيتها بين المغتربين، سوى فكرة أخرى لا تقل عنها جاذبية وهى فكرة التقليد الأعمى للمجتمعات المتقدمة! ورواج الفكرتين على نحو ما نرى اليوم يعنى بالضرورة تواضع حظوظ الفكر الأنسني فى ربوعنا! والسؤال: من المسئول؟!
أقصد، من المسئول عن إيقاع الذات المغتربة بين خيارين أحلاهما مر: إما إنكفاء على الماضي، أو تقليد أعمى للمجتمعات المتقدمة؟! وقبل أن أجيب على هذا السؤال الشائك، ليسمح لى قارئي الكريم أن أكرر فقرة أوردتها فى سطور سابقة:
“الحاصل هو أن العديد من مفكري المجتمعات المتخلفة لا يرون تضاد مصالح الآخر المحلي والذات، نظراً لانسياقهم فى غمرة النضال فى سبيل الحرية، وضد استبداد الحكام ومؤسسات العنف ومحترفي التبرير الديني! إنهم لا يُقرون بفكرة أن الذات المغتربة فى حاجة لمن يحدوها نحو خلاصها، ويساعدها على قهر اغترابها الثقافي واستعادة حقها المشروع فى امتلاك ثقافة حرة ومتطورة..فى حاجة لمن يُعري أمامها الآخر المحلي ويُبرز تواطؤه المُخزي مع الآخر العالمي!”
خيانة المفكرين فى مجتمعاتنا العربية مسئولة إذن، إلى حد كبير، عن الزج بالذات فى هذا النفق المظلم، فلو أنهم أخذوا على عاتقهم مناهضة الاغتراب الثقافي والآخرية، خصوصاً المحلية، لكان الوضع أفضل مما هو عليه! ففى ظل الاغتراب اللعين لا تملك الذات المغتربة خياراً ثالثاُ، فالاغتراب الثقافي ظلام دامس، فى ظله يستطيع المغترب بالكاد أن يرى قدميه! والآخرية، خاصة المحلية، قيد ضيق، يستحيل على من يحيا فى هذا القيد أن يُحدث تطوراً أو تقدماً، إنه بالكاد يحيا! أغلب الظن، قارئي الكريم، أن الذات العربية بحاجة لمفكرين حقيقيين، يُعرون الآخر المحلى أمامها، ويحدونها نحو قهر إغترابها الثقافي صارخين فيها:
يا سجين الخوف لن نخسر إلا قيدنا!
الهوامش:
[1]) راجع: روجر أوين، ترجمة حازم خيري، فى ذكرى رحيل زعيم الحركة الطلابية المصرية، مقال منشور على شبكة الانترنت.
[2]) على شريعتي، ترجمة إبراهيم الدسوقي شتا، مسؤولية المثقف، (بيروت: دار الأمير، 2007)، ص 49.
[3]) للمزيد عن رؤية جرامشي للمفكر، راجع: أنطونيو جرامشي، ترجمة عادل غنيم، كراسات السجن، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1994).
[4]) لم يطلع الكاتب حتى الآن على كتاب جوليان بيندا، خيانة المفكرين، واعتمد فى معلوماته عنه على المرجع التالي: إدوارد سعيد، ترجمة حسام الدين خضور، الآلهة التى تفشل دائماً، (بيروت: التكوين للطباعة والنشر والتوزيع، 2003).
[5]) راجع نص محاضرات ريث التى ألقاها إدوارد سعيد: المرجع نفسه.
[6]) راجع للكاتب: بناء الذات الأنسنية، مقال منشور على شبكة الانترنت.
[7]) راجع للكاتب: الحضارة الغربية والبروميثية الغائبة، مقال منشور على شبكة الانترنت.