أقام منتدى أفاق الثقافي حلقة نقاشية حول كتاب (مكانة السلطات الأبوية في عصر العولمة) للدكتور زياد عبد الله الدريس ، وذلك مساء الأربعاء 13/9/1433هـ بمشاركة مجموعة كل من : الأستاذ جعفر العيد، والأستاذ هادي آل سيف، والأستاذ مالك آل فتيل، والأستاذ حسين غزوي، بأوراق نقدية للكتاب، وأدارها الأستاذ إبراهيم الزاكي .
الحلقة التي حضرها جمع من الكتاب والمثقفين وغاب عنها مؤلف الكتاب، بدأت بورقة للأستاذ آل سيف الذي قدَّم فيها عرضا مختصرا لأفكار الكتاب منوها إلى أن الكاتب تعمّد وضع أسئلة أكثر مما يعلب أجوبة جاهزة. في كل فصل من فصول الكتاب من أجل فتح الباب لإثارة أسئلة ونقاشات أكثر.
ثم تحدث الكاتب والباحث جعفر العيد في ورقتة التي استعرض فيها الكثير من الملاحظات، وأشكل فيها على الكاتب قوله بعدم وجود مصادر ومراجع لهذا التخصص ( سوسيولوجيا الثقافة)، ملفتا إلى أن البحث جاء خاليا من الجهد الذاتي للكاتب.
بعد ذلك تطرق الأستاذ مالك آل فتيل في ورقته لمجموعة ملاحظات عن الكتاب ، أهمها حداثة العلم نفسه، منتقدا في ذات الوقت الكاتب لعدم تعريفه (سوسيولوجيا الثقافة) تعريفاً وافياً، مع اعترافه بحداثة العلم.
من جهته ناقش الأستاذ حسين الغزوي في ورقته مفهوم العولمة من حيث النشأة كمصطلح جديد، مبينا أن العولمة لا تخرج عن كونها نتاجا لحركة التقدم التقني وثورة المعلومات والاتصالات وظهور العقول الالكترونية كمتغيرات.
وأخيرا قدَّم الكاتب والباحث غريبي مراد ورقة أشار فيها إلى أن الكتاب مشحون بعدة قراءات لمفكرين غربيين معاصرين ومتأخرين، ملفتا أن الكاتب استغرق في موضوع العولمة و قد وفق لدرجة ما في تقديم الرؤى و التوجهات و المطارحات المتباينة حول موضوعة العولمة.
ورقة الأستاذ هادي آل سيف
وقدم في ورقته عرضا عن أفكار الكتاب؛ حيث ذكر أن الكاتب قسم الكتاب إلى قسمين، الأول يتناول التأثيرات السوسيولوجية والتربوية للعولمة، وتأثيراتها على الهوية، من منظور كوني عام. ثم تضييق دائرة المنظور لتتناول تأثيرات العولمة على الهوية العربية والإسلامية، وتحديداً في المخزون التربوي والتعليمي.
أما الجزء الثاني فيتناول بصورة أكثر تحديداً مكانة المعلم في عصر العولمة، كأنموذج جلي لتأثيرات العولمة على مكانة السلطات الأبوية. حيث تتم مقاربة سوسيولوجية لمفاهيم المكانة والهيبة والرضا. مرجوعاً دائما إلى دلالة النسبية الثقافية المؤطرة لكافة أشكال التحليل الثقافي للظواهر الثقافية.
ونوها أن الكاتب تعمّد وضع أسئلة أكثر مما يعلب أجوبة جاهزة. في كل فصل من فصول الكتاب من أجل فتح الباب لإثارة أسئلة ونقاشات أكثر.
وواصل آل سيف حديثه أن الكاتب تناول ظاهرة العولمة كمفهوم وتعريف. فقد عرفها الكاتب بأنها هيمنة المال والتكنولوجيا على العالم، من خلال توظيف المال من أجل المزيد من التكنولوجيا، والتكنولوجيا من أجل المزيد من المال.
ثم أضاف أن الكاتب يتجاهل المؤلف التساؤلات التي تتكرر حول الفرق بين مفهوم العولمة والعالمية ، فالعولمة احتواء للعالم والكون، والعالمية تفتح على ما هو عالمي وكوني.
وأشار إلى أن الكاتب تناول أضرار العولمة ومنافعها وتأثيراتها على الهوية ؛ حيث فرض الغرب منهجية من التقدم الذي أولى اهتماما بالمواطن قبل الاهتمام بالإنسان، وركز على مهارات الفرد دون التركيز على ضميره، غافلاً أن الهدف النهائي لكل الحراك الانساني هو أن تعيش الإنسانية حياة كريمة.
مضيفا إلى جسد الثقافة التقليدي في ظروف العولمة الليبرالية إلى التضاؤل في اتجاهين: الأولى هي تهشيم التنوع النمطي الثقافي و الثانية هي انحطاط وانحلال الثقافة التي يراد لها أن تكون هي البديل عن ثقافات ما قبل السوق. وهو ما دفع إنسان العولمة إلى المطالبة ليس بحريته بل بكرامته التي توشك أن تذوب في محرك الثقافة الاستهلاكية.
وعند الانتقال – والقول لآل سيف – لأثر العولمة على التعليم فلا يمكننا أن ندرس أي نظام اجتماعي جديد أو ظاهرة طارئة أو تحول في ملامح الهوية دون إدراج المدرسة في منظومة أدوات الدراسة، ذلك أن المدرسة هي التي تحتضن الجيل القادم إلى الحياة في تشكلها الجديد.
مضيفا أن هذه الأهمية للمدرسة والتربية لم تغفل عنها مؤسسات العولمة التي سارعت باختراق الحصون التربوية، مستندة في ذلك إلى إضعاف البعد الفلسفي للتربية وحصرها في المنحني الاقتصادي للتعليم، وتوجيه المعرفة العلمية بحسب القوي التي تمتلكها، والتأثير في اتخاذ القرار التربوي، وربط العلماء والباحثين بولاءات معينة للشركات النفعية.
ورقة الأستاذ جعفر العيد
أشار العيد في بداية ورقته إلى أن الكاتب بين في مقدمة كتابه أن الكتاب هو خلاصة لمضامين أطروحة دكتوراه فلسفة في الدراسات الحضارية، أنجزها المؤلف لدي جامعة موسكو الحكومية التربوية، قسم سوسيولوجيا الثقافة عن تحولات التعليم في العالم العربي في ظروف العولمة. لكنه عاد واستدرك- أي الكاتب- بقوله : بالرغم من أنه تم إعادة صياغة لغة وعناوين البحث بالأسلوب الملائم لنشره في كتاب.. إلا أنه تم الإبقاء على معظم مضامين وبيانات البحث كما هي منذ تاريخ كتابته في عام 2005.
ثم أشار العيد إلى أن الكتاب جاء في جزئين : الجزء الأول: التأثيرات السوسيولوجية والتربوية للعولمة، وتأثيراتها على الهوية، من منظور كوني وتأثيرات العولمة على الهوية العربية والإسلامية، الجزء الثاني : مكانة المعلم في عصر العولمة، كأنموذج جلي لتأثيرات العولمة على مكانة السلطات الأبوية.
ويعلق العيد بقوله : من خلال هذا الكلام يحتاج الكاتب فعلا أن يضع تعريفا للمفاهيم والمصطلحات المطروحة ( العولمة- السلطات الأبوية- الهوية- المعلم- مصطلح الثقافة الاجتماعية)، مضيفا لقد أجهد الكاتب نفسه وتوصل إلى مصطلح من عنده للعولمة؛ حيث يقول: بأنها هيمنة المال والتكنولوجيا على العالم، من خلال توظيف المال من أجل المزيد من التكنولوجيا، والتكنولوجيا من أجل المزيد من المال.
وتابع العيد ملاحظاته حلو الكتاب بقوله: أما مصطلح الثقافة فلا أجد أن الكاتب جاء بتعريف لها، مشيرا إلى أن الثقافة "هي ذلك الكل المعقد من أنماط السلوك المشترك السائد في المجتمع سواء كان معنوي أو مادي".
بعدها تطرق إلى إشكاليات البحث ، موضحا أن التطرق إلى المصطلحات والمفاهيم يفتح لنا نافذة كبيرة من النظرة التقليدية على هذه الدراسة.
وأخذ العيد يستعرض بعض من تلك الاشكاليات بداية بعنوان الدراسة الذي يختلف عن محتواه – على حد قول العيد- فلم تكن الدراسة لتتحدث عن السلطان الأبوية؛ لأن السلطة تتصل بـ( السلطة السياسية- الإعلامية – الاجتماعية).
كما توقف العيد عند قول الكاتب عند كلامه بعدم وجود مراجع لهذا التخصص ( سوسيولوجيا الثقافة)، مشيرا إلى أن الانثربولوجيا الثقافية هي كتب تتحدث عن هذه الكتب.
ولم يتفق العيد مع الكاتب كون المعلم نموذج للتأثير، بل رأى أن المعلم بجانب النظام والبيئة الاجتماعية والطالب والأدوات والوسائل والمبنى المدرسي عناصر تمثل العملية التربوية.
وأوضح العيد أن البحث جاء خاليا من الجهد الذاتي للكاتب، قائلا: كنت ابحث عن جهد الكاتب لم أجده، متسائلا في ذات الوقت إذا كانت هذه دراسة دكتوراة، فماهي النتائج التي توصل إليها كباحث ؟ ثم استرجع وقال : قد تكون هناك نتائج لكني لم أجدها، أو لم تكن مدرجة ضمن الكتاب.
ورقة الأستاذ مالك آل فتيل
أوضح آل فتيل في بداية ورقته لمجموعة ملاحظات عن الكتاب ، أهمها حداثة العلم نفسه وهو سوسيولوجي الثقافة ( علم الاجتماع الثقافي)، مع ذكر للمراجع الحديثة لهذا العمل، علاوة على إيضاحها لموقف الكاتب من الظاهرة المدروسة؛ حيث وضح بأنه سيكون في موقف "المتحيز ضد" العولمة مدرجاً تبريره لهذا الموقف.
وذكر آل فتيل بأن الدراسة – كما وضحت المقدمة- كتبت في وقت سابق مما استدعى حذف بعض المعلومات والنقاشات التي استنفذت أهميتها، مبيناً أنها كتبت كأطروحة دكتوراه فلسفة في الدراسات الحضارية عام 2005م. بينما نشرت في عام 2009م.
كما أشار إلى أن الكاتب قسم الكتاب إلى قسمين، الأول حول ظاهرة العولمة، والثاني حول مكانة المعلم، فأتى الكتاب كمجموعة من المقالات، الأمر الذي سهل القراءة والمراجعة حيث ذيل كل فصل بمراجعه الخاصة، مستعيناً بقوة الترابط والترتيب المنطقي للفصول.
وبين آل فتيل خلال ورقته أن الكاتب قام بتفكيك ظاهرة العولمة ثقافياً بإبراز تأثيراتها على الهوية والوطنية والتعددية وعلاقتها بالديموقراطية والبروتستانتية والإسلام، بالإضافة إلى تأثيرها على منظومة القيم الإنسانية.
وأضاف بالقول أن صاحب الكتاب برزت دراسته بشكل واضح في فصل "ثقافة السوق"، حيث أبرزت النزعة الاستهلاكية لهذا العصر وهيمنة النقود وتحول الإنسان إلى سلعة "سلعنة الإنسان"، وكل ظني بأن الكاتب "اشتعل" في هذا الفصل، فلغته كانت مغايرة لبقية الفصول.
وفي إدارته لموضوعات المثلث: المكانة والرضا والأداء، أوضح آل فتيل إلى الكاتب أن استطاع عبر عرضه مجموعة من الدراسات إقناعنا بالعلاقة بين المفاهيم وطبيعتها وأثرها على موضوع الدراسة وهي المكانة، بعد أن عرَّف المكانة وعلاقتها بالهيبة وعلاقتها بالمادي في فصول سابقة.
ولفت إلى أنه يُحسب للكاتب أسلوب عرضه المتماسك، المشفوع بسلسلة من مقولات وآراء المفكرين والعلماء، بعدها يقوم بتصدير رأيه وتبريره. كما يُحسب له استعانته بمجموعة كبيرة من المصادر، مراجع ودوريات ومواقع انترنت، متنوعة المصدر مكانياً (أوروبا ، آسيا، أمريكا، عرب و مسلمين)، وكذلك زمانياً.
جدير بالالتفات "النزعة الإنسانية" للكاتب- على حد قول آل فتيل- في تناوله لجميع موضوعات ومفاهيم الدراسة، فطالما يؤكد على الإنسانية والمعنوية بدلاً من المهنية والمادية كلما تسنى له ذلك. كما يجب التذكير بأن الموقف من العولمة الذي اتخذه الكاتب كان بغرض الدراسة ولا يعني هذا بالضرورة موقف الكاتب نفسه، ولعل موقفه الشخص يتمثل في مقولة " التفاعل مع العولمة دون الانصهار في وأحديتها الثقافية".
من جهة أخرى انتقد آل فتيل الكاتب أنه لم يعرف الكاتب سوسيولوجيا الثقافة تعريفاً وافياً، مع اعترافه بحداثة العلم،لافتا إلى أن الكاتب لم يحدد سبب اختياره لظاهرة العولمة عن غيرها من الظواهر الأخرى ، مثل: الحداثة، العالم الواحدي القطب، المعلوماتية، وسلسلة من الظواهر الكونية الأخرى، ملاحظا أن الكاتب قام الكاتب بعرض مجموعة من التعاريف لا تنافس التعاريف السابقة، حيث عرفها بـ"هيمنة المال و التكنولوجيا على العالم".
كما لاحظ آل فتيل على صاحب الكتاب أنه لم يحدد "السلطات الأبوية" إلا متأخراً (الفصل الثالث، القسم الثاني) وقد عرفها بالسلطات البيداغوجية وليس الأبوية.. لم أتحقق من صلاحية ترادف "الأبوية" مع "البيداغوجية"، إذ أن مصطلح بيداغوجيا مصطلح متعدد التعاريف لكنه في نهاية المطاف يستخدم بمعنى تربوي أو مدرسي.
وتساءل آل فتيل لماذا اختار الكاتب المعلم كممثل للسلطات الأبوية؟ لمَ لم يختر رجل الدين أو القائد السياسي.
ثم استرجع وقال : المعلم هو التربية، المعلم ممثل للسلطات الأبوية، وكأنه يقع فيما استشكل عليه المجتمع من حيث تضخيمه لدور المعلم.
ورقة الأستاذ حسين الغزوي
من جهته ناقش الأستاذ حسين الغزوي في ورقته مفهوم العولمة من حيث النشأة كمصطلح جديد، مشيرا إلى أن أول من أطلق هذا المصطلح هو ( مارشال ماك لوهان ) الذي تنبأ بخسارة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الفيتنامية حتى وأن لم تهزم عسكريا؛ لأن الحرب تحولت إلى حرب تلفزيونية، مما يعني – على حد قوله- أن الإعلام وشبكة الاتصالات التقنية هي أول منجز لمفهوم عولمي.
وتابع الغزوي حديثه بقوله: إن العولمة لاتخرج عن كونها نتاجا لحركة التقدم التقني وثورة المعلومات والاتصالات وظهور العقول الالكترونية كمتغيرات برزت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والكتابات الغربية التي تؤكد بأن العولمة ماهي إلا زيادة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج .
ثم تطرق الغزوي إلى العولمة وعلاقتها بالجانب الاقتصادي، موضحا أن للعولمة تأثيرا اقتصاديا كبيرا في الوقت الحالي، وساهمت بشكل مباشرة وغير مباشر في نشر الثقافة الكونية فأصبحنا ذات هوية مركبة والحديث عن الهوية وعلاقتها بالعولمة ظاهرا جليا لا يحتاج إلى توضيح.
واختتم الغزوي ورقته بقوله: إن للعولمة ذات بعدين ( إيجابي و سلبي ) وما ينبغي علينا إلا أن نوظف الجانب الايجابي في حياتنا العامة ونستفيد من كل أدوات العولمة الحديثة والمعاصرة في التنمية البشرية، والابتعاد عن استخدام تلك الأدوات في اللهو والتسلية.
ورقة الأستاذ الغريبي مراد
وجاءت ورقة الأستاذ مراد غريبي ( عضو مركز آفاق ) والتي ألقها بالنيابة الأستاذ عبد المنعم القلاف، حيث لاحظ أن الكتاب من خلال الصفحات التي طالعها، هو كتاب مشحون بعدة قراءات لمفكرين غربيين معاصرين و متأخرين، كما لاحظ الأستاذ الغريبي محاولة تقديم صورة متعددة للقارئ واستغرق الكاتب في موضوع العولمة و قد وفق لدرجة ما في تقديم الرؤى و التوجهات و المطارحات المتباينة حول موضوعة العولمة،
وتابع قوله: لكن بالنسبة لتوظيف علم اجتماع الثقافة في بحث السلطات الأبوية و تعذره بأن الدراسات الوحيدة في مجال علم اجتماع الثقافة تعود للطاهر لبيب و عبد الغني عماد، في حين دراسات مغاربية متوفرة و مرموقة باللغة الفرنسية و العربية،
أذكر على سبيل المثال تعددية القيم للدكتور طه عبد الرحمن و كتابه سؤال الأخلاق و دراسة لعالم الاجتماع المغربي الأستاذ أحمد شراك و دراسات الباحث الدكتور أحمد طاهري و دراسات رائعة للدكتور عبد السلام حيمر و كتابي الثقافة و المقاومة، الثقافة و الامبريالية للراحل إدوارد سعيد.
ونوها الغريبي أن الكاتب لم يوازن بين مناقشة العولمة كفكرة و كأيديولوجيا و كتراكم ثقافي من جهة و من جهة أخرى التحديد الدقيق للسلطة الأبوية و أنواعها و علاقتها بمفهوم العولمة قبولا و رفضا و حيثيات ذلك كله.
واختتم الغريبي ورقته بكلمة، كان من الواجب على الكاتب الارتكاز على الدراسات الفلسفية للمفاهيم قبل ولوج منهج تطبيق سوسيولوجيا الثقافة، مستغربا كيف لم يعتمد على أحد الكتب المهمة في فرنسا و هو المقيم هناك ككتاب العولمة الثقافية كتاب نقدي و في صميم علم اجتماع الثقافة للباحث جون بيار فارنيه.
و تصور لو كان عنوان الكتاب مقاربات للسلطات الأبوية في عصر العولمة مع أخذ في عين الاعتبار الملاحظات الآنفة الذكر لكان أحسن و أفضل خاصة من وجهة نظر ابستيمولوجية.
مداخلات
وكان للمفكر المحفوظ مداخلة اوجزها في ملاحظتين هما:
الملاحظة الأولى
تعريف سيسولوجيا الثقافي قال الأستاذ جعفر انها "الثقافة الاجتماعية" فوقع الاشتباه في تعريف الثقافة الاجتماعية، إذ أنها لاتساوي سيسولوجيا الثقافة و انما هي الثقافة كما هي معيشة وكما يعيشها الناس، ومن مجموع أشكال العيش الاجتماعي ومنها يتشكل مفهوم السيسولوجيا الاجتماعية فالسيسولوجيا لا تساوي الاجتماع ولا تساوي الثقافة الاجتماعية وانما تساوي ما يعيشه الناس من أنماط حياة وانماط معيشة ومجموع هذه الأنماط يسمى سيسولوجيا ولذلك كتاب الطاهر هو اول كتاب كتب في هذا الموضوع
الملاحظة الثانية
عن "افول المعلم"، يبدو ان افول المعلم ليس المقصود به غياب المعلم وليس غياب دور المعلم ولكن غياب السلطة، وتعلمون ان احد اشكال غياب السلطات او خلخلتها مع ازدياد التقنية الحديثة وثورة المعلومات والتواصل بطبعها توجد خلخلة في السلطات فحينما يتم الحديث عن افول المعلم يكون الحديث عن تضاءل دور سلطة سواء مع التلاميذ او في صنع المناهج الدراسية، فلا أحد يتحدث عن غياب دور المعلم في العملية التعليمية او غياب دوره المأمول سواء في العملية التعليمية أو دوره في المجتمع وانما يتم الحديث عن الأفول من خلال ضعف سلطة المعلم من خلال عوامل موضوعية عديدة توفرت في الفضاء الاجتماعي.
وأما الكاتب حسن الحمادة تحدث فيها عن اقتباسات المؤلف التي قال عنها جعفر العيد أنها متكررة ، ارجع ال حمادة هذا الاقتباس لكون الكتاب رسالة دكتواره وهو حال الرسائل الأكاديمية التي تتطلب مثل هذه الاقتباسات للاتكاء عليها علميا.
الحلقة التي حضرها جمع من الكتاب والمثقفين وغاب عنها مؤلف الكتاب، بدأت بورقة للأستاذ آل سيف الذي قدَّم فيها عرضا مختصرا لأفكار الكتاب منوها إلى أن الكاتب تعمّد وضع أسئلة أكثر مما يعلب أجوبة جاهزة. في كل فصل من فصول الكتاب من أجل فتح الباب لإثارة أسئلة ونقاشات أكثر.
ثم تحدث الكاتب والباحث جعفر العيد في ورقتة التي استعرض فيها الكثير من الملاحظات، وأشكل فيها على الكاتب قوله بعدم وجود مصادر ومراجع لهذا التخصص ( سوسيولوجيا الثقافة)، ملفتا إلى أن البحث جاء خاليا من الجهد الذاتي للكاتب.
بعد ذلك تطرق الأستاذ مالك آل فتيل في ورقته لمجموعة ملاحظات عن الكتاب ، أهمها حداثة العلم نفسه، منتقدا في ذات الوقت الكاتب لعدم تعريفه (سوسيولوجيا الثقافة) تعريفاً وافياً، مع اعترافه بحداثة العلم.
من جهته ناقش الأستاذ حسين الغزوي في ورقته مفهوم العولمة من حيث النشأة كمصطلح جديد، مبينا أن العولمة لا تخرج عن كونها نتاجا لحركة التقدم التقني وثورة المعلومات والاتصالات وظهور العقول الالكترونية كمتغيرات.
وأخيرا قدَّم الكاتب والباحث غريبي مراد ورقة أشار فيها إلى أن الكتاب مشحون بعدة قراءات لمفكرين غربيين معاصرين ومتأخرين، ملفتا أن الكاتب استغرق في موضوع العولمة و قد وفق لدرجة ما في تقديم الرؤى و التوجهات و المطارحات المتباينة حول موضوعة العولمة.
ورقة الأستاذ هادي آل سيف
وقدم في ورقته عرضا عن أفكار الكتاب؛ حيث ذكر أن الكاتب قسم الكتاب إلى قسمين، الأول يتناول التأثيرات السوسيولوجية والتربوية للعولمة، وتأثيراتها على الهوية، من منظور كوني عام. ثم تضييق دائرة المنظور لتتناول تأثيرات العولمة على الهوية العربية والإسلامية، وتحديداً في المخزون التربوي والتعليمي.
أما الجزء الثاني فيتناول بصورة أكثر تحديداً مكانة المعلم في عصر العولمة، كأنموذج جلي لتأثيرات العولمة على مكانة السلطات الأبوية. حيث تتم مقاربة سوسيولوجية لمفاهيم المكانة والهيبة والرضا. مرجوعاً دائما إلى دلالة النسبية الثقافية المؤطرة لكافة أشكال التحليل الثقافي للظواهر الثقافية.
ونوها أن الكاتب تعمّد وضع أسئلة أكثر مما يعلب أجوبة جاهزة. في كل فصل من فصول الكتاب من أجل فتح الباب لإثارة أسئلة ونقاشات أكثر.
وواصل آل سيف حديثه أن الكاتب تناول ظاهرة العولمة كمفهوم وتعريف. فقد عرفها الكاتب بأنها هيمنة المال والتكنولوجيا على العالم، من خلال توظيف المال من أجل المزيد من التكنولوجيا، والتكنولوجيا من أجل المزيد من المال.
ثم أضاف أن الكاتب يتجاهل المؤلف التساؤلات التي تتكرر حول الفرق بين مفهوم العولمة والعالمية ، فالعولمة احتواء للعالم والكون، والعالمية تفتح على ما هو عالمي وكوني.
وأشار إلى أن الكاتب تناول أضرار العولمة ومنافعها وتأثيراتها على الهوية ؛ حيث فرض الغرب منهجية من التقدم الذي أولى اهتماما بالمواطن قبل الاهتمام بالإنسان، وركز على مهارات الفرد دون التركيز على ضميره، غافلاً أن الهدف النهائي لكل الحراك الانساني هو أن تعيش الإنسانية حياة كريمة.
مضيفا إلى جسد الثقافة التقليدي في ظروف العولمة الليبرالية إلى التضاؤل في اتجاهين: الأولى هي تهشيم التنوع النمطي الثقافي و الثانية هي انحطاط وانحلال الثقافة التي يراد لها أن تكون هي البديل عن ثقافات ما قبل السوق. وهو ما دفع إنسان العولمة إلى المطالبة ليس بحريته بل بكرامته التي توشك أن تذوب في محرك الثقافة الاستهلاكية.
وعند الانتقال – والقول لآل سيف – لأثر العولمة على التعليم فلا يمكننا أن ندرس أي نظام اجتماعي جديد أو ظاهرة طارئة أو تحول في ملامح الهوية دون إدراج المدرسة في منظومة أدوات الدراسة، ذلك أن المدرسة هي التي تحتضن الجيل القادم إلى الحياة في تشكلها الجديد.
مضيفا أن هذه الأهمية للمدرسة والتربية لم تغفل عنها مؤسسات العولمة التي سارعت باختراق الحصون التربوية، مستندة في ذلك إلى إضعاف البعد الفلسفي للتربية وحصرها في المنحني الاقتصادي للتعليم، وتوجيه المعرفة العلمية بحسب القوي التي تمتلكها، والتأثير في اتخاذ القرار التربوي، وربط العلماء والباحثين بولاءات معينة للشركات النفعية.
ورقة الأستاذ جعفر العيد
أشار العيد في بداية ورقته إلى أن الكاتب بين في مقدمة كتابه أن الكتاب هو خلاصة لمضامين أطروحة دكتوراه فلسفة في الدراسات الحضارية، أنجزها المؤلف لدي جامعة موسكو الحكومية التربوية، قسم سوسيولوجيا الثقافة عن تحولات التعليم في العالم العربي في ظروف العولمة. لكنه عاد واستدرك- أي الكاتب- بقوله : بالرغم من أنه تم إعادة صياغة لغة وعناوين البحث بالأسلوب الملائم لنشره في كتاب.. إلا أنه تم الإبقاء على معظم مضامين وبيانات البحث كما هي منذ تاريخ كتابته في عام 2005.
ثم أشار العيد إلى أن الكتاب جاء في جزئين : الجزء الأول: التأثيرات السوسيولوجية والتربوية للعولمة، وتأثيراتها على الهوية، من منظور كوني وتأثيرات العولمة على الهوية العربية والإسلامية، الجزء الثاني : مكانة المعلم في عصر العولمة، كأنموذج جلي لتأثيرات العولمة على مكانة السلطات الأبوية.
ويعلق العيد بقوله : من خلال هذا الكلام يحتاج الكاتب فعلا أن يضع تعريفا للمفاهيم والمصطلحات المطروحة ( العولمة- السلطات الأبوية- الهوية- المعلم- مصطلح الثقافة الاجتماعية)، مضيفا لقد أجهد الكاتب نفسه وتوصل إلى مصطلح من عنده للعولمة؛ حيث يقول: بأنها هيمنة المال والتكنولوجيا على العالم، من خلال توظيف المال من أجل المزيد من التكنولوجيا، والتكنولوجيا من أجل المزيد من المال.
وتابع العيد ملاحظاته حلو الكتاب بقوله: أما مصطلح الثقافة فلا أجد أن الكاتب جاء بتعريف لها، مشيرا إلى أن الثقافة "هي ذلك الكل المعقد من أنماط السلوك المشترك السائد في المجتمع سواء كان معنوي أو مادي".
بعدها تطرق إلى إشكاليات البحث ، موضحا أن التطرق إلى المصطلحات والمفاهيم يفتح لنا نافذة كبيرة من النظرة التقليدية على هذه الدراسة.
وأخذ العيد يستعرض بعض من تلك الاشكاليات بداية بعنوان الدراسة الذي يختلف عن محتواه – على حد قول العيد- فلم تكن الدراسة لتتحدث عن السلطان الأبوية؛ لأن السلطة تتصل بـ( السلطة السياسية- الإعلامية – الاجتماعية).
كما توقف العيد عند قول الكاتب عند كلامه بعدم وجود مراجع لهذا التخصص ( سوسيولوجيا الثقافة)، مشيرا إلى أن الانثربولوجيا الثقافية هي كتب تتحدث عن هذه الكتب.
ولم يتفق العيد مع الكاتب كون المعلم نموذج للتأثير، بل رأى أن المعلم بجانب النظام والبيئة الاجتماعية والطالب والأدوات والوسائل والمبنى المدرسي عناصر تمثل العملية التربوية.
وأوضح العيد أن البحث جاء خاليا من الجهد الذاتي للكاتب، قائلا: كنت ابحث عن جهد الكاتب لم أجده، متسائلا في ذات الوقت إذا كانت هذه دراسة دكتوراة، فماهي النتائج التي توصل إليها كباحث ؟ ثم استرجع وقال : قد تكون هناك نتائج لكني لم أجدها، أو لم تكن مدرجة ضمن الكتاب.
ورقة الأستاذ مالك آل فتيل
أوضح آل فتيل في بداية ورقته لمجموعة ملاحظات عن الكتاب ، أهمها حداثة العلم نفسه وهو سوسيولوجي الثقافة ( علم الاجتماع الثقافي)، مع ذكر للمراجع الحديثة لهذا العمل، علاوة على إيضاحها لموقف الكاتب من الظاهرة المدروسة؛ حيث وضح بأنه سيكون في موقف "المتحيز ضد" العولمة مدرجاً تبريره لهذا الموقف.
وذكر آل فتيل بأن الدراسة – كما وضحت المقدمة- كتبت في وقت سابق مما استدعى حذف بعض المعلومات والنقاشات التي استنفذت أهميتها، مبيناً أنها كتبت كأطروحة دكتوراه فلسفة في الدراسات الحضارية عام 2005م. بينما نشرت في عام 2009م.
كما أشار إلى أن الكاتب قسم الكتاب إلى قسمين، الأول حول ظاهرة العولمة، والثاني حول مكانة المعلم، فأتى الكتاب كمجموعة من المقالات، الأمر الذي سهل القراءة والمراجعة حيث ذيل كل فصل بمراجعه الخاصة، مستعيناً بقوة الترابط والترتيب المنطقي للفصول.
وبين آل فتيل خلال ورقته أن الكاتب قام بتفكيك ظاهرة العولمة ثقافياً بإبراز تأثيراتها على الهوية والوطنية والتعددية وعلاقتها بالديموقراطية والبروتستانتية والإسلام، بالإضافة إلى تأثيرها على منظومة القيم الإنسانية.
وأضاف بالقول أن صاحب الكتاب برزت دراسته بشكل واضح في فصل "ثقافة السوق"، حيث أبرزت النزعة الاستهلاكية لهذا العصر وهيمنة النقود وتحول الإنسان إلى سلعة "سلعنة الإنسان"، وكل ظني بأن الكاتب "اشتعل" في هذا الفصل، فلغته كانت مغايرة لبقية الفصول.
وفي إدارته لموضوعات المثلث: المكانة والرضا والأداء، أوضح آل فتيل إلى الكاتب أن استطاع عبر عرضه مجموعة من الدراسات إقناعنا بالعلاقة بين المفاهيم وطبيعتها وأثرها على موضوع الدراسة وهي المكانة، بعد أن عرَّف المكانة وعلاقتها بالهيبة وعلاقتها بالمادي في فصول سابقة.
ولفت إلى أنه يُحسب للكاتب أسلوب عرضه المتماسك، المشفوع بسلسلة من مقولات وآراء المفكرين والعلماء، بعدها يقوم بتصدير رأيه وتبريره. كما يُحسب له استعانته بمجموعة كبيرة من المصادر، مراجع ودوريات ومواقع انترنت، متنوعة المصدر مكانياً (أوروبا ، آسيا، أمريكا، عرب و مسلمين)، وكذلك زمانياً.
جدير بالالتفات "النزعة الإنسانية" للكاتب- على حد قول آل فتيل- في تناوله لجميع موضوعات ومفاهيم الدراسة، فطالما يؤكد على الإنسانية والمعنوية بدلاً من المهنية والمادية كلما تسنى له ذلك. كما يجب التذكير بأن الموقف من العولمة الذي اتخذه الكاتب كان بغرض الدراسة ولا يعني هذا بالضرورة موقف الكاتب نفسه، ولعل موقفه الشخص يتمثل في مقولة " التفاعل مع العولمة دون الانصهار في وأحديتها الثقافية".
من جهة أخرى انتقد آل فتيل الكاتب أنه لم يعرف الكاتب سوسيولوجيا الثقافة تعريفاً وافياً، مع اعترافه بحداثة العلم،لافتا إلى أن الكاتب لم يحدد سبب اختياره لظاهرة العولمة عن غيرها من الظواهر الأخرى ، مثل: الحداثة، العالم الواحدي القطب، المعلوماتية، وسلسلة من الظواهر الكونية الأخرى، ملاحظا أن الكاتب قام الكاتب بعرض مجموعة من التعاريف لا تنافس التعاريف السابقة، حيث عرفها بـ"هيمنة المال و التكنولوجيا على العالم".
كما لاحظ آل فتيل على صاحب الكتاب أنه لم يحدد "السلطات الأبوية" إلا متأخراً (الفصل الثالث، القسم الثاني) وقد عرفها بالسلطات البيداغوجية وليس الأبوية.. لم أتحقق من صلاحية ترادف "الأبوية" مع "البيداغوجية"، إذ أن مصطلح بيداغوجيا مصطلح متعدد التعاريف لكنه في نهاية المطاف يستخدم بمعنى تربوي أو مدرسي.
وتساءل آل فتيل لماذا اختار الكاتب المعلم كممثل للسلطات الأبوية؟ لمَ لم يختر رجل الدين أو القائد السياسي.
ثم استرجع وقال : المعلم هو التربية، المعلم ممثل للسلطات الأبوية، وكأنه يقع فيما استشكل عليه المجتمع من حيث تضخيمه لدور المعلم.
ورقة الأستاذ حسين الغزوي
من جهته ناقش الأستاذ حسين الغزوي في ورقته مفهوم العولمة من حيث النشأة كمصطلح جديد، مشيرا إلى أن أول من أطلق هذا المصطلح هو ( مارشال ماك لوهان ) الذي تنبأ بخسارة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الفيتنامية حتى وأن لم تهزم عسكريا؛ لأن الحرب تحولت إلى حرب تلفزيونية، مما يعني – على حد قوله- أن الإعلام وشبكة الاتصالات التقنية هي أول منجز لمفهوم عولمي.
وتابع الغزوي حديثه بقوله: إن العولمة لاتخرج عن كونها نتاجا لحركة التقدم التقني وثورة المعلومات والاتصالات وظهور العقول الالكترونية كمتغيرات برزت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والكتابات الغربية التي تؤكد بأن العولمة ماهي إلا زيادة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج .
ثم تطرق الغزوي إلى العولمة وعلاقتها بالجانب الاقتصادي، موضحا أن للعولمة تأثيرا اقتصاديا كبيرا في الوقت الحالي، وساهمت بشكل مباشرة وغير مباشر في نشر الثقافة الكونية فأصبحنا ذات هوية مركبة والحديث عن الهوية وعلاقتها بالعولمة ظاهرا جليا لا يحتاج إلى توضيح.
واختتم الغزوي ورقته بقوله: إن للعولمة ذات بعدين ( إيجابي و سلبي ) وما ينبغي علينا إلا أن نوظف الجانب الايجابي في حياتنا العامة ونستفيد من كل أدوات العولمة الحديثة والمعاصرة في التنمية البشرية، والابتعاد عن استخدام تلك الأدوات في اللهو والتسلية.
ورقة الأستاذ الغريبي مراد
وجاءت ورقة الأستاذ مراد غريبي ( عضو مركز آفاق ) والتي ألقها بالنيابة الأستاذ عبد المنعم القلاف، حيث لاحظ أن الكتاب من خلال الصفحات التي طالعها، هو كتاب مشحون بعدة قراءات لمفكرين غربيين معاصرين و متأخرين، كما لاحظ الأستاذ الغريبي محاولة تقديم صورة متعددة للقارئ واستغرق الكاتب في موضوع العولمة و قد وفق لدرجة ما في تقديم الرؤى و التوجهات و المطارحات المتباينة حول موضوعة العولمة،
وتابع قوله: لكن بالنسبة لتوظيف علم اجتماع الثقافة في بحث السلطات الأبوية و تعذره بأن الدراسات الوحيدة في مجال علم اجتماع الثقافة تعود للطاهر لبيب و عبد الغني عماد، في حين دراسات مغاربية متوفرة و مرموقة باللغة الفرنسية و العربية،
أذكر على سبيل المثال تعددية القيم للدكتور طه عبد الرحمن و كتابه سؤال الأخلاق و دراسة لعالم الاجتماع المغربي الأستاذ أحمد شراك و دراسات الباحث الدكتور أحمد طاهري و دراسات رائعة للدكتور عبد السلام حيمر و كتابي الثقافة و المقاومة، الثقافة و الامبريالية للراحل إدوارد سعيد.
ونوها الغريبي أن الكاتب لم يوازن بين مناقشة العولمة كفكرة و كأيديولوجيا و كتراكم ثقافي من جهة و من جهة أخرى التحديد الدقيق للسلطة الأبوية و أنواعها و علاقتها بمفهوم العولمة قبولا و رفضا و حيثيات ذلك كله.
واختتم الغريبي ورقته بكلمة، كان من الواجب على الكاتب الارتكاز على الدراسات الفلسفية للمفاهيم قبل ولوج منهج تطبيق سوسيولوجيا الثقافة، مستغربا كيف لم يعتمد على أحد الكتب المهمة في فرنسا و هو المقيم هناك ككتاب العولمة الثقافية كتاب نقدي و في صميم علم اجتماع الثقافة للباحث جون بيار فارنيه.
و تصور لو كان عنوان الكتاب مقاربات للسلطات الأبوية في عصر العولمة مع أخذ في عين الاعتبار الملاحظات الآنفة الذكر لكان أحسن و أفضل خاصة من وجهة نظر ابستيمولوجية.
مداخلات
وكان للمفكر المحفوظ مداخلة اوجزها في ملاحظتين هما:
الملاحظة الأولى
تعريف سيسولوجيا الثقافي قال الأستاذ جعفر انها "الثقافة الاجتماعية" فوقع الاشتباه في تعريف الثقافة الاجتماعية، إذ أنها لاتساوي سيسولوجيا الثقافة و انما هي الثقافة كما هي معيشة وكما يعيشها الناس، ومن مجموع أشكال العيش الاجتماعي ومنها يتشكل مفهوم السيسولوجيا الاجتماعية فالسيسولوجيا لا تساوي الاجتماع ولا تساوي الثقافة الاجتماعية وانما تساوي ما يعيشه الناس من أنماط حياة وانماط معيشة ومجموع هذه الأنماط يسمى سيسولوجيا ولذلك كتاب الطاهر هو اول كتاب كتب في هذا الموضوع
الملاحظة الثانية
عن "افول المعلم"، يبدو ان افول المعلم ليس المقصود به غياب المعلم وليس غياب دور المعلم ولكن غياب السلطة، وتعلمون ان احد اشكال غياب السلطات او خلخلتها مع ازدياد التقنية الحديثة وثورة المعلومات والتواصل بطبعها توجد خلخلة في السلطات فحينما يتم الحديث عن افول المعلم يكون الحديث عن تضاءل دور سلطة سواء مع التلاميذ او في صنع المناهج الدراسية، فلا أحد يتحدث عن غياب دور المعلم في العملية التعليمية او غياب دوره المأمول سواء في العملية التعليمية أو دوره في المجتمع وانما يتم الحديث عن الأفول من خلال ضعف سلطة المعلم من خلال عوامل موضوعية عديدة توفرت في الفضاء الاجتماعي.
وأما الكاتب حسن الحمادة تحدث فيها عن اقتباسات المؤلف التي قال عنها جعفر العيد أنها متكررة ، ارجع ال حمادة هذا الاقتباس لكون الكتاب رسالة دكتواره وهو حال الرسائل الأكاديمية التي تتطلب مثل هذه الاقتباسات للاتكاء عليها علميا.