ظلماتٌ بعضُها فوق بعض
إنّها سنة 1959م، ولبنانُ في اختطافٍ ثقافيّ واستلابٍ فكريّ.
فالمدُّ الأحمر (الفكر الشيوعيّ) يسري في ذاك المجتمع الطائفيّ المتنوِّع سريان النار في الهشيم.
ونظام المارونيّة السياسيّة قد أحكم قبضته على مقدّرات الدولة برمّتها.
ونظام الإقطاع السياسيّ والزعامات العائليّة قد ألقى بظلّه الثقيل على أطياف المجتمع اللبنانيّ قاطبةً.
والمنظّمات المسلَّحة (الميليشيات) قد أمسكت بزمام الشارع، مهدِّدةً أمن اللبنانيّين واستقرارهم؛ بذرائع واهية زائفة، وعناوين برّاقة خادعة.
فغرق لبنان شعباً ودولةً في حالة مزرية من الفقر والجهل والتخلُّف والخوف، ورفرفت فوق بقاعه رايات التبعيّة للأجنبيّ، الغربيّ أو العربيّ.
دورٌ رياديٌّ للعلماء
وقد كان لعلماء الدين في لبنان دورٌ رياديٌّ في مواجهة ذلك الواقع المأزوم، فكانت الجهود الكبيرة للسيد عبد الحسين شرف الدين)، سياسيّاً واجتماعيّاً وثقافيّاً وتربويّاً.
وانتقل السيد شرف الدين إلى جوار ربّه راضياً مرضيّاً، وصارت الساحة اللبنانيّة شبه خاليةٍ من العلماء الحركيّين الواعين، المنفتحين على ثقافة العصر، ومنطق الإسلام.
السيّد موسى الصدر في لبنان
وينتقل السيد موسى الصدر) في العام 1959م من إيران ـ قم المقدّسة ـ إلى لبنان ـ جنوب لبنان/صور ـ؛ ليكون خلفاً للسيد شرف الدين. ولا يخفى على أحدٍ ما كان يتمتّع به السيد موسى الصدر من ميزات شخصيّة، جعلت منه رجلاً مؤثِّراً في ذاك المجتمع الإيمانيّ، الذي لا زال يعيش الإيمان بفطرته. فكان أن تبوّأ منه السيد موسى الصدر مكان الرأس من الجسد، فكان القائدَ والملهِم، وكانوا الشيعة والأتباع.
وفي تلك الفترة بالتحديد كانت حركاتٌ إسلاميّةٌ واعيةٌ وواعدةٌ تتشكَّل في أكثر من ساحةٍ إيمانيّة.
الإمام الخمينيّ في إيران
ففي قم المقدّسة في إيران كانت حركة الإمام روح الله الخمينيّ) الإصلاحيّة والتغييريّة لواقع الحوزة العلميّة في قم، وصولاً إلى تغيير الواقع السياسيّ والاجتماعيّ للشعب الإيرانيّ المسلم، قد انطلقت من داخل الحوزة العلميّة في قم.
ورغم تعرّضها للكثير من الضغوط من داخل الحوزة العلميّة فقد تلقّفها بالقبول والتأييد المجتمع الإيرانيّ المسلم، الأمر الذي أدى في العام 1979م إلى انتصار الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران بقيادة الإمام الخمينيّ.
السيد محمّد باقر الصدر في العراق
وفي النجف الأشرف في العراق كانت جهود السيد محمد باقر الصدر) الإصلاحيّة تتراكم، ويعضد بعضها بعضاً، في حركة تغييريّة لواقع الحوزة العلميّة في النجف، وصولاً إلى تغيير الواقع السياسيّ والاجتماعيّ للشعب العراقيّ المسلم.
كلا الحسنَيَيْن: النصر والشهادة
غير أنّ حركة السيد محمد باقر الصدر تلك تعرّضت لمواجهاتٍ قاسية في داخل الحوزة العلميّة، وعملٍ دؤوب على تشويه صورتها وأهدافها. وقد أدّى ذلك إلى تردُّد جمهور المؤمنين في تأييدها والتعاطف معها، وصولاً إلى إقدام حزب البعث الحاكم ـ وبكلّ جرأة، وكيف لا يتجرّأ أمام الصمت المريب للحوزة العلميّة في النجف الأشرف وأقطابها؟! ـ على اعتقال السيد الصدر) وإعدامه. وهذا ما حال دون أن تعطي هذه الحركة المباركة ثمارها المرجوّة منها.
وإلى جانب جهود السيد محمد باقر الصدر كانت جهود الإمام الخمينيّ في النجف الأشرف في العراق أيضاً، منذ وصوله إليها في 5/10/1965م، منفيّاً من إيران، ومبعَداً من تركيا، وحتّى خروجه منها في 6/10/1978م، طيلة ثلاث عشرة سنة.
وقد كان لانتصاره في ثورته المباركة الأثر الكبير على الشعب العراقيّ المسلم في حركته نحو التغيير.
وفي لبنان أحدثت حركة السيد موسى الصدر) التجديديّة والتغييريّة تحوّلاً مصيريّاً وانعطافةً نهائيّةً نحو الإصلاح الاجتماعيّ والاقتصاديّ، والتحرُّر الفكريّ والثقافيّ، والنهضة السياسيّة والعسكريّة (الأمنيّة)، من أجل مواجهة العدوّ الحقيقيّ للأمّتين العربيّة والإسلاميّة، ألا وهو (الكيان الإسرائيليّ الغاصب في فلسطين المحتلّة)، الأمر الذي أدّى إلى انحسار الشيوعيّة وتقوقعها ضمن تنظيمات وأحزاب وأفراد لا تأثير لهم في المجتمع، وسقوط نظام المارونيّة السياسيّة، وزوال الإقطاع السياسيّ والزعامات العائليّة، وضعف المنظّمات المسلَّحة (الميليشيات) في مقابل قوّة حركات المقاومة الإسلاميّة، المؤمنة والصادقة. وهذا ما جعل حياة المجتمع المؤمن مستقرّةً وآمنةً وحرّةً وكريمةً.
بهذه الحركات الثلاث افتُتح عهد الصحوة الإسلاميّة والإيمانيّة في إيران والعراق ولبنان، البلدان التي يتواجد فيها شيعةٌ لأهل البيت(.
ولئن كانت حركة السيد محمد باقر الصدر) لم تعطِ ثمارها المرجوّة منها، وإنّما مثّلت شعلةً فكريّةً تستضيء بها حركات التغيير والإصلاح الدينيّ في العالم الإسلاميّ، فقد انتصرت الثورة الإسلاميّة في إيران بقيادة الإمام روح الله الخمينيّ)، وأُقيمت للمرّة الأولى في التاريخ الإسلاميّ حكومةٌ إسلاميّةٌ بقيادة الفقيه المؤمن والعادل، الأمر الذي شكّل مظلّة أمانٍ للكثير من الحركات الإسلاميّة في منطقة الشرق الوسط والعالم، وحقَّقت حركة السيد موسى الصدر) نقلةً نوعيّةً للمجتمع المؤمن في لبنان، سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وأمنيّاً.
الاستكبار العالميّ يتحرّك
وأحسّ الاستكبار العالميّ ـ المتمثِّل بأمريكا وأوروبا وربيبتهما (إسرائيل) ـ بالخطر الداهم والفاعل من هذا المثلَّث، مثلَّث الصحوة الإسلاميّة في إيران والعراق ولبنان، فقرَّر القضاء على تلك الحركات، الواحدة تلو الأخرى.
فعمد في 31/8/1978م ـ عبر عملائه في المنطقة، وعلى رأسهم العقيد معمَّر القذّافي ـ إلى إخفاء السيد موسى الصدر)، وتغييبه عن ساحة جهاده في لبنان.
وعمد ـ عبر عميله في العراق (صدّام حسين) ـ إلى التضييق على حركة الإمام الخمينيّ) السياسيّة في النجف الأشرف، الأمر الذي دفعه إلى مغادرة العراق إلى فرنسا/پاريس في6/10/1978م. غير أنّ الله عزّ وجلّ شاء له النصر وإقامة الحكومة الإسلاميّة، فمكث في فرنسا أشهراً قليلةً، ثمّ عاد إلى إيران، وتحقَّق الانتصار في 11/2/1979م.
وعمد الاستكبار العالميّ ـ عبر عميله في العراق (صدّام حسين) أيضاً ـ إلى القضاء على حركة السيد محمد باقر الصدر)، من خلال إعدامه وأخته السيدة آمنة الصدر (بنت الهدى) بأبشع صورة في 9/4/1980م.
وظنّ الاستكبار العالميّ أنّه قضى على ركنين أساسيّين في مثلَّث الصحوة الإسلاميّة هذا، ولن يكون بمقدور الركن الثالث ـ وهو الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ـ أن يتحرّك خارج حدود إيران. إذاً لقد حوصرت الصحوة الإسلاميّة في بقعةٍ ضيِّقة، وصار القضاء عليها أمراً مقدوراً.
غير أنّ نسلَ أبناء الإسلام البررة لم ينقطع يوماً، ولن ينقطع بإذن الله تعالى. وهكذا نهض بالأمر في لبنان عالمٌ مجاهدٌ يحمل روح الإسلام الحركيّ والواعي بين جنبَيْه، عنيتُ به العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله)، الذي قدم من النجف الأشرف إلى لبنان في العام 1966م، واستقرّ في منطقة النبعة (شرق بيروت)، واعظاً ومرشداً ومربّياً، وراعياً للفقراء والمستضعفين من المؤمنين، يأخذ بأيديهم نحو الالتزام والعزّة والكرامة والأمن والاستقرار.
لقد مثّل السيد فضل الله الخطّ الثاني للسكّة التي يسير عليها قطار التغيير والإصلاح الدينيّ والاجتماعيّ والسياسيّ والأمنيّ في لبنان، إلى جانب السيد موسى الصدر)، الخطّ الأوّل لتلك السكّة.
وأكمل العلاّمة فضل الله مشوار السيد موسى الصدر، وكان له خليفةً في قلوب الناس وعقولهم، فأحبّوه واتّبعوه، كما أحبّهم وأخلص لهم.
فعلى السيّدين الجليلين الصدر وفضل الله* ألفُ سلامٍ ما أشرقت شمسٌ أو طلع قمرٌ أو أمّ نجمٌ نجماً في السماء، والسلامُ عليهما يوم ولدا، ويوم ماتا، ويوم يبعثان حيّين.
هلاك الطاغية المفسِد
…وقُتل الطاغية المستبدّ، وانتصر الشعب الليبيّ المسلم الثائر، انتصر أحفاد الشهيد البطل عمر المختار.
لقد قُتل معمّر القذّافي يوم الخميس 20 تشرين الأوّل 2011م، الموافق 22 ذو القعدة 1432هـ، بعد أن عمَّر في الحكم الاستبداديّ الغاشم لأكثر من 40 عاماً.
قُتل معمَّر الطغاة، وقذّاف الباطل. قُتل ذو الأطوار الغريبة، والمواقف المريبة. قُتل واضع (الكتاب الأخضر)، والداعي إلى العمل به. قُتل قاتل المدنيّين والعزّل. قُتل مخترع (إسراطين) حلاًّ للصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، ومن خلفه العربيّ الإسرائيليّ، وكأنّ فلسطين والقدس اسمٌ من دون مسمّى. قُتل مَنْ اتّخذ من النساء حارساتٍ له؛ نكايةً بالرجال، إلى آخر مخترعاته وبدعه ومواقفه…
قُتل كأبشع ما يكون قتلٌ أو إعدامٌ أو اغتيالٌ. قُتل ملك ملوك إفريقيا. قُتل قبل أن يكشف عن سرّ إخفائه لإمام المقاومة السيد موسى الصدر(رحمه الله). قُتل مخلِّفاً تركةً ثقيلةً للزعماء والساسة الجُدُد، نأمل أن يتمكّنوا من حملها على أحسن وجهٍ ممكن، وأن يكونوا على القدر الكبير والمطلوب من المسؤوليّة، فقد وضعت الحرب أوزارها، ودقّت ساعة العمل المسؤول، وإعادة الإعمار، وعودة المهجَّرين، والمحافظة على ثروات البلاد من أن تطالها يد الغرب الطامع بثروات البلاد العربيّة والإسلاميّة، الساعي للوصول إليها بطرقٍ شتّى؛ سياسيّةٍ، واقتصاديّةٍ، وعسكريّةٍ.
إنّها الفرصة التاريخيّة للشعب الليبيّ المظلوم أن يبادر إلى لمّ الشمل، والوحدة بين جميع أبنائه الغيارى على الأرض والهويّة وثروات ومقدّرات البلاد، وصولاً إلى إخراج الأجنبيّ من أرضه؛ لتعود للبلاد حرّيتها وعزّتها وكرامتها، ولينعم الشعب الليبيّ بمختلف شرائحه وطبقاته بخيرات البلاد ومقدّراتها؛ فإنّه الأحقّ بها.
ذكرى السيّد الحبيب
وإنّنا إذ نبارك للشعب الليبيّ هذا النصر المؤزَّر، وخروجه من تحت سلطة الطاغية الغاشم، ونتمنّى له عيشاً هنيئاً واستقلالاً تامّاً، نتذكّر ـ وفي القلب آهاتٌ وغصّاتٌ ـ إمامَ المقاومة، وعلماً من أعلام هذه الأمّة، عنيتُ به السيد موسى الصدر(رحمه الله)، تلك القامة الشامخة، والشخصيّة الفريدة، التي مثَّلت قدوةً للأحرار والمستضعفين في العالم، وحظيت بإعجاب الصغار والكبار على حدٍّ سواء. ويكفينا أن نعرف في هذا المقام أنّ الأمين العامّ لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما كان صغيراً كان يقف أمام المرآة، ويلفّ شالاً أسود على رأسه، ويضع غطاءً على كتفيه، ثمّ يقول لأمّه: أريد أن أكون كهذا، ويشير إلى صورة السيّد موسى الصدر المعلَّقة على جدار منزلهم في النبعة. فإذا نظرنا إلى عظمة السيد حسن نصر الله ـ وهو العظيمُ حقّاً ـ فما علينا سوى أن نتذكّر عظمة مُلْهِمِه وقُدْوَتِه ومَثَلِه الأعلى، ألا وهو السيد موسى الصدر.
ونحن هنا ندعو الشعب الليبيّ العزيز والساسة الجُدُد إلى أن يولوا قضيّة إخفاء السيد موسى الصدر الاهتمام الذي تستحقّه؛ لتُكشف لنا بأسرع وقت ممكن تفاصيلُ تلك القضيّة الغامضة لأكثر من 33 عاماً، عسى أن ترتاح قلوبٌ والهةٌ أضناها الحنين، ويعود لتلك العيون التي أدمتها دموع الفراق بريقُها، ويُطفأ لهيبُ الشوق والانتظار بعودة ذاك الفارس المغوار، حيّاً معافىً؛ ليملأ الساحة علماً وحركةً وجهاداً، أو جثماناً طاهراً ومباركاً، يوارى في أرض الجنوب التي أحبّها وأحبّته، عزيزاً مكرَّماً، تؤمّ ضريحه جموع المحبّين، ليستلهموا منه روح التضحية والعطاء، روح الثورة والجهاد والفداء، وليهدوا إلى روحه الطاهرة ثوابَ السورة المباركة الفاتحة، التي لم يهدِها أحدٌ من المؤمنين إلى روحه حتّى يومنا هذا، وإنّما يعيشون على أملٍ كاذب بخروجه من سجنه وعودته حيّاً معافىً، فأيُّ مظلومٍ هو هذا السيّدُ الجليل؟!، تدمع العينُ ويحزن القلبُ، ولا نقولُ إلا ّما يرضي الربّ.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
إنّ رحيل هذا العالم المجاهد، بل الحديث عن رحيله، ثقيلٌ على أهله وأحبّائه، وهو ثقيلٌ علينا أيضاً، ونتمنّى ونرجو أن نصحو يوماً على خبر عودته حيّاً معافىً، غير أنّه ليس كلّ ما يتمنّى المرءُ يدركُه، فالمعطيات المنطقيّة والعقلائيّة لا تؤشِّر إلى بقائه حيّاً؛ فإنّ أسيرَ طاغيةٍ مستبدٍّ وجبّارٍ عنيدٍ، كمعمَّر القذّافي، لا يبقى على قيد الحياة طويلاً، تماماً كما كان مصير أسرى الطاغية صدّام حسين. فضلاً عن أنّ عمر الإمام المغيَّب قد تجاوز 83 عاماً، وهو عمر لا يعمَّرُه أسيرٌ في سجنٍ عادةً. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون، والعاقبة للمتّقين.
لماذا هذا الحديث؟
ونحن هنا نقدّم تصوّرنا حول مصير سماحة السيد موسى الصدر وفق تحليلٍ منطقيٍّ عقلائيّ، ولسنا نريد ـ لا من قريب ولا من بعيد ـ ترتيب أيّ أثرٍ شرعيٍّ على نتيجة هذا التحليل، فالسيّد موسى الصدر كان حيّاً، وكنّا على يقينٍ من حياته، وقد شككنا في وفاته، فنستصحب حياته في كلِّ الأحكام الشرعيّة المترتِّبة على حياته أو وفاته، إلاّ أنّنا نريد أن نشير إلى ما يُنسب إلى بعض العلماء العرفاء من أنّهم قالوا: (موسى الصدر حيٌّ، وهو ذخيرةٌ إلهيّة، والله أراد أن يجعله في موقعٍ محصَّن حتى يخرجه في ظروف تكون المنطقة والأمّة في حاجة إليه)([1]). والخطرُ الكبير في مثل هذه الأقوال أنّ مخالفتها للواقع يؤدّي إلى إضعاف روح الإيمان في النفوس، وتوهين الاعتقاد بالأنبياء وأخبارهم، فقد يقول قائلٌ: وما أدرانا بصحّة أخبارهم(عليهم السلام)؟ فقد تخطئ كما أخطأت أخبار غيرهم ممّن يدّعي وصْلاً بالسماء، واطّلاعاً على المغيَّبات، أو يُدَّعى له ذلك. وهنا نتذكَّر القول الرائع لأمير المؤمنين(عليه السلام): لولا آيةٌ في كتاب الله ـ ويعني بها آية: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)(الرعد: 39) ـ لأخبرتكم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة. فإذا كانت هذه الآية قد شكَّلت حاجزاً لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عن أن يفصح عمّا يعلمه فلماذا لا تشكِّل حاجزاً لغيره من العلماء والعرفاء ـ وأين هُمْ منه(عليه السلام)؟ ـ عن أن يتحدّثوا بمثل هذه الأخبار، التي يصحّ بعضها ويخطئ منها الكثير؟!
رزقنا الله إيماناً صادقاً، وعلماً نافعاً، وعملاً صالحاً، إنّه سميعٌ مجيبٌ. وإلى روح النبيّ الأكرم محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين(عليهم السلام)، وروح السيد موسى الصدر، وسيدنا الأستاذ السيد محمد حسين فضل الله، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ).
([1]) في محاضرة له، في دار التلاوة في حرم السيّدة المعصومة في قم، في مراسم إحياء الذكرى السنويّة لتغييب السيد موسى الصدر، بتاريخ: السبت 11 شوّال 1432هـ، ينقل الدكتور محمد علي مهتدي (مرافق السيد موسى الصدر خمس سنوات قبل إخفائه، والمتابع لقضية إخفائه ومصيره) عن آية الله محمد الشجاعي ـ تلميذ السيد الطباطبائيّ، وكان يأتي أحياناً برفقة الدكتور المذكور لزيارة الشيخ بهجت بعد صلاة العشاء. ويعتقد الدكتور المذكور أنّه وليّ من أولياء الله وأنّه يشرف على الحياة البرزخيّة ـ أنّه وفي جواب عن سؤال للدكتور حول مصير السيد موسى الصدر قال: موسى الصدر حيٌّ، وهو ذخيرةٌ إلهيّة، والله أراد أن يجعله في موقعٍ محصَّن حتى يخرجه في ظروف تكون المنطقة والأمّة في حاجة إليه. وسأله الدكتور: هل أُخبِر عائلته؟ فأجاب: مسموح، فأخبَرَ الدكتور كلاًّ من السيّدة رباب الصدر والسيّد صدر الدين الصدر.
وكانت جريدة (حيات) الأسبوعيّة، في العدد 9، بتاريخ الجمعة 13 إسفند 1389هـ. ش، قد نقلت عن الدكتور المذكور كلاماً شبيهاً منسوباً إلى المرجع الدينيّ آية الله الشيخ بهجت.