مقدمات في التحقيق حول أسباب ضعف الرواية ومعايير تنقيحها وتصحيحها
ـ القسم الثاني ـ
أ. عبد المهدي جلالي(*)
تمهيد
نكمل في هذا القسم الثاني من المقال دراسة الفصول الستة المتبقية من الباب الأوّل، والفصلين الأوّلين من الباب الثاني من كتاب الأخبار الدخيلة، للعلامة الشيخ محمد تقي التستري.
الفصل السابع: الروايات التي لحقها التحريف من جهة السند، وذلك بأن يغير اسم الأب أو الابن أو استبدالهما.
1ـ ما جاء في كتاب «من لا يحضره الفقيه»، باب «طلاق المفقود»: عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله× عن امرأة نعي إليها زوجها، فاعتدت، وتزوجت…، قال زرارة: فأبى أبو جعفر، وقال: …»، حيث استبدل اسم أبي جعفر الباقر× في الشطر الأول من الرواية باسم ابنه أبي عبد الله جعفر الصادق×؛ بشهادة الشطر الثاني للرواية نفسها. وبهذا جاءت نفس الرواية في كلٍّ من التهذيب والكافي([1]).
2ـ من التحريفات التي تلحق السند الإسقاط والحذف:
2ـ 1ـ ما جاء في الاستبصار، في باب «وجوب سجدتي السهو على من ترك سجدة»: «الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله×: إذا نسي الرجل سجدة، وأيقن أنه تركها، فليسجدها بعدما يقعد، قبل أن يسلم…». فكيف يمكن لصفوان أن يروي عن الإمام الصادق×، وهو لم يدركه؟! وكيف له أن يروي عن أبي يعفور الذي وافته المنية في حياة الإمام الصادق×؟!
و الصحيح في شأن سند هذه الرواية ما جاء به صاحب التهذيب، في باب «تفصيل ما تقدَّم ذكره في الصلاة»: «الحسين، عن صفوان، عن منصور، عن أبي يعفور: الرواية»([2]).
فيكون قد سقط من سند الرواية في الاستبصار منصور الذي كان واسطة في السند ما بين صفوان وابن أبي يعفور.
2ـ 2ـ ما جاء في الاستبصار، باب «التسمية على حال الوضوء»: «وبهذا الإسناد عن محمد بن الحسن الوليد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحطم، عن داوود العجلي مولى أبي المغرا، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله×: يا أبا محمد، من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده، ومن لم يسمِّ لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء».
وقد وقع إسقاطٌ لأحد الرواة من سند هذه الرواية، وهو «محمد بن الحسن الصفار»([3]). وقد كان واسطةً في السند بين محمد بن الحسن الوليد وأحمد بن محمد.
3ـ من النماذج الأخرى على التحريفات التي تلحق بسند الرواية: استبدال «واو العطف» بـ «عن». ومن ذلك ما جاء في التهذيب، في باب الطواف: «عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله× قال: المبطون والكسير يطاف عنهما». والصحيح في سنده «ومعاوية بن عمار»، بدل «عن معاوية بن عمار»([4]).
4ـ كذلك تبديل «ابن» بـ «عن». ومن ذلك ما جاء في التهذيب، باب «زكاة مال الغائب»: «عن عبد الله بن بكير، عن ميسرة، عن عبد العزيز قال: سألت أبا عبد الله× عن الرجل يكون له الدين أيزكّيه؟ قال: …»، فقد ورد في السند: «عن ميسرة، عن عبد العزيز». وهو تحريف. فالصحيح «عن ميسرة بن عبد العزيز»([5]). وبهذا عرف في كتب الرجال.
5ـ ومن التحريفات في السند استبدال «ابن» بـ «بنت»، كما في الكافي، باب «غسل الجمعة»، وفي التهذيب، باب «زيادة الأغسال»: «عن الحسين بن موسى بن جعفر، عن أمه وأم أحمد بنت موسى، قالتا: «كنا مع أبي الحسن× بالبادية، ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة؛ فإن الماء غداً قليل، فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة».
والصحيح في رواة سند الرواية «عن أم أحمد بن موسى»، بدل «بنت موسى». وهو ما ذكره صاحب من لا يحضره الفقيه في باب «غسل الجمعة». وكذلك لم يثبت أن للإمام الكاظم× بنت بهذا الاسم «أم أحمد». فقد أحصى الشيخ المفيد في الإرشاد بنات الكاظم×، ولم يكن بينهنّ واحدة باسم أم أحمد. لذا فسند الرواية: عن الحسين بن الكاظم×، عن أمه وأم أخيه أحمد. وقد ذكر الشيخ المفيد في نفس الكتاب ([6]) أن كلا المرأتين كانتا ذات ولد.
6ـ من أنواع التحريف الأخرى التي تصيب السند: استبدال اسم الأب باسم ابنه، واسم الابن باسم أبيه. ومن الأمثلة على هذا:
1ـ ما ذكره الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار: عن الصفار، عن أبي عبد الله بن المنبه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد, عن زيد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي×، أن رجلاً أتاه فقال: …». وقد أورد الشيخ في نفس الكتابين رواية أخرى بنفس السند، حيث جاء فيهما جميعاً اسم «عبد الله بن المنبه»، بينما الصحيح هو المنبه بن عبد الله، المكنى «أبي الجوزاء». ودليل العلامة التستري على هذا المدعى:
أـ إن كتب الرجال لم تذكر أحداً من الرواة باسم عبد الله بن منبه، في حين ذكرت اسم منبه بن عبد الله.
ب ـ تكرر سند المنبه، عن ابن علوان، عن خالد، عن زيد، كثيراً في عدة مواضع، ومن بينها في مشيخة الفقيه في هامش أبو الجوزاء، وزيد بن علي. وكذا في الفهرست للطوسي في هامش حسين بن علوان([7]). كما جاء في روايات متعددة، كالروايات الخاصة بـ «وجوب غسل الميت والجنب»، ورواية في باب «غسل المرأة الأجنبية»، وأخرى في باب «زيادات الأذان» في كتاب التهذيب، وفي رواية حول «دخول الرجل قبر زوجته»، وفي أخرى حول «صلاة الأطفال»، وأخيراً في رواية أخرى حول العقوبات والتعزيرات في آخر الزمان([8])، حيث ذكر فيها جميعاً اسم منبه بن عبد الله، المكنّى بأبي الجوزاء. بل إن الروايات التي ذكر فيها هذا الاسم تفوق السبع والأربعين رواية([9]). وقد ذكر على أنه من المخالفين للمذهب الإمامي، لكن النجاشي في رجاله قد ناقش في صحة روايته([10])، وأما الشيخ الطوسي فحين ذكره في مبحث أحكام الرضاعة أشار إليه بأنه فاسد المذهب.
ومن الروايات التي رواها منبه بن عبد الله رواية في حرمة زواج المتعة([11])، ورواية يقول فيها بسهو النبي‘، حيث قال: «إن النبي الأكرم‘ صلى خمس ركعات، وسجد سجدتي السهو»، وكذا روايات أخرى تشبهها. وأما أن بعض مشايخ المذهب الإمامي، كمحمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله القمي، قد رويا بعض رواياته فذلك لكي يؤخذ بروايته متى ما كانت موافقة لأسس المذهب، وليس لأن نأخذ عنه بشكل مستقل ومنفرد([12]).
2ـ ما جاء في باب «من حفظ أربعين حديثاً» من كتاب الخصال للصدوق، حيث ذكر «إبراهيم بن موسى المروزي»، بينما الصحيح هو «موسى بن إبراهيم المروزي». وقد ذكره الشيخ والنجاشي ضمن مَنْ روى عن الإمام موسى الكاظم×. كما أن الشيخ ذكره ضمن أصحاب الإمام الكاظم×، وعرَّفه قائلاً: «موسى بن إبراهيم المروزي، أسند عنه». وعرفه النجاشي بقوله: «موسى بن إبراهيم المروزي، أبو حمران، روى عن موسى بن جعفر×. وله كتاب يرويه عن الإمام أبو الحسن× في الوقت الذي كان سلام الله عليه مسجوناً في سجن ابن شاهك؛ لأنه ـ أي موسى بن إبراهيم ـ كان معلِّماً لولد شاهك، فكان يسمح له بدخول السجن؛ لملاقاة أبي الحسن×.
وقد ذكر المحقِّق الأستاذ علي أكبر غفاري في تحقيقه لكتاب الخصال للشيخ الصدوق أن الصدوق في كل مكان يذكر فيه هذا الراوي كان يذكره باسم إبراهيم بن موسى. وهو تصحيف وقع فيه مستنسخو الكتاب، بينما الاسم الصحيح هو موسى بن إبراهيم. كما ذهب إلى ذلك الشيخ في «الأربعون حديثاً»، وآخرون نقلاً عن الصدوق نفسه([13])، مما يعني أن الصدوق، في أماكن أخرى غير الخصال، قد ذكره باسمه الصحيح، وليست تلك الهفوة إلا من الذين دأبوا على نسخ الكتاب.
3ـ من الأمثلة الأخرى على إعطاء اسم الأب للابن أو اسم الابن للأب، ما جاء في روايات العامة: سئل النبي الأكرم‘: «إنه كان في أرضهم عنب، وكانوا يستخرجون عصيره، أيشربونه؟ فأجابهم النبي‘: إنه لا يجوز لهم شربه، فأعادوا عليه السؤال، فأجابهم بالنفي، فأعادوا ثالثاً، وأضافوا أنهم يستشفون بما يستخرجون منه، فأجابهم‘: إن ذاك داء، وليس فيه دواء».
جاء سند هذه الرواية في «أسد الغابة»، ورواه شريك، عن علقمة، عن طارق بن زياد بن طارق. وقال الوليد بن أبي ثور: عن سماك، عن علقمة، عن طارق بن بشر أو بشر بن طارق. ورواه شعبة فقال: عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن طارق بن سويد أو سويد بن طارق. أخرجه الثلاثة»([14]).
رويت الرواية عن شريك، عن علقمة، عن طارق بن زياد أو زياد بن طارق؛ وسماك، عن علقمة، عن طارق بن بشر أو بشر بن طارق؛ وشعبة، عن علقمة، عن أبيه، عن طارق بن سويد أو سويد بن طارق».
4ـ ما جاء في فهرست ابن النديم، حيث ذكر «عمر بن محمد الجعابي»، بدلاً من «محمد بن عمر الجعابي». وإلى ذلك ذهب الشيخ في الفهرست. وقد عرفه ابن النديم قائلاً: «القاضي أبو بكر عمرو بن محمد بن سلام بن البراء، المعروف بابن الجعابي، من أفاضل الشيعة، كان من المقربين من سيف الدولة وخاصته». وأما الشيخ الطوسي فقد عرَّفه قائلاً: «عمر بن محمد بن سليم بن البراء، يكنى أبا بكر، المعروف بابن الجعابي، ذهب إلى سيف الدولة و..». فيلاحظ أن ابن النديم ذكره على أنه عمرو، بينما ذكره الطوسي باسم عمر، ونسبه ابن النديم إلى سليم، بينما نسبه الطوسي إلى سلام. وعرّفه النجاشي قائلاً: «محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار التميمي، أبو بكر، المعروف بالجعابي، الحافظ، القاضي، من حفاظ الحديث وكبار العلماء». فالنجاشي ذكره على أنه ابن سالم، وسالم جده الثاني، وليس الأول.
وعرّف الطوسي ـ كما النجاشي ـ ابن الجعابي: «محمد بن محمد بن سالم (بن) البراء بن سبرة بن (سيار) التميمي القاضي، وكنيته أبو بكر، والمشهور بـ «ابن الجعابي»، الحافظ البغدادي».
فيظهر أن ما وضعناه بين معقوفتين كان هو محلّ التفاوت بين النجاشي والطوسي([15])، حيث وجد في تعريف النجاشي، وسقط في تعريف الطوسي.
الفصل الثامن: الأحاديث التي تعرضت للتحريف أثناء نقلها بالمعنى؛ بسبب عدم فهم المقصود بالكلام، أو لعدم استيعاب المعنى كاملاً وبشكله الصحيح.
ومن الأمثلة على هذا النوع من التحريف: الرواية التي ذكرها الصدوق في من لا يحضره الفقيه، في باب «فضل المساجد من كتاب الصلاة»: «وسئل الإمام× عن الوقوف على المساجد؟ فقال: لا يجوز؛ فإن المجوس وقفوا على بيوت النار». إن عبارة «لا يجوز» لم تكن ضمن كلام الإمام×؛ لأن الشيخ الصدوق نقل بالمعنى ما فهمه وما استنبطه من كلام الإمام×. وأصل الرواية ما رواه نفسه في ختام كتاب الوقف، وما رواه الشيخ في التهذيب بأسانيد مختلفة، وهو: «وروى العباس بن عامر، عن أبي الصحاري، عن الصادق× قلت له: «رجل اشترى داراً، فبقيت عرصة فبناها بيت غلّة، أتوقف على المسجد؟ قال: إن المجوس وقفوا على بيوت النار». ومما يظهر من متن الرواية أن عبارة «لا يجوز» لا وجود لها في الرواية، كما أن استنباط الصدوق عدم الجواز من كلام الإمام لا معنى له؛ فالإمام× في مقام التحفيز على الوقف، فإذا كان الزردشتيون، وهم يحاربون الله، يقفون على معابدهم، فما بالكم أنتم أيها المسلمون لا تقفون على المساجد، وهي بيوت يعبد فيها الله وتعلى فيها كلمته. فقد كان قول الامام×: إذا كان الزردشتيون، وهم يحاربون الله، يقفون على معابد الشيطان تلك فأنتم أولى وأجدر بهذا السلوك منهم([16]).
الفصل التاسع: الأحاديث التي أسقط جزء منها، فكان هذا سبباً في اعتبارها محرفة. ومن الأمثلة على ذلك:
1ـ ما جاء في الاستبصار: «عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عمَّن أخبره، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله×، في الرجل يصلي والمرأة تصلي بحذاه؟ قال: لا بأس».
والأصل الصحيح لهذه الرواية روايتان قبلها، نقلهما الشيخ نفسه: «محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسن، عن ابن فضال، عمَّن أخبره، عن جميل، عن أبي عبد الله×، في الرجل يصلّي والمراة بحذاه وإلى جنبه؟ فقال: إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس».
إذاً فالرواية الصحيحة كانت في المقدمة، وكذا اعتبرت هي الصحيحة لاتحاد السند، رغم أن الراوي الأول هو محمد بن علي بن محبوب، إلا أنها تتحد والرواية المحرفة في أنهما عن الحسن بن فضال. كما أن اتحاد المتن في شطره الأول يقوي صحة الرواية الثانية، ويجعل الرواية الأولى في معرض التحريف؛ لأنه قد تم إسقاط جزء من متنها([17]).
2ـ ما ذكره الكليني في الكافي، في باب «ركعتي الطواف ووقتهما والقراءة فيهما والدعاء»: «عن الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن× يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريباً من ظلال المسجد».
والذي سقط من هذه الرواية هو عبارة «لكثرة الزحام»، والتي كانت تبيِّن علة إقدام الإمام على صلاة طواف الفريضة قريباً من ظلال المسجد، وليس خلف المقام مباشرة. وقد أتت هذه العبارة في نفس الرواية، لكن في أواخر باب «الطواف»، في كتاب التهذيب، للطوسي([18]).
الفصل العاشر: الأحاديث التي كان عدم الدقة في متنها وسندها سبباً في تحريفها.
ويكون هذا بحيث إن الراوي ينقل رواية في كتاب بسند ومتن، ويرويها في كتاب آخر بمتن وسند آخر، وهو يعتقد أن الثاني مثل الأول.
ويوجد هذا النوع بكثرة في كتاب الوافي ووسائل الشيعة، بحيث إنه يروي الرواية عن أحد الكتب بسند ومتن، ويتبعها بالقول: ورواها آخرون كلها أو بعضها مثلها. ومن الأمثلة على ذلك:
1ـ نقل المشايخ الثلاثة (الصدوق، والكليني، والطوسي) رواية عن الإمام الصادق في كتبهم، واختلف الواحد عن الآخر في سندها: «عن حريز، عن الصادق×: ولد على عهد علي أمير المؤمنين مولود له رأسان وصدران على حقو واحد، فسئل×: أيورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال×: يترك حتى ينام، ثم يصاح به، فإن انتبه جميعاً معاً كان له ميراث واحد».
وهذه الرواية رواها الكليني عن قاسم بن محمد الجوهري، عن حريز. ورواها الطوسي عن محمد بن قاسم الجوهري، عن حريز. ورواها الصدوق عن محمد بن قاسم، عن أبيه، عن حريز.
أما صاحب الوسائل فقد نقل هذه الرواية، وأضاف قائلاً: إن الشيخ الصدوق والطوسي، وكذا الكليني الذي نقلها عنه، قد رووا هذه الرواية([19]). ولم يشِرْ إلى أنهم وإنْ كانوا قد نقلوا نفس الرواية إلا أنهم اختلفوا في سندها، كما تقدم.
2ـ ذكر في باب «العينة» من كتاب الوافي الرواية التي رواها كلٌّ من صاحبَيْ الكافي والتهذيب، عن حسين بن منذر: «عن الحسين بن منذر قال: قلت لأبي عبد الله×: يجيئني الرجل فيطلب العينة، فأشتري المتاع من أجله، ثم أبيعه إياه، ثم أشتريه منه مكاني، قال: إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبِعْ، وكنت أنت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشترِ، فلا بأس».
ونفس هذه الرواية نقلها صاحب الوسائل في الباب الخامس من باب أحكام العقود، نقلاً عن الكافي، الذي غيَّرفي بعض عباراتها، حيث قال: «فأشتري له المتاع مرابحةً»، بدل «فأشتري المتاع من أجله» كما تقدم في الرواية، وأضاف قائلاً: «وروى الشيخ في التهذيب مثلها»، مع أن الكليني قد ذكر عبارة «فأشتري المتاع مرابحة»، وقال الطوسي في التهذيب: «وأشتري المتاع من أجله». وتبين أن الوافي نقل الرواية عن التهذيب، ونقلها عن الكافي، وأما وسائل الشيعة فقد نقل الرواية عن التهذيب، وكلاهما قد وقع في السهو([20]).
الفصل الحادي عشر: الأحاديث التي تم الخلط فيها بين كلام المعصوم× وكلام الراوي، فكان هذا ضرباً من التحريف.
1ـ ما جاء في روضة الكافي (القسم الثالث من كتاب الكافي)، في حدّ المملوك والمملوكة، حيث أورد هذه الرواية: «ولا جزر ولا تغريب على أحدهما؛ لقوله×: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها، وكان هذا كل الواجب».
فعبارة: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها» رواية عن أهل السنة في رواية عن النبي الأكرم‘، وأما قوله: «وكان هذا كل الواجب» فهو كلام الشيخ الطوسي. وقد جمع بين قوله([21]) ـ الذي هو استنتاجه من الرواية ـ وكلام النبي ـ حسب رواية أهل السنة ـ، فعدّ هذا تحريفاً للرواية.
وفي هامش الكلام عن «اختلاف العلماء في قسمة ما حواه العسكر من أموال البغاة»، حيث جاء: «وعن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، في الحسن، عن الصادق× قال: «إن أبي حدثني…: من ضرب بسيفه، ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضالٌّ متكلِّف، وإذا كان ضالاًّ جاز قسمة ماله».
والعبارة الأخيرة من الرواية: «وإذا كان ضالاًّ جاز قسمة ماله» ليست جزءاً من كلام المعصوم، وإنما هي قول الراوي.
ومن الذين اشتهروا بالخلط بين كلام المعصوم وكلامهم الشيخ النعماني، صاحب كتاب الغيبة([22]).
الفصل الثاني عشر: الأحاديث التي تم خلط متنها بالحاشية، فكان هذا ضرباً من التحريف.
ومن الأمثلة على هذا النوع:
1ـ ماجاء في الخصال، للصدوق، في «باب الاثني عشر»، في رواية عن سليم. ومما جاء فيها: «فابنه علي بن الحسين الأكبر» في إشارة إلى الإمام السجاد×، فكلمة الأكبر كانت ضمن كلام الهامش([23])، لصاحبه، الذي اعتقد أن الإمام السجاد× أكبر سناً من أخيه علي الشهيد ـ الذي استشهد مع أبيه الحسين× في كربلاء ـ، فاختلط المتن بالهامش. والدليل على هذا أن كلاًّ من الكليني والنعماني والطوسي قد نقلوا نفس الرواية، ولكن بدون كلمة «الأكبر»([24]).
2ـ في مورد آخر شبيه بالأول مع بعض التفاوت: رواية الإقبال في زيارات يوم عاشوراء: «وعلى ولدك علي الأصغر الذي فجعت به»، والمقصود بعلي الأصغر([25]) علي شهيد كربلاء، في إشارة إلى أنه أصغر من علي السجاد×، وليس ابن الحسين× الصغير عبد الله؛ لأن عبد الله لم يعرف إلا باسمه هذا.
فكلمة الأصغر كانت ضمن الحاشية، فتم الخلط بين المتن وكلام صاحب الحاشية.
3ـ ومن الأمثلة على هذا النوع من التحريف: ما جاء في الوسائل، في باب «اشتراط الطهارة في صحة الطواف الواجب»، الرواية التاسعة عن الشيخ الطوسي: وبإسناد عنه، «عن النخعي، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير». في حين أن الرواية قد ذكرت في كلا كتابي الشيخ هكذا: «عن النخعي، عن ابن أبي عمير»، أما أيوب بن نوح فقد كان كلاماً في الهامش، وكان القصد منه تبيين مَنْ هو النخعي، فكان الكلام في الحاشية «أي أيوب بن نوح»، فوقع التحريف، بحيث تم إدخال كلام الحاشية في المتن، وعدّ شخصاً آخر في سند الرواية.
ومثله ما ذكره الشيخ في التهذيب والاستبصار: «عن موسى بن القاسم، عن النخعي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله×، قال: قلت له: إني أطوف طواف النافلة، وإني على غير وضوء؟ فقال: توضّأ، وصلِّ، وإنْ كنت متعمِّداً»([26]).
الباب الثاني: في الأحاديث الموضوعة.
الفصل الأول: بعض الروايات التي يدعي أصحابها رؤية الإمام المهدي#. ومن الأمثلة على ذلك:
1ـ ما جاء في كتاب «كمال الدين»([27])، في روايتين عن سعد بن عبد الله القمّي، والتي يدعي فيها مرافقته لأحمد بن إسحاق أحد أصحاب أبي محمد×([28])، وتشرفه برؤية الإمام الحجة# وهو في سن الطفولة، فقد كان جالساً في حضن أبيه، وذلك بسامراء، وأنه ـ أي سعد بن عبد الله ـ قد تمكن من مساءلة الإمام، واستفساره في بعض الأمور الفقهية.
ودليل كذب هذه الرواية أن سعد قد سأل الإمام العسكري: «أخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا فعلتها المرأة المطلقة جاز لطليقها أن يخرجها من بيت العدة (بيته)([29])؟ فتقول الرواية: إن الإمام العسكري× قد أجابه: الفاحشة المبينة هي السحق، دون الزنا، و إذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي، ومن أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه…» ([30]).
انتقد الشيخ التستري هذا الجواب الذي نسب إلى الإمام العسكري× من عدة وجوه:
الأول: لم يقل أحد بأن الفاحشة التي تحدثت عنها الآية الأولى من سورة الطلاق هي السحق، بل أجمعت جميع التفاسير على أن المراد بالفاحشة في الآية هي الزنا، أو ما يؤدي إلى إلحاق الأذى بأسرة الزوج([31]).
الثاني: اعتبرت الرواية السحق أعظم درجة من الزنا، بينما أجمع علماء الإمامية على أن حدّ الزنا أعظم من حدّ السحق، فحد السحق الجلد إن كانت المرتكبة محصنة، وهو المشهور([32]).
2ـ ما جاء في الرواية من أن سعد بن عبد الله لما تشرَّف بالدخول على الإمام العسكري كان ولده ـ الحجة# ـ جالساً في حضنه: «وكان على فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر..، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها بين غرائب الفصوص المركَّبة منها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يده ويشغله بردّها كي لا يصده عن كتابة ما أراد…» ([33]).
دراسة لمتن رواية
أـ إن إحدى علامات الإمام أنه لا يلعب ولا يلهو. فقد روى صفوان الجمّال عن الإمام الصادق×، في ما يخصّ بعض صفات الإمام: «الإمام لا يلهو، ولا يشغل وقته باللعب والمرح»، في حين وجدت رواية أن الإمام موسى بن جعفر×، وقد كان طفلاً، قد أخذ بعنزة مكية، وكان يقول لها: «اسجدي لربك»، فأخذه الإمام الصادق×، وضمّه إلى صدره، وقال: «بأبي وأمي مَنْ لا يلهو ولا يلعب»([34]). وفي رواية أخرى: إنه بعد شهادة الإمام الرضا× أتى جمع من الناس، كان من بينهم علي بن حسان الواسطي، أرادوا بزيارتهم امتحان الإمام، وكان الواسطي قد أحضر معه ألعاباً فضّية قدَّمها هدية للإمام الجواد×، وكان طفلاً، يقول الواسطي نفسه: إن الإمام غضب لذلك أشد الغضب، وأخذ يقلب تلك الألعاب يميناً وشمالاً، وقال: «إن الله لم يخلقنا لهذا»، وقد ألححت عليه في طلب العفو والسماح كثيراً، وما فارقته إلا بعد أن عفا عني وسامحني، فقام وأغلق بابه، فأخذت تلك الألعاب ورحلت»([35]).
ب ـ قد ورد في الرواية: «أن الحجة# كان يلعب بأصابع أبيه، فكان يمنعه بذلك من الكتابة». وهذا القول غير مقبول في حق خاتم الأوصياء، ولا يجوز نسبته إليه.
ج ـ يظهر من هذه الرواية أن الإمام العسكري× قد جعل لعبة ابنه كرةً ذهبيّةً مرصَّعة بالجواهر والأحجار الكريمة، في حين أن سيرة الأئمة الأطهار أنهم لم يكونوا أهل الدنيا، ولا ممَّن يعيشون حياة الترف والغنى، فكيف يعقل أن تكون لعبه من ذلك النوع وبتلك القيمة؟!([36]).
نعم، تحمل الرواية بعض الكلام الصحيح، كالكلام الذي نسبته الرواية إلى الإمام في إجابته عن سؤال سعد بن عبد الله في علة عدم قدرة الأمة على اختيار إمامها، فيقول العلامة التستري: إن ما ادُّعي أنه جواب المعصوم كلام حقّ، ولا يتنافى مع كون الرواية موضوعة ومكذوبة؛ لأن الوضّاعين كثيراً ما يذهبون إلى خلط الحق بالباطل، حتى يجدوا لكذبهم مشترياً([37]).
دراسة سند الرواية
كان سند الرواية بالشكل التالي: «حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي، المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: ثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: ثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: ثنا أحمد بن مسرور»([38]).
وسند الرواية مشوب بالعديد من العلل. فقد كان من بين رواتها مجهولون([39])، ومهملون([40])، رووا عن سعد بن عبد الله القمي. كما أن جُلَّ كتب الرجال، كما في مشيخة الصدوق، تجعل الواسطة بين سعد بن عبد الله والصدوق اثنين لا ثالث لهما؛ إما أباه (أبو الصدوق)؛ أو أستاذه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، بينما كانت الواسطة في هذه الرواية عبارة عن خمسة أشخاص، وهو خلافٌ للمحرز([41]).
ومن الأدلة الأخرى على أن الرواية موضوعة ذكرها لوفاة أحمد بن إسحاق في حياة الإمام العسكري×، بينما الصحيح والمتفق عليه ـ بلا خلاف ـ أن أحمد بن إسحاق قد عاش بعد الإمام العسكري×، وكان من أصحاب الإمام الحجة#.
فقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه «الغيبة» أنه في زمن السفراء ـ زمن الغيبة الصغرى ـ كان جمعٌ من الثقات، وكانوا يتلقون بواسطة السفراء توقيعات من الحجة#، وكان من بينهم أحمد بن إسحاق، وكان من الثقات([42]).
وكتب ابن طاووس في كتابه «ربيع الشيعة» يقول: أحمد بن إسحاق من السفراء، ومن أبواب الحجة# المشهورين([43]).
2ـ من بين الروايات التي يدَّعى فيها رؤية الإمام الحجة# وملاقاته: ما جاء في كتاب «كمال الدين»([44])، تحت عنوان «باب من شاهد القائم»، ح23، والتي يُدَّعى فيها أن علي بن إبراهيم بن مهزيار قد تشرَّف بلقاء الإمام ورؤيته([45]).
أدلة كذب الرواية وأنها ضمن الروايات الموضوعة
1ـ لم تذكر كتب الرجال شخصاً باسم علي بن إبراهيم بن مهزيار، ولم ترد أية رواية عنه([46]).
وقد كتب الأستاذ غفاري في هذا الصدد: «لا يوجد في كتب الرجال أية إشارة إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار، وإنما أشارت كتب الرجال وتحدثت عن«أبي الحسن علي بن مهزيار»، وأخيه «أبي إسحاق إبراهيم بن مهزيار»، وأولادهما. وكلا الرجلين كان اسمهما محمد، وليس علياً([47]).
وقد ذكر الطوسي نفس الرواية في «كتاب الغيبة»، ولكن بطريق آخر: «أخبرنا جماعة…، عن علي بن الحسين، عن رجل ـ ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه، قال: دخلت على علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي فسألته عن آل أبي محمد×، فقال: …»([48]).
ويلاحظ هنا أن أحد الرواة في سلسلة سند الرواية مجهول، فقد أشير إليه بأنه من أهل قزوين، بدون ذكر اسمه أو ما يعرِّفه.
2ـ ذكرت الرواية أخاً للإمام المهدي# باسم موسى، مع أن الامامية متَّفقون على أن الإمام العسكري لم يكن له ولد سوى الإمام المهدي×، حيث جاء في الرواية أن علي بن إبراهيم بن مهزيار (الموهوم) التقى، وهو بمكة، شخصاً كان الواسطة بينه وبين الإمام، فسأله: «أتعرف الصريحين؟ قلت: نعم، فقال: ما اسمهما؟ قلت: محمد وموسى([49]).
وقد أشار الشيخ الطوسي إلى أنه لا يوجد شيء يشير إلى وجود أخ للحجة بهذا الاسم. والعجيب في الأمر هو وجود رواية تشبه الأولى من حيث المضمون لإبراهيم بن مهزيار، يقول فيها: «قدمت المدينة، وأخذت في البحث عن آل الرسول الأكرم‘، ولم أعثر على بغيتي، فرحلت إلى مكة، فالتقيت بشاب سألته: هل لك من خبر عن أحوال أهل بيت النبي‘، فأجاب: وأيم الله، إني لأعرف النور الذي بجبين محمد وموسى ابنَيْ مولاي الحسن بن علي ـ يريد ابنَيْ الإمام العسكري، كما تدعي الرواية ـ، وإني رسولهما إليك؛ لأطلعك على أنبائهما، وإذا أردت التشُّرف بلقائهما، وتكحيل ناظريك بتربة مقدمهما، فالحق بي إلى الطائف»([50]).
وقد أشكل الأستاذ الغفاري على هذه الرواية بأن زمن حياة إبراهيم بن مهزيار كان قبل زمن الإمام المهدي#([51]).
3ـ تقول الرواية: إن علي بن إبراهيم بن مهزيار قد تعب من البحث عن أثر للإمام الحجة#، والحال أن الحجة في زمن الغيبة الصغرى كان له نوّابٌ يعرفهم شيعة آل محمد، وعن طرقهم يتصلون به#، فكيف للراوي أن يقول: إنه بحث عنه ولم يجد له أثراً إلا بعد مشقة وتعب؟!([52]).
نوعية الروايات الموضوعة التي تتحدث عن الإمام المهدي#
1ـ الروايات التي تتحدث عن قرب ظهوره×: فقد ثبت، وبطرق متواترة ومتصلة الإسناد، أنه سلام الله عليه قال: «كذب الوقّاتون»([53]). إذاً فالروايات التي يتحدث فيها أصحابها عن قرب ظهوره، وأن هذا الزمن أو ذاك هو زمن ظهوره، كلّها روايات موضوعة وكذب.
2ـ الروايات التي يدعي فيها أصحابها لقاء أو رؤية الإمام بعد وفاة آخر السفراء السمري، ودخول الإمام في غيبته الكبرى. وقد صرح× بنفسه أن مدّعي رؤيته في زمن الغيبة الكبرى كذّابون ووضّّّاعون: «بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، … فاجمع أمرك، ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألا فمَنْ ادَّعى المشاهدة قبل خروج السفياني، والصيحة، فهو كذّاب مفترٍ..»([54]).
الفصل الثاني: الروايات التي نسبت كذباً تفسيراً إلى الإمام الحسن العسكري×:
والأدلة على أن تلك الروايات موضوعة:
1ـ ما شهد به الناقد والمحقق الكبير، خرّيت([55]) هذا الفن، أحمد بن الحسن الغضائري، أستاذ النجاشي الرجالي الكبير، حيث يقول: «لقد نقل ابن بابويه عن محمد بن أبي القاسم تفسيراً نسب الى الإمام العسكري×. ومحمد بن القاسم ضعيف وكذاب، وقد رواه عن شخصين مجهولين لدى علماء الرجال والحديث: يوسف بن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن يسار»([56]).
ويعرف العلامة التستري المقصود بالراوي «المجهول الحال» قائلاً: «المراد بالمجهول الحال الذي لم يعرف حاله بلحاظ الضعف والقوة.
وكثيراً ما يجرح علماء الرجال ويطعنون في الراوي المجهول، وكون اسمه ونسبه، أو كون اسمه، قد ذكر في روايات أخرى لا يتنافى مع كونه مجهولاً»([57]).
فبعد الحسن بن الوليد ـ شيخ الصدوق ـ لا يُعرف أحدٌ أعلى مرتبة في علم الجرح والتعديل من ابن الغضائري، بل اعتبر هذا الأخير أعظم من ابن الوليد.
فقد تتبعت كل من جرحهم ابن الوليد وطعن فيهم، واحداً واحداً، فوجدتهم كما قال، سواء أكان من طعن فيه راوية أو كتاباً. فمثلاً: لقد طعن في كتاب «سليم بن قيس»، وتفسير «محمد بن قاسم الإسترأبادي»، والذي نسبه إلى الإمام العسكري×، وكتابَيْ علي بن أحمد الكوفي والحسن بن عباس بن حريش، فوجدت أن كل واحد قد تضمن كتابه منكرات متعددة، باستثناء التفسير المنسوب إلى الإمام، الذي شمل منكرات قليلة. فبعد أن وقع كتاب علي بن أحمد الكوفي «الاستغاثة» بيدي وجدته يرد العديد من المسائل التي وقع عليها الإجماع، واعتبرها من المنكرات. وقد أورد الكليني في كتابه «الكافي»، ضمن باب «شأن إنا أنزلناه»، روايات عن ابن حريش، وهي تخالف المعنى والمفاهيم الحقيقية والمتعارفة. وهذه إحدى العلامات التي تشير إلى الوضع والكذب.
ومن هذا القبيل: مَنْ ردّهم وطعن فيهم ابن الغضائري، وتفوح منهم رائحة الوضع والكذب، وتتعارض أقوالهم والمستوى العلمي والمعرفي الرباني لأئمة أهل البيت^، ويتعارض مع مقامهم كأئمة معصومين، وكون معارفهم وعلومهم تكوينية، لا تحصيلية، فتحتمل الخطأ والوهم»([58]).
وقد امتدح العديد من الأعلام ابن الغضائري. وعلى سبيل الإشارة نجد أنياقوت الحموي قد كتب يقول في شأن ابن الغضائري: «أديب فاضل، عالم حاذق، وخطه من الجودة بحيث لا يفرق بينه وبين خط أبي عبد الله بن مقلة»([59]).
وقد امتدح الشيخ الطوسي ابن الغضائري في مقدمة «الفهرست»، وتحدث عن إبداعاته التي قلّ نظيرها، وقد خلَّف نفائس ضمَّت من مصنفات وأصول المذهب الشيعي ما لا نظير له»([60]).
إذاً ابن الغضائري(425هـ) هو من عظماء علماء الشيعة، ومن أجلاء محقّقيها، وهو تلميذ لأبيه الحسين بن عبيد الله(411هـ)، وشريك النجاشي(450هـ) في البحث والتخريج.
اعتبر علماء الرجال كتبه من المنابع الرئيسة في علم الرجال، وقد نقل عنه كلٌّ من العلامة الحلي في كتابه «خلاصة الأقوال»، وابن داوود في «الرجال». ونقل ابن طاووس(673هـ) عنه كثيراً في كتابه «حل الإشكال»، بل لقد أدرج جلّ كتاب الغضائري «الجرح» ضمن كتابه ذاك؛ حفظاً له من الضياع؛ لأهميته([61]).
لم يكتفِ ابن الغضائري بتأليف كتابَيْه حول أصول ومصنَّفات الشيعة، بل بادر إلى تأليف كتاب خصّه بالممدوحين والمذمومين، وقد حظي النجاشي بالكتب الأربعة، إلى جانب كتاب «وفيات الرجال»، بعد وفاة ابن الغضائري وانتقاله إلى رحمة ربه([62]).
ولن نبالغ إذا قلنا بأن كتب ابن الغضائري من أهم المصادر التي استند عليها النجاشي في تأليفه لكتاب «الفهرست»، الذي عد من أعظم وأهم كتب الرجال لدى الإمامية.
2ـ إن البحث في روايات التفسير الذي نسب إلى الإمام العسكري× يظهر بشكل واضح بطلان وعدم صحة العديد منها، وأنها موضوعة ومكذوبة على الإمام×.
بعد أن أعطى العلامة التستري أمثلة من ذلك التفسير، وأخضعها للجرح والتعديل، أضاف قائلاً: «إن ما أعطيناه من الأمثلة من ذلك الكتاب المزعوم ليس إلا نقطة من بحر، وإلا فإني أخضعت جلّ رواياته للجرح والتعديل، فلم أجد إلا القلّة القليلة قد سلمت من الطعن، بل عد السليم فيه نادراً»([63]).
3ـ إن الحقائق الإلهية والمعجزات السماوية التي أتى بها الأنبياء والرسل، وخاصة التي نزلت على خاتمهم وجرت على يديه الشريفتين، حجة على الخلائق، وأصل لكل شيء، فلم تكن لغرض تعجيز الجهال والمنكرين أو المخالفين، بل هي وسيلة من جهة أخرى لعرض كل شيء عليها؛ لمعرفة صحته من سقمه. كما أنها وسيلة لمعرفة صحة الروايات، وردّ دخيلها والمكذوب منها([64]). ولكن ـ للأسف الشديد ـ فقد حوى هذا التفسير ـ الذي نسب إلى الإمام العسكري ـ ما يخالف تلك الأصول، وراح يتحدث عن معجزات وهمية، نسبها زوراً إلى النبي الأكرم‘، وإلى علي× والأئمة الأطهار من بعده([65]).
4ـ لو كان هذا التفسير صحيحاً لكان علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن مسعود العياشي، اللذان كانا معاصرَيْن للإمام العسكري×، أولى الناس بنقله كلّه، أو جزء منه، وهو ما لم يحصل، ولكان محمد بن عباس بن مروان([66])، الذي قرب زمانه من زمن الإمام العسكري، أولى بنقل شيء منه، والواقع أن تفاسير هؤلاء كلّهم لم تحمل، ولو القسط اليسير من ذلك التفسير المزعوم، ولم تُشِرْ إليه من قريب أو من بعيد.
وجواباً عن إشكال مَنْ ادَّعى أن الشيخ الصدوق، وهو من كبار علماء الحديث والرجال، قد نقل منه، واعتمد عليه في بعض كتبه، نقول:
أولاً: إن الشيخ الصدوق وأمثاله لا يعتبر حجة في ما صح وثبت كذبه بشكل واضح وصريح.
ثانياً: قد وصل إلينا طعن وتكذيب ابن الغضائري له، الذي هو من فحول الفن، وأعظمهم مرتبة، فلم تعُدْ المسالة مجرّد شكّ.
ثالثاً: ما نقله الشيخ الصدوق في كتبه عنه، ولم يكن باطلاً ولا منكراً، يحتمل أن الصدوق قد نقلها من كتب أخرى غير ذلك التفسير. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشيخ الطبرسي في كتاب «الاحتجاج»([67]).
5ـ إن نسبة المعجزات إلى النبي الأكرم‘ وإلى علي أمير المؤمنين× أمر قرآني وحقيقة تاريخية. ولكن الذهاب في هذا المسار لم يكن ليشفع لهذا التفسير، فتبرأ ساحته من الوضع والكذب([68])، بل إن الكتاب إعلان واضح للتجاوز والغلو، وتجاوزٌ صارخٌ لحدود الواقع، وتفوح منه رائحة الغلو والانحراف([69]).
6ـ يظهر أن الشيخ الصدوق قد عمد إلى النقل من ذلك التفسير الموضوع بعد وفاة شيخه وأستاذه ابن الوليد، وإلا لو كان حيّاً لأشار عليه بتنبيهاته وتصحيحاته، وكثيراً ما اتَّبع الصدوق إشارات أستاذه في العديد من المواقع([70]). فمن الأمثلة على ذلك: ما جاء في كتاب «من لا يحضره الفقيه»، باب الصوم، في رواية عن صوم يوم الغدير: «وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمد بن الحسن, لا يصحِّحه، ويقول: إنه من طرق محمد بن موسى الهمداني، وكان كذاباً غير ثقة، وكل ما لم يصحِّحه ذلك الشيخ+، ولم يحكم بصحته من الأخبار، فهو عندنا متروك غير صحيح»([71]).
وقد عدل ابن الوليد عن النقل عن أساتذته سعد والصفّار لاحتواء رواياتهم على الغريب([72]) فقط، وليس المنكرات، فكيف سيكون الحال بالنسبة لهذا التفسير المملوء بالروايات المنكرة؟!
ومن الأمثلة على دقة ابن الوليد في ما يخصّ الروايات، واتّباع الصدوق له في إرشاداته وتوجيهاته، ما ورد في هامش اسم محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب «رجال النجاشي»، حيث أورد سنداً جميلاً ومهمّاً ذكر فيه ما عدل عنه ابن الوليد من روايات أحمد بن محمد بن يحيى، وكيف أن الصدوق لم يخرج عن رأي أستاذه، بل كان تابعاًله بشكل تام: «وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى: ما رواه عن محمد بن موسى الهمداني، وما رواه عن رجل، أو يقول بعض أصحابنا أوعن محمد بن يحيى المعاذي، أو عن أبي عبد الله الرازي الجاموراني، أو عن أبي عبد الله السياري، أو عن يوسف بن السخت، أو عن أبي وهب بن منبه، أو عن أبي علي النيشابوري (النيسابوري)، أو أبي يحيى الواسطي، أو عن محمد بن علي أبي سمينة، أو يقول في حديث، أو كتاب لم أره، أو عن سهل بن زياد الآدمي، أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع، أو عن أحمد بن هلال، أو محمد بن علي الهمداني، أو عبد الله بن محمد الشامي، أو عبد الله بن أحمد الرازي، أو أحمد بن الحسين بن سعيد، أو أحمد بن بشير الرقي، أو عن محمد بن هارون، أو عن ممويه بن معروف، أو عن محمد بن عبد الله بن مهران، أو ما ينفرد (يتفرد) به الحسن بن الحسين اللؤلؤي، أوما يرويه عن جعفر بن محمد بن مالك، أو يوسف بن الحارث، أو عبد الله بن محمد الدمشقي»([73]).
وفي ما يخص المتن المتقدم نجد أبا العباس بن نوح يقول: «شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في كل الثمانية والعشرين مورداً لم يخطئ، وأصاب الصواب، وقد اقتدى به فيها تلميذه أبو جعفر بابويه (الشيخ الصدوق)، إلا في مورد واحد، في ما يخص محمد بن عيسى بن عبيد، فلا نعرف ما دفع بابن الوليد إلى عدم استحسانه، وقد جعله موضع الشكّ، بينما عدالة ووثاقة محمد بن عيسى ظاهرة، وليست بالأمر الخفي»([74]).
ولم يكن أبو العباس بن نوح وحده من تحدث عن وثاقة وعدالة محمد بن عيسى، بل نجد النجاشي هو الآخر، في حاشية محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر، يوثِّقه ويمدحه تحت عناوين ومسميات مختلفة، كقوله: جليل في أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، وحسن التصانيف، وقد روى عن الإمام جعفر الثاني ـ الإمام الجواد× ـ مكاتبة ومشافهة([75]).
يعتبر كلام ابن الوليد في عرف علماء الرجال مدحاً أو تعديلاً لمكانة محمد بن عيسى في مجال الرواية. لكن الشيخ الطوسي في «الرجال» و«الفهرست» قد تحدث عن الرجل بشكل آخر، حيث قال: «محمد بن عيسى بن عبيد بن اليقطين، ضعيف. وقد استثناه ابن بابويه من بين جميع رواة «نوادر الحكمة»، وقال عنه: ما اختص بنقله وروايته، دون غيره من الرواة، لا نقبله ولا نرويه عنه»، كما أضاف: «إنه من الغلاة»([76]).
أما في «الرجال» فإن الشيخ الطوسي قد ذكره في أربعة مواضع: أولاً: ضمن أصحاب الإمام الرضا×؛ وثانياً: ضمن أصحاب الإمامين العسكريين، وأخيراً: ضمن من لم يرووا عن الإمام. وضعَّفه في موضعين اثنين: مرة بذكر كلام الشيخ القمي فيه؛ وفي الثانية بدون ذكر أي قيد([77]).
مما تقدّم يظهر أن الشيخ الطوسي في كلا الكتابين قد قال بذم وجرح محمد بن عيسى بن يقطين بشكل واضح وصريح. كما يلاحظ أنه كلما ورد في أحد الرواة ذم ومدح فإن أحد الوصفين يعارض الآخر مما يجعل الراوي أخيراً بدون أي وصف، ويدخله ضمن لائحة مجهولي الحال، وهذا يعني بالتبع عدم الإقرار بروايته وعدم اعتبارها([78]).
وينتج عن هذا أن الشيخ الصدوق لا يصح منه الخروج عن آراء أستاذه في بعض الرواة، أو أن تكون له استثناءات على استثناءاته، وخصوصاً أن النجاشي في مدحه لمحمد بن عيسى في الحاشية، عند التعرض لحاله، ذكر رواية للشيخ الصدوق يقول فيها«بعدم اعتبار أستاذه ابن الوليد لبعض ما نقله محمد بن عيسى، وأنه قد اطلع غيره على ذلك»([79])، وأضاف: «إن بعض علماء الجرح والتعديل لم يقبلوا رأي ابن الوليد، وساروا في طريق مدحه»، مما يعني أن قول أبي العباس بن نوحبأن الشيخ الصدوق قد خالف أستاذه في بعض الرواة لا واقعية له. وحتى لو فرضنا، ولو بقدر ضئيل، أن الصدوق قد اعتبر محمد بن عيسى، خلافاً لرأي أستاذه، فإن هذا عيب في حق الصدوق؛ لأنه يكون بذلك قد نقد كلامه حين قال: «كل رواية ـ وكل راوٍ ـ لم تعتبر صحيحة ومعتبرة عند ابن الوليد فإنها عندي غير صحيحة، ومتروكة كذلك».
نظرة أخيرة إلى التفسير الذي نسب إلى الإمام العسكري×
في هذه النقطة لن نتكلم عن مؤلَّفه، ولا عن التفسير، بل سننظر إلى محتوى التفسير أي ما جاء في هذا التفسير. فنرى أن التفسير يحمل آراء وتفاسير يصح نسبتها إلى الإمام المعصوم؛ بلحاظ كونها لا تتنافى وأصول المذهب من جهة، ومن جهة أخرى تتوافق والقرآن، والسنة، والعقل. وكذلك توجد فيه أمور ومطالب إذا أخضعناها للتأويل ووجَّهناها بشكل أو بآخر تصبح موافقة لأصول ومباني المذهب الاثني عشري. لكن ـ وللأسف ـ توجد فيه مطالب تتنافى وعلم وعصمة الإمام، بل إنه لا يمكن نسبتها حتى لفرد مؤمن إمامي بسيط له اعتقاد بأصول مذهبه.
وما دام الإمام حجة الله على عباده فلا يمكن أن يصدر منه ما يخالف الأصول، ويتناقض مع أساسيات وثوابت القرآن والسنة، أو يخالف العقل. وإذا وجد ما ينسب إلى الإمام من هذا القبيل فلا يجوز روايته ونقله بين الناس، ولو في مقام الاحتجاج، إلا إذا أحرز الراوي أو الناقل أن هذا الكلام الذي ينسب إلى الإمام المعصوم قد صدر عنه على سبيل التقية، وإذا لم يثبت أنه صدر منه تقية فإنه يعتبر كذباً وافتراءً على مقام العصمة. ولعل هذا ما جعل ابن الغضائري وآخرين يذمّون مؤلِّفه، ويضعِّفونه، ويعتبرون التفسير جزءاً من الموضوعات، رغم أن المتأخرين ـ بعد القرن العاشر ـ قد أولوا هذا التفسير عناية خاصة؛ لما يحمل من ذكر فضائل أهل البيت×، وما حوى من الطعون في المخالفين.
وهناك مسألة أخرى، وهي أن الشيخ الصدوق، في كتابه «الأمالي»، كلما أتى على ذكر هذا التفسير يسرد سنده بهذا الشكل: «محمد بن أبي القاسم، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن يسار، عن أبويهما، عن الإمام العسكري×، عن أبيه أبي الحسن الثالث×». ويختلف هذا الإسناد عن ما أشرنا إليه في البداية حين تحدثنا عن سند رواة هذا التفسير, وذكرنا أن من رووه عن الإمام هم من تبقى لديه من الأولاد، وليس أبوا يوسف بن زياد وعلي بن محمد بن يسار، كما ذكر الصدوق، وهذه إحدى علامات الخلط والضعف في الرواية، أو في الحد الأدنى تعني أن النسخة التي نقل عنها الشيخ الصدوق هي غير النسخة التي عندنا اليوم([80]).
نسب ابن الغضائري هذا التفسير إلى أبي الحسن الثالث ـ الإمام الهادي× ـ، بينما الكتاب الموجود لدينا ينسب إلى الإمام الحسن بن علي العسكري×. وقد رأينا أن الصدوق وآخرين قد نسبوه إلى الإمام العسكري×، ولربما يكون منشأ اختلاف ابن الغضائري عائداً إلى اشتراك اسم العسكري بين الإمام الهادي والإمام الحادي عشر‘([81]).
وثمة نقطة أخيرة نذكرها هنا عن ابن الغضائري، وهي قوله في التفسير الذي نسب إلى الإمام العسكري: «هذا التفسير أنشأه سهل الديباجي، وأخذه ضمن روايات منكرة عن أبيه».
وقد رد هذا الرأي بالقول: «إن هذا الكلام لا يستند إلى أساس علمي؛ لأن سهل الديباجي لا يوجد ضمن سلسلة رواة هذا التفسير. ولربما يكون ذكر سهل في كلام ابن الغضائري مجرد تحريف من الناسخين([82]).
ـ يتبع ـ
الهوامش
(*) باحث في الحوزة العلمية.
([1]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 166.
([6]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 161؛ من لا يحضره الفقيه 1: 60، ح3.
([7]) الطوسي، الفهرست: 107، طبعة جامعة مشهد.
([8]) الأخبار الدخيلة: 63 ـ 64؛ الاستبصار 3: 65 (باب الأجر على تعليم القرآن)، تحقيق: حسن موسوي خرسان، الطبعة الثالثة، طهران، نشر الإسلامية، 1390هـ؛ التهذيب 8: 44؛ قاموس الرجال 16: 628؛ من لا يحضره الفقيه 4: 27، 133 (شرح مشيخة الفقيه).
([9]) معجم رجال الحديث 21: 102
([10]) انظر: فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي): 421، الرقم 1129، تحقيق: موسى شبيري الزنجاني (الطبعة الخامسة، قم، الناشر: منشورات إسلامي، 1416هـ): «أبو الجوزاء التميمي، صحيح الحديث، له كتاب النوادر».
([11]) محمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي× قال: حرم رسول الله| يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة. وقد كتب الشيخ الطوسي بعد ذكره لهذه الرواية: إن هذه الرواية من باب التقية، وتتوافق ومنهج المخالفين، وكل من سمعها يعرف أن سيرة أئمتنا في تحليل زواج المتعة وإباحته (تهذيب الأحكام 7: 251، ح1085).
([12]) الأخبار الدخيلة: 64؛ رجال النجاشي: 459، الرقم 1252؛ تهذيب الأحكام 8: 310، ح1151.
([13]) المصدر نفسه: 407، الرقم 1082؛ رجال الطوسي: 343، الرقم 6 و51؛ الصدوق، الخصال، تصحيح: علي أكبر غفاري، طهران، منشورات الصدوق، 1389هـ.
([14]) المصدر نفسه: 70؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، الباء والتاء، دار إحياء التراث العربي.
([15]) المصدر نفسه؛ ابن النديم، كتاب الفهرست: 247 (الباء والجيم)، حقَّقه: رضا التجديد، الطبعة الثالثة، دار المسيرة، 1988م؛ الطوسي، الفهرست: 239؛ رجال النجاشي: 394، الرقم 1055؛ رجال الطوسي: 445، الرقم 6329.
([16]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 166 ـ 167؛ المامقاني، تلخيص مقباس الهداية: 247 ـ 248، تحقيق وتلخيص: علي أكبر غفاري، الطبعة الأولى، جامعة الإمام الصادق× 1369هـ. ش. ويرجع كذلك إلى: من لا يحضره الفقيه 1: 358، ح719، و6: 118، ح5594، ترجمة: صدر بلاغي ـ الغفاري، الطبعة الأولى، طهران، انتشارات الصدوق، 1369هـ. ش.
([17]) الأخبار الدخيلة: 76؛ الاستبصار 1: 400، ح1527، و1: 399، ح1524.
([18]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 173؛ تهذيب الأحكام 5: 140، ح136، وقد أتى فيه: بحيال المقام قريباً؛ لكثرة الناس؛ الكافي4: 423، ح2، وقد أتى فيه: رأيت أبا الحسن موسى×… (ما جاء في المتن السابق)، وجاء في الهامش، نقلاً عن مرآة العقول: لعل الإمام×؛ بسبب ازدحام الناس؛ لكثرتهم، طاف كذلك، كما جاء في التهذيب، وبسند آخر «لكثرة الناس».
([19]) الأخبار الدخيلة: 67، 77؛ الكافي 9: 15؛ التهذيب 9: 358 (باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس)، ح12؛ من لا يحضره الفقيه 4: 240 (ميراث المولود يولد له رأسان). وقد كتب الأستاذ علي غفاري في هامشه: في كل نسخ الكافي، وكذا التهذيب، ذكر قاسم بن محمد الجوهري في السند، والصحيح هو محمد بن القاسم الجوهري، وفقط في سند الصدوق ذكر الاسم الصحيح، أما في الكافي والتهذيب فقد وقع له التحريف.
([20]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 216 ـ 217.
([21]) الأخبار الدخيلة: 80 ـ 81؛ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية 9: 11، الطبعة الثانية، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1402هـ؛ سنن ابن داوود 2: 566، ح4470، رواية أبو هريرة عن النبي الأكرم|. وفي سنن ابن ماجة قد روت عائشة هذه الرواية، ولكن بعبارة: «إذا زنت الأمة فاجلدوها (أبو عبد الله بن يزيد القزويني(275هـ)، سنن ابن ماجة: 857، ح2566، إسطنبول، 1401م.
([22]) الأخبار الدخيلة: 86. ووردت هذه العبارة في الخصال: 477، ضمن خبر مسند عن سليم بن قيس الهلالي، عن عبد الله جعفر الطيار قال: سمعت عن رسول الله‘: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب..، فإذا استشهد علي، فالحسن بن علي…، ثم ابنه الحسين، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين الأكبر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني محمد بن علي الباقر…
([23]) مستدرك الأخبار الدخيلة: 240.
([25]) وفي خصوص اسم ابن الحسين الرضيع، والمشهور على ألسنة الناس بعلي الأصغر، ذكر صاحب إقبال الأعمال: السلام على عبد الله بن الحسين، الطفل الرضيع، المرمي الصريع، المتشحِّط دماً، المصعِّد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه» (إقبال الأعمال: 574، الطبعة الثانية، طهران، منشورات الإسلامية، 1367هـ . ش). وكذلك كانت عبارة ابن طاووس في خصوص علي بن ليلى، المشهور على ألسنة الناس بالأكبر: «السلام عليك يا أبا عبد الله… صلى الله عليك وعلى آبائك وأولادك… وعلى ولدك علي الأصغر الذي فجعت به» (المصدر نفسه: 572).
([26]) تهذيب الأحكام 5: 117؛ الاستبصار 2: 222 ـ 223.
([27]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 454 ـ 456.
([28]) كنية الإمام الحسن العسكري×.
([29]) يشير إلى الآية الأولى من سورة الطلاق: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة…﴾.
([30]) الأخبار الدخيلة: 92 (المجلد الأول، أي المتن الأصل، وكذلك في المجلدات الثلاثة الأخرى، والذي طبع تحت عنوان «مستدركات»).
([31]) يرجع إلى: الطبرسي، مجمع البيان؛ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، في حاشية سورة الطلاق.
([32]) الأخبار الدخيلة: 98 ـ 99.
([34]) المصدر نفسه: 99؛ ويرجع كذلك إلى: كمال الدين: 457؛ الأصول من الكافي 1: 311، ح15. وجاء في سند هذه الرواية اسم «معلى بن محمد البصري»، وهو «مضطرب الحديث والمذهب» (رجال النجاشي: 418، رقم 1117)؛ ابن الغضائري: «يروي عن الضعفاء» (كمال الدين: 467، تحقيق: الأستاذ غفاري).
([35]) المصدر نفسه؛ إثبات الوصية؛ دلائل الإمامة: 212 ـ 213، الطبعة الثانية، قم، نشر الرضي، 1363هـ. ش.
([37]) يعني أن الأئمة منتخبون من لدن الله تعالى، ودلت روايات من النبي الأكرم| على هذا، مما يعني أن لدى الأئمة الاطلاع والعلم الكامل بشؤون الأمة وسياستها: «لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر…، لألقيت حبلها على غاربها» (نهج البلاغة، الخطبة الثالثة).
([38]) الأخبار الدخيلة: 104؛ كمال الدين: 454.
([39]) «لم يرد في كتب الرجال عن عقيدته أو مذهبه شيء، كما لم يرد فيه مدح أو ذم» (دراية الحديث: 88).
([40]) «لم يذكر اسمه ولا أي وصف له في كتب الرجال» (المصدر السابق).
([41]) كمال الدين: 454 (انظر في الهامش كلاماً للأستاذ غفاري).
([42]) الطوسي، الغيبة: 417، الطبعة الأولى، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1411هـ.
([43]) المصدر نفسه: 465؛ الأخبار الدخيلة: 102.
([44]) الأستاذ غفاري، في محاضراته أمام طلبة دورة الدكتوراه بكلية «تربيت مدرس»، حيث قال: إن اسم الكتاب «كمال الدين وتمام النعمة»، وليس «إكمال الدين وإتمام النعمة».
([45]) الأخبار الدخيلة: 104 ـ 108؛ كمال الدين: 465 ـ 470.
([47]) كمال الدين: 465 ـ 466، الهامش.
وفي خصوص «علي بن مهزيار» يرجع إلى: رجال الطوسي: 340، الرقم 5336؛ الفهرست: 152، رقم 379، تحقيق: جواد قيومي، الطبعة الأولى، قم، نشر الفقاهة، 1417هـ، رجال النجاشي: 253، الرقم 664. ويمكن كذلك الرجوع إلى: رجال الطوسي: 374، الرقم 5532، و373، الرقم5639؛ رجال النجاشي: 16، الرقم 17.
وفي خصوص محمد بن علي بن مهزيار يرجى الرجوع إلى: رجال الطوسي: 402، الرقم 5897، وقد ذكره ضمن أصحاب الامام العسكري، دون أن يذكر له وصفاً.
وأما رجال النجاشي وفهرست الطوسي فلم يأتيا على ذكرهما معاً.
«تذكر بعض الأحاديث الصحيحة أن إبراهيم بن مهزيار كان وكيلاً للإمام العسكري×. وقد توفي إبراهيم بن مهزيار قبل أن يتعرف على الإمام بعد الإمام العسكري، وكان قد أوصى ابنه في وقت وفاته أن يحول أموال الإمام العسكري× التي كانت لديه إلى من سينصب خليفة للإمام×، فكان أن أوصل ابنه محمد بن مهزيار تلك الأموال إلى الإمام الحجة#، كما أمره أبوه» (الأخبار الدخيلة: 118).
([48]) الطوسي، الغيبة: 159 ـ 161، طهران، مكتبة نينوى الحديثة، بدون تاريخ.
([50]) المصدر نفسه: 445 ـ 453.
([54]) المصدر نفسه: 126 ـ 127.
أبو الحسن علي بن محمد بن زياد الصهري (السمري) النائب الرابع للإمام الحجة#. انتخب بعد الحسين بن روح، وبوفاته انتهى عهد النيابة، وانتهت الغيبة الصغرى، ليدخل الإمام# في الغيبة الكبرى، والصهر هو الاسم الصحيح له. وقد قال المسعودي في كتابه «إثبات الوصية»: إنه كان صهراً لوزير، وكل من كان كذلك كان يلقب بالصهر، كما أصبح المتأخرون يلقبون الصهر بـ «داماد» (انظر في هذا الصدد: المصاحب، دائرة المعارف 1: 133؛ الأخبار الدخيلة: 67ـ 69).
([55]) خرّيت يعني الحاذق الماهر (انظر: تاج العروس: المعجم الوسيط؛ معجم لاروس؛ صحاح الجوهري؛ لسان العرب).
([58]) التستري، قاموس الرجال 1: 443.
([59]) ياقوت الحموي، معجم الأدباء 2: 202 بيروت، دار إحياء التراث العربي؛ قاموس الرجال 1: 446: كان يضرب المثل بابن مقلة لما عرف به من جمال الخط.
([61]) دائرة معارف التشيع 1: 354 (تم تلخيصه).
([62]) قاموس الرجال 1: 441 ـ 442.
([63]) الأخبار الدخيلة: 151 ـ 212.
([64]) للمثال: انظر: الخوئي، البيان في تفسير القرآن، فصل «إعجاز القرآن».
([66]) رجال الطوسي: 443، الرقم 6321، باب «من لم يرو عن واحد من الأئمة×». وجاء فيه: «محمد بن عباس بن علي بن مروان، المعروف بابن حجام، وكنيته أبو عبد الله، تلعكبري، في سنة 328 سمع منه الحديث، وأخذ منه الإجازة في الحديث.
([68]) لقد تم طبع الكتاب بدون أن يذكر أية رواية، ولكن بالرجوع إلى السياق فقد تم إضافة عبارة «موضوع» في الترجمة (الأخبار الدخيلة: 215، السطر 17 ـ 20).
([70]) لقد استثنى ابن الوليد الكتب التي فيها ضعف، وخصوصاً في سندها، ولم يروها. ومن ذلك كتاب أستاذه الصفّار «بصائر الدرجات».
([71]) الأخبار الدخيلة: 218 ـ 219؛ من لا يحضره الفقيه 2: 410 ـ 411، باب صوم التطوع وثوابه من الأيام المتفرقة ترجمة: صدر بلاغي ومحمد جواد الغفاري، الطبعة الأولى، طهران، نشر الصدوق، 1369هـ. ش.
محمد بن موسى بن عيسى، أبو جعفر، الهمداني السمان القمي، من الغلاة. وضعَّفه ابن الوليد، وقال فيه: «كان يضع الحديث». قال عنه ابن الغضائري: «راوٍ ضعيف، وكان ينقل عن الضعفاء، ومن المستحسن أن يذكر روايته كشاهد، ولا تنقل بشكل مستقل ومنفرد، رده القمّيون، واستثنوا رواياته من نوادر الحكمة. كذلك ابن الوليد رد رواياته، واعتبر روايات كلٍّ من زيد الزراد وزيد النرسي من وضع محمد بن موسى، كما أبعد رواياته في نقله لروايات محمد بن أحمد بن يحيى (رجال النجاشي: 338، الرقم 904، و348، الرقم 939؛ معجم رجال الحديث 17: 282 ـ 283، الطبعة الرابعة، قم، مؤسسة نشر آثار الشيعة، 1369).
([72]) الغرائب جمع غريب، ومن أقسام الغريب: غريب الإسناد، غريب المتن (انظر دراية الحديث: 52 ـ 53).
([73]) رجال النجاشي: 348، الرقم 939.
([75]) المصدر نفسه: 333، الرقم 896.
([76]) الفهرست: 216، الرقم 611.
([77]) رجال الطوسي: 367، الرقم 5464، و391، الرقم 5758، و401، الرقم 5885، و448، الرقم 6361.
([78]) راجع: معجم رجال الحديث 17: 283.
([79]) نقلنا عن الشيخ الطوسي في «الفهرست» عدم اعتبار الشيخ الصدوق للروايات المنفردة لمحمد بن عيسى، وقد بيناه بشكل جد مختصر.
([80]) من لا يحضره الفقيه 6: 513 ـ 517، ترجمة وشرح: علي أكبر غفاري.