باستقراء الآيات القرآنية نجد أن هناك على الأقل ثلاثين آية في القرآن تدعم المساواة بين النساء والرجال وتشير إلى حقوق النساء في مختلف نواحي الحياة
يقول المرحوم الشيخ محمد الغزالي في كتابه ( مكانة المرأة في القرآن ) عن قضية المرأة بأنها ‘تعني وتخص نصف البشرية أعني نصف العمران الإنساني في ماضيه وحاضره ومستقبله (…) هي قضية المجتمع كل".
.
أما الناشطة النسوية رفت حسن فتقول ‘إن القرآن أكثر إنصافًا بشأن النوع ، بينما تستمد معظم الأحكام الإسلامية المجحفة بالنساء مصادرها من الحديث".
وفي الإجابة على السؤال : لماذا تُضطهد النساء المسلمات رغم المساواة المنصوص عليها في القرآن؟ ترى رئيسة ‘مركز الدراسات الديمقراطية في إندونيسيا ‘ لِيلي زكية مُنير أن المسؤول عن ذلك هي الأعراف الاجتماعية للثقافات الأبوية .
وباستقراء الآيات القرآنية نجد أن هناك على الأقل ثلاثين آية في القرآن تدعم المساواة بين النساء والرجال وتشير إلى حقوق النساء في مختلف نواحي الحياة، من مثل: بسم.. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ الحجرات : 13.
﴿ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ﴾. آل عمران :195.
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾. النحل:97.
﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ . غافر: 40.
﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾. النساء: 124.
وذم سبحانه الاستهانة بأمر البنات بأبلغ الذم فقال تعالى ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ، يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ﴾ النحل 58-59 ، ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾ . التكوير: 8-9.
ففي مسألة خلق الإنسان مثلا : فإنه على عكس العقيدة المسيحية وما دخل على الحديث من الإسرائيليات، التي تنصُّ على أن النساء خُلِقْنَ من ضلع الرجل ( بل ومن ضلع أعوج ) ، يخبرنا القرآن أن النساء والرجال خُلِقُوا من ﴿ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ . ولا توجد آية واحدة في القرآن تشير إلى تفوق جنس الرجل على المرأة بل ﴿ إنّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ﴾.
ثم إنه لا يوجد أي فرق بين إثم الرجل أو المرأة كما رأينا في الآيات وهناك عدد كبير من الآيات التي تتضمن عقاباً وثواباً متساوياً للجنسين ﴿ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ﴾.
كما أنه للرجال والنساء حقوق وواجبات متساوية في الانخراط في النشاطات العامة، وهم ملزمون بالعمل من أجل حياة نزيهة مستقيمة ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ التوبة:71.
يقول آية الله السيد محمد حسين فضل الله ‘إنَّ الفكرة التي تحبس دور المرأة في نطاق خاص، أو تحبس دور الرجل في نطاق خاص، هي فكرة غير عملية وغير صحيحة. وقد اعتاد الناس على أن يجعلوا لكل إنسانٍ دوراً بحسب اختصاصه. كما نلاحظ أن الناس، في بعض المجتمعات الإسلامية، يحصرون دور الفقيه في العمل الفقهي، ولا يريدون له أن يتدخل في الأعمال الاجتماعية أو السياسة.
وبتحليل أدق للخطاب القرآني نجد أنه من ناحية التفضيل، لا نجد هناك مقياسا للتفضيل غير التقوى ولا فضل لذكر على أنثى ولا لأنثى على ذكر إلا بالتقوى كما رأينا في الآيات.
من ناحية آيات التكليف، فإن بعضها يخاطب الجنسين إما بلفظ مطلق الجنس ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ﴾ النور:11 ، ﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ﴾ النساء: 32. أو بتفصيل ذكر اللفظين الدالين على الذكر والأنثى، كما رأينا، وهناك تكاليف مشتركة، وأخرى مختلفة على حسب اختلاف التكوين الجسدي.
وفي هذا عدالة لأن التشابه التام في المسؤوليات مع اختلاف الخلقة فيه ظلم لأحد الطرفين ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ النساء: 32 ، فكلا الجنسين مفضل على الآخر بأمور مختلفة علينا مراعاتها.
فقط عند ذكر الملذات وبالذات الجسدية وما يتعلق بالمعاشرة الزوجية، فإنه يلاحظ أن فيما يتصل بالمعاشرة والإنجاب فإن الآيات دائما تخاطب الرجل على أنه هو الفاعل، وأن المرأة إنما هي المستقبل وبالنسبة للإنجاب فهي مزرعة والزارع هو الرجل ‘نساؤكم حرث لكم’ البقرة: 223.
ودائما يخاطب الرجل لا المرأة على أنه المستفيد وأن المرأة تمثل جانب الإغراء أو المكافأة، فهل لأن المرأة هي مركز الإغراء وتمثل الزهرة التي تجتذب النحل؟ أم لأنه سبحانه يريد أن يربي النساء على الحياء من الجهر بالرغبة الجسدية؟ ولذلك نجده يبشر الرجال بتحقيق الرغبات الجسدية في الجنة ‘حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ’ الرحمن 72 ، ولا يفعل الشيء نفسه مع النساء.
وعندما يصنف ملذات الدنيا فهو يخص الرجال بالخطاب ويصنف النساء من ضمن الملذات ‘زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة’ آل عمران 14.
في كل الأحوال علينا أن نضع في الاعتبار أن كل الإجحاف الذي وقع على النساء هو من صنيع الفقه المتأثر بشتى العوامل من دخول الديانات المحرفة (الإسرائيليات)، وعادات الشعوب التي دخلت في الإسلام والبعد الزمني بيننا وبين زمن الرسول ، وما تبع وفاته من صراعات سياسية تسلل على إثرها التحريف، وثم عصور الظلم المتتالية والتي تسلل مفعولها أيضا لكل شيء.