أوّلاً: معارف عاشوراء ووظيفتها في المواجهات الحضاريّة
من شأن الحضارات أن تأتلف أو تختلف في جملةٍ من الأفكار والثقافات والمبادئ. لكنّه ليس ضروريّاً أبداً أن ينتهي الاختلاف بينها إلى قتالٍ دامٍ، أو اشتباكٍ إعلاميّ، أو أيِّ شكلٍ من أشكال المواجهة والتحدِّي.
من وَحْي عاشوراء الحسين× يمكننا أن نستفيد جملةً من المبادئ التي تصلح كبِنْيةٍ معرفيّة وثقافيّة لحماية المجتمعات، على تعدُّدها وتنوُّعها، من الوقوع في فخِّ الاستلاب الفكريّ، أو الانهيار الدينيّ والسياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والأمنيّ.
وبما أنّه لا يَسَعُنا الحديث عن جميع هذه المبادئ أختصر بالحديث عن ثلاثةٍ منها، وهي:
1ـ احترام الآخر
فمع الاختلاف الحاصل والظاهر بين الإمام الحسين× وأنصار السُّلْطة الغاشمة آنذاك، الذين تجنَّدوا للدفاع عنها؛ رغبةً في مالٍ أو وظيفة أو منصب، أو رهبةً من سيف أو قَطْع عطاء، لم يكن× ليتعاطى مع هؤلاء على أنّهم كفّارٌ خرجوا لقتال ابن بنت نبيِّهم، فلا طَمَعَ لهم بعد ذلك في جنَّةٍ أو رحمةٍ إلهيّة. فمثلاً: حين التقى× بجيش الحُرّ بن يزيد الرياحيّ، وسايره في طريق كربلاء، وجاء وقت الصلاة، قال للحُرّ: «أَتصلّي معنا أم تصلّي بأصحابك وأصلّي بأصحابي؟»([1])، ولم يحاول استفزازه بأنَّه لا صلاةَ لك؛ وأنت المفارِق لإمام المسلمين الشرعيّ.
2ـ استنفاد الجُهْد في الهداية وإقامة الحُجَّة
ففي كلّ موضعٍ يحطّ به في سفره إلى كربلاء خطبةٌ يعِظ بها الناس، ويحذِّرهم من خِذْلانه، ويدعوهم إلى نُصْرته، ويبيِّن لهم مبادئ وأهداف ثورته، وأنّه هو جامع صفات الخليفة والوليّ، ووارث علم وحكمة النبيّ|. وحتّى في يوم عاشوراء لم يبدأهم بقتالٍ([2])؛ عسى الله أن يهدي بعضهم، فينجو من أن يكون في عداد المقاتلين لسيِّد شباب أهل الجنّة.
3ـ رفض الظُّلْم ومواجهة المُنْكَر
وذلك في سعيٍ كامل وتامّ لاستنقاذ الناس من براثن الاستعباد المقنَّع، والمؤامرات المدبَّرة، وصولاً إلى الانهيار الدينيّ والسياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والأمنيّ؛ فإنّ يزيد ـ كما يصفه الإمام الحسين× نفسه ـ فاسقٌ، وشاربٌ للخَمْر، وقاتلٌ للنَّفْس المحترمة، ومُعْلِنٌ بالفِسْق([3]) في ما يشبه الاستحلال له، وكأنَّه يريد أن يكوِّن وَعْياً مجتمعيّاً لا يرى فيه بأساً، ولو صدر من الخليفة أو الحاكم، مثلُ هذا الشخص لا يمكن السكوت عنه، ولا بُدَّ من مواجهته، مهما غَلَتْ التضحيات.
ثانياً: مبادئ عاشورائيّة بين الغياب والتغييب
ولعلّ جملةً ـ قلَّتْ أو كثرَتْ ـ من البحوث المتّصلة بعاشوراء والثورة الحسينيّة المباركة لم تَنَلْ حظَّها الوافر من التحقيق والدراسة، فضلاً عن الإعلام والترويج.
فبعيداً عن السيرة وتفاصيلها، التي استغرقَتْ وقت الكثيرين، وشكَّلت جَدَلاً طويلاً بينهم، ورُبَما يكون جَدَلاً عقيماً في الكثير من مواقعه، أودّ الإشارة إلى بعض العناوين التي غابَتْ أو غُيِّبَتْ عن ساحات البحث والتحقيق:
1ـ علاقة الثورة ببناء المجتمع الحُرّ الكريم
قيل: إن الإمام الحسين× كان عالماً بمصيره المعروف (الشهادة)، ولكنّه ثار في وجه السُّلْطة آنذاك، وهدفُه ـ الذي أعلنه بنفسه في إحدى خطبه ـ الإصلاحُ في أمّة جدِّه رسول الله|([4]). فإذا قلنا بنجاح ثورة الحسين×، وهي كذلك، فما هي صورة هذا النجاح؟
لقد نجح× في بَذْر فكرة المواجهة للحاكم الجائر في عقول المسلمين، بحيث لا يقعون بعد ذلك تحت تأثير فكرة التسليم المطلق للخليفة والحاكم. فمتى صار الحاكم مستجمعاً لصفات يزيد بن معاوية (فاسقٌ بل مُعْلِنٌ بالفِسْق ـ أي تجاوز الحدود في تعاطيه مع رعيَّته ـ، شاربٌ للخمر ـ وهو ما يُفقده الحِكْمة والبصيرة ـ، قاتلٌ للنَّفْس المحترمة ـ وهو ما يجعله تهديداً حقيقيّاً للأمن الفرديّ والاجتماعيّ) فلا مجال للسكوت عنه، ولا مجال لمبايعته أو تأييده؛ ولو لتقيّةٍ أو مصلحةٍ آنيّة.
إذن أرادَتْ الثورة أن يكون المجتمع على شكلٍ محدَّد من العزّة والكرامة، والاحترام والحُرِّيّة، فمتى نزل عن تلك الرُّتْبة فعليه أن يثور، ولو تطلَّب ذلك منه بَذْل الدماء، ومواجهة كافَّة الأخطار.
2ـ علاقة الثورة بالأمن الفرديّ والاجتماعيّ
فمن الأمور المهمّة جدّاً للمجتمعات، وبه قوامُها: الأمن الفرديّ والاجتماعيّ. فعندما يفقد المواطن الأمن في بلده يتشتَّت ذهنُه، ويضعف نتاجه الفكريّ والعلميّ والاقتصاديّ و… لهذا كان تركيز الإمام الحسين× على أن من الصفات المانعة من السكوت عن يزيد بن معاوية هو أنّه قاتلٌ للنَّفْس المحترمة. فما لم يُواجَه اليوم، ولو ببعض التضحيات، ستقع المواجهة لا مَحالةَ عن قريبٍ، وبخسائر أكبر وأفدح. وهذا ما شهده المسلمون جميعاً في وَقْعة الحَرَّة، حيث هجم جيش يزيد بن معاوية على المدينة المنوَّرة ـ وهي حَرَمُ رسول الله| ـ، وقتلوا الأبرياء، وهَتَكوا الأعراض، ونهبوا الأموال، حتّى ضجّ الناس من فعلهم هذا([5]). وهذه نتيجةٌ حَتْميّة للسكوت عن حاكمٍ لا يُراعي الأمن الفرديّ والاجتماعيّ للناس.
3ـ العلاقة بين القائد وأنصاره
فمع الإمام الحسين×، وهو الإمام المعصوم المسدَّد وذو البصيرة النافذة، مع الحسين× لا جَبْر، ولا إكراه، ولا تغرير، بل هو عَرْضٌ كامل ودائم لمَجْرَيات الأحداث والوقائع، ثمّ يترك للناس كامل الاختيار في اتِّخاذ الموقف المناسب لهم.
فمع حاجته إلى الناصر والمعين، ولا سيَّما بعد أن علم خِذْلان أهل الكوفة له، نجده يسمح لأتباعه بمفارقته، وذلك في أكثر من محطّةٍ في سفره، وصولاً إلى كربلاء، بل إلى الليلة الأخيرة في كربلاء، حيث يبادر بنفسه إلى دعوتهم لاتّخاذ الليل جَمَلاً وسِتْراً؛ والنجاة بأرواحهم وأنفسهم([6]). وكلُّ ذلك يرشدنا إلى ما ينبغي أن يكون عليه القائد الإسلاميّ من أن لا يُجْبِر أحداً على الالتحاق به في معركةٍ قرارُها ليس بيده.
4ـ الاعتزال الإيجابيّ
فحيث تُقْفَل كلُّ أبواب المواجهة المتكافئة، وتضيق المخارجُ إلى النَّصْر، هناك خطوةٌ لا بُدَّ للمؤمن أن يستفيد منها في حركته ضدّ الظلم والطغيان، وهي الاعتزال الإيجابيّ، حيث يفرّ بدينه وفكره ومبادئه إلى جهةٍ آمنة، فلا يبايع، ويشهد الظُّلْم، ويسكت عنه، ولا يَشْهَر السلاح في معركةٍ خاسرة حَتْماً، تَبَعاً لموازين القوى المادّيّة. وهذا ما ذكره القرآن الكريم في قصّة خليل الله إبراهيم×: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً﴾ (مريم: 49).
والإمام الحسين× خرج من المدينة المنوَّرة، بعد مشادّته مع الوليد بن عتبة بن أبي سفيان؛ لتأخير المواجهة.
وفي عاشوراء قال: «دَعُوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة، حتّى ننظر ما يصير أمر الناس»([7]). ولئن كان قولُه هذا لإتمام الحجّة، وبيان أنّهم مصرُّون على قتله، وانتهاك حرمة الرسول به، فإنّه أيضاً بيانٌ لأحد وجوه التكليف للمؤمنين إذا سُدَّت أبواب الحلول.
ثالثاً: الطرح الفلسفيّ حول عاشوراء
بالإضافة إلى قراءة المؤرِّخ، والفقيه، والمفكِّر الاجتماعيّ والسياسيّ، يمكن للفيلسوف أن يعرض قراءته الخاصّة لعاشوراء. وإذا عرفنا أنّ من المواضيع التي كانت تبحثها الفلسفة في سيرورتها التاريخيّة التساؤل حول: وجود الخالق (الصانع) وصفاته؛ وعلاقته بالمخلوق؛ وسبب وجود الإنسان؛ والعقل وأسس التفكير السليم؛ والإرادة الحُرّة ووجودها؛ والبحث في الهدف من الحياة، وكيفيّة العيش السليم؛ والمبادئ الأخلاقيّة؛ وما هو الجَمال؟…إلخ، إذا عرفنا ذلك فسوف نقرّ بحقِّ الفيلسوف في تقديم قراءةٍ خاصّة به للثورة الحسينيّة المباركة، التي تنفتح على هذه الموضوعات في أكثر من موضعٍ، وعبر أسئلةٍ وإشكاليّاتٍ عديدة، من قبيل: هل يرضى الله لعباده أن يعيشوا في كَنَف الاستعباد والاستضعاف والاستخفاف الذي يريده لهم السلطان الجائر؟ هل حياة الإنسان أهمّ من كرامته، أو العكس هو الصحيح؟ ما هو الهَدَف من هذه الحياة الدنيا؟ ما هي المبادئ الأخلاقيّة التي ينبغي أن يحميها الإنسان مهما غَلَتْ التضحيات؟ هل القتل في سبيل الله، وفي سبيل المُثُل الإنسانيّة والقِيَم الأخلاقيّة، قبيحٌ أو جميل؟ وهنا نستذكر قول مولاتنا زينب÷ في جوابها للطاغية عبيد الله بن زياد، الذي سألها شامتاً: كيف رأيتِ صنع الله بأخيكِ…؟ قالت: ما رأيتُ إلاّ جميلاً…([8]). فما هو سرُّ هذا الجمال الذي رأَتْه زينب÷؟ إنّها أسئلةٌ مشروعة تستحقّ إجاباتٍ وافيةً ومُحْكَمة، دقيقةً وعميقة، ويمكن للفلسفة أن تتكفَّل بها.
رابعاً: عاشوراء في قراءةٍ علميّة تاريخيّة وواقعيّة
وفي سياق الطَّرْح العقلاني للدِّين، ودون الوقوع تحت سطوة القداسة الذاتيّة للإمام القائد المعصوم، ولا سيَّما أمام هذا الكمّ الكبير من النصوص والمواقف ذات البُعْد الغَيْبيّ أو الإعجازيّ، يتوجَّب علينا تقديم قراءةٍ علميّة تاريخيّة وواقعيّة لعاشوراء؛ كي لا تبقى مجرّد معركةٍ في التاريخ، غير قابلةٍ للتكرار، وإنّما هي ملحمةٌ دينية إصلاحيّة وقعَتْ في زمنٍ مضى، غير أنها تمثِّل أيقونةً لكلّ ثورةٍ ضدّ الظلم والطغيان، وأسوةً وقدوةً لكلّ حُرٍّ شريف، يرفض الظلم ويأبى الذلّ والهوان.
نحن نؤمن بالغَيْب. وهو في عقيدتنا لا يتنافى مع العِلْميّة والتحقيق. وعليه فليس من مشكلةٍ على الإطلاق في أن يتعاطى الباحث مع نصوصٍ ذات بُعْدٍ غيبيّ، بشرط أن يقاربها بآليّةٍ علميّة صحيحة.
فما ثبت من حديث الغَيْب نعتمد عليه، كما في الاعتقاديّات والشرعيّات تماماً. ولا نرى في ذلك حَرَجاً.
ولكنّ الكلام في ما لم يثبت بالطرق المعتَمَدة لقبول النصّ وتصحيحه. وهنا قد يكون هذا الخَبَر صحيحاً، ويعبِّر عن موقفٍ واقعيّ، ولكنْ بما أنّه ليس لنا حجّةٌ أمام الله في نسبة هذا الفعل أو القول أو الموقف إلى المعصوم× فلا بُدَّ من أن نتوقَّف ونتريَّث ونفكَّر مَلِيّاً قبل إطلاق هذه النسبة.
فليكُنْ هذا هو المنطَلَق في كلِّ الكتابات والقراءات والأبحاث التي تتناول أيَّ قضيّةٍ تاريخيّة، سواءٌ كانت دينيّةً أو مذهبيّة. لننطلق معاً ـ على اختلاف مذاهبنا ومناهجنا ورؤانا الفكريّة والثقافيّة ـ في عمليّة تنقية للتراث الحديثي من كلِّ ما ليس لنا عليه حجّةٌ شرعيّة تكون جوابَنا لله، حين ينادي المنادي: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾ (الصافّات: 24).
إنّ لنا في الجوانب الغيبيّة الثابتة من أيِّ قضيّةٍ تاريخيّة، مضافاً إلى الجوانب الحسِّية والظاهريّة، كفايةً عن أن نروم بعضاً من المشكوكات ـ ورُبَما المختَلَقات والموضوعات ـ هنا وهناك.
فنحن ـ للأسف الشديد ـ نسمع ونشهد كلَّ يوم كثيراً من المقولات ذات الصلة بعاشوراء، وما بعد عاشوراء، وصولاً إلى يومنا هذا، في ما يزعمه الناس من أحداثٍ جَرَتْ، أو كراماتٍ حصلَتْ، وكلُّ ذلك يحتاج إلى توثيقٍ وتحقيق، مستندٍ إلى الأُسُس العلميّة، والحُجَج الشرعيّة المقرَّرة في علم الأصول وغيره.
ونشهد أيضاً بعض الخطابات والتوصيات العامّة، غير أنَّنا نرجو ونأمل أن يكون للمرجعيّات الدينيَّة ـ وهُمْ أهل الاختصاص، وأهل الدقّة والتحقيق ـ كتاباتٌ بحثيّة تحقيقيّة، ولكنَّ ذلك لم يحصل بالشكل الكافي الوافي إلى يومنا هذا.
إذن الاهتمامُ بالثورة الحسينية يفتقر اليوم ـ بنسبةٍ ما ـ إلى الكتابات العلميّة الرصينة، ذات البُعْد الأكاديميّ التحقيقيّ، أعني الكتابات البحثيّة التحليليّة والتحقيقيّة، التي ترقى بالثورة إلى مستوى العالَميّة، ومخاطبة الوجدان البشريّ أجمع.
خامساً: الثورة الحسينيّة وسِمَةُ التجدُّد والحياة
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن لأحداث التاريخ حضوراً لا يغيب ولا ينتهي، بل هي مستودَعُ دروسٍ وعِبَر للحاضر والمستقبل.
نعم، ينتهي التاريخ في بعض مفرداته وتفصيلاته الهامشيّة، كتعيير شخصٍ اليوم بأنه من سلالة عمر بن سعد أو الشمر بن ذي الجوشَن، أو من بني أميّة نَسَباً؛ أو إطلاق شعار الثأر من قَتَلة الحسين في وجه عموم السُّنَّة اليوم، مع أنّه لا علاقة لهم بمقتله، بل هم يُدينونه كالشيعة تماماً.
إنّ ثورة الحسين× حَدَثٌ تاريخيّ، لكنّها ذاتُ أبعادٍ عديدة، تجعل منها حَدَثاً حاضراً في كلِّ عَصْرٍ؛ ليُستفاد منه على كلِّ الصعد، ولكنْ دون الوقوع في شراك الإسقاط أو الاجتزاء.
وهنا لا بُدَّ من الانتباه جيِّداً إلى موضوع مقارنة أيِّ حركةٍ سياسيّة وعسكريّة بثورة الإمام الحسين×، واعتبارها امتداداً لها، مع أنّه قد لا يكون هناك ارتباطٌ بينهما، إلاّ من بعض الوجوه الظاهريّة، التي لا تكفي لمثل هذا الرَّبْط. وبعبارةٍ أوضح: قد تجد كثيراً من الثورات والمواقف المناهضة للظُّلْم والاستكبار، ولكنّ هذا لا يعني أنّها ثورات تسير في رَكْب الحسين×، أو أنّها تستلهم الثورة الحسينيّة في حركتها وسكونها؛ إذ من المهمّ جدّاً هاهنا أن نتساءل عن نيّة أصحاب هذه الثورة؟ وهل أنّ أهدافها تتطابق مع أهداف ثورة الحسين× في مواجهة الحاكم؛ ليعمّ الإصلاح في المجتمع، أم أنّها تستهدف إسقاط الحاكم، لتُوَلّي على الناس حاكماً جديداً لا يقلّ عن سابقه فساداً وإفساداً؟ ذلك هو الاستحقاق الكبير، وتلك هي الثورة الحسينيّة الخالدة.
تعزيةٌ وتأبين
وفي الختام نرى من الواجب الأخلاقيّ علينا أن نستذكر قامةً علميّة رفيعة، ساهمَتْ في أكثر من حراكٍ معرفيٍّ وحضاريّ، في العالمين العربيّ والإسلامي، ولا سيَّما في القراءة العلميّة التجديدية المعاصرة للثورة الحسينيّة، ثمّ رحَلَتْ عنّا إلى جوار الله الغفور الرحيم، أعني بها عضو الهيئة الاستشاريّة في (مجلّة نصوص معاصرة)، سماحة العلاّمة السيد محمد حسن الأمين&. نستذكره عالماً واعياً، ورساليّاً مجدِّداً، مؤمناً ومخلصاً لما يؤمن به، فنسأل الله أن يتغمَّده بواسع رحمته، وأن يخلف على الأمّتين العربيّة والإسلاميّة بأمثاله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
الهوامش
([1]) الدينوري (أحمد بن داوود)، الأخبار الطوال: 249؛ أحمد بن أعثم الكوفي، كتاب الفتوح 5: 76.
([2]) راجِعْ: الدينوري، الأخبار الطوال: 252.
([3]) راجِعْ: ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: 17.
([4]) راجِعْ: المجلسي، بحار الأنوار 44: 329 ـ 330.
([5]) راجِعْ: تاريخ اليعقوبي 2: 250.
([6]) راجِعْ: الصدوق، الأمالي: 220.