الشيخ حسين نوري الهمداني(*)
تعودنا في السابق أن نشهد توجيه اتهامات للنبي الأكرم من قبل العالم الغربي، المتمثل في أوربا والولايات المتحدة، من خلال أقلامهم الشيطانية، ولكننا فوجئنا في الآونة الأخيرة بمقال كتبه شخص إيراني، أي إنه ينتمي إلى مركز التشيع والثورة، كتبه، وهو مقيم في أمريكا، ونال فيه من القرآن والإسلام، وقد عمد أعداء الإسلام إلى تغطيته ونشره على نطاق واسع.
وقد جاء في هذا المقال: إن القرآن لا يعدو أن يكون تجربة شعرية، وان النبوّة ليست سوى قريحة شعرية، وقد صبّ نبي الإسلام هذه القريحة في قالب شعري باسم القرآن، وإن القرآن ثمرة أفكار جالت في مخيلة النبي الأكرم’.
إن الظواهر الدنيوية تنقسم إلى قسمين: الأمور الغيبية والخارقة للعادة؛ والأسباب والعلل المتعارفة، وإن ما يستند إليه الأنبياء ـ كما نرى من خلال معاجزهم ـ هي الأسباب الإلهية الغيبية، وهي أجنبية عن الذوق الشعري.
إن الأمر المتيقَّن أن الشعراء يرتكبون بعض الأخطاء في أقوالهم وكلماتهم، في حين لا وجود للأخطاء في النبوّة، ولا يمكن التنزل بها إلى مستوى التجارب الشعرية.
إنّ ما قام به هذا الرجل يفوق الإساءة التي قام بها سلمان رشدي، حيث إن الأخير لم يتجاوز في إساءته سبّ النبي، في حين أن هذا الرجل قد استهدف أسس القرآن والنبوّة، حيث قال بوجود الكثير من الأخطاء في المسائل التي ذكرها النبي في ما يتعلق بهذه الدنيا والمجتمع الإنساني.
وقد ادعى هذا الرجل أن القوانين الجزائية التي سنّها رسول الله’ إنما تناسب العصر الذي عاش فيه، ولا تنسجم مع عصرنا، ومن هنا أقول بأن هذا الاتجاه والتيار الفكري أخطر من المحاولة التي قام بها سلمان رشدي.
المسألة الأخرى: إن الإعلام الغربي يسوّق لهذه الأفكار من منطلق أن قائلها شخص إيراني، قد ترعرع في أحضان بلد كان مهداً للثورة والتشيع، وهذا ما سيجعلنا عرضة لعلامة الاستفهام حتى من قبل العالم السني.
إن الذي يحاول اجتثاث جذور القرآن والنبوّة على هذا النحو إنما هو أسوأ من سلمان رشدي؛ فإنْ كان ما صدر عنه من باب السهو وجبت نصيحته وهدايته؛ وإن كان عامداً فلنا معه شأن آخر.
______________________________________________
(*) أحد مراجع التقليد في إيران، له دراسات فقهية وفكرية عديدة.